الكتاب: رياض الصالحين
المؤلف: يحيى بن شرف النووي
الجزء:
الوفاة: ٦٧٦
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١١ - ١٩٩١ م
المطبعة:
الناشر: دار الفكر المعاصر بيروت لبنان
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
رياض الصالحين
من حديث سيد المرسلين
1

رياض الصالحين
من حديث سيد المرسلين
للامام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي
631 676 ه‍
وشرحه
كنوز الباحثين
صنعة
أحمد راتب حموش
طبعة محققة مقابلة ذات فهارس شاملة
دار الفكر المعاصر بيروت لبنان دار الفكر دمشق سورية
3

الكتاب 737
الطبعة الثانية 1411 ه‍ = 1991 م
ط 14081 = 1987 م
جميع الحقوق محفوظة
يمنع طبع هذا الكتاب أو جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والنقل
والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق
إلا بإذن خطي من دار الفكر بدمشق
سورية دمشق برامكة مركز الانطلاق الموحد ص. ب (962)
برقيا: فكر س. ت 2754 هاتف 239717، 211166 تلكس
4

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشرح والتحقيق
" إن الحمد لله نحمده ونستعين ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالرسالة الخالدة رحمة
للعالمين، وهدى ونورا للمتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه الغر الميامين
إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من نعم الله تعالى على الانسان أنه لم يترك وحيدا في هذه الحياة يتخبط في
دياجير التجارب والظلمات، ويضل في سراب المبادئ والنظريات، وإنما أضاء له
طريقه بالنور المبين، وبعث له الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين، يوضحون له
طرق الخير ويعينونه على اتباعها، ويبشرونه بخيري الدنيا والآخرة إن أحسن سلوكها
والقيام بها، ويخدرونه من طرق الشر ويكشفون له عن مكائد الشيطان وجنوده في
تزيينها، وينذرونه بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة إن سار في طريقها وتنكب عن
سبل الهدى.
وجاء الاسلام يرسم للناس كافة طرق الحياة ويضيئها، ويميز الخبيث من
الطيب، فيأمر بالخير ويحث عليه، وينهى عن الشر وينفر منه، ولا يغادر صغيرة
ولا كبيرة تمر بها النفس الانسانية إلا أحصاها، وبين الصواب فيها، وأخذ بيد المؤمن
5

نحو الكمال فيها، (ونفس وما سواها، فألهما فجورها وتقواها، قد أفلح من
زكاها، وقد خاب من دساها) [الشمس 91 / 10].
وقد كان لنا من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرسول الكريم خير قدوة ومعلم وموجه للبشرية
كافة في كل تصرف من تصرفات الحياة، وما على المرء قبل أن يقدم على أي عمل إلا أن
يفكر ويزن عمله بميزان الاسلام، فما وجده موافقا لكتاب الله تعالى وسنة رسوله
الكريم قام به، وما كان غير ذلك امتنع عنه وأباه، وإن همت به نفسه زجرها عنه
وعاد إلى الصواب، ورجا ثواب ذلك من الله تعالى وفي ذلك يقول الرسول الكريم:
" من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها
فعملها كتبها الله له عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة
فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة ".
ولا ريب في أن هذا طريق شاق، وفيه امتحان دائم صعب إلا لمن يسره الله
تعالى عليه، وسيلقى فيه المرء المتاعب والآلام كثيرها أو قليلها، فليصبر وليحتسب
كل ذلك عند الله تعالى محققا قول الرسول الكريم:
" عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لاحد إلا للمؤمن، إن
أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ".
وقد كان لنا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجتمع الاسلامي الأول خير نموذج على
الأرض، جعل من النظريات والقيم والمثل سلوكا وأعمالا، يعيشها الناس حياة واقعية
لا خيالا ووهما، فكانوا بحق أهلا لخطاب الله تعالى بقوله:
(كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
وتؤمنون بالله) [آل عمران 3 / 110].
وتحقق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم:
" خير الناس قرني " وقوله: " خير أمتي القرن الذي أنا فيه، بعثت فيهم ".
6

والأمم حين تتعرض للفتن والمحن، كثيرا ما تلجأ إلى الله تعالى، وتتوب إليه،
وتتقرب منه لعله ينجيها مما هي فيه.
وهكذا الحال في عصر الامام النووي صاحب كتاب (رياض الصالحين) الذي
أحاول شرحه وتحقيقه، فقد عاش في القرن السابع الهجري، والأمة الاسلامية تحيط بها
أعداؤها من كل جانب كما هي حالنا اليوم فالصليبيون الحاتقون الحاقدون
المستعمرون يختلون بعض أجزائها، والتتار الغزاة يهاجمون بعض أرجائها، والناس في
ذلك بن من مال إلى الشهوات فأغرق فيها تلهيا عن القيام بالواجب وإهمالا له، أو
مال إلى التصرف والزهادة فانصرف عن الدنيا، وكأنه ليس له شأن فيها، وفريق آخر
كانوا حجر الرحى وقطب المعركة، يجاهدون العدو من جهة، ويبنون مجتمعهم،
ويقومون ما أعوج منه من جهة أخرى.
ومن هؤلاء كان الإمام أبو زكريا يحيى النووي (631 676 ه‍) =
(1233 1277 م) الذي كان إماما في الفقه والحديث واللغة يحمل لواء الاسلام
الصافي، مظهرا جماله وإعجازه، داعيا إلى التمسك بتعاليمه السمحة ومبادئه الأصيلة،
مجاهدا في الله حق جهاده، فلم يمل إلى اللهو والعبث، فما ذلك من أخلاق المسلم، ولم
يدع الزهد في الدنيا والانصراف عنها، بل عاش فيها مجاهدا يقول كلمة الحق،
لا تأخذه في الله لومة لائم، ويعطي المثال العلمي لانسان العقيدة الذي يهب نفسه
لها.
وجاءت مصنفاته، ومنها رياض الصالحين، في ذلك العصر، لا لتدعو الناس إلى
الزهد وترك الجهاد كما فعل بعض من يدعون التدين والانصراف إليه دون سواه، وإنما
لتدعوهم للحياة كما يرضاها الله تبارك وتعالى، في جميع صورها وجوانبها، جهادا
للأعداء والباطل، وإقامة للحق والعدل، وسموا بالنفس إلى أرقي درجات الاتصال بالله
تعالى، التماسا لرضاه، أمرا بالمعروف، ونهيا عن المنكر، وإيمانا بالله، وتمسكا
بشريعته نصا وروحا، فكان لذلك ريضا الصالحين للنووي بحق جنات نضرة يعيش
فيها المؤمن مقتبسا من أنوار أحاديث الرسول العظيم فيها، ما يضئ له سبل الحياة
7

كلها، فلا إفراط ولا تفريط، ولا ادعاء، ولا رياء، فكان بذلك فيصل الحق عن
الباطل في عصره وما بعده، يتقيد بالسنة فيحييها، ويعطيك منهاج حياة العالمين في
كتاب من أحاديث سيد المرسلين.
وصلتي بكتاب (رياض الصالحين) قديمة، فقد طالعته صغيرا تبركا واقتباسا مما
فيه من الهدى، وأنا طالب مادة دراسية مقررة في كلية الآداب بجامعة
دمشق، وشرحته في مواطن عديدة، منها دار الحديث النووية الشرعية بدمشق، حين
كنت فيها مدرسا للغة العربية في مطلع حياتي التدريسية، فأفاد منه الجميع، علما
وعملا ودينا وسلوكا، ولا سيما طلاب دار الحديث، إذ ساعدهم في القيام بأمر الخطابة
الدينية، إحدى المواد الدراسية التي يطالبون بها في امتحاناتهم العامة.
غير أنه لم يكن ليخطر ببالي أن أسهم في تحقيق بعض كتب النووي، ولما قمت
بتحقيق كتابه (الترخيص بالقيام لذوي الفضل والمزية من أهل الاسلام)، رغبت إلي
دار الفكر تحقيق كتابيه (الأذكار) و (رياض الصالحين)، فأنجزت الأذكار وصار
إلى أيدي الناس.
وتلكأت بادئ ذي بدء في تحقيق (رياض الصالحين) لكثرة من حققوه قبلي
ونشروه، ولظني أني لن آتي فيه بجديد عما سبق، وإدارة دار الفكر تحثني وتطلب إلي
العمل والانجاز، لما تأمل في إعادة التحقيق من فوائد جمة ينتفع بها القراء.
ثم استخرت الله تعالى أمام إصرار الدار الناشرة في الاستجابة والقيام
بالمطلوب، وما لبثت أن شرح الله صدري لذلك، فشمرت عن ساعد الجد، واطلعت
على كثير من النسخ المخطوطة والمطبوعة للكتاب، ورجعت إلى كتب السنة الأمهات
التي أشار إليها المصنف في نهاية كل حديث، فوجدت أن في إعادة التحقيق فائدة
كبرى لا يمكن إهمالها، ولا سيما أن لكل مطبوع هدفا ومنهجا خاصا يلتزمهما إيجازا أو
تطويلا، وقد وقع سواء في المتن أو في الشرح والتعليق ببعض المآخذ، فحاولت والله
المستعان، في كتابي هذا الذي سميته (كنوز الباحثين في شرح رياض الصالحين، من
8

حديث سيد المرسلين) بذل الجهد، وتلافي ما بدر لي من أخطاء، مشيرا إلى أهمها في
التعليق، راجيا من الله تعالى أن يجعل السداد في عملي، ويعصمني من الزلل، إنه أكرم
مسؤول.
وقد أفدت من تلك المخطوطات والمطبوعات كلها دون استثناء، جزى الله
أصحابها جميعا عني وعن المسلمين خير الجزاء، فقد كان لهم شرف السبق.
وأما الامام النووي صاحب رياض الصالحين، فالله أسأل أن يتغمده برحمته
ويرفع درجاته في العليين، ومن الجدير بالذكر أن أشير إلى أنه قد لخص في مقدمة
كتابه مقاصده من تأليفه، ومنها:
1 جمع في كتابه الرياض مختصرا من الأحاديث الصحيحة مشتملا على ما يكون
طريقا لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلا لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعا للترغيب
والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين.
2 التزم فيه ألا يذكر إلا حديثا صحيحا من الواضحات مضافا إلى الكتب
الصحيحة المشهورات.
3 صدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات.
4 وشح ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفي بنفائس من التنبيهات.
5 إذا قال في آخر حديث: (متفق عليه) فمعناه رواه البخاري ومسلم.
6 رجا أن يكون كتابه سائقا للمعتني به إلى الخيرات، حاجزا له عن أنواع
القبائح والمهلكات، كما أنه التزم في كتابه:
أ حذف أسانيد الأحاديث إيثارا للاختصار من جهة، ومراعاة لحال القراء
الذين لا يهتمون بها من جهة أخرى.
ب ذكر في نهاية كل حديث الذي استقاه منه وبين درجته الحديثية
وحال بعض رواته أحيانا.
9

ج شرح معاني بعض التعابير مفردات وتراكيب، وضبط لفظ بعض الكلمات
بالعبارة نصا، فكان (رياض الصالحين) عدا أنه كتاب ديني واجتماعي مرجعا
لغويا دقيقا لا يستغني عنه مشتغل بالعربية وعلومها.
بل إن فيه لغة الحديث اليومية التي تحاول الأمم كلها تثبيت لغتها عن طريقها
بكل الوسائل العلمية والتقنية.
ولو أننا أحيينا بعض ما أهملناه من ألفاظ لغتنا واصطلاحاتها لتخلصنا من عقدة
الفرنجة فنقول مثلا: (الجديح) للشراب المزيج من الماء وغيره كما في الحديث 1236
و (سقاط) لبائع ردئ المتاع، و (صاحب بيعة) لبائع جيد منه كما في الحديث
848 / 6، واللهز للدفع بجمع اليد في من اللغة يكاد يندثر لاهمالنا.
7 فرغ من تأليفه يوم الاثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وست مئة، أي بعد
كتابه الأذكار بثلاث سنين. وإذا كنا مع الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه
(رياض الصالحين)، فما أجدرنا أن نتأمل تلك الرياض ونتفيأ ظلالها، ففيها صور
الحياة الانسانية المشرقة بكل سموها ونقائها، صور حياة الرسول الكريم، وصحابته في
كنفه، يصيبون ويخطئون، فيشجع النبي صلى الله عليه وسلم هذا، ويأخذ بيد ذلك إلى الصواب،
برفق حينا، وبحزم حينا آخر، في إطار من قيادة حكيمة، تعمل في ضوء التوجيهات
الربانية الرشيدة، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
ولو أن إنسانا تخيل حياة الصحابة أولئك مع نبيهم الكريم من خلال أحاديث
الرياض الشريفة، ثم كان له من الموهبة ما يرسمها، لجاء بفن عجيب غريب رائع،
نحتاج إلى تأمله وإمعان النظر فيه والسير في ظلاله كل حين.
وإذا كان الامام النووي قد استطاع أن يجمع لنا في كتاب واحد تلك الرياض
النضرة، فلا بد لنا من إلمامه سريعة موجزة بحياة هذا الامام العظيم ليكون لنا قدوة
عن قناعة ويقين، فإنه من رجال الله القلائل الذين يمن الله تعالى بهم على الكون بين
10

الحين والحين، لينشروا فيه نور الهدى، ويكونوا للناس نماذج إنسانية رائعة، يرى
فيها الناس المثال العملي مبادئ الشريعة السمحة في الأرض واقعا عمليا
محسوسا، لا نظريات وأوهاما لا حياة فيها ولا روح.
فمن هو إذن الإمام النووي؟
11

ترجمة المؤلف
أبي زكريا يحيى النووي
(631 / 676 ه‍) (1233 / 1277 م)
من هو؟
هو أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني النووي ثم
الدمشقي، الشافعي، محيي الدين، شيخ الاسلام، الحافظ، العلامة بالفقه
والحديث.
نشأته وحياته:
ولد بنوى في العشر الأول من المحرم سنة 631 ه‍ من أبوين صالحين. ورأي في
طفولته ليلة القدر، وأحب منذ صغره القرآن الكريم، وانصرف عن اللهو واللعب
إليه، وكان الأطفال يكرهونه على اللعب معهم، وهو ابن عشر سنين، فيبكي ويفر
منهم إلى تلاوته المباركة. ولما جعله أبوه أجيرا في دكان اشتغل بالقرآن الكريم عن البيع
والشراء، فشاهده أحد الصالحين وتنبأ له بمستقبل علمي عظيم. ووصى به صاحب
العمل الذي نقل تلك الوصية لوالده فاستجاب وفرغ ابنه للعلم.
وأقبل النووي على القرآن الكريم فختمه وقد ناهز الحلم.
وفي السنة التاسعة عشرة من عمره قدم به والده إلى دمشق، ليتزود بالعلم من
مدارسها التي جاوز عددها ثلاث مئة مدرسة حينئذ، فأقام بالمدرسة الرواحية قرب
الجامع الأموي بدمشق، ونبغ بالعلم حتى صار معيدا للدرس في حلقات شيخه الكمال
إسحاق المغربي.
12

وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ في علوم القرآن والحديث وأصول
الدين والفقه وأصوله واللغة العربية ببلاغتها وصرفها وكتاب سيبويه وإصلاح المنطق
وتراجم الرجال وغيرها.
وقد خطر له الاشتغال بالطب، وهم به، غير أن الله تعالى صرفه عنه.
تولى التدريس بدار الحديث الأشرفية (وتقع اليوم في سوق العصرونية) بدمشق
عام 665 ه‍، وأقام فيها، غير أنه امتنع عن أخذ أي شئ من معلومها الوافر حتى
توفي، رحمه الله، بل إنه كان يجمع كل عام عند ناظر المدرسة ما يخصه، ويشتري به
في نهاية العام كتبا يهديها ويوقفها على خزانة المدرسة، وقد رأى محقق هذا الكتاب
بعضها، وعليها خط النووي أو تعليقاته عليها، في مكتبة دار الحديث الشرعية
بدمشق، عندما كان مدرسا للغة العربية فيها.
ولم يأخذ النووي من غير دار الحديث شيئا. وقد حج مرتين إحداهما مع والده
عام 651 ه‍ وعاد منهما إلى دمشق.
وفي سنة 676 ه‍. قفل راجعا إلى نوى بعدد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف
إليها، وزار مقبرة شيوخه، فقرأ ودعا وبكى، وزار أصحابه الاحياء وودعهم، وبعد أن
زار والده زار القدس والخليل، ثم عاد إلى نوى، فمرض بها، وتوفي رحمه الله في ليلة
الأربعاء 24 رجب 676 ه‍، فارتجت دمشق لنبأ نعيه. ورثاه جماعة بأكثر من ست
مئة بيت.
أخلاقه:
كان النووي علما في العلم والزهد والتقى ي شديد الورع في مأكله ومشربه
وملبسه، فطعامه جلف الخبز بأيسر إدام، ولباسه ثوب خام وسختيانة لطيفة. وكان
لا يأكل من فاكهة دمشق لكثرة أوقافها ورعاية لحق القاصرين من أصحاب الاملاك
فيها.
وقالوا: إنه لم يتزوج وكان لا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة، ولا يشرب
13

شربة واحدة عند السهر، وكان يتقوت مما يرسله إليه أبوه من بلده نوى في
حورانن، ويلبس مما ترسله إليه أمه من قميص ونحوه، ولم يقبل هدية ولا عطية إلا
من حاجة، وممن تحقق له دينه من والديه وأقاربه.
وكان لا يخشى في الحق لومة لائم، فيواجه الملوك والامراء، يأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر، ويكتب إليهم الرسائل ينصحهم فيها بالعدل في الرعية وإبطال
المظالم، فإذا أهملوا كتبه سار إليهم بنفسه فنصحهم، واضطرهم إلى الرجوع إلى الحق
والعدل.
وكان إلى جانب ذلك يهتم بالسنة الشريفة وإحيائها، وقد صادف أن احتبس
المطر عن الشام في زمنه عدة سنين، وأصاب الناس ضيق شديد، فلجؤوا إليه وهو
إمام جليل يسألونه معالجة المشكلة، فوجد لهم الحل في العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في كل عصر، وإحيائها بالدعوة إلى صلاة الاستسقاء، وإزالة المنكرات والمعاصي في
البلاد قبل أدائها.
فكتب بذلك إلى السلطان كتابا بتاريخ الاحد 11 جمادى الأولى سنة 668 ه‍،
فاستجاب له السلطان ومنع المنكرات وأغلق نواديها وقمع أهليها، ونادى مناديه في
الناس بصيام ثلاثة أيام، والتزام المعروف، واجتناب المفاسد. ثم خرج بعدها في اليوم
الرابع فأمر النووي بإمامة الناس في صلاة الاستسقاء، فصلى بهم ثم خطبهم ووعظهم
حتى بكى وبكوا، ودعا ودعوا، ولم يمض أسبوع على ذلك حتى استجاب الله تعالى لهم،
وعم الخير الشام كلها، وأصابها خصب لم تشهده منذ ثلاثين عاما.
هذا، وقد اجتمعت للامام النووي ثلاث مراتب، لو كانت واحدة منها
لشخص لشدت إليه الرحال، أولاها: العلم والقيام بوظائفه. وثانيتها: الورع والزهد
في الدنيا بجميع ما فيها. وثالثتها: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد ألقى الله تعالى محبته في قلوب الناس جميعا، وجعل النفع والفائدة في آثاره
ومؤلفاته حتى اليوم، وهذا من فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده الصالحين.
14

شعره:
كان للامام النووي رضي الله عنه موهبة شعرية، غير أن اشتغاله بعلوم
الدين، واجتهاده بالتأليف في شتى العلوم الدينية واللغوية، لم يتركز له مجالا لنظم
القصائد والمقطوعات الشعرية الطويلة، وإنما كانت نفسه تنطلق على سجيتها لتعبر
عن شاعريتها بصورة صادقه لطيفة، تعليقا على أمر ذي شأن، أو تسجيلا لخاطر مر
بباله أو شعور أحاسيسه، غير أن جميعه يعد من شعر العلماء. وها هو ذا يتذكر
الوقوف بين يدي الله تعالى فيخشى من الخطأ والزلل في الكتابة عندما يؤلف كتبه
الضخمة كالمنهاج والروضة والمجموع فيقول:
أموت ويبقى كل ما كتبته * فياليت من يقرا كتابي دعا ليا
لعل إلهي أن يمن بلطفه * ويرحم تقصيري وسوء فعاليا
وهو في موضع آخر يتوسل إلى الله تعالى فيكتب بخطه حاشية على نسخة من
الروضة:
وأنت الذي أرجوه في الامر كله * عليك اعتمادي في جميع النوائب
وأنت الذي أدعوك سرا وجهرة * أجرني بلحظ في جميع المصائب
وهناك له ما يغلب عليه النسق التعليمي، فقد أورد أبو القاسم التحبيبي عن أبي
عثمان بنن زيدون عن أبي العباس بن فرج، قال: أنشدنا النووي:
واظب على جمع الحديث وكتبه * واجهد على تصحيحه في كتبه
واسمعه من أربابه نقلا كما * سمعوه من أشياخهم تسعد به
واعرف ثقات رواته من غيرهم * كما تميز صدقه من كذبه
فهو المفسر للكتاب وإنما * نطق النبي لنا به عن ربه
وتفهم الاخبار تعرف حله * من حرمه مع فرضه من ندبه
وهو المبين للعباد بشرحه سنن النبي المصطفى مع صحبه
وتتبع العالي الصحيح فإنه * قرب إلى الرحمن تحظ بقربه
15

وتجنب التصحيف فيه فربما * أدى إلى تحريفه بل قلبه
واترك مقالة من لهاك بجهله * عن كتبه أو بدعه في قلبه
فكفى المحدث رفعة أن يرتضى * ويعد من أهل الحديث وحزبه
علمه:
درس كتاب الله تعالى وتفاسيره، واشتغل بالحديث النبوي وشروحه، وتفقه على
المذهب الشافعي حتى عد علما من أعلامه، ثم بلغ فيه درجة الاجتهاد، وألف الكتب
النافعة معتمدا على الأدلة من الكتاب والسنة مباشرة، يوازن بين أقوال العلماء
والمذاهب، ويستخلص الرأي الذي يقوده إليه اجتهاده، ولا سيما في كتابه العظيم
(المجموع) الذي يعد من أمهات كتب الاسلام، وقد اخترمته المنية قبل أن يتمه.
كان رحمه الله كثير السهر في التأليف والمطالعة والعبادة، وكانت ذاكرته آية في
الحفظ والاتقان، وكان عميق الفكرة بعيد الغوص والفهم، لا يقنع بدراسة ظواهر
الأمور، بل يجتهد في إدراك أعمق أغوارها حتى يصل إلى كلمة الحق التي يؤمن بها
ويدافع عنها مع أدب جم وخلق رفيع.
وقد سمع على شيوخه كتب السنة والحديث الشريف المشهورة كلها، وما يقود
إليها ويخدمها من علوم العربية والتراجم، وكان يكتب جميع ما يتعلق بهذه الكتب من
شرح مشكل وإيضاح عبارة وضبط لغة.
وقد ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد الامام أبي شامة سنة 665 ه‍، وحدث
فيها بالصحيحين سماعا وشرحا وبحثا، وبقطعة من سنن أبي داوود، وصفوة التصوف،
والحجة على تارك المحجة للمقدسي، وشرح معاني الآثار للطحاوي.
وكان للنووي رحمه الله مع أهليته للعلم فراغ البال واتساع الوقت لديه،
وتوافر الكتب وجمعها، والاطلاع على كلام العلماء فيها، وحسن النية وكثرة الورع
والزهد. فكان واسع العلم والثقافة والتأليف، غزير الانتاج في مؤلفات تلمس فيها
العبارة السهلة والدليل الواضح والانصاف في عرض آراء الفقهاء والاستنباط منها.
16

وما لنا ندور حول علم النووي، وإنما يدل على علم أي عالم، تعرف أساتذته الذين
أخذ عنهم، وتلامذته الذين اقتبسوا عنه، وآثاره ومؤلفاته.
أما أساتذته فمنهم:
1 إبراهيم بن عمر الواسطي أبو إسحاق.
2 إبراهيم بن عيسى الأندلسي الشافعي أبو إسحاق.
3 أحمد بن سالم المصري أبو العباس.
4 أحمد بن عبد الدائم المقدسي أبو العباس.
5 إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي أبو إبراهيم.
6 إسماعيل بن أبي اليسر التنوخي، أبو محمد، تقي الدين.
7 جمال الدين بن الصيرفي.
8 خالد بن يوسف النابلسي أبو البقاء.
9 الرضي بن البرهان.
10 سلار بن الحسن الأربلي الحلبي الدمشقي.
11 شمس الدين بن أبي عمر.
12 الضياء بن تمام الحنفي.
13 عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري البدري، تاج الدين، المعروف
(بابن الفركاح).
14 عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي.
15 عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (أبو شامة).
16 عبد الرحمن بن سالم الأنباري أبو محمد.
17 عبد الرحمن بن محمد بن الحسن البادرائي البغدادي الدمشقي.
18 عبد الرحمن بن نوح المقدسي الدمشقي أبو محمد شمس الدين.
19 عبد العزيز بن محمد الأنصاري أبو محمد.
20 عبد الكريم بن عبد الصمد الحرستاني أبو الفضل.
17

21 عز الدين بن سعد الأربلي.
22 عماد الدين بن عبد الكريم الحرستاني.
23 عمر بن سعد الربعي الأربلي.
24 عمر بن بندر التفليسي الشافعي.
25 محمد بن مالك الجياني أبو عبد الله.
26 محمد بن محمد بن محمد الفكري الحافظ.
27 يحيى بن أبي الفتح الحراني الصيرفي.
أما تلامذته فمنهم:
1 أحمد بن إبراهيم بن مصعب أبو العباس.
2 أحمد الضرير الواسطي أبو العباس.
3 أحمد بن فرح الإشبيلي أبو العباس.
4 أحمد بن محمد الجعفري أبو العباس.
5 إسماعيل بن المعلم الحنفي الرشيد.
6 سليمان الجعفري صدر الدين.
7 سليمان بن عمر الدرعي جمال الدين.
8 شهاب الدين الأربدي.
9 شهاب الدين بن جعوان.
10 عبد الرحمن بن محمد المقدسي أبو الفرج.
11 علاء الدين بن العطار.
12 محمد بن إبراهيم بن جماعة (البدر).
13 محمد بن أبي بكر بن النقيب (الشمس).
14 محمد عبد الخالق الأنصاري (الشهاب).
15 محمد بن أبي الفتح الحنبلي أبو عبد الله.
16 هبة الله بن عبد الرحيم الباري (الشريف).
18

17 يوسف بن عبد الرحمن المزي أبو الحجاج.
وأما كتبه المطبوعة فمنها:
1 الأذكار (المسمى بحلية الأبرار وشعار الأخيار) (بتحقيقي).
2 الأربعون حديثا النووية وشرحها.
3 الإشارات إلى بيان أسماء المبهمات من رجال الحديث.
4 الايضاح في المناسك.
5 بستان العارفين.
6 التبيان في آداب حملة القرآن.
7 الترخيص بالقيام لذوي الفضل والمزية من أهل الاسلام (بتحقيقي).
8 تصحيح التنبيه في فقه الشافعي (وقد رأى الزركلي صاحب الاعلام بنفسه
مخطوطة منه باسم: التنبيه على ما في التنبيه).
9 التقريب والتيسير في مصطلح الحديث.
10 تهذيب الأسماء واللغات.
11 الدقائق (دقائق المنهاج).
12 روضة الطالبين في الفقه.
13 رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين (وهو هذا الكتاب).
14 شرح المهذب للشيرازي (وهو المجموع).
15 المقاصد في العقيدة والتوحيد.
16 منار الهدى (في الوقف والابتداء) (في التجويد).
17 المنثورات في الفقه (وهو كتاب فتاويه).
18 منهاج الطالبين.
19 المنهاج في شرح صحيح مسلم (5 مجلدات).
أما المخطوطة أو المفقودة فمنها:
1 أدب المفتي والمستفتي.
19

2 الارشاد في الأحاديث.
3 الإشارات إلى ما وقع في الروضة من الأسماء والمعاني واللغات (وهو كتاب
على الروضة كالدقائق على المنهاج).
4 الأمالي في الحديث.
5 الايجاز.
6 تحرير ألفاظ التنبيه.
7 تحفة طلاب الفضائل.
8 التحقيق (في الفقه، وصل فيه إلى صلاة المسافر).
9 جامع السنة (قطعة منه).
10 خلاصة الاحكام من مهمات السنن وقواعد الاسلام.
11 رسالة في الاستسقاء.
13 شرح البخاري (قطعة منه).
14 شرح التنبيه (قطعة منه) (تحفة الطالب النبيه).
15 شرح سنن أبي داوود (قطعة منه).
16 شرح الوسيط (قطعة منه) (التنقيح).
17 طبقات الفقهاء.
18 مختصر أسد الغابة.
19 مختصر البيان والمواعظ (والأصل له).
20 مختصر شرح مسلم.
21 مختصر طبقات الشافعية لابن الصلاح.
22 المناسك الصغرى.
23 المناسك الكبرى.
24 مناقب الشافعي.
25 المنتخب وهو (مختصر التهذيب للامام الرافعي).
20

منهج من ألف فيما يرسم بالياء والألف.
27 النكت على التنبيه.
وليست مؤلفاته ما عددنا من مطبوعها ومخطوطها، فقد عد تلميذه السخاوي في
الجزء الذي أفرده لترجمته نحوا من خمسين كتابا.
وهنالك كتب شرع بها ولم ينجزها، وكتب تبلغ نحو ألف كراس، أمر النووي
تلميذه (ابن الملقن) بإبادتها، ففعل، وفي النفس ما فيها من الأسف والأسى.
وبعد، فهذا غيض من فيض. والنووي أمة وحده في علمه وأخلاقه وأدبه.
أكثر الله في المسلمين من المتبعين لنهجه علما وعملا وتطبيقا، وحسن أولئك
رفيقا.
رحمه الله رحمة واسعة، وحشرنا وإياه تحت لواء سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم مع الذين
يستمعون. القول فيتبعون أحسنه، والذي أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ولا يسعني بعد هذا كله إلا أن أشير، من خلال بيان منهج العمل في الشرح
والتحقيق، إلى بعض ما استدعى إعادة النظر في تحقيق الكتاب وشرحه ونشره بفهارس
واسعة شاملة من جديد:
21

منهج العمل في الشرح والتحقيق
لكتاب رياض الصالحين للامام النووي أصول خطية كثيرة في المكتبات العامة
والخاصة، منها ما لم ير النور بعد، ومنها ما اعتمد عليه وقدم للناس كتابا مطبوعا
أكثر من مرة.
وفي المكتبة الظاهرية بدمشق من مخطوطات هذا الكتاب نسخ كثيرة تعود إلى
أزمان مختلفة. بخطوط الجودة، وعلى بعضها تعليقات مفيدة.
وقد اطلعت عليها جميعا، واخترت منها النسخة ذات الرقم 3629 / عام، ورمزت
لها بالرمز (ط)، وجعلتها الأصل الام الذي أقابل عليه النسخ المطبوعة وأصولها
الخطية عند الاختلاف، إن وجدت في المكتبة الظاهرية.
أما النسخ المطبوعة التي وعدت إليها فقد رمزت إليها بالرموز التالية:
(ر) للمطبوعة بعناية رضوان محمد رضوان.
(ع) للمطبوعة بإيضاح مصطفى محمد عمارة.
(ص) لمنهل الواردين شرح رياض الصالحين لصبحي الصالح
(م) لطبعة دار المأمون بتحقيق رباح والدقاق ومراجعة الأرنؤوط.
(ل) للمطبوعة بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني.
(ن) لنزهة المتقين رياض الصالحين تأليف (الخن والبغا ومستو والشربجي
ولطفي).
(د) لدليل الفالحين لطرق رياض الصالحين تأليف محمد بن علان الصديقي
ومراجعة محمود حسن ربيع.
22

أما سبب اختياري لتلك المخطوطة فلانه صح فيها ما ذكر على صفحة غلافها من
أنها نسخة منقولة عن نسخة مقابلة على نسخة الشيخ المؤلف بخطه رحمه الله ورضي
عنه، بعنوان (كتاب رياض الصالحين من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد العارفين وإمام
المتقين).
وهي ذات خط واحد جيد لناسخ واحد، يرجع على الأغلب إلى القرن الثامن
الهجري، وقد ضبطها وصححها وقابلها وزينها بهوامش وشروح وروايات من نسخ
خطية أخرى، وتعليقات تدل على اطلاع واسع، الامام إسماعيل بن محمد بن
عبد الهادي الجراحي الدمشقي، أبو الفداء (1087 1162 ه‍) = (1676
1749 م) وهذا ما جعلها في نظري أهلا للثقة بما فيها واعتمادها.
والامام إسماعيل الجراحي محدث الشام في أيامه، مولده بعجلون، ومنشؤه
ووفاته بدمشق، له مؤلفات ذكر له بعضها الزركلي في الاعلام خلال ترجمته له، كما
صور لننا نموذجا من خطه، استطعت بوساطته التأكد من صحة توقيعاته والإشارات
إلى اسمه في كتاباته وتعليقاته على حواشي المخطوطة المعتمدة، في أكثر من موضع، كما
يظهر جليا على ورقة الغلاف منها (الراموز الأول)، وفي هوامش بعض أوراقها بعض أوراقها كما في
الورقة 31 / أ (الراموز الثاني) والورقة 149 / ب (الراموز الثالث) وغيرها.
23

الراموز الأول: ورقة الغلاف وفيها على هامشها الأيسر تملك الامام إسماعيل الجراحي
24

الراموز الثاني: وفي هامشها الأيسر الطولاني حاشية الامام إسماعيل الجراحي بخطه
25

الراموز الثالث: وفي هامشه الأيسر العلوي تعليق الامام إسماعيل الجراحي
26

وكانت النسخة المخطوطة قد وصلت إليه في عام 1133 ه‍، فشرع في مقابلتها
وتصحيحها إلى آخر صفحة منها، فإذا وقف عند موضع أثبت ذلك في الهامش بقوله:
(بلغ) أو (بلغ مقابلة)، حتى إذا انتهى من المقابلة قال في هامش الصفحة الأخيرة
منها ذات الرقم 166 / أ (الراموز الرابع): (بلغ مقابلة على أصل صحح عليه) أي على
نسخة المؤلف التي بخط يده.
الراموز الرابع: الصفحة الأخيرة وفي هامشها الأيمن تعليق الامام إسماعيل الجراحي
27

ومسطرة هذه المخطوطة لكل ورقة 24 * 18 سم ولكل صفحة فيها 12 * 18 سم،
غير أن التلف أصاب الجزأين الأيسر والأسفل من صفحة الغلاف فقط فصارت
9 * 18 سم ورممت بإلصاقها على ورقة أخرى لينسجم حجمها مع سائر أوراقها كما يبدو
واضحا في صورة الراموز الأول السابقة:
وقد جاء في أعلاها بخط غير خط ناسخ الكتاب السطران التاليان:
والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا...
عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه...
وجاء بعدهما مباشرة عنوان الكتاب التالي بخط ناسخ المخطوطة:
كتاب رياض الصالحين
من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
سيد العارفين وإمام المتقين
وقف تصنيف الشيخ الامام العالم العلامة
الزاهد العابد... أبي
زكريا محيي الدين يحيى
بن شرف بن مري بن حسن
بن حسين بن محمد النواوي
رحمه الله تعالى
ورضي عنه
آمين
وجاء تحت ذلك مباشرة:
... روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: الملائكة تصلي على
28

أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له
اللهم ارحمه. رواه البخاري.
اللهم انفعنا به وبتصانيفه وعلمنا من علمه وارزقنا ووفقنا للعمل به
ونسخة الأصل الذي نقلت هذه منها قوبلت على نسخة الشيخ التي بخطه
رحمه الله ورضي عنه.
وقف
الحمد لله أحمده بجميع محامده
... وعلى جميع نعمه كلها
ثم جاء تحته على الورقة الملصقة عليها صفحة الغلاف وبخط مخالف لخط ناسخ
المخطوطة:
لبعضهم
أيها الناهج نهج المصطفى * طالبا سنته في كل حين
غير كتب النووي لا تعتمد * وتنزه في رياض الصالحين
هذا ما وقفه الوزير المكرم والمشير المفخم الحاج أسعد باشا محافظ الشام
على مدرسة والده المرحوم الحاج إسماعيل باشا.
كما جاء في الزاوية اليمنى من الصفحة وإزاء كلمة وقف:
طالع فيه من لرحمة
ربه محتاج
عثمان بن محمد عجاج
وتحته إلى جوار اسم المؤلف
داعينا لكم بالبقا...
في سنة...
29

وتحته ختم المكتبة الظاهرية وقد طمس بعض الكتابة.
أما من الزاوية اليسرى من الصفحة فقد جاء بخط طولي كلمة: وقف، وفوقها
توقيع لعله (مصطفى).
ثم جاء إلى جانبها بخط عرضي ملائم لاتجاه كتابة الصفحة بغير خط الناسخ:
وأشرط الواقف المومى
إليه أنه لا يخرج من مكانه
في مكتبة الخياطين
وتحت ذلك ختم مستدير بجوار العنوان فيه (المكتبة العمومية بدمشق الشام
1075 ه‍)
وبجانبه الأيسر كلام مبتور جاء فيه:
طالع في هذا...
وشيخي...
في ثاني عشر...
وبجانبه الأيسر وعلى الورقة الملصقة عليها صفحة الغلاف ختم مستطيل كتب
عليه:
وقف أسعد باشا على مدرسة والده المرحوم الحاج إسماعيل باشا
وتحته على الورقة نفسها:
ملكه من فضله تعالى
إسماعيل العجلوني بن محمد
المدرس تحت القبة
سنة 1133 ه‍
30

وتحته:
ثم... فقير
في 10 صفر
ويبدو كل ذلك جليا واضحا في الراموز الأول السابق راموز صفحة الغلاف الأولى
ولكن هذه المخطوطة قد وقع فيها النقص أثناء التجليد فقرن المجلد بين الشق
الأول من الورقة 36 / أ والشق الثاني من الورقة 51 / ب وجعلهما ورقة واحدة، كما
يلاحظ في هذه الصورة المأخوذة عنها في الراموز الخامس التالي:
31

الراموز الخامس: صورة الورقة التي جمعت بين الصفحتين 36 / أ
32

و 51 / ب وكان النقص بينهما
رياض الصالحين (3)
33

وبذلك أضاع علينا (15) خمس عشرة ورقة كاملة من المخطوطة، رممت بالمقابلة
على غيرها من مخطوطات الظاهرية.
أما الصفحة الأخيرة من الكتاب فقد أكلت الرطوبة وسطها، ولم يؤثر ذلك على
الكلام، وألصقت عليها قطعة مستطيلة بشكل مائل بقياس 8 * 7، 3 سم رممت فيها
الكلمات التالية:
غفر الله له
رابع عشر رمضان
وستماية
ولكنها طمست سطرين لعلهما تاريخ النسخة المخطوطة، واسم ناسخها، وقد
طبع على هذه اللصيقة بالخاتمين الموجودين على صفحة الغلاف الأولى، فأحدهما
المستطيل (وقف أسعد باشا) والاخر المستدير (المكتبة العمومية...)
وفي أسفلها كلام بخط مخالف لخط الناسخ يتضمن آيات كريمة كما يبدو واضحا في
الراموز الرابع.
أما الكتب المطبوعة وأصولها الخطية فلا حاجة لوصفها فهي متداولة معروفة،
وفي معظمها وصف للأصول التي نقلت عنها.
هذا وقد سلكت في تحقيق الكتب وشرحه الخطة التالية:
1 خرجت الآيات ودللت على أرقام السور والآيات معا مع ذكر اسم السورة
ليسهل الرجوع إليها في كتاب الله تعالى.
2 عدت إلى ما توافر لي من نسخ الكتاب جميعا فقابلت المطبوعة منها على
النسخة المخطوطة المعتمدة.
3 عدت إلى جميع الكتب الأمهات في الحديث الشريف والسنة المطهرة التي أخذ
عنها المؤلف عند كل اختلاف بين المخطوطة وإحدى النسخ المطبوعة وأصولها الخطية،
34

ثم أثبت في المتن ما وافق المصادر منها كما في الحديث 811 / 1 إذ يقول:
" اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه ". وقد ورد بدلا من كلمة (أنت) في بعض
النسخ قوله (كما) فأثبت (أنت) موافقة لما في الترمذي وأبي داوود.
وكذلك فإن هذا الحديث رواه الترمذي فقال فيه: (حسن غريب صحيح)،
أما نسخة (ط) فجاء فيها (حسن صحيح) وفي غيرها (حديث حسن)، فأثبت
ما اتفق مع المصادر، وأشرت إلى الاختلاف في التعليق.
وقد تكشفت لي من خلال ذلك أمور جعلتني أطمئن إلى ضرورة إعادة تحقيق
الكتاب، وكان منها ما وقع فيه المؤلف نفسه رحمه الله في مواضع قليلة لا تعيبه،
والكمال لله وحده، ومنها ما وقع فيه المحققون والطابعون.
وأما وقع فيه المحققون والطابعون فمنه ما كان في:
أ الحديث 7: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا
إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ".
فقوله: (وأموالكم) ليس في الحديث 7 في أصول الرياض كلها، ولكنه ورد
رواية ثابتة في نسخة (ط) عند تكرار الحديث برقم 1570 / 1 وهو إحدى روايات مسلم
8 / 11، فأثبته هناك، وأضفته إلى الحديث 7 هنا.
وقد رسم قوله (وأموالكم) في نسخة (ط) مطموس الأوائل غير واضح الكتابة،
مما جعل بعض المحققين والطابعين يهملونه أو يظنونه (وأعمالكم) فيفسد بذلك المعنى
فسادا كبيرا.
بل إن من المحققين من أشار إلى ذلك الفساد دون أن يورد الحديث بشكله التام
الصحيح في المتن.
ب الحديث 359 / 1 و 451 / 7، وقد ورد الحديث فيهما في مسلم 7 / 145 (ما أبكي
أن لا أكون أعلم) وورد في نسخة (ط) (إني لا أبكي، أني لا أعلم) ولعلها إحدى
35

الروايات التي يحفظها النووي عن مسلم، وإذا ببعض النسخ المطبوعة يرد فيها النص:
(إني لأبكي، إني لاعلم) مصحفا محرفا عن الأصول لعدم الدقة في قراءته فيها، وذلك
لعدم انضباط قواعدنا الاملائية الحديثة على كتابتهم.
وكان يجب أن يقرأ (إني لا أبكي، أني لا أعلم) فيأتي بذلك المعنى صحيحا لا لبس
فيه ولا غموض دينا ولغة.
ج الحديث 526 / 7 ورد في بعض النسخ أنه عن أبي سفيان صخر بن حرب،
وليس ذلك بصحيح، وإنما هو في مسلم 3 / 95 عن معاوية بن أبي سفيان أبي
عبد الرحمن.
د الحديث 553 / 12 ورد قوله: (فعلقه الاعراب يسألونه) أي تعلقوا به،
وليست (علق) هنا من أفعال الشروع كما توهما بعضهم.
ه‍ الحديث 652 ورد في بعض النسخ عن (أبي يعلى معقل بن يسار) وإنما هو
عن (أبي علي معقل بن يسار) كما في نسخة (ط) وكما في كتاب (الكنى والألقاب
للامام مسلم).
والحديث 709 / 4 قال: " حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت يبكي
طويلا " وقد ورد قوله (يبكي) في جميع النسخ إلا نسخة (د) فجاء فيها (فبكى)،
وفي ذلك تحويل للمعنى عن جهته، وتصحيف لما ورد في مسلم 1 / 78 حيث قال
(يبكي) وهو الصواب الذي أثبته في المتن.
ز الحديث 723 / 5: في نسخة (ط): (رواه أبو داوود والترمذي وغيره)، وفي
غيرها من النسخ لم يرد لفظ الترمذي، فأثبت في المتن (رواه أبو داوود وغيره) وأشرت
في التعليق إلى رواية الترمذي له في الجامع الصغير بإسناد صحيح بألفاظ مقاربة.
ح الحديث 730 / 5 جاء في بعض النسخ المطبوعة (لم يبق من طعامه لقمة)
وإنما هو (لم يبق من طعامه إلا لقمة والفرق واضح بينهما.
36

ط الحديث 12755 / 6 فقال: " لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور " وقد
صحفت كلمة (لكن) إلى (لكن) أو (لكن) فلم يعد المعنى مستقيما مع هذا
التصحيف.
ي الحديث 1523 / 14: ورد الحديث في بعض النسخ عن (أبي بكر) وإنما هو
عن (أبي بكرة) كما في البخاري.
ك الحديث 1783 م / 2: ورد الحديث في مسلم 8 / 34 " من أشار إلى أخيه
بجديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه " وقد أفسدت جميع النسخ المطبوعة النص
فبعضها حذفت قوله (حتى يدعه) وبعضها توهمته (حتى ينزع) وفي ذلك إفساد كبير
للمعنى.
ل الحديث 1790 / 2: ورد فيه قوله: " إن رجلا جعل يمدح عثمان فعمد
المقداد " و (عمد) هنا بكسر الميم لا بفتحها كما في رواية مسلم 8 / 228 بمعنى غضب كما في
التاج، ففسرتها بعض النسخ بمعنى (قصد) وضبطت بعض النسخ الكلمة (بفتح الميم)
التي تعني (قصد) وفي كلتيهما تصحيف وتحريف لا يصح معه معنى الحديث، ولم
يرجع فيه ناقله إلى رواية مسلم وهي مضبوطة فيه.
ومن مثل هذا كثير أرجو الله تعالى أن يصون طبعتنا هذه منه.
4 تابعت المؤلف نفسه في بيانه درجة الأحاديث الشريفة وتخريجها وروايتها في
مصادرها من أمهات كتب السنة، ثم اكتفيت ببيانه ذاك دون تعليق، إن لم يكن قد
بدا لي في تلك المصادر أو غيرها من المراجع الحديثية وجهة نظر أخرى علمية، فكان لا
بد لي عندها من الإشارة في التعليق إلى ذلك، مبينا رأي أهل العلم فيها، محيلا على
كتبهم من يود متابعة التحقيق في آرائهم والتثبت منها.
وقد تبين لي أن ما وقع فيه المؤلف نفسه يعود إلى أمرين:
أ أولهما: تساهله أحيانا قليلة في توثيق الحديث أو بيان رتبته الحديثية مكتفيا
37

بآراء من نقل عنهم الأحاديث من الأئمة الاعلام رضوان الله عليهم جميعا، ومن ذلك:
1 عدم تضعيفه بعض الأحاديث الضعيفة، وهي قليلة نسبيا في الكتاب، كما في
الحديث 937 / 4 مثلا.
2 قوله في بعض الأحاديث إنها مروية بأسانيد على الرغم من أن لها سندا واحدا
فحسب، وما ذلك إلا لأنه قد يكونن مراده بتعدد الأسانيد من جهة ابتداء السند لا
منتهاه، والتعداد إلى الصحابي لا يقتضي تعدد سند الحديث، كما في الحديث 810 / 2
فليس له إلا سند واحد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه،
والتعداد إلى سعيد لا يوجب تعدد سند الحديث.
3 مزجه بين الأحاديث أحيانا كما في الحديث 419 / 10 فقد قال فيه (متفق
عليه) وهو كذلك إذ رواه البخاري في 4 / 51 ومسلم في 8 / 95
وأما الحديث 419 م / 11 فقال فيه (متفق عليه) وإنما هو في مسلم 8 / 95
بلفظه، وأما البخاري فقد أورد معناه دون لفظه مع بعض الاختلاف في الموضوع في
الرقاق 4 / 124، وقد تبين لي هذا من متابعتي الحديث في مظانه، والحمد لله تعالى دائما
على فضله.
4 اختياره بعض الروايات من غير مسلم والبخاري على الرغم من وجودها فيهما
معا أو في أحدهما فحسب، كما في الحديث 616 / 7 فقد رواه مسلم 8 / 36 بقوله (العز
إزاره، والكبرياء رداؤه...). وقال النووي في شرحه لهذا الحديث في كتابه شرح
صحيح مسلم: (هكذا هو في جميع النسخ، فالضمير في (إزاره ورداؤه) يعود إلى الله
تعالى للعلم به وفيه محذوف تقديره: قال الله تعالى).
أما أبو داوود فقد رواه في سننه (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري...) وقد ورد
قريب منه عند ابن ماجة وابن حنبل.
ثم جاء المصنف فقال: (العز إزاري، والكبرياء ردائي...) (رواه مسلم)،
38

فكأنه رحمه الله جمع بين الروايات واختار إحداهما وأسندهما للامام مسلم وحده وهي
ليست من ألفاظه.
وكذلك الامر في الحديث 819 / 2 فقد ذكر النووي أنه من رواية أبي داوود ولم يشر
إلى أن مسلما قد رواه بألفاظ مقاربة.
5 كان المؤلف يكتفي برواية الحديث عن البخاري ومسلم معا أو عن أحدهما،
فإذا وجد ذلك اكتفى به عن بيانه في غيرهما كالحديث 732 / 7، فقد ذكر المؤلف أنه
من رواية البخاري، ولكنه لم يشر إلى وروده في مسند أحمد والترمذي وأبي داوود وهو
فيها جميعا.
فاكتفيت في مثل ذلك بقوله وحده إلا ما وجدت ضرورة لذكره في التعليقات.
6 جاء المؤلف ببعض الأحاديث إيضاحا لفكرة في بابها دون أن يذكر تخريجها
فجئت في التعليق فخرجتها كما في الحديث 1790 ع / 3 و 4 و 5.
7 كان المؤلف يأتي بقطعة من الحديث أحيانا فأشير في التعليق إلى أصله المطول
ورقمة في الكتاب، كما في الحديث 1655 / 1 فقد جاء النص عنده (نهينا عن التكلف)
فحسب، فأشرت في التعليق إلى أصله المطول وموضع وروده.
ب وثانيهما: وهو قليل أيضا، يعود إلى سهو من المؤلف، أو ذهول لا يعيبه
والكمال لله وحده، ومن ذلك ما قاله في:
1 الحديث 465 / 11 قال: (متفق عليه وهذا لفظ مسلم) وإنما هو من رواية
مسلم ومما انفرد به.
2 الحديث 465 م / 12 قال: (وفي رواية البخاري) وإنما هو (متفق عليه).
3 الحديث 508 قال: (رواه الترمذي) وإنما هو من رواية مسلم أيضا كما قال
عنه المؤلف ذاته في الحديث (550).
4 الحديث 547 / 6 ورد في نسخ الرياض كلها (ينفق عليك) وإنما هو في مسلم
39

والبخاري وابن ماجة وأحمد (أنفق عليك) فأثبت ما في المصدر.
5 الحديث 740 / 1 ورد في نسخ الرياض كلها (نهى عن الاقران) وإنما هو (نهى
عن القران) لأنه قد ذكر النووي نفسه في شرحه لصحيح مسلم، أنه لا يقال لغة:
الاقران، ولا يقال: أقرن، بل يقال: (قرن قرانا) فصححت رواية الحديث وفقا
لرواية النووي نفسه له في مسلم 6 / 123.
6 الحديث 771 / 1 قال: (رواية الترمذي)، وإنما هو من رواية مسلم أيضا في
حديث مطول.
7 الحديث 783 م / 8 قال: وفي رواية له (أي لعمرو بن حريث) وإنما هو من
حديث جابر بن عبد الله الأنصاري.
8 الحديث 812 / 1 أشار المؤلف إلى أنه من رواية البخاري في كتاب الأدب من
صحيحه وإنما هو في كتاب الدعوات باب النوم.
9 الحديث 863 / 2 أشار المؤلف إلى أنه من رواية مسلم ثم كرره برقم 875 بأنه
(متفق عليه) وهو كذلك. فصححت تخريج الحديث 863 في ضوئه.
10 الحديث 1136 / 6 قال: (رواه أبو داوود والترمذي)، وإنما هو من رواية
مسلم أيضا.
11 الحديث 1318 / 38 قال: (أم الربيع بنت البراء)، وإنما هي الربيع بنت
النضر عمة البراء بن مالك.
12 الحديث 1608 / 9 قال: وعنه (أي عن أبن عباس)، وإنما هو عن جابر بن
عبد الله الأنصاري.
13 الحديث 1619 / 4 والحديث 1619 / 5، جاء بالحديث الأول عن جندب،
وأشار إلى روايته في الثاني عن ابن عباس دون ذكر الألفاظ ابن عباس له، ثم شرح
ألفاظ ابن عباس دون ذكر نص الحديث كما ذكرت.
40

14 الحديث 1742 قال: (متفق عليه) وإنما هو من رواية مسلم وأبي داوود
والترمذي وأحمد ولم يروه البخاري.
15 الحديث 1811 / 4 قال: (رواه مسلم) وإنما هو متفق عليه فقد رواه البخاري
عن أنس أيضا.
16 الحديث 1860 قال: (والمراد بالصلاة على قتلى أحد الدعاء لهم، لا الصلاة
المعروفة).
وإنما أقول: إنه لا داعي لهذا الشرح من المصنف، رحمه الله، فقد ثبت في
الصحيحين: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ".
وليس بعد هذا النص اجتهاد، ولكن هذا لا يعني وجوب الصلاة على الشهداء،
فالامر متروك على التخيير والظروف.
17 الحديث 1867 / 50 وردت فيه الآية الكريمة (ربنا، إني أسكنت...)
وقد جاءت هذه الآية في جميع نسخ الرياض مصدرة بقوله: (رب) فأثبت ما في
القرآن الكريم، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يردد الآية عن القرآن الكريم، بدليل قول
راوي الحديث بعدها: حتى بلغ (يشكرون).
18 الحديث 1874 / 6 قال: " عن ابن مسعود... رواه أبو داوود والترمذي
والحاكم " وإنما هو عن ابن مسعود في رواية الحاكم فحسب، وأما في رواية أبي داوود
والترمذي فهو من رواية زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
19 الحديث 1880 / 1 قال: " ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك " وإنما
هو في صحيح مسلم: " ولكن طعامهم ذلك جشاء ورشح كرشح المسك " فأضفت كلمة
(رشح).
20 الحديث 1891 قال: (رواه البخاري)، وإنما هو في مسلم عن سهل بن سعد
الساعدي وقد ورد نحو هذا الحديث في حديث (متفق عليه) سبق قبله برقم (1881).
41

وبعض هذه الأحاديث عرفنا صحيحها في غير الرياض من النووي نفسه فذهوله
عنها هنا، ليس بضائره.
5 في هوامش نسخة (ط) تعليقات كثيرة بعضها لحق لما في المتن، فإن كان هذا
اللحق متفقا مع ما في النسخ الأخرى ألحقته بموضعه من المتن، أما ما ليس في النسخ
الأخرى فبعضه اكتفيت بالإشارة إليه في التعليق مبينا وروده في مواضع أخرى من
الكتاب، كاللحق الوارد بعد الحديث (13) فهو نص الحديثين 1872 و 1877، ولكن
بعضه الاخر لم أعثر على إسناده أو تخريجه فأخذ موضعه من التعليقات فحسب.
6 ذكر المؤلف بعض الأبواب دون الاتيان بأحاديث عليها، فأشرت في
التعليق لما يمكن أن يكون لها في الرياض نفسه من الأحاديث، أو استشهدت لها بما
ورد في الصحيح من السنة كما في الباب (70) من الكتاب الأول أي في (1 / 70).
7 أشرت في بعض الأحاديث إلى ما يذكر منه عن راو آخر، أو بألفاظ أخر، أو
بتكرار أو بزيادة ما، إن كان لذلك ضرورة.
هذا في مجال التحقيق، أما في مجال الشرح فاجتهدت أن يكون مفيدا للقارئ
المثقف وغيره، متجنبا فيه ما استطعت، الوقوع في أخطاء السابقين، وقد ملت فيه
إلى الخطة التالية:
1 شرحت بعبارة بسيطة سهلة مفهومة الغامض منن الألفاظ والعبارات التي لم
يفسرها المؤلف نفسه، وحاولت أن يكون التفسير موجزا شاملا كما في الحديث
1334 / 54
2 أشرت إلى الفروق الدقيقة في معاني الألفاظ ليفهم الكلام في ضوئها كما في 1 / 56
الباب 56 من الكتاب الأول، إذ بينت الفرق بين (خلف) بسكون اللام وفتحها
لغة. أو في الحديث 677 / 2 إذ بينت الاستعمال الصحيح لكل من كلمتي (سوء)
42

و (سوء). أو في الحديث 273 إذ بينت معنى (عوج) بفتح العين وكسرها، خلافا لما
جاء به المصنف.
3 أبرزت التوجيهات النبوية الرائعة، سواء ما كان منها في التربية والتعليم
كاستعمال وسائل الايضاح كما في الحديث 575 / 4، أم في الاقتصاد كنهي النبي صلى الله عليه وسلم
المترفين عن افتراش جلود النمور كما في الحديثين 709 و 810.
4 أوضحت العادات العربية الجيدة والتوجيهات النبوية العظيمة في تسديدها
كعادة التيامن في كل أمر جليل ذي قدر، لما في جهة اليمين من شرف، كما في الحديث
755 وبينت الغرض من قوله (يمين المبتدئ) مستشهدا بأحاديث صحيحة متفق عليها
لم ترد في المتن.
وكعادة لعق الإصبع من الاكل عند الانتهاء منه كما في الحديث 746 / 1.
وكعادة تقديم الدعاء على اسم المدعو له من الاحياء والأموات معا كما في الحديث 794.
5 دللت على ما كان يظن أنه مجاز لغوي في الحديث الشريف، فإذا به اليوم
حقيقة علمية واضحة، كقوله في الحديث 832 / 12 (واجعله الوارث منا) فقد أصبحت
بعض أجزاء الجسم اليوم تنقل إلى غيره قبل الموت أو بعده، فلم تعد العين مثلا ترث
صاحبها فحسب عند وفاته، إذ تبقى فترة معينة حية بعده، بل تجاوزت ذلك فنقلت
إلى جسم آخر فكأنها إرث من تركة الميت يرث الميت نفسه.
6 إن جاء الحديث مكررا، مرة أو أكثر، أوردت شرحه عند وروده أول مرة
فحسب، ثم أحيل على رقمه في كل مرة يرد فيها فيما بعد.
أما في مجال تبويب الكتاب وتسهيل مطالعته وتيسير الاستفادة الكاملة منه
فقد حرصت على ما يلي:
43

1 قسم المؤلف كتابه رياض الصالحين إلى كتب عدة جعل لكل منها عنوانا عاما
شاملا، ثم قسم كل كتاب منها إلى أبواب جعل لكل منها عنوانا جزئيا ملائما، ثم ضمن
كل باب طائفة من الأحاديث، أعطاها أرقاما ترتيبية أحيانا، وأهمل ذلك أحيانا
أخرى كثيرة.
غير أنه لم يضع (عنوان كتاب) لأبواب كتابه الأولى البالغ عددها (83) بابا،
فتوحيدا للمنهج والتزاما بخطة واحدة في إخراج الكتاب جعلت تلك الأبواب الثلاثة
والثمانين تحت عنوان: [1 كتاب مقاصد العارفين] اشتققته من مقدمة المؤلف نفسه
في مفتتح كتابه الرياض. وبذلك بلغ العشرين عدد عناوين الكتب في الرياض.
2 لم يضع المؤلف أرقاما ترتيبية للكتب والأبواب فوضعت لكل كتاب رقما
منفردا متسلسلا، ولكل باب ولكل حديث رقمين مزدوجين متسلسلين معا.
فمثلا: (4 كتاب اللباس): لم يرمز للكتاب إلا برقم منفرد.
وأما (4 / 7 باب جواز لبس الحرير لمن به حكة).
فقد رمزت بالرقم 4 إلى كتاب اللباس وهو الكتاب الرابع في رياض الصالحين،
وبالرقم 7 إلى باب جواز لبس الحرير لمن به حكة، وهو الباب السابع من كتاب
اللباس.
وكذلك فالحديث المرموز له بالرقم 532 / 13 يدل فيه الرقم 532 على الرقم العام
المتسلسل لأحاديث الرياض كلها، أما الرقم 13 فيدل على ترتيب الحديث في بابه
فحسب، أي في باب القناعة والعفاف الذي رمز له بالرقمين 1 / 57، وهذا أمر يهتم به
الباحثون والمحققون أيما اهتمام، وعند الاختصار أشير إلى رقم الحديث العام المتسلسل
(532) فقط، أو إلى رقمه في بابه كالحديث 532 / 13 السابق الذكر.
3 استعملت الحروف (م ع ل س) ومزجتها أحيانا بأرقام الأحاديث:
فمثلا الحديث 266 م / 9 يعني أنه تكرار للحديث الذي قبله برقم 266 / 8 برواية
44

أخرى. وكذلك فالحديث 1790 ع / 3 يعني أن المؤلف لم يورد الحديث مستقلا في النص
بل جاء به في المتن استشهادا وتعليقا على فكرة وردت في الأحاديث التي قبله كالحديث
1790 / 2، ولم يعطه المؤلف رقما ولا تخريجا، فأعطيته رقما في المتن مصحوبا بالحرف
(ع) وتخريجا في التعليق، ومثليه الحديث 9 ل يعني أن هذا الحديث استشهد به
المؤلف وذكر أنه سيأتي مستقلا في الكتاب، وقد أعطيته رقما في المتن مصحوبا بالحرف
(ل) وبينت في التعليق مكان وروده ورقمه المتسلسل هناك. وقد بلغ عدد هذه
الأحاديث اللاحقة (15) حديثا في الكتاب.
ونظيره الحديث 454 س / 11 يعني أن المؤلف أشار إلى حديث ذكره بنصه سابقا،
فالرقم 454 تكرار للرقم السابق قبله مباشرة والرقم 11 رقم متسلسل في الباب للجزء من
الحديث المشار به إلى حديث سبق ذكره في موضع آخر من الكتاب، وهو هنا في كل
من 1 / 16 باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها وفي 1 / 18 باب النهي عن البدع
ومحدثات الأمور.
4 جاء التنضيد الطباعي فجعل لكل من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة
وكلام النووي في المتن، وتعليقات الشارح في الحاشية، حرفا خاصا يميزه من غيره.
هذا فضلا عن أن التنسيق والترتيب اللذين تميزت بهما طبعتنا هذه في إخراج
الأحاديث بشكل واضح يدل القارئ على النص النبوي للحديث بشكل سريع جدا.
هذا فضلا عن أن التنسيق والترتيب اللذين تميزت بهما طبعتنا هذه في إخراج
الأحاديث بشكل واضح يدل القارئ على النص النبوي للحديث بشكل سريع جدا.
5 خرجت الآيات الكريمة ووضعت في نهاية كل آية اسم السورة التي هي منها
متلوة برقمين يدل الأول منهما على رقم السورة في القرآن الكريم، والثاني على رقم الآية
المذكورة، وذلك في المتن لا في التعليق، فمثلا [آل عمران 3 / 192] يدل على أن الآية
المذكورة هي ذات الرقم 192 في سورة آل التي هي الثالثة من سور القرآن الكريم.
وعند الإشارة إلى الآية في موضع ما، أشير إلى رقم الكتاب والباب حيث وردت،
إن كانت من الآيات التي تجئ في مطلع كل باب، أما إن كانت جزءا من حديث
نبوي فأشير إليها برقم الحديث المزدوج أو بالرقم المتسلسل العام للحديث فقط.
45

6 تابعت الاعلام جميعها في الكتاب، فما كان منها واضحا أوردته كما أتى به
المؤلف، أما إن لم يكن كذلك فقد اضطررت إلى إكماله بما هو مشهور فيه اسما أو كنية
أو لقبا ضمن المتن نفسه بين معقوفين، فأبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان يأتي به
المؤلف أحيانا (أبو أمامة) فحسب، فأضيف إلى المتن كلمة (الباهلي) بين قوسين
معقوفين، ليتضح للقارئ العادي أو الباحث المحقق، تمييزا له من أبي أمامة إياس بن
ثعلبة الحارثي، ومن ذلك أيضا:
أ قد يورد المؤلف الحديث عن معاذ، ولكن أي معاذ هذا؟ أهو ابن جبل أم
ابن أنس؟ كما في الحديث 916. وقد يروي الحديث قتادة، فهل هو ابن دعامة
السدوسي أو ابن ملحان كما في الحديث 884 أو الحديث 769 وقد نسب بعض المحققين
تسرعا لحديث 769 إلى ابن ملحان مع أنه لابن دعامة السدوسي، وقد يروي الحديث
عن المقداد كما في الحديثين 852، 1790، فهل هو ابن معد يكرب أو ابن الأسود؟
ب وإذا كان الاختلاف قد يقع في اسم العلم تابعته حتى أطمئن إلى صحة اسمه،
فأثبته في المتن، فمثلا، الحديث 962 رواه أبو قتادة، وقد صرح بعضهم أنه الحارث بن
نعمان، مع أنه لابن ربعي كما في صحيح مسلم.
وكذلك فالحديث 982 رواه ابن عمر، ولكنه في نسخة لأبي داوود (عبد الله بن
عمرو) مع أنه في نسخة ثانية منه، وفي مصادر السنة الأخرى (عبد الله بن عمر بن
الخطاب) وهو الصواب الذي أثبته.
ج قد يأتي الحديث في كتب السنة عن عبد الله فحسب وما أكثر عبيد الله
كما في الحديث 1585 إذ رواه في الرياض عن ابن مسعود وابن عمر وأنس. وهو
في بعض كتب السنة عن عبد الله فحسب، فتابعت ذلك في المصادر الأخرى فإذا هو كما
رواه النووي عن عبد الله بن مسعود وعن عبد الله بن عمر وعن أنس. فأثبت ذلك في
المتن باطمئنان.
د قد يشير النووي إلى العلم دون تسميته بكلمة مبهمة كما في الحديث 744 / 1 إذ
قال: (وأشار غيره إلى أن المتكئ هو المائل على جنبه) فجئت في التعليق أتابع تعليله
46

وأوضحت أن غيره هذا هو ابن الجوزي.
7 الفهارس:
ذيلت الكتاب بفهارس شاملة كاملة، لم أعتمد فيها جميعا إلا على أرقام الأحاديث
المرموز بها إليها في الكتاب، ولم آخذ بأرقام صفحات الكتاب المطبوع مطلقا، وهي
تفيد كل من يطلع على الكتاب من عالم محقق أو باحث مؤلف أو قارئ عادي، وقد
بذلت من الجهد فيها ما أحتسبه عند الله تعالى، راجيا منه سبحانه حسن القبول فكانت
لدينا الفهارس التالية:
أ فهرس الآيات الكريمة الواردة في مطلع كل باب أو في الأحاديث الشريفة ضمنا
منسوقة بحسب السور في القرآن الكريم ثم بحسب الكتاب والباب والحديث الشريف في
الرياض.
ب فهرس أعلام الرواة والمخرجين والمؤلفين ومن إليهم، وهذا يتضمن أرقام
الأحاديث المتسلسلة العامة التي ورد فيها اسم كل من الرواة والمخرجين والمؤلفين، وكل
من له صلة بهم، من غير الاعلام الواردة أسماؤهم في متن الحديث.
ج فهرس أسماء الكتب الواردة في متن الكتاب.
د فهرس الشعر وهو قليل جدا.
ه‍ فهرس الأحاديث القدسية.
وفهرس الأحاديث المكررة.
ز فهرس أرقام الأحاديث المتفق عليها. والتعليقات والمكررة الرقم واللاحقة
والسابقة.
ويكفي أن تنظر نظرة عجلى إلى أرقام كل من الأحاديث المكررة أو المتفق عليها
في الفهرس أو للنصوص المكررة فيه، ليعرف أي جهد بذل ليعود بأكبر القائدة على
مطالع الكتاب.
47

ح الفهرس المعجمي لألفاظ الحديث النبوي في رياض الصالحين.
ولعل هذا الفهرس أهم فهارس الكتاب، فأي لفظ ذي دلالة في الحديث الشريف
في الرياض تجده في الفهرس المعجمي، إذا أنت عدت إلى الفعل الماضي المجرد لذلك
اللفظ، ثم بحثت عن المطلوب كما تبحث عنه في أي معجم لغوي.
وعندها ستجد اللفظ ضمن قطعة من الحديث الذي ورد فيه مع بيان رقم الحديث
أو أرقام الأحاديث التي ورد فيها لتعود بسهولة إلى النص الكامل للحديث في
الكتاب.
فكلمة (تطعمونا) مثلا، تجدها في مادة (طعم) ضمن قطعة من الحديث 515 / 8
بيد أني لم أشر في هذا الفهرس إلى كل من لفظ الجلالة (الله) و (الرسول)
و (النبي) لورودها بكثرة فلا يكاد يخلو حديث منها إلا إن تعلق الحديث مباشرة
بذات النبي أو الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
وكذلك لم أشر إلى الألفاظ غير ذات الدلالة معجميا كحروف المعاني كلها من
حروف جر أو نواصب وجوازم أو عطف واستفهام وما إليها، ولا إلى الافعال الناقصة
ككان وأخواتها وما إليها، ولا إلى أسماء الإشارة أو الموصولة وما في حكمها من الأسماء
التي لا يتعلق بها مباشرة معنى أي حديث.
وهذا الفهرس المعجمي شامل أيضا لعدة فهارس فتجد مثلا في مادة:
1 (علم): (علم عام) أسماء الاعلام والقبائل والأمم من غير الرواة والمؤلفين.
2 (علم): (علم مكان) أسماء الأماكن والبلدان.
3 (خطب): الخطب النبوية.
4 (قصص): القصص ولا سيما الرمزية منها.
5 (دعو): الأدعية والابتهالات.
6 (نبأ): النبوءات النبوية ولا سيما المتحقق منها فيما بعد.
وذلك مع الإشارة إلى أرقام الأحاديث أو رقم الحديث الذي ورد فيه أي من تلك
48

المواد ضمن قطعة من الحديث الذي ذكرت فيه.
وليس هذا فحسب، بل إنك ستجد الأيام والوقائع، والاخبار والأمثال، وكل
ما تريد العثور عليه من حديث في الرياض بمجرد معرفة لفظ ذي دلالة منه، فتفتح
على مادته فتجد مبتغاك كما أسلفت.
ط فهرس تراجم الاعلام الشامل لكل علم ورد في الكتاب من الرواة وغيرهم إلا
ما ندر، باختصار مفيد، فيتصل القارئ مباشرة بالنص وبيئته، وفي ذلك من الفائدة
ما لا يستغنى عنه إنسان.
ي فهرس مصادر الشرح والتحقيق ومراجعهما.
ك فهرس محتوى الكتاب من كتب وأبواب وموضوعات وغير ذلك.
وأخيرا فهذا رياض الصالحين، وقد استغرق إنجازه من عمري الطوال من السنين،
ويعلم الله وحده كم بذلت من الجهد والعناء والسهر والعمل الدائب في تحقيقه ومقابلته
وشرحه، وكم قاسيت وعانيت في فهرسه المعجمي، ما ينوء به فرد واحد مثلي، ولا
يقدره إلا المشتغلون بأمانة في حقلي التحقيق والتأليف.
ولا يسعني هنا إلا أن أتقدم بالشكر إلى إدارة دار الفكر وكل العاملين فيها الذين
أسهموا في إخراج هذا الكتاب، ولا سيما الأستاذ عدنان سالم الذي كان له منذ البدء
فضل اقتراح الفكرة والاصرار عليها وتقديم النماذج والتصورات الأولى لها.
وإني لأبتهل إلى الله تعالى أن يجزي عنا سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ما هو أهله، وأن يثيب
الامام النووي وكل من أخذت عنهم شيئا في هذا الكتاب من المتقدمين والمتأخرين
والمعاصرين خير الثواب، فلقد كان لهم جميعا فضل إنارة الطريق لمن جاء من بعدهم
مستفيدا من علمهم أو متابعا، ناقدا لهم في عملهم أو محققا أو شارحا، والعلم نور الله في
الأرض يهدي به كل من نهل موارده مخلصا في طلب الحق وحده، والرسول صلوات الله
وسلامه عليه يقول: " ليس مني إلا عالم أو متعلم ".
وكلي أمل أن يأتي عملي هذا أنفع ما يكون للقارئ الكريم، وأقرب ما يكون إلى
رياض الصالحين (4)
49

الحقيقة والصواب، وإلى الصورة التي أرادها له مؤلفه رحمه الله تعالى.
فإن وفقت، فلله تعالى وحده الحمد الدائم على نعمه وأفضاله، وإن قصرت فذلك
من نفسي، راجيا ممن اطلع على شئ من ذلك أن يلفت النظر إليه مشكورا، لعلي
أستدركه في طبعة قادمة، متضرعا إلى الله تعالى أن يكتب لي في الحالين أجر المجتهد
المخلص الصادق، وأن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به ويثيبني عليه إلى
يوم الدين، إنه أكرم مسؤول، وليس هذا عليه بعزيز، إنه نعم السميع المجيب.
وآخر ما أدعو: (أن الحمد لله رب العالمين)
دمشق الشام: الجمعة 30 شوال 1407 ه‍. أحمد راتب حموش
26 حزيران 1987 م
50

رياض الصالحين
من حديث سيد المرسلين
للامام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي
631 676 ه‍
وشرحه
كنوز الباحثين
صنعة
أحمد راتب حموش
طبعة محققة مقابلة ذات فهارس شاملة
51

مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار (1)، تذكرة
لاولي القلوب والابصار، وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار، الذي أيقظ من خلقه من
اصطفاه فزهدهم في هذه الدار، وشغلهم بمراقبته وإدامة الأفكار، وملازمة الاتعاظ
والادكار (2)، ووفقهم للدؤوب (3) في طاعته، والتأهب لدار القرار (4)، والحذر مما
يسخطه ويوجب دار البوار (5)، والمحافظة على ذلك مع تغاير الأحوال والأطوار.
أحمده أبلغ حمد وأزكاه، وأشمله وأنما.
وأشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم، الهادي إلى صراط مستقيم، والداعي إلى دين
قويم صلوات الله وسلامه عليه، وعلى سائر النبيين، وآل كل، وسائر الصالحين.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد
منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) [الذاريات 51 / 56، 57].
53

وهذا تصرح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والاعراض
عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد (1) لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل
حبور (2)، ومشرع انفصام لا موطن دوام. فلهذا كان الايقاظ من أهلها هم العباد،
وأعقل الناس فيها هم الزهاد، قال الله تعالى: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه
من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض
زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها
حصيدا كأن لم تغن با لامس (3) كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) [يونس
10 / 24]، والآيات في هذا المعنى كثيرة. ولقد أحسن القائل:
إن لله عبادا فطنا * طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا * أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا * صالح الأعمال فيها سفنا
فإذا كان حالها ما وصفته، وحالنا وما خلقنا له ما قدمته، فحق على المكلف أن
يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولي النهي والابصار، ويتأهب لما
أشرت إليه، ويهتم لما نبهت عليه. وأصوب طريق له في ذلك، وأرشد ما يسلكه من
المسالك: التأدب بما صح عن نبينا سيد الأولين والآخرين، وأكرم السابقين واللاحقين.
صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين، وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر
والتقوي) [المائدة 5 / 2]، وقد صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
[1 ل] " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " (4)، وأنه قال:
[2 ل] " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " (5) وأنه قال:
54

[3 ل] " من دعا إلى هدى كان له من الاجر مثل أجور من تبعه لا ينقص
ذلك من أجورهم شيئا " (1)، أنه قال لعلي رضي الله عنه:
[4 ل] " فوالله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " (2)
فرأيت أن أجمع مختصرا من الأحاديث الصحيحة، مشتملا على ما يكون طريقا
لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلا لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعا للترغيب والترهيب
وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب
الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير
ذلك من مقاصد العارفين.
وألتزم فيه إلا حديثا صحيحا (3) من الواضحات، ومضافا إلى الكتب
الصحيحة المشهورات، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشح
ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفي بنفائس من التنبيهات. وإذا قلت في آخر
حديث: متفق عليه، فمعناه: رواه البخاري ومسلم.
وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقا للمعتني به إلى الخيرات، حاجزا له
عن أنواع القبائح والمهلكات. وأنا سائل أخا انتفع بشئ منه أن يدعو لي،
ولوالدي، ومشايخي، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين، وعلى الله الكريم
اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة
إلا با لله العزيز الحكيم.
55

بسم الله الرحمن الرحيم
[1 كتاب مقاصد العارفين] [1 678]
1 / 1 باب الاخلاص (1) وإحضار النية
في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفية
[1 12]
قال الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء (2)
ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة) [البينة 98 / 5] وقال
تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (3) [الحج
22 / 37] وقال تعالى: (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله)
[آل عمران 3 / 29].
1 وعن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن ع
بد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي رضي الله عنه
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته
56

إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها
أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " متفق على صحته.
رواه إماما المحدثين: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه
الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما
في كتابيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.
2 وعن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم
وآخرهم " قالت قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن
ليس منهم؟ قال: " يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم "
متفق عليه. هذا لفظ البخاري.
3 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا " متفق عليه.
ومعناه: لا هجرة من مكة لأنها صارت دار إسلام
4 وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال:
" إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم
حبسهم المرض. وفي رواية: ألا شركوكم في الأجر " رواه مسلم.
57

4 م ورواه البخاري عن أنس قال: " رجعنا من غزوة تبوك
مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
" إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا ألا وهم معنا،
حبسهم العذر "
5 وعن أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس رضي الله عنهم، وهو وأبوه وجده
صحابيون، قال:
كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته
بها فقال: والله ما إياك أردت! فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لك ما نويت
يا يزيد ولك ما أخذت يا معن " رواه البخاري.
6 وعن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم
بالجنة رضي الله عنهم قال:
جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت: يا رسول الله إني
قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال
" لا " قلت: فالشطر يا رسول الله؟ فقال " لا " قال: فالثلث يا رسول الله؟ قال:
" الثلث والثلث كثير أو كبير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن
تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا
أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك " قال فقلت: يا رسول الله أخلف بعد
58

أصحابي؟ قال: " إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به
درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون،
اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس
سعد بن خولة! " يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة. متفق عليه.
7 وعن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، وأموالكم (4)،
ولكن ينظر إلى قلوبكم " رواه مسلم.
8 وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في
سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليه.
59

9 وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قلت:
يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: " إنه كان حريصا على قتل
صاحبه " متفق عليه.
10 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعا
وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد
لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة وخط عنه بها
خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان
في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحد كم ما دام
في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب
عليه، ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه " متفق عليه. هذا لفظ مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ينهزه " هو بفتح الياء والهاء وبالزاي: أي يخرجه وينهضه.
11 وعن أبي العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى قال:
" إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم
يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها
الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم
يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة
واحدة " متفق عليه.
60

12 وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار
فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا: إنه
لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: الله كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق
قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما،
فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق
قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى
برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم
إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة،
فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج. منه.
قال الآخر: اللهم كان لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي. وفي رواية:
[لهما كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها عن نفسها
فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين
ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت حتى إذا قدرت عليها.
61

وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها، قالت: تتق الله ولا تفض
الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب
الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن
فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل
واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني
بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري. فقلت: كل ما ترى من أجرك
من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي! فقلت:
لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت
فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون " متفق عليه.
باب التوبة [13 24]
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب. فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى
لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أحدها أن يقلع عن المعصية،
والثاني أن يندم على فعلها،
والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق
62

صاحبها. فأن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب
عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها
صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقى عليه الباقي. وقد تظاهرت دلائل
الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة.
قال الله تعالى (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) *.
[النور وقال تعالى (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) *. وقال
تعالى (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) *. 11] /
13 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " رواه البخاري.
14 وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة
مرة " رواه مسلم.
15 وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه
قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض
فلاة " متفق عليه
63

15 / 4 وفي رواية لمسلم " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من
أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس
منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو
بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم
أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح ".
16 وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده
بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم.
17 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم.
18 وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
19 وعن زر بن حبيش قال:
أتيت صفوان بن عسال رضي الله عنه أسأله عن المسح على الخفين فقال: ما جاء بك
يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم. فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب.
فقلت: إنه قد حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرأ من
64

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فجئت أسألك هل سمعته يذكر في ذلك شيئا؟ قال: نعم كان يأمرنا
إذا كنا سفرا أو مسافرين، أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط
وبول ونوم. فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئا؟ قال: نعم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سفر فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري: يا محمد. فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا
من صوته " هاؤم " فقلت له: ويحك! أغضض من صوتك فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد
نهيت عن هذا. فقال: والله لا أغضض. قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المرء مع من أحب يوم القيامة "
فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا من المغرب مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو
سبعين عاما (قال سفيان أحد الرواة: قبل الشام) خلقه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض
مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه "
رواه الترمذي وغيره وقال وقال حديث حسن صحيح.
20 وعن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم
أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا
فهل له من توبة؟ فقال لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل
الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ ف
قال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن
بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض
65

سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة
الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى
الله تعالى، وقالت ملائمة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في
صورة آدمي فجعلوه بينهم أي حكما فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى
أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته
ملائكة الرحمة " متفق عليه.
وفي رواية في الصحيح " فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر
فجعل من أهلها "
وفي رواية في الصحيح: " فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى
هذه أن تقربي وقال قيسوا ما بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر
له "
وفي رواية " فنأى بصدره نحوها ".
21 وعن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب رضي الله عنه من بنيه حين
عمي، قال
سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزوة تبوك،
قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير
أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عنه، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد،
66

ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها
مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها.
وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى
ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى
جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت
تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل
سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد،
والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد بذلك الديوان)
قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى ما لم ينزل فيه وحي من
الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر،
فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معه فأرجع ولم أقض
شيئا وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر
بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا، ثم
غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو
فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت! ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في
الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في
النفاق، أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ
تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: " ما فعل كعب بن مالك؟ " فقال رجل من
67

بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه! فقال له معاذ بن جبل: رضي الله عنه
بئس ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا
هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كن أبا
خيثمة " فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون،
قال كعب: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي،
فطفقت أتذكر الكذب وأقول بما أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من
أهلي، فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج
منه بشئ أبدا فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما، وكان إذا قدم من سفر بدأ
بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه
ويحلفون له، وكانوا بضعا وثمانين رجلا، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل
سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال " تعال "
فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: " ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت
ظهرك؟ " قال قلت: يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت
أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم
حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله [أن] يسخطك علي، وإن حدثتك حديث صدق تجد علي
فيه إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل، والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى
ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
68

قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله
فيك "
وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا!
لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون. فقد كان كافيك
ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.
قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي. ثم
قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا ما قلت وقيل
لهما مثل ما قيل لك. قال: قلت من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيعة العمري وهلال بن أمية
الواقفي. قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة، قال فمضيت حين
ذكروهما لي.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه،
قال فاجتنبنا الناس، أو قال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي
بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما
يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة المسلمين
وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد
الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه
النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك
علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب
الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل
تعلمني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله
ورسوله أعلم، ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار،
فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه
69

بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع
إلي كتابا من ملك غسان، وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه
أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة
، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قرأتها: وهذه أيضا من البلاء! فتيممت بها التنور
فسجرتها،
حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ فقال:
لا بل اعتزلها فلا تقربنها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك
فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر،
فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن هلال بن
أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: " لا ولكن
لا يقربنك " فقالت: إنه والله ما به حركة إلى شئ، ووالله ما زال يبكي منذ كان من
أمره ما كان إلى يومه هذا.
فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن
أمية أن تخدمه؟ فقلت لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا استأذنته وأنا رجل شاب؟ فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين
نهي عن كلامنا،
ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على
الحال التي ذكر الله منا، قد ضاقت على نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت
صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، فخررت ساجدا
وعرفت أنه قد جاء فرج، فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله عز وجل علينا حين صلى
70

صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل
فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما
جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما
يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا
فوجا يهنئوني بالتوبة، ويقولون لي لتهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى
صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة.
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: " أبشر
بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك! " فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟
قال: " لا بل من عند الله عز وجل "
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك
منه. فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى ا
لله وإلى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمسك عليك بعض مالك فهو خير
لك " فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر، وقلت: يا رسول الله إن الله تعالى إنما
أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فوالله ما علمت أحدا من
المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني
الله تعالى، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن
يحفظني الله تعالى فيما بقي، قال: فأنزل الله تعالى (التوبة 117، 118، 119): * (لقد تاب الله على النبي
والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) * حتى بلغ * (إنه بهم
71

رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما
رحبت) * حتى بلغ: * (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * التوبة 9 / 117 / 119]
قال كعب: والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني للإسلام أعظم في نفسي من
صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين
كذبوا، إن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال الله تعالى (التوبة 95، 96): * (سيحلفون بالله لكم إذا
انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم، إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء
بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم، فإن ترضوا عنهم فإن الله
لا يرضى عن القوم الفاسقين) * [96]
قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله تعالى فيه بذلك،
قال الله تعالى: * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) * وليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عن
الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. متفق عليه.
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان
يحب أن يخرج يوم الخميس.
وفي رواية: كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى، فإذا
قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه.
22 وعن أبي نجيد بضم النون وفتح الجيم عمران بن الحصين الخزاعي رضي الله
عنهما
أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله
72

أصبت حدا فأقمه علي. فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: " أحسن إليها فإذا وضعت
فائتني " ففعل، فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها
فرجمت ثم صلى عليها. فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله
وقد زنت؟ قال:
" لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل
وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟ " رواه مسلم.
23 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه
إلا التراب، ويتوب الله على من تاب " متفق عليه.
24 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان
الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد " متفق عليه.
73

باب الصبر
قال الله تعالى (آل عمران
200): * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) *. ورابطوا [آل عمران
وقال تعالى (البقرة 155): * (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال
والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين) *. وقال تعالى (الزمر 10): * (إنما يوفى
الصابرون أجرهم بغير حساب) *. وقال تعالى (الشورى 43): * (ولمن صبر وغفر إن
ذلك لمن عزم الأمور) *. وقال تعالى (البقرة 153): * (استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) *. وقال تعالى (محمد 31): * (ولنبلونكم حتى نعلم
المجاهدين منكم والصابرين) *.
والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة.
25 وعن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله
والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، الصلاة نور،
والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس
يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " رواه مسلم.
74

26 وعن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه
أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد
ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شئ بيده:
" ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله،
ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا
وأوسع من الصبر " متفق عليه.
27 وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد
إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر
فكان خيرا له " رواه مسلم.
28 وعن أنس رضي الله عنه قال
لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب. فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه!
فقال: " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " فلما مات قالت:
يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن
قالت فاطمة رضي الله عنها: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟!
رواه البخاري.
29 وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه وابن حبه
رضي الله عنهما قال:
75

أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم إن ابني قد احتضر فاشهدنا. فأرسل يقرئ السلام ويقول:
" إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى، فلتصبر
ولتحتسب " فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن
جبل وأبي ابن كعب وزيد بن ثابت ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟
فقال: " هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده. وفي رواية: في قلوب
من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " متفق عليه.
ومعنى " تقعقع ": تتحرك وتضطرب.
30 وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك:
إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر. فبعث إليه غلاما يعلمه،
وكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا
أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى
الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك
فقل حبسني الساحر.
فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس. فقال:
اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا فقال: اللهم إن
كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي
76

الناس. فرماها فقتلها ومضى الناس. فأتى الراهب فأخبره فقال له
الراهب: أي نبي أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى! وإنك
ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي.
وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر
الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال:
ما ها هنالك أجمع إن أنت شفيتني. فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي
الله تعالى فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن بالله فشفاه
الله تعالى. فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من
رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: أو لك رب غيري؟ قال: ربي
وربك الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام. فجئ بالغلام فقال
له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل
وتفعل! فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله تعالى. فأخذه فلم يزل
يعذبه حتى دل على الراهب. فجئ بالراهب فقيل له ارجع عن دينك
فأبى، فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه.
ثم جئ بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في
مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه.
ثم جئ بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى، فدفعه إلى نفر من
أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم
ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه. فذهبوا به فصعدوا به الجبل
77

فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى
الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى.
فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا
به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم
بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك. فقال له
الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى.
فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: ما هو؟
قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من
كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل بسم الله رب الغلام ثم
ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه
على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم
قال بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في
صدغه فمات.
فقال الناس: آمنا برب الغلام. فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت
تحذر قد والله نزل بك حذرك: قد آمن الناس.
فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال من
78

لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم. ففعلوا حتى جاءت
امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمه
اصبري فإنك على الحق " رواه مسلم.
" ذروة الجبل ": أعلاه، هي بكسر الذال المعجمة وضمها. و " القرقور " بضم القافين:
نوع من السفن. و " الصعيد " هنا: الأرض البارزة. و " الأخدود ": الشقوق في الأرض كالنهر
الصغير. و " أضرم ": أوقد. و " انكفأت ": أي انقلبت. و " تقاعست ": توقفت وجبنت.
31 وعن أنس رضي الله عنه قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي عند قبر فقال: " اتقي الله واصبري " فقالت: إليك
عني فإنك لم تصب بمصيبتي. ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم. فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم
فلم تجد عنده بوابين فقال: لم أعرفك! فقال: " إنما الصبر عند الصدمة
الأولى " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " تبكي على صبي لها ".
32 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من
أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة " رواه البخاري.
33 وعن عائشة رضي الله عنها
أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها أنه كان عذابا يبعثه الله تعالى
على من يشاء فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في
الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له
79

إلا كان له مثل أجر الشهيد " رواه البخاري.
34 وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما
الجنة " يريد عينيه. رواه البخاري.
35 وعن عطاء بن أبي رباح قال،
قال لي ابن عباس رضي الله عنه: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت:
بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله
تعالى لي. قال: " إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن
يعافيك " فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه.
36 وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم
ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:
" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " متفق عليه.
37 وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا
غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " متفق عليه.
و " الوصب ": المرض.
80

38 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا. قال:
" أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم " قلت: ذلك أن لك أجرين. قال:
" أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى: شوكة فما فوقها إلا كفر
الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها " متفق عليه.
و " الوعك ": مغث الحمى. وقيل: الحمى.
39 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من يرد الله به خيرا يصب منه " رواه البخاري.
وضبطوا " يصب " بفتح الصاد وكسرها.
40 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل:
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " متفق عليه.
41 وعن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في طل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا
تدعو لنا؟ فقال:
" قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها
ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط
81

الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه! والله ليتمن الله هذا
الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب
على غنمه ولكنكم تستعجلون! " رواه البخاري.
وفي رواية: " وهو متوسد بردة وقد لقينا من المشركين شدة ".
42 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من
الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في
القسمة. فقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله. فقلت: والله
لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأتيته فأخبرته بما قال فتغير وجهه حتى كان كالصرف ثم قال:
" فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟! ثم قال: " يرحم الله موسى قد
أوذي بأكثر من هذا فصبر " فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثا. متفق عليه.
وقوله " كالصرف " هو بكسر الصاد المهملة: وهو صبغ أحمر.
43 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده
الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة "
43 / 20 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله
تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله
السخط " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
82

44 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان ابن لأبي طلحة رضي الله عنه يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي. فلما رجع أبو
طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم وهي أم الصبي: هو أسكن ما كان. فقربت له
العشاء فتعشى ثم أصاب منها. فلما فرغ قالت: واروا الصبي.
فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: " أعرستم الليلة؟ "
قال: نعم. قال: " اللهم بارك لهما " فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة: أحمله حتى
تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم وبعث معه بتمرات. فقال: " أمعه شئ؟ " قال: نعم تمرات.
فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في في الصبي ثم
حنكه وسماه عبد الله. متفق عليه.
وفي رواية للبخاري قال ابن عيينة: فقال رجل من الأنصار فرأيت تسعة أولاد كلهم قد
قرؤوا القرآن (يعني من أولاد عبد الله المولود).
وفي رواية لمسلم: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها: لا تحدثوا
أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه. فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت
له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها، فلما أن رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت:
يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟
قال: لا. فقالت: فأحتسب ابنك. قال فغضب ثم قال: تركتني حتى إذا تلطخت ثم
أخبرتني بابني! فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
83

" بارك الله في ليلتكما "
قال فحملت. قال وكان رسول الله في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها
أبو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى.
تقول أم سليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق. فاطلقنا [لعله: فانطلقنا] وضربها
المخاض حين قدما فولدت غلاما. فقالت لي أمي: يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر تمام الحديث.
45 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
متفق عليه.
و " الصرعة " بضم الصاد وفتح الراء وأصله عند العرب: من يصرع الناس كثيرا.
46 وعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال:
كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان وأحدهما قد احمر وجهه وانتفخت
أوداجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو
قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد " فقالوا له إن النبي
صلى الله عليه وسلم قال تعوذ بالله من الشيطان الرجيم. متفق عليه.
84

47 وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه
وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين
ما شاء " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
48 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: " لا تغضب " فردد مرارا، قال:
" لا تغضب " رواه البخاري.
49 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله
تعالى وما عليه خطيئة " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
50 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر
رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا.
فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه. فاستأذن فأذن له
عمر. فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل.
85

فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى
قال لنبيه صلى الله عليه وسلم (الأعراف 198): * (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين) * [الأعراف
7 / 199] وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها، وكان وقافا عند كتاب
الله تعالى. رواه البخاري.
51 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها! " قالوا: يا رسول الله فما
تأمرنا؟ قال: " تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم "
متفق عليه.
و " الأثرة ": الانفراد بالشئ عمن له فيه حق.
52 وعن أبي يحيى أسيد بن حضير رضي الله عنه
أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ فقال:
" إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض "
متفق عليه.
و " أسيد " بضم الهمزة و " حضير " بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، والله
أعلم.
53 وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس قام
فيهم فقال:
" يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم
86

فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم
منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا
عليهم " متفق عليه،
وبالله التوفيق.
باب الصدق
قال الله تعالى (التوبة 119): * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، وكونوا مع الصادقين) *.
وقال تعالى (الأحزاب 35): * (والصادقين والصادقات) *. وقال تعالى (محمد 21): * (
فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) *.
وأما الأحاديث:
54 فالأول عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل
ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور
يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله
كذابا " متفق عليه.
87

55 الثاني عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال
حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق
طمأنينة والكذب ريبة " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
قوله: " يريبك " بفتح الياء وضمها. ومعناه: اترك ما تشك في حله واعدل إلى
ما لا تشك فيه.
56 الثالث عن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة
هرقل قال هرقل: فماذا يأمركم (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) قال أبو سفيان: قلت يقول
" اعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم،
ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة " متفق عليه.
57 الرابع عن أبي ثابت. وقيل أبي سعيد. وقيل أبي الوليد سهل بن حنيف
وهو بدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن
مات على فراشه " رواه مسلم.
58 الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" غزا نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فقال لقومه: لا يتبعني
رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد
88

بنى بيوتا لم يرفع شقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر
أولادها. فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس:
إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علينا. فحبست حتى فتح الله عليه
فجمع الغنائم فجاءت (يعني النار) لتأكلها فلم تطعمها فقال: إن
فيكم غلولا فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده فقال:
فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال:
فيكم الغلول. فجاءوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعها فجاءت النار
فأكلتها. فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا، ثم أحل الله لنا الغنائم، لما رأى ضعفنا
وعجزنا فأحلها لنا " متفق عليه.
و " الخلفات " بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام: جمع خلفة وهي الناقة الحامل.
59 السادس عن أبي خالد حكيم بن حزام رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما،
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما " متفق عليه.
89

باب المراقبة
قال الله تعالى (الشعراء 219، 220): * (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) *.
وقال تعالى (الحديد 4): * (وهو معكم أينما كنتم) *. وقال تعالى
(آل عمران 6): * (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) *. وقال
تعالى (الفجر 14): * (إن ربك لبالمرصاد) *. وقال تعالى (غافر 19): * (يعلم خائنة
الأعين وما تخفي الصدور) *.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
وأما الأحاديث
60 فالأول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض
الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال:
يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم
رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " قال صدقت. فعجبنا له
يسأله ويصدقه!
قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " قال صدقت.
90

قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن
تراه فإنه يراك "
قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل "
قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: " أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة
العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان! "
ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال: " يا عمر أتدري من السائل؟ " قلت: الله
ورسوله أعلم. قال: " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " رواه مسلم.
ومعنى " تلد الأمة ربتها ": أي سيدتها. ومعناه: أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية
بنتا لسيدها وبنت السيد في معنى السيد. وقيل غير ذلك. و " العالة ": الفقراء. وقوله
" مليا " أي زمانا طويلا، وكان ذلك ثلاثا.
61 الثاني عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله
عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق
حسن " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
91

62 الثالث عن ابن عباس رسول الله قال: كنت خلف النبي
صلى الله عليه وسلم يوما فقال:
" يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده
تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن
الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله
لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله
عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
62 / 3 وفي رواية غير الترمذي: عبد بن حميد وأحمد بن حنبل
" احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،
واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم
أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا ".
63 الرابع عن أنس رضي الله عنه قال:
إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات " رواه البخاري وقال " الموبقات ": المهلكات.
64 الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
92

" إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله
عليه " متفق عليه.
و " الغيرة " بفتح الغين وأصلها الأنفة.
65 السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن
يبتليهم فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أي شئ أحب إليك؟ قال:
لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. فمسحه
فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب
إليك؟ قال: الإبل أو قال البقر. (شك الراوي) فأعطي ناقة عشراء فقال
بارك الله لك فيها.
فأتى الأقرع فقال: أي شئ أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب
عني هذا الذي قذرني الناس. فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا.
قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر فأعطي بقرة حاملا قال
بارك الله لك فيها.
فأتى الأعمى فقال: أي شئ أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري
فأبصر الناس. فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: الغنم. فأعطي شاة والدا. فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من
الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم.
93

ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين قد
انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك
بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في
سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال: كأني أعرفك: ألم تكن أبرص يقذرك
الناس، فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر.
فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه
مثل ما رد هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل
انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك
بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد
الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشئ
أخذته لله عز وجل. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك
وسخط على صاحبيك " متفق عليه.
و " الناقة العشراء " بضم العين وفتح الشين وبالمد وهي: الحامل. قوله " أنتج " وفي
رواية " فنتج " معناه: تولى نتاجها. والناتج للناقة كالقابلة للمرأة. وقوله " ولد هذا " هو
بتشديد اللام: أي: تولى ولادتها. وهو بمعنى أنتج في الناقة. فالمولد والناتج والقابلة
بمعنى لكن هذا للحيوان وذاك لغيره.
قوله " انقطعت بي الحبال " هو بالحاء المهملة والباء
94

الموحدة: أي الأسباب. وقوله " لا أجهدك " معناه: لا أشق عليك في رد شئ تأخذه أو تطلبه
من مالي.
وفي رواية البخاري " لا أحمدك " بالحاء المهملة والميم ومعناه: لا أحمدك بترك شئ
تحتاج إليه، كما قالوا: ليس على طول الحياة ندم: أي على فوات طولها.
66 السابع عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع
نفسه هواها وتمنى على الله! " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
قال الترمذي وغيره من العلماء: معنى " دان نفسه ": حاسبها.
67 الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " حديث حسن رواه الترمذي وغيره.
68 التاسع عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته " رواه أبو داود وغيره.
باب التقوى
قال الله تعالى (آل عمران 102): * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) *.
وقال تعالى (التغابن 16): * (فاتقوا الله ما استطعتم) *. وهذه الآية مبينة للمراد
95

من الأولى. وقال الله تعالى (الأحزاب 70): * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، وقولوا قولا
سديدا) *.
والآيات في الأمر بالتقوى كثيرة معروفة.
وقال تعالى (الطلاق 2، 3): * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث
لا يحتسب) *. وقال تعالى (الأنفال 29): * (إن تتقوا الله يجعل لكم
فرقانا، ويكفر عنكم سيئاتكم. ويغفر لكم، والله ذو الفضل العظيم) *.
[الأنفال 8 / 29]
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
واما الأحاديث
69 وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: " أتقاهم " فقالوا: ليس عن هذا نسألك.
قال: " فيوسف نبي الله بن نبي الله بن نبي الله بن خليل الله " قالوا: ليس عن هذا
نسألك. قال: " فعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في
الإسلام إذا فقهوا " متفق عليه.
و " فقهوا " بضم القاف على المشهور وحكي كسرها: أي علموا أحكام الشرع.
70 الثاني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدنيا
96

حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون،
فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء "
رواه مسلم.
71 الثالث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى " رواه مسلم.
72 الرابع عن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى " رواه مسلم.
73 الخامس عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال:
" اتقوا الله وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم،
وأطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم "
رواه الترمذي في آخر كتاب الصلاة وقال حديث حسن صحيح.
97

باب اليقين والتوكل
قال الله تعالى (الأحزاب 22): * (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا
الله ورسوله وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) *.
وقال تعالى (آل عمران 173، 174): * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم،
فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم) *.
وقال تعالى (الفرقان 58): * (وتوكل على الحي الذي لا يموت) *.
وقال تعالى (إبراهيم 11): * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *.
وقال تعالى (آل عمران 159): * (فإذا عزمت فتوكل على الله) *.
والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة.
وقال تعالى (الطلاق 3): * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) *: أي كافيه.
وقال تعالى (الأنفال 2): * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا
تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، وعلى ربهم يتوكلون) *.
والآيات في فضل التوكل كثيرة معروفة.
وأما الأحاديث:
74 فالأول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله
عليه وعلى آله وسلم:
" عرضت على الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل
98

والرجلان والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي،
فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق. فنظرت فإذا سواد
عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه
أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب
ولا عذاب. فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم
الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" ما الذي تخوضون فيه؟ " فأخبروه فقال: " هم الذين لا يرقون ولا يسترقون
ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون "
فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: " أنت منهم "
ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: " سبقك بها عكاشة "
متفق عليه.
" الرهيط " بضم الراء: تصغير رهط: وهم دون العشرة أنفس. و " الأفق ": الناحية
والجانب. و " عكاشة " بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها والتشديد أفصح.
75 الثاني عن ابن عباس أيضا رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يقول:
" اللهم لك أسلمت، بك آمنت، وعليك توكلت، وإليك
99

أنبت، وبك خاصمت، اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن
تضلني، أنت الحي الذي لا تموت والجن الإنس يموتون "
متفق عليه. وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.
76 الثالث عن ابن عباس أيضا رضي الله عنه قال:
" حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار،
وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم
إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "
رواه البخاري.
وفي رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
" كان آخر قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار " حسبي الله ونعم الوكيل ".
77 الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير " رواه مسلم.
قيل معناه: متوكلون. وقيل: قلوبهم رقيقة. 78 الخامس عن جابر رضي الله عنه
أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معهم فأدركتهم
القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل
100

رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بها سيفه، ونمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا
عنده أعرابي فقال:
" إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا
قال: من يمنعك مني؟ قلت: الله ثلاثا " ولم يعاقبه وجلس. متفق عليه.
وفي رواية قال جابر: عبد الله الأنصاري
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه فقال:
تخافني؟ قال " لا " فقال: فمن يمنعك مني؟ قال " الله "
وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في صحيحه فقال: من يمنعك مني؟ قال
" الله " فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال: " من يمنعك
مني؟ " فقال: كن خير آخذ. فقال: " تشهد أن لا إله إلا الله وأني
رسول الله؟ " قال: لا ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى
سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.
قوله " قفل ": أي رجع.
و " العضاه ": الشجر الذي له شوك. و " السمرة " بفتح
السين وضم الميم: الشجرة من الطلح وهي العظام من شجر العضاه. و " اخترط السيف "
أي سله وهو في يده. " صلتا ": أي مسلولا. وهو بفتح الصاد وضمها.
79 السادس عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو
خماصا وتروح بطانا " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
101

معناه: تذهب أول النهار " خماصا ": أي ضامرة البطون من الجوع. ترجع آخر النهار
" بطانا ": أي ممتلئة البطون.
80 السابع عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك،
ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك
رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك
الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإنك إن مت من ليلتك مت على
الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيرا " متفق عليه.
وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا آتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك
الأيمن وقل " وذكر نحوه. ثم قال " واجعلهن آخر ما تقول ".
81 الثامن عن أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن
كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه، وهو
وأبوه وأمه صحابة، رضي الله عنهم قال
نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن
102

أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: " ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله
ثالثهما " متفق عليه.
82 التاسع عن أم المؤمنين أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة المخزومية
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال:
بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو
أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي "
حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة. قال الترمذي
حديث حسن صحيح. وهذا لفظ أبي داود.
83 العاشر عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قال (يعني إذا خرج من بيته): بسم الله، توكلت على الله، ولا حول
ولا قوة إلا بالله. يقال له: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عنه
الشيطان " رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم
وقال الترمذي حديث حسن. زاد أبو داود: فيقول (يعني الشيطان) لشيطان
آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟ ".
84 وعن أنس رضي الله عنه قال: بن مالك رضي الله عنه قال
" كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف، فشكا
المحترف أخاه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لعلك ترزق به " رواه الترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم.
103

" يحترف ": يكتسب ويتسبب.
باب الاستقامة
قال الله تعالى (هود 112): * (فاستقم كما أمرت) *.
وقال تعالى (فصلت 30، 31، 32): * (إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا،
وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم، ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم) *.
وقال تعالى (الأحقاف 13، 14): * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء
بما كانوا يعملون) *.
85 وعن أبي عمرو. وقيل: أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال: " قل آمنت
بالله ثم استقم " رواه مسلم.
86 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قاربوا، وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله " قالوا: ولا أنت
يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " رواه مسلم.
و " المقاربة ": القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير. و " السداد ": الاستقامة والإصابة.
و " يتغمدني ": يلبسني ويسترني.
104

قال العلماء: الاستقامة: لزوم طاعة الله تعالى. قالوا: وهي من جوامع الكلم،
وهي نظام الأمور، وبالله التوفيق.
باب التفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى
وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس
وتهذيبها وحملها على الاستقامة
قال الله تعالى (سبأ 46): * (قل إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم
تتفكروا) *.
وقال تعالى (آل عمران 190، 191): * (إن في خلق السماوات والأرض
واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما
وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت
هذا باطلا سبحانك) *. الآيات. وقال
تعالى (الغاشية 17 21): * (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت،
وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، فذكر إنما أنت
مذكر) *. وقال تعالى (محمد 10): * (أفلم يسيروا في الأرض
فينظروا) * الآية.
والآيات في الباب كثيرة.
ومن الأحاديث الحديث السابق
(رقم 66): " الكيس من دان نفسه ".
105

باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير
على الإقبال عليه بالجد من غير تردد
قال الله تعالى (البقرة 148): * (فاستبقوا الخيرات) *. وقال تعالى (آل عمران 133): *
(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت
للمتقين) *.
87 وأما الأحاديث:
فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي
مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا! "
رواه مسلم.
88 الثاني عن أبي سروعة " بكسر السين المهملة وفتحها " عقبة بن الحارث رضي الله
عنه قال:
صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض
حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته. قال:
" ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته "
رواه البخاري.
106

وفي رواية له: " كنت خلفت في البيت تبرا من الصدقة فكرهت أن
أبيته ".
" التبر ": قطع ذهب أو فضة.
89 الثالث عن جابر رضي الله عنه قال،
قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: " في الجنة "
فألقى تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل. متفق عليه.
90 الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال:
" أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى،
ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان
لفلان " متفق عليه.
" الحلقوم ": مجرى النفس. والمرئ: مجرى الطعام والشراب.
91 الخامس عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال: " من يأخذ مني هذا؟ " فبسطوا
أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا أنا. فقال: " فمن يأخذه بحقه؟ " فأحجم القوم.
فقال أبو دجانة رضي الله عنه: أنا آخذه بحقه. فأخذه ففلق به هام المشركين. رواه مسلم.
اسم أبي دجانة: سماك بن خرشة. قوله " أحجم القوم ": أي توقفوا. و " فلق به ": أي
شق. هام المشركين ": أي رؤوسهم.
92 السادس عن الزبير بن عدي قال:
أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا الذي نلقى من الحجاج. فقال: " اصبروا
107

فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم " سمعته من
نبيكم صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
93 السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بادروا بالأعمال سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا،
أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب
ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر " رواه الترمذي وقال حديث حسن. 94 الثامن عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:
" لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه "
قال عمر رضي الله عنه: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن
أدعى لها. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فأعطاه إياها وقال:
" امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك " فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت
فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: " قاتلهم حتى يشهدوا أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم
وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " رواه مسلم.
قوله " فتساورت " هو بالسين المهملة: أي وثبت متطلعا.
108

11 باب المجاهدة
قال الله تعالى (العنكبوت 69): * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع
المحسنين) *. وقال تعالى (الحجر 99): * (واعبد ربك حتى يأتيك
اليقين) *. وقال تعالى (المزمل 8): * (واذكر اسم ربك، وتبتل إليه
تبتيلا) * أي انقطع إليه. وقال تعالى (الزلزلة 7): * (فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره) *. وقال تعالى (المزمل 20): * (وما تقدموا لأنفسكم من
خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) *. وقال تعالى (البقرة 273): *
(وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) *. والآيات في الباب كثيرة معلومة.
واما الأحاديث
95 وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب
إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي
يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني
109

لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري.
" آذنته ": أعلمته بأني محارب له. " استعاذني " روي بالنون وبالباء.
96 الثاني عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز
وجل قال:
" إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا
تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة " رواه البخاري.
97 الثالث عن ابن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ "
رواه البخاري.
98 الرابع عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لم تصنع هذا يا
رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:
110

" أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا " متفق عليه.
هذا لفظ البخاري. ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة.
99 الخامس عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد
وشد المئزر " متفق عليه.
والمراد العشر الأواخر من شهر رمضان. و " المئزر ": الإزار وهو: كناية عن اعتزال النساء. وقيل
المراد: تشميره للعبادة. يقال: شددت لهذا الأمر مئزري: أي تشمرت وتفرغت له.
100 السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير،
احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل
لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو
تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم.
101 السابع عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " حفت " بدل " حجبت " وهو بمعناه: أي بينه وبينها هذا الحجاب
فإذا فعله دخلها. 102 الثامن عن أبي عبد الله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت
يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران
فقرأها، يقرأ مترسلا: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ
111

تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: " سبحان ربي العظيم " فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال
" سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " ثم قام قياما طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد
فقال: " سبحان ربي الأعلى " فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم.
103 التاسع عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء. قيل:
وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه.
104 العاشر عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد:
يرجع أهله وماله ويبقى عمله " متفق عليه.
105 الحادي عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك "
رواه البخاري.
106 الثاني عشر عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن
أهل الصفة رضي الله عنهم قال:
كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته. فقال: " سلني " فقلت:
أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: " أو غير ذلك؟ " قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على
نفسك بكثرة السجود " رواه مسلم.
112

107 الثالث عشر عن أبي عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن ثوبان
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها
درجة، وحط عنك بها خطيئة " رواه مسلم.
108 الرابع عشر عن أبي صفوان عبد الله بن بسر الأسلمي رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خير الناس من طال عمره وحسن عمله "
رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
109 الخامس عشر عن أنس رضي الله عنه قال
غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت
عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله
ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم أعتذر إليك
مما صنع هؤلاء (يعني أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعني
المشركين) ثم تقدم فاستقبله سعد ابن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ الجنة
ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد! فقال سعد: فما استطعت يا
رسول الله ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو
طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه
113

أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه
وفي أشباهه (الأحزاب 23): * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) *
إلى آخرها. متفق عليه.
قوله " ليرين الله " روي بضم الياء وكسر الراء: أي ليظهرن الله ذلك للناس. وروي
بفتحهما ومعناه ظاهر، والله أعلم.
110 السادس عشر عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال:
لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشئ كثير فقالوا:
مراء، وجاء رجل آخر فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا! فنزلت (التوبة 79): * (الذين
يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا
جهدهم) * الآية، متفق عليه [هذا لفظ البخاري].
و " نحامل " بضم النون، وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة ويتصدق بها.
111 السابع عشر عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس
الخولاني عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك
وتعالى أنه قال:
" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما
فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا
عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم
عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل
والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن
114

تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم
وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد
ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا
على أفجر قلب رجل ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو
أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت
كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل
البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن
وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه "
قال سعيد: كان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. رواه مسلم.
وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قال: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا
الحديث.
باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر
[112 116]
قال الله تعالى (فاطر 37): * (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير) *
قال ابن عباس والمحققون: معناه: أولم نعمركم ستين سنة، ويؤيده
الحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى. وقيل معناه: ثماني عشرة سنة. وقيل: أربعين سنة.
قاله الحسن والكلبي ومسروق، ونقل عن ابن عباس أيضا، ونقلوا أن أهل المدينة
كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة. وقيل هو: البلوغ.
وقوله تعالى: * (وجاءكم النذير) * قال ابن عباس والجمهور: هو النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: الشيب. قاله عكرمة وابن عيينة وغيرهما، والله أعلم.
115

112 وأما الأحاديث
فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة " رواه البخاري.
قال العلماء: معناه: لم يترك له عذرا إذ أمهله هذه المدة. يقال: أعذر الرجل إذا بلغ الغاية
في العذر.
113 الثاني عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في
نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم. فدعاني ذات
يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قول الله تعالى: *
(إذا جاء يصر الله والفتح) *؟ فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله
ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. فقال لي: أكذلك تقول يا ابن
عباس؟ فقلت لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: *
(إذا جاء نصر الله والفتح) * وذلك علامة أجلك * (فسبح بحمد ربك
واستغفره إنه كان توابا) * [الفتح: 3] فقال عمر رضي الله عنه: ما أعلم منها إلا
ما تقول. رواه البخاري.
114 الثالث عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه * (إذا جاء نصر الله والفتح) *
إلا يقول فيها " سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي "
متفق عليه.
116

وفي رواية في الصحيحين عنها:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده " سبحانك اللهم ربنا
وبحمدك اللهم اغفر لي " يتأول القرآن.
معنى " يتأول القرآن ": أي يعمل ما أمر به في القرآن في قوله تعالى: * (فسبح بحمد
ربك واستغفره) * وفي رواية لمسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت
" سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك " قالت عائشة قلت:
يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: " جعلت لي علامة في أمتي
إذا رأيتها قلتها * (إذا جاء نصر الله والفتح) * إلى آخر السورة.
وفي رواية له: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول:
" سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه " قالت قلت:
يا رسول الله أراك تكثر من قول " سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه "؟ فقال:
" أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان
الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه. فقد رأيتها * (إذا جاء نصر الله
والفتح) *: فتح مكة * (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح
بحمد ربك، واستغفره إنه كان توابا) *.
115 الرابع عن أنس رضي الله عنه قال:
إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي
أكثر ما كان الوحي. متفق عليه.
116 الخامس عن جابر رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
117

يبعث كل عبد على ما مات عليه " رواه مسلم.
باب بيان كثرة طرق الخير
قال الله تعالى (البقرة 215): * (وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) *. وقال
تعالى (البقرة 197): * (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) *. وقال تعالى (الزلزلة 7): * (فمن
يعمل مثقال ذرة خيرا يره) *. وقال تعالى (الجاثية 15): * (من عمل صالحا
فلنفسه) *. والآيات في الباب كثيرة.
وأما الأحاديث فكثيرة جدا وهي غير منحصرة فنذكر طرفا منها:
الأول عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: " الإيمان بالله والجهاد في
سبيله " قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: " أنفسها عند أهلها وأكثرها
ثمنا " قلت: فإن لم أفعل؟ قال: " تعين صانعا أو تصنع لأخرق " قلت:
يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: " تكف شرك عن الناس فإنها
صدقة منك على نفسك " متفق عليه.
" الصانع " بالصاد المهملة هذا هو المشهور. وروي " ضائعا " بالمعجمة: أي ذا ضياع من فقر
أو عيال ونحو ذلك. و " الأخرق ": الذي لا يتقن ما يحاول فعله.
118 الثاني عن أبي ذر أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة،
وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر
118

بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما
من الضحى " رواه مسلم.
" السلامي " بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.
119 الثالث عنه رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها
الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في
المسجد لا تدفن " رواه مسلم.
120 الرابع عنه رضي الله عنه
أن ناسا قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور: يصلون كما نصلي، ويصومون
كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: " أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون
به: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل
تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم
صدقة "
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: " أرأيتم لو
وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له
أجر " رواه مسلم.
119

" الدثور " بالثاء المثلثة: الأموال واحدها دثر.
121 الخامس عنه رضي الله عنه قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق " رواه مسلم.
122 السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل
بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو يرفع له عليها
متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة،
وتميط الأذى عن الطريق صدقة " متفق عليه.
ورواه مسلم أيضا من رواية عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل. فمن كبر
الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن
طريق الناس، أو شوكة أو عظما عن طريق الناس، أو أمر بمعروف، أو نهي عن
منكر عدد الستين والثلاثمائة فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن
النار ".
123 السابع عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو
راح " متفق عليه.
" النزل ": القوت والرزق وما يهيأ للضيف.
120

124 الثامن عنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة "
متفق عليه.
قال الجوهري: الفرسن من البعير كالحافر من الدابة. قال: وربما استعير في الشاة.
125 التاسع عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا
الله، وأدناها إماطة الأذى الطريق. والحياء شعبة من الإيمان "
متفق عليه.
" البضع ": من ثلاثة إلى تسعة بكسر الباء وقد تفتح. و " الشعبة ": القطعة.
126 العاشر عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها
فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش. فقال
الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل
البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له
فغفر له " قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: " في كل كبد رطبة
أجر " متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: " فشكر الله له فغفر له فأدخله الجنة "
121

وفي رواية لهما " بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذ
رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته
فغفر لها به ".
" الموق ": الخف. و " يطيف ": يدور حول " ركية " وهي: البئر.
127 الحادي عشر عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق
كانت تؤذي المسلمين " رواه مسلم.
وفي رواية له:
" مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن
المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة "
وفي رواية لهما
" بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره
فشكر الله له فغفر له ".
128 الثاني عشر عنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له
ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا " رواه
مسلم.
122

129 الثالث عشر عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل
خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه
خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر
الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع
آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب " رواه مسلم.
130 الرابع عشر عنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم.
131 الخامس عشر عنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ " قالوا:
بلى يا رسول الله. قال: " إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط " رواه مسلم
132 السادس عشر عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
123

" من صلى البردين دخل الجنة " متفق عليه.
" البردان ": الصبح والعصر.
133 السابع عشر عنه رص قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا "
رواه البخاري.
134 الثامن عشر عن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كل معروف صدقة " رواه البخاري.
ورواه مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه.
135 التاسع عشر عنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له
صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة " رواه مسلم.
وفي رواية له: " فلا يغرس
المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم
القيامة "
وفي رواية له: " لا يغرس مسلم
غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شئ إلا كانت له
صدقة "
وروياه جميعا من رواية أنس رضي الله عنه.
قوله " يرزؤه ": أي ينقصه.
124

136 العشرون عنه رضي الله عنه قال
أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: " إنه
بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ " فقالوا: نعم يا رسول الله قد
أردنا ذلك. فقال: " بني سلمة: دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب
آثاركم " رواه مسلم.
وفي رواية: " إن بكل خطوة درجة " رواه مسلم
ورواه البخاري أيضا بمعناه من رواية أنس رضي الله عنه.
و " بنو سلمة ": قبيلة معروفة من الأنصار رضي الله عنه. و " آثارهم ":
خطاهم.
137 الحادي والعشرون عن أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه قال:
كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة، فقيل له أو فقلت
له: لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ فقال: ما يسرني أن منزلي إلى
جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا
رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد جمع الله لك ذلك كله " رواه مسلم.
وفي رواية: " إن لك ما احتسبت ".
" الرمضاء ": الأرض التي أصابها الحر الشديد.
138 الثاني والعشرون عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
125

" أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها
رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة " رواه البخاري.
" المنيحة ": أن يعطيه إياها ليأكل لبنها ثم يردها إليه.
139 الثالث والعشرون عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول:
" اتقوا النار ولو بشق تمرة " متفق عليه.
وفي رواية لهما عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا
سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم،
وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار
تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة ".
140 الرابع والعشرون عن أنس رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب
الشربة فيحمده عليها " رواه مسلم.
" الأكلة " بفتح الهمزة: هي الغدوة أو العشوة.
141 الخامس والعشرون عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
126

" على كل مسلم صدقة " قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: " يعمل بيديه فينفع
نفسه ويتصدق " قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: " يعين ذا الحاجة الملهوف "
قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: " يأمر بالمعروف أو الخير " قال: أرأيت إن لم
يفعل؟ قال: " يمسك عن الشر فإنها صدقة " متفق عليه.
14 باب الاقتصاد في العبادة
قال الله تعالى (طه 1، 2): * (طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) *. وقال
تعالى (البقرة 185): * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) *.
142 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة. قال: " من هذه؟ " قالت: هذه فلانة تذكر
من صلاتها. قال: " مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا "
وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه. متفق عليه.
و " مه ": كلمة نهي وزجر. ومعنى " لا يمل الله ": لا يقطع ثوابه عنكم وجزاء
أعمالكم ويعاملكم معاملة المال " حتى تملوا " فتتركوا. فينبغي لكم أن تأخذوا ما تطيقون
الدوام عليه ليدوم ثوابه لكم وفضله عليكم.
143 وعن أنس رضي الله عنه قال:
" جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا
كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال
أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا
أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال:
" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،
127

لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي
فليس مني! " متفق عليه.
144 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" هلك المتنطعون! " قالها ثلاثا. رواه مسلم.
" المتنطعون ": المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد.
145 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الدين يسر، ولن يشاد الدين إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا
واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة " رواه البخاري.
وفي رواية له: " سددوا، وقاربوا، واغدوا
وروحوا، وشئ من الدلجة، القصد القصد تبلغوا "
قوله " الدين " هو مرفوع على ما لم يسم فاعله. وروي منصوبا. وروي " لن يشاد
الدين أحد ". وقوله صلى الله عليه وسلم: " إلا غلبه ": أي غلبه الدين وعجز ذلك المشاد عن مقاومة
الدين لكثرة طرقه. و " الغدوة ": سير أول النهار. و " الروحة " آخر النهار. و " الدلجة "
آخر الليل. وهذا استعارة وتمثيل. ومعناه: استعينوا على طاعة الله عز وجل بالأعمال في وقت
نشاطكم وفراغ قلوبكم بحيث تستلذون العبادة ولا تسأمون وتبلغون مقصودكم، كما أن
المسافر الحاذق يسير في هذه الأوقات ويستريح هو ودابته في غيرها فيصل المقصود بغير
تعب، والله أعلم.
146 وعن أنس رضي الله عنه قال:
دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: " ما هذا الحبل؟ "
128

قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " حلوه، ليصل
أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد " متفق عليه.
147 وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن
أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه " متفق عليه.
148 وعن أبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدا، وخطبته
قصدا " رواه مسلم.
قوله " قصدا ": أي بين الطول والقصر. 149 وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال:
آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء
متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء
أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى نأكل. فأكل،
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم. فلما كان
من آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا جميعا، فقال له سلمان: إن لربك عليك
حقا، وإن لنفسك عليك حقا، لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق
حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صدق سلمان " رواه البخاري.
129

150 وعن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت. فقال ر
سول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت الذي تقول ذلك؟ " فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول
الله. قال: " فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر ونم وقم، وصم من الشهر
ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر " قلت: فإني أطيق
أفضل من ذلك. قال: " فصم يوما وأفطر يومين " قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك.
قال: " فصم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل ا
لصيام " وفي رواية: " هو أفضل الصيام " فقلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أفضل من ذلك " ولأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أهلي ومالي. متفق عليه
وفي رواية " ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم
الليل؟ " قلت: بلى يا رسول الله. قال: " فلا تفعل، صم وأفطر ونم وقم، فإن
لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا
، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام
فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر " فشددت فشدد علي.
قلت: يا رسول الله إني أجد قوة. قال: " صم صيام نبي الله داود ولا تزد عليه "
قلت: وما كان صيام داود؟ قال: " نصف الدهر " فكان عبد الله يقول بعد ما كبر:
يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم!
وفي رواية: " ألم أخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ
القرآن كل ليلة " فقلت: بلى يا رسول الله ولم أرد بذلك إلا الخير. قال: " فصم
صوم نبي الله داود فإنه كان أعبد الناس، واقرأ القرآن في كل شهر " قلت:
130

يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال: " فاقرأه في كل عشرين " قلت: يا نبي الله
إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال: " فاقرأه في كل عشر " قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل
من ذلك؟ قال: " فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك " فشددت فشدد علي، وقال
لي النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر " قال: فصرت إلى الذي قال لي
النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية: " وإن لولدك عليك حقا "
وفي رواية: " لا صام من صام الأبد " ثلاثا.
وفي رواية: " أحب الصيام إلى الله صيام
داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان ينام نصف الليل
ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا
لاقى "
وفي رواية قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، وكان
يتعاهد كنته: أي امرأة ولده، فيسألها عن بعلها فتقول له: نعم الرجل من
رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه! فلما طال ذلك عليه ذكر ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " القني به " فلقيته بعد فقال: " كيف تصوم؟ " قلت: كل يوم.
قال: " وكيف تختم؟ " قلت: كل ليلة. وذكر نحو ما سبق. وكان يقرأ
على بعض أهله السبع الذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن
يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام مثلهن كراهية أن يترك شيئا فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
كل هذه الروايات صحيحة معظمها في الصحيحين وقليل منها في أحدهما.
131

151 وعن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب أحد كتاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال:
سبحان الله! ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي
عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا.
قال أبو بكر رضي الله عنه: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما ذاك؟ "
قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك
عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر
لصافحتكم الملائكة في فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة
وساعة " ثلاث مرات. رواه مسلم.
قوله: " ربعي " بكسر الراء. " والأسيدي " بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة
مشددة وقوله " عافسنا " هو بالعين والسين المهملتين،: أي عالجنا ولاعبنا.
و " الضيعات ": المعايش.
152 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في
الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مروه فليتكلم
وليستظل وليقعد وليتم صومه " رواه البخاري.
132

باب المحافظة على الأعمال
قال الله تعالى (الحديد 16): * (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل
من الحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست
قلوبهم) *.
قال تعالى (الحديد 27): * (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه
الإنجيل، وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة، ورهبانية ابتدعوها ما
كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها) *.
قال تعالى (النحل 92): * (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) *.
قال تعالى (الحجر 99): * (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) *.
[الحجر 15 / 99]
وأما الأحاديث فمنها
حديث عائشة: وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه
عليه. وقد سبق في الباب قبله (حديث رقم 142).
153 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من نام عن حزبه من الليل أو عن شئ منه فقرأه ما بين صلاة الفجر
وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل " رواه مسلم.
133

154 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل "
متفق عليه.
155 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى
من النهار ثنتي [اثنتي] عشرة ركعة. رواه مسلم.
باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها
قال الله تعالى (الحشر 7): * (وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا) *.
قال تعالى (النجم 3، 4): * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) *.
قال تعالى (آل عمران 31): * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله،
ويغفر لكم ذنوبكم) *. قال تعالى (الأحزاب 21): * (لقد كان لكم في
رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) *.
قال تعالى (النساء 65): * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم،
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما) *.
قال تعالى (النساء 59): * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الآخر) *. قال العلماء: معناه: إلى الكتاب والسنة. قال
تعالى (النساء 80): * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) *. قال تعالى (الشورى 52، 53): * (وإنك
لتهدي إلى صراط مستقيم) *. قال تعالى (النور 63): *
134

(فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *.
قال تعالى (الأحزاب 34): * (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله
والحكمة) *.
والآيات في الباب كثيرة.
وأما الأحاديث:
156 فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم
على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه
ما استطعتم " متفق عليه.
157 الثاني عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون.
فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال:
" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد [حبشي]،
وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا! فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن
كل بدعة ضلالة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
" النواجذ " بالذال المعجمة: الأنياب وقيل الأضراس.
135

158 الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال:
" من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري.
159 الرابع عن أبي مسلم، وقيل: أبي إياس سلمة بن عمر بن الأكوع رضي الله
عنه
أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: " كل بيمينك " قال: لا أستطيع.
قال: " لا استطعت! " ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم.
160 الخامس عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها
القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه. ثم خرج يوما فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلا
باديا صدره فقال:
" عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ".
161 السادس عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم قال:
" إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم " متفق عليه.
136

162 السابع عنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا،
فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا
وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء
ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به
فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت
به " متفق عليه.
" فقه " بضم القاف على المشهور وقيل بكسرها: أي صار فقيها.
163 الثامن عن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها
وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي "
رواه مسلم.
" الجنادب " نحو الجراد. والفراش، هذا المعروف الذي يقع في النار. و " الحجز "
جمع حجزة وهي: معقد الإزار والسراويل.
164 التاسع عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق
الأصابع والصحفة وقال:
137

" إنكم لا تدرون في أيه البركة " رواه مسلم.
وفي رواية له:
" إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى
وليأكلها ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق
أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة "
وفي رواية له:
" إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شئ من شأنه حتى يحضره عند
طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى
فليأكلها ولا يدعها للشيطان ".
165 العاشر عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال:
" يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلا * (كما
بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) * (الأنبياء 103) ألا وإن
أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من
أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك
لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: * (وكنت عليهم
138

شهيدا ما دمت فيهم) * إلى قوله: * (العزيز الحكيم) * (المائدة 117، 118)
فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " متفق عليه.
" غرلا ": أي غير مختونين.
166 الحادي عشر عن أبي سعيد عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف وقال: " إنه لا يقتل الصيد، ولا ينكأ
العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن " متفق عليه.
وفي رواية: أن قريبا لابن مغفل خذف فنهاه وقال إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: " إنها لا تصيد صيدا " ثم عاد فقال: أحدثك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم عدت تخذف! لا أكلمك أبدا.
167 وعن عابس بن ربيعة قال:
رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر (يعني الأسود)
ويقول: إني أعلم أنك حجر ما تنفع ولا تضر، ولولا إني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. متفق عليه.
17 باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
وما يقوله من دعي إلى ذلك وأمر بمعروف أو نهي عن منكر
قال الله تعالى (النساء 65): * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم
لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما) *. وقال
139

تعالى (النور 51): * (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن
يقولوا: سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون) *.
وفيه من الأحاديث
حديث أبي هريرة المذكور في أول الباب قبله (انظر الحديث رقم 156) وغيره من الأحاديث
فيه.
168 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم * (لله ما في السماوات وما في الأرض، وإن تبدوا
ما في أنفسكم أو تخفوه يحسبكم به الله) * الآية (البقرة 283) اشتد
ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي
رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والجهاد والصيام والصدقة وقد أنزلا عليك
هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟!
بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم
وذلت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله،
وقالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) * (البقرة 285) فلما فعلوا ذلك
نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لها
140

ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) *
قال نعم * (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من
قبلنا) * قال نعم * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) *
قال نعم * (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم
الكافرين) * (البقرة 286) قال نعم. رواه مسلم.
18 باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور
قال الله تعالى (يونس 32): * (فماذا بعد الحق إلا الضلال) *. وقال تعالى (الأنعام 8): *
(ما فرطنا في الكتاب من شئ) *.
وقال تعالى (النساء 59): * (فإن تنازعتم في
شئ فردوه إلى الله والرسول) *: أي الكتاب والسنة. وقال تعالى (الأنعام 153): *
(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) *.
وقال تعالى (آل عمران 31): * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله،
ويغفر لكم ذنوبكم) *. والآيات في الباب كثيرة معلومة.
وأما الأحاديث فكثيرة جدا وهي مشهورة فنقتصر على طرف منها:
169 عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه.
141

وفي رواية لمسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".
170 وعن جابر رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه
منذر جيش يقول " صبحكم ومساكم " ويقول: " بعثت أنا والساعة
كهاتين " ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول: " أما بعد فإن خير
الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور
محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " ثم يقول: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه: من
ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي " رواه مسلم.
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه حديثه السابق (انظر الحديث رقم 157) في باب المحافظة
على السنة.
19 باب من سن سنة حسنة أو سيئة
قال الله تعالى (الفرقان 24): * (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة
أعين، واجعلنا للمتقين إماما) *. وقال تعالى (الأنبياء 73): * (وجعلناهم
أئمة يهدون بأمرنا) *.
171 وعن أبي عمرو، جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء
142

متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى
بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: *
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * إلى آخر الآية *
(إن الله كان عليكم رقيبا) * (النساء 1) والآية التي في آخر الحشر *
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، ولتنظر نفس ما قدمت لغد) *
تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من
صاع تمره حتى قال: " ولو بشق تمرة "
فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى
رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من
غير أن ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه
وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ "
رواه مسلم.
قوله " مجتابي النمار " هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة. " النمار " جمع نمرة
وهي كساء من صوف مخطط. ومعنى " مجتابيها ": لابسيها قد خرقوها في رؤوسهم.
والجوب: القطع، ومنه قول الله تعالى (الفجر 9): * (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) *:
أي نحتوه وقطعوه. وقوله " تمعر " هو بالعين المهملة: أي تغير. وقوله
" رأيت كومين " بفتح الكاف وضمها، أي: صبرتين. وقوله " كأنه مذهبة " هو بالذال
143

المعجمة وفتح الهاء والباء الموحدة. قاله القاضي عياض وغيره. وصحفه بعضهم فقال:
" مدهنة " بدال مهملة وضم الهاء وبالنون، وكذا ضبطه الحميدي، والصحيح المشهور هو
الأول. والمراد به على الوجهين: الصفاء والاستنارة.
172 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها
لأنه كان أول من سن القتل " متفق عليه.
20 باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة
قال تعالى (القصص 87): * (وادع إلى ربك) *. وقال تعالى (النحل 125): * (ادع إلى
سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) *. وقال تعالى (المائدة 2): *
(وتعاونوا على البر والتقوى) *. وقال تعالى (آل عمران 84): * (ولتكن منكم أمة
يدعون إلى الخير) *.
173 وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من دل على خير فله مثل أجر فاعله " رواه مسلم.
174 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك
من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه
لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " رواه مسلم.
144

175 وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يوم خيبر:
" لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح
الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: " أين علي بن أبي
طالب؟ " فقيل: يا رسول الله هو يشتكي عينيه. قال: " فأرسلوا إليه " فأتي به
فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية.
فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال:
" انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام،
وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك
رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " متفق عليه.
قوله " يدوكون ": أي يخوضون ويتحدثون. قوله " رسلك " بكسر الراء وبفتحها
لغتان والكسر أفصح.
176 وعن أنس رضي الله عنه أن فتى من أسلم قال:
يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به؟ قال: " ائت فلانا فإنه قد
كان تجهز فمرض. فأتاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي
تجهزت به. فقال: يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به، ولا تحبسي منه شيئا، فوالله لا تحبسي
منه شيئا فيبارك لك فيه " رواه مسلم.
145

21 باب التعاون على البر والتقوى
قال الله تعالى (المائدة 2): * (وتعاونوا على البر والتقوى) *. وقال تعالى
(العصر 1، 2، 3): * (والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات،
وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر) *
قال الإمام الشافعي رحمه الله كلاما معناه: إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه
السورة
177 وعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير
فقد غزا " متفق عليه.
178 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى بني لحيان من هذيل فقال: " لينبعث من كل
رجلين أحدهما والأجر بينهما " رواه مسلم.
179 وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: " من القوم؟ " قالوا: المسلمون.
فقالوا: من أنت؟ قال: " رسول الله " فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال:
" نعم ولك أجر " رواه مسلم.
146

180 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا،
طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين " متفق عليه.
وفي رواية: " الذي يعطي ما أمر به " وضبطوا " المتصدقين " بفتح
القاف مع كسر النون على التثنية، وعكسه على الجمع، وكلاهما صحيح.
22 الباب النصيحة
قال الله تعالى (الحجرات 10): * (إنما المؤمنون إخوة) *. وقال تعالى إخبارا عن
نوح صلى الله عليه وسلم (الأعراف 62): * (وأنصح لكم) * وعن هود صلى الله عليه وسلم (الأعراف 68): * (وأنا لكم ناصح
أمين) *. وأما الأحاديث:
181 فالأول عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الدين النصيحة " قلنا: لمن؟ قال: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم " رواه مسلم.
182 الثاني عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل
مسلم " متفق عليه.
147

183 الثالث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه.
23 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال الله تعالى (آل عمران 104): * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف،
وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون) *. وقال تعالى (آل عمران 110): *
(كنتم خير أمة أخرجت للناس: تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) *.
وقال تعالى (الأعراف 199): * (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين) *.
وقال تعالى (التوبة 71): * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض:
يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر) *. وقال تعالى (المائدة 78): * (لعن الذين
كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا
يعتدون: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون) *.
وقال تعالى (الكهف 29): * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر) *. وقال تعالى (الحجر 94): * (فاصدع بما تؤمر) *.
وقال تعالى (الأعراف 165): * (فأنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب
بئيس بما كانوا يفسقون) *. والآيات في الباب كثيرة معلومة.
وأما الأحاديث
148

184 فالأول عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم
يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم.
185 الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون
وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف
يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو
مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن،
وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " رواه مسلم.
186 الثالث عن أبي الوليد عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط
والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا
بواحا عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا
لا نخاف في الله لومة لائم " متفق عليه.
" المنشط والمكره " بفتح ميميهما: أي في السهل والصعب. و " الأثرة ": الاختصاص
بالمشترك. وقد سبق بيانها (انظر الحديث رقم 51). " بواحا " بفتح الباء الموحدة بعدها واو ثم ألف ثم حاء مهملة:
أي ظاهرا لا يحتمل تأويلا.
187 الرابع عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
149

" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على
سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا
استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا
ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على
أيديهم نجوا ونجوا جميعا " رواه البخاري.
" القائم في حدود الله " معناه: المنكر لها القائم في دفعها وإزالتها. والمراد
بالحدود: ما نهى الله عنه. و " استهموا ": اقترعوا.
188 الخامس عن أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية حذيفة رضي الله عنها عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون. فمن كره فقد برئ،
ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع! " قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال:
" لا ما أقاموا فيكم الصلاة " رواه مسلم.
معناه: من كره بقلبه ولم يستطع إنكار بيد ولا لسان فقد برئ من الإثم وأدى وظيفته،
ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضي بفعلهم وتابعهم فهو العاصي.
189 السادس عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول: " لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد
اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وحلق بأصبعيه: الإبهام
والتي تليها. فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: " نعم إذا كثر
الخبث " متفق عليه.
150

190 السابع عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والجلوس في الطرقات! " فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد:
نتحدث فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق
حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى،
ورد السلام، ولأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر " متفق عليه.
191 الثامن عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال: " يعمد
أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده! " فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله
صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم!
رواه مسلم.
192 التاسع عن أبي سعيد الحسن البصري أن عائذ بن عمرو رضي الله عنه
دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن شر الرعاء الحطمة " فإياك أن تكون منهم. فقال له: اجلس فإنما أنت من
نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي
غيرهم. رواه مسلم.
193 العاشر عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو
ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
151

194 الحادي عشر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
195 الثاني عشر عن أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي رضي الله عنه
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز: أي الجهاد أفضل؟ قال:
" كلمة حق عند سلطان جائر " رواه النسائي بإسناد صحيح.
" الغرز " بغين معجمة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم زاي: هو ركاب كور الجمل إذا كان
من جلد أو خشب. وقيل: لا يختص بجلد وخشب.
196 الثالث عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل
فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو
على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك
ضرب الله قلوب بعضهم ببعض " ثم قال: * (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على
لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون
عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون، ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا،
لبئس ما قدمت لهم أنفسهم) * إلى قوله * (فاسقون) * (المائدة 78، 79، 80، 81) ثم قال:
" كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على
يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو
ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
152

هذا لفظ أبي داود، ولفظ الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم
ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب
بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا
وكانوا يعتدون " فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال: " لا والذي نفسي
بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ".
قوله " تأطروهم ": أي تعطفوهم. و " لتقصرنه ": أي لتحبسنه.
197 الرابع عشر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:
يا أيها الناس إنكم لتقرؤون هذه الآية: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم
لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * (المائدة 105) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله
بعقاب منه " رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
24 باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف
أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله
قال الله تعالى (البقرة 44): * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون
الكتاب أفلا تعقلون!) *. وقال تعالى (الصف 2، 3): * (يا أيها الذين آمنوا لم
تقولون ما لا تفعلون؟! كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون!) *.
153

وقال تعالى إخبارا عن شعيب صلى الله عليه وسلم (هود 88): * (وما أريد أن أخالفكم إلى
ما أنهاكم عنه) *.
198 وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه،
فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون:
يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول:
بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه " متفق عليه.
قوله " تندلق " هو بالدال المهملة معناه: تخرج. و " الأقتاب ": الأمعاء واحدها
قتب.
25 باب الأمر بأداء الأمانة
قال الله تعالى (النساء 58): * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *.
وقال تعالى (الأحزاب 72): * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا) *.
199 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن
خان " متفق عليه.
154

وفي رواية " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
200 وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما أنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة
نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من
السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال:
" ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت،
ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر
دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شئ " ثم أخذ حصاة
فدحرجه على رجله " فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة،
حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، حتى يقال للرجل: ما أجلده!
ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ". ولقد أتى
علي زمان وما أبالي أيكم بايعت: لئن كان مسلما ليردنه علي دينه، ولئن
كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه علي ساعيه. وأما اليوم فما كنت أبايع منكم
إلا فلانا وفلانا " متفق عليه.
قوله " جذر " بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وهو أصل الشئ. و " الوكت " بالتاء
المثناة من فوق: الأثر اليسير. و " المجل " بفتح الميم وإسكان الجيم: وهو تنفط في اليد
ونحوها من أثر عمل وغيره. قوله " منتبرا ": مرتفعا. قوله " ساعيه ": الوالي عليه.
201 وعن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
155

" يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف
لهم الجنة، فيأتون آدم صلوات الله عليه فيقولون: يا أبانا استفتح لنا
الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم لست بصاحب
ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله. قال فيقول
إبراهيم: لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى
موسى الذي كلمه الله تكليما. فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك،
اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه. فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك.
فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم فتقومان
جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق " قلت: بأبي وأمي أي
شئ كمر البرق؟ قال: ألم تروا كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر
الطير وشد الرجال: تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على
الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد، وحتى يجئ الرجل
لا يستطيع السير إلا زحفا. وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة
بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار "
156

والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا. رواه مسلم.
قوله " وراء وراء " هو بالفتح فيهما وقيل بالضم بلا تنوين: ومعناه لست بتلك
الدرجة الرفيعة، وهي كلمة بذكر على سبيل التواضع. وقد بسطت معناها في شرح صحيح مسلم،
والله أعلم.
202 وعن أبي خبيب بضم الخاء المعجمة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
قال:
لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه. فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا
ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى
ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بني بع مالنا واقض ديني. وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه
(يعني لبني عبد الله بن الزبير ثلث الثلث) قال: فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شئ
فثلثه لبنيك.
قال هشام: وكان ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير: خبيب وعباد، وله
يومئذ تسعة بنين وتسع بنات.
قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شئ منه فاستعن عليه
بمولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. فوالله
ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه.
قال: فقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين: منها الغابة، وإحدى عشرة دارا
157

بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي عليه
أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف إني أخشى
علية الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
قال عبد الله: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. فلقي
حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟ فكتمته وقلت:
مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع هذه. فقال عبد الله: أرأيتك إن كانت ألفي
ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شئ منه فاستعينوا بي.
قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وست
مائة ألف ثم قام فقال: من كان له على الزبير شئ فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر
وكان له على الزبير أربعمائة ألف. فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله لا،
قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم، فقال عبد الله لا، قال: فاقطعوا لي
قطعة. قال عبد الله: لك من ههنا إلى ههنا. فباع عبد الله منها فقضى عنه دينه
وأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف. فقدم على معاوية وعنده عمرو بن
عثمان، والمنذر بن الزبير وابن زمعة. فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم
مائة ألف. قال: كم بقي منها؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت
منهما سهما بمئة قال عمرو عثمان قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد
أخذت سهما بمائة ألف فقال معاوية: كم بقي منها؟ قال: سهم ونصف. قال: قد أخذته
بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.
فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: أقسم بيننا ميراثنا. قال: والله لا أقسم
بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. فجعل
كل سنة ينادي في الموسم. فلما مضى أربع سنين قسم بينهم ورفع الثلث. وكان للزبير أربع
نسوة فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف. رواه البخاري.
158

26 باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم
قال الله تعالى (غافر 18): * (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) *.
وقال تعالى (الحج 71): * (وما للظالمين من نصير) *.
وأما الأحاديث فمنها
حديث أبي ذر المتقدم (انظر الحديث رقم 111) في آخر باب
المجاهدة.
203 وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح
أهلك من كان قبلكم: حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا
محارمهم " رواه مسلم.
204 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من
الشاة القرناء " رواه مسلم.
205 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
159

كنا نتحدث عن حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ولا ندري ما حجة الوداع حتى
حمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره وقال:
" ما بعث الله من نبي إلا أنذره أمته: أنذره نوح والنبيون من بعده،
وإنه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم: إن
ربكم ليس بأعور، وإنه أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية، ألا إن
الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في
شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: " اللهم اشهد " ثلاثا " ويلكم!
أو ويحكم انظروا: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب
بعض " رواه البخاري. وروى مسلم بعضه.
206 وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " متفق عليه.
160

207 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: * (وكذلك أخذ ربك
إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد) * (هود 102) متفق عليه.
208 وعن معاذ رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم
خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد
افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا
لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين
الله حجاب " متفق عليه.
209 وعن أبي حميد عبد الرحمن بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال:
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة. فلما قدم قال:
هذا لكم وهذا أهدي إلي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
" أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي
فيقول: هذا لكم هذا هدية أهديت إلي! أفلا جلس في بيت أبيه أو أمه
حتى تأتيه هديته إن كان صادقا! والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه
إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله
161

يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر " ثم رفع يديه حتى رؤي
بياض إبطيه فقال: اللهم هل بلغت؟ " ثلاثا متفق عليه.
210 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شئ فليتحلله منه
اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر
مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " رواه البخاري.
211 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى
الله عنه " متفق عليه.
212 وعنه رضي الله عنه قال:
كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" هو في النار " فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها. رواه البخاري.
213 وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. السنة
162

اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم. ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو
الحجة والمحرم، رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، أي شهر
هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: " أليس ذا
الحجة؟ " قلنا: بلى. قال: " فأي بلد هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى
ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: " أليس البلدة؟ " قلنا: بلى. قال: " فأي
يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال:
" أليس يوم النحر؟ " قلنا: بلى. قال: " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم
عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون
ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم
رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى
له من بعض من سمعه " ثم قال: " ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ " قلنا: نعم.
قال: " اللهم اشهد " متفق عليه.
214 وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم
عليه الجنة " فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ فقال: " وإن قضيبا من
أراك " رواه مسلم.
163

215 وعن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا
يأتي به يوم القيامة " فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال:
يا رسول الله اقبل عني عملك. قال: " وما لك؟ " قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال:
" وأنا أقوله الآن: من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما
أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى " رواه مسلم.
216 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد.
حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلا إني رأيته في النار في
بردة غلها أو عباءة " رواه مسلم.
217 وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال. فقام رجل
فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم إن قتلت في سبيل الله، أنت صابر، محتسب، مقبل غير
مدبر " ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف قلت؟ " قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله
أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم وأنت صابر، محتسب، مقبل عير
مدبر، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك " رواه مسلم.
218 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أتدرون ما المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:
164

" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد
شتم هذا، وقذف هذا، أكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا،
فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن
يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " رواه مسلم.
219 وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن
بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما
أقطع له قطعة من النار " متفق عليه.
" ألحن ": أي أعلم.
220 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما "
رواه البخاري.
221 وعن خولة بنت ثامر الأنصارية وهي امرأة حمزة رضي الله عنه وعنها
قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة "
رواه البخاري.
165

27 باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم
والشفقة عليهم ورحمتهم
قال الله تعالى (الحج 30): * (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) *.
وقال تعالى (الحج 32): * (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) *.
وقال تعالى (الحجر 88): * (واخفض جناحك للمؤمنين) *. وقال
تعالى (المائدة 32): * (من قتل نفسا تغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) *.
222 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه.
متفق عليه.
223 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مر في شئ
من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها
بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشئ " متفق عليه.
166

224 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا
اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى " متفق عليه.
225 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع:
إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" من لا يرحم لا يرحم! " متفق عليه.
226 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: " نعم "
قالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو أملك أن كان الله نزع من
قلوبكم الرحمة " متفق عليه.
227 وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " متفق عليه.
228 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير،
وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء " متفق عليه.
وفي رواية: " وذا الحاجة ".
167

229 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل خشية أن
يعمل به الناس فيفرض عليهم " متفق عليه.
230 وعنها رضي الله عنها قالت
نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم فقالوا: إنك تواصل؟ قال: " إني
لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني " متفق عليه.
معناه: يجعل في قوة من أكل وشرب.
231 وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي
فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه " رواه البخاري.
232 وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته
بشئ، فإنه من يطلبه من ذمته بشئ يدركه ثم يكبه على وجهه في
نار جهنم " رواه مسلم.
168

233 وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه
كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من
كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " متفق عليه.
234 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المسلم أخو المسلم: لا يخونه ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على
المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه. التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن
يحقر أخاه المسلم " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
235 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على
بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم: لا يظلمه،
ولا يحقره، ولا يخذله، التقوى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) بحسب
امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله،
وعرضه " رواه مسلم.
" النجش ": أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه ولا رغبة في
شرائها بل يقصد أن يغر غيره، وهذا حرام.
و " التدابر ": أن يعرض عن الإنسان ويهجره
ويجعله كالشئ الذي وراء الظهر والدبر.
169

236 وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه.
237 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" انصر أخاك ظالما أو مظلوما " فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان
مظلوما أرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال: " تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن
ذلك نصره " رواه البخاري.
238 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع
الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم " حق المسلم على المسلم ست:
إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا
عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه ".
239 وعن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض،
واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم،
وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب،
وعن شرب بالفضة، وعن المياثر الحمر، وعن القسي، وعن لبس الحرير،
170

الإستبرق، والديباج " متفق عليه.
وفي رواية " وإنشاد الضالة " في السبع الأول.
" المياثر " بياء مثناة قبل الألف، وثاء مثلثة بعدها، وهي جمع ميثرة، وهي شئ يتخذ
من حرير ويحشى قطنا أو غيره ويجعل في السرج وكور البعير يجلس عليه الراكب.
و " القسي " بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: وهي ثياب تنسج من حرير وكتان
مختلطين. و " إنشاد الضالة ": تعريفها.
28 باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة
[240 243]
قال الله تعالى (النور 19): * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم
عذاب أليم في الدنيا والآخرة) *.
240 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " رواه مسلم.
241 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كل أمتي معافى إلا المهاجرين، وإن من المهاجرة أن يعمل الرجل
بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة
كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه " متفق عليه.
242 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن
171

زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها
ولو بحبل من شعر " متفق عليه.
" التثريب ": التوبيخ.
243 وعنه رضي الله عنه قال
أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب قال: " اضربوه " قال أبو هريرة: فمنا الضارب
بيده، والضارب بنعله، الضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله. قال:
" لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان " رواه البخاري.
29 باب قضاء حوائج المسلمين
قال الله تعالى (الحج 77): * (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) *.
244 وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يسلمه. من كان في حاجة أخيه كان
الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم
القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " متفق عليه.
245 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من
كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة،
172

ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد
في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى
الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله
ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة،
وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به
نسبه " رواه مسلم.
30 باب الشفاعة
قال الله تعالى (النساء 85): * (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) *.
4 / 85]
246 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: " اشفعوا تؤجروا
ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب " متفق عليه.
وفي رواية: " ما شاء ".
247 وعن ابن عباس رضي الله عنه في قصة بريرة وزوجها قال، قال
لها النبي صلى الله عليه وسلم:
173

" لو راجعته؟ " قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: " إنما أشفع " قالت:
لا حاجة لي فيه. رواه البخاري.
31 باب الإصلاح بين الناس
قال الله تعالى (النساء 114): * (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة، أو بمعروف،
أو إصلاح بين الناس) *. وقال تعالى (النساء 128): * (والصلح خير) *.
وقال تعالى (الأنفال 1): * (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) *. وقال
تعالى (الحجرات 10): * (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) *.
248 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل
بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها
متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة
صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة " متفق عليه.
ومعنى " تعدل بينهما ": يصلح بينهما بالعدل.
249 وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول
خيرا " متفق عليه.
174

وفي رواية مسلم زيادة قالت: ولم أسمعه يرخص في شئ مما يقول الناس
إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة
زوجها.
250 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر
ويسترفقه في شئ وهو يقول: والله لا أفعل. فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أين
المتألي على الله لا يفعل المعروف؟! " فقال: أنا يا رسول الله فله أي ذلك أحب.
متفق عليه.
معنى " يستوضعه " يسأله أن يضع عنه بعض دينه. و " يسترفقه ": يسأله الرفق.
و " والمتألي ": الحالف.
251 وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شر فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم في أناس معه، فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت الصلاة، فجاء بلال
إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: يا أبا بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس وحانت الصلاة
فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت. فأقام بلال وتقدم أبو بكر فكبر وكبر
الناس وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف، فأخذ الناس في التصفيق،
وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله
ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى للناس فلما فرغ
أقبل على الناس فقال:
" يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شئ في الصلاة أخذتم في التصفيق؟ إنما
التصفيق للنساء، من نابه شئ في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه
175

أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت. يا أبا بكر ما منعك أن تصلي
بالناس حين أشرت إليك؟ " فقال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي
بالناس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
معنى " حبس ": أمسكوه ليضيفوه.
32 باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين
قال الله تعالى (الكهف 28): * (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم) *.
252 وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله
لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " متفق عليه.
" العتل ": الغليظ الجافي. و " الجواظ " بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: هو
الجموع المنوع. وقيل: الضخم المختال في مشيته. وقيل: القصير البطين.
253 وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال
مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس: " ما رأيك في هذا؟ " فقال:
176

رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع. فسكت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما رأيك في هذا؟ "
فقال: يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع
أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع لقوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا خير من ملء الأرض
مثل هذا " متفق عليه.
قوله " حري " هو بفتح الحاء وكسر الراء وتشديد الياء: أي حقيق. وقوله: " شفع "
بفتح الفاء.
254 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" احتجت الجنة والنار فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون،
وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم. فقضى الله بينهما: إنك الجنة
رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء،
ولكليكما علي ملؤها " رواه مسلم.
255 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح
بعوضة " متفق عليه.
256 وعنه رضي الله عنه
أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو
عنه فقالوا مات قال: " أفلا كنتم آذنتموني " فكأنهم صغروا أمرها أو أمره.
فقال: " دلوني على قبره " فدلوه فصلى عليه ثم قال:
177

" إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم
بصلاتي عليهم " متفق عليه.
قوله: " تقم " هو بفتح التاء وضم القاف: أي تكنس. " والقمامة ": الكناسة.
و " آذنتموني " بمد الهمزة: أي أعلمتموني.
257 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " رواه مسلم.
258 وعن أسامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وأصحاب
الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على
باب النار فإذا عامة من دخلها النساء " متفق عليه.
و " الجد " بفتح الجيم: الحظ والغنى. وقوله " محبوسون ": أي لم يؤذن لهم بعد في
دخول الجنة.
259 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، صاحب جريج.
وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي
فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته
178

فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج. فقال:
أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فلما كان من الغد أتته وهو
يصلي فقالت: يا جريج. فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على
صلاته فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات!
فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل
بحسنها فقالت: إن شئتم لأفتننه. فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت
راعيا كانت يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت
فلما ولدت قالت هو من جريج. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته
وجعلوا يضربونه. فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت
منك. قال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى
فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال: يا غلام من أبوك؟ قال:
فلان الراعي. فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به. وقالوا نبني لك
صومعتك من ذهب. قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا.
وبينا صبي يرضع من أمه فمر راكب على دابة فارهة وشارة
حسنة فقالت أمه: اللهم اجعل ابني مثل هذا. فترك الثدي وأقبل إليه
فنظر إليه فقال: اللهم لا تجعلني مثله! ثم أقبل على ثديه فجعل
يرضع. فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بأصبعه السبابة في فيه
فجعل يمصها. ثم قال:
ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت، وهي
تقول: حسبي الله ونعم الوكيل. فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها!
فترك الرضاع ونظر إليها فقال: اللهم اجعلني مثلها! فهنالك تراجعا
الحديث فقالت:
179

مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم
لا تجعلني مثله، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت
فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها؟ قال: إن
ذلك الرجل جبار فقلت اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون لها
زنيت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت: اللهم اجعلني مثلها "
متفق عليه.
" المومسات ": بضم الميم الأولى، وإسكان الواو وكسر الميم الثانية وبالسين المهملة، هن
الزواني. المومسة: الزانية. وقوله " دابة فارهة " بالفاء: أي حاذقة نفيسة. و " الشارة "
بالشين المعجمة وتخفيف الراء. وهي الجمال الظاهر في الهيئة والملبس. ومعنى " تراجعا
الحديث " أي حدثت الصبي وحدثها، والله أعلم.
33 باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين
والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم
وخفض الجناح لهم
قال الله تعالى (الحجر 88): * (واخفض جناحك للمؤمنين) *. وقال تعالى (الكهف 281): *
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا
تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا) *. وقال تعالى (الضحى 9، 10): * (فأما
اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر) *. وقال تعالى (الماعون 1، 2، 3): *
(أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على
طعام المسكين) *.
180

260 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال: المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا.
وكنت أنا وابن مسعود وردل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في
نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع: فحدث نفسه فأنزل الله تعالى: * (ولا
تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) * (الأنعام 52)
رواه مسلم.
261 وعن أبي هبيرة عائذ بن عمرو المزني، وهو من أهل بيعة الرضوان رضي الله
عنه أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا:
ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ
قريش وسيدهم؟! فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن
كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ". فأتاهم فقال: يا إخوتاه آغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر
الله لك يا أخي. رواه مسلم.
قوله: " مأخذها " أي لم تستوف حقها منه. وقوله: " يا أخي " روي بفتح الهمزة وكسر
الخاء وتخفيف الياء. وروي بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياء.
262 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما
رواه البخاري.
و " كافل اليتيم ": القائم بأموره.
263 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة " وأشار الراوي، وهو مالك بن
أنس، بالسبابة والوسطى. رواه مسلم.
181

قوله صلى الله عليه وسلم " اليتيم له أو لغيره " معناه: قريبه أو الأجنبي منه. فالقريب مثل أن
تكفله أمه أو جده أو أخوه أو غيرهم من قرابته، والله أعلم.
264 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان، إنما
المسكين الذي يتعفف " متفق عليه.
وفي رواية في الصحيحين " ليس المسكين الذي
يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن
المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم
فيسأل الناس ".
265 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " وأحسبه قال:
" وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر " متفق عليه.
266 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها،
ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " رواه مسلم.
وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله: بئس الطعام طعام
الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء.
182

267 وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين " وضم
أصابعه. رواه مسلم.
و " جاريتين ": أي بنتين.
268 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها
إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته.
فقال:
" من ابتلي من هذه البنات بشئ فأحسن إليهن كن له سترا من النار "
متفق عليه.
269 وعن عائشة أيضا رضي الله عنها قالت:
جاءتني مسكينة بحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة
ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها
بينهما، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار " رواه مسلم.
270 وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي رضي الله عنه قال، قال
النبي صلى الله عليه وسلم:
" اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة "
حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد.
ومعنى " أحرج ": ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرا
بليغا، وأزجر عنه زجرا أكيدا.
183

271 وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
رأى سعد أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تنصرون وترزقون إلا
بضعفائكم "
رواه البخاري هكذا مرسلا، فإن مصعب بن سعد تابعي، ورواه الحافظ أبو بكر
البرقاني في صحيحه متصلا عن مصعب عن أبيه رضي الله عنه.
272 وعن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ابغوني الضعفاء، فإنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم "
رواه أبو داود بإسناد جيد.
* 2 * 34 باب الوصية بالنساء
قال الله تعالى (النساء 19): * (وعاشروهن بالمعروف) *. وقال تعالى (النساء 129): * (ولن
تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها
كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما) *.
273 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في
الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج،
فاستوصوا بالنساء " متفق عليه.
184

وفي رواية في الصحيحين " المرأة كالضلع: إن أقمتها
كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج "
وفي رواية لمسلم: " إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على
طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها
كسرتها وكسرها طلاقها ".
قوله: " عوج " هو بفتح العين والواو
274 وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (إذ
انبعث أشقاها) *: انبعث لها رجل عزيز، عارم، منيع في
رهطه. ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال: " يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد
العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه! " ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال:
" لم يضحك أحدكم مما يفعل! " متفق عليه.
و " العارم " بالعين المهملة والراء: هو الشرير المفسد. وقوله " انبعث " أي قام
بسرعة.
275 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال
غيره " رواه مسلم.
وقوله " يفرك " هو بفتح الباء وإسكان الفاء وفتح الراء معناه: يبغض. يقال: فركت
المرأة زوجها وفركها زوجها. بكسر الراء يفركها: أي أبغضها، والله أعلم.
185

276 وعن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال:
" ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن
شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في
المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا: فحقكم عليهن أن
لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
قوله صلى الله عليه وسلم " عوان ": أي أسيرات. جمع عانية، بالعين المهملة وهي: الأسيرة. والعاني:
الأسير. شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير. و " الضرب المبرح ": هو
الشاق الشديد. وقوله صلى الله عليه وسلم " فلا تبغوا عليهن سبيلا ": أي لا تطلبوا طريقا تحتجون به عليهن
وتؤذونهن به، والله أعلم.
277 وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: " أن تطعمها إذا طعمت،
وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في
البيت " حديث حسن رواه أبو داود
وقال معنى " لا تقبح ": لا تقل قبحك الله.
278 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
186

" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
279 وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تضربوا إماء الله " فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرن
النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون
أزواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك
بخياركم " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قوله " ذئرن " هو بذال معجمة مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم راء ساكنة ثم نون: أي
اجترأن.
قوله " أطاف ": أي أحاط.
280 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة " رواه مسلم.
35 باب حق الزوج على المرأة
قال الله تعالى (النساء 34): * (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على
بعض، وبما أنفقوا من أموالهم. فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما
187

حفظ الله) *.
وأما الأحاديث فمنها
حديث عمرو بن الأحوص السابق (انظر الحديث رقم 276) في الباب قبله.
281 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها
الملائكة حتى تصبح " متفق عليه.
وفي رواية لهما " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها
الملائكة حتى تصبح "
وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي
بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في
السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها ".
282 وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته
إلا بإذنه " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
283 وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع
188

على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع
وكلكم مسؤول عن رعيته " متفق عليه.
284 وعن أبي علي طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور "
رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
285 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
286 وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
287 وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين:
لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
288 وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " متفق عليه.
189

* 2 * 36 باب النفقة على العيال
قال الله تعالى (البقرة 233): * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) *.
وقال تعالى (الطلاق 7): * (لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق
مما آتاه الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) *. وقال تعالى (سبأ 39): * (وما
أنفقتم من شئ فهو يخلفه) *.
289 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت
به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على
أهلك " رواه مسلم.
290 وعن أبي عبد الله ويقال له: أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على
دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله " رواه مسلم.
291 وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
قلت يا رسول الله هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا
وهكذا إنما هم بني؟ فقال: " نعم لك أجر ما أنفقت عليهم " متفق عليه.
190

292 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في حديثه الطويل الذي قدمناه (انظر الحديث رقم 6) في
أول الكتاب في باب النية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
" وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في
في امرأتك " متفق عليه.
293 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة " متفق عليه.
294 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت "
حديث صحيح رواه أبو داود وغيره.
ورواه مسلم في صحيحه بمعناه قال: " كفى بالمرء إثما أن يحبس
عمن يملك قوته ".
295 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم
أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا " متفق عليه.
191

296 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة
ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه
الله " رواه البخاري.
* 2 * 37 باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد
قال الله تعالى (آل عمران 92): * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *.
وقال تعالى (البقرة 267): * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم
من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) *.
297 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه
بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب.
قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *
قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تعالى أنزل عليك: *
(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة
لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله تعالى، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
192

" بخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت وإني
أرى أن تجعلها في الأقربين "
فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: " مال رابح " روي في الصحيحين " رابح " و " رايح " بالباء الموحدة وبالياء
المثناة، أي: رايح عليك نفعه. و " بيرحاء ": حديقة نخل، وروي بكسر الباء وفتحها.
* 2 * 38 باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من
في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة
وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهي عنه
قال الله تعالى (طه 132): * (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) *. وقال
تعالى (التحريم 6): * (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) *.
298 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما من تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كخ كخ! ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة! " متفق عليه.
وفي رواية: " أنا لا تحل لنا الصدقة ".
وقوله " كخ كخ " يقال بإسكان الخاء، ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر
للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن رضي الله عنه صبيا.
193

299 وعن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك "
فما زالت تلك طعمتي بعد " متفق عليه.
و " تطيش ": تدور في نواحي الصحفة.
300 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن
رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت
زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في ما سيده ومسؤول عن رعيته،
فكلكم راع ومسؤول عن رعيته " متفق عليه.
301 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده رضي الله عنهم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم
أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع " حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.
194

302 وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" علموا الصبي الصلاة لسبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين "
حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
ولفظ أبي داود: " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ".
* 2 * 39 باب حق الجار والوصية به
قال الله تعالى (النساء 36): * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا وبذي
القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب،
والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم) *.
303 وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " متفق عليه.
304 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك "
رواه مسلم.
195

وفي رواية له عن أبي ذر قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني
" إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم
منها بمعروف ".
305 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن! " قيل: من يا رسول الله؟
قال: " الذي لا يأمن جاره بوائقه " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ".
" البوائق ": الغوائل والشرور.
306 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة "
متفق عليه.
307 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره " ثم يقول أبو هريرة: ما لي
أراكم عنها معرضين! والله لأرمين بها بين أكتافكم. متفق عليه.
روي " خشبه " بالإضافة والجمع. وروي: " خشبة " بالتنوين على الإفراد. وقوله: ما لي
أراكم عنها معرضين: نعني عن هذه السنة.
308 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله
196

واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل
خيرا أو ليسكت " متفق عليه.
309 وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليقل خيرا أو ليسكت " رواه مسلم بهذا اللفظ. وروى البخاري بعضه.
310 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: " إلى أقربهما منك
بابا " رواه البخاري.
311 وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله
خيرهم لجاره " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 40 باب بر الوالدين وصلة الأرحام
قال الله تعالى (النساء 36): * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، وبذي
القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب
بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم) *. وقال تعالى
197

(واتقوا الله الذي تساءلون به، والأرحام) *. وقال تعالى (الرعد 21): *
(والذين يصلون ما أمر به أن يوصل) * الآية. وقال تعالى (العنكبوت 8): *
(ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) *. وقال تعالى (الإسراء 23، 24): * (وقضى
ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو
كلاهما فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما، واخفض
لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) *.
وقال تعالى (لقمان 14): * (ووصينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنا على وهن،
وفصاله في عامين، أن اشكر لي ولوالديك) *.
312 وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: " الصلاة على وقتها "
قلت: ثم أي؟ قال: " بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل
الله " متفق عليه.
313 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " رواه مسلم.
198

314 وعنه أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل
خيرا أو ليصمت " متفق عليه.
315 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت:
هذا مقام العائد بك من القطيعة. قال: نعم أما ترضين أن أصل من
وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك " ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرؤوا إن شئتم: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا
في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى
أبصارهم) * (محمد 22، 23) متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: فقال الله تعالى: " من
وصلك، وصلته ومن قطعك قطعته ".
316 وعنه رضي الله عنه قال:
199

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:
" أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟
قال: " أبوك " متفق عليه.
وفي رواية: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال:
" أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك ".
و " الصحابة " بمعنى: الصحبة. وقوله: " ثم أباك " هكذا هو منصوب بفعل محذوف: أي
ثم بر أباك. وفي رواية " ثم أبوك " وهذا واضح.
317 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر
أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة " رواه مسلم.
318 وعنه رضي الله عنه أن رجلا قال:
يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم
ويجهلون علي. فقال: " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال
معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " رواه مسلم.
" وتسفهم " بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء. و " المل " بفتح الميم وتشديد
اللام وهو الرماد الحار: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق
آكل الرماد الحار من الألم، ولا شئ على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في
حقه وإدخالهم الأذى عليه، والله أعلم.
319 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب
أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه " متفق عليه.
200

ومعنى " ينسأ له في أثره ": أي يؤخر له في أجله وعمره.
320 وعنه رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من
نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. فلما نزلت هذه الآية: * (لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون) * (آل عمران 92) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون) * وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله
فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بخ! ذلك مال
رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في
الأقربين " فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
متفق عليه.
وسبق بيان ألفاظه (انظر الحديث رقم 297) في باب الإنفاق مما يحب.
321 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال
أقبل رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله
تعالى. فقال: " فهل من والديك أحد حي؟ " قال: نعم بل كلاهما. قال:
" فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ " قال: نعم. قال: " فارجع إلى والديك
فأحسن صحبتهما " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية لهما: جاء رجل فاستأذنه في الجهاد فقال: " أحي
والداك؟ " قال: نعم. قال: " ففيهما فجاهد ".
201

322 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها "
رواه البخاري.
و " قطعت " بفتح القاف والطاء و " رحمة " مرفوع.
323 وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني
قطعه الله " متفق عليه.
324 وعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها
أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه
قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي؟ قال: " أو فعلت؟ " قالت: نعم. قال:
" أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك " متفق عليه.
325 وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت:
قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت:
قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك " متفق عليه.
وقولها " راغبة " أي طامعة فيما عندي تسألني شيئا. قيل: كانت أمها من النسب.
وقيل: من الرضاعة. والصحيح الأول.
326 وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن " قالت: فرجعت إلى عبد الله بن
202

مسعود فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته
فاسأله فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم. فقال عبد الله: بل ائتيه أنت.
فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد ألقيت عليه المهابة، فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين
بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من
نحن. فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من هما؟ "
قال: امرأة من الأنصار وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي الزيانب هي؟ " قال: امرأة
عبد الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة "
متفق عليه.
327 وعن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة
هرقل
أن هرقل قال لأبي سفيان: فماذا يأمركم به؟ (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) قال قلت: يقول
" اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا
بالصلاة والصدق والعفاف والصلة " متفق عليه.
328 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط.
وفي رواية: ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط
فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما.
وفي رواية: فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم
203

ذمة ورحما أو قال ذمة وصهرا " رواه مسلم.
قال العلماء: الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل منهم. و " الصهر ": كون مارية
أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
329 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية: * (وأنذر
عشيرتك الأقربين) * (الشعراء 214) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم
وخص فقال:
" يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني
مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم
من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا
أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من
الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها " رواه مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم " ببلالها " هو بفتح الباء الثانية وكسرها. و " البلال ": الماء. ومعنى الحديث:
سأصلها. شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة.
330 وعن أبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
جهارا غير سر يقول:
" إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين،
ولكم لهم رحم أبلها ببلالها " متفق عليه. واللفظ للبخاري.
331 وعن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه
أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال
204

النبي صلى الله عليه وسلم: " تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة،
وتصل الرحم " متفق عليه.
332 وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا
فالماء فإنه طهور " وقال: " الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم
ثنتان: صدقة وصلة " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
333 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها فأبيت. فأتى
عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " طلقها "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
334 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رجلا أتاه فقال:
إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها. فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الوالد
أوسط أبواب الجنة " فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
335 وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الخالة بمنزلة الأم " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة. منها حديث أصحاب
205

الغار (انظر الحديث رقم 12) وحديث جريج (انظر الحديث رقم 259) وقد سبقا، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختصارا. ومن
أهمها حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه الطويل المشتمل على جمل كثيرة من قواعد
الإسلام وآدابه. وسأذكره بتمامه إن شاء الله تعالى في باب الرجاء قال فيه:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة (يعني في أول النبوة) فقلت له: ما أنت؟
قال: " نبي " فقلت: وما نبي؟ قال: " أرسلني الله تعالى " فقلت: بأي شئ أرسلك؟
قال: " أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به
شئ " وذكر تمام الحديث،
والله أعلم. [رواه مسلم]
* 2 * 41 باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال الله تعالى (محمد 22، 23): * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا
أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله، فأصمهم وأعمى أبصارهم) *.
وقال تعالى (الرعد 25): * (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون
ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء
الدار) *. وقال تعالى (الإسراء 23، 24): * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف،
206

ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل
رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) *.
336 وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " ثلاثا. قلنا: بلى يا رسول الله قال:
" الإشراك بالله، وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال: " ألا وقول الزور،
وشهادة الزور! " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
337 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين
الغموس " رواه البخاري.
و " اليمين الغموس ": التي يحلفها كاذبا عامدا. سميت غموسا لأنها تغمس الحالف في الإثم.
338 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من الكبائر شتم الرجل والديه! " قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل
والديه؟ قال: " نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه "
متفق عليه.
وفي رواية:
" إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه! " قيل: يا رسول الله كيف
يلعن الرجل والديه؟! قال: " يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه
فيسب أمه ".
339 وعن أبي محمد جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يدخل الجنة قاطع " قال سفيان في روايته: يعني قاطع رحم. متفق عليه.
207

340 وعن أبي عيسى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعا وهات، ووأد البنات.
وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال " متفق عليه.
قوله " منعا " معناه: منع ما وجب عليه. و " هات ": طلب ما ليس له. و " وأد البنات "
معناه: دفنهن في الحياة. و " قيل وقال " معناه: الحديث بكل ما يسمعه. فيقول: قيل كذا،
وقال فلان كذا مما لا يعلم صحته ولا يظنها، وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.
و " إضاعة المال ": تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا، وترك
حفظه مع إمكان الحفظ. و " كثرة السؤال ": الإلحاح فيما لا حاجة إليه.
وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث:
" وأقطع من قطعك " (انظر الحديث رقم 315) وحديث:
" من قطعني قطعه الله " (انظر الحديث رقم 323).
42 باب بر أصدقاء الأب
والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه
341 عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه ".
342 وعن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه
أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار
كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم
208

الأعراب وهم يرضون باليسير. فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب
رضي الله عنه وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه "
وفي رواية عن ابن دينار عن ابن عمر
أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد
بها رأسه، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مر به أعرابي فقال: ألست فلان بن فلان؟
قال: بلى. فأعطاه الحمار وقال اركب هذا، والعمامة وقال: اشدد بها رأسك. فقال
له بعض أصحابه: غفر الله لك! أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد
بها رأسك: فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي "
وإن أباه كان صديقا لعمر رضي الله عنه. روى هذه الروايات كلها مسلم.
343 وعن أبي أسيد بضم الهمزة وفتح السين مالك بن ربيعة الساعدي
رضي الله عنه قال:
بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل
بقي من بر أبوي شئ أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: " نعم الصلاة عليهما،
والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا
بهما، وإكرام صديقهما " رواه أبو داود.
344 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة رضي الله عنها وما رأيتها قط،
209

ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة.
فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة! فيقول: إنها كانت وكانت،
وكان لي منها ولد " متفق عليه.
وفي رواية: وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن.
وفي رواية: كان إذا ذبح الشاة يقول: " أرسلوا بها إلى
أصدقاء خديجة "
وفي رواية قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك، فقال: " اللهم هالة بنت
خويلد ".
قولها: " فارتاح " هو بالحاء. وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي: " فارتاع " بالعين.
ومعناه: اهتم به.
345 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه في سفر فكان يخدمني. فقلت له:
لا تفعل. فقال: إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا آليت
على نفسي لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته. متفق عليه.
210

43 باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبيان فضلهم
قال الله تعالى (الأحزاب 33): * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت،
ويطهركم تطهيرا) *. وقال تعالى (الحج 32): * (ومن يعظم شعائر الله فإنها
من تقوى القلوب) *.
346 وعن يزيد بن حيان قال:
انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنهم. فلما
جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت
حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا. حدثنا يا زيد ما سمعت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي
كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه،
ووعظ وذكر ثم قال:
" أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي
فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور،
فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال:
" وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي "
فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل
211

بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل،
وآل جعفر وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. رواه مسلم.
وفي رواية: " ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما
كتاب الله، هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على
ضلالة ".
347 وعن ابن عمر رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق
رضي الله عنه موقوفا عليه أنه قال:
ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. رواه البخاري.
معنى " ارقبوه ": راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم.
* 2 * 44 باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل
وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم
[347 358]
قال الله تعالى (الزمر 9): * (قل: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما
يتذكر أولو الألباب) *.
348 وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم
بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة
سواء فأقدمهم سنا. ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته
على تكرمته إلا بإذنه " رواه مسلم.
212

وفي رواية له: " فأقدمهم سلما " بدل
" سنا ": أي إسلاما.
وفي رواية " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب
الله، وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن
كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا "
والمراد " بسلطانه ": محل ولايته، أو الموضع الذي يختص به. و " تكرمته " بفتح التاء
وكسر الراء: وهي ما ينفرد به من فراش وسرير ونحوهما.
349 وعنه رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول:
" استووا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام
والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ليلني " هو بتخفيف النون وليس قبلها ياء، وروي بتشديد النون مع ياء
قبلها. و " النهى ": العقول. و " أولو الأحلام ": هم البالغون وقيل: أهل الحلم والفضل.
350 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم " ثلاثا " وإياكم
وهيشات الأسواق " رواه مسلم.
351 وعن أبي يحيى. وقيل: أبي محمد سهل بن أبي حثمة بفتح الحاء المهملة
وإسكان الثاء المثلثة الأنصاري رضي الله عنه قال:
213

انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا، فأتى
محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا، فدفنه ثم قدم المدينة، فانطلق
عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم
فقال: " كبر كبر " وهو أحدث القوم فسكت فتكلما. فقال: " أتحلفون وتستحقون
قاتلكم؟ " وذكر تمام الحديث. متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " كبر كبر " معناه: يتكلم الأكبر.
352 وعن جابر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد (يعني في القبر) ثم يقول:
" أيهما أكثر أخذا للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد.
رواه البخاري.
353 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أراني في المنام أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من
الآخر. فناولت السواك الأصغر فقيل لي كبر. فدفعته إلى الأكبر
منهما " رواه مسلم مسندا والبخاري تعليقا.
354 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير
214

الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط "
حديث حسن رواه أبو داود.
355 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده رضي الله عنهم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا "
حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي
وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
وفي رواية أبي داود: " حق كبيرنا ".
356 وعن ميمون بن أبي شبيب رحمه الله
أن عائشة رضي الله عنها مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة
فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنزلوا الناس
منازلهم "
رواه أبو داود. لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة.
وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقا فقال: وذكر عن عائشة
رضي الله عنها قالت: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم "
وذكره الحاكم أبو عبد الله في كتابه (معرفة علوم الحديث) وقال هو حديث
صحيح.
215

357 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر
رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا. فقال عيينة
لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن له فأذن له
عمر. فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم
فينا بالعدل! فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين
إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين) *
(الأعراف 199) وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا
عند كتاب الله تعالى. رواه البخاري.
358 وعن أبي سعيد سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:
لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما فكنت أحفظ عنه فما
يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالا هم أسن مني. متفق عليه.
359 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه "
رواه الترمذي وقال حديث غريب.
45 باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب
زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة
قال الله تعالى (الكهف 60 66): * (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع
216

البحرين أو أمضي حقبا) * إلى قوله تعالى * (قال له موسى هل أتبعك
على أن تعلمن مما علمت رشدا؟) *. وقال تعالى (الكهف 28): * (واصبر
نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) *.
360 وعن أنس رضي الله عنه قال،
قال أبو بكر لعمر رضي الله عنه بعد وفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها. فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟
أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إني
لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أبكي أن الوحي
قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم.
217

361 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته
ملكا. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية.
قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله
تعالى. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
رواه مسلم.
يقال: أرصده لكذا إذا وكله بحفظه. و " المدرجة " بفتح الميم والراء: الطريق.
ومعنى " تربها ": تقوم بها وتسعى في صلاحها.
362 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد: بأن طبت وطاب
ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن. وفي بعض النسخ غريب.
363 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ
الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن
تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه
ريحا منتنة " متفق عليه.
" يحذيك ": يعطيك.
218

364 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر
بذات الدين تربت يداك " متفق عليه.
ومعنى ذلك: أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع فاحرص أنت على ذات
الدين واظفر بها واحرص على صحبتها.
365 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال،
قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل صلى الله عليه وسلم: " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ "
فنزلت: * (وما نتنزل إلا بأمر ربك، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين
ذلك) * (مريم 64). رواه البخاري.
366 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي "
رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به.
367 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح
وقال الترمذي حديث حسن.
368 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" المرء مع من أحب " متفق عليه.
وفي رواية: قال
219

قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: " المرء
مع من أحب ".
369 وعن أنس رضي الله عنه
أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما أعددت لها؟ " قال: حب الله ورسوله. قال: " أنت مع من أحببت "
متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية لهما: ما أعددت لها من كثير صوم
ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله.
370 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق
بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المرء مع من أحب " متفق عليه.
371 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في
الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف،
وما تناكر منها اختلف " رواه مسلم.
220

وروى البخاري قوله: " الأرواح " إلى آخره من رواية عائشة رضي الله
عنها.
372 وعن أسير بن عمرو. ويقال ابن جابر وهو بضم الهمزة وفتح السين
المهملة قال:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن
عامر؟ حتى أتى على أويس رضي الله عنه فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال:
من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟
قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن
كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على
الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "
فاستغفر لي. فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟ قال الكوفة. قال: ألا أكتب لك
إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي. فلما كان من العام المقبل حج رجل من
أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس فقال: تركته رث البيت قليل المتاع. قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من
قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم
على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "
221

فأتى أويسا فقال استغفر لي. قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي.
قال: لقيت عمر؟ قال: نعم. فاستغفر له. ففطن له الناس فانطلق على وجهه.
رواه مسلم.
وفي رواية لمسلم أيضا عن أسير بن جابر رضي الله عنه
أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر رضي الله عنه وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس فقال
عمر: هل ههنا أحد من القرنيين؟ فجاء ذلك الرجل. فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
قال:
" إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم
له قد كان به بياض فدعا الله تعالى فأذهبه إلا موضع الدينار أو الدرهم
فمن لقيه منكم فليستغفر لكم "
وفي رواية له عن عمر قال إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض
فمروه فليستغفر لكم ".
قوله: " غبراء الناس " بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباء وبالمد، وهم: فقراؤهم وصعاليكهم
ومن لا تعرف عينه من أخلاطهم.
و " الأمداد " جمع مدد وهم: الأعوان والناصرون الذين كانوا
يمدون المسلمين في الجهاد.
373 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي وقال: " لا تنسنا يا أخي من دعائك "
فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
222

وفي رواية: قال " أشركنا يا أخي في دعائك "
حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
374 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين.
متفق عليه.
وفي رواية:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا، وكان
الله] بن عمر يفعله.
46 باب فضل الحب في الله والحث عليه
وإعلام الرجل من يحبه وماذا يقول له إذا أعلمه
[374 384]
قال الله تعالى (الفتح 29): * (محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء
بينهم) * إلى آخر السورة. وقال تعالى (الحشر 9): * (والذين تبوءوا الدار
والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم) *.
375 وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في
الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " متفق عليه.
223

376 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ
في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله
اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن جمال فقال
إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " متفق عليه.
377 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم
في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " رواه مسلم.
378 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى
تحابوا، أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم "
رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكا "
وذكر الحديث إلى قوله " إن الله قد أحبك كما أحببته فيه " رواه مسلم.
224

وقد سبق في الباب قبله
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال في الأنصار " لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، من
أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله " متفق عليه.
وعن معاذ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور
يغبطهم النبيون والشهداء " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وعن أبي إدريس الخولاني رحمه الله قال
دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه فإذا اختلفوا في شئ
أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما
كان من الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى
صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك لله! فقال: آلله؟
فقلت: الله. فقال: آلله؟ فقلت: الله. فأخذ بخبوة ردائي فجبذني إليه فقال أبشر
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
225

" قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في،
والمتزاورين في، والمتباذلين في "
حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.
قوله: " هجرت ": أي بكرت وهو بتشديد الجيم قوله: " آلله فقلت: الله " الأول بهمزة
ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.
383 وعن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
384 وعن معاذ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: " يا معاذ والله إني لأحبك، ثم
أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك
وشكرك وحسن عبادتك "
حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
385 وعن أنس رضي الله عنه
أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا. فقال
له النبي صلى الله عليه وسلم: " أأعلمته؟ " قال: لا. قال: " أعلمه " فلحقه فقال: إني
أحبك في الله. فقال: أحبك الذي أحببتني له.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
226

47 باب علامات حب الله تعالى للعبد
والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها
قال الله تعالى (آل عمران 31): * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، ويغفر لكم
ذنوبكم، والله غفور رحيم) *. وقال تعالى (المائدة 54): * (يا أيها الذين آمنوا
من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على
المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة
لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم) *.
386 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما يتقرب
إلى عبدي بشئ أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي
يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني
أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري.
معنى " آذنته ": أعلمته بأني محارب له. وقوله " استعاذني " روي بالباء وروي بالنون.
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا
فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا،
227

فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا
فأحبه. فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا
فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا
دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل ثم
ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه. فيبغضه أهل السماء ثم
توضع له البغضاء في الأرض ".
388 وعن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم
ب * (قل هو الله أحد) * فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: " سلوه لأي شئ يصنع ذلك؟ " فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب
أن أقرأ بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخبروه أن الله تعالى يحبه " متفق عليه.
* 2 * 48 باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
وقال تعالى (الضحى 9، 10): * (فأما اليتيم
فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر) *.
228

وأما الأحاديث فكثيرة منها
حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الباب قبل هذا (انظر الحديث رقم 385) " من عادى
لي وليا فقد آذنته بالحرب "
ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه السابق (انظر الحديث رقم 260) في باب ملاطفة
اليتيم،
وقوله صلى الله عليه وسلم " يا أبا بكر لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت
ربك "
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته
بشئ، فإنه من يطلبه من ذمته بشئ يدركه ثم يكبه على وجهه في نار
جهنم " رواه مسلم.
* 2 * 49 باب إجراء أحكام الناس على الظاهر
وسرائرهم إلى الله تعالى
قال الله تعالى (التوبة 5): * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) *.
[التوبة 9 / 5]
229

390 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى " متفق عليه.
391 وعن أبي عبد الله طارق بن أشيم رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله
ودمه وحسابه على الله " رواه مسلم.
392 وعن أبي معبد المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال
قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى
يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أأقتله يا رسول الله بعد أن
قالها؟ فقال: " لا تقتله " فقلت: يا رسول الله قطع إحدى يدي ثم قال
ذلك بعد ما قطعها؟ فقال: " لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن
تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال " متفق عليه.
ومعنى " إنه بمنزلتك ": أي معصوم الدم محكوم بإسلامه. ومعنى " إنك بمنزلته ": أي
مباح الدم بالقصاص لورثته لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم. 393 وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت أنا
230

ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. فكف عنه الأنصاري وطعنته
برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي:
" يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قلت: يا رسول الله إنما كان
متعوذا. فقال: " أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " فما زال يكررها علي حتى
تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. متفق عليه.
وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أقال لا إله
إلا الله وقتلته؟ " قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح. قال: " أفلا شققت
عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟! " فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
" الحرقة " بضم الحاء المهملة وفتح الراء: بطن من جهينة القبيلة المعروفة. وقوله
" متعوذا ": أي معتصما بها من القتل لا معتقدا لها.
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وأنهم التقوا فكان
رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلا من المسلمين
قصد غفلته وكنا نتحدث أنه أسامة بن زيد، فلما رفع السيف قال: لا إله إلا الله.
فقتله، فجاء البشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله وأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف
صنع، فدعاه فسأله فقال: " لم قتلته؟ " فقال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل
فلانا وفلانا وسمى له نفرا، وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أقتلته؟! " قال: نعم. قال: " فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا
231

جاءت يوم القيامة؟ " قال: يا رسول الله استغفر لي. قال: " وكيف تصنع بلا إله
إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ " فجعل لا يزيد على أن يقول: " كيف تصنع بلا
إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ " رواه مسلم.
395 وعن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله عنه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله
عنه يقول:
إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن
الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا
خيرا أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شئ، الله يحاسبه في
سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته
حسنة. رواه البخاري.
50 باب الخوف
قال الله تعالى (البقرة 40): * (وإياي فارهبون) *.
وقال تعالى (البروج 12): * (إن بطش
ربك لشديد) *. وقال تعالى (هود 102 106): * (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى
وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة،
ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، وما نؤخره إلا لأجل معدود،
يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه، فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي
النار لهم فيها زفير وشهيق) *.
وقال تعالى (آل عمران 28): * (ويحذركم
232

الله نفسه) *. وقال تعالى (عبس 34 37): * (يوم يفر المرء من أخيه، وأمه
وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) *.
وقال تعالى (الحج 1، 2): * (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ
عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل
حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) *.
وقال تعالى (الرحمن 46): * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) *
الآيات. وقال تعالى (الطور 25 28): * (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا: إنا كنا قبل في
أهلنا مشفقين، فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم، إنا كنا من قبل
ندعوه إنه هو البر الرحيم) *
والآيات في الباب كثيرة جدا معلومات، والغرض الإشارة إلى بعضها وقد حصل.
وأما الأحاديث فكثيرة جدا فنذكر منها طرفا، وبالله التوفيق:
396 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو الصادق المصدوق:
" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة
مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح،
ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقي أو سعيد.
233

فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه
وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع
فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " متفق عليه.
397 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون
ألف ملك يجرونها " رواه مسلم.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه
جمرتان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وإنه لأهونهم
عذابا " متفق عليه.
399 وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
" منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم
من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته " رواه مسلم.
" الحجزة ": معقد الإزار تحت السرة. و " الترقوة " بفتح الراء وضم القاف: هي العظم الذي
عند ثغرة النحر. وللإنسان ترقوتان في جانبي النحر.
234

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف
أذنيه " متفق عليه.
" الرشح ": العرق.
401 وعن أنس رضي الله عنه قال
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: " لو تعلمون ما أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين.
متفق عليه.
وفي رواية:
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شئ فخطب فقال: " عرضت علي الجنة
والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا
ولبكيتم كثيرا " فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه، غطوا رؤوسهم ولهم
خنين.
" الخنين " بالخاء المعجمة: هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف.
402 وعن المقداد رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل (قال
سليم بن عامر الراوي عن المقداد: فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي
يكحل به العين) فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق. فمنهم من يكون إلى
235

كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم
من يلجمه العرق إلجاما " وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه. رواه مسلم.
403 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا،
ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم " متفق عليه.
ومعنى " يذهب في الأرض ": ينزل ويغوص.
وعنه رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة فقال: " هل تدرون ما هذا؟ " قلنا الله
ورسوله أعلم. قال: " هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في
النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها " رواه مسلم.
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر
أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم،
وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق
تمرة " متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني أرى ما لا ترون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع
236

أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى، والله لو تعلمون ما أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم
إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
و " أطت " بفتح الهمزة وتشديد الطاء، و " تئط " بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة
" الأطيط ": صوت الرحل والقتب وشبههما. ومعناه: أن كثرة من في السماء من الملائكة
العابدين قد أثقلتها حتى أطت. و " الصعدات " بضم الصاد والعين: الطرقات. ومعنى
" تجأرون " تستغيثون.
وعن أبي برزة براء ثم زاي نضلة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن
علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم
أبلاه " رواه الترمذي وقال حديث حسن. صحيح
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم * (يومئذ تحدث أخبارها) * (الزلزلة 4) ثم قال:
" أتدرون ما أخبارها؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " فإن أخبارها أن تشهد
على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا
وكذا، فهذه أخبارها " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
237

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى
يؤمر بالنفخ فينفخ " فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:
" قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" القرن ": هو الصور الذي قال الله تعالى (الزمر 68): * (ونفخ في الصور) *
كذا فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا
إن سلعة الله الجنة " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" أدلج " بإسكان الدال ومعناه: سار من أول الليل. والمراد: التشمير في الطاعة، والله
أعلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يحشر الناس يوم القيامة حفاة، عراة، غرلا " قلت: يا رسول الله الرجال
والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: " يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم
ذلك "
وفي رواية: " الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض " متفق عليه.
" غرلا " بضم الغين المعجمة: أي غير مختونين.
238

باب الرجاء
قال الله تعالى (الزمر 53): * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من
رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم) *.
وقال تعالى (سبأ 17): * (وهل نجازي إلا الكفور) *.
وقال تعالى (طه 48): * (إنا قد
أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى) *. وقال تعالى (الأعراف 156): *
(ورحمتي وسعت كل شئ) *.
412 وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح
منه، والجنة والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل "
متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " من شهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار ".
413 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد،
ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا
239

تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني
يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا
لقيته بمثلها مغفرة " رواه مسلم.
معنى الحديث: من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي وإن زاد زدت، فإن
أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة: أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم
أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود. و " قراب الأرض " بضم القاف ويقال بكسرها
والضم أصح وأشهر ومعناه: ما يقارب ملأها، والله أعلم.
414 وعن جابر رضي الله عنه قال
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: " من مات
لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك به شيئا دخل النار "
رواه مسلم.
415 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل قال: " يا معاذ " قال: لبيك
يا رسول الله وسعديك. قال: " يا معاذ " قال: لبيك رسول الله وسعديك. قال:
" يا معاذ " قال: لبيك رسول الله وسعديك، ثلاثا. قال: " ما من عبد يشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار "
قال: يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: " إذا يتكلوا " فأخبر بها معاذ
عند موته تأثما. متفق عليه.
قوله " تأثما ": أي خوفا من الإثم في كتم هذا العلم.
416 وعن أبي هريرة أو أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (شك الراوي ولا
يضر الشك في عين الصحابي لأنهم كلهم عدول) قال:
240

لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا
نواضحنا فأكلنا وادهنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " افعلوا " فجاء عمر رضي الله عنه فقال:
يا رسول الله إن فعلت قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم عليها
بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم " فدعا بنطع
فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجئ بكف ذرة، ويجئ الآخر بكف تمر، ويجئ
الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شئ يسير، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة ثم قال:
" خذوا في أوعيتكم " فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه وأكلوا حتى
شبعوا وفضل فضلة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله
لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة " رواه مسلم.
417 وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه وهو ممن شهد بدرا قال:
كنت أصلي لقومي بني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشق علي
اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أنكرت بصري وإن الوادي
الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه، فوددت أنك تأتي
فتصلي في بيتي مكانا أتخذه مصلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سأفعل " فغدا علي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه بعد ما اشتد النهار، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم
يجلس حتى قال: " أين تحب أن أصلي من بيتك؟ " فأشرت له إلى المكان الذي أحب
أن يصلي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر وصففنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين
سلم، فحبسته على خزيرة تصنع له، فسمع أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فثاب رجال
241

منهم حتى كثر الرجال في البيت. فقال رجل: ما فعل مالك لا أراه! فقال رجل: ذلك
منافق لا يحب الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقل ذلك! ألا تراه قال لا إله
إلا الله يبتغي بذلك وجه الله تعالى " فقال: الله ورسوله أعلم أما نحن فوالله
ما نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإن الله قد حرم على
النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " متفق عليه.
و " عتبان " بكسر العين المهملة وإسكان التاء المثناة فوق وبعدها باء موحدة
و " الخزيرة " بالخاء المعجمة، والزاي: هي دقيق يطبخ بشحم. وقوله: " ثاب رجال ": بالثاء
المثلثة أي جاءوا واجتمعوا.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى إذا وجدت صبيا في السبي
أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أترون هذه المرأة طارحة
ولدها في النار؟ " قلنا: لا والله. فقال: " لله أرحم بعباده من هذه بولدها "
متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن
رحمتي تغلب غضبي،
وفي رواية: غلبت غضبي، وفي رواية: سبقت غضبي " متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في
242

الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة
حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه "
وفي رواية: " إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها
رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها
يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعا وتسعين
رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة " متفق عليه.
ورواه مسلم أيضا من رواية سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن لله تعالى مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق بينهم، وتسع
وتسعون ليوم القيامة "
وفي رواية
" إن الله تعالى خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة كل رحمة
طباق ما بين السماء إلى الأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف
الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم
القيامة أكملها بهذه الرحمة ".
243

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تعالى
قال:
" أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال الله تبارك وتعالى:
أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى:
أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى:
أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت
لعبدي فليفعل ما شاء " متفق عليه.
وقوله تعالى: " فليفعل ما شاء ": أي ما دام يفعل هكذا يذنب ويتوب أغفر له فإن
التوبة تهدم ما قبلها.
وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون
فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم " رواه مسلم.
423 وعن أبي أيوب خالد بن يزيد، رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون فيغفر
لهم " رواه مسلم.
424 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا قعودا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر رضي الله
244

عنهما في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع
دوننا ففزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
أتيت حائطا للأنصار وذكر الحديث بطوله إلى قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اذهب فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا
بها قلبه فبشره بالجنة " رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: * (رب إنهن أضللن كثيرا
من الناس فمن تبعني فإنه مني) * الآية (إبراهيم 36)، وقال عيسى صلى الله عليه وسلم: *
(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * (المائدة
118) فرفع يديه وقال: " اللهم أمتي أمتي " وبكى. فقال الله عز وجل:
" يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيه؟ " فأتاه جبريل
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم. فقال الله تعالى: " يا جبريل اذهب إلى
محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك " رواه مسلم.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:
245

كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: " يا معاذ هل تدري ما حق الله على
عباده وما حق العباد على الله؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: " فإن حق الله
على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب
من لا يشرك به شيئا " فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: " لا تبشرهم
فيتكلوا " متفق عليه.
427 وعن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله فذلك قوله تعالى: * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة) * [إبراهيم: 27]. متفق عليه.
428 وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا. وأما المؤمن فإن
الله تعالى يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته "
وفي رواية: " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة،
يعطى بها في الدنيا، ويجزي بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات
ما عمل لله تعالى في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة
يجزى بها " رواه مسلم.
246

وعن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه
كل يوم خمس مرات " رواه مسلم.
" الغمر ": الكثير.
430 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون
بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم.
431 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين فقال: " أترضون أن تكونوا
ربع أهل الجنة؟ " قلنا: نعم. قال: " أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ "
قلنا: نعم. قال: " والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل
الجنة. وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك
إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور
الأحمر " متفق عليه.
432 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول:
هذا فكاكك من النار "
وفي رواية عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
247

" يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال يغفرها الله
لهم " رواه مسلم.
قوله " دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول: هذا فكاكك من
النار " معناه ما جاء في
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: " لكل أحد منزل في الجنة
ومنزل في النار. فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لأنه مستحق
لذلك بكفره "
ومعنى " فكاكك ": أنك كنت معرضا لدخول النار هذا فكاكك، لأن الله تعالى قدر
للنار عددا يملؤها فإذا دخلها الكفار بذنوبهم وكفرهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين،
والله أعلم.
433 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه كنفه
فيقرره بذنوبه فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب
أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم.
فيعطى صحيفة حسناته " متفق عليه.
" كنفه ": ستره ورحمته.
434 وعن ابن مسعود رضي الله عنه
أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله تعالى (هود 114): * (وأقم
248

الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) *
فقال الرجل: ألي هذا يا رسول الله؟ قال: " لجميع أمتي كلهم "
متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي. وحضرت الصلاة
فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى الصلاة قال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم في كتاب
الله. قال: " هل حضرت معنا الصلاة؟ " قال: نعم. قال: " قد غفر لك "
متفق عليه.
وقوله " أصبت حدا " معناه: معصية توجب التعزير، وليس المراد الحد الشرعي
الحقيقي كحد الزنا والخمر وغيرهما فإن هذه الحدود لا تسقط بالصلاة، ولا يجوز للإمام تركها.
436 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب
الشربة فيحمده عليها " رواه مسلم.
" الأكلة ": بفتح الهمزة وهي المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة، والله أعلم.
437 وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده
بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم.
249

438 وعن أبي نجيح عمرو بن عبسة بفتح العين والباء السلمي رضي الله عنه
قال:
كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شئ وهم يعبدون
الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا، جرآء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له:
ما أنت؟ قال: " أنا نبي " فقلت: وما نبي؟ قال: " أرسلني الله " فقلت: بأي شئ
أرسلك؟ قال: " أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان وأن يوحد الله
لا يشرك به شئ " قلت: فمن معك على هذا؟ قال: " حر وعبد " ومعه يومئذ أبو بكر
وبلال رضي الله عنهما فقلت: إني متبعك. قال: " إنك لن تستطيع ذلك يومك
هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد
ظهرت فأتني "
قال: فذهبت إلى أهلي وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكنت في أهلي فجعلت أتخبر
الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة حتى قدم نفر من أهل المدينة فقلت: ما فعل هذا
الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك
فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: " نعم أنت الذي
لقيتني بمكة " قال فقلت: يا رسول الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن
الصلاة؟ قال: " صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، الشمس
قيد رمح، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها
الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل
250

بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل
الفئ فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم اقصر عن
الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها
الكفار "
قال فقلت: يا نبي الله فالوضوء حدثني عنه؟ فقال: " ما منكم رجل يقرب
وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر
إلا خرت خطايا وجهه وفيه
وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا يديه من أطراف
لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من
أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع
الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع
الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له
أهل، وفرغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته
أمه "
فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له
أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو:
يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله
تعالى ولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا (حتى
عد سبع مرات) ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك. رواه مسلم.
251

قوله " جرآء عليه قومه ": هو بجيم مضمومة وبالمد على وزن علماء، أي جاسرون
مستطيلون غير هائبين. هذه الرواية المشهورة ورواه الحميدي وغيره " حراء عليه " بكسر الحاء
المهملة، وقال: معناه: غضاب ذوو غم وهم قد عيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم، من
قولهم: حرى جسمه يحرى إذا نقص من ألم أو غم ونحوه. والصحيح أنه بالجيم.
قوله صلى الله عليه وسلم " بين قرني شيطان ": أي ناحيتي رأسه. والمراد التمثيل. معناه: أنه
حينئذ يتحرك الشيطان وشيعته ويتسلطون.
وقوله: " يقرب وضوءه " معناه: يحضر الماء الذي يتوضأ به. وقوله " إلا خرت
خطايا " هو بالخاء المعجمة: أي سقطت. ورواه بعضهم " جرت " بالجيم. والصحيح
بالخاء. وهو رواية الجمهور. وقوله " فينتثر ": أي يستخرج ما في أنفه من أذى. والنثرة:
طرف الأنف.
439 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا
وسلفا بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو حي
ينظر فأقر عينه بهلاكها حين كذبوه وعصوا أمره " رواه مسلم.
52 باب فضل الرجاء
قال الله تعالى إخبارا عن العبد الصالح (غافر 44، 45): * (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير
بالعباد، فوقاه الله سيئات ما مكروا) *.
440 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
252

" قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني،
والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي
شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإذا
أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول "
متفق عليه. وهذا لفظ إحدى روايات مسلم. وتقدم شرحه في الباب قبله
وروي في الصحيحين: " وأنا معه حين يذكرني " بالنون وفي هذه الرواية
" حيث " بالثاء وكلاهما صحيح.
441 وعن جابر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل
موته بثلاثة أيام يقول:
" لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل " رواه مسلم.
442 وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على
ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم
لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" عنان السماء " بفتح العين قيل هو: ما عن لك منها: أي ظهر إذا رفعت رأسك.
وقيل هو: السحاب. و " قراب الأرض " بضم القاف، وقيل بكسرها، والضم أصح وأشهر
هو: ما يقارب ملأها، والله أعلم.
253

53 باب الجمع بين الخوف والرجاء
اعلم أن المختار للعبد في حال صحته أن يكون خائفا راجيا، ويكون خوفه ورجاؤه
سواء، وفي حال المرض يمحض الرجاء. وقواعد الشرع من نصوص الكتاب والسنة وغير ذلك
متظاهرة على ذلك.
قال الله تعالى (الأعراف 99): * (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) *.
وقال تعالى (يوسف 87): * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) *.
وقال تعالى (آل عمران 106): * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *. وقال تعالى
(الأعراف 167): * (إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم) *. وقال تعالى
(الانفطار 13، 14): * (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) *. وقال
تعالى (القارعة 6 9): * (فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وأما من خفت
موازينه فأمه هاوية) *.
والآيات في هذا المعنى كثيرة. فيجتمع الخوف والرجاء في آيتين مقترنتين أو آيات أو آية.
443 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم
الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد " رواه مسلم.
444 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
254

" إذا وضعت الجنازة واحتملها الناس أو الرجال على أعناقهم فإن
كانت صالحة قالت: قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا
ويلها! أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمعه
صعق " رواه البخاري.
445 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
" الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك "
رواه البخاري.
* 2 * 54 باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه
[445 454]
قال الله تعالى (الإسراء 109): * (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) *.
وقال تعالى (النجم 59، 60): * (أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون
ولا تبكون!) *.
446 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
" اقرأ علي القرآن " قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: " إني
أحب أن أسمعه من غيري " فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية:
255

* (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)
* (النساء 41) قال: " حسبك الآن " فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه.
447 وعن أنس رضي الله عنه قال:
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: " لو تعلمون ما أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم
خنين " متفق عليه.
وسبق بيانه في باب الخوف
448 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع،
ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
449 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ
في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله
اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال
256

إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " متفق عليه.
450 وعن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من
البكاء. حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح.
451 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن
كعب رضي الله عنه:
" إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك: * (لم يكن الذين
كفروا) * (البينة) قال: وسماني؟ قال: " نعم " فبكى. متفق عليه.
وفي رواية: فجعل أبي يبكي.
وعنه رضي الله عنه قال:
قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها. فلما انتهينا إليها بكت. فقالا لها
ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت:
إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أبكي أن
الوحي قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.
رواه مسلم.
257

وقد سبق في باب زيارة أهل الخير
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قيل له في الصلاة. قال: " مروا أبا بكر
فليصل بالناس " فقالت عائشة رضي الله عنها: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه
البكاء. فقال: " مروه فليصل "
وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت: إن أبا بكر إذا قام
مقامك لم يسمع الناس من البكاء. متفق عليه.
454 وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائما فقال:
قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه، وهو خير مني، فلم يوجد له ما يكفن
فيه إلا بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه،
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا قد
خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.
رواه البخاري.
455 وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس شئ أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين: قطرة دموع من
خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله. وأما الأثران: فأثر في سبيل الله
تعالى، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
258

وفي الباب أحاديث كثيرة. منها:
حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون.
وقد سبق في باب النهي عن البدع
55 باب فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها
وفضل الفقر
قال الله تعالى (يونس 24): * (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به
نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها
وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها
حصيدا كأن لم تغن بالأمس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) *.
وقال تعالى (الكهف 45، 46): * (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من
السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح، وكان الله على
كل شئ مقتدرا. المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير
عند ربك ثوابا وخير أملا) *. وقال تعالى (الحديد 20): * (اعلموا أنما
الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد،
259

كمثل غيث أعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفرا، ثم يكون حطاما
، وفي الآخرة عذاب شديد، ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلا متاع
الغرور) *. وقال تعالى (آل عمران 14): * (زين للناس حب الشهوات من
النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة
والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا، والله عنده حسن المآب) *.
وقال تعالى (فاطر 5): * (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة
الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) *. وقال تعالى (التكاثر 1 5): * (ألهاكم
التكاثر، حتى زرتم المقابر، كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون،
كلا لو تعلمون علم اليقين) *. وقال تعالى (العنكبوت 64): * (وما هذه الحياة
الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) *.
[العنكبوت 29 / 64]
والآيات في الباب كثيرة مشهورة.
وأما الأحاديث فأكثر من أن تحصر فننبه بطرف منها على ما سواه:
457 عن عمر بن عوف الأنصاري رضي الله عنه
260

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي
بجزيتها فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرفوا فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين رآهم ثم قال: " أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشئ من البحرين؟ "
فقالوا: أجل يا رسول الله. فقال: " أبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى
عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان
قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم " متفق عليه.
458 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال:
" إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا
وزينتها " متفق عليه.
459 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف
تعملون؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء " رواه مسلم.
460 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " متفق عليه.
261

وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد:
يرجع أهله وماله، ويبقى عمله " متفق عليه.
462 وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بأنعم أهل
الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن
آدم هل رأيت خيرا قط، هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله
يا رب! ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في
الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط، هل مر بك شدة قط؟
فيقول: لا والله ما مر بي بؤس قط، ولا أيت شدة قط " رواه مسلم.
463 وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر
بم يرجع! " رواه مسلم.
464 وعن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفتيه، فمر بجدي أسك ميت، فتناوله
فأخذ بأذنه ثم قال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ " فقالوا: ما نحب أنه
لنا بشئ وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم؟ " قالوا: والله لو كان حيا كان
262

عيبا أنه أسك فكيف وهو ميت! فقال: " فوالله للدنيا أهون على الله من هذا
عليكم " رواه مسلم.
قوله " كنفتيه ": أي عن جانبيه. و " الأسك ": الصغير الأذن.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة فاستقبلنا أحد فقال: " يا أبا ذر "
قلت: لبيك يا رسول الله. قال: " ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا تمضي علي
ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا شئ أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد
الله هكذا وهكذا وهكذا " عن يمينه وعن شماله ومن خلفه. ثم سار فقال: " إن
الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا "
عن يمينه وعن شماله وعن خلفه " وقليل ما هم "
ثم قال لي: " مكانك لا تبرح حتى آتيك " ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى،
فسمعت صوتا قد ارتفع فتخوفت أن يكون أحد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن آتيه فذكرت
قوله " لا تبرح حتى آتيك " فلم أبرح حتى أتاني. فقلت: لقد سمعت صوتا تخوفت
منه فذكرت له. فقال: " وهل سمعته؟ " قلت: نعم. قال: " ذاك جبريل أتاني
فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " قلت: وإن زنى
وإن سرق؟ قال: " وإن زنى وإن سرق " متفق عليه. هذا لفظ البخاري.
263

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو كان لي مثل أحد ذهبا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه
شئ إلا شئ أرصده لدين " متفق عليه.
467 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو
أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية البخاري: " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال
والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ".
468 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة! إن أعطي رضي،
وإن لم يعط لم يرض " رواه البخاري.
469 وعنه رضي الله عنه قال:
لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء: إما إزار
264

وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم. فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها
ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته " رواه البخاري.
470 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " رواه مسلم.
471 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر
سبيل "
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا
تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك،
ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.
قالوا في شرح هذا الحديث معناه: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطنا، ولا تحدث نفسك
بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا
تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله التوفيق.
472 وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني
الناس. فقال: " أزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك
الناس " حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة.
473 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:
ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا
265

فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي، ما يجد من الدقل
ما يملأ به بطنه. رواه مسلم.
" الدقل " بفتح الدال المهملة والقاف: ردئ التمر.
474 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي شئ يأكله ذو كبد إلا شطر
شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني. متفق عليه.
قولها " شطر شعير ": أي شئ من شعير. كذا فسره الترمذي.
475 وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله
عنها قال:
ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا، ولا درهما ولا عبدا ولا
أمة ولا شيئا، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضا جعلها
لابن السبيل صدقة. رواه البخاري.
476 وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:
هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله تعالى فوقع أجرنا على
الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب ابن عمير رضي
الله عنه قتل يوم أحد وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت
266

رجلاه، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئا من الإذخر، ومنا من أينعت له
ثمرته فهو يهدبها " متفق عليه.
" النمرة " كساء ملون من صوف. وقوله " أينعت ": أي نضجت وأدركت. وقوله
" يهدبها " هو بفتح الياء وضم الدال وكسرها لغتان: أي يقطفها ويجتنيها. وهذه استعارة
لما فتح عليهم من الدنيا وتمكنوا فيها.
477 وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة
ماء " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
478 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله تعالى وما والاه،
وعالما ومتعلما " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
479 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
480 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
267

مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نعالج خصا لنا فقال: " ما هذا؟ " فقلنا: قد
وهي فنحن نصلحه. فقال: " ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك "
رواه أبو داود والترمذي بإسناد البخاري ومسلم
وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
482 وعن أبي عمرو، ويقال أبو عبد الله، ويقال أبو ليلى عثمان بن عفان
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري
عورته، وجلف الخبز والماء " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
قال الترمذي: سمعت أبا داود سليمان بن أسلم البلخي يقول: سمعت النضر بن شميل
يقول: الجلف: الخبز ليس معه إدام. وقال غيره: هو غليظ الخبز. وقال الهروي المراد به هنا:
وعاء الخبز كالجوالق والخرج، والله أعلم.
483 وعن عبد الله بن الشخير بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين رضي الله
عنه أنه قال:
268

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: * (ألهاكم التكاثر) * (التكاثر) قال: " يقول
ابن آدم: مالي مالي! وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت،
أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟! " رواه مسلم.
484 وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال،
قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله والله إني لأحبك. فقال: " انظر ماذا
تقول؟ " قال: والله إني لأحبك (ثلاث مرات) فقال: " إن كنت تحبني فأعد للفقر
تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" التجفاف " بكسر التاء المثناة فوق وإسكان الجيم وبالفاء المكررة هو: شئ يلبسه الفرس
ليتقى به الأذى، وقد يلبسه الإنسان.
485 وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال
والشرف لدينه " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
486 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال
نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه. قلنا: يا رسول الله لو اتخذنا
لك وطاء. فقال: " ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت
269

شجرة ثم راح وتركها " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
487 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
488 وعن ابن عباس وعمران بن الحصين رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت
أكثر أهلها النساء " متفق عليه من رواية ابن عباس.
ورواه البخاري أيضا من رواية عمران بن الحصين.
489 وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد
محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار " متفق عليه.
و " الجد ": الحظ والغنى. وقد سبق بيان هذا الحديث في باب فضل الضعفة
490 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل " متفق عليه.
270

56 باب فضل الجوع وخشونة العيش
والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس
وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات
قال الله تعالى (مريم 59، 60): * (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات
فسوف يلقون غيا، إلا من تاب وآمن وعمل صالحا، فأولئك يدخلون الجنة
ولا يظلمون شيئا) *.
وقال تعالى (القصص 79، 80): * (فخرج على قومه في
زينته، قال الذين يريدون الحياة الدنيا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو
حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم: ويلكم! ثواب الله خير لمن آمن وعمل
صالحا) *.
وقال تعالى (التكاثر 8): * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) *.
وقال تعالى (الإسراء 18): * (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء
لمن نريد، ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا) *.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
491 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض.
متفق عليه.
271

وفي رواية: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام
البر ثلاث ليال تباعا حتى قبض.
492 وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول:
والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال: ثلاثة
أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. قلت: يا خالة
فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان
لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح وكانوا يرسلون إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا. متفق عليه.
493 وعن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه فأبى أن يأكل وقال: خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير. رواه البخاري.
" مصلية " بفتح الميم: أي مشوية.
494 وعن أنس رضي الله عنه قال:
لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزا مرققا
حتى مات. رواه البخاري.
وفي رواية له: ولا رأى شاة سميطا بعينه قط.
272

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:
لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه. رواه مسلم.
" الدقل ": تمر ردئ.
496 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين ابتعثه الله تعالى حتى قبضه الله.
فقيل له: هل كان لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل؟ قال: ما رأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه الله تعالى حتى قبضه الله تعالى. فقيل
له: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه
فيطير ما طار وما بقي ثريناه. رواه البخاري.
قوله: " النقي ": هو بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء وهو الخبز الحواري،
وهو الدرمك. قوله " ثريناه " هو بثاء مثلثة، ثم راء مشددة، ثم ياء مثناة من تحت ثم
نون، أي: بللناه وعجناه. 497 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال:
" ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول الله. قال:
" وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما! قوما " فقاما معه، فأتى
رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته. فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أين فلان؟ " قالت: ذهب يستعذب لنا الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. فانطلق
273

فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال: كلوا. وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إياك والحلوب " فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا. فلما أن شبعوا
ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: " والذي نفسي بيده لتسألن
عن هذا النعيم يوم القيامة! أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى
أصابكم هذا النعيم " رواه مسلم.
قولها " يستعذب ": أي يطلب الماء العذب وهو الطيب. و " العذق " بكسر العين
وإسكان الذال المعجمة: هو الكباسة، وهي الغصن. و " المدية " بضم الميم وكسرها هي:
السكين. و " الحلوب ": ذات اللبن. والسؤال عن هذا النعيم سؤال تعديد النعم لا سؤال توبيخ
وتعذيب، والله أعلم. وهذا الأنصاري الذي أتوه هو: أبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنه، كذا
جاء مبينا في رواية الترمذي وغيره.
498 وعن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان، وكان أميرا
على البصرة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الدنيا قد آذنت
بصرم، وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها
صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير
ما بحضرتكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها
سبعين عاما لا يدرك لها قعرا، والله لتملأن، أفعجبتم! ولقد ذكر لنا أن
ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما، وليأتين عليها يوم
وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا
274

طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة فشققتها بيني
وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها، فما أصبح اليوم
منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في
نفسي عظيما وعند الله صغيرا. رواه مسلم.
قوله " آذنت " هو بمد الألف: أي أعلمت. وقوله " بصرم " هو بضم الصاد: أي
بانقطاعها وفنائها. " وولت حذاء " هو بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة ثم
ألف ممدودة: أي سريعة. و " الصبابة " يضم الصاد المهملة: وهي البقية اليسيرة. وقوله
" يتصابها " هو بتشديد الباء قبل الهاء: أي يجمعها. و " الكظيظ ": الكثير الممتلئ.
وقوله " قرحت " هو بفتح القاف وكسر الراء: أي صار فيها قروح.
499 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
أخرجت لنا عائشة رضي الله عنها كساء وإزارا غليظا قالت: قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين. متفق عليه.
500 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ولقد كنا نغزو مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر، حتى إن كان أحدنا
ليضع كما تضع الشاة ما له خلط. متفق عليه.
" الحبلة " بضم الحاء المهملة وإسكان الباء الموحدة: وهي والسمر نوعان معروفان من شجر
البادية.
275

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا " متفق عليه.
قال أهل اللغة والغريب معنى " قوتا ": أي ما يسد الرمق.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد
الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر بي النبي
صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي، ثم قال: " أبا هر " قلت: لبيك
يا رسول الله. قال: " الحق " ومضى فاتبعته، فدخل فاستأذن فأذن لي. فدخلت فوجد
لبنا في قدح فقال: " من أين هذا اللبن؟ " قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة. قال:
" أبا هر " قلت: لبيك يا رسول الله. قال: " الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي "
قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته
صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم
فيها. فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن
شربة أتقوى بها، فإذا جاءوا أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم
يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم
وأخذوا مجالسهم من البيت. قال: " أبا هر " قلت: لبيك يا رسول الله. قال: " خذ
فأعطهم " قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي
القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى
يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح
فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال: " أبا هر " قلت: لبيك يا رسول الله. قال:
" بقيت أنا وأنت " قلت: صدقت يا رسول الله. قال: " اقعد فاشرب " فقعدت
فشربت. فقال: " اشرب " فشربت. فما زال يقول: " اشرب " حتى قلت: لا والذي
276

بعثك بالحق لا أجد له مسلكا. قال: " فأرني " فأعطيته القدح فحمد الله تعالى وسمى
وشرب الفضلة. رواه البخاري.
وعن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجرة
عائشة رضي الله عنها مغشيا علي فيجئ الجائي فيضع رجله على
عنقي ويرى أني مجنون وما بي من جنون، ما بي إلا الجوع. رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من
شعير. متفق عليه.
505 وعن أنس رضي الله عنه قال:
رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشعير، ومشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة. ولقد
سمعته يقول: " ما أصبح لآل محمد صاع ولا أمسى " وإنهم لتسعة أبيات.
رواه البخاري.
" الإهالة " بكسر الهمزة: الشحم الذائب. و " السنخة " بالنون والخاء المعجمة وهي:
المتغيرة.
506 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء. إما إزار
وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم منها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ
277

الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته. رواه البخاري.
507 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوه ليف. رواه البخاري.
508 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه ثم أدبر الأنصاري. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أخا الأنصار كيف أخي سعد بن عبادة؟ " فقال:
صالح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يعوده منكم؟ " فقام وقمنا معه ونحن بضعة
عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى
جئناه، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين معه. رواه مسلم.
509 وعن عمران بن الحصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " قال عمران: فما
أدري قال النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا " ثم يكون بعدهم قوم يشهدون
ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر
فيهم السمن " متفق عليه.
510 وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
278

" يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك،
ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري الخطمي رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه
فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" سربه " بكسر السين المهملة: أي نفسه. وقيل: قومه.
512 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قد أفلح من أسلم، وكان رزقه كفافا، وقنعه الله بما آتاه " رواه مسلم.
513 وعن أبي محمد فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافا، وقنع "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
514 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
279

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا، وأهله لا يجدون
عشاء، وكان أكثر خبزهم خبر الشعير. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
515 وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة
وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين. فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف
إليهم فقال: " لو تعلمون ما لكم عند الله تعالى لأحببتم أن تزدادوا فاقة
وحاجة " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
" الخصاصة ": الفاقة والجوع الشديد.
516 وعن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن
صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" أكلات ": أي لقم.
517 وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رضي الله عنه قال
ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا تسمعون
280

ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان " يعني: التقحل.
رواه أبو داود.
" البذاذة " بالباء الموحدة والذالين المعجمتين وهي: رثاثة الهيئة وترك فاخر
اللباس. وأما " التقحل " فبالقاف والحاء قال أهل اللغة: المتقحل هو: الرجل اليابس الجلد
من خشونة العيش وترك الترفه. 518 وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة رضي الله عنه نتلقى عيرا لقريش، وزودنا
جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. فقيل: كيف كنتم
تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليهم من الماء فتكفينا يومنا إلى
الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر
فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فقال أبو
عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم
فكلوا. فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه
بالقلال الدهن، ونقطع منه الفدر كالثور أو كقدر الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا
فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها،
وتزودنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال:
" هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شئ فتطعمونا؟ " فأرسلنا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله. رواه مسلم.
" الجراب ": وعاء من جلد معروف، وهو بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح. قوله
" نمصها " بفتح الميم و " الخبط ": ورق شجر معروف تأكله الإبل. و " الكثيب ": التل من
الرمل. و " الوقب " بفتح الواو وإسكان القاف وبعدها باء موحدة وهو: نقرة العين.
و " القلال ": الجرار. و " الفدر " بكسر الفاء وفتح الدال: القطع. " رحل البعير " بتخفيف
الحاء: أي جعل عليه الرحل. " الوشائق " بالشين المعجمة والقاف: اللحم الذي قطع ليقدد
منه، والله أعلم.
281

وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت:
كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرصغ.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
" الرصغ " بالصاد والرسغ بالسين أيضا هو: المفصل بين الكف والساعد.
وعن جابر رضي الله عنه قال:
إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية
عرضت في الخندق. فقال: " أنا نازل " ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام
لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم. فقلت: يا
رسول الله ائذن لي إلى البيت. فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما في ذلك صبر
فعندك شئ؟ فقالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم
في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج
فقلت: طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان. قال: " كم هو؟ " فذكرت
له فقال: " كثير طيب قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى
آتي " فقال: " قوموا " فقام المهاجرون والأنصار فدخلت عليها فقلت: ويحك! جاء
النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. قال:
282

" ادخلوا ولا تضاغطوا " فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة
والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا
وبقي منه. فقال: " كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة ". متفق عليه.
وفي رواية قال جابر:
لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا فانكفأت إلى امرأتي فقلت: هل عندك شئ؟
فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا. فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة
داجن فذبحتها، وطحنت ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه. فجئته فساررته فقلت: يا
رسول الله ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير فتعال أنت ونفر معك. فصاح
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا فحيهلا بكم "
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجئ " فجئت
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك! فقلت: قد فعلت الذي
قلت. فأخرجت عجيننا فبسق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيه وبارك ثم قال:
" ادعي خابزة فلتخبز معك، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها " وهم ألف،
فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما
هو.
قوله " عرضت كدية " هي: قطعة
غليظة صلبة من الأرض لا تعمل فيها الفأس. و " الكثيب " أصله تل الرمل. والمراد هنا:
صارت ترابا ناعما، وهو معنى " أهيل " و " الأثافي " الأحجار التي يكون عليها القدر.
و " تضاغطوا ": تزاحموا. و " المجاعة ": الجوع وهو بفتح الميم. و " الخمص " بفتح الخاء
المعجمة والميم: الجوع. و " انكفأت ": انقلبت ورجعت. و " البهيمة " بضم الباء تصغير
283

بهمة وهي: العناق بفتح العين. و " الداجن " هي: التي ألفت البيت. و " السور "
الطعام الذي يدعى الناس إليه، وهو بالفارسية. و " حيهلا ": أي تعالوا. وقولها " بك
وبك ": أي خاصمته وسبته لأنها اعتقدت أن الذي عندها لا يكفيهم فاستحيت وخفي عليها
ما أكرم الله سبحانه وتعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه المعجزة الظاهرة، والآية الباهرة. " بسق ":
أي بصق. ويقال أيضا: بزق: ثلاث لغات. و " عمد " بفتح الميم: أي قصد.
و " اقدحي ": أي اغرفي. والمقدحة: المغرفة. و " تغط ": أي لغليانها صوت، والله أعلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال،
قال أبو طلحة لأم سليم: قد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع فهل
عندك من شئ؟ فقالت: نعم. فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخذت خمارا لها فلفت الخبز
ببعضه ثم دسته تحت ثوبي وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت به
فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم. فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرسلك أبو طلحة؟ " فقلت:
نعم. فقال: " الطعام؟ " فقلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قوموا " فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة
فأخبرته. فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا
ما نطعمهم. فقالت: الله ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم معه حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هلمي ما عندك يا أم سليم "
فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة فآدمته ثم
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ثم قال: " ائذن لعشرة " فأذن لهم فأكلوا
حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال: " ائذن لعشرة) فأذن لهم، لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا،
ثم قال: " فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال ائذن
284

لعشرة " فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم حتى أكل القوم
كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلا أو ثمانون. متفق عليه.
وفي رواية: فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل
حتى شبع، ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.
وفي رواية: فأكلوا عشرة عشرة حتى فعل ذلك بثمانين رجلا، ثم أكل
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سورا.
وفي رواية: ثم أفضلوا ما بلغوا جيرانهم.
وفي رواية عن أنس قال:
جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فوجدته جالسا مع أصحابه وقد عصب بطنه بعصابة، فقلت
لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه؟ فقالوا: من الجوع. فذهبت إلى أبي طلحة،
وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت: يا أبتاه قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عصب بطنه
بعصابة فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع. فدخل أبو طلحة على أمي
فقال: هل من شئ؟ فقالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحده أشبعناه، وإن جاء آخر معه قل عنهم. وذكر تمام الحديث.
57 باب السابع والخمسون في القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق
وذم السؤال من غير ضرورة
قال الله تعالى (هود 6): * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) *.
وقال تعالى (البقرة 273): * (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في
285

الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون
الناس إلحافا) *. وقال تعالى (الفرقان 67): * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا، وكان بين ذلك قواما) *. وقال تعالى (الذاريات 56، 57): * (وما خلقت
الإنس والجن إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) *.
[الذاريات 51 / 56، 57]
وأما الأحاديث فتقدم معظمها في البابين السابقين. ومما لم يتقدم:
522 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس " متفق عليه.
" العرض " بفتح العين والراء هو: المال.
523 وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه " رواه مسلم.
524 وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: " يا
حكيم إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه،
ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع،
واليد العليا خير من اليد السفلى " قال حكيم فقلت: يا رسول الله والذي بعثك
بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا.
286

فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما ليعطيه فيأبى أن يقبل شيئا ثم إن
عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين أشهدكم على حكيم
أني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له في الفئ فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدا من
الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي. متفق عليه.
" يرزأ " براء ثم زاي ثم همزة: أي لم يأخذ من أحد شيئا. وأصل الرزء: النقصان: أي
لم ينقص أحدا شيئا بالأخذ منه.
و " إشراف النفس ": تطلعها وطمعها بالشئ. و " سخاوة
النفس " هي: عدم الإشراف إلى الشئ والطمع فيه والمبالاة به الشره.
525 وعن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه،
فنقبت أقدامنا ونقبت قدمي وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا
الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق.
قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذلك وقال: ما كنت أصنع بأن
أذكره! قال كأنه كره أن يكون شيئا من عمله أفشاه. متفق عليه.
526 وعن عمرو بن تغلب بفتح التاء المثناة فوق وإسكان الغين المعجمة وكسر اللام
رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال أو سبي فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا فبلغه أن
الذين ترك عتبوا فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال:
" أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع أحب إلي
من الذي أعطي، ولكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع،
287

وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير. منهم عمرو بن
تغلب "
قال عمرو بن تغلب: فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم.
رواه البخاري.
" الهلع " هو: أشد الجزع. وقيل: الضجر.
527 وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن
ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله " متفق عليه.
وهذا لفظ البخاري. ولفظ مسلم أخصر.
528 وعن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه
قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تلحفوا في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له
مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته " رواه مسلم. 529 وعن أبي عبد الرحمن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة فقال: " ألا تبايعون
رسول الله " وكنا حديثي عهد ببيعة فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال:
" ألا تبايعون رسول الله؟ " فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله فعلام
نبايعك؟ قال: " على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس،
288

وتطيعوا " وأسر كلمة خفية: " ولا تسألوا الناس شيئا " فلقد رأيت بعض أولئك النفر
يسقط سوط أحدهم فما
يسأل أحدا يناوله إياه. رواه مسلم.
530 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة
لحم " متفق عليه.
" المزعة " بضم الميم وإسكان الزاي وبالعين المهملة: القطعة.
531 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر
وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة:
" اليد العليا خير من اليد السفلى. واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي
السائلة " متفق عليه.
532 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر "
رواه مسلم.
533 وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانا، أو
في أمر لا بد منه " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
" الكد ": الخدش ونحوه.
534 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
289

" من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله
فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
" يوشك " بكسر الشين: أي يسرع.
535 وعن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة؟ " فقلت: أنا.
فكان لا يسأل أحدا شيئا. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
536 وعن أبي بشر قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال:
تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة
فنأمر لك بها " ثم قال: " يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل
تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته
جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو
قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى
من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من
عيش أو قال سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت
يأكلها صاحبها سحتا " رواه مسلم.
" الحمالة " بفتح الحاء: أن يقع قتال ونحوه بين فريقين فيصلح إنسان بينهم على مال
يتحمله ويلتزمه على نفسه. و " الجائحة ": الآفة تصيب مال الإنسان. و " القوام " بكسر
القاف وفتحها هو: ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه. و " السداد " بكسر السين: ما يسد
حاجة المعوز ويكفيه. و " الفاقة ": الفقر. و " الحجى ": العقل.
290

537 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة
والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له
فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس " متفق عليه.
58 باب جواز الأخذ من غير مسألة ولا تطلع إليه
538 عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر عن عمر
رضي الله عنهم قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني. فقال:
" خذه: إذا جاءك من هذا المال شئ وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه
فتموله فإن شئت كله وإن تصدق به، وما لا فلا تتبعه
نفسك "
قال سالم: فكان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه. متفق عليه.
" مشرف " بالشين المعجمة: أي متطلع إليه.
* 2 * 59 باب الحث على الأكل من عمل يده
والتعفف به عن السؤال والتعرض للإعطاء
قال الله تعالى (الجمعة 10): * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل
الله) * الآية.
291

539 وعن أبي عبد الله الزبير بن العوام رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب
على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس،
أعطوه أو منعوه " رواه البخاري.
540 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا
فيعطيه أو يمنعه " متفق عليه.
541 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده " رواه البخاري.
542 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كان زكريا عليه السلام نجارا " رواه مسلم.
543 وعن المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده إن نبي الله
داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده " رواه البخاري.
60 باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى
[542 560]
قال الله تعالى (سبأ 39): * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) *. وقال تعالى
(وما تنفقوا من خير فلأنفسكم، وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله، وما تنفقوا
292

من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) *. وقال تعالى:
* (وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) *.
544 وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في
الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " متفق عليه.
ومعناه: ينبغي أن لا يغبط أحد إلا على إحدى هاتين الخصلتين.
545 وعنه رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ " قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا
ماله أحب إليه. قال: " فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر " رواه البخاري.
546 وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتقوا النار ولو بشق تمرة " متفق عليه.
547 وعن جابر رضي الله عنه قال:
ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا. متفق عليه.
548 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
293

" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم
أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا " متفق عليه.
549 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم ينفق عليك " متفق عليه.
550 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، وتقرأ
السلام على من عرفت ومن لم تعرف " متفق عليه.
551 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها
رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله تعالى بها الجنة " رواه البخاري.
وقد سبق بيان هذا الحديث في باب بيان كثرة طرق الخير.
552 وعن أبي أمامة صدي بن عجلان رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك،
ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى "
رواه مسلم.
294

553 وعن أنس رضي الله عنه قال:
ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل
فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا
يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا
فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.
رواه مسلم.
554 وعن عمر رضي الله عنه قال:
قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت: يا رسول الله لغير هؤلاء كانوا أحق به منهم؟ قال:
" إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش، أو يبخلوني ولست
بباخل " رواه مسلم.
555 وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه قال:
بينما هو يسير مع النبي صلى الله عليه وسلم مقفله من حنين فعلقه الأعراب يسألونه حتى اضطروه
إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
" أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم ثم
لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا " رواه البخاري.
" مقفله ": أي حال رجوعه. و " السمرة ": شجرة. و " العضاه ": شجر له شوك.
295

556 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع
أحد لله إلا رفعه الله عز وجل " رواه مسلم.
557 وعن أبي كبشة عمر بن سعد الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من
صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب
مسألة إلا فتح الله عليه باب الفقر، أو كلمة نحوها. وأحدثكم حديثا فاحفظوه،
قال: إنما الدنيا لأربعة نفر:
عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم
لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل.
وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي
مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء.
وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي
فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل.
وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه
بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
558 وعن عائشة رضي الله عنها
أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما بقي منها؟ " قالت: ما بقي منها إلا كتفها.
296

قال: " بقي كلها غير كتفها " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
ومعناه: تصدقوا بها إلا كتفها فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها.
559 وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا توكي فيوكى عليك "
وفي رواية " أنفقي أو انفحي
أو انضحي، ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك "
متفق عليه.
و " انفحي " بالحاء المهملة: وهو بمعنى " أنفقي " وكذلك " انضحي ".
560 وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد من
ثديهما إلى تراقيهما. فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو وفرت على
جلده حتى تخفي بنانه وتعفو أثره. وأما البخيل فلا يريد أن ينفق
شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها فلا تتسع " متفق عليه.
" الجنة ": الدرع. ومعناه: أن المنفق كلما أنفق سبغت وطالت حتى تجر وراءه
297

وتخفي رجليه وأثر مشيه وخطواته.
561 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب
فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون
مثل الجبل " متفق عليه.
" الفلو " بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو. ويقال أيضا بكسر الفاء وإسكان اللام
وتخفيف الواو وهو: المهر.
562 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" بينا رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة
فلان. فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج
قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول
الماء بمسحاته. فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي
298

سمع في السحابة. فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني
سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك
فما تصنع فيها؟ فقال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها
فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه " رواه مسلم.
" الحرة ": الأرض الملبسة حجارة سودا. و " الشرجة " بفتح الشين المعجمة وإسكان الراء
وبالجيم: هي مسيل الماء.
61 باب النهي عن البخل والشح
قال الله تعالى (الليل 8 11): * (وأما من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى، فسنيسره
للعسرى، وما يغني عنه ماله إذا تردى) *. وقال تعالى:
* (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) *.
وأما الأحاديث فتقدمت جملة منها في الباب السابق.
563 وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح
أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم "
رواه مسلم.
299

62 باب الإيثار والمواساة
قال الله تعالى (الحشر 9): * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) *.
وقال تعالى (الإنسان 8): * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) *
إلى آخر الآيات.
564 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي
بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل
ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من يضيف هذا
الليلة؟ " فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله. فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته:
أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شئ؟ قالت: لا إلا قوت صبياني. قال:
علليهم بشئ، وإذا أرادوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا
نأكل. فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين. فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد
عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة " متفق عليه.
565 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة " متفق عليه.
300

وفي رواية لمسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:
" طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام
الأربعة يكفي الثمانية ".
566 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينا
وشمالا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، وما كان له
فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له " فذكر من أصناف المال ما ذكر
حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
567 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها.
فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره. فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها!
فقال: " نعم " فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه. فقال له
القوم: ما أحسنت! لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا. فقال:
إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه. رواه البخاري.
568 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا
ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني
وأنا منهم " متفق عليه.
301

" أرملوا ": فرغ زادهم، أو قارب الفراغ.
63 باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك به
[567 568]
قال الله تعالى (المطففين 26): * (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) *.
569 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ،
فقال للغلام: " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ " فقال الغلام: لا والله يا رسول الله
لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. متفق عليه.
" تله " بالتاء المثناة فوق: أي وضعه، وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله
عنهما.
570 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
بينا أيوب عليه السلام يغتسل عريانا فخر عليه جراد من ذهب
فجعل أيوب يحثي في ثوبه. فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن
أغنيتك عما ترى؟! قال: بلى وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك "
رواه البخاري.
64 باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال
من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها
قال الله تعالى (الليل 5 7): * (فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره
لليسرى) *. وقال تعالى (الليل 17 21): * (وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله
302

يتزكى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى
، ولسوف يرضى) *. وقال تعالى (البقرة 272): * (إن تبدوا الصدقات فنعما
هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم،
والله بما تعملون خبير) *. وقال تعالى (آل عمران 92): * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا
مما تحبون، وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم) *.
والآيات في فضل الإنفاق في الطاعات كثيرة معلومة.
571 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في
الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " متفق عليه.
وتقدم شرحه قريبا.
572 وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل
وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار "
متفق عليه.
" الآناء ": الساعات.
573 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى
والنعيم المقيم. فقال: " وما ذاك؟ " فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم،
ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلا أعلمكم شيئا
303

تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل
منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " تسبحون،
وتحمدون وتكبرون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة " فرجع فقراء المهاجرين
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
" الدثور ": الأموال الكثيرة، والله أعلم.
65 باب ذكر الموت وقصر الأمل
قال الله تعالى (آل عمران 185): * (كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة،
فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع
الغرور) *. وقال تعالى (لقمان 34): * (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا،
وما تدري نفس بأي أرض تموت) *. وقال تعالى (النحل 61): * (فإذا جاء
أجلهم لا يستأخرون ساعة، ولا يستقدمون) *. وقال تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، ومن يفعل
ذلك فأولئك هم الخاسرون، وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم
الموت فيقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين،
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها، والله خبير بما تعملون) *.
وقال تعالى: * (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال: رب ارجعون لعلي
أعمل صالحا فيما تركت. كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يوم
يبعثون، فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. فمن
304

ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين
خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار، وهم فيها
كالحون. ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون!) * إلى قوله تعالى *
(كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل
العادين. قال: إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون، أفحسبتم أنما
خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون؟!) *. وقال تعالى:
* (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق،
ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم،
وكثير منهم فاسقون) *.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
574 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر
سبيل "
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا
تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.
305

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته
مكتوبة عنده " متفق عليه. هذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم " يبيت ثلاث ليال " قال ابن عمر: ما مرب علي ليلة منذ سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
576 وعن أنس رضي الله عنه قال:
خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطا فقال: " هذه الأمل وهذا أجله، فبينما هو كذلك
إذ جاء الخط الأقرب " رواه البخاري.
577 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط
خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط فقال:
" هذا الإنسان، وهذا أجله محيطا به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو
خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا،
وإن أخطأه هذا نهشه هذا " رواه البخاري.
وهذه صورته:
306

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بادروا بالأعمال، سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا،
أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب
ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر؟! " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
579 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أكثروا ذكر هاذم اللذات " يعني الموت.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: " يا أيها الناس اذكروا الله،
جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه! "
307

قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال:
" ما شئت " قلت: الربع؟ قال: " ما شئت فإن زدت فهو خير لك " قلت:
فالنصف؟ قال: " ما شئت فإن زدت فهو خير لك " قلت: فالثلثين؟ قال:
" ما شئت فإن زدت فهو خير لك " قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: " إذا
تكفى همك، ويغفر لك ذنبك " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
66 باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
[579 582]
581 عن بريدة رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " رواه مسلم.
579 م / 3 وفي رواية: " فمن أراد أن يزور القبور فليزر، فإنها تذكرنا
الآخرة "
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع
فيقول:
" السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون،
308

وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد " رواه مسلم.
583 وعن بريدة رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: " السلام عليكم أهل
الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا
ولكم العافية " رواه مسلم.
584 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور بالمدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: " السلام عليكم يا أهل
القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
67 باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به
ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله
309

يستعتب " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات
انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا ".
586 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه. فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم
أحييني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي "
متفق عليه.
587 وعن قيس بن أبي حازم قال
دخلنا على خباب بن الإرث رضي الله عنه نعوده وقد اكتوى سبع كيات
فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا
ما لا نجد له موضعا إلا التراب، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت
لدعوت به. ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له فقال: " إن المسلم
ليؤجر في كل شئ ينفقه إلا في شئ يجعله في هذا التراب "
متفق عليه. وهذا لفظ رواية البخاري.
310

باب الورع وترك الشبهات
قال الله تعالى (النور 15): * (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) *. وقال
تعالى (إن ربك لبالمرصاد) *.
588 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير
من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في
الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه،
ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد
مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي
القلب " متفق عليه. وروياه من طرق بألفاظ متقاربة.
589 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة في الطريق فقال: " لولا أني أخاف أن تكون من
الصدقة لأكلتها " متفق عليه.
590 وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه
الناس " رواه مسلم.
" حاك " بالحاء المهملة والكاف أي: تردد فيه.
591 وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " جئت تسأل عن البر؟ " قلت: نعم. فقال:
311

" استفت قلبك. البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم
ما حاك في النفس، وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك "
حديث حسن رواه أحمد والدارمي في مسنديهما.
592 وعن أبي سروعة بكسر السين المهملة ونصبها عقبة بن الحارث رضي الله
عنه
أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إن قد أرضعت عقبة والتي قد
تزوج بها. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني. فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف وقد قيل؟ " ففارقها عقبة ونكحت
زوجا غيرها. رواه البخاري.
" إهاب " بكسر الهمزة، و " عزيز " بفتح العين وبزاي مكررة.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال:
حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
معناه: اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه.
594 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه غلام يخرج له الخراج، وكان
أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشئ فأكل منه أبو بكر، فقال له
الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ فقال: كنت تكهنت
لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني
312

لذلك هذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شئ في بطنه.
رواه البخاري.
" الخراج ": شئ يجعله السيد على عبده يؤديه إلى السيد كل يوم وباقي كسبه يكون
للعبد.
595 وعن نافع
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة
آلاف، وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين
فلم نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه.
رواه البخاري.
596 وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما
به بأس " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
69 باب استحباب العزلة عند فساد الزمان أو الخوف
من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوها
قال الله تعالى (الذاريات 50): * (ففروا إلى الله إن لكم منه نذير مبين) *.
[الذاريات 51 / 50]
313

597 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي " رواه مسلم.
والمراد ب‍ " الغني ": غني النفس. كما سبق في الحديث الصحيح).
598 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال،
قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: " مؤمن مجاهد بنفسه وماله في
سبيل الله " قال: ثم من؟ قال: " ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد
ربه "
وفي رواية " يتقي الله ويدع الناس من شره " متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع
القطر يفر بدينه من الفتن " رواه البخاري.
و " شعف الجبال ": أعلاها.
600 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم " فقال أصحابه: وأنت؟ قال: " نعم كنت
أرعاها على قراريط لأهل مكة " رواه البخاري.
601 وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
314

" من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله
يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل
والموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو
بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى
يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير " رواه مسلم.
" يطير ": أي يسرع. و " متنه ": ظهره. و " الهيعة ": الصوت للحرب. و " الفزعة ":
نحوه. و " مظان الشئ ": المواضع التي يظن وجوده فيها. و " الغنيمة " بضم الغين: تصغير
الغنم. و " الشعفة " بفتح الشين والعين: هي أعلى الجبل.
70 باب فضل الاختلاط بالناس وحضور جمعهم وجماعاتهم
ومشاهد الخير ومجالس الذكر معهم وعيادة مريضهم
وحضور جنائزهم ومواساة محتاجهم وإرشاد جاهلهم
وغير ذلك من مصالحهم لمن قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر على الأذى.
اعلم أن الاختلاط بالناس على الوجه الذي ذكرته هو المختار الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من الصحابة
والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه
قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء رضي الله عنهم أجمعين. قال الله تعالى: * (وتعاونوا على
315

البر والتقوى) *.
والآيات في معنى ما ذكرته كثيرة معلومة.
71 باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين
قال الله تعالى (الشعراء 215): * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) *.
وقال تعالى (المائدة 54): * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزة على
الكافرين) *. وقال تعالى (الحجرات 13): * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر
وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.
وقال تعالى (النجم 32): * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) *.
وقال تعالى (الأعراف 48، 49): * (ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم
316

بسيماهم قالوا: ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون، أهؤلاء الذين
أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟! ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) *.
[الأعراف 7 / 48 49]
602 وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد
ولا يبغي أحد على أحد " رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع
أحد لله إلا رفعه " رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه
أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله. متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال:
إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به
حيث شاءت. رواه البخاري.
317

وعن الأسود بن يزيد قال
سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت:
كان يكون في مهنة أهله (تعني خدمة أهله) فإذا حضرت الصلاة خرج إلى
الصلاة. رواه البخاري.
607 وعن أبي رفاعة تميم بن أسيد رضي الله عنه قال:
انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقلت: يا رسول الله رجل
غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه! فأقبل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي فقعد عليه وجعل يعلمني مما
علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث قال وقال: " إذا سقطت
لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان " وأمر أن
تسلت القصعة قال: " فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة " رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
318

" ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم " قال أصحابه: وأنت؟ فقال: " نعم كنت
أرعاها على قراريط مكة " رواه البخاري.
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع
لقبلت " رواه البخاري.
611 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود
له فسبقها فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه فقال: " حق على الله أن لا يرتفع
شئ من الدنيا إلا وضعه " رواه البخاري.
72 باب تحريم الكبر والإعجاب
قال الله تعالى (القصص 83): * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين) *. وقال تعالى (الإسراء 37): * (ولا تمش
319

في الأرض مرحا) *. وقال تعالى (لقمان 18): * (ولا تصعر خدك للناس
ولا تمش في الأرض مرحا، إن الله لا يحب كل مختال فخور) *.
ومعنى * (تصعر خدك للناس) *: أي تميله وتعرض به عن الناس تكبرا عليهم.
و * (المرح) *: التبختر. وقال تعالى (القصص 76): * (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم،
وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، إذ قال له قومه
لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين) * إلى قوله تعالى: * (فخسفنا به وبداره الأرض) * الآيات.
612 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر! " فقال رجل: إن
الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟ قال: " إن الله جميل يحب
الجمال. الكبر بطر الحق، وغمط الناس " رواه مسلم.
" بطر الحق ": دفعه ورده على قائله. و " غمط الناس ": احتقارهم.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: " كل بيمينك " قال: لا أستطيع.
قال: " لا استطعت! " ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم.
320

وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " متفق عليه.
وتقدم شرحه في باب ضعفة المسلمين).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون.
وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم. فقضى الله بينهما: إنك الجنة
رحمتي أرحم بك م أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء،
ولكليكما علي ملؤها " رواه مسلم.
616 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " متفق عليه.
617 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم
عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر " رواه مسلم.
" العائل ": الفقير.
618 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني
عذبته " رواه مسلم.
321

617 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه، يختال في
مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة "
متفق عليه.
" مرجل رأسه ": أي مشطه. " يتجلجل " بالجيمين أي يغوص وينزل.
620 وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه
ما أصابهم " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" يذهب بنفسه ": أي يرتفع ويتكبر.
73 باب حسن الخلق
قال الله تعالى (القلم 4): * (وإنك لعلى خلق عظيم) *.
وقال تعالى):
* (والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس) * الآية.
3 / 134]
621 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا. متفق عليه.
322

622 وعنه رضي الله عنه قال:
ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت
رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشئ فعلته: لم فعلته؟ ولا
لشئ لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ متفق عليه.
623 وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال:
أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا فرده علي. فلما رأى ما في وجهي قال: " إنا
لم نرده عليك إلا أنا حرم " متفق عليه.
624 وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم. فقال: " البر حسن الخلق. والإثم ما حاك
في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس " رواه مسلم.
625 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: " إن من خياركم
أحسنكم أخلاقا " متفق عليه.
626 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن
الله يبغض الفاحش البذي " رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
323

" البذي " هو: الذي يتكلم بالفحش وردئ الكلام.
627 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة. قال: " تقوى الله، وحسن
الخلق " وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار. فقال: " الفم، والفرج "
رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
628 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " رواه أبو داود.
630 وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا،
وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى
الجنة لمن حسن خلقه " حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.
" الزعيم ": الضامن.
631 وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم
أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون،
324

والمتشدقون، والمتفيهقون! " فقالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون
فما المتفيهقون؟ قال: " المتكبرون " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
و " الثرثار " هو: كثير الكلام تكلفا. و " المتشدق ": المتطاول على الناس بكلامه
ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه. و " المتفيهق " أصله من الفهق وهو: الامتلاء
وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبرا وارتفاعا وإظهارا للفضيلة على
غيره.
وروى الترمذي عن عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق قال: هو
طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى.
74 باب الحلم والأناة والرفق
قال الله تعالى (آل عمران 134): * (والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين) *. وقال تعالى (الأعراف 199): * (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض
عن الجاهلين) *. وقال تعالى (فصلت 34، 35): * (ولا تستوي الحسنة
ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي
حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) *.
وقال تعالى (الشورى 43): * (ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم
الأمور) *.
325

632 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: " إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم
والأناة " رواه مسلم.
633 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " متفق عليه.
634 وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه " رواه مسلم.
635 وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الرفق لا يكون إلا في شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه "
رواه مسلم.
636 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعوه وأريقوا
على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا
معسرين " رواه البخاري.
" السجل " بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وهي الدلو الممتلئة ماء، وكذلك الذنوب.
326

637 وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا " متفق عليه.
638 وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" من يحرم الرفق يحرم الخير كله " رواه مسلم.
639 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: " لا تغضب " فردد مرارا، قال:
" لا تغضب " رواه البخاري.
640 وعن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إن الله كتب الإحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا
ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته " رواه مسلم.
641 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما،
فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شئ
قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى. متفق عليه.
642 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم
327

على كل قريب هين لين سهل " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
75 باب العفو والإعراض عن الجاهلين
قال الله تعالى (الأعراف 199): * (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين) *.
وقال تعالى (الحجر 85): * (فاصفح الصفح الجميل) *. وقال تعالى (النور 22):
* (وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟) *. وقال
تعالى (آل عمران 134): * (والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين) *. وقال
تعالى (الشورى 43): * (ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم الأمور) *
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
643 وعن عائشة رضي الله عنها
أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال:
" لقد لقيت من قومك! وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة إذ عرضت
نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت،
فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب،
فرفعت رأسي وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه
السلام فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا
328

عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك
الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا
ملك الجبال وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت إن شئت
أطبقت عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم
من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا " متفق عليه.
" الأخشبان ": الجبلان المحيطان بمكة. و " الأخشب " هو: الجبل الغليظ.
644 وعنها رضي الله عنها قالت:
ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن
يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شئ قط فينتقم من صاحبه إلا أن
ينتهك شئ من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى. رواه مسلم.
645 وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي
فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد
أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته. ثم قال: يا محمد مر لي من
مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء. متفق عليه.
646 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه
قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: " اللهم اغفر لقومي فإنهم
329

لا يعلمون " متفق عليه.
647 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
متفق عليه.
76 باب احتمال الأذى
قال الله تعالى (آل عمران 134): * (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين) *. وقال تعالى (الشورى 43): * (ولمن صبر وغفر، إن ذلك لمن
عزم الأمور) *.
وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.
648 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال:
يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم
ويجهلون علي. فقال: " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك
من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك "
رواه مسلم. وقد سبق شرحه في باب صلة الأرحام
77 باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى
[647 650]
قال الله تعالى (الحج 30): * (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) *.
وقال تعالى (محمد 7): * (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) *.
[محمد 47 / 7]
330

647 س وفي الباب حديث عائشة السابق في باب لعفو (1)
وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل
بنا! فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ. فقال:
" يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من
ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة " متفق عليه.
650 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه
رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه. وقال:
" يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون
بخلق الله " متفق عليه.
" السهوة ": كالصفة تكون بين يدي البيت. " القرام " بكسر القاف ستر رقيق.
و " هتكه ": أفسد الصورة التي فيه.
651 وعنها رضي الله عنها
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكلمه أسامة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟! " ثم قام فاختطب ثم قال:
331

" إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا
سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد
سرقت لقطعت يدها " متفق عليه.
652 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه فقام فحكه
بيده، فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه وإن ربه بينه وبين
القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه "
ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال: " أو يفعل هكذا "
متفق عليه.
والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، فأما في المسجد
فلا يبصق إلا في ثوبه.
78 باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم
والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم
والغفلة عنهم وعن حوائجهم
قال الله تعالى (الشعراء 215): * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) *.
وقال تعالى (النحل 90): * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي
القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون) *.
[النحل 16 / 90]
332

653 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الإمام راع ومسؤول عن
رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت
زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته،
وكلكم راع ومسؤول عن رعيته " متفق عليه.
654 وعن أبي يعلى معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته
إلا حرم الله عليه الجنة " متفق عليه.
وفي رواية: " فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة "
وفي رواية لمسلم: " ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد
لهم، وينصح لهم، إلا لم يدخل الجنة ".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق
عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به رواه مسلم.
333

656 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه
لا نبي بعدي، سيكون بعدي خلفاء فيكثرون " قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟
قال: " أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم
فإن الله سائلهم عما استرعاهم " متفق عليه.
وعن عائذ بن عمرو رضي الله عنه
أنه دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول:
" إن شر الرعاء الحطمة " فإياك أن تكون منهم. متفق عليه.
658 وعن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه أنه قال لمعاوية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم
وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة "
فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس. رواه أبو داود والترمذي.
79 باب الوالي العادل
قال الله تعالى (النحل 90): * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) * الآية. وقال
تعالى (الحجرات 9): * (وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) *.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ
334

في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله
اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال
إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم
وأهليهم وما ولوا " رواه مسلم.
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون
عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم
ويلعنونكم! " قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: " لا ما أقاموا
فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة " رواه مسلم.
قوله: " تصلون عليهم ": تدعون لهم.
662 وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب
لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال " رواه مسلم.
335

80 باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية
وتحريم طاعتهم في المعصية
قال الله تعالى (النساء 59): * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر
منكم) *.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية،
فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال:
كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا: " فيما استطعتم "
متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات
وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " رواه مسلم.
وفي رواية له:
" ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية ".
" الميتة " بكسر الميم.
وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
336

" اسمعوا وأطيعوا إن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه
زبيبة " رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة
عليك " رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من
ينتضل، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه
لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها،
وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجئ فتن يرقق بعضها بعضا،
وتجئ الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجئ الفتنة
فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل
337

الجنة فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي
يحب أن يؤتى إليه.
ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع،
فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر " رواه مسلم.
قوله " ينتضل ": أي يسابق بالرمي بالنبل والنشاب. و " الجشر " بفتح الجيم والشين
المعجمة وبالراء: وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها. وقوله " يرقق بعضها بعضا ": أي
يصير بعضها بعضا رقيقا: أي خفيفا لعظم ما بعده فالثاني يرقق الأول. وقيل معناه:
يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها. وقيل: يشبه بعضها بعضا.
669 وعن أبي هنيدة وائل بن حجر رضي الله عنه قال:
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا
أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما بأمرنا؟ فأعرض عنه. ثم سأله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم "
رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها! " قالوا: يا رسول الله كيف
تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: " تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي
لكم " متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير
فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني " متفق عليه.
338

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا
مات ميتة جاهلية " متفق عليه.
673 وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من أهان السلطان أهانه الله " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح. وقد سبق بعضها في أبواب.
81 باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات
إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة إليه
قال الله تعالى (القصص 83): * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا، والعاقبة للمتقين) *.
674 وعن أبي سعيد عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال، قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا عبد الرحمن ابن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير
مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على
يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك "
متفق عليه.
675 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي،
339

لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: " يا أبا ذر إنك
ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها
بحقها أدى الذي عليه فيها " رواه مسلم.
677 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة "
رواه البخاري.
82 باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ
وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم
قال الله تعالى (الزخرف 67): * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) *.
43 / 67]
678 وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان:
بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه،
والمعصوم من عصم الله " رواه البخاري.
340

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق: إن نسي ذكره، وإن
ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء: إن نسي لم
يذكره، وإن ذكر لم يعنه " رواه أبو داود بإسناد جيد على شرط مسلم.
83 باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن
سألها أو حرص عليهم فعرض بها
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على
بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك. فقال: " إنا والله لا نولي هذا
العمل أحدا سأله، أو أحدا حرص عليه " متفق عليه.
341

كتاب الأدب
84 باب الحياء وفضله والحث على التخلق به
681 عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعه فإن الحياء من الإيمان " متفق عليه.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الحياء لا يأتي إلا بخير " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم:
" الحياء خير كله " أو قال: " الحياء كله خير ".
683 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة. فأفضلها قول
لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان "
متفق عليه.
342

" البضع " بكسر الباء، ويجوز فتحها وهو: من الثلاثة إلى العشرة. و " الشعبة ": القطعة
والخصلة. و " الإماطة ": الإزالة. و " الأذى ": ما يؤذي كحجر وشوك وطين ورماد وقذر
ونحو ذلك.
684 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا
يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه.
قال العلماء: حقيقة الحياء: خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي
الحق. وروينا عن أبي القاسم الجنيد رحمه الله قال: الحياء رؤية الآلاء: أي النعم، ورؤية
التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى حياء، والله أعلم.
85 باب حفظ السر
قال الله تعالى (الإسراء 34): * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) *.
685 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة
وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم.
686 وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
أن عمر رضي الله عنه حين تأيمت بنته حفصة قال: لقيت عثمان بن
عفان فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك
343

حفصة بنت عمر. قال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: قد
بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. فلقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقلت: إن
شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. فصمت أبو بكر رضي الله عنه فلم يرجع إلي
شيئا! فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها
النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين
عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟ فقلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن
أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها فلم
أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها النبي صلى الله عليه وسلم لقبلتها " رواه البخاري.
قوله: " تأيمت ": أي صارت بلا زوج. وكان زوجها توفي رضي الله عنها.
" وجدت ": غضبت.
687 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ما تخطئ مشيتها من
مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فلما رآها رحب بها وقال: " مرحبا بابنتي " ثم أجلسها عن
يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاء شديدا، فلما رأى جزعها سارها الثانية
فضحكت. فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين؟ فلما قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
سره. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني
ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم: أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني
أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين وأنه عارضه الآن مرتين
344

" وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإنه نعم السلف أنا
لك " فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: " يا فاطمة أما
ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ " فضحكت
ضحكي الذي رأيت. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
688 وعن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال:
أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني في
حاجة فأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت:
لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. قال أنس: والله لو حدثت به أحدا
لحدثتك به يا ثابت.
رواه مسلم، وروى البخاري بعضه مختصرا.
86 باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد
قال الله تعالى (الإسراء 34): * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) *.
وقال تعالى (النحل 91): * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم) *. وقال تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) *. وقال تعالى (الصف 2، 3): * (يا أيها
الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا
ما لا تفعلون!) *.
345

689 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن
خان " متفق عليه.
زاد في رواية لمسلم: " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
690 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن
كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث
كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " متفق عليه.
691 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
" لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " فلم يجئ مال
البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: من
كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا. فأتيته وقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا
وكذا، فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة فقال: خذ مثليها. متفق عليه.
8 باب المحافظة على ما اعتاده من الخير
قال الله تعالى (الرعد 11): * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) *.
وقال تعالى (النحل 92): * (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثا) *.
346

و " الأنكاث " جمع نكث وهو: الغزل المنقوض.
وقال تعالى (الحديد 16): * (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم
الأمد فقست قلوبهم) *. وقال تعالى (الحديد 27): * (فما رعوها حق
رعايتها) *.
692 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل! "
متفق عليه.
88 باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء
[691 693]
قال الله تعالى (الحجر 88): * (واخفض جناحك للمؤمنين) *. وقال تعالى):
* (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) *.
693 وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة " متفق عليه.
694 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
347

" والكلمة الطيبة صدقة " متفق عليه.
وهو بعض حديث تقدم بطوله
695 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "
رواه مسلم.
89 باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم
يفهم إلا بذلك
696 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى
على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري.
697 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه.
رواه أبو داود.
90 باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم
والواعظ حاضري مجلسه
698 عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال،
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: " استنصت الناس " ثم قال: " لا ترجعوا
348

بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " متفق عليه.
91 باب الوعظ والاقتصاد فيه
قال الله تعالى (النحل 125): * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) *.
[النحل 16 / 125]
699 وعن أبي وائل شقيق بن سلمة قال:
كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس. فقال
له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. فقال: أما إنه
يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه.
" يتخولنا ": يتعهدنا.
700 وعن أبي يقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا
الصلاة وأقصروا الخطبة " رواه مسلم.
" مئنة " بميم مفتوحة، ثم همزة مكسورة، ثم نون مشددة أي: علامة دالة على فقهه.
349

701 وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال:
" بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله.
فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: وا ثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون
بأيديهم على أفخاذهم! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني
ولا شتمني. قال: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، إنما هي
التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله إني
حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان؟ قال: " فلا
تأتهم " قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: " ذلك شئ يجدونه في صدورهم
فلا يصدنهم " رواه مسلم.
" الثكل " بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. ما كهرني ": أي ما نهرني.
702 وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها
العيون.
وذكر الحديث وقد سبق بكماله في باب الأمر بالمحافظة على السنة (انظر الحديث رقم 157)، وذكرنا أن
الترمذي قال أنه حديث حسن صحيح.
350

92 باب الوقار والسكينة
قال الله تعالى (الفرقان 63): * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) *.
703 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى ترى منه لهواته،
إنما كان يتبسم. متفق عليه.
" اللهوات " جمع لهاة وهي: اللحمة التي في أقصى سقف الفم.
93 باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما
من العبادات بالسكينة والوقار
قال الله تعالى (الحج 32): * (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) *.
[الحج 22 / 32]
704 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون
وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " متفق عليه.
351

زاد مسلم في رواية له: " فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في
صلاة ".
705 وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا
وصوتا
للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: " أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس
بالإيضاع " رواه البخاري. وروى مسلم بعضه.
" البر ": الطاعة. و " الإيضاع " بضاد معجمة قبلها ياء وهمزة مكسورة وهو: الإسراع.
94 باب إكرام الضيف
قال الله تعالى (الذاريات 24 27): * (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه
فقالوا سلاما، قال سلام قوم منكرون. فراغ إلى أهله فجاء بعجل
سمين، فقربه إليهم قال: ألا تأكلون؟) * وقال تعالى (هود 78):
* (وجاءه قومه يهرعون إليه، ومن قبل كانوا يعملون السيئات! قال:
يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم، فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي، أليس
منكم رجل رشيد؟!) *.
352

706 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو
ليصمت " متفق عليه.
707 وعن أبي شريح خويلد بن عمرو رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته " قالوا:
وما جائزته يا رسول الله؟ قال: " يومه وليلته. والضيافة ثلاثة أيام فما كان
وراء ذلك فهو صدقة عليه " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " ولا يحل لمسلم أن يقيم عند أخيه حتى
يؤثمه " قالوا: يا رسول الله وكيف يؤثمه؟ قال: " يقيم عند أخيه ولا شئ يقريه
به ".
95 باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير
قال الله تعالى (الزمر 17، 18): * (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) *.
وقال تعالى (التوبة 21): * (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان، وجنات
لهم فيها نعيم مقيم) *. وقال تعالى (فصلت 30): * (وأبشروا بالجنة التي كنتم
توعدون) *. وقال تعالى (الصافات 101): * (فبشرناه بغلام حليم) *.
وقال تعالى (هود 69): * (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) *.
353

وقال تعالى (هود 71): * (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق، ومن
وراء إسحاق يعقوب) *. وقال تعالى (آل عمران 39): * (فنادته الملائكة وهو قائم
يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى) *. وقال تعالى (آل عمران 45): * (إذ
قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح) *
الآية.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
وأما الأحاديث فكثيرة جدا وهي مشهورة في الصحيح. منها:
708 عن أبي إبراهيم ويقال أبو محمد، ويقال أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى
رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من
قصب، لا صخب فيه، ولا نصب. متفق عليه.
" القصب " هنا: اللؤلؤ المجوف. و " الصخب ": الصياح واللغط. و " النصب ":
التعب.
709 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
أنه توضأ في بيته ثم خرج فقال: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأكونن معه يومي هذا.
فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: وجه ههنا. قال: فخرجت على أثره أسأل عنه
حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته
وتوضأ، فقمت إليه فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها وكشف
عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب. فقلت:
لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم.
فجاء أبو بكر رضي الله عنه فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر. فقلت: على
354

رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن. فقال: " ائذن له وبشره
بالجنة " فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله يبشرك بالجنة. فدخل أبو بكر
حتى جلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكشف عن ساقيه.
ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت: إن يرد الله بفلان (يريد
أخاه) خيرا يأت به. فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب.
فقلت: على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت: هذا عمر يستأذن.
فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " فجئت عمر فقلت: أذن ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر.
ثم رجعت فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا (يعني أخاه) يأت به. فجاء إنسان
فحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رسلك، وجئت
النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: " ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه " فجئت فقلت:
ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك. فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس
وجاههم من الشق الآخر. قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. متفق عليه.
وزاد في رواية: " وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ الباب. وفيها أن عثمان حين بشره حمد
الله تعالى ثم قال: الله المستعان ".
قوله: " وجه ": بفتح الواو وتشديد الجيم أي توجه. وقوله " بئر أريس " هو بفتح
الهمزة وكسر الراء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم سين مهملة وهو مصروف ومنهم
من منع صرفه. و " القف " بضم القاف وتشديد الفاء: هو المبنى حول البئر. قوله " على
رسلك " بكسر الراء على المشهور وقيل بفتحها: أي ارفق.
710 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر فقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا، فكنت أول
355

من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار فدرت به
هل أجد له بابا فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة (والربيع:
الجدول الصغير) فاحتفزت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: " أبو هريرة؟ " فقلت: نعم
يا رسول الله. قال: " ما شأنك؟ " قلت: كنت بين ظهرينا فقمت فأبطأت علينا فخشينا
أن تقتطع دوننا ففزعنا، فكنت أول من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز
الثعلب وهؤلاء الناس ورائي. فقال: " يا أبا هريرة " وأعطاني نعليه فقال: " اذهب
بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا
بها قلبه فبشره بالجنة " وذكر الحديث بطوله. رواه مسلم.
" الربيع ": النهر الصغير وهو الجدول بفتح الجيم كما فسره في الحديث. وقوله
" احتفزت " روي بالراء وبالزاي. ومعناه بالزاي: تضاممت وتصاغرت حتى أمكنني الدخول.
711 وعن ابن شماسة قال:
حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سياقة الموت فبكى طويلا، وحول وجهه
إلى الجدار. فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك
رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله. إني قد كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال
لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك
فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يدي. فقال: " ما لك يا عمرو؟ " قلت: أردت أن
أشترط. قال: " تشترط ماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال: " أما علمت أن الإسلام
356

يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان
قبله؟ " وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق
أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ولو
مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها،
فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول
قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
رواه مسلم.
قوله: " شنوا ": روي بالشين المعجمة وبالمهملة أي: صبوه قليلا قليلا، والله سبحانه أعلم.
* 2 * 96 باب وداع الصاحب ووصيته عود فراقه لسفر
وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه
قال الله تعالى (البقرة 132، 133): * (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب: يا بني إن الله
اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، أم كنتم شهداء إذ حضر
يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله
آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا، ونحن له مسلمون) *.
[البقرة 2 / 132 133] وأما الأحاديث: فمنها
حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه الذي سبق في باب إكرام أهل بيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم (انظر الحديث رقم 345) قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ووعظ
وذكر، ثم قال:
" أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي
357

فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور،
فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال:
" وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي " رواه مسلم. وقد سبق بطوله.
713 وعن أبي سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال:
أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه.
فقال: " ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا صلاة كذا في
حين كذا وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم
أحدكم وليؤمكم أكبركم " متفق عليه.
زاد البخاري في رواية له: " وصلوا كما رأيتموني أصلي "
قوله " رحيما رفيقا " روي بفاء وقاف، وروي بقافين.
714 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن وقال: " لا تنسنا يا أخي من دعائك "
فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
وفي رواية قال: " أشركنا يا أخي في دعائك "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
715 وعن سالم بن عبد الله بن عمر
أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقول للرجل إذا أراد سفرا: ادن
358

مني حتى أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول: أستودع الله دينك،
وأمانتك وخواتيم عملك. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
716 وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يودع الجيش يقول:
" أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم "
حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح.
717 وعن أنس رضي الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد سفرا فزودني. فقال: " زودك
الله التقوى " قال: زدني. قال: " وغفر ذنبك ". قال: زدني. قال: " ويسر لك
الخير حيثما كنت " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
97 في الاستخارة والمشاورة
قال الله تعالى (آل عمران 159): * (وشاورهم في الأمر) *. وقال تعالى (الشورى 38):
* (وأمرهم شورى بينهم) * أي يتشاورون بينهم فيه.
718 وعن جابر رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول:
" إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك
العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم
359

إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي
وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك
لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو
قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير
حيث كان، ثم رضني به. قال: " ويسمي حاجته (1) " رواه البخاري.
98 باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض
والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق والرجوع
من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة
719 عن جابر رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري.
قوله " خالف الطريق ": يعني ذهب في طريق ورجع في طريق آخر.
720 وعن ابن عمر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق
المعرس، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية
السفلى. متفق عليه.
360

99 باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم
كالوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل
ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص
الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والأكل
والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والخروج من الخلاء
والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه ويستحب تقديم اليسار في
ضد ذلك كالامتخاط والبصاق عن اليسار ودخول الخلاء والخروج
من المسجد وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب والاستنجاء وفعل
المستقذرات وأشباه ذلك
قال الله تعالى (الحاقة 19): * (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول: هاؤم اقرؤوا
كتابيه) * الآيات. وقال تعالى (الواقعة 8، 9): * (فأصحاب الميمنة ما
أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة) *.
[الواقعة 56 / 8، 9]
721 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله: في طهوره،
وترجله، وتنعله. متفق عليه.
361

وعنها رضي الله عنها قالت:
كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى
لخلائه وما كان من أذى. حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح.
723 وعن أم عطية رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل ابنته رضي الله عنها: " ابدأن بميامنها
ومواضع الوضوء منها " متفق عليه.
724 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى
أولهما تنعل وآخرهما تنزع " متفق عليه.
725 وعن حفصة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل
يساره لما سوى ذلك " رواه أبو داود وغيره.
726 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا لبستم وإذا توضأتم فابدؤوا بأيامنكم "
حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
727 وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال
362

للحلاق: " خذ " وأشار إلى جانيه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس. متفق عليه.
وفي رواية: لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق
شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق
الأيسر فقال: " احلق " فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: " اقسمه بين الناس ".
363

كتاب آداب الطعام
* 2 * 100 باب التسمية في أوله والحمد في آخره
728 عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك " متفق عليه.
729 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى
في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
730 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال
الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى
عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند
طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء " رواه مسلم.
731 وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع
364

يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله تعالى عليه، وإنه جاء
بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به
فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما " ثم ذكر اسم الله
تعالى وأكل. رواه مسلم.
732 وعن أمية بن مخشي الصحابي رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة،
فلما رفعها إلى فيه قال: بسم الله أوله وآخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: " ما زال
الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه "
رواه أبو داود والنسائي.
733 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعاما في ستة من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إنه لو سمى لكفاكم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
734 وعن أبي أمامة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: " الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه
365

غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا " رواه البخاري.
735 وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير
حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
101 باب: لا يعيب الطعام واستحباب مدحه
736 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط: إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه.
متفق عليه.
737 وعن جابر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به فجعل يأكل ويقول:
" نعم الأدم الخل، نعم الأدم الخل " رواه مسلم.
102 باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر
738 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا
فليطعم " رواه مسلم.
366

قال العلماء: معنى " فليصل ": فليدع. ومعنى " فليطعم ": فليأكل.
103 باب ما يقوله من دعي إلى طعام فتبعه غيره
739 عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال:
دعا رجل النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه له خامس خمسة فتبعهم رجل، فلما بلغ الباب قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " إن هذا تبعنا فإن شئت أن تأذن وإن شئت رجع " قال: بل
آذن له يا رسول الله. متفق عليه.
* 2 * 104 باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسئ أكله
740 عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال:
كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة. فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك "
متفق عليه.
قوله " تطيش " بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة من تحت معناه: تتحرك وتمتد إلى
نواحي الصحفة.
741 وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: " كل بيمينك " قال: لا أستطيع.
قال: " لا استطعت! " ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم.
367

105 باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما
إذا أكل جماعة إلا بإذن رفقته
742 عن جبلة بن سحيم قال:
أصابنا عام سنة مع ابن الزبير فرزقنا تمرا، فكان عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما يمر بنا ونحن نأكل فيقول: لا تقارنوا فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
القران. ثم يقول: إلا أن يستأذن الرجل أخاه. متفق عليه.
* 2 * 106 باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع
743 عن وحشي بن حرب رضي الله عنه
أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع؟ قال: " فلعلكم
تفترقون " قالوا: نعم. قال: " فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله
يبارك لكم فيه " رواه أبو داود.
107 باب الأمر بالأكل من جانب القصعة
والنهي عن الأكل من وسطها
744 فيه قوله صلى الله عليه وسلم: " وكل مما يليك " متفق عليه كما سبق
368

وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " البركة
تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
745 وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم
قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال، فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة
(يعني وقد ثرد فيها) فالتفوا عليها. فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال
أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله جعلني عبدا كريما ولم
يجعلني جبارا عنيدا " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلوا من حواليها ودعوا
ذروتها يبارك فيها " رواه أبو داود بإسناد جيد.
" ذروتها ": أعلاها. بكسر الذال وضمها.
* 2 * 108 باب كراهة الأكل متكئا
746 عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا آكل متكئا " رواه البخاري.
369

قال الخطابي: المتكئ ههنا هو: الجالس معتمدا على وطاء
تحته. قال: وأراد أنه لا يقعد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل
يقعد مستوفزا لا مستوطنا، ويأكل بلغة. هذا كلام الخطابي، وأشار غيره إلى أن المتكئ
هو: المائل على جنبه، والله أعلم.
747 وعن أنس رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مقعيا يأكل تمرا. رواه مسلم.
" المقعي " هو: الذي يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه.
109 باب استحباب الأكل بثلاث أصابع واستحباب لعق الأصابع
وكراهة مسحها قبل لعقها واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي تسقط
منه وأكلها وجواز مسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرهما
748 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها "
متفق عليه.
370

وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها. رواه مسلم.
750 وعن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: " إنكم لا تدرون في أي
طعامكم البركة " رواه مسلم.
751 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها،
ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه
لا يدري في أي طعامه البركة " رواه مسلم.
752 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شئ من شأنه حتى يحضره عند
طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها،
ولا يدعها للشيطان فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه
تكون البركة " رواه مسلم.
753 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث وقال: " إذا سقطت لقمة
أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان " وأمرنا أن نسلت
371

القصعة وقال: " إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة " رواه مسلم.
754 وعن سعيد بن الحارث
أنه سأل جابرا رضي الله عنه عن الوضوء مما مست النار. فقال: لا، قد
كنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلا، فإذا نحن وجدناه لم
يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ.
رواه البخاري.
* 2 * 110 باب تكثير الأيدي على الطعام
755 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة " متفق عليه.
756 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام
الأربعة يكفي الثمانية " رواه مسلم.
372

111 باب آداب الشرب واستحباب التنفس ثلاثا خارج الإناء
وكراهة التنفس في الإناء واستحباب إدارة الإناء على الأيمن فالأيمن
بعد المبتدئ
757 عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشراب ثلاثا. متفق عليه.
يعني: يتنفس خارج الإناء.
758 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا
أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
759 وعن أبي قتادة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء. متفق عليه.
يعني: يتنفس في نفس الإناء.
373

760 وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر
رضي الله عنه فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: " الأيمن فالأيمن " متفق عليه.
قوله " شيب " أي خلط.
761 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب
فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال
للغلام: " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ " فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك
أحدا! فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. متفق عليه.
قوله " تله ": أي وضعه.
وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما.
* 2 * 112 باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها
وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم
762 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية. يعني: أن تكسر أفواهها
ويشرب منها. متفق عليه.
763 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من في السقاء أو القربة. متفق عليه.
764 وعن أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت رضي الله عنه وعنها
قالت:
374

دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما، فقمت إلى
فيها فقطعته. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وإنما قطعتها لتحفظ موضع فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتبرك به وتصونه عن الأدناس
الابتذال. وهذا الحديث محمول على بيان الجواز، والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل،
والله أعلم.
* 2 * 113 باب كراهة النفخ في الشراب
765 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب. فقال رجل: القذاة أراها في الإناء؟ فقال:
" أهرقها " قال: فإني لا أروى من نفس واحد؟ قال: " فأبن القدح إذا عن
فيك " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
766 وعن ابن عباس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه.
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
114 باب بيان جواز الشرب قائما
وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا
فيه حديث كبشة السابق.
767 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
375

سقيت النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم. متفق عليه.
768 وعن النزال بن سبرة رضي الله عنه قال:
أتى علي رضي الله عنه باب الحبة فشرب قائما وقال: إني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت. رواه البخاري.
769 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام.
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
770 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا.
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
771 وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه نهى أن يشرب الرجل قائما قال قتادة:
البصري] فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال: ذلك أشر وأخبث رواه مسلم
769 م / 7 وفي رواية له [لمسلم عن أنس]: أن النبي صلى الله عليه وآله زجر عن الشرب قائما.
770 / 8 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ " رواه مسلم
376

باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شربا
773 عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ساقي القوم آخرهم " (يعني شربا)
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 116 باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة
وجواز الكرع وهو الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد،
وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل والطهارة وسائر
وجوه الاستعمال
عن أنس رضي الله عنه قال:
حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار إلى أهله وبقي قوم، فأتي
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه،
فتوضأ القوم كلهم. قالوا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة.
متفق عليه. هذه رواية البخاري،
وفي رواية له ولمسلم:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء من ماء، فأتي بقدح رحراح فيه شئ من ماء
فوضع أصابعه فيه. قال أنس: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه
فحزرت من توضأ ما بين السبعين إلى الثمانين.
775 وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال:
377

أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ. رواه البخاري.
" الصفر " بضم الصاد، ويجوز كسرها وهو: النحاس. و " التور ": كالقدح، وهو بالتاء
المثناة من فوق.
776 وعن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا " رواه البخاري.
" الشن ": القربة.
777 وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة وقال:
" هن لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة " متفق عليه.
778 وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب "
وفي رواية له: " من شرب في إناء من ذهب أو
فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم ".
378

* 1 * كتاب اللباس
117 باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر
والأسود وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إلا الحرير
[777 786]
قال الله تعالى (الأعراف 26): * (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا،
ولباس التقوى ذلك خير) *. وقال تعالى (النحل 81): * (وجعل لكم
سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم) *.
779 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها
موتاكم " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
780 وعن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم "
رواه النسائي والحاكم وقال حديث صحيح.
781 وعن البراء رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعا، ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا قط
أحسن منه. متفق عليه.
379

وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، فخرج
بلال بوضوئه فمن ناضح ونائل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء
كأني أنظر إلى بياض ساقيه، فتوضأ وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه ههنا
وههنا يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة حي على الفلاح، ثم
ركزت له عنزة فتقدم فصلى يمر بين يديه الكلب والحمار لا يمنع.
متفق عليه.
" العنزة " بفتح النون: نحو العكازة.
783 وعن أبي رمثة رفاعة التيمي رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبان أخضران.
رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
784 وعن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء. رواه مسلم.
785 وعن أبي سعيد عمرو بن حريث رضي الله عنه قال:
كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين
كتفيه. رواه مسلم.
380

وفي رواية له أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء.
786 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها
قميص ولا عمامة. متفق عليه.
" السحولية " بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثياب تنسب إلى سحول: قرية
باليمن. و " الكرسف ": القطن.
787 وعنها رضي الله عنها قالت:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود.
رواه مسلم.
" المرط " بكسر الميم: وهو كساء و " المرحل " بالحاء المهملة: هو الذي فيه صورة رحال
الإبل وهي: الأكوار.
788 وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير. فقال لي: " أمعك ماء؟ " قلت: نعم.
فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى في سواد الليل ثم جاء، فأفرغت عليه من الإداوة فغسل
وجهه، وعليه جبه من صوف فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة،
فغسل ذراعيه، ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال: " دعهما فإني أدخلتهما
طاهرتين " ومسح عليهما. متفق عليه.
وفي رواية: وعليه جبه شامية ضيقة الكمين.
381

وفي رواية: أن هذه القضية كانت في غزوة تبوك.
* 2 * 118 باب استحباب القميص
789 عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 119 باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال
شئ من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء
790 عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها قالت:
كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
791 وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، فقال أبو بكر: رضي الله عنه
: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنك
لست ممن يفعله خيلاء " رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
792 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " متفق عليه.
793 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
382

" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار " رواه البخاري.
794 وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم
ولهم عذاب أليم " قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا
من هم يا رسول الله؟ قال: " المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف
الكاذب " رواه مسلم.
وفي رواية له: " المسبل إزاره ".
795 وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئا خيلاء لم ينظر
الله إليه يوم القيامة " رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. 796 وعن أبي جري جابر بن سليم رضي الله عنه قال:
رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه قلت: من هذا؟
قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السلام يا رسول الله (مرتين) قال: " لا تقل عليك
السلام، عليك السلام تحية الموتى، قل: السلام عليك " قال قلت: أنت
رسول الله؟ قال: " أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك،
383

وإذا أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة
فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك " قال قلت: أعهد إلي. قال:
" لا تسبن أحدا " قال: فما سببت بعده حرا ولا عبدا، ولا بعيرا ولا شاة.
" ولا تحقرن من المعروف شيئا، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه
وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت
فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب
المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه
فإنما وبال ذلك عليه " رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح
وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
797 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بينما رجل يصلي مسبل إزاره قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فتوضأ " فذهب
فتوضأ، ثم جاء فقال: " اذهب فتوضأ " فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرته أن
يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: " إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله لا يقبل
صلاة رجل مسبل " رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم.
384

798 وعن قيس بن بشر التغلبي قال:
أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
يقال له سهل بن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا قل ما يجالس الناس: إنما هو صلاة، فإذا
فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء فقال له
أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك.
قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقدمت فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي
يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل
فلان وطعن فقال: خذها مني وأنا الغلام الغفاري كيف ترى في قوله؟ قال: ما أراه
إلا قد بطل أجره. فسمع بذلك آخر فقال: ما أرى بذلك بأسا. فتنازعا حتى سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " سبحان الله! لا بأس أو يؤجر ويحمد " فرأيت أبا الدرداء
سر بذلك وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول:
نعم. فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه
قال: فمر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "
ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم الرجل خريم الأسيدي لولا طول جمته وإسبال إزاره! "
فبلغ خريما فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه،
385

ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا
رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش
ولا التفحش "
رواه أبو داود بإسناد حسن إلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه وقد
روى له مسلم.
799 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين
الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم
ينظر الله إليه " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
800 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء. فقال: " يا عبد الله ارفع إزارك "
فرفعته، ثم قال: " زد " فزدت، فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين؟
فقال: إلى أنصاف الساقين. رواه مسلم.
801 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " فقالت أم سلمة: فكيف
386

يصنع النساء بذيولهن؟ قال: " يرخين شبرا " قالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال:
" فيرخينه ذراعا لا يزدن "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 120 باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا
قد سبق في باب فضل الجوع وخشونة العيش جمل تتعلق بهذا الباب.
802 وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة
على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
121 باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به
لغير حاجة ولا مقصود شرعي
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
387

122 باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه
واستنادهم إليه وجواز لبسه للنساء
804 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة "
متفق عليه.
805 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إنما يلبس الحرير من لا خلاق له " متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: " من لا خلاق له في الآخرة ".
قوله " من لا خلاق ": أي لا نصيب له.
806 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " متفق عليه.
807 وعن علي رضي الله عنه قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وذهبا فجعله في شماله ثم قال:
" إن هذين حرام على ذكور أمتي " رواه أبو داود بإسناد حسن.
808 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
809 وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن
388

لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه. رواه البخاري.
123 باب جواز لبس الحرير لمن به حكة
810 عن أنس رضي الله عنه قال:
رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما
في لبس الحرير لحكة بهما. متفق عليه.
* 2 * 124 باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها
811 عن معاوية رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تركبوا الخز ولا النمار "
حديث حسن رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن.
812 وعن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع.
رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحاح.
وفي رواية للترمذي: نهى عن جلود السباع أن تفترش.
389

باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا أو نعلا أو نحوه
813 عن أبي سعيد الخدري قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه: عمامة أو قميصا أو رداء، يقول:
" اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له،
وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 126 باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس
هذ الباب تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فيه
390

5 كتاب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس
والجليس والرؤيا [812 817]
5 / 1 [باب آداب النوم والاضطجاع والقعود] [812 817]
814 عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال: " اللهم أسلمت
نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري
إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك
الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت "
رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.
815 وعنه رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك
الأيمن وقل " وذكر نحوه وفيه: " واجعلهن آخر ما تقول " متفق عليه.
813 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر
صلى ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يجئ المؤذن
فيؤذنه. متفق عليه.
391

وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: " اللهم
باسمك أموت وأحيا " وإذا استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا
وإليه النشور " رواه البخاري.
818 وعن يعيش بن طخفة الغفاري رضي الله عنه قال، قال أبي:
بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال: " إن هذه ضجعة
يبغضها الله " قال: فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
819 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة،
ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة "
رواه أبو داود بإسناد حسن.
" الترة " بكسر التاء المثناة من فوق وهي: النقص. وقيل: التبعة.
128 باب جواز الاستلقاء على القفا ووضع إحدى الرجلين على الأخرى
إذا لم يخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعا ومحتبيا
820 عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه
أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على
الأخرى. متفق عليه.
392

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس
حسناء " حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة.
822 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيديه هكذا، ووصف بيديه
الاحتباء وهو القرفصاء. رواه البخاري.
823 وعن قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها قالت:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق. رواه أبو داود والترمذي.
824 وعن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال:
مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا: وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت
على ألية يدي فقال: " أتقعد قعدة المغضوب عليهم "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
393

129 باب آداب المجلس والجليس
825 عن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا
وتفسحوا "
وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه. متفق عليه.
826 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه فهو أحق به " رواه مسلم.
827 وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
828 وعن أبي عبد الله سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن
من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم
يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين
الجمعة الأخرى " رواه البخاري.
829 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
394

" لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
وفي رواية لأبي داود: " لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما ".
830 وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة. رواه أبو داود بإسناد حسن.
وروى الترمذي عن أبي مجلز أن رجلا قعد
وسط حلقة فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، أو لعن الله
على لسان محمد صلى الله عليه وسلم من جلس وسط الحلقة.
قال الترمذي حديث حسن صحيح.
831 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" خير المجالس أوسعها " رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري.
832 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه
ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد إن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب
إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
833 وعن أبي برزة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: " سبحانك اللهم
395

وبحمدك، أشهد إن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك " فقال رجل:
يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى؟ قال: " ذلك كفارة لما يكون
في المجلس " رواه أبو داود،
ورواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك من رواية عائشة رضي الله عنها
وقال حديث صحيح الإسناد
834 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات: " اللهم أقسم
لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به
جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا
بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل
ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا،
ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من
لا يرحمنا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
835 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من قوم يقومون من مجلس ولا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن
مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
396

836 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم
فيه إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
837 وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن
اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة "
رواه أبو داود.
وقد سبق قريبا وشرحنا الترة فيه
130 باب الرؤيا وما يتعلق بها
قال الله تعالى (الروم 23): * (ومن آياته منامكم بالليل والنهار) *.
838 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا: وما المبشرات؟ قال: " الرؤيا
الصالحة " رواه البخاري.
839 وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء
من ستة وأربعين جزءا من النبوة " متفق عليه.
وفي رواية: " وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ".
840 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
397

" من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، أو كأنما رآني في اليقظة،
لا يتمثل الشيطان بي " متفق عليه.
841 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى فليحمد الله
عليها وليحدث بها، وفي رواية: فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير
ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها
لأحد فإنها لا تضره " متفق عليه.
842 وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" الرؤيا الصالحة وفي رواية: الرؤيا الحسنة من الله، والحلم من
الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من
الشيطان فإنها لا تضره " متفق عليه.
" النفث ": نفخ لطيف لا ريق معه.
843 وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ
بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه " رواه مسلم.
844 وعن أبي الأسقع واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم
تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل " رواه البخاري.
398

كتاب السلام
* 2 * 131 باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قال الله تعالى (النور 27): * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى
تستأنسوا وتسلموا على أهلها) *. وقال تعالى (النور 61): * (فإذا دخلتم
بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) *.
وقال تعالى (النساء 86): * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) *.
وقال تعالى (الذاريات 24، 25): * (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا
عليه فقالوا: سلاما، قال: سلام) *.
845 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه
أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، وتقرأ
السلام على من عرفت ومن لم تعرف " متفق عليه.
846 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لما خلق الله تعالى آدم قال: اذهب فسلم على أولئك: نفر من
الملائكة جلوس، فاسمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك.
399

فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. فزادوه ورحمة
الله " متفق عليه.
847 وعن أبي عبادة البراء بن عازب رضي الله عنه قال
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت
العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم.
متفق عليه.
هذا لفظ إحدى روايات البخاري.
848 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على
شئ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم.
849 وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا
والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام " رواه الترمذي وقال حديث صحيح. 850 وعن الطفيل بن أبي بن كعب
أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى
السوق لم يمر عبد الله على سقاط (1) ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم
400

عليه. قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت له: ما تصنع
بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس
السوق؟ وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث. فقال: يا أبا بطن (وكان الطفيل ذا بطن) إنما
نغدو من أجل السلام نسلم على من لقيناه. رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح.
132 باب كيفية السلام
يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيأتي بضمير
الجمع وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم.
851 وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" عشر " ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس فقال:
" عشرون " ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس فقال:
" ثلاثون " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
852 وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" هذا جبريل يقرأ عليك السلام " قالت قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.
متفق عليه.
وهكذا وقع في بعض روايات الصحيحين: " وبركاته " وفي بعضها بحذفها، وزيادة الثقة
مقبولة.
853 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى
401

على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري.
وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كبيرا.
854 وعن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل
قال:
كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن فيجئ من الليل فيسلم تسليما
لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم.
رواه مسلم.
855 وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود
فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة. ويؤيده أن في رواية أبي داود:
فسلم علينا.
856 وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. قال: " لا تقل عليك
402

السلام فإنه عليك السلام تحية الموتى "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وقد سبق بطوله).
* 2 * 133 باب آداب السلام
857 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير "
متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: والصغير على الكبير.
858 وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
" إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام " رواه أبو داود بإسناد جيد.
ورواه الترمذي عن أبي أمامة قيل: يا
رسول الله الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: " أولاهما بالله تعالى "
قال الترمذي حديث حسن.
* 2 * 134 باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل
ثم خرج ثم دخل في الحال أو حال بينهما شجرة ونحوها
859 عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسئ في صلاته
أنه جاء فصلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فرد السلام فقال: " ارجع
403

فصل فإنك لم تصل " فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم حتى فعل ذلك ثلاث
مرات. متفق عليه.
860 وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو
جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه " رواه أبو داود.
* 2 * 135 باب استحباب السلام إذا دخل بيته
قال الله تعالى (النور 61): * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله
مباركة طيبة) *.
861 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل
بيتك " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 136 باب السلام على الصبيان
862 عن أنس رضي الله عنه
أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
متفق عليه.
404

137 باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه
وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن
وسلامهن بهذا الشرط
863 عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
كانت فينا امرأة وفي رواية: كانت لنا عجوز تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر
وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة وانصرفنا نسلم عليها فتقدمه إلينا.
رواه البخاري.
قوله " تكركر ": أي تطحن.
864 وعن أم هانئ فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وهو يغتسل وفاطمة تستره بثوب
فسلمت. وذكرت الحديث. رواه مسلم.
865 وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت:
مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن. وهذا لفظ أبي داود،
ولفظ الترمذي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة
من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم.
405

138 باب تحريم ابتدائنا الكفار بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب
السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار
866 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق
فاضطروه إلى أضيقه " رواه مسلم.
867 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم " متفق عليه.
868 وعن أسامة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة
الأوثان، واليهود فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
* 2 * 139 باب استحباب السلام إذا قام من المجلس وفارق جلساءه أو جليسه
[867]
869 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم
فليست الأولى بأحق من الآخرة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 140 باب الاستئذان وآدابه
قال الله تعالى (النور 27): * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى
تستأنسوا وتسلموا على أهلها) *. وقال تعالى (النور 59): * (وإذا بلغ الأطفال
406

منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم) *.
870 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع " متفق عليه.
871 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " متفق عليه.
872 وعن ربعي بن حراش قال:
حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه: " اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له قل: السلام
عليكم أأدخل؟ " فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم
فدخل. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
873 وعن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ارجع فقل: السلام
عليكم أأدخل؟ " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
407

141 باب بيان أن السنة إذا قيل للمستأذن من أنت أن يقول
فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية وكراهة قوله أنا
ونحوها
874 عن أنس رضي الله عنه في حديثه المشهور في الإسراء قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال
جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد. ثم صعد إلى السماء الثانية
فاستفتح. فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال:
محمد. وإلى الثالثة والرابعة وسائرهن، ويقال في باب كل سماء: من
هذا؟ فيقول: جبريل " متفق عليه.
875 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده، فجعلت أمشي في ظل القمر
فالتفت فرآني فقال: " من هذا؟ " فقلت: أبو ذر. متفق عليه.
876 وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره فقال: " من هذه؟ " فقلت: أنا أم
هانئ. متفق عليه.
877 وعن جابر رضي الله عنه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققت الباب فقال: " من هذا؟ " فقلت: أنا. فقال: " أنا
أنا! " كأنه كرهها. متفق عليه.
408

142 باب استحباب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وكراهية تشميته
إذا لم يحمد الله تعالى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب
[877 883]
878 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله
تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله. وأما التثاؤب
فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم
إذا تثاءب ضحك منه الشيطان " رواه البخاري.
879 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه:
يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح
بالكم " رواه البخاري.
880 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه "
رواه مسلم.
881 وعن أنس رضي الله عنه قال:
عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته:
عطس فلان فشمته وعطست فلم تشمتني؟ فقال: " هذا حمد الله وإنك لم تحمد
الله " متفق عليه.
409

882 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبا على فيه وخفض أو
غض بها صوته. شك الراوي. رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
883 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:
كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول:
يهديكم الله ويصلح بالكم " رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
884 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل "
رواه مسلم.
* 2 * 143 باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد
الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر
وكراهية الانحناء
885 عن أبي الخطاب قتادة قال:
قلت لأنس رضي الله عنه: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
رواه البخاري.
886 وعن أنس رضي الله عنه قال:
لما جاء أهل اليمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد جاءكم أهل اليمن، وهم أول من
جاء بالمصافحة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
887 وعن البراء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا "
رواه أبو داود.
410

وعن أنس رضي الله عنه قال،
قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: " لا "
قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: " لا " قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: " نعم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
889 وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال،
قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسألاه عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله
وقالا: نشهد أنك نبي. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة.
890 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة قال فيها:
فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده. رواه أبو داود.
891 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب
فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
892 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "
رواه مسلم.
411

893 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من
الولد ما قبلت منهم أحدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لا يرحم لا يرحم "
متفق عليه.
412

كتاب عيادة المريض وتشييع الميت
والصلاة عليه وحضور دفنه والمكث عند قبره بعد
دفنه
144 باب عيادة المريض وتشييع الميت
894 عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت
العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء
السلام. متفق عليه.
895 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع
الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس " متفق عليه.
896 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني!
قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي
فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟
413

يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني! قال: يا رب كيف أطعمك وأنت
رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما
علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني! قال: يا رب كيف أسقيك وأنت
رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه! أما إنك لو
سقيته لوجدت ذلك عندي! " رواه مسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني " رواه البخاري.
" العاني ": الأسير.
898 وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع "
قيل: يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: " جناها " رواه مسلم.
899 وعن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى
يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان
له خريف في الجنة " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" الخريف ": الثمر المخروف: أي المجتنى.
وعن أنس رضي الله عنه قال:
414

كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه
فقال له: " أسلم " فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال: أطع أبا القاسم. فأسلم، فخرج النبي
صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " الحمد لله الذي أنقذه من النار " رواه البخاري.
145 باب ما يدعى به المريض
901 عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشئ منه أو كانت به قرحة أو جرح قال
النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا، ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها، وقال:
" بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا "
متفق عليه.
وعنها رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: " اللهم رب
الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء
لا يغادر سقما " متفق عليه.
903 وعن أنس رضي الله عنه
أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى.
قال: اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما "
رواه البخاري.
904 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " اللهم اشف سعدا، اللهم اشف
سعدا،. رواه مسلم
415

905 وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه
أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ضع
يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات:
أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " رواه مسلم.
906 وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عند سبع مرات: أسأل الله
العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض "
رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
وقال الحاكم حديث صحيح على شرط البخاري.
907 وعنه رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده قال:
" لا بأس، طهور إن شاء الله " رواه البخاري.
908 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال:
" نعم " قال: بسم الله أرقيك، من كل شئ يؤذيك، من شر كل نفس أو
عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما
أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قال: لا إله إلا الله والله أكبر
صدقه ربه فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده
416

لا شريك له قال يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وإذا قال:
لا إله إلا الله له الملك وله الحمد قال: لا إله إلا أنا لي الحمد ولي الملك،
وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: لا إله إلا أنا
ولا حول ولا قوة إلا بي. وكان
يقول: " من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه
النار " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 146 باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
910 عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في
وجعه الذي توفي فيه فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا. رواه البخاري.
* 2 * 147 باب ما يقوله من أيس من حياته
911 عن عائشة رضي الله عنها قالت
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول: " اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني
بالرفيق الأعلى " متفق عليه.
912 وعنها رضي الله عنها قالت
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، عنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم
يمسح وجهه بالماء ثم يقول: " اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات
417

الموت " رواه الترمذي.
* 2 * 148 باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه
واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته
بحد أو قصاص ونحوهما
913 عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما
أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت
حدا فأقمه علي. فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: " أحسن إليها فإذا وضعت فأتني
بها " ففعل، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها "
رواه مسلم.
* 2 * 149 باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو
موعوك أو وا رأساه ونحو ذلك وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن
على التسخط وإظهار الجزع
914 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا. فقال:
" أجل أنا أوعك كما يوعك رجلان منكم " متفق عليه.
418

915 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي فقلت: بلغ مني ما ترى وأنا ذو مال
ولا يرثني إلا ابنتي. وذكر الحديث. متفق عليه.
916 وعن القاسم بن محمد قال،
قالت عائشة رضي الله عنها: وا رأساه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بل أنا وا رأساه " وذكر
الحديث. رواه البخاري.
* 2 * 150 باب تلقين المحتضر لا إله إلا الله
917 عن معاذ رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة "
رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد.
918 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " رواه مسلم.
* 2 * 151 باب ما يقوله عند تغميض الميت
919 عن أم سلمة رضي الله عنها قالت
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: " إن الروح إذا
قبض تبعه البصر " فضج ناس من أهله فقال: " لا تدعوا على أنفسكم إلا
بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " ثم قال: " اللهم اغفر لأبي سلمة،
419

وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله
يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه " رواه مسلم.
* 2 * 152 باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون
على ما تقولون " قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله
إن أبا سلمة قد مات. قال: " قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبي
حسنة " فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمدا صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم هكذا: " إذا حضرتم المريض أو الميت " على الشك،
ورواه أبو داود وغيره " الميت " بلا شك.
921 وعنها رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم
اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته
وأخلف له خيرا منها "
قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه:
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
922 وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
420

" إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟
فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول:
فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجعك، فيقول الله تعالى: ابنوا
لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
923 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من
أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة " رواه البخاري.
924 وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:
أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت، فقال
للرسول: " ارجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شئ
عند بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب " وذكر تمام الحديث.
متفق عليه.
153 باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة
أما النياحة فحرام، وسيأتي فيها باب كتاب النهي إن شاء الله تعالى. وأما البكاء فجاءت
أحاديث بالنهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله. وهي متأولة محمولة على من أوصى
421

به، والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة. والدليل على جواز البكاء بغير ندب
ولا نياحة أحاديث كثيرة. منها:
925 عن ابن عمر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي
وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا. فقال: " ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين،
ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم " وأشار إلى لسانه. متفق عليه.
926 وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال
له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: " هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده،
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " متفق عليه.
927 وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال:
" يا ابن عوف إنها رحمة " ثم أتبعها بأخرى فقال: " إن العين تدمع، والقلب
يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون "
رواه البخاري. وروى مسلم بعضه.
والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.
422

باب الكف عما يرى من الميت من مكروه
928 عن أبي رافع أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة "
رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
* 2 * 155 باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع
النساء الجنائز
929 قد سبق فضل التشييع
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى
تدفن فله قيراطان " قيل: وما القيراطان؟ قال: " مثل الجبلين العظيمين "
متفق عليه.
930 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلي عليها ويفرغ
من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى
عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط " رواه البخاري.
931 وعن أم عطية رضي الله عنها قالت:
423

نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. متفق عليه.
ومعناه: لم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات.
* 2 * 156 باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة
فأكثر
932 عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون
له إلا شفعوا فيه " رواه مسلم.
933 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون
بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم.
934 وعن مرثد بن عبد الله اليزني قال:
كان مالك بن هبيرة رضي الله عنه إذا صلى على الجنازة فتقال الناس عليها جزأهم
عليها ثلاثة أجزاء، ثم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد
أوجب " رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
424

157 باب ما يقرأ في صلاة الجنازة
كبر أربع تكبيرات. يتعوذ بعد الأولى ثم يقرأ فاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية، ثم يصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. والأفضل أن يتممه بقوله: كما
صليت على إبراهيم إلى قوله حميد مجيد،
ولا يفعل ما يفعله كثير من العوام من قولهم: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * الآية
(56 الأحزاب) فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه،
ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت وللمسلمين بما سنذكره من الأحاديث إن شاء الله تعالى، ثم
يكبر الرابعة ويدعو. ومن أحسنه: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.
والمختار أنه يطول الدعاء في الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس، لحديث ابن
أبي أوفى الذي سنذكره إن شاء الله تعالى
(انظر الحديث رقم 937) فأما الأدعية المأثورة بعد التكبيرة الثالثة فمنها:
935 عن أبي عبد الرحمن عوف بن مالك رضي الله عنه قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له
وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء
والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس،
وأبد له دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه،
وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار " حتى تمنيت أن أكون
أنا ذلك الميت. رواه مسلم.
425

وعن أبي هريرة وأبي قتادة وأبي إبراهيم
الأشهلي عن أبيه، وأبوه صحابي، رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه صلى على جنازة فقال: " اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا،
وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على
الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا
تفتنا بعده "
رواه الترمذي من رواية أبي هريرة والأشهلي. ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة وأبي
قتادة. قال الحاكم: حديث أبي هريرة صحيح على شرط البخاري ومسلم. قال الترمذي قال
البخاري: أصح روايات هذا الحديث رواية الأشهلي. قال البخاري وأصح شئ في الباب
حديث عوف بن مالك.
937 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " رواه أبو داود.
938 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة: " اللهم أنت
ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت
أعلم بسرها وعلانيتها، جئناك شفعاء له فاغفر له " رواه أبو داود.
939 وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول: " اللهم إن فلان ابن
426

فلان في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل
الوفاء والحمد، اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم " رواه أبو داود.
940 وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه:
أنه كبر على جنازة ابنة له أربع تكبيرات فقام بعد الرابعة كقدر ما بين
التكبيرتين يستغفر لها ويدعو ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا.
وفي رواية: " كبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننت أنه سيكبر
خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال:
إني لا أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، أو هكذا صنع
رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الحاكم وقال حديث صحيح.
* 2 * 158 باب الإسراع بالجنازة
941 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى
ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " فخير تقدمونها عليه ".
942 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
427

" إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة
قالت قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها يا ويلها أين
تذهبون بها! يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمع الإنسان
لصعق " رواه البخاري.
* 2 * 159 باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت
فجأة فيترك حتى يتيقن موته
943 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
944 وعن حصين بن وحوح رضي الله عنه
أن طلحة بن البراء رضي الله عنه مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال:
" إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا به
فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " رواه أبو داود.
428

160 باب الموعظة عند القبر
945 عن علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد
فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس وجعل ينكت بمخصرته،
ثم قال:
" ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة "
فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق
له " وذكر تمام الحديث. متفق عليه.
* 2 * 161 باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له
والاستغفار والقراءة
946 عن أبي عمرو، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو ليلى، عثمان بن عفان رضي
الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: " استغفروا لأخيكم واسألوا
له التثبيت فإن الآن يسأل " رواه أبو داود.
947 وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
إذا دفنتموني فأقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى
429

أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. وقد سبق بطوله.
قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شئ من القرآن وإن ختموا القرآن كله
كان حسنا.
* 2 * 162 باب الصدقة عن الميت والدعاء له
قال الله تعالى (الحشر 10): * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) *.
948 وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
إن أمي افتلتت نفسها (1)، وأراها لو تكلمت، تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟
قال: " نعم " متفق عليه.
949 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم
ينتفع له أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم.
* 2 * 163 باب ثناء الناس على الميت
950 عن أنس رضي الله عنه قال:
مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وجبت " ثم مروا بأخرى
430

فأثنوا عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وجبت " فقال عمر بن الخطاب رضي الله
عنه: ما وجبت؟ قال: " هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم
عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض " متفق عليه. 951 وعن أبي الأسود قال:
قدمت المدينة فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمرت بهم جنازة فأثني على
صاحبها خيرا فقال عمر رضي الله عنه: وجبت. ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا فقال عمر:
وجبت. ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شرا فقال: وجبت. قال أبو الأسود: فقلت:
وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما مسلم شهد له أربعة
بخير أدخله الله الجنة " فقلنا: وثلاثة؟ قال: " وثلاثة " فقلنا: واثنان؟
قال: " واثنان " ثم لم نسأله عن الواحد. رواه البخاري.
* 2 * 164 باب فضل من مات له أولاد صغار
952 عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل
رحمته إياهم " متفق عليه.
953 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد لا تمسه النار إلا تحلة
القسم " متفق عليه.
و " تحلة القسم " قول الله تعالى (مريم 71): * (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما
431

مقضيا) [مريم 19 / 71] والورود: هو العبور على الصراط، وهو جسر منصوب على ظهر
جنهم. عافانا الله منها.
954 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل
لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله. قال: " اجتمعن يوم كذا وكذا "
فاجتمعن فأتاهن النبي صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: " ما منكن من امرأة
تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار " فقالت امرأة: واثنين؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " واثنين " متفق عليه.
* 2 * 165 باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار
الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك
955 عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه (يعني لما وصلوا الحجر: ديار ثمود):
" لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا
باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم " متفق عليه.
وفي رواية قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال:
" لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن
تكونوا باكين " ثم قنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
432

كتاب آداب السفر
* 2 * 166 باب استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار
[955 956]
956 عن كعب بن مالك رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج
يوم الخميس. متفق عليه.
وفي رواية في الصحيحين: لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلا في
يوم الخميس.
957 وعن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" اللهم بارك لأمتي في بكورها "
وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار، وكان صخر تاجرا، وكان يبعث تجارته
أول النهار فأثرى وكثر ماله. رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 167 باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه
[957 960]
958 عن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
433

" لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل
وحده " رواه البخاري.
959 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده رضي الله عنهم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب "
رواه أبو داود الترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة
وقال الترمذي حديث حسن.
960 وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم "
حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.
961 وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة
آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلة "
رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
434

* 2 * 168 باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب
السرى (1) والرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها وأمر من قصر في حقها
بالقيام بحقها وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك
962 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم
في الجدب فأسرعوا عليها السير، وبادروا بها نقيها، وإذا عرستم فاجتنبوا
الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل " رواه مسلم.
معنى " أعطوا الإبل حظها من الأرض ": أي ارفقوا بها في السير لترعى في حال سيرها.
وقوله " نقيها " هو بكسر النون وإسكان القاف وبالياء المثناة من تحت وهو: المخ.
معناه: أسرعوا بها حتى تصلوا المقصد قبل أن يذهب مخها من ضنك السير. و " التعريس ":
النزول في الليل.
963 وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل اضطجع على
يمينه، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه.
رواه مسلم.
قال العلماء: إنما نصب ذراعه لئلا يستغرق في النوم فتفوت صلاة الصبح عن وقتها أو
عن أول وقتها.
964 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل " رواه أبو داود بإسناد حسن.
435

" الدلجة ": السير في الليل.
965 وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال
كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن
تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان! " فلم ينزلوا بعد ذلك
منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض. رواه أبو داود بإسناد حسن.
966 وعن سهل بن عمرو. وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو، الأنصاري المعروف
بابن الحنظلية، وهو من أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم قال:
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: " اتقوا الله في هذه البهائم
المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
967 وعن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:
أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه وأسر إلي حديثا لا أحدث
به أحدا من الناس. وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته
هدف أو حائش نخل. يعني حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا.
وزاد فيه البرقاني بإسناد مسلم هذا بعد قوله حائش نخل: فدخل
حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرجر، وذرفت
عيناه. فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته (أي سنامه) وذفراه فسكن، فقال: " من رب
هذا الجمل، لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: هذا لي يا رسول الله.
436

فقال: " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها! فإنه يشكو إلي
أنك تجيعه وتدئبه " ورواه أبو داود كرواية البرقاني.
قوله " ذفراه " هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء وهو لفظ مفرد مؤنث. قال أهل
اللغة: الذفرى الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن. وقوله " تدئبه ": أي تتعبه.
968 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كنا إذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحل الرحال.
رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم.
وقوله " لا نسبح ": أي لا نصلي النافلة. ومعناه: أنا مع حرصنا على الصلاة لا
نقدمها على حط الرحال وإراحة الدواب.
169 باب إعانة الرفيق
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث:
" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".
وحديث: " كل معروف صدقة " وأشباههما.
969 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
بينما نحن في سفر إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن
كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له " فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى
رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
437

وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه أراد أن يغزو فقال:
" يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال
ولا عشيرة فليضم أحدكم إليه الرجلين والثلاثة فما لأحدنا من ظهر
يحمله إلا عقبة كعقبة " يعني أحدهم قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة ما لي إلا عقبة
كعقبة أحدهم من جملي. رواه أبو داود.
971 وعنه رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف
ويدعو له. رواه أبو داود بإسناد حسن.
* 2 * 170 باب ما يقوله إذا ركب دابته للسفر
قال الله تعالى (الزخرف 12 14): * (وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون. لتستووا على
ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه، وتقولوا: سبحان الذي سخر
لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون) *.
972 وعن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال:
" سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا
لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى،
اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر،
والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر
438

وسوء المنقلب في المال والأهل والولد " وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: " آيبون
تائبون عابدون لربنا حامدون " رواه مسلم.
معنى " مقرنين ": مطيقين. و " الوعثاء " بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد
هي: الشدة. و " الكآبة " بالمد وهي: تغير النفس من حزن ونحوه. و " المنقلب ": المرجع.
973 وعن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب
والحور بعد الكون ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال. رواه مسلم.
هكذا هو في صحيح مسلم: " الحور بعد الكون " بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي.
قال الترمذي: ويروى " الكور " بالراء، وكلاهما له وجه.
قال العلماء: معناه بالنون والراء جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص.
قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها، ورواية النون من الكون،
مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر.
974 وعن علي بن ربيعة قال:
شهدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب
قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين،
وإنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم قال: الحمد لله، ثلاث مرات. ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات.
ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك.
فقيل: يا أمير المؤمنين من أي شئ ضحكت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم
ضحك فقلت: يا رسول الله من أي شئ ضحكت؟ قال: " إن ربك سبحانه يعجب
من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري "
رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
وفي بعض النسخ حسن صحيح. وهذا لفظ أبي داود.
439

* 171 باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط
الأودية ونحوها والنهي عن المبالغة برفع الصوت بالتكبير ونحوه
[974 978]
975 عن جابر رضي الله عنه قال:
كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا. رواه البخاري.
976 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
977 وعنه رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج أو العمرة كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا ثم
قال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل
شئ قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله
وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة.
قوله " أوفى ": أي ارتفع. وقوله " فدفد " هو بفتح الفاءين بينهما دال مهملة
ساكنة وآخره دال أخرى وهو: الغليظ المرتفع من الأرض.
440

978 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رجلا قال: يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني " قال: " عليك بتقوى
الله، والتكبير على كل شرف " فلما ولى الرجل قال: " اللهم اطو له البعد،
وهون عليه السفر " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
979 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا
إنه معكم إنه سميع قريب " متفق عليه.
" أربعوا ": بفتح الباء الموحدة أي: ارفقوا بأنفسكم.
* 2 * 172 باب استحباب الدعاء في السفر
980 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة
المسافر، ودعوة الوالد على ولده " رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
وليس في رواية أبي داود " على ولده ".
* 2 * 173 باب ما يدعو به إذا خاف ناسا أو غيرهم
981 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما يقول: " اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ
بك من شرورهم " رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
441

باب ما يقول إذا نزل منزلا
982 عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم
يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك " رواه مسلم.
983 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال: " يا أرض ربي وربك الله، أعوذ
بالله من شرك وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ
بك من شر أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد
وما ولد " رواه أبو داود.
و " الأسود " الشخص. قال الخطابي: و " ساكن البلد ": هم الجن سكان
الأرض. قال: والبلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء ومنازل. قال:
ويحتمل أن يكون المراد " بالوالد ": إبليس، " وما ولد " الشياطين.
* 2 * 175 باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته
[983]
984 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" السفر قطعة من العذاب: يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا
قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل إلى أهله " متفق عليه.
" نهمته ": مقصوده.
442

باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة
[984 985]
985 عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرقن أهله ليلا "
وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله
ليلا. متفق عليه.
986 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية.
متفق عليه.
" الطروق ": المجئ في الليل.
* 2 * 177 باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته
987 فيه حديث ابن عمر السابق (انظر الحديث رقم 974) في باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا.
وعن أنس رضي الله عنه قال:
أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بظهر المدينة قال: " آيبون تائبون
عابدون لربنا حامدون " فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة.
رواه مسلم.
443

باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره
وصلاته فيه ركعتين
988 عن كعب بن مالك رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين.
متفق عليه.
* 2 * 179 باب تحريم سفر المرأة وحدها
989 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع
ذي محرم عليها " متفق عليه.
990 وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي
محرم " فقال رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا
وكذا؟ قال: " انطلق فحج مع امرأتك " متفق عليه.
444

كتاب الفضائل
* 2 * 180 باب فضل قراءة القرآن
991 عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " رواه مسلم.
992 وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا
تقدمه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما "
رواه مسلم.
993 وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري.
994 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي
يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " متفق عليه.
445

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها
طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها
حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها
مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها
مر " متفق عليه.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين " رواه مسلم.
997 وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل
وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار "
متفق عليه.
" الآناء ": الساعات.
998 وعن البراء رضي الله عنه قال:
كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت
تدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: " تلك
السكينة تنزلت للقرآن " متفق عليه.
446

" الشطن " بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة: الحبل.
999 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول
ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1000 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1001 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا،
فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 181 باب الأمر بتعهد القرآن التحذير من تعريضه للنسيان
[1001 1002]
1002 عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل
في عقلها " متفق عليه.
447

وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها
أمسكها وإن أطلقها ذهبت " متفق عليه.
* 2 * 182 باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب
القراءة من حسن الصوت والاستماع لها
1004 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما أذن الله لشئ ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ": يجهر
به. متفق عليه.
معنى " أذن الله ": أي استمع. وهو إشارة إلى الرضى والقبول.
1005 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
" لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " لو رأيتني وأنا أستمع
لقراءتك البارحة! ".
1006 وعن البراء رضي الله عنه قال:
448

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون فما
سمعت أحدا أحسن صوتا منه. متفق عليه.
1007 وعن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من لم يتغن بالقرآن فليس منا " رواه أبو داود بإسناد جيد.
معنى " يتغنى ": يحسن صوته بالقرآن.
1008 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال،
قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " اقرأ علي القرآن " فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك
أنزل؟ قال: " إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت
إلى هذه الآية * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء
شهيدا) * (النساء 41) قال: " حسبك الآن " فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
متفق عليه.
* 2 * 183 باب الحث على سور وآيات مخصوصة.
1009 عن أبي سعيد رافع بن المعلي رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ " فأخذ
بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟
قال: " الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني، والقرآن
449

العظيم الذي أوتيته " رواه البخاري.
1010 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قل هو الله أحد: " والذي
نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن ".
وفي رواية:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: " أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في
ليلة؟ " فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: " قل هو الله
أحد الله الصمد ثلث القرآن " رواه البخاري.
1011 وعنه رضي الله عنه
أن رجلا سمع رجلا يقرأ: * (قل هو الله أحد) * يرددها، فلما أصبح
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي
نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " رواه البخاري.
1012 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قل هو الله أحد: " إنها
تعدل ثلث القرآن " رواه مسلم.
1013 وعن أنس رضي الله عنه
أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب هذه السورة: * (قل هو الله أحد) *
450

قال: " إن حبها أدخلك الجنة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن. ورواه البخاري في صحيحه تعليقا.
1014 وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب
الفلق، وقل أعوذ برب الناس " رواه مسلم.
1015 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت
المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك
ما سواهما. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1016 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي:
تبارك الذي بيده الملك "
رواه أبو داود الترمذي وقال حديث حسن.
وفي رواية أبي داود: " تشفع ".
1017 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " متفق عليه.
قيل: كفتاه المكروه تلك الليلة. وقيل: كفتاه عن قيام الليل.
451

1018 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه
سورة البقرة " رواه مسلم.
1019 وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت: * (الله
لا إله إلا هو الحي القيوم) * فضرب في صدري وقال: " ليهنك
العلم أبا المنذر " رواه مسلم.
1020 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام
فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة
شديدة. فخليت عنه، فأصبحت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا هريرة
ما فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت
سبيله. فقال: " أما إنه قد كذبك وسيعود " فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرصدته فجاء يحثو من الطعام، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعني فإني
محتاج وعلي عيال لا أعود. فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ " قلت: يا رسول الله شكا حاجة
وعيالا فرحمته فخليت سبيله. فقال: " إنه قد كذبك وسيعود " فرصدته الثالثة،
452

فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات
أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: ما هن؟
قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك
شيطان حتى تصبح. فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فعل أسيرك
البارحة؟ " قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله. قال:
" ما هي؟ " قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم
الآية: * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * وقال لي: لا يزال عليك من
الله حافظ ولم يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أما إنه قد صدقك وهو
كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة؟ قلت: لا. قال:
" ذلك شيطان " رواه البخاري.
1021 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال "
وفي رواية: " من آخر سورة الكهف " رواه مسلم.
1022 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه
فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم ولم يفتح قط إلا اليوم
فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم
453

وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم
سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته. رواه مسلم.
" النقيض ": الصوت.
* 2 * 184 باب استحباب الاجتماع على القراءة
1023 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه
بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة
وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم.
* 2 * 185 باب فضل الوضوء
قال الله تعالى (المائدة 6): * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) *
وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا
فاطهروا) إلى قوله تعالى: * (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن
يريد ليطهركم، وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) *.
1024 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع
454

منكم أن يطيل غرته فليفعل " متفق عليه.
1025 وعنه رضي الله عنه قال سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول:
" تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " رواه مسلم.
1026 وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من
تحت أظفاره " رواه مسلم.
1027 وعنه رضي الله عنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ثم قال: " من توضأ هكذا غفر له
ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة " رواه مسلم.
1028 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل
خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه
خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر
الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع
آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب " رواه مسلم.
455

وعنه رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا
إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا " قالوا: أو لسنا إخوانك
يا رسول الله؟ قال: " أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد " قالوا: كيف
تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ قال: " أرأيت لو أن رجلا له خيل
غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ " قالوا: بلى
يا رسول الله. قال: " فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على
الحوض " رواه مسلم.
1030 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ " قالوا:
بلى يا رسول الله. قال: " إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط " رواه مسلم.
1031 وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الطهور شطر الإيمان " رواه مسلم وقد سبق بطوله في باب الصبر).
456

وفي الباب حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه السابق في آخر باب
الرجاء (انظر الحديث رقم 437). وهو حديث عظيم مشتمل على جمل من الخيرات.
1032 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم قال: أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت
له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " رواه مسلم.
وزاد الترمذي: " اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين ".
186 باب فضل الأذان
1033 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن
يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو
يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا " متفق عليه.
" الاستهام ": الاقتراع. و " التهجير ": التبكير إلى الصلاة.
1034 وعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
457

" المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة " رواه مسلم.
1035 وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري
رضي الله عنه قال له:
إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك
فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء " فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن
جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة "
قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
1036 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين،
فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب
أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: أذكر كذا واذكر كذا لما
لم يذكر من قبل حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى " متفق عليه.
" التثويب ": الإقامة.
1037 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى
علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في
458

الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي
الوسيلة حلت له الشفاعة " رواه مسلم.
1038 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن " متفق عليه.
1039 وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة
القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته،
حلت له شفاعتي يوم القيامة " رواه البخاري.
1040 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام
دينا، غفر له ذنبه " رواه مسلم.
1041 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 187 باب فضل الصلوات
قال الله تعالى (العنكبوت 45): * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) *.
[العنكبوت 29 / 45]
1042 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
459

" أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل
يبقى من درنه شئ؟ " قالوا: لا يبقى من درنه شئ. قال: " فذلك مثل
الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " متفق عليه.
1043 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه
كل يوم خمس مرات " رواه مسلم.
" الغمر " بفتح الغين المعجمة: الكثير.
1044 وعن ابن مسعود رضي الله عنه
أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى: * (أقم
الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات) *
فقال الرجل: ألي هذا؟ قال: " لجميع أمتي كلهم "
متفق عليه.
1045 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش
الكبائر " رواه مسلم.
1046 وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من امرئ مسلم تحضر صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها
460

وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك
الدهر كله " رواه مسلم.
* 2 * 188 باب فضل صلاة الصبح والعصر
1047 عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من صلى البردين دخل الجنة " متفق عليه.
" البردان ": الصبح والعصر.
1048 وعن أبي زهير عمارة بن رويبة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ": يعني
الفجر والعصر. رواه مسلم.
1049 وعن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من صلى الصبح فهو في ذمة الله فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من
ذمته بشئ " رواه مسلم.
461

1050 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة
الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم
بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم
يصلون " متفق عليه.
1051 وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:
كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: " إنكم سترون ربكم كما ترون
هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل
طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " متفق عليه.
وفي رواية: " فنظر إلى القمر ليلة أربع عشر ".
1052 وعن بريدة رضي الله عنه قال، قال
رسول صلى الله عليه وسلم:
" من ترك صلاة العصر حبط عمله " رواه البخاري.
189 باب فضل المشي إلى المساجد
1053 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو
راح " متفق عليه.
462

1054 وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من
فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع
درجة " رواه مسلم.
1055 وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:
كان رجل من الأنصار لا أعلم أحدا أبعد من السجد منه وكانت لا تخطئه صلاة! فقيل
له لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء. قال: ما يسرني أن منزلي إلى
جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد جمع الله لك ذلك كله " رواه مسلم.
1056 وعن جابر رضي الله عنه قال:
خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
فقال لهم: " بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد " قالوا: نعم
يا رسول الله قد أردنا ذلك. فقال: " بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم
تكتب آثاركم " فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا.
رواه مسلم. وروى البخاري معناه من رواية أنس.
1057 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي
ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام "
متفق عليه.
463

وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة "
رواه أبو داود والترمذي.
1059 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا:
بلى يا رسول الله. قال: " إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط "
رواه مسلم.
1060 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فشهدوا له بالإيمان، قال الله عز
وجل: * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) *
الآية. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
* 2 * 190 باب فضل انتظار الصلاة
1061 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب
إلى أهله إلا الصلاة " متفق عليه.
1062 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
464

" والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم
يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه " رواه البخاري.
1063 وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل بوجهه بعد ما صلى
فقال: " صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها "
رواه البخاري.
* 2 * 191 باب فضل صلاة الجماعة
1064 عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "
متفق عليه.
1065 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا
وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد
لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها
خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم
يحدث تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة
ما انتظر الصلاة ". متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
465

وعنه رضي الله عنه قال
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: " هل
تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب " رواه مسلم.
1067 وعن عبد الله، وقيل: عمرو بن قيس، المعروف بابن أم مكتوم المؤذن
رضي الله عنه أنه قال:
يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تسمع حي على
الصلاة حي على الفلاح فحيهلا " رواه أبو داود بإسناد حسن.
ومعنى " حيهلا ": تعال.
1068 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر
بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق
عليهم بيوتهم " متفق عليه.
1069 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات
حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن
الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة
نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق
معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في
الصف. رواه مسلم.
466

وفي رواية له قال: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد
الذي يؤذن فيه.
1070 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ
عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم
القاصية " رواه أبو داود بإسناد حسن.
* 2 * 192 باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء
1071 عن عثمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى
الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " رواه مسلم.
وفي رواية الترمذي عن عثمان قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء
والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة "
قال الترمذي حديث حسن صحيح.
467

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا "
متفق عليه. وقد سبق بطوله
وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون
ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " متفق عليه.
* 2 * 193 باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد
والوعيد الشديد في تركهن
قال الله تعالى (البقرة 238): * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) *.
وقال تعالى (التوبة 5): * (فإن تابوا، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة فخلوا
سبيلهم) *.
1074 وعن ابن مسعود رضي الله عنه
قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: " الصلاة لوقتها " قلت:
ثم أي؟ قال: " بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله "
متفق عليه.
1075 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
468

رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان "
متفق عليه.
1076 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله " متفق عليه.
1077 وعن معاذ رضي الله عنه قال:
بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: " إنك تأتي قوما أهل الكتاب فادعهم
إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن
الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا
لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم
فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " متفق عليه.
1078 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم.
1079 وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
469

وعن شقيق بن عبد الله التابعي المتفق على جلالته رحمه الله قال:
كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح.
1081 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن
صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص
من فريضته شيئا قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع
فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم تكون سائر أعماله على هذا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 194 باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأول وتسويتها
والتراص فيها
1082 عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا تصفون كم تصف الملائكة عند
ربها " فقلنا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: " يتمون
الصفوف الأول ويتراصون في الصف " رواه مسلم.
1083 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا
عليه لاستهموا " متفق عليه.
470

وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها. وخير صفوف النساء
آخرها وشرها أولها " رواه مسلم.
1085 وعن أبي سعيد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم: " تقدموا فأتموا بي وليأتم
بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله " رواه مسلم.
1086 وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: " استووا ولا تختلفوا
فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم
الذين يلونهم " رواه مسلم.
1087 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: " فإن تسوية الصفوف من إقامة
الصلاة ".
1088 وعنه رضي الله عنه قال:
أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: " أقيموا صفوفكم
وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري "
رواه البخاري بلفظه، ومسلم بمعناه.
وفي رواية للبخاري: وكان أحدنا يلزق
منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
471

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسوي
صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى
كاد يكبر فرأى رجلا باديا صدره من الصف فقال: " عباد الله لتسون صفوفكم
أو ليخالفن الله بين وجوهكم ".
1090 وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا
ويقول: " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " وكان يقول: " إن الله وملائكته
يصلون على الصفوف الأول " رواه أبو داود بإسناد حسن.
1091 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي
إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن
قطع صفا قطعه الله " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1092 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده
إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحذف "
حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم.
472

" الحذف " بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء وهي: غنم سود صغار تكون
باليمن.
1093 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف
المؤخر " رواه أبو داود بإسناد حسن.
1094 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف "
رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم
وفيه رجل مختلف في توثيقه.
1095 وعن البراء رضي الله عنه قال:
كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه، يقبل علينا بوجهه،
فسمعته يقول: " رب قني عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك " رواه مسلم.
1096 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" وسطوا الإمام، وسدوا الخلل " رواه أبو داود.
* 2 * 195 باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض
وبيان أقلها وأكملها وما بينهما
1097 عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
473

" ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي [اثنتي] عشرة ركعة تطوعا غير
فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة "
رواه مسلم.
1098 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها،
وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء.
متفق عليه.
1099 وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة " قال
في الثالثة: " لمن شاء " متفق عليه.
المراد ب‍ " الأذانين ": الأذان والإقامة.
* 2 * 196 باب تأكيد ركعتي سنة الصبح
1100 عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة.
رواه البخاري.
1101 وعنها رضي الله عنها قالت:
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شئ من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي
الفجر. متفق عليه.
1102 وعنها رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
474

" ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " رواه مسلم.
وفي رواية: " لهما أحب إلي من الدنيا جميعا ".
1103 وعن أبي عبد الله بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤذنه بصلاة الغداة فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه حتى
أصبح جدا، فقام بلال فآذنه بالصلاة وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما خرج
صلى بالناس، فأخبره أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدا وأنه أبطأ عليه
بالخروج. فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) " إني كنت ركعت ركعتي الفجر " فقال: يا
رسول الله إنك أصبحت جدا. قال: " لو أصبحت أكثر مما أصبحت لركعتهما
وأحسنتهما وأجملتهما " رواه أبو داود بإسناد حسن.
* 2 * 197 باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان ما يقرأ فيهما وبيان وقتهما
[1103 1108]
1104 عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة
الصبح. متفق عليه.
وفي رواية لهما: يصلي ركعتي
الفجر إذا سمع الأذان فيخففهما حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟
وفي رواية لمسلم: كان يصلي ركعتي
الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.
وفي رواية: إذا طلع الفجر.
475

وعن حفصة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن للصبح وبدا الصبح صلى
ركعتين خفيفتين. متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر
لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
1106 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة من آخر
الليل، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة وكأن الأذان بأذنيه.
متفق عليه.
1107 وعن ابن عباس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: * (قولوا
آمنا بالله وما أنزل إلينا) * الآية التي في البقرة (البقرة 136) وفي الآخرة منهما *
(آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) * (آل عمران 52).
وفي رواية: وفي الآخرة التي في آل عمران: * (تعالوا إلى
كلمة سواء بيننا وبينكم) * (آل عمران 64) رواهما مسلم.
1108 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: * (قل يا أيها الكافرون) *
و * (قل هو الله أحد) *. رواه مسلم.
476

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:
رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يقرأ في الركعتين قبل الفجر: * (قل يا أيها
الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 198 باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن
والحث عليه سواء كان تهجد بالليل أم لا
1110 عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.
رواه البخاري.
1111 وعنها رضي الله عنها قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر
إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة، فإذا سكت
المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر وجاءه المؤذن قام فركع
ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن
للإقامة. رواه مسلم.
قولها: يسلم بين كل ركعتين، هكذا هو في مسلم، ومعناه: بعد كل ركعتين.
1112 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه "
رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة،
قال الترمذي حديث حسن صحيح.
477

باب سنة الظهر
1113 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها.
متفق عليه.
1114 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر. رواه البخاري.
1115 وعنها رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلي
بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم
يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء ويدخل فيصلي
ركعتين. رواه مسلم.
1116 وعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على
النار " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1117 وعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: " إنها
ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1118 وعن عائشة رضي الله عنها
478

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
200 باب سنة العصر
1119 عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهن بالتسليم
على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1120 عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1121 وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
201 باب سنة المغرب بعدها وقبلها
تقدم في هذه الأبواب حديث ابن عمر (انظر الحديث رقم 1095)، وحديث عائشة (انظر الحديث رقم 1112) وهما
صحيحان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد المغرب ركعتين.
1122 وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
479

" صلوا قبل المغرب " قال في الثالثة: " لمن شاء "
رواه البخاري.
1123 وعن أنس رضي الله عنه قال:
لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند
المغرب. رواه البخاري.
1124 وعنه رضي الله عنه قال:
كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل
المغرب، فقيل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها؟ قال: كان يرانا نصليهما
فلم يأمرنا ولم ينهنا. رواه مسلم.
1125 وعنه رضي الله عنه قال:
كنا بالمدينة إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا
ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد
صليت من كثرة من يصليهما. رواه مسلم.
202 باب سنة العشاء بعدها وقبلها
فيه حديث ابن عمر السابق (انظر الحديث رقم 1095): صليت مع
النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العشاء،
480

وحديث عبد الله بن مغفل: " بين كل أذانين صلاة "
متفق عليه كما سبق (انظر الحديث رقم 1096).
* 2 * 203 باب سنة الجمعة
1126 فيه حديث ابن عمر السابق (انظر الحديث رقم 1095): أنه صلي مع
النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الجمعة. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا " رواه مسلم.
1127 وعن ابن عمر رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين
في بيته. رواه مسلم.
204 باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها
والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفصل بينهما بكلام
1128 عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا
المكتوبة " متفق عليه.
1129 وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
481

" اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " متفق عليه.
1130 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا قضى أحدكم من صلاته في المسجد فليجعل لبيته نصيبا من صلاته،
فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا " رواه مسلم.
1131 وعن عمر بن عطاء
أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن
شئ رآه منه معاوية في الصلاة فقال: نعم صليت معه الجمعة في
المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل
إلي فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم
أو تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى
نتكلم أو نخرج. رواه مسلم.
20 باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة متأكدة وبيان وقته
[1131 1137]
1132 عن علي رضي الله عنه قال:
الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله وتر
يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
482

1133 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أول الليل ومن أوسطه
ومن آخره، وانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه.
1134 وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " متفق عليه.
1135 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أوتروا قبل أن تصبحوا " رواه مسلم.
1136 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل وهي معترضة بين يديه،
فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت. رواه مسلم.
وفي رواية له: فإذا بقي الوتر قال: " قومي فأوتري يا عائشة ".
1137 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" بادروا الصبح بالوتر "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1138 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم
483

آخرة، فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل "
رواه مسلم.
20 باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها
والحث على المحافظة عليها
1139 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى،
وأن أوتر قبل أن أرقد. متفق عليه.
والإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل، فإن وثق فآخر الليل
أفضل.
1140 وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل
تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف
صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من
الضحى " رواه مسلم.
1141 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله.
رواه مسلم.
1142 وعن أم هانئ فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت:
ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من
484

غسله صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى.
متفق عليه. وهذا مختصر لفظ إحدى روايات مسلم.
207 باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها
والأفضل أن تصلى عند اشتداد الحر وارتفاع الضحى
1143 عن زيد بن أرقم رضي الله عنه
أنه رأى قوما يصلون من الضحى فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة
أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم.
" ترمض " بفتح التاء والميم وبالصاد المعجمة يعني: شدة الحر. و " الفصال " جمع فصيل
وهو: الصغير من الإبل.
208 باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل أن
يصلي ركعتين في أي وقت دخل وسواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة
فريضة أو سنة راتبة أو غيرها
1144 عن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين "
متفق عليه.
1145 وعن جابر رضي الله عنه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: " صل ركعتين " متفق عليه.
485

209 باب استحباب ركعتين بعد الوضوء
1146 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
" يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف
نعليك بين يدي في الجنة " قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في
ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب أن أصلي.
متفق عليه. وهذا لفظ البخاري
" الدف " بالفاء: صوت النعل وحركته على الأرض. والله أعلم.
* 2 * 210 باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والتطيب والتبكير
إليها والدعاء يوم الجمعة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفيه بيان ساعة
الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة
قال الله تعالى (الجمعة 10): * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل
الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) *.
1147 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل
الجنة، وفيه أخرج منها " رواه مسلم.
1148 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له
ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا "
رواه مسلم.
486

1149 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات
ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم.
1150 وعن ابن عمر رضي الله
عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:
" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم
ليكونن من الغافلين " رواه مسلم.
1151 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " متفق عليه.
1152 وعن أبي سعيد الجدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" غسل الجمعة واجب على كل محتلم " متفق عليه.
المراد بالمحتلم: البالغ. والمراد بالوجوب وجوب اختيار كقول الرجل لصاحبه: حقك
واجب علي، والله أعلم.
1153 وعن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
487

1154 وعن سلمان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن
من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم
يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين
الجمعة الأخرى " رواه البخاري.
1155 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما
قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في
الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة
فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا
خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " متفق عليه.
قوله " غسل الجنابة ": أي غسلا كغسل الجنابة في الصفة.
1156 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال:
" فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا
أعطاه إياه " وأشار بيده يقللها. متفق عليه.
1157 وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أسمعت أباك يحدث عن
488

رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال قلت: نعم سمعته يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة " رواه مسلم.
1158 وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن
صلاتكم معروضة علي " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
211 باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة
أو اندفاع بلية ظاهرة
1159 عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبا
من عزوراء نزل، ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجدا فمكث
طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدا، فعله ثلاثا، قال: " إني
سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا لربي
شكرا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت
ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث
الآخر فخررت ساجدا لربي " رواه أبو داود.
489

212 باب فضل قيام الليل
قال الله تعالى (الإسراء 79): * (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا) *. وقال تعالى (السجدة 16): * (تتجافى جنوبهم عن
المضاجع) * الآية. وقال تعالى (الذاريات 17): * (كانوا قليلا من الليل
ما يهجعون) *.
1160 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا
يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: " أفلا أكون عبدا
شكورا؟ " متفق عليه.
وعن المغيرة نحوه. متفق عليه.
1161 وعن علي رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا فقال: " ألا تصليان؟ " متفق عليه.
" طرقه ": أتاه ليلا.
1162 وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال سالم: فكان عبد الله
بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه.
490

1163 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل "
متفق عليه.
1164 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال
ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال: " ذاك رجل بال الشيطان في
أذنيه أو قال أذنه " متفق عليه.
1165 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد،
يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر
الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده
فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان "
متفق عليه.
" قافية الرأس ": آخره.
1166 وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام،
تدخلوا الجنة بسلام " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
491

1167 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة
صلاة الليل " رواه مسلم.
1168 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:
" صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة " متفق عليه.
1169 وعنه رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة.
متفق عليه.
1170 وعن أنس رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه،
ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل
مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته. رواه البخاري.
1171 وعن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة (تعني في الليل)
يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه،
ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه
492

المنادي للصلاة. رواه البخاري.
1172 وعنها رضي الله عنها قالت:
ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي
أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي
ثلاثا، فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: " يا عائشة إن عيني
تنامان ولا ينام قلبي " متفق عليه.
1173 وعنها رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه.
1174 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم
يزل قائما حتى هممت بأمر سوء،
قيل: ما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه.
1175 وعن حذيفة رضي الله عنه قال
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى،
فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل
عمران فقرأها: يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر
بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم. فكان ركوعه نحوا من
قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد. ثم قام طويلا قريبا مما
ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم.
493

1176 وعن جابر رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل؟ قال: " طول القنوت " رواه مسلم.
المراد بالقنوت: القيام.
1177 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
" أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود:
كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر
يوما " متفق عليه.
1178 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من
أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة " رواه مسلم.
1179 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين " رواه مسلم.
1180 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل صلاته بركعتين
خفيفتين. رواه مسلم.
1181 وعنها رضي الله عنها قالت:
494

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره
صلى من النهار ثنتي [اثنتي] عشرة ركعة. رواه مسلم.
1182 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من نام عن حزبه أو عن شئ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة
الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل " رواه مسلم.
1183 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح
في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها
فإن أبي نضحت في وجهه الماء " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1184 وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا كتب
في الذاكرين والذاكرات " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1185 وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن
أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه " متفق عليه.
495

1186 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر
ما يقول فليضطجع " رواه مسلم.
213 باب استحباب قيام رمضان وهو التراويح
1187 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه.
1188 وعنه رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة
فيقول:
" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه مسلم.
* 2 * 214 باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قال الله تعالى (سورة القدر): * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * إلى آخر السورة. وقال
تعالى (الدخان 3): * (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) * الآيات.
1189 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
متفق عليه.
496

1190 وعن ابن عمر رضي الله عنه
أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان
متحريها فليتحرها في السبع الأواخر " متفق عليه.
1191 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: " تحروا ليلة
القدر في العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه.
1192 وعنها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " رواه البخاري.
1193 وعنها رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل،
وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر. متفق عليه.
1194 وعنها رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر
الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم.
1195 وعنها رضي الله عنها قالت
قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: " قولي:
497

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 215 باب فضل السواك وخصال الفطرة
1196 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل
صلاة " متفق عليه.
1197 وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك.
متفق عليه.
" الشوص ": الدلك.
1198 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه
من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي. رواه مسلم.
1199 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أكثرت عليكم في السواك " رواه البخاري.
1200 وعن شريح بن هانئ قال
قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شئ كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل
بيته؟ قالت: بالسواك. رواه مسلم.
1201 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:
498

دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه.
متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
1202 وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب "
رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه بأسانيد صحيحة.
وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه هذا الحديث تعليقا بصيغة جزم، فقال: وقالت عائشة
رضي الله عنها.
1203 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد،
وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب " متفق عليه.
" الاستحداد ": حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
1204 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق
الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة،
وانتقاص الماء "
قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة، قال وكيع وهو أحد
رواته: انتقاص الماء: يعني الاستنجاء. رواه مسلم.
499

" البراجم " بالباء الموحدة والجيم وهي: عقد الأصابع. و " إعفاء اللحية ": معناه: لا يقص
منها شيئا.
1205 وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى " متفق عليه.
* 2 * 216 باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها
[1205 1213]
قال الله تعالى (لبقرة 43): * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) *. وقال تعالى:
* (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا
الزكاة، وذلك دين القيمة) *.
وقال تعالى (التوبة 103): * (خذ من أموالهم
صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) *.
1206 وعن ابن عمر رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان "
متفق عليه.
1207 وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال:
500

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه
ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خمس صلوات في اليوم والليلة " قال: هل علي غيرهن؟ قال: " لا إلا أن
تطوع " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وصيام شهر رمضان " قال: هل علي غيره؟ قال:
" لا إلا أن تطوع " قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة
فقال: هل علي غيرها؟
قال: " لا إلا أن تطوع " فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص
منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أفلح إن صدق " متفق عليه.
1208 وعن ابن عباس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن
لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله
افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك
فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم "
متفق عليه.
1209 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله " متفق عليه. 1210 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
501

لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال
عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس
حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه
وحسابه على الله "؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة
حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. قال
عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه
الحق. متفق عليه.
1211 وعن أبي أيوب رضي الله عنه
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة. قال: " تعبد الله لا تشرك
به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم " متفق عليه.
1212 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة.
قال: " تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة،
وتصوم رمضان " قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا. فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا " متفق عليه.
1213 وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
متفق عليه.
1214 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
502

" ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم
القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها
جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين
ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى
النار "
قيل: يا رسول الله فالإبل؟ قال: " ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها،
ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع
قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها
وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما
إلى النار "
قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: " ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي
منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها
شيئا، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء، تنطحه بقرونها
503

وتطؤه بأظلافها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان
مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة
وإما إلى النار "
قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: " الخيل ثلاثة: هي
لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر. فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء
وفخرا ونواء على أهل الإسلام فهي له وزر. وأما التي له ستر فرجل
ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له
ستر. وأما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في
مرج أو روضة فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شئ إلا كتب
له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات،
ولا تقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها
وأوراثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن
يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات "
قيل: يا رسول الله فالحمر؟ قال: " ما أنزل علي في الحمر شئ إلا هذه الآية
504

الفاذة الجامعة * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة
شرا يره) * (الزلزلة 5) متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
* 2 * 217 باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به
[1214 1220]
قال الله تعالى (البقرة 183): * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على
الذين من قبلكم) * إلى قوله تعالى: * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى
للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن
كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * الآية.
وأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الذي قبله.
1215 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي
به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب،
فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده
لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان
يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه " متفق عليه.
وهذا لفظ رواية البخاري. وفي رواية له:
505

" يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به،
والحسنة بعشر أمثالها "
وفي رواية لمسلم: " كل عمل ابن آدم يضاعف
الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: * (إلا الصوم فإنه لي
وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي) * للصائم فرحتان: فرحة عند
فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح
المسك ".
1216 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا
خير. فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل
الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب
الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة "
قال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي
من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ فقال: " نعم وأرجو
أن تكون منهم "
متفق عليه.
1217 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة
لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد
غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد " متفق عليه.
1218 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
506

" ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفا " متفق عليه.
1219 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه.
1220 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار،
وصفدت الشياطين " متفق عليه.
1221 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة
شعبان ثلاثين " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية مسلم: " فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما ".
* 2 * 218 باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان
والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه
1222 عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين
يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن،
507

فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة "
متفق عليه.
1223 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد
المئزر " متفق عليه.
* 2 * 219 باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله
بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم يوم الاثنين والخميس فوافقه
[1223 1226]
1224 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان
يصوم صومه فليصم ذلك اليوم " متفق عليه.
1225 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت
دونه غياية فأكملوا ثلاثين يوما " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
" الغياية " بالغين المعجمة وبالياء المثناة من تحت المكررة وهي: السحابة.
1226 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1227 وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
508

من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 220 باب ما يقال عند رؤية الهلال
1228 عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: " اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان،
والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 221 باب فضل السحور وتأخيره ما لم يخش طلوع الفجر
[1228 1231]
1229 عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تسحروا فإن في السحور بركة " متفق عليه.
1230 وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:
تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة. قيل: كم كان بينهما؟
قال: قدر خمسون آية. متفق عليه.
1231 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن بلالا
يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " قال: ولم يكن بينهما إلا
أن ينزل هذا ويرقى هذا. متفق عليه.
509

1232 وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر " رواه مسلم.
* 2 * 222 باب فضل تعجيل الفطر
وما يفطر عليه وما يقوله بعد إفطاره
1233 عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " متفق عليه.
1234 وعن أبي عطية قال:
دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال لها مسروق:
رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير: أحدهما يعجل
المغرب والإفطار، والآخر يؤخر المغرب والإفطار. فقالت: من يعجل
المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله (يعني ابن مسعود) فقالت: هكذا كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. رواه مسلم.
قوله " لا يألو ": أي لا يقصر في الخير.
1235 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1236 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس
فقد أفطر الصائم " متفق عليه.
510

1237 وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال:
سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فلما غربت الشمس قال لبعض القوم: " يا فلان
انزل فاجدح لنا " فقال: يا رسول الله لو أمسيت؟ قال: " انزل فاجدح لنا " قال: إن
عليك نهارا، قال: " انزل فاجدح لنا " قال: فنزل فجدح لهم، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
قال: " إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم " وأشار بيده قبل
المشرق. متفق عليه.
قوله " اجدح " بالجيم ثم دال ثم حاء مهملتين: أي اخلط السويق بالماء.
1238 وعن سليمان بن عامر الضبي الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه
طهور " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1239 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن
رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
223 باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه
عن المخالفات والمشاتمة ونحوها
1240 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو
511

قاتله فليقل إني صائم " متفق عليه.
1241 وعنه رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه " رواه البخاري.
* 2 * 224 باب مسائل من الصوم
1242 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله
وسقاه " متفق عليه.
1243 وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: " أسبغ الوضوء، وخلل بين
الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1244 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل
ويصوم. متفق عليه.
1245 وعن عائشة رضي الله عنها وأم سلمة رضي الله عنها قالتا:
512

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم " متفق عليه.
* 2 * 225 باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم
1246 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد
الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم.
1247 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان فإنه كان يصوم
شعبان كله.
وفي رواية: كان يصوم شعبان إلا قليلا. متفق عليه.
1248 وعن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها
أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال:
يا رسول الله أما تعرفني؟ قال: " ومن أنت؟ " قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام
الأول، قال: " فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة؟ " قال: ما أكلت طعاما منذ
فارقتك إلا بليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عذبت نفسك! " ثم قال: " صم شهر
الصبر ويوما من كل شهر " قال: زدني فإن بي قوة، قال: " صم يومين " قال:
زدني، قال: " صم ثلاثة أيام " قال: زدني، قال: " صم من
513

الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك " وقال بأصابعه الثلاث فضمها ثم أرسلها.
رواه أبو داود.
و " شهر الصبر ": رمضان.
226 باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول من ذي الحجة
1249 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني أيام
العشر. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله
إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ " رواه البخاري.
* 2 * 227 باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء
1250 عن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة؟ قال: " يكفر السنة الماضية
والباقية " رواه مسلم.
1251 وعن ابن عباس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. متفق عليه.
1252 وعن أبي قتادة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: " يكفر السنة الماضية "
رواه مسلم.
1253 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
514

" لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " رواه مسلم.
* 2 * 228 باب استحباب صوم ستة أيام من شوال
1254 عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر "
رواه مسلم.
* 2 * 229 باب استحباب صوم الاثنين والخميس
1255 عن أبي قتادة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: " ذلك يوم ولدت فيه، ويوم
بعثت أو أنزل علي فيه " رواه مسلم.
1256 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا
صائم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن. ورواه مسلم بغير ذكر الصوم.
1257 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس.
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
515

230 باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر
الأفضل صومها في أيام البيض. وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
وقيل: الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، والصحيح المشهور هو الأول.
1258 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل
شهر، وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام. متفق عليه.
1259 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال
أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل
شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر. رواه مسلم.
1260 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله " متفق عليه.
1261 وعن معاذة العدوية
أنها سألت عائشة رضي الله عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل
شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، فقلت: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: لم
يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم.
1262 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس
عشرة " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
516

1263 وعن قتادة بن ملحان رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع
عشرة وخمس عشرة. رواه أبو داود.
1264 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر.
رواه النسائي بإسناد حسن.
* 2 * 231 باب فضل من فطر صائما وفضل الصائم الذي يؤكل عنده
ودعاء الآكل للمأكول عنده
1265 عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم
شئ " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1266 وعن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت إليه طعاما فقال: " كلي " فقالت: إني صائمة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى
يفرغوا " وربما قال: " حتى يشبعوا " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1267 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم
الملائكة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
517

* 1 * كتاب الاعتكاف
[1267 1269]
10 / 1 23 باب الاعتكاف في مضان]
1268 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه.
1269 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله
تعالى عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه.
1270 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي
قبض اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري.
518

* 1 * كتاب الحج
[1270 1832]
* 2 * 233 باب فضل الحج والامر به
قال الله تعالى (آل عمران 97): * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن
كفر فإن الله غني عن العالمين) *.
1271 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان " متفق عليه.
1272 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج
فحجوا " فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " ثم قال: " ذروني
ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على
أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ
فدعوه " رواه مسلم.
519

1273 وعنه رضي الله عنه قال:
سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: " إيمان بالله ورسوله " قيل: ثم ماذا؟
قال: " الجهاد في سبيل الله " قيل: ثم ماذا؟ قال: " حج مبرور " متفق عليه.
" المبرور " هو: الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.
1274 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
متفق عليه.
1275 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" العمرة إلى العمرة
كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا
الجنة " متفق عليه.
1276 وعن عائشة رضي الله عنها قالت
قلت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ فقال: " لكن أفضل
الجهاد حج مبرور " رواه البخاري.
1277 وعنها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة "
رواه مسلم.
1278 وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" عمرة في رمضان تعدل حجة أو حجة معي " متفق عليه.
1279 وعنه رضي الله عنه أن امرأة قالت:
يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على
الراحلة أفأحج عنه؟ قال: " نعم " متفق عليه.
520

1280 وعن لقيط بن عامر رضي الله عنه
أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن؟
قال: " حج عن أبيك واعتمر "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1281 وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:
حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين.
رواه البخاري.
1282 وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: " من القوم؟ " قالوا: المسلمون. قالوا:
من أنت؟ قال: " رسول الله " فرفعت امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: " نعم ولك
أجر " رواه مسلم.
1283 وعن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج على رحل وكانت زاملته. رواه البخاري.
1284 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن
يتجروا في المواسم فنزلت (البقرة 198): * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من
ربكم) * في مواسم الحج. رواه البخاري.
521

* 1 * كتاب الجهاد
* 2 * 234 باب فضل الجهاد والامر به
قال الله تعالى (التوبة 36): * (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة، واعلموا أن
الله مع المتقين) *. وقال تعالى (البقرة 216): * (كتب عليكم القتال وهو كره
لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر
لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون) *. وقال تعالى (التوبة 41): * (انفروا خفافا
وثقالا، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) *. وقال
تعالى (التوبة 111): * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في
سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن،
ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو
الفوز العظيم) *. وقال تعالى (النساء 95، 96): * (لا يستوي القاعدون من
المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم،
فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة، وكلا وعد الله الحسنى،
وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة، وكلا وعد الله
الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما: درجات منه
ومغفرة ورحمة، وكان الله غفورا رحيما) *. وقال تعالى (الصف 10 13): * (يا
522

أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله
ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون: يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار،
ومساكن طيبة في جنات عدن، ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها: نصر
من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين) *
والآيات في الباب كثيرة مشهورة.
وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أن تحصر، فمن ذلك:
1285 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: " إيمان بالله ورسوله " قيل: ثم
ماذا؟ قال: " الجهاد في سبيل الله " قيل: ثم ماذا؟ قال: " حج مبرور "
متفق عليه.
1286 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: " الصلاة على وقتها "
قلت: ثم أي؟ قال: " بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله "
متفق عليه.
1287 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: " الإيمان بالله، والجهاد في
سبيله " متفق عليه.
523

1288 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها "
متفق عليه.
1289 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أفضل؟ قال: " مؤمن يجاهد بنفسه
وماله في سبيل الله " قال: ثم من؟ قال: " مؤمن في شعب من الشعاب يعبد
الله ويدع الناس من شره " متفق عليه.
1290 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط
أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في
سبيل الله تعالى أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " متفق عليه.
1291 وعن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جري عليه
عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان " رواه مسلم.
524

1292 وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " كل
ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله
إلى يوم القيامة، ويؤمن فتنة القبر "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1293 وعن عثمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1294 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرج إلا جهاد في سبيلي وإيمان
بي وتصديق برسلي فهو ضامن علي أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى منزله
الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما من
كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لون دم
وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين
ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة
فأحملهم ولا سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس
محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم
أغزو فأقتل " رواه مسلم وروى البخاري بعضه.
" الكلم ": الجرح.
525

1295 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى،
اللون لون دم والريح ريح مسك " متفق عليه.
1296 وعن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن
جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة، فإنها تجئ يوم القيامة كأغزر
ما كانت، لونها الزعفران وريحها كالمسك "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
والفواق: ما بين الحلبتين (2)
1297 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته،
فقال لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله
أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم
الجنة؟! اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له
الجنة " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1298 وعنه رضي الله عنه قال
قيل: يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: " لا تستطيعونه " فأعادوا
526

عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: " لا تستطيعونه " ثم قال: " مثل المجاهد
في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة
ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم
وفي رواية البخاري:
أن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل يعدل الجهاد. قال: " لا أجده " ثم قال:
" هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم
ولا تفطر؟ " فقال: ومن يستطيع ذلك!
1299 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله
يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنه يبتغي القتل أو
الموت مظانه، أو رجل في غنيمة، أو شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من
هذه الأودية يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس
من الناس إلا في خير " رواه مسلم.
1300 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين
الدرجتين كما بين السماء والأرض " رواه البخاري.
1301 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
527

" من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له
الجنة " فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه، ثم قال:
" وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما
بين السماء والأرض " قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: " الجهاد في سبيل الله،
الجهاد في سبيل الله " رواه مسلم.
1302 وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال سمعت أبي رضي الله عنه وهو
بحضرة العدو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف "
فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال:
نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن سيفه فألقاه، ثم مشى
بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل. رواه مسلم.
1303 وعن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " رواه البخاري.
1304 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يلج النار رجل بكى من خشية حتى يعود اللبن في الضرع،
ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1305 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
528

" عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس
في سبيل الله " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1306 وعن زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير
فقد غزا " متفق عليه.
1307 وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله، ومنيحة خادم في سبيل
الله، أو طروقة فحل في سبيل الله " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1308 وعن أنس رضي الله عنه
أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز. قال:
" ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض " فأتاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك
السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به. قال: يا فلانة أعطيه الذي كنت تجهزت به
ولا تحبسي عنه شيئا، فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه. رواه مسلم.
1309 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان فقال: " لينبعث من كل رجلين
أحدهما والأجر بينهما " رواه مسلم.
وفي رواية له: " ليخرج من كل رجلين رجل " ثم قال
529

للقاعد: " أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر
الخارج ".
1310 وعن البراء رضي الله عنه قال:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ فقال: " أسلم
ثم قاتل " فأسلم ثم قاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عمل قليلا وأجر
كثيرا " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
1311 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من
شئ إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من
الكرامة " وفي رواية: " لما يرى من فضل الشهادة " متفق عليه.
1312 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" يغفر الله للشهيد كل شئ إلا الدين " رواه مسلم.
وفي رواية له: " القتل في سبيل الله يكفر كل شئ إلا
الدين ".
1313 وعن أبي قتادة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال،
فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل
530

غير مدبر " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف قلت؟ " قال: أرأيت إن قتلت في
سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم وأنت صابر محتسب
مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك "
رواه مسلم.
1314 وعن جابر رضي الله عنه قال،
قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ قال: " في الجنة " فألقى تمرات كن في
يده ثم قاتل حتى قتل. رواه مسلم.
1315 وعن أنس رضي الله عنه قال
انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقدمن أحد منكم إلى شئ حتى أكون أنا دونه " فدنا
المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض " قال
يقول عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟
قال: " نعم " قال: بخ بخ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يحملك على قولك
بخ بخ؟ " قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: " فإنك من
أهلها " فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي
هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل. رواه مسلم.
" القرن " هو: جعبة النشاب.
1316 وعنه رضي الله عنه قال:
جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين
رجلا من الأنصار يقال لهم القراء، فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن ويتدارسونه بالليل:
531

يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه
ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم، فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن
يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا، وأتى رجل
حراما خال أنس من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فزت ورب الكعبة. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد
لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
1317 وعنه رضي الله عنه قال:
غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال:
يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال
المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع
هؤلاء (يعني أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعني المشركين) ثم تقدم فاستقبله سعد بن
معاذ فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد:
فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين
ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به
المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن
أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه، فمنهم من قضى نحبه) * إلى آخرها (الأحزاب 23).
متفق عليه. وقد سبق في باب المجاهدة (انظر الحديث رقم 109).
1318 وعن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
532

" رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي
أحسن وأفضل لم أر قط أحسن منها، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء "
رواه البخاري
وهو بعض من حديث طويل فيه أنواع من العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إن شاء الله
تعالى
1319 وعن أنس رضي الله عنه
أن أم الربيع بنت البراء، وهي أم حارثة بن سراقة، أتت
النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر فإن كان في
الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. فقال: " يا أم حارثة إنها
جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى " رواه البخاري.
1320 وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال
جئ بأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد مثل به فوضع بين يديه، فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني
قوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها " متفق عليه.
1321 وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على
فراشه " رواه مسلم.
1322 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
533

" من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه " رواه مسلم.
1323 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1324 وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في
الناس فقال:
" أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم
فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ثم قال: " اللهم منزل
الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم "
متفق عليه.
1325 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثنتان [اثنتان] لا تردان أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس،
حين يلحم بعضهم بعضا " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1326 وعن أنس رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: " اللهم أنت عضدي ونصيري، بك
534

أحول وبك أصول وبك أقاتل "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1327 وعن أبي موسى رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال:
" اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1328 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة "
متفق عليه.
1329 وعن عروة البارقي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم "
متفق عليه.
1330 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن
شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة " رواه البخاري.
1331 وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال
535

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناقة مخطومة (1)، فقال: هذه في سبيل الله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة "
رواه مسلم.
1332 وعن أبي حماد، ويقال: أبو سعاد ويقال أبو أسد، ويقال أبو عامر،
ويقال أبو عمرو، ويقال أبو الأسود، ويقال أبو عبس، عقبة بن عامر الجهني رضي
الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة
الرمي، ألا إن القوة الرمي " رواه مسلم.
1333 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو
بأسهمه " رواه مسلم.
1334 وعنه رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو فقد عصى " رواه مسلم.
1335 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته
الخير، والرامي به، ومنبله، وارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن
536

تركبوا، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها " " أو قال
كفرها " رواه أبو داود.
1336 وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر ينتضلون، فقال: " ارموا بني إسماعيل فإن أباكم
كان راميا " رواه البخاري.
1337 وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محررة "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1338 وعن أبي يحيى خريم بن فاتك رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1339 وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفا " متفق عليه.
1340 وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من صام يوما في سبيل الله جعل بينه وبين النار خندقا كما بين
السماء والأرض " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
537

1341 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من
نفاق " رواه مسلم.
1342 وعن جابر رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: " إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا،
ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم: حبسهم المرض "
وفي رواية: " حبسهم العذر " وفي رواية: " إلا شركوكم في الأجر "
رواه البخاري من رواية أنس. ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له.
1343 وعن أبي موسى رضي الله عنه
أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل
ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه.
وفي رواية: يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية.
وفي رواية: يقاتل غضبا، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قاتل
لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليه.
1344 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا
538

ثلثي أجورهم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم "
رواه مسلم.
1345 وعن أبي أمامة رضي الله عنه
أن رجلا قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن سياحة أمتي
الجهاد في سبيل الله عز وجل " رواه أبو داود بإسناد جيد.
1346 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" قفلة كغزوة " رواه أبو داود بإسناد جيد.
" القفلة ": الرجوع. والمراد: الرجوع من الغزو بعد فراغه، ومعناه أنه يثاب في رجوعه
بعد فراغه من الغزو.
1347 وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك تلقاه الناس، فلقيته مع الصبيان
على ثنية الوداع. رواه أبو داود بإسناد صحيح بهذا اللفظ.
ورواه البخاري قال: ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية
الوداع.
1348 وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله
بقارعة قبل يوم القيامة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
539

1349 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1350 وعن أبي عمرو، ويقال أبو حكيم، النعمان بن مقرن رضي الله عنه قال:
شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول
الشمس وتهب الرياح وينزل النصر.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1351 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا "
متفق عليه.
1352 وعنه وعن جابر رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحرب خدعة " متفق عليه.
* 2 * 235 باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة ويغسلون ويصلى
عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار
1353 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب
الهدم والشهيد في سبيل الله " متفق عليه.
540

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما تعدون الشهداء فيكم؟ " قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو
شهيد، قال: " إن شهداء أمتي إذا لقليل! " قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: " من
قتل في سبيل فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات
في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد "
رواه مسلم.
1355 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قتل دون ماله فهو شهيد " متفق عليه.
1356 وعن أبي الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم
بالجنة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل
دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1357 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ
مالي؟ قال: " فلا تعطه مال " قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: " قاتله " قال: أرأيت
إن قتلني؟ قال: " فأنت شهيد " قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: " هو في النار "
رواه مسلم.
541

2 * 236 باب فضل العتق
قال الله تعالى (البلد 11): * (فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك
رقبة) * الآية.
1358 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى
فرجه بفرجه " متفق عليه.
1359 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: " الإيمان بالله، والجهاد في
سبيل الله " قال: قلت أي الرقاب أفضل؟ قال: " أنفسها عند أهلها، وأكثرها
ثمنا " متفق عليه.
* 2 * 237 باب فضل الإحسان إلى المملوك
قال الله تعالى (النساء 36): * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا،
وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار
الجنب، الصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم) *.
[النساء 4 / 36]
542

1360 وعن المعرور بن سويد قال:
رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه حلة وعلى غلامه مثلها فسألته عن ذلك، فذكر
أنه ساب رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك امرؤ
فيك جاهلية، هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن
كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس،
ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم " متفق عليه.
1361 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو
لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه " رواه البخاري.
" الأكلة " بضم الهمزة: هي اللقمة.
238 باب فضل المملوك الذي يؤدي حق الله تعالى وحق مواليه
1362 عن ابن عمر رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين "
متفق عليه.
1363 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" للعبد المملوك المصلح أجران " والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في
543

سبيل الله والحج وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك.
متفق عليه.
1364 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المملوك الذي يحسن عبادة ربه ويؤدي إلى سيده الذي عليه من
الحق والنصيحة والطاعة له أجران " رواه البخاري.
1365 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد،
والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها
فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران "
متفق عليه.
* 2 * 239 باب فضل العبادة في الهرج وهو الاختلاط والفتن ونحوها
1366 عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" العبادة في الهرج كهجرة إلي " رواه مسلم.
240 باب فضل السماحة في البيع والشراء والأخذ والعطاء وحسن
القضاء والتقاضي وإرجاح المكيال والميزان والنهي عن التطفيف
وفضل إنظار الموسر المعسر والوضع عنه
قال الله تعالى (البقرة 215): * (وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) *. وقال
544

تعالى (هود 85): * (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط، ولا تبخسوا الناس
أشياءهم) *. وقال تعالى (المطففين 1 6): * (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على
الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم
مبعوثون ليوم عظيم. يوم يقوم الناس لرب العالمين) *.
1367 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" دعوه فإن لصاحب الحق مقالا " ثم قال: " أعطوه سنا مثل سنه " قالوا:
يا رسول الله لا نجد إلا أمثل من سنه. قال: " أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء "
متفق عليه.
1368 وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى "
رواه البخاري.
1369 وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو
يضع عنه " رواه مسلم.
1370 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
545

" كان رجل يداين الناس، وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز
عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه " متفق عليه.
1371 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شئ إلا أنه
كان يخالط الناس وكان موسرا، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن
المعسر، قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه "
رواه مسلم.
1372 وعن حذيفة رضي الله عنه قال: " أتي الله تعالى بعبد من عباده آتاه الله مالا فقال له: ماذا عملت في
الدنيا؟ قال ولا يكتمون الله حديثا قال: يا رب
آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز، فكنت أتيسر على الموسر وأنظر
المعسر. فقال الله تعالى: أنا أحق بذا منك، تجاوزوا عن عبدي "
فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهما: هكذا سمعناه من في
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
1373 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه
يوم لا ظل إلا ظله " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1374 وعن جابر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى منه بعيرا [بوقيتين
ودرهم أو درهمين] فوزن له فأرجح. متفق عليه.
546

وعن أبي صفوان سويد بن قيس رضي الله عنه قال:
جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر، فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فساومنا بسراويل وعندي
وزان يزن بالأجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوزان: " زن وأرجح "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
547

كتاب العلم
باب فضل العلم تعلما وتعليما لله تعالى [1375 1391]
قال الله تعالى (طه 114): * (وقل رب زدني علما) *. وقال تعالى (الزمر 9): * (قل هل
يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) *. وقال تعالى (المجادلة 11): * (يرفع
الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) *. وقال تعالى (فاطر 28):
* (إنما يخشى الله من عباده العلماء) *.
1376 وعن معاوية رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " متفق عليه.
1377 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق،
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " متفق عليه.
والمراد بالحسد: الغبطة وهو: أن يتمنى مثله.
1378 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا
فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان
منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا
548

وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء
ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به
فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت
به " متفق عليه.
1379 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا
خير لك من حمر النعم " متفق عليه.
1380 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب
علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري.
1381 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة "
رواه مسلم.
1382 وعنه أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك
من أجورهم شيئا " رواه مسلم.
1383 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
549

" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم
ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم.
1384 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالما
أو متعلما " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
قوله " وما والاه ": أي طاعة الله تعالى.
1385 وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1386 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1387 وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم "
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى
النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
550

1388 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن
الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له
من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على
العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن
الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ
وافر " رواه أبو داود والترمذي.
1389 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من
سامع " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1390 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1391 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به
عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني ريحها.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
551

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم
بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا
فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " متفق عليه.
552

كتاب حمد الله تعالى وشكره
[1392 1395]
242 باب فضل الحمد والشكر] [1392 1395]
قال الله تعالى (البقرة 152): * (فاذكروني أذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون) *.
وقال تعالى (إبراهيم 7): * (لئن شكرتم لأزيدنكم) *. وقال تعالى (الإسراء 111):
* (وقل الحمد لله) *. وقال تعالى (يونس 10): * (وآخر دعواهم أن الحمد لله
رب العالمين) *.
1393 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما
فأخذ اللبن، فقال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت
الخمر غوت أمتك " رواه مسلم.
1394 وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كل أمر ذي بال لا
يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع "
حديث حسن رواه أبو داود وغيره.
553

1395 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟
فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا
قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا
في الجنة وسموه بيت الحمد " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1396 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب
الشربة فيحمده عليها " رواه مسلم.
554

كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[1396 1406]
243 باب فضل الصلاة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله والامر به]
قال الله تعالى (الأحزاب 56): * (إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما) *.
1397 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" من صلي علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم.
1398 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1399 وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن
صلاتكم معروضة علي " فقالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟
(قال: يقول بليت) قال: " إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
555

1400 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1401 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث
كنتم " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1402 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1403 وعن علي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1404 وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجل هذا ثم دعاه " فقال له أو لغيره: " إذا صلى أحدكم
فليبدأ بتحميد ربه سبحانه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
يدعو بعد بما شاء " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1405 وعن أبي محمد كعب بن عجرة رضي الله عنه قال:
خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي
عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
556

على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " متفق عليه.
1406 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة رضي الله عنه فقال له بشير بن
سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ فسكت
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم،
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد
مجيد. والسلام كما قد علمتم " رواه مسلم.
1407 وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال،
قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد
وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى
أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " متفق عليه.
557

* كتاب الأذكار
* 2 * 244 باب فضل الذكر والحث عليه
قال الله تعالى (العنكبوت 45): * (ولذكر الله أكبر) *. وقال تعالى (البقرة 152): *
(فاذكروني أذكركم) *. وقال تعالى (الأعراف 205): * (واذكر ربك في نفسك
تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من
الغافلين) *.
وقال تعالى (الجمعة 10): * (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) *.
وقال تعالى (الأحزاب 35): * (إن المسلمين والمسلمات) * إلى قوله تعالى: *
(والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) *.
وقال تعالى (الأحزاب 41، 42): * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا،
وسبحوه بكرة وأصيلا) * الآية.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1408 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى
الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم " متفق عليه.
558

وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " رواه مسلم.
1410 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد
وهو على كل شئ قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت
له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه
ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه "
وقال: " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه
وإن كانت مثل زبد البحر " متفق عليه.
1411 وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو
على كل شئ قدير عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد
إسماعيل " متفق عليه.
1412 وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله
وبحمده " رواه مسلم.
559

1413 وعن أبي مالك الأشعري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله
تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض " رواه مسلم.
1414 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله، قال:
" قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله
كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم "
قال: فهؤلاء لرب فمالي؟ قال: " قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني
وارزقني " رواه مسلم.
1415 وعن ثوبان رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت
السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام "
قيل للأوزاعي (وهو أحد رواة الحديث) كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله،
أستغفر الله. رواه مسلم.
1416 وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: " لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع
لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد "
متفق عليه.
560

1417 وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له
الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله
إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله
إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون "
قال ابن الزبير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة مكتوبة.
رواه مسلم.
1418 وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى
والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون
ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون. فقال: " ألا أعلمكم شيئا تدركون به من
سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع
مثل ما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " تسبحون وتحمدون
وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين "
قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة لما سئل عن كيفية ذكرهن قال يقول:
سبحان الله والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين. متفق عليه.
وزاد مسلم في روايته: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا
أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء ".
" الدثور " جمع دثر بفتح الدال إسكان الثاء المثلثة وهو: المال الكثير.
561

1419 وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا
وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، غفرت
خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " رواه مسلم.
1420 وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثا
وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة "
رواه مسلم.
1421 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر الصلوات بهؤلاء الكلمات: " اللهم إني أعوذ بك من
الجبن والبخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة
الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر " رواه البخاري.
1422 وعن معاذ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: " يا معاذ والله إني لأحبك " فقال:
" أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك
562

وشكرك وحسن عبادتك " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1423 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك
عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة
المسيح الدجال " رواه مسلم.
1424 وعن علي رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:
" اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت
وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا
أنت " رواه مسلم.
1425 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:
" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " متفق عليه.
1426 وعنها رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: " سبوح قدوس رب
الملائكة والروح " رواه مسلم.
563

1427 وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فأما
الركوع فعظموا فيها الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن
يستجاب لكم " رواه مسلم.
1428 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم.
1429 وعنه رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: " اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه
وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره " رواه مسلم.
1430 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فتحسست فإذا هو راكع أو ساجد يقول:
" سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت "
وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو
يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ
بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " رواه مسلم.
1431 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف
حسنة! " فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: " يسبح مائة
تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة " رواه مسلم.
564

قال الحميدي: كذا هو في كتاب مسلم: " أو يحط " قال البرقاني: ورواه شعبة
وأبو عوانة ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا:
" ويحط " بغير ألف.
1432 وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يصبح
على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة
صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة،
ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى "
رواه مسلم.
1433 وعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن
أضحى وهي جالسة فقال: " ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ " قالت:
نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما
قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه
وزنة عرشه ومداد كلماته " رواه مسلم.
وفي رواية له: " سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه،
سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته ".
وفي رواية الترمذي: ألا أعلمك كلمات تقولينها " سبحان
الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله
رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة
عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد
565

كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته ".
1434 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت "
رواه البخاري.
ورواه مسلم فقال: " مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت
الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت ". رواه البخاري
1435 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير
منهم " متفق عليه.
1436 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سبق المفردون " قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: " الذاكرون الله
كثيرا والذاكرات " رواه مسلم.
روي " المفردون " بتشديد الراء وتخفيفها، والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد.
1437 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول:
" أفضل الذكر لا إله إلا الله " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1438 وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه
أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشئ أتشبث
566

به. قال: " لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1439 وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1440 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني
السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن
غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1441 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم،
وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم
فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: " ذكر الله تعالى "
رواه الترمذي. قال الحاكم أبو عبد الله إسناده صحيح.
1442 وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال:
" أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ " فقال: " سبحان الله عدد ما
567

خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما
بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله
مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1443 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ " فقلت: بلى يا رسول الله. قال: " لا
حول ولا قوة إلا بالله " متفق عليه.
* 2 * 245 باب ذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا ومحدثا وجنبا
وحائضا إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض
قال الله تعالى (آل عمران 190 191): * (إن في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار
لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) *.
[آل عمران 3 / 190، 191]
1444 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. رواه مسلم.
1445 وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان
وجنب الشيطان ما رزقتنا. فقضي بينهما ولد لم يضره " متفق عليه.
568

* 2 * 246 باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه
1446 عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا:
كان رسول الله إذا أوى إلى فراشه قال: " باسمك اللهم أحيا وأموت " وإذا
استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور "
رواه البخاري.
* 2 * 247 باب فضل حلق الذكر
والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر
قال الله تعالى (الكهف 28): * (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم) *.
1447 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا
وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل تنادوا: هلموا إلى حاجتكم،
فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم: ما يقول
عبادي؟ قال: يقولون يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك
ويمجدونك، يقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول:
كيف لو رأوني؟ قال: يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك
تمجيدا وأكثر لك تسبيحا، فيقول: فماذا يسألون؟ قال يقولون:
569

يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب
ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم
رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة. قال: فمم
يتعوذون؟ قال: يتعوذون من النار؟، قال: فيقول: وهل رأوها؟
قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال:
يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة، قال: فيقول:
فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس
منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم "
متفق عليه.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن لله ملائكة سيارة فضلا يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا
مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا
ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء الدنيا، فيسألهم
الله عز وجل وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد
لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك
ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل
رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا:
ويستجيرونك، قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب. قال:
وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا:
ويستغفرونك؟ فيقول: قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما
570

استجاروا. قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خطأ إنما مر فجلس
معهم. فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ".
1448 وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة،
ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم. 1449 وعن أبي واقد الحارث بن عوف رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل
اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما فرأى فرجة في
الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا. فلما فرغ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إلا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله
فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض،
فأعرض الله عنه " متفق عليه.
1450 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
خرج معاوية رضي الله عنه على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟
قالوا: جلسنا نذكر الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: ما أجلسنا إلا ذلك. قال:
أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثا مني،
571

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: " ما أجلسكم؟ " قالوا: جلسنا نذكر
الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا. قال: " آلله ما أجلسكم إلا
ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم
ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة " رواه مسلم.
* 2 * 248 باب الذكر عند الصباح والمساء
قال الله تعالى (الأعراف 205): * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من
القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين) *.
قال أهل اللغة: * (الآصال) * جمع أصيل وهو: ما بين العصر والمغرب.
وقال تعالى (طه 130): * (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) *.
وقال تعالى (غافر 55): * (وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) *.
[غافر 40 / 55]
قال أهل اللغة: * (العشي) *: ما بين زوال الشمس وغروبها.
وقال تعالى (النور 36 37): * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها
بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * الآية.
وقال تعالى (ص 18): * (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي
والإشراق) *.
572

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة لم
يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد "
رواه مسلم.
1452 وعنه رضي الله عنه قال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة.
قال: " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق،
لم تضرك " رواه مسلم.
1453 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يقول إذا أصبح: " اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا
وبك نموت إليك النشور " وإذا أمسى قال: " اللهم بك أمسينا، وبك نحيا
وبك نموت وإليك النشور "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1454 وعنه رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال:
يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: " قل: اللهم فاطر
السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شئ ومليكه، أشهد أن
لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه " قال: " قلها
إذا أصبحت وإذا أمسيت إذا أخذت مضجعك "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1455 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
573

كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: " أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله
إلا الله وحده لا شريك له " قال الراوي: أراه قال فيهن: " له الملك وله الحمد
وهو على كل شئ قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير
ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من
الكسل وسوء الكبر، أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر "
وإذا أصبح قال ذلك أيضا: " أصبحنا وأصبح الملك لله " رواه مسلم.
1456 وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال، قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين
تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شئ "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1457 وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي
لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء هو السميع العليم ثلاث مرات
إلا لم يضره شئ " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
* 2 * 249 باب ما يقوله عند النوم
قال الله تعالى (آل عمران 190 191): * (إن في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار
لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم،
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) * الآيات.
1458 وعن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما
574

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " باسمك اللهم أحيا وأموت "
رواه البخاري.
1459 وعن علي رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي الله عنها: " إذا أويتما إلى فراشكما
أو إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين،
واحمدا ثلاثا وثلاثين "
وفي رواية: التسبيح أربعا وثلاثين، وفي رواية: التكبير أربعا
وثلاثين. متفق عليه.
1460 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري
ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن
أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك
الصالحين " متفق عليه.
1461 وعن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات
[112 / الاخلاص 113 / الفلق 114 / الناس] ومسح بهما جسده. متفق عليه.
وفي رواية لهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة
جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: * (قل هو الله أحد) [112 / الاخلاص]،
575

* و * (قل أعوذ برب الفلق) * و * (قل أعوذ برب الناس) *
ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل
من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه.
قال أهل اللغة: " النفث ": نفخ لطيف بلا ريق.
1462 وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك
الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت
أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا
منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن
مت، مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول " متفق عليه.
1463 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا
وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي " رواه مسلم.
1464 وعن حذيفة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول:
" اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
ورواه أبو داود من رواية حفصة رضي الله عنها، وفيه أنه كان يقوله
ثلاث مرات.
576

* 1 * كتاب الدعوات
250 باب فضل الدعاء والامر به [1364 1492]
قال الله تعالى (غافر 60): * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) *. وقال
تعالى (الأعراف 55): * (ادعوا ربكم تضرعا وخفية، إنه لا يحب المعتدين) *.
وقال تعالى (البقرة 186): * (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا
دعان) * الآية. وقال تعالى (النمل 62): * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه
ويكشف السوء) * الآية.
1465 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الدعاء هو العبادة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1466 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى
ذلك. رواه أبو داود بإسناد جيد.
1467 وعن أنس رضي الله عنه قال:
كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
وقنا عذاب النار " متفق عليه.
زاد مسلم في روايته قال: " وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعو
بدعاء دعا بها فيه.
577

1468 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى " رواه مسلم.
1469 وعن طارق بن أشيم رضي الله عنه قال:
كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: " اللهم
اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني " رواه مسلم.
وفي رواية له عن طارق
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال:
" قل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك
دنياك وآخرتك ".
1470 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " رواه مسلم.
1471 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء
وشماتة الأعداء " متفق عليه.
وفي رواية قال سفيان: أشك أني زدت واحدة منها.
578

1472 وعنه رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها
معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل
خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر " رواه مسلم.
1473 وعن علي رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قل: اللهم اهدني وسددني "
وفي رواية: " اللهم إني أسألك الهدى والسداد " رواه مسلم.
1474 وعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل،
وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات "
متفق عليه (4)
وفي رواية: " وضلع الدين وغلبة الرجال "
1475 وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: " قل: اللهم إني
ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من
عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " متفق عليه.
579

وفي رواية: " وفي بيتي ". وروي: " ظلما كثيرا " وروي " كبيرا " بالثاء المثلثة
وبالباء الموحدة فينبغي أن يجمع بينهما فيقال: كثيرا كبيرا.
1476 وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يدعو بهذا الدعاء: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في
أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي
وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت
وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على
كل شئ قدير " متفق عليه.
1477 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: " اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن
شر ما لم أعمل " رواه مسلم.
1478 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال
كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول
عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك " رواه مسلم.
1479 وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والبخل والهرم، وعذاب
القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها
ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن
نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها " رواه مسلم.
580

1480 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت وإليك أنبت وبك
خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت
وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت "
زاد بعض الرواة: " ولا حول ولا قوة إلا بالله " متفق عليه.
1481 وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: " اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار
وعذاب النار، ومن شر الغنى والفقر "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وهذا لفظ أبي داود.
1482 وعن زياد بن علاقة عن عمه، وهو قطبة بن مالك، رضي الله عنه قال
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1483 وعن شكر بن حميد رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله علمني دعاء قال: " قل: اللهم إني أعوذ بك من شر
سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر
منيي " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1484 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
581

" اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسئ
الأسقام " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1485 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من
الخيانة فإنها بئست البطانة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1486 وعن علي رضي الله عنه
أن مكاتبا جاءه فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات
علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل دينا أداه عنك؟ قل: " اللهم اكفني
بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1487 وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أباه حصينا كلمتين يدعو بهما " اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من
شر نفسي " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1488 وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله تعالى، قال: " سلوا الله العافية " فمكثت
أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله تعالى، قال لي: " يا عباس
582

يا عم رسول الله سلوا الله العافية الدنيا والآخرة "
رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
1489 وعن شهر بن حوشب قال
قلت لأم سلمة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين ما أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان
عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1490 وعن أبي الدرداء قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كان من دعاء داود صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك،
والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي
ومن الماء البارد "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1491 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألظوا بياذا الجلال والإكرام "
رواه الترمذي. ورواه النسائي من رواية ربيعة بن عامر الصحابي،
قال الحاكم حديث صحيح الإسناد.
" ألظوا " بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة معناه: الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها.
1492 وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، قلنا: يا رسول الله دعوت بدعاء
كثير لم نحفظ منه شيئا، فقال:
" ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله؟ تقول: اللهم إني أسألك من خير
583

ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك
محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت المستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة
إلا بالله " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1493 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال
كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك والسلامة من
كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار "
رواه الحاكم أبو عبد الله وقال حديث صحيح على شرط مسلم.
* 2 * 251 باب فضل الدعاء بظهر الغيب
قال الله تعالى (الحشر 10): * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا
الذين سبقونا بالإيمان) *.
وقال تعالى (محمد 19): * (واستغفر لذنبك
وللمؤمنين والمؤمنات) *. وقال تعالى (إبراهيم 41) إخبارا عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم: * (ربنا
اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) *.
1494 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك
بمثل " رواه مسلم.
1495 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
584

" دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك
موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل "
رواه مسلم.
* 2 * 252 باب مسائل من الدعاء
1496 عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في
الثناء " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1497 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم
لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم " رواه مسلم.
1498 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء "
رواه مسلم.
1499 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب
لي " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو
585

قطيعة رحم ما لم يستعجل " قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: " يقول:
قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك
ويدع الدعاء ".
1500 وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: " جوف الليل الآخر، ودبر
الصلوات المكتوبات " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1501 وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف
عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " فقال رجل من القوم: إذن
نكثر، قال: " الله أكثر " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ورواه الحاكم من رواية أبي سعيد وزاد فيه: " أو يدخر له من الأجر
مثلها ".
1502 وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: " لا إله إلا الله العظيم الحليم،
لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض
رب العرش الكريم " متفق عليه.
586

253 باب كرامات الأولياء وفضلهم
قال الله تعالى (يونس 62، 64): * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين
آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا تبديل
لكلمات الله، ذلك هو الفوز العظيم) *. قال تعالى (مريم 25، 26):
* (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي) * الآية.
عينا) وقال تعالى (آل عمران 37): * (كلما دخل عليها زكريا المحراب
وجد عندها رزقا، قال: يا مريم أني لك هذا؟ قالت هو من عند الله، إن الله
يرزق من يشاء بغير حساب) *. وقال تعالى (الكهف 16، 17): * (وإذ
اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من
رحمته ويهئ لكم من أمركم مرفقا، وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن
كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال) * الآية.
1503 وعن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة: " من كان عنده طعام
587

اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس،
بسادس "
أو كما قال، وأن أبا بكر رضي الله عنه جاء بثلاثة، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة، وأن أبا بكر
تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء، ثم رجع فجاء بعد ما مضى من الليل
ما شاء الله، قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أوما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى
تجئ وقد عرضوا عليهم. قال: فذهبت أنا فاختبأت، فقال: يا غنثر، فجدع وسب،
وقال: كلوا لا هنيئا والله لا أطعمه أبدا. قال: وأيم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا
من أسفلها أكثر منها حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر فقال
لامرأته: يا أخت بني فراس ما هذا! قالت: لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك
بثلاث مرات! فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان (يعني يمينه) ثم أكل
منها لقمة ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده، وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل
فتفرقنا اثني عشر رجلا مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل، فأكلوا منها
أجمعون. متفق عليه
وفي رواية: فحلف أبو بكر لا يطعمه، فحلفت المرأة لا تطعمه، فحلف
الضيف أو الأضياف أن لا يطعمه أو يطعموه حتى يطعمه، فقال أبو بكر: هذه من
الشيطان! فدعا بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر منها،
فقال: يا أخت بني فراس ما هذا؟! فقالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر منها قبل أن نأكل،
فأكلوا وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه أكل منها.
وفي رواية: أن أبا بكر قال لعبد الرحمن: دونك أضيافك فإني منطلق إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فافرغ من قراهم قبل أن أجئ، فانطلق عبد الرحمن فأتاهم بما عنده، فقال:
اطعموا. فقالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعموا. قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجئ رب
منزلنا، قال: اقبلوا عنا قراكم فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقين منه، فأبوا فعرفت أنه يجد
588

علي، فلما جاء تنحيت عنه، فقال: ما صنعتم؟ فأخبروه، فقال: يا عبد الرحمن، فسكت، ثم
قال: يا عبد الرحمن، فسكت، فقال: يا غثر، أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي لما جئت،
فخرجت فقلت: سل أضيافك، فقالوا: صدق، أتانا به، فقال: إنما انتظرتموني والله
لا أطعمه الليلة، فقال الآخرون: والله لا نطعمه حتى تطعمه، قال: ويلكم ما لكم لا تقبلون
عنا قراكم؟ هات طعامك، فجاء به فوضع يده فقال: بسم الله، الأولى من الشيطان،
فأكل وأكلوا.
قوله " غنثر " بغين معجمة مضمومة ثم ثاء مثلثة وهو: الغبي الجاهل.
وقوله " فجدع ": أي شتمه، الجدع: القطع. وقوله " يجد علي " هو بكسر الجيم: أي
يغضب.
1504 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يكن في أمتي أحد
فإنه عمر " رواه البخاري. ورواه مسلم من رواية عائشة.
وفي روايتها قال ابن وهب: " محدثون ": أي ملهمون.
1505 وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
شكا أهل الكوفة سعدا (يعني ابن أبي وقاص) رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب
رضي الله عنه فعزله واستعمل عليهم عمارا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن
يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، فقال: أما
أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها: أصلي صلاة العشاء فأركد
في الأوليين وأخف في الأخريين،
قال: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، وأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة يسأل عنه
589

أهل الكوفة، فلم يدع مسجدا إلا سأل عنه ويثنون معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس
فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة، فقال: أما إذ نشدتنا فإن سعدا
كان لا يسير بالسرية ولا يقسم السوية ولا يعدل في القضية.
قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة
فأطل عمره وأطل فقره وعرضه للفتن! وكان بعد ذلك إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون
أصابتني دعوة سعد.
قال عبد الملك بن عمير الراوي عن جابر بن سمرة: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على
عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق فيغمزهن. متفق عليه. 1506 وعن عروة بن الزبير
أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه خاصمته أروى بنت أوس إلى مروان بن
الحكم وادعت أنه أخذ شيئا من أرضها، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع
أرضين " فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم
بصرها واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ
وقعت في حفرة فماتت. متفق عليه.
وفي رواية لمسلم عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بمعناه، وأنه رآها
عمياء تلتمس الجدر، تقول: أصابتني دعوة سعيد، وأنها مرت على بئر في الدار التي خاصمته فيها
فوقعت فيها فكانت قبرها.
590

1507 وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
لما حضرت أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن علي
دينا فاقض واستوص بأخواتك خيرا، فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفنت معه آخر في قبره،
ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه
فجعلته في قبر على حدة. رواه البخاري.
1508 وعن أنس رضي الله عنه
أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل
المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله.
رواه البخاري من طرق. وفي بعضها أن الرجلين أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، رضي الله
عنهما.
1509 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا سرية، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري
رضي الله عنه فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل
يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم، فلما أحس بهم
عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع، فأحاط بهم القوم، فقالوا: أنزلوا فأعطوا بأيديكم
ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا.
فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر، اللهم أخبر عنا
591

نبيك صلى الله عليه وسلم. فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم
خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم
فربطوهم بها،
قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة (يريد القتلى)
فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما
بمكة بعد وقعة بدر،
فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف خبيبا وكان خبيب هو قتل
الحارث يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات
الحارث موسى يستحد بها فأعارته، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على
فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل
ذلك.
قالت: والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، فوالله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب
في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا،
فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين،
فتركوه فركع ركعتين فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم أحصهم عددا
واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا، وقال:
فلست أبالي حين أقتل مسلما * على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة،
592

وأخبر (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) أصحابه يوم أصيبوا خبرهم،
وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشئ منه
يعرف، وكان قتل رجلا من عظمائهم، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من
رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا. رواه البخاري.
قوله " الهدأة ": موضع. و " الظلة ": السحاب. و " الدبر ": النحل. وقوله " اقتلهم بددا "
بكسر الباء وفتحها، فمن كسر قال: هو جمع بدة بكسر الباء وهي: النصيب ومعناه: اقتلهم
حصصا منقسمة لكل واحد منهم نصيب، ومن فتح قال معناه: متفرقين في القتل واحدا بعد
واحد، من التبديد.
وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة سبقت في مواضعها من هذا الكتاب. منها
حديث الغلام (انظر الحديث رقم 30) الذي كان يأتي الراهب والساحر. ومنها
حديث جريج (انظر الحديث رقم 259)
وحديث أصحاب الغار الذين أطبقت عليهم الصخرة (انظر الحديث رقم 12)،
وحديث الرجل الذي سمع صوتا في السحاب يقول: اسق حديقة
فلان (انظر الحديث ر قم 560)، وغير ذلك.
والدلائل في الباب كثيرة مشهورة، وبالله التوفيق.
1510 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال
ما سمعت عمر رضي الله عنه يقول لشئ قط إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن.
رواه البخاري.
593

كتاب الأمور المنهي عنها
* 2 * 254 باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
قال الله تعالى (الحجرات 12): * (ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه
ميتا فكرهتموه! واتقوا الله إن الله تواب رحيم) *. وقال
تعالى (الإسراء 36): * (ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا) *. وقال تعالى (ق 18): * (ما يلفظ من قول إلا
لديه رقيب عتيد) *.
اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه
المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام
المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شئ.
1511 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت "
متفق عليه.
594

وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا وهو الذي ظهرت
مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.
1512 وعن أبي موسى رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه
ويده " متفق عليه.
1513 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة " متفق عليه.
1514 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين
المشرق والمغرب " متفق عليه.
ومعنى " يتبين " يتفكر أنها خير أم لا.
1515 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالا يرفعه الله
بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالا
يهوي بها في جهنم " رواه البخاري.
1516 وعن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ
ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم
595

بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه
إلى يوم يلقاه " رواه مالك في الموطأ والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1517 وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله
حدثني بأمر أعتصم به، قال: " قل: ربي الله، ثم استقم " قلت: يا رسول الله ما أخوف
ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: " هذا "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1518 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى
قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي! "
رواه الترمذي.
1519 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من وقاه
الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1520 وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: " أمسك عليك لسانك، وليسعك
بيتك، وابك على خطيئتك " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1521 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله
596

فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا "
رواه الترمذي.
معنى " تكفر اللسان ": أي تذل وتخضع له. 1522 وعن معاذ رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: " لقد
سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله
لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت ثم قال: " إلا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم
جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من
جوف الليل " ثم تلا: * (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) * حتى بلغ
* (يعملون) * (السجدة 16). ثم قال: " ألا أخبرك برأس الأمر
وعموده وذروة سنامه؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: " رأس الأمر
الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد " ثم قال: " ألا أخبرك
بملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه قال: " كف
عليك هذا " قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: " ثكلتك
أمك! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟ "
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وقد سبق شرحه.
597

1523 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أتدرون ما الغيبة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " ذكرك أخاك بما
يكره " قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول
فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " رواه مسلم.
1524 وعن أبي بكرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: " إن دماءكم
وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ " متفق عليه.
1525 وعن عائشة رضي الله عنها قالت
قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا. قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال:
" لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته! " قالت: وحكيت له إنسانا
فقال: " ما أحب أني حكيت إنسانا وإن لي كذا وكذا "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ومعنى " مزجته ": خالطته مخالطة يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها وقبحها، وهذا
الحديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة، قال الله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا
وحي يوحى) *.
598

1526 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم
وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم
الناس، ويقعون في أعراضهم! " رواه أبو داود.
1527 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله " رواه مسلم.
* 2 * 255 باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها
والإنكار على قائلها فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس
إن أمكنه
قال الله تعالى (القصص 55): * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) *.
وقال تعالى (المؤمنون 3): * (والذين هم عن اللغو معرضون) *. وقال
تعالى (الإسراء 36): * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) *.
وقال تعالى (الأنعام 68): * (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم
599

حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى
مع القوم الظالمين) *.
1528 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1529 وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور الذي تقدم في
باب الرجاء قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال:
" أين مالك بن الدخشم؟ " فقال رجل: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله،
وإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله "
متفق عليه.
و " عتبان " بكسر العين على المشهور وحكي ضمها وبعدها تاء مثناة من فوق ثم باء
موحدة. و " الدخشم " بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين.
1530 وعن كعب بن مالك رضي الله عنه
في حديثه الطويل في قصة توبته وقد سبق في باب التوبة (انظر الحديث رقم 21) قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو
جالس في القوم بتبوك: " ما فعل كعب بن مالك؟ " فقال رجل من بني سلمة:
يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه! فقال له معاذ بن جبل: بئس
ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
" عطفاه ": جانباه، وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه.
600

* 2 * 256 باب بيان ما يباح من الغيبة
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة
أسباب:
الأول التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية
أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان بكذا.
الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته
على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة
المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما.
الثالث الاستفتاء، فيقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا فهل
له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه وتحصيل حقي ودفع الظلم؟ ونحو ذلك فهذا جائز
للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من
أمره كذا؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث
هند (انظر الحديث رقم 1532) إن شاء الله تعالى.
الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه،
منها جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب
للحاجة.
ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إيداعه أو معاملته أو غير ذلك أو
مجاورته، ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة.
ومنها إذا رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر
المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يغلط فيه،
601

وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبس الشيطان عليه ذلك ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن
لذلك.
ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالحا لها، وإما بأن يكون
فاسقا أو مغفلا ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من
يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على
الاستقامة أو يستبدل به.
الخامس أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس وأخذ
المكس وجباية الأموال ظلما وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره
بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.
السادس التعريف، فإذا كان الإنسان معروفا بلقب كالأعمش والأعرج والأصم
والأعمى والأحول وغيرهم جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقص، ولو أمكن
تعريفه بغير ذلك كان أولى.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه. ودلائلها من الأحاديث الصحيحة
المشهورة، فمن ذلك:
1531 عن عائشة رضي الله عنها
أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ائذنوا له بئس أخو العشيرة "
متفق عليه.
احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب.
1532 وعنها رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا "
رواه البخاري. قال، قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من
المنافقين.
1533 وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت:
602

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما
معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن
عاتقه " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " وأما أبو الجهم فضراب للنساء " وهو تفسير لرواية:
" لا يضع العصا عن عاتقه " وقيل معناه: كثير الأسفار.
1534 وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة فقال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا
على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل،
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي فاجتهد يمينه
ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل الله
تعالى تصديقي * (إذا جاءك المنافقون) * (المنافقين 1) ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم
ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم " متفق عليه.
1535 وعن عائشة رضي الله عنها قالت،
قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني
ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، قال: " خذي ما يكفيك وولدك
بالمعروف " متفق عليه.
603

باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد
[1535 1537]
قال الله تعالى (ن 11): * (هماز مشاء بنميم) *. وقال تعالى (ق 18): * (ما يلفظ
من قول إلا لديه رقيب عتيد) *.
1536 وعن حذيفة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل الجنة نمام " متفق عليه.
1537 وعن ابن عباس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: " إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير،
بلى إنه كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر
من بوله " متفق عليه. وهذا لفظ إحدى روايات البخاري.
قال العلماء: معنى " وما يعذبان في كبير ": أي كبير في زعمهما، وقيل: كبير تركه
عليهما.
1538 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة: القالة بين الناس " رواه مسلم.
" العضه " بفتح العين المهملة وإسكان الضاد المعجمة وبالهاء على وزن الوجه.
وروي العضه بكسر العين وفتح الضاد المعجمة على وزن العدة وهي: الكذب والبهتان.
وعلى الرواية الأولى: العضه مصدر يقال: عضهه عضها: أي رماه بالعضه.
604

258 باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور
إذا لم تدع حاجة إليه كخوف مفسدة ونحوها
قال الله تعالى (المائدة 2): * (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) *. وفي الباب
الأحاديث السابقة في الباب قبله.
1539 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم
وأنا سليم الصدر " رواه أبو داود والترمذي.
259 باب ذم ذي الوجهين
قال الله تعالى (النساء 108): * (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم، إذ
يبيتون ما لا يرضى من القول، وكان الله بما يعملون محيطا) * الآيتين.
4 / 108]
1540 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا
فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون
شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " متفق عليه.
605

1541 وعن محمد بن زيد
أن ناسا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنا ندخل على
سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم، قال: كنا نعد هذا نفاقا على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
* 2 * 260 باب تحريم الكذب
قال الله تعالى (الإسراء 36): * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *. وقال
تعالى (ق 18): * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *.
1542 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل
ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن
الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا "
متفق عليه.
1543 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن
كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث
كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " متفق عليه.
وقد سبق بيانه (انظر الحديث رقم 688) مع حديث أبي هريرة (انظر الحديث رقم 687) بنحوه في باب الوفاء بالعهد.
606

1544 وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من تحلم لحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن
استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة،
ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ "
رواه البخاري.
" تحلم ": أي قال إنه حلم في نومه ورأي كذا وكذا وهو كاذب. و " الآنك " بالمد وضم
النون وتخفيف الكاف وهو: الرصاص المذاب.
1545 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال
النبي صلى الله عليه وسلم:
" أفرى الفرى أن يري الرجل عيناه ما لم تريا " رواه البخاري.
معناه: يقول رأيت فيما لم يره.
1546 وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: " هل رأى أحد منكم من
رؤيا؟ " فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: " إنه أتاني
الليلة آتيان، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على
رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة
لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا
يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل
المرة الأولى! "
قال: " قلت لهما: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلق
607

انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه
بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى
قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر
فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح
ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى "
قال: " قلت: سبحان الله! ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق،
فانطلقنا فأتينا على مثل التنور " فأحسب أنه قال: " فإذا فيه لغط
وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من
أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضووا.
قلت: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على نهر
حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم) وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا
على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح
ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه
حجرا فينطلق فيسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه
فألقمه حجرا،
قلت لهما: ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على
رجل كريه المرآة أو كأكره ما أنت راء رجلا مرأى فإذا هو عنده نار يحشها
ويسعى حولها.
608

قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على
روضة معتمة فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل
طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء وإذا حول الرجل من أكثر ولدان
رأيتهم قط،
قلت: ما هذا وما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق،. فانطلقنا فأتينا
إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها ولا أحسن قالا لي: ارق فيها. فارتقينا فيها
إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة
فاستفتحنا ففتح لنا فدخلناها فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن
ما أنت راء، وشطر منهم كأقبح ما أنت راء، قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك
النهر، وإذا هو نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا
فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن
صورة "
قال: قالا لي: " هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، فسما بصري صعدا
فإذا قصر مثل الربابة البيضاء. قالا لي: هذاك منزلك! قلت لهما: بارك الله
فيكما فذراني أدخله، قالا: أما الآن فلا وأنت داخله،
قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت؟ قالا لي:
أما إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه
الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة.
609

وأما الرجل أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه
فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق.
وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل
الربا.
وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإن
مالك خازن جهنم.
وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم. وأما الولدان الذين
حوله فكل مولود مات على الفطرة " وفي رواية البرقاني: " ولد على الفطرة "
فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأولاد
المشركين.
وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منه قبيح فإنهم قوم
خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم " رواه البخاري.
وفي رواية له: " رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني
إلى أرض مقدسة " ثم ذكره وقال: " فانطلقنا إلى نقب مثل التنور أعلاه ضيق
وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن
يخرجوا، وإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة "
وفيها: " حتى أتينا على نهر من دم " ولم يشك " فيه رجل قائم على وسط
610

النهر وعلى شط النهر رجل وبين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في
النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان،
فجعل كلما جاء ليخرج جعل يرمي في فيه بحجر فيرجع كما كان "
وفيها: " فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها، فيها
رجال شيوخ وشباب "
وفيها: " الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه
حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة "
وفيها: " الذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه
بالليل ولم يعمل فيه بالنهار فيفعل به إلى يوم القيامة، والدار الأولى التي
دخلت دار عامة المؤمنين. وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل وهذا
ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب، قالا:
ذاك منزلك. قلت: دعاني أدخل منزلي. قالا: إنه بقي لك عمر لم
تستكمله فلو استكملته أتيت منزلك " رواه البخاري.
قوله " يثلغ رأسه " هو بالثاء المثلثة والغين المعجمة: أي يشدخه ويشقه. قوله
" يتدهده " أي يتدحرج. و " الكلوب " بفتح الكاف وضم اللام المشددة وهو معروف.
قوله " فيشرشر ": أي يقطع. قوله " ضوضووا " وهو بضاضين معجمتين: أي صاحوا.
قوله " فيفغر " هو بالفاء والغين المعجمة: أي يفتح.
قوله " المرآة " بفتح الميم: أي
المنظر. قوله " يحشها " وهو بفتح الياء وضم الحاء المهملة والشين المعجمة: أي يوقدها. قوله
" روضة معتمة " هو بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم: أي وافية النبات
طويلته. قوله " دوحة " وهي بفتح الدال وإسكان الواو والحاء المهملة وهي: الشجرة
611

الكبيرة. قوله " المحض " هو بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة والضاد وهو: اللبن.
قوله " فسما بصري ": أي ارتفع. و " صعدا " بضم الصاد والعين: أي مرتفعا.
و " الربابة " بفتح الراء والياء الموحدة مكررة وهي: السحابة.
261 باب بيان ما يجوز من الكذب
أعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في
كتاب: الأذكار (انظر باب النهي عن الكذب وبيان أقسامه من الأذكار)، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد. فكل مقصود محمود يمكن
تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب. ثم إن
كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا، فإذا
اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب
بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في
هذا كله أن يوري. ومعنى التورية: أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة
إليه وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب، ولو ترك التورية وأطلق
عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال.
واستدل العلماء بجواز الكذب في هذا الحال بحديث
أم كلثوم رضي الله عنها أنها سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا "
متفق عليه.
زاد مسلم في رواية: قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شئ مما يقول
الناس إلا في ثلاث. تعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث
المرأة زوجها.
612

262 باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه
قال الله تعالى (الإسراء 36): * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *. وقال تعالى (ق 18):
* (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *.
1547 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " رواه مسلم.
1548 وعن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم.
1549 وعن أسماء رضي الله عنها
أن امرأة قالت: يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير
الذي يعطيني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور "
متفق عليه.
" المتشبع " هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان. ومعناه هنا: أنه يظهر أنه حصل له فضيلة
وليست حاصلة. و " لابس ثوبي زور ": أي ذي زور وهو الذي يزور على الناس بأن يتزيا
بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة، وقيل غير ذلك، والله
أعلم.
263 باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور
قال الله تعالى (الحج 30): * (واجتنبوا قول الزور) *. قال الله تعالى (الإسراء 36):
* (ولا تقف ما ليس لك به علم) *. وقال تعالى (ق 18): * (ما يلفظ من
قول إلا لديه رقيب عتيد) *. وقال تعالى (الفجر 16): * (إن ربك
613

لبالمرصاد) *. وقال تعالى (الفرقان 72): * (والذين لا يشهدون الزور) *.
[الفرقان 25 / 72]
1550 وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. قال: " الإشراك بالله،
وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس فقال: " ألا وقول الزور وشهادة
الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
* 2 * 264 باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
1551 عن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه
وهو من أهل بيعة الرضوان قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، ومن
قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه،
ولعن المؤمن كقتله " متفق عليه.
1552 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا " رواه مسلم.
1553 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة " رواه مسلم.
614

1554 وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1555 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1556 وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء
دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا،
فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا لذلك وإلا
رجعت إلى قائلها " رواه أبو داود.
1557 وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة " قال
عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. رواه مسلم.
1558 وعن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال:
بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وتضايق بهم
الجبل فقالت: حل اللهم العنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة "
رواه مسلم.
615

قوله " حل " بفتح الهاء المهملة وإسكان اللام وهي: كلمة لزجر الإبل.
واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل معناه، ولا إشكال فيه، بل المراد النهي أن تصاحبهم
تلك الناقة، وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها في غير صحبة النبي صلى الله عليه وسلم بل كل ذلك
وما سواه من التصرفات جائز لا منع منه إلا من مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم بها، لأن هذه التصرفات كلها
كانت جائزة فمنع بعض منها فبقي الباقي على ما كان، والله أعلم.
265 باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين
قال الله تعالى (هود 18): * (ألا لعنة الله على الظالمين) *. وقال تعالى (الأعراف 44):
* (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) *.
وثبت في الصحيح
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله الواصلة
والمستوصلة " (انظر الحديث رقم 1639)
وأنه قال: " لعن الله آكل الربا " (انظر الحديث رقم 1612)
وأنه لعن المصورين (انظر باب تحريم تصوير الحيوان)
وأنه قال: " لعن الله من غير منار الأرض ": أي حدودها،
وأنه قال: " لعن الله السارق يسرق البيضة "
616

وأنه قال: " لعن الله من لعن والديه " (انظر الحديث رقم 338)
و " لعن الله من ذبح لغير الله "
وأنه قال: " من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " (انظر الحديث رقم 1810)
وأنه قال: " اللهم العن رعلا وذكوان وعصية، عصوا الله
ورسوله " وهذه ثلاث قبائل من العرب،
وأنه قال: " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد "
وأنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات
من النساء بالرجال (انظر الحديث رقم 1628).
وجميع هذه الألفاظ في الصحيح بعضها في صحيحي البخاري ومسلم، وبعضها في أحدهما،
وإنما قصدت الاختصار بالإشارة إليها. وسأذكر معظمها في أبوابها من هذا الكتاب، إن شاء الله
تعالى.
617

* 2 * 266 باب تحريم سب المسلم بغير حق
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
1559 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر " متفق عليه.
1560 وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو الكفر، إلا ارتدت عليه إن لم يكن
صاحبه كذلك " رواه البخاري.
1561 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" المتسابان ما قالا، فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم "
رواه مسلم.
1562 وعنه رضي الله عنه قال
أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب قال: " اضربوه " قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده،
والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال:
" لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان " رواه البخاري.
1563 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
618

" من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما
قال " متفق عليه.
* 2 * 267 باب تحريم سب الأموات بغير حق ومصلحة شرعية
هي التحذير من الاقتداء به في بدعته وفسقه ونحو ذلك فيه الآية والأحاديث
السابقة في الباب قبله.
1564 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا " رواه البخاري.
* 2 * 268 باب النهي عن الإيذاء
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
1565 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى
الله عنه " متفق عليه.
1566 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو
يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه "
رواه مسلم.
619

وهو بعض حديث طويل سبق في باب طاعة ولاة الأمور (انظر الحديث رقم 666).
* 2 * 269 باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
قال الله تعالى (الحجرات 10): * (إنما المؤمنون إخوة) *. وقال تعالى (المائدة 54):
* (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) *. وقال تعالى (الفتح 29):
* (محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) *.
[48 / 29]
1567 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا
عباد الله إخوانا. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " متفق عليه.
1568 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد
لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال:
أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا "
رواه مسلم.
وفي رواية له: " تعرض الأعمال في كل يوم خميس
واثنين " وذكر نحوه.
620

27 باب تحريم الحسد
هو تمني زوال نعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا قال الله تعالى (النساء 54): * (أم
يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *.
وفيه حديث أنس السابق في الباب قبله (انظر الحديث رقم 1564).
1569 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب
أو قال العشب " رواه أبو داود.
* 2 * 271 باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه
[1570 1572]
قال الله تعالى (الحجرات 12): * (ولا تجسسوا) *. وقال تعالى (الأحزاب 58): * (والذين
يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما
مبينا) *.
1570 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا
ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا،
621

وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم. المسلم أخو المسلم لا يظلمه
ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ههنا، التقوى ههنا "
ويشير إلى صدره " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على
المسلم حرام: دمه وعرضه وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى
صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "
وفي رواية: " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا
ولا تحسسوا ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا "
وفي رواية: " لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا
ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا "
وفي رواية: " ولا تهاجروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض "
رواه مسلم بكل هذه الروايات وروى البخاري أكثرها.
1571 وعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم "
حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.
622

1572 وعن ابن مسعود رضي الله عنه
أنه أتي برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال: إنا قد نهينا عن
التجسس ولكن إن يظهر لنا شئ نأخذ به.
حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
272 باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة
قال الله تعالى (الحجرات 12): * (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن
إثم) *.
1573 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " متفق عليه.
* 2 * 273 باب تحريم احتقار المسلم
قال الله تعالى (الحجرات 11): * (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا
خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا
أنفسكم، ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم
يتب فأولئك هم الظالمون) *. وقال تعالى (الهمزة 1): * (ويل لكل
همزة لمزة) *.
1574 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
623

" بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم "
رواه مسلم. وقد سبق قريبا بطوله (انظر الحديث رقم 1567).
1575 وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر! " فقال رجل: إن
الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. فقال: " إن الله جميل يحب
الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس " رواه مسلم.
ومعنى " بطر الحق ": دفعه. و " غمطهم ": احتقارهم. وقد سبق بيانه أوضح من هذا
في باب الكبر (انظر الحديث رقم 610).
1576 وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال رجل والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله عز وجل: من ذا الذي
يتألى علي أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له، وأحبطت عملك "
رواه مسلم.
* 2 * 274 باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم
قال الله تعالى (الحجرات 10): * (إنما المؤمنون إخوة) *. وقال تعالى (النور 19): * (إن
الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا
والآخرة) *.
624

1577 وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وفي الباب حديث أبي هريرة السابق في باب التجسس:
" كل المسلم على المسلم حرام " الحديث (انظر الحديث رقم 1567).
* 2 * 275 باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
1578 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على
الميت " رواه مسلم.
* 2 * 276 باب النهي عن الغش والخداع
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
1579 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا " رواه مسلم.
625

وفي رواية له
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا، فقال:
" ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال:
" أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس! من غشنا فليس منا ".
1580 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تناجشوا " متفق عليه.
1581 وعن ابن عمر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش. متفق عليه.
1582 وعنه رضي الله عنه قال:
ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بايعت
فقل لا خلابة " متفق عليه.
" الخلابة " بخاء معجمة مكسورة وباء موحدة وهي: الخديعة.
1583 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا " رواه أبو داود.
" خبب " بخاء معجمة، ثم باء موحدة مكررة: أي أفسده وخدعه.
* 2 * 277 باب تحريم الغدر
قال الله تعالى (المائدة 1): * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) *.
626

وقال تعالى (الإسراء 34): * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) *.
1584 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن
كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث
كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " متفق عليه.
1585 وعن ابن مسعود وابن عمر وأنس
رضي الله عنهم قالوا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان " متفق عليه.
1586 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لكل غادر لواء يوم عند استه (1) يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا
1587 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم
غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم
يعطه أجره " رواه البخاري.
627

* 2 * 278 باب النهي عن المن بالعطية ونحوها
قال الله تعالى (البقرة 264): * (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) *.
وقال تعالى (البقرة 262): * (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون
ما أنفقوا منا ولا أذى) *.
1588 وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم
عذاب أليم " قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم
يا رسول الله؟ قال: " المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب "
رواه مسلم.
وفي رواية له: " المسبل إزاره " يعني: المسبل إزاره وثوبه أسفل من الكعبين للخيلاء.
* 2 * 279 باب النهي عن الافتخار والبغي
قال الله تعالى (النجم 32): * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) *.
وقال تعالى (الشورى 42): * (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض
بغير الحق، أولئك لهم عذاب أليم) *.
1589 وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا
يفخر أحد على أحد " رواه مسلم.
قال أهل اللغة: البغي: التعدي والاستطالة.
628

1590 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم " رواه مسلم.
والرواية المشهورة: " أهلكهم " برفع الكاف وروي بنصبها. وهذا النهي لمن قال ذلك
عجبا بنفسه، وتصاغرا للناس وارتفاعا عليهم، فهذا هو الحرام. وأما من قاله لما يرى في الناس
من نقص في أمر دينهم، وقاله تحزنا عليهم وعلى الدين فلا بأس به. هكذا فسره العلماء
وفصلوه. وممن قاله من الأئمة الأعلام: مالك بن أنس والخطابي والحميدي وآخرون. وقد
أوضحته في كتاب الأذكار (انظر باب في ألفاظ يكره استعمالها من الأذكار).
* 2 * 280 باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إلا لبدعة في
المهجور أو تظاهر بفسق أو نحو ذلك
قال الله تعالى (الحجرات 10): * (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) *.
وقال تعالى (المائدة 2): * (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) *.
1591 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله
إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " متفق عليه.
1592 وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال: يلتقيان فيعرض هذا
ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " متفق عليه.
1593 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك
629

بالله شيئا، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين
حتى يصطلحا " رواه مسلم.
1594 وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في
التحريش بينهم " رواه مسلم.
" التحريش ": الإفساد وتغيير قلوبهم وتقاطعهم.
1595 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات
دخل النار " رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
1596 وعن أبي خراش حدرد بن أبي حدرد الأسلمي، ويقال: السلمي الصحابي رضي
الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1597 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث
فليلقه وليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم
يرد عليه فقد باء بالإثم، وخرج المسلم من الهجرة "
رواه أبو داود بإسناد حسن.
630

قال أبو داود: إذا كانت الهجرة لله تعالى فليس من هذا في شئ.
* 2 * 281 باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة
وهو أن يتحدثا سرا بحيث لا يسمعهما وفي معناه ما إذا تحدثا بلسان
لا يفهمه
قال الله تعالى (المجادلة 10): * (إنما النجوى من الشيطان) *.
1598 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث " متفق عليه.
ورواه أبو داود وزاد: قال أبو صالح قلت لابن عمر: فأربعة، قال: لا يضرك.
ورواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وابن
عمر عند دار خالد بن عقبة التي في السوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع ابن عمر
أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الثالث الذي دعا:
استأخرا شيئا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يتناجى اثنان دون واحد ".
1599 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس
من أجل أن ذلك يحزنه " متفق عليه.
631

* 2 * 282 باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب
شرعي أو زائد على قدر الأدب
قال الله تعالى (النساء 26): * (وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى
والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن
السبيل وما ملكت أيمانكم، إن الله لا يحب من كان مختالا
فخورا) *.
1600 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي
أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش
الأرض " متفق عليه.
" خشاش الأرض " بفتح الخاء المعجمة وبالشين المعجمة المكررة وهي: هوامها وحشراتها.
1601 وعنه رضي الله عنه
أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل
خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا! لعن الله من
فعل هذا! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. متفق عليه.
" الغرض " وهو: الهدف والشئ الذي يرمى إليه.
632

1602 وعن أنس رضي الله عنه قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم. متفق عليه.
ومعناه: تحبس للقتل.
1603 وعن أبي علي سويد بن مقرن رضي الله عنه قال:
لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرن ما لنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا،
فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها. رواه مسلم.
وفي رواية: سابع إخوة لي.
1604 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال
كنت أضرب غلاما لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي: " اعلم أبا مسعود " فلم أفهم
الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: " اعلم أبا
مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام " فقلت: لا أضرب مملوكا بعده
أبدا.
وفي رواية: فسقط السوط من يدي من هيبته.
وفي رواية: فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: " أما إنه لو لم
تفعل للفحتك النار أو لمستك النار " رواه مسلم بهذه الروايات.
1605 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من ضرب غلاما له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه "
رواه مسلم.
1606 وعن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه
أنه مر بالشام على أناس من الأنباط، وقد أقيموا في الشمس وصب على رؤوسهم الزيت،
633

فقال: ما هذا؟ قيل: يعذبون في الخراج. وفي رواية: حبسوا في الجزية. فقال هشام:
أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا "
فدخل على الأمير فحدثه فأمر بهم فخلوا. رواه مسلم.
" الأنباط ": الفلاحون من العجم.
1607 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا موسوم الوجه، فأنكر ذلك فقال: " والله
لا أسمه إلا أقصى شئ من الوجه " وأمر بحماره فكوى في جاعرتيه، فهو
أول من كوى الجاعرتين. رواه مسلم.
" الجاعرتين ": ناحيتا الوركين حول الدبر.
1608 وعنه رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: " لعن الله الذي وسمه "
رواه مسلم.
وفي رواية لمسلم أيضا: نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه.
* 2 * 283 باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى القملة ونحوها
[1609 1610]
1609 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: " إن وجدتم فلانا وفلانا " لرجلين من قريش
634

سماهما " فأحرقوهما بالنار " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج " إني كنت
أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن
وجدتموهما فاقتلوهما " رواه البخاري.
1610 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا
فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من فجع هذه
بولدها؟ ردوا ولدها إليها "
ورأي قرية نمل قد حرقناها فقال: " من حرق هذه؟ " قلنا نحن، قال: " إنه
لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قوله " قرية نمل " معناه: موضع النمل مع النمل.
* 2 * 284 باب تحريم مطل الغني بحق طلبه صاحبه
قال الله تعالى (النساء 58): * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *.
وقال تعالى (البقرة 283): * (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته) *.
[البقرة 2 / 283]
1611 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع " متفق عليه.
معنى " أتبع ": أحيل.
635

285 باب كراهية عود الإنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له وفي هبة
وهبها لولده وسلمها أو لم يسلمها وكراهية شرائه شيئا تصدق به من الذي
تصدق عليه أو أخرجه عن زكاة أو كفارة ونحوها ولا بأس بشرائه من
شخص آخر قد انتقل إليه
1612 عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه " متفق عليه.
وفي رواية: " مثل الذي يرجع في صدقته كمثل
الكلب يقئ ثم يعود في قيئه فيأكله "
وفي رواية: " العائد في هبته كالعائد في قيئه ".
1613 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه
يبيعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه
بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه " متفق عليه.
قوله " حملت على فرس في سبيل الله " معناه: تصدقت به على بعض المجاهدين.
* 2 * 286 باب تأكيد تحريم مال اليتيم
قال الله تعالى (النساء 10): * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في
بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) *. وقال تعالى (الأنعام 152): * (ولا تقربوا مال
اليتيم إلا بالتي هي أحسن) *. وقال تعالى (البقرة 220): * (ويسألونك عن
636

اليتامى قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم، والله يعلم المفسد من
المصلح) *.
1614 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اجتنبوا السبع الموبقات! " قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: " الشرك بالله
والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال
اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات "
متفق عليه.
" الموبقات ": المهلكات.
* 2 * 287 باب تغليظ تحريم الربا
قال الله تعالى (البقرة 275 278): * (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي
يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا،
وأحل الله البيع وحرم الربا، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف
وأمره إلى الله، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، يمحق الله
الربا ويربي الصدقات) * إلى قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا
637

ما بقي من الربا كنتم مؤمنين) * الآية.
وأما الأحاديث فكثيرة في الصحيح مشهورة، منها
حديث أبي هريرة السابق في الباب قبله (انظر الحديث رقم 1609).
1615 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله. رواه مسلم.
زاد الترمذي وغيره: وشاهديه وكاتبه.
288 باب تحريم الرياء
قال الله تعالى (البينة 5): * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) *.
وقال تعالى (البقرة 264): * (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كالذي
ينفق ماله رئاء الناس) *. وقال تعالى (النساء 142): * (يراؤون الناس
ولا يذكرون الله إلا قليلا) *.
1616 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه
معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم.
1617 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه
638

نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى
استشهدت. قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جرئ فقد قيل، ثم
أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه
وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال:
تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت
ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به
فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من
أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟
قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال:
كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على
وجهه ثم ألقي في النار " رواه مسلم.
" جرئ " بفتح الجيم وكسر وبالمد: أي شجاع حاذق.
1618 وعن ابن عمر رضي الله عنهما
أن ناسا قالوا له: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من
عندهم، قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري.
1619 وعن جندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به " متفق عليه.
ورواه مسلم أيضا من رواية ابن عباس. رضي الله عنهما (2)
639

" سمع " بتشديد الميم معناه: أظهر عمله للناس رياء. " سمع الله به ": أي فضحه يوم
القيامة. ومعنى " من راءى راءى الله به ": أي من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم
وليس هو كذلك " راءى الله به " أي: أظهر الله سريرته على رؤوس الخلائق.
1620 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به
عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ": يعني ريحها.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
والأحاديث في الباب كثيرة مشهورة.
289 باب ما يتوهم أنه رياء وليس هو رياء
1621 عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: " تلك عاجل
بشرى المؤمن " رواه مسلم.
* 2 * 290 باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن
لغير حاجة شرعية
قال الله تعالى (النور 30): * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) *. وقال
تعالى (الإسراء 36): * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) *.
وقال تعالى (غافر 19): * (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) *.
وقال تعالى (الفجر 14): * (إن ربك لبالمرصاد) *.
640

1622 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: العينان
زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد
زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق
ذلك الفرج أو يكذبه " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم، ورواية البخاري مختصرة.
1623 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والجلوس في الطرقات " قالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد،
نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه "
قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد
السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " متفق عليه.
1624 وعن أبي طلحة زيد بن سهل رضي الله عنه قال:
كنا قعودا بالأفنية نتحدث فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فقال:
" ما لكم ولمجالس الصعدات! اجتنبوا مجالس الصعدات " فقلنا: إنما قعدنا
لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث. قال: إما لا فأدوا حقها: عض البصر ورد
السلام وحسن الكلام " رواه مسلم.
" الصعدات " بضم الصاد والعين: أي الطرقات.
1625 وعن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن نظر الفجأة، فقال: " اصرف بصرك " رواه مسلم
641

.
1626 وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا
بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " احتجبا منه " فقلنا: يا رسول الله أليس هو أعمى
لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟! "
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1627 وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي
الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب
الواحد " رواه مسلم.
* 2 * 291 باب تحريم الخلوة بالأجنبية
قال الله تعالى (الأحزاب 53): * (وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب) *.
[الأحزاب 33 / 53]
1628 وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إياكم والدخول على النساء! " فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال:
" الحمو الموت! " متفق عليه.
" الحمو ": قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن عمه.
1629 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم " متفق عليه.
642

1630 وعن بريدة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، ما من رجل من
القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم
القيامة فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى " ثم التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: " ما ظنكم؟ " رواه مسلم.
* 2 * 292 باب تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال
في لباس وحركة وغير ذلك
1631 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء.
وفي رواية: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء
والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
1632 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة
الرجل. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1633 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر
643

يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن
كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها
ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم.
معنى " كاسيات ": أي من نعمة الله. " عاريات ": من شكرها. وقيل معناه: تستر بعض
بدنها وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه. وقيل: تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها.
ومعنى " مائلات " قيل عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه.
" مميلات ": أي يعلمن
غيرهن فعلهن المذموم. وقيل: " مائلات ": يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن. وقيل:
مائلات: يمتشطن المشطة الميلاء: وهي مشطة البغايا. و " مميلات ": يمشطن غيرهن تلك
المشطة. " رؤوسهن كأسنمة البخت ": أي يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها.
* 2 * 293 باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار
1634 عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل ويشرب بشماله " رواه مسلم.
1635 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله
ويشرب بها " رواه مسلم.
1636 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " متفق عليه.
المراد خضاب شعر اللحية والرأس الأبيض بصفرة أو حمرة، وأما السواد فمنهي عنه كما
سنذكره في الباب بعده، إن شاء الله تعالى.
644

* 2 * 294 باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد
1637 عن جابر رضي الله عنه قال:
أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم فتح مكة ورأسه ولحيته
كالثغامة بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيروا هذا واجتنبوا السواد " رواه مسلم.
* 2 * 295 باب النهي عن القزع وهو حلق بعض الرأس
دون بعض وإباحة حلقه كله للرجل دون المرأة
1635 عن ابن عمر رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع. متفق عليه.
1639 وعنه رضي الله عنه قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال:
" احلقوه كله أو اتركوه كله "
رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
1640 وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر رضي الله عنه ثلاثا ثم أتاهم، فقال: " لا تبكوا على
أخي بعد اليوم " ثم قال: " ادعوا لي بني أخي " فجئ بنا كأنا أفرخ، فقال:
" ادعوا لي الحلاق " فأمره فحلق رؤوسنا.
رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
1641 وعن علي رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. رواه النسائي.
645

* 2 * 296 باب تحريم وصل الشعر والوشم والوشر وهو تحديد الأسنان
[1642 1645]
قال الله تعالى (النساء 117 119): * (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا
مريدا، لعنه الله. وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا، ولأضلنهم
ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام، ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) *
الآية. [النساء 4 / 117 119]
1642 وعن أسماء رضي الله عنها
أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمرق
شعرها وإني زوجتها أفأصل فيه؟ فقال: " لعن الواصلة والموصولة "
متفق عليه.
وفي رواية: " الواصلة والمستوصلة ".
قولها: " فتمرق " هو بالراء ومعناه: انتثر وسقط. و " الواصلة ": التي تصل شعرها أو
شعر غيرها بشعر آخر. و " الموصولة ": التي يوصل شعرها. و " المستوصلة ": التي تسأل من
يفعل ذلك لها.
وعن عائشة رضي الله عنها نحوه متفق عليه.
1643 وعن حميد بن عبد الرحمن
أنه سمع معاوية رضي الله عنه عام حج على المنبر وتناول قصة من شعر
646

كانت في يد حرسي، فقال: يأهل المدينة أين علماؤكم! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل
هذه، ويقول:
" إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم " متفق عليه.
1644 وعن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة.
متفق عليه.
1645 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:
لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات،
والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فقالت له امرأة في ذلك، فقال:
وما لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله. قال الله تعالى (الحشر 7):
* (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) *
متفق عليه.
و " المتفلجة " هي التي تبرد من أسنانها ليتباعد بعضها عن بعض قليلا وتحسنها، وهو
الوشر. و " النامصة ": التي تأخذ من شعر حاجب غيرها وترققه ليصير حسنا. و " المتنمصة ":
التي تأمر من يفعل بها ذلك.
* 2 * 297 باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهما
وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه
1646 عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
647

" لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة "
حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد حسنة. قال الترمذي
هو حديث حسن.
1647 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
* 2 * 298 باب كراهة الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين عند الاستنجاء من غير عذر
[1648]
1648 عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
" إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه،
ولا يتنفس في الإناء " متفق عليه.
وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة.
* 2 * 299 باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر
وكراهة لبس النعل والخف قائما لغير عذر
1649 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يمش أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا " وفي رواية: " أو ليحفهما
جميعا "
وفي رواية: " أو ليحفهما (4) جميعا ". متفق عليه.
1650 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
648

" إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها "
رواه مسلم.
1651 وعن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله نهى أن ينتعل الرجل قائما. رواه أبو داود بإسناد حسن.
* 2 * 300 باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه
سواء كانت في سراج أو غيره
1652 عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " متفق عليه.
1653 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم قال: " إن
هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها " متفق عليه.
1651 وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" غطوا الإناء وأوكئوا السقاء وأغلقوا الأبواب وأطفئوا السراج، فإن
الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابا ولا يكشف إناء، فإن لم يجد
أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله فليفعل، فإن
الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم " رواه مسلم.
" الفويسقة ": الفأرة. و " تضرم ": تحرق.
649

* 2 * 301 باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة
قال الله تعالى (ص 86): * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) *.
1655 وعن عمر رضي الله عنه قال:
نهينا عن التكلف. رواه البخاري.
1656 وعن مسروق قال
دخلنا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به،
ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا تعلم الله أعلم، قال الله تعالى
لنبيه صلى الله عليه وسلم (ص 86): * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) *.
رواه البخاري.
* 2 * 302 باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب
ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثبور
1657 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" الميت يعذب في قبره بما نيح عليه "
وفي رواية: " ما نيح عليه " متفق عليه.
1658 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى
650

الجاهلية " متفق عليه.
1659 وعن أبي بردة قال:
وجع أبو موسى فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت تصيح
برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئا، فلما أفاق قال: أنا برئ ممن برئ منه
رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة.
متفق عليه.
" الصالقة ": التي ترفع صوتها بالنياحة والندب. و " الحالقة ": التي تحلق رأسها عند
المصيبة. و " الشاقة ": التي تشق ثوبها.
1660 وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة " متفق عليه.
1661 وعن أم عطية نسيبة (بضم النون وفتحها) رضي الله عنها قالت:
أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح. متفق عليه.
1662 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
أغمي على عبد الله بن رواحة رضي الله عنه فجعلت أخته تبكي وا جبلاه
وا كذا وا كذا: تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي أنت كذلك؟!
رواه البخاري.
1663 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
651

اشتكى سعد بن عبادة رضي الله عنه شكوى، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع
عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن مسعود، فلما دخل
عليه وجده في غشية، فقال: " أقضى؟ " فقالوا: لا يا رسول الله، فبكى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا. فقال: " ألا تسمعون؟ إن الله
لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا (وأشار إلى لسانه)
أو يرحم " متفق عليه.
1664 وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من
قطران ودرع من جرب " رواه مسلم.
1665 وعن أسيد بن أبي أسيد التابعي عن امرأة من المبايعات قالت:
كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا
نعصيه فيه: أن لا نخمش وجها، ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا وأن لا ننشر
شعرا. رواه أبو داود بإسناد حسن.
1666 وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: وا جبلاه وا سيداه أو
نحو ذلك إلا وكل الله به ملكان يلهزانه: أهكذا أنت؟ "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
652

" اللهز ": الدفع بجمع اليد في الصدر.
1667 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على
الميت " رواه مسلم.
* 2 * 303 باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف
وأصحاب الرمل والطوارق بالحصي وبالشعير ونحو ذلك
1668 عن عائشة رضي الله عنها قالت:
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان، فقال: " ليس بشئ " فقالوا:
يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشئ فيكون حقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تلك
الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة
كذبة " متفق عليه.
وفي رواية البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" إن الملائكة تنزل في العنان (وهو السحاب) فتذكر الأمر قضي في
السماء، فيسترق الشيطان السمع فيسمعه فيوحيه إلى الكهان فيكذبون
معها مائة كذبة من عند أنفسهم ".
قوله " فيقرها " هو بفتح الباء وضم القاف والراء أي: يلقيها. " والعنان " بفتح
العين.
653

1669 وعن صفية بنت عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من أتى عرافا فسأله عن شئ فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين
يوما " رواه مسلم.
1670 وعن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" العيافة والطيرة والطرق من الجبت "
رواه أبو داود بإسناد حسن. وقال: الطرق هو: الزجر، أي زجر الطير وهو أن
يتيمن أو يتشاءم بطيرانه، فإن طار إلى جهة اليمين تيمن، وإن طار إلى جهة اليسار تشاءم.
قال أبو داود " العيافة ": الخط.
قال الجوهري في الصحاح: الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك.
1671 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد "
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1672 وعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال
قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام، وإن منا
رجالا يأتون الكهان؟ قال: " فلا تأتهم " قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: " ذلك
654

شئ يجدونه في صدورهم فلا يصدهم " قلت: ومنا رجال يخطون؟ قال:
" كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك " رواه مسلم.
1673 وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان
الكاهن. متفق عليه.
* 2 * 304 باب النهي عن التطير
فيه الأحاديث السابقة في الباب قبله.
1674 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل " قالوا: وما الفأل؟ قال: " كلمة
طيبة " متفق عليه.
1675 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا عدوى ولا طيرة، وإن كان الشؤم في شئ ففي الدار والمرأة
والفرس " متفق عليه.
655

1676 وعن بريدة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1677 وعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال:
ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" أحسنها الفأل ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل:
اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا
قوة إلا بك " حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.
* 2 * 305 باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم
أو دينار أو مخدة أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصورة في حائط
وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة
[1678 1678]
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا
ما خلقتم ".
1679 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم
تلون وجهه، وقال:
" يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق
656

الله! " قالت: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين. متفق عليه.
" القرام " بكسر القاف هو: الستر. و " السهوة " بفتح السين المهملة وهي: الصفة تكون
بين يدي البيت. وقيل هي: الطاق النافذ في الحائط.
1680 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس فيعذبه في
جهنم "
قال ابن عباس: فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا روح فيه. متفق عليه.
1681 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس
بنافخ " متفق عليه.
1682 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " متفق عليه.
1683 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي! فليخلقوا ذرة
أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة " متفق عليه.
1684 وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة " متفق عليه.
657

1685 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل أن يأتيه فراث عليه حتى اشتد على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فلقيه جبريل فشكا إليه، فقال: إنا لا ندخل بيتا
فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري.
" راث ": أبطأ، وهو بالثاء المثلثة
1686 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة أن يأتيه فجاءت تلك الساعة ولم
يأته، قالت: وكان بيده عصا فطرحها من يده وهو يقول: " ما يخلف الله وعده ولا
رسله " ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: " متى دخل هذا الكلب؟ "
فقلت: والله ما دريت به، فأمر به فأخرج فجاءه جبريل عليه السلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" وعدتني فجلست لك ولم تأتني " فقال: منعني الكلب الذي كان في
بيتك، إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة " رواه مسلم.
1687 وعن أبي الهياج حيان بن حصين قال،
قال لي علي رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا
تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته. رواه مسلم.
658

* 2 * 306 باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع
1688 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم
قيراطان " متفق عليه.
وفي رواية: " قيراط ".
1689 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أمسك كلبا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط إلا كلب حرث أو
ماشية " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " من اقتنى كلبا ليس بكلب
صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم ".
* 2 * 307 باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب
وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر
1690 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس " رواه مسلم.
1691 وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الجرس من مزامير الشيطان " رواه مسلم.
659

* 2 * 308 باب كراهة ركوب الجلالة وهي البعير أو الناقة التي تأكل العذرة
فإن أكلت علفا طاهرا فطاب لحمها زالت الكراهة
1692 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
* 2 * 309 باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد
فيه والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار
1693 عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها " متفق عليه.
والمراد بدفنها إذا كان المسجد ترابا أو رملا ونحوه فيواريها تحت ترابه. قال أبو المحاسن
الروياني من أصحابنا في كتابه البحر: وقيل: المراد بدفنها إخراجها من المسجد، أما إذا
كان المسجد مبلطا أو مجصصا فدلكها عليه بمداسه أو بغيره كما يفعله كثير من الجاهلين
فليس ذلك بدفن بل زيادة في الخطيئة، وتكثير للقذر في المسجد، وعلى من فعل ذلك أن
يمسحه بعد ذلك بثوبه أو يده أو غيره أو يغسله.
1694 وعن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا أو نخامة
فحكه. متفق عليه.
1695 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
660

" إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله
وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
* 2 * 310 باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد
الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات
1696 عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك، فإن
المساجد لم تبن لهذا " رواه مسلم.
1697 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك،
وإذا رأيتم من ينشد ضالة فقولوا لا ردها الله عليك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1698 وعن بريدة رضي الله عنه
أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلي الجمل الأحمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له " رواه مسلم.
1699 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد فيه
ضالة، وأن ينشد فيه شعر. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
661

1700 وعن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال:
كنت في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:
اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف، فقال: لو
كنتما من أهل البلد لأوجعتكما! ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم!
رواه البخاري.
* 2 * 311 باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو غيره مما له رائحة
كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إلا لضرورة
1701 عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم) فلا يقربن مسجدنا " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " مساجدنا ".
1702 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلين معنا "
متفق عليه.
1703 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم:
" من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن
الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ".
662

1704 وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته:
ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم، لقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى
البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا. رواه مسلم.
* 2 * 312 باب كراهة الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنه يجلب النوم
فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء
1705 عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب.
رواه أبو داود والترمذي وقالا: حديث حسن.
* 2 * 313 باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي عن أخذ
شئ من شعره أو أظفاره حتى يضحي
1706 عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من
شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي " رواه مسلم.
* 2 * 314 باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء
والآباء والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة
فلان والأمانة وهي من أشدها نهيا
1707 عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
663

" إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف
بالله أو ليصمت " متفق عليه.
وفي رواية في الصحيح: " فمن كان حالفا فلا يحلف إلا
بالله أو ليسكت ".
1708 وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم " رواه مسلم.
" الطواغي ": جمع طاغية وهي: الأصنام، ومنه حديث
" هذه طاغية دوس ": أي صنمهم ومعبودهم.
وروي في غير مسلم: " بالطواغيت " جمع طاغوت وهو: الشيطان والصنم.
1709 وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من حلف بالأمانة فليس منا " حديث صحيح
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1710 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من حلف فقال إني برئ من الإسلام، فإن كان كاذبا فهو كما
قال، وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما " رواه أبو داود.
1711 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلا يقول:
لا والكعبة فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
664

" من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وفسر بعض العلماء قوله " كفر أو أشرك " على التغليظ،
كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الرياء شرك ".
* 2 * 315 باب تغليظ تحريم اليمين الكاذبة عمدا
1712 عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان "
قال: ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل * (إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * إلى آخر الآية (آل عمران 77). متفق عليه.
1713 وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم
عليه الجنة " فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: " وإن قضيبا من
أراك " رواه مسلم.
1714 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين
الغموس " رواه البخاري.
665

وفي رواية له: أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله
ما الكبائر؟ قال: " الإشراك بالله " قال: ثم ماذا؟ قال: " اليمين الغموس " قلت:
وما اليمين الغموس؟ قال: " الذي يقتطع مال امرئ مسلم ": يعني بيمين هو فيها
كاذب.
* 2 * 316 باب ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن يفعل ذلك
المحلوف عليه ثم يكفر عن يمينه
1715 عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو
خير وكفر عن يمينك " متفق عليه.
1716 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير "
رواه مسلم.
1717 وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إني والله، إن شاء الله، لا أحلف على يمين ثم أرى خيرا منها إلا كفرت
عن يميني وأتيت الذي هو خير " متفق عليه.
1718 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن يلج أحدكم في يمينه في أهله آثم له عند الله تعالى من أن يعطي
كفارته التي فرض الله عليه " متفق عليه.
قوله " يلج " بفتح اللام وتشديد الجيم: أي يتمادى فيها ولا يكفر. وقوله
" آثم " هو بالثاء المثلثة أي: أكثر إثما.
666

* 2 * 317 باب العفو عن لغو اليمين وأنه لا كفارة فيه وهو ما يجري على
اللسان بغير قصد اليمين كقوله على العادة لا والله وبلى والله ونحو ذلك
[1719]
قال الله تعالى (المائدة 89): * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولن يؤاخذكم بما
عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفارة
أيمانكم إذا حلفتم، واحفظوا أيمانكم) *.
1719 وعن عائشة رضي الله عنها قالت
أنزلت هذه الآية: * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) *
في قول الرجل: لا والله، وبلى والله. رواه البخاري.
* 2 * 318 باب كراهة الحلف في البيع وإن كان صادقا
1720 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب " متفق عليه.
1721 وعن أبي قتادة رضي الله عنه أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق " رواه مسلم.
667

* 2 * 319 باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة
وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به
1722 عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يسأل بوجه الله إلا الجنة " رواه أبو داود.
1723 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم
فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به
فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه "
حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين.
* 2 * 320 باب تحريم قول شاهنشاه للسلطان لأن معناه ملك الملوك
ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى
1724 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أخنع اسم عند الله عز وجل رجل تسمى ملك الأملاك "
متفق عليه.
قال سفيان بن عيينة: ملك الأملاك مثل شاهنشاه.
668

* 2 * 321 باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بسيد ونحوه
[1725] 1725 / 1 عن بريدة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز
وجل " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
* 2 * 322 باب كراهة سب الحمى
1726 عن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: " ما لك يا أم السائب
أو يا أم المسيب تزفزفين؟ " قالت: الحمى لا بارك الله فيها. فقال:
" لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث
الحديد " رواه مسلم.
" تزفزفين ": أي تتحركين حركة سريعة، ومعناه: ترتعد. وهو بضم التاء وبالزاي
المكررة والفاء المكررة، وروي أيضا بالراء المكررة والقافين.
669

* 2 * 323 باب النهي عن سب الريح وبيان ما يقال عند هبوبها
[1727 1729]
1727 عن أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من
خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه
الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
1728 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الريح من روح الله، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها
فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها "
رواه أبو داود بإسناد حسن.
قوله صلى الله عليه وسلم " من روح الله " هو بفتح الراء: أي رحمته بعباده.
1729 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: " اللهم إني أسألك خيرها وخير
ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر
ما أرسلت به " رواه مسلم.
* 2 * 324 باب كراهة سب الديك
1730 عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
670

* 2 * 325 باب النهي عن قول الإنسان مطرنا بنوء كذا
1731 عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف
أقبل على الناس فقال:
" هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " قال
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله
ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا
وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب " متفق عليه.
و " السماء " هنا: المطر.
* 2 * 326 باب تحريم قوله لمسلم يا كافر
1732 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما
قال وإلا رجعت عليه " متفق عليه.
1733 وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار
عليه " متفق عليه.
" حار ": رجع.
671

* 2 * 327 باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان
1734 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
1735 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما كان الفحش في شئ إلا شانه، وما كان الحياء في شئ إلا زانه "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
* 2 * 328 باب كراهة التقعير في الكلام بالتشدق وتكلف
الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام
ونحوهم [1736 1738]
1736 عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" هلك المتنطعون! " قالها ثلاثا. رواه مسلم
" المتنطعون ": المبالغون في الأمور.
672

1737 وعن عبد الله بن عمر وبن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله يبغض البليغ من الرجال: الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل
البقرة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
1738 وعن جابر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم
أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون
والمتشدقون والمتفيهقون "
رواه الترمذي وقال حديث حسن وقد سبق شرحه في باب حسن الخلق (انظر الحديث رقم 629).
* 2 * 329 باب كراهة قوله خبثت نفسي
1739 عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل لقست نفسي "
متفق عليه.
قال العلماء معنى " خبثت ": غثيت وهو معنى " لقست " ولكن كره لفظ الخبث.
* 2 * 330 باب كراهة تسمية العنب كرما
1740 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم المسلم " متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
673

وفي رواية: " فإنما الكرم قلب المؤمن "
وفي رواية للبخاري ومسلم، " يقولون الكرم، إنما الكرم
المؤمن ".
1741 وعن وائل بن حجر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تقولوا الكرم، ولكن قولوا العنب والحبلة " رواه مسلم.
" الحبلة " بفتح الحاء والباء، ويقال أيضا بإسكان الباء.
* 2 * 331 باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلا أن يحتاج إلى ذلك
لغرض شرعي كنكاحها ونحوه
1742 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها "
متفق عليه.
* 2 * 332 باب كراهة قول الإنسان اللهم اغفر لي إن شئت
بل يجزم بالطلب
1743 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت،
ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله تعالى
لا يتعاظمه شئ أعطاه ".
674

1744 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم إن شئت
فأعطني، فإنه لا مستكره له " متفق عليه.
* 2 * 333 باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان
1745 عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء
فلان " رواه أبو داود بإسناد صحيح.
* 2 * 334 باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة
المراد به الحديث الذي يكون مباحا في غير هذا الوقت وفعله وتركه سواء. فأما الحديث
المحرم أو المكروه في غير هذا الوقت أشد تحريما وكراهة، وأما الحديث في
الخير كمذاكرة العلم وحكايات الصالحين ومكارم الأخلاق والحديث مع الضيف ومع
طالب حاجة ونحو ذلك فلا كراهة فيه، بل هو مستحب، وكذا الحديث لعذر وعارض
لا كراهة فيه. وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على كل ما ذكرته.
1746 عن أبي برزة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
متفق عليه.
1747 وعن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في آخر حياته فلما سلم قال: " أرأيتكم ليلتكم
هذه، فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض اليوم أحد "
متفق عليه.
675

1748 وعن أنس رضي الله عنه
أنهم انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم فجاءهم قريبا من شطر الليل فصلى بهم (يعني العشاء) قال: ثم
خطبنا فقال: " إلا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا، وإنكم لن تزالوا في صلاة
ما انتظرتم الصلاة " رواه البخاري.
* 2 * 335 باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إذا دعاها
ولم يكن لها عذر شرعي
1749 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها
الملائكة حتى تصبح " متفق عليه.
وفي رواية: " حتى ترجع ".
* 2 * 336 باب تحريم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه
1750 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا
بإذنه " متفق عليه.
676

* 2 * 337 باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام
[1751]
1751 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس
حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار " متفق عليه.
338 باب كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة
1752 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
نهى عن الخصر في الصلاة. متفق عليه.
* 2 * 339 باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه
أو مع مدافعة الأخبثين وهما البول والغائط
1753 عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان " رواه مسلم.
340 باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة
1754 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم! " فاشتد قوله في
ذلك حتى قال: " لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم! " رواه البخاري.
677

341 باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر
1755 عن عائشة رضي الله عنها قالت
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: " هو اختلاس يختلسه
الشيطان من صلاة العبد " رواه البخاري.
1756 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان
لا بد ففي التطوع لا في الفريضة " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
342 باب النهي عن الصلاة إلى القبور
1757 عن أبي مرثد كناز بن الحصين رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها " رواه مسلم.
343 باب تحريم المرور بين يدي المصلي
1758 عن أبي الجهيم عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا
له من أن يمر بين يديه "
قال الراوي: لا أدري قال أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين سنة. متفق عليه.
678

344 باب كراهة شروع المأموم في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة
الصلاة سواء كانت النافلة سنة تلك الصلاة أو غيرها
1759 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم.
* 2 * 345 باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بصلاة
من بين الليالي [1760 1763]
1760 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة
بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " رواه مسلم.
1761 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده " متفق عليه.
1762 وعن محمد بن عباد قال
سألت جابرا رضي الله عنه: أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الجمعة؟ قال نعم.
متفق عليه.
1763 وعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: " أصمت أمس؟ " قالت
لا، قال: " تريدين أن تصومي غدا؟ " قالت لا، قال: " فأفطري "
رواه البخاري.
679

346 باب تحريم الوصال في الصوم وهو أن يصوم يومين أو أكثر
ولا يأكل ولا يشرب بينهما
1764 عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. متفق عليه.
1765 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا: إنك تواصل؟ قال: " إني لست مثلكم،
إني أطعم وأسقى " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
* 2 * 347 باب تحريم الجلوس على قبر
1766 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير
له من أن يجلس على قبر " رواه مسلم.
* 2 * 348 باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه
1767 عن جابر رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه.
رواه مسلم.
680

* 2 * 349 باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده
1768 عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة " رواه مسلم.
1769 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة " رواه مسلم.
وفي رواية: " فقد كفر ".
* 2 * 350 باب تحريم الشفاعة في الحدود
قال الله تعالى (النور 2): * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة،
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) *.
[النور 24 / 2]
1770 وعن عائشة رضي الله عنها
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتشفع في حد من حدود الله تعالى! " ثم قام
فاختطب ثم قال: " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق
فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت
لقطعت يدها! " متفق عليه.
681

وفي رواية: " فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أتشفع في حد من
حدود الله! " فقال أسامة: استغفر لي يا رسول الله، قال: ثم أمر بتلك المرأة
فقطعت يدها.
351 باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم
وموارد الماء ونحوها
قال الله تعالى (الأحزاب 58): * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *.
1771 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" اتقوا اللاعنين " قالوا: وما اللاعنان؟ قال: " الذي يتخلى في طريق
الناس أو في ظلهم " رواه مسلم.
* 2 * 352 باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد
1772 عن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد. رواه مسلم.
682

353 باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة
1773 عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما
أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " فقال لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فارجعه " متفق عليه (2)
وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفعلت هذا بولدك كلهم؟ "
قال لا. قال: " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بشير ألك ولد سوى
هذا؟ " قال نعم، قال: " أكلهم وهبت له مثل هذا؟ " قال لا، قال: " فلا
تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور "
وفي رواية: " لا تشهدني على جور! "
وفي رواية: " أشهد على هذا غيري! " ثم قال: " أيسرك
أن يكونوا إليك في البر سواء؟ " قال بلى، قال: " فلا إذا ".
* 2 * 354 باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام
إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام
1774 عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها قالت:
دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب
683

رضي الله عنه فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست
بعارضيها ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
على المنبر: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق
ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا "
قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش رضي الله عنها حين توفي أخوها فدعت
بطيب فمست منه ثم قالت: أما والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد
على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " متفق عليه.
355 باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على
بيع أخيه والخطبة على خطبته إلا أن يأذن أو يرد
1775 عن أنس رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه.
متفق عليه.
684

1776 وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تتلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق " متفق عليه.
1777 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تتلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد " فقال له طاووس: ما لا يبع
حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارا. متفق عليه.
1778 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا ولا يبع
الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق
أختها لتكفأ ما في إنائها "
وفي رواية قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلقي، وأن
يبتاع المهاجر للأعرابي وأن تشترط المرأة طلاق أختها، وأن يستام
الرجل على سوم أخيه، ونهى عن النجش والتصرية. متفق عليه.
1779 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن
685

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبع بعضكم على بعض ولا يخطب على خطبة
أخيه إلا أن يأذن له " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
1780 وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا
يخطب على خطبة أخيه حتى يذر " رواه مسلم.
* 2 * 356 باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيا
[1781 1782]
1781 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم أن
تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا،
ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال "
رواه مسلم. وتقدم شرحه (انظر الحديث رقم 340).
1782 وعن وراد كاتب المغيرة قال: أملى علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى
معاوية رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: " لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما
أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد "
686

وكتب إليه أنه كان ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة
السؤال، وكان ينهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
متفق عليه. وسبق شرحه (انظر الحديث رقم 340).
* 2 * 357 باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه سواء كان جادا
أو مازحا والنهي عن تعاطي السيف مسلولا
1783 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع
في يده فيقع في حفرة من النار " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: قال، قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم:
" من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع وإن
كان أخاه لأبيه وأمه ".
قوله صلى الله عليه وسلم: " ينزع " ضبط بالعين المهملة مع كسر الزاي، وبالغين المعجمة مع فتحها
ومعناها متقارب. ومعناه بالمهملة: يرمي، وبالمعجمة أيضا: يرمي ويفسد. وأصل النزع
الطعن والفساد.
1784 وعن جابر رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعاطى السيف مسلولا.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
687

* 2 * 358 باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر
حتى يصلي المكتوبة
1785 عن أبي الشعثاء قال:
كنا قعودا مع أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد
يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى
أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
* 2 * 359 باب كراهة رد الريحان لغير عذر
1786 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح " رواه مسلم.
1787 وعن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب. رواه البخاري.
* 2 * 360 باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب
ونحوه وجوازه لمن أمن ذلك في حقه
1788 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة فقال:
" أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل " متفق عليه.
" الإطراء ": البالغة في المدح.
1789 وعن أبي بكرة رضي الله عنه
688

أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ويحك!
قطعت عنق صاحبك (يقوله مرارا) إن كان أحدكم مادحا لا محالة
فليقل: أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله
ولا يزكى على الله أحد " متفق عليه.
1790 وعن همام بن الحارث عن المقداد رضي الله عنه
أن رجلا جعل يمدح عثمان رضي
الله عنه فعمد المقداد فجثا على ركبتيه فجعل
يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب " رواه مسلم.
فهذه الأحاديث في النهي وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة.
قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال: إن كان الممدوح عنده كمال إيمان
ويقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه
فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شئ من هذه الأمور كره مدحه في وجهه كراهة
شديدة، وعلى هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك.
ومما جاء في الإباحة
689

قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه (انظر الحديث رقم 1213): " أرجو أن تكون منهم ": أي
من الذين يدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها.
وفي الحديث الآخر (انظر الحديث رقم 788): " لست منهم ": أي لست من الذين يسبلون
أزرهم خيلاء.
وقال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: " ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا
سلك فجا غير فجك "
والأحاديث في الإباحة كثيرة. وقد ذكرت جملة من أطرافها في كتاب الأذكار (انظر باب المدح من الأذكار).
* 2 * 361 باب كراهة الخروج من بلد وقع به الوباء فرارا مه
وكراهة القدوم عليه
قال الله تعالى (النساء 78): * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج
مشيدة) *. وقال تعالى (البقرة 195): * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *.
[البقرة 2 / 195]
1791 وعن ابن عباس رضي الله عنهما
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ، لقيه أمراء
690

الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام،
قال ابن عباس فقال لي عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعوتهم، فاستشارهم
وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا، فقال: بعضهم خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع
عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا
الوباء. فقال: ارتفعوا عني،
ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا
كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني،
ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم
يختلف عليه منهم رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى
عمر رضي الله عنه في الناس:
إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: أفرارا من
قدر الله! فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! وكان عمر يكره خلافه،
نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما
خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها
بقدر الله؟
قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال:
إن عندي من هذا علما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا
تخرجوا فرارا منه " فحمد الله تعالى عمر رضي الله عنه وانصرف. متفق عليه.
" العدوة ": جانب الوادي.
691

1792 وعن أسامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمعتم
الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا
منها " متفق عليه.
* 2 * 362 باب التغليظ في تحريم السحر
قال الله تعالى (البقرة 102): * (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس
السحر) * الآية.
1793 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اجتنبوا السبع الموبقات! " قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: " الشرك
بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل
مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات "
متفق عليه.
* 2 * 363 باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار
إذا خيف وقوعه بأيدي العدو
1794 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. متفق عليه.
692

* 2 * 364 باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب
والطهارة وسائر وجوه الاستعمال
1795 عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: " إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب ".
1796 وعن حذيفة رضي الله عنه قال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب
والفضة، وقال: " هن لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة " متفق عليه.
وفي رواية في الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية
الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها ".
1797 وعن أنس بن سيرين قال:
كنت مع أنس بن مالك رضي الله عنه عند نفر من المجوس فجئ بفالوذج على إناء من
فضة فلم يأكله، فقيل له حوله، فحوله على إناء من خلنج وجئ به فأكله.
رواه البيهقي بإسناد حسن.
" الخلنج ": الجفنة.
693

* 2 * 365 باب تحريم لبس الرجل ثوبا مزعفرا
1798 عن أنس رضي الله عنه قال:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل. متفق عليه.
1799 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال:
" أمك أمرتك بهذا؟! " قلت: أغسلهما؟ قال: " بل أحرقهما "
وفي رواية: " إن هذه من ثياب
الكفار فلا تلبسها " رواه مسلم.
* 2 * 366 باب النهي عن صمت يوم إلى الليل
1800 عن علي رضي الله عنه قال:
حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتم (1) بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى
الليل " رواه أبو داود بإسناد حسن.
قال الخطابي في تفسير هذا الحديث: كان من نسك الجاهلية
الصمات فنهوا في الإسلام عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير.
1801 وعن قيس بن أبي حازم قال:
دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها
694

لا تتكلم. فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي فإن هذا
لا يحل، هذا من عمل الجاهلية! فتكلمت. رواه البخاري.
* 2 * 367 باب تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه وتوليه غير مواليه
[1802 1805]
1802 عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام "
متفق عليه.
1803 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا ترغبوا عن
آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر " متفق عليه. 1804 وعن يزيد بن شريك بن طارق قال:
رأيت عليا رضي الله عنه على المنبر يخطب فسمعته يقول: لا والله
ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل،
وأشياء من الجراحات، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المدينة حرم ما بين عير إلى
ثور، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، ذمة المسلمين.
واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة
695

والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، ومن ادعى إلى
غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا " متفق عليه.
" ذمة المسلمين ": أي عهدهم وأمانتهم. و " أخفره ": نقض عهده. و " الصرف ":
التوبة. وقيل الحيلة. و " العدل ": الفداء.
1805 وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس
له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلا بالكفر أو قال
عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه " متفق عليه. وهذا لفظ رواية مسلم.
* 2 * 368 باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه
[1806]
قال الله تعالى (النور 63): * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو
يصيبهم عذاب أليم) *. وقال تعالى (آل عمران 30): * (ويحذركم الله نفسه) *.
وقال تعالى (البروج 12): * (إن بطش ربك لشديد) *. وقال
تعالى (هود 102): * (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) *.
[هود 11 / 102]
1806 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه "
متفق عليه.
696

* 2 * 369 باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيا عنه
قال الله تعالى (الأعراف 200): * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) *.
وقال تعالى (الأعراف 201): * (إن الذين إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا
فإذا هم مبصرون) *.
وقال تعالى (آل عمران 135، 136): * (والذين إذا فعلوا فاحشة
أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم
يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات
تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) *.
وقال تعالى (النور 31): * (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم
تفلحون) *.
1807 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله،
ومن قال لصاحبه تعال أقامرك، فليتصدق " متفق عليه.
697

كتاب المنثورات والملح
[19 / 1 باب الدجال (3) وأخباره] [1808 1819]
1808 عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات
غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا
فقال: " ما شأنكم؟ " قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت فيه ورفعت
حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال:
" غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه
دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على
كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافية، كأني أشبهه بعبد العزى بن
قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خله
بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا.
698

قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: " أربعون يوما: يوم كسنة
ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم "
قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: " لا،
اقدروا له قدره "
قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: " كالغيث استدبرته الريح،
فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء
فتمطر والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى
وأسبعه ضروعا وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه
قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شئ من أموالهم،
ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب
النخل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين
رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك.
فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح ابن مريم صلى الله عليه وسلم فينزل عند
المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين،
699

إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل
لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي إلى حيث ينتهي طرفه،
فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم قوما قد عصمهم
الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو
كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى صلى الله عليه وسلم
أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور،
ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون،
فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر
آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم
وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم،
فيرغب نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى الله تعالى، فيرسل
الله تعالى عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة،
ثم يهبط نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى الأرض
700

فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله
عيسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى الله تعالى، فيرسل الله تعالى طيرا كأعناق
البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله تعالى، ثم يرسل الله عز وجل مطرا
لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة،
ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك ودري بركتك. فيومئذ تأكل العصابة
من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من
الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس،
واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله
تعالى ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل
مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم
الساعة " رواه مسلم.
قوله " خله بين الشام والعراق ": أي طريقا بينهما. وقوله " عاث " بالعين المهملة
والثاء المثلثة والعيث: أشد الفساد. و " الذرى " بضم الذال المعجمة وهو أعالي الأسنمة وهو
جمع ذروة بضم الذال وكسرها. و " اليعاسيب ": ذكور النحل. و " جزلتين ": أي قطعتين.
و " الغرض ": الهدف الذي يرمى بالنشاب: أي يرميه رمية كرمية النشاب إلى الهدف.
و " المهرودة " بالدال المهملة والمعجمة وهي: الثوب المصبوغ. قوله " لا يدان ": أي
701

لا طاقة. و " النغف ": دود. و " فرسى " جمع فريس، وهو: القتيل. و " الزلقة " بفتح
الزاي واللام وبالقاف، وروي الزلفة، بضم الزاي وإسكان اللام وبالفاء وهي: المرآة.
و " العصابة ": الجماعة. و " الرسل " بكسر الراء: اللبن. و " اللقحة ": اللبون. و " الفئام "
بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة: الجماعة. و " الفخذ من الناس ": دون القبيلة.
1809 وعن ربعي بن حراش قال:
انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم فقال له أبو مسعود:
حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال. قال:
" إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونار، فأما الذي يراه الناس ماء فنار
تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب، فمن أدركه منكم
فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب " فقال أبو مسعود: وأنا قد سمعته.
متفق عليه.
1810 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين " لا أدري أربعين يوما أو
أربعين شهرا أو أربعين عاما، فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيطلبه
فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله
عز وجل ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه
مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد
جبل لدخلته عليه حتى تقبضه، فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام
السباع، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان
702

فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان
وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد
إلا أصغى ليتا ورفع ليتا، وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله فيصعق
ويصعق الناس، ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل أو
الظل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون، ثم يقول يا أيها الناس هلم إلى ربكم وقفوهم
إنهم مسؤولون، ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال من كم؟ فيقال
من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فدلك يوم
يجعل الولدان شيبا، وذلك يوم يكشف عن ساق "
[القلم 68 / 42] رواه مسلم.
" الليت ": صفحة العنق. ومعناه يضع صفحة عنقه ويرفع صفحته الأخرى.
1811 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب
من أنقابهما إلا عليه الملائكة صافين تحرسهما، فينزل بالسبخة فترجف
المدينة ثلاث رجفات يخرج الله منها كل كافر ومنافق " رواه مسلم.
703

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة "
رواه مسلم.
1813 وعن أم شريك رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لينفرن الناس من الدجال في الجبال " رواه مسلم.
1814 وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول:
" ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال " رواه مسلم.
1815 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فيتلقاه المسالح،
مسالح الدجال، فيقولون له: إلى أين تعمد؟! فيقول: أعمد إلى هذا الذي
خرج، فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟! فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون:
اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه،
فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال:
يا أيها الناس إن هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأمر الدجال به
فيشبح، فيقول: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضربا، فيقول:
704

أوما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب! فيؤمر به فيؤشر بالمنشار
من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم
يقول له: قم فيستوي قائما، ثم يقول: له أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت
فيك إلا بصيرة،
ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، فيأخذه
الدجال ليذبحه، فيجعل الله ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع
إليه سبيلا، فيأخذه بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنه قذفه إلى
النار وإنما ألقي في الجنة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا أعظم الناس شهادة عند
رب العالمين " رواه مسلم.
وروى البخاري بعضه بمعناه. " المسالح ": الخفراء والطلائع.
1816 وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:
ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته، وإنه قال لي: " ما يضرك "
قلت: إنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء. قال: " هو أهون على الله من
ذلك " متفق عليه.
1817 وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم
705

عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر " متفق عليه.
1818 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أحدثكم حديثا عن الدجال ما حدث به نبي قومه، إنه أعور، وإنه
يجئ بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار " متفق عليه.
1819 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال:
" إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن
عينه عنبة طافية " متفق عليه
[19 / 2 باب الساعة وأشراطها [1820 1823]
1820 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، وحتى يختبئ اليهودي من
وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي خلفي
تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود " متفق عليه.
1821 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل بالقبر
706

فيتمرغ عليه فيقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به
الدين ما به إلا البلاء " متفق عليه.
1822 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس
عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، فيقول كل رجل منهم لعلي أن
أكون أنا أنجو "
وفي رواية: " يوشك أن يحسر الفرات عن كنز من ذهب
فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا " متفق عليه.
1823 وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي (يريد عوافي
السباع والطير) وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان
بغنمهما فيجدانها وحوشا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على
وجوههما " متفق عليه.
707

[19 / 3 باب الغرر من المنثورات والملح [1824 1868]
1824 وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يكون خليفة من خلفائكم في آخر الزمان يحثو المال ولا يعده "
رواه مسلم.
1825 وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب
فلا يجد أحدا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن
به من قلة الرجال وكثرة النساء " رواه مسلم.
1826 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اشترى رجل من رجل عقارا فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة
فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك إنما اشتريت منك
الأرض ولم أشتر الذهب، وقال الذي له الأرض إنما بعتك الأرض
وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال
أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحا الغلام الجارية
وأنفقا على أنفسهما منه وتصدقا " متفق عليه.
1827 وعنه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت
لصاحبتها إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك، فتحاكما
إلى داود صلى الله عليه وسلم فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان ابن داود صلى الله عليه وسلم
708

فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل
رحمك الله هو ابنها! فقضى به للصغرى " متفق عليه.
1828 وعن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حثالة كحثالة الشعير أو
التمر لا يباليهم الله بالة " رواه البخاري.
1829 وعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: " من أفضل
المسلمين " أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
رواه البخاري.
1830 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
" إذا أنزل الله تعالى بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم " متفق عليه.
1831 وعن جابر رضي الله عنه قال:
كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم (يعني في الخطبة) فلما وضع المنبر
709

سمعنا للجذع مثل صوت العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه
وفي رواية: فوضع عليه فسكن.
وفي رواية: فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر
فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق.
وفي رواية: فصاحت صياح الصبي، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمها
إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت قال: " بكت على ما كانت
تسمع من الذكر " رواه البخاري.
1832 وعن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها،
وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان
فلا تبحثوا عنها " حديث حسن رواه الدارقطني وغيره.
1833 وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال:
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد.
وفي رواية: نأكل معه الجراد. متفق عليه.
1834 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
710

" لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " متفق عليه.
1835 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب
أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا
سلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير
ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم
يعطه منها لم يف " متفق عليه.
1836 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" بين النفختين أربعون " قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت.
قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. " ويبلى كل شئ
من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق، ثم ينزل الله من السماء
ماء فينبتون كما ينبت البقل " متفق عليه.
1837 وعنه رضي الله عنه قال
بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم بل لم
يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: " أين السائل عن الساعة؟ " قال: ها أنا يا
رسول الله، قال: " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " قال: كيف إضاعتها؟ قال:
711

" إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " رواه البخاري.
1838 وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم "
رواه البخاري.
1839 وعنه رضي الله عنه
* (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * قال: خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
رواه البخاري.
1840 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" عجب الله عز وجل من قوم يدخلون الجنة في السلاسل " رواه البخاري.
ومعناه: يؤسرون ويقيدون ثم يسلمون فيدخلون الجنة.
1841 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها "
رواه مسلم.
1842 وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه من قوله قال:
لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها،
712

فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته. رواه مسلم هكذا.
ورواه البرقاني في صحيحه عن سلمان قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فيها باض
الشيطان وفرخ ".
1843 وعن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال قلت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله غفر الله لك. قال: " ولك " قال عاصم فقلت له: أستغفر لك
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولك ثم تلا هذه الآية * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين
والمؤمنات) *
(محمد: 19) رواه مسلم.
1844 وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي: إذا لم تستح فاصنع
ما شئت " رواه البخاري.
1845 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء " متفق عليه.
1846 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
713

" خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما
وصف لكم " رواه مسلم.
1847 وعنها رضي الله عنها قالت:
كان خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن. رواه مسلم في جملة حديث طويل.
1848 وعنها رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " فقلت:
يا رسول الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت؟ قال: " ليس كذلك، ولكن المؤمن
إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن
الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه "
رواه مسلم.
1849 وعن أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت لأنقلب فقام معي ليقلبني،
فمر رجلان من الأنصار رضي الله عنهم فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " على
رسلكما إنها صفية بنت حيي " فقالا: سبحان الله يا رسول الله. فقال: " إن
الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما
شرا أو قال شيئا " متفق عليه.
1850 وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال:
714

شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون
والمشركون ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا
آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي عباس ناد أصحاب السمرة " قال
العباس وكان رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ فوالله لكأن عطفتهم
حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، فاقتتلوا هم والكفار،
والدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني
الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: " هذا حين حمي الوطيس " ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمي بهن وجوه الكفار،
ثم قال: " انهزموا ورب محمد " فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى،
فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا. رواه مسلم.
" الوطيس ": التنور، ومعناه: اشتدت الحرب. وقوله " حدهم " هو بالحاء المهملة:
أي بأسهم.
1851 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أيها الناس إن الله طيب لا يقبل طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر
به المرسلين، فقال تعالى (المؤمنون 51): * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا
صالحا) *. وقال تعالى (البقرة 171): * (يا أيها الذين آمنوا كلوا من
715

طيبات ما رزقناكم) *. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث
أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام
وملبسه حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك؟ " رواه مسلم.
1852 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم
عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر " رواه مسلم.
" العائل ": الفقير.
1853 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة " رواه مسلم.
1854 وعنه رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال:
" خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق
الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء،
وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم صلى الله عليه وسلم بعد العصر من يوم الجمعة في
آخر الخلق في آخر ساعة من النار فيما بين العصر إلى الليل " رواه مسلم.
1855 وعن أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه قال:
716

لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية "
رواه البخاري.
1856 وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم
واجتهد فأخطأ فله أجر " متفق عليه.
1857 وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " متفق عليه.
1858 وعنها رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من مات وعليه صوم صام عنه وليه " متفق عليه.
والمختار جواز الصوم عمن مات وعليه صوم لهذا الحديث، والمراد بالولي: القريب وارثا
كان أو غير وارث.
1859 وعن عوف بن مالك بن الطفيل
أن عائشة رضي الله عنها حدثت أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال في بيع أو عطاء
أعطته عائشة رضي الله عنها: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، قالت: أهو قال
هذا؟! قالوا نعم، قالت: هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا، فاستشفع ابن الزبير إليها
حين طالت الهجرة، فقالت: لا والله لا أشفع فيه أبدا! ولا أتحنث إلى نذري، فلما طال ذلك
على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وقال لهما:
717

أنشدكما الله لما أدخلتماني على عائشة رضي الله عنها فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي،
فأقبل به المسور وعبد الرحمن حتى استأذنا على عائشة فقالا: السلام عليك ورحمة الله
وبركاته أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم ادخلوا كلكم، ولا تعلم
أن معهما ابن الزبير، فلم دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة رضي الله عنها
وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا كلمته وقبلت منه،
ويقولان أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عما قد عملت من الهجرة، ولا يحل لمسلم أن
يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت
تذكرهما وتبكي وتقول: إني نذرت والنذر شديد، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير،
وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها
خمارها. رواه البخاري.
1860 وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى قتلى أحد فصلي عليهم بعد ثمان سنين
كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع إلى المنبر فقال:
" إن بين أيديكم فرط وأنا شهيد عليكم، وإن موعدكم الحوض،
وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، ألا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا
718

ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها " قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
وفي رواية: " ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا
فيها، وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم " قال عقبة فكانت آخر ما رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.
وفي رواية قال: " إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم،
وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض
أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف
عليكم أن تنافسوا فيها ".
والمراد بالصلاة على قتلى أحد الدعاء لهم لا الصلاة المعروفة.
1861 وعن أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري رضي الله عنه قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت
الظهر فنزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطب حتى حضرت العصر ثم نزل
فصلى ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس فأخبرنا ما كان وما هو كائن،
فأعلمنا أحفظنا. رواه مسلم.
719

1862 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه "
رواه البخاري.
1863 وعن أم شريك رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بقتل الأوزاغ وقال: " كان ينفخ على إبراهيم عليه
السلام " (2)
متفق عليه.
1864 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في
الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولي، وإن قتلها في الضربة
الثالثة فله كذا وكذا حسنة "
وفي رواية: " من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة
حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك " رواه مسلم.
قال أهل اللغة: الوزغ: العظام من سام أبرص.
1865 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق
720

فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق! فقال اللهم لك الحمد لأتصدقن بصدقة فخرج
بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة
على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة،
فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غني!
فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل
له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية
فلعلها تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما آتاه الله "
رواه البخاري بلفظه ومسلم بمعناه.
1866 وعنه رضي الله عنه قال
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة
وقال:
" أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين
والآخرين في صعيد واحد فينظرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو
منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون،
فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع
لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض أبوكم آدم، فيأتونه فيقولون:
يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر
الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى إلى
ما نحن فيه وما بلغنا؟! فقال: إن ربي غضب غضبا لم يغضب قبله
721

مثله ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي، نفسي،
نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون:
يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا،
ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! ألا ترى إلى ما بلغنا؟! ألا تشفع لنا إلى ربك؟
فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده
مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي، نفسي، نفسي
اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون:
يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك،
ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيقول لهم: إن ربي غضب اليوم غضبا لم
يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث
كذبات، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس،
اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيقول: إن ربي غضب
اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت
722

نفسا لم أومر بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى
عيسى. فيأتون عيسى فيقولون:
يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس
في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيقول عيسى: إن ربي قد
غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر بعده ذنبا،
نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ".
وفي رواية: " فيأتوني فيقولون
يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فأنطلق
فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي، ثم يفتح الله علي من محامده
وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال:
يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه واشفع تشفع، فأرفع رأسي
فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب أمتي يا رب. فيقال: يا محمد أدخل من أمتك
من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما
سوى ذلك من الأبواب " ثم قال: " والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين
من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى "
متفق عليه.
723

1867 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
جاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم بأم إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى
وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ
أحد وليس بها ماء، فوضعهما هناك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء
فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت:
يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا
شئ؟ فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك
بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذا لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم
صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم
دعا بهؤلاء الدعوات فرفع يديه فقال: * (رب إني أسكنت من ذريتي
بواد غير ذي زرع) * حتى بلغ * (يشكرون) * (إبراهيم 37)
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا
نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو
قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل
في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا
فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف
724

درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت
المروة فقامت عليها فنظرت هل تر أحدا فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فلذلك سعي الناس بينهما "
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت صه (تريد نفسها) ثم تسمعت
فسمعت أيضا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك
عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء، فجعلت
تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف الماء في سقائها وهو يفور بعد
ما تغرف. وفي رواية: بقدر ما تغرف.
قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أم إسماعيل لو تركت
زمزم " أو قال: " لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا " قال
فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة فإن ههنا
725

بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا
من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، فكانت
كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من
طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا فقالوا: إن هذا
الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء! فأرسلوا جريا أو
جريين فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم، فأقبلوا وأم إسماعيل عند
الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم ولكن لا حق لكم
في الماء، قالوا: نعم.
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فألفي ذلك أم إسماعيل وهي تحب
الأنس، فنزلوا فأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كانوا بها أهل
أبيات وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين
شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم
726

بعد ما تزوج إسماعيل، يطالع تركته فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه
فقالت: خرج يبتغي لنا، وفي رواية: يصيد لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم،
فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، وشكت إليه، قال: فإذا جاء
زوجك اقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل
كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا
وكذا فسألنا عنك فأخبرته، فسألني: كيف عيشنا فأخبرته أنا في
جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشئ؟ قالت نعم أمرني أن أقرأ عليك
السلام ويقول: غير عتبة بابك.
قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك. فطلقها
وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم
يجده فدخل على امرأته فسأل عنه، قالت خرج يبتغي لنا، قال:
كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسعة وأثنت
على الله تعالى، فقال: ما طعامكم؟ قالت اللحم، قال: فما شرابكم؟
قالت الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه " قال:
فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه.
727

وفي رواية:
فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد، فقالت
امرأته: ألا تنزل فتطعم وتشرب؟ قال: وما طعامكم وما شرابكم؟
قالت: طعامنا اللحم وشرابنا الماء. قال: اللهم بارك لهم في طعامهم
وشرابهم. قال: فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم:
قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه أن يثبت عتبة
بابه. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا
شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف
عيشنا فأخبرته أنا بخير. قال: فأوصاك بشئ؟ قالت نعم يقرأ عليك
السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة أمرني
أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري
نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع
الوالد بالولد والولد بالوالد،
ثم قال: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك ربك،
قال وتعينني؟ قال وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني بيتا ههنا
وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفع القواعد من
البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع
728

البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله
الحجارة وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
[البقرة 2 / 127]
وفي ر واية: إن إبراهيم خرج بإسماعيل وأم إسماعيل معهم
شنة فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على
صبيها حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله
فاتبعته أم إسماعيل، حتى لما بلغوا كداء نادته من ورائه: يا إبراهيم إلى
من تتركنا؟! قال إلى الله، قالت رضيت بالله، فرجعت وجعلت تشرب
من الشنة ويدر لبنها على صبيها حتى لما فني الماء قالت لو ذهبت
فنظرت لعلي أحس أحدا. قال: فذهبت فصعدت الصفا، فنظرت ونظرت
هل تحس أحدا فلم تحس أحدا، فلما بلغت الوادي سعت وأتت
المروة وفعلت ذلك أشواطا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل الصبي،
فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت، فلم تقرها نفسها،
فقالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا، فذهبت فصعدت الصفا
فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا حتى أتمت سبعا، ثم قالت: لو ذهبت
فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت فقالت: أغث إن كان عندك خير، فإذا
جبريل صلى الله عليه وسلم فقال بعقبه هكذا وغمز بعقبه على الأرض فانبثق الماء
729

فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفن " وذكر الحديث بطوله.
رواه البخاري بهذه
الروايات كلها.
" الدوحة ": الشجرة الكبيرة. قوله " قفي ": أي ولي. و " الجري ": الرسول.
و " ألفي " معناه: وجد. قوله " ينشغ ": أي يشهق.
1868 وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين " متفق عليه.
730

كتاب الاستغفار [ونعيم المؤمنين في الآخرة]
[1869 1896]
* 2 * 371 باب فضل الاستغفار والامر به] [1896 1879]
قال الله تعالى (محمد 19): * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) *.
وقال تعالى (النساء 106): * (واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما) *. وقال
تعالى (النصر 3): * (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) *. وقال
تعالى (آل عمران 15): * (للذين اتقوا عند ربهم جنات) * إلى قوله عز وجل
* (والمستغفرين بالأسحار) *. وقال تعالى (النساء 110): * (ومن يعمل
سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) *.
وقال تعالى (الأنفال 33): * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون) *. وقال تعالى (آل عمران 135): * (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا
أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على
ما فعلوا وهم يعلمون) *.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1869 وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
731

" إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " رواه مسلم.
1870 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "
رواه البخاري.
1871 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم
يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم " رواه مسلم.
1872 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس مائة مرة " رب اغفر لي وتب علي
إنك أنت التواب الرحيم " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
1873 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم
فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود.
1874 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه،
732

غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف "
رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم.
1875 وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر
ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر
الذنوب إلا أنت، من قالها في النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن
يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن
يصبح فهو من أهل الجنة " رواه البخاري.
" أبوء " بباء مضمومة ثم واو وهمزة ممدودة ومعناه: أقر وأعترف.
1876 وعن ثوبان رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: " اللهم
أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام "
قيل للأوزاعي، وهو أحد رواته: كيف الاستغفار؟ قال: يقول أستغفر الله أستغفر الله.
رواه مسلم.
1877 وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل موته: " سبحان الله وبحمده، أستغفر
الله وأتوب إليه " متفق عليه.
733

1878 وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما
كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض
خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة "
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
" عنان السماء " قيل هو: السحاب، وقيل هو: ما عن لك منها: أي
ظهر. و " قراب الأرض " بضم القاف، وروي بكسرها والضم أشهر وهو: ما يقارب ملأها.
1879 وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر
أهل النار " قالت امرأة منهن: ما لنا أكثر أهل النار؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن
العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن " قالت: ما
ناقصات العقل والدين؟ قال: " شهادة امرأتين بشهادة رجل، وتمكث الأيام
لا تصلي " رواه مسلم
734

372 باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في ا لجنة
قال الله تعالى (الحجر 45): * (إن المتقين في جنات وعيون، ادخلوها بسلام آمنين،
ونزعنا ما في صدورهم من غل، إخوانا على سرر متقابلين، لا يمسهم فيها
نصب وما هم منها بمخرجين) *.
وقال تعالى (الزخرف 68 73): * (يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون، الذين
آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين، ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون،
يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ
الأعين وأنتم فيها خالدون، وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون،
لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون) *
وقال تعالى (الدخان 51 57): * (إن المتقين في مقام أمين، في جنات وعيون، يلبسون من
سندس وإستبرق متقابلين، كذلك وزوجناهم بحور عين، يدعون
فيها بكل فاكهة آمنين، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولي، ووقاهم
عذاب الجحيم، فضلا من ربك، ذلك هو الفوز العظيم) *.
735

وقال تعالى (المطففين 22 28): * (إن الأبرار لفي نعيم، على الأرائك ينظرون، تعرف في
وجوههم نضرة النعيم، يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسك وفي
ذلك فليتنافس المتنافسون، ومزاجه من تسنيم، عينا يشرب بها
المقربون) *.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1880 وعن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون
ولا يبولون، ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك، يلهمون
التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس " رواه مسلم.
1881 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: * (فلا تعلم نفس
736

ما أخفي لهم من قرة أعين) * (السجدة 17)
متفق عليه.
1882 وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم
على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون
ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك
ومجامرهم الألوة (عود الطيب) أزواجهم الحور العين، على خلق رجل
واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء " متفق عليه.
وفي رواية للبخاري ومسلم: " آنيتهم فيها الذهب ورشحهم
المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من
الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله
بكرة وعشيا ".
قوله " على خلق رجل " رواه بعضهم بفتح الخاء وإسكان اللام وبعضهم بضمهما
وكلاهما صحيح.
1883 وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
737

" سأل موسى صلى الله عليه وسلم ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل
يجئ بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي
رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى
أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب،
فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة رضيت
رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت
عينك. فيقول: رضيت رب. قال: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك
الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم
يخطر على قلب بشر " رواه مسلم.
1884 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا الجنة:
رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل
الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها
ملأى. فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه
أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول الله عز وجل
له: اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، أو إن لك مثل
عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي أو تضحك بي وأنت الملك "
قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه فكان يقول: " ذلك أدني
أهل الجنة منزلة " متفق عليه.
738

1885 وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء
ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن ولا يري بعضهم
بعضا " متفق عليه.
" الميل ": ستة آلاف ذراع.
1886 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة سنة
ما يقطعها " متفق عليه.
وروياه في الصحيحين أيضا من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها ".
1887 وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أهل الجنة ليتراءون
أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب
الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم " قالوا:
يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: " بلى والذي نفسي بيده
رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " متفق عليه.
739

1888 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس أو تغرب "
متفق عليه.
1889 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن في الجنة سوقا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال
فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى
أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم
حسنا وجمالا. فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا "
رواه مسلم.
1890 وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب في
السماء " متفق عليه.
1891 وعنه رضي الله عنه قال
شهدت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهي ثم قال في آخر حديثه:
740

" فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قبل بشر " ثم قرأ
* (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) * إلى قوله تعالى * (فلا تعلم نفس ما
أخفي لهم من قرة أعين) * (السجدة 17) رواه البخاري.
1892 وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
" إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد: إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا
أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا
أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا " رواه مسلم.
1893 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أدني مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له تمن فيتمنى ويتمنى،
فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله
معه " رواه مسلم.
1894 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يأهل الجنة، فيقولون: لبيك
ربنا وسعديك والخير في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما
لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول:
741

ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شئ أفضل من ذلك؟ فيقول:
أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " متفق عليه.
1895 وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر وقال:
" إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون في
رؤيته " متفق عليه.
1896 وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا
أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من
النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى
ربهم " رواه مسلم.
قال الله تعالى (يونس 9، 10): * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم
تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم، دعواهم فيها: سبحانك اللهم،
وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) *.
[يونس 10 / 9، 10]
* 2 * [خاتمة المؤلف]
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه
742

وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي
وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في
العالمين إنك حميد مجيد.
قال مؤلفه: يحي النواوي غفر الله له: " فرغت منه يوم الاثنين رابع عشر رمضان، سنة سبعين
وست مئة.
743

الخاتمة
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وبكر مه ومنه تنال المكرمات، وبإنعامه
وتوفيقه تؤدى عظائم المهمات، وبالاتكال عليه وحده تنجز الجلائل من الأعمال
المباركات.
وصلوات الله وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه
وذريته وإخوانه ومن تعبهم بإحسان إلى يوم الدين.
هذا وقد فرغت من تحقيق كتاب رياض الصالحين للامام المحدث أبي زكريا محيي
الدين يحيى النووي، وشرحي له الذي سميته " كنوز الباحثين " في دمشق الشام يوم
الجمعة الواقع في 30 / شوال 1407 ه‍ الموافق 26 حزيران 1987 م راجيا من الله تعالى
وحده، حسن القبول، إنه أكرم مسؤول، وفي ذلك أقول:
يا أخي هذا " رياض الصالحين " * من أحاديث إمام المرسلين
اجتبى منهما النواوي غررا * ناظما منها لآلي المتقين
وجلا أنوارها " أحمد * راتب حموش " بايضاح مبين
في كتاب متنه للنووي * وحواشيه " كنوز الباحثين "
واحتوى فهارسا شاملة * ثورة للباحثين الدائبين
تم سفرا رائع الحلة في * تم شوال بهجري السنين
في دمشق الشام ما أفضلها * من بلاد عند رب العالمين
حلها الشيخ النواوي علما * ليس ينسى فضله في المسلمين
بعلوم قل فيها مثله * عصره، أو في عصور التابعين
744

رب، فانفع كل من يقرؤها * بجزيل الخير في دنيا ودين
رب، واجمعنا به في جنة * تحت ظل العرش مثوى السابقين
في رياض نلتقي محمدا * سيدا الخلق، شفيع المؤمنين
ينعم الله علينا فنرى * وجهه الأكرم، حظ المخلصين
فإذا شئت، أخي، منزلة * عند ذي العرش وسلطان متين
فاعبد الله بصدق وتقى * وتزود من (رياض الصالحين)
دمشق الشام 30 شوال 1407 ه‍
26 حزيران 1987 م
أحمد راتب حموش
745

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة لابد منها:
أخي القارئ: سلام الله عليك ورحمته وبركاته وبعد:
فها أنت الان قد فرغت مع الامام النووي من قراءة كتابه (رياض الصالحين)
حديث سيد المرسلين)، وأفدت ولا شك من مطالعة شرحه (كنوز الباحثين)،
ولكنك لا تزال بحاجة ماسة، ليتم انتفاعك الكامل بما قرأت، إلى معرفة سير أولئك
الذين دارت حولهم وبينهم أحاديث الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه وبركاته
عليه، وهم الذين حملوا هذه الثمار اليانعة إلينا، وإلى الناس كافة إلى يوم الدين،
بأمانة وصدق وتوثيق كامل يفخر به التاريخ كله، ويعده نموذجا فريدا في التحقيق
العلمي يجب الاقتداء به في كل عمل علمي، يراد الانتفاع منه وأداؤه بحق إلى العالم
أجمع.
ولما كان إنسان اليوم ولا سيما في البلدان النامية يعرف من تاريخ الأمم المتقدمة
حاليا وسير رجالها أكثر مما يعرفه عن تاريخ أمته ورجالها، عمدت إلى إعطاء تراجم
موجزة لكل علم ورد في متن الكتاب وقد كان القدامي ولا سيما من كانوا في عصر
الامام النووي، لا يحتاجونه لثقافتهم الموسوعية الكبيرة التي شغلنا عنها بكثير مما
لا يجدينا ولا يغنينا أي غناء في الحياة الدنيا أو الآخرة لعل في ذلك ما يكون فيه
النفع الكبير إن شاء الله تبارك وتعالى.
وهذه التراجم على بساطتها لا يستغني عنها قارئ راغب في تدبر أحاديث الرسول
746

الكريم صلى الله عليه وسلم التدبر الحسن الذي يصور البيئة والواقع، فيعيش مع الرسول الكريم في
عصره، ومع النص متمثلا لكل جوانبه على أحسن وجه.
هذا وقد ذكرت في المقدمة ما قمت بصنعه من فهارس موسوعية شاملة لابد منها
لكل قارئ تسهل له الاطلاع على ما قيل في أي موضوع يهتم به من آيات الكتاب
العزيز أو أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الواردة في متن الرياض.
فإذا كنت راغبا في الاطلاع على ما قيل في الجهاد مثلا، فما عليك إلا أن تفتح
الفهرس المعجمي الشامل لأحاديث الكتاب على مادة (جهد) بحسب أحدث الطرق
العلمية في الترتيب الهجائي المعروف في تأليف المعجمات الحديثة، لتجد ضالتك في
أجزاء من الأحاديث وردت فيها الكلمة المطلوبة، فتعود إلى الأحاديث الكاملة في متن
الكتاب، تطالعها فترتاح نفسك لبلوغك ما تريد.
وكذلك إذا أردت أن تعلم أن راويا ما، أو شخصا بذاته، أو مكانا بعينه، أو
قبيلة أو أمة، قد ورد ذكرها في الرياض، وما الأحاديث الشريفة المقولة في ذلك،
فما عليك إلا أن تفتح الفهرس المخصص لها، والمذكورة أبوابه في مسرد الفهارس العام
بعد هذه الكلمة مباشرة لتصل إلى غايتك وطلبك.
وهذا ما لا يستغني عنه قارئ فضلا عن عالم أو محقق.
وقد جعلت هذه التراجم والفهارس في مجلد مستقل ليتم انتفاع القارئ بها، فهو
حين يقرء الأحاديث لا يغلق مجلد المتن الذي يقرؤها فيه، ليطلع على ترجمة العلم
المذكور، إنما يفتح المجلد الاخر مباشرة ليجد بغيته، ويجمع من خلال ذلك بين إدراك
معنى الحديث الشريف وفهم بيئته ورجاله، وهذا لا يغني فيه الفهرس العالم للكتب
والأبواب والموضوعات الذي ذيلنا به هذا المجلد مسبوقا بالمسرد العام لفهارس الكتاب،
فكم من مسألة وردت في الأحاديث الشريفة المذكورة، يحتاج إليها المرء، لم يرد لها
ذكر في ذلك الفهرس العام، وما أكثر حاجتنا إليها، وما أشد ولعنا بالبحث عنها،
وقد يسرتها للقارئ الكريم بأيسر السبل وأقل العناء تلك الفهارس الشاملة للآيات
الكريمة والأحاديث القدسية والمتفق عليها إلى غير ذلك مما هو مذكور في صفحة المسرد
العالم لفهارس الكتاب.
فإلى المجلد الاخر من هذا الكتاب، وما فيه من تراجم جميع الاعلام الواردة في
متنه، وجميع الفهارس التي لا يستغني عنها قارئ، ويدلك عليها المسرد العالم لفهارس
الكتاب المذكور بعد هذه الكلمة مباشرة
والله نأمل أن يجعل عملنا خالصا لوجهه وأن يحقق منه النفع لكل قارئ، وأن
يدخر للمؤلف والشارح المحقق والدار الناشرة ثوابه عنده.
إنه أكرم مسؤول. والحمد لله رب العالمين.
747