الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ٤
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية شرح بداية
1

الطبعة الأولى
1415 ه‍ - 1995 م
طبع. نشر. توزيع - دار الحديث
2

الهداية
شرح بداية المبتدي
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع نصب الراية
تخريج أحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء الرابع
دار الحديث
القاهرة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب العتق
الحديث الأول قال عليه السلام أيما مسلما أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه
عضوا منه من النار قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سعيد بن مرجانة عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما استنقذ الله بكل
عضو منه عضوا منه من النار انتهى وفي لفظ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو
منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج انتهى أخرجه الترمذي في
الايمان والنذور وابن ماجة في الاحكام والباقون في العتق
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن شرحبيل بن السمط عن كعب بن
مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار وأيما امرأة أعتقت
5

امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار زاد أبو داود وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين
إلا كانتا فكاكه من النار يجزئ مكان كل عظمين منهما عظم من عظامه مختصر
حديث آخر أخرجه الترمذي عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار يجزئ كل عضو منه عضوا
منه وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزئ كل عضو
منهما عضوا منه انتهى وقال حديث حسن صحيح غريب قال وفقه الحديث أن عتق
الذكور أفضل من عتق الإناث انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لا عتق فيما لا يملك بن آدم قلت أخرجه
أبو داود والترمذي في الطلاق عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتقا له فيما لا يملك
ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو أحسن
شئ روى في هذا الباب واختصره بن ماجة بقصة الطلاق
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن سليمان بن أبي سليمان عن يحيى
6

بن أبي كثير عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر إلا فيما أطيع
الله فيه ولا يمين في غضب ولا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك انتهى وذكره عبد
الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال إسناده ضعيف قال بن القطان وعلته سليمان بن أبي
سلمان فإنه شيخ ضعيف الحديث قاله أبو حاتم الرازي انتهى
وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يصح وسليمان بن أبي سليمان هو سليمان بن داود
اليمامي متفق على ضعفه قال بن معين ليس بشئ وقال البخاري منكر
الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى الله تبارك وتعالى
7

حديث آخر رواه بن مردويه في تفسيره حدثنا دعلج بن أحمد ثنا محمد بن
إبراهيم القوشجي ثنا عبد الله بن يزيد أبو بكر الدمشقي ثنا صدقة بن عبد الله الدمشقي
أبو معاوية حدثني محمد بن المنكدر حدثني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول لا طلاق لما لا يملك بن آدم ولا عتق لما لا يملك انتهى وأخرجه أبو يعلى في
مسنده عن بن أبي ذئب عن عطاء عن جابر
8

الحديث الثالث قال عليه السلام من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه قلت
أخرجه النسائي في سننه عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم عتق انتهى قال النسائي
هذا حديث منكر ولا نعلم أحدا رواه عن سفيان غير ضمرة بن ربيعة الرملي انتهى
وقال الترمذي ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث وهو خطأ عند أهل الحديث
انتهى ورواه البيهقي وقال إنه وهم فاحش والمحفوظ بهذا الاسناد حديث النهي
عن بيع الولاء وعن هبته وضمرة بن ربيعة لم يحتج به صاحبا الصحيح انتهى وقال
عبد الحق في أحكامه تفرد به ضمرة بن ربيعة الرملي عن الثوري وضمرة ثقة
والحديث صحيح إذا أسنده ثقة ولا يضر انفراده به ولا إرسال من أرسله ولا وقف من
وقفه انتهى قال بن القطان وهذا الذي قاله أبو محمد هو الصواب ولو نظرنا
الأحاديث لم نجد منها ما روى متصلا ولم يرو من وجه آخر منقطعا أو مرسلا أو موقوفا
إلا القليل وذلك لاشتهار الحديث وانتقاله على ألسنة الناس قال فجعل ذلك علة في
الاخبار لا معنى له انتهى وقال المنذري في مختصر السنن وضمرة بن ربيعة هو
11

أبو عبد الله الفلسطيني وثقه يحيى بن معين وغيره ولم يخرجا له في الصحيح
كما قال البيهقي وقد حصل له في هذا الحديث وهم والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الرابع قال عليه السلام من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر قلت
أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر انتهى أخرجه أبو داود
عن موسى بن إسماعيل عن حماد وسعيد والباقون عن جماعة عن حماد قال أبو
داود لم يرو هذا الحديث إلا حماد بن سلمة وقد شك فيه فإن موسى بن إسماعيل قال
في موضع آخر عن سمرة فيما يحسب حماد وقد رواه شعبة مرسلا عن الحسن عن
النبي صلى الله عليه وسلم وشعبة أحفظ من حماد وقال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مسندا إلا من
12

حديث حماد بن سلمة وقال في علله الكبرى وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث فلم يعرفه عن الحسن عن سمرة إلا من حديث حماد بن سلمة ويروي عن
قتادة عن الحسن عن عمر انتهى قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن
هاشم عن بن أبي ليلى عن عبد الكريم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلا ورواه
البيهقي بسند السنن وقال إذا انفرد به حماد وشك فيه وخالفه من هو أحفظ منه
وجب التوقف فيه وقد أشار البخاري إلى تضعيفه وقال علي بن المديني هذا عندي
منكر انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بن حنبل به عن حماد
بن سلمة عن عاصم الأحول وقتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا وسكت عنه ثم
أخرجه عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن بن عمر مرفوعا
من ملك ذا رحم فهو حر انتهى وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
وشاهده الحديث الصحيح المحفوظ عن سمره بن جندب انتهى وقال صاحب
التنقيح وقد تكلم في هذا الحديث بسبب انفراد جماعه وشكه فيه ومخالفة
غيره ممن هو أثبت منه وقد أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد وذكر أبو داود
13

فيه عن سمره فيما يحسب حماد وقد رواه سعيد عن قتادة عن عمر بن الخطاب من
قوله وقتادة لم يدرك عمر وقد رواه الطحاوي من حديث الأسود عن عمر
موقوفا وقد روى من حديث بن عمر مرفوعا بإسناد مختلف فيه وروى بإسناد
ضعيف من حديث عائشة وبإسناد ساقط من حديث علي انتهى وموقوف عمر
أخرجه أبو داود والنسائي عن قتادة عن عمر قال من ملك ذا رحم محرم فهو حر
انتهى وأعل بأن قتادة لم يسمع من عمر فإن مولده بعد وفاة عمر بنيف وثلاثين سنه
والله أعلم
أحاديث الباب أخرج الدارقطني عن أشعث بن عطاف عن العرزمي عن أبي
النضر محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال جاء رجل بأخيه
فقال يا رسول الله إني أريد أن أعتق أخي هذا فقال إن الله أعتقه حين ملكته انتهى
قال الدارقطني العرزمي تركه بن المبارك وابن المهدى ويحيى القطان انتهى
وقال بن القطان والكلبي متروك أيضا وهو القائل كل ما حدثت به عن أبي صالح
فهو كذب انتهى وقال البيهقي هذا مما لا يحل الاحتجاج به لاجماعهم على تركه
رواية الكلبي والعرزمي وروى عن حفص بن أبي داود عن بن أبي ليلى عن عطاء عن
بن عباس وحفص ضعيف انتهى
14

الحديث الخامس قال عليه السلام في عبيد الطائف حين خرجوا إليه مسلمين هم
عتقاء الله قلت أخرجه أبو داود في الجهاد والترمذي في المناقب عن بن
إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن علي واللفظ
لأبي داود قال خرج عبدان إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح فقال مواليهم
يا محمد والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هربا من الرق فقال ناس
صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما أراكم تنتهون
15

يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا وأبى أن يردهم
وقال هم عتقاء الله سبحانه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب
لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي ورواه الحاكم في المستدرك
في الجهاد وقال صحيح على شرط مسلم انتهى قال الواقدي في غزوة
الطائف من كتاب المغازي وحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه
فذكره إلى أن قال ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أيما عبد نزل من الحصن إلينا فهو
حر فنزل أبو بكرة واسمه نفيع وكان عبدا للحارث بن كلدة نزل في بكرة من
الحصن فلذلك سمى بأبي بكره ووردان عبد لعبد الله بن ربيعه الثقفي والمنبعث عبد
لعثمان بن عامر والأزرق عبد لكلدة الثقفي ويحنس النبال عبد ليسار بن مالك
وإبراهيم بن جابر عبد لخوشة الثقفي ويسار عبد لعثمان بن عبد الله ونافع عبد لغيلان
بن سلمه ومرزوق عبد لعثمان كل هؤلاء أعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع كل واحد
منهم لرجل من المسلمين يمونه ويقرئه ويعلمه الشريعة وكان أبو بكرة إلى عمرو بن
سعيد بن العاص فلما أسلمت ثقيف تكلموا في هؤلاء أن يردوا إلى الرق فقال عليه
السلام أولئك عتقاء الله لا سبيل إليهم مختصر
حديث آخر رواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وابن أبي شيبه
في مصنفه والطبراني في معجم عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن مقسم عن
بن عباس أن عبدين خرجا من الطائف فأسلما فأعتقهما النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما أبو بكرة
انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه في الجهاد حدثنا معمر عن عاصم بن
سليمان ثنا أبو عثمان النهدي عن أبي بكره أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر
أهل الطائف بثلاثة وعشرين عبدا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين يقال لهم العتقاء
انتهى
حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في المراسيل عن عبد الله بن عبد الرحمن
الطائفي عن عبد ربه بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف خرج إليه أرقاء من
16

أرقائهم فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أسلم مواليهم بعد ذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم
الولاء إليهم انتهى
قال بن القطان في كتابه وعبد ربه بن الحكم لا يعرف حاله ولا يعرف روى
عنه إلا الذي روى عنه هذا المرسل وهو عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي انتهى
حديث آخر مرسل أخرجه البيهقي عن بن إسحاق عن عبد الله بن مكرم الثقفي
عن النبي صلى الله عليه وسلم في من خرج إليه من عبيد الطائف ثم وفد أهل الطائف فأسلموا فقالوا
يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال لا أولئك عتقاء الله ورد على كل رجل
ولاء عبده انتهى كلامه
باب العبد يعتق بعضه
الحديث السادس قال عليه السلام في الرجل يعتق نصيبه إن كان غنيا وإن
17

كان فقيرا سعى العبد في حصة الآخر قلت أخرجه الأئمة الستة عن سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال
استسعى العبد غير مشقوق عليه انتهى أخرجه البخاري في العتق والشركة
18

ومسلم في العتق وفي النذور وأبو داود في العتق والترمذي وابن ماجة
في الاحكام والنسائي في سننه الكبرى في العتق وألفاظهم فيه متقاربة وفي
لفظ في الصحيحين ويستسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه انتهى
قال أبو داود ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة ولم يذكر السعاية ورواه
جرير بن حازم وموسى بن خلف عن قتادة فذكرا فيه السعاية انتهى وقال
الترمذي روى شعبة عن قتادة هذا الحديث ولم يذكر فيه أمر السعاية انتهى وقال
النسائي أثبت أصحاب قتادة شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وقد
اتفق شعبة وهشام على خلاف سعيد بن أبي عروبة وروايتهما أولى بالصواب
عندنا وقد بلغني أن هماما روى هذا الحديث عن قتادة فجعل الكلام الأخير وإن
لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه قول قتادة انتهى وقال عبد الرحمن
بن مهدي أحاديث همام عن قتادة أصح من حديث غيره لأنه كتبها إملاء وقال
19

الدارقطني روى هذا الحديث شعبة وهشام عن قتادة وهما أثبت فلم يذكرا فيه
الاستسعاء ووافقهما همام وفصل الاستسعاء من الحديث فجعله من رأى قتادة قال
وسمعت أبا بكر النيسابوري يقول ما أحسن ما رواه همام وضبطه فصل قول النبي صلى الله عليه وسلم
من قول قتادة ورواه بن أبي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة فجعلا الاستسعاء من
قول النبي صلى الله عليه وسلم وأحسبهما وهما فيه لمخالفة شعبة وهشام وهمام إياهما انتهى
وقال الخطابي اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية فمرة يذكرها ومرة لا
20

يذكرها فدل على أنها ليست من متن الحديث عنده وإنما هو من كلام قتادة وتفسيره
على ما ذكره همام وبينه ويدل على صحة ذلك حديث بن عمر رواه الأئمة الستة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد
قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما
عتق انتهى قلت في لفظ للبخاري قال أيوب لا أدري من قول نافع أو في
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله فقد عتق منه ما عتق وفي لفظ قال من
أعتق شركا له في مملوك وجب عليه أن يعتق كله إن كان له مال قدر ثمنه ويعطي
شركاءه حصصهم ويخلي سبيل المعتق انتهى ذكره في الشركة وقال
البيهقي فقد اجتمع ههنا شعبة مع فضل حفظه وعمله بما سمع قتادة وما لم يسمع
وهشام مع فضل حفظه وهمام مع صحة كتابته وزيادة معرفته بما ليس من الحديث على
21

خلاف بن أبي عروبة ومن تابعه من إدارج السعاية في الحديث وفي هذا ما يضعف
ثبوت الاستسعاء بالحديث وذكر أبو بكر الخطيب أن أبا عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد
المقري رواه عن همام وزاد فيه ذكر الاستسعاء وجعله من قول قتادة وميزه من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد حمل بعض أهل العلم السعاية
المذكورة في الحديث على استسعاء العبد عند إعسار الشريك باختيار العبد دون إجباره
عليه بدليل قوله غير مشقوق عليه وفي إجباره على السعي في قيمته وهو لا يريده
مشقة عظيمة انتهى وقال صاحب التنقيح وقد تكلم جماعة من الأئمة في
حديث سعيد هذا وضعفوا ذكر الاستسعاء وقالوا الصواب أن ذكر الاستسعاء من
رأى قتادة كما رواه همام عنه فجعله من قوله وفي قول هؤلاء الأئمة نظر فإن سعيد
بن أبي عروبة من الاثبات في قتادة وليس هو بدون همام وقد تابعه جماعة على ذكر
الاستسعاء ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم جرير بن أبي حازم وأبان بن يزيد العطار
22

وحجاج بن حجاج وموسى بن خلف وحجاج بن أرطاة ويحيى بن صبيح
الخراساني انتهى
أحاديث الباب روى الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا أحمد بن محمد
بن يحيى بن حمزة حدثني أبي عن أبيه قال زعم أبو معبد حفص بن غيلان عن
سليمان بن موسى عن نافع عن بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركاء وله وفاء فهو حر وضمن نصيب شركائه بقيمة
23

عدل فإن لم يكن له شئ استسعى العبد انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن داود بن الزبرقان عن يحيى بن
سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من أعتق شقصا له
من رقيق فإن عليه أن يعتق بقيته فإن لم يكن له مال استسعى العبد انتهى وأعله بداود
بن الزبرقان وضعفه عن بن معين والنسائي ثم قال وهو من جملة الضعفاء الذين
يكتب حديثهم انتهى
24

باب التدبير حديث قال عليه السلام في المدبر لا يباع ولا يوهب ولا يورث وهو حر
من الثلث قلت أخرجه الدارقطني بنقص ولا يورث من رواية عبيدة بن حسان عن
أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر لا يباع ولا يوهب
35

وهو حر من من ثلث المال انتهى قال الدارقطني لم يسنده غير عبيدة بن حسان
وهو ضعيف وإنما هو عن بن عمر من قوله وأخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن ظبيان
ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر من
الثلث انتهى وعلي بن ظبيان ضعيف قال الدارقطني في علله هذا حديث
يرويه عبيد الله بن عمر وأيوب واختلف عنهما فرواه علي بن ظبيان عن عبيد الله
عن نافع عن بن عمر مرفوعا وغير بن ظبيان يرويه موقوفا ورواه عبيدة بن حسان
عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا وغير عبيدة بن حسان يرويه موقوفا والموقوف
أصح انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن
ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر
من الثلث فقال أبو زرعة هذا حديث باطل قال بن أبي حاتم ورواه خالد بن
الياس عن نافع عن بن عمر قال المدبر من الثلث من قوله انتهى وقال بن
القطان في كتابه عبيدة هذا قال فيه أبو حاتم منكر الحديث وأبو معاوية عمرو بن
عبد الجبار الجزري راويه عنه مجهول الحال وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن
عمر من قوله وهو الصحيح لثقة حماد وضعف عبيدة انتهى
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا
من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال من
36

يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه قال عمرو سمعت
جابرا يقول عبدا قبطيا مات عام أول انتهى وأخرجه النسائي وقال فيه وكان
محتاجا كان عليه دين فباعه عليه السلام بثمانمائة درهم وقال اقض بها دينك ووقع
في لفظ للترمذي والدارقطني أنه مات ولم يترك مالا غيره فباعه عليه السلام في
دينه قال أبو بكر النيسابوري هذا خطأ والصحيح أن سيد العبد كان حيا يوم بيع
المدبر انتهى
حديث آخر موقوف رواه مالك في الموطأ من رواية القعنبي عنه عن محمد
بن عبد الرحمن بن حارثة أبي الرجال عن عمرة عن عائشة أنها مرضت فتطاول
مرضها فذهب بنو أخيها إلى رجل فذكروا له مرضها فقال إنكم تخبروني خبر
امرأة مطبوبة قال فذهبوا ينظرون فإذا جارية لها سحرته وكانت قد دبرتها
فدعتها ثم سألتها ماذا أردت قالت أردت أن تموتي حتى أعتق قالت فإن الله علي
أن تباعي من أشد العرب ملكة فباعتها وأمرت بثمنها فجعل فمثلها انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الطب وقال صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه انتهى ولنا عن ذلك جوابان أحدهما إنا نحمله على المدبر المقيد
والمدبر المقيد عندنا يجوز بيعه إلا أن يثبتوا أنه كان مدبرا مطلقا وهم لا يقدرون على
ذلك وكونه لم يكن له مال غيره ليس علة في جواز بيعه لان المذهب فيه أن العبد
يسعى في قيمته يدل عليه ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زياد الأعرج ع
النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أعتق عبده عند الموت وترك دينا وليس له مال قال يستسعى
العبد في قيمته انتهى ثم أخرج عن علي نحوه سواء والأول مرسل يشده هذ
الموقوف والله أعلم الجواب الثاني إنا نحمله على بيع الخدمة والنفقة لا بيع الرقبة
37

بدليل ما أخرجه الدارقطني عن عبد الغفار بن القاسم عن أبي جعفر قال ذكر عنده أن
عطاء وطاوسا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
أعتقه عن دبر فأمره أن يبيعه ويقضي دينه فباعه بثمانمائة درهم قال أبو جعفر شهدت
الحديث من جابر إنما أذن في بيع خدمته انتهى قال الدارقطني وأبو جعفر هذا
وإن كان من الثقات ولكن حديثه هذا مرسل انتهى قال عبد الحق في أحكامه
أخرجه بن عدي عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفي عن أبي جعفر عن جابر بن
عبد الله في قصة هذا المدبر وفيه وإنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في بيع خدمته قال عبد الحق
و عبد الغفار هذا يرمى بالكذب وكان غاليا في التشيع انتهى وقال بن القطان في
كتابه هو مرسل صحيح لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وهو
ثقة عن أبي جعفر وهو ثقة انتهى وقال صاحب التنقيح وعبد الغفار من غلاة
الشيعة وقد روى عنه شعبة قال بن عدي ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى
قوله وولد المدبرة مدبر وعلى ذلك نقل إجماع الصحابة قلت روى عبد الرزاق
في مصنفه أخبرنا معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الحجبي عن يزيد بن
عبد الله بن قسيط عن بن عمر قال ولد المدبر بمنزلته وأخرج عن الزهري وابن
المسيب نحوه
38

باب الاستيلاء
الحديث الأول قال عليه السلام أعتقها ولدها قلت رواه بن ماجة في
سننه في كتاب الأحكام من حديث أبي بكر النهشلي عن حسين بن عبد الله بن
عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن بن عباس قال ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال أعتقها ولدها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في البيوع
وسكت عنه إلا أنه قال أبي بكر بن أبي سبرة والحديث معلول بابن أبي سبرة
وحسين فإنهما ضعيفان قال بن القطان في كتابه وقد روى بإسناد جيد قال
قاسم بن أصبغ في كتابه حدثنا محمد بن وضاح ثنا مصعب بن سعيد أبو خيثمة
المصيصي ثنا عبيد الله بن عمر هو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن
بن عباس قال لما ولدت مارية إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها ولدها
انتهى ومن طريق قاسم بن أصبغ رواه بن عبد البر في التمهيد ومن جهة بن عبد البر
ذكره عبد الحق في أحكامه وخلط في إسناده تخليطا بينه بن القطان في كتابه
وحرره كما ذكرناه والله أعلم ورواه ا بن عدي في الكامل بسند بن ماجة وأعله
بأبي بكر بن أبي سبرة وقال إنه في جملة من يضع الحديث وأسند عن البخاري أنه
قال فيه منكر الحديث وعن النسائي أنه قال متروك الحديث والى بن معين أنه قال
فيه ليس بشئ وأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الله بن سلمة بن أسلم عن الحسين به
و عبد الله هذا ضعيف عن حسين وأخرجه أيضا عن سعيد بن زكريا المدائني عن بن
39

أبي سارة عن بن أبي حسين عن عكرمة عن بن عباس وسعيد هذا فيه لين وابن أبي
سارة مجهول وأخرجه أيضا عن بن أبي أويس عن حسين المذكور وأبو أويس فيه لين
وأخرجه بن ماجة أيضا عن شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته انتهى
40

ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال
البيهقي في المعرفة هكذا رواه شريك وكذلك رواه أبو أويس المدني في إحدى
الروايتين عنه ورواه أبو بكر بن أبي سبرة عن حسين بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أم
إبراهيم حين ولدته أعتقها ولدها وكذلك رواه أبو أويس عن حسين إلا أنه
أرسله وروى عن بن أبي حسين عن عكرمة عن بن عباس ولم يثبت فيه شئ وقد
روى سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن عمر أنه قال في أم الولد أعتقها ولدها وإن
كان سقطا وبمعناه رواه بن عيينة عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن عمر ورواه
خصيف الجزري عن عكرمة عن بن عباس عن عمر فعاد الحديث إلى قول عمر وهو الأصل
في ذلك وأحسن شئ روى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه أبو داود في سننه
عن محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح مولى الأنصار عن أمه عن سلامة بنت معقل
امرأة من خارجة قيس عيلان قالت قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو
أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت
امرأته الآن والله تباعين في دينه فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني امرأة
من خارجة قيس عيلان قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحبا ب بن عمرو
أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن فقالت امرأته الآن والله تباعين في
دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولي الحباب قيل أخوه أبو اليسر بن عمرو فبعث
إليه فقال اعتقوها فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم منها قالت
فأعتقوني وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاما انتهى كلامه
قلت قوله وكذلك رواه أبو أويس حديث أبي أويس رواه أبو يعلى الموصلي
في مسنده حدثنا زهير ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا أبي عن حسين بن عبد الله عن
عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما أمة ولدت من سيدها فإنها حرة إذا مات
41

إلا أن يعتقها قبل موته انتهى
الحديث الثاني حديث سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعتق أمهات الأولاد
وأن لا يبعن في دين ولا يجعلن من الثلث قلت غريب وفي الباب أحاديث منها ما
أخرجه الدارقطني عن يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن
بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ولا
يورثن يستمتع بها سيدها ما دام حيا فإذا مات فهي حرة انتهى ثم أخرجه عن
عبد الله بن مطيع ثنا عبد الله بن جعفر ثنا عبد الله بن دينار عن بن عمر قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره وهذا أعله بن عدي بعبد الله بن جعفر بن نجيح المديني
وأسند تضعيفه عن النسائي والسعدي والفلاس وابن معين ولينه هو وقال عامة
42

ما يرويه لا يتابع عليه ومع ضعفه يكتب حديثه ثم أخرجه عن أحمد بن عبيد الله
العنبري ثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن عمر موقوفا عليه وأخرجه أيضا
عن فليح بن سليمان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن عمر موقوفا عليه قال
بن القطان هذا حديث يرويه عبد العزيز بن مسلم القسملي وهو ثقة عن عبد الله بن
دينار عن بن عمر واختلف فيه فقال عنه يونس بن محمد وهو ثقة وهو الذي
43

رفعه وقال عنه يحيى بن إسحاق وفليح بن سليمان عن عمر لم يتجاوزوه وكلهم
ثقات وهذا كله عند الدارقطني وعندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه انتهى وقال
الحازمي في كتابه في ذكر الترجيحات الوجه الخامس والعشرون أن يكون أحد
الحديثين منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصا وقولا والآخر ينسب إليه استدلالا واجتهادا فيكون
الأول مرجحا نحو حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال
لا يبعن إلى آخره فهذا أولى بالعمل به من حديث أبي سعيد الخدري كنا نبيع أمهات
الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لان حديث بن عمر قوله عليه السلام ولا خلاف
أنه حجة وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه عليه السلام فيحتمل أن من كان يرى
هذا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وكان ذلك اجتهادا منه فكان تقديم ما نسب إلى
44

النبي صلى الله عليه وسلم نصا أولى ونظيره حديث أبي رافع في المزارعة كنا نخابر وكنا نكري
الأرض إذا ليكن فعلهم ذلك مسندا إلى إذنه عليه السلام انتهى وحديث أبي
سعيد الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن زيد العمي عن أبي الصديق عن أبي سعيد في
أمهات الأولاد قال كنا نبيعهن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النسائي زيد العمي ليس
بالقوي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه ورواه العقيلي وأعله بزيد
العمي ثم قال وغير زيد يرويه بإسناد جيد انتهى وهذا الذي أشار إليه أخرجه
أبو داود والنسائي عن جابر قال أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن
قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا قال الحاكم على شرط مسلم وقال
النسائي أخبرنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال
كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكر ذلك علينا انتهى قال بن
الجوزي في التحقيق ومن الجائز أن يكون هذا خفي على أبي سعيد وغيره من الصحابة
أو يكون النهي ورد بعد ذلك انتهى وذكر عبد الحق في أحكامه
حديث بن عمر هذا ثم قال يروي من قول بن عمر ولا يصح مسندا وتعقبه بن
القطان في كتابه قال إنما يروي من قول عمر رواه مالك في الموطأ من رواية
يحيى بن بكير عنه عن نافع عن بن عمر أن عمر بن الخطاب قال أيما وليدة ولدت من
سيدها فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها وهو يستمتع منها فإذا مات فهي حرة انتهى
ومن طريق مالك رواه البيهقي ثم قال وكذلك رواه عبد الله بن عمر وغيره
عن نافع وكذلك رواه سفيان الثوري وسليمان بن
بلال وغيرهما عن عبد الله بن
دينار عن بن عمر عن عمر وغلط فيه بعض الرواة عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم قال وهو وهم لا يحل روايته انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن الإفريقي عن مسلم
45

بن يسار عن سعيد بن المسيب أن عمر أعتق أمهات الأولاد وقال أعتقهن رسول الله
صلى الله عليه وسلم انتهى والإفريقي غير محتج به قال بن القطان وسعيد عن عمر منقطع ونقل
عبد الحق في أحكامه في باب الايمان والنذور عن بن أبي حاتم أنه قال قال
أحمد بن حنبل سعيد بن المسيب عن عمر عندنا حجة فإنه رآه وسمع منه
انتهى
حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن
بن سيرين عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في
أمهات الأولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد أن يبعن قال عبيدة فقلت له فرأيك ورأي
عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة قال فضحك علي انتهى
الحديث الثالث وقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بقول القائف في أسامة قلت أخرجه الأئمة
الستة في كتبهم فرواه البخاري في الفرائض ومسلم في الرضاع وأبو داود
في اللعان والترمذي في الولاء والنسائي في الطلاق وابن ماجة في
الاحكام كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخل
علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسرورا فقال يا عائشة ألم تري أن مجزرا المدلجي دخل
علي وعندي أسامة بن زيد فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا
رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال هذه أقدام بعضها من بعض انتهى قال أبو داود
كان أسامة أسود وكان زيد أبيض انتهى وفي لفظ للبخاري ومسلم قالت دخل
قائف ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان فقال إن
هذه الاقدام بعضها من بعض فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وروى عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أن رجلين اختصما في ولد فدعا عمر
القائفة واقتدى في ذلك ببصر القائفة وألحقه أحد الرجلين انتهى
قوله وسرور النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى لان الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة
وكان قول القائف مقطعا لطعنهم فسر به
46

رحمه الله
قوله روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى شريح في هذه الحادثة لبسا فلبس
عليهما ولو بينا لبين لهما وهو ابنهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما وكان ذلك
بمحضر من الصحابة وعن علي مثل ذلك قلت الحادثة هي أمة كانت بين شريكين
أتت بولد فادعياه والحديث رواه البيهقي بنقص يسير أخرجه عن مبارك بن فضالة عن
الحسن عن عمر في رجلين وطئا جارية في طهر واحد فجاءت بغلام فارتفعا إلى عمر
فدعا له ثلاثة من القافة فاجتمعوا على أنه أخذ الشبه منهما جميعا وكان عمر قائفا
يقوف فقال قد كانت الكلبة ينزوا عليها الأسود والأصفر والأحمر فيؤدي إلى كل
كلب شبه ولم أكن أرى هذا في الناس حتى رأيت هذا فجعله عمر لهما يرثهما
ويرثانه وهو للباقي منهما انتهى قال البيهقي هو منقطع ومبارك بن فضالة ليس
47

بحجة ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة قال رأى القائفة
وعمر جميعا شبهه فيهما وشبههما فيه فقال عمر هو بينكما يرثكما وترثانه قال
فذكرت ذلك لابن المسيب فقال نعم هو للآخر منهما انتهى
وأما أثر علي فأخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن سماك عن مولى لبني
مخزوم قال وقع رجلان على جارية في طهر واحد فعلقت الجارية فلم يدر من أيهما
هو فأتيا عليا فقال هو بينكما يرثكما وترثانه وهو للباقي منكما انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن علي قال
أتاه رجلان وقعا على امرأة في طهر فقال الولد بينكما وهو للباقي منكما انتهى
وضعفه البيهقي وقال يرويه سماك عن رجل مجهول لم يسمه وقابوس وهو غير
48

محتج به عن أبي ظبيان على علي قال وقد روى عن علي مرفوعا خلاف هذا ثم
أخرج من طريق أبي داو حدثنا خشيش بن أصرم ثنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن صالح
الهمداني عن الشعبي عن عبد خير عن زيد بن أرقم قال أتى علي عليه السلام بثلاثة
وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد فسأل اثنين أتقران لهذا بالولد قالا
لا حتى سألهم جميعا فجعل كلما سأل اثنين قالا لا فأقرع بينهم فألحق الولد بالذي
صارت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى
بدت نواجذه انتهى قال البيهقي وقد اختلف في رفعه وقد ذكرناه في السنن
انتهى
49

كتاب الايمان
الحديث الأول قال عليه السلام من حلف كاذبا أدخله الله النار قلت
غريب بهذا اللفظ وروى الطبراني في معجمه من حديث عيسى بن يونس عن
مجالد عن الشعبي عن الأشعث بن قيس قال خاصم رجل من الحضرميين رجلا منا
يقال له الجفشيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض له فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي جئ
بشهودك على حقك وإلا حلف لك فقال أرضي أعظم شأنا من أن يحلف عليها
فقال النبي عليه السلام إن يمين المسلم ما وراءها أعظم من ذلك فانطلق ليحلف فقال
عليه السلام إن هو حلف كاذبا ليدخله الله النار فذهب الأشعث فأخبره فقال
أصلح بيني وبينه قال فأصلح بينهما انتهى وروى بن حبان في صحيحه من
حديث أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع
بها مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار انتهى ورواه البخاري ومسلم
50

من حديث بن مسعود بلفظ لقي الله وهو عليه غضبان انتهى وروى أبو داود
من حديث عمر ابن حصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين مصبورة
كاذبا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار انتهى
قوله وإنما علقه بالرجاء للاختلاف في تفسيره قلت روى البخاري في
صحيحه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى لا يؤاخذكم الله
باللغو في أيمانكم قالت هو قول الرجل لا والله وبلى والله انتهى وكذلك
رواه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة به موقوفا وأخرجه أبو داود في سننه
عن حسان بن إبراهيم ثنا إبراهيم الصائغ عن عطاء اللغو في اليمين قال قالت
عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله
انتهى قال أبو داود ورواه داود بن أبي الفرات عن إبراهيم الصائغ موقوفا على عائشة
وكذلك رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سلمة ومالك بن مغول كلهم عن عطاء عن
عائشة موقوفا انتهى وروى الطبري في تفسيره حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا
هشيم ثنا بن أبي ليلى عن عطاء قال قالت عائشة لغو اليمين ما لم يعقد الحالف عليه
قلبه انتهى قال البيهقي في المعرفة وروى عمر بن قيس عن عطاء عن عائشة في
هذه الآية قالت هو حلف الرجل على علمه ثم لا تجده على ذلك فليس فيه
كفارة وعمر بن قيس ضعيف ورواية الثقات كما مضى تشير إلى حديث
البخاري قال ورواه بن وهب عن الثقة عنده عن الزهري عن عروة عن عائشة
51

وهذا مجهول ورواية هشام بن عروة عن أبيه أصح انتهى كلامه وأخرج عبد الرزاق
في مصنفه عن مجاهد قال هو الرجل يحلف على الشئ يرى أنه كذلك وليس
كذلك وعن سعيد بن جبير قال هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله
بتركه وأخرج عن النخعي والحسن قالا هو الرجل يحلف على الشئ ثم ينسى
وعن الحسن أيضا قال هو الخطأ غير العمد كقول الرجل والله إنه لكذا وكذا وهو
يرى أنه صادق ولا يكون كذلك انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح
والطلاق واليمين قلت هكذا ذكره المصنف وبعض الفقهاء يجعل عوض اليمين
العتاق ومنهم صاحب الخلاصة والغزالي في الوسيط وغيرهما وكلاهما
غريب وإنما الحديث النكاح والطلاق والرجعة أخرجه أبو داود وابن ماجة في
الطلاق والترمذي في النكاح عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء
بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة انتهى قال الترمذي
حديث حسن غريب ورواه الحاكم في المستدرك في أول الطلاق وقال
صحيح الاسناد وابن أردك من ثقات المدنيين انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في
سننيهما وقد غلط النووي الغزالي في تهذيب الأسماء واللغات فقال وقع في
هذا الحديث في الوسيط النكاح والطلاق والعتاق وليس بصواب وإنما
الصواب والرجعة عوض العتاق وهكذا أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة
والبيهقي انتهى قلت فيه نظر فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده
52

حدثنا بشر بن عمر ثنا بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عبادة بن الصامت أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز اللعب في ثلاث الطلاق والنكاح والعتاق فمن
قالهن فقد وجبن انتهى وروى بن عدي في الكامل عن غالب بن عبيد الله الجزري
عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث ليس فيهن لعب من تكلم بشئ
منهن لاعبا فقد وجب عليه الطلاق والعتاق والنكاح انتهى وضعف غالب بن
عبيد الله عن بن معين وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا إبراهيم بن محمد عن
صفوان بن سليم أن أبا ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلق وهو لاعب فطلاقه
جائز ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز ومن نكح وهو لاعب فنكاحه جائز
انتهى وفيه أثران أيضا أخرجهما عبد الرزاق أيضا عن علي وعمر أنهما قالا ثلاث لا
لعب فيهن النكاح والطلاق والعتاق وفي رواية عنهما أربع وزاد والنذر
والله أعلم قال بن القطان في كتابه وعبد الرحمن بن أردك وإن كان قد روى
عنه جماعة إسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل والدراوردي وسليمان بن
بلال فإنه لا يعرف حاله انتهى قلت ذكره بن حبان في الثقات واستدل
بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد في عدم انعقاد يمين المكره بما أخرجه
الدارقطني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع وأبي
أمامة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مقهور يمين انتهى ثم قال عنبسة
ضعيف قال في التنقيح حديث منكر بل موضوع وفيه جماعة ممن لا يجوز
الاحتجاج بهم انتهى
باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا
53

الحديث الثالث قال عليه السلام من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر قلت
أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر
وهو في ركب وهو يحلف بالله فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان
حالفا فليحلف بالله أو ليسكت ولفظ الصحيحين أو ليصمت وعجبت من
الشيخ زكي الدين كيف عزاه للنسائي وترك الترمذي والنسائي لم يذكره
والترمذي ذكره برمته والله أعلم وفي الصحيحين عن عبد الله بن دينار عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله وكانت
قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم انتهى
54

الحديث الرابع قال عليه السلام من نذر نذرا ولم يسم فعليه كفارة يمين
قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب مولى بن
عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين
انتهى أخرجه أبو داود عن طلحة بن يحيى عن عبد الله بن سعيد بن بكير به وابن ماجة
عن خارجة بن مصعب عن بكير به قال أبو داود ورواه وكيع وغيره عن عبد الله بن
سعيد فوقفوه انتهى
56

حديث آخر أخرجه الترمذي عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم كفارة النذر إذا لم تسم كفارة يمين انتهى وقال حديث حسن صحيح
غريب ورواه مسلم لم يقل فيه إذا لم يسم
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن غالب بن عبيد الله العقيلي عن عطاء بن أبي
رباح عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جعل عليه نذرا فيما لم يسمه
فكفارته كفارة يمين مختصر قال وغالب بن عبيد الله ضعيف قال صاحب
التنقيح هو مجمع على تركه وليت هذا الحديث لو صح من قول عطاء
انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه
يعقوب بن كاسب عن مغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بكير
بن عبد الله بن الأشج عن كريب عن بن عبا س عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم
يسمه فكفارته كفارة يمين فقالا رواه وكيع عن مغيرة فوقفه وهو الصحيح قلت
لهما فالوهم ممن قالا ما ندري من مغيرة أو من بن كاسب انتهى وقال
البيهقي في المعرفة حديث بن عباس هذا اختلف في رفعه وروى نحوه عن عقبة
بن عامر والرواية الصحيحة عن عقبة مرفوعا كفارة النذر كفارة اليمين وهو عند
جماعة من أهل العلم محمول على نذر الحاج الذي يخرج مخرج الايمان انتهى
قوله ولنا قراءة بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات وهي كالخبر المشهور
قلت ورويت أيضا عن أبي بن كعب
57

فحديث بن مسعود رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن
جابر عن الشعبي قال قرأ عبد الله فصيام ثلاثة أيام متتابعات انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج سمعت عطاء يقول بلغنا في قراءة بن
مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات وكذلك نقرأها انتهى أخبرنا معمر عن أبي
إسحاق والأعمش قالا في حرف بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال أبو
إسحاق وكذلك نقرأها أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال في قراءة
بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات انتهى
وأما حديث أبي فأخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة البقرة عن
أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فصيام
ثلاثة أيام متتابعات انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
فصل في الكفارة
الحديث الخامس قال عليه السلام من حلف على يمين ورأي غيرها خيرا
منها فليأت بالذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه قلت أخرجه مسلم عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي
58

هو خير وليكفر عن يمينه انتهى وأخرج البخار ومسلم عن عبد الرحمن
بن سمرة قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها
خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث
على استحباب الحنث والتكفير لمن حلف على معصية ولم أجده بلفظ ثم ليكفر
إلا عند الامام أبي محمد قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي في كتاب غريب
الحديث فقال أخبرنا أبو العلاء ثنا علي بن معبد ثنا الوليد
بن القاسم بن الوليد الهمداني أبو القاسم الكوفي ثنا يزيد بن كيسان أبو إسماعيل عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رجلا
أعتم عنده فسأل صبيته أمهم الطعام فقالت حتى يجئ أبوكم فنام الصبية فجاء
أبوهم فقال اشتهيت الصبية فقالت لا كنت أنتظر مجيئك فحلف أن لا يطعم
ثم قال بعد ذلك أيقظيهم وجيئ بالطعام فسمى الله وأكل ثم غدا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي صنع فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى خيرا
منها فليأته ثم ليكفر عن يمينه انتهى قال السرقسطي اشتهيت أي أطعمتهم
شهوتهم
59

فائدة المقصود الأعظم من هذا الحديث الدليل على جواز تقديم الكفارة على
الحنث وعدم الجواز والأول مذهب الشافعي والثاني مذهبنا واستنباط ذلك من تتبع
ألفاظه واختلاف رواياته فنقول اعلم أن هذا الحديث روى من حديث أبي هريرة
وعبد الرحمن بن سمرة وأبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم روى عن كل منهم
في لفظ الحنث قبل الكفارة وفي لفظ الكفارة قبل الحنث قال أبو داود في
سننه
فحديث أبي هريرة أخرجه مسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خير منها
فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه وفي لفظ له فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو
خير
وحديث عبد الرحمن أخرجاه أيضا بتقديم الكفارة على الحنث وانفرد البخاري
بتقديم الحنث على الكفارة
وحديث أبي موسى أخرجه البخاري ومسلم عن أبي بردة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن
يميني وأتيت الذي هو خير وفي لفظ لهما إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني
ووهم المنذري في مختصر السنن فقال لم يذكره مسلم إلا باللفظ الأول يعني
تقديم الكفارة بل ذكره باللفظ الآخر ولفظه إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها
60

وفي لفظ فليأتها وليكفر وزاد في رواية قال إني والله ما نسيتها
وحديث عدي بن حاتم رواه مسلم أيضا باللفظين فرواية تقديم الكفارة فيها
حجة للشافعي لأنه معطوف بالفاء والفاء للتعقيب وعنه ثلاثة أجوبة أحدها أن
ذلك يقتضي وجوب تقديم الكفارة على الحنث وهم لا يقولون به الثاني أنهم
معارضون برواية تقديم الحنث ولذلك عقد لها النسائي باب الكفارة بعد الحنث
وقد تقوي رواية تقديم الكفارة بفعل بعض الصحابة أخرجه بن أبي شيبة عن بن
عمر وسلمان وأبي الدرداء كانوا يكفرون قبل الحنث وأخرج عن الحسن وابن
سيرين نحوه الثالث أنه عقب الجملتين والواو بينهما لا تقتضي ترتيبا كما قيل ذلك
في آية الوضوء بقي الاشكال في رواية تقديم الكفارة مع العطف بثم وهذه
الرواية وقعت في ثلاثة أحاديث أحدها من رواية عبد الرحمن بن سمرة والثاني
من رواية عائشة والثالث من رواية أم سلمة
فحديث عبد الرحمن بن سمرة رواه أبو داود والنسائي قال أبو داود حدثنا
يحيى بن خلف وقال النسائي حدثنا محمد بن يحيى القطعي كلاهما عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن
بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها
فكفر عن يمينك ثم آت الذي هو خير انتهى وهذا سند صحيح
وحديث عائشة أخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن عبد الرحمن
الطفاوي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف
على يمين لا يحنث حتى أنزل الله تعالى كفارة اليمين فقال لا أحلف على يمين
فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير انتهى
61

وقال صحيح على شرط الشيخين وهذا في البخاري عن عائشة أن أبا بكر كان
إذا حلف إلى آخره بتقديم الحنث وعطف الكفار بالواو
وحديث أم سلمة أخرجه الطبراني في معجمه عنها أن عبدا لها استعتقها
فقالت لا أعتقها الله من النار إن أعتقته فمكثت ما شاء الله ثم قالت سبحان الله
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن
يمنيه ثم ليفعل الذي هو خير فأعتقت العبد ثم كفرت عن يمينها انتهى وهذا
فيه نظر لأنها قدمت الحنث وينبغي أن يراجع من نسخة أخرى وهذه الأحاديث
معارضة بحديث تقديم الحنث مع العطف بثم وقد تقدم أو يقال إن هذه
الأحاديث تقتضي وجوب تقديم الكفارة وهم لا يقولون به والله أعلم وعجبت من
البخاري كيف ترجم في كتابه باب الكفارة قبل الحنث فذكر فيها حديث أبي
موسى بلفظ إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير
وتحللتها وحديث عبد الرحمن بن سمرة بلفظ فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك
وكلاهما غير مطابق والراوية الأخرى عنده في الحديثين فلا يحتاج أن يشير إليها في
الترجمة
فائدة أخرى وقع في مسلم عن أبي موسى أني لا أحلف على يمين أرى غيرها خيرا منها
إلا أتيت الذي هو خير من غير ذكر الكفارة وكذا فيه عن عدي بن حاتم من حلف
على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ويحمل ذلك على أحاديث
الكفارة لكن وقع عند أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ومن
حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الذي هو خير فإن تركها
62

كفارتها مختصر قال أبو داود الأحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وليكفر عن يمينه
إلا مالا يعبأ به انتهى ورواه البيهقي وقال إنه لم يثبت قال وعن أبي هريرة
نحوه ولم يثبت أيضا انتهى
الحديث السادس قال عليه السلام من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى
قلت غريب وفي وجوب الوفاء بالنذر أحاديث منها ما أخرجه البخاري عن سعيد بن
جبير عن بن عباس أن رجلا قال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت قبل أ
ن تحج فقال عليه السلام لو كان عليها دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقض
الله فهو أحق بالقضاء انتهى وفي رواية له إن أمي
حديث آخر أخرجه البخاري عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نذر أن
يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه انتهى وترجم عليه باب النذر
في الطاعة
حديث آخر أخرجه مسلم في حديث القضاء عن عمران بن حصين عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لا وفاء لنذر في معصية وفي لفظ لا نذر في معصية الله مختصر
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن عمر قال يا رسول الله
إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك زاد
البخاري فاعتكف ليلة
63

حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا مسدد ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة
عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فقالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف قال أوفي بنذرك
قالت إني نذرت أن أذبح بمكان كذا لمكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية قال لصنم
أو وثن قالت لا قال أوفي بنذرك انتهى وأخرجه الترمذي في المناقب عن
علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن بن بريدة عن أبيه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني كنت نذرت
إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف الحديث وقال حديث حسن صحيح
غريب ورواه بن حبان في صحيحه وقال فيه أن أضرب على رأسك بالدف
فقال عليه السلام إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا قالت بل نذرت فقعد عليه
السلام وقامت فضربت بالدف انتهى قال بن القطان في كتابه وعندي أنه
ضعيف لضعف علي بن حسين بن واقد قال أبو حاتم ضعيف وقال العقيلي كان
مرجئا ولكن قد رواه غيره كما رواه بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن
واقد به وزاد فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل عمر وهي تضرب
فألقت الدف وجلست عليه فقال عليه السلام إني لأحسب الشيطان يفرق منك
يا عمر قال وهذا حديث صحيح انتهى كلامه
الحديث السابع قال عليه السلام من حلف على يمين وقال إن شاء الله فقد
بر في يمينه قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه أحاديث منها ما أخرجه أصحاب السنن
الأربعة عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف
64

فاستثنى فإن شاء مضى وإن شاء ترك غير حنث انتهى بلفظ النسائي وفي لفظ له
فهو بالخيار إن شاء مضى وإن شاء ترك ولفظ بن ماجة ونحوه ولفظ أبي داود من
حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى ولفظ الترمذي فقال إن شاء الله
فلا حنث عليه وقال حديث حسن وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن
بن عمر موقوفا وهكذا روى عن سالم عن بن عمر موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير
أيوب السختياني وقال إسماعيل بن إبراهيم كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه
انتهى قلت رفعه غيره كما أخرجه النسائي عن كثير بن فرقد أنه حدث عن نافع
أنه حدث عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إن شاء الله فقد
استثنى انتهى قال الدارقطني في علله رواه أيوب السختياني عن نافع عن بن
عمر مرفوعا وقد تابعه أيوب بن موسى المكي عن نافع فرفعه أيضا قال ورواه
الأوزاعي واختلف عنه فرواه عمر بن هاشم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن
نافع عن بن عمر مرفوعا ورواه هقل بن زياد عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن نافع
عن بن عمر مرفوعا انتهى وبسند السنن رواه بن حبان في صحيحه في النوع
الثالث والأربعين من القسم الثالث بالألفاظ الثلاثة لم يحنث فهو بالخيار إن شاء مضى
65

وإن شاء ترك فقد استثنى وقال البيهقي في المعرفة رواه سفيان ووهيب بن خالد
وعبد الوارث وحماد بن سلمة وابن علية عن أيوب مرفوعا ثم شك أيوب في رفعه
فتركه قاله حماد بن زيد ورواه مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر موقوفا من قال
والله ثم قال إن شاء الله فلم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث ورواه موسى بن عقبة
عن نافع عن بن عمر أيضا موقوفا وقال فيه ثم وصل الكلام بالاستثناء وفي رواية
فقال في إثر يمينه إن شاء الله انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الرزاق عن معمر عن
بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فقال
66

إن شاء الله لم يحنث انتهى قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث فقال لي هذا حديث أخطأ فيه عبد الرزاق فاختصره من حديث معمر عن
بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سليمان بن داود قال
لأطوفن الليلة على سبعين امرأة الحديث بطوله انتهى وظاهر هذه الأحاديث تقتضي
اشتراط الاتصال فإنها كلها بالفاء وهي للتعقيب من غير مهلة واستشكل على هذا ما
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سليمان بن
داود لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله
فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل فأطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة
67

نصف إنسان فقال عليه السلام لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته
انتهى وقد ترجم عليه النسائي باب إذا حلف فقال له صاحبه قل إن شاء الله
فقالها هل يكون استثناء ثم ساقه وهذا فيه نظر لان المحلوف عليه من سليمان عليه
السلام إنما هو الطواف وقد فعله وأما قوله تلد كل امرأة منهن غلاما فليس داخلا
في اليمين لان الانسان إنما يحلف على ما يقدر عليه وأيضا فقد لا يكون من شريعتهم
اشتراط الاتصال أو يكون معناه لو قال إن شاء الله متصلا بكلامه وفيه تعسف
ويرده قوله في لفظ لهما فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل الحديث وفي
آخره وأيم الذي نفس محمد بيده لو قا إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا
أجمعون وأشكل من ذلك حديث أخرجه أبو داود في سننه حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا
شريك عن سماك عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لأغزون قريشا والله
لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا ثم قال إن شاء الله انتهى ثم أخرجه عن
مسعر عن سماك عن عكرمة يرفعه قال والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا
والله لأغزون قريشا ثم سكت ثم قال إن شاء الله انتهى قال أبو داود وزاد فيه
الوليد بن مسلم عن شريك قال ثم لم يغزهم وقد أسند هذا الحديث غير واحد
عن شريك عن سماك عن عكرمة عن بن عباس انتهى قلت رواه بن حبان في
صحيحه مسندا وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن شريك عن سماك عن
عكرمة عن بن عباس وعن مسعر بن كدام عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا
ثم سكت ساعة ثم قال إن شاء الله انتهى قال بن حباب في كتاب الضعفاء
68

هذا حديث رواه شريك ومسعر فأسنداه مرة وأرسلاه أخرى انتهى وأخرجه بن
عدي في الكامل عن عبد الواحد بن صفوان عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا بلفظ
أبي يعلى سواء وذكره بن القطان في كتابه من جهة بن عدي ثم قال
وعبد الواحد هذا ليس حديثه بشئ والصحيح مرسل انتهى
أثر في اشتراط الاتصال أخرج الدارقطني في سننه عن عمر بن مدرك ثنا
سعيد بن منصور ثنا بن الزناد عن أبيه عن سالم عن بن عمر قال كل استثناء غير موصول
فصاحبه حانث انتهى وعمر بن مدرك ضعيف وفي المعرفة للبيهقي وروى سالم
عن بن عمر أنه قال كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وكل استثناء غير
موصول إلى آخره
أثر آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن
عباس في قوله تعالى واذكر ربك إذا نسيت قال إذا شئت الاستثناء فاستثن إذا
ذكرت وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا أن نستثني إلا بصلة اليمين انتهى وقد
استوفينا الروايات عن بن عباس في ذلك والكلام عليها في أحاديث الأصول ومما يدل
على عدم اشتراط الاتصال ما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن جابر بن
عبد الله الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار إلى أن قال
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله ضرب الله عنقه قال فسمعه الرجل فقال يا رسول الله في
سبيل الله فقال عليه السلام في سبيل الله قال فقتل
الرجل في سبيل الله
مختصر وهذا الرجل لم يسم في الحديث فكونه عليه السلام قال في سبيل الله بعد
قول الرجل إياها دليل على أن الانفصال غير قاطع والله أعلم
69

باب اليمين في الخروج
والاتيان والركوب
70

حديث عنه عليه السلام قال من باع عبدا وله مال الحديث قلت أخرجه
71

الأئمة الستة فرواه البخاري في الشرب وابن ماجة في التجارات
والباقون في البيوع كلهم عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن باع نخلا قد
72

أبرت فثمره للبائع إلا أن يشترط المبتاع انتهى
73

باب اليمين في الكلام
حديث إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس قلت تقدم في
باب ما يفسد الصلاة وليس هذا الحديث بناجح في الدليل على أن القراءة في الصلاة
78

لا تسمى كلاما في العرف والشرع لأنه قيده بكلام الناس فتأمله
79

باب اليمين في العتق
82

حديث قال عليه السلام لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه
فيعتقه قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري فرواه مسلم والنسائي في العتق
وأبو داود في الأدب والترمذي في البر والصلة وابن ماجة في الأدب كلهم
عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي
ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه انتهى والله أعلم
83

باب اليمين
في الصلاة والصوم والحج
حديث عن علي في الرجل يحلف عليه المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة
قال عليه حجة أو عمرة ماشيا وإن شاء ركب وأهراق دما قلت غريب وروى
86

البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي عن بن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن الحسن عن علي في الرجل يحلف عليه المشي قال يمشي فإن عجز ركب
وأهدى بدنة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله عن شعبة عن
الحكم عن إبراهيم عن علي فيمن نذر أن يمشي إلى البيت قال يمشي فإذا أعيي ركب
ويهدي جزورا انتهى وأخرج نحوه عن بن عمر وابن عباس وقتادة والحسن
وروى الحاكم في المستدرك عن كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين
قال ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة وقال إن
87

المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فمن نذر أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب
انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وروى أبو يعلى الموصلي في
مسنده حدثنا زهير ثنا أحمد بن عبد الوارث ثنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن بن
عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز
وجل غني عن نذر أختك لتركب ولتهد بدنة انتهى
حديث النهي عن البتيراء تقدم في الصلاة وذكر المصنف بعد ذلك ثلاثة
أبواب ليس فيه شئ باب اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك باب اليمين
في الضرب والقتل وغير ذلك باب اليمين في تقاضي الدراهم والله أعلم
88

كتاب الحدود
الحديث الأول قال عليه السلام للذي قذف امرأته إئت بأربعة شهداء
يشهدون على صدق مقالتك قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما رواه أبو يعلى
الموصلي في مسنده حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي ثنا مخلد بن الحسين عن هشام
عن بن سيرين عن أنس بن مالك قال أول لعان كان في الاسلام أن شريك بن سحماء
قذفه هلال بن أمية بامرأته فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة
شهود وإلا فحد في ظهرك فقال يا رسول الله إن الله يعلم أني لصادق ولينزلن
الله عليك ما يبرئ ظهري من الحد فأنزل الله عز وجل آية اللعان ولاعن النبي صلى الله عليه وسلم
وفرق بينهما انتهى والحديث أخرجه البخاري في اللعان عن بن عباس ومن
93

رواية هشام بن حسان عن عكرمة عنه أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة وإلا حد في ظهرك الحديث
حديث آخر أخرجه مسلم في اللعان عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال
يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم
انتهى زاد في رواية قال كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعجله بالسيف قبل
ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور وإني أغير منه
والله أغير مني انتهى
أثر رواه مالك في الموطأ في كتاب الأقضية عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب أن رجلا من أهل الشام يقال له بن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله أو
قتلها فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه فكتب معاوية إلى أبي موسى
الأشعري فسأل أبو موسى علي بن أبي طالب فقال له علي بن أبي طالب إن هذا
لشئ ما هو بأرضي عزمت عليك لتخبرني فقال أبو موسى كتب إلي في ذلك
معاوية فقال علي أنا أبو حسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته انتهى
قوله والستر مندوب إليه قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري ومسلم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا
نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه انتهى وفي لفظ لمسلم في البر
والصلة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا قال لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا
ستره الله يوم القيامة انتهى وروى البخاري نحوه من حديث بن عمر
94

حديث آخر أخرجه أبو داود في الأدب والترمذي في الحدود والنسائي في
الرجم عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا
يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه فإن الله في حاجته ومفرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها
كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستر الله يوم القيامة
انتهى وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة
عن كثير أبي الهيثم مولى عقبة بن عامر عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى
عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن يزيد بن نعيم
عن أبيه أن ماعزا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه وقال لهزال
لو سترته بثوبك لكان خيرا لك انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال
في التنقيح ويزيد بن نعيم روى له مسلم وذكره بن حبان في الثقات وأبوه
نعيم ذكره في الثقات أيضا وهو مختلف في صحبته فإن لم تثبت صحبته
فالحديث مرسل
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا يعقو ب بن حميد بن كاسب ثنا
محمد بن عثمان الجمحي ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال من ستر عروة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه
المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته انتهى
95

الحديث الثاني روى أنه عليه السلام استفسر ماعزا عن الكيفية والمزنية قلت
أخرجه أبو داود عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال قال كان ماعز بن مالك يتيما في
حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما صنعت
لعله يستغفر لك قال فأتاه قال يا رسول الله إلى آخره إن ماعزا قال يا رسول
الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد حتى قالها أربع مرات فقال
عليه السلام إنك قد قلتها أربع مرات فبمن قال بفلانة قال هل ضاجعتها قال
نعم قال هل باشرتها قال نعم قال هل جامعتها قال نعم فأمر به أن يرجم
فأخرج إلى الحرة فلما وجد مس الحجارة خرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد
عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له
فقال هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه انتهى ورواه أحمد في
مسنده وروى حديث ماعز عبد الرزاق في مصنفه من رواية أبي هريرة وقال
فيه فأمر به أن يرجم فرجم فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فقتله
فأصاب رأسه الحديث والله أعلم
حديث آخر في الاستفسار عن الكيفية أخرجه أبو داود أيضا والنسائي عن
عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت بن عم أبي هريرة
عن أبي هريرة قال جاء الأسلمي نبي الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما
أربع مرات كل ذلك يعرض عنه فأقبل في الخامسة فقال أنكتها قال نعم قال
حتى غاب ذلك منك في ذلك منها قال نعم كما يغيب المرو في المكحلة
والرشاء في البئر قال نعم قال فهل تدري ما الزنا قال نعم أتيت منها حراما ما
يأتي الرجل من امرأته حلالا قال فما تريد بهذا القول قال أريد أن تطهرني فأمر به
فرجم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه أنظر إلى هذا الذي
96

ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب فسكت عنهما ثم سار ساعة
حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال أين فلان وفلان فقالا نحن ذان يا رسول
الله قال انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار قالا ومن يأكل من هذا يا رسول الله
قال فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي
أنهار الجنة ينغمس فيها انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه كذلك وأخرجه
النسائي عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن هضاض عن أبي هريرة
وأخرجه عن الحسين بن واقد عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الهضاض بن أخي أبي
هريرة عن أبي هريرة قال بن القطان في كتابه وعبد الرزاق هو الذي يقول فيه
عبد الرحمن بن الصامت وقال فيه حماد بن سلمة عبد الرحمن بن الهضاض قال
البخاري وعبد الرحمن بن الصامت لا أراه محفوظا وقال بن أبي حاتم بن
الهضاض أصح انتهى كلامه
الحديث الثالث قال عليه السلام ادرءوا الحدود قلت روى من حديث
عائشة ومن حديث علي ومن حديث أبي هريرة
أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي عن محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود عن
المسلمين ما استطعتم فإن كان لها مخرج فخلوا سبيله فإن الامام أن يخطئ في العفو
خير من أن يخطئ في العقوبة انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا
من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري ويزيد بن زياد
ضعيف في الحديث ورواه وكيع عن يزيد بن زياد ولم يرفعه وهو أصح ثم أخرجه
عن وكيع عن يزيد به موقوفا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
97

الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال يزيد بن زياد قال فيه
النسائي متروك انتهى وقال الترمذي في علله الكبير قال محمد بن إسماعيل
يزيد بن زياد منكر الحديث ذاهب انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما
مرفوعا وقال البيهقي الموقوف أقرب إلى الصواب
وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني في سننه عن مختار التمار عن أبي مطر
عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ادرءوا الحدود انتهى ومختار التمار
ضعيف
وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق بن
أبي إسرائيل ثنا وكيع حدثني إبراهيم بن الفضل المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود ما استطعتم انتهى ورواه بن ماجة في
سننه حدثنا عبد الله بن الجراح ثنا وكيع به مرفوعا ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا
انتهى
الحديث الرابع روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلا بالتهمة قلت روى من
حديث معاوية بن حيدة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث أنس ومن حديث
نبيشة
فحديث معاوية أخرجه أبو داود في القضاء والترمذي في الديات
والنسائي في السرقة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم
98

حبس رجلا في تهمة زاد الترمذي والنسائي ثم خلى عنه انتهى قال الترمذي
حديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه
قال وله شاهد من حديث أبي هريرة ثم أخرجه عن أبي هريرة وسيأتي بعد قال
بن القطان في كتابه الوهم والايهام اختلف الناس في بهز بن حكيم فحكى بن أبي
حاتم عن أبيه أنه شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به وعن أبي زرعة أنه قال فيه صالح
ولكن ليس بالمشهور وجعله الحاكم في أقسام الصحيح المختلف فيه وقول أبي حاتم لا
يحتج به لا ينبغي أن يقبل منه إلا بحجة وبهز ثقة عند من علمه وقد وثقه بن الجارود
والنسائي وصحح الترمذي روايته عن أبيه عن جده وقال بن عدي روى عنه ثقات
الناس كالزهري روى عنه حديثين ثم ذكرهما ثم قال ولم أر له حديثا منكرا
وأرجو أنه إذا حدث عنه ثقة فلا بأس بحديثه وقال أبو جعفر السبتي إسناد بهز عن
أبيه عن حده صحيح وقال محمد بن الحسين سألت بن معين هل روى شعبة عن بهز
قال نعم روى عنه حديث أترعون عن ذكر الفاجر وقد كان شعبة متوقفا عنه فلما
روى هذا الحديث كتبه وأبرأه مما اتهمه به قلت فكم له عن أبيه عن جده قال
أحاديث قلت لأحمد بن حنبل ما تقول في بهز قال سألت غندرا عنه فقال كان شعبة
مسه لم يبين معناه فكتبت عنه انتهى كلامه
99

وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده وأبو
يعلى عن إبراهيم بن خيثم حدثني أبي عن جدي عراك بن مالك عن أبي هريرة أن النبي
صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة يوما وليلة استظهارا أو احتياطا انتهى سكت الحاكم عنه
وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إبراهيم بن خيثم متروك انتهى وقال الترمذي
في علله الكبير كان إبراهيم بن خيثم كالمجنون يلعب به الصبيان وضعفه جدا
انتهى
وأما حديث أنس فأخرجه بن عدي والعقيلي في كتابيهما عن إبراهيم بن
زكريا الواسطي ثنا أبو بكر بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس
رجلا في تهمة انتهى قال العقيلي إبراهيم بن زكريا الواسطي مجهول وحديثه
خطأ وقال بن عدي هذا باطل وإنما رواه أبو بكر بن عياش عن يحيى بن سعيد عن
عراك بن مالك فقال إبراهيم بن زكريا عن أنس بن مالك انتهى وقال بن حبان في
كتاب الضعفاء رواه إبراهيم بن زكريا الواسطي وهو يروي أشياء موضوعة وإنما
الحديث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده وهو مما يتفرد به معمر انتهى
وأما حديث نبيشة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن يحيى ثنا
أحمد بن يزيد بن ذكوان البصري ثنا أبو همام الصلت بن محمد الحازمي عن المعلى بن
راشد عن جدته عن نبيشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة انتهى قال الطبراني لا يروي
هذا الحديث إلا بهذا الاسناد تفرد به أحمد بن يزيد انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني يحيى بن
سعيد عن عراك بن مالك قال أقبل رجلان من بني غفار حتى نزلا منزلا بضجنان من
مياه المدينة وعندهما ناس من غطفان معهم ظهر لهم فأصبح الغطفانيون وقد فقدوا
بعيرين من إبلهم فاتهموا الغفاريين فأتوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له أمرهم فحبس
100

أحد الغفاريين وقال للآخر اذهب فالتمس فلم يك إلا يسيرا حتى جاء بهما فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لاحد الغفاريين حسبت أنه قال للمحبو س استغفر لي فقال غفر الله لك
يا رسول الله فقال عليه السلام ولك وقتلك في سبيل قال فقتل يوم اليمامة
انتهى
حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود عن بقية عن صفوان بن عمرو عن أزهر بن
عبد الله أن قوما سرق لهم متاع فاتهموا أناسا من الحاكة فأتوا النعمان بن بشير
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فحبسهم أياما ثم خلى سبيلهم فأتوا النعمان فقالوا خليت
سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال النعمان إن شئتم ضربتهم فإن خرج متاعكم
فذاك وإلا أخذت من ظهوركم مثله فقالوا هذا حكمك قال هذا حكم الله
وحكم رسوله انتهى قال عبد الحق في أحكامه أحسن حديث بقية ما كان عن
يحيى بن سعيد انتهى
الحديث الخامس في حديث ماعز أنه عليه السلام أخر إقامة الحد إلى أن تم الاقرار
منه أربع مرات قلت أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة قال أتى رجل من
المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيب
فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله إني زنيب فأعرض عنه حتى ثنى
ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبك
جنون قال لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به
فارجموه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه
انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة قال رأيت ماعز بن مالك حين
جئ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قصير أعضل ليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع
101

مرات أنه زنى فقال عليه السلام فلعلك كذا قال لا والله إنه قد زنى قال
فرجمه ثم خطب فقال ألا كلما نفرنا في سبيل الله تخلف أحدهم له نبيب كنبيب
التيس يمنح إحداهن الكبثة أما والله إن يمكني من أحدهم لأنكلنه انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لقي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك فقال أحق ما بلغني عنك قال وما بلغك عني قال
بلغني أنك فجرت بأمة آل فلان قال نعم فرده حتى شهد أربع مرات ثم أمر برجمه
انتهى
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن بريدة قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ
جاء ماعز بن مالك فقال يا رسول الله إني زنيت وأنا أريد أن تطهرني فقال عليه
السلام ارجع فلما كان من الغد أتاه أيضا فاعترف عنده بالزنا فقال له ارجع ثم
عاد الثالثة فاعترف عنده بالزنا ثم رجع الرابعة فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له حفرة
فجعل فيها إلى صدره ثم أمر الناس فرجموه قال بريدة كنا نتحدث أصحاب نبي الله
أن ماعز لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه وإنا رجمه عند الرابعة
انتهى وعند أبي داود والنسائي فيه قال كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أ
الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما بعد الرابعة
انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن رجلا من أسلم جاء
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بالزنا فأعرض عنه ثم اعترف فأعرض عنه حت شهد
على نفسه أربع شهادات فقال له عليه السلام أبك جنون قال لا قال هل
أحصنت قال نعم فأمر به فرجم زاد البخاري فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه
انتهى أخرجاه عن أبي سلمة عن جابر وسيأتي في حديث الصلاة على الغامدية
102

حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن هشام بن سعد
أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال كان ماعز بن مالك في حجر أبي فأصاب
جارية من الحي فقال له أبي إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك
وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج فأتاه فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي
كتاب الله فأعرض عنه إلى أن أتاه الرابعة فقال له إنك قد قلتها أربع مرات فبمن
قال بفلانة قال هل ضاجعتها قال نعم قال هل باشرتها قال نعم قال هل
جامعتها قال نعم فأمر به فرجم فوجد مس الحجارة فخرج يشتد فلقيه عبد الله
بن أنيس فنزع له بوظيف بعير فقتله وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هلا تركتموه لعله
يتوب فيتوب الله عليه انتهى وزاد فيه أحمد قال هشام فحدثني يزيد بن بن نعيم عن
أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رآه والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك لكان خيرا
لك مما صنعت به قال في التنقيح إسناده صالح وهشام بن سعد روى له مسلم
وقد تكلم فيه من قبل حفظه ويزيد بن نعيم روى له مسلم أيضا وذكره بن حبان في
الثقات وأبوه نعيم ذكره في الثقات أيضا وهو مختلف في صحبته فإن لم تثبت
صحبته فآخر هذا الحديث مرسل انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك بن مغيرة
عن عبد الله بن المقدام عن بن شداد عن أبي ذر قال كنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال إنه زنى فأعرض عنه ثم ثنى ثم ثلث ثم ربع
فأمرنا فحفرنا له فرجم انتهى قال في التنقيح وحجاج فيه كلام وعبد الملك
هو والطائفي وثقه بن حبان وروى له الترمذي حديثا وعبد الله بن المقدام بن المورد
طائفي أيضا لم يذكره بن أبي حاتم بجرح انتهى
حديث آخر رواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وابن أبي شيبة
في مصنفه حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزي عن
أبي بكر قال أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف وأنا عنده مرة فرده ثم جاء
103

فاعترف عنده الثانية فرده ثم جاء فاعترف عنده الثالثة فرده قال فقلت له إن
اعترف الرابعة رجمك قال فاعترف الرابعة فحبسه ثم سال عنه فقالوا لا نعلم لا
خيرا فامر به فرجم انتهى
أحاديث الخصوم فيه حديث العسيف أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة
وزيد بن خالد الجهني أنهما قالا إن رجلا من الاعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه
نعم اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل قال إن ابني هذا كان
عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة
ووليدة فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على
امرأة هذا الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله
الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة
هذا فإن اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرجمت انتهى وفي لفظ لهما وجلد ابنه مائة وغربه عاما قالوا فعلق رجمها
باعترافها ولم يشترط الأربع
حديث آخر وهو حديث الغامدية أخرجه مسلم عن بريدة في حديث ماعز قال
أتت امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني قال ويحك ارجعي
فاستغفري الله وتوبي قالت أتريد أن ترددني كما رددت ماعزا قال وما ذاك
قالت إني حبلى من الزنك فقال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من
الأنصار حتى وضعت ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية قال إذا لا
نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي
رضاعه يا نبي الله فرجمها انتهى قالوا وليس فيه إقرارها أربع مرات قالوا
وإنما ردد النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا أربع مرات لأنه عليه السلام ظن أن في عقله شيئا لا لكونه
104

شرطا في وجوب الحد قالوا وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين
ثم أمر به فرجم وفيه أيضا عن أبي سعيد الخدري أنه اعترف بالزنا ثلاث مرات قالوا
وهذا يضعف القول باشتراط الأربع والجواب أما حديث العسيف فمعناه واغد
يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت الاعتراف المعهود بالتردد أربع مرات وأما
حديث الغامدية فالراوي قد يختصر الحديث ولا يلزم عن عدم الذكر عدم الوقوع
وأيضا فقد ورد في بعض طرقه أنه ردها أربع مرات أخرجه البزار في مسنده عن
زكريا بن سليم ثنا شيخ من قريش عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه فذكره وفيه
أنها أقرت بالزنا أربع مرات وهو يردها ثم قال لها اذهبي حتى تلدي الحديث
ويراجع وأما قولهم إنه عليه السلام ردد ماعزا أربع مرات لأنه ظن أن بعقله شيئا فليس
بشئ لأنه عليه السلام سأل عن عقله بعد اعترافه الرابعة كما تقدم في حديث أبي
هريرة وحديث جابر المخرجين في الصحيحين فلو كان تكرار الأربعة إنما هو
لاختبار عقله لما كان في السؤال عنه بعد الرابعة فائدة وكيف وقد رده عليه السلام
بعد أن أخبر بعقله كما أورده مسلم من حديث بريدة أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فرده
ثم أتاه الثانية من الغد فرده ثم أرسل إلى قومه هل تعلمون بعقله بأسا فقالوا ما نعلمه
إلا وفي العقل من صالحينا فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا
بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ورجمه مختصر فظهر من هذا أن
الأربعة معتبرة ويؤيد ذلك ما تقدم عند أبي داود في حديث هزال أنه عليه السلام قال
لماعز إنك قد قلتها أربع مرات وفي لفظ له عن بن عباس إنك شهدت على نفسك
أربع مرات وفي لفظ لابن أبي شيبة أليس أنك قد قلتها أربع مرات فرتب الرجم
على الأربع وإلا فمن المعلوم أنه قالها أربع مرات ويدل عليه ما تقدم في مسند أحمد
عن أبي بكر أنه قال له بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد اعترافه ثلاث مرات إن اعترفت الرابعة
رجمك وهذا أصرح في الدلالة على اشتراط الأربع لولا أن في إسناده جابر الجعفي
وأما قولهم إنه ورد في الصحيح أنه رده مرتين وثلاث مرات فالجواب أنه رده مرتين بعد
مرتين واختصر الراوي منها مرتين يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود
105

والنسائي عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بماعز بن مالك
فاعترف مرتين فقال اذهبوا به ثم قال ردوه فاعترف مرتين حتى اعترف أربع
فقال اذهبوا به فارجموه انتهى فتبين بهذا ان المرتين المذكورتين في الصحيح
هما من الأربع وكذلك رواية الثلاث أي معهما رابعه وتتفق بذلك الأحاديث والله أعلم
الحديث السادس روى أنه عليه السلام طرد ماعزا في كل مرة حتى توارى عليه
بحيطان المدينة قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما رواه بن حبان في صحيحه من
حديث أبي هريرة قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الابعد زنى فقال
له ويلك وما يدريك ما الزنا فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الثانية فقال مثل
ذلك فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الثالثة فقال له مثل ذلك فأمر به فطرد
وأخرج ثم أتاه الرابعة فقال مثل ذلك قال أدخلت وأخرجت قال نعم فأمر
106

به أن يرجم مختصر
الحديث السابع قال عليه السلام لماعز لعلك مسستها أو قبلتها قلت
رواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك عن حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن
عكرمة عن بن عباس أن ماعزا أتى إلى رجل من المسلمين فقال له إني أصبت فاحشة
فما تأمرني فقال له اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره
فقال له لعلك قبلتها قال لا قال فمسستها قال لا قال ففعلت بها كذا أو
لم تكن قال نعم قال اذهبوا به فارجموه انتهى وسكت عنه وتعقبه
الذهبي في مختصره فقال وحفص بن عمر العدني ضعفوه انتهى والحديث
عند البخاري بلفظ لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا قال أفنكتها قال
نعم فعند ذلك أمر برجمه انتهى وهو عند أحمد في مسنده لعلك قبلت أو
لمست أو نظرت الحديث
فصل
الحديث الثامن روى أنه عليه السلام رجم ماعزا وقد أحصن قلت تقدم في
حديث عند البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة أنه عليه السلام قال له هل أحصنت
107

قال نعم فقال عليه السلام اذهبوا به فارجموه وللبخاري عن جابر أنه عليه السلام قال
له أبك جنون قال لا قال هل أحصنت قال نعم فأمر به فرجم بالمصلى
الحديث التاسع قال عليه السلام في الحديث المعروف وزنى بعد إحصان
قلت روى من حديث عثمان ومن حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة
فأما حديث عثمان فأخرجه الترمذي في الفتن والنسائي في تحريم الدم
وابن ماجة في الحدود عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أسعد بن سهل أبي أمامة
الأنصاري عن عثمان أنه أشرف عليه يوم الدار فقال أنشدكم بالله أتعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنى بعد إحصان
وارتداد بعد إسلام وقتل نفس بغير حق قالوا اللهم نعم قال فعلام تقتلوني
الحديث قال الترمذي حديث حسن ورواه حماد بن سلمة أيضا عن يحيى بن سعيد
فرفعه وقد رواه يحيى بن سعيد القطان وغيره عن يحيى بسعيد فوقفوه
انتهى وقال في علله الكبري سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال
رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري فرفعه قال محمد حدثنا به داود
بن شبيب عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد به مرفوعا قال أبو عيسى وإنما رواه
عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرفوعا حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأما الآخرون
فرووه عن يحيى بن سعيد موقوفا انتهى كلامه ورواه بسند السنن أحمد في مسنده
والحاكم في
المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
انتهى أخرجه في الحدود ورواه الشافعي في مسنده عن حماد بن زيد به عن
عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا من إحدى ثلاث كفر بعد
إيمان وزنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس انتهى ومن طريق الشافعي رواه
البيهقي في المعرفة في كتاب الجراح وهو القصاص وله طريق آخر رواه
البزار في مسنده عن نافع عن بن عمر عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بلفظ
الشافعي سواء إلا أنه قال أو قتل نفس متعمدا فيقتل به قال البزار وقد روى هذا
108

الحديث عن عثمان من غير هذا الوجه
وأما حديث عائشة فأخرجه أبو داود في سننه أول الحدود حدثنا محمد بن
سنان الباهلي ثنا إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير عن عائشة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل زنى بعد
إحصان فإنه يرجم ورجل خرج محاربا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى
في الأرض ورجل قتل نفسا فإنه يقتل بها انتهى
حديث آخر مرسل أخرجه البخاري عن عمر بن عبد العزيز أنه سأل أبا قلابة ما
يقول في القسامة فذكره إلى أن قال قال أبو قلابة فقلت والله ما قتل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال رجل قتل بجريرة نفسه فقتل أو رجل زنى
بعد إحصان أو رجل حارب الله ورسوله وارتد عن الاسلام الحديث مختصر
وفي لفظ قال ما علمت نفسا حل قتلها في الاسلام إلا رجل زنى بعد إحصان الحديث ومعنى
الحديث في الكتب الستة أخرجوه عن مسروق عن عبد الله بن
مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلا ث الثيب
الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة انتهى
قوله وعلى ذلك إجماع الصحابة قلت روى البخاري ومسلم عن بن عباس
أن عمر بن الخطاب خطب فقال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب
فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من
بعده وإني حسبت أن طال بالناس الزمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب
الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا
كان محصنا إن قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وأيم الله لولا أن يقول
109

الناس زاد عمر في كتاب الله عز وجل لكتبتها انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن الشعبي عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة
قال رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وتكلم الناس في سماع الشعبي من علي
قال بن القطان في كتابه وهو محل نظر مع أن سنه محتمل لادراك علي فإن عليا
رضي الله عنه قتل سنة أربعين والشعبي إن صح عمره كان إذا مات اثنين وثمانين سنة
وموته سنة أربع ومائة كما قال مجالد فقد كان مولده سنة اثنين وعشرين فيكون إذ
قتل علي بن ثمانية عشر عاما وإن كان موته سنة خمس ومائة أو سنة ثلاث ومائة
وكل ذلك قد قيل فقد زاد عام أو نقص عام وإن صح أن سنه كان يوم مات سبعا
وسبعين كما قد قيل فيه أيضا نقص من ذلك خمسة أعوام فيكون بن ثنتي عشرة سنة
وإن صح أنه مات بن سبعين سنة كما قال أبو داود فقد صغر سنه عن التحمل فعلى
هذا يكون سماعه من علي مختلفا فيه وسئل الدارقطني سمع الشعبي من علي قال
سمع منه حرفا ما سمع غير هذا ذكره في كتاب العلل وحديثه عنه قليل معنعن
فمن ذلك حديثه عنه مرفوعا لا تغالوا في الكفن وحديثه في رجم المحصنة ومنهم من
يدخل بينه وبين على عبد الرحمن بن أبي ليلى انتهى كلامه قلت رواه أحمد في
مسنده وفيه أنه كان حاضر الواقعة وكان فيمن رجم شراح وسيأتي بعد هذا
قوله ويبتدئ الشهود برجمه ثم الامام ثم الناس كذا روى عن علي ثم قال
وإن كان مقرا ابتدأ الامام الناس كذا روى عن علي قلت أخرجه البيهقي في سننه
عن الأجلح عن الشعبي قال جئ بشراحة الهمدانية إلى علي بن أبي طالب فقال
لها لعل رجلا وقع عليك وأنت نائمة قالت لا قال لعله استكرهك قالت لا
قال لعل زوجك من هؤلاء فأنت تكتمينه يلقنها لعلها تقول نعم فأمر بها فحبست
فلما وضعت ما في بطنها أخرجها يوم الخميس فضربها مائة وحفر لها يوم الجمعة في
110

الرحبة وأحاط الناس بها وأخذوا الحجارة فقال ليس هكذا الرجم إذا يصيب
بعضكم بعضا صفوا كصف الصلاة صفا خلف صف ثم قال أيها الناس أيما امرأة
جئ بها وبها حبل أو اعترفت فالامام أول من يرجم ثم الناس وأيما امرأة جئ بها
أو رجل زان فشهد عليه أربعة بالزنا فالشهود أول من يرجم ثم الناس ثم رجمها
ثم أمرهم فرجم صف ثم صف ثم صف ثم قال افعلوا بها ما تفعلون بموتاكم
انتهى ورواه أحمد في مسنده عن يحيى بن سعيد عن مجالد عن الشعبي قال
كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى علي بن أبي طالب
فقال إن هذه زنت فاعترفت فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وحفر لها
إلى السرة وأنا شاهد ثم قال إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان شهد على
هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ولكنها أقرت فأنا
أول من يرميها فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم قال فكنت والله فيمن
قتلها انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن إدريس عن يزيد
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا كان إذا شهد عنده الشهود على الزنا أمر الشهود
أن يرجموا ثم رجم هو ثم رجم الناس وإذا كان بإقرار بدأ هو فرجم ثم رجم
الناس انتهى حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحسن بن سعيد عن عبد الرحمن
بن عبد الله بن مسعود عن علي قال أيها الناس إن الزنا زناءان زنا سر وزنا علانية
فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أول من يرمي ثم الامام ثم الناس وزنا
العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الامام أول من يرمي قال وفي
يده ثلاثة أحجار فرماها بحجر فأصاب صماخها فاستدارت ورمى الناس انتهى
111

الحديث العاشر ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد
اعترفت بالزنا قلت رواه أبو داود في سننه فقال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا
وكيع بن الجراح عن زكريا أبي عمران قال سمعت شيخا يحدث عن بن أبي بكرة
عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة قال أبو داود وحدثت عن
عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زكريا بن سليم أبو عمران بإسناده نحوه وزاد ثم رماها
بحصاة مثل الحمصة قال ارموا واتقوا الوجه فلما طفئت أخرجها فصلى عليها
انتهى ورواه النسائي في الرجم حدثنا محمد بن حاتم عن حبان بن موسى عن
عبد الله عن زكريا بن أبي عمران البصري قال سمعت شيخا يحدث عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة بهذا الحديث بتمامه ورواه البزار في مسنده والطبراني
في معجمه قال البزار ولا نعلم أحدا سمى هذا الشيخ وتراجع ألفاظهم
وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة النسائي ولم يعله بغير الانقطاع
رضي الله تعالى عنهما
الحديث الحادي عشر روي أنه عليه السلام قال في ماعز اصنعوا به كما تصنعون
بموتاكم قلت رواه بن أبي شيبة فمصنفه في كتاب الجنائز حدثنا أبو معاوية
عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه بريرة قال لما رجم ماعز
قالوا يا رسول الله ما نصنع به قال اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل
والكفن والحنوط والصلاة عليه انتهى
الحديث الثاني عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغامدية بعد ما رجمت قلت
رواه الجماعة إلا البخاري من حديث عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت النبي
112

صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأتمه علي فدعا النبي صلى الله عليه وسلم
وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها
ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد
زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل
وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله انتهى وأخرجه مسلم أيضا من
حديث بريرة مشتملا على قصة ماعز والغامدية معا وفيه ثم أمر بها فصلى عليها
ودفنت وفيه بشير بن المهاجر قال المنذري في مختصره ليس له في صحيح
مسلم سوى هذا الحديث وقد وثقه يحيى بن معين وقال الإمام أحمد منكر الحديث
يجئ بالعجائب مرجئ متهم وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به
ولا عيب على مسلم في إخراج هذا الحديث فإنه أتى به في الطبقة الثانية ليبين اطلاعه
على طرق الحديث انتهى كلامه
وفي الباب حديث الصلاة على ماعز رواه البخاري في صحيحه في أول
كتاب المحاربين حدثنا محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي
سلمة عن جابر فذكر قصة ماعز وفي آخره ثم أمر به فرجم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم
خيرا وصلى عليه قال بن القطان في كتابه قيل للبخاري قوله وصلى عليه
قاله غير معمر قال لا انتهى ورواه أبو داود عن محمد بن المتوكل والحسن
بن علي كلاهما عن عبد الرزاق به ورواه الترمذي عن الحسن بن علي به وقال
حسن صحيح ورواه النسائي في الجنائز عن محمد بن يحيى ومحمد بن رافع
ونوح بن حبيب ثلاثتهم عن عبد الرزاق به وقالوا فيه كلهم ولم يصل عليه قال
المنذري في حواشيه وقد أعلم بعضهم هذه الزيادة بأن محمود بن غيلان شيخ
البخاري تفرد بها عن عبد الرزاق وقد خالفه عن عبد الرزاق جماعة محمد بن يحيى
الذهلي ونوح بن حبيب وحميد بن زنجويه وإسحاق بن راهويه وأحمد بن منصور
113

الزيادي وإسحاق بن إبراهيم الديري والحسن بن علي ومحمد بن المتوكل قال
فهؤلاء ثمانية قد خالفوا محمود بن غيلان في هذه الزيادة وفيهم هؤلاء الحفاظ
إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه ولم يذكرها أحد
منهم وحديث إسحاق بن راهويه في مسلم إلا أنه لم يذكر لفظه وأحال على
حديث عقيل قبله وليس فيه ذكر الصلاة قال وإذا حملت الصلاة في حديث محمود
بن غيلان على الدعاء اتفقت الأحاديث يعني حديث ماعز والغامدية انتهى
حديث آخر في الصلاة عليه أخرجه أبو قرة الزبيدي عن بن جريج عن عبد الله
بن أبي بكر عن أبي أيوب عن أبي أمامة بن سهل الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم
رجم ماعز وطول في الأوليين حتى كاد الناس يعجزون من طول الصلاة فلما انصرف
أمر به فرجم فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فأصاب رأسه فقتله
وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم والناس مختصر وهذا اللفظ يبعد تأويل الصلاة بالدعاء لان
الناس صلوا عليه بلا خلاف وعطف الناس على النبي صلى الله عليه وسلم مشعر بأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
كصلاتهم والله أعلم
حديث آخر في ترك الصلاة عليه أخرجه أبو داود في سننه عن أبي عوانة عن
أبي بشر حدثني نفر من أهل البصرة عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل
على ماعز بن مالك ولم ينه عن الصلاة عليه انتهى وضعفه بن الجوزي في التحقيق
بأن فيه مجاهيل ونقل عن الإمام أحمد أنه قال ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على
أحد إلا على الغال وقاتل نفسه قال ولو صح هذا الحديث فصلاته على الغامدية
كانت بعد ذلك انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن عباس أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
إنه زنى فأمر به فرجم ولم يصل عليه انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده
صحيح وأخرجه النسائي عن عكرمة مرسلا قال النووي ويجمع بين الروايتين بأن
114

رواية الاثبات مقدمة لأنها زيادة علم أو أنه عليه السلام أمرهم بالصلاة عليه ولم
يصل هو بنفسه عليه انتهى كلامه
قوله روى أن عليا لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرة السوط قلت غريب وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن حنظلة السدوسي قال سمعت
أنس بن مالك يقول كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين حتى يلين
ثم يضرب به قلنا لانس في زمان من كان هذا قال في زمان عمر بن الخطاب
انتهى وأخرج بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما عن يحيى بن عبد الله
التيمي عن أبي ماجد الحنفي عن بن مسعود أن رجلا جاء بابن أخ له إليه فقال إنه
سكران فقال ترتروه ومزمزوه واستنكهوه ففعلوا فرفعه إلى السجن ثم عاد به
من الغد وعاد بسوط ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى صارت درة ثم قال
للجلاد اجلد وأرجع يدك وأعط كل عضو حقه انتهى وروى عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
الله إني أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط شديد له ثمرة فقال
سوط دون هذا فأتى بسوط مكسور لين فقال سوط فوق هذا فأتى بسوط بي
سوطين فقال هذا فأمر به فجلد ورواه بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن
محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد أصاب حدا فذكره
بنحوه ورواه مالك في الموطأ قال أبو مصعب أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا
اعترف على نفسه بالزنا فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتى بسوط مكسور فقال
فوق هذا فأتى بسوط جديد لم يقطع ثمرته فقال بين هذين فأتى بسوط قد ركب به
ولان فأمر به فجلد ثم قال أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله فمن أصاب
من هذه القاذورة شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله
انتهى
115

رضي الله تعالى عنهما
قوله روى أن عليا كان يأمر بالتجريد في الحدود قلت غريب وروى عنه
خلافه كما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن جابر عن القاسم بن
عبد الرحمن عن أبيه عن علي أنه أتى برجل في حد فضربه وعليه كساء فسطا بي
قاعدا انتهى أخبرنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن رجل أن عليا ضرب جارية
فجردت وتحت ثيابها درع حديد ألبسها إياه أهلها ونفاها إلى البصرة انتهى أخبرنا
بن عيينة عن مطرف عن الشعبي قال سألت المغيرة بن شعبة عن المحدود أتنزع عنه
ثيابه قال لا إلا أن يكون فروا أو محشوا انتهى أخبرنا الثوري عن جويبر عن
الضحاك بن مزاحم عن بن مسعود قال لا يحل في هذه الأمة التجريد ولا مد ولا
غل انتهى
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام للذي أمره بضرب الحد اتق الوجه
والمذاكير قلت غريب مرفوعا وروى موقوفا على علي رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا حفص عن بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن المهاجر بن عميرة عن
علي أنه أتى برجل سكران أو في حد فقال اضرب واعط كل عضو حقه واتق
الوجه والمذاكير انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن بن
أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن عكرمة بن خالد قال أتى علي برجل في حد فذكره
وقال في التنقيح ورواه سعيد بن منصور حدثنا هشيم ثنا بن أبي ليلى عن عدي بن
ثابت قال أخبرني هنيدة بن خالد الكندي عن علي فذكره والنهي عن ضرب
الوجه في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضرب
أحدكم فليتق الوجه انتهى أخرجه مسلم في البر وله في اللباس عن جابر
116

قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه انتهى أخرجه
عن أبي الزبير وأخرج البخاري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضرب
الصورة انتهى وإذا كان ضرب الوجه منهيا عنه حالة القتل كما أخرجه أبو داود عن
زكريا بن سليم عن شيخ حدث عن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم
امرأة فحفر لها إلى الثندوة ثم قال ارموا واتقوا الوجه فأولى أن يكون منهيا عنه
حالة الجلد
قوله روى عن أبي بكر أنه قال اضرب الرأس فإن فيه شيطانا قلت رواه بن
117

أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم أن أبا بكر أتى برجل انتفى
من أبيه فقا أبو بكر اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس انتهى والمسعودي
ضعيف
أثر آخر نحوه عن عمر رواه الدارمي في أوائل مسنده في باب الفتيا
فقال أخبرنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد ثنا يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن رجلا
يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد
أعد له عراجين النخل فقال له من أنت قال أنا عبد الله صبيغ فأخذ عمر عرجونا
من تلك العراجين فضربه على رأسه وقال أنا عبد الله عمر وجعل عمر يضربه حتى
دمى رأسه فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي
انتهى
قوله قال علي يضرب الرجال في الحدود قياما والنساء قعودا قلت رواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن
علي قال يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة في الحد انتهى وأخرجه البيهقي
الحديث الرابع عشر روى أنه عليه السلام حفر للغامدية إلى ثندوتها قلت رواه
أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن زكريا بن سليم أبي
عمران قال سمعت شيخا يحدث عن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر
لها إلى الثندوة انتهى وفيه مجهول وحديثها في مسلم من رواية بريدة وفيه ثم
أمر بها فحفر لها إلى صدرها ثم أمر الناس فرجموها ويوجد في بعض نسخ الهداية
حفر لها إلى ثديها والثدي يذكر ويؤنث قاله الجوهري وابن فارس ولم يذكر الفراء
وثعلب غير التذكير قال الجوهري الثدي للرجل والمرأة وقال بن فارس الثدي
للمرأة ويقال للرجل ثندوة بفتح الثاء بلا همزة وبضمها مع الهمزة وهذا
مشعر بتخصيص الثندوة بالرجل وقد وقع في الصحيح أن رجلا وضع ذباب سيفه بين
ثدييه وفي حديث جابر الطويل في الحج فوضع يده بين ثديي ولم أجد أحدا من
أهل اللغة ذكر استعمال الثندوة في المرأة وفي حديث أبي داود استعماله والله
أعلم
118

قوله روى أن عليا حفر لشراحة قلت تقدم عند أحمد والبيهقي من حديث
شراحة عن الشعبي عن علي فذكره وفيه وحفر لها زاد أحمد إلى السرة
قوله وإن ترك الحفر لا يضره لأنه عليه السلام لم يأمر بذلك قلت هذا ذهول
من المصنف وتناقض فإنه تقدم في كلامه أنه عليه السلام حفر للغامدية وهو في
مسلم
الحديث الخامس عشر روى أنه عليه السلام ما حفر لماعز قلت رواه مسلم من
حديث الخدري قال لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلا البقيع فوالله
ما أوثقناه ولا حفرنا له ولكنه قام لنا قال فرميناه بالعظام والمد والخزف فاشتد
واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى
سكت قال فما استغفر له ولا سبه انتهى ووقع أيضا في مسلم أنه حفر له
من رواية بريدة وفيه فلما كانت الرابعة حفرت له حفرة ثم أمر به فرجم وفي
مسند أحمد أيضا من حديث أبي ذر أنه عليه السلام حفر له وفيه الحجاج بن أرطاة
وقد تقدم ولما تعذر الجمع بين الروايتين على البيهقي سكت عنهما قال في المعرفة
وأما الحفر للمرجوم ففي مسلم من حديث الخدري قال فما حفرنا له وفيه من حديث
بريدة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له فجعل فيها إلى صدره انتهى كلامه
الحديث السادس عشر قال عليه السلام أربع إلى الولاة وذكر منها الحدود
119

قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة عن عاصم عن الحسن
قال أربعة إلى السلطان الصلاة والزكاة والحدود والقصاص انتهى حدثنا بن
مهدي عن حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن عبد الله بن محيريز قال الجمعة
والحدود والزكاة والفئ إلى السلطان انتهى حدثنا عمر بن أيوب عن مغيرة بن زياد
عن عطاء الخراساني قال إلى السلطان الزكاة والجمعة والحدود انتهى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث السابع عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا قلت أخرجه الأئمة
الستة عن بن عمر مختصرا ومطولا أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن
رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الزنا
فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا
بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها
فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفعها فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد
120

فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما انتهى وعند أبي داود من طريق
محمد بن إسحاق عن الزهري سمعت رجلا من مزينة يحدث عن سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة قال زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة الحديث وفيه رجل مجهول
وهو عند بن حبان في صحيحه في حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين قد
أحصنا انتهى وعنده فيه أيضا فوضع بن صورياء الأعور يده علي آية الرجم
الحديث الثامن عشر قال عليه السلام من أشرك بالله فليس بمحصن قلت
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد العزيز بن محمد ثنا عبيد الله عن نافع
عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أشرك بالله فليس بمحصن انتهى قال إسحاق
رفعه مرة فقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفه مرة انتهى ومن طريق إسحاق بن راهويه
رواه الدارقطني في سننه ثم قال لم يرفعه غير إسحاق ويقال إنه رجع عن ذلك
والصواب موقوف انتهى وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في مسنده كما تراه
ليس فيه رجوع وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه والله أعلم
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عفيف بن سالم ثنا سفيان الثوري عن موسى
121

بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحصن الشرك بالله شيئا
انتهى قال الدارقطني وهم عفيف في رفعه والصواب موقوف من قول بن عمر
انتهى قال بن القطان في كتابه وعفيف بن سالم الموصلي ثقة قاله بن معين وأبو
حاتم إذا رفعت الثقة لم يضره ووقف من وقفه وإنما علته أنه من رواية أحمد بن أبي نافع
عن عفيف المذكور وهو أبو سلمة الموصلي ولم تثبت عدالته قال بن عدي سمعت
أحمد بن علي بن المثنى يقول لم يكن موضعا للحديث وذكر له فيما ذكر هذا
الحديث قال هو منكر من حديث الثوري انتهى وقال الدارقطني في كتاب
العلل هذا حديث يرويه موسى بن عقبوا اختلف عنه فرواه عفيف بن سالم عن
الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه أبو أحمد
الزبيري فرواه عن الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر موقوفا وهو أصح
وروى عن إسحاق بن راهويه عن الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر مرفوعا
والصحيح موقوف انتهى قال البيهقي في المعرفة وكان المراد بالاحصان في هذا
الحديث إحصان القذف وإلا فابن عمر هو الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديين
زنيا وهو لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه انتهى والله أعلم
الحديث التاسع عشر قال عليه السلام لا يحصن المسلم اليهودية ولا النصرانية
ولا الحر الأمة ولا الحرة العبد قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه
ومن طريقه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه وابن عدي في
الكامل من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك أنه
أراد أن يتزوج يهودية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تتزوجها فإنها لا تحصنك انتهى قال
الدارقطني وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا انتهى
وقال بن عدي أبو بكر بن أبي مريم بكير الغساني الغالب على حديثه الغرائب قل ما
يوافقه عليه الثقات وهو ممن لا يحتج بحديثه وتكتب أحاديثه فإنها صالحة انتهى
122

وأخرجه أبو داود في المراسيل عن بقية بن الوليد عن عتبة بن تميم عن علي بن أبي
طلحة عن كعب بن مالك به فذكره قال بن القطان في كتابه هذا حديث
ضعيف ومنقطع فانقطاعه فيما بين علي بن أبي طلحة وكعب بن مالك وضعفه من
جهة عتبة بن تميم فإنه ممن لا يعرف حاله وقد رواه عنه بقية وهو ممن عرف ضعفه
ولا يعلم روى عن عتبة بن تميم إلا بقية وإسماعيل انتهى قال في التنقيح وعتبة
وثقه بن حبان انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لا أعلم أحدا رواه عن علي بن
أبي طلحة غير عتبة بن تميم وأبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف الاسناد منقطع
انتهى وقال البيهقي في المعرفة هذا حديث يرويه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف
عن علي بن أبي طلحة عن كعب وهو منقطع فإن علي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا
قال الدارقطني فيما أخبرني عنه أبو عبد الرحمن السلمي ورواه بقية بن الوليد عن عتبة
بن تميم عن علي بن أبي طلحة عن كعب وهو أيضا منقطع انتهى وأخرج بن أبي
شيبة في مصنفه عن الحسن أنه كان يقول لا يحصن الأمة الحر ولا العبد الحرة
انتهى
الحديث العشرون روى أنه عليه السلام لم يجمع في المحصن بين الجلد والرجم
قلت فيه حديث العسيف وحديث ماعز
فحديث العسيف أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة وزيد بن خالد أن
رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله
وقال الآخر وكان أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن
أتكلم قال تكلم قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن
على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم سألت أهل العلم فأخبروني إنما
على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما
والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد إليك وعلى
123

ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها قال
فغدا عليها فاعترفت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فرجمت انتهى
وحديث ماعز تقدم غير مرة وفيه الرجم وليس فيه الجلد حتى إن الأصوليين
استدلوا على تخصيص الكتاب بالسنة بأنه عليه السلام رجم ماعزا ولم يجلده لان آية
الجلد شاملة للمحصن وغيره
أحاديث الخصوم أخرج مسلم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة
والثيب بالثيب جلد مائة والرجم انتهى
وحديث شراحة تقدم عند البيهقي وأحمد من رواية الشعبي عن علي أنه جلدها
يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بستة رسول الله
صلى الله عليه وسلم والحديث في البخاري ليس فيه الجلد ولفظه عن الشعبي عن علي حين رجم
المرأة يوم الجمعة قال رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى والجواب على ذلك من
وجهين أحدهما أنه منسوخ قال الحازمي في كتابه روى حديث ماعز جماعة
كسهل بن سعد وابن عباس ونفر تأخر إسلامهم وحديث عبادة كان في أول الأمر
وبين الزمانين مدة انتهى وقال المنذري في مختصره ذهب إلى الجمع بين الجلد
والرجم علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود والحسن البصري
وقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والزهري وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة
ومالك والشافعي والأوزاعي وسفيان إن الثيب عليه الرجم دون الجلد ورأوا
حديث عبادة منسوخا وتمسكوا بأحاديث تدل على النسخ منها حديث العسيف
أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وفيه فان اعترفت فارجمها فغدا عليها
فاعترفت فرجمها فهذا الحديث آخر الامرين لان رواية أبو هريرة وهو متأخر
الاسلام ولم يتعرض للجلد فيه بذكر انتهى الثاني أنه محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
124

يعلم بإحصانه فجلده ثم علم بإحصانه فرجمه يدل عليه ما أخرجه أبو داود
والنسائي عن بن وهب قال سمعت بن جريج يحدث عن أبي الزبير عن جابر أن
رجلا زنى فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد ثم أخبر أنه كان قد أحصن فأمر به فرجم
انتهى وأخرجاه أيضا عن أبي عاصم عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رجلا
زنى فلم يعلم بإحصانه فجلد ثم علم بإحصانه فرجم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال
النسائي لا نعلم أحدا رفعه غير بن وهب ووقفه هو الصواب ورفعه خطأ انتهى
واختار المصنف الجواب الأول أنه منسوخ وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا الحديث
انتهى
الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام البكر بالبكر جلد مائة وتغريب
عام قلت أخرجه مسلم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا
عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة
والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر فيمن زنى
ولم يحصن بجلد مائة
وتغريب عام قال بن شهاب وأخبرني عروة بن الزبير أن عمر
بن الخطاب غرب ثم لم تزل تلك السنة انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن
زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه انتهى
حديث آخر حديث العسيف وقد تقدم وفيه وعلى ابنك جلد مائة وتغريب
عام وفي لفظ للبخاري وجلد ابنه مائة وغربه عاما ذكره في الايمان قال
المصنف والحديث منسوخ كشطره وهو قوله عليه السلام الثيب بالثيب جلد مائة
125

ورجم بالحجارة يعني حديث عبادة بن الصامت المذكور انتهى
قوله وعن علي أنه قال كفى بالنفي فتنة قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه
ومحمد بن الحسن في كتاب الآثار قالا أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان
عن إبراهيم النخعي قال قال عبد الله بن مسعود في البكر يزني بالبكر قال يجلدان
مائة وينفيان سنة قال وقال علي حسبهما من الفتنة أن ينفيا انتهى وروى محمد
بن الحسن أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال كفى
بالنفي فتنة انتهى وروى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب قال
غرب عمر ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال
عمر لا أغرب بعده مسلما انتهى
قوله وعليه يحمل النفي المروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم قلت روى
الترمذي حدثنا أبو كريب ويحيى بن أكثم قالا ثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله
عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب وأن أبا بكر
ضرب وغرب وأن عمر ضرب وغرب انتهى وقال حديث غريب هكذا رواه غير واحد عن عبد الله بن
إدريس عن عبيد الله فرفعوه ورواه بعضهم عن بن إدريس عن عبيد الله بن نافع عن
بن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب الحديث حدثنا بذلك أبو سعيد الأشج ثنا عبد الله بن
إدريس به وهكذا روى من غير رواية بن إدريس عن عبيد الله بن عمر نحو هذا
وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن أبا بكر لم يقولوا فيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه النسائي حدثنا محمد بن العلاء ثنا عبد الله بن إدريس به
126

مرفوعا ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه انتهى وذكره بن القطان في كتابه من جهة النسائي وقال رجاله
ليس فيهم من يسأل عنه لثقته وشهرته وقد رواه هكذا عن عبد الله بن عمر كما رواه
بن العلاء عن بن إدريس عنه جماعة ذكرهم الدارقطني منهم مسروق بن المرزبان
ويحيى بن أكثم وجحدر بن الحارث وفيه رواية أخرى عن بن إدريس رواها يوسف
ومحمد بسابق عن بن إدريس عن عبيد الله عن نافع أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكر
بن عمر وفيه رواية ثالثة عن بن إدريس رواها عنه محمد بن عبد الله بن نمير وأبو سعيد
الأشج عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب الحديث لم يقل
فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر جميع ذلك الدارقطني وقال إن هذه الرواية الأخيرة هي
الصواب قال بن القطان وعندي أن الحديث صحيح ولا يمتنع أن يكون عند بن
إدريس فيه عن عبيد الله جميع ما ذكر انتهى
أثر آخر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر
الصديق أتى برجل قد وقد على جارية بكر فأحبلها ثم اعترف على نفسه بالزنى ولم
يكن أحصن فأمر به أبو بكر فجلد الحد ثم نفى إلى فدك انتهى وروى
عبد الرزاق في مصنفه في الطلاق أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع قال جاء رجل
127

إلى أبي بكر فذكر أن ضيفا له افتض أخته استكرهها على نفسها فسألها فاعترف
فضربه أبو بكر الحد ونفاه سنة إلى فدك ولم يضربا لأنه استكرهها ثم زوجها إياه
أبو بكر وأدخله عليها انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير عن مغيرة عن بن يسار مولى
لعثمان قال جلد عثمان امرأة في زنا ثم أرسل بها مولى له يقال له المهري إلى
خيبر نفاها إليها انتهى
أثر آخر في موطأ مالك عن نافع أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه
استكره جارية من تلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد
الوليدة لأنه استكرهها انتهى
الحديث الثاني والعشرون روى أنه عليه السلام قال للغامدية بعد ما وضعت
ارجعي حتى يستغنيك ولدك قلت غريب بهذا اللفظ وهو في مسلم عن بشير
بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال جاءت الغامدية فقالت يا رسول الله
إني زنيت فطهرني وأنه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لعلك تريد أن
ترددني كما رددت ماعزا فوالله إني لحبلى فقال إما لا فاذهبي حتى تلدي فلما
ولدت أتته بالصبي في يده كسره خبز فقالت هذا يا رسول الله قد فطمته وقد أكل
الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها فأمر
الناس فرجموها وأخرجه أيضا عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه
فذكره إلى أن قال ثم جاءت امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني
فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه قالت أراك تريد أن ترددني كما
128

رددت ماعزا قال وما ذاك قالت إنها حبلى من الزنا قال أنت قالت نعم فقال
لها اذهب حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت
ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية قال إذا لا نرجمها وندع ولدها
صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه يا رسول الله قال
فرجمها انتهى وفي هذما يقتضي أنه رجمها حين وضعت وفي الأول ما يقتضي أنه
تركها حتى فطمت ولدها ولك الأول فيه بشير بن المهاجر وفيه مقال ويتقوى الثاني
برواية عمران بن حصين أخرجهم مسلم أيضا وفيها أنه عليه السلام رجمها بعد أن
وضعت وقال بعضهم يحتمل أن يكونا امرأتين إحداهما وجد لولدها كفيل
والأخرى لم يوجد لها كفيل فوجب إمهالها حتى يستغني ولدها والله أعلم
باب الوطئ الذي يوجب الحد
الحديث الأول قال عليه السلام ادرءوا الحدود بالشبهات قلت غريب بهذا
اللفظ وذكر أنه في الخلافيات للبيهقي عن علي وفي مسند أبي حنيفة عن بن
عباس وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن منصور عن الحارث عن
إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب لان أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن
أقيمها بالشبهات انتهى حدثنا عبد السلام عن إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه أن معاذا وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر قالوا إذا اشتبه عليك الحد
129

فادرأه انتهى وأخرج عن الزهري قال ادفعوا الحدود بكل شبهة انتهى وأخرج
الدارقطني في سننه حديث عمرو بن شعيب وهو معلول بإسحاق بن أبي فروة فإنه
متروك
130

قوله ولو قال لها أنت خلية أو برية أو أمر ك بيدك واختارت نفسها ثم وطئها
في العدة وقال علمت أنها علي حرام لا يحد لاختلاف الصحابة فيه فمن مذهب
عمر أنه تطليقة رجعية قلت مذهب عمر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان
الثوري عن حماد عن إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب وابن مسعود إن اختارت
نفسها فهي واحدة وإن اختارت زوجها فلا شئ انتهى حدثنا بن التيمي عن
إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال عمر وابن مسعود إن اختارت زوجها
فلا بأس وإن اختارت نفسها فهي واحدة وله عليها الرجعة انتهى حدثنا الثوري عن
منصور حدثني إبراهيم عن علقمة والأسود أن بن مسعود جاء إليه رجل فقال كان
بيني وبين امرأتي كلام فقالت لو أن الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع
قال فقلت لها قد جعلت أمرك بيدك فقالت أنا طالق ثلاثا قال بن مسعود أراها
واحد وأنت أحق بالرجعة وسألت أمير المؤمنين عمر فقال ماذا قلت قال قلت
أراها واحدة وهو أحق بها قال وأنا أرى ذلك انتهى أخبرنا الثوري عن الأعمش
عن أبي الضحى عن مسروق عن بن مسعود نحوه وزاد ولو رأيت غير ذلك لم
تصب انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه بالأسانيد الأربعة
المذكورة ومتونها بلفظها سواء ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو
حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن
مسعود كانا يقولان في المرأة إذا خيرها زوجها فاختارته فهي امرأته وإن اختارت
نفسها فهي تطليقة وزوجها أملك بها انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في
131

الطلاق أيضا أخبرنا سفيان الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عمر في الخلية والبرية
وألبتة والبائنة هي واحدة وهو أحق بها قال وقال علي هي ثلاث وقال شريح له
ما نوى انتهى
أثر آخر قال عبد الرزاق أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن القاسم بن
محمد عن زيد بن ثابت أنه قال في رجل جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثا
قال هي واحدة انتهى
أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر
بن عبد الله يقول في الرجل يخير امرأته فاختارت نفسها قال هي واحدة انتهى
أثر آخر رواه الشافعي في مسنده أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن
ثابت عن خارجة بن زيد قال كنت جالسا عند زيد بن ثابت فجاءه محمد بن أبي
عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد ما شأنك قال إني ملكت امرأتي أمرها ففارقتني
فقال له زيد ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة وأنت أملك بها انتهى ورواه مالك
في الموطأ كما تراه
أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن
أبيه في الخلية والبرية وألبتة أنه كان يجعلها ثلاثا ثلاثا انتهى ورواه الشافعي في
مسنده أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر أنه قال في الخلية والبرية إن كل واحد
منهما ثلاث تطليقات انتهى ورواه مالك في الموطأ كما تراه
اثر آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد
بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن زيد بن ثابت كان يقول إذا اختارت زوجها فلا
شئ وهي امرأته وإن اختارت نفسها فهي ثلاث وهي عليه حرام حتى تنكح زوجا
غيره وكان علي بن أبي طالب يقول إذا اختارت زوجها فهي واحدة والزوج أملك
بها وإذا اختارت نفسها فهي واحدة وهي أملك بنفسها انتهى
أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن التيمي عن أبيه عن الحسن بن مسلم عمن
سمع بن عباس يقول في الرجل يقول لامرأته أنت برية إنها واحدة انتهى
132

أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر وابن جريج عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن بن عمر قال إذا ملك الرجل امرأته أمرها بيدها والقضا ما قضت إلا أن
ينكر الرجل فيقول لم أرد إلا واحدة ويحلف على ذلك فيكون أملك بها ما كانت
في عدتها انتهى ورواه مالك في الموطأ عن نافع أن بن عمر قال فذكره ورواه
الشافعي في مسنده أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر فذكره
أثر آخر أخرجه عبد الرزاق عن علي بنحوه وأخرجه بن أبي شيبة عن عثمان
وابن عباس وابن عمر
أثر آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن بن مسعود وعمر قالا في
البرية والخلية هي تطليقة وهو أملك برجعتها وأخرج عن علي قال هي ثلاث
ثلاث
أثر آخر في الموطأ عن أبي مصعب حدثنا مالك أنه بلغه أن رجلا جاء إلى
عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن إني جعلت أمر امرأتي بيدها فطلقت نفسها
فماذا ترى فقال عبد الله أراه كما قالت قال الرجل لا تفعل يا أبا عبد الرحمن
قال أنا أفعل أنت فعلته انتهى
أثر آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا
داود بن رشيد ثنا أبو حفص الابار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن علي قال في
الخلية والبرية وألبتة والبائن والحرام ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن عمرو بن دينار عن
محمد بن عباد بن جعفر أن عمر بن الخطاب سئل عن رجل طلق امرأته البتة فقال هي
واحدة انتهى أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن عبد الله بن أبي سلمة أخبره
عن سليمان عن عمر نحوه وفيه قصة
أثر آخر في موطأ مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب أنه قال في قول الرجل
133

لامرأته أنت علي حرام إنها ثلاث تطليقات انتهى مالك عن بن شهاب عن مروان
بن الحكم أنه كان يقضي في الذي يطلق امرأته البتة إنها ثلاث تطليقات انتهى
الأحاديث المرفوعة حديث روى الترمذي في الطلاق حدثنا علي بن نصر
بن علي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال قلت لأيوب هل علمت أحدا قال
في أمرك بيدك إنها ثلاث قال لا إلا الحسن ثم قال اللهم غفرا إلا ما حدثني
قتادة عن كثير مولى بن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث
قال أيوب فلقيت كثير مولى بن سمرة فسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة
فأخبرته فقال نسي انتهى وقال حديث لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن
حرب عن حماد بن زيد وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حدثنا
سليمان بن حرب عن حماد بن زيد بهذا وإنما هو عن أبي هريرة موقوف ولم يعرف
حديث أبي هريرة مرفوعا وكان علي بن نصر حافظا صاحب حديث انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم
رجلا طلق البتة فغضب وقال أتتخذون آيا ت الله هزوا ولعبا من طلق البتة ألزمناه
ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى قال عبد الحق في إسناده
إسماعيل بن أبي أمية الكوفي عن عثمان بن مطر عن عبد الغفور بن عبد العزيز الواسطي
وكلهم ضعفاء انتهى
حديث آخر حديث ركانة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد الله
بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده أنه طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما أردت قال واحدة قال البتة قال البتة فقال له عليه السلام
هي على ما أردت وردها إليه زاد أبو داود فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في
زمان عثمان انتهى قال أبو داود وهذا أصح من حديث بن جريج أن ركانة
طلق امرأته ثلاثا لأنهم أهل بيته وهم أعلم به وحديث بن جريج رواه عن
134

بعض بني أبي رافع عن عكرمة عن بن عباس انتهى وأخرجه أبو داود أيضا من
طريق محمد بن إدريس الإمام الشافعي حدثني عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد
الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة فذكره قال عبد الحق
في أحكامه في إسناد هذا الحديث عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير
عن ركانة والزبير بن سعيد عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده
وكلهم ضعفاء والزبير أضعفهم وقال البخاري علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه لم
يصح حديثه انتهى كلامه قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق
محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن ركانة طلق امرأته
ثلاثا الحديث انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام أنت ومالك لأبيك قلت روى من حديث
جابر ومن حديث عائشة ومن حديث سمرة بجندب ومن حديث عمر بن
الخطاب ومن حديث بن مسعود ومن حديث بن عمر
فحديث جابر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس
ثنا يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا
قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي قال أنت ومالك
لأبيك انتهى قال بن القطان إسناده صحيح وقال المنذري رجاله ثقات وقال
في التنقيح ويوسف بن إسحاق من الثقات المخرج لهم في الصحيحين قال وقول
الدارقطني فيه غريب تفرد به عيسى عن يوسف لا يضره فان غرابة الحديث والتفرد به
لا يخرجه عن الصحة وقال الدارقطني في حديث الاستخارة غريب من حديث
عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد عن جابر وفي حديث رحم الله الرجل سمحا
إذا باع تفرد به أبو غسان عن محمد وفي حديث كل معرو ف صدقة تفرد به علي
135

بن عباس عن محمد وكلها مخرجة في صحيح البخاري إلى غير ذلك انتهى
كلامه
طريق أخر أخرجه الطبراني في معجمه الصغير والبيهقي في دلائل النبوة
عن عبيد بن خلصة ثنا عبد الله بن عمر المدني عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه
عن جابر قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبيه يريد أن يأخذ
ماليه فقال عليه السلام أدعه ليه فما جاء قال له عليه السلام إن ابنك يزعم أنك
تأخذ ماله فقال سله هل هو إلا عماته أو قراباته أو ما أنفقه على نفسي وعيالي
فقال فهبط جبرائيل عليه السلام فقال يا رسول الله إن الشيخ قال في نفسه شعرا لم
تسمعه أذناه فقال له عليه السلام قلت في نفسك شعرا لم تسمعه أذناك فهاته فقال لا
يزال يزيدنا الله تعالى بك بصيرة ويقينا ثم أنشأ يقول
غذوتك مولودا ومنتك يافعا * تعل بما أحنى عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت * لسقمك إلا ساهرا أتململ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها * لتعلم أن الموت حتم موكل
كأني أنا المطروق دونك بالذي * طرقت به دوني فعيني تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة * كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي * فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بمنكب ابنه وقال له اذهب فأنت ومالك
لأبيك وعقد له البيهقي بابا في الدلائل فقال باب إخباره عليه السلام الشعر
136

ثم ذكره والله أعلم
وأما حديث عائشة فرواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والأربعين
من القسم الثالث عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عن عائشة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
يخاصم أباه في دين له عليه فقال له عليه السلام أنت ومالك لأبيك انتهى
وأما حديث سمرة بن جندب فأخرجه البزار في مسنده والطبراني في
معجمه عن أبي إسماعيل الحوراني واسمه عبد الله بن إسماعيل عن جريج بن حازم
عن الحسن عن سمرة فذكره بلفظ بن ماجة قال البزار ورواه غير أبي إسماعيل
فأرسله ولا نعلم أسنده إلا أبو إسماعيل انتهى وأعله العقيلي في ضعفائه بعبد الله
بن إسماعيل وقال إنه منكر الحديث لا يتابع على شئ من حديثه قال وفي الباب
أحاديث من غير هذا الوجه انتهى
وأما حديث عمر فأخرجه البزار في مسنده عن سعيد بن بشير عن مطر الوراق
عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر مرفوعا بلفظ بن ماجة قال البزار
لا نعلمه يروي عن عمر إلا من هذا الوجه وأعله بن عدي في الكامل بسعيد بن
بشير وضعفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووثقه عن شعبة
وأما حديث بن مسعود فأخرجه الطبراني في معجمه عن معاوية بن يحيى
الطرابلسي ثنا إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية عن غيلان بن جامع عن حماد بن أبي
سليمان عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل
أنت ومالك لأبيك انتهى ورواه في معجمه الصغير وقال تفرد به بن ذي
137

حماية وكان من الثقات انتهى وأعله بن عدي في الكامل بمعاوية بن يحيى
وضعفه تضعيفا يسيرا وقال إن في بعض رواياته ما لا يتابع عليه
وأما حديث بن عمر فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي سمية ثنا معتمر قال قرأت على الفضيل عن أبي حريز عن أبي إسحاق
عن بن عمر مرفوعا بلفظ بن مسعود ورواه البزار في مسنده حدثنا وهب بن يحيى
ثنا ميمون بن زيد عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن بن عمر فذكره وقال لا
نعلمه يروي عن بن عمر إلا بهذا الاسناد وعمر بن محمد فيه لين انتهى
قوله ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء إنها زوجتك فوطئها فلا حد
عليه وعليه المهر قضى بذلك علي رضي الله عنه قلت غريب جدا
138

الحديث الثالث قال عليه السلام اقتلوا الفاعل والمفعول به قلت روى من
حديث بن عباس ومن حديث أبي هريرة
فحديث بن عباس أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد العزيز بن
محمد الدراوردي عن عمر بن أبي عمرو عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به انتهى
قال أبو داود رواه سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو مثله ورواه عباد بن منصور
عن عكرمة عن بن عباس رفعه ورواه بن جريج عن إبراهيم عن داود بن حصين عن
عكرمة عن بن عباس رفعه انتهى وقال الترمذي وإنما نعرف هذا الحديث عن بن
عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن أبي عمرو
وقال ملعون من عمل عمل قوم لوط ولم يذكر فيه القتل وروى عن عاصم بن عمر
عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل
المفعول به وهو حديث في إسناده مقال ولا نعلم أحدا رواه عن سهيل بن أبي صالح
غير عاصم بن عمر العمري وهو يضعف في الحديث من قبل حفظه انتهى وبسند
139

السنن رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد
ولم يخرجاه انتهى وأخرجه النسائي بلفظ ملعون من عمل عمل قوم لوط كما أشار
إليه الترمذي قال البخاري عمرو بن أبي عمرو صدوق لكنه روى عن عكرمة مناكير
وقال النسائي عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي انتهى وقال المنذري عمرو بن أبي
عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي كنيته أبو عثمان واسم أبي عمرو
ميسرة احتج به البخاري ومسلم وروى عنه مالك وتكلم فيه غير واحد وقال
شيخنا الذهبي في الميزان قال بن معين عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث
عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعول به وقد أخرج له
الجماعة وروى عنه مالك ولينه جماعة فقال أبو حاتم لا بأس به وقال أبو داود
ليس بالقوي وقال عبد الحق لا يحتج به قال الذهبي وهو ليس بضعيف ولا
مستضعف ولا هو في الثقة كالزهري بل دونه انتهى
وأما حديث أبي هريرة فله طريقان أحدهما الذي أشار إليها الترمذي أخرجه
البزار في مسنده عن عاصم بن عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به انتهى
قال البزار لا نعلمه يروي من حديث سهيل إلا عن عاصم عنه انتهى ورواه
بن ماجة في سنن بلفظ فارجموا الاعلى والأسفل وقد تقدم قول الترمذي
وعاصم يضعف في الحديث من قبل حفظه انتهى
الطريق الثاني أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن عبد الله
عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن سهيل به وسكت عنه وتعقبه الذهبي
في مختصره فقال إسناده ضعيف فان عبد الرحمن العمري ساقط
انتهى
140

قوله ويروي فارجموا الاعلى والأسفل قلت رواه بن ماجة عن عاصم بن
عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الاعلى والأسفل انتهى
ومن أحاديث الباب ما رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا محفوظ بن نصر الهمداني ثنا عمر بن راشد عن جابر قال سمعت سالم
بن عبد الله وأبان بن عثمان وزيد بن الحسن يذكرون أن عثمان بن عفان أتى برجل قد
فجر بغلام من قريش معروف النسب فقال عثمان ويحكم أين الشهود أحصن
قالوا تزوج بامرأة ولم يدخل بها بعد فقال علي لعثمان رضي الله عنهما لو دخل بها
لحل عليه الرجم فأما إذا لم يدخل فاجلده الحد فقال أبو أيوب أشهد أني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي ذكر أبو الحسن فأمر به عثمان فجلد مائة انتهى
ومما استدل به بن العربي في أحكام القرآن على أن اللواط زنا وفيه الحد أن الله تعالى
سماه في القرآن فاحشة فقال أتأتون الفاحشة وفي الحديث عن أبي سعيد
الخدري قال جاء رجل من أسلم يقال له ماعز بن مالك فقال يا رسول الله إني
أصبت فاحشة فطهرني الحديث رواه مسلم بهذا اللفظ قال أهل اللغة الفاحشة
الزنا ذكره في الصحاح وغيره وقال إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث
في قوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم أجمع المفسرون أنه الزنا
قلت ونظير ذلك ما استدل به بعض العلماء على قطع النباش بقوله عليه السلام يأتي
زمان يكون البيت فيه بالعبد أو قال بالوصيف يعني بالبيت القبر قالوا والبيت
يقطع السارق منه فكذلك يقطع السارق من القبر وترجم على هذا الحديث أبو داود
في سننه باب قطع النباش ثم أخرجه وسيأتي في كتاب السرقة
141

الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن القاسم
بن الوليد عن يزيد بن قيس أن عليا رجم لوطيا انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال أتى بن الزبير بسبعة في
لواطة أربعة منهم قد أحصنوا وثلاثة لم يحصنوا فأمر بالأربعة فرضخوا بالحجارة
وأمر بالثلاثة فضربوا الحد وابن عباس وابن عمر في المسجد انتهى كلامه
حديث آخر رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين
أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا
بأربع فذكرها وذكر الرابع ورجل عمل عمل قوم لوط انتهى
قوله ولأبي حنيفة أنه ليس بزنا لاختلاف الصحابة في موجبه من الاحراق بالنار
وهدم الجدار والتنكيس من مكان مرتفع قلت روى البيهقي في شعب الايمان من
طريق بن أبي الدنيا حدثنا عبيد الله بن عمر ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن داود بن بكر
عن محمد بن المنكدر أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر أنه وجد رجلا في بعض
نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة فجمع أبو بكر الصحابة فسألهم فكان من
أشدهم في ذلك قولا علي قال هذا ذنب لم يعص به إلا أمة واحدة صنع الله بها ما
قد علمتم نرى أن نحرقه بالنار فاجتمع رأى الصحابة على ذلك انتهى ورواه
الواقدي في كتاب الردة في آخر ردة بني سليم فقال حدثني يحيى بن عبد الله بن
أبي فروة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر
الصديق أخبرك أني أتيت برجل قامت عندي البينة أنه يوطأ في دبره كما توطأ المرأة
فدعا أبو بكر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واستشارهم فيه فقال له عمر وعلي
142

أحرقه بالنار فان العرب تأنف أنفا لا يأنفه أحد غيرهم وقال غيرهما اجلدوه فكتب
أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن حرقه بالنار فحرقه خالد فقال القائل فيه شعر
فما حرق الصديق جدي ولا أبي * إذا المرء ألهاه الخنا عن حلائله
أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد
عن أبي نضرة قال سئل بن عباس ما حد اللوطي قال ينظر أعلى بناء في القرية
فيرمي منه منكسا ثم يتبع بالحجارة انتهى ورواه البيهقي أيضا من طريق بن أبي الدنيا
ثنا عبيد الله بن عمر ثنا غسان بن مضر به انتهى
الحديث الرابع روى أنه تذبح البهيمة وتحرق قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه
ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قال قلت له ما شأن البهيمة قال ما أراه قال
ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها أو ينتفع بها وقد عمل بها هذا العمل انتهى
أخرجه بن ماجة عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة
به والباقون عن عمرو بن أبي عمر عن عكرمة به وزاد بن ماجة فيه ومن وقع على
ذات محرم فاقتلوه وأخرجه الدارقطني في سننه بالسندين وعمرو بن أبي
عمرو تقدم الكلام عليه وأما إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة فقال أحمد ثقة
وقال البخاري منكر الحديث وضعفه غير واحد من الحفاظ وضعف أبو داود هذا
الحديث بحديث أخرجه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن بن عباس موقوفا
ليس على الذي يأتي البهيمة حد انتهى وكذلك أخرجه الترمذي والنسائي قال
الترمذي وهذا أصح من الأول انتهى ولفظه قال من أتى بهيمة فلا شئ عليه
انتهى قال البيهقي وقد رويناه من أوجه عن عكرمة ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر
143

عن عاصم بن بهدلة في الحفظ كيف وقد تابعه جماعة وعكرمة عند أكثر الأئمة من
الثقات الاثبات انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عمرو بن أبي عمرو
عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا
الفاعل والمفعول به ومن وجدتموه يأتي بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه انتهى
وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وله شاهد في ذكر البهيمة ثم أخرجه عن عباد بن
منصور عن عكرمة عن بن عباس ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يأتي البهيمة اقتلوا
الفاعل والمفعول به انتهى وسكت عنه وأخرجه أحمد في مسنده أعني حديث
عباد بن منصور
الحديث الخامس قال عليه السلام لا تقام الحدود في دار الحرب قلت
غريب وأخرج البيهقي عن الشافعي قال قال أبو يوسف حدثنا بعض أشياخنا عن
144

مكحول عن زيد بن ثابت قال لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها
بالعدو قال وحدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر بن
الخطاب كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري وإلى عماله أن لا يقيموا حدا على أحد من
المسلمين في أرض الحرب حتى يخرجوا إلى أرض المصالحة قال الشافعي ومن هذا
الشيخ ومكحول لم ير زيد بن ثابت انتهى وهذا الأخير رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا بن المبارك عن أبي بكر بن مريم عن حكيم بن عمير به وزاد لئلا
تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا بن المبارك عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي
مريم عن حميد بن فلان بن رومان أن أبا الدرداء نهى أن يقام على أحد حد في أرض
العدو انتهى
145

حديث مرفوع أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن بسر بن أرطاة قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الأيدي في السفر انتهى ولفظ الترمذي
في الغزو قال الترمذي حديث غريب والعمل عليه عند بعض أهل العلم منهم
الأوزاعي يرون أن لا يقام الحد في الغزو بحضرة العدو ومخافة أن يلحق من يقام عليه
الحد بالعدو فإذا رجع الامام إلى دار الاسلام أقام عليه الحد انتهى وبسر بن أرطاة
ويقال بن أبي أرطاة اختلف في صحبته قال البيهقي في المعرفة أهل المدينة
ينكرون سماع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى الله عليه وسلم فكان يحيى بن معين يقول بسر بن أبي
146

أرطاة رجل سوء قال البيهقي وذلك لما اشتهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة انتهى
وقال بن سعد في الطبقات قال الواقدي بسر بن أبي أرطاة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا
ولم يسمع منه شيئا وقال غيره إنه سمع منه انتهى واستدل البيهقي للشافعي في إقامة
الحدود بدار الحرب بإطلاق الآيات الواردة في حد الزاني وقطع السارق وجلد
القاذف وبما أخرجه أبو داود في المراسيل عن مكحول عن عبادة بن الصامت أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا حدود الله في السفر والحضر على القريب والبعيد ولا تبالوا
147

في الله لومة لائم ورويناه بإسناد موصول في السنن انتهى
باب الشهادة على الزنا خال
قوله وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا لأنهم قذفة قلت فيه أثر رواه
الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث حدثنا إبراهيم بن حميد ثنا
أبو الحسن ثنا الفضل بن دكين ثنا الوليد ثنا أبو الطفيل قال أقبل رهط معهم امرأة حتى
نزلوا مكة فخرجوا لحوائجهم وتخلف رجل مع المرأة فلما رجعوا وجدوه بين
148

رجليها وعلى مكة يومئذ نافع بن عبد الحارث الخزاعي فشهد ثلاثة منهم أنهم رأوه يهب
فيها كما يهب المرود في المكحلة وقال الرابع لم أر المرود في المكحلة ولكن رأيت
استه يضرب استها ورجلاها عليه كأذني الحمار فكتب نافع إلى عمر فكتب إليه
عمر إن شهد الرابع بما شهد الثلاثة فارجمها إن كانا أحصنا وإلا فاجلدهما وإن
لم يشهد إلا بما قال فاجلد الشهود الثلاثة وخل سبيل المرأة انتهى وقال الهب
الاهتزاز
149

أثر آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في فضائل المغيرة بن شعبة عن أبي عتاب سهل
بن حماد ثنا أبو كعب صاحب الحرير عن عبد العزيز بن أبي بكرة قال كنا
جلوسا عند باب الصغير الذي في المسجد أبو بكرة وأخوه نافع وشبل بن معبد
فجاء المغيرة بن شعبة يمشي في ظلال المسجد والمسجد يومئذ من قصب والمغيرة يومئذ
أمير البصرة أمر عليها عمر بن الخطاب فانتهى إلى أبي بكرة فسلم عليه فقال له أبو
بكرة أيها الأمير ليس لك ذلك اجلس في بيتك وابعث إلى من شئت فتحدث معه
قال يا أبا بكرة ولا بأس ثم دخل المغيرة من باب الأصغر حتى تقدم إلى باب أم جميل
امرأة من قيس فدخل عليها فقال أبو بكرة والله لا صبر لي على هذا ثم بعث غلاما
150

له وقال له ارق الغرفة وانظر من الكوة فذهب فنظر فلم يلبث أن رجع فقال
وجدتهما في لحاف فقال أبو بكرة للقوم قوموا معي فقاموا فبدأ أبو بكرة فنظر
ثم استرجع ثم قال لأخيه انظر فنظر قال له ما رأيت قال الزنا محصنا ثم قال
لشبل انظر فنظر فقال مثل ذلك ثقال يا زياد انظر فنظر فقال مثل ذلك
فقال أشهد الله عليكم قالوا نعم ثم كتب أبو بكرة إلى أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب بما رأى فبعث عمر أبا موسى الأشعري أميرا على البصرة أن يرسل إليه
المغيرة ومعه أبو بكرة وشهوده فلما قدم أبو موسى أرسل بالمغيرة وأبي بكرة
151

وشهوده وقال للمغيرة ويل لك إن كان مصدوقا عليك وطوبى لك إن كان مكذوبا
عليك فلما قدموا على عمر قال لأبي بكرة هات ما عندك قال أشهد أني رأيت
الزنا محصنا ثم تقدم أخوه نافع فقال نحو ذلك ثم تقدم شبل بن معبد البجلي
فقال نحو ذلك ثم تقدم زياد فقال له ما رأيت قال رأيتهما في لحاف وسمعت
نفسا عاليا ولا أدري ما وراء ذلك فكبر عمر وفرح إذ نجا المغيرة وضرب القوم
الحد إلا زيادا انتهى وسكت عنه
طريق آخر رواه عبد الرزاق في تفسيره أخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن
152

ميسرة عن بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر بالزنا ونكل زياد
فحد عمر الثلاثة ثم سألهم أن يتوبوا فتاب اثنان فقبلت شهادتهما وأبى أبو بكرة أن
يتوب فكانت شهادته لا تقبل حتى مات وعاد مثل النصل من العبادة انتهى
طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن عبد الرزاق ثنا الثوري عن سليمان
التيمي عن أبي عثمان النهدي قال شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة
153

بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة ونكل زياد فقال عمر
هذا رجل لا يشهد إلا بحق ثم جلدهم عمر الحد انتهى ورواه بن سعد في
الطبقات في ترجمة المغيرة أخبرنا الواقدي حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن
المسيب فذكره بلفظ عبد الرزاق وزاد قال وكان ذلك سنة سبعة عشر ثم ولاه
154

عمر بعد ذلك الكوفة يعني المغيرة انتهى
155

باب حد الشرب
حديث روى عنه عليه السلام من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث معاوية ومن حديث بن عمر ومن
حديث قبيصة بن ذؤيب ومن حديث جابر ومن حديث الشريد ومن حديث
الخدري ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث جرير ومن حديث بن مسعود
ومن حديث شرحبيل بن أوس ومن حديث غطيف
فحديث أبي هريرة أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي عن بن ذئب عن
خاله الحارث بن عبد الرحمن المدني عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد الرابعة
156

فاقتلوه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والخمسين من القسم
الثاني وقال معناه إذا استحل ولم يقبل التحريم انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة
مرفوعا بلفظ من شرب الخمر فاجلدوه الحديث وعن عبد الرزاق رواه أحمد في
مسنده
وحديث معاوية أخرجوه إلا النسائي عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح
عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره
ولفظ أبي داود إذا شربوا الخمر فاجلدوهم الحديث قال الترمذي سمعت محمد
بن إسماعيل يقول حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي
هريرة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والسبعين من القسم
الأول والحاكم في المستدرك وسكت عنه قال شيخنا الذهبي في مختصره هو
صحيح انتهى وأخرجه النسائي في سننه الكبري
وحديث بن عمر أخرجه النسائي في الأشربة عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن
157

بن عمر ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه
إلى آخره ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين انتهى
قال بن القطان في كتابه قال بن معين عبد الرحمن هذا ضعيف انتهى ورواه أبو
داود محيلا على حديث معاوية فقال حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد
بن يزيد عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بهذا المعنى وأحسبه قال في
الخامسة إن شربها فقتلوه قال أبو داود وكذا حديث أبي غطيف في الخامسة
انتهى
وحديث قبيصة رواه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا سفيان
قال الزهري أنبأ عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فاجلدوه
فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه فأتى برجل
قد شرب فجلده ثم أتى به فجلده ثم أتى به فجلده ورفع القتل وكانت رخصة
قال سفيان حدثنا الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخول بن راشد
فقال لهما كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث انتهى وقبيصة في صحبته خلاف
وحديث جابر أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن محمد بن إسحاق عن
محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره قال ثم أتى
النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر في الرابعة فجلده ولم يقتله انتهى وزاد في
لفظ فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن الحد قد رفع انتهى ورواه البزار في
مسنده عن بن إسحاق به أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالنعمان قد شرب الخمر ثلاثا فأمر بضربه
فلما كان في الرابعة أمر به فجلد الحد فكان نسخا انتهى
وحديث الخدري أخرجه بن حبان في صحيحه عن عاصم بن أبي النجود
عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره
158

ثم قال وهذا الخبر سمعه أبو صالح من معاوية ومن أبي سعيد معا انتهى
وحديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن
راهويه أنبأ معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو
مرفوعا نحوه وسكت عنه ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا وكيع عن قرة
عن الحسن عن عبد الله بن عمرو ورواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا همام ثنا
قتادة عن شهر بن حوشب به ورواه بن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن شميل ثنا
قرة بن خالد عن الحسن به وزاد فكان عبد الله بن عمرو يقول ائتوني برجل شرب
الخمر أربع مرات فلكم علي أن أضرب عنقه انتهى وكذلك لفظ عبد الرزاق
ائتوني برجل قد جلد فيه ثلاثا فلكم على الحديث ومن طريق بن راهويه رواه
الطبراني في معجمه
وحديث جرير رواه الحاكم في المستدرك من حديث سماك بن حرب عن خالد
بن حزم عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه ورواه الطبراني في معجمه
وحديث بن مسعود رواه الطبراني
وحديث شرحبيل أخرجه الحاكم في المستدرك عن شعبة عن يزيد بن أبي
كبشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ثم نقل عن بعض رواته أنه قال هو
شرحبيل بن أوس وسكت عنه ورواه الطبراني في معجمه حدثنا أبو زرعة
الدمشقي ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا جرير بن عثمان حدثني نمران بن محمد عن
شرحبيل بن أوس الكندي قال وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم
فذكره
159

وحديث غطيف فرواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه من حديث
إسماعيل بن عياش عن سعيد بن سالم عن معاوية بن عياض بن غطيف بن عياض عن أبيه
عن جده غطيف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد
فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه انتهى لم يذكر فيه القتل قال البزار لا نعلم روى
غطيف غير هذا الحديث
وحديث الشريد أخرجه الحاكم في المستدرك عن بن إسحاق عن الزهري
عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد مرفوعا بنحوه وقال صحيح على شرط
مسلم انتهى والمصنف استدل بالحديث على الحد من الخمر ولم يتعرض لنسخ القتل
لكنه أعاده في الأشربة وذكر نسخ القتل
قوله روى عن بن مسعود أنه قال فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه قلت
غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن يحيى بن
عبد الله التيمي الجابر عن أبي ماجد الحنفي قال جاء رجل بابن أخ له سكران إلى
عبد الله بن مسعود فقال عبد الله ترتروه ومزمزوه واستنكهوه ففعلوا فرفعه إلى
السجن ثم عاد به من الغد ودعا بسوط ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى
صارت درة ثم قال للجلاد اجلد وارجع تلك واعط كل عضو حقه انتهى ومن
160

طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ورواه إسحاق بن راهويه في
مسنده أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن يحيى بن عبد الله الجابر به وأخرج البخاري
ومسلم في صحيحيهما عن بن مسعود أنه قرأ سورة يوسف فقال رجل ما هكذا
أنزلت فقال عبد الله والله لقرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحسنت فبينا هو
يكلمه إذ وجد منه رائحة الخمر فقال أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب فضربه
الحد انتهى وأخرج الدارقطني في سننه بسند صحيح عن السائب بن يزيد عن
عمر بن الخطاب أنه ضرب رجلا وجد منه ريح الخمر وفي لفظ ريح شراب الحد تاما
انتهى
قوله وحد الشرب ثبت بالاجماع من الصحابة ولا إجماع إلا برأي بن
مسعود وقد شرط قيام الرائحة على ما رويناه قلت تقدم كل ذلك
الله تعالى قوله روى أن عمر رضي الله عنه أقام الحد على أعرابي سكر من النبيذ قلت
أخرجه الدارقطني في سننه عن سعيد بن ذي لعوة أن أعرابيا شرب من أداوة عمر
161

نبيذا فسكر فضربه الحد انتهى قال الدارقطني هذا لا يثبت انتهى ورواه العقيلي
في كتابه وزاد فيه فقال الاعرابي إنما شربته من أداوتك فقال عمر إنما جلدناك
على السكر انتهى وأعله بسعيد بن ذي لعوة وأسند تضعيفه عن البخاري وقال
البيهقي في المعرفة قال البخاري سعيد بن ذي لعوة عن عمر في النبيذ يخالف الناس
في حديثه يعرف وقال بعضهم سعيد بن حدان وهو وهم انتهى وقال في
التنقيح قال بن المديني سعيد هذا مجهول وقال أبو حاتم لا أعلم روى عنه غير
الشعبي وأبي إسحاق انتهى
طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن مسهر عن الشيباني عن
حسان بن مخارق قال بلغني أن عمر بن الخطاب ساير رجلا في سفر وكان صائما
فلما أفطر أهوى إلى قربة لعمر معلقة فيها نبيذ فشرب منها فسكر فضربه عمر الحد
فقال إنما شربت من قربتك فقال له عمر إنما جلدناك لسكرك انتهى
طريق آخر روى الزهري عن السائب بن يزيد عن عمر أنه قال بلغني أن عبيد الله
بن عمر وأصحابه شربوا شرابا وأنا سائل عنه فإن كان يسكر حددتهم قال
السائب فأنا شهدت عمر حدهم انتهى ينظر الأطراف
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن إسماعيل أن رجلا
عب في شراب نبيذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى أفاق ثم
حده انتهى
162

أحاديث الباب أخرج الدارقطني في سننه عن عمران بن داود عن خالد بن دينار عن
أبي إسحاق عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد سكر من نبيذ تمر فجلده
انتهى وعمران بن داود بفتح الدال والواو فيه مقال وأخرجه في الأشربة عن
أبي العوام القطان حدثني عمرو بن دينار عن بن عمر به ورواه إسحاق بن راهويه في
مسنده أخبرنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن النجراني عن بن عمر قال أتى
النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فضربه الحد وقال له ما شرابك قال تمر وزبيب فقال لا
تخلطوهما جميعا يكفي أحدهما من صاحبه انتهى
أثر أخرجه الدارقطني في سننه عن وكيع عن شريك عن فراس عن الشعبي أن
رجلا شرب من أداوة على نبيذا بصفين فسكر فضرب الحد انتهى ورواه بن أبي
شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن علي
بنحوه وقال فضربه ثمانين
أثر آخر رواه بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن أبي عون عن
عبد الله بن شداد عن بن عباس قال في السكر من النبيذ ثمانون انتهى
قوله وحد الخمر والسكر ثمانون سوطا في الحر لاجماع الصحابة قلت فيه
أحاديث فروى البخاري في صحيحه من حديث السائب بن يزيد قال كنا نؤتي
بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر فنقوم إليه
بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذ عتوا وفسقوا
163

جلد ثمانين انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد
والنعال ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال ما
ترون في جلد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف أرى أن تجعله كأخف الحدود قال
فجلد عمر ثمانين انتهى هكذا وقع في مسلم عن عبد الرحمن بن عوف هو
الذي أشار على عمر بالثمانين ووقع في الموطأ وغيره أن الذ أشار على عمر هو
علي بن أبي طالب رواه مالك في الموطأ عن ثور بن زيد الديلي عن عمر بن الخطاب
أنه استشار في الخمر يشربها الرجل فقال له علي بن أبي طالب نرى أن نجلده ثمانين
فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذ هذي افترى وعلى المفتري ثمانون
فاجعله حد الفرية فجلد عمر في الخمر ثمانين انتهى وعن مالك رواه الشافعي في
مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن ثور بن زيد الديلي عن
عكرمة عن بن عباس أن الشراب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي
والنعال والعصى حتى توفي فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي إلى أن قال
فقال عمر ماذا ترون فقال علي رضي الله عنه إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي
وإذا هذي افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة فأمر به عمر فجلد ثمانين انتهى
164

وكذلك أخرجه الدارقطني في سننه
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة أن
عمر بن الخطاب شاور الناس في جلد الخمر وقال إن الناس قد شربوها واجترءوا
عليها فقال له على إن السكران إذا سكر هذي وإذا هذي افترى فاجعله حد
الفرية فجعله عمر حد الفرية ثمانين انتهى
الأحاديث الواردة في الثمانين روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق
بن أبي إسرائيل حدثني هشام بن يوسف أخبرني عبد الرحمن بن صخر الأفريق عن
جميل بن كريب عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين انتهى وأشار إليه بالتضعيف صاحب
التنقيح فقال وروى بإسناد غريب لا يثبت عن عبد الله بن عمرو مرفوعا من شرب
بسقة خمر فاجلدوه ثمانين انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن رشدين ثنا
عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني ثنا بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال
عن نبيه بن وهب عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد
في الخمر ثمانين انتهى وقال لا يروي هذا الحديث إلا بهذا الاسناد
حديث آخر مرسل رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن عوف
عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر ثمانين انتهى قال في التنقيح وأما ما ورد
في مسلم عن أنس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو
الأربعين وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف
أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر فهذا لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم حدا وإلا لما تجاوزته
165

الصحابة وإنما فعله زجرا وعقوبة فبلغ ضربه نحو الأربعين فلما فهمت الصحابة ذلك
ألحقوه بأخف الحدود وقد أخرج البخاري ومسلم عن عمير بن سعيد عن علي
قال ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر
لأنه إن مات وديته لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه انتهى
باب حد القذف
الحديث الأول من أشرك بالله فليس بمحصن تقدم في حد الزنا
166

الحديث الثاني قال عليه السلام الخال أب قلت حديث غريب وفي
الفردوس لأبي شجاع الديلمي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا الخال والد من لا والد
له انتهى
قوله لمكان اختلاف الصحابة يعني في مكاتب مات وتر ك وفاء هل يموت
حرا أو عبدا سيأتي في المكاتب إن شاء الله تعالى
مسألة استدل للقائلين بالحد في التعريض بالقذف بما رواه مالك في الموطأ من
رواية يحيى بن يحيى عنه عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان
الأنصاري عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب
فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن
169

الخطاب فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا
نرى أن تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين انتهى واستدل للشافعي على أنه لا
حد فيه بحديث الاعرابي الذي قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال
هل لك من إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال فهل فيها من أورق قال إن فيها لورقا
قال فأنى أتاها ذلك قال لعل نزعه عرق قال وكذلك هذا
الولد لعل نزعه عرق انتهى أخرجه مسلم والبخاري عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة وترجم عليه البخاري باب إذا عرض بنفي الولد وزاد في لفظ وإني
170

أنكرته يعرض بأن ينفيه وفي آخره ولم يرخص له في الانتفاء منه واستدل له أيضا
بحديث لا ترد يد لامس رواه أبو داود والنسائي في سننيهما في النكاح
قالا حدثنا حسين بن حريب المروزي ثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عمارة
بن أبي حفصة عن عكرمة عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
171

الله إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال غربها قال أخاف أن تتبعها نفسي قال
فاستمتع بها انتهى بلفظ أبي داود
172

فصل في التعزير
الحديث الأول قال عليه السلام من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين
173

قلت أخرجه البيهقي عن خالد بن الوليد عن النعمان بن بشير وقال المحفوظ مرسل
قال في التنقيح ورواه بن ناجية في فوائده حدثنا محمد بن حصين الأصبحي ثنا
عمر بن علي المقدمي ثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا الحديث ورواه محمد بن الحسن في كتاب
الآثار مرسلا فقال أخبرنا مسعر بن كدام أخبرني الوليد بن عثمان عن الضحاك بن
مزاحم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا الحديث
قوله وهو مأثور عن علي يعني بلوغ التعزيز خمسة وسبعين سوطا قلت
غريب وذكره البغوي في شرح السنة عن بن أبي ليلى
174

أحاديث الخصوم أخرجه البخاري ومسلم عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يجلد أحد فوق عشر أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى
انتهى وأخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول لا عقوبة فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله انتهى وروى الطبراني
في معجمه الوسط حدثنا محمد بن إبراهيم العسال ثنا إبراهيم بن محمد الشامي ثنا
الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعزير فوق عشرة أسواط انتهى
175

كتاب السرقة
الحديث الأول قال المصنف رحمه الله لهما إن القطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما كان إلا في ثمن المجن وأقل ما نقل في تقديره ثلاثة دراهم قلت أخرج البخاري
ومسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لم تقطع يد سارق في عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم في أقل من ثمن المجن حجفة أو ترس وكلاهما ذو ثمن انتهى وأخرجا
176

عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم انتهى وفي
لفظ لهما عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار
فصاعدا انتهى وفي الموطأ مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة
بنت عبد الرحمن أن سارقا سرق في زمان عثمان بن عفان أترنجة فأمر بها عثمان
فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار فقطع عثمان يده انتهى
قال مالك أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم سواء ارتفع الصرف أو اتضع
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وقطع عثمان في أترنجة قيمتها
ثلاثة دراهم وهذا أحب ما سمعته إلي انتهى وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك فكان
ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثني عشر درهما انتهى
وأما حديث أبي هريرة فجوابه فيه أخرجه البخاري ومسلم عن أبي صالح عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق البيضة
فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده زاد البخاري قال الأعمش كانوا يرون أنه بيض الحديد والحبل
كانوا يرون أن منه ما يساوي دراهم انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لا قطع إلا في دينا أو عشرة دراهم
قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا بن أبي داود ثنا يحيى بن عبد الحميد
الحماني ثنا شريك عن منصور عن عطاء عن أيمن بن أم أيمن عن أمه أم أيمن قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق إلا في حجفة وقومت يومئذ على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم دينارا أو عشرة دراهم انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي
177

بن عبد العزيز ثنا يحيى الحماني به سندا ومتنا قال صاحب التنقيح وهذا فيه
نظر فإن النسائي رواه أيضا من حديث شريك وليس فيه عن أم أيمن قال أخبرنا علي
بن حجر حدثنا شريك عن منصور عن عطاء ومجاهد عن بن أم أيمن رفعه قال لا
تقطع اليد إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى وقال البيهقي في المعرفة قوله
في هذا الاسناد عن أم أيمن خطأ إنما قاله شريك بن عبد الله القاضي وخلط في إسناده
وشرك ممن لا يحتج به فيما يخالف فيه أهل الحفظ والثقة لما ظهر من سوء حفظه
انتهى قلت ورواه الحاكم في المستدرك كما رواه النسائي وأخرجه عن
سفيان عن منصور عن الحكم عن مجاهد عن أيمن قال لم تقطع اليد على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى وسكت عنه واختلف في أيمن
هذا الذي في مسند النسائي هل هو بن أم أيمن أو غيره أو هما رجلان فابن أم
أيمن صحابي وحديثه مسند والآخر بن امرأة كعب تابعي وحديثه مرسل فأسند
الحاكم عقيب حديثه هذا عن الشافعي أنه قال أيمن هذا ليس بابن أم أيمن الصحابي وإنما
هو أيمن بن امرأة كعب ووافقه الحاكم على ذلك وقال ليس هو بابن أم أيمن
178

الصحابي ذاك أمه حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أخو أسامة بن زيد لامه انتهى قلت
خالفهما الطبراني فقال في ترجمة أيمن في أول الكتاب أيمن بن أم أيمن استشهد
يوم حنين وهو أيمن بن عبيد أخو بني عوف بن الخزرج وهو أخو أسامة بن زيد لامه
وأسند عن بن إسحاق أنه سمى فيمن استشهد يوم حنين أيمن بن عبيد ثم أخرج له
حديث السرقة فقال حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا بن الأصبهاني ثنا معاوية بن هشام عن
سفيان عن منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن المجن قال وكان يقوم دينارا انتهى وقال البيهقي في
كتاب مناقب الشافعي قال الشافعي قلت لمحمد بن الحسن هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يقطع في ربع دينار فصاعدا فكيف قلت لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم فصاعدا
قال قد روى شريك عن مجاهد عن أيمن بن أم أيمن أخي أسامة بن زيد لامه فقلت له
لا أعلم لك بأصحابنا أيمن أخو أسامة قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبل أن يولد
مجاهد انتهى وكذلك قال بن أبي حاتم في المراسيل أخبرني عبد الله بن أحمد
فيما كتب إلي قال وجدت في كتاب أبي بخط يده قال حدثني محمد بن إدريس
الشافعي قال قال محمد بن الحسن قد روى شريك إلى آخره قال بن أبي حاتم
وسألت أبي عن حديث رواه الحسن بن صالح عن منصور عن الحكم عن عطاء ومجاهد
179

عن أيمن وكان فقيها قال يقطع السارق في ثمن المجن وكان ثمن المجن على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا قال أبي هو مرسل وأرى أنه والد عبد الواحد بن أيمن وليست له
صحبة انتهى وقال شيخنا أبو الحجاج المزي في كتابه أيمن الحبشي مولى بني
مخزوم روى عن سعد وعائشة وجابر وعنه ابنه عبد الواحد وثقه أبو زرعة
انتهى ثم قال أيمن مولى بن الزبير وقيل مولى بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في السرقة
وله عن تبيع عن كعب وعنه عطاء ومجاهد قال النسائي ما أحسب أن له صحبة
وقد جمع بين هذين الترجمتين بن أبي حاتم وابن حبان فجعلاهما واحدا قال بن
أبي حاتم أيمن الحبشي مولى بن عمر روى عن عائشة وجابر وتبيع روى عنه
مجاهد وعطاء وابنه عبد الواحد سمعت أبي يقول ذلك وسئل أبو زرعة عن أيمن والد
عبد الواحد فقال مكي ثقة انتهى وقال بن حبان في الثقات أيمن بن عبيد
الحبشي مولى لآل بن أبي عمرو المخزومي من أهل مكة روى عن عائشة روى عنه
مجاهد وعطاء وابنه عبد الواحد بن أيمن وكان أخا أسامة بن زيد لامه وهو الذي
يقال له أيمن بن أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم نسب إلى أمه قال ومن زعم أن له صحبة
فقد وهم حديثه في القطع مرسل انتهى كذا ذكره في التابعين وكذا فعل الدارقطني
فإنه قال في كتاب الحدود من سننه أيمن لا صحبة له وهو من التابعين ولم يدرك
زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء بعده وهو الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ثمن المجن دينار
روى عنه ابنه عبد الواحد وعطاء ومجاهد انتهى وقد ذكره جماعة في الصحابة
منهم بن إسحاق وابن سعد وأبو القاسم البغوي وأبو نعيم وابن مندة وابن قانع
وابن عبد البر وغيرهم فذكره بن إسحاق فيمن استشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال
وهو الذي عني العباس بقوله
نصرنا رسول الله في الدار سبعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا
وثامننا لاقي الحمام بنفسه بما مسه في الدين لا يتوجع
وقال بن سعد أيمن بن عبيد بن زيد بن عمرو بن بلال بن أبي الحرباء بن قيس وأمه
180

أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته وهو أخو أسامة بن زيد لامه وكان فيمن ثبت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من أصحابه وقال في موضع آخر قريب منه أم أيمن مولاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته اسمها بركة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثها من أبيه فأعتقها لما
تزوج بخديجة بنت خويلد فتزوجت بعبيد بن زيد من بني الحارث فولد ت له أيمن
صحب النبي صلى الله عليه وسلم وقتل يوم حنين شهيدا وكان زيد بن حارثة الكلبي لخديجة بنت
خويلد فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وزوجه أم أيمن فولدت له أسامة انتهى وقال
البغوي في معجمه أيمن بن أم أيمن وهو أيمن بن عبيد وهو أخو أسامة بن زيد لامه
وأمه أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى له حديث القطع في السرقة ثم قال ولا أعلم
روى أيمن عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا وقال بن قانع في معجمه أيمن الحبشي بن أم أيمن
مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال إنه بن عبيد بن عمر بن هلال بن قيس بن مالك بن سالم
بن غنم بن عوف بن الحارث بن الخزرج ثم روى له هذا الحديث وقال مسلم في
صحيحه في الجهاد قال بن شهاب كان من شأن أم أيمن أنها كانت وصيفة لعبد
الله بن عبد المطلب حبشية فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما توفي أبوه فكانت أم
أيمن تحضنه حتى كبر عليه السلام فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة فولدت له أسامة
وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر انتهى ذكره عقيب حديث رواه أنس
وقال بن عبد البر أيمن بن عبيد الحبشي وهو بن أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأيمن هذا هو
أخو أسامة بن زيد لامه وكان أيمن هذا ممن بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين ولم ينهزم انتهى
وفرق بينهما أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه فقال أيمن الحبشي وروى له هذا
الحديث ثم قال وأيمن بن أم أيمن ثم روى بسنده عن بن إسحاق قال أيمن بن عبيد
هو أيمن بن أم أيمن ذكرهما في الصحابة
والحاصل أن الحديث معلول فإن كان أيمن صحابيا فعطاء ومجاهد لم يدركاه
فهو منقطع وإن تابعيا فالحديث مرسل ولكنه يتقوى بغيره من الأحاديث المرفوعة
والموقوفة فمن ذلك حديث رواه أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة
ومحمد بن أبي السري العسقلاني كلاهما عن عبد الله بن نمير عن محمد بن إسحاق
181

عن أيوب بن موسى عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد رجل في مجن قيمته
دينار أو عشرة دراهم انتهى ورآه النسائي في سننه عن يحيى بن موسى
البلخي عن بن نمير بإسناده قال كان ثمن المجن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقوم عشرة
دراهم انتهى ورواه عن محمد بن وهب عن محمد بن سلمة عن بن إسحاق به مرسلا
ليس فيه بن عباس وعن حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن عبد الملك بن أبي
سليمان عن عطاء قوله ورواه الحاكم في المستدرك عن بن إسحاق به بلفظ
النسائي وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وشاهده حديث أيمن
ثم أخرج عن سفيان عن منصور عن الحكم عن مجاهد عن أيمن قال لم تقطع اليد على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى
حديث آخر رواه النسائي أيضا أخبرنا خلاد بن أسلم عن عبد الله بن إدريس عن
محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان ثمن المجن على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دارهم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا
عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق
في دون ثمن المجن قال عبد الله وكان ثمن المجن عشرة دارهم انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن الوليد بن كثير عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده باللفظ
الأول هو وأحمد في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب
به مرفوعا لا يقطع السارق في أقل من عشرة دراهم قال في التنقيح والحجاج بن
أرطاة مدلس ولم يسمع هذا الحديث من عمرو انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في
مسنده بهذا الاسناد جامعا بين اللفظين
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه في كتاب اللقطة حديث المثنى بن
الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن رجل من مزينة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما بلغ ثمن المجن قطعت يد صاحبه وكان ثمن المجن عشرة دراهم مختصر
182

وسيأتي بتمامه في اللقطة إن شاء الله تعالى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن نوح بن حر ب
ثنا خالد بن مهران ثنا أبو مطيع البلخي عن أبي حنيفة عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قطع إلا في عشرة دراهم انتهى
ثم قال لم يرو هذا الحديث عن أبي حنيفة إلا أبو مطيع الحكم بن عبد الله انتهى
الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن عبد الرحمن بن عبد
الله عن القاسم عن عبد الرحمن قال قال بن مسعود لا تقطع اليد إلا في دينار أو
عشرة دراهم انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وأشار
إليه الترمذي في كتابه الجامع فقال وقد روى عن بن مسعود أنه قال لا قطع إلا في
دينار أو عشرة دراهم وهو مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن عن بن مسعود
والقاسم لم يسمع من بن مسعود انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه أخبرنا يحيى بن يزيد وغيره عن الثوري
عن عطية بن عبد الرحمن عن القاسم بن عبد الرحمن قال أتى إلى عمر بن الخطا ب
برجل سرق ثوبا فقال لعثمان قومه فقومه ثمانية دارهم فلم يقطعه انتهى
183

باب ما يقطع فيه وما لا يقطع
الحديث الأول روى عن عائشة قالت كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله
صلى الله على وسلم في الشئ التافه قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده حدثنا
عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت لتكن يد
السارق تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه وزاد في مسنده ولم تقطع
في أدنى من ثمن حجفة أو ترس انتهى ورواه مرسلا أيضا فقال حدثنا وكيع عن
هشام بن عروة عن أبيه قال كان السارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ثمن المجن
ولم يكن يقطع في الشئ التافه انتهى وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
بن جريج عن هشام به مرسلا وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا
عيسى بن يونس ثنا هشام به مرسلا ورواه بن عدي في الكامل مسندا أخرجه عن
عبد الله بن قبيصة الفزاري عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت إن السارق
إلى آخره باللفظ الثاني ولم يقل في عبد الله هذا شيئا إلا أنه قال لم يتابع عليه ولم
أجد للمتقدمين فيه كلاما فذكرته لابين أن في رواياته نظرا انتهى
رحمه الله الحديث الثاني قال عليه السلام لا قطع في الطير قلت غريب مرفوعا
184

ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما موقوفا على عثمان قال الأول
حدثنا بن المبارك وقال الثاني حدثنا وكيع قالا ثنا سفيان الثوري عن جابر الجعفي
عن عبد الله بن يسار قال أتى عمر بن عبد العزيز في رجل سرقة دجاجة فأراد أن
يقطعه فقال له سلمة بن عبد الرحمن قال عثمان لا قطع في الطير انتهى وروى
بن أبي شيبة أيضا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد عن يزيد بن خصيفة
قال أتى عمر بن عبد العزيز برجل قد سرق طيرا فاستفتى في ذلك السائب بن يزيد
فقال ما رأيت أحدا قطع في الطير وما عليه في ذلك قطع فتركه عمر انتهى
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء أنه قال ليس على سارق الحمام قطع قال البيهقي أراد
الطير والحمام المرسلة في غير حرز قال شيخنا علاء الدين ظنه الحمام بالتخفيف
وإنما هو الحمام بالتشديد انتهى قلت بوب عليه بن أبي شيبة في مصنفه باب
الرجل يدخل الحمام فيسرق حدثنا زيد بن الحباب أخبرني معاوية بن صالح حدثني أبو
الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء أنه سئل عن سارق الحمام قال لا قطع عليه
انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن بلال بن سعد أن رجلا دخل
الحمام وترك برنسا له فجاء رجل فسرقه فوجده صاحبه فجاء به إلى أبي الدرداء
إلى آخره
الحديث الثالث قال عليه السلام لا قطع في ثمر ولا كثر قلت أخرجه
الترمذي عن الليث بن سعد والنسائي وابن ماجة عن سفيان بن عيينة كلاهما عن
يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أن غلاما سرق
وديا من حائط فرفع إلى مروان فأمر بقطعه فقال رافع بن خديج قال النبي صلى الله عليه وسلم لا
قطع في ثمر ولا كثر انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي
185

والتسعين من القسم الأول عن سفيان به وأعاده في النوع الأربعين من القسم الثاني
قال عبد الحق في أحكامه هكذا رواه سفيان بن عيينة ورواه غيره فلم يذكر واسع
بن حبان ولم يتابع سفيان على هذه الرواية إلا حماد بن دليل فإنه رواه عن شعبة عن
يحيى بن سعيد مثل رواية سفيان وأما غير حماد فإنه رواه عن شعبة لم يذكر واسع
بن حبان ومحمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من رافع انتهى وقال الترمذي وقد
روى هذا الحديث مالك وغيره عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن رافع لم
يذكروا فيه واسعا انتهى
أما حديث مالك فهو عند أبي داود في سننه وتابع مالكا على هذه الرواية
المنقطعة حماد بن دليل وحديثه عند أبي داود أيضا وعمرو بن علي وحديثه عند
النسائي وزهير وشعبة وحديثهما عند النسائي أيضا وأخرجه النسائي أيضا عن
سفيان عن يحيى بن سعيد به منقطعا فقد اختلف فيه على سفيان ومنهم أبو خالد
الأحمر وحديثه عند بن أبي شيبة في مصنفه وأخرجه الطبراني في معجمه عن
الحسن بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رافع بن خديج عن النبي
صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر انتهى وتأول الشافعي الثمر في هذا الحديث ما
كان معلقا في النخل قبل أن يجذ ويحرز بدليل قوله في الحديث الآتي قريبا ومن
سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع وزاد النسائي فيه
لفظ والكثر الجمار الذي في النخل ولم يروه أحمد في مسنده إلا بالطريق
المقطوعة وبالطريقين رواه الدارمي وإسحاق بن راهويه
حديث آخر رواه بن ماجة حدثنا هشام بن عمار ثنا سعيد بن سعيد المقبري عن
أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر
186

انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام لا قطع في الطعام قلت غريب بهذا اللفظ
وأخرج أبو داود في المراسيل عن جرير بن حازم عن الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم
إني لا أقطع في الطعام انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي
داود ولم يعله بغير الارسال وأقره بن القطان على ذلك وروى بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا حفص عن أشعث بن عبد الملك وعمرو عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى
برجل سرق طعاما فلم يقطعه انتهى حدثنا وكيع عن جرير بن حازم والسري بن
يحيى عن الحسن نحوه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن
رجل عن الحسن فذكر وزاد قال سفيان هو الطعام الذي يفسد من نهاره كالثريد
واللحم
الحديث الخامس قال عليه السلام لا قطع في ثمر ولا كثر فإذا أواه الجرين أو
الجران قطع قلت غريب هذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه أبو داود والنسائي
187

وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن
الثمر المعلق فقال من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه ومن
سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع انتهى أخرجه في
188

اللقطة أبو داود عن بن عجلان وعن الوليد بن كثير وعن عبيد الله بن الأخنس
وعن محمد بن إسحاق أربعتهم عن عمرو بن شعيب به وأخرجه النسائي في الزكاة
عن بن عجلان وعبيد الله بن الأخنس وأخرجه أيضا من طريق بن وهب عن عمرو
بن الحارث وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب به أن رجلا من مزينة سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما ترى في الثمر المعلق فقال ليس في شئ من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه
الجرين فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه
غرامة مثله وجلدات نكال مختصر وبهذا السند والمتن رواه الحاكم في المستدرك
189

وقال قال إمامنا إسحاق بن راهويه إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب
عن نافع عن بن عمر انتهى وأخرجه بن ماجة في الحدود عن الوليد بن كثير عن
عمرو به
واعلم أن الترمذي روى هذا الحديث في البيوع عن بن عجلان به مختصرا لم
يذكر فيه السرقة وقال حديث حسن انتهى ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه
فقال حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ليس في
شئ من الثمار قطع حتى يأوي الجرين حدثنا وكيع عن إسحاق بن سعيد عن أبيه
عن بن عمر قال نحوه سواء وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن عطاء
الخراساني أن عمر بن الخطاب قال من أخذ من الثمر شيئا فليس عليه قطع حتى يأوي
الجرين فإن أخذ منه بعد ذلك ما يساوي ربع دينار قطع انتهى وروى مالك في
الموطأ قال أبو مصعب أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر معلق ولا في جريسة جبل فإذا آواه المراح
أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن انتهى
الحديث السادس قال عليه السلام لا قطع على مختلس ولا منتهب ولا
خائن قلت روى من حديث جابر ومن حديث
أنس فحديث جابر أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن بن جريج عن أبي الزبير عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع انتهى
190

قال الترمذي حديث حسن صحيح وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه انتهى وسكت عنه عبد الحق في أحكامه وابن
القطان بعده فهو صحيح عندهما وفرقه أبو داود فرواه بهذا الاسناد ليس على
المنتهب قطع ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا وقال بهذا الاسناد ليس على
الخائن ولا على المختلس قطع انتهى قال أبو داود وهذان الحديثان لم يسمعهما بن
جريج من أبي الزبير وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال إنما سمعهما بن جريج من يس
الزيات وقد رواهما المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
قلت رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الثالث عن
بن جريج عن أبي الزبير وعمرو بن دينار عن جابر مرفوعا باللفظ الا وسواء وأخرجه
أيضا عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا أيضا لم يذكر فيه المنتهب فزالت العلة
التي ذكرها أبو داود وابن أبي حاتم أيضا قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت
أبي وأبا زرعة عن حديث رواه بن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس على الخائن الحديث فقال لم يسمع بن جريج هذا الحديث من أبي الزبير
فقال إنه سمعه من يس الزيات عن أبي الزبير فدلسه عليه ويس ليس بالقوي انتهى
وتردد النسائي فيه فقال وقد روى هذا الحديث عن بن جريج عيسى بن يونس والفضل
بن موسى وابن وهب ومحمد بن ربيعة ومخلد بن يزيد وسلمة بن سعيد فلم يقل
فيه منهم حدثني أبو الزبير ولا أراه سمعه من أبي الزبير انتهى قلنا في سند بن حبان
ما ينفي ذلك وأيضا فتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقق إيصاله وقد تابعه عليه
المغيرة بن مسلم كما أشار إليه أبو داود والترمذي وحديثه أخرجه النسائي عن المغيرة
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مختلس ولا منتهب
191

ولا خائن قطع انتهى والمغيرة بن مسلم صدوق قاله بن معين وغيره
حديث آخر في المختلس رواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يحيى ثنا
محمد بن عاصم بن جعفر المصري ثنا الفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن بن شهاب
عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس
على المختلس قطع انتهى
وأما حديث أنس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن القاسم بن
المساور ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال أملا علي عبد الله بن وهب من حفظه عن
يونس عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على منتهب ولا مختلس
ولا خائن قطع انتهى وقال لم يروه عن الزهري إلا يونس ولا عن يونس إلا بن
وهب تفرد به أبو معمر انتهى واستشكل حديث المخزومية أخرجه مسلم عن معمر
عن الزهري عن عروة عن عائشة كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر
النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها وأخرجه البخاري ومسلم عن يونس عن الزهري به أن
قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح
فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها وأخرجه
الستة عن الليث بن سعد عن الزهري به بهذا اللفظ وأخرج النسائي عن إسحاق بن
راشد وإسماعيل بن أمية وابن عيينة وأيوب بن موسى كلهم عن الزهري به بهذا
اللفظ ولفظ العارية ليست عند البخاري قاله عبد الحق في الحج بين الصحيحين
وقال في أحكامه قد اختلفت الرواية في قصة هذه المرأة والذين قالوا سرقت
192

أكثر من الذين قالوا استعارت انتهى وأخرجه مسلم عن جابر أن امرأة من بني مخزوم
سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام لو
كانت فاطمة لقطعت يدها فقطعت انتهى وأخذ الإمام أحمد بظاهر هذا
الحديث من القطع بسرقة العارية والجمهور على أنه لا قطع فيه لأنه خائن والخائن من
يؤتمن على الشئ فيخون فيه فسقط القطع لان صاحبه أعان على نفسه بإتمامه
وأجابوا عن الحديث بأن ذكره العارية وقع فيه لقصد التعريف لا أنه سبب القطع بدليل
الأحاديث التي صرح فيها بالسرقة وذكر بعضهم أن معمر بن راشد تفرد بذكر العارية
في هذا الحديث من بين سائر الرواة وأن الليث راوي السرقة تابعه عليها جماعة منهم
يونس بن يزيد وأيوب بن موسى وسفيان بن عيينة وغيرهم فرووه عن الزهري
كرواية الليث وذكر أن بعضهم وافق معمرا في رواية العارية لكن لا يقاوم من ذكر
فظهر أن ذكر العارية إنما كان تعريفا لها بخاص صفتها إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى
عرفت بذلك كما عرفت بأنها مخزومية واستمر بها هذا الصنيع حتى سرقت فأمر
النبي صلى الله عليه وسلم بقطعها ومما يدل على صحة ذلك ما رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر
بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن نمير ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن ركانة عن
أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود عن أبيه قال لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظمنا ذلك وكانت امرأة من قريش فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نكلمه
وقلنا نحن نفديها بأربعين أوقية فقال عليه السلام تطهر خير لها فأتينا أسامة بن زيد
فقلنا له كلم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كلمه قال ما إكثاركم علي في حد من حدود
الله والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها انتهى قال
بن سعد في الطبقات وهذه المرأة هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد قال
وقيل هي أم عمرو بنت سفيان بن عبد الأسد أخت عبد الله بن سفيان انتهى ولكن
يعكر على ذلك ما أخرجه أبو داود في سننه عن الليث بن سعد حدثني يونس عن بن
شهاب قال كان عرة يحدث عن عائشة رضي الله عنها قالت استعارت امرأة
يعني حليا على ألسنة أناس يعرفون ولا تعرف هي فباعته فأخذت فأتى بها النبي
193

صلى الله عليه وسلم فأمر بقطع يدها وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
قال انتهى
وقال الإمام أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث
وعندي أن رواية معمر صحيحة لأنه حفظ ما لم يحفظ أصحابه ولموافقته حديث
صفية بنت أبي عبيد أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
الناس على المنبر والمرأة في المسجد فقال عليه السلام هل من امرأة تائبة إلى الله
ورسول الله فلم تقم تلك المراة ولم تتكلم فقال عليه السلام قم يا فلان فاقطع
يدها لتلك المرأة فقطعها وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم له ما ليس لغيره فيمن عصاه
ورغب عن أمره انتهى كلامه
الحديث السابع قال عليه السلام من نبش قطعناه قلت رواه البيهقي في
كتاب المعرفة فقال أنبأني أبو عبد الله الحاكم إجازة ثنا أبو الوليد ثنا الحسن بن
سفيان قال يعني بن سفيان وفيما أجاز لي عثمان بن سعيد عن محمد بن أبي بكر
المقدمي عن بشر بن حازم عن عمران بن يزيد بن البراء بن عازب عن أبيه عن جده في
حديث ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ومن نبش قطعناه انتهى بحروفه قال في التنقيح
في هذا الاسناد من يجهل حاله كبشر بن حازم وغيره وروى أيضا أنبأني أبو عبيد الله
إجازة ثنا أبو الوليد ثنا محمد بسليمان ثنا علي بن حجر ثنا سويد بن عبد العزيز عن
يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت سارق أمواتنا كسارق أحيائنا انتهى حديث آخر
استدل به أبو داود في سننه فقال باب قطع النباش ثم أسند
عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا أصاب
الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف يعني القبر قلت الله ورسوله أعلم أو ما
خار الله لي ورسوله قال عليك بالصبر انتهى قال المنذري استدل به
أبو داود لأنه سمي القبر بيتا والبيت حرز والسارق من الحرز يقطع انتهى ورواه
الترمذي أيضا والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده وابن حبان في
194

صحيحه وذكره فيه قصته والله أعلم
الآثار قال البخاري في تاريخه قال هشيم ثنا سهيل قال شهدت بن الزبير
قطع نباشا قال البخاري وسهيل هذا هو سهل بن ذكوان أبو السندي المكي قال عباد
بن العوام كنا نتهمه بالكذب انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي
أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه وجد قوما يختفون القبو
باليمن على عهد عمر بن الخطاب فكتب فيهم إلى عمر فكتب عمر أن اقطع
أيديهم انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عطاء والحسن ومسروق
وعمر بن عبد العزيز ومعاوية بن قرة والشعبي والنخعي وسعيد بن المسيب قالوا
يقطع النباش
الحديث الثامن قال عليه السلام لا قطع على المختفى قلت غريب وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا شيخ لقيته بمنى عن روح بن القاسم عن مطرف عن
عكرمة عن بن عباس قال ليس على النباش قطع انتهى حدثنا عيسى بن يونس عن
معمر عن الزهري قال أتى مروان بقوم يختفون أي ينبشون القبور فضربهم
ونفاهم والصحابة متوافرون انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر به
وزاد وطوف بهم وروى بن أبي شيبة حدثنا حفص عن أشعث عن الزهري قال
195

أخذ نباش في زمن معاوية وكان مروان على المدينة فسأل من بحضرته من الصحابة
والفقهاء فأجمع رأيهم على أن يضرب ويطاف به انتهى
الحديث التاسع قال عليه السلام فإن عاد فاقطعوه قلت أخرجه الدارقطني
في سننه عن الواقد عن بن أبي ذئب عن خالد بن سلمة أراه عن أبي سلمة عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن
عاد فاقطعوا رجله فإن عاد فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله انتهى والواقدي فيه مقال وسيأتي بقية
الكلام في الحديث الثالث عشر
196

فصل في الحراز
197

قوله وهو مأثور عن علي يعني في السارق من المغنم أنه لا يقطع قلت رواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن سماك بن حرب عن بن عبيد بن الأبرص
وهو يزيد بن دثار قال أتى على برجل سرق من المغنم فقال لفيه نصيب وهو
خائن فلم يقطعه وكان قد سرق مغفرا انتهى ورواه الدارقطني في كتا ب المؤتلف
والمختلف في ترجمة عبيد بن الأبرص عن الثوري به سندا ومتنا
وفي الباب حديث مرفوع رواه بن ماجة في سننه حدثنا جبارة بن المغلس عن
حجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن بن عباس أن عبدا من رقيق الخمس سرق من
الخمس فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال مال الله سرق بعضه بعضا انتهى
قال بن القطان في كتابه إسناده ضعيف ورواه البيهقي وقال إسناده ضعيف
وقد روى مرسل انتهى قلت هكذا رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن
محرز أخبرني ميمون بن مهران أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعبد الحديث
الحديث العاشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا سرق رداء صفوان من تحت رأسه
وهو نائم في المسجد قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن صفوان بن
أمية فأبو داود والنسائي عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان
198

بن أمية وابن ماجة من طريق مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه أنه طاف
بالبيت وصلى ثم لف رداء له من برد فوضعه تحت رأسه فنام فأته لص فاستله
من تحت رأسه فأخذه فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذا سرق ردائي فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم أسرقت رداء هذا قال نعم قال اذهبا به فاقطعا يده فقال صفوان ما كنت
أريد أن تقطع يده في ردائي قال فلولا كان قبل أن تأتيني به انتهى وزاد
199

النسائي فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسند أبي داود رواه الحاكم في المستدرك ولفظه
قال كنت نائما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي خميصة لي ثمن ثلاثين درهما فجاء
رجل فاختلسها مني فأخذ الرجل فجئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به أن يقطع فقلت
من أجل ثلاثين درهما أنا أبيعه وأهبه ثمنها قال فهلا كان قبل أن تأتني به
انتهى وسكت عنه وحميد بن أخت صفوان لم يروي عنه إلا سماك ولم ينبه عليه
200

المنذري في مختصره وعند النسائي فيه طرق أخرى قال عبد الحق في أحكامه بعد
أن ذكره من جهة النسائي ورواه سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان
بن أمية ورواه عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن صفوان ورواه أشعث بن سوار
عن عكرمة عن بن عباس ورواه عمرو بن دينار عن طاوس عن صفوان ذكره هذه
الطرق النسائي ورواه مالك في الموطأ عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان
201

وروى من غير هذا الوجه ولا أعلمه يتصل من وجه صحيح انتهى وبينه بن القطان
في كتابه فقال أما حديث سماك فضعيف بحميد المذكور فإنه لا يعرف في غير
هذا وقد ذكره بن أبي حاتم بذلك ولم يزد عليه وذكره البخاري فقال إنه حميد
بن حجير بن أخت صفوان بن أمية ثم ساق له هذا الحديث وهو كما قلنا مجهول
الحال وأما طريق عبد الملك بن أبي بشير فالظاهر أنها منقطعة فإنها من رواية عبد الملك
عن عكرمة عن صفوان بن أمية وعكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان وإنما يرويه عن
بن عباس ومن دون عبد الملك إلى النسائي ثقات وعبد الملك وثقه بن حنبل وابن
معين وأبو زرعة ويحيى القطان وقال سفيان كان شيخ صدوق وأما طريق عمرو
بن دينار فتشبه أنها متصلة قال بن عبد البر سماع طاوس من صفوان ممكن لأنه أدرك
زمان عثمان وذكر يحيى القطان عن زهير عن ليث عن طاوس قال أدركت سبعين
شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه وقال في التنقيح
حديث صفوان حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده من غير
وجه عنه انتهى
فصل في كيفية القطع
202

الحديث الحادي عشر قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يمين السارق من
الزند قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه
الدارقطني في سننه عن أبي نعيم النخعي
ثنا محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان صفوان بن
أمية بن خلف نائما في المسجد وثيابه تحت رأسه فجاء سارق فأخذها فأتى به النبي
صلى الله عليه وسلم وأقر السارق فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع فقال صفوان يا رسول الله أيقطع رجل
من العرب في ثوبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أفلا كان قبل أن تأتيني به ثم قال عليه
السلام اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه
ثم أمر بقطعه من المفصل انتهى وضعفه بن القطان في كتابه فقال العرزمي
متروك وأبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي لا يتابع على ما له من حديث
انتهى
حديث آخر رواه بن عدي في الكامل حدثنا أحمد بن عيسى الوشاء
التنيسي ثنا عبد الرحمن بن سلمة عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن مالك بن مغول
عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقا من
المفصل انتهى قال بن القطان في كتابه وخالد ثقة وعبد الرحمن بن سلمة لا
أعرف له حالا
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن صبرة بن معبد الليثي
قال سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حياة أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا م
المفصل انتهى وهو مرسل وأخرج عن عمر وعلي أنهما قطعا من المفصل وهذه
الأحاديث مفسرة للأحاديث المجملة كحديث أخرجه أبو داود في سننه عن الحجاج
بن أرطاة عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز عن فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع
يد سارق ثم أمر بها فعلقت في عنقه انتهى وهو معلول بالحجاج وزاد بن القطان
203

جهالة حال بن محيريز قال ولم يذكره البخاري ولا بن أبي حاتم
وحديث أخرجه البزار في مسنده عن المختار بن نافع عن أبي حيان التيمي عن
أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في بيضة من حديد قيمتها أحد وعشرون
درهما انتهى وأعله عبد الحق ثم بن القطان بالمختار هذا قال بن القطان يكنى بأبي
إسحاق ويعرف بالتمار وهو منكر الحديث قال البزاز وقد رواه المختار عن أبي
مطر عن علي قال بن القطان وأبو مطر لا يعرف حاله ولا اسمه انتهى
الحديث الثاني عشر قال عليه السلام فاقطعوه واحسموه قلت أخرجه
الحاكم في المستدرك عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزبد بن خصيفة عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق سرق شمله
فقال عليه السلام ما أخاله سرق فقال السارق بلى يا رسول الله فقال اذهبوا به
فاقطعوه ثم احسموه ثم أئتوني به فقطع ثم حسم ثم أتى به فقال تب إلى الله
فقال تبت إلى الله فقال تاب الله عليك انتهى وقال حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال وقد رواه
الثوري عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
انتهى قلت كذلك رواه أبو داود في المراسيل عن الثوري به مرسلا ورواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج والثوري به مرسلا ورواه أبو عبيد القاسم
بن سلام في غريب الحديث حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يزيد بن خصيفة به أيضا
مرسلا قال ولم يسمع بالحسم في قطع السارق عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في هذا الحديث
انتهى ورواه إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث وقال الحسم أن يكوى
لينقطع الدم وكذلك قال أبو عبيد وقال بن القطان في كتابه ويزيد بن خصيفة هو
منسوب إلى جده فإنه يزيد بن عبد الله بن خصيفة وهو ثقة بلا خلاف انتهى
وأخرج الدارقطني عن حجيه عن علي أنه قطع أيديهم من المفصل وحسمها قال
فكأني أنظر إليهم وإلى أيديهم كأنها أيور الحمر انتهى وحجية بن عدي قال فيه
204

أبو حاتم شبه المجهول
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام من سرق فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه
فإن عاد فاقطعوه قلت أخرج أبو داود عن مصعب بن ثابت عن
محمد بن المنكدر عن جابر قال جئ بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقتلوه فقالوا
يا رسول الله إنما سرق فقال اقطعوه فقطع ثم جئ به الثانية فقال اقتلوه فقالوا
يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الثالثة فقال اقتلوه فقالوا
يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الرابعة فقال اقتلوه
فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الخامسة فقال اقتلوه
قال جابر فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة
انتهى قال النسائي حديث منكر ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث
انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي ثنا هشام بن
عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر ومحمد بن يزيد هذا فيه مقال وأخرجه أيضا عن
عائذ بن حبيب عن هشام به وعائذ بن حبيب شيعي له مناكير وأخرجه أيضا عن سعيد
بن يحيى ثنا هشام به وسعيد بن يحيى هو بن صالح اللخمي فيه مقال
حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن حماد بن سلمه أنبأ يوسف بن سعيد
عن الحارث بن حاطب اللخمي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص فقال اقتلوه فقالوا يا رسول
الله إنما سرق قال اقتلوه قالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم
سرق فقطعت رجله ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق
الخامسة فقال أبو بكر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال اقتلوه انتهى
ورواه الطبراني في معجمه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه
حديث آخر أخرجه أبو نعيم في كتاب الحلية في ترجمة أصحاب الصفة عن
205

حزام بن عثمان عن معاذ بن عبد الله عن عبد الله بن زيد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من سرق متاعا فاقطعوا يده فإن سرق فاقطعوا رجله فإن سرق؟؟؟ وتعقبه بن القطان في كتابه وقال ليس هذا الحديث بوجه عند النسائي فاضربوا عنقه انتهى وقال تفرد به حزام بن
عثمان وهو من الضعف بالمحل العظيم انتهى
حديث آخر تقدم عنه الدارقطني من طريق الواقدي عن بن أبي ذئب عن خالد بن
سلمة أراه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سرق السارق فاقطعوا
يده فإن عاد فاقطعوا رجله فإن عاد فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله انتهى
وتقدم هذا في الحديث التاسع والواقدي فيه مقال رضي الله تعالى عنها
قوله ويروى مفسرا كما هو مذهبه قلت أخرجه الدارقطني في سننه
والطبراني في معجمه عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن
مالك قال سرق مملوك أربع مرات والنبي صلى الله عليه وسلم يعفو عنه ثم سرق الخامسة فقطع
يده ثم السادسة فقطع رجله ثم السابعة فقطع يده ثم الثامنة فقطع رجله وقال
عليه السلام أربع بأربع انتهى ووهم عبد الحق في أحكامه فعزاه للنسائي؟؟ جابر فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة انتهى قال انتهى
وهو حديث ضعيف قال عبد الحق هذا لا يصح للارسال وضعف الاسناد وقال
شيخنا الذهبي في ميزانه إنه يشبه أن يكون موضوعا وضعف الفضل بن المختار عن
جماعة من غير توثيق
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني عبد ربه بن
أبي أمية أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعه وعبد الرحمن بن سابط قال أتى النبي
صلى الله عليه وسلم بعبد فقيل يا رسول الله هذا عبد قد سرق ووجدت سرقته معه وقامت البينة
206

عليه فقال رجل يا نبي الله هذا عبد بني فلان أيتام ليس لهم مال غيره فتركه ثم
أتى به الثانية فتركه ثم أتى به الثالثة فتركه ثم أتى به الرابعة فتركه ثم أتى به
الخامسة فقطع يده ثم السادسة فقطع رجله ثم السابعة فقطع يده ثم الثامنة
فقطع رجله ثم قال أربع بأربع انتهى وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في
مسنده بسنده ومتنه وكذلك رواه بن أبي شيبه في مصنفه حدثنا محمد بن أبي
بكر عن بن جريج أخبرني عبد ربه بن أبي أمية بن الحارث عن الحارث بن عبد الله به
قوله والحديث طعن فيه الطحاوي
الآثار روى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من
اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكى إليه أن عامل اليمن
ظلمه فكان يصلى من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم إنهم
فقدوا عقدا لاسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق فجعل الرجل يطوف معهم
ويقول اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلى عند صائغ زعم أن
الأقطع جاءه به فاعترف الأقطع أو شهد عليه فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى
وقال أبو بكر لدعاؤه على نفسه أشد عليه من سرقته انتهى ورواه عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قدم على أبي بكر
رجل أقطع فشكى إليه أن يعلى بن أمية قطع يده ورجله في سرقه وقال والله ما زدت
على أنه كان يوليني شيئا من عمله فخنته في فريضة واحدة فقطع يدي ورجلي
فقال له أبو بكر إن كنت صادقا فلأقيدنك منه فلم يلبثوا إلا قليلا حتى فقد آل أبي بكر
حليا لهم فاستقبل القبلة ورفع يده وقال أظهر من سرق أهل هذا البيت الصالح
قال فما انتصفت النهار حتى عثروا على المتاع عنده فقال له أبو بكر ويلك إنك لقليل
العلم بالله فقطع أبو بكر يده الثانية قال بن جريج وكان اسمه جبر أو جبير وكان
أبو بكر يقول لجرأته على الله أغيظ عندي من سرقته انتهى قال محمد بن الحسن في
موطأه قال الزهري ويروى عن عائشة قالت إنما كان الذي سرق حلى أسماء
أقطع اليد اليمنى فقطع أبو بكر رجله اليسرى وكانت تنكر أن يكون أقطع اليد
207

والرجل قال وكان بن شهاب أعلم بهذا الحديث من غيره انتهى
قوله روى عن علي رضي الله عنه أنه قال إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا
يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي عليها قلت رواه محمد بن الحسن في كتاب
الآثار وأخبرنا أبو حنيفة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي
طالب قال إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى فان عاد قطعت رجله اليسرى فان
عاد ضمنه السجن حتى يحدث خيرا إني أستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها
ويستنجي بها ورجل يمشي عليها انتهى ومن طريق محمد بن الحسن رواه الدارقطني
في سننه بسنده ومتنه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن جابر عن
الشعبي قال كان علي لا يقطع إلا اليد والرجل وإن سرق بعد ذلك سجنه ويقول
إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي انتهى ورواه بن أبي
شيبة في مصنفه حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال كان علي
لا يزيد على أن يقطع السارق يدا ورجلا فإذا أتى به بعد ذلك قال إني لأستحي أن
أدعه لا يتطهر لصلاته ولكن احبسوه انتهى وأخرجه البيهقي عن عبد الله بن سلمة
عن علي أنه أتى بسارق فقطع يده ثم أتى به فقطع رجله ثم أتى به فقال أقطع
يده بأي شئ يتمسح وبأي شئ يأكل أقطع رجله على أي شئ يمشي إني
لأستحي من الله ثم ضربه وخلده في السجن انتهى
أثر آخر قال بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد عن حجاج عن عمرو بن دينار أن نجدة
كتب إلى بن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول علي حدثنا أبو خالد عن
حجاج عن سماك عن بعض أصحابه أن عمر استشارهم في سارق فأجمعا على مثل قول
علي انتهى حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول أن عمر
قال إذا سرق فاقطعوا يده ثم إن عاد فاقطعوا رجله ولا تقطعوا يده الأخرى وذروه
208

يأكل بها ويستنجي بها ولكن احبسوه عن المسلمين انتهى وأخرج عن النخعي قال
كانوا يقولون لا يترك بن آدم مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها انتهى
قوله وبهذا حاج علي بقية الصحابة فحجهم قلت في التنقيح قال سعيد بن
منصور ثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه قال حضرت علي بن أبي
طالب أتى برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق فقال لأصحابه ما ترون في هذا
قالوا اقطعه يا أمير المؤمنين قال قتلته إذا ومن عليه القتل بأي شئ يأكل الطعام
بأي شئ يتوضأ للصلاة بأي شئ يغتسل من جنابته بأي شئ يقوم على
حاجته فرده إلى السجن أياما ثم أخرجه فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم
الأول وقال لهم مثل ما قال أول مرة فجلده جلدا شديدا ثم أرسله وقال سعيد أيضا
حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال أتى عمر بن
الخطاب بأقطع اليد والرجل قد سرق فأمر أن تقطع رجله فقال علي قال الله تعالى
إنما جزاء الذين يحاربون الله الآية فقد قطعت يد هذا فلا ينبغي أن تقطع رجله
فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها إما أن تعزره وإما أن تودعه السجن فاستودعه
السجن انتهى وهذا الثاني رواه البيهقي في سننه
209

الحديث الرابع عشر قال عليه السلام لا غرم على السارق بعد ما قطعت يمينه قلت
غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه النسائي في سننه عن حسان بن عبد الله عن
المفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن سعد بن إبراهيم عن المسور بن إبراهيم عن عبد
الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغرم صاحب السرقة إذا أقيم عليه الحد
انتهى قال النسائي هذا مرسل وليس بثابت انتهى وأخرجه الدارقطني في
214

سننه بلفظ لا غرم على السارق بعد قطع يمينه انتهى وقال والمسور بن إبراهيم
لم يدرك عبد الرحمن بن عوف فان صح إسناده فهو مرسل قال وسعد بن إبراهيم
مجهول انتهى قال بن القطان وصدق فيما قال انتهى ورواه البزار في مسنده
بلفظ لا يضمن السارق سرقته بعد إقامة الحد قال والمسور بن إبراهيم لم يلق عبد
الرحمن بن عوف انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط قال لا يروي عن عبد
الرحمن بن عوف إلا بهذا الاسناد وهو غير متصل لان المسور لم يسمع من جده عبد
الرحمن انتهى وقال عبد الحق في أحكامه إسناده منقطع قال بن القطان في
كتابه وفيه من الانقطاع بين المسور وجده عبد الرحمن بن عوف انقطاع آخر بين
المفضل ويونس فقد رواه إسحاق بن الفرات عن المفضل بن فضالة فجعل فيه الزهري
بين يونس بن يزيد وسعد بن إبراهيم قال وفيه مع ذلك الجهل بحال المسور فإنه لا
يعرف له حال انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن
215

حديث رواه المفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد الأيلي عن سعد بن إبراهيم عن المسور
بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يغرم السارق إذا أقيم
عليه الحد فقال أبي هذا حديث منكر ومسور لم يلق عبد الرحمن انتهى
وقال البيهقي في كتاب المعرفة هذا حديث رواه المفضل بن فضالة قاضي مصر
واختلف عليه فيه فقيل عنه عن يونس بن يزيد عن سعد وقيل عنه عن يونس عن
الزهري عن سعد وقيل عنه عن يونس عن سعد بن إبراهيم عن أخيه المسور فإن كان
سعد هذا هو بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فقال أهل العلم بالحديث لا نعرف
له في التواريخ أخا معروفا بالرواية يقال له المسور وإن كان غيره فلا
نعرفه ولا نعرف أخاه قال البيهقي وقد رأيت حديثا لسعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عوف فإن كان هذا الانتساب صحيحا وثبت كون المسور أخا لسعد بن
إبراهيم فلم يثبت له سماع من جده عبد الرحمن ولا رؤية وذلك لان إبراهيم بن
عبد الرحمن كان في خلافة عمر بن الخطاب صبيا صغيرا ومات أبوه في خلافة عثمان
فإنما كان أدرك أولاده بعد موت أبيه وإنما رواية ابنيه المعروفين صالح وسعد عن
أبيهما عن عبد الرحمن فهذا الذي عرفناه بحفدته وفيه نظر لا يعرف له رؤية ولا
رواية عن جده ولا عن غيره من الصحابة فهو مع الجهالة منقطع وبمثل هذه الرواية
216

لا تترك أموال المسلمين تذهب باطلا وقد قال عليه السلام على اليد ما أخذت حتى
تؤدي انتهى كلامه بحروفه وقال في التنقيح يوجد في بعض النسخ سعيد بن
إبراهيم والمعروف سعد قال بن أبي حاتم مسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
أخو صالح وسعد ابني إبراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلا وقال بن المنذر
سعد بن إبراهيم هذا مجهول وقيل إنه الزهري قاضي المدينة وهو أحد الثقات
الاثبات لكن قال البيهقي إن الزهري لا يعر ف له أخ معروف بالرواية يقال له المسور
والله أعلم
217

كتاب السير
الحديث الأول قال عليه السلام الجهاد ماض إلى يوم القيامة قلت أخرجه
أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي نشبة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
من أصل الايمان الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا تكفره بذنب ولا تخرجه من
الاسلام بعمل والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور
جائر ولا عدل عادل والايمان بالاقدار انتهى وبقية السند حدثنا سعيد بن
منصور ثنا أبو معاوية ثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن أبي نشبة به قال المنذري في
مختصره يزيد بن أبي نشبة في معنى المجهول وقال عبد الحق يزيد بن أبي نشبة هو
رجل من بني سليم لم يرو عنه إلا جعفر بن برقان انتهى
221

الله تعالى الحديث الثاني روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ دروعا من صفوان قلت أخرجه أبو
داود في البيوع والنسائي في العارية عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية
بن صفوان بن أمية عن أبيه صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعا يوم حنين
فقال أغصب يا محمد قال بل عارية مضمونة انتهى ورواه أحمد في مسنده
والحاكم في المستدرك في البيوع وقال وله شاهد صحيح ثم أخرجه عن خالد
الحذاء عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعا
وسلاحا في غزوة حنين فقال يا رسول الله عارية مؤداة قال نعم انتهى وقال
حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه ابن حبان في
صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الرابع عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن
يعلى بن أمية عن أبيه يعلى بن أمية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتتك رسلي فأعطهم
ثلاثين بعيرا وثلاثين درعا قال قلت أعارية مؤداة يا رسول الله؟ قال نعم انتهى
222

وكذلك رواه أبو داود والنسائي وسيأتي بقية الكلام عليه في كتا ب العارية إن شاء
الله تعالى
قوله روى أن عمر رضي الله عنه كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة ويعطي
الشاخص فرس القاعد قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في أبواب الجهاد
حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي مجلز قال كان عمر يغزي العزب
ويأخذ فرس المقيم فيعطيه المسافر انتهى وبوب له باب ما قالوا في العزب يغزي
ويتر ك المتزوج ثم ذكر الحديث ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن
الخطاب أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا قيس بن الربيع عن عاصم الأحول عن أبي
عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أنه كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة ويغزي
الفارس عن القاعد انتهى والله أعلم
باب كيفية القتال
الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قاتل قوما حتى دعاهم إلى الاسلام قلت
رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن بن أبي نجيح عن أبيه عن بن
عباس قال ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى دعاهم انتهى وكذلك رواه الحاكم في
المستدرك في كتاب الايمان وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والله أعلم
أحاديث الباب روى أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا أبو حباب
223

الكلبي عن يحيى بن هانئ بن عروة عن فروة بن مسيك قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم قال نعم فلما وليت دعاني فقال لا
تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الاسلام مختصر
حديث آخر روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عمر بن ذر عن يحيى بن
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه لا تقاتل قوما
حتى تدعوهم انتهى
حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط من حديث سفيان عن عمر بن
ذر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى
قوم يقاتلهم وقال له إلى آخره وقال لم يروه عن إسحاق إلا عمر بن ذر
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن حماد
عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن سلمان أنه انتهى إلى حصن أو مدينة فقال
لأصحابه دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم فقال لهم إنما كنت
رجلا منكم فهداني الله للاسلام فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا وإن أبيتم
فأدوا الجزية وأنتم صاغرون فإن أبيتم نابذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين
ففعل ذلك بهم ثلاثة أيام فلما كان في اليوم الرابع أمر الناس فغدوا إليها ففتحوها
انتهى
حديث آخر استدل بعض العلماء على وجوب الدعوة قبل القتال فيما أخرجه
الأئمة الستة عن أبي معبد مولى بن عباس عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى
اليمن وقال له إنك تقدم على قوم أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله
الحديث ولكنا نقول إنه سقط الوجوب بحديث أنه عليه السلام أغار على بني المصطلق
فتبقى السنة والله أعلم
224

الحديث الثاني قال عليه السلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله
قلت روي من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عمر ومن حديث جابر ومن
حديث عمر ومن حديث أنس
فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله من قال لا إله إلا الله فقد
عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله انتهى وفي لفظ لمسلم حتى
يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم
وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله انتهى
وحديث عمر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أبي هريرة قال لما توفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن
الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت
أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله
ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة
والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
لنقاتلنهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر
للقتال فعرفت أنه الحق انتهى وفي لفظ للبخاري والله لو منعوني عناقا أخرجه في
الزكاة
وحديث بن عمر أخرجاه أيضا عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا
الزكاة فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله انتهى زاد
البخاري إلا بحق الاسلام
وحديث جابر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله بلفظ حديث أبي هريرة وزاد ثم قرأ
225

إنما أنت مذكر لست علهم بمسيطر انتهى
وحديث أنس أخرجه البخاري عنه في الصلاة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا
قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على
الله انتهى
وفيه حديث آخر أخرجه مسلم عن طارق بن أشيم قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم الله ماله ودمه
وحسابه على الله وفي لفظ من وحد الله أخرجها كلها مسلم في الايمان
الحديث الثالث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمراء الجيوش بأخذ الجزية من الكفار إذا
امتنعوا من الاسلام قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن سليمان بن بريدة عن
بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته
بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا
من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت
عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم
وكف عنهم أدعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى
التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين
وعليهم ما عليهم فان أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين
226

يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفئ
شئ إلا أن يجاهدوا من المسلمين فإن هم أبوا فاسألوهم الجزية فإن هم أجابوك
فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل
حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه
ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذمتكم وذمة أصحابكم
أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن
تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك
لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم انتهى زاد
مسلم في رواية قال قال سفيان قال علقمة فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حبان فقال
حدثني مسلم بن هيضم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث بريدة
انتهى
قوله روي عن علي رضي الله عنه أنه قال إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم
كدمائنا وأموالهم كأموالنا قلت غريب وأخرج الدارقطني في سننه عن الحكم
عن حسين بن ميمون عن أبي الجنوب الأسدي قال قال علي بن أبي طالب من
كانت له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا انتهى قال الدارقطني خالفه أبان بن
تغلب فرواه عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن أبي الجنوب وأبو
الجنوب ضعيف الحديث انتهى قلت وحديث أبان الذي أشار إليه أخرجه الشافعي
في مسنده فقال أخبرنا محمد بن الحسن ثنا قيس بن ربيع الأسدي عن أبان بن
تغلب عن الحسن بن ميمون به
الحديث الرابع قال عليه السلام في وصية أمراء الأجناد فادعهم إلى شهادة أن لا
227

إله إلا الله قلت تقدم في حديث بريدة ادعهم إلى الاسلام
قوله ولو قاتل قبل الدعوة أثم للنهي قلت تقدم في حديث فروة بن مسيك
قلت يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم قال نعم فلما وليت دعاني فقال
لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الاسلام مختصر وفي حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له
حين بعثه إلى اليمن لا تقاتل قوما حتى تدعوهم انتهى
الحديث الخامس والسادس وقد أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم
غارون وعهد إلى أسامة أن يغير على أبنى صباحا ثم يحرق قلت حديث بني
المصطلق أخرجه البخاري ومسلم عن بن عون قال كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء
قبل القتال فكتب إلي إنما كان ذلك في أول الاسلام قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على
بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم
وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش
انتهى
وحديث أسامة أخرجه أبو داود وابن ماجة عن صالح بن أبي الأخضر عن
الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إليه فقال اغز على
228

أبنى صباحا وحرق انتهى قال المنذري في حواشيه غارون بتشديد الراء
هكذا قيده غير واحد وقال الفارسي أظنه غادون بالدال المهملة المخففة فان
صحت رواية الراء فوجهه أنهم ذو غرة أي أتاهم الجيش على غرة منهم فان الغار هو
الذي يغر غيره ولا وجه له هنا وهذا الذي قاله فيه تكلف فقد قال الجوهري
وغيره الغافل انتهى وابني بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة بعدها نون وألف
مقصورة موضع من فلسطين بين عسقلان والرملة ويقال يبنى بياء مضمومة آخر
الحروف انتهى وزعم الحازمي في الناسخ والمنسوخ أن حديث بن عمر المتقدم
ناسخ للأحاديث التي فيها الدعوة وهو صريح في ذلك فإنه قال فيه إنما كان ذلك في
أول الاسلام ثم ساق من طريق أبي عوانة ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا علي بن بكار
عن بن عون عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار على خيبر يوم الخميس وهم
غارون فقتل المقاتلة وسبى الذرية انتهى قال وقد جمع بعض العلماء بين الأحاديث فقال
الأحاديث الأول محمولة على الامر بدعاء من لم تبلغهم الدعوة وأما
بنو المصطلق وأهل خيبر فإن الدعوة كانت بلغتهم انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام في حديث سليمان بن بريدة فان أبوا فادعهم
إلى إعطاء الجزية إلى أن قال فان أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم قلت تقدم ذلك
في حديث
سليمان بن بريدة عن أبيه
الحديث الثامن روي أنه عليه السلام نصب المناجيق على الطائف قلت ذكره
229

الترمذي في الاستئذان معضلا ولم يصل سنده به فقال قال قتيبة ثنا وكيع عن
رجل عن ثور بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على الطائف قال قتيبة قلت
لوكيع من هذا الرجل قال صاحبكم عمر بن هارون انتهى ورواه أبو داود في
المراسيل عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المناجيق على أهل الطائف انتهى
ورواه بن سعد في الطبقات أخبرنا قبيصة بن عقبة أنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد
عن مكحول فذكره وزاد أربعين يوما ورواه العقيلي في ضعفائه مسندا من
حديث عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن أبي صادق عن علي قال
نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجنيق على أهل الطائف انتهى وقال الواقد في كتاب
المغازي وقال سلمان الفارسي يومئذ يا رسول الله أرى أن تنصب علهم المنجنيق
فإنا كنا بأرض فارس ننصب المناجيق على الحصون فنصيب من عدونا وإن لم يكن
منجنيق طال المقام فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمل منجنيقا بيده فنصبه على حصن
الطائف ويقال قدم بالمنجنيق يزيد بن ربيعة وقيل غيره
الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق البويرة قلت أخرجه الأئمة الستة في
كتبهم عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير
وحرق وهي البويرة وفيها نزلت ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية انتهى
أخرجه البخاري في المغازي عن آدم وفي التفسير عن قتيبة ومسلم في
المغازي عن يحيى بن يحيى وقتيبة ومحمد بن رمح أربعتهم عنه به وأبو داود في
230

الجهاد والترمذي والنسائي في السير وفي التفسير عن قتيبة به وقال
الترمذي حديث حسن صحيح وابن ماجة في الجهاد عن محمد بن رمح به
والله أعلم
الحديث العاشر قال عليه السلام لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو قلت
رواه الجماعة إلا الترمذي فأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة من
حديث مالك عن نافع عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى
أرض العدو انتهى وزاد أبو داود وابن ماجة فيه قال مالك أراه مخافة أن يناله
231

العدو انتهى وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن الليث بن سعد عن نافع عن
بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ويخاف أن
يناله العدو انتهى وأخرجه مسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن فاني لا آمن أن يناله العدو قال أيوب فقد
ناله العدو وخاصموكم به انتهى وفي لفظ لمسلم فاني أخاف وأخرجه مسلم عن
الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن مخافة أن
يناله العدو
واختلف الحفاظ في هذه الزيادة أعني قوله مخافة أن يناله العدو هل هي من
لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام مالك والصحيح أنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم قال القرطبي في
شرح مسلم هذه الزيادة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الثقات غير أن
يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير أخرجاها من قول مالك فان صح فيحمل على أن مالكا شك
في رفعها مرة فوقفها على نفسه وقال النووي غلط بعض المالكية فزعم أنها من قول
مالك وإنما هي من قول النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال المنذري في مختصر السنن هكذا
أخرجه أبو داود من رواية القعنبي عن مالك فأفرد الزيادة من قوله ووافق القعنبي على
ذلك أبو مصعب الزبيري وابن وهب وعبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن يحيى
الأندلسي ويحيى بن بكير ورواه بعضهم من حديث عبد الرحمن بن مهدي
والقعنبي عن مالك فأدرجها في الحديث وقد اختلف على القعنبي في ذلك فمرة يبين
أنها قول مالك ومرة يدرجها في الحديث ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك
فلم يذكر هذه الزيادة البتة وقد رفع هذه الكلمات أيوب السختياني والليث بن سعد
والضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر وقال بعضهم يحتمل أن مالكا شك هل
من قول النبي صلى الله عليه وسلم أولا فجعل لتحريه هذه الزيادة من كلامه على التفسير وإلا فهي
صحيحة من قول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية الثقات انتهى وذهل شيخنا علاء الدين فعزاه
مقلدا لغيره لمالك في الموطأ فقط
واعلم أن المصنف حمل الحديث على الجيش الصغير الذي لا يؤمن معه ضياعه
232

والشافعية معنا في ذلك وأخذ المالكية بإطلاقه قال القرطبي ولا فرق بين الجيوش
والسرايا عملا بإطلاق النص وهو وإن كان نيل العدو له في الجيش العظيم نادرا
فنسيانه وسقوطه ليس نادرا انتهى
واعلم أن المراد بالقرآن في الحديث المصحف وقد جاء مفسرا في بعض
الأحاديث وأشار إليه البخاري بقوله باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو يروي
ذلك عن محمد بن بشر عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سافر
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أرض العدو وهم يعلمون القرآن انتهى
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
قلت تقدم ذلك في حديث بريدة
قوله والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة بالنهي المتأخر قلت أخرجه
البخاري ومسلم حديث العرنيين في كتاب الحدود من رواية سعيد عن قتادة عن
أنس أن نفرا من عكل ثمانية وفي لفظ أن أناسا من عرنية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعوه على الاسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أبدانهم فشكوا ذلك إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها قالوا بلى
يا رسول الله فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا ثم مالوا على الرعاء
فقتلوهم وارتدوا عن الاسلام واستاقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
فبعث في إثرهم وأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة
حتى ماتوا وفي لفظ وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون ولم يحسمهم حتى ماتوا
وفي لفظ فقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فأحميت ثم كحلهم بها وفي
233

لفظ وتركهم بالحرة يعضون الحجارة وفي آخره قال قتادة وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
بعد ذلك يحث على الصدقة وينهى عن المثلة انتهى وفي لفظ لهما قال قتادة
فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك قبل أتنزل الحدود انتهى وفي لفظ للبيهقي قال
أنس فما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا خطبة إلا نهى فيها عن المثلة انتهى قال في
المعرفة وحديث العرنيين إما أن يحمل على النسخ كما روى عن بن سيرين
وقتادة وبه قال الشافعي أو يحمل على أنه فعل بهم ما فعل بالرعاء وقد جاء مصرحا
عند مسلم عن أنس قال إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء
انتهى وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته من الناس من زعم أن حديث العرنيين
منسوخ بآية المائدة إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية ومن الناس من أبى
ذلك لما وقع من الخلا ف في سبب نزولها وقد ذكر البغوي وغيره لها قصة أخرى
وأيضا فليس فيها أكثر مما يشعره لفظة إنما من الاقتصار في حد الحرابة على ما في
الآية وأما من زاد على الحرابة جنايات أخر كما فعل هؤلاء حيث زادوا بالردة
وسمل أعين الرعاء وغير ذلك وروى بن سعد في خبرهم أنهم قطعوا يد الراعي
ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات فليس في الآية ما يمنع من التغليظ
عليهم والزيادة قي عقوبتهم فهذا ليس بمثلة والمثلة ما كان ابتداء عن غير جزاء وقد
جاء في صحيح مسلم إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء ولو أن
شخصا جنى على قوم جنايات في أعضاء متعددة فاقتص منه للمجني عليه لما كان
التشويه الذي حصل من المثلة المنهي عنها وإذا اختلفت في نزول الآية الأقوال وتطرق
إليها الاحتمال فلا نسخ انتهى كلامه وقد تقدمت أحاديث النهي عن المثلة في
كتاب الحج في مسألة الاشعار من باب التمتع والله أعلم قلت مما يدل على
نسخ حديث العرنيين بالآية ما رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني إسحاق عن
صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال لما قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيدي أصحاب اللقاح
وأرجلهم وسمل أعينهم نزلت هذه الآية إنما جزاء الذي يحاربون الله ورسوله
234

إلى آخر الآية قال فلم تسمل بعد ذلك عين قال وحدثني أبو جعفر قال ما بعث
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بعثا إلا نهاهم عن المثلة انتهى
الحديث الثاني عشر وقد صح أنه عليه السلام نهى عن قتل الصبيان والذراري
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الجماعة إلا ابن ماجة عن نافع عن بن عمر أن
امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل
النساء والصبيان انتهى وفي لفظ للشيخين فأنكر قتل النساء والصبيان وأخرج
أبو داود عن خالد بن الفزر حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انطلقوا باسم
الله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا
تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين انتهى
وخالد بن الفزر قال بن معين ليس بذاك قال البيهقي وهو معارضة ما أخرجه
أبو داود أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم انتهى قال والحجاج بن أرطاة
غير محتج به والحسن عن سمرة منقطع في غير حديث العقيقة على ما ذكره بعض
أهل العلم بالحديث انتهى
حديث آخر يشكل عليه أخرجه الأئمة الستة عن الصعب بن جثامة أنه سأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال
عليه السلام هم منهم وفي لفظ هم من آبائهم انتهى زاد أبو داود قال الزهري ثم
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان انتهى وأجيب عنه بوجهين
أحدهما أنه منسوخ نقله الحازمي في الناسخ والمنسوخ عن سفيان بن عيينة وقد
235

ذكره أبو داود عن الزهري الثاني أن حديث الصعب هذا إنما هو في تبييت العدو إذا
أغير عليه فقتل من الذرية من غير قصد ضرورة التوصل إلى العدو وأما مع عدم
الحاجة فالعمل على حديث بن عمر والمنع من قتلهم لوجهين أحدهما أنهم غنيمة
للمسلمين فلا يجوز إتلافها الثاني أن الشارع ليس من غرضه إفساد العالم وإنما
غرضه إصلاحه وذلك يحصل بإهلاك المقاتلة وما ثبت بالضرورة فيتقدر بقدرها والله
أعلم
الحديث الثالث عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال هاه ما كانت
هذه تقاتل فلم قتلت قلت أخرج أبو داود والنسائي عن أبي الوليد الطيالسي
عن عمر بن المرقع بن صيفي حدثني أبي عن جده رباح بن الربيع بن صيفي قال كنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شئ فبعث رجلا فقال انظر
على م اجتمع هؤلاء فجاء فقال امرأة قتيل فقال ما كانت هذه لتقاتل وعلى
المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلا فقال قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفا
انتهي وأخرجه النسائي أيضا وابن ماجة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد
236

عن المرقع عن جده رباح فذكره ورواه أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن أبي الزناد به وكذلك رواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وفي لفظه فقال هاما كانت تقاتل الحديث ثم قال وهكذا
رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جريج عن أبي الزناد فصار الحديث صحيحا على
شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى فحديث المغيرة تقدم عند النسائي وابن ماجة
وحديث بن جريج عند عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن أبي الزناد عن
المرقع به
حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن
المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على امرأة
مقتولة قد اجتمع عليها الناس فقال ما كانت هذه تقاتل ثم قال لرجل انطلق إلى
خالد بن الوليد فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك لا تقتلن ذرية ولا عسيفا انتهى
ورواه أيضا أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وقال هذا الخبر سمعه
المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب وسمعه من جده رباح بن الربيع والخبران
محفوظان انتهى قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن
حديث رواه سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه الحديث فقالا هذا خطأ فقال إنه من وهم
الثوري إنما هو المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة بن الربيع عن
النبي صلى الله عليه وسلم كذا يرويه مغيرة بن عبد الرحمن وزياد بن سعد وعبد الرحمن بن أبي
الزناد وهو الصحيح انتهى وقال البيهقي في المعرفة مرقع بن صيفي بن
رباح ويقال رباح قال البخاري ورباح أصح وروى هذا الحديث عنه موسى بن
عقبة وأبو الزناد وأبيه عمر وأقام إسناده عن أبي الزناد أبيه والمغيرة بن عبد الرحمن
ورواه الثوري عن أبي الزناد عن مرقع عن حنظلة الكاتب قال البخاري وهو وهم
انتهى وقال الدارقطني ليس في الصحابة أحد يقال له رباح إلا هذا مع اختلاف
فيه والله أعلم
237

باب الموادعة الحديث الأول روى أن النبي صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكة عام الحديبية على أن يضع
الحرب بينه وبينها عشر سنين قلت رواه أبو داود في سننه من حديث محمد بن
إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهم
اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة
وأنه لا إسلال ولا إغلال انتهى ورواه أحمد في مسنده مطولا بقصة الفتح
حدثنا يزيد بن هارون ثنا بن إسحاق به قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد
زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل
فكانت كل بدنة عن عشرة إلى أن قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب
فقال له أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا
ولكن أكتب باسمك اللهم فقال عليه السلام أكتب باسمك اللهم هذا ما صالح عليه
محمد رسول الله سهيل بن عمرو فقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك
ولكن أكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع
الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض الحديث بطوله وروى
الواقدي في المغازي حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن
واقد بن عمرو فذكر قصة الحديبية وفيها فكتب باسمك اللهم هذا ما اصطلح عليه
محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس
ويكف بعضهم عن بعض على أنه لا إسلال ولا إغلال وأن بيننا عيبة مكفوفة
الحديث وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة في أبواب قصة الحديبية عن عروة بن
الزبير وموسى بن عقبة مرسلا فذكر القصة وفي آخرها فكان الصلح بين رسول
238

الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش سنتين قال البيهقي وقولهما سنتين يريد أن بقاءه حتى نقض
المشركون عهدهم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم حينئذ لفتح مكة فأما المدة التي وقع عليها
عقد الصلح فيشبه أن يكون المحفوظ ما رواه محمد بن إسحاق وهي عشر سنين انتهى
كلامه وقال السهيلي في الروض الأنف في كلامه على غزوة الحديبية واختلف
العلماء هل يجوز الصلح إلى أكثر من عشر سنين وحجة المانعين أن منع الصلح هو
الأصل بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث بن إسحاق فحصلت
الإباحة في هذا القدر ويبقى الزائد على الأصل انتهى وقال أبو الفتح اليعمري في
سيرته عيون الأثر ليس في مطلق الامر بالقتال ما يمنع من الصلح وإن كان المراد ما
في سورة براءة من ذلك مما نزل بعد هذه الواقعة ففي التخصيص بذلك
اختلاف بين العلماء وأما تحديد هذه المدة بعشر سنين فأهل النقل مختلفون في ذلك
فوقع في رواية بن إسحاق عشر سنين ووقع في رواية موسى بن عقبة أنه كان سنتين
وكذلك بن عائذ عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن بن
عباس أن مدة الصلح كانت إلى سنتين انتهى وفي كتاب شيخنا علاء الدين
مقلدا لغيره في الصحيح عن مسور ومروان في قصة الحديبية وخرج سهيل بن عمرو
إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقع الصلح على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين وهذا ليس في
الصحيح وإنما هو عند أبي داود كما تقدم
الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نقض الصلح بعد الموادعة التي كانت بينه وبين
أهل مكة قلت روى البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة مؤتة من طريق بن
إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة
قالا كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش أنه من شاء أن يدخل في
239

عقد محمد وعهده دخل ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فدخلت
خزاعة في عقد محمد صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في عقد قريش فمكثوا في الهدنة نحو
السبعة أو الثمانية عشرة شهرا ثم إن بني بكر الذين دخلوا في عقد قريش وثبوا على
خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب من
مكة وقالت قريش هذا ليل وما يعلم بنا محمد ولا يرانا أحد فأعانوا بني بكر
بالسلاح والكراع وقاتلوا خزاعة معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب
عمرو بن سالم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك يخبر الخبر فلما قدم عليه أنشده
اللهم إني ناشد محمدا خلف أبينا وأبيه الا تلدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا
هم بيتونا بالوتير هجدا فقتلونا ركعا وسجدا
فانصر رسول الله نصرا عتدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم أمر الناس فتجهزوا وسأل
الله أن يعمى على قريش خبرهم حتى يبغتهم في بلادهم وذكر موسى بن عقبة نحو
هذا وأن أبا بكر قال له يا رسول الله ألم تكن بينك وبينهم مدة قال ألم يبلغك
ما صنعوا ببني كعب ورواه الطبراني في معجمه الكبير والصغير من حديث
ميمونة ورواه بن أبي شيبة مرسلا عن عروة ورواه الواقدي في كتاب المغازي
مرسلا عن جماعة كثيرين وفيه فقال أبو بكر يا رسول الله أوليس بيننا وبينهم مدة
قال إنهم غدروا ونقضوا العهد فأنا غازيهم ثم ذكر الحديث
الحديث الثالث قال عليه السلام في العهود وفاء لا غدر قلت هكذا وقع
في الكتاب والموجود في كتب الحديث موقوفا من كلام عمرو بن عبسة أخرجه أبو
داو والترمذي والنسائي عن شعبة أخبرني أبو الفيض عن سليم بن عامر رجل من
240

حمير قال كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا
انقضى العهد غزاهم فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول الله أكبر الله
أكبر وفاء لا غدر فنظروا فإذا عمرو بن عبسة فأرسل إليه معاوية فسأله فقال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها
حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء فرجع معاوية بالناس انتهى ورواه
أحمد وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم وابن حبان في
صحيحه في النوع الثالث والأربعين من القسم الثالث وكذلك رواه الطبراني في
معجمه وقال الترمذي فيه حديث حسن صحيح انتهى
241

الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلاح من أهل الحرب ثم أعاده
المصنف وزاد وحمله إليهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى البيهقي في سننه
والبزار في مسنده والطبراني في معجمه من حديث بحر بن كنيز السقاء عن
عبد الله بن اللقيطي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع
السلاح في الفتنة انتهى قال البيهقي رفعه وهم والصواب موقوف وقال البزار
لا نعلم أحدا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمران بن حصين وعبد الله اللقيطي ليس
بالمعروف وبحر بن كنيز لم يكن بالقوي وقد روى سالم بن رزين عن أبي رجاء عن
عمران موقوفا انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل والعقيلي في كتابه
عن محمد بن مصعب القرقساني ثنا أبو الأشهب عن أبي رجاء به مرفوعا نحوه سواء
قال العقيلي قال بن معين محمد بن مصعب ليس بشئ ولينه بن عدي وقال
وهو عندي لا بأس برواياته ونقل عن أحمد بن حنبل نحو ذلك وقال عبد الحق في
أحكامه محمد بن مصعب فيه غفلة وليس بقوي وقال أبو زرعة هو صدوق
ولكنه حدث بأحاديث منكرة انتهى كلامه وقال بن حبان في صحيحه قد يفهم
من حديث خباب بن الأرت كنت قينا بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفا فجئت
أتقاضاه الحديث إباحة بيع السلاح لأهل الحرب وهو فهم ضعيف لأن هذه القصة
كانت قبل فرض الجهاد وفرض الجهاد والامر بقتال المشركين إنما كان بعد إخراج أهل
مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
الحديث الخامس روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ثمامة أن يمير أهل مكة وهم حرب
عليه قلت رواه البيهقي في دلائل النبوة في آخر باب حديث الإفك من طريق
بن إسحاق حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكر قصة إسلام ثمامة بلفظ
242

الصحيحين وفي آخره فقال إني والله ما صبوت ولكني أسلمت وصدقت
محمدا وآمنت به وأيم الذي نفس ثمامة بيده لا يأتيكم حبة من اليمامة وكان ريف
مكة ما بقيت حتى يأذن فيها محمد صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة
حتى جهدت قريش فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة
يخلي إليهم حمل الطعام ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مختصر وذكره بن هشام في أواخر
السيرة فقال وحدثت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم والله يا محمد لقد كان
وجهك أبغض الوجوه إلي فلقد أصبح اليوم أحب الوجوه إلي وقال في الدين والبلد
مثل ذلك ثم خرج ثمامة معتمرا حتى دخل مكة فقالوا له صبأت يا ثمامة قال لا
ولكني اتبعت خير الدين دين محمد والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى اليمامة فمنع أهلها أن يحملوا إلى مكة شيئا فكتبوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تأمر بصلة الرحم وأنك قد قطعت أرحامنا فكتب إليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يخلي بينهم وبين الحمل انتهى ورواه الواقدي في كتاب الردة فقال
حدثني معاذ بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهيم عن أبي بكر بن سليمان بن
أبي حثمة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلي المنذر بن ساوي العبدي
بالبحرين لليال بقين من رجب سنة تسع منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك وكتب إليه
كتابا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المنذر بن ساوى سلام
على من ابتع الهدي أما بعد فإني أدعوك إلى الاسلام فأسلم تسلم وأسلم يجعل الله
لك ما تحت يديك واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر وختم رسول الله
صلى الله عليه وسلم الكتاب ودفعه إليه فخرج العلاء في نفر منهم أبو هريرة حتى قدم على المنذر بن
ساوى فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال أشهد أن ما دعا إليه حق وأنه لا إله إلا الله
وأن محمدا عبده ورسوله وأكرم منزله ثم رجع العلاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى
من المنذر وسرعة إسلامه ثم قال يا رسول الله مررت بثمامة بن أثال الحنفي فقال
أنت رسول محمد فقلت نعم فقال والله لا تصل إلى محمد أبدا وأراد قتلي
فمنعه عمه عامر بن سلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهد عامرا وأمكني من ثمامة فأسلم
عامر وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يأمر كل من خرج إلى وجه إن ظفرت بثمامة بن أثال فخذه
فخرج محمد بن مسلمة في بعث من البعوث وقد أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببطن
243

نخل إذا هم بقوم يصطنعون طعاما وفيهم ثمامة بن أثال فأخذه محمد بن مسلمة
فأوثقه في جامعة وبعث به مع أبي نائلة وأربعة نفر معه فلما أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر
به فربط إلى سارية من سواري المسجد وأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام فذهب إلى
حائط أبي طلحة فاغتسل ولبس ثوبين جديدين ثم جاء فوقف على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا محمد والله لقد كنت وما وجه إلي أبغض من وجهك ولا دين أبغض إلي من دينك
ولا بلد أبغض إلي من بلدك فلقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك ولا دين
أحب إلي من دينك ولا بلد أحب إلي من بلدك وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا عبده ورسوله ثم خرج إلى مكة معتمرا فقالت له قريش والله يا ثمامة ما كنا
نظن لو أن حنيفة بأسرها تبعت محمدا أن تتبعه أنت فقال والله يا معشر قريش أقسم
بالله لا يأتيكم من اليمامة بر ولا تمر حتى تسلموا أو يأذن فيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى
اليمامة فحبس عن قريش الميرة حتى جهدوا فقدم أبو سفيان بن حرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
في ركب من قريش فسأله بالرحم إلا أرسلت إلى ثمامة أن يخلي الحمل إلينا فانا قد
هلكنا جوعا ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب معه كتابا إلى ثمامة أن خل بين قريش وبين
الميرة فلما جاءه الكتاب قال سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مختصر وحديث ثمامة
في الصحيحين ليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لثمامة أن يرد الميرة على أهل مكة أخرجاه عن
الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد
فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال الحديث ذكره البخاري في
المغازي في باب وفد بني حنيفة ومسلم في باب ترك الأسارى والمن عليهم بقية
الحديث يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد
فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا عندك يا ثمامة قال خير يا محمد إن
تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط ما شئت فتركه
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد فقال له مثل ذلك وقال له في اليوم الثالث مثله ثم أمر
به فأطلق فذهب ثمامة إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا محمد
والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه
كلها إلي ولا كان دين أبغض إلى من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين كله إلي ولا
كان بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي وإن خيلك أخذتني
244

وأنا أريد العمرة فماذا ترى فأمره عليه السلام أن يعتمر فلما قدم مكة قيل له
أصبوت فقال لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يأتيكم من اليمامة حبة
حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
فصل
الحديث السادس قال عليه السلام المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم
أدناهم قلت احتج المصنف بقوله ويسعى بذمتهم أدناهم على جواز أمان
الرجل الواحد أو المرأة الواحدة لأهل مدينة أو حصن وهو في الصحيحين
أخرجه البخاري في الجهاد ومسلم في الحج عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن
علي بن أبي طالب قال ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثنا فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وذمة المسلمين
واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا
يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا انتهى وأخرج البخاري نحوه من حديث
أنس وأخرج مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة
حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن
أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا
عدل انتهى وذهل شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فذكر حديث علي من جهة
أبي داود والنسائي فقط أخرجاه عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد قال
245

انطلقت أنا والأشتر إلى علي عليه السلام فقلنا هل عهد إليك رسول
الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم
يعهده إلى الناس عامة قال لا إلا ما في كتابي هذا فأخرج كتابا من قراب سيفه
فإذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ألا
لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين انتهى ورواه أحمد في مسنده ومن طريقه
رواه الحاكم في المستدرك في كتاب قسم الفئ وقال صحيح على شرط
الشيخين انتهى وأخرجه أبو داود أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
محيي على حديث علي وأخرجه بن ماجة مفسرا ولفظه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم
يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم ألا لا يقتل
مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده انتهى وأخرج الدارقطني في سننه في
246

الحدود عن مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة قالت وجد في قائم
سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان إن أشد الناس عتوا في الأرض رجل ضرب غير ضاربه
أو رجل قتل غير قاتله ورجل تولى غير أهل نعمته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله
وبرسله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدو في الآخر المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى
بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين
انتهى ومالك هذا هو بن أبي الرجال أخو حارثة ومحمد قال أبو حاتم هو أحسن
حالا من أخويه انتهى ورواه البخاري في تاريخه الكبير والله أعلم
أحاديث الباب حديث أم هانئ أخرجاه في الصحيحين عنها قالت
يا رسول الله زعم بن أمي على أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان بن هبيرة فقال عليه
السلام قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت مختصر ورواه أبو الوليد محمد بن
عبد الله الأزرقي فكتاب تاريخ مكة من طريق الواقدي عن بن أبي ذئب عن
المقبري عن أبي مرة مولى عقيل عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت ذهبت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إني أجرت حموين لي من المشركين فأراد علي أن
يقتلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت
ثم اغتسل وصلى ثمان ركعات وذلك ضحى يوم فتح مكة وكأن الذي أجارت أم
هانئ يوم الفتح عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة والحارث بن هشام بن المغيرة كلاهما من
بني مخزوم انتهى وكذلك رواه الواقدي في كتاب المغازي سواء وهذا
مطابق لما ذكره صاحب الخلاصة من حديث أم هانئ فإنه قال روى عن أم هانئ أنها
أجارت رجلين من المشركين ولم تمكن عليا من قتلهما وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم أمانها انتهى
وعند الطبراني عن أنس أنها أجارت أخاها عقيلا وسيأتي
حديث آخر رواه أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن
منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت أن كانت المرأة لتجير على المؤمنين
فيجوز انتهى
247

حديث آخر رواه الترمذي حدثنا يحيى بن أكثم ثنا عبد العزيز بن حازم عن كثير
بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المرأة لتأخذ للقوم
يعني تجير على المسلمين انتهى وقال حسن غريب وترجم عليه باب أمان
المرأة وقال في علله الكبير وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال
هو حديث صحيح وكثير بن زيد سمع من الوليد بن رباح والوليد بن رباح سمع من
أبي هريرة والوليد مقارب الحديث انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن عباد بن كثير عن عقيل بن خالد
عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجارت أبا العاص
فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم جوارها وأن أم هانئ بنت أبي طالب أجارت أخاها عقيلا فأجاز النبي
صلى الله عليه وسلم جوارها وقال يجير على المسلمين أدناهم انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني أيضا عن بن لهيعة ثنا موسى بن جبير عن عراك بن
مالك عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة أن أبا العاص لما لحق
بالمدينة أرسل إلى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خذي لي أمانا من أبيك فخرجت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فقالت يا أيها الناس أنا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإني قد أجرت أبا العاص فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال يا أيها الناس إني
أعلم بهذا حتى سمعتموه ألا وإنه يجير على المسلمين أدناهم انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام أمان العبد أمان رواه أبو موسى الأشعري
248

قلت غريب وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن
فضيل بن يزيد الرقاشي قال شهدت قرية من قرى فارس يقال لها شاهرنا
فحاصرناها شهرا حتى إذا كنا ذات يوم وطمعنا أن نصبحهم انصرفنا عنهم
عند المقتل فتخلف عبد منا فاستأمنوه فكتب إليهم في سهم أمانا ثم رمى به إليهم
فلما رجعنا إليهم خرجوا في ثيابهم ووضعوا أسلحتهم فقلنا ما شأنكم فقالوا
أمنتمونا وأخرجوا إلينا السهم فيه كتاب أمانهم فقلنا هذا عبد والعبد لا يقدر
على شئ قالوا لا ندري عبدكم من حركم وقد خرجنا بأمان فكتبنا إلى عمر
فكتب عمر إن العبد المسلم من المسلمين وأمانه أمانهم ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه وزاد وأجاز عمر أمانه انتهى قال في التنقيح وفضيل بن يزيد
الرقاشي وثقه بن معين قال وقد روى البيهقي بإسناد ضعيف عن علي مرفوعا ليس
للعبد من الغنيمة شئ إلا خرثي المتاع وأمانة جائز وأمان المرأة جائز إذا هي
أعطت القوم الأمان انتهى وأحاديث ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم من
هذا الباب
249

باب الغنائم وقسمتها
الحديث الأول قال المصنف رحمه الله وإذا فتح الامام بلدة عنوة فهو بالخيار
إن شاء قسمه بين المسلمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر قلت أخرج البخاري في
صحيحه عن زيد بن أسلم أن عمر قال والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس
ببانا ليس لهم شئ ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر
ولكن أتركها لهم خزانة يقتسمونها ورواه مالك في الموطأ أخبرنا زيد بن أسلم
عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن نترك آخر الناس لا شئ لهم ما افتتح
المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر سهمانا انتهى
والمصنف ذكر في باب القسامة أنه عليه السلام أقر خيبر على أهلها ووضع عليهم
الخراج قيل إن الطحاوي بين ذلك فلينظر
أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه في كتاب الخراج عن يحيى بن
زكريا عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال قسم رسول
الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر
سهما انتهى قال صاحب التنقيح إسناده جيد ويحيى بن زكريا هو بن أبي
زائدة وهو أحد الثقات انتهى ثم أخرجه أبو داود عن محمد بن فضيل عن يحيى
بن سعيد عن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر
على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهما جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله
250

صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور
ونوائب الناس انتهى ثم أخرجه عن سليمان ببلال عن يحيى بن سعيد عن بشير
بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهما جمعا فعزل
للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهما يجمع كل سهم مائة والنبي صلى الله عليه وسلم معهم له سهم
كسهم أحدهم وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما وهو الشطر لنوائبه وما ينزل
به من أمر المسلمين فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها فلما صارت
الأموال بيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليهود فعاملهم انتهى زاد أبو عبيد في كتاب الأموال فعاملهم على نصف ما
يخرج منها فلم يزل على ذلك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى كان عمر فكثر
العمال في المسلمين وقووا على العمل فأجلا عمر اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين
المسلمين إلى اليوم انتهى وبشير بن يسار تابعي ثقة يروي عن أنس وغيره يروي
هذا الخبر عنه يحيى بن سعيد وقد اختلف عليه فيه فبعض أصحاب يحيى يقول فيه
عن بشير عن سهل بن أبي حثمة وبعضهم يقول عن رجال من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله والله أعلم حديث آخر
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن المرقع قال
لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قسمها على ثمانية عشر سهما فجعل لكل مائة سهما
وهي مخضرة من الفواكه فوقع الناس على الفاكهة فأخذتهم الفاكهة فشكوا ذلك
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الحمى قطعة من النار فإذا هي أخذتكم فبردوا لها الماء في
الشنان ثم صبوها عليكم بين الصلاتين يعني المغرب والعشاء قال ففعلوا فذهبت
انتهى قال أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الأثر اختلف العلماء في المدينة إذا
فتحت عنوة هل تقسم أرضها بين المسلمين كسائر الغنائم أو توقف فقال الكوفيون
الامام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر أو يقر أهلها عليها
ويضع عليهم الخراج كما فعل عمر بسواد العراق في جماعة من الصحابة وبالأول
أخذ الشافعي وبالثاني أخذ مالك نفعا لمن يأتي بعده من المسلمين ثم ذكر حديث
البخاري ثم قال وهذا يدل على أن خيبر قسمت كلها سهمانا وهو رواية بن إسحاق
251

عن الزهري رواه أبو داود في سننه عن بن إسحاق قال سألت بن شهاب
فأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال وروى أيضا من حديث يونس عن
الزهري نحوه وروى أيضا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصبناها عنوة وجمع السبي قال أبو عمر في مغازيه وهذا هو
الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على
الغانمين وهم أهل الحديبية وروى موسى بن عقبة وغيره عن الزهري أن بعضها كان
عنوة وبعضها كان صلحا قال أبو عمر وهذا وهم وإنما دخل عليه ذلك من جهة
الحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم وهما الوطيح والسلالم كما روى أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهل خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة
سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل فحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال وجميع
الحصون إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم فصالحهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم قال أبو عمر فلما لم
يكن أهل ذينك الحصنين مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمري أنه في الرجال والنساء
والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال فكان
حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها قال وربما
شبه على هذا القائل بحديث بشير بن يسار أنه عليه السلام قسم خيبر نصفين نصفا له
ونصفا للمسلمين قال وهذا إذ صح فمعناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك
النصف معه لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهما فوقع سهم النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في
ثمانية عشر سهما ووقع سائر الناس في باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر
وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكها
أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم وسائر أموالهم قال فالحق في ذلك ما قاله بن
إسحاق عن الزهري دون ما قاله موسى بن عقبة عنه انتهى كلام أبي عمر قال أبو
الفتح ويترجح ما قاله موسى بن عقبة وغيره إن بعض خيبر كان صلحا بما أخرجه
أبو داود من طريق بن وهب عن مالك عن الزهري أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها
252

صلحا والكتيبة أكثرها كان عنوة وفيها صلح قلت لمالك وما الكتيبة قال أرض
خيبر وهي أربعون ألف عذق وروى أبو داود أيضا عن مالك عن الزهري عن سعيد
بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة وروى أيضا من طريق محمد
بن إسحاق عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا
بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم
ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك قال وروى أبو داود أيضا من
حديث حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال أحسبه عن نافع عن بن عمر أن
النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه
على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا
يكتموا ولا يغيبوا شيئا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا لحيي بن
أخطب وقد كان قتل قبل خيبر كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير
فيه حليهم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعية بن عمرو أين مسك حيي بن أخط ب قال أذهبته الحروب
والنفقات فوجدوا المسك فقتل النبي صلى الله عليه وسلم ابنه أبي الحقيق وسبى نسائهم وذراريهم
وأراد أن يجليهم فقالوا يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدأ لكم
ولكم الشطر وزاد البلاذري فيه قال فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية بن عمرو إلى الزبير
فمسه بعذاب فقال رأيت حييا يطوف في هذه الخربة ففتشوها فوجدوا المسك
فقتل النبي صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب وسبى
نسائهم وذراريهم وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ففي هذا أنها فتحت صلحا
وأن الصلح النقض فصارت عنوة ثم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها وفي رواية
بشير بن يسار المرسلة أنه عليه السلام عزل شطرها ثمانية عشر سهما لنوائب المسلمين
فكان منها الوطيح والسلالم والكتيبة التي كان بعضها صلحا وبعضها عنوة وقد
تكون غلب عليها حكم الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم بين الغانمين والوطيح
والسلالم لم يجر لهما ذكر صريح في العنوة فصار هذا القول قويا انتهى كلام أبي
الفتح رحمه الله
253

قوله وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج
هكذا فعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة ولم يحمل من خالفه
قلت روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عثمان بن حنيف أخبرنا عبد الوهاب
بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ح وأخبرنا مخبر عن بن أبي
ليلى عن الحكم ومحمد بن الميسر أن عمر بن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على
خراج السواد ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم وأمره أن يمسح السواد عامره
وغامره ولا يمسح سبخة ولا تلا ولا أجمة ولا مستنقع ماء ولا مالا يبلغه الماء
فمسح عثمان كل شئ دون الجبل يعني حلوان إلى أرض العرب وهو أسفل
الفرات وكتب إلى عمر إني وجدت كل شئ بلغه الماء من عامر وغامر ستة وثلاثين
ألف ألف جريب وكان ذراع عمر الذي مسح به السواد ذراعا وقبضة فكتب إليه
عمر أن افرض الخراج على كل جريب عامر أو غامر عمله صاحبه أو لم يعمله
درهما وقفيز وافرض على الكرم وعلى كل جريب عشرة دراهم وعلى الرطاب
254

خمسة دراهم وأطعمهم النخل والشجر وقال هذا قوة لهم على عمارة بلاهم
وفرض على رقابهم على الموسر ثمانية وأربعين درهما وعلى من دون ذلك أربعة
وعشرين درهما وعلى من لم يجد شيئا اثنى عشر درهما وقال درهم لا يعوز رجلا
في كل شهر ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم وجعلهم أكرة في
الأرض فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف
درهم ثم حمل من قابل مائة وعشرون ألف ألف درهم ولم يزل كذلك انتهى
ورواه بن زنجويه في كتاب الأموال حدثنا الهيثم بن عدي أنبأني عبد الله بن عباس
عن الشعبي ح وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ح قال الهيثم
وأنبأنا بن أبي ليلى عن الحكم قالوا وجه عمر عثمان بن حنيف الحديث
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قتل من الأسارى قلت في الباب أحاديث
منها حديث بن خطل أخرجه البخاري ومسلم عن الزهري عن أنس بن مالك أن
النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله
بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه زاد البخاري قال مالك ولم يكن النبي
صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله أعلم يومئذ محرما انتهى
وحديث عطية القرظي أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الملك بن عمير
عنه قال كنت فيمن أخذ من سبى قريظة فكانوا يقتلون من أنبت ويتركون من لم
ينبت فكنت فيمن ترك انتهى وينظر أطراف الصحيح
255

حديث آخر روى البيهقي في دلائل النبوة أخبرنا أبو علي الروذباري ثنا الحسين
بن الحسن بن أيوب الطوسي ثنا بن أبي مرة ثنا المقري ثنا الليث حدثني أبو الزبير عن
جابر قال رمى سعد بن معاذ يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت فلما رأى سعد
ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما
قطر قطرة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم أن يقتل
رجالهم وتسبى نسائهم وذراريهم يستعين بهم المسلمون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسعد لقد أصبت حكم الله فيهم وكانوا أربعمائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه
فمات انتهى وينظر الأطراف وأخرجه عن بن إسحاق فذكر قصة قريظة إلى
أن قال ثم استنزلوا يعني أسارى قريظة فحبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار
زينب بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بسوق
المدينة فخندق فيه خندقا ثم بعث إليهم فكان يؤتي بهم أرسالا فتضرب أعناقهم في
ذلك الخندق والمكثر لهم يقول ما بين الثمانمائة والتسعمائة الحديث بطوله
حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرا المطعم بن عدي والنضر بن الحارث وعقبة بن أبي
معيط ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال وقال هكذا يقول
هشيم المطعم بن عدي وهو غلط وإنما هو طعيمة بن عدي وهو أخو المطعم وأهل
256

المغازي ينكرون قتل مطعم بن عدي يومئذ ويقولون مات بمكة قبل بدر والذي قتل
يوم بدر أخو طعيمة ولم يقتل صبرا وإنما قتل في المعركة ويصدق هذا حديث
الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبير بن مطعم حين كلمه في الأسارى شيخ لو كان أتانا
شفعناه يعني أباه مطعم بن عدي فكيف يكون مقتولا يومئذ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه
ذلك انتهى
قوله وفي السير الكبير أنه لا بأس به يعني فداء أسرى المشركين بمال يأخذه
منهم إذا كان بالمسلمين حاجة استدلالا بأسارى بدر قلت أخرج مسلم عن أبي
زميل عن بن عباس عن عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا إلى أن قال فقتلوا يومئذ
سبعين وأسروا سبعين قال بن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر
وعمر ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة
أرى أن نأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار وقال عمر يا رسول الله أرى أن
تضرب أعناقهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر فلما كان
من الغد وجد عمر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا يبكي فسأله فقال أبكي للذي عرض علي
أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة فأنزل الله
ما كان لنبي أن تكون له أسرى إلى قوله تعالى فكلوا مما غنمتم حلالا فأل
الله الغنيمة لهم مختصر وأخرج أبو داود والنسائي عن سفيان بن حبيب ثنا شعبة
257

عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر
أربعمائة انتهى قال في التنقيح ورواه أبو بحر البكراوي عن شعبة وأبو
العنبس هذا هو الأكثر لا يسمى انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس
قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله قد أمكنكم
منهم فقال عمر بن الخطا ب يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد عليه السلام فقال يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم
إخوانكم بالأمس فقال عمر مثل ذلك فأعرض عنه عليه السلام ثم عاد عليه السلام
فقال مثل ذلك فقال أبو بكر يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء
قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من الغم ثم عفا عنهم وقبل منهم الفداء
وأنزل الله لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم الآية انتهى
حديث آخر روى الواقدي في كتاب المغازي حدثني محمد بن صالح عن
عاصم بن عمر بن قتادة عن يزيد بن النعمان بن بشير عن أبيه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
الفداء يوم بدر أربعة آلاف لكل رجل انتهى حدثنا إسحاق بن يحيى سألت نافع بن
جبير كيف كالفداء يوم بدر قال أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين
إلى ألف إلى قولا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المطلب بن أبي وداعة
أسر أبوه أبو وداعة يومئذ ففداه ابنه المطلب بأربعة آلاف درهم مختصر حدثني بن
أبي حبيبة عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأنصاري قال قال وأسر يومئذ الحارث
بن أبي وجزة أسره سعد بن أبي وقاص فقدم في فدائه الوليد بن عقبة بن أبي معيط
فافتداه بأربعة آلاف انتهى وحدثني أيوب بن النعمان قال وأسر يومئذ أبو عزيز بن
عمير وهو أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه وقع في يد محرز بن فضلة فقال
مصعب لمحرز أشدد يديك به فان له أما بمكة كثيرة المال فقال أبو عزيز هذه
وصاتك بي يا أخي فقال إن محرزا أخي دونك فبعثت أمه عنه بأربعة آلاف قال
والسائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى أسره عبد الرحمن بن عوف وا
لحارث بن عائذ بن أسد أسره حاطب بن أبي بلتعة وسالم بن سماح أسره سعد بن أبي
وقاص فقدم في فدائهم عثمان بن أبي حبيش بأربعة آلاف لكل رجل قال وخالد بن
258

هشام بن المغيرة وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة أسره بلال وعثمان بن عبد الله بن
المغيرة فقدم في فدائهم عبد الله بن أبي ربيعة فافتداهم بأربعة آلاف لكل رجل قال
والوليد بن الوليد بن المغيرة أسره عبد الله بن جحش فقدم في فدائه أخواه خالد وهشام
ابنا الوليد فافتدياه بأربعة آلاف ثم خرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فرجع الوليد إلى
النبي صلى الله عليه وسلم قال وقيس بن السائب أسره عبدة بن الحسحاس فقدم في فدائه أخوه
فروة بن السائب فافتداه بأربعة آلاف درهم فيها عرض قال وأبو المنذر بن أبي
رفاعة أسر فافتدى بألفين وعبد الله أبو عطاء بن السائب أسره سعد بن أبي وقاص
فافتدى بألف درهم قال وفروة بن خنيس بن حذافة أسره ثابت بن أقرم قدم في
فدائك عمرو بن قيس فافتداه بأربعة آلاف درهم قال وسهيل بن عمرو بن شمس أسره
مالك بن الدخشم فقدم في فدائه مكرز بن حفص وكان لسهيل مال بمكة فقال لهم
مكرز احبسوني مكانه وخلوا سبيله فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرز بن حفص
وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة مختصر من كلام طويل
أحاديث الخصوم في المفاداة بالأسارى واستدل للشافعي وأحمد في جواز
المفاداة بالأسارى بأحاديث منها ما أخرجه مسلم عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه
قال خرجنا مع أبي بكر أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزونا فزارة فلما كان بيننا وبين
الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة ثم نظرت إلى عنق فيهم الذراري
فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا
فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم والقشع النطع
معها ابنة لها من أحسن الناس فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني ابنتها فقدمنا
المدينة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك
فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي المهلب عن عمران بن
259

حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين انتهى بلفظ
الترمذي وقال حديث حسن صحيح وطوله مسلم وأبو داود بقصة العضباء
أخرجاه في كتاب النذور والايمان
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم من على بعض الأسارى يوم بدر قلت روى
البخاري في صحيحه من حديث نافع أن عمر بن الخطاب أصاب جاريتين من سبي
حنين فوضعهما في بعض بيوت مكة قال فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبى حنين
فجعلوا يسعون في السكك قال عمر يا عبد الله أنظر ما هذا فقال من رسول الله صلى
الله عليه وسلم على السبي قال اذهب فأرسل الجاريتين مختصر هذا من أحاديث
الباب والذي بعده حديث الكتاب
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في
أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له
انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه من طريق بن إسحاق حدثني يحيى بن
عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت لما بعث
أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال
وبعث فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رأى
النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رق لها رقة شديدة وقال لأصحابه إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها
وتردوا عليها الذي لها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله ففعلوا وأطلقوه وردوا عليها
الذي لها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في المغازي وزاد فيه وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي زينب إليه ففعل انتهى وقال صحيح الاسناد ولم
260

يخرجاه انتهى ورواه بن سعد في الطبقات حدثنا الواقدي حدثني المنذر بن سعد
مولى بني أسد بن عبد العزي عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة
أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدرا مع المشركين فأسره عبد الله بن جبير بن
النعمان الأنصاري فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه
عمرو بن الربيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ بمكة بقلادة لها
كانت لخديجة بنت خويلد فأدخلتها عليه بتلك القلاد فبعثت بها في فداء زوجها أبي
العاص فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها فرق لها وترحم على خديجة وقال
إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها متاعها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله
فأطلقوا أبا العاص وردوا على زينب قلادتها وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي
سبيلها إليه فوعده ذلك وفعل انتهى قال الواقدي وهذا عندنا أثبت من رواية من
روى أن زينب هاجرت مع أبيها صلى الله عليه وسلم انتهى وقد تقدم في النكاح أن زينب هاجرت
مع أبيها والله أعلم
وقال بن هشام في السيرة في غزوة بدر الكبرى قال بن إسحاق وكان ممن
سمى لنا من أسارى بدر ممن من عليه بغير فداء أبو العاص بن الربيع من عليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه ورده عليها والمطلب بن حنطب
أسره أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري فخلى سبيله فلحق بقومه وصيفي بن أبي
رفاعة بقي في يدي أصحابه فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثوا إليهم بفدائه
فخلوا سبيله فلم يف لهم بشئ وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان بن جمح
الجمحي كان محتاجا ذا بنات فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن عليه وأخذ عليه أن لا
يظاهر عليه أحدا وامتدح النبي صلى الله عليه وسلم بأبيات ذكرها ثم أعاد خبره في غزوة أحد
وزاد فقال له يوما يا رسول الله أقلني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والله لا تمسح عارضيك بمكة
بعدها تقول خدعت محمدا مرتين يا زبير اضرب عنقه فضرب الزبير عنقه انتهى
وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن
المسيب قال أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاسرى يوم بدر أبا عزة عمرو بن عبد الله بن
عمير الجمحي وكان شاعرا فقال يا محمد لي خمس بنات ليس لهن شئ
261

وأنا أعطيك موثقا لا أقاتلك ولا أكثر عليك أبدا فتصدق بي عليهن يا محمد فأعتقه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم أحد جاءه صفوان بن أمية فقال له اخرج معنا وضمن
له إن قتل أن يجعل بناته مع بناته وإن عاش أعطاه مالا كثيرا فخرج معهم وجعل يدعو
العرب ويحشرها فأسر ولم يؤسر من قريش غيره فقال يا محمد إنما أخرجت
كرها ولي بنات فامنن علي قال لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت
بمحمد مرتين يا عاصم بن ثابت اضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه انتهى
وحدثني عامر بن يحيى عن أبي الحويرث قال وأسر يومئذ من بني المطلب بن عبد مناف
رجلان السائب بن عبيد وعبيد بن عمرو بن علقمة وكان لا مال لهما ولم يقدم في
فدائهما أحد فأرسلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فدية انتهى وحدثني محمد بن يحيى بن
سهل عن أبي عفير قال وعمرو بن أبي سفيان صار في سهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقرعة كان
أسره علي فأرسله النبي صلى الله عليه وسلم بغير فدية انتهى قال ووهب بن عمير بن وهب بن
خلف أسره رفاعة بن رافع الزرقي فقدم أبوه في فدائه عمير بن وهب بن خلف فأسلم
فأرسل له ابنه بغير فداء
الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة قلت غريب
وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد قال
حدثت أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان فقال إني
أوصيك بعشر لا تقتلن صبيا ولا امرأة ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا
ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكلة ولا تخربن عامرا ولا تغرقن نخلا ولا تحرقنه
ولا تجبن ولا تغلل انتهى وهو في موطأ مالك في أول الجهاد وقال أبو مصعب
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى آخره
262

قوله بخلاف التحريق قبل الذبح فإنه منهي عنه قلت فيه أحاديث فأخرج
البخاري عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال
لنا إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار فلما خرجنا دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إن وجدتم فلانا وفلانا فاقتلوهما ولا تحرقوهما فإنه لا يعذب بها إلا الله انتهى ورواه
البزار في مسنده وسمى الرجلين فقال فيه فقال إن وجدتم هبار بن الأسود
ونافع بن عبد القيس فحرقوهما بالنار قال وكانا قد نخسا بزينب بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين خرجت من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تزل ضنية حتى ماتت فلما خرجنا دعانا
الحديث وطوله البيهقي في دلائل النبوة وفيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة
خرجت ابنته زينب تريد أن تلحق بأبيها مختفية فأدركها هبار بن الأسود ونافع بن قيس
الفهري فروعاها بالرمح وهي في هودجها حتى صرعاها وألقت ما في بطنها
وأهريقت دما وكانت تحت أبي العاص وكذلك بن سعد في الطبقات طوله وقال
فيه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل أخوي هبار بن الأسود يوم بدر زمعة وعقيل ابني الأسود
حديث آخر أخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين أن عليا أتى بزنادقة
فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه
قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأى حمرة معها فرخان فأخذنا
فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فقال النبي صلى الله عليه وسلم من فجع هذه بولدها ردوه
263

عليها ورأي قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال إنه لا
ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار انتهى قال المنذري ذكر البخاري وابن أبي حاتم
أن عبد الرحمن بن عبد الله سمع من أبيه وصحح الترمذي حديثه عنه في جامعه
حديث آخر أخرج البزار في مسنده عن عثمان بن حبان قال كنت عند أم
الدرداء فأخذت برغوثا فألقته في النار فقال سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يعذب بالنار إلا رب النار انتهى وسكت عنه
الحديث الخامس روي أنه عليه السلام نهى عن بيع الغنيمة في دار الحرب قلت
غريب جدا واستدل به المصنف على منع جواز قسم الغنائم في دار الحرب قال لان
البيع في معنى القسمة فكما لا يجوز البيع كذلك لا تجوز القسمة
264

الحديث السادس قال عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة ثم قال المصنف
والمشهور وقفه على عمر قلت غريب مرفوعا وهو موقوف على عمر كما قال
المصنف رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمار بن
ياسر فظهروا فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة فقال رجل من بني تميم
أيها العبد الأجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا وكانت أذنه جدعت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال خير أذني سببت ثم كتب إلى عمر فكتب عمر إن الغنيمة لمن شهد
الوقعة انتهى ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وقال ه
265

الصحيح من قول عمر انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن بختري بن
مختار العبدي عن عبد الرحمن بن مسعود عن علي قال الغنيمة لمن شهد الوقعة انتهى
قال بن عدي وبختري هذا لا أعلم له حديثا منكرا انتهى
أحاديث القسمة لمن غاب عن الوقعة لمذهبنا حديث أبي موسى في الصحيحين
عن أبي بردة عنه قال بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا
وإخوان لي أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة والآخر أبورهم في بضع وخمسين رجلا
من قومي فركبنا سفينة فألقتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب
وأصحابه عنده فقال جعفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا ههنا وأمرنا بالإقامة فأقيموا
معنا فأقمنا حتى قدمنا فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا ولم يسهم لاحد
غاب عن فتح خيبر إلا أصحاب سفينتنا مختصر وحمله بعض الشافعية على أنهم
شهدوا قبل حوز الغنائم وقال بن حبان في صحيحه إنما أعطاهم من خمس خمسه
عليه السلام ليستميل به قلوبهم ولم يعطهم من الغنيمة لأنهم لم يشهدوا فتحه انتهى
حديث الخصم وللشافعية ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة قال بعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبانا على سرية من المدينة قبل نجد فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخيبر بعد ما افتتحها إلى أن قال فلم يقسم لهم مختصر
الحديث السابع قال عليه السلام في طعام خيبر كلوها واعلفوها ولا
تحملوها قلت رواه البيهقي في كتاب المعرفة أخبرنا علي بن محمد بن بشر أنا
266

أبو جعفر الرزاز ثنا أحمد بن الخليل ثنا الواقدي عن عبد الرحمن بن الفضل عن العباس بن
عبد الرحمن الأشجعي عن أبي سفيان عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم خيبر كلوا واعلفوا ولا تحتملوا انتهى قلت رواه الواقدي في كتاب
المغازي بغير هذا السند فقال حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
فروة عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال لما انتهينا إلى الحصن
والمسلمون جياع إلى أن قال فوجدنا والله فيه من الأطعمة ما لم يظن أن هناك من
الشعير والثمر والسمن والعسل والزيت والودك ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلوا واعلفوا ولا تحتملوا يقول ولا تخرجوا به إلى بلادكم فكان المسلمون
يأخذون مدة مقامهم طعامهم وعلف دوابهم لا يمتنع أحد من ذلك مختصر قال
البيهقي في إسناده ضعف ويعارضه حديث رواه أبو داود في سننه من طريق بن
وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بن حرشف الأزدي حدثه عن القاسم مولى
عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه
حتى أن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة انتهى قال البيهقي وسند
الآخر ضعيف قال بن القطان في كتابه وابن حرشف هذا لا أعرف موجودا في
267

شئ من كتب الرجال التي هي مظان ذكره فهو مجهول جدا انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن المغفل قال دلى
جراب من شحم فالتزمته ثم قلت لا أعطي من هذا اليوم أحدا شيئا فالتفت فإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم انتهى وزاد أبو داود الطيالسي في مسنده وقال له عليه
السلام هو لك قال بن القطان في كتابه وهذه الزيادة مفيدة لأنها نص في
إباحة له وهي صحيحة الاسناد فإنه رواها عن سليمان بن المغيرة العبسي عن حميد بن
هلال العدوي عن عبد الله بن مغفل فذكره انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري أيضا عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال كنا
نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله
بن أبي أوفى قال قلت هل كنتم تخمسون يعني الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أصبنا طعاما يوم خيبر فكان الرجل يجئ فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف انتهى
حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبي زرعة ثنا
هشام بن عمار ثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني ثنا أبو سلمة العاقلي ثنا الزهري عن عروة
268

عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عشر مباحة للمسلمين في مغازيهم العسل والماء
والملح والطعام والخل والزبيب والجلد الطري والحجر والعود ما لم ينحت انتهى
حديث آخر موقوف أخرجه البيهقي عن هانئ بن كلثوم أن صاحب جيش الشام
كتب إلى عمر إنا فتحنا أرضا كثيرة الطعام والعلف فكرهت أن أتقدم في شئ من
ذلك إلا بأمرك فكتب إليه دع الناس يأكلون ويعلفون فمن باع شيئا بذهب أو فضة
ففيه خمس الله وسهام المسلمين انتهى
الحديث الثامن قال عليه السلام من أسلم على مال فهو له قلت رواه أبو
يعلى الموصلي في مسنده من حديث يس الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على شئ فهو له انتهى ورواه
بن عدي في الكامل وأعله بيس وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن
معين ووافقهم وقال عامة أحاديثه غير محفوظة انتهى ورواه البيهقي وقال إنما
يروي عن بن أبي مليكة وعن عروة مرسلا انتهى ومرسل عروة قال صاحب
التنقيح رواه سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن المبارك عن حيرة بن شريح عن محمد
269

بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على
شئ فهو له قال وهو مرسل صحيح انتهى
أحاديث الباب قال البخاري في صحيحه باب إذا أسلم قوم في دار الحرب
ولهم مال وأرضون فهي لهم وساق بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن
الخطاب استعمل مولى له يقال له هنى على الحمى فقال يا هنى اضمم جناحك على
المسلمين واتق دعوة المظلومين فان دعوة المظلوم مستجابة وأدخل رب الصريمة
والغنيمة وإياي ونعم بن عوف ونعم بن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى
نخل وزرع وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببينة فيقول يا أمير
المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبالك فالماء والكلأ أهون علي من الذهب والورق وأيم الله إنهم
ليرون أني قد ظلمتهم إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في
الاسلام والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم
من بلادهم شبرا انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه في كتا ب الخراج عن أبان بن عبد الله
بن أبي حازم عن عثمان بن أبي حازم عن أبيه عن جده صخر بن العيلة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفا فلما أن سمع بذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم فوجد النبي صلى الله عليه وسلم
قد انصرف ولم يفتح فجعل صخر حينئذ عهد الله وذمته أن لا يفارق هذا القصر حتى
ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه صخر أما بعد فان ثقيفا قد نزلت على
270

حكمك يا رسول الله وأنا مقبل إليهم وهم في خيل فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة
جامعة فدعا لأحمس عشر دعوات اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها فأتاه
القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال يا نبي الله إن صخرا أخذ عمتي ودخلت فيما دخل
فيه المسلمون فدعاه فقال يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم
فادفع إلى المغيرة عمته فدفعها إليه وسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم ماء لبني سليم قد هربوا عن
الاسلام وتركوا ذلك الماء فقال يا نبي الله أنزلنيه أنا وقومي قال نعم فأنزله
وأسلم يعني السلميين فأتوا صخرا فسألوه أن يرفع إليهم الماء فأبى فأتوا النبي
صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله أسلمنا وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا فدعاه فقال
يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم فادفع إلى القوم ماءهم قال نعم
يا نبي الله فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذ الجارية
271

وأخذه الماء انتهى ورواه أحمد والدارمي وإسحاق بن راهويه والبزار في
مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه قال المنذري
وأبان بن عبد الله وثقه بن معين وقال أحمد صدوق صالح الحديث وقال بن عدي
أرجو أنه لا بأس به وقال أبو حاتم كان ممن فحش غلطه وخطأه وانفرد بالمناكير
وصخر بن العيلة ويقال بن أبي العيلة له صحبة والعيلة أمه بعين مهملة مفتوحة
بعدها ياء آخر الحروف انتهى
فصل في كيفية القسمة
الحديث التاسع روى أنه عليه السلام قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين قلت
أخرج الطبراني في معجمه عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية
فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسه ثم قرأ واعلموا أنما غنمتم من
شئ فأن لله خمسه الآية فجعل سهم الله وسهم الرسول واحدا ولذي القربى
سهما ثم جعل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح وجعل سهم اليتامى وسهم
المساكين وسهم بن السبيل لا يعطيه غيرهم ثم جعل الأربعة أسهم الباقية للفرس
272

سهمان ولراكبه سهم وللراجل سهم انتهى ورواه بن مردويه في تفسيره
في سورة الأنفال فقال حدثنا دعلج بن أحمد ثنا العباس بن الفضل الأسقاطي ثنا أحمد
بن يونس ثنا أبو شهاب عن ورقاء عن نهشل عن الضحاك عن بن عباس قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة ثم
قرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول وقال قوله فأن
لله مفتاح كلام الله ما في السماوات وما في الأرض لله ثم جعل سهم الله وسهم
الرسول واحدا ولذي القربى سهما فجعل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح
وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعطيه غيرهم وجعل الأربعة أسهم
الباقية للفرس سهمين ولراكبه سهم وللراجل سهم انتهى وروى أبو عبيد القاسم بن
سلام حدثنا عبد اللبن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس
قال كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس فأربعة منها لمن قاتل عليها وخمس واحد
يقسم على أربعة فربع لله وللرسول ولذي القربى يعني قرابة النبي صلى الله عليه وسلم فما كان
لله والرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئا والربع الثاني
لليتامى والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل وهو الضعيف الفقير الذي
ينزل بالمسلمين انتهى وروى الطبري في تفسيره في سورة الحشر حدثنا محمد
بن بشار ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة في قوله ما أفاء الله على رسوله من أهل
القرى فلله وللرسول الآية قال كانت الغنيمة تخمس بخمسة أخماس فأربعة
أخماس لمن قاتل عليها ويخمس الخمس الباقي على خمسة أخماس فخمس لله
ورسوله وخمس لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وخمس لليتامى
وخمس للمساكين وخمس لابن السبيل فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
هذين السهمين سهم الله والرسول وسهم قرابته فحملا عليه في سبيل الله صدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
273

الحديث العاشر روى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل
سهما قلت أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى بلفظ البخاري وعجبت من شيخنا
علاء الدين كيف عزاه لأبي داود فقط مع أن غيره عزاه للصحيحين فالله أعلم ورواه
البخاري في المغازي في غزوة خيبر أنه عليه السلام قسم يوم خيبر للفرس سهمين
وللراجل سهما قال وفسره نافع فقال إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فإن لم
يكن له فرس فله سهم انتهى ووقع لعبد الحق ههنا وهم في كتابه الجمع بين
الصحيحين فإنه ذكر تفسير نافع هذا عقيب الحديث الأول وليس كما ذكره فان
البخاري ذكر في هذا الباب حديثين أحدهما في الجهاد أنه عليه السلام جعل
للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى ولم يذكر غيره وبوب له باب سهام
الفرس والآخر ذكره في المغازي في غزوة خيبر أنه عليه السلام قسم يوم خيبر
للفرس سهمين وللراجل سهما وأعقبه بتفسير نافع المذكور فجعل عبد الحق تفسير
نافع في الحديث الذي في الجهاد وليس كما فعل وأيضا فإن تفسير إنما يمشي في
حديث خيبر كما يقتضيه اللفظ فتأمله والله أعلم ولفظ مسلم فيه أنه قسم في النفل
للفرس سهمين وللراجل سهما ولم يذكر في رواية النفل ولفظ أبي داود فيه أنه
عليه السلام أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه وهو لفظ بن
حبان في صحيحه ولفظ الترمذي أنه قسم في النفل للفرس بسهمين وللراجل
بسهم ولفظ بن ماجة أنه أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان
وللراجل سهم انتهى
274

أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه عن المسعودي حدثني بن أبي عمرة
عن أبيه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا
سهما وأعطى الفرس سهمين انتهى ثم أخرجه عن المسعود عن رجل من آل أبي
عمرة عن أبي عمرة نحوه وزاد فكان للفارس ثلاثة أسهم انتهى والمسعودي
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود فيه مقال وقد استشهد به
البخاري
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه عن قيس
بن الربيع عن محمد بن علي عن أبي حازم مولى أبي رهم عن أبي رهم قال شهدت
أنا وأخي خيبر ومعنا فرسان فقسم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أسهم للفرسين أربعة
أسهم ولنا سهمين فبعنا نصيبنا ببكرين انتهى قال في التنقيح قيس ضعفه بعض
الأئمة وأبو رهم مختلف في صحبته وأخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن عبد الله
بن أبي فروة عن أبي حازم به وإسحاق ضعيف
حديث آخر أخرج الطبراني والدارقطني أيضا عن محمد بن حمران ثنا عبد الله
بن بشر عن أبي كبشة الأنماري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني جعلت
للفرس سهمين وللفارس سهما فمن نقصهما نقصه الله ومحمد بن حمران القيسي قال
النسائي ليس بالقوي وذكره أبو حبان في الثقات وقال يخطئ وقال بن عدي له
أفراد وغرائب ما أرى به بأسا و عبد الله بن بشر قال في التنقيح وعبد الله بن
بشر السكسكي تكلم فيه غير واحد من الأئمة قال النسائي ليس بثقة وقال يحيى
القطان لا شئ وقال أبو حاتم والدارقطني ضعيف وذكره بن حبان في
الثقات
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده والدارقطني أيضا عن موسى بن يعقوب
حدثتني عمتي قريبة عن أمها كريمة بنت المقداد عن ضباعة بنت الزبير عن المقداد أن النبي
275

صلى الله عليه وسلم أعطى للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى زاد الدارقطني في لفظه يوم خيبر
وموسى بن يعقوب فيه لين وشيخته قريبة تفرد هو عنه
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا محمد بن الفضيل بن
غزوان ثنا الحجاج عن أبي صالح عن بن عباس قال أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفارس ثلاثة
أسهم وللراجل سهما انتهى أخبرنا عيسى بن يونس ثنا بن أبي ليلى عن الحكم عن
بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه ولصاحبه
سهما انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده من طريق بن المبارك ثنا فليح بن محمد عن
المنذر بن الزبير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير سهما وفرسه سهمين انتهى قال في
التنقيح وفليح والمنذر ليسا بمشهورين وقال البخاري في تاريخه فليح بن
محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام القرشي عن أبيه مرسل روى عنه بن المبارك انتهى
وأخرجه الدارقطني في سننه عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عبد الله بن الزبير عن الزبير قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم سهمين
لفرسي وسهما لي وسهما لأمي من ذوي القربى انتهى ثم أخرجه عن إسماعيل
بن عياش عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الزبير نحوه لم يقل فيه
يوم بدر ثم أخرجه عن سعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن يحيى بن عباد بن
عبد الله بن الزبير عن جده قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بن العوام بأربعة
أسهم سهم له وسهم لامه وهي صفية بنت عبد المطلب وسهمين لفرسه انتهى ثم
أخرجه عن محمد بن إسحاق ثنا محاضر ثنا هشام بن عروة عن يحيى بن عباد عن
عبد الله بن الزبير نحوه لم يقل فيه يوم بدر ولا خيبر
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه حدثني هشا
بن عروة عن أبي صالح عن جابر قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة فأعطى
276

الفارس منا ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهما انتهى ومحمد بن يزيد بن سنان وأبوه
يزيد ضعيفان وأخرجه أيضا عن الواقدي ثنا أفلح بن سعيد المزني عن أبي بكر بن
عبد الله بن أبي أحمد عن جابر نحوه
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقد ثنا أبو بكر بن يحيى بن النضر
عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرس سهمين ولصاحبه
سهما انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا محمد بن يحيى بن سهل بن
أبي حثمة عن أبيه عن جده أنه شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لفرسه سهمين وله
سهما انتهى والواقدي مجروح
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن
عمر عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم له يوم خيبر ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه
انتهى قال الطبراني ورواه الناس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم وهذا تفرد به هشام بن يونس عن أبي معاوية انتهى
حديث آخر روى البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة قريظة بسنده عن
بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال لم
تقع القسمة ولا السهم إلا في غزوة بني قريظة كانت الخيل يومئذ ستة وثلاثين فرسا
ففيها أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمان الخيل وسهمان الرجال فعلى سننها جرت المقاسم
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ للفارس وفرسه ثلاثة أسهم له سهم ولفرسه سهمان
وللراجل سهما مختصر قال البيهقي وهذا هو الصحيح المعروف بين أهل المغازي
الحديث الحادي عشر روى بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس سهمين و
277

الراجل سهما قلت غريب من حديث بن عباس وفي الباب أحاديث منها حديث ث
مجمع بن جارية أخرجه أبو داود في سننه عن مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد
الأنصار قال سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد
الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري وكان أحد القراء الذين قرؤوا القرآن قال
شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال
بعض الناس لبعض ما للناس قالوا أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف
فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع عليه الناس قرأ
عليهم إنا فتحنا لك فتحا مبينا فقال رجل يا رسول الله أفتح هو قال نعم
والذي نفس محمد بيده إنه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم
على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس فأعطى
الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما انتهى قال أبو داود هذا وهم إنما كانوا مائتي
فارس فأعطى الفرس سهمين وأعطى صاحبه سهما قال وحديث بن عمر أنه عليه
السلام أعطى الفارس ثلاثة أسهم أصح والعمل عليه انتهى وكذلك رواه أحمد
في مسنده والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني ثم
البيهقي في سننيهما والحاكم في المستدرك في كتاب قسم الفئ وسكت
عنه قال بن القطان في كتابه وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع
ولا يعرف روى عنه غير ابنه وابنه مجمع ثقة وعبد الرحمن بن يزيد أخرج له البخاري
انتهى كلامه
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا حجاج بن عمران السدوسي
المصري ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا موسى بن يعقوب
الزمعي عن عمته قريبة بنت عبد الله بن وهب عن أمها كريمة بنت المقداد عن ضباعة بنت
الزبير بن عبد المطلب عن المقداد بن عمرو أنه كان يوم بدر على فرس يقال له سبحة
فأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم سهمين لفرسه سهم وله سهم انتهى
278

حديث آخر رواه الواقدي في المغازي حدثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي
عن جعفر بن خارجة قال قال الزبير بن العوام شهدت بني قريظة فارسا فضرب لي
بسهم ولفرسي
بسهم انتهى
حديث آخر رواه بن مردويه في تفسيره في سورة الأنفال حدثنا أحمد بن
محمد بن السري ثنا المنذر بن محمد حدثني أبي ثنا يحيى بن محمد بن هانئ عن محمد
بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت أصاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق فأخرج الخمس منها ثم قسم بين المسلمين فأعطى الفارس
سهمين والراجل سهما انتهى وفي الباب حديث بن عمر الآتي بعد الحديث الثاني
عشر
الحديث الثاني عشر قال عليه السلام للفارس سهمان وللراجل سهم قلت
غريب جدا وأخطأ من عزاه لابن أبي شيبة وسيأتي لفظه في الذي بعد هذا
الحديث الثالث عشر روى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين قلت
رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو أسامة وابن نمير قالا ثنا عبيد الله عن نافع عن
بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ومن طريق
بن أبي شيبة رواه الدارقطني في سننه وقال قال أبو بكر النيسابوري هذا
عندي وهم من بن أبي شيبة لان أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما
279

رووه عن بن نمير خلاف هذا وكذلك رواه بن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف
هذا يعني أنه أسهم للفارس ثلاثة أسهم ثم أخرجه عن نعيم بن حماد ثنا بن المبارك
عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى
ثم قال قال أحمد بن منصور هكذا لفظ نعيم عن بن المبارك والناس يخالفونه قال
النيسابوري ولعل الوهم من نعيم لان بن المبارك من أثبت الناس ثم أخرجه عن يونس
بن عبد الأعلى ثنا بن وهب أخبرني عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ثم قال تابعه بن أبي
مريم وخالد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر العمري ورواه القعنبي عن العمري
بالشك في الفارس والفرس ثم أخرجه عن القعنبي عن العمري كذلك وقال أسهم
للفارس أو للفرس ثم أخرجه عن حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة ثنا عبيد الله بن
عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى
ثم قال هكذا قال وخالفه النضر بن محمد عن حماد قال وقد تقدم انتهى قلت
ورواه الدارقطني في أول كتابه المؤتلف والمختلف حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق
المروزي ومحمد بن علي بن أبي رؤبة قالا ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير
عن عبد الرحمن
بن أمين عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم للفارس سهمين
وللراجل سهما انتهى
الحديث الرابع عشر روى أنه عليه السلام أسهم لفرسين قلت روى الدارقطني
في سننه حدثنا إبراهيم بن حماد ثنا علي بن حرب حدثني أبي حرب بن محمد ثنا
محمد بن الحسن عن محمد بن صالح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه
عن جده أبي عمرة بشير بن عمرو بن محصن قال أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفرسي أربعة
أسهم ولي سهما فأخذت خمسة أسهم انتهى
280

حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن يحيى الأسلمي
أخبرني صالح بن محمد عن مكحول أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم
خمسة أسهم انتهى وأشار الشافعي إلى هذا الحديث كما نقله البيهقي عنه في كتاب
المعرفة فقال قال الشافعي وروى مكحول أن الزبير حضر خيبر فأسهم له عليه
السلام خمسة أسهم سهم له وأربعة أسهم لفرسيه فذهب الأوزاعي إلى قبول هذا
عن مكحول منقطعا وهشام أثبت في حديث أبيه وأحرص لو زيد أنه يقول به وأهل
المغازي لم يرووا أنه عليه السلام أسهم لفرسين ولم يختلفوا أنه حضر خيبر بثلاثة أفراس
لنفسه السكيب والضرب والمرتجز ولم يأخذ إلا لفرس واحد انتهى وحديث
هشام الذي أشار إليه بعده تقدم قريبا عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير
قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم سهمين لفرسي وسهما لي وسهما
لأمي أخرجه الدارقطني وروى الواقدي في المغازي حدثني عبد الملك بن يحيى
عن عيسى بن معمر قال كان مع الزبير يوم خيبر فرسان فأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم خمسة
أسهم انتهى وقال صاحب التنقيح قال سعيد بن منصور ثنا فرج بن فضالة ثنا
محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح
أن أسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبها سهما فذلك خمسة أسهم
وما كان فوق الفرسين فهو جنائب انتهى قال سعيد وحدثنا بن عياش عن الأوزاعي
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه
عشرة أفراس انتهى وقال مالك في الموطأ لم أسمع بالقسم إلا لفرس واحد
انتهى
الحديث الخامس عشر روى أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم له رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلا لفرس واحد قلت غريب بل جاء عنه عكسه كما ذكره بن منده في
كتاب الصحابة في ترجمته فقال روى علي بن قرين عن محمد بن عمر المدني
عن يعقو ب بن محمد بن صعصعة عن عبد الله بن أبي صعصعة عن البراء بن أوس أنه قاد
مع النبي صلى الله عليه وسلم فرسين فضرب عليه السلام له خمسة أسهم انتهى وروى الواقدي
281

في كتاب المغازي في غزاة خيبر حدثني يعقوب بن محمد عن عبد الرحمن بن
عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قاد في خيبر ثلاثة
أفراس لزاز والظرب والسكب وقاد الزبير بن العوام أفراسا وقاد خرا ش بن الصمة
فرسين وقاد البراء بن أوس بن خالد بن الجعد فرسين وقاد أبو عمرة الأنصاري فرسين
قال فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان له فرسان خمسة أسهم أربعة لفرسيه وسهما
له وما كان أكثر من فرسين لم يسهم له ويقال إنه لم يسهم إلا لفرس واحد وأثبت
ذلك أنه أسهم لفرس واحد ولم يسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لنفسه إلا لفرس واحد
مختصر
الحديث السادس عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أسلمة بن الأكوع سهمين وهو
282

راجل قلت أخرجه مسلم في حديث طويل في باب بيعة الحديبية عن إياس بن سلمة عن أبيه
سلمة بن الأكوع قال قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع
عشرة مائة فذكر الحديث بطوله إلى أن قال يعني سلمة فلما أصبحنا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة ثم أعطاني سهمين سهم
الفارس وسهم الراجل فجمعهما إلي جميعا مختصر ورواه بن حبان في
صحيحه وقال كان سلمة بن الأكوع في تلك الغزاة راجلا فأعطاه رسول الله
صلى الله عليه وسلم سهم الراجل لما يستحقه وإنما أعطاه سهم الفارس أيضا من خمس خمسه صلى الله عليه وسلم دون
أن يكون أعطاه من سهام المسلمين انتهى كلامه ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في
كتاب الأموال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عكرمة بن عمار عن إياس به وزاد في
آخره وكان سلمة قد استنقذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد الرحمن بن مهدي فحدثت به
سفيان فقال خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال أبو عبيد وهذا عندي أولى من
حمله على أنه أعطاه من سهمه الذي كان خاصا به عليه السلام إذ لو كان كذلك لم
يسم نفلا وإنما هو هبة أو أعطية أو نحلة انتهى كلامه
283

الحديث السابع عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسهم للنساء ولا للصبيان ولا
للعبيد وكان يرضخ لهم قلت أخرج مسلم عن يزيد بن هرمز قال كتب نجدة بن
عامر الحروري إلى بن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم هل يقسم لهما
فكتب إليه أنه ليس لهما شئ إلا أن يحذيا مختصر وفي لفظ فكتب إليه وسألت
عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا الناس فإنهم لم يكن لهم سهم
معلوم إلا أن يحذيا من غنائم القوم مختصر وفي لفظ إن نجدة كتب إلى بن عباس
يسأله هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن بسهم فكتب إليه
قد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة فأما بسهم فلم يكن يضرب
لهن مختصر ورواه أبو داود ولفظه عن يزيد بن هرمز قال كتب نجدة الحروري
إلى بن عباس يسأله عن النساء هل كن يشهدن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل كان
يضرب لهن بسهم قال فأنا كتبت كتاب بن عباس إلى نجدة قد كن يحضرن الحرب
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أن يضرب لهن بسهم فلا وقد كان يرضخ لهن انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر قال عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضني يوم الخندق وأنا
بن خمس عشرة سنة فأجازني قال نافع فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو
يومئذ خليفة فحدثته هذا الحديث فقال إن هذا الحد بين الصغير والكبير فكتب
إلى عماله أن يفرضوا لمن كان بن خمس عشرة سنة زاد مسلم ومن كان دون ذلك
فاجعلوه في العيال انتهى وفي لفظ لهما فاستصغرني مكان لم يجزني
284

حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عمير مولى أبي اللحم
قال شهدت خيبر مع ساداتي فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا فقلدت سيفا فإذا أنا
أجره فأخبر أني مملوك فأمر لي بشئ من خرثى المتاع انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح انتهى
أحاديث مخالفة لما تقدم أخرج أبو داود والنسائي عن رافع بن سلمة عن
حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادس
ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا في وجهه الغضب فقال
مع من خرجتن وبإذن من خرجتن فقلن يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ونعين في
سبيل الله ومعنا دواء للجرحى ونناول السهام ونسقي السويق فقال قمن حتى
إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال قال فقلت لها يا جدة وما كان
ذلك قالت تمرا انتهى وجدة حشرج هي أم زياد الأشجعية وذكر الخطابي أن
الأوزاعي قال يسهم لهن قال وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث وإسناده ضعيف لا
تقوم به الحجة فالجواب ما قاله الطحاوي أنه يحتمل أنه عليه السلام استطاب أنفس أهل
الغنيمة وقال غيره يشبه أن يكون عليه السلام إنما أعطاهم من الخمس الذي هو حقه
دون حقوق من شهد الوقعة قال الترمذي قال الأوزاعي ويسهم للمرأة والصبي
لأنه عليه السلام أسهم للصبيان بخيبر وأسهم أئمة المسلمين بكل مولود ولد في أرض
الحرب وأسهم عليه السلام للنساء بخيبر وأخذ بذلك المسلمون بعده حدثنا بذلك
علي بن حشرج ثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي بهذا انتهى ولما ذكر عبد الحق
في أحكامه حديث حشرج بن زياد أتبعه أن قال وحشرج لا أعلم روى عنه إلا
رافع بن سلمة بن زياد قال بن القطان وحال رافع بن سلمة لا يعرف وإن كان قد
285

روى عنه جماعة كزيد بن الحباب ومسلم بن إبراهيم وسعيد بن سليمان وغيرهم
قال وذكر بن حزم هذا الحديث ثم قال ورافع وحشرج مجهولان وأصاب في
ذلك انتهى
حديث آخر في مراسيل أبي داود عن محمد بن عبد الله بن مهاجر الشعيثي
عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء والصبيان والخيل انتهى قال بن
القطان ومن ارساله فمحمد بن عبد الله بن مهاجر مختلف فيه قال دحيم كان ثقة
وضعفه أبو حاتم وقال لا يحتج به انتهى كلامه
الحديث الثامن عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان باليهود على اليهود ولم يعطهم
من الغنيمة شيئا يعني لم يسهم لهم قلت روى البيهقي في كتاب المعرفة أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد قالا ثنا أبو العباس أنا الربيع قال قال الشافعي فيما
حكى عن أبي يوسف قال أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس
286

استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهود قينقاع فرضخ لهم ولم يسهم لهم انتهى قال البيهقي
تفرد به الحسن بن عمار وهو متروك انتهى وقال الواقدي في المغازي في
غزوة خيبر حدثني بن أبي سبرة عن فطر الحارثي عن حزام بن سعد محيصة قال
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرة من يهود المدينة غزا بهم أهل خيبر فأسهم له كسهمان
المسلمين ويقال أحذاهم وليسهم لهم انتهى
حديث مخالف لما تقدم روى الترمذي في جامعه حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا
عبد الوارث بن سعيد ثنا عزرة بن ثابت عن الزهري قال أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لقوم من اليهود
قاتلوا معه انتهى ورواه أبو داود في مراسيله حدثنا هناد والقعنبي ثنا بن المبارك
عن حياة بن شريح عن الزهري فذكره وقال في آخره زاد هنا مثل سهمان
المسلمين انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن بن
جريج عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغزو باليهود فيسهم لهم كسهام المسلمين انتهى
قال البيهقي إسناده ضعيف ومنقطع انتهى وقال صاحب التنقيح مراسيل الزهري
ضعيفه كان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقال هي بمنزلة
الريح انتهى ورواية سهام المسلمين يدفع قول المصنف وهو محمول على الرضخ إلا
أنها ضعيفة
أحاديث معارضة لما تقدم أخرج الجماعة إلا البخاري عن عروة عن عائشة أنه
عليه السلام خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر لحقه رجل من المشركين يذكر منه
جرأة ونجدة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لاتبعك وأصيب معك فقال له عليه السلام
تؤمن بالله ورسوله قال لا قال ارجع فلن استعين بمشرك قالت ثم مضى حتى
إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام كما قال
أول مرة قالت ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه
السلام تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له فانطلق انتهى
287

حديث آخر روى الحاكم في المستدرك من حديث يزيد بن هارون أنبأ مستلم
بن سعيد الواسطي عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده خبيب بن
أساف قال أتيت أنا ورجل من قومي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا فقلت
يا رسول الله إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم فقال أسلمنا فقلنا
لا قال قال فإنا لا نستعين بالمشركين قال فأسلمنا وشهدنا معه قال فقتلت رجلا
وضربني ضربة وتزوجت ابنته بعد ذلك فكانت تقول لا عدمت رجلا وشحك هذا
الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار انتهى قال الحاكم حديث
صحيح الاسناد ولم يخرجاه وخبيب صحابي معروف انتهى ورواه أحمد وابن
أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبري في معجمه من طريق بن
أبي شيبة قال في التنقيح ومستلم ثقة وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات
الاثبات والله أعلم
حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن
محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي قال خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه فإذا كتيبة حسناء فقال
من هؤلاء قالوا هذا عبد الله بن أبي بن سلول في مواليه من اليهود وهم رهط عبدا
لله بن سلام فقال هل أسلموا قالوا لا إنهم على دينهم قال قولوا لهم
فليرجعوا فإن لا نستطيع بالمشركين على المشركين انتهى ورواه الواقدي في كتاب
المغازي ولفظه فقال من هؤلاء قالوا يا رسول الله هؤلاء حلفاء بن أبي من يهود
فقال عليه السلام لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك انتهى قال الحازمي في
288

كتاب الناسخ والمنسوخ وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فذهب جماعة إلى
منع الاستعانة بالمشركين ومنهم أحمد مطلقا وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم وقالوا
إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة فتعذر ادعاء النسخ وذهبت طائفة إلى أن للامام أن
يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم بشرطين أحدهما أن يكون في المسلمين
قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك والثاني أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين ثم
أسند إلى الشافعي أنه قال الذي روى مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم رد مشركا أو مشركين وأبي
أن يستعين بمشرك كان في غزوة بدر ثم إنه عليه السلام استعان في غزوة خيبر بعد بدر
بسنتين بيهود من بني قينقاع واستعان في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية وهو
مشرك فالرد الذي في حديث مالك إن كان لأجل أنه مخير في ذلك بين أن يستعين به
وبين أن يرده كما له رد المسلم لمعنى يخافه فليس واحد من الحديثين مخالفا للآخر
وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين ولا بأس أن يستعان
بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعا ويرضخ لهم ولا يسهم لهم ولا
يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لهم قال الشافعي ولعله عليه السلام إنما رد المشرك الذي
رده في غزوة بدر رجاء إسلامه قال وذلك واسع للامام أن يرد المشرك ويأذن
له انتهى وكلام الشافعي كله نقله البيهقي عنه
قوله روى أن الخلفاء الأربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم سهم
لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل قلت روى أبو يوسف عن الكلبي عن
أبي صالح عن بن عباس أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة
أسهم لله والرسول سهم ولذي القربى واليتامى سهم وللمساكين سهم ولابن السبيل
سهم ثم قسم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم
للمساكين وسهم لابن السبيل انتهى وتقدم في فصل كيفية القسمة عن قتادة
أن الخمس كان يقسم على خمسة أخماس وعن بن عباس أنه كان يقسم على أربعة
الحديث التاسع عشر قال عليه السلام يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره
289

لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس قلت
غريب وقد تقدم في الزكاة وروى الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا
مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن بن عباس
قال بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما انطلقا إلى عمكما لعله
يستعين بكما على الصدقات فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه بحاجتهما فقال لهما لا يحل
لكم أهل البيت من الصدقات شئ ولا غسالة الأيدي إن لكم في خمس الخمس لما
يغنيكم أو يكفيكم انتهى ورواه بن أبي حاتم في تفسيره في سورة الأنفال
حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا المعتمر بن سليمان به بلفظ رغبت لكم
عن غسالة أيدي الناس إن لكم من خمس الخمس لما يغنيكم انتهى وهذا إسناد
حسن وإبراهيم بن مهدي وثقه أبو حاتم وقال يحيى بن معين يأتي بمناكير وروى
الطبري في تفسيره حدثنا بن وكيع ثنا أبي عن شريك عن خصيف عن مجاهد قال
كان آل محمد عليه السلام لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس وفي لفظ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته لا يأكلون الصدقة فجعل لهم خمس الخمس انتهى
الحديث العشرون قال عليه السلام إنهم لم يزالوا معي في الجاهلية والاسلام
وشبك بين أصابعه قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بن إسحاق عن
الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم
ذوي القربى من خيبر بين بن هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان فقلنا يا رسول
الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك منهم فما بال إخواننا من بني المطلب
أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم منك بمنزله واحدة فقال إنهم لم يفارقوني في
جاهلية ولا إسلام وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد ثم شبك بين أصابعه
290

انتهى ذكره أبو داود في الخراج والنسائي في قسم الفئ وابن ماجة في
الجهاد والحديث في البخاري ليس فيه وشبك بين أصابعه أخرجه في الخمس
وفي مناقب قريش وفي غزوة خيبر خرجه في غزوة خيبر عن يونس عن الزهري ع
سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم أخبره قال مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقلنا أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك
فقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد قال جبير ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني
عبد شمس وبني نوفل شيئا وزاد في الخمس قال بن إسحاق وعبد شمس
وهاشم والمطلب إخوة لام وأمهم عاتكة بنت مرة وكان نوفل أخاهم لأبيهم انتهى
وينظر الموضعان الآخران ورواه بسند السنن ومتنها أحمد وإسحاق بن راهويه
والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم قال البزار وقد رواه هكذا عن الزهري
عن سعيد غير واحد وهو الصواب وقد روى عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه
وحديث سعيد أصح ولا يحفظ هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية جبير بن مطعم
انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه ورواه الحاكم في
كتابه مناقب الشافعي عن بن إسحاق به ثم قال ورواه عقيل بن خالد ويونس بن
يزيد عن الزهري وحديث يونس أخرجاه في الصحيحين قال وقد روى عن
الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ثم أخرجه من طريق الشافعي أنا مطرف
بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه
فذكره قال الشافعي فذكرت لمطرف بن مازن أن يونس وابن إسحاق رويا حديث
الزهري عن بن المسيب عن جبير بن مطعم فقال هكذا حدثنا معمر كما وصفت
لك ولعل الزهري رواه عنهما جميعا انتهى قلت رواه الواقدي في المغازي في
غزوة خيبر حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم فذكره
وعن الحاكم رواه البيهقي في أول كتاب المدخل بسنده ثم قال رواه البخاري في
كتاب القسم من حديث عقيل ويونس بن يزيد عن الزهري كما نقلناه وهذا وهم
منهما فإن قوله فيه إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وشبك بين أصابعه ليس
291

في البخاري إلا أن يريد أصل الحديث والله أعلم
الحديث الحادي والعشرون قال المصنف رحمه الله فأما ذكر الله تعالى في
الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته كما سقط
الصفي لأنه عليه السلام كان يستحقه برسالته ولا رسول الله بعده والصفى شئ كان
عليه السلام يصطفيه بنفسه من الغنيمة مثل درع أو سيف أو جارية قلت قوله فأما ذكر
الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام هذا روى من قول بن عباس ومن قول الحسن
بن محمد بن الحنفية
فحديث بن عباس رواه الطبراني في تفسيره فقال حدثنا أبو كريب ثنا أحمد
بن يونس ثنا أبو شهاب عن ورقاء عن نهشل عن الضحاك عن بن عباس أنه قرأ
واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه ثم قال فأن لله خمسه مفتاح
كلام لله ما في السماوات وما في الأرض وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث سرية فغنموا
خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة انتهى
وحديث الحسن بمحمد بن الحنفية رواه الحاكم في المستدرك في كتاب قسم
الفئ عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم الجدلي قال سألت الحسن بن محمد بن
علي بن الحنفية عن قوله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شئ الآية قال هذا
مفتاح كلام لله الدنيا والآخرة انتهى وسكت وكذلك رواه عبد الرزاق في
مصنفه حدثنا سفيان الثوري به
وأما حديث الصفي فرواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن كثير أنبأ سفيان
عن مطرف عن الشعبي قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا وإن شاء
292

أمة وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس انتهى وهذا مرسل وأخرج أيضا عن بن
عون قال سألت محمدا يعني بن سيرين عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي قال
كان يضرب له سهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس
قبل كل شئ انتهى وهو أيضا مرسل وأخرج في مراسيله أيضا عن الحسن قال
كانت الغنائم تجمع فإذا اجتمعت كان للنبي صلى الله عليه وسلم منها سهم يسمي الصفي جعله الله له
ثم يقسم السهام الحديث وأخرج أيضا في سننه عن سعيد بن بشير عن قتادة
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء فكانت
صفية من ذلك السهم وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه وأخرج أيضا عن سفيان
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال كانت صفية من الصفي انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك فقسم الفئ وقال صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه انتهى
قوله روى عن عمر أنه أعطى الفقراء من ذوي القربى قلت أخرج أبو داود في
كتاب الخراج من سننه عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب حدثنا جبير بن
مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئا كما
قسم لبني هاشم وبني المطلب قال وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله
293

صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن حسين بن ميمون الخندفي عن عبد الله
بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعت عليا قال اجتمعت أنا والعباس
وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا
من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه حياتك كيلا ينازعني أحد بعدك فافعل قال
ففعل ذلك قال فقسمته حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولاية أبي بكر حتى كانت آخر سنة
من سني عمر فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسله إلي فقلت بنا العام غنى
وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر
فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال يا علي حرمتنا الغداة شيئا لا يرد
علينا وكان رجلا داهيا انتهى قال المنذري وحسين بن ميمون قال أبو حاتم
الرازي يكتب حديثه وليس بالقوي وقال بن المديني ليس بمعروف وذكر له
البخاري في تاريخه هذا الحديث وقال لم يتابع عليه قال المنذري وفي حديث
جبير بن مطعم ان أبا بكر لم يقسم لذوي القربى وفي حديث علي أنه قسم لهم
وحديث جبير صحيح وحديث ث علي لا يصح انتهى
294

فصل في التنفيل
الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام من قتل قتيلا فله سلبه قلت
أخرجه الجماعة إلا النسائي عن أبي قتادة الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال فرأيت رجلا من المشركين قد
علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على
حبل عاتقه فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت
فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقلت ما بال الناس قال أمر الله ثم إن الناس
رحبوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه قال
فقمت ثم قلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال من قتل قتيلا له عليه بينة فله
سبه قال فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال مثل ذلك الثانية
فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك يا أبا قتادة فاقتصصت عليه القصة فقال رجل من
295

القوم صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه محقه فقال أبو بكر
الصديق لاها الله إذن لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله
فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأعطه إياه قال أبو قتادة فأعطانيه
فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الاسلام
انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك أنه قال لخالد بن
الوليد ألم تعلم يا خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى مختصر
وفيه قصة وأخرجه أبو داود عن عوف وخالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل
ولم يخمس السلب انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين من قتل كافرا فله
سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم ولقي أبو طلحة أم سليم
ومعها خنجر فقال يا أم سليم ما هذا معك قالت أردت إن دنا مني بعضهم أبعج به
بطنه فأخبر بذلك أبو وطلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن حبان في النوع
296

الثالث من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
مسلم لم يذكرا فيه قصة أسليم وزاد فيه قال أبو قتادة يا رسول الله ضربت رجلا
على حبل العاتق وعليه درع فأجهضت عنه فقال رجل أنا أخذتها فارضه منها
فأعطنيها وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت فسكت صلى الله عليه وسلم فقال عمر
بن الخطاب رضوان الله عليه والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال صدق عمر انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في المعرفة عن الحاكم بسنده عن أبي مالك الأشجعي
عن نعيم بن أبي هند عن بن سمرة عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا
فله سلبه انتهى
واعلم أنه وقع فبعض كتب أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك يوم بدر أعني قوله
من قتل قتيلا فله سلبه قال شيخنا علاء الدين وهو وهم وإنما قاله عليه السلام يوم
حنين كما صرح به في مسلم وغيره والذي قاله عليه السلام يوم بدر شئ آخر
غير ذلك كما رواه أبو داود في سننه من حديث داود عن عكرمة عن بن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله
كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا قال فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها فلما فتح الله
عليهم قا المشيخة كنا ردء لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى
وأبى الفتيان وقالوا جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا فأنزل الله تعالى يسألونك عن
الأنفال إلى قوله وإن فريقا من المؤمنين لكارهون انتهى وقال مالك في
الموطأ ولم يبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيل فله سلبه إلا يوم حنين
انتهى قلت ورد أنه عليه السلام قاله يوم بدر أيضا لكنه من طريق ضعيف رواه بن
297

مردويه في تفسيره في أول سورة الأنفال فقال حدثنا أبو عمر وأحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا
محمد بن عبد الوهاب ثنا آدم ثنا إسماعيل بن عياش عن الكلبي عن
أبي صالح عن بن عباس وعن عطاء بن عجلان عن عكرمة عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله سلبه فجاء أبو اليسر بأسيرين فقال سعد
بن عبادة أي رسول الله أما والله ما كان بنا جبن عن العدو ولا ضن بالحياة أن نصنع
ما صنع إخواننا ولكنا رأيناك قد أفردت فكرهنا أن ندعك بمضيعة قال فأمرهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوزعوا تلك الغنائم بينهم انتهى
طريق آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني عبد الحميد بن جعفر قال
سألت موسى بن سعد بن زيد بن ثابت كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر في الاسرى
والأسلاب والأنفال فقال نادى مناديه يومئذ من قتل قتيلا فله سلبه ومن أسر أسيرا
فهو له فكان يعطي من قتل قتيلا سلبه انتهى قال الشيخ أبو الفتح اليعمري في سيرته
عيون الأثر في باب قصة بدر والمشهور في قوله عليه السلام من قتل قتيلا فله
سلبه إنما كان يوم حنين وأما يوم بدر فوقع من رواية من لا يحتج به ثم ساقه بسنده إلى
محمد بن السائب الكلب عن أبي صالح به سندا ومتنا قال والكلبي ضعيف
وروايته عن أبي صالح عن بن عباس مخصوصة بمزيد ضعف انتهى
الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام لحبيب بن أبي سلمة ليس لك من
298

سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك قلت هكذا وقع في الهداية حبيب بن
أبي سلمة وصوابه حبيب بن مسلمة والحديث رواه الطبراني في معجمه الكبير
والوسط حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي والحسين بن إسحاق التستري وجعفر بن
محمد الفريابي قال ثنا هشام بن عمار ثنا عمرو بن واقد ثنا موسى بن سيار عن
مكحول عن جنادة بن أبي أمية قال نزلنا دابق وعلينا أبو عبيدة بن الجراح فبل
حبيب بن مسلمة أن بنه صاحب قبرص خرج يريد بطريق أذربيجان ومعه زمرد
وياقوت ولؤلؤ وغيرها فخرج إليه فقتله وجاء بما معه فأراد أبو عبيدة أن يخمسه
فقال له حبيب بن مسلمة لا تحرمني رزقا رزقنيه الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل السلب
للقاتل فقال معاذ يا حبيب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما للمرء ما طابت به
نفس إمامه انتهى وهو معلول بعمرو بن واقد ورواه إسحاق بن راهويه في
مسنده حدثنا بقية بن الوليد حدثني رجل عن مكحول عن جنادة بن أبي أمية قال كنا
معسكرين بدابق فذكر لحبيب بن مسلمة الفهري أن بنه القبرصي خرج بتجارة من
البحر يريد بها بطريق أرمينية فخرج عليه حبيب بن مسلمة فقاتله فقتله فجاء
بسلبه يحمله على خمسة أبغال من الديباج والياقوت والزبرجد فأراد حبيب أن
يأخذه كله وأبو عبيدة يقول بعضه فقال حبيب لأبي عبيدة قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من قتل قتيلا فله سلبه قال أبو عبيدة إنه لم يقل ذلك للأبد وسمع معاذ بن جبل
299

بذلك فأتى أبا عبيدة وحبيب يخاصمه فقال معاذ لحبيب ألا تتقي الله وتأخذ ما طابت به نفس إمامك فإنما لك ما
طابت به نفس إمامك وحدثهم بذلك معاذ عن النبي
صلى الله عليه وسلم فاجتمع رأيهم على ذلك فأعطوه بعد الخمس فباعه بألف دينار انتهى وذكره
البيهقي في المعرفة في باب إحياء الموات بهذا الاسناد ثم قال وهو منقطع بين
مكحول ومن فوقه وراويه عن مكحول مجهول وهذا إسناد لا يحتج به انتهى وهذا
السند وارد على الطبراني فإنه قال في معجمه الوسط لا يروي هذا الحديث ع
معاذ وحبيب إلا بهذا الاسناد انتهى ولو قال لا نعلم لكان أسلم له والله أعلم
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف قال بينا أنا
واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار
حديثة أسنانهما فقال أحدهما يا عم أتعرف أبا جهل قلت نعم وما حاجتك به
قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق
سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال فتعجبت منه وقال لي الآخر مثل ذلك فلم
أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يرفل في الناس فقلت لهما هذا صاحبكما الذي تسألان
عنه قال فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه ثم ذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل منهما أنا قتلته فقال هل مستحتما سيفيكما
قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله ثم قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن
الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء ووجه الدليل أن
السلب لو كان للقاتل لقضى به بينهما وكونه عليه السلام دفعه إلى أحدهما دليل على أن
الامر فيه مفوض إلى الإمام قال البيهقي في المعرفة وهذا لا حجة لهم فيه فإن
غنيمة بدر كانت للنبي صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب يعطي منها من يشاء وقد قسم لجماعة لم
يشهدوا ثم نزلت الآية في الغنيمة بعد بدر وقضى عليه السلام بالسلب للقاتل واستقر
الامر على ذلك ويجوز أن يكون أحدهما أثخنه والآخر جرحه بعد فقضى بسلبه
للأول انتهى كلامه
300

حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود واللفظ لأبي داود عن عوف بن مالك
الأشجعي قال خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل
اليمن فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس أشقر عليه سرج مذهب وسلاح
مذهب فجعل الرومي يغري بالمسلمين وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي
فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه فلما فتح الله على المسلمين
بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه سلب الرومي قال عوف فأتيت خالدا فقلت له يا
خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى ولكني استكثرته
قلت لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يعطيه قال عوف فاجتمعنا
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد فقال عليه السلام
يا خالد ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله استكثرته فقال عليه السلام
يا خالد رد عليه ما أخذت منه قال عوف فقلت دونك يا خالد أمل أف لك فقال
يا رسول الله وما ذلك قال فأخبرته به قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقايا
خالد لا ترد عليه هل أنت تاركوا لي أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره
انتهوا اعتذر الخطابي عن هذا الحديث وقال إنما منع عليه السلام خالدا في الثانية أن
يرد على عوف سلبه زجرا لعوف لئلا يتجرأ الناس على الأئمة لان خالدا كان
مجتهدا في صنعه لما رأى فيه من المصلحة فأمضى عليه السلام اجتهاده واليسير من
الضرر يحتمل الكثير من النفع قال ويشبه أن يكون عليه السلام قد عوضه من الخمس
الذي هو له انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو
معاوية ثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص
قال لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به
النبي صلى الله عليه وسلم فقال اذهب فاطرحه في القبض قال فرجعت وبي مالا يعلمه إ الله من
قتل أخي وأخذ سلبي قال فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال فقال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فخذ سيفك انتهى قال الحازمي وزعم بعض العلماء
301

أن هذا منسوخ لان هذا كان في يوم بدر وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام حنين
من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه انتهى كلامه
حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك في فضائل خالد بن الوليد والطبراني
في معجمه من حديث زجر بن حصن قال حدثني جدي حميد بن مهلب قال قال
خريم بن أوس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي وهذه
الشيماء بنت نفيلة الأزدية قد رفعت لي على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فقلت
يا رسول الله الله فإن نحن دخلنا الحيرة ووجدناها على هذه الصفة فهي لي قال نعم
هي لك ثم ارتدت العرب فسار خالد إلى مسيلمة وسرنا معه فلما فرغنا من مسيلمة
وأصحابه أقبلنا إلى ناحية البصرة فلقينا هرمز بكاظمة في جمع عظيم ولم يكن أحد
أعدى للعرب منه فبرز له خالد بن الوليد ودعاه إلى البراز فبرز له هرمز فقتله خالد
وكتب بذلك إلى أبي بكر فنفله سلبه فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم وكانت
الفرس إذا شرف فيهم الرجل جعلوا قلنسوته بمائة ألف درهم ثم سرنا على طريق
الطف حتى دخلنا الحيرة فكان أول من تلقانا شيماء بنت نفيلة الأزدية على بغلة شهباء
بخمار أسود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتعلقت بها وقلت هذه وهبها لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم فدعاني خالد بن الوليد والتمس منى البينة فأتيه بشاهدين فسلمها إلى
وجاءني أخوها عبد المسيح فقال لي بعنيها فقلت والله لا أبيعها إلا بعشر مائة ولا
أنقصها شيئا فدفع إلى ألف درهم فقيل لي لو قلت له مائة ألف درهم لدفع إليك
فقلت والله ما كنت أظن أن مالا أكثر من عشر مائة انتهى بلفظ الطبراني وسكت
الحاكم عنه قال الطبراني وبلغني في غير هذا الحديث أن الشاهدين كانا محمد بن
مسلمة وابن عمر انتهى
حديث آخر موقوف روى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا جعفر بن محمد بن الحسن المعروف بابن أليل ثنا أحمد بن بشر عن بن
شبرمة عن الشعبي أن جرير بن عبد الله البجلي بارز مهران فقتله فقومت منطقته بثلاثين
302

ألفا فكتبوا إلى عمر فقال عمر ليس هذا من السلب الذي يخمس ولم ينفله
وجعله مغنما انتهى
باب استيلاء الكفار
الحديث الأول قال عليه السلام إن وجدته قبل القسمة فهو لك بغير شئ وإن
وجدته بعد القسمة فهو لك بالقيمة قلت أخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما
عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال فيما أحرز العدو فاستنقذه المسلمون منهم إن وجده صاحبه قبل أن يقسم فهو أحق
به وإن وجده قد قسم فإن شاء أخذه بالثمن انتهى قال والحسن بن عمارة
متروك انتهى
303

حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن يس الزيات عن سماك بن حرب
عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال أصاب العدو ناقة رجل من بني سليم ثم
اشتراها رجل من المسلمين فعرفها صاحبها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر عليه السلام
أن يأخذها بالثمن الذي اشتراها به صاحبها من العدو وإلا يخلي بينه وبينهما انتهى
ورواه أبو داود في مراسيله عن تميم بن طرفة قال وجد رجل مع رجل ناقة له
فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام البينة أنها ناقته وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من العدو فقال
النبي صلى الله عليه وسلم إن شئت أن تأخذها بالثمن الذي اشتراها به فأنت أحق بها وإلا فخل عن
ناقته انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود ثم قال وقد أسند
هذا الحديث من رواية يس الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن
سمرة ويس ضعيف انتهى قال بن القطان في كتابه وهكذا قال بن حزم
ولست أعرف هذا السند والله أعلم انتهى
304

حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من وجد ماله في الفئ قبل أن يقسم فهو له ومن وجده بعد ما قسم فليس له
شئ انتهى قال الدارقطني وإسحاق هذا متروك انتهى ثم أخرجه عن رشدين
عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا نحوه وقال رشدين ضعيف
وأخرجه الطبراني في المعجم الوسط عن يس الزيات عن الزهري عن سالم عن أبيه
مرفوعا من أدرك ماله في الفئ قبل أن يقسم فهو له وإن أدركه بعد أن يقسم فهو
305

أحق به بالثمن انتهى ورواه بن عدي في كتاب الكامل وضعف يس الزيات عن
البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة أحاديثه غير محفوظة
انتهى
واعلم أن شطر الحديث في البخاري أخرجه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن
بن عمر قال ذهب فرس له فأخذه العدو فظهر عليهم المسلمون فرده عليه في
زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد
بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه مالك في الموطأ عن نافع به وزاد فيه وذلك
قبل أن يصيبهما المقاسم انتهى وعجيب من عبد الحق كيف ذكر هذا الحديث وقال
إن البخاري لم يصل سنده به والبخاري ذكره منقطعا ثم وصله وهذا لفظه قال
باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم قال بن نمير حدثنا عبيد الله
عن نافع عن بن عمر قال ذهب فرس له فأخذه العدو إلى آخر اللفظ المتقدم ثم
قال حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع أن عبدا لابن عمر أبق
306

فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فرده على عبد الله وأن فرسا لابن عمر عاد
فلحق بالروم فظهر عليه فرده على عبد الله انتهى فترك الحديث المتصل وذكر
المنقطع وقال لم يصل البخاري سنده به وينبغي أن يراجع فيه نسخة أخرى فإني لم
أعتمد على النسخة وعلقت هنا لا تذكره والله أعلم
الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب
قال ما أصاب المشركون من أموال المسلمين فظهر عليهم فرأى رجل متاعه بعينه فهو
أحق به من غيره فإذا قسم ثم ظهروا عليه فلا شئ له إنما هو رجل منهم وفي
رواية هو أحق به من غيره بالثمن انتهى قال الدارقطني وهذا مرسل
أثر آخر أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن خلاس عن علي نحو ذلك ونقل
عن بن حزم أنه قال رواية خلاس عن علي صحيحة قال البيهقي في المعرفة قال
الشافعي وما احتج به عن تميم بن طرفة أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم في رجل اشترى بعيرا قد
أحرزه العدو أن صاحبه يأخذه بالثمن فتميم بن طرفة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع
منه والمرسل لا تثبت به حجة لأنه لا يدري عمن أخذه قال الشافعي قال أبو يوسف
حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
307

في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبهما إن
أصبتهما قبل القسمة فهما لك بغير شئ وإن أصبتهما بعد القسمة فهم لك بالقيمة قال
البيهقي هكذا وجدته عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة ورواه
غيره عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك الزراد عن طاوس عن بن عبا س عن النبي صلى الله عليه وسلم
في بعير وجد وهذا حديث يعرف بالحسن بن عمارة وهو متروك لا يحتج به ورواه
مسلمة بن علي عن عبد الملك وهو أيضا ضعيف وروى بإسناد آخر مجهول عن
عبد الملك ولا يصح شئ من ذلك وروى من وجه آخر عن بن عمر رواه إسحاق
بن أبي فروة ويس بن معاذ الزيات على اختلاف بينهما في لفظه وكلاهما متروك
يحتج به وقال الشافعي واحتجوا أيضا بأن عمر بن الخطاب قال من أدرك ما أحرز
العدو قبل أن يقسم فهو له وما قسم فلا حق له فيه إلا بالقيمة قال الشافعي وهذا إنما
روى عن الشعبي عن عمرو عن رجاء بن حياة عن عمر مرسلا وكلاهما لم يدرك عمر
ولا قارب ذلك قال البيهقي وقد روى أيضا عن رجاء عن قبيصة بن ذؤيب عن عمر
وهو أيضا مرسلا وقد روى عن خلاس بن عمر وعن علي نحوه قال ورواية
خلاس عن علي ضعيفة عند أهل العلم بالحديث يقولون هي من كتاب وأنها
منقطعة ويرون فيه عن زيد بن ثابت وإنما رواه بن لهيعة بإسناده وابن لهيعة غير
محتج به انتهى
الحديث الثاني روى أن عبيدا من عبيد الطائف أسلموا وخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
308

فقض النبي صلى الله عليه وسلم بعتقهم قلت روى أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في
مصنفه والطبراني في معجمه من حديث الحجاج عن الحكم عن مقسم عن بن
عباس أن عبدين خرجا من الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما فأعتقهما رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحدهما أبو بكرة انتهى وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الاسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتق
من أتاه من العبيد إذا أسلموا وقد أعتق يوم الطائف رجلين أحدهما أبو بكرة انتهى
وأخرج أبو داود في المراسيل عن عبد ربه بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف
خرج إليه أرقاء من أرقائهم فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أسلم مواليهم بعد
ذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم الولاء إليهم انتهى قال بن القطان في كتابه وعبد ربه بن
الحكم لا يعرف حاله ولا يعرف روى عنه إلا هذا الذي روى عنه هذا المرسل وهو عبد
الله بن عبد الرحمن الطائفي انتهى كلامه وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مكرم
الثقفي قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف خرج إليه رقيق من رقيقهم أبو
بكرة وكان عبد الحارث بن كلدة والمنبعث ويحنث ووردان في رهط من رقيقهم
فأسلموا قالوا يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال لا أولئك عتقاء الله عز
وجل ورد على كل رجل ولاء عبده انتهى وهو مرسل وقد تقدم في العتق
وغيره
باب المستأمن: خال
309

فصل
311

الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية وكذا عمر وكذا معاذ رضي الله
عنهما ووضع في بيت المال ولم يخمس قلت أخرج أبو داود في كتاب الخراج
عن بن لعدي بن عدي الكندي أن عمر بن عبد العزيز كتب أن من سأل عن مواضع
الفئ فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب فرآه المؤمنون عدلا موافقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم
312

جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه فرض الأعطية وعقد لأهل الأديان ذمة بما
فرض عليهم من الجزية لم يضرب فيها بخمس ولا مغنم انتهى وهو ضعيف فإن
فيه مجهولا وعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطا ب
313

الحديث الرابع السلطان ولي من لا ولي له تقدم في أوائل النكاح
314

باب العشر والخراج
الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يأخذوا الخراج من
أراضي العرب قلت قوله وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد وضع الخراج عليها
بمحضر من الصحابة ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص وكذا اجتمعت
الصحابة على وضع الخراج على الشام قلت روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب
الأموال حدثنا هشيم بن بشير أنبأ العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال لما افتتح
المسلمون السواد قالوا لعمر اقسمه بيننا فإنا فتحناه عنوة قال فأبى وقال ما لمن
جاء بعدكم من المسلمين قال فأقر أهل السواد في أرضهم وضرب على رؤوسهم
الجزية وعلى أراضيهم الخراج انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب
أهل الكتاب أخبرنا معمر عن قتادة عن أبي مجلز أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن
ياسر وعبد الله بن معسود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل عمارا على الصلاة
والقتال وجعل بن مسعود على القضاء وعلى بيت المال وجعل عثمان بن حنيف على
315

مساحة الأرض وجعل لهم كل يوم شاة ثم قال ما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة
إلا سيسرع فيها ثم قال لهم إني أنزلتكم في هذا المال ونفسي كوالي اليتيم من
كان غنيا فليستعفف ومكان فقيرا فليأكل بالمعروف قال فمسح عثمان سواد
الكوفة من أهل الذمة فجعل على جريب النخل عشرة دراهم وعلى جريب العنب
ثمانية دراهم وعلى جريب القضب ستة دراهم وعلى الجريب من البر أربعة دراهم
وعلي الجريب من الشعير درهمان وجعل على رأس كل رجل منهم أربعة وعشرين
درهما كل عام ولم يضرب على النساء والصبيان وأخذ من تجارهم من كل عشرين
درهما درهما فرفع ذلك إلى عمر فرضي به انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه
في أواخر الزكاة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله
الثقفي قال وضع عمر على أهل السواد على كل جريب أرض يبلغه الماء عامر أو
غامر درهما وقفيزا من طعام وعلى البساتين على كل جريب عشرة دراهم وعشرة
أقفزة من طعام وعلى الرطاب على كل جريب أرض خمسة دراهم وخمسة أقفزة من
طعام وعلي كل جريب أرض عشرة دراهم وعشرة أقفزة ولم يضع على النخل شيئا جعله
تبعا للأرض انتهى حدثنا أبو أسامة عن قتادة عن أبي مجلز قال بعث عمر
عثمان بن حنيف على مساحة الأرض قال فوضع عثمان على الجريب من الكرم عشرة
دراهم وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب القضب ستة دراهم يعني
الرطبة وعلى جريب البر أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين انتهى وأما
وضع الخراج على أرض مصر فروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عمرو بن
العاص أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس
القتباني قال الواقدي وحدثني من سمع صالح بن كيسان يخبر عن يعقوب بن عتبة عن
مشيخة من أهل مصر أن عمرو بن العاص افتتح مصر عنوة واستباح ما فيها وعزل منه
مغانم المسلمين ثم صالح بعد علي وضع الجزية في رقابهم ووضع الخراج على أرضهم
316

ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك مختصر أخبرنا الواقدي حدثني عبد الله بن نافع
عن عمرو بن الحارث قال كان عمرو بن العاص يبعث بجزية أهل مصر وخراجها إلى
عمر بن الخطاب كل سنة بعد حبس ما يحتاج إليه ولقد استبطأه عمر في الخراج سنة
فكتب إليه بكتاب يلومه ويشدد عليه مختصر وأما وضل الخراج على أرض الشام
فمعروف
الحديث الثاني روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة وتركها لأهلها ولم
يوظف الخراج قلت فيه أحاديث استدل بها العلماء على أن مكة فتحت عنوة منها
ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة فقال أقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالد على
المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الجسر وأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في
كتيبة قال فنظر إلي وقال يا أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال اهتف لي
بالأنصار فلا يأتيني إلا أنصاري فهتف بهم فجاءوا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ووبشت
قريش أوباشها فقال لهم ألا ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بيده
فضرب إحداهما على الأخرى وقال أحصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا
قال أبو هريرة فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل من شاء منهم إلا قتله وما توجه أحد
منهم إلينا شيئا وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وجاءت الأنصار فأطافوا بالصفا فجاء
317

أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فقالت الأنصار
أما الرجل فأخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قرابته ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال قلتم أما الرجل فأخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قرابته كلا إني عبد الله
ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم فالمحيا محياكم والممات مماتكم قالوا والله ما قلنا
إلا ضنا بالله وبرسوله قال فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه وقال هذا أدل دليل على أن مكة فتحت عنوة لا صلحا
انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أم هانئ أنها أجارت رجلا من المشركين
يوم الفتح فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال قد أجرنا من أجرت وآمنا من
آمنت انتهى قال المنذري في مختصره استدل بهذا الحديث على أن مكة فتحت
عنوة إذ لو فتحت صلحا لوقع به الأمان العام ولم يحتج إلى أمان أم هانئ ولا تجديده من
النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنها لا
تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
في الغد من يوم الفتح إن مكة حرمها الله ولم يرحمها الناس فلا تحل لامرئ يؤمن بالله
واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار
وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب انتهى وبهذا
الحديث استدل بن الجوزي في التحقيق
318

قوله روى أن الصحابة وضعوا العشر على أرض البصرة قلت ذكره بن عمر
وغيره
رضي الله تعالى عنه قوله والخراج الذي وضعه عمر على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز
هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل
المتصل عشرة دراهم وهذا هو المنقول عن عمر فإنه بعث عثمان بن
حنيف حتى يمسح سواد العراق وجعل حذيفة عليه مشرفا فمسح فبلغ ستا وثلاثين
ألف ألف جريب ووضع على ذلك ما قلنا وكان ذلك بمحضر من الصحابة من غير
نكير فكان إجماعا قلت تقدم حديث عمر قريبا وفيه بعض تغيير وروى أبو عبيد
319

القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه مجالد بن
سعيد عن الشعبي أن عمر بعث عثمان بن حنيف فمسح السواد فوجده ستة وثلاثين
ألف ألف جريب انتهى
قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق
فقالا لا بل حملناها ما تطيق قلت أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل
الصحابة في باب البيعة لعثمان عن عمرو بن ميمون قال رأيت عمر بن الخطاب
قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة وعثمان بن حنيف قال كيف فعلتما
أتخافان أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيق قالا حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبيرة
فضل قال انظرا أن تكونا حملتماها مالا تطيق قالا لا فقال عمر لئن سلمني الله
لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحد بعدي قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى
أصيب الحديث بطوله وهو حديث مقتل عمر بن الخطاب وبيعة عثمان
320

قوله روى أن عمر لم يزد حين أخبر لزيادة الطاقة قلت تقدم في الحديث قبله
وورى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر عن علي بن
الحكم البناني عن محمد بن زيد عن إبراهيم قال جاء رجل إلى عمر بن الخطا ب
فقال أرض كذا وكذا يطيقون من الخراج أكثر مما عليهم فقال ليس إليهم سبيل
انتهي
قوله وقد صح أن الصحابة رضي الله عنهم اشتروا أراضي الخراج وكانوا يؤدون
خراجها قلت قال البيهقي في كتاب المعرفة قال أبو يوسف القول ما قال أبو
حنيفة إنه كان لابن مسعود وخباب بن الأرت ولحسين بن علي ولشريح أرض
الخراج حدثنا مجالد بن سعيد عن عامر عن عتبة بن فرقد السلمي أنه قال لعمر بن
الخطاب إني اشتريت أرضا من أرض السواد فقال عمر أنت فيها مثل صاحبها انتهى
قال البيهقي وأخبرنا أبو سعيد ثنا أبو العباس الأصم ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا يحيى
321

بن آدم ثنا حسن بن صالح عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قلت أسلمت امرأة
من أهل نهر الملك فكتب عمر بن الخطاب إن اختارت أرضها فأدت ما علي أرضها
فخلوا بينهما وبين أرضها وإلا فخلوا بين المسلمين وبين أرضهم انتهى وهذا رواه
عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق
بن شهاب أن دهقانة من أهل نهر الملك أسلمت فقال عمر ادفعوا إليها أرضها تؤدي
عنه الخراج انتهى
أثر آخر قال بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا هشيم بن بشير
عن سيار أبي الحكم عن زبير بن عدي أن دهقانا أسلم على عهد علي فقال علي إن
أقمت في أرضك رفعنا الجزية عن رأسك فأخذناها من أرضك وإن تحولت عنها فنحن
أحق بها انتهى
أثر آخر قال بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن قيس عن أبي عون
محمد بن عبيد الله الثقفي عن عمر وعلي قالا إذا أسلم وله أرض وضعنا عنه الجزية
وأخذنا خرجها انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم
قلت رواه بن عدي في الكامل عن يحيى بن عنبسة ثنا أبو حنيفة عن حماد عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع على
مسلم خراج وعشر انتهى قال بن عدي يحيى بن عنبسة منكر الحديث وإنما
يروي هذا من قول إبراهيم وقد رواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قوله بجاء
322

يحيى بن عنبسة فأبطل فيه ووصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويحيى بن عنبسة مكشوف الامر
في ضعفه لرواياته عن الثقات الموضوعات انتهى وقال بن حبان ليس هذا من كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحيى بن عنبسة دجال يضع الحديث لا تحل الرواية عنه انتهى وقال
الدارقطني يحيى هذا دجال يضع الحديث وهو كذب على أبي حنيفة ومن بعده إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره بن الجوزي في الموضوعات وقال البيهقي هو حديث
باطل ويحيى هذا متهم بالوضع
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه في أواخر الزكاة حدثنا إبراهيم بن المغيرة
ختن لعبد الله بن المبارك عن أبي حمزة السكوني عن الشعبي قال لا يجتمع عشر
وخراج في أرض انتهى
حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح عن أبي المنيب عن عكرمة قال لا يجتمع عشر
وخراج في مال انتهى
فائدة قال الإمام أبو عبيد الله بن سلام في كتاب الأموال الأراضي العشرية
هي التي ليست بأرض خراج وهي أربعة أنواع
أحدهما أرض أسلم أهلها عليها فهم مالكون لها كالمدينة والطائف واليمن
والبحرين وكذلك مكة إلا أنها كانت فتحت عنوة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
عليهم فلم يعرض لهم في أنفسهم ولم يغنم أموالهم قال وحدثت عن محمد بن
سلمة الحراني عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مكة لا تحل غنيمتها
والنوع الثاني كل أرض أخذت عنوة ثم إن الامام لم ير أن يجعلها فيئا موقوفا
ولكنه رأى أن يجعلها غنيمة فخمسها وقسم أربعة أخماسها بين الذين افتتحوها خاصة
كفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فهي أيضا ملكهم ليس فيها غير العشر وكذلك الثغور
كلها إذا قسمت بين الذين افتتحوها خاصة وعزل عنها الخمس لمن سمى الله
والنوع الثالث كل أرض عادية لا رب لها ولا عامر أقطعها الامام رجلا إقطاعا من
جزيرة العرب أو غيرها كفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده فيما
أقطعوا من بلاد
اليمن واليمامة والبصرة وما أشبهها
323

والنوع الرابع كل أرض ميتة استخرجها رجل من المسلمين فأحياها بالنبات
والماء فهذه الأرضون التي جاءت فيها السنة بالعشر أو نصف العشر وكلها موجودة
في الأحاديث فما أخرج الله من هذه فهو صدقة إذا بلغ خمسة أوسق فصاعدا
كزكاة الماشية والصامت يوضع في الأصناف الثمانية المذكورة في سورة براءة خاصة
دون غيرهم من الناس وما سوى هذه من البلاد فلا تخلوا من أن تكون أرض عنوة
صيرت فيئا كأرض السواد والجبال والأهواز وفارس وكرما وأصبهان والري
وأرض الشام سوى مدنها ومصر والمغرب أو يكون أرض صلح مثل نجران
وأيلة وأذرح ودومة الجندل وفدك وما أشبهها مما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلحا
أو فعلته الأئمة بعده وكبلاد الجزيرة وبعض أرمينية وكثير من كور خراسان فهذان
النوعان من الأرضين الصلح والعنوة التي تصير فيئا يكونان عاما للناس في الأعطية
وأرزاق الذرية وما ينوب الامام من أمور المسلمين انتهى كلامه وقال في موضع
آخر الأرض المفتتحة ثلاثة أنواع أحدها الأراضي التي أسلم عليها أهلها فهي لهم
ملك وهي أرض عشر لا شئ عليهم غيره وأرض افتتحت صلحا على خراج معلوم
فهم على ما صولحوا عليه لا يلزمهم أكثر منه وأرض أخذت عنوة فهي مما اختلف فيها
فقيل سبيلها سبيل الغنيمة تخمس وتقسم فيكون أربعة أخماسها بين الغانمين والخمس
الباقي لمن سمى الله تعالى وقيل النظر فيها للامام إن شاء جعلها غنيمة فيخمسها
ويقسمها وإن شاء جعلها موقوفة على المسلمين ما بقوا كما فعل عمر بالسواد انتهى
كلامه محررا
أحاديث الخصوم استدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي في الجمع بين
العشر والخراج بعموم الحديث عن بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سن فيما سقت
السماء والعيون أو كان عثريا العشور وفيما سقي بالنضح نصف العشر انفرد به
البخاري قال وهذا عام في الأرض الخراجية وغيرها قال بن قتيبة العثري الذي
324

يؤتى بماء المطر إليه حتى يسقيه وإنما سمي عثريا لأنهم يجعلون في مجرى السيل
عاثورا فإذا صدمه الماء زاد فدخل في تلك المجاري حتى يبلغ النخل ويسقيه انتهى
كلامه واستدل الشيخ تقي الدين في الامام للشافعي بما أخرجه البيهقي عن يحيى
بن آدم ثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن ميمون بن مهران قال سألت عمر بن
عبد العزيز عن المسلم يكون في يده أرض الخراج فيسأل الزكاة فيقول إنما علي
خراج فقال الخراج على الأرض والعشر على الحب وأخرج أيضا عن يحيى ثنا
بن المبارك عن يونس قال سألت الزهري عن زكاة الأرض التي عليها الجزية فقال
لم يزل المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده يعاملون على الأرض ويستكرونها
ويؤدون الزكاة مما خرج منها فنرى هذه الأرض على نحو ذلك انتهى قال الشيخ
الأول فتوى عمر بن عبد العزيز والثاني فيه إرسال عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ذكره في
الزكاة
قوله ولان أحدا من أئمة العدل والجور لم يجمع بينهما وكفى بإجماعهم حجة
قوله ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنته لان عمر رضي الله عنه لم يوظفه
مكررا قلت تقدم ما يدل عليه في حديث وضع الخراج على السواد وروى بن أبي
شيبة في مصنفه في أواخر الزكاة حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن زياد
325

بن حدير قال استعملني عمر على المتاجر فكنت أعشر من أقبل وأدبر فخرج إليه
رجل فأعلمه فكتب إلى أن لا يعشر إلا مرة واحدة يعني في السنة انتهى
وروى أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن غالب أبي الهذيل عن إبراهيم قال جاء نصراني
إلى عمر فقال إن عاملك عشر في السنة مرتين فقال من أنت فقال أنا الشيخ
النصراني فقال له عمر وأنا الشيخ الحنيفي فكتب إلى عامله أن لا يعشر في السنة إلا
مرة واحدة انتهى وروى أيضا حدثنا معن بن عيسى عن بن أبي ذئب عن الزهري
قال لم يبلغنا أن أحدا من ولاة هذه الأمة الذين كانوا بالمدينة أبو بكر وعمر وعثمان
أنهم كانوا يثنون الصدقة لكن يبعثون عليها كل عام في الخصب والجدب لان أخذها
سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حدثنا سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن
حسن بن حسن عن أمه فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ثنيا في الصدقة انتهى
باب الجزية
الحديث الأول روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح بنى نجران على ألف ومائتي حلة
قلت أخرجه أبو داود في كتاب الخراج عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي
326

عن بن عباس قال صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة النصف في
صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا
وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها والمسلمون
ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غدره على أن لا تهدم لهم
بيعه ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا
انتهى قال المنذري في سماع السدى من بن عباس نظر وإنما قيل إنه رآه ورأي
بن عمر وسمع من أنس بن مالك انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لمعاذ خذ من كل حالم وحالمة دينارا أو عدله
معافر قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في الزكاة عن الأعمش عن
أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ
من البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعه ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم دينارا أو عدله
معافر انتهى قال الترمذي حديث حسن وذكر أن بعضهم رواه عن مسروق عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال وهو أصح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في
النوع الحادي والعشرين من القسم الأول والحاكم في المستدرك وقال صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ويراجعان فإن بن ماجة رواه ولم يذكر
فيه قصة الحالم وإن كان أصحاب الأطراف عزوه إليه أيضا لأنهم إنما يعتبرون
أصل الحديث وأنصف بن تيمية في المنتقى إذ قال بعد أن عزاه لأصحاب السنن
وليس لابن ماجة ذكر الحالم ووهم بن دقيق العيد في الالمام فعزاه لأصحاب السنن
ولم يستثن وأقوى منه في الوهم ما فعله بعض أهل العصر في كتاب وضعه على التنبيه
327

لأبي إسحاق الشيرازي فذكر في با ب الجزية عن معاذ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن فقال خذ من كحالم دينارا أو عدله معافر ثم قال أخرجه أصحاب السنن
وليس هذا عند بن ماجة والله أعلم ولفظه الحالمة رويت فيه أيضا مرسلا ومسندا
فالمسند رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر وسفيان الثوري عن الأعمش عن أبي
وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل
ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم وحالمة دينارا أو عدله
معافر انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه في كتاب
الزكاة ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده من ثلاث طرق دائرة على الأعمش به
وأما المرسل فرواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن
مسروق قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم
أو حالمة من أهل الذمة دينارا أو قيمته معافرى قال وكان معمر يقول هذا غلط قوله
حالمة ليس على النساء شئ انتهى
حديث آخر رواه أبو داود في المراسيل عن جريج عن منصور عن الحكم قال
كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ باليمن على كل حالم أو حالمة دينار أو قيمته انتهى
حديث آخر بمعناه رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا
عثمان بن صالح عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن الزبير قال كتب
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أنه من كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها
وعليه الجزية على كل حالم ذكر أو أنثى عبد أو أمة دينار واف أو قيمته انتهى
حديث آخر بمعناه رواه بن زنجويه النسائي في كتاب الأموال حدثنا النضر
بن شميل ثنا عوف عن الحسن قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن من أسلم من
يهودي أو نصراني فله ما للمسلم وعليه ما عليه ومن أبى فعليه الجزية على كل حالم
من ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو قيمته من المعافر في كل عام انتهى
حديث آخر بمعناه رواه بن زنجويه أيضا حدثنا هاشم بن القاسم حدثني المرجا بن
رجاء ثنا سليمان بن حفص عن أبي إياس معاوية بن قرة قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
328

مجوس هجر أما بعد من شهد منكم أن لا إلي إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فله مثل مالنا وعليه مثل ما علينا ومن أبى فعليه الجزية على
كل رأس دينار على الذكر والأنثى ومن أبى فليأذن بحرب من الله ورسوله انتهى
قال أبو عبيد وهذا والله أعلم فيما نرى منسوخ إذ كان في أول الاسلام نساء
المشركين وولدانهم يقتلون مع رجالهم والمحفوظ من ذلك الحديث الذي لا ذكر للحالمة
فيه لأنه الامر الذي عليه المسلمون وبه كتب عمر إلى أمراء الأجناد فإن كان الذي
فيه ذكر الحالمة محفوظا فوجهه ما ذكرناه كما روى الصعب بن جثامة أن خيلا أصابت
من أبناء المشركين فقال عليه السلام هم من آبائهم ثم جاء النهي عن قتل الذرية من
النساء والصبيان في أحاديث كثيرة انتهى قال بن زنجويه ويؤيد ما قاله أبو عبيد ما
أخبرنا يعلى بن عبيد ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
بن عباس عن الصعب بن جثامة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين نقتلهم
معهم قال نعم فإنهم منهم ثم نهى عن قتلهم يوم خيبر انتهى
قوله ومذهبنا روى عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنه ولم ينكر عليهم
أحد من المهاجرين والأنصار قلت أما الرواية عن عمر فروى بن أبي شيبة في
مصنفه في الامارة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله
الثقفي قال وضع عمر بن الخطاب في الجزية على رؤوس الرجال على الغنى ثمانية
وأربعين درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرين درهما وعلى الفقير اثنى عشر درهما
انتهى وهو مرسل ورواه بن زنجويه في كتاب الأموال حدثنا أبو نعيم ثنا مندل عن
الشيباني عن أبي عون عن المغيرة بن شعبة أن عمر وضع إلى آخره
طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر أخبرنا عارم بن
الفضل ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة أن عمر وضع الجزية على
329

أهل الذمة فيما فتح من البلاد فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهما وعلى الوسط
أربعة وعشرين درهما وعلى الفقير اثنى عشر درهما مختصر من حديث طويل
طريق آخر رواه أبو عبيد القاسم بن سلام فكتاب الأموال حدثنا إسماعيل بن
جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارسة بن مضر ب عن عمر أنه بعث عثمان بن
حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين واثني عشر انتهى
وأما الرواية عن عثمان وعلي
الحديث الثالث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الجزية على المجوس قلت فيه
أحاديث منها حديث أخرجه البخاري في صحيحه عن مجالد وهو بن عبدة
المكي قال أتانا كتاب عمر بن الخطا ب قبل موته بسنة فرقوا بين كل ذي محرم من
المجوس ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر انتهى
حديث آخر رواه مالك في الموطأ أخبرنا الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من
مجوس البحرين وأن عمر أخذها من مجوس فارس وأن عثمان أخذها من مجوس
330

البربر انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطأه وابن أبي شيبة في
مصنفه بسنده ومتنه ورواه الدارقطني في غرائب مالك والطبراني في معجمه
عن الحسين بن أبي كبشة ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن
السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الدارقطني لم يصل إسناده غير الحسين بن
أبي كبشة البصري عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ورواه الناس عن مالك عن
الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ليس فيه السائب وهو المحفوظ انتهى
حديث آخر رواه البزار في مسنده والدارقطني في غرائب مالك من
حديث أبي علي الحنفي ثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب
ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف
أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب انتهى قال البزار
هذا حديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه لم يقولوا عن جده وجده هو علي بن
الحسين وهو مرسل ولا نعلم أحدا قال فيه عن جده إلا أبو علي الحنفي عن مالك
انتهى وقال الدارقطني ولم يقل فيه عن جده ممن رواه عن مالك غير أبي علي الحنفي
وكان ثقة وهو في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر انتهى قلت
هكذا رواه في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه
أن عمر فذكره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن
331

مرسلا ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا بن جريج عن جعفر به ورواه إسحاق
بن راهويه أخبرنا عبد الله بن إدريس عن جعفر به قال بن عبد البر هذا حديث
منقطع فإن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف وقد رواه أبو علي
الحنفي وكان ثقة واسمه عبد الله بن عبد المجيد فقال فيه عن جده ومع ذلك فهو
منقطع لان علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف ولكن معناه
يتصل من وجوه حسان انتهى قال صاحب التنقيح وقد روى معنى هذا من وجه
متصل إلا أن في إسناده من يجهل حاله قال بن أبي عاصم حدثنا إبراهيم بن الحجاج
الشامي ثنا أبو رجاء وكان جارا لحماد بن سلمة ثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال
كنت عند عمر بن الخطاب فقال من عنده علم من المجوس فوثب عبد الرحمن بن
عوف فقال أشهد بالله على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول إنما المجوس طائفة من أهل
الكتاب فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب انتهى
حديث آخر روى الشافعي في مسنده حدثنا سفيان عن سعيد بن المرزبان
عن نصر بن عاصم قال قال فروة بن نوفل علام تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا
بأهل كتاب فقام إليه المستورد فأخذ بلبته وقال يا عدو الله تطعن على أبي بكر
وعمر وعثمان وعلى أمير المؤمنين يعني عليا وقد أخذوا منهم الجزية فذهب به
إلى القصر فخرج عليهم علي وقال أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه
وكتاب يدرسونه وأن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أمه فاطلع عليه بعض أهل
مملكته فلما صحا أرادوا أن يقيموا عليه الحد فامتنع منهم فدعا أهل مملكته فقال
تعلمون دينا خيرا من دين آدم وقد كان ينكح بنيه من بناته فأنا على دين آدم وما
يرغب بكم عن دينه فبايعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد
أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم وهم
أهل كتاب وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر منهم الجزية انتهى قال بن
الحوزي في التحقيق وسعيد بن المرزبان مجروح قال يحيى القطان لا أستحل
أروي عنه وقال بن معين ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال الفلاس متروك
الحديث وقال أبو أسامة كان ثقة وقال أبو زرعة هو مدلس انتهى ومن طريق
332

الشافعي روى البيهقي في المعرفة وقال أخطأ بن عيينة في قوله نصر بن عاصم
وإنما هو عيسى بن عاصم هكذا رواه بن فضيل والفضل بن موسى عن سعيد بن
المرزبان عن عيسى بن عاصم قال محمد بن إسحاق بن خزيمة كنت أتوهم أن الخطأ
من الشافعي فوجدت غيره تابعه فعلمت أن الخطأ من بن عيينة ثم أسند البيهقي عن
أبي داود وأبي زرعة أنهما قالا ما علمنا للشافعي حديثا أخطأ فيه والله أعلم
قوله روى أن أبا بكر رضي الله عنه استرق نسوان بني حنيفة وصبيانهم لما
ارتدوا وقسمهم بين الغانمين قلت روى الواقدي في كتاب الردة له حدثني
عبد العزيز بن أنس الطفري عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد فذكر وقعة
اليمامة وهي قصة مسيلمة الكذاب وأصحابه بني حنيفة بطولها وفيها أن أبا بكر رضي
الله عنه أرسل إليهم خالد بن الوليد في جماعة من المسلمين فقتلهم وقتل
مسيلمة وانهزم الباقون فتحصنوا في الحصون وقتل من المسلمين جماعة منهم أبو
دجانة الأنصاري وجرح منهم خلق كثير وكانت مقتلة عظيمة إلى أن قال وحدثني
محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال ثم إن خالد بن
الوليد صالحهم على أن يأخذ منهم الصفراء والبيضاء والكراع والسلاح ونصف
السبي ثم دخل حصونهم صلحا فأخرج السلاح والكراع والأموال والسبي
فجمع السلاح على حدة والكراع على حدة والدراهم والدنانير على حدة ثم قسم
السبي قسمين وأقرع على القسمين فخرج سهمه على أحدهما وفيه مكتوب لله
ثم جزأ الذي صار له من السبي على خمسة أجزاء وكتب على كل سهم منها لله
وجزأ الكراع هكذا ووزن الفضة والذهب فعزل الخمس من ذلك كله فقسم على
الناس أربعة أخماس وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وعزل الخمس حتى قدم
به على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال وحدثني بن أبي سبرة عن ربيح بن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال استعمل خالد بن الوليد على الخمس أبا
نائلة ففرق منه أبو بكر في مواضع الخمس ما فرق قال وحدثني أبو الزناد عن هشام
بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت قد رأيت أم
333

محمد بن علي بن أبي طالب وكانت من سبي بني حنيفة فلذلك سمته الحنفية
وسمى ابنه المذكور محمد بن الحنفية قال وحدثني عبد الله بن نافع عن أبيه قال
كانت أم زيد بن عبد الله بن عمر من ذلك السبي انتهى
أثر آخر للخصم رواه الواقدي أيضا في الكتاب المذكور حدثنا معمر عن
الزهري فذكر قصة إسلام أهل حضرموت ويسمون أهل كندة وأنه وفد على النبي
صلى الله عليه وسلم منهم ثمانية عشر رجلا أحدهم الأشعث بن قيس وأنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يستعمل عليهم رجلا منهم فاستعمل عليهم زياد بن لبيد البياضي وكتب معه كتابا في
فرائض الصدقات وصار معهم عاملا على حضرموت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وولي أبو بكر أرسل إلى زياد بكتاب يعلمه بذلك ويوصيه بالمسلمين ويسألهم أن
يبايعوه فقرأ زياد عليهم الكتاب فنكصوا عن البيعة وارتدوا وممن نكص عن
البيعة الأشعث إلا أنه ليرتد فصاح زياد بن لبيد بأصحابه المسلمين فاجتمعوا إليه
ووقع بينهم قتال شديد في ذلك اليوم قال وحدثني جرير بن سليم الزرقي عن عثمان
بن صفوان عن بن أبي هند عن أبيه أبي هند قال برز يومئذ منهم رجل فبرزت
إليه وكان شجاعا قال فتناولنا بالرمحين معظم النهار فلم يظفر أحدنا بصاحبه ثم
صرنا إلى السيفين بقية النهار فلم يقدر أحدنا على الآخر ونحن فارسان فلما
أمسوا تفرقوا وتوجه زياد إلى بيته بعد أن بعث عيونا في طلب غرتهم فجاءه واحد
منهم فأخبره بغرة منهم فسار إليهم ليلا في مائة من أصحابه فإذا هم هدأوا وناموا
فأغار عليهم فقتلهم وذبح ملوكهم وأشرافهم وبعث إلى أبي بكر يعلمه بذلك
فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية وكان عاملا على صنعاء استعمله النبي صلى الله عليه وسلم
عليها أن يسير إلى زياد بمن حضره من المسلمين فلما قدم المهاجر على زياد اشتد
334

أمرهما وحاصرا النجير أياما حصارا شديدا فلما جهدهم الحصار قال الأشعث بن
قيس والله إن الموت بالسيف لاهون من الموت بالجوع فدعوني أنزل إلى هؤلاء فآخذ
لي ولكم الأمان منهم فقالوا له افعل وأرسل الأشعث إلى زياد يسأله الأمان وأجابه
فنزل إليه فأراد زياد قتله فقال له الأشعث لا تقتلني وابعث لي إلى أبي بكر يرى
في رأيه فإنه يكره قتل مثلي وأنا أفتح لك النجير فآمنه زياد على نفسه وأهله
وماله وفتح له الأشعث النجير ودخل زياد إلى النجير فأخرج من مقاتلهم خلقا
كثيرا فعمد إلى أشرافهم وكانوا سبعمائة رجل فضرب أعناقهم في صعيد واحد
وترك جثثهم للسباع لم يوار منها شيئا وسبى من مقاتليهم ثمانين رجلا وأخذ الذرية
والنساء فعزلهم على حدة وبعث زياد بالجميع إلى أبي بكر وأرسل معهم الأشعث بن
قيس في وثاق من حديد فلما دخل الأشعث على أبي بكر قال له أبو بكر أنت الذي
فعلت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا يعدد له ذنوبه فقال له الأشعث يا خليفة رسول
الله دع عنك ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت فوالله يا خليفة رسول الله ما كفرت
بعد إسلامي ولكن شححت بمالي فقال له أبو بكر ألست الذي
تقول كذا وكذا وتقول كذا وكذا فقال الأشعث نعم كل ذلك كان ولكن يا خليفة رسول الله قد
تبت مما صنعت ورجعت إلى ما خرجت منه فأطلق أسر واستبقني لحربك
وزوجني أختك فأطلقه أبو بكر وقبل توبته وزوجه أخته أم فروة بنت أبي قحافة
قال وقسم أبو بكر سبى النجير خمسة أخماس ففرق الخمس في الناس وتر ك أربعة
أخماس قال وقدم جماعة من أهل النجير يطلبون أن يفادوا سبيهم وقالوا والله يا
خليفة رسول الله ما رجعنا عن الاسلام ولكن شححنا بأموالنا وقد رجع من وراءنا إلى
ما خرجوا منه وبايعوا لك راضين فقال بعد ماذا بعد أن وطئتكم بالسيف قال
الواقدي وحدثني ربيعة بن عثمان عن مسلم بن جندب قال لما كلم الوفد أبا بكر في
أن يفادوا أسراهم أجابوا إلى ذلك وخطب الناس على المنبر أيها الناس ردوا على
هؤلاء القوم أسراهم لا يحل لاحد يؤمن بالله أن يغيب أحدا منهم وقد جعلنا الفداء
على كل رأس منهم أربعمائة درهم قال فجمع أبو بكر رضي الله عنه ما تحصل من
ذلك مع ما استخرجه زياد من حصن النجير من الأموال فجعله مغنما انتهى
أثر آخر يشهد لمذهبنا روى الواقدي في كتاب الردة أيضا حدثنا عبد الله بن
زيد بن أسلم عن أبيه عن جده فذكر قصة إسلام أهل دبا وأزد عمان وأن النبي صلى الله عليه وسلم
335

بعث عليهم حذيفة بن اليمان مصدقا وكتب معه فرائض الصدقات قال فلما توفي
النبي صلى الله عليه وسلم منعوا الصدقة وارتدوا فدعاهم حذيفة إلى التوبة فأبوا وأسمعوه شتم النبي
صلى الله عليه وسلم فقال لهم حذيفة أسمعوني في أبي وأمي ولا تسمعوني في النبي صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا
ذلك فكتب حذيفة إلى أبي بكر يخبره بذلك فاغتاظ غيظا شديدا وأرسل إليهم
عكرمة بن أبي جهل في نحو ألفين من المسلمين فقاتلوهم حتى هزمهم ودخلوا مدينة دبا
فتحصنوا فيها وحاصرهم المسلمون نحو شهر فلما جهدهم الحصار طلبوا الصلح
فشرط عليهم حذيفة أن يخرجوا من المدينة عزلا من غير سلاح ففعلوا ودخل
المسلمون حصنهم فقتل عكرمة من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وأقام عكرمة
بدبا عاملا عليها لأبي بكر وقدم حذيفة على أبي بكر بالسبي وكانوا سبعمائة نفر منهم
ثلاثمائة مقاتل وأربعمائة من الذرية والنساء فيهم أبو المهلب أبو صفرة غلام لم يبلغ الحلم
فسجنهم أبو بكر في دار رملة بنت الحارث واستشار فيهم فكان رأي المهاجرين
قتلهم أو تفديتهم بإغلاء الفداء وكان رأي عمر أن لا قتل عليهم ولا فداء فلم يزالوا
محبوسين حتى توفي أبو بكر فلما ولي عمر نظر في ذلك فقال لا سبي في الاسلام
وأرسلهم بغير فداء وقال هم أحرار حيث أدركتموهم مختصر وقد يقال إن عمر
لم يتحقق ردتهم يدل على ذلك في القصة أن أبا بكر لما استشافيهم قال له عمر
يا خليفة رسول الله إنهم قوم مؤمنون وإنما شحوا بأموالهم قال والقوم يقولون والله
رجعنا عن الاسلام وإنما شححنا بالمال فأبى أبو بكر أن يدعهم بهذا القول ولم يزالوا
الحديث
الحديث الرابع حديث معاذ خذ من كل حالم وحالمة دينار تقدم في الحديث
الثاني
قوله إن عثمان لم يوظف الجزية على فقير غير معتمل وكان بمحضر من الصحابة
قلت المراد بعثمان عثمان بن حنيف والذي تقدم عنه أنه وضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة
336

وعشرين واثني عشر وروى بن زنجويه في كتا ب الأموال حدثنا الهيثم بن
عدي عن عمر بن نافع حدثني أبو بكر العبسي صلة بن زفر قال أبصر عمر شيخا
كبيرا من أهل الذمة يسأل فقال له مالك قال ليس لي مال وأن الجزية تؤخذ مني
فقال له عمر ما أنصفناك أكلنا شيبتك ثم نأخذ منك الجزية ثم كتب إلى عماله أن لا
يأخذوا الجزية من شيخ كبير انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام ليس على مسلم جزية قلت أخرجه أبو
داود في الخراج والترمذي في الزكاة عن جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مسلم جزية انتهى قال أبو
داود وسئل سفيان الثوري عن هذا فقال يعني إذا أسلم فلا جزية عليه انتهى وقال
الترمذي وقد روى قابوس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى ورواه أحمد في
مسنده والدارقطني في سننه في الوكالة وسكت عنه قلت وقد ورد
باللفظ الذي فسره به سفيان قال الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
337

يعقوب الخطيب ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا عمر بن يزيد
عن محارب بن دثار عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أسلم فلا جزية عليه
انتهى وأعل بن القطان حديث السنن في كتابه بقابوس فقال وقابوس عندهم
ضعيف وربما ترك بعضهم حديثه وكان قد افترى على رجل فحد فترك لذلك
338

انتهى كلامه
فصل
الحديث السادس قال عليه السلام لا خصاء في الاسلام ولا كنيسة قلت
أخرجه البيهقي في سننه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خصاء في
الاسلام ولا بنيان كنيسة وضعفه وروى أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الله بن
339

صالح ثنا الليث بن سعد حدثني توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لا خصاء في الاسلام ولا كنيسة انتهى وحدثني أبو الأسود
عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قال قال عمر بن الخطاب لا كنيسة
في الاسلام ولا خصاء انتهى وروى بن عدي في الكامل حدثنا الحسين بن سفيان ثنا محمد بن جامع
ثنا سعيد بن عبد الجبار عن أبي المهدي سعيد بن سنان عن أبي
الزاهرية عن كثير بن مرة عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبنى
كنيسة في الاسلام ولا يبنى ما خرب منها انتهى ومن جهة بن عدي ذكره
عبد الحق في أحكامه وأعله تبعا لابن عدي بسعيد بن سنان قال بن عدي
عامة ما يرويه غير محفوظ وأسند تضعيفه عن أحمد وابن معين قال بن القطان في
كتابه وفيه من الضعفاء غير سعيد محمد بن جامع أبو عبد الله العطار قال أبو زرعة
ليس بصدوق وامتنع أبو حاتم من الرواية عنه وسعيد بن عبد الجبار أيضا ضعيف بل
متروك حكى البخاري أن جرير بن عبد الحميد كان يكذبه فلعل العلة فيه غير سعيد بن
سنان والله أعلم انتهى كلامه قال عبد الحق وأبو المهدي كان رجلا صالحا لكن
حديثه ضعيف لا يحتج به انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قلت
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل ثنا صالح بن أبي الأخضر
عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فمرضه الذي
340

توفى فيه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب وفيه قصة ورواه عبد الرزاق في
مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع بأرض العرب أو قال بأرض الحجاز دينان
ورواه في الزكاة وزاد فيه فقال عمر لليهود من كان منكم عنده عهد من رسول الله صلى
الله عليه وسلم فليأت به وإلا فإني مجليكم قال فأجلاهم عمر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال
ذلك في مرض موته انتهى ورواه بن هشام في السيرة عن بن إسحاق حدثني
صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان
آخر ما عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يترك بجزيرة العر ب دينان انتهى قال الدارقطني
في علله وهذا حديث صحيح انتهى ورواه مالك في الموطأ قال أبو مصعب
341

أخبرنا مالك عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قال
مالك قال بن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه اليقين أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر وأجلى يهود نجران
وفدك انتهى أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز
يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب انتهى ذكره في أواخر
الكتاب وأسند أبو داود عن سعيد بن عبد العزيز قال جزيرة العرب ما بين الوادي
إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر انتهى وقال المنذر في
مختصره قال مالك جزيرة العرب المدينة نفسها وروى عنه أنها الحجاز واليمن
واليمامة وما لم يبلغه ملك فارس والروم وحكى البخاري عن المغيرة قال هي
مكة والمدينة وقال الأصمعي هي من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول
وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام وسميت
الجزيرة جزيرة لانحسار الماء عن موضعها والجزر هو القطع لأنها جزرت عنها المياه
التي حواليها كبحر البصرة وعمان وعدن والفرات وقيل لأنه حواليها بحر
الحبش وبحر فارس ودجلة والفرات وقال الأزهري سميت جزيرة لان
بحر فارس وبحر السواد أحاط بجانبيها يعني الجنوبي وأحاط بالجانب الشمالي
دجلة والفرات انتهى
342

وحديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب أخرجه البخاري في الجزية
ومسلم في آخر الوصاية كلاهما عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما اشتد
برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا وقالوا
ما شأنه أهجر استفهموه فقال دعوني أوصيكم بثلاث أخرجوا المشركين من
جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم قال وسكت عن الثالثة
انتهى
قوله ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من
الزكاة لان عمر رضي الله عنه صالحهم على ذلك لمحضر من الصحابة قلت
تقدم في آخر باب زكاة الخيل
قوله قال عمر هذه جزية فسموها ما من شئتم تقدم أيضا فيه
الحديث الثامن قال عليه السلام مولى القوم منهم تقدم في باب من يجوز
343

دفع الصدقة إليه ومن يجوز
باب أحكام المرتدين
344

الحديث الأول قال عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه قلت روى من حديث
بن عباس ومن حديث معاوية بن حيدة ومن حديث عائشة
أما حديث بن عباس فأخرجه البخاري في كتاب الجهاد في استتبابة المرتدين
عن عكرمة أن عليا أتى بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنا لم
أحرقهم لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله عليه السلام من
بدل دينه فاقتلوه انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فرواه في كتاب الفضائل
وقال على شر البخاري ولم يخرجاه ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في
مصنفيهما بدون القصة حدثنا بن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه انتهى
وأما حديث معاوية بن حيدة فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن بهز بن
حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه
345

فاقتلوه إن الله لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أبي بكر الهذلي
عن الحسن وشهر بن حوشب عن عائشة مرفوعا نحوه سواء الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء قلت تقدمت الأحاديث في ذلك
ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني في سننه في الحدود عن عبد الله
بن عيسى الجزري ثنا عفان ثنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتل المرأة إذا ارتدت انتهى قال الدارقطني وعبد الله هذا
كذاب يضع الحديث على عفان وغيره وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا رواه شعبة
346

انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا
هرمز بن معلى ثنا محمد بن سلمة عن الفزاري عن مكحول عن أبي طلحة اليعمري عن
أبي ثعلبة الخشني عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن أيما
رجل ارتد عن الاسلام فادعه فان تاب فاقبل منه وإن لم يتب فاضرب عنقه وأيما
347

امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها فان تابت فاقبل منها وإن أبت فاستتبها
انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن حفص بن سليمان أبي عمرو
الأسدي عن موسى بن أبي كثير عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن امرأة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت فلم يقتلها انتهى وقال هذا حديث لا يرويه عن موسى بن أبي
كثير عن حفص وضعف حفص بن سليمان عن أحمد والنسائي وابن معين وقال بن
عدي وعامة ما يرويه غير محفوظ انتهى قال أبو الفتح اليعمري في سيرته
عيون الأثر حديث من بدل دينه فاقتلوه وحديث أنه عليه السلام نهى عن قتل
النساء عامان متعارضان وكل من الفريقين يخص أحد الحديثين بالآخر ولكن حديث
من بدل دينه فاقتلوه فيه مع العموم قوة أخرى وهي تعليق الحكم بالردة والتبديل
انتهى وقال السهيلي في الروض الأنف ولم يصب من قاس المرتدة على نساء
الحرب فان المرتدة لا تسترق ولا تسبى كما تسبى نساء الحرب فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم
عن قتل نساء الحرب ليكن مالا للمسلمين انتهى
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان ووكيع
عن أبي حنيفة عن عاصم عن أبي رزين عن بن عباس قال النساء لا يقتلن إذا هن
ارتددن عن الاسلام ولكن يحبس ويدعين إلى الاسلام ويجبرن عليه انتهى
ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة به ورواه عبد الرزاق في
348

مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا سفيان الثوري عن عاصم عن أبي رزين به ومن
طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه إلا أنه قال عن الثوري عن أبي
حنيفة عن عاصم فليحرر ذلك ثم أسند الدارقطني عن يحيى بن معين قال كان
الثوري يعيب على أبي حنيفة حديثا كان يرويه ولم يروه غير أبي حنيفة عن عاصم عن
أبي رزين انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن أبي مالك النخعي عن عاصم بن أبي
349

النجود به
أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن يحيى بن سعيد أن عمر بن
الخطاب أمر في أم ولد تنصرت أن تباع في أرض ذات مؤنة عليها ولا تباع في أهل
دينها فبيعت بدومة الجندل من غير أهل دينها انتهى
أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن خلاس بن عمرو عن علي قال
المرتدة تستتاب ولا تقتل انتهى ثم قال وخلاس ضعيف وأخرج عبد الرزاق نحوه
عن عطاء والحسن وإبراهيم النخعي
أحاديث الخصوم أخرج الدارقطني عن عبد الله بن أذينة عن هشام بن الغاز عن
محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال ارتدت امرأة عن الاسلام فأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يعرضوا عليها الاسلام فإن أسلمت وإلا قتلت فعرض عليها فأبت أن تسلم
فقتلت انتهى وعبد الله بن أذينة جرحه بن حبان فقال لا يجوز الاحتجاج به بحال
وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف متروك ورواه بن عدي في الكامل
وقال عبد الله بن عطارد بن أذينة منكر الحديث ولم أر للمتقدمين فيه كلاما انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن
350

الزهري عن عروة عن عائشة قالت ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب
فان تابت وإلا قتلت انتهى ومحمد بن عبد الملك هذا قال أحمد وغيره فيه يضع
الحديث
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت انتهى ومحمد بن عبد الملك هذا قال أحمد وغيره فيه يضع الحديث معمر بن بكار السعدي ثنا إبراهيم بن
سعد عن الزهري عن محمد بن المنكدر عن جابر أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت
عن الاسلام فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الاسلام فان رجعت وإلا قتلت انتهى
ومعمر بن بكار في حديثه وهم قاله العقيلي وهذا الحديث ملحق بالأول
الآثار أخرج الدارقطني عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم
قرفة الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها لكن
قيل إن سعيدا هذا لم يدرك أبا بكر فيكون منقطعا
351

الحديث الثالث روي أن عليا رضي الله عنه أسلم في صباه وصحح النبي صلى الله عليه وسلم
إسلامه وافتخاره بذلك مشهور قلت اختلفت الرواية في إسلام علي رضي الله
عنه فأخرج البخاري في تاريخه عن عروة قال أسلم علي وهو بن ثماني
354

سنين وأخرج الحاكم في المستدرك في الفضائل من طريق بن إسحاق أن عليا
أسلم وهو بن عشر سنين وأخرج من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن
أنه كان عمره خمس عشرة سنة وأخرج أيضا عن مسعر عن الحكم بن عتيبة عن مقسم
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر وهو بن عشرين سنة
انتهى وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الذهبي في
مختصره هذا نص في أنه أسلم وله أقل من عشر سنين بل نص في أنه أسلم بن
سبع سنين أو ثماني سنين وهو قول عروة انتهى وأخرج أيضا من طريق بن
إسحاق عن إسماعيل بن عمرو بن عفيف عن جده عفيف بن عمرو قال كنت امرأ
تاجرا وكنت صديقا للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية فقدمت لتجارة فنزلت
على العباس بمنى فجاء رجل فنظر إلى الشمس حين مالت فقام يصلي ثم جاءت
امرأة فقامت تصلي ثم جاء غلام قد راهق الحلم فقام يصلي فقلت للعباس من
355

هذا فقال هذا محمد بن أخي يزعم أنه نبي ولم يتابعه على أمره غير امرأته هذه
خديجة بنت خويلد وهذا الغلام بن عمه علي بن أبي طالب قال عفيف فلوددت أني
أسلمت يومئذ فيكون لي ربع الاسلام انتهى وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة علي أخبرنا الواقدي ثنا
إبراهيم بن نافع وإسحاق بن حازم عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال أول من صلى
علي وهو بن عشر سنين أخبرنا الواقدي حدثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة عن
عمارة بن عزية عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة قال أسلم علي وهو بن تسع
سنين أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي
بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليا إلى الاسلام وهو بن تسع سنين ويقال دون
التسع ولم يعبد وثنا قط لصغره انتهى قال بن الجوزي في التحقيق روى عن
أحمد أنه قال أسلم علي وهو بن ثماني سنين وروى عنه أيضا أنه أسلم وهو بن
خمس عشرة سنة قال واستقراء الحال يبطل رواية الخمس عشر لأنه إذا كان له يوم
البعث ثماني سنين فقد عاش بعد ثلاثا وعشرين سنة وبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم نحو الثلاثين
فهذه مقاربة الستين وهو الصحيح في مقدار عمره ثم أسند عن جعفر بن محمد عن
أبيه قال قتل علي وهو بن ثمان وخمسين سنة قال فمتى قلنا إنه كان له يوم إسلامه
خمس عشرة صار عمره ثمانيا وستين ولم يقله أحد انتهى قال صاحب التنقيح
والدليل على صحة إسلام الصبي ما رواه البخاري من حديث أنس قال كان غلام
يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم
فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو
يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار انتهى قال ولان النبي صلى الله عليه وسلم عرض الاسلام
علي بن صياد وهو غلام لم يبلغ الحمل ومن قال لا إله إلا الله دخل الجنة قال
والمنصوص عن أحمد صحة إسلام بن سبع سنين فقال إذا بلغ الغلام سبع سنين جاز
إسلامه ويجبر على الاسلام إذا كان أحد أبويه مسلما لان النبي صلى الله عليه وسلم قال مروا
صبيانكم بالصلاة لسبع فإن رجع عن الاسلام انتظر به حتى يبلغ فإن أسلم وإلا قتل
356

انتهى كلامه
أحاديث إمهال المرتد ثلاثة أيام روى البيهقي في كتاب المعرفة من طريق
الشافعي ثنا مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري عن أبيه عن عمر أنه قال لوفد
قدموا عليه من بني ثور هل من مغربة خبر قالوا نعم أخذنا رجلا من العرب كفر
بعد إسلامه فقدمناه فضربنا عنقه فقال هل أدخلتموه جوف بيت فألقيتم إليه كل
يوم رغيفا ثلاثة أيام واستتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله اللهم لم أشهد ولم
آمر ولم أرض إذا بلغني انتهى ورواه مالك في الموطأ في الأقضية قال أبو
مصعب أخبرنا مالك ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب غريب الحديث
حدثني إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري به فذكره قال
أبو عبيد ولم أسمع التوقيت في غير هذا الحديث والمغربة بفتح الراء
وكسرها لغتان وأصله البعد ومنه قولهم شأو مغرب ودار فلان غربة انتهى
كلامه وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن عبد العزيز قال يستتاب
المرتد ثلاثة أيام فان أسلم وإلا قتل انتهى
باب البغاة
قوله وكشف الامام عن شبهتم لان عليا فعل كذلك بأهل حروراء قلت رواه
357

النسائي في سننه الكبرى في خصائص علي فقال أخبرنا عمرو بن علي ثنا
عبد الرحمن بن مهدي ثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل سماك الحنفي حدثني عبد الله
بن عباس قال لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار وكانوا ستة آلاف فقلت لعلي
يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم قال إني أخافهم عليك قلت
كلا فلبست ثيابي ومضيت حتى دخلت عليهم في دار وهم مجتمعون فيها
فقالوا مرحبا بك يا بن عباس ما جاء بك قلت أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المهاجرين والأنصار ومن عند بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وعليهم نزل القرآن فهم
أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون
فانتحى لي نفر منهم قلت هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه
وختنه وأول من آمن به قالوا ثلاث قلت ما هي قالوا إحداهن أنه حكم الرجال
في دين الله وقد قال الله تعالى إن الحكم إلا لله قلت هذه واحدة قالوا
وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فإن كانوا كفارا لقد حلت لنا نساؤهم
وأموالهم وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت علينا دماؤهم قلت هذه أخرى قالوا وأما
الثالثة فإنه محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين
قلت هل عندكم شئ غير هذا قالوا حسبنا هذا قلت لهم أرأيتم إن قرأ ت
عليكم من كتاب الله وحدثتكم من سنة نبيه ما يرد قولكم هذا ترجعون قالوا اللهم
نعم قلت أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فأنا أقرأ عليكم أن قد سير الله
358

حكمه إلى الرجال في أرنب ثمنها ربع درهم قال تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم
حرم إلى قوله يحكم به ذوا عدل منكم وقال في المرأة وزوجها وإن
خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أنشدكم الله أحكم
الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع
درهم فقالوا اللهم بل فحقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم قلت أخرجت من
هذه قالوا اللهم نعم قلت وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون
أمكم عائشة فتستحلوا منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم فإن فعلتم لقد كفرتم
وإن قلتم ليس بأمنا فقد كفرتم قال الله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
وأزواجه أمهاتهم فأنتم بين ضلالتين فاتوا منهما بمخرج أخرجت من هذه
الأخرى قالوا اللهم نعم قلت وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين فإن رسول
الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينهم وبينه كتاب فقال اكتب هذا ما
قضى عليه محمد رسول الله فقالوا والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن
البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال والله إني لرسول الله
وإن كذبتموني يا علي اكتب محمد بن عبد الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من علي وقد
محا نفسه ولم يكن محوه ذلك محوا من النبوة أخرجت من هذه الأخرى قالوا
اللهم نعم فرجع منهم ألفان وبقي سائرهم فقتلوا على ضلالتهم قتلهم المهاجرون
والأنصار انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص حدثنا عكرمة
بن عمار به وقال في آخره فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا
على ضلالتهم ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ورواه الحاكم في
المستدرك وقال فيه وكانوا ستة آلاف فرجع منهم ألفان وبقي سائرهم قتلوا
على الضلالة وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
طريق آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى
بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القارئ قال
359

جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق
ليالي قوتل علي رضي الله عنه فقالت له يا عبد الله هل أنت صادقي عما أسألك عنه
قال وما لي لا أصدقك يا أم المؤمنين قالت فحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي
قالت فحدثني عن قصتهم قلت إن عليا رضي الله عنه لما كاتب معاوية وحكم
الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من
جانب الكوفة إلى أن قال فبعث عليهم إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا
توسطنا عسكرهم قام بن الكواء فخطب فقال يا حملة القرآن هذا عبد الله بن
عباس فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما نعرفه به هذا ممن نزل فيه وفي
قومه قوم خصمون فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله فقام خطباؤهم
فقالوا والله لنواضعنه كتاب الله فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه وإن جاء بباطل لنبكتنه
بباطله فواضعهم عبد الله بن عباس الكتاب وواضعوه ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة
آلاف فيهم بن الكواء حتى أدخلهم الكوفة على علي وبعث علي إلى بقيتهم فقال
لهم قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد
صلى الله عليه وسلم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة فإنكم إن
فعلتم نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين مختصر ورواه الحاكم
في المستدرك أيضا وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم
يخرجاه
360

قوله لقول علي رضي الله عنه يوم الجمل ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا
يؤخذ مال قلت روى بن أبي شيبة في آخر مصنفه حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك
عن السدي عن عبد خير عن علي أنه قال يوم الجمل لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على
جريج ومن ألقى سلاحه فهو آمن حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك أن
عليا لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه فنادى أن لا يقتل مقبل ولا مدبر ولا يفتح باب
ولا يستحل فرج ولا مال انتهى حدثنا حفص بن غيا ث عن جعفر بن محمد عن أبيه
قال أمر علي مناديه فنادى يوم النصرة لا يتبع مدبر ولا يدفف على جريح ولا يقتل
أسير ومن أغلق بابه أو ألقى سلاحه فهو آمن ولم يأخذ من متاعهم شيئا انتهى
وهذا الأخير رواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا بن جريج عن
جعفر به وزاد وكان علي لا يأخذ مالا لمقتول ويقال من اغترف شيئا فليأخذه
انتهى وفي تاريخ واسط لبحشل حدثنا محمد بن فرج بن كردي ثنا محمد بن
الحكم بن عوانة ثنا أبي عن أبي محنف عن علي بن أبي طالب أنه قال يوم الجمل لا
تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا وإياكم والنساء وإن شتمن
أعراضكم وسببن أمراءكم فلقد رأيتنا في الجاهلية وإن الرجل ليتناول المرأة بالجريدة
أو الهراوة فيعير بها هو وعقبه من بعده انتهى
وفيه حديث مرفوع رواه الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده من
حديث كوثر بن حكيم عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل تدري يا بن أم عبد
كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة قال الله ورسوله أعلم قال لا تجهزوا على
جريحها ولا تقتل أسيرها ولا تطلب هاربها ولا تقسم فيها انتهى وسكت الحاكم عنه
وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وأعله بكوثر بن حكيم وقال إنه
361

متروك وكذلك قال الذهبي في مختصره متعقبا على الحاكم والله أعلم
قوله روى أن عليا قسم السلاح فيما بين أصحابه بالبصرة وكانت قسمته للحاجة
لا للتمليك قلت روى بن أبي شيبة في آخر مصنفه في باب وقعة الجمل حدثنا
وكيع عن فطر عن منذر عن بن الحنفية أن عليا قسم يوم الجمل في العسكر ما أجافوا عليه
من كراع وسلاح انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة محمد بن الحنفية
أخبرنا الفضل بن دكين ثنا قطر بن خليفة عن منذر الثوري قال سمعت محمد بن
الحنفية وذكر يوم الجمل قال لما هزموا قال علي لا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا
مدبرا وقسم فيهم بينهم ما قوتل به من سلاح وكراع وأخذنا ما جلبوا به علينا من كراع
362

أو سلاح انتهى وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا يحيى بن آدم ثنا مسعود بن سعد
الجعفي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال لما انهزم أهل الجمل قال علي لا
تطلبوا من كان خارجا من العسكر وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم وليس لكم أم
ولد وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا قالوا يا أمير المؤمنين تحل لنا
دماءهم ولا تحل لنا نساءهم فخاصموه فقال هاتوا نساءكم واقرعوا على عائشة
فهي رأس الامر وقائدهم قال فخصمهم علي وعرفوا وقالوا نستغفر الله انتهى عز وجل
قوله روى الزهري إجماع الصحابة يعني أن لا يضمن الباغي إذا قتل العادل
قلت روى عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا معمر أخبرني الزهري
أن سليمان بن هشام كتب إليه يسأله عن امرأة خرجت من عند زوجها وشهدت على
قومها بالشرك ولحقت بالحرورية فتزوجت ثم إنها رجعت إلى أهلها تائبة قال
الزهري فكتب إليه أما بعد فان الفتنة الأولى ثارت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن
شهد بدرا كثير فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحد حدا في فرج استحلوه بتأويل
363

القرآن ولا قصاص في دم استحلوه بتأويل القرآن ولا يرد مال استحلوه بتأويل القرآن
إلا أن يوجد شئ بعينه فيرد على صاحبه وإني أرى أن ترد على زوجها وأن يحد من
افترى عليها انتهى
364

كتاب اللقيط
قوله روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما أن نفقة اللقيط في بيت المال قلت
أما الرواية عن عمر فأخرجها مالك في الموطأ في كتاب الأقضية عن بن شهاب
الزهري عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذا في زمن عمر بن
الخطاب قال فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال ما حملك على أخذ هذه النسمة
فقال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح قال
كذلك قال نعم فقال عمر اذهب به فهو حر وعلينا نفقته انتهى وعن مالك
رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة وقال
وغير الشافعي يرويه عن مالك ويقول فيه وعلينا نفقته من بيت المال انتهى قلت
هكذا رواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا مالك عن بن شهاب حدثني أبو جميلة أنه وجد
365

منبوذا على عهد عمر بن الخطاب فأتاه به فاتهمه عمر فأثنى عليه خيرا فقال عمر
هو حر وولاؤه لك ونفقته من بيت المال انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه
الطبراني في معجمه وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهري أن رجلا
حدثه أنه جاء إلى أهله وقد التقط منبوذا فذهب إلى عمر رضي الله عنه فذكره له
فقال عسى الغوير أبؤسا فقال الرجما التقط إلا وأنا غائب وسأل عنه عمر
فأثنى عليه خيرا فقال له عمر ولاؤه لك ونفقته من بيت المال حدثنا معمر عن بن
شهاب حدثني أبو جميلة بلفظ الأول عن مالك أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن أبي
366

جميلة بنحوه أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن بن شهاب عن أبي جميلة
بنحوه قال الدارقطني في كتاب العلل وبعضهم رواه عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي جميلة قال والصواب ما رواه مالك قال وقد رواه عن مالك أيضا
جويرية بن أسماء وزاد فيه زيادة حسنة وبين قوله فيه وذكر أبو جميلة أنه أدرك النبي
367

صلى الله عليه وسلم وحج معه حجة الوداع قال وهي زيادة صحيحة انتهى ورواه بن سعد في
الطبقات في ترجمة عمر بن الخطاب أخبرنا الواقدي حدثني أسامة بن زيد بن أسلم
عن يحيى بن عبد الله بن مالك عن أبيه عن جده قال الواقدي وأخبرنا سليمان بن داود
بن الحصين عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس قال الواقدي وحدثني محمد بن عبد الله
بن أخي الزهري عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال كان عمر بن الخطاب إذا أتى
باللقيط فرض له ما يصلحه رزقا يأخذه وليه كل شهر ويوصي به خيرا ويجعل رضاعه
في بيت المال ونفقته مختصر وأما الرواية عن علي فرواه عبد الرزاق حدثنا سفيان
الثوري عن زهير بن أبي ثابت عن ذهل بن أوس عن تميم أنه وجد لقيطا فأتى به إلى
علي فألحقه علي على مائة انتهى
368

كتاب اللقطة
الحديث الأول قال عليه السلام من التقط شيئا فليعرفه سنة فيه أحاديث
منها من أخرجه البزار في مسنده والدارقطني في سننه عن يوسف بن خالد
السمتي ثنا زياد بن سعد عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
369

سئل عن اللقطة فقال لا تحل اللقطة فمن التقط شيئا فليعرف سنه فان جاء صاحبه
فليرده إليه وإن لم يأت فليتصدق به فان جاء فيخيره بين الاجر وبين الذي له
انتهى
حديث آخر أخرجه عن زيد بن خالد الجهني قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
اللقطة فقال عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها ثم استنفقها فان جاء صاحبها
فأدها إليه انتهى أخرجاه في الصحيحين بهذا اللفظ
حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ثنا
خالد الحذاء عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرف بن عبد الله عن
عياض بن حماد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أصاب لقطة فليشهد ذا عدل ثم لا يكتم
وليعرفها سنة فان جاء صاحبها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء انتهى
حديث آخر رواه بن راهويه أيضا حدثنا عبد الله بن إدريس سمعت محمد بن
إسحاق يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بلغ ثمن
370

المجن ففيه القطع قال وكان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم قال
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال عرفها سنة انتهى لكن ورد في الصحيحين في
حديث أبي بن كعب أنه وجد صرة فيها مائة دينار فأتى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له
عرفها حولا فعرفها فلم يجد من يعرفها ثم أتاه فقال له عرفها حولا فعرفها فلم
يجد من يعرفها فقال له اعرف عددها الحديث وفي لفظ عامين أو ثلاثة
371

وفي لفظ قال ثلاثة أحوال وفي لفظ قال عرفها عاما واحدا قال بن
الجوزي في التحقيق ولا تخلوا هذه الروايات من غلط بعض الرواة بدليل أن شعبة
372

قال فيه فسمعته يقول بعد عشر سنين عرفها عاما واحدا أو يكون عليه السلام علم أنه
لم يقع تعريفها كما ينبغي فلم يحتسب له بالتعريف الأول والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام في الحرم ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها قلت
أخرجه البخاري ومسلم عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة إن
هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة
لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلي خلاؤه
فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال عليه السلام إلا
الإذخر انتهى وأخرجا أيضا عن أبي هريرة قال لما فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة
قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه
رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لاحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لم
تحل لاحد بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلي شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن
قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل فقال العباس إلا الإذخر يا
رسول الله فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام إلا الإذخر فقام أبو شاه
رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال عليه السلام اكتبوا لأبي
شاه قال الوليد فقلت للأوزاعي ما قوله اكتبوا قال قال البخاري الخطبة التي
سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وفي لفظ آخر لهما ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد
أخرجه البخاري في العلم والحج واللقطة ومسلم في الحج
الحديث الثالث قال عليه السلام احفظ عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة
373

قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم فرواه البخاري وأبو داود والنسائي في
اللقطة ورواه مسلم في القضاء والترمذي بن ماجة في الاحكام كلهم عن يزيد مولى المنبعث
عن زيد بن خالد الجهني قال جاء رجل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن
اللقطة فقال اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك
بها قال فضالة الغنم قال هي لك أو لأخيك أو للذئب قال فضالة الإبل
قال ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى
يلقاها ربها انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام فإن جاء صاحبها وعرف عفاصها وعددها
فادفعها إليه قلت أخرج مسلم عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اللقطة
عرفها وإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطه إياها وإلا فاستمتع بها
وفي رواية وإلا فهي كسبيل مالك انتهى وأخرجه أيضا عن زيد
بن خالد
وفيه فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك
374

ولفظ أبي داود فإن جاء صاحبها فعرف عددها ووكاءها فادفعها إليه ولفظ
النسائي وابن حبان فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووكائها ووعائها فأعطه إياها
وأخرج أبو داود حديث زيد بن خالد الجهني وفيه فإن جاء باغيها فعرف عفاصها
وعددها فادفعها إليه قال أبو داود هذه زيادة زادها حماد بن سلمة وأخرجه
الترمذي والنسائي من حديث سفيان الثوري بهذه الزيادة وذكر مسلم في
صحيحه أن سفيان الثوري وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة ذكروا هذه الزيادة
فثبت أن حماد بن سلمة لم ينفرد بها انتهى
الحديث الخامس حديث البينة على المدعي يأتي في الدعوى إن شاء
الله تعالى
الحديث السادس قال عليه السلام فإن لم يأت صاحبها فليتصدق به تقدم أو
الباب من حديث أبي هريرة من التقط شيئا فليعرفه سنة فإن جاء صاحبه فليرده إلى
وإن لم يأت فليتصدق به أخرجه الدارقطني والبزار وفيه يوسف بن خالد السمتي
الحديث السابع قال عليه السلام في حديث أبي فإن جاء صاحبها فادفعها إليه
375

وإلا فانتفع بها وكان من المياسير قلت حديث أبي في الصحيحين وفيه احفظ
عددها ووعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها الحديث وقوله
وكان من المياسير ليس من متن الحديث وإنما هو من كلام المصنف وفي الصحيحين
ما يرده أخرجا عن أبي طلحة قلت يا رسول الله إن الله تعالى يقول لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبو وإن أحب أموالي إلي بيرحاء فما ترى يا رسول الله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلها في فقراء قرابتك فجعلها أبو طلحة في أبي وحسان
انتهى فهذا صريح في أن أبيا كان فقيرا لكن يحتمل أنه أيسر بعد ذلك وقضايا
الأحوال متى تطرق إليها الاحتمال سقط منها الاستدلال قال الترمذي عقيب حديث
أبي والعمل عليه عند أهل العلم وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق قالوا
لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنيا ولو كانت اللقطة لا تحل إلا لمن تحل له
الصدقة لم تحل لعلي بن أبي طالب وقد أمره عليه السلام بأكل الدينار حين وجده ولم
يجد من يعرفه انتهى وحديث على هذا الذي أشار إليه أخرجه أبو داود في سننه
عن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان
فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج علي فوجد دينار بالسوق فجاء فاطمة
فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا فجاء اليهودي فاشترى به
دقيقا فقال اليهودي أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله قال نعم قال فخذ
دينارك والدقيق لك فخرج علي حتى جاء به إلى فاطمة فأخبرها فقالت اذهب به
376

إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم بلحم فجاء به
فعجنت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاء فقالت يا رسول الله أذكر لك فإن
رأيته حلالا لنا أكلناه من شأنه كذا وكذا فقال كلوا بسم الله فأكلوا فبينا هم
مكانهم إذا غلام ينشد الله والاسلام الدينار فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فدعى فسأله فقال
سقط مني في السوق فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اذهب إلى الجزار فقل له إن رسول الله
يقول لك أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه
انتهى قال المنذري واستشكل هذا الحديث من جهة أن عليا أنفق الدينار قبل تعريفه
قال وأحاديث التعريف أكثر وأصح إسنادا ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة يعتد
بها فمراجعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ملاء الخلق إعلان به فهذا يؤيد الاكتفاء بالتعريف
مرة واحدة انتهى قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه وفيه أنه عرفه ثلاثة أيام
فقال أخبرنا بن جريج عن أبي بكر بن عبد الله أن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أخبره
عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد دينارا في السوق
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عرفه ثلاثة أيام قال فعرفه ثلاثة أيام فلم يجد من يعرفه فرجع
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال شأنك به قال فباعه علي فابتاع منه
بثلاثة دراهم شعيرا وبثلاثة دراهم تمرا وقضى ثلاثة دراهم وابتاع بدرهم لحما وبدرهم زيتا وكان الدينار
بأحد عشر درهما فلما كان بعد ذلك جاء صاحبه فعرفه فقال له علي قد أمرني
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلته فانطلق صاحب الدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال
لعلي رده إليه فقال قد أكلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل إذا جاءنا شئ أديناه إليك
انتهى وكذلك رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم
قال البزار وأبو بكر هذا هو عندي أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وهو لين الحديث
انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة عبد الرزاق ثم قال وأبو بكر بن أبي
سبرة متروك الحديث انتهى
377

كتاب الإباق
قوله ولنا إجماع الصحابة على أصل الجعل إلا أن منهم من أوجب الأربعين
ومنهم من أوجب ما دونها قلت روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري
378

عن أبي رباح عبد الله بن رباح عن أبي عمرو الشيباني قال أصبت غلمانا إباقا بالغين
فذكر ت ذلك لابن مسعود فقال الاجر والغنيمة قلت هذا الاجر فما الغنيمة قال
أربعون درهما من كل رأس انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في
معجمه ورواه البيهقي في سننه وقال هو أمثل ما في الباب
379

أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي العلاء عن قتادة
وأبي هاشم أن عمر قضى في جعل الآبق أربعين درهما انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق قال
أعطيت الجعل في زمن معاوية أربعين درهما انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن عمرو بن
سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر جعل في جعل الآبق دينارا أو اثنى عشر درهما
أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن حصين عن
380

الشعبي عن الحارث عن علي أنه جعل في جعل الآبق دينارا أو اثنى عشر درهما
انتهى
حديث مرفوع مرسل أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما عن
عمرو بن دينار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العبد الآبق يؤخذ خارج الحرم بدينار أو
عشرة دراهم انتهى
381

كتاب المفقود
382

قوله وقال مالك رحمه الله إذا تم له أربع سنين يفرق القاضي بينه وبين امرأته
وتعتد عدة الوفاة ثم تتزوج من شاءت لان عمر رضي الله عنه هكذا فعل في الذي
استهوته الجن بالمدينة قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في كتاب النكاح حدثنا
سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة أن رجلا انتسفته الجن على عهد عمر
بن الخطاب فأتت امرأته عمر فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر وليه بعد أربع سنين
أن يطلقها ثم أمرها أن تعتد فإذا انقضت عدتها تزوجت فإن جاء زوجها خير بين
امرأته والصداق انتهى
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن يونس بن
خباب عن مجاهد عن الفقيد الذي فقد قال دخلت الشعب فاستهوتني الجن
فمكثت أربع سنين ثم أتت امرأتي عمر بن الخطاب فأمرها أن تتربص أربع سنين من
383

حين رفعت أمرها إليه ثم دعا وليه فطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا قال
ثم جئت بعد ما تزوجت فخيرني عمر بينها وبين الصداق وبين الذي أصدقها انتهى
طريق آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى قال فقدت امرأة زوجها فمكثت أربع سنين ثم ذكرت أمرها لعمر بن
الخطاب فأمرها أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه فإن جاءت زوجها وإلا
تزوجت فتزوجت بعد أن مضت السنوات الأربع ولم يسمع له بذكر ثم جاء زوجها
بعد فقيل له إن امرأتك تزوجت بعدك بأمر عمر فأتى عمر فقال له أعدني على من
غصبني أهلي وحال بيني وبينهم ففزع عمر له لذلك وقال من أنت قال أنا
فلان ذهبت بي الجن فكنت أتيه في الأرض فجئت فوجدت امرأتي قد تزوجت
زعموا أنك أمرتها بذلك فقال له عمر إن شئت رددنا إليك امرأتك وإن شئت زوجناك
غيرها قال بل زوجني غيرها ثم جعل عمر يسأله عن الجن وهو يخبره انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عاصم الأحول عن أبي عثمان
قال أتت امرأة عمر بن الخطاب فقالت استهوت الجن زوجها فأمرها أن تتربص
أربع سنين ثم أمر ولي الذي استهوته الجن أن يطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر
وعشرا انتهى
وفي الباب آثار أخرى روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب قال أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدري أين هو فإنها
تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل انتهى ورواه عبد الرزاق
384

في مصنفه أخبرنا بن جريج ثنا يحيى بن سعيد به وزاد وتنكح إن بدا لها
انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري
عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا في امرأة المفقود
تتربص أبع سنين وتعتد أربعة أشهرا وعشرا انتهى
أثر آخر قال بن أبي شيبة أيضا حدثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن جعفر بن أبي
وحشية عن جابر بن زيد قال تذاكر بن عباس وابن عمر المفقود فقالا جميعا
تتربص امرأته أربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها ثم تتربص أربعة أشهر وعشرا
انتهى
أثر آخر قال بن أبي شيبة أيضا حدثنا غندر عن شعبة عن منصور ثنا مجاهد عن
بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب أنه قال في امرأة المفقود تتربص أربع سنين ثم يطلقها
ولي زوجها ثم تتربص أربعة أشهر وعشرا انتهى
الحديث الأول قال عليه السلام في امرأة المفقود هي امرأته حتى يأتيها البيان
قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن سوار بن مصعب ثنا محمد بن شرحبيل
الهمداني عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة المفقود امرأته حتى
يأتيها البيان انتهى ووجدته في نسخة أخرى حتى يأتيها الخبر وهو حديث
ضعيف قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه سوار بن
مصعب عن محمد بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة
المفقود هي امرأته حتى يأتيها البيان فقال أبي هذا حديث منكر ومحمد بن
شرحبيل متروك الحديث يروي عن المغيرة مناكير أباطيل انتهى وذكره عبد الحق
385

في أحكامه من جهة الدارقطني وأعله بمحمد بن شرحبيل وقال إنه متروك قال
بن القطان في كتابه وسوار بن مصعب أشهر في المتروكين منه ودونه صالح بن
مالك ولا يعرف ودونه محمد بن الفضل ولا يعرف حاله انتهى
قوله عن علي رضي الله عنه في امرأة المفقود قال هي امرأة ابتليت فلتصبر
حتى يستبين موت أو طلاق قال المصنف وعمر رجع إلى قول علي قلت رواه
386

عبد الرزاق في مصنفه في كتاب الطلاق أخبرنا محمد بن عبيد الله العرزمي
عن الحكم بن عتيبة أن عليا قال في امرأة المفقود هي امرأة ابتليت فلتصبر حتى يأتيها
موت أو طلاق انتهى أخبرنا معمر عن بن أبي ليلى عن الحكم أن عليا قال فذكره
سواء أخبرنا سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم بن عتيبة عن علي قال
تتربص حتى تعلم أحي هو أم ميت انتهى أخبرنا بن جريج قال بلغني أن بن
مسعود وافق عليا على أنها تنتظره أبدا انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن
أبي قلابة وجابر بن زيد والشعبي والنخعي كلهم قالوا ليس لها أن تتزوج حتى
يتبين موته انتهى
387

كتاب الشركة
الحديث الأول بعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بها فقرهم عليها ولم ينههم قلت
في الباب أحاديث منها ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر
عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب بن أبي السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم كنت شريكي
في الجاهلية فكنت خير شريك لا تداري ولا تماري انتهى ورواه أحمد في
مسنده والحاكم في المستدرك في كتاب البيوع وقال حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه ورواه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عثمان بن
خثيم عن مجاهد عن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم شاركه قبل الاسلام في التجارة فلما كان يوم
388

الفتح جاءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بأخي وشريكي كان لا يداري ولا يماري يا سائب
قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تقبل منك وهي اليوم تقبل منك وكان ذا سلف
وصدقة انتهى قال السهيلي في الروض الأنف حديث السائب كنت شريكي
في الجاهلية فكنت خير شريك لا تداري ولا تماري كثير الاضطراب فمنهم من يرويه
عن السائب بن أبي السائب ومنهم من يرويه عن قيس بن السائب ومنهم من يرويه عن
عبد الله بن السائب وهذا اضطراب لا يثبت به شئ ولا تقوم به حجة والسائب بن
أبي السائب من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم واضطرب في متنه أيضا
فمنهم من يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أبي السائب ومنهم من يجعله من قول أبي
السائب في النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه قال إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث
إن تداري مهموز من المداراة وهي المدافعة وتماري غير مهموز من
المماراة وهي المجادلة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في البيوع عن محمد بن الزبرقان عن أبي حيان
التيمي عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى أنا ثالث
الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانا خرجت من بينهما انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك وصححه قال بن القطان في كتابه وهو حديث إنما
يرويه أبو حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة وأبو حيان هو يحيى بن سعيد بن حيان
أحد الثقات ولكن أبوه لا يعرف له حال ولا يعرف من روى عنه غير ابنه ويرويه
عن أبي حيان أو همام محمد بن الزبرقان وحكى الدارقطني عن لوين أنه قال لم
يسنده غير أبي همام ثم ساقه من رواية أبي ميسرة النهاوندي ثنا جريج عن أبي حيان عن
أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل انتهى كلامه قال بن سعد في الطبقات السائب
بن أبي السائب اسمه صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وله ولد اسمه
عبد الله صحابي أيضا ثم ذكر له حديث الشركة انتهى
389

الله تعالى
الحديث الثاني قال عليه السلام فاوضوا فإنه أعظم للبركة قلت غريب
وأخرج بن ماجة في سننه في التجارات عن صالح بن صهيب عن أبيه صهيب
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث فيهن البركة البيع إلى أجل والمقارضة وإخلاط
البر بالشعير للبيت لا للبيع انتهى ويوجد في بعض نسخ بن ماجة المفاوضة
عوض المقارضة ورواه إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث وضبط
المعارضة بالعين والضاد فسر المعارضة بأنها بيع عرض بعرض مثله قال والعرض
390

هو ما سوى النقود من دابة أو غيرها قال والعر ض بفتح الراء حطام الدنيا ومنه
قوله عليه السلام ليس الغناء عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس وقوله يبيع
أقوام دينهم بعرض من الدنيا وقوله تريدون عر ض الدنيا
391

الحديث الثالث قال عليه السلام الربح على ما شرطا والوضيعة على قدر
المالين قلت غريب جدا ويوجد في بعض كتب الأصحاب من قول علي وبعده
فصلان ليس فيهما شئ
395

كتاب الوقف
الحديث الأول قال عليه السلام لعمر حين أراد أن يتصدق بأرض له تدعي ثمغ
تصدق بأصلها لا تباع ولا توهب ولا تورث قلت أخرجه الأئمة الستة فالبخاري
في أواخر الشهادات ومسلم وأبو داود في الوصايا والترمذي وابن ماجة في
الاحكام والنسائي في كتاب الأجناس كلهم عن نافع عن بن عمر قال أصاب
عمر بخيبر أرضا فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه
فكيف تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق عمر أنه تباع
أصلها ولا توهب ولا تورث في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله
والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه
403

انتهى وفي بعض طرق البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بأصله لاتباع ولا
توهب ولا تورث ولكن ينفق ثمره فتصدق به عمر بن الخطاب الحديث وقال
فيه إن هذا المال كان نخلا وزاد أبو داود قال يحيى بن سعيد نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله
بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يعني نسخة الصدقة بسم الله الرحمن
الرحيم هذا ما كتب عبد الله عمر في ثمغ فقص من خبره نحو حديث نافع وقال
وإن شاء ولى ثمغ اشترى من ثمره رقيقا لعمله وكتب معيقيب وشهد عبد الله
بن الأرقم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن
حدث لي حدث أن ثمغ وصرمة بن الأكوع والعبد الذي فيه والمائة سهم التي بخيبر
ورقيقه الذي فيه والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وسلم بالوادي تليه حفصة ما عاشت ثم يليه
ذو الرأي من أهلها أن لا يباع ولا يشترى ينفقه حيث رأى من السائب والمحروم وذي
القربى ولا جناح على من وليه أن يأكل أو آكل أو اشترى رقيقا منه انتهى آكل
بالمد أي أطعم
الحديث الثاني قال عليه السلام لا حبس عن فرائض الله قلت أخرجه
الدارقطني في سننه في الفرائض عن عبد الله بن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة
عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبس عن فرائض الله
404

انتهى وابن لهيعة وأخوه عيسى ضعيفان ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه موقوفا على علي فقال حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي
قال قال علي لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع انتهى وروى
الطبراني في معجمه حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا حسان بن عبد الله الواسطي
ثنا بن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش عن فضالة بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا حبس انتهى
قوله وعن شريح أنه قال جاء محمد يبيع الحبيس قلت رواه بن أبي شيبة في
مصنفه في البيوع حدثنا وكيع وابن أبي زائدة عن مسعر عن بن عون عن شريح
405

قال جاء محمد يبيع الحبيس انتهى وأخرجه البيهقي
406

قوله ويجوز وقف العقار لان جماعة من الصحابة وقفوه قلت أخرج الحاكم
في المستدرك في كتاب الفضائل عن الواقدي حدثني عثمان بن هنيد بن عبد الله
بن عثمان بن الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي أخبرني أبي عن يحيى بن عثمان بن الأرقم
حدثني عثمان بن الأرقم المخزومي أنه كان يقول أنا بن سبع الاسلام أسلم أبي سابع
سبعة وكانت داره على الصفا وهي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في الاسلام
وفيها دعا الناس إلى الاسلام فأسلم فيها خلق كثير منهم عمر بن الخطاب فسميت
دار الاسلام وتصدق بها الأرقم على ولده فقرأت نسخة صدقته بسم الله الرحمن
الرحيم هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا أنها صدقة بمكانها من الحرم
لا تباع ولا تورث شهد هشام بن العاص بذلك وفلان مولى هشام بن العاص قال
407

فلم تزل هذه الدار صدقة قائمة فيها ولده يسكنون ويؤاجرون ويأخذون عليها
مختصر وسكت عنه
حديث آخر روى الطبراني في معجمه من حديث بشير السلمي قال لما قدم
المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان
يبيع منها القربة بمد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنيها بعين في الجنة فقال يا رسول الله
ليس لي ولا لعيالي غيرها لا أستطيع ذلك فبلغ ذلك عثمان بن عفان فاشتراها بخمسة
وثلاثين ألف درهم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتجعل لي مثل الذي جعلته له
عينا في الجنة إن اشتريتها قال نعم قال قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين انتهى
حديث آخر روى إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام وقف دارا
له على المردودة من بناته انتهى وقال المردودة هي المطلقة والفاقد التي مات
زوجها وفي الباب ما أخرجه البخاري عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي
جويرية بنت الحارث قال ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما
ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضا
جعلها لابن السبيل صدقة انتهى وفي الخلافيات للبيهقي قال أبو بكر عبد الله بن
408

الزبير بن الحميدي تصدق أبو بكر بداره بمكة على ولده فهي إلى اليوم وتصدق عمر
بربعه عند المروة وبالثنية على ولده فهي إلى اليوم وتصدق على بأرضه وداره
بمصر وبأمواله بالمدينة على وولده فذلك إلى اليوم وتصدق سعد بن أبي وقاص بداره
بالمدينة وبداره بمصر على ولده فذلك إلى اليوم وعثمان بن رومة فهي إلى اليوم
وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف وداره بمكة والمدينة على ولده فذلك إلى
اليوم قال ومالا يحضرني كثير انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام وأما خالد فقد حبس أدرعا في سبيل الله
قلت أخرجه البخاري ومسلم في الزكاة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على الصدقة فمنع بن جميل وخالد
بن الوليد والعباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينقم بن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه
الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله
وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي على ومثلها ثم قال أما شعرت أن عم الرجل
صنوا أبيه انتهى وأخرج الطبراني في معجمه عن بن المبارك ثنا حماد بن زيد
عن عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل قال لما حضرت خالد بن
الوليد الوفاة قال لقد طلبت القتل فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من
عملي أرجى من لا إله إلا الله وأنا مترس بها ثم قال إذا أنا مت فانظروا سلاحي
وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله تعالى انتهى
قوله وطلحة رضي الله عنه حبس دروعه في سبيل الله ويروي أكراعه قلت
غريب جدا
409

الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من صدقته قال المصنف والمراد
وقفه قلت غريب أيضا وفي مصنف بن أبي شيبة في باب الأحاديث التي اعترض
بها علي أبي حنيفة حدثنا بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أخبرني حجر المدري قال
في صدقة النبي صلى الله عليه وسلم يأكل منها أهلها بالمعروف غير المنكر انتهى
412

الحديث الخامس قال عليه السلام نفقة الرجل على نفسه صدقة قلت روى
من حديث المقدام بن معدي كرب ومن حديث الخدري ومن حديث جابر ومن
حديث أبي أمامة
أما حديث المقدام فأخرجه بن ماجة في التجارات عن إسماعيل بن عياش عن
بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من
كسب الرجل كسب أطيب من عمل يديه وأما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده
وخادمه فهو له صدقة انتهى وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن بقية عن
413

بحير به بلفظ ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة
وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة انتهى
وأما حديث الخدري فأخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الأول من
القسم الأول عن دراج أبي السمح أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل كسب مالا من حلال فأطعم نفسه وكساها فمن دونه من
خلق الله فإن له به زكاة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الأطعمة
414

إلا أنه قال فإنه له زكاة وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
وأما حديث جابر فرواه الحاكم أيضا في أواخر البيوع وكذلك الدارقطني
في سننه في البيوع عن محمد بن حماد بن ماهان ثنا عيسى بن إبراهيم البركي ثنا
عبد الحميد بن الحسن الهلالي ثنا محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة وما أنفق الرجل على نفسه وأهله فهو له صدقة وما وقى به
عرضه فهو صدقة وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله ضامن إلا ما كان في
بنيان أو معصية فقلت لمحمد بن المنكدر ما يعني وقى به عرضه قال أن يعطي
الشاعر وذا اللسان المتقي انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم
يخرجاه
415

وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني في معجمه عن بشر بن نمير عن القاسم
بن عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أنفق على نفسه نفقة فهي له
صدقة ومن أنفق على امرأته وأهله وولده فهو له صدقة انتهى وروى بن عدي
في الكامل وأعله ببشر بن نمير وضعفه عن جماعة ووافقهم على ضعفه
وروى مسلم في صحيحه في الزكاة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لرجل ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شئ فلأهلك فإن فضل عن أهلك
شئ فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شئ فهكذا وهكذا انتهى
وأخرج أصحاب السنن عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
416

تصدقوا فقال رجل عندي دينار قال تصدق به على نفسك قال عندي دينار
آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي دينار آخر قال تصدق به علي
ولدك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي دينار آخر
قال أنت أبصر انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
وصحح إسناده
417

كتاب البيوع
الحديث الأول قال عليه السلام المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا قلت روى من
حديث بن عمر ومن حديث حكيم بن حزام ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن
حديث سمرة بن جندب ومن حديث أبي برزة
418

وأما حديث بن عمر فأخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن نافع عن عبد الله بن
عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان كا واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم
يتفرقا إلا بيع الخيار انتهى بلفظ الصحيحين وفي لفظ لهما قال إذا تبايع
الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن
خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع فان تفرقا بعد أن يتبايعا ولم
يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع وفي لفظ لهما إذا تبايع المتبايعان بالبيع فكل
واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما على الخيار فإن كان بيعهما
على خيار فقد وجب وفي رواية لهما فكان بن عمر إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله
قام فمشى هنيهة ثم رجع إليه وفي لفظ لهما قال كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا
إلا بيع الخيار انتهى ولفظ أبي داود قال المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على
صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار انتهى ولفظ الترمذي قال البيعان بالخيار ما لم
يتفرقا أو يختارا قال فكان بن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد قام ليجب له
419

ولفظ النسائي قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى وهو لفظ الكتاب ولفظ
بن ماجة قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو
يخير أحدهما الآخر فان خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع فان
تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع انتهى
وأما حديث حكيم بن حزام فأخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن عبد الله بن
الحارث عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فان
صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما قال مسلم ولد
حكيم بن حزام في جوف الكعبة وعاش مائة وعشرين سنة انتهى
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأخرجه أبو داود والترمذي
والنسائي قالوا ثلاثتهم حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث عن بن عجلان عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المتبايعان بالخيار
ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله
قال الترمذي حديث حسن ورواه البيهقي في سننه بلفظ أيما رجل ابتاع من
رجل بيعه فان كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة
خيار انتهى
وأما حديث سمرة فأخرجه بن ماجة والنسائي عن قتادة عن الحسن عن سمرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى
420

وأما حديث أبي برزة فأخرجه أبو داود عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن
أبي الوضئ عباد بن نسيب قال غزونا غزوة فنزلنا منزلا فباع صاحب لنا فرسا
بغلام ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا من الغد قام الرجل إلى فرسه يسرجه
فندم فأتى الرجل واخذه بالبيع فأبى الرجل أن يدفعه إليه فقال بيني وبينك أبو بردة
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيا أبا بردة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة فقال أترضيان
أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم
يتفرقا قال هشام بن حسان حدث جميل أنه قال ما أراكما افترقتما انتهى
وأخرجه بن ماجة مختصرا بدون القصة البيعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى قال
المنذري في مختصره ورجاله ثقات قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وقد
حمل بعض الناس الحديث على التفرق في الكلام قال الشافعي هذا محال لا يجوز في
اللسان إنما يكونان قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين قبل التبايع ثم
يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم المتبايعين حتى يتبايعا ويتفرقا في الكلام
على التبايع قال ولو احتمل اللفظ ما قاله وما قلناه فالقول بقول راوي الحديث أولى
لان له فضل السماع والعلم باللسان وبما سمع هذا بن عمر كان إذا اشترى شيئا
يعجبه فارق صاحبه ثم مشى قليلا ورجع قال البيهقي وزعم بعض من يسوي
الاخبار على مذهبه أن بن عمر قال ما أدركته الصفقة حيا فهو من مال المبتاع فدل
على أنه كان يرى تمام البيع بالقول قبل الفرقة قال وهذا الذي ذكره بن عمر لا ينافي
مذهبه من ثبوت الخيار وقد قيل إذا تفرقا ولم يختر واحد منهما انفسخ فقد علمنا
انتقال الملك بالصفقة ثم كان هو يرى المبيع في يد البائع من ضمان المشتري وغيره يراه
من ضمان البائع مع ثبوت الخيار فيه حتى يتفرقا أو يخيرا في قوله وقولنا ولو قبضه
المبتاع في مدة الخيار حتى يكون من ضمانه في قولنا أيضا لم يمنع ثبوت الخيار كذلك إذا
421

لم يقبضه عنده فإذا لم يمنع قولنا إنه من ضمان البائع لزوم البيع لم يمنع قوله إنه من
ضمان المبتاع ثبوت الخيار قال وزعم في حديث أبي برزة أنهما كانا قد تفرقا بأبدانهما
لان فيه أن الرجل قام يسرج فرسه وقول أبي برزة حين وجدهما متناكرين أحدهما
يدعي البيع والآخر ينكره ما أراكما تفرقتما أي الفرقة التي بها يتم البيع وهي الفرقة
بالكلام فسوى الحديث هكذا على مذهبه ولم يعلم أنهما كانا باتا معا عند الفرس
وحين قام البائع إلى فرسه ليسرجها لم يتفرق بهما المجلس وفي رواية مسدد عن حماد بن
زيد قال فأتى الرجل يعني المبتاع فأخذه بالمبيع وفي رواية هشام عن جميل
أليس قد بعتنيها قال مالي في هذا البيع من حاجة قال ليس لك ذلك لقد بعتني
فإنما تنازعنا في لزوم البيع وليس في شئ من الروايات أن صاحبه أنكر البيع لا في الحال
ولا حين أتيا أبا برزة فالزيادة في الحديث ليستقيم التأويل غير محمودة قال البيهقي
قال الشافعي عن بعضهم روى أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي أن عمر قال البيع عن
صفقة أو خيار قال الشافعي وهذا لا يثبت عن عمر فان في رواية الزعفراني أن عمر
قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولئن ثبت عنه فهو مجهول
ومنقطع قال البيهقي ومعنى ذلك أنه يروي عن مطرف فتارة عن الشعبي عن عمر
وتارة عن عطاء بن أبي رباح عن عمر ورواه محمد بن عبد الرحمن عن نافع عن بن
عمر وقيل عن شيخ من بني كنانة عن عمر وكل ذلك مجهول ومنقطع انتهى
كلامه
الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي إلى أجل ورهن درعه
قلت أخرجه البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من
يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد انتهى وفي لفظ للبخاري ثلاثين
صاعا من شعير وفي لفظ لهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما بنسيئة
وأعطاه درعا له رهنا انتهى وهذا اليهودي اسمه أبي الشحم هكذا وقع مسمى في
سنن البيهقي أخرجه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعا
422

عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير انتهى
الحديث الثالث ث قال عليه السلام إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم قلت
غريب بهذا اللفظ وروى الجماعة إلا البخاري من حديث عبادة بن الصامت أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير
والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد وإذا اختلفت هذه
الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى وأخرجه الطبراني في
معجمه من حديث بلال نحو وقال فيه فلا بأس به واحد بعشرة وأخرجه
423

الدارقطني في سننه عن أبي بكر بن عيا ش عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس
وعبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما وزن فمثل بمثل إذا كان نوعا واحدا وما
كيل فمثل ذلك فإذا اختلف ف النوعان فلا بأس به انتهى وذكره عبد الحق في
أحكامه من جهة الدارقطني ثم قال لم يروه هكذا غير أبي بكر عن الربيع عن بن
سيرين عن عبادة وأنس بغير هذا اللفظ انتهى
424

فصل
الحديث الرابع قال عليه السلام من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع إلا
أن يشترط المبتاع قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الأئمة الستة في كتبهم عن
سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عله وسلم أنه قال مباع عبدا وله مال فماله للبائع
إلا أن يشترط المبتاع ومن باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع
انتهى وفي لفظ للبخاري من ابتاع نخلا بعدما يؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن
427

يشترط المبتاع وأخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر بقصة النخل فقط
428

الحديث الخامس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع النخل حتى تزهي وعن بيع
السنبل حتى يبيض وتأمن العاهة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أيوب عن
نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى
يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري انتهى لكن الترمذي فرقه حديثين متواليين
وقال فيه حديث حسن صحيح ويستعمل زها وأزهى ثلاثيا ورباعيا قال في
الصحاح يقال زها النخل يزهو زهوا إذا بدت فيه الحمرة أو الصفرة وأزهى لغة
429

حكاها أبو زيد ولم يعرفها الأصمعي انتهى ووقع رباعيا في صحيح وثلاثيا
عند مسلم كلاهما من حديث انس وأخرج البخاري ومسلم هن هشيم عن حميد
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع النخل حتى يزهو
قيل ما يزهو قال يحمار أو يصفار انتهى وأخرج في الزكاة عن عبد الله بن
دينار سمعت بن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر حتى يبدو صلاحها وكان إذا
430

سئل عن صلاحها قال حتى تذهب عاهتها انتهى وأخرج أبو داود
والترمذي وابن ماجة عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع
العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد انتهى قال الترمذي حديث حسن
غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى ووقع
في رواية وعن بيع الحب حتى يفرك قال البيهقي إن كان بخفض الراء بإضافة
الافراك إلى الحب وهو الأشبه وافق رواية حتى يشتد وإن كان بفتح الراء
على ما لم يسم فاعله خالف رواية حتى يشتد واقتضى تنقيته عن السنبل حتى يجوز
بيعه قال شيخنا علاء الدين لم أر أحدا من محدثي زماننا ضبطه انتهى
باب خيار الشرط
الحديث الأول روى أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري كان يغبن في البياعات
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام قلت رواه
431

الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال كان
حبان بن منقذ رجلا ضعيفا وكان قد سفع في رأسه مأمومة فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخيار ثلاثة أيا فيما اشتراه وكان قد ثقل لسانه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بع وقل
لا خلابة فكنت أسمعه يقول لا خلابة لا خلابة وكان يشتري الشئ ويجئ به
إلى أهله فيقولون له إن هذا غال فيقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيرني في بيعي انتهى
وسكت عنه وكذلك رواه الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ثم قال قال الشافعي والأصل في البيع
بالخيار أن يكون فاسدا ولكن لما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصراة خيار ثلاث في البيع
وروى عنه أنه جعل لحبان بن منقذ خبار ثلاث فيما ابتاع انتهينا إلى ما قال صلى الله عليه وسلم وأخرجه
البيهقي في سننه عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال سمعت رجلا من
الأنصار يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيوع فقال عليه السلام إذا بايعت
فقل لا خلابة ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلا ث ليال فان رضيت فأمسك
وإن سخطت فاردد وقال بن إسحاق فحدثت به محمد بن يحيى بن حبان قال
كان جدي منقذ بن عمرو قد أصيب في رأسه فكان يغبن في البيع ثم ذكر نحوه
وأخرج بن ماجة في سننه رواية محمد بن يحيى بانفرادها في باب الحجر من أبوا ب
الاحكام عن بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال هو جدي منقذ بن عمرو
وكان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه وكان لا يدع على ذلك التجارة
فكان لا يزال يغبن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال إذا أنت بايعت فقل لا
خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال فان رضيت فأمسك وإن
سخط ت فارددها على صاحبها انتهى وهي مرسلة وجهل من عزاه لأبي داود
وأبو داود لم يذكره فسننه ولا في مراسيله ولم يعزه شيخنا أبو الحجاج المزي
في أطرافه إلا لابن ماجة والله أعلم ورواه الدارقطني في سننه كذلك
وزاد قال بن إسحاق وحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال ما علمت بن الزبير
جعل العهدة ثلاثا إلا كذلك انتهى ورواه البخاري في تاريخه الوسط فقال حدثنا
عياش بن الوليد ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن بن إسحاق حدثني محمد بن يحيى بن
432

حبان قال كان جدي منقذ بن عمرو أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه ونازعت
عقله وكان لا يدع التجارة فلا يزال يغبن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا بعت
فقل لا خلابة وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلا ث ليال وعاش مائة وثلاثين سنة
فكان في زمن عثمان يبتاع في السوق فيصير إلى أهله فيلومونه فيرده ويقول إن
النبي صلى الله عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثا فيمر الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول صدق
انتهى ذكره في ترجمة منقذ وذكره في تاريخه الكبير فلم يصل سنده به
فقال قال عياش بن الوليد ثنا عبد الأعلى به سواء وذهل بن القطان في كتابه
فأنكر على عبد الحق حين عزاه إلى تاريخ البخاري وقال إن البخاري لم يصل سنده
به ثم أنكر عليه كونه لم يعله بابن إسحاق وكان بن القطان لم يقف على تاريخ
البخاري الوسط وابن إسحاق الأكثر على توثيقه وممن وثقه البخاري والله أعلم
ورواه بن أبي شيبة في مصنفة في باب الرد على أبي حنيفة حدثنا عباد بن العوام عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنقذ بن
عمرو قل لا خلابة إذا بعت بيعا فأنت بالخيار ثلاثا انتهى
طريق أخرى للحديث مسندة قال الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد
بن رشدين ثنا يحيى بن بكير ثنا بن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن محمد بن طلحة بن
يزيد بن ركانة أنه كلم عمر بن الخطاب في البيوع فقال عمر ما أجد لكم أوسع مما
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ أنه كان ضرير البصر فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة
ثلاثة أيام فيما اشترى فإن رضى أخذ وإن سخط ترك انتهى وقال لا يروي عن
عمر الا بهذا الاسناد تفرد به بن لهيعة انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه كذلك
عن بن لهيعة به وتلحق هذه الرواية بالأولى
واعلم أن الحديث في السنن الأربعة من رواية أنس ليس فيه ذكر الخيار
أخرجوه عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رجلا كان في عقدته ضعف وكان يبايع وأن
أهله أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله احجر عليه فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن
البيع فقال يا رسول الله لا أصبر عن البيع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة انتهى
قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى
433

أحاديث الباب روى عبد الرزاق في مصنفه من حديث أبان بن أبي عياش عن
أنس أن رجلا اشترى من رجل بعيرا واشترط عليه الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله
صلى الله عليه وسلم البيع وقال الخيار ثلاثة أيام انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة
عبد الرزاق وأعله بأبان بن أبي عياش وقال إنه لا يحتج بحديثه مع أنه كان رجلا
صالحا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة ثنا أبو
علقمة الفروي ثنا نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخيار ثلاثة أيام انتهى
وأحمد بن عبد الله بن ميسرة إن كان هو الحراني الغنوي فهو متروك والله أعلم
واستدل بن الجوزي في التحقيق لأصحابنا في اشتراط الثلاث بحديث بن عمر هذا
ثم بحديث حبان المتقدم وأجاب عن حديث بن عمر بأن فيه أحمد بن عبد الله بن
ميسرة وقد ضعفه الدارقطني وقال بن حبان لا يحل الاحتجاج به وعن حديث
حبان بأنه خاص به قال ثم التقدير بالثلاث خرج مخرج الغالب لان النظر يحصل
فيها غالبا وهذا لا يمنع من الزيادة عند الحاجة كما قدرت حجارة الاستنجاء بالثلاث
ثم تجب الزيادة عند الحاجة انتهى
قوله روى عن بن عمر أنه أجاز الخيار إلى شهرين قلت غريب جدا
434

باب خيار الرؤية
الحديث الأول قال عليه السلام من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذ رآه
قلت روى مسندا ومرسلا فالمسند أخرجه الدارقطني في سننه عن داهر بن نوح ثنا
عمر بن إبراهيم بن خالد الكردي ثنا وهب اليشكري عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه قال
عمر الكردي وأخبرني فضيل بن عياض عن هاشم عن بن سيرين عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال عمر أيضا وأخبرني القاسم بن الحكم عن أبي حنيفة عن الهيثم عن
محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال الدارقطني وعمر بن إبراهيم
هذا يقال له الكردي يضع الأحاديث وهذا باطل لا يصح لم يروه غيره وإنما
يروي عن بن سيرين من قوله انتهى قال بن القطان في كتابه والراوي عن
الكردي داهر بن نوح وهو لا يعرف ولعل الجناية منه انتهى وأما المرسل فرواه بن
أبي شيبة في مصنفه والدارقطني ثم البيهقي وهو في سننيهما حدثنا إسماعيل
بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن مكحول رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال
من اشترى إلى آخره وزاد إن شاء أخذه وإن شاء تركه قال الدارقطني هذا
441

مرسل وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف انتهى
أحاديث الخصوم واستدل بن الجوزي في التحقيق على عدم جواز بيع ما لم يره
بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر رواه مسلم وبحديث حكيم
بن حزام قال له عليه السلام لا تبع ما ليس عندك رواه الأربعة وحسنه
الترمذي
قوله روى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه باع أرضا بالبصرة من طلحة بن
عبيد الله فقيل لطلحة بن عبيد الله إنك قد غبنت فقال لي الخيار لأني اشتريت ما
لم أره وقيل لعثمان إنك قد غبنت فقال لي الخيار لأني بعت ما لم أره فحكما
بينهما جبير بن مطعم فقضى بالخيار لطلحة وكان ذلك بمحضر من الصحابة قلت
442

أخرجه الطحاوي ثم البيهقي عن علقمة بن أبي وقاص أن طلحة اشترى من عثمان مالا
فقيل لعثمان إنك قد غبنت فقال عثمان لي الخيار لأني بعت ما لم أره وقال طلحة
لي الخيار لأني اشتريت ما لم أره فحكما بينهما جبير بن مطعم فقضى أن الخيار
لطلحة ولا خيار لعثمان انتهى
443

باب البيع ا لفاسد
453

الحديث الأول حديث مارية القبطية أعتقها ولدها تقدم في الاستيلاد
454

الحديث الثاني نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحبل وحبل الحبلة قلت غريب بهذا
اللفظ وفيه أحاديث فروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر وابن عيينة عن
أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المضامين والملاقيح
وحبل الحبلة قال والمضامين ما في أصلاب الإبل والملاقيح ما في بطونها وحبل
455

الحبلة ولد ولد هذه الناقة انتهى
لحديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا
أبو كريب ثنا إبراهيم بن إسماعيل السكوتي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضامين
والملاقيح وحبل الحبلة انتهى ورواه البزار في مسند حدثنا سعيد بن يحيى
الأموي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد ثنا إبراهيم بن إسماعيل به
حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا سعيد بن سفيان
عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا
نحو سواء ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن شميل عن صالح بن أبي الأخضر به قال البزار وصالح
بن أبي الأخضر ليس بالحافظ انتهى رضي الله تعالى عنها
حديث آخر يشبه المرفوع رواه مالك في الموطأ أخبرنا بن شهاب عن سعيد
بن المسيب أنه أقل لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين
والملاقيح وحبل الحبلة فالمضامين ما في بطون إناث الإبل والملاقيح ما في ظهور
الجمال وحبل الحبلة فذكره بلفظ الصحيحين وشطر الحديث في
الصحيحين عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بيعا يتبايعه
أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن ينتج الناقة ثم ينتج التي في بطنها
انتهى وفي لفظ لهما وحبل الحبلة ان تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت وفي لفظ
للبخاري ثم تنتج التي نتجت وفي لفظ للبزار في مسنده وهو نتاج النتاج
وأخرجه الباقون من الأئمة الستة وشطره الأول رواه بن ماجة حدثنا هشام بن عمار ثنا
حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد عن
شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الانعام
456

حتى تضع الحديث وسيأتي في حديث النهي عن بيع الآبق
الحديث الثالث وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم
وعن لبن في ضرع وسمن في لبن قلت روى موقوفا ومرفوعا مسندا ومرسلا
فالمرفوع المسند رواه الطبراني فمعجمه حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا
حفص بن عمر الحوضي ثنا عمرو بن فروخ ثنا حبيب بن الزبير عن عكرمة عن بن
عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع ثمرة حتى تطعم ولا يباع صوف على ظهر
ولا لبن في ضرع انتهى وأخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن عمرو بن
فروخ به قال الدارقطني وأرسله وكيع عن عمرو بن فروخ ثم أخرجه عن وكيع عن
عمرو بن فروخ به مرسلا لم يذكر فيه بن عباس وقال البيهقي تفرد برفعه عمرو بن
فروخ وليس بالقوي انتهى ونقل شيخنا الذهبي توثيق عمرو بن فروخ عن أبي داود
وابن معين وأبي حاتم
457

وأما المرسل فرواه أبو داود في مراسيله عن محمد بن العلاء عن بن المبارك عن
عمرو بن فروخ عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر بن عباس ولا حبيب بن الزبير
ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يباع لبن في
ضرع أو سمن في لبن انتهى وتراجع ورواه الدارقطني في سننه عن وكيع عن
عمرو بن فروخ عن حبيب الزبير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ بن أبي شيبة
وأما الموقوف فرواه أبو داود أيضا في مراسيله عن أحمد بن أبي شعيب الحراني
عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عكرمة عن بن عباس قال لا يباع أصواف
الغنم على ظهورها ولا ألبانها في ضروعها انتهى ورواه الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم
عن موسى بن عبيدة عن سليمان بن يسار عن بن عباس أنه كان ينهى عن بيع اللبن في
ضروع الغنم والصوف على ظهورها انتهى قال البيهقي وروى مرفوعا والصحيح
موقوف انتهى
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام نهى عن بيع المزابنة والمحاقلة قلت روى من
حديث جابر ومن حديث الخدري ومن حديث بن عباس ومن حديث أنس ومن
حديث أبي هريرة
فحديث جابر أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن
عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة زاد مسلم في لفظ وعن
الثني أي أن يعلم انتهى وزاد مسلم في لفظ وزعم جابر ان المزابنة بيع الرطب في
النخل بالتمر كيلا والمحاقلة في الزرع على نحو ذلك يبيع الزرع القائم بالحب كيلا
وفي لفظ له قال والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم والمزابنة أن يباع النخل
458

بأوساق من التمر
وأما حديث الخدري فأخرجه البخاري ومسلم عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن المزابنة والمحاقلة اشتراء التمر في رؤوس النخل والمحاقلة كراء الأرض
انتهى
وأما حديث بن عباس فأخرجه البخاري عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة
والمزابنة انتهى
وأما حديث أنس فأخرجه البخاري أيضا عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المحاقلة والمخابرة والملامسة والمنابذة والمزابنة انتهى
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة
والمحاقلة انتهى
الحديث الخامس روى أنه عليه السلام نهى عن المزابنة ورخص في العرايا وهو
أن تباع بخرصها تمرا فيها دون خمسة أوسق قلت النهي عن المزابنة تقدم وأما
العرايا فأخرجا في الصحيحين عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة
أوسق أو في خمسة أوسق شك داود قال دون خمسة أو في خمسة انتهى وأخرج مسلم عن
459

سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر وقال ذلك الربا تلك
المزابنة أي أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين ويأخذها أهل البيت بخرصها
كيلا انتهى وفي لفظ لمسلم ذلك الزبن عوض الربا والحديث في البخاري
ليس فيه تلك المزابنة ولا الزبن وأخرجا في الصحيحين عن بن عمر عن زيد بن
ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا أن تابع بخرصها وفي لفظ رخص في
العرية أن يؤخذ بمثل خرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا انتهى قال صاحب التنقيح
ووافقنا الشافعي في صحة بيع العرايا إلا أنه خالفنا في إباحتها من غير ضرورة قال الامام
موفق الدين في الكافي روى محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما
عراياكم هذه فسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص
لهم أن يبتاعوا العرية بخرصها من التمر يأكلونه رطبا قال متفق عليه ووهم في ذلك
فان هذا ليس في الصحيحين ولا في السنن بل ولا في شئ من الكتب
المشهورة ولم أجد له سندا بعد الفحص البالغ ولكن الشافعي ذكره في كتابه في
باب العرايا بغير إسناد انتهى كلامه
الحديث السادس روى أنه عليه السلام نهى عن الملامسة والمنابذة قلت أخرجه
460

البخاري ومسلم عن الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعين ولبستين نهى عن
الملامسة والمنابذة في البيع والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا
يقلبه إلا بذلك والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون
بذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض انتهى وأخرجاه أيضا من حديث أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة زاد مسلم أما الملامسة فان يلمس كل
واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر
ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه انتهى وأخرجه البخاري في حديث المزابنة عن
أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة وقد تقدم قريبا
قوله ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها والمراد الكلأ أما البيع فلانه ورد على
461

مالا يملكه لاشتراك الناس فيه بالحديث قلت يشير إلى حديث الناس شركاء في ثلاثة
الكلأ والنار والماء وسيأتي في كتاب إحياء الموات إن شاء الله تعالى
الحديث السابع روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العبد الآبق قلت رواه بن
ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله عن
محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الانعام حتى تضع وعن بيع ما في ضروعها
462

وعن شراء العبد وهو آبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى
تقبض وعن ضربة القانص انتهى ورواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى
الموصلي والبزار في مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه
ورواه عبد الرزاق في مصنفه إلا أنه لم يذكر في إسناده محمد بن إبراهيم ومن
جهة عبد الرزاق ذكره عبد الحق في أحكامه وقال إسناد لا يحتج به وشهر
مختلف فيه ويحيى بن العلاء الرازي شيخ عبد الرزاق ضعيف وهو يروي عن
جهضم به قال بن قطان وسند الدارقطني يبين أن سند عبد الرزاق منقطع انته
وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه حاتم بن إسماعيل عن
جهضم بن عبد الله اليمامي عن محمد بن إبراهيم الباهلي عن محمد بن زيد العبدي عن
شهر بن حوشب عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الحديث فقال أبي محمد بن إبراهيم
هذا شيخ مجهول انتهى قلت ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا
سويد بن عبد العزيز الدمشقي ثنا جعفر بن الحارث أبو الأشهب الواسطي حدثني من سمع
محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بتمامه إلا أنه قال وعن بيع
العبد وهو آبق عوض قوله وشراء
الحديث الثامن قال عليه السلام لعن الله الواصلة والمستوصلة قلت أخرجه
الأئمة الستة في كتبهم فأبو داود في الترجل وابن ماجة في النكاح والباقون
463

في اللباس كلهم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن
الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على
منع بيع شعر الانسان والانتفاع به لكرامته وهو غير ناجح رضي الله تعالى عنها
لحديث التاسع حديث لا تنتفعوا من الميتة بإهاب تقدم في الطهارات
464

الحديث العاشر قالت عائشة لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعد ما اشترت
بثمانمائة بئس ما اشتريت وشريت أبلغني زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب قلت أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر
والثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة في نسوة فسألتها
465

امرأة فقالت يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء
ثم ابتعتها منه بستمائة فنقدته الستمائة وكتبت عليه ثمانمائة فقالت عائشة بئس ما
466

اشتريت وبئس ما اشترى أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا أن يتوب فقالت المرأة لعائشة أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل
فقالت فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف انتهى وأخرجه
الدارقطني والبيهقي في سننيهما عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني عن أمه العالية
قالت كنت قاعدة عند عائشة فأتتها أم محبة فقالت إني بعت زيد بن أرقم جارية
إلى عطائه فذكره بنحوه قال الدارقطني أم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما
انتهى وأم محبة بضم الميم وكسر الحاء هكذا ضبطه الدارقطني في كتاب
المؤتلف والمختلف وقال إنها امرأة تروي عن عائشة روى حديثهما أبو إسحاق السبيعي
عن امرأته العالية ورواه أيضا يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع عن أم محبة عن
عائشة انتهى وأخرجه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي
إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم فقالت أم
ولد زيد لعائشة إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة درهم نسيئة واشتريت بستمائة نقدا
فقالت أبلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب بئس
ما اشتريت وبئس ما شريت انتهى قال في التنقيح هذا إسناد جيد وإن كان
الشافعي قال لا يثبت مثله عن عائشة وكذلك الدارقطني قال في العالية هي
مجهولة لا يحتج بها فيه نظر فقد خالفه غيره ولولا أن عند أم المؤمنين علما من
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد انتهى وقال
بن الجوزي قالوا العالية امرأة مجهولة لا يقبل خبرها قلنا بل هي امرأة معروفة جليلة
القدر ذكرها بن سعد في الطبقات فقال العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي
إسحاق السبيعي سمعت من عائشة انتهى كلامه
أحاديث الباب وفي تحريم العينة أحاديث والعينة بيع سلعة بثمن مؤجل ثم
467

يعود فيشتريها بأنقص منه حالا أخرج أبو داود في سننه عن أبي عبد الرحمن الخراساني عن عطاء
الخراساني عن نافع عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذنا ب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط
الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم انتهى ورواه أحمد وأبو يعلى
الموصلي والبزار في مسانيدهم قال البزار وأبو عبد الرحمن هذا هو عندي إسحاق
بن عبد الله بن أبي فروة وهو لين الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا
وهم من البزار وإنما اسم هذا الرجل إسحاق بن أسد أبو عبد الرحمن الخراساني
يروي عن عطاء روى عنه حياة بن شريح وهو يروي عنه هذا الخبر وبهذا ذكره بن
أبي حاتم وليس هذا بإسحاق بن أبي فروة ذاك مديني ويكنى أبا سليمان وهذا
خراساني ويكنى أبا عبد الرحمن وأيهما كان فالحديث من أجله لا يصح ولكن
للحديث طريق أحسن من هذا رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد حدثنا أسود بن
عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن بن عمر قال أتى
علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم ثم أصبح الدينار
والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ضن
الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل
الله أنزل الله بهم ذلا فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم انتهى قال وهذا
حديث صحيح ورجاله ثقات انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون عن أبي جناب عن
شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه
الحديث الحادي عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط قلت رواه
468

الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عبد الله بن أيوب المقرى ثنا محمد بن سليمان
الذهلي ثنا عبد الوارث بن سعيد قال قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي
ليلى وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعا وشرط شرطا فقال البيع
باطل والشرط باطل ثم أتيت بن أبي ليلى فسألته فقال البيع جائز والشرط باطل
ثم أتيت بن شبرمة فسألته فقال البيع جائز والشرط جائز فقلت يا سبحان الله
ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال ما
أدري ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع
وشرط البيع باطل والشر باطل ثم أتيت بن أبي ليلى فأخبرته فقال ما أدري ما
قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ان اشترى
بريرة فأعتقها البيع جائز والشرط باطل ثم أتيت بن شبرمة فأخبرته فقال ما أدري
469

ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال بعت النبي صلى الله عليه وسلم ناقة
وشرط لي حملانها إلى المدينة البيع جائز والشرط جائز انتهى ورواه الحاكم أبو
عبد الله النيسابوري في كتاب علوم الحديث في باب الأحاديث المتعارضة حدثنا أبو
بكر بن إسحاق ثنا عبد الله بن أيوب بن زاذان الضرير ثنا محمد بن سليمان الذهلي به
ومن جهة الحاكم ذكره عبد الحق في أحكامه وسكت عنه قال بن القطان وعلته
ضعف أبي حنيفة في الحديث انتهى واستدل بن الجوزي في التحقيق علي صحة
البيع بشرط العتق بحديث بريرة عن عائشة اشترتها بشرط العتق فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
وصحح البيع والشرط وإنما بين فيه بطلان شرط الولاء لغير المعتق ولم يذكر بطلان
شرط العتق وأقره صاحب التنقيح عليه
الحديث الثاني عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف قلت روى من
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث حكيم بن حزام
فحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب السنن الا بن ماجة عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في تبع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك
انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح واختصره بن ماجة فذكر منه ربح ما
لم يضمن وبيع ما ليس عندك فقط ولم ينصف المنذري في مختصره إذ عزا الحديث
470

بتمامه لابن ماجة مع أن أصحاب الأطراف بينوه قال المنذري ويشبه أن يكون
الترمذي إنما صححه لتصريحه فيه بذكر عبد الله بن عمرو ويكون مذهبه في الامتناع
من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب إنما هو الشك في إسناده لجواز أن يكون الضمير
عائدا على محمد بن عبد الله فإذا صرح بذكر عبد الله بن عمرو انتفى ذلك انتهى
وقال السهيلي في الروض الأنف هذه رواية مستغربة جدا عند أهل الحديث فان
عندهم أن شعيبا إنما يروي عن جده عبد الله بن عمرو لا عن أبيه محمد فان أباه محمدا
مات قبل جده عبد الله انتهى وقال بن القطان في كتابه إنما ردت أحاديث عمرو
بن شعيب لان الهاء من جده يحتمل أن تعود على عمرو فيكون الجد محمد فيكون
الخير مرسلا أو تعود على شعيب فيكون الجد عبد الله فيكون الحديث مسندا متصلا
لان شعيبا سمع من جده عبد الله بن عمرو فإذا كان الامر كذلك فليس لأحد أن يفسر
الجد بأنه عبد الله بن عمرو الا بحجة وقد يوجد ذلك في بعض الأحاديث عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو فيرتفع النزاع وقد يوجد بتكرار عن أبيه
فيرتفع النزاع أيضا ومن الأحاديث ما يكون من رواية عمرو بن شعيب عن غير أبيه
وهي أيضا صحيحة كحديث البلاط انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال
حديث صحيح على شرط جماعة من أئمة المسلمين وهكذا رواه حماد بن زيد و
عبد الوارث بن سعيد وداود بن أبي هند وعبد الملك بن أبي سليمان وغيرهم عن
عمرو بن شعيب وقد رواه عطاء بن مسلم الخراساني عن عمرو بن شعيب بزيادات
ألفاظ ثم أخرجه كذلك
طريق آخر أخرجه النسائي في سننه في كتاب العتق عن عطاء الخراساني عن
عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال يا رسول الله انا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن
نكتبها قال نعم فكان أول ما كتب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة لا يجوز شرطان
471

في بيع واحد ولا بيع وسلف جميعا ولا بيع ما لم يضمن ومن كان مكاتبا على مائة
درهم فقضاها الا عشرة دراهم فهو عبد أو على مائة أوقية فقضاها الا أوقية فهو عبد
انتهى قا النسائي هذا خطأ وعطاء هذا هو الخراساني ولم يسمع من عبد الله بن
عمرو ولا أعلم أحدا ذكر له سماعا منه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في
النوع السادس والستين من القسم الثلث والحاكم في المستدرك وسكت عنه
ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار وفسره فقال أما السلف والبيع فالرجل
يقول للرجل أبيعك عبدي هذا بكذا وكذا على أن تقرضني كذا وكذا وأما الشرطان
في البيع فالرجل يبيع الشئ حالا بألف ومؤجلا بألفين وأما الربح ما لم يضمن
فالرجل يشتري الشئ فيبيعه قبل أن يقبضه بربح انتهى
وأما حديث حكيم بن حزام فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أسلم بن سهل
الواسطي ثنا أحمد بن إسماعيل بن سلام الواسطي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا العلاء بن خالد
الواسطي عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن حكيم بن حزام قال نهاني
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع خصال في البيع عن سلف وبيع وشرطين في بيع وبيع ما
ليس عندك وربح ما لم يضمن انتهى والحديث في الموطأ بلاغ قال أبو
مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف انته
الحديث الثالث عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة قلت رواه
472

أحمد في مسنده حدثنا حسن وأبو النضر وأسود بن عامر قالوا ثنا شريك عن
سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين
في صفقة قال أسود قال شريك قال سماك هو أن يبيع الرجل بيعا فيقول هو نقدا
بكذا ونسيئة بكذا انتهى ورواه البزار في مسنده عن أسود بن عامر به ورواه
الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن القاسم ثنا عبد الملك بن عبد ربه
الطائي ثنا بن السماك بن حرب عن أبيه مرفوعا لا تحل صفقتان في صفقة انتهى
ورواه العقيلي في ضعفائه من حديث عمرو بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي ثنا سفيان
عن سماك به مرفوعا الصفقة في الصفقتين ربا انتهى وأعله بعمرو بن عثمان هذا
وقال لا يتابع على رفعه والموقوف أولى ثم أخرجه من طريق أبي نعيم ثنا سفيان به
موقوفا وهكذا رواه الطبراني في معجمه الكبير من طريق أبي نعيم به موقوفا
وكذلك رواه أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به موقوفا
473

قال أبو عبيد ومعنى صفقتان في صفقة أن يقول الرجل للرجل أبيعك هذا نقدا بكذا
ونسيئة بكذا ويفترقان عليه انتهى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه في
النوع الثامن والعشرين من القسم الأول من حديث شعبة عن سماك به موقوفا الصفقة
في الصفقتين ربا وأعاده في النوع التاسع والمائة من القاسم الثاني كذلك بلفظ لا تحل
صفقتان في صفقة انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص
474

عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة انتهى قال
الترمذي حديث حسن صحيح قال وفسره بعض أهل العلم أن يقول الرجل
أبيعك هذا الثوب نقدا بعشرة ونسيئة بعشرين ولا يفارقه على أحد البيعين فإذا فارقه
على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدهما وقال الشافعي معناه أن يقول
475

أبيعك داري هذه بكذا على أن تبيعني غلامك بكذا فإذا وجب لي غلامك وجبت
لك داري انتهى والمصنف فسره بأن يقول أبيعك عبدي هذا علي أن تخدمني شهرا
أو داري هذه على أن أسكنها شهرا قال فإن الخدمة والسكنى إن كان يقابلهما شئ
من الثمن يكون إجارة في بيع وإلا فهو إعارة في بيع وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين
الحديث والحديث في الموطأ بلاغ قال أبو مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة انتهى
فصل في أحكام البيع
قوله ولا يجز البيع إلى الحصاد والدياس والقطان وقدوم الحاج لأنها تتقدم
476

وتتأخر ولو كفل إلى هذه الأوقات جاز لان الجهالة اليسيرة متحملة في الكفالة وهذه
الجهالة يسيرة مستدركة لاختلاف الصحابة فيها قلت روى البيهقي في كتاب
المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن
عباس أنه قال لا تبيعوا إلى العطاء ولا إلى الأندر ولا إلى الدياس انتهى
477

فصل فيما يكره
الحديث الرابع عشر قال عليه لا تناجشوا قلت أخرجاه من حديث
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتلقى الركبان للبيع ولا يبع على بيع
479

عض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك
فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من
تمره انتهى
الحديث الخامس عشر قال عليه السلام لا يستام الرجل على سوم أخيه ولا
يخطب على خطبة أخيه قلت أخرجاه من حديث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لا يبع بعضكم على بيع بعض وفي لفظ لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا
يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له انتهى وأخرجاه من حديث أبي هريرة أيضا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد وأن تسأل المراة طلاق
أختها وعن النجش والتصرية وأن يستام الرجع على سوم أخيه انتهى
الحديث السادس عشر قال عليه السلام لا يبيع الحاضر للبادي قلت
أخرجاه عن أنس قال نهينا أن يبيع حاضر لباد زاد مسلم وإن كان أخاه أو أباه وتقدم
480

في حديث أبي هريرة وأن يبيع حاضر لباد وفي لفظ لهما عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع حاضر لباد انتهى وأخرجه البخاري عن بن عم قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد انتهى وأخرجه مسلم عن جابر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض انتهى
وأخرجا أيضا عن طاوس عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان
وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد قال لا يكون له
سمسارا انتهى
الحديث السابع عشر قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا بيع
من يزيد قلت رواه أصحاب السنن الأربعة فأبو داود في الزكاة وابن ماجة في
التجارات عن عيسى بن يونس عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر عبد الله الحنفي
عن أنس بن مالك أن رجلا من الأنصار أتت النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال له ما في بيتك شئ
481

قال بلى حلس يلبس بعضه ويبسط بعضه وقعب يشرب فيه الماء قال آتني بهما
فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من يشتري هذين فقال رجل أنا آخذهما
بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا فقال رجل أنا آخذهما بدرهمين
فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما
فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا
بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل
يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجئ المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن
المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع
انتهى وأخرجه الترمذي عن عبيد الله بن شميط بن عجلان عن الأخضر بن عجلان
به مختصرا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد انتهى وكذلك أخرجه
النسائي عن المعتمر بن سليمان وعيسى بن يونس عن الأخضر بن عجلان به
مختصرا قال الترمذي حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان
عن عبد الله الحنفي وقد رواه غيره واحد عن الأخضر بن عجلان انتهى وقال في
علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال الأخضر بن
عجلان ثقة وأبو بكر الحنفي اسمه عبد الله انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا
يحيى بن سعيد عن الأخضر بن عجلان به ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده
حدثنا النضر بن إسماعيل عن الأخضر بن عجلان به ورواه أبو يعلى الموصلي في
مسنده عن هارون بن مسلم بن هرمز عن الأخضر بن عجلان به ورواه الترمذي في
علله الكبير حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا معتمر بن سليمان عن الأخضر بن عجلان
عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم باع حلسا
وقدحا فيمن يزيد انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا المعتمر بن سليمان
به سندا ومتنا قال بن القطان في كتابه وهذا اللفظ يعطي أن أنسا لم يشاهد
482

القصة ولا سمع ما فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم فالله أعلم أن تلك الرواية مرسلة أولا قال والحديث
معلول بأبي بكر الحنفي فإني لا أعرف الحنفي فإني لا أعر ف أحدا نقل عدالته فهو مجهول الحال وإنما
حسن الترمذي حديثه على عادته في قبول المشاهير وقد روى عنه جماعة ليسوا من
مشاهير أهل العلم وهم عبد الرحمن وعبيد الله بن شميط وعمهما الأخضر بن
عجلان والأخضر وابن أخيه عبيد الله ثقتان وأما عبد الرحمن فلا يعرف حاله
انتهى
الحديث الثامن عشر قال صلى الله عليه وسلم من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين
أحبته يوم القيامة قلت أخرجه الترمذي في البيوع وفي السير عن حيي بن
عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أخيه يوم القيامة انتهى
وقال حديث حسن غريب انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
على شرط مسلم ولم يخرجاه وفيما قاله نظر لان حيي بن عبد الله لم يخرج له
في الصحيح شئ بل تكلم فيه بعضهم قال بن القطان في كتابه قال
البخاري فيه نظر وقال أحمد أحاديثه مناكير وقال بن معين ليس به بأس وقال
النسائي - ي ليس بالقوي قال ولأجل الاختلاف فيه لم يصححه الترمذي انتهى ورواه
أحمد في مسنده بقصة فيه ولفظه عن أبي عبد الرحمن الحبلى قال كنا في البحر
وعلينا عبد الله بن قيس الفزاري ومعنا أبو أيوب الأنصاري فمر بصاحب المقاسم وقد
أقام السبي فإذا امرأة تبكي فقال ما شأن هذه قالوا فرقوا بينها وبين ولدها
فانطلق أبو أيوب فأتى بولدها حتى وضعه في يدها فأرسل إليه عبد الله بن قيس ما
حملك على ما صنعت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق الحديث
طريق آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في آخر الباب الخامس والسبعون
483

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أبو عتبة ثنا بقية ثنا
خالد بن حميد عن العلاء بن كثير عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا نحوه قال صاحب
التنقيح فيه انقطاع لان العلاء بن كثير الإسكندراني لم يسمع من أبي أيوب وأبو
عتبة هو أحمد بن الفرج الحمصي محله الصدق قاله بن أبي حاتم وقد زال ما يخشى
من تدليس بقية إذا صرح بالتحديث وخالد بن حميد الإسكندراني وثقه بن حبان
والعلاء والإسكندراني أيضا صدوق انتهى
طريق آخر رواه الدارمي في مسنده في السنن أخبرنا القاسم بن كثير عن
الليث بن سعد عن عبد الله بن جنادة عن أبي عبد الرحمن الحبلى به
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه من طريق الواقدي ثنا يحيى بن ميمون
عن أبي سعيد البلوي عن حريث بن سليم العذري عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عمن فرق في السبي بين الوالد والولد فقال من فرق بينهم فرق الله بينه وبين الأحبة يوم
القيامة انتهى والواقدي فيه مقال
أحاديث الباب روى البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الحاكم بسنده
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أبا أسد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسبي من البحرين
فنظر عليه السلام إلى امرأة منهن تبكي فقال ما شأنك قالت باع ابني فقال عليه
السام لأبي أسد أبعث ابنها قال نعم قال فيمن قال في بني عبس فقال عليه
السلام اركب أنت بنفسك فأت به انتهى
حديث آخر روى الحاكم في المستدرك عن أبي بكر بن عياش عن سليمان
التيمي عن طليق بن محمد عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون
من فرق بين والدة وولدها انتهى وقال إسناده صحيح ولم يخرجاه حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع
عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين
484

الوالدة وولدها وبين الأخ وأخيه وفي لفظ نهى أن يفرق الحديث وذكر
الدارقطني فيه اختلافا على طليق فمنهم من يرويه عن طليق عن أبي بردة عن أبي
موسى ومنهم من يرويه عن طليق عن عمران بن حصين ومنهم من يرويه عن طليق عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهكذا ذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني ثم قال
وقد اختلف فيه على طليق فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق عن أبي بردة
عن أبي موسى ورواه أبو بكر بن عياش عن التيمي عن طليق عن عمران بن حصين
وغير بن عياش يرويه عن سليمان التيمي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو المحفوظ عن التيمي
انتهى كلامه قال بن القطان وبالجملة فالحديث لا يصح لان طليقا لا يعرف حاله
وهو خزاعي انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه أبو داود في الجهاد عن يزيد بن أبي خالد الدالاني عن
الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه عليه
السلام عن ذلك ورد البيع انتهى وضعفه أبو داود بأن ميمون بن شبيب لم يدرك عليا
ورواه الحاكم في المستدرك في البيوع وفي الجهاد وقال في الموضعين صحيح
على شرط الشيخين انتهى
الحديث التاسع عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب لعلي غلامين أخوين صغيرين ثم
قال له ما فعل الغلامان فقال بعث أحدهما فقال له أدرك أدرك قال ويروى
أردد أردد قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن
عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي قال وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين
أخوين فبعث أحدهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي ما فعل غلامك فأخبرته فقال
485

رده رده انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب انتهى قال أبو داود في
سننه ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عليا فإنه قتل بالجماجم سنة ثلاث وثمانين
انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك عن شعبة
عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم
سبي فأمرني ببيع أخوين فبعتهما وفرقت بينهما ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته
فقال أدركهما فارتجعهما وبعهما جميعا ولا تفرق بينهما انتهى قال الحاكم
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال بن القطان في كتابه ورواية
شعبة لا عيب بها وهي أولى ما اعتمد في هذا الباب انتهى
طريق آخر أخرجه أحمد والبزار في مسنديهما عن سعيد بن أبي عروبة عن
الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع
غلامين أخوين فبعتهما ففرقتهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أدركهما
فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعا انتهى قال صاحب التنقيح هذا إسناد رجاله
رجال الصحيحين إلا أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا قاله أحمد
والنسائي والدارقطني وغيرهم انتهى قلت رواه إسحاق بن راهويه في
مسنده وبينهما رجل مجهول فقال أخبرنا محمد بن سواء ثنا أبن أبي عروبة عن
صاحب له عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن به
قوله وفيه ترك للرحمة على الصغار وقد أوعد عليه قلت في الباب حديث
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا روى من حديث عبد الله بن عمرو
486

العاص ومن حديث بن عباس ومن حديث أنس ومن حديث عبادة بن الصامت
ومن حديث أبي أمامة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث واثلة
ومن حديث ضميرة
فحديث عبد الله بن عمرو رواه أبو داود في الأدب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
عن سفيان عن بن أبي نجيح عن بن عامر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا انتهى
وكذلك رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب وسمى بن عامر عبيد الله بن
عامر
وله طريق آخر أخرجه الترمذي في البر والصلة عن محمد بن إسحاق عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه وقال حديث حسن صحيح ورواه
البخاري في كتابه المفرد في الأدب وقال فيه عن جده عبد الله بن عمرو ورواه
الحاكم في المستدرك في كتابه الايمان وقال على شرط مسلم
وأما حديث بن عباس فأخرجه الترمذي أيضا عن شريك عن ليث بن أبي سليم
عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا نحوه وقال حديث غريب ورواه بن حبان في
487

صحيحه وضعفه بالقطان وقال إنه من رواية شريك عن ليث بن أبي سليم
وكلاهما فيه مقال انتهى
أما حديث أنس فأخرجه الترمذي أيضا عن زربي عن أنس مرفوعا نحوه وقال
حديث غريب قال وزربي له مناكير عن أنس وغيره انتهى قلت رواه أبو يعلى
الموصلي في مسنده حدثنا أبو ياسر عمار ثنا يوسف بن عطية ثنا ثابت عن أنس مرفوعا
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا انتهى ورواه الحارث بن أبي أسامة في
مسنده حدثنا يعلى بن عباد ثنا عبد الحكم ثنا أنس فذكره
وأما حديث عبادة بن الصامت فرواه الطحاوي في المشكل حدثنا يونس بن عبد الأعلى
ثنا بن وهب أخبرني مالك بن الخير الزيادي عن أبي قبيل عن عبادة بن
الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا
انتهى ورواه الطبراني في معجمه ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في
أحكامه قال بن القطان فكتابه ومالك بن الخير الزيادي روى عنه جماعة
منهم بن وهب وحياة بن شريح وزيد بن الحباب وبهذا الاعتبار سكت عنه أبو
محمد عبد الحق وهو ممن لم تثبت عدالته انتهى ورواه الترمذي الحكيم في نوادر
الأصول بلفظ ليس من أمتي
وأما حديث أبي أمامة فرواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب حدثنا محمود
488

ثنا يزيد بن هارون أنبأ الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعا
نحو الأول ورواه الطبراني أيضا في معجمه
وأما حديث أبي هريرة فرواه البخاري أيضا في كتابه المفرد في الأدب حدثنا
أحمد بن عيسى ثنا عبد الله بن وهب عن أبي صخر عن بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا
باللفظ الأول ورواه الحاكم في المستدرك في آخر البر والصلة وصحح
إسناده
وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن محمد
التمار ثنا سهيل بن تمام بن بزيع ثنا مبارك بن فضالة عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث أنس
وأما حديث واثلة فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي
المديني ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا مسعر بن عيسى ثنا عبد الله بن يحيى بن عطاء بن
سليل عن الزهري عن واثلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا
ولم يجل كبيرنا
وأما حديث ضميرة فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن سهيل بن
أيوب الأهوازي ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه
عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق
كبيرنا وليس منا من غشنا ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب للمؤمنين ما يحب
لنفسه
الحديث العشرون روى أنه عليه السلام فرق بين مارية وسيرين قلت رواه البزار
489

في مسنده حدثنا محمد بن زياد ثنا سفيان بن عيينة ثنا بشير بن المهاجر عن عبد الله
بن بريدة عن أبيه قال أهدى المقوقس القبطي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين وبغلة كان
يركبها فأما إحدى الجاريتين فتسراها فولدت له إبراهيم وهي مارية أم إبراهيم وأما
الأخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت وهي أم عبد الرحمن بن حسان انتهى
قال البزاز هذا حديث وهم فيه محمد بن زياد فرواه عن بن عيينة عن بشير بن
مهاجر وابن عيينة ليس عنده عن بشير بن مهاجر ولكن روى هذا الحديث عن بشير
بن مهاجر حاتم بن إسماعيل ودلهم بن دهثم انتهى قلت هكذا رواه الحارث بن
أبي أسامة في مسنده حدثنا خلد بن خداش ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا بشير بن المهاجر به
سندا ومتنا وذكر أن هذا الحديث في صحيح بن خزيمة وأخرجه البيهقي في
دلائل النبوة بسند آخر مرسل من طريق بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الرحمن
بن عبد القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب
الإسكندرية بكتاب فقبل الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله وسرحه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة مسروجة وخادمتين إحداهما أم
إبراهيم وأما الأخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجهم بن قيس العبدي وهي أم زكريا بن
جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر انتهى وهذا مخالف لما رواه البزاز
أن الأخرى أهداها لحسان ويجمع بينهما بحديث آخر رواه البيهقي عقيب الحديث
المذكور من حديث أبي بشر أحمد بن محمد الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد
490

الفهري ثنا هارون بن يحيى الحاطبي ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن حدثني عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم عن أبيه ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده حاطب بن
أبي بلتعة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته
إلى أن قال وهذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد قال فأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاث جوار منهن أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحدة وهبها عليه السلام لأبي جهيم
بن حذيفة العدوي وواحدة وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري مختصر
أحاديث الباب أخرج مسلم في الجهاد عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا
مع أبي بكر فغزونا فزارة إلى أن قال فجئت بهم إلى أبي بكر وفيهم امرأة معها
ابنة لها من أحسن العرب فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمت المدينة فقال لي عليه
السلام يا سلمة هب لي المرأة قلت هي لك ففدى بها أسارى بمكة
والحديث فيه ثلاثة أحكام التفريق بين الكبار وبه بوب عليه أبو داود باب التفريق بين
المدركات وفيه التنفيل
والفداء بالأسارى وبه بوب عليه مسلم
حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث
عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت مكحولا يقول حدثنا نافع
بن محمود بن الربيع عن أبيه أنه سمع عبادة بن الصامت يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يفرق بين الام وولدها فقيل يا رسول الله إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض
الجارية انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال
صاحب التنقيح وهذا خطأ والأشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا ولم يخرجه
أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب الستة وقال الدارقطني عبد الله بن عمرو بن
حسان هو الواقعي وهو ضعيف الحديث رماه علي بن المديني بالكذب ولم يروه
491

عن سعيد غيره انتهى وقال شيخنا شمس الدين الذهبي في مختصر المستدرك بل
هو حديث موضوع فإن عبد الله بن حسان كذاب انتهى
باب الإقالة
حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم
القيامة قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقال مسلما بيعته أقاله الله عثرته زاد بن ماجة
يوم القيامة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم
الأول والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
انتهى وقال بن حبان فيه يوم القيامة دون الحاكم ونادما عند البيهقي
492

باب المرابحة والتولية
الحديث الأول قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة ابتاع أبو
بكر رضي الله عنه بعيرين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ولني أحدهما فقال هو لك بغير
شئ فقال أما بغير ثمن فلا قلت غريب وروى عبد الرازق في مصنفه
أخبرنا معمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت
التولية والإقالة سواء لا بأس به أخبرنا بن جريح عن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا
مستفاضا بالمدينة قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه ويستوفيه إلا أن يشرك
فيه أو يوليه أو يقيله انتهى
وحديث أبي بكر في البخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة وفيه أن أبا
بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم خذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين فقال
494

عليه السلام بالثمن الحديث ليس فيه غير ذلك أخرجه في بدء الخلق
ورواه أحمد في مسنده ولفظه فأعطاه أبو بكر إحدى الراحلتين فقال خذها
يا رسول الله فاركبها فقال عليه السلام قد أخذتها بالثمن الحديث وفي
الطبقات لابن سعد وكان أبو بكر قد اشتراها بثمانمائة درهم من نعم بني قشير فأخذ
إحداهما وهي القصواء الحديث وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن
وابن سيرين والشعبي وطاوس قالوا التولية بيع وأخرج نحوه عن الزهري وزاد
ولا بيع حتى يقبض انتهى
495

فصل
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام نهى عن بيع ما لم يقبض قلت فيه أحاديث
منها ما أخرجه أبو داود عن بن إسحاق حدثني أبو الزناد عن عبيد بن حنين عن عبد الله
بن عمر قال ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني فيه ربحا
حسنا فأردت أن أضرب على يده فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد
بن ثابت قال لا تبعه حيث ابتعت حتى تحوزه إلى رحلك فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن
تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه وقال في التنقيح سنده
عبيد فان بن إسحاق صرح فيه بالتحدث
حديث آخر أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن يعلى بن حكيم عن يوسف
بن ماهك عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول الله إني
رجل أبتاع هذه البيوع وأبيعها فما يحل لي منها وما يحرم قال لا تبيعن شيئا حتى
تقبضه انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في القسم
الثاني وهو قسم النواهي ولفظه قال إذا ابتعت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه انتهى
قال بن حبان وهذا الخبر مشهور عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام ليس بينهما
499

بن عصمة وهو خبر غريب انتهى وترجم عليه ذكر الخبر الدال على أن كل شئ
سوى الطعام حكمه حكم الطعام في النهي عن بيعه قبل القبض انتهى وأخرجه
الطبراني في معجمه عن عامر الأحول عن يوسف بن ماهك عن بن عصمة به وبسند
النسائي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال عبد الحق في أحكامه وقد
رواه قاسم بن أصبغ في كتابه عن همام ثنا يحيى أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف
حدثه أن حكيم بن حزام حدثه فذكره هكذا ذكر يعلى سماع يوسف بن ماهك من
حكيم بن حزام وهشام الدستوائي يرويه عن يحيى فيدخل بين يوسف وحكيم
عبد الله بن عصمة وكذلك هو بينهما في غير حديث وعبد الله بن عصمة ضعيف
جدا انتهى قال بن القطان في كتابه هكذا رواه قاسم بن أصبغ وأنا أخاف أن
يكون سقط من الاسناد بن عصمة ورواية الدارقطني تبين ذلك قال وذكر بن حزم
في كتابه رواية قاسم بن أصبغ وقال إن يعلى بن حكيم ثقة وقد ذكر سماع يوسف من حكيم فيصير سماع
يوسف من بن عصمة عن حكيم لغوا لأنه إذا سمعه
من حكيم فلا يضره أن يسمعه من غير حكيم عن حكيم انتهى وقال صاحب
التنقيح قال بن حزم عبد الله بن عصمة مجهول وصحح الحديث من رواية يوسف
نفسه عن حكيم لأنه صرح في رواية قاسم بن أصبغ بسماعه منه والصحيح أن بين
يوسف وحكيم في عبد الله بن عصمة وهو الجشمي حجازي وقد ذكره بن حبان
في الثقات وقال عبد الحق في أحكامه بعد ذكره هذا الحديث عبد الله بن عصمة
ضعيف جدا وتبعه على ذلك بن القطان وكلاهما مخطئ في ذلك وقد اشتبه عليها
عبد الله بن عصمة هذا بالنصيبي أو غيره ممن يسمى عبد الله بن عصمة انتهى
كلامه
حديث آخر أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن طاوس عن بن عباس قال
الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض قال بن عباس ولا أحسب كل
شئ إلا مثله انتهى وقد استدل بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا في منع
500

التصرف في المبيع قبل القبض غير العقار بثلاثة أحاديث المذكورة ثم قال وقد حمل
أصحابنا هذه الأحاديث على غير المتميز ثم استدل لمذهبه في الجواز بحديثه أخرجه
أصحاب السنن الأربعة عن سماك عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال كنت أبيع الإبل
بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فأتي النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يريد أن يدخل حجرته فأخذت بثوبه فسألته فقال إذا أخذت واحدا منهما
بالآخر فلا يفارقك وبينك وبينه بيع انتهى وصححه الحاكم والدارقطني وقال
الترمذي لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك وروى داود بن أبي هند هذا عن
سعيد بن جبير عن بن عمر موقوفا انتهى وأخرجه النسائي عن أبي هاشم عن سعيد عن
بن عمر
قوله ومن حديث موسى بن نافع عن سعيد قوله وقال عبد الله بن أحمد حدثني
أبي عن أبي داود قال كنت عند شعبة فجاءه خالد بن طليق يعني بن محمد بن
عمران بن حصين قال فسألته عن حديث سماك عن سعيد بن جبير عن بن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم في اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب فقال له شعبة
أصلحك الله حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عمر لم يرفعه
أبي هند عن سعيد بن جبير عن بن عمر لم يرفعه ورفعه سماك وأنا أهابه انتهى
من التنقيح
501

الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان
صاع البائع وصاع المشتري قلت روى من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث أنس
ومن حديث بن عباس
فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه
الصاعان صاع البائع وصاع المشتري انتهى ورواه بن أبي شيبة وإسحاق بن
راهويه والبزاز في مسانيدهم ورواه الدارقطني والبيهقي في سننيهما وهو
معلول بابن أبي ليلى
وأما حديث أبي هريرة فرواه البزاز في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم
ثنا مسلم الجرمي ثنا مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي
502

هريرة فذكره سوا وزاد فيه فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان وقال لا
نعلمه يروي عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه
وأما حديث أنس فأخرجه بن عدي في الكامل عن خالد بن يزيد القشيري ثنا
عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
503

بلفظ حديث أبي هريرة قال بن عدي هذا حديث منكر لا يرويه بهذا الاسناد غير
خالد بن يزيد وعن خالد أحمد بن بكر البالسي وأنا أخاف أن يكون البلاء فيه من
أحمد بن بكر لا من خالد فإن أحمد ضعيف ثم ضعف خالدا وقال إن أحاديثه لا
يتابع عليها وما ضعفه يكتب حديثه قال ولم أر للمتقدمين فيه كلاما فأردت أن أبين
ضعفه
وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي أيضا عن معلى بن هلال الطحان عن بن
طاوس عن أبيه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباع طعام حتى يكال
بالصاعين صاع البائع وصاع المشتري انتهى وأسند إلى البخاري والنسائي
وأحمد والسعدي فيه معلى بن هلال أنه كذاب وضاع ووافقهم على ذلك
حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثه حفص عن هشام
504

عن الحسن قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث جابر
حديث آخر في الباب رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن
أبي كثير ان عثمان بن عفان وحكيم بن حزام كانا يبتاعان التمر ويجعلانه في غرائر
ثم يبيعانه بذلك الكيل فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعاه حتى يكيلاه لمن ابتاعه منهما
انتهى
باب الربا
الحديث الأول قال عليه السلام الحنطة بالحنطة مثل بمثل يدا بيد والفضل
ربا وعد الأشياء الستة الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والفضة على
هذا المثال ويروى بروايتين رفع مثل ونصبه قلت روي من حديث عبادة بن
الصامت ومن حديث الخدري ومن حديث بلال
فحديث عبادة بن الصامت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أبي الأشعث
عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة
505

والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا
بيد فإذا اختلف هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى
وأما حديث الخدري فأخرجه مسلم عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب
بالذهب والفضة بالفضة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح
مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء
انتهى
وأما حديث بلال فرواه البزاز في مسنده حدثنا يوسف بن موسى ثنا جرير بن
عبد الحميد عن منصور عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن بلال مرفوعا نحوه
سواء ليس فيه فمن زاد إلى آخره قال البزار وقد رواه قيس عن أبي حمزة عن
سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا
بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه انتهى ليس فيه ذكر الذهب
والفضة
حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق لأصحابنا أخرجاه في
506

الصحيحين عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة حدثاه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث سواد بن غزية وأمره على خيبر فقدم عليه تمر جنيب يعني الطيب
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا قال لا والله يا روسل الله إنا نشتري
الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة من الجمع فقال عليه السلام لا تفعل ولكن بع
هذا واشتر بثمنه من هذا وكذلك الميزان انتهى قال ووجه الحجة أنه اشترط
المماثلة ولا يتحقق إلا بالكيل ثم قاس عليه الميزان أي ما يدخل تحت الوزن قال
البيهقي والأشبه في قوله وكذلك الميزان إنه من قول أبي سعيد انتهى
أحاديث الخصوم أخرج الدارقطني في سننه عن المبارك بن مجاهد عن مالك
عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ربا إلى في ذهب أو
فضة أو ما يكال أو يوزن أو يؤكل أو يشرب انتهى استدل به مالك في
الربا المطعومات وهو مرسل قال عبد الحق في أحكامه هكذا رواه المبارك بن
مجاهد ووهم على مالك في رفعه إنما هو قول سعيد قال بن القطان وليست
هذه علته وإنما علته أن المبارك بن مجاهد ضعيف ومع ضعفه فقد انفرد عن مالك
برفعه والناس رووه عنه موقوفا انتهى قلت رواه البيهقي في المعرفة من طريق
الشافعي ثنا مالك بن أنس به موقوفا علي بن المسيب ولم يتعرض البيهقي لرفعه أصلا
حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق لمالك والشافعي بحديث
معمر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطعام بالطعام مثلا بمثل رواه مسلم
قال وحجتهم أن الطعام مشتق من الطعم فهو يعم المطعوم
507

وأما حديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا في النسيئة فحديث
صحيح أخرجه مسلم ولكن أجاب البيهقي في المعرفة بأنه يحتمل أن الراوي
اختصره فيكون النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة أو تمر
بحنطة فقال إنما الربا في النسيئة فأداه دون مسألة السائل قال ونظير ذلك
حديث من قطع سدرا صوب الله رأسه في النار قال فحمله المزني على سدر لقوم
هجم إنسان على قطعه بغير حق فأدرك راوي الحديث جواب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدرك
المسألة قال وحمله أبو داود السجستاني على سدر في فلاة يستظل بها الناس والبهائم
فقطعه إنسان عبثا بغير حق قال وهذا مع أن أسانيده مضطربة معلولة ذكرناها في
السنن ومدارها على عروة بن الزبر وهو كان يقطعها من أرضه قال وكبار
الصحابة كلهم يقول بربا الفضل وعثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أقدم صحبة
من أسامة وأبو هريرة وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وردت أحاديثهم
بذلك فالحجة فيما رواه الأكبر والأحفظ والأقدم أولى انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام جيدها ورديئها سواء قلت غريب ومعناه
يؤخذ من إطلاق حديث بن سعيد المتقدم في الحديث الأول
508

الحديث الثالث قال عليه السلام الفضة بالفضة هاء وهاء قلت أخرجه
الأئمة الستة في كتبهم عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي
صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير
ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء انتهى ورواه مالك في الموطأ
عن الزهري عن مالك بن أوس به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بلفظ الذهب
بالذهب ربا إلا هاء وهاء والورق بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء
وهاء إلى آخر سواء قيل ورواه البرقاني في الذي خرجه على الصحيحين
بلفظ الذهب بالذهب ربا الحديث وتقدم عند مسلم في حديث عبادة بن الصامت
والفضة بالفضة مثلا بمثل سواء بسوءا يدا بيد وأخرج مسلم أيضا عن أبي بكرة
قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء
وأمرني أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا
قال فسأله رجل فقال يدا بيد فقال هكذا سمعت انتهى والحديث رواه
البخاري لكن ليس فيه سؤال الرجل
510

الحديث الرابع قال عليه السلام في الحديث المعروف يدا بيد ثم قال المصنف
ومعنى قوله يدا بيد أي عينا بعين وكذا رواه عبادة بن الصامت قلت تقدم حديث
يدا بيد في حديث عبادة وقوله عينا بعين هو في حديث عبادة أيضا عند مسلم إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير
بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد واستزاد
فقد أربى وفيه قصة واحتج بن الجوزي في التحقيق على أبي حنيفة في تجويزه
التفرق قبل القبض في بيع ما يجري في الربا بعلة واحدة كالمكيل بالمكيل والموزون
بهذا الحديث وبحديث زيد بن أرقم والبراء قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع
الذهب بالورق دينا أخرجاه في الصحيحين وبحديث مالك بن أوس أنه اصطرف
من طلحة بن عبيد الله صرفا بمكة بمائة دينار فأخذ طلحة الذهب يقلبها في يده ثم
قال حتى يأتي خازني من الغابة وعمر يسمع ذلك فقال والله لا يفارقه حتى يأخذ
منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء
وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء انتهى أخرجاه
أيضا قال وفي لفظ أخرجه البرقاني على الصحيحين والذهب بالذهب ربا إلا
هاء وهاء انتهى كلامه
أحاديث لمحمد بن الحسن في منعه بيع اللحم بالحيوان أخرج الدارقطني في
سننه عن يزبد بن مروان ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سهل بن سعد قال نهى
511

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع اللحم بالحيوان انتهى قال الدارقطني تفرد به يزبد بن مروان
عن مالك والصواب فيه عن بن المسيب مرسلا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق
قال بن معين يزيد بن مروان كذاب وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات
لا يحل الاحتجاج به بحال انتهى
حديث آخر قال في التنقيح قال بن خزيمة حدثنا أحمد بن حفص السلمي
حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن
سمرة نحوه قال البيهقي إسناده صحيح ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عده
موصولا ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انتهى
حديث آخر أخرجه البزاز في مسنده عن ثابت بن زهير عن نافع عن بن عمر
نحوه
حديث آخر رواه مالك في الموطأ وأبو داود في المراسيل عن زيد بن
أسلم عن سعيد بن المسيب نحوه وفي لفظ نهى عن بيع الحي بالميت
حديث آخر روى البيهقي من طريق الشافعي ثنا مسلم بن خالد عن بن جريح عن
القاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت
انتهى قال البيهقي وهذا مرسل يؤكد مرسل بن المسيب ومن طريق الشافعي
بسنده عن أبي بكر الصديق أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان ومن طريق الشافعي أيضا
بسنده عن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد
الرحمن أنهم كرهوا ذلك قال الشافعي ولا نعلم أحدا من الصحابة قال بخلاف ذلك
وإرسال بن المسيب عندنا حسن انتهى
512

الحديث الخامس روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالي بالكالي قلت روي من
حديث بن عمر ومن حديث رافع بن خديج
فحديث بن عمر رواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزاز في
مسانيدهم من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع كالي بكالي يعني دينا بدين انتهى ولفظ البزاز قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وعن بيع كالي بكالي وعن بيع عاجل بآجل فالغرر
أن تبيع ما ليس عندك والكالي بالكالي دين بدين والعاجل بالآجل أن بكون له عليك
ألف درهم مؤجل فتعجل عنها بخمسمائة انتهى ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بموسى بن عبيدة ونقل تضعيفه عن أحمد قال فقيل لأحمد إن شعبة يروي
عنه قال لو رأى شعبة ما رأينا منه لم يرو عنه قال بن عدي والضعف على حديثه
بين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرني إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن
عبد الله بن دينار به باللفظ الأول وهو معلول بالأسلمي ورواه الحاكم في
المستدرك والدارقطني في سننه عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالي بالكالي وقال هو النسيئة بالنسيئة انتهى قال الحاكم
حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى وغلطهما البيهقي وقال
إنما هو موسى بن عبيدة الربذي
وأما حديث رافع بن خديج فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن
513

عبد الله البزاز التستري أنبأ محمد بن أبي يوسف المسيكي ثنا محمد بن يعلى بن زنبور عن
موسى بن عبيدة عن عيسى بن سهل بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة ونهى أن يقول الرجل للرجل أبيع هذا بنقد
وأشتريه بنسيئة حتى يبتاعه ويحرزه عن كالي بكالي دين بدين انتهى
الحديث السادس سئل عليه السلام عن التمر بالرطب فقال أينقص إذا جف
514

فقيل نعم فقال عليه السلام فلا إذن قال المصنف ومداره على زيد بن عياش وهو
ضعيف عند النقلة قلت رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن
سفيان عن زيد بن عياش عن سعيد بن أبي وقاص أنه سئل عن البيضاء بالسلت فقال له
سعد أيهما أفضل قال البيضاء قال فنهاه عن ذلك وقال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال عليه السلام أينقص الرطب إذا يبس قال
نعم فنهاه عن ذلك انتهى ومن طريق مالك رواه أصحاب السنن الأربعة وقال
الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك ولفظهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب
بالتمر فقال أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قال فلا إذن انتهى قال الحاكم
هذا حديث صحيح لاجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس وأنه محكم لكل
ما يرويه في الحديث إذ لم يوجد في رواياته الا الصحيح خصوصا في حديث أهل
المدينة والشيخان لم يخرجاه لما خشيا من جهالة زيد أبي عياش وقد تابع مالكا في
روايته إياه عن عبد الله بن يزيد إسماعيل بن أمية ويحيى بن أبي كثير ثم أخرج
حديثهما وسكت عنهما وفي لفظ حديث يحيى بن أبي كثير زيادة وسيأتي قال
الخطابي وقد تكلم بعض الناس في إسناد هذا الحديث وقال زيد أبو عياش مجهول ومثل
هذا الاسناد على أصل الشافعي لا يحتج به وليس الامر على ما توهمه فان أبا عياش هذا
مولى لبني زهرة معروف وقد ذكره مالك في الموطأ وهو لا يروي عن رجل متروك
الحديث بوجه وهذا من شأن مالك وعادته انتهى وقال المنذري في مختصرة
وقد حكى عن بعضهم أنه قال زيد أبو عياش مجهول وكيف يكون مجهولا وقد
515

روى عنه اثنان ثقتان عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان وعمران بن أبي أنس
وهما ممن احتج به مسلم في صحيحه وقد عرفه أئمة هذا الشأن فالامام مالك قد
أخرج حديثه في موطأه مع شدة تحريه في الرجال ونقده وتتبعه لأحوالهم
والترمذي قد صحح حديثه وكذلك الحاكم في كتاب المستدرك وقد ذكره مسلم
بن الحجاج في كتاب الكنى وكذلك ذكره النسائي في كتاب الكنى وكذلك
ذكره الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في كتاب الكنى وذكروا أنه سمع من سعد بن أبي
وقاص وما علمت أحدا ضعفه انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق قال أبو
حنيفة زيد أبو عياش مجهول فإن كان هو لم يعرفه فقد عرفه أئمة النقل ثم ذكر
ما قاله المنذري سواء قلت وعلى تقدير صحة الحديث فقد ورد في بعض طرقه أنه
عليه السلام نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة هكذا أخرجه أبو داود في سننه عن
يحى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد أن أبا عياش أخره أنه سمع سعد بن أبي وقاص
يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة انتهى وبهذا اللفظ رواه
الحكام وسكت عنه وكذلك رواه الدارقطني في سننه وقال خالفه مالك
وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وسلمة بن زيد فرواه عن عبد الله بن يزيد
ليقولوا فيه نسيئة واجتماع هؤلاء الأربعة عل خلاف ما رواه بن أبي كثير يدل على
ضبطهم للحديث ورواه عمران بن أبي أنس عن أبي عياش أيضا نحو رواية مالك
516

بدون هذه الزيادة انتهى قلت فحديث مالك تقدم وحديث إسماعيل بن أمية
عند النسائي والحاكم واعلم أن شيخا علاء الدين نسب المصنف إلى الوهم في قوله
ومداره على زيد بن عياش قال وإنما هو زيد أبو عياش كما في الحديث وشيخنا
قلد غيره في ذلك وليس ذلك بصحيح قال صاحب التنقيح زيد بن عياش أبو
عياش الزرقي ويقال المخزومي ويقال مولى بني زهرة المدني ليس به بأس وقال
بن حزم مجهول انتهى
أحاديث الباب أخرج الدارقطني في سننه عن يحيى بن أنيسة عن الزهري عن
سالم عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع الرطب بالتمر الجاف انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن
دينار عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ان يباع الرطب باليابس انتهى
قال بن الجوزي موسى بن عبيدة ويحيى بن أبي أنيسة متروكان انتهى
حديث آخر مرسل أخرجه البيهقي في سننه من طريق بن وهب ثنا سليمان
بن بلال حدثني يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل
517

رطب بتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم قال لا يباع رطب بيابس
انتهى قال صحاب التنقيح وهذا مرسل جيد وهو شاهد لحديث سعد بن أبي
وقاص انتهى
الحديث السابع قال المصنف رحمه الله ولأبي حنيفة ان الرطب تمر لقوله عليه
السلام حين أهدى له عامل خيبر رطبا أوكل تمر خيبر هكذا قلت أخرج البخاري
ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وأبي سعد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث أخا
بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
أكل تمر خيبر هكذا قال لا والله يا رسول الله انا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا
وكذلك الميزان وفي لفظ آخر انا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين
بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
انتهى والمصنف احتج بالحديث على جواز بيع الرطب بالتمر مثل بمثل بناء على
تسميته في الحديث تمرا وقد كشفت طرق الحديث وألفاظه فلم أجد فيه ذكر الرطب
والبخاري ذكر الحديث في أربعة مواضع من صحيحه في البيوع وفي
الوكالة وفي المغازي وفي الاعتصام وبهذا اللفظ رواه النسائي أيضا
قوله ولان الرطب إن كان تمرا جاز البيع بأول الحديث وإن كان غير تمر فبآخره
وهو قوله عليه السلام إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم قلت يشير إلى
518

حديث عبادة بن الصامت المتقدم أخرجه الجماعة عن أبي الأشعث عن عبادة قا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير
بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت
هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى
519

الحديث الثامن قال عليه السلام لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب
قلت غريب وأسند البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الشافعي قال قال
أبو يوسف إنما قال أبو حنيفة هذا لان بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ربا بين أهل الحرب أظنه قال وأهل الاسلام قال الشافعي وهذا ليس
بثابت ولا حجة فيه انتهى كلامه
باب الحقوق خال
521

باب الاستحقاق
522

حديث لا عتق فيما لا يملك بن آدم أخرجه أبو داود والترمذي في الطلاق
واللفظ للترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى
وقال حديث حسن صحيح وهو أحسن شئ روى في هذا الباب انتهى وقد تقدم في
كتاب العتق بجميع طرقه والكلام عليه
525

باب السلم
قوله روى عن بن عباس أنه قال أشهد أن الله تعالى أحل السلف المضمون إلى
أجل وأنزل فيه أطول آية في كتابه وتلا قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم
إلى أجل مسمى فاكتبوه قلت رواه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة
البقرة عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن بن عباس قال أشهد أن
السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في الكتاب وأذن في قال الله تعالى
يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه الآية انتهى
وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وكذلك رواه
الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ورواه عبد
الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا
وكيع عن هشام عن قتادة به ورواه الطبراني في معجمه من حديث همام عن قتادة
به ورأيت بعض مصنفي زماننا عزا هذا الحديث للبخاري وهو غلط ولم يخرج
البخاري في صحيحه لأبي حسان الأعرج شيئا واسمه مسلم
527

الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في
السلم قلت غريب بهذا اللفظ وقوله ورخص في السلم هو من تمام الحديث لا من
كلام المصنف صرح بذلك في كلامه وسيأتي في الحديث الخامس ولكن رأيت
في شرح مسلم للقرطبي ما يدل على أنه عثر على هذا الحديث بهذا اللفظ فقال
ومما يدل على اشتراط الاجل في السلم الحديث الذي قال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
بيع ما ليس عندك ورخص في السلم قال لان السلم لما كان بيع معلوم في الذمة كان
بيع غائب فإن لم يكن فيه أجل كان هو البيع المنهي عنه وإنما استثنى الشرع السلم من
بيع ما ليس عندك لأنه بيع تدعو الضرورة إليه لكل واحد من المتبايعين فان صاحب رأس
المال محتاج إلى أن يشتري التمر وصاحب التمر يحتاج إلى ثمنه لينفقه عليه فظهر أن
صفقة السلم من المصالح الحاجية وقد سماه الفقهاء بيع المحاويج فإذا كان حالا
بطلت هذه الحكمة وارتفعت هذه المصلحة ولم يكن لاستثنائه من بيع ما ليس عندك
فائدة انتهى كلامه والذي يظهر أن هذا حديث مركب فحديث النهي عن بيع ما
ليس عند الانسان أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع ولا
شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك انتهى قال الترمذي
حديث حسن صحيح وأخرجوه أيضا عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا
تبع ما ليس عندك وحسنه الترمذي وقد تقدما في خيار العيب وأما الرخصة
في السلم فأخرج الأئمة الستة في كتبهم عن أبي المنهال عن بن عباس قال قدم
النبي صلى الله عليه وسلم والناس يستلفون في الثمر السنتين والثلاث فقال من أسلف في شئ
فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وأخرج البخاري عن عبد الله
بن أبي أوفي قال إن كنا لنسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في
الحنطة والشعير والتمر والزبيب وسألت بن أبي أبزي فقال مثل ذلك انتهى
528

الحديث الثاني قال عليه السلام من أسلف منكم فليسلف في كيل معلوم
ووزن معلوم إلى أجل معلوم قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي
المنهال قال سمعت بن عباس يقول قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في
الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلف في تمر فليسلف في
كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم انتهى ورواه أحمد في مسنده
بلفظ فلا يسلف الا في كيل معلوم قال البيهقي قال الشافعي معناه إذا أسلف
أحدكم في كيل فليسلف في كيل معلوم وان أسلف في وزن فليسلف في وزن
529

معلوم وإذا سمى أجلا فليسم أجلا معلوما انتهى
الحديث الثالث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلم في الحيوان قلت أخرجه
الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن إسحاق بن إبراهيم بن جوتي ثنا
عبد الملك الزماري ثنا سفيان الثوري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن
عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان انتهى قال الحاكم حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال صاحب التنقيح وإسحاق بن إبراهيم بن
جوتي قال فيه بن حبان منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بالموضوعات لا يحل
كتب حديثه الا على جهة التعجب وقال الحاكم روى أحاديث موضوعة انتهى
أثر آخر استدل به محمد بن الحسن في كتاب الآثار فقال أخبرنا أبو حنيفة
ثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال دفع عبد الله بن مسعود إلى زيد بن
خويلدة البكري مالا مضاربة فأسلم زيد إلى عتريس بن عرقوب الشيباني في قلائص
فلما حلت أخذ بعضا وبقي بعض فأعسر عتريس وبلغه أن المال لعبد الله فأتاه
يسترفقه فقال عبد الله أفعل زيد قال نعم فأرسل إليه فسأله فقال عبد الله
530

أردد ما أخذت وخذ رأس مالك ولا تسلمن مالنا في شئ من الحيوان انتهى قال في
التنقيح فيه انقطاع انتهى
أحاديث الخصوم واستدل صاحب التنقيح لمذهبه في صحة السلم في الحيوان
بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن
مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ من قلائص الصدقة فكان يأخذ
البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في
المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى قال بن
القطان في كتابه هذا حديث ضعيف مضطرب الاسناد فرواه حماد بن سلمة عن
بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان
عن عمرو بن حريش عن بن عمرو هكذا أورده أبو داود ورواه جرير بن حازم عن بن إسحاق فأسقط
يزيد بن أبي حبيب وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير فقال فيه عن بن إسحاق عن
أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن حريش ذكر هذه الرواية الدارقطني ورواه
عفان عن حماد بن سلمة فقال فيه عن بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن
أبي سفيان عن عمرو بن حريش ورواه عبد الأعلى عن بن إسحاق عن أبي سفيان عن
531

مسلم بن كثير عن عمرو بن الحريش فذكره ورواه عن عبد الأعلى بن أبي شيبة
فأسقط يزيد بن أبي حبيب وقدم أبا سفيان كما فعل جرير بن حازم الا أنه قال في
مسلم بن جبير مسلم بن كثير ومع هذا الاضطراب فعمرو بن حريش مجهول الحال
ومسلم بن جبير لم أجد له ذكرا ولا أعلمه في غير هذا الاسناد وكذلك مسلم مجهول
الحال أيضا إذا كان عن أبي سفيان وأبو سفيان فيه نظر انتهى كلامه وقد يعترض على
هذا الحديث بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة رواه بن عباس وسمرة بن
جندب وجابر بن عبد الله بن سمرة وابن عمر
فحديث بن عباس أخرجه بن حبان في صحيحه في القسم الثاني منه عن
سفيان عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر به
وكذلك رواه الدارقطني في سننه والبزاز في مسنده قال البزاز ليس في الباب
أجل إسنادا من هذا انتهى قال البيهقي في المعرفة الصحيح في هذا الحديث
عن عكرمة مرسل هكذا رواه غير واحد عن معمر وكذلك رواه علي بن المبارك عن
يحيى بن أبي كثير انتهى قلت أخرجه الطبراني في معجمه عن داود بن
عبد الرحمن العطار عن معمر به مسندا صلى الله عليه وسلم و
أما حديث سمرة فأخرجه أصحاب السنن الأربعة عن الحسن عن سمرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي حديث النهي عن بيع الحيوان
بالحيوان نسيئة غير ثابت قال البيهقي وأكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة
في غير حديث العقيقة انتهى
532

وأما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن أبي
الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيوان اثنين بواحد لا يصلح نسأ ولا
بأس به يدا بيد انتهى وقال حديث حسن
وأما حديث جابر بن سمرة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير
التستري ثنا إبراهيم بن راشد الادمي ثنا داود بن مهران ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن
سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى
وأما حديث بن عمر فأخرجه الطبراني أيضا عن محمد بن دينار الطاحي ثنا يونس
بن عبيد عن زياد بن جبير عن بن عمر نحوه سواء قال البيهقي في المعرفة
ومحمد بن دينار هذا ضعفه بن معين وقال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث
فقال إنما يروى عن زياد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى قلت رواه أحمد في
مسنده حدثنا حسين بن محمد ثنا خلف بن خليفة عن أبي حسان عن أبيه عن بن
عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
فقال الرجل يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس والبختية بالإبل قال لا
بأس إذا كان يدا بيد انتهى وذكر بن الجوزي من هذه الأحاديث الثلاثة الأول ثم
قال وهذه الأحاديث محمولة على أن يكون النساء فيها من الطرفين فيبيع شيئا في ذمته
بشئ في ذمة آخر انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام لا تسلفوا في الثمار حتى تبدو صلاحها
قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة واللفظ له عن أبي إسحاق عن رجل نجراني قلت
لعبد الله بن عمر أسلم في نخل قبل أن يطلع قال لا قلت لم قال لان رجلا
أسلم في حديقة نخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلع النخل فلم تطلع النخل شيئا
ذلك العام فقال المشتري هو لي حتى يطلع وقال البائع إنما بعتك النخل هذه السنة
فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للبائع أخذ من نخلك شيئا قال لا قال بم
تستحل ماله أردد عليه ما أخذت منه ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه
533

انتهى وغفل المنذري في مختصره عن بن ماجة فلم يعزه إليه وإنما قال في
إسناده رجل مجهول انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود وقال
إسناده منقطع انتهى وأخرج البخاري عن أبي البختري قال سألت بن عمر عن
السلم في النخل فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يصلح وعن بيع الورق
نسأ بناجز وسألت بن عباس عن السلم في النخل فقال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل
حتى يؤكل منه انتهى وأخرج الطبراني في المعجم الوسط حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن
بن عمر وثنا أبو اليمان ثنا جرير بن عثمان عن حبيب بن عبيد عن أبي بشر عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم وإن أحالك على ملئ فاحتل ولا تقربوا حبالى
السبي حتى يضعن ولا تسلموا في ثمرة حتى يأمن عليها صاحبها العاهة انتهى
ورواه في مسند الشاميين حدثنا أبو زرعة علي بن عباس ثنا جرير بن عثمان به
أحاديث الخصوم واحتج بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد على جواز
السلم في المعدوم وقت العقد إذا كان موجودا عند المحل بحديث بن عباس المتقدم من
أسلف فليسلف في كيل معلوم إلى آخره وبحديث أخرجه البخاري في صحيحه
534

عن محمد بن أبي المجالد مولى بني هاشم قال أرسلني بن شداد وأبو بردة وقالا
انطلق إلى بن أبي أوفى فقل له إن عبد الله بشداد وأبا بردة يقرئانك السلام
ويقولان هل كنتم تسلفون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البر والشعير والزيت قال نعم
كنا نصيب غنائم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسلفها في البر والشعير والزيت والتمر
فقلت عند من كان له زرع أو عند من لم يكن له زرع فقال ما كنا نسألهم عن
ذلك فقالا انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزي فاسأله فانطلق فسأله فقال مثل ما قال بن
أبي أوفى انتهى وكان وجه الدلالة من الأول أنه استقصى شرائط السلم فيه ولم
يذكر فيه وجوده عند العقد والمحل ومن الثاني الاستقصاء فإنه قال ما كنا نسألهم
عن ذلك والله أعلم
الحديث الخامس قوله ولا يجوز السلم الا مؤجلا وقال الشافعي يجوز لاطلاق
الحديث ورخص في السلم قلت يشير إلى الحديث المتقدم أول الباب نهى عن
بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم وهذا يدل على أن المصنف جعله حديثا
واحدا
535

الحديث السادس قال عليه السلام إلى أجل معلوم قلت تقدم
الحديث السابع قال عليه السلام أرأيت لو أذهب الله الثمرة بم يستحل
أحدكم مال أخيه المسلم قلت غريب في هذا المعنى فالمصنف قال ولا
يجوز السلم في طعام قرية بعينها أو ثمرة نخلة بعينها لأنه قد يعتريه آفة فلا قدرة على
التسليم واليه أشار عليه السلام حيث قال أرأيت لو أذهب الله الثمرة بم يستحل
أحدكم مال أخيه المسلم وهذا اللفظ إنما ورد في البيع كما أخرجه البخاري
ومسلم عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر النخل حتى يزهو فقلت
لانس ما زهوها قال تحمر وتصفر أرأيتك ان منع الله الثمرة بم تستحل مال
أخيك انتهى
536

وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو بعت من أخيك تمرا
فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق انتهى
وأما في السلم فلا أعرف ورود هذا لكن في الصحيحين أيضا عن أنس أن النبي
537

صلى الله عليه وسلم قال إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه انتهى هل يؤخذ بإطلاق
هذا اللفظ فيدخل فيه السلم أيضا أو يصرف إلى البيع كالأول فيه نظر ويعاد فيه
التأمل
الحديث الثامن النهي عن بيع الكالي بالكالي تقدم
538

الحديث التاسع قال عليه السلام لا تأخذ الا سلمك أو رأس مالك قلت
أخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي بدر شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن سعد
الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم
في شئ فلا يصرفه إلى غيره انتهى وعزاه شيخنا علاء الدين للدارقطني عن
أنس ولم أجده ورواه الترمذي في علله الكبير وقال لا أعرفه مرفوعا الا من
هذا الوجه وهو حديث حسن انتهى ورواه بن ماجة أيضا عن عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا لم يذكر فيه سعدا وأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن سعيد
الجوهري وعلي بن الحسين الدرهمي قالا أنا أبو بدر به باللفظ المذكور ثم قال
539

اللفظ للدرهمي وقال إبراهيم بن سعيد فلا يأخذ الا ما أسلم فيه أو رأس ماله
انتهى قال عبد الحق في أحكامه وعطية العوفي لا يحتج به وإن كان الجلة قد
رووا عنه انتهى وقال في التنقيح وعطية العوفي ضعفه أحمد وغيره والترمذي
يحسن حديثه وقال بن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى
أثر آخر قال عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة عن بن عمر قال
إذا أسلفت في شئ فلا تأخذ الا رأس مالك والذي أسلفت فيه انتهى أخبرنا بن
عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت أبا الشعثاء يقول نحوه
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن ميسرة عن بن جريج عن
عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب أن عبد الله بن عمرو كان يسلف له في الطعام ويقول
للذي يسلف له تأخذ بعض رأس مالنا أبو بعض طعامنا ولكن خذ رأس مالنا كله أو
الطعام وافيا انتهى
الحديث العاشر النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان تقدمن في
المرابحة والتولية
540

مسائل منثورة
الحديث الأول قال عليه السلام ان من السحت مهر البغي وثمن الكلب
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث السائب بن يزيد ومن حديث عمر بن
الخطاب
فحديث أبي هريرة أخرجه بن حبان في صحيحه في القسم الأول عن حماد
بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام من السحت انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه بسندين فيهما ضعف أحدهما عن الوليد بن عبيد الله بن أبي
رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث كلهم سحت أجر الحجام
544

ومهر البغي وثمن الكلب انتهى الثاني عن المثنى عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا
نحوه قال الدارقطني والوليد بن عبيد الله بن أبي رباح والمثنى ضعيفان انتهى
وأما حديث السائب بن يزيد فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا سفيان
بن وكيع ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن محمد
عن إبراهيم بن محمد قال سمعت السائب بن يزيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
السحت ثلاث مهر البغي وكسب الحجام وثمن الكلب انتهى ورواه بن أبي
حاتم في آخر كتاب العلل وقال أبي وعبد الرحمن بن محمد هذا هو القارئ
وإبراهيم هو أخوه فيما أظن والناس يروون هذا الحديث عن السائب بن يزيد عن رافع
بن خديج انتهى كلامه
وأما حديث عمر فرواه الطبراني في معجمه من حديث يزيد بن عبد الملك بن
المغيرة النوفلي عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه من سحت فله النار مختصر
ورواه بن عدي في الكامل وأعله بيزيد بن عبد الملك هذا وقال إنه مضطرب
الحديث لا يضبط ما يرويه وعامة ما يرويه غير محفوظ ثم أسند عن النسائي أنه قال
فيه متروك الحديث انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن انتهى وأخرج مسلم
545

عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث
وكسب الحجام خبيث انتهى وأخرج أيضا عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن ثمن
الكلب انتهى
الحديث الثاني روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكلب الا كلب صيد أو ماشية
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الترمذي عن أبي المهزم يزيد بن سفيان عن أبي هريرة
قال نهى عن ثمن الكلب الا كلب الصيد انتهى وقال لا يصح من هذا الوجه
وأبو المهزم تكلم فيه شعبة وقد روي عن جابر مرفوعا نحو هذا ولا يصح إسناده أيضا
انتهى وحديث جابر هذا الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن حجاج بن محمد عن
حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور الا
كلب صيد انتهى وقال حديث منكر وقال مرة ليس بصحيح انتهى وأخرجه
الدارقطني عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير به وأخرجه البيهقي عن عبد الواحد
بن غياث ثنا حماد ثنا أبو الزبير عن جابر قال نهى عن ثمن الكلب والسنور الا كلب
صيد قال البيهقي هكذا رواه عبد الواحد وسويد بن عمرو عن حماد ولم يذكر
النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عبيد الله بن موسى عن حماد بالشك في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ورواه
الهيثم بن جميل عن حماد وقال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الحسن بن أبي جعفر
عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي والأحاديث الصحيحة عن النبي
صلى الله عليه وسلم في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء وإنما الاستثناء في أحاديث النهي
عن الاقتناء فلعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من الرواة الذي هم دون
546

الصحابة والتابعين انتهى كلامه
حديث آخر رواه أبو حنيفة رضي الله عنه في مسنده عن الهيثم عن عكرمة عن
بن عباس قال أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمن كلب الصيد انتهى وهذا سند
جيد فان الهيثم ذكره بن حبان في الثقات من أثبات التابعين ورواه بن عدي في
الكامل حدثنا أحمد بن علي المدائني ثنا أبو علي أحمد بن عبد الله الكندي ثنا علي بن
معبد ثنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم به أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن
كلب الصيد انتهى وأعله بأبي علي الكند وهو المعروف باللجلاج قال وله
أشياء ينفرد بها من طريق أبي حنيفة انتهى وقال بن القطان اللجلاج لم تثبت
عدالته وقد حديث بأحاديث كثيرة لأبي حنيفة كلها مناكير لا تعرف انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام في الخمر ان الذي حرم شربها حرم بيعا
وأكل ثمنها قلت أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن وعلة قال سألت بن عباس
عما يعصر من العنب فقال بن عباس ان رجلا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمت أن الله حرم شربها قال لا قال فسار انسانا فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم ساررته قال أمرته ببيعها فقال إن الذي حرم شربها حرم
بيعها قال ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عطاء عن جابر انه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول وهو بمكة ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير
والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى به السفن ويدهن بها
547

الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود حرمت
عليهم الشحوم فجملوه فباعوه وأكلوا ثمنه انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي نضرة عن أبي سعد الخدري قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة يقول يا أيها الناس ان الله يعرض بالخمر ولعل الله ينزل
فيها أمرا فمن كان عنده منها شيئا فليبعه ولينتفع به قال فما لبثنا الا يسيرا حتى قال
النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شئ فيشرب
ولا يبع قال فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن نافع بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان
يتجر في الخمر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أقبل من الشام ومعه زقاق خمر يريد بها
التجارة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أتيتك بشراب جيد فقال
عليه السلام يا كيسان انها قد حرمت بعدك قال أفأبيعها يا رسول الله قال إنها
حرمت وحرم ثمنها فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها فهراقها انتهى وأخرج
أيضا عبد الحميد بن جعفر عن شهر بن حوشب عن تميم الداري أنه كان يهدي كل عام
راوية خمر فلما أنزل الله تحريم الخمر جاء بها فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك قال
أشعرت أنها قد حرمت بعدك قال يا رسول الله أفلا أبيعها وأنتفع بثمنها قال إن
الله حرم الخمر وثمنها
حديث آخر حديث لعن في الخمر عشرة رواه بن عمر وابن عباس وابن
مسعود وأنس وسيأتي الكلام عليها في كتاب الكراهية إن شاء الله تعالى
الحديث الرابع قال المصنف وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين لقوله عليه
السلام في ذلك الحديث فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم قلت لم
أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف ولم يتقدم في هذا المعنى الا حديث معاذ وهو
548

في كتاب الزكاة وحديث بريدة وهو في كتاب السير وليس فيهما ذلك
قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها
قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه في البيوع أخبرنا سفيان الثوري عن إبراهيم بن عبد الأعلى
الجعفي عن سويد بن غفلة قال بلغ عمر بن الخطاب أنه عماله يأخذون
الجزية من الخمر فناشدهم ثلاثا فقال له بلال إنهم ليفعلون ذلك قال فلا تفعلوا
ولوهم بيعها فان اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها انتهى ورواه
كذلك أبو عبيد في كتاب الأموال وقال فيه ولوهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن
فان اليهود إلى آخره قال أبو عبيد كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمر والخنازير في
جزية رؤوسهم وخراج أرضيهم بقيمتها ثم يتولى المسلمون بيعها فهذا الذي أنكره
بلال ونهى عنه عمر ثم رخص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهل الذمة
المتولين لبيعها لأنها مالهم وليست بمال للمسلمين انتهى
549