الكتاب: الإنصاف
المؤلف: المرداوي
الجزء: ١١
الوفاة: ٨٨٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد حامد الفقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٧٧هـ - ١٩٥٨ م
المطبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
ردمك:
ملاحظات: الطبعة الأولى على نسخ محققة ، منها نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، ومقروأة على المؤلف / اعادة طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان / مطبعة السنة المحمدية / ١٧ شارع شريف باشا الكبير - القاهرة - ت ٧٩٠١٧

الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل
تأليف شيخ الإسلام العلامة الفقيه المحقق
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي
الحنبلي تغمده الله برحمته
صححه وحققه
محمد حامد الفقي
الجزء الحادي عشر
الطبعة الأولى
على نسخ محققة، منها نسخة مكتوبة في حياة المؤلف، ومقروءة على المؤلف
حق الطبع محفوظ
1377 ه‍ 1957 م
إعادة طبعة
دار احياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

مطبعة السنة المحمدية
17 شارع شريف باشا الكبير - القاهرة
ت 79017
1377 ه‍ - 1958 م
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الإيمان
فائدة الحلف على المستقبل إرادة تحقيق خبر في المستقبل ممكن بقول يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه.
والحلف على الماضي اما بر وهو الصادق أو غموس وهو الكاذب أو لغو.
قال صاحب الرعاية وهو مالا اجر له فيه ولا اثم عليه ولا كفارة.
وقيل اليمين جمله خبرية تؤكد بها أخرى خبرية وهما كشرط وجزاء.
ويأتي ذلك في الفصل الثاني.
قوله (واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفه من صفاته).
كوجه الله نص عليه وعظمته وعزته وإرادته وقدرته وعلمه فتنعقد بذلك اليمين وتجب الكفارة ولو نوى مقدوره أو معلومة أو مراده على الصحيح من المذهب المنصوص عنه.
وقيل لا تجب الكفارة إذا نوى بقدرة الله مقدورة وبعلم الله معلومة وبإرادة الله مراده.
ويأتي أيضا ذلك قريبا.
قوله (الثاني ما يسمى به غيره واطلاقه ينصرف إليه سبحانه كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق
3

ونحوه فهذا إن نوى بالقسم به اسم الله تعالى أو أطلق فهو يمين وان نوى غيره فليس بيمين).
هذا الذي ذكره في الرحمن من انه يسمى به غيره وانه ان نوى به غيره ليس بيمين اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والصحيح من المذهب أن الرحمن من أسماء الله الخاصة به التي لا يسمى بها غيره.
قال المصنف والشارح هذا أولى.
قال في الفروع والرحمن يمين مطلقا على الأصح.
قال الزركشي هذا الصحيح وجزم به في البلغة والمحرر والنظم والوجيز.
واما الرب والخالق والرازق فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف من أنها من الأسماء المشتركة وأنه إذا نوى بها القسم وأطلق انعقدت به اليمين وإن نوى غيره فليس بيمين.
جزم به في الشرح وشرح بن منجا.
وجزم به في الهداية والوجيز والحاوي في الرب والرازق.
وجزم به في المذهب والخلاصة في الرب.
وقدمه في الرعايتين في الرب والرازق.
وقدمه في الفروع في الجميع.
وخرجها في التعليق على رواية أقسم.
وقال طلحة العاقولي إن أتى بذلك معرفا نحو والخالق والرازق كان يمينا مطلقا لأنه لا يستعمل في التعريف إلا في اسم الله تعالى.
4

وقيل يمين مطلقا.
قال في الرعاية الكبرى وقيل والخالق والرازق يمين بكل حال.
قوله (فأما ما لا يعد من أسمائه كالشئ والموجود).
وكذا الحي والواحد والكريم.
فإن لم ينو به الله تعالى فليس بيمين وان نواه كان يمينا.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والشرح والنظم والفروع
والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي وابن البنا لا يكون يمينا أيضا.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال وحق الله وعهد الله وإيم الله وأمانة الله وميثاقه وقدرته وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته ونحوه).
كإرادته وعلمه وجبروته فهي يمين وهذا المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم في أيم الله.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقطع به جميع الأصحاب في غير إيم الله وقدرته وجمهورهم قطع به في غير إيم الله.
وعنه لا يكون إيم الله يمينا إلا بالنية.
وقيل إن نوى بقدرته مقدوره وبعلمه معلومة وبإرادته مراده لم يكن يمينا كما تقدم.
5

وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
والمنصوص خلافه.
وذكر بن عقيل الروايتين في قوله على عهد الله وميثاقه.
والمذهب أنه يمين مطلقا.
فائدة يكره الحلف بالأمانة.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وفيه حديث مرفوع رواه أبو داود.
قال الزركشي قلت وظاهر رواية الأثر والحديث التحريم.
قوله (وإن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك).
كالأمانة والقدرة والعظمة والكبرياء والجلال والعزة.
ولم يضفه إلى الله تعالى لم يكن يمينا إلا أن ينوي صفة الله تعالى.
إذا نوى بذلك صفته تعالى كان يمينا قولا واحدا.
وإن أطلق لم يكن يمينا على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه في النظم وغيره.
واختاره بن عبدوس وغيره.
6

وعنه لا يكون يمينا إلا إذا نوى.
اختاره أبو بكر قاله في الهداية.
وأطلقهما في الشرح والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
قوله (وإن قال لعمرو الله كان يمينا).
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب.
وقال أبو بكر لا يكون يمينا إلا أن ينوي.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله (وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة).
وكذا لو حلف بسورة منه أو آية هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عليه بكل آية كفارة.
وهو الذي ذكره الخرقي.
7

قال في الفروع ومنصوصه بكل آية كفارة إن قدر.
قال الزركشي نص عليه في رواية حرب وغيره.
وحمله المصنف على الاستحباب.
قال الزركشي وقول الإمام أحمد للوجوب أقرب لأن أحمد رحمه الله إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز انتهى.
وعنه عليه بكل آية كفارة وإن لم يقدر.
وذكر في الفصول وجها عليه بكل حرف كفارة.
وقال في الروضة أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة رواية واحدة.
فائدة قال ابن نصر الله في حواشيه لو حلف بالتوراة والإنجيل ونحوهما من كتب الله فلا نقل فيها والظاهر أنها يمين انتهى.
قوله (وإن قال أحلف بالله أو أشهد بالله أو أقسم بالله كان يمينا).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغنى والشرح والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وعنه لا يكون يمينا إلا بالنية واختاره أبو بكر.
فائدة لو قال حلفت بالله أو أقسمت بالله أو آليت بالله أو
8

شهدت بالله فهو كقوله أحلف بالله أو أقسم بالله أو أشهد بالله خلافا ومذهبا.
لكن لو قال نويت ب أقسمت بالله الخبر عن قسم ماض أو ب أقسم الخير عن قسم يأتي دين ويقبل في الحكم في أحد الوجهين.
اختاره المصنف والشارح وهو الصحيح.
والوجه الثاني لا يقبل.
اختاره القاضي.
وأطلقهما الزركشي.
قوله (وإن قال أعزم بالله كان يمينا).
وهو أحد الوجهين.
قال في الفروع قال جماعة والعزم وهو المذهب.
ومال إليه الشارح.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وتذكره بن عبدوس والمنور وغيرهم.
قال الزركشي هو قول الجمهور.
وقال المصنف والشارح وذكر أبو بكر في قوله أعزم بالله ليس بيمين مع الإطلاق لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا الاستعمال.
فظاهره أنه غير يمين لأن معناه اقصد بالله لأفعلن.
قوله (وإن لم يذكر اسم الله).
يعنى فيما تقدم كقوله أحلف أو أشهد أو أقسم أو حلفت أو أقسمت أو شهدت لم يكن يمينا إلا إذا لم يذكر اسم الله ونوى به اليمين كان يمينا بلا نزاع.
9

وإن لم ينو فقدم المصنف أنه لا يكون يمينا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
واختاره أبو بكر قاله الزركشي.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه يكون يمينا.
نصره القاضي وغيره.
واختاره الخرقي وأبو بكر قاله في الهداية.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وصححه في الخلاصة والنظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال المصنف والشارح عزمت وأعزم ليس يمينا ولو نوى لأنه لا شرع ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى.
قال ابن عقيل رواية واحدة.
قلت ظاهر كلام المصنف هنا أن فيها الروايتين لكن أكثرهم لم يذكر ذلك.
فائدتان
إحداهما لو قال قسما بالله لأفعلن كان يمينا وتقديره أقسمت قسما بالله وكذا قوله ألية بالله بلا نزاع في ذلك.
ويأتي في كلام المصنف إذا قال علي يمين أو نذر هل يلزمه الكفارة أم لا؟
10

الثانية لو قال آليت بالله أو آلى بالله أو الية بالله أو حلفا بالله أو قسما بالله فهو حلف سواء نوى به اليمين أو اطلق كما لو قال اقسم بالله وحكمه حكم ذلك في تفصيله.
قاله المصنف والشارح.
قوله (وحروف القسم الباء والواو والتاء).
فالباء يليها مظهر ومضمر والواو يليها مظهر فقط والتاء في الله خاصة على ما يأتي.
وظاهر كلام المصنف أن هذه حروف القسم لا غير وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في المستوعب ها الله حرف قسم.
والصحيح من المذهب أنها يمين بالنية.
قوله (والتاء في اسم الله تعالى خاصة).
بلا نزاع وهو يمين مطلقا وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وفي المغنى احتمال في تالله لأقومن يقبل قوله بنية أن قيامه بمعونة الله.
وقال في الترغيب إن نوى بالله أثق ثم ابتدأ لأفعلن احتمل وجهين باطنا.
قال في الفروع وهو كطلاق.
قوله (ويجوز أن يكون القسم بغير حروف القسم فيقول الله لأفعلن بالجر والنصب بلا نزاع).
فإن قال الله لأفعلن مرفوعا كان يمينا إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوى به اليمين.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
11

وقال في الفروع فان نصبه بواو أو رفعه معها أو دونها فيمين إلا أن يريدها عربى.
وقيل أو عامي.
وجزم به في الترغيب مع رفعه.
وقال القاضي في القسامة ولو تعمده لم يضر لأنه لا يحيل المعنى.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله الاحكام تتعلق بما اراده الناس بالألفاظ الملحونة كقوله حلفت بالله رفعا أو نصبا والله باصوم وباصلى ونحوه وكقول الكافر أشهد أن محمد رسول الله برفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيدا بمائة وأعتقت سالم ونحو ذلك وهو الصواب.
وقال أيضا من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا.
فائدة يجاب في الإيجاب بأن خفيفة وثقيلة وباللام وبنوني التوكيد المخففة والمثقلة وبقد والنفي بما وإن في معناها وبلا وتحذف لا لفظا ونحو والله افعل.
وغالب الجوابات وردت في الكتاب العزيز.
قوله (ويكره الحلف بغير الله تعالى).
هذا أحد الوجهين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به أبو علي وابن البنا وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
ويحتمل أن يكون محرما وهو المذهب.
12

جزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه يجوز.
ذكرها في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وذكرها في الشرح قولا.
فائدة تنقسم الأيمان إلى خمسة أقسام وهي أحكام التكليف كالطلاق على ما تقدم.
أحدها واجب كالذي ينجى بها انسانا معصوما من هلكه وكذا إنجاء نفسه مثل الذي تتوجه عليه أيمان القسامة في دعوى القتل علية وهو بريء ونحوه.
الثاني مندوب وهو الذي تتعلق به مصلحه من الإصلاح بين المتخاصمين أو إزالة حقد من قلب مسلم عن الحالف أو غيره أو دفع شر.
فإن حلف على فعل طاعه أو ترك معصية فوجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع وشارح الوجيز.
أحدهما ليس بمندوب صححه في النظم.
قلت وهو الصواب.
وإليه ميل شارح الوجيز.
والوجه الثاني مندوب.
اختاره بعض الأصحاب.
وقدمه بن رزين في شرحه.
الثالث مباح كالحلف على فعل مباح أو ترك مباح والحلف على الخبر بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه صادق.
13

الرابع مكروه وهو الحلف على مكروه أو ترك مندوب.
ويأتي حلفه عند الحاكم.
الخامس محرم وهو الحلف كاذبا عالما.
ومنه الحلف على فعل معصية أو ترك واجب.
قولة ولا تجب الكفارة باليمين به سواء أضافه إلى الله مثل قولة ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته أو لم يضفه مثل والكعبة وأبي.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن الكفارة لا تجب بالحلف بغير الله تعالى إذا كانت بغير رسول الله صلى الله علية وسلم وعلية جماهير الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل الحلف بخلق الله ورزقه يمين فنية مخلوقه ومرزوقه كمقدوره على ما تقدم.
والتزم بن عقيل أن معلوم الله يمين لدخول صفاته.
وأما الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم المصنف هنا عدم وجوب الكفارة وهو اختياره.
واختاره أيضا الشارح وابن منجا في شرحه والشيخ تقى الدين رحمه الله.
وجزم به في الوجيز.
وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وقدمه.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله مثله.
14

وهو من مفردات المذهب.
وحمل المصنف ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله على الاستحباب.
تنبيه ظاهر قوله خاصة إن الحلف بغيره من الأنبياء لا تجب به الكفارة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
والتزم بن عقيل وجوب الكفارة بكل نبي.
قلت وهو قوي في الإلحاق.
فائدة نص الإمام أحمد رحمه الله على كراهة الحلف بالعتق والطلاق.
وفي تحريمه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يحرم.
اختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال ويعزر وفاقا لمالك.
والوجه الثاني لا يحرم.
واختاره الشيخ تقي الدين أيضا في موضع آخر بل ولا يكره.
قال وهو قول غير واحد من أصحابنا.
قوله (ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط).
أحدها أن تكون اليمين منعقدة وهي اليمين التي يمكن فيها البر والحنث وذلك الحلف على مستقبل ممكن.
بلا نزاع في ذلك في الجملة.
فائدة لا تنعقد يمين النائم والطفل والمجنون ونحوهم.
وفي معناهم السكران وحكى المصنف فيه قولين.
15

ولا تنعقد يمين الصبي قبل البلوغ على الصحيح من المذهب.
جزم به الزركشي والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قلت ويتخرج انعقادها من مميز.
ويأتي حكم المكره.
وأما الكافر فتنعقد يمينه وتلزمه الكفارة وإن حنث في كفره.
وقوله فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة وهي نوعان يمين الغموس وهى التي يحلف بها كاذبا عالما بكذبه.
يمين الغموس لا تنعقد على الصحيح من المذهب.
نقله الجماعة عن الامام احمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح ظاهر المذهب لا كفارة فيها.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال الزركشي وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيها الكفارة ويأثم كما يلزمه عتق وطلاق وظهار وحرام ونذر.
قاله الأصحاب فيكفر كاذب في لعانه.
ذكره في الانتصار.
وأطلقهما في الهداية.
قوله (ومثله الحلف على مستحيل كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه).
اعلم انه إذا علق اليمين على مستحيل فلا يخلوا اما ان يعلقها بفعله أو يعلقها بعدم فعله.
16

فإن علقها بفعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة مثل ان يقول والله ان طرت أو لا طرت أو صعدت السماء أو شاء الميت أو قلبت الحجر ذهبا أو جمعت بين الضدين أو رددت أمس أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه ونحوه.
فقال في الفروع هذا لغو وقطع به.
ذكره في الطلاق في الماضي والمستقبل.
وجزم به في المحرر في تعليق الطلاق بالشروط.
وان علق يمينه على عدم فعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة نحو والله لأصعدن السماء أو ان لم اصعد أو لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو ان لم اشربه أو لأقتلنه فإذا هو ميت علمه أو لم يعلم ونحو ذلك ففيه طريقان.
أحدهما فيه ثلاثة أوجه كالحلف بالطلاق على ذلك.
أحدها وهو الصحيح منها تنعقد وعليه الكفارة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي.
ذكروه في تعليق الطلاق بالشروط.
والثاني لا تنعقد ولا كفارة عليه.
والثالث لا تنعقد في المستحيل لذاته ولا كفارة عليه فيه وتنعقد في المستحيل عادة في آخر حياته.
وقيل ان وقته ففي آخر وقته ذكره أبو الخطاب اتفاقا في الطلاق.
والطريق الثاني لا كفارة عليه بذلك مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وأطلق الطريقين في الفروع في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
17

والذي قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي ان حكم اليمين بذلك حكم اليمين بالطلاق على ما تقدم في باب الطلاق في الماضي والمستقبل.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عقلا كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.
قال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة.
وقال القاضي تنعقد موجبة للكفارة في الحال.
وقال المصنف والشارح في المستحيل عادة كصعود السماء والطيران وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة إذا حلف على فعله انعقدت يمينه ووجبت الكفارة.
ذكره القاضي وأبو الخطاب واقتصرا عليه انتهيا.
قوله (والثاني لغو اليمين وهو ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه فيه الكفارة وليس من لغو اليمين على ما يأتي.
فائدة قال في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وان عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فهو كمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا.
قال في القواعد الأصولية قال جماعة من أصحابنا محل الروايتين في غير الطلاق والعتاق اما الطلاق والعتاق فيحنث جزما.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله الخلاف في مذهب الامام احمد رحمه الله في الجميع.
18

وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة فيما إذا عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه بحنثه.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله هذا ذهول لان ابا حنيفة ومالكا رحمهما الله يحنثان الناسي ولا يحنثان هذا لان تلك اليمين انعقدت وهذه لم تنعقد.
وهذا الصحيح من المذهب.
فيدخل في ذلك الطلاق والعتاق واليمين المكفرة.
وتقدم ذلك في آخر تعليق الطلاق بالشروط فيما إذا حلف على شيء وفعله ناسيا ان المذهب الحنث في الطلاق والعتاق وعدمه في غيرهما فكذا هنا الصحيح من المذهب انه إذا حلف يظن صدق نفسه فبان بخلافه يحنث في طلاق وعتاق ولا يحنث في غيرهما.
وقال في الفروع وغيره وقطع جماعة بحنثه هنا في طلاق وعتق.
زاد في التبصرة مثله في المسألة بعدها وكل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله حتى عتق وطلاق وهل فيهما لغو على قولين في مذهب الامام احمد رحمه الله.
قال في الفروع ومراده ما سبق.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله عن قول من قطع بحنثه في الطلاق.
والعتاق هنا هو ذهول بل فيه الروايتان.
تنبيه محل ذلك إذا عقد اليمين في زمن ماض على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله وكذا لو عقدها في زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن كمن حلف على غيره يظن انه يطيعه فلم يفعل أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك.
19

وقال ان المسألة على روايتين كمن ظن امرأة أجنبية فطلقها فبانت امرأته ونحوها مما يتعارض فيه التعيين الظاهر والقصد.
فلو كانت يمينه بطلاق ثلاث ثم قال أنت طالق مقرا بها أو مؤكدا له لم يقع وان كان منشئا فقد أوقعه بمن يظنها أجنبية ففيها الخلاف انتهى.
ومثله في المستوعب وغيره بحلفه ان المستقبل زيدا وما كان كذا وكان كذا فكمن فعل مستقبلا ناسيا.
قوله (الثاني ان يحلف مختارا فان حلف مكرها لم تنعقد يمينه وهو المذهب).
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الادمى.
قال الناظم هذا المنصور.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه تنعقد.
ذكرها أبو الخطاب نقله عنه الشارح.
وقال في القاعدة السابعة والعشرين لو اكره على الحلف بيمين لحق نفسه فحلف دفعا للظلم عنه لم تنعقد يمينه ولو اكره على الحلف لدفع الظلم عن غيره فحلف انعقدت يمينه.
ذكره القاضي في شرح المذهب.
وفي الفتاوى الرجبيات عند أبى الخطاب لا تنعقد وهو الأظهر انتهى.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره.
قوله (وان سبقت اليمين على لسانه من غير قصد إليها كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه فلا كفارة عليه).
20

هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع فلا كفارة على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في الشرح والنظم.
قال في الرعاية الكبرى فلا كفارة في الأشهر.
وعنه عليه الكفارة مطلقا.
وعنه لا كفارة في الماضي.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والزركشي.
وقال في الرعاية الصغرى فلا كفارة في الأشهر وفي المستقبل روايتان.
وقال في المحرر والحاوي الصغير والزركشي لا كفارة فيه ان كان في الماضي وان كان في المستقبل فروايتان.
تنبيه ظاهر كلام المصنف ان هذا ليس من لغو اليمين بل لغو اليمين ان يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه كما قاله قبل ذلك.
وهو احدى الروايتين.
وقدمه في الرعايتين.
والرواية الثانية ان هذا لغو اليمين فقط.
وهو الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والوجيز والعمدة مع ان كلامه يحتمل ان يشمل الشيئين.
وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب.
وقيل كلاهما لغو اليمين.
وقطع الشارح ان قوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه من غير قصد من لغو اليمين.
21

وقدم فيما إذا حلف على شيء يظنه فتبين خلافه انه من لغو اليمين أيضا.
قال الزركشي الخرقي يجعل لغو اليمين شيئين.
أحدهما ان لا يقصد عقد اليمين كقوله لا والله وبلى والله وسواء كان في الماضي أو المستقبل.
والثاني ان يحلف على شيء فيبين بخلافه.
وهي طريقة بن أبى موسى وغيره.
وهي في الجملة ظاهر المذهب.
والقاضي يجعل الماضي لغوا قولا واحدا وفي سبق اللسان في المستقبل روايتين.
وأبو محمد عكسه فجعل سبق اللسان لغوا قولا واحدا وفي الماضي روايتان.
ومن الأصحاب من يحكي روايتين في الصورتين ويجعل اللغو في احدى الروايتين هذا دون هذا وفي الأخرى عكسه.
وجمع أبو البركات بين طريقتي القاضي وأبى محمد.
فحكى في المسألة ثلاث روايات.
فإذا سبق على لسانه في الماضي لا والله وبلى والله في اليمين معتقدا ان الامر كما حلف عليه فهو لغو اتفاقا.
وان سبق على لسانه اليمين في المستقبل أو تعمد اليمين على أمر يظنه كما حلف عليه فتبين بخلافه فثلاث روايات كلاهما لغو وهو المذهب الحنث في الماضي دون ما سبق على لسانه وعكسه.
وقد تلخص في المسألة خمس طرق.
22

والمذهب منهما في الجملة قول الخرقي انتهى.
تنبيه شمل قوله الثالث الحنث في يمينه بان يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله مختارا ذاكرا.
ما لو كان فعله معصية أو غيرها.
فلو حلف على فعل معصية فلم يفعلها فعلية الكفارة على الصحيح من المذهب وعلية جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا قول العامة.
وقيل لا كفارة في ذلك.
ويأتي عند قوله وان حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها تحريم فعله وانه لا كفارة مع فعله على الصحيح وفروع اخر.
قوله (وان فعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه).
إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
لعدم إضافة الفعل إليه بخلاف الناسي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الناظم هذا المنصور.
وعنه عليه الكفارة.
وقيل هو كالناسي.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
23

قال في المحرر ويتخرج ان لا يحنث الا في الطلاق والعتق.
وقال الشارح والمكره على الفعل ينقسم قسمين.
أحدهما ان يلجأ إليه مثل من حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها.
أو لا يخرج منها فأخرج محمولا ولم يمكنه الامتناع فلا يحنث.
الثاني ان يكره بالضرب والتهديد والقتل ونحوه فقال أبو الخطاب فيه روايتان كالناسي انتهى.
قال الزركشي في المكره بغير الالجاء روايتان.
والذي نصره أبو محمد عدم الحنث.
وان كان الاكراه بالإلجاء لم يحنث إذا لم يقدر على الامتناع وان قدر فوجهان الحنث وعدمه.
واما إذا فعله ناسيا فالصحيح من المذهب انه لا كفارة عليه وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الامام احمد رحمه الله.
قال في الهداية اختاره أكثر شيوخنا.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
واختاره الخلال وصاحبه.
قال في الفروع اختاره الأكثر وذكره المذهب.
قال الزركشي وصاحب القواعد الأصولية وهو المذهب عند الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه عليه الكفارة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
24

وعنه لا حنث بفعله ناسيا ويمينه باقية.
قال في الفروع وهذا اظهر.
وقدمه في الخلاصة.
وهو في الارشاد عن بعض أصحابنا.
واختاره بن عبدوس في تذكرته ذكره في أول كتاب الايمان.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله وقال ان رواتها بقدر رواية التفرق وان هذا يدل ان الامام احمد رحمه الله جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به.
قال في القواعد الأصولية على هذه الرواية قال الأصحاب يمينه باقية بحالها.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط في فصل مسائل متفرقة.
فائدة حكم الجاهل المحلوف عليه حكم الناسي على ما تقدم.
والفاعل في حال الجنون قيل كالناسي والمذهب عدم حنثه مطلقا.
قال الزركشي وهو الأصح.
قوله (وان حلف فقال ان شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلا باليمين).
يعنى بذلك في اليمين المكفرة كاليمين بالله والنذر والظهار ونحوه لا غير وهذا المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف ويحتمله كلام الخرقي.
وجزم به في المحرر والوجيز.
وقدمه في الشرح والفروع والنظم وأصول بن مفلح.
25

وقال عند الأئمة الأربعة.
وقال ويشترط الاتصال لفظا أو حكما كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.
وعنه لا يحنث إذا قال ان شاء الله مع فصل يسير ولم يتكلم.
وجزم به في عيون المسائل.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وعنه لا يحنث إذا استثنى في المجلس.
وهو في الارشاد عند بعض أصحابنا.
قال في المبهج ولو تكلم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ومن حلف قائلا ان شاء الله قصدا فخالف لم يحنث وان قالها في المجلس فروايتان.
وقال في الرعاية الكبرى ومن حلف بيمين وقال معها ان شاء الله مع قصده له في الأصح ولم يفصل بينهما بكلام اخر أو سكوت يمكنه الكلام فيه فخالف لم يحنث وان قالها في المجلس فروايتان.
وعنه يقبل الحاقه بها قبل طول الفصل انتهى.
فائدتان
إحداهما قال في الفروع وكلام الأصحاب يقتضي ان رده إلى يمينه لم ينفعه لوقوعها وتبين مشيئة الله.
واحتج به الموقع في أنت طالق ان شاء الله.
قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله تحقيق مذهبنا انه يقف على ايجاد فعل أو تركه فالمشيئة متعلقة على الفعل فإذا وجد تبينا انه شاءه والا فلا وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع.
الثانية يعتبر نطقه بالاستثناء الا من خائف نص عليه الامام احمد رحمه الله.
26

ولم يقل في المستوعب خائف.
تنبيه ظاهر كلام المصنف انه لا يعتبر قصد الاستثناء وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب المحرر وجماعة وهو أحد الوجهين.
ذكره بن البنا وبناه على ان لغو اليمين عندنا صحيح وهو ما كان على الماضي وان لم يقصده.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
ولو أراد تحقيقا لإرادته ونحوه لعموم المشيئة.
والوجه الثاني يعتبر قصد الاستثناء اختاره القاضي.
وجزم به في البلغة والوجيز والنظم.
وصححه في الرعاية الكبرى.
وتقدم لفظه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قال الزركشي واشترط القاضي وأبو البركات وغيرهما مع فصل الاتصال ان ينوى الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.
وظاهر بحث أبى محمد ان المشترط قصد الاستثناء فقط حتى لو نوى عند تمام يمينه صح استثناؤه قال وفيه نظر.
وأطلقهما في الفروع.
وذكر في الترغيب وجها اعتبار قصد الاستثناء أول الكلام.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم لو حلف وقال ان أراد الله وقصد بالإرادة المشيئة لا ان أراد محبته.
ذكره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
الثانية لو شك في الاستثناء فالأصل عدمه مطلقا على الصحيح من المذهب.
27

وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله الأصل عدمه ممن عادته الاستثناء واحتج بالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة.
قوله (وإذا حلف على يمين فرأي غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدم في الترغيب ان بره وإقامته على يمينه أولى.
قلت وهو ضعيف مصادم للأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
فائدة يحرم الحنث ان كان معصية بلا نزاع.
وان حلف ليفعلن شيئا حراما أو محرما وجب ان يحنث ويكفر على ما تقدم قريبا.
وان فعله أثم بلا كفارة.
قدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل بلى.
ولا يجوز تكفيره قبل حنثه المحرم على ما يأتي قدمه في الرعاية.
وقيل بلى.
والبر في الندب أولى وكذا الحنث في المكروه مع الكفارة.
يتخير في المباح قبلها وحفظ اليمين أولى.
قاله في الرعايتين والحاوي.
قال الناظم.
ولا ندب في الإيلا ليفعل طاعة * ولا ترك عصيان على المتجود
28

وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع ان الكفارة لا ترفع إثمه.
قوله (ولا يستحب تكرار الحلف).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الفروع ولا يستحب تكرار حلفه فقيل يكره.
ونقل حنبل لا يكثر الحلف فإنه مكروه.
لكن يشترط فيه ان لا يبلغ حد الافراط فان بلغ ذلك كره قطعا.
قوله (وإذا دعى إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فان حلف فلا باس هذا المذهب).
قال في الفروع فالأولى افتداء يمينه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يكره حلفه.
ذكره في الفروع.
قال المصنف والشارح قال أصحابنا تركه أولى فيكون مكروها انتهى.
وقيل يباح.
ونقله حنبل كعند غير الحاكم.
وأطلقهما شارح الوجيز.
قال في الفروع ويتوجه فيه يستحب لمصلحة كزيادة طمأنينة وتوكيد الامر وغيره.
ومنه قوله عليه أفضل الصلاة والسلام لعمر عن صلاة العصر والله ما صليتها تطييبا منه لقلبه.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى عن قصة الحديبية فيها جواز الحلف.
29

بل استحبابه على الخبر الديني الذي يريد تأكيده وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا وأمره الله بالحلف على تصديق ما أخبر به في ثلاث مواضع من القران في سورة يونس وسبأ والتغابن.
قوله (وان حرم أمته أو شيئا من الحلال غير زوجته كالطعام واللباس وغيرهما أو قال ما أحل الله على حرام أو لا زوجة له لم تحرم وعليه كفارة يمين ان فعله).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغنى والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وادراك الغاية وغيرهم.
ويحتمل ان يحرم تحريما تزيله الكفارة.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وتقدم إذا حرم زوجته في باب صريح الطلاق وكنايته فليعاود.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم لو علقه بشرط نحو ان اكلته فهو على حرام.
جزم به في الرعاية وغيره ونقله أبو طالب.
قال في الانتصار وكذا طعامي على كالميتة والدم.
قال المصنف والشارح وان قال هذا الطعام على حرام فهو كالحلف على تركه.
30

الثانية لا يغير اليمين حكم المحلوف على الصحيح من المذهب.
وقال في الانتصار يحرم حنثه وقصده لا المحلوف في نفسه ولا ما رآه خيرا.
وقال في الافصاح يلزم الوفاء بالطاعة وانه عند الامام احمد رحمه الله لا يجوز عدول القادر إلى الكفارة.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله لم يقل أحد انها توجب ايجابا أو تحرم تحريما لا ترفعه الكفارة.
قال والعقود والعهود متقاربة المعنى أو متفقة فإذا قال أعاهد الله اني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين ولو قال أعاهد الله ان لا أكلم زيدا فيمين وعهد لا نذر فالايمان ان تضمنت معنى النذر وهو ان يلتزم لله قربه لزمة الوفاء وهي عقد وعهد ومعاهدة لله لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه.
وان تضمنت معنى العقود التي بين الناس وهو ان يلتزم كل من المتعاقدين للاخر ما اتفقا عليه فمعاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها.
ثم ان كان العقد لازما لم يجز نقضه وان لم يكن لازما خير ولا كفارة في ذلك لعظمه.
ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره مع ان الكفارة لا ترفع إثمه بل يتقرب بالطاعات انتهى.
قوله (فان قال هو يهودي أو كافر أو مجوسي أو هو يعبد الصليب أو يعبد غير الله أو بريء من الله تعالى أو من الاسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم ان فعل ذلك فقد فعل محرما بلا نزاع وعليه كفارة ان فعل في احدى الروايتين).
وهو المذهب سواء كان منجزا أو معلقا صححه في التصحيح.
قال الزركشي هذا اشهر الروايتين عن الامام احمد رحمه الله واختيار جمهور
31

الأصحاب والقاضي والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
والآخر لا كفارة عليه.
اختاره المصنف والناظم.
وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح وشرح بن منجا.
ونقل حرب التوقف.
فائدة مثل ذلك في الحكم خلافا ومذهبا لو قال اكفر بالله أو لا يراه الله في موضع كذا ان فعل كذا ففعله ونحو ذلك.
واختار المصنف والشارح انه لا كفارة عليه بقوله لا يراه الله في موضع كذا.
وقال القاضي والمجد وغيرهما عليه الكفارة وهو المذهب نص عليه.
وحكى الشيخ تقى الدين رحمه الله عن جده المجد انه كان يقول إذا حلف بالإلزامات كالكفر اليمين بالحج والصيام ونحو ذلك من الإلزامات كانت يمينه غموسا ويلزمه احلف عليه ذكره في طبقات بن رجب.
وقال في الانتصار وكذا الحكم لو قال والطاغوت لأفعلنه لتعظيمه له معناه عظمته ان فعلته وفعله لم يكفر ويلزمه كفارة بخلاف هو فاسق ان فعله لإباحته في حال.
32

قوله (وان قال انا استحل الزنى أو نحوه).
كقوله انا استحل شرب الخمر واكل لحم الخنزير واستحل ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام فعلى وجهين بناء على الروايتين في التي قبلها.
وقد علمت المذهب منهما.
وأجرى في الفروع وغيره الروايتين في ذلك وهما مخرجتان.
قوله (وان قال عصيت الله أو انا أعصي الله في كل ما امرني به أو محوت المصحف ان فعلت فلا كفارة فيه).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم واجرى بن عقيل الروايتين في قوله محوت المصحف لإسقاطه حرمته وعصيت الله في كل ما امرني به.
واختار وجوب الكفارة في قوله محوت المصحف.
واختار في المحرر في قوله محوت المصحف وعصيت الله في كل ما امرني به انه يمين يلزمه فيه الكفارة ان حنث لدخول التوحيد فيه.
فوائد
إحداهما لو قال لعمري لأفعلن أو لا فعلت أو قطع الله يديه ورجليه أو ادخله الله النار فهو لغو نص عليه.
الثانية لا يلزمه ابرار القسم على الصحيح من المذهب كإجابة سؤال بالله تعالى.
وقيل يلزمه.
33

وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله انما تجب على معين فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس انتهى.
الثالثة لو قال بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب.
وقال في المغنى والشرح هي يمين الا ان ينوى.
وأسألك بالله لتفعلن يعمل بنيته.
قال في الفروع ويتوجه في اطلاقه وجهان انتهى.
والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب.
وحكى عنه انها تجب على الذي حنثه حكاه سليم الشافعي.
قال في الفروع وروي عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على إجابة من سأل بالله وذكره.
قوله (وان قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء).
وكذا قوله مال فلان صدقة ونحوه لأفعلن وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه عليه كفارة ان حنث كنذر المعصية.
وأطلقهما في المغنى والشرح.
قوله (وان قال ايمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج).
قال ابن بطة ورتبها أيضا المعتمد على الله من الخلفاء العباسيين لأخيه الموفق بالله لما جعله ولى عهده.
تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال.
لا تشمل إيمان البيعة إلا ما ذكره المصنف على الصحيح من المذهب.
34

جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل وتشتمل أيضا على الحج.
وجزم به في المستوعب والكافي والنظم.
قوله (فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها).
وإلا فلا شيء عليه.
إذا كان يعرفها الحالف ونواها انعقدت يمينه بما فيها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا تنعقد بحال إلا في الطلاق والعتاق.
وقال في الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق.
وقيل تنعقد في الطلاق والعتاق والصدقة ولا تنعقد اليمين.
وجزم به في الوجيز.
قوله (وإلا فلا شيء عليه).
يعني إذا لم يعرفها بأن كان يجهلها ولم ينوها وهذا المذهب.
أومأ إليه الخرقي وذكره القاضي وغيره.
وجزم به في الخلاصة والكافي والوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
35

وفيه وجه يلزمه موجبها نواها أو لم ينوها.
وهو ظاهر كلام القاضي في خلافه.
وصرح به القاضي في بعض تعاليقه وقال لأن من أصلنا وقوع الطلاق والعتاق بالكتابة بالخط وإن لم ينوه.
نقله في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وإن نواها وجهلها فلا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل ينعقد بما فيها إذا نواها جاهلا لها.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فوائد
الأولى قال في المستوعب وقد توقف شيوخنا القدماء عن الجواب في هذه المسألة.
فقال ابن بطة كنت عند الخرقي وسأله رجل عمن قال أيمان البيعة تلزمني فقال لست أفتي فيها بشيء ولا رأيت أحدا من شيوخنا أفتى في هذه اليمين وكان أبي يعني الحسين الخرقي يهاب الكلام فيها.
ثم قال أبو القاسم إلا أن يلتزم الحالف بها بجميع ما فيها من الأيمان.
فقال له السائل عرفها أو لم يعرفها قال نعم عرفها أو لم يعرفها انتهى.
وقال القاضي إذا قال أيمان البيعة تلزمني إن لم يلزمه في الأيمان المترتبة المذكورة كان لاغيا ولا شيء عليه وإن نوى بذلك الأيمان انعقدت.
الثانية لو قال أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت ذلك وفعله لزمته يمين الظهار والطلاق والعتاق والنذر إذا نوى
ذلك على الصحيح من المذهب.
36

ويلزمه حكم اليمين بالله تعالى أيضا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
قال المجد وقياس المشهور عن أصحابنا في يمين البيعة أنه لا يلزمه شيء حتى ينويه ويلتزمه أو لا يلزمه شيء بالكلية حتى يعلمه.
والفرق بين اليمين بالله وغيرها ذكره في القاعدة الرابعة بعد المائة.
وألزم القاضي في الخلاف الحالف بكل ذلك ولو لم ينوه.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في تذكرة بن عبدوس.
وصححه في النظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا تشمل اليمين بالله تعالى وإن نوى.
قال المجد ذكر القاضي اليمين بالله تعالى والنذر مبني على قولنا بعدم تداخل كفارتهما.
فأما على قولنا بالتداخل فيجزئه لهما كفارة يمين.
ذكره عنه في القواعد.
الثالثة لو حلف بشيء من هذه الخمسة فقال له آخر يميني مع يمينك.
أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل يمينه لزمه ذلك إلا في اليمين بالله تعالى فإنه على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والفروع.
أحدهما لا يلزمه حكمها.
قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الكافي.
37

والثاني يلزمه حكمها.
صححه في النظم وتصحيح المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يلزمه حكم كل يمين مكفرة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا قوله أنا معك ينوي في يمينه انتهى.
وإن لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه.
جزم به المصنف والشارح.
قوله (وإن قال علي نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله).
فقال أصحابنا عليه كفارة يمين.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والشرح والنظم والوجيز والحاوي وشرح بن منجا وغيرهم.
وقيل في قوله علي يمين يكون يمينا بالنية.
جزم به في الرعاية الصغرى.
وقدمه في الكبرى.
واختار المصنف أنه لا يكون يمينا مطلقا.
فقال في المغني والكافي وإن قال علي يمين ونوى الخبر فليس بيمين على أصح الروايتين.
وإن نوى القسم فقال أبو الخطاب هي يمين.
وقال الشافعي رحمه الله ليس بيمين وهذا أصح.
وجزم بهذا الأخير في الكافي.
38

وأطلقهن في الفروع.
وقال ويتوجه على القولين تخريج ان أراد ان فعلت كذا وفعله وتخريج لأفعلن.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله وهذه لام القسم فلا تذكر الا معه مظهرا أو مقدرا.
وتقدم إذا قال قسما بالله أو إليه بالله.
فائدتان
إحداهما إذا قال حلفت ولم يكن حلف فقال الامام احمد رحمه الله هي كذبه ليس عليه يمين.
قال المصنف في المغنى والكافي والشارح هذا المذهب.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والرعايتين وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره.
وعنه عليه كفارة لأنه أقر على نفسه.
وتقدم نظير ذلك في الطلاق في باب صريح الطلاق وكنايته.
الثانية تقدم انعقاد يمين الكافر.
ويأتي اخر الباب بما يكفر به.
قوله (فصل في كفارة اليمين).
وهي تجمع تخييرا وترتيبا فيخير فيها بين ثلاثة أشياء اطعام عشرة مساكين.
وسواء كان جنسا أو أكثر.
أو كسوتهم.
ويجوز ان يطعم بعضا ويكسو بعضا على الصحيح من المذهب نص عليه
39

وفيه قول قاله أبو المعالي لا يجوز ذلك كبقية الكفارات من جنسين وكعتق مع غيرة أو اطعام وصوم.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة وفيه وجه لا يجزئ.
ذكرة المجد في شرح الهداية في باب زكاة الفطر.
قوله (والكسوة للرجل ثوب يجزئه ان يصلي فيه وللمرأة درع وخمار).
الصحيح من المذهب انه يلزمه من الكسوة ما يجزئ صلاة الآخذ فيه مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وقال في التبصرة ما يجزئ صلاة الفرض فيه.
وكذا نقل حرب يجوز فيه الفرض.
تنبيه ظاهر كلام المصنف اجزاء ما يسمى كسوة ولو كان عتيقا وهو صحيح إذا لم تذهب قوته.
جزم به في الفروع وغيره.
وقال في المغنى والشرح يجزئ الحرير.
وقال في الترغيب يجزئ ما يجوز للاخذ لبسه.
فائده لو أطعم خمسة وكسا خمسة أجزأه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج عدم الاجزاء كاعطائه في الجبران شاة وعشرة دراهم.
وتقدم ذلك قريبا.
ولو أطعمه بعض الطعام وكساه بعض الكسوة لم يجزئه.
وان أعتق نصف عبد واطعم خمسة مساكين أو كساهم لم يجزئه.
40

ولو اتى ببعض واحد من الثلاثة ثم عجز عن تمامه فقال المصنف وجماعه ليس له التتميم بالصوم.
قال الزركشي وقد يقال بذلك كما في الغسل والوضوء مع التيمم.
وأجاب عنه المصنف.
ورده الزركشي.
وتقدم في الظهار إذا أعتق نصفي عبدين.
قوله (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام).
لا ينتقل إلى الصوم الا إذا عجز عجزا كعجزه عن زكاة الفطر على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به الخرقي والزركشي وغيرهما.
وقيل كعجزه عن الرقبة في الظهار على ما تقدم في كتاب الظهار.
وهو ظاهر كلامه في الشرح.
وتقدم هناك أيضا هل الاعتبار في الكفارة بحاله الوجوب أو بأغلظ الأحوال في كلام المصنف.
قوله (متتابعة).
على الصحيح من المذهب.
والمنصوص عن الامام احمد رحمه الله وجوب التتابع في الصيام إذا لم يكن عذر.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
41

وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه له تفريقها.
فائده لو كان له مال غائبا ويقدر على الشراء بنسيئة لم يجزئه الصوم على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
قال الزركشي بلا نزاع اعلمه.
وقيل يجزئه فعل الصوم.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في الظهار.
وان لم يقدر على الشراء مع غيبه ماله أجزأه الصوم على الصحيح من المذهب.
صححه في الرعايتين.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يجزئه الصوم.
قدمه الزركشي وقال هو مقتضى كلام الخرقي ومختار عامه الأصحاب حتى إن ابا محمد وأبا الخطاب والشيرازي وغيرهم جزموا بذلك.
وتقدم ذلك وغيرة مستوفى في كفارة الظهار.
وتقدم هناك إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق هل يلزمه الانتقال أم لا.
قوله (ان شاء قبل الحنث وان شاء بعدة).
هذا المذهب بلا ريب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والوجيز وغيرهم من الأصحاب.
42

وقدمه في الفروع وغيرة.
وقال في الواضح على رواية حنثه بعزمه على مخالفه يمينه بنيته لا يجوز بل لا يصح.
وفيه رواية لا يجوز التكفير قبل الحنث بالصوم لأنه تقديم عبادة كالصلاة.
واختار بن الجوزي في التحقيق انه لا يجوز كحنث محرم في وجه.
واما الظهار وما في حكمه فلا يجوز له فعل ذلك الا بعد الكفارة على ما مضى في بابه.
فوائد
إحداها حيث قلنا بالجواز فالتقديم والتأخير سواء في الفضيلة على الصحيح من المذهب.
قال في القواعد الأصولية وغيره هذا المذهب.
اختاره المصنف وغيره.
وعنه التكفير بعد الحنث أفضل.
وقاله بن أبى موسى.
قلت وهو الصواب للخروج من الخلاف.
وعورض بتعجيل النفع للفقراء.
ونقل بن هانئ قبله أفضل.
ونقل بن منصور تقدم الكفارة واجبه فله ان يقدمها قبل الحنث لا تكون أكثر من الزكاة.
الثانية ظاهر كلام المصنف ان التخيير جار ان كان الحنث حراما.
وهو ظاهر كلام الخرقي وكثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين.
43

والوجه الثاني لا يجزئه التكفير قبل الحنث.
قدمه في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما الزركشي وتقدم قريبا.
الثالثة الكفارة قبل الحنث محللة لليمين للنص.
الرابعة لو كفر بالصوم قبل الحنث لفقره ثم حنث وهو موسر فقال المصنف في المغنى والشارح وغيرهما لا يجزئه لأنا تبينا ان الواجب غير ما اتى به.
قال في القاعدة الخامسة واطلاق الأكثر مخالف لذلك لأنه كان فرضه في الظاهر.
الخامسة نص الامام احمد رحمه الله على وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور إذا حنث وهو الصحيح من المذهب.
وقيل لا يجبان على الفور.
قال ذلك بن تميم والقواعد الأصولية وغيرهما.
وتقدم ذلك في أول باب اخراج الزكاة.
قوله (ومن كرر ايمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة).
يعنى إذا كان موجبها واحدا.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي.
وذكر أبو بكر ان الامام احمد رحمه الله رجع عن غيره.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
44

قال ناظم المفردات هذا الأشهر.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لكل يمين كفارة كما لو اختلف موجبها.
ومحل الخلاف إذا لم يكفر.
اما ان كفر بحنثه في أحدها ثم حنث في غيرها فعليه كفارة ثانية بلا ريب.
قوله (والظاهر انها ان كانت على فعل واحد فكفارة واحدة وان كانت على افعال فعليه لكل يمين كفارة).
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
حكاها في الفروع وغيره.
فالذي على فعل واحد نحو والله لا قمت والله لا قمت وما أشبهه.
والذي على افعال نحو والله لا قمت والله لا قعدت وما أشبهه.
واختاره في العمدة.
ونقل عبد الله أعجب إلى ان يغلظ على نفسه إذا كرر الايمان ان يعتق رقبة فان لم يمكنه أطعم.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم الحلف بنذور مكررة أو بطلاق مكفر قاله الشيخ تقى الدين رحمه الله.
نقل بن منصور فيمن حلف نذورا كثيرة مسماة إلى بيت الله ان لا يكلم أباه أو أخاه فعليه كفارة يمين.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله فيمن قال الطلاق يلزمه لأفعل كذا.
وكرره لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو انتهى.
45

الثانية لو حلف يمينا على أجناس مختلفة فعليه كفارة واحدة حنث في الجميع أو في واحد وتنحل يمينه في البقية.
قوله (وان كانت الايمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها).
بلا نزاع لانتفاء التداخل لعدم الاتحاد.
قوله (وكفارة العبد الصيام وليس لسيده منعه منه).
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقيل ان حلف باذنه فليس له منعه والا كان له منعه.
وكذا الحكم في نذره.
قاله في الفروع وغيره.
فائدة اعلم ان تكفير العبد بالمال في الحج والظهار والايمان ونحوها للأصحاب فيها طرق.
أحدها البناء على ملكه وعدمه.
فان قلنا يملك فله التكفير بالمال في الجملة والا فلا.
وهي طريقة القاضي وأبى الخطاب وابن عقيل وأكثر المتأخرين لأن التكفير بالمال يستدعي ملك المال فإذا كان هذا غير قابل للملك بالكلية ففرضه الصيام خاصة.
وعلى القول بالملك فإنه يكفر بالاطعام.
وهل يكفر بالعتق على روايتين.
وهل يلزمه التكفير بالمال أو يجوز له مع اجزاء الصيام.
قال ابن رجب في الفوائد المتوجه ان كان في ملكه مال فأذن له السيد
46

بالتكفير منه لزمه ذلك وان لم يكن في ملكه بل أراد السيد ان يملكه ليكفر لم يلزمه كالحر المعسر إذا بذل له مال.
قال وعلى هذا يتنزل ما ذكرة صاحب المغنى من لزوم التكفير بالمال في الحج ونفى اللزوم في الظهار.
الطريقة الثانية في تكفيره بالمال باذن السيد روايتان مطلقتان سواء قلنا يملك أو لا يملك.
حكاها القاضي في المجرد عن شيخه بن حامد وغيرة من الأصحاب.
وهي طريقه أبي بكر.
فوجه عدم تكفيره بالمال مع القول بالملك ان تملكه ضعيف لا يحتمل المواساة.
ووجه تكفيره بالمال مع القول بانتفاء ملكه له مأخذان.
أحدهما ان تكفيره بالمال إنما هو تبرع له من السيد واباحه والتكفير عن الغير لا يشترط دخوله في ملك المكفر عنه كما نقول في رواية في كفارة المجامع في رمضان إذا عجز عنها وقلنا لا يسقط تكفير غيرة عنه الا باذنه جاز ان يدفعها إليه وكذلك في سائر الكفارات على احدى الروايتين ولو كانت قد دخلت في ملكه لم يجز ان يأخذها هو لأنه لا يكون حينئذ اخراجا للكفارة.
والمأخذ الثاني ان العبد ثبت له ملك قاصر بحسب حاجته إليه وان لم يثبت له الملك المطلق التام فيجوز ان يثبت له في المال المكفر به ملك يبيح له التكفير بالمال دون بيعه وهبته كما أثبتنا له في الأمة ملكا قاصرا أبيح له به التسري بها دون بيعها وهبتها.
وهذا اختيار الشيخ تقى الدين رحمه الله.
47

وقال الزركشي في باب الفدية ذهب كثير من متقدمي الأصحاب إلى ان له التكفير باذن السيد وان لم نقل بملكه بناء على أحد القولين من ان الكفارة لا يشترط دخولها في ملك المكفر عنه وانه يثبت له ملك خاص بقدر ما يكفر انتهى.
وقال في كتاب الظهار ظاهر كلام أبى بكر وطائفة من متقدمي الأصحاب واليه ميل أبى محمد جواز تكفيره بالمال باذن السيد وان لم نقل انه يملك ولهم مدركان.
أحدهما انه يملك القدر المكفر به ملكا خاصا.
والثاني ان الكفارة لا يلزم ان تدخل في ملك المكفر انتهى.
ووجه التفريق بين العتق والاطعام ان التكفير بالعتق يحتاج إلى ملك بخلاف الاطعام ذكره بن أبى موسى.
ولهذا لو امر من عليه الكفارة رجلا ان يطعم عنه ففعل أجزأ.
ولو امره ان يعتق عنه ففي اجزائه عنه روايتان.
ولو تبرع الوارث بالاطعام الواجب عن مورثه صح.
ولو تبرع عنه بالعتق لم يصح.
ولو أعتق الأجنبي عن الموروث لم يصح ولو أطعم عنه فوجهان.
وقال في الفروع ويكفر العبد بالاطعام بإذنه.
وقيل ولو لم يملك وفيه بعتق روايتان.
اختار أبو بكر ومال إليه المصنف وغيره جواز تكفيره بالعتق.
قال في الفروع فان جاز وأطلق ففي عتقه نفسه وجهان انتهى.
وأطلقهما في المغنى والشرح والقواعد الأصولية.
قلت الصواب الجواز والأجزاء.
48

قال الزركشي جاز ذلك على مقتضى قول أبي بكر.
تنبيه حيث جاز له التكفير باذن السيد فقال القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم يلزمه التكفير وقال المصنف في الكفارات لا يلزمه على كلا الروايتين وان اذن له سيده.
وقال الزركشي في الظهار تردد الأصحاب في الوجوب والجواز وتقدم معناه قريبا.
الطريقة الثالثة انه لا يجزئ التكفير بغير الصيام بحال على كلا الطريقتين وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في كتاب الظهار وصاحب التلخيص وغيرهما لأنه وان قلنا يملك فملكه ضعيف فلا يكون مخاطبا بالتكفير بالمال بالكلية فلا يكون فرضه غير الصيام بالأصالة بخلاف الحر العاجز فإنه قابل للتمليك التام.
قال ابن رجب ومن هنا والله اعلم قال الخرقي في العبد إذا حنث ثم عتق لا يجزئه التكفير بغير الصوم بخلاف الحر المعسر إذا حنث ثم ايس.
وقال أيضا في العبد إذا فاته الحج يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما.
وقال في الحر المعسر يصوم في الاحصار صيام المتمتع.
قوله (ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح ونصراه والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكفر بالمال.
فائدة يكفر الكافر ولو كان مرتدا بغير الصوم لان يمينه تنعقد كالمسلم كما تقدم.
49

باب جامع الايمان
قوله (يرجع في الايمان إلى النية).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال القاضي يقدم عموم لفظه على النية احتياطا.
تنبيه قوله يرجع في الايمان إلى النية مقيد بان يكون الحالف بها غير ظالم نص عليه على ما تقدم وان يحتملها لفظه مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين.
وجزم به أبو محمد الجوزي.
وصححه في تصحيح المحرر.
وقال في المحرر وجماعة ويقبل منه في الحكم إذا قرب الاحتمال وان قوى بعده منه لم يقبل وان توسط فروايتان.
وأطلقهما في الفروع.
وتقدم ذلك في أول باب التأويل في الحلف.
وتقدم تصوير بعض مسائل من ذلك وذكر الخروج من مضايق الايمان مستوفى في باب التأويل في الحلف في أوله واخره فليراجع.
قوله (فان لم يكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقي والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع وقدم السبب على النية الخرقي والارشاد والمبهج.
50

وحكى رواية.
وقدمه القاضي بموافقته للوضع.
وعنه يقدم عموم لفظه على سبب اليمين احتياطا.
وذكر القاضي وعلى النية أيضا انتهى.
وقال الزركشي اعتمد عامة الأصحاب تقديم النية على السبب.
وعكس ذلك الشيرازي فقدم السبب على النية انتهى.
قلت وقطع به في الارشاد.
وقول صاحب الفروع وقدم الخرقي السبب على النية غير مسلم.
وقال الزركشي أيضا لما تكلم على كلام الخرقي إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها اي اثارها.
فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه من جيرانها أو منة حصلت عليه بها ونحو ذلك اختصت يمينه بها كما هو مقتضى اللفظ.
وان كان لغيظ من المرأة يقتضى جفاءها ولا أثر للدار فيه تعدى ذلك إلى كل دار للمحلوف عليها بالنص وما عداها بعلة الجفاء التي اقتضاها السبب.
وكذلك إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ولا يكلم زيدا لشربه الخمر فزال الظلم وترك زيد شرب الخمر جاز له الدخول والكلام لزوال العلة المقتضية لليمين.
وكلام الخرقي يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا والسبب يقتضي التعميم كما مثلناه أولا أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص كما مثلناه ثانيا.
ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضى للتعميم واختلف في عكسه.
فقيل فيه وجهان.
51

وقيل روايتان.
وبالجملة فيه قولان أو ثلاثة.
أحدها وهو المعروف عن القاضي في التعليق وفي غيره واختيار عامة أصحابه الشريف وأبى الخطاب في خلافيهما يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضى نص الامام احمد رحمه الله وذكره.
والقول الثاني وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي محمد وحكى عن القاضي في موضع يحمل اللفظ العام على السبب ويكون ذلك السبب مبنيا على ان العام أريد به خاص.
والقول الثالث لا يقتضي التخصيص فيما إذا حلف لا يدخل البلد لظلم راه فيه ويقتضي التخصيص فيما إذا دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى أو حلف لا يخرج عبده ولا زوجته الا باذنه والحال يقتضى ما داما كذلك.
وقد أشار القاضي إلى هذا التعليق انتهى كلام الزركشي.
وقال في القاعدة الرابعة والعشرين بعد المائة وتبعه في القواعد الأصولية هل يخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضى له أم يقضى بعموم اللفظ فيه وجهان.
أحدهما العبرة بعموم اللفظ.
اختاره القاضي في الخلاف والآمدي وأبو الفتح الحلواني وأبو الخطاب وغيرهم.
وأخذوه من نص الامام احمد رحمه الله في رواية علي بن سعيد فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
قال الامام احمد رحمه الله النذر يوفي به.
والوجه الثاني العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
52

وهو الصحيح عند صاحب المغنى والبلغة والمحرر.
لكن المجد استثنى صورة النهر وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم.
فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ.
وعدى المصنف الخلاف إليها.
ورجحه بن عقيل في عمد الأدلة وقال هو قياس المذهب.
وجزم به القاضي في موضع من المجرد.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة وذكره.
قال في القواعد وهذا أحسن.
وقد يكون لحظ هذا جده.
قوله (وان حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا قضاه قبل الغد لم يحنث إذا قصد ان لا يجاوزه قولا واحد).
وكذا لا يحنث أيضا إذا كان السبب يقتضيه والا حنث على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعند القاضي وأصحابه لا يحنث ولو كان السبب لا يقتضيه أيضا.
وتقدم كلام الزركشي ونقله.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو حلف لآكلن شيئا غدا أو لأبيعنه أو لأفعلنه.
53

فاما ان حلف لأقضينه حقه غدا وقصد مطله فقضاه قبله حنث.
قوله (وان حلف لا يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره).
ويقبل قوله في الحكم على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وعنه لا يقبل في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى.
قوله (وان دعى إلى غداء فحلف لا يتغدى اختصت يمينه به إذا قصده).
وهذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بغيره على الأصح.
وجزم به في المغنى والمجد والشرح والوجيز وشرح بن منجا وغيرهم.
وجزم به القاضي في الكفاية.
وعنه يحنث.
قوله (وان حلف لا يشرب له الماء من العطش يقصد قطع المنة أو كان السبب قطع المنة).
حنث بأكل خبزه واستعاره دابته وكل ما فيه المنة.
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وذكر بن عقيل لا أقل كقعوده في ضوء ناره.
تنبيه قوله وان حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا حنث.
وكذا ان انتفع بثمنه.
54

ومفهومه انه لو انتفع بشيء من مالها غير الغزل وثمنه انه لا يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح.
وقدمه في الفروع.
وقيل يحنث بقدر منته فأزيد.
جزم به في الترغيب.
وفي التعليق والمفردات وغيرهما يحنث بشئ منها لأنه لا يمحو منتها الا بالامتناع مما يصدر عنها مما يتضمن منة ليخرج مجرى الوضع العرفي.
وكذا سوى الادمى البغدادي في منتخبه بينها وبين التي قبلها وانه يحنث بكل ما فيه منة.
وقال في الروضة ان حلف لا يأكل له خبزا والسبب المنة حنث بأكل غيره كائنا ما كان وانه ان حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس عمامة أو عكسه إن كانت امتنت بغزلها حنث بكل ما يلبسه منه انتهى.
وكذا منع بن عقيل الحالف على خبز غيره من لحمه ومائه.
قوله (وان حلف لا يأوي معها في دار يريد جفاءها ولم يكن للدار سبب هيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث).
وكذا لو حلف فقال لا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها حنث ولو لم يرها.
ونقل بن هانئ أقل الإيواء ساعة.
وجزم به في الترغيب.
قوله (وان حلف لعامل لا يخرج الا باذنه فعزل أو على زوجته فطلقها أو على عبده فاعتقه ونحوه يريد ما دام كذلك:
55

انحلت يمينه وان لم تكن له نيه انحلت يمينه أيضا ذكره القاضي لان الحال تصرف اليمين إليه).
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
قال المصنف هنا هذا أولى لان السبب يدل على النية فصار كالمنوي سواء.
وذكر القاضي أيضا في موضع اخر ان السبب إذا كان يقتضى التعميم عممناها به وان اقتضى الخصوص مثل من نذر لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه فزال الظلم فقال الامام احمد رحمه الله النذر يوفى به.
قال في الفروع ومع السبب فيه روايتان.
ونصه يحنث.
وتقدم كلام الزركشي وصاحب القواعد.
وقال في المغنى والشرح وان لم يكن له فيه نيه فكلام الامام احمد رحمه الله يقتضى روايتين وذكراه.
قوله (وان حلف لا رأيت منكرا الا رفعته إلى فلان القاضي فعزل انحلت يمينه إن نوى ما دام قاضيا).
قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع قوله انحلت يمينه فيه نظر لان المذهب عود الصفة فيحمل على انه نوى تلك الولاية وذلك النكاح ونحوه انتهى.
قوله (وان لم ينو احتمل وجهين).
وهما روايتان وهما كالوجهين المتقدمين في المسألة التي قبلها.
أحدهما تنحل يمينه.
صححه في التصحيح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وظاهر ما اختاره المصنف أولا.
56

والوجه الثاني لا تنحل يمينه.
قال في الفروع ونصه يحنث.
قال القاضي قياس المذهب لا تنحل يمينه.
وتقدم كلام الزركشي وصاحب القواعد لان هذه المسائل من جملة القاعدة.
وقال في الترغيب ان كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية اختص بها وان كانت تقتضي الرفع إليه بعينه مثل ان يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد اعلامه بذلك لأجل قرابته تناول اليمين حال الولاية والعزل وإلا فوجهان.
فعلى الوجه الأول لو رأى المنكر في ولايته فأمكنه رفعه فلم يرفعه إليه حتى عزل لم يبر برفعه إليه في حال عزله.
وهل يحنث بعزله فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
أحدهما يحنث بعزله.
قلت وهو أولى.
والوجه الثاني لا يحنث بعزله.
وان مات قبل امكان رفعه إليه حنث أيضا على الصحيح.
قدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت وهو أولى.
وأطلقهما في الفروع.
57

واما على الوجه الثاني وهو كون يمينه لا تنحل في أصل المسالة لو رفعه إليه بعد عزله بر بذلك.
فائده إذا لم يعين الوالي اذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وتابعه في الفروع.
وقال في الترغيب أيضا لو علم به بعد علمه فقيل فات البر كما لو رآه معه.
وقيل لا لإمكان صورة الرفع.
فعلى الأول هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان.
وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت علي كل امرأة لي طالق تطلق على نصه.
وقطع به جماعه أخذا بالأعم من لفظ وسبب.
قوله (فان عدم ذلك يعني النية وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين هذا المذهب).
جزم به هنا في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز ومنتخب الادمى البغدادي.
وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وصححه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يقدم الاسم شرعا أو عرفا أو لغة على التعيين.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة فإن عدم النية والسبب رجعنا إلى ما يتناوله الاسم.
فإن اجتمع الاسم والتعيين أو الصفة والتعيين غلبنا التعيين.
فإن اجتمع الاسم والعرف فقال في المذهب والخلاصة فأيهما يغلب فيه وجهان.
58

قال في الهداية فقد اختلف أصحابنا فتارة غلبوا الاسم وتارة غلبوا العرف.
قال في الفروع وذكر يوسف بن الجوزي النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة انتهى.
وقال في المذهب الأحمد النية ثم السبب ثم التعيين ثم إلى ما يتناوله الاسم وإن كان للفظ عرف غالب حمل كلام الحالف عليه.
قوله (فإذا حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد صارت فضاء أو حماما أو مسجدا أو باعها أو لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء أو عمامة ولبسه أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو امرأة فلان أو صديقه فلانا أو غلامه سعدا فطلقت الزوجة وزالت الصداقة وعتق العبد وكلمهم أو لا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا أو لا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا نص عليه أو خلا أو لا اكلت هذا اللبن فتغير أو عمل منه شيء فاكله حنث في ذلك كله).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب منهم بن عقيل في التذكرة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح.
قال في الفروع بعد ان ذكر ذلك كله وغيره إذا فعل ذلك ولا نية ولا سبب حنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
59

ويحتمل ان لا يحنث.
واختاره بن عقيل.
واختار القاضي والمصنف والشارح انه لو حلف لا أكلت هذه البيضة فصارت فرخا أو لا اكلت هذه الحنطة فصارت زرعا فاكله انه لا يحنث.
قالا وعلى قياسه لو حلف لا شربت هذا الخمر فصار خلا.
فاستثنوا هذه المسائل من أصل هذه القاعدة.
قال الزركشي وعن بن عقيل انه طرد القول حتى في البيضة والزرع.
قال الزركشي ولعله اظهر.
قلت وهو المذهب كما تقدم.
فائدة لو حلف لا يدخل دار فلان ولم يقل هذه أو لا اكلت التمر الحديث فعتق أو الرجل الصحيح فمرض أو لا دخلت هذه السفينة فنقضت ثم أعيدت ففعل حنث بلا نزاع في ذلك الا ان في السفينة احتمالا بعدم الحنث.
قوله (فان عدم ذلك يعني النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين رجعنا إلى ما يتناوله الاسم).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وصححه في المحرر والنظم والحاوي وغيرهم.
وقيل يقدم ما يتناوله الاسم على التعيين وتقدم ذلك.
60

وتقدم كلام يوسف بن الجوزي فإنه يقدم النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة.
فائدة الاسم يتناول العرفي والشرعي واللغوي فيقدم اللفظ الشرعي والعرفي على اللغوي على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل عكسه.
وقال ابن عبدوس في تذكرته يقدم الاسم عرفا ثم شرعا ثم لغة.
فأفادنا تقديم العرفي على الشرعي.
وقدم ولد بن الجوزي العرف ثم اللغة كما تقدم.
قوله (واليمين المطلقة تنصرف إلى الموضوع الشرعي وتتناول الصحيح منه فإذا حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا أو لا ينكح فنكح نكاحا فاسدا لم يحنث).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به الخرقي وفي الوجيز وشرح بن منجا ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار من الأوجه.
وعنه يحنث في البيع وحده.
وقيل يحنث في بيع ونكاح مختلف فيه.
واختاره بن أبي موسى.
61

تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره انه يحنث إذا باع بيعا صحيحا بشرط الخيار وهو كذلك وهو المذهب مطلقا.
وقال القاضي في الخلاف لو باع بشرط الخيار هل يحنث ينبني على نقل الملك وعدمه.
وانكر ذلك المجد عليه.
ذكره في القاعدة السابعة والخمسين.
فائدة لو حلف لا يحج فحج حجا فاسدا حنث.
قاله في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قوله (الا ان يضيف اليمين إلى شيء لا يتصور فيه الصحة مثل ان يحلف لا يبيع الخمر أو الحر فيحنث بصورة البيع).
هذا المذهب.
قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه هذا أولى.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في المحرر والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
وذكر القاضي فيمن قال لامرأته ان سرقت مني شيئا وبعتينيه فأنت طالق ففعلت لم تطلق.
وقال القاضي أيضا لو قال ان طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق فوجد لم تطلق.
62

فائدتان
إحداهما الشراء مثل البيع في ذلك على الصحيح من المذهب.
وخالف في عيون المسائل في سرقت مني شيئا وبعتينيه كما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا.
الثانية لو حلف لا تسريت فوطئ جاريته حنث.
ذكره أبو الخطاب كحلفه لا يطأ.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقال القاضي لا يحنث حتى ينزل فحلا كان أو خصيا.
ونقل بن منصور ان حلف وليست في ملكه حنث بالوطء وان حلف وقد ملكها حنث بالوطء بشرط ان لا يعزل.
قاله في الفروع وغيره.
وعنه ان عزل لم يحنث.
وعنه في مملوكة وقت حلفه انتهى.
قوله (وان حلف لا يصوم لم يحنث حتى يصوم يوما).
هذا أحد الوجوه.
وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والشرح وشرح بن منجا.
وقدمه في الرعايتين.
واختاره المجد في محرره.
وجزم به في الهداية والخلاصة.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح وهو المذهب.
63

اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والفروع وقال قاله الأصحاب.
وقيل يحنث بالشروع الصحيح ان قلنا يحنث بفعل بعض المحلوف.
فائدتان
إحداهما لو حلف لا يصوم صوما لم يحنث حتى يصوم يوما بلا نزاع.
الثانية لو حلف لا يحج حنث باحرامه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحنث الا بفراغه من أركانه.
قوله (وان حلف لا يصلى لم يحنث حتى يصلى ركعة).
يعني بسجدتيها هذا أحد الوجوه.
اختاره أبو الخطاب.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح.
وقال القاضي ان حلف لا صليت صلاة لم يحنث حتى يفرغ مما يقع عليه اسم الصلاة وان حلف لا يصلي حنث بالتكبير.
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع والنظم.
وقيل يحنث ان قلنا حنث بفعل بعض المحلوف.
وهو احتمال للمصنف.
وقيل لا يحنث حتى تفرغ الصلاة كقوله صلاة أو صوما وكحلفه ليفعلنه اختاره في المحرر.
وقيل يحنث بصلاة ركعتين.
وهو رواية في الشرح لأنه أقل ما يقع عليه اسم الصلاة على رواية.
64

وقال في الترغيب على الأول والثاني يخرج إذا أفسده.
فوائد
الأولى لو كان حال حلفه صائما أو حاجا ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في الرعاية.
قال في الفروع وفي حنثه باستدامة الثلاثة وجهان.
يعني الصلاة والصوم والحج.
الثانية شمل قوله لا يصلى صلاة الجنازة ذكره أبو الخطاب وغيره واقتصر عليه في الفروع.
قال المجد وغيره والطواف ليس بصلاة مطلقة ولا مضافة فلا يقال صلاة الطواف.
وفي كلام الامام احمد رحمه الله الطواف صلاة.
وقال أبو الحسين وغيره عن قوله عليه أفضل الصلاة والسلام الطواف بالبيت صلاة يوجب ان يكون الطواف بمنزلة الصلاة في جميع الاحكام الا فيما استثناه وهو النطق.
وقال القاضي وغيره الطواف ليس بصلاة في الحقيقة لأنه أبيح فيه الكلام والاكل وهو مبني على المشي فهو كالسعي.
الثالثة قوله وان حلف لا يهب زيدا شيئا ولا يوصي له ولا يتصدق عليه ففعل ولم يقبل زيد حنث.
بلا نزاع اعلمه.
لكن قال في الموجز والتبصرة والمستوعب مثله في البيع قاله في الفروع.
65

والذي رأيته في المستوعب فان حلف لا يبيع فباع ولم يقبل المشتري لم يحنث.
وقال القاضي مثل قول صاحب الموجز والتبصرة في ان بعتك فأنت حر.
وقال في الترغيب ان قال لاخر ان اشتريته فهو حر فاشتراه عتق من بائعه سابقا للقبول.
وجزم في النظم وغيره انه إذا حلف لا يبيع ولا يؤجر ولا يزوج فأوجب ولم يقبل الاخر انه لا يحنث.
قوله (وان حلف لا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والنظم والمغنى والشرح وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث.
قوله (وان حلف لا يهبه فتصدق عليه حنث).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وقدماه.
وصححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
قال في تصحيح المحرر هذا المذهب.
وقيل لا يحنث.
اختاره أبو الخطاب في الهداية.
66

وهو ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله في رواية حنبل.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به الادمى في منتخبه.
وأطلقهما في المذهب والفروع والحاوي الصغير والرعايتين.
تنبيه محل الخلاف في صدقه التطوع.
اما الصدقة الواجبة والنذر والكفارة والضيافة الواجبة فلا يحنث قولا واحدا.
قوله (وان أعاره لم يحنث).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الكافي وغيره.
وصححه في المغنى وغيره.
وقيل يحنث.
قدمه في الهداية.
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
وصححه في الخلاصة.
وأطلقهما في الفروع والمذهب والحاوي والرعايتين والنظم.
قوله (وان وقف عليه حنث).
وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمحرر والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
67

وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع.
وقيل لا يحنث كصدقة واجبة ونذر وكفارة وتضييفه وابرائه.
قوله (وان أوصى له لم يحنث).
بلا نزاع اعلمه.
قوله (وان باعه وحاباه حنث).
وهو المذهب صححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمى.
وقدمه في الهداية.
ويحتمل ان لا يحنث.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
واختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المذهب والشرح والمحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين والنظم.
فائدة لو اهدى إليه حنث على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب لا يحنث.
قوله (وإذا حلف لا يأكل اللحم فاكل الشحم أو المخ أو الكبد أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الالية أو الدماغ أو القانصة لم يحنث).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
68

وقال القاضي يحنث بأكل الشحم الذي على الظهر والجنب وفي تضاعيف اللحم وهو لحم.
ولا يحنث بأكله من حلف لا يأكل شحما على ما يأتي.
وكذلك الحكم في انه لا يحنث بأكله الكلية والكارع فلا يحنث في ذلك كله الا ان ينوي اجتناب الدسم فإذا نوي ذلك حنث.
تنبيه ظاهر كلامه انه لو اكل لحم الرأس أو لحما لا يؤكل انه يحنث.
وهو أحد الوجهين.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والنظم.
قال أبو الخطاب يحنث بأكل لحم الخد.
قال الزركشي وهو مناقض لاختياره في الهداية فيما إذا حلف لا يأكل رأسا لم يحنث الا بأكل راس جرت العادة بأكله منفردا فغلب العرف.
قال في الخلاصة يحنث بأكل لحم الرأس في الأصح.
وأطلقهما في المحرر والحاوي في اكل لحم لا يؤكل.
قال الزركشي ظاهر كلام الخرقي انه يحنث بأكل كل لحم فتدخل اللحوم المحرمة كلحم الخنزير ونحوه.
وهو اشهر الوجهين وبه قطع أبو محمد انتهى.
وجزم بن عبدوس في تذكرته انه يحنث بلحم الرأس وبلحم غير مأكول.
قال في المذهب حنث بأكل الرأس في ظاهر المذهب.
والوجه الثاني لا يحنث حتى ينويه.
قال الزركشي ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله واختيار القاضي انه لا يحنث بأكل خد الرأس.
وحكى عن بن أبي موسى في ذلك كله.
69

ذكره المصنف والشارح وقالا لو اكل اللسان احتمل وجهين.
وأطلقهما في النظم والرعايتين والفروع.
قال الزركشي لا يحنث بأكل اللسان على اظهر الاحتمالين.
وقال في الكافي لو حلف لا يأكل لحما تناولت يمينه اكل اللحم المحرم.
وقال أبو الخطاب لا يحنث بأكل راس لم تجر العادة بأكله منفردا.
وقال في المغنى إن أكل رأسا أو كارعا فقد روي عن الامام احمد رحمه الله ما يدل على انه لا يحنث وقدمه في الشرح.
قال القاضي لان اسم اللحم لا يتناول الرؤوس والكوارع.
ويأتي في كلام المصنف في الفصل الآتي إذا حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا.
قوله (وان اكل المرق لم يحنث).
هذا الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وصححه بن منجا في شرحه ونصره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقد قال الامام احمد رحمه الله في رواية صالح لا يعجبني لان طعم اللحم قد يوجد في المرق.
70

قال أبو الخطاب هذا على سبيل الورع.
قال والأقوى لا يحنث انتهى.
وقال ابن أبي موسى والقاضي يحنث.
قال الزركشي فناقض القاضي.
وأطلقهما في الرعايتين والنظم.
قوله (وان حلف لا يأكل الشحم فاكل شحم الظهر حنث).
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وأبي الخطاب.
ومال إليه المصنف والشارح.
قال الزركشي هو اختيار أكثر الأصحاب والقاضي والشريف وأبى الخطاب والشيرازي وابن عقيل.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره بن حامد والقاضي وقال الشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلى أو غيره.
قال الزركشي وهو الصواب.
وقال القاضي أيضا وان اكل من كل شيء من الشاة من لحمها الأحمر والأبيض والالية والكبد والطحال والقلب فقال شيخنا يعني به بن حامد لا يحنث لان اسم الشحم لا يقع عليه.
قال في الفروع وهل بياض اللحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم فيه وجهان.
وأطلق الوجهين في أصل المسألة في النظم.
71

فائدة لو حلف لا يأكل شحما حنث بأكل الالية لا اللحم الأحمر على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال القاضي ومن وافقه ليست الالية شحما ولا لحما.
وقال الخرقي يحنث بأكل اللحم الأحمر.
وقال غيره من الأصحاب لا يحنث وهو المذهب كما تقدم.
وتأتي مسألة الخرقي في كلام المصنف.
قوله (وان حلف لا يأكل لبنا فاكل زبدا أو سمنا أو كشكا أو مصلا أو جبنا لم يحنث).
وكذا لو اكل أقطا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في اكل الزبد.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والنظم.
والحاوي الصغير والوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين.
وقال القاضي يحتمل ان يقال في الزبد ان ظهر فيه لبن حنث بأكله.
والا فلا كما لو حلف لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به المصنف وغيره في قوله إذا حلف لا يأكل فأكله مستهلكا في غيره.
وقال في الرعايتين وعنه ان اكل الجبن أو الاقط أو الزبد حنث.
قوله (وان حلف على الزبد والسمن فاكل لبنا لم يحنث وهو المذهب).
72

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في شرح بن منجا.
وقال المصنف والشارح ان اكل لبنا لم يظهر فيه الزبد لم يحنث وان كان الزبد فيه ظاهرا حنث.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى فأكل حليبا أو مخيضا أو جامدا لم يظهر زبده لم يحنث.
فائدة لو حلف لا يأكل زبدا فاكل سمنا لم يحنث وفي عكسه وجهان قاله في الرعايتين.
وجزم في الكافي انه لا يحنث أيضا.
قوله (وان حلف على الفاكهة فاكل من ثمر الشجر كالجوز واللوز والرمان حنث إن أكل من ثمر الشجر رطبا حنث بلا نزاع).
وإن اكل منه يابسا كحب الصنوبر والعناب والزبيب والتمر والتين والمشمش اليابس والإجاص ونحوه حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع هذا الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعايتين والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
73

وقدمه في المغنى والشرح.
وقيل لا يحنث بأكل ذلك.
وهو احتمال في المغنى والشرح كالحبوب.
فائدتان
إحداهما الزيتون ليس من الفاكهة وكذلك البلوط وسائر ثمر الشجر البري الذي يستطاب كالزعرور الأحمر وثمر القيقب والعفص وحب الآس ونحوه قاله المصنف والشارح وغيرهما.
ووجه في الفروع وجها في الزيتون والبلوط والزعرور انه فاكهة.
قلت وحب الاس والقيقب كذلك.
والبطم ليس بفاكهة على الصحيح من المذهب.
ويحتمل انه منها ذكرة المصنف والشارح.
الثانية الثمرة تطلق على الرطبة واليابسة شرعا ولغة قاله في الفروع.
قال وهذا معنى قولهم في السرقة منها وغيرة.
وفي طريقه لبعض الأصحاب في السلم اسم الثمرة إذا اطلق للرطبة ولهذا لو أمر وكيله بشراء ثمرة فاشترى ثمرة يابسه لم تلزمه.
وكذا في عيون المسائل وغيرها الثمر اسم للرطب.
قوله (وان اكل البطيخ حنث).
هذا المذهب اختاره القاضي وغيرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ومنتخب الادمى وغيرهم.
74

ويحتمل ان لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
فائدة قوله ولا يحنث بأكل القثاء والخيار بلا نزاع.
وكذا لا يحنث بأكل القرع والباذنجان لأنهما من الخضر.
وكذا لا يحنث بأكل ما يكون في الأرض كالجزر واللفت والفجل والقلقاس والسوطل ونحوه.
قوله (وان حلف لا يأكل رطبا فأكل مذنبا).
وهو الذي بدأ فيه الإرطاب من ذنبه وباقيه بسر حنث وهو المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يحنث اختاره بن عقيل.
قوله (وان أكل تمرا أو بسرا أو حلف لا يأكل تمرا فأكل رطبا أو دبسا أو ناطفا لم يحنث).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في المبهج رواية بأنه يحنث فيما إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل تمرا.
قوله (وان حلف لا يأكل أدما حنث بأكل البيض والشواء والجبن والملح والزيتون واللبن وسائر ما يصطبغ به
فإنه يحنث به).
75

وكذا إذا اكل الملح على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأشهر وملح.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
وقيل الملح ليس بأدم وما هو ببعيد.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وفي التمر وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما هو من الادم.
وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وهو الصواب.
والوجه الثاني ليس من الادم فلا يحنث بأكله.
جزم به بن عبدوس في تذكرته.
وهو ظاهر كلام الادمى في منتخبه.
وقال في الفروع ويتوجه على هذين الوجهين الزبيب ونحوه.
قال وهو ظاهر كلام جماعة.
قلت وهو الصواب وان ذلك مما يؤتدم به.
وجزم في المغنى والكافي والشرح وغيرهما انه لا يحنث بأكل الزبيب.
قالوا لأنه من الفاكهة.
فوائد
الأولى لو حلف لا يأكل طعاما حنث بأكل كل ما يسمى طعاما من قوت وادم وحلواء وجامد ومائع.
76

وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوها وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية وفي الماء والدواء وجهان.
قلت الصواب انه لا يحنث بأكل شيء من ذلك ولا يسمى شيء من ذلك طعاما في العرف.
قال في تجريد العناية لا يسمى ذلك طعاما في الأظهر.
وصححه الناظم.
الثانية لو حلف لا يأكل قوتا حنث بأكل خبز وتمر وتين ولحم ولبن ونحوه على الصحيح من المذهب مطلقا.
قدمه في المغنى والشرح والفروع.
قال في الرعاية الكبرى والقوت ما تبقى معه البنية كخبز وتمر وزبيب ولبن ونحو ذلك.
وكذا قال في النظم.
قال في تجريد العناية لا يختص بقوت بلده في الأظهر انتهى.
ويحتمل ان لا يحنث الا بما يقتاته أهل بلده.
وان أكل سويقا أو استف دقيقا أو حبا يقتات بخبزه حنث على الصحيح من المذهب.
ويحتمل ان لا يحنث بأكل الحب.
وان اكل عنبا أو حصرما أو خلا لم يحنث.
الثالثة قال في الفروع والعيش يتوجه فيه عرفا الخبز وفي اللغة العيش للحياة فيتوجه ما يعيش به فيكون كالطعام انتهى.
الرابعة قوله وان حلف لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا،
77

أو جوشنا أو خفا أو نعلا حنث بلا نزاع.
وان حلف لا يلبس ثوبا حنث كيفما لبسه ولو تعمم به ولو ارتدى بسراويل أو ائتزر بقميص لإبطيه وتركه على رأسه ولا بنومه عليه.
وان تدثر به فوجهان وأطلقهما في الفروع.
جزم بن عبدوس في تذكرته بعدم الحنث.
وان قال قميصا فائتزر لم يحنث وان ارتدى فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
جزم في المغنى انه يحنث وهو ظاهر الرعاية.
وان حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه.
الخامسة قوله وان حلف لا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو جوهر حنث بلا نزاع.
ويحنث أيضا بلبس خاتم في غير الخنصر وجها واحدا.
ووجه في الفروع عدم الحنث.
قلت وهو الصواب في لبس الوسطى والسبابة والابهام فأما في الخنصر فلا نزاع فيه.
السادسة قوله وان لبس عقيقا أو سبجا لم يحنث بلا نزاع.
قلت لو قيل بحنثه بلبسه العقيق لما كان بعيدا.
ولا يحنث أيضا بلبس الحرير مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال في الوسيلة تحنث المرأة بلبس الحرير.
قوله (وان لبس الدراهم والدنانير في مرسلة فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
78

والهادي والمغنى والبلغة والمحرر وشرح بن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما لا يحنث بلبسه.
وهو ظاهر ما جزم به في الكافي فإنه ذكر ما يحنث به من ذلك ولم يذكرهما وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمى.
والثاني يحنث بلبسه وهو من الحلى.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
قال في الارشاد لو لبس ذهبا أو لؤلؤا وحده حنث.
وقال بعض الأصحاب محل الخلاف إذا كانا مفردين.
فوائد
الأولى في لبسه منطقه محلاة وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما هي من الحلى.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
قلت وهو الصواب.
والوجه الثاني ليست من الحلى فلا يحنث بلبسها.
قلت ويحتمل ان يرجع في ذلك إلى العرف وعادة من يلبسها هي والدراهم والدنانير.
79

الثانية قوله وإن حلف لا يركب دابة فلان ولا يلبس ثوبه ولا يدخل داره فركب دابة عبده ولبس ثوبه ودخل داره أو فعل ذلك فيما استأجره فلان حنث بلا نزاع.
لكن لو دخل دارا استعارها السيد لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يحنث بدخول الدار المستعارة.
ولو ركب دابة استعارها لم يحنث قولا واحدا كما قاله المصنف.
الثالثة لو حلف لا يدخل مسكنه حنث بدخول ما استأجره أو استعاره للسكنى وفي حنثه بدخول مغصوب أو في دار له لكنها لغير السكنى وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه لا يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وقال في الترغيب والبلغة والأقوى إن كانت سكنه مرة حنث.
وظاهر المغنى أنه يحنث بدخول الدار المغصوبة.
وجزم به الناظم.
وقال في الرعاية الكبرى وإن قال لا أسكن مسكنه ففيما لا يسكنه من ملك أو يسكنه بغصب فيه وجهان ويحنث بسكنى ما سكنه منه بغصب.
الرابعة لو حلف لا يدخل ملك فلان فدخل ما استأجره فهل يحنث فيه وجهان في الانتصار.
قلت الصواب أنه لا يحنث وهو المتعارف بين الناس وإن كان مالك المنافع.
قوله (وإن حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث).
80

هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان.
قوله (وإن دخل طاق الباب احتمل وجهين).
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم.
وهي من جملة مسائل من حلف على فعل شيء ففعل بعضه على ما تقدم في آخر تعليق الطلاق بالشروط.
وقد صرح المصنف بهذه المسألة هناك.
أحدهما يحنث بذلك مطلقا وهو ظاهر ما اختاره الأكثر على ما تقدم هناك.
والوجه الثاني لا يحنث به مطلقا وهو ظاهر كلامه في منتخب الأدمى.
وهذا المذهب على ما تقدم.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقال القاضي لا يحنث إذا كان بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا وهو الصواب.
صححه بن منجا في شرحه.
وجزم به في الوجيز.
وقال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وإن دخل طاق الباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان.
اختار القاضي الحنث ذكره عنه في المستوعب.
فائدة لو وقف على الحائط فعلى وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والنظم.
81

قلت الصواب عدم الحنث.
وقدم بن رزين في شرحه الحنث.
قوله (وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان).
بلا نزاع أعلمه.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز وغيرهم.
ولو صلى به إماما ثم سلم من الصلاة لم يحنث نص عليه.
وإن ارتج عليه في الصلاة ففتح عليه الحالف لم يحنث بذلك.
فائدة لو كاتبه أو أرسل إليه رسولا حنث إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه.
وروى الأثرم عنه ما يدل على أنه لا يحنث بالمكاتبة إلا أن تكون نيته أو سبب يمينه يقتضى هجرانه وترك صلته.
واختاره المصنف والشارح.
والأول عليه الأصحاب.
وإن أشار إليه ففيه وجهان.
أحدهما يحنث اختاره القاضي.
والثاني لا يحنث اختاره أبو الخطاب.
واليه ميل المصنف والشارح.
وصححه في النظم.
فإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله وغفلته حنث نص عليه.
وإن سلم على المحلوف عليه حنث.
وتقدم الكلام على هذا والذي قبله في كلام المصنف في تعليق الطلاق بالكلام فليعاود.
82

قوله (وان زجره فقال تنح أو اسكت حنث).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وشرح بن منجا.
وقدمه في المغنى والشرح.
وقال المصنف قياس المذهب انه لا يحنث لان قرينه صلته هذا الكلام بيمينه تدل على اراده كلام يستأنفه بعد انقضاء هذا الكلام المتصل كما لو وجدت النية حقيقة.
فائده لو حلف لا يسلم عليه فسلم على جماعه هو فيهم وهو لا يعلم به ولم يرده بالسلام فحكى الأصحاب في حنثه روايتان.
والمنصوص في رواية مهنا الحنث.
قال في القواعد ويشبه تخريج الروايتين على مسأله من حلف لا يفعل شيئا ففعله جاهلا بأنه المحلوف عليه.
قوله (وان حلف لا يبتدئه بكلام فتكلما جميعا معا حنث).
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما.
وجزم به في الشرح وشرح بن منجا ومنتخب الادمى.
وقيل لا يحنث.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي الصغير والمنور والرعايتين.
وصححه الناظم.
وأطلقهما في الفروع.
فائده لو حلف لا كلمته حتى يكلمني أو يبدأني بالكلام فتكلما معا.
حنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
83

وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين.
وقيل لا يحنث واختاره في الرعايتين.
قوله (وان حلف لا يكلمه حينا فذلك ستة اشهر نص عليه).
وهو المذهب مطلقا نص عليه.
جزم به الخرقي وصاحب الارشاد والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح وشرح بن منجا والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال الزركشي نص عليه الامام احمد رحمه الله والأصحاب.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل ان عرفه فللأبد كالدهر والعمر.
وقال في الفروع ويتوجه أقل زمن.
تنبيه محل الخلاف إذا اطلق ولم ينو شيئا.
قوله (وان قال زمنا أو دهرا أو بعيدا أو ملبيا رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ).
وكذا طويلا وهذا الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وغيرة.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والفروع.
84

وقدمه في الرعاية الكبرى في بعيد وملي وطويل.
وقال القاضي هذه الالفاظ كلها مثل الحين الا بعيدا أو مليا فإنه على أكثر من شهر.
وقدمه في الرعايتين في زمن ودهر.
وجزم به في المنور.
وعند بن أبى موسى إذا حلف لا يكلمه زمانا لم يكلمه ثلاثة اشهر.
قوله (وان قال عمرا احتمل ذلك).
يعني انه كزمن ودهر وبعيد وملئ وهو الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وجزم به في الرعايتين والحاوي.
واحتمل ان يكون أربعين عاما.
قال المصنف والشارح هذا قول حسن.
وقال القاضي هو مثل حين كما تقدم.
وجزم به في الوجيز.
قوله (وان قال الأبد والدهر).
يعني معرفا بالألف واللام فذلك على الزمان كله.
وكذا العمر على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والنظم.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل ان العمر كالحين.
وقيل أربعون سنة.
فائدة الزمان كالحين على الصحيح من المذهب.
85

اختاره القاضي وأبو الخطاب.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين.
واختار جماعة انه على الزمان كله منهم المصنف والشارح والمجد في محرره.
وحكى عن بن أبى موسى انه ثلاثة اشهر.
واما الذي قاله في الارشاد فإنما هو فيما إذا حلف لا يكلمه زمانا فإنه لا يكلمه ثلاثة اشهر.
قوله (والحقب ثمانون سنة).
وجزم به في الخلاصة والوجيز وشرح بن منجا.
وصححه في تجريد العناية.
قال في الهداية والمذهب واما الحقب فقيل ثمانون سنة واقتصر عليه.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به الادمى في منتخبه.
وقال القاضي هو أدنى زمان.
وقدم في الفروع ان حقبا أقل زمان.
وقيل الحقب أربعون سنة.
قال في الرعايتين قلت ويحتمل انه كالعمر.
وقيل الحقب للأبد.
فائدة لو قال إلى الحول فحول كامل لا تتمته.
أوما إليه الامام احمد رحمه الله ذكره في الانتصار.
86

قوله (والشهور اثنا عشر شهرا عند القاضي).
قال الشارح عند القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في تجريد العناية.
وعند أبى الخطاب ثلاثة اشهر كالأشهر والأيام وهو المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والحاوي الصغير والرعايتين.
وجزم به الادمى في منتخبه.
قوله (والأيام ثلاثة).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير ومنتخب الادمى.
وقدمه في الفروع.
وقيل للقاضي في مسألة أكثر الحيض اسم الأيام يلزم الثلاثة إلى العشرة لأنك تقول أحد عشر يوما ولا تقول أياما فلو تناول اسم الأيام ما زاد على العشرة حقيقة لما جاز نفيه.
فقال قد بينا ان اسم الأيام يقع على ذلك والأصل الحقيقة.
يعني قوله تعالى 3 140 * (وتلك الأيام نداولها بين الناس) * 69 24 * (بما أسلفتم في الأيام الخالية) * 2 184 185 * (فعدة من أيام أخر) *.
وقال زفر بن الحارث.
وكنا حسبنا كل سوداء تمرة * ليالي لاقينا جذاما وحميرا.
قال القاضي فدل ان الأيام والليالي لا تختص بالعشرة.
قوله (وان حلف لا يدخل باب هذه الدار فحول ودخله حنث).
87

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل ان رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان كما تقدم.
فائده لو حلف لا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها من غير الباب لم يحنث.
ويتخرج ان يحنث إذا أراد بيمينه اجتناب الدار ولم يكن للباب سبب هيج يمينه قاله المصنف والشارح وهو قوى.
قوله (وان حلف لا يكلمه إلى حين الحصاد انتهت يمينه بأوله).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال ابن منجا وغيره هذا المذهب.
جزم به في الوجيز ومنتخب الادمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل ان يتناول جميع مدته.
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
وتقدم ما يشابه ذلك في الخيار في البيع.
ويأتي نظيره في الاقرار.
وهذه قاعدة كليه ذكرها الأصحاب.
قوله (وان حلف لا مال له وله مال غير زكوي أو دين على الناس حنث).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
88

وقدمه في الشرح والفروع.
قال في القاعدة الحادية والعشرين بعد المائة قال الأصحاب يحنث.
وعنه لا يحنث الا بالنقد.
وعنه إذا نذر الصدقة بجميع ماله انما يتناول نذرة الصامت من ماله.
ذكرها بن أبي موسى.
قال في الواضح المال ما تناوله الناس عاده بعقد شرعي لطلب الربح مأخوذ من الميل من يد إلى يد ومن جانب إلى جانب.
قال والملك يختص الأعيان من الأموال ولا يعم الدين.
فعلى المذهب لا يحنث باستئجاره عقارا أو غيرة وفي مغصوب عاجز عنه وضائع أيس منه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف والشارح فان كان له مال مغصوب حنث وان كان له مال ضائع ففيه وجهان الحنث عدمه.
فإن ضاع على وجه قد ايس من عوده كالذي سقط في بحر لم يحنث.
ويحتمل ان لا يحنث في كل موضع لا يقدر على اخذ ماله كالمجحود والمغصوب والدين الذي على غير مليء انتهيا.
فائده لو تزوج لم يحنث لان ما تملكه ليس بمال.
وكذلك ان وجب له حق شفعه.
قوله (وان حلف لا يفعل شيئا فوكل من يفعله حنث إلا أن ينوي).
هذا المذهب مطلقا.
وعليه جماهير الأصحاب.
89

ونص عليه الامام احمد رحمه الله.
وجزم به أكثرهم منهم الخرقي والمصنف والشارح والناظم وابن منجا وصاحب الوجيز والمنتخب والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
قال في الانتصار وغيرة أقام الشرع أقوال الوكيل وافعاله مقام الموكل في العقود وغيرها.
قال في الترغيب فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله.
نقل بن الحكم ان حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم انه يشتريه للذي حلف عليه حنث.
وقال في الارشاد وان حلف لا يفعل شيئا فامر غيره بفعله حنث إلا أن تكون عادته جاريه بمباشرة ذلك الفعل بنفسه ويقصد بيمينه ان لا يتولى هو فعله بنفسه فامر غيرة بفعله لم يحنث.
قال في المفردات ان حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث والا فلا.
فائده لو توكل الحالف فيما حلف ان لا يفعله وكان عقدا فان اضافه إلى موكله لم يحنث.
ولا بد في النكاح من الإضافة كما تقدم في الوكالة والنكاح وان اطلق في ذلك كله فوجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وإن حلف لا يكفل مالا فكفل بدنا وشرط البراءة وعند المصنف أولا لم يحنث قاله في الفروع.
قوله (وان حلف على وطء امرأته تعلقت يمينه بجماعها وإن
90

حلف على وطء دار تعلقت يمينه بدخولها راكبا أو ماشيا أو حافيا أو منتعلا).
لا أعلم فيه خلافا.
قوله (وإن حلف لا يشم الريحان فشم الورد والبنفسج والياسمين أو لا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما أو ماء الورد فالقياس انه لا يحنث).
ولا يحنث الا بشم الريحان الفارسي.
واختاره القاضي والمصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وقال بعض أصحابنا يحنث وهو المذهب.
قال في الفروع حنث في الأصح.
واختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
قوله (وان حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا حنث عند الخرقي).
وهو المذهب تقديما للشرع واللغة.
قال في المذهب حنث في ظاهر المذهب.
قال المصنف هذا ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
قال الزركشي هذا المشهور.
91

وهو اختيار الخرقي والقاضي وعامه أصحابه.
وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في المغنى والكافي والشرح ونصراه.
وقدمه في الفروع.
ولم يحنث عند بن أبي موسى إلا ان ينوي.
قال الزركشي ولعله الظاهر.
قال في القواعد ولعله ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية.
قوله (وان حلف لا يأكل رأسا ولا بيضا حنث بأكل رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد عند القاضي).
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
قال في الخلاصة حنث بأكل السمك والطير في الأصح.
وعند أبي الخطاب لا يحنث الا بأكل راس جرت العادة بأكله منفردا أو بيض يزايل بائضه حال الحياة.
وكذا ذكر القاضي في موضع من خلافه ان يمينه تختص بما يسمى رأسا عرفا.
واختاره المصنف والشارح في البيض.
وقال في الواضح والاقناع في الرؤوس هل يحنث بأكل كل رأس اختاره الخرقي أم برؤوس بهيمة الانعام فيه روايتان.
وقال في الترغيب ان كان بمكان العادة افراده بالبيع فيه حنث فيه أو في غير مكانه وجهان نظرا إلى أصل العادة أو عاده الحالف.
92

قوله (وإن حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما أو بيت شعر أو أدم أو لا يركب فركب سفينة حنث عند أصحابنا).
وهو المذهب نص عليه تقديما للشرع واللغة.
قال الشارح هذا المذهب فيما إذا دخل مسجدا أو حماما.
قال في القواعد الفقهية فالمنصوص في رواية مهنا انه يحنث وأنه لا يرجع في ذلك إلى نيته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وحنثه بدخول المسجد والحمام والكعبة من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا يحنث.
وقال الشارح والأولى أنه لا يحنث إذا دخل ما لا يسمى بيتا في العرف كالخيمة.
قوله (وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله لم يحنث).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في القواعد المشهور أنه لا يحنث.
وتوقف في رواية.
قوله (وإن دق عليه إنسان فقال ادخلوها بسلام آمنين يقصد تنبيهه).
يعني يقصد بذلك القرآن لم يحنث.
93

وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وذكر بن الجوزي في المذهب وجهين في حنثه.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يقصد تنبيهه أعني إن لم يقصد بذلك القرآن يحنث وهو صحيح لأنه من كلام الناس.
وقد صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح.
فائدة حقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه.
ذكره في الإنتصار.
واقتصر عليه في الفروع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الكلام يتضمن فعلا كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني.
فلهذا يجعل القول قسيما للفعل تارة وقسما منه تارة أخرى.
وينبنى عليه من حلف لا يعمل عملا فقال قولا كالقراءة ونحوها هل يحنث فيه وجهان في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
قال ابن أبي المجد في مصنفه لو حلف لا يعمل عملا فتكلم حنث.
وقيل لا.
وقال القاضي في الخلاف في المشي في صلاته في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام أفعل ذلك يرجع إلى القول والفعل لأن القراءة فعل في الحقيقة.
وليس إذا كان لها اسم أخص به من الفعل يمتنع أن تسمى فعلا.
قال أبو الوفاء وإن حلف لا يسمع كلام الله فقرأ القرآن حنث إجماعا.
قوله (وإن حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر في يمينه).
94

وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ابن الجوزي في التبصرة اختاره أصحابنا.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في الهداية والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والفروع والرعايتين والحاوي.
وعنه يبر اختاره بن حامد كحلفه ليضربنه بمائة سوط.
قوله (وإن حلف لا يأكل شيئا فأكله مستهلكا في غيره مثل أن حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر أو لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث يشتمل كلام المصنف هنا على مسائل).
منها لو حلف لا يأكل لبنا فإنه يحنث بأكل كل لبن ولو من صيد وآدمية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه فيهما ما تقدم في مسألة الخبز والماء وإن أكل زبدا لم يحنث على الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف هنا إذا لم يظهر فيه طعمه ونص عليه وجزم به في منتخب الآدمي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم المصنف قبل ذلك بأنه لا يحنث مطلقا وذكر الذي ذكره هنا احتمالا للقاضي.
95

ولعل كلام الأصحاب في تلك المسألة محمول على ما إذا لم يظهر فيه طعمه كما صرحوا به هنا.
أو يقال الزبد ليس فيه شيء من اللبن مستهلكا.
ولذلك لم يذكر هذه الصورة في الوجيز هنا ولا جماعة غيره.
وقال في الترغيب وعن الإمام أحمد رحمه الله في حنثه بزبد وأقط وجبن روايتان.
وأما إذا ظهر طعمه فيه فإنه يحنث.
ومنها لو حلف لا يأكل سمنا فاكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه لم يحنث وان ظهر فيه طعمه حنث بلا خلاف اعلمه.
ومنها لو حلف لا يأكل بيضا فاكل ناطفا لم يحنث قولا واحدا.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين لو حلف لا يأكل شيئا فاستهلك في غيره ثم اكله قال الأصحاب لا يحنث ولم يخرجوا فيه خلافا.
وقد يخرج فيه وجه بالحنث.
وقد أشار إليه أبو الخطاب.
ومنها لو حلف لا يأكل شحما فاكل اللحم الأحمر لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع لا يحنث بأكل اللحم الأحمر على الأصح.
قال المصنف وهو الصحيح.
قال الشارح وهو قول غير الخرقي من أصحابنا.
قال الزركشي وقال عامة الأصحاب لا يحنث.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
96

وقال الخرقي يحنث بأكل اللحم الأحمر وحده.
وهو ظاهر كلام أبى الخطاب وأطلقهما في المذهب.
وتقدم إذا حلف لا يأكل اللحم فاكل الشحم أو غيره أو لا يأكل الشحم فاكل شحم الظهر ونحو ذلك.
ومنها لو حلف لا يأكل شعيرا فاكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الفروع لم يحنث على الأصح.
قال الشارح والأولى انه لا يحنث.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمى والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وهو تخريج في الهداية.
وقال غير الخرقي يحنث بأكل حنطة فيها حبات شعير.
قال في الخلاصة والترغيب حنث في الأصح.
وقدمه في الهداية والمذهب.
وأطلق وجهين في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع وذكر أبو الخطاب وغيره في حنثه وجهين.
وقال في الترغيب يحنث بلا خلاف ان كان غير مطحون.
وغلط من نقل وجهين مطلقين.
وان كان مطحونا لم يحنث نقله في القواعد الفقهية.
وقال في الفروع وفي الترغيب ان طحنه لم يحنث والا حنث في الأصح انتهى.
97

قلت قطع بن عبدوس في تذكرته انه لا يحنث إذا اكل ذلك غير مطحون ويحنث إذا اكله دقيقا أو سويقا.
فقال لو حلف لا آكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث بل بدقيقه وسويقه وشربهما أو بالعكس.
قوله (وإن حلف لا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فاكله فقال الخرقي يحنث).
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
قال في الخلاصة حنث في الأصح.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقال الامام احمد رحمه الله في رواية مهنا فيمن حلف لا يشرب نبيذا فثرد فيه فاكله لا يحنث.
قال في المحرر وغيره روى مهنا لا يحنث.
وصححه في النظم.
وأطلق الروايتين في الشرح والرعايتين والفروع.
قال أبو الخطاب والمصنف هنا فيخرج في كل ما حلف لا يأكله فشربه أو لا يشربه فأكله وجهان.
وأطلقهما في المذهب.
وقال القاضي ان عين المحلوف عليه يحنث وان لم يعينه لم يحنث.
قاله في المجرد.
وجزم به في الوجيز.
وأطلقهن الزركشي والمحرر والحاوي.
وقال القاضي في كتاب الروايتين محل الخلاف مع التعيين اما مع عدمه فلا يحنث قولا واحدا.
98

وقال في الترغيب محل الخلاف مع ذكر المأكول والمشروب والا حنث.
فائده لو حلف لا يشرب فمص قصب السكر أو الرمان لم يحنث نص عليه.
وكذا لو حلف لا يأكل فمصه.
وهذا المذهب اختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في المغنى والكافي والشرح وغيرهم.
وجزم به في النظم وغيره.
واقتصر عليه بن رزين في شرحه.
ويجيء على قول الخرقي انه يحنث.
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وكذا الحكم لو حلف لا يأكل سكرا فتركه في فيه حتى ذاب وابتلعه.
قاله المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
قوله (وان حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه وان ذاقه ولم يبلعه لم يحنث).
بلا نزاع.
وان حلف لا ذاقه حنث بأكله وشربه.
قال في الرعاية وفيمن لا ذوق له نظر.
وان حلف لا يأكل مائعا فاكله بالخبز حنث بلا نزاع في ذلك.
قوله (وان حلف لا يتزوج ولا يتطهر ولا يتطيب فاستدام ذلك لم يحنث).
وقطع به الأصحاب.
99

قال المصنف والشارح لأنه لا يطلق اسم الفعل على مستديم هذه الثلاثة فلا يقال تزوجت شهرا ولا تطهرت شهرا ولا تطيبت شهرا وانما يقال منذ شهر ولم ينزل الشارع استدامه التزوج والتطيب منزله ابتدائهما في تحريمه في الاحرام.
قوله (وان حلف لا يركب ولا يلبس فاستدام ذلك حنث).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
قال أبو محمد الجوزي في اللبس ان استدامه حنث ان قدر على نزعه.
قال القاضي وابن شهاب وغيرهما الاخراج والنزع لا يسمى سكنا ولا لبسا ولا فيه معناه.
وتقدم إذا حلف لا يصوم وكان صائما أو لا يحج في حال حجه أو حلف على غيرة لا يصلى وهو في الصلاة.
فائده وكذا الحكم لو حلف لا يلبس من غزلها وعليه منه شيء نص عليه.
وكذا لو حلف لا يقوم وهو قائم ولا يقعد وهو قاعد ولا يسافر وهو مسافر.
وكذا لو حلف لا يطأ ذكره في الانتصار.
ولا يمسك ذكره القاضي في الخلاف.
أو حلف ان لا يضاجعها على فراش فضاجعته ودام نص عليه.
أو حلف ان لا يشاركه فدام ذكره في الروضة.
قال في الفروع عن القاضي وابن شهاب وغيرهما والنزع جماع لاشتماله على ايلاج واخراج فهو شطره.
100

وجزم المجد في منتهى الغاية لا يحنث المجامع ان نزع في الحال.
وجعله محل وفاق في مسألة الصوم لأن اليمين أوجبت الكف في المستقبل فتعلق الحكم بأول أسباب الإمكان بعدها وجزم به القاضي لأن مفهوم يمينه لا استدمت الجماع انتهى.
وتقدم في باب تعليق الطلاق مسائل كثيرة قريبة من هذا.
قوله (وان حلف لا يدخل دارا وهو داخلها فأقام فيها حنث عند القاضي).
وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
ولم يحنث عند أبي الخطاب.
وأطلقهما في المغنى والمحرر والشرح وشرح بن منجا.
قوله (وان حلف لا يدخل على فلان بيتا فدخل فلان عليه فأقام معه فعلى وجهين).
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا والمحرر والنظم.
أحدهما يحنث.
قال في الفروع حنث في الأصح.
وصححه في تصحيح النظم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي
101

والوجه الثاني لا يحنث.
تنبيه محل الخلاف في المسألتين إذا لم يكن له نية قاله في الوجيز وغيره.
قوله (وان حلف لا يسكن دارا أو لا يساكن فلانا وهو مساكنه ولم يخرج في الحال حنث الا ان يقيم لنقل متاعه أو يخشى على نفسه الخروج فيقيم إلى ان يمكنه وان خرج دون متاعه وأهله حنث إلا أن يودع متاعه أو يعيره أو يزول ملكه عنه وتأبى امرأته الخروج معه ولا يمكنه اكراهها فيخرج وحده فلا يحنث).
هذا المذهب في ذلك كله.
قال في الفروع فإن أقام الساكن أو المساكن حتى يمكنه الخروج بحسب العادة لا ليلا ذكره في التبصرة والشيخ يعنى به المصنف بنفسه وباهله ومتاعه المقصود لم يحنث.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمحرر والنظم والخلاصة.
وقدمه في الشرح وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
وقال المصنف يحنث ان لم ينو النقلة.
وظاهر نقل بن هانئ وغيره وهو ظاهر الواضح وغيره لو ترك له بها شيئا حنث.
وقيل ان خرج باهله فقط فسكن بموضع آخر لم يحنث.
قال الشارح والأولى إن شاء الله تعالى أنه إذا انتقل بأهله فسكن في موضع آخر انه لا يحنث وإن بقي متاعه في الدار الأولى لأن مسكنه حيث حل أهله به ونوى الإقامة انتهى.
102

واختاره المصنف.
وقيل أو خرج وحده بما يتأثث به فلا يحنث اختاره القاضي.
قوله (وان حلف لا يساكن فلانا فبنيا بينهما حائطا وهما متساكنان حنث).
هذا المذهب صححه في النظم.
وقدمه في المحرر والفروع.
وجزم به في الشرح وقال لا نعلم فيه خلافا.
وقيل لا يحنث.
قال في المحرر وان تشاغل هو وفلان ببناء الحاجز بينهما وهما متساكنان حنث.
وقيل لا يحنث.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي.
فائدة لو حلف لا أساكنه في هذه الدار وهما غير متساكنين فبنيا بينهما حائطا وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه وسكناها لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى الشرح وصححاه.
وقدمه في الفروع.
وقيل يحنث.
قال الشارح ويحتمله قياس المذهب لكونه عين الدار.
قوله (وان كان في الدار حجرتان كل حجرة تختص ببابها ومرافقها فسكن كل واحد حجرة لم يحنث).
103

وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز والفروع وقال إذا لم يكن نية ولا سبب.
قال في الفنون فيمن قال أنت طالق ان دخلت على البيت ولا كنت لي زوجه إن لم تكتبي لي نصف مالك فكتبته له بعد ستة عشر يوما يقع الثلاث وإن كتبت له لأنه يقع باستدامة المقام فكذا استدامه الزوجية قوله وان حلف ليخرجن من هذه البلدة فخرج وحدة دون أهله بر.
وهو المذهب المشهور.
قال في الفروع والأشهر يبر بخروجه وحده.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
قال في الرعاية يبر بخروجه بمتاعه المقصود.
وقيل لا يبر بخروجه وحده.
وقال في الفروع ويتوجه انها كحلفه لا يسكن الدار.
قوله (وان حلف ليخرجن من هذه الدار فخرج دون أهله لم يبر).
هذا المذهب جزم به في الشرح وشرح بن منجا والوجيز.
قال في الفروع فهو كحلفه لا يسكن الدار على ما تقدم.
فائده مثل ذلك في الحكم لو حلف لا ينزل في هذه الدار ولا يأوي إليها نص عليهما وكذا لو حلف ليرحلن من البلد.
قوله (وإن حلف ليخرجن من هذه البلدة أو ليرحلن).
عن هذه الدار ففعل فهل له العود على روايتين.
104

وأطلقهما في الهداية والمغني والشرح وشرح بن منجا والمحرر والنظم.
إحداهما له العود ولم يحنث إذا لم تكن نية ولا سبب وهو المذهب.
قال في الفروع لم يحنث بالعود إذا لم تكن نية ولا سبب على الأصح.
قال في المذهب لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الخلاصة إذا رحل انحلت اليمين على الأصح.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يحنث بالعود.
قوله (وإن حلف لا يدخل دارا فحمل فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع أو حلف لا يستخدم رجلا فخدمه وهو ساكت فقال القاضي يحنث).
وهو المذهب نص عليه.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به الآدمي في منتخبه والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
ويحتمل أن لا يحنث.
وهما وجهان مطلقان في المذهب.
وأطلقهما في الأولى في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
105

وقدم في المحرر أنه يحنث في الثانية.
وقال الشارح إن كان الخادم عبده حنث وإن كان عبد غيره لم يحنث.
وجزم به الناظم.
تنبيه مفهوم كلامه أنه إذا لم يمكنه الامتناع أنه لا يحنث وهو صحيح.
وهو المكره وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنه يحنث.
وهو وجه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى المذهب يحنث بالاستدامة على الصحيح.
وقيل لا يحنث.
وتقدم بعض أحكام المكره في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط.
فعلى الوجه الثاني في المسألة الأولى وهو احتمال المصنف لو استدام ففي حنثه وجهان.
وأطلقهما في المذهب والخلاصة والمحرر والنظم والزركشي.
إحداهما يحنث.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وهو الصواب.
والثاني لا يحنث.
قوله (وإن حلف ليشربن الماء أو ليضربن غلامه غدا فتلف المحلوف عليه قبل الغد حنث عند الخرقي).
وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمحرر.
106

وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع والزركشي.
وقال هذا المذهب المنصوص.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يحنث.
وهو تخريج في المغني والشرح.
وقال في الترغيب لا يحنث على قول أبي الخطاب.
فعلى المذهب يحنث حال تلفه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يحنث في آخر الغد.
وهو أيضا تخريج في المغني والشرح.
وقيل يحنث إذا جاء الغد ذكره الزركشي وغيره.
تنبيهان
أحدهما محل الخلاف في أصل المسألة إذا تلف بغير اختيار الحالف.
فأما إن تلف باختياره كما إذا قتله ونحوه فإنه يحنث قولا واحدا.
وفي وقت حنثه الخلاف المتقدم.
الثاني مفهوم كلامه أنه لو تلف في الغد ولم يضربه أنه يحنث وشمل صورتين.
إحداهما أن لا يتمكن من ضربه في الغد فهو كما لو مات من يومه على ما تقدم.
قاله المصنف والشارح.
الثانية أن يتمكن من ضربه ولم يضربه فهذا يحنث قولا واحدا.
فوائد
منها لو ضربه قبل الغد لم يبر على الصحيح من المذهب.
107

قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقال القاضي يبر لأن يمينه للحنث على ضربه فإذا ضربه اليوم فقد فعل المحلوف عليه وزيادة.
قلت قريب من ذلك إذا حلف ليقضينه غدا فقضاه قبله على ما تقدم في أول الباب.
ومنها لو ضربه بعد موته لم يبر.
ومنها لو ضربه ضربا لا يؤلمه لم يبر أيضا.
ومنها لو جن الغلام وضربه بر.
قوله (وإن مات الحالف لم يحنث).
إذا مات الحالف فلا يخلو إما أن يكون موته قبل الغد أو في الغد.
فإن مات قبل الغد لم يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لم يحنث في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا والوجيز والخرقي والزركشي وغيرهم من الأصحاب.
وقيل يحنث.
وكذا الحكم لو جن الحالف فلم يفق إلا بعد خروج الغد.
وإن مات في الغد فالصحيح من المذهب أنه يحنث نص عليه.
قال الزركشي المذهب أنه يحنث.
قدمه في الفروع.
وقيل لا يحنث مطلقا.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل إن تمكن من ضربه حنث وإلا فلا.
108

قال الزركشي ولم أر هذه الأقوال مصرحا بها في هذه المسألة بعينها لكنها تؤخذ من مجموع كلام أبي البركات انتهى.
قال في المغني والشرح وإن مات الحالف في الغد بعد التمكن من ضربه حنث وجها واحدا.
فائدتان
إحداهما لو حلف ليضربن هذا الغلام اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم فمات الغلام أو تلف الرغيف فيه حنث عقب تلفهما على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث في آخره.
وأما إذا لم يمت الغلام ولا تلف الرغيف لكن مات الحالف فإنه يحنث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويحنث بموته على الأصح بآخر حياته.
وجزم به في الوجيز.
وقيل لا يحنث بموته.
فعلى المذهب وقت حنثه آخر حياته.
الثانية لو حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا أو أطلق فمات الحالف أو تلف المحلوف عليه قبل أن يمضي وقت يمكن فعله فيه حنث نص عليه كإمكانه.
وهذه المسألة أعم من المسألة الأولى.
قوله (وإن حلف ليقضينه حقه فأبرأه فهل يحنث وجهين).
109

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يحنث.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
والوجه الثاني يحنث.
قال في الهداية بناء على ما إذا أكره ومنع من القضاء في الغد هل يحنث على الروايتين.
قال الشارح وهذان الوجهان مبنيان على ما إذا حلف على فعل شيء فتلف قبل فعله قاله في الفروع.
وإن حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.
وقيل لا يحنث في الأصح.
وقال في الترغيب أصلهما إذا منع من الإيفاء في الغد كرها لا يحنث على الأصح.
وأطلق في التبصرة فيهما الخلاف.
قوله (وإن مات المستحق فقضى ورثته لم يحنث).
اختاره أبو الخطاب.
وقدمه في الهداية والمحرر والنظم والمستوعب والشرح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس.
وقال القاضي يحنث لأنه تعذر قضاؤه فأشبه ما لو حلف ليضربنه غدا فمات اليوم.
110

وأطلقهما في المذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع بعد مسألة البراءة وكذا إن مات ربه فقضى لورثته.
وكذا قال في الرعايتين والحاوي.
قوله (وإن باعه بحقه عرضا لم يحنث عند بن حامد).
وهو المذهب.
قال في الفروع وإن أخذ عنه عرضا لم يحنث في الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم.
وحنث عند القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي.
فائدة لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم أو قبل مضيه أو مات ربه فقضاه لورثته لم يحنث على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وقيل يحنث.
وقيل لا يحنث إلا مع البراءة أو الموت قبل الغد.
قال في الفروع لو حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل مطلقا فقيل كمسألة التلف.
وقيل لا يحنث في الأصح انتهى.
قوله (وإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الهلال فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر بر) بلا نزاع.
111

وكذا الحكم لو قال مع رأس الهلال أو إلى رأس الهلال أو إلى استهلاله أو عند رأس الشهر أو مع رأسه قاله الشارح.
قال المصنف والشارح لو شرع في عده أو كيله أو وزنه فتأخر القضاء لم يحنث لأنه لم يترك القضاء.
قالا وكذلك لو حلف ليأكلن هذا الطعام في هذا الوقت فشرع في أكله فيه وتأخر الفراغ لكثرته لم يحنث.
قوله (فقضاه عند غروب الشمس في أول الشهر).
هكذا قال الشارح وغيره.
وجمهور الأصحاب قالوا فقضاه عند غروب الشمس من آخر الشهر.
وقال في الرعاية الكبرى فقضاه قبل الغروب في آخره بر.
وقيل بل في أوله.
فجعلهما قولين.
والذي يظهر أنه لا تنافي بينهما وأنه قول واحد لكن العبارة مختلفة.
فائدة لو أخر ذلك مع إمكانه حنث على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تعتبر المقارنة فتكفي حالة الغروب وإن قضاه بعده حنث.
قوله (وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي فهرب منه حنث نص عليه).
في رواية جعفر بن محمد وهو المذهب.
112

قال ابن الجوزي في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال الخرقي لا يحنث.
قال في الرعايتين وهو أصح.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في المستوعب.
وأطلقهما في الخلاصة.
وجزم في الكافي بأنه إذا فارقه الغريم بإذنه أو قدر على منعه من الهرب فلم يفعل حنث.
ومعناه في المستوعب.
واختاره في المحرر والمغني.
وجعله مفهوم كلام الخرقي يعني في الإذن له.
قال في الوجيز وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه وأمكنه متابعته وإمساكه فلم يفعل حنث.
قوله (وإن فلسه الحاكم وحكم عليه بفراقه خرج على الروايتين في الإكراه).
قال في المغني والشرح والفروع والزركشي وغيرهم فهو كالمكره.
وجزم في الوجيز بأنه لا يحنث.
تنبيه مفهوم كلامه أنه إذا فلسه ولم يحكم عليه بفراقه وفارقه لعلمه بوجوب مفارقته أنه يحنث وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح.
113

وقدمه في الفروع.
وقيل هو كالمكره وما هو ببعيد.
فائدة قال الشارح وغيره إذا حلف لأفارقنك حتى أستوفي حقي ففيه عشر مسائل.
إحداها أن يفارقه مختارا فيحنث سواء أبرأه من الحق أو بقي عليه.
الثانية أن يفارقه مكرها فإن فارقه بكونه حمل مكرها لم يحنث وإن أكره بالضرب والتهديد لم يحنث.
وفي قول أبي بكر يحنث.
وفي الناسي تفصيل ذكر فيما مضى.
الثالثة أن يهرب منه بغير اختياره فلا يحنث على الصحيح من المذهب.
وعنه يحنث.
الرابعة أذن له الحالف في المفارقة فمفهوم كلام الخرقي أنه يحنث.
وقيل لا يحنث.
قال القاضي وهو قول الخرقي.
ورده المصنف والشارح.
الخامسة فارقه من غير إذن ولا هرب على وجه يمكنه ملازمته والمشي معه أو إمساكه فهي كالتي قبلها.
السادسة قضاه قدر حقه ففارقه ظنا أنه قد وفاه فخرج رديئا فيخرج في حنثه روايتا الناسي.
وكذا إن وجدها مستحقة فأخذها ربها.
وإن علم بالحال حنث.
114

السابعة تفليس الحاكم له على ما تقدم مفصلا.
الثامنة أحاله الغريم بحقه ففارقه حنث.
فإن ظن أنه قد يريد بذلك مفارقته ففارقه خرج على الروايتين ذكره أبو الخطاب.
قال المصنف والصحيح أنه يحنث هنا.
فأما إن كانت يمينه لا فارقتك ولي قبلك حق فأحاله به ففارقه لم يحنث.
وإن أخذ به ضمينا أو كفيلا أو رهنا ففارقه حنث بلا إشكال.
التاسعة قضاه عن حقه عرضا ثم فارقه فقال ابن حامد لا يحنث.
قال المصنف والشارح وهو أولى.
وقال القاضي يحنث.
فلو كانت يمينه لا فارقتك حتى تبرأ من حقي أو ولي قبلك حق لم يحنث وجها واحدا.
العاشرة وكل في استيفاء حقه فإن فارقه قبل استيفاء الوكيل حنث.
فائدتان
إحداهما لو قال لا فارقتني حتى أستوفي حقي منك ففارقه المحلوف عليه مختارا حنث.
وإن أكره على فراقه لم يحنث.
وإن فارقه الحالف مختارا حنث إلا على ما ذكره القاضي في تأويل كلام الخرقي.
115

الثانية لو حلف لا فارقتك حتى أوفيك حقك فأبرأه الغريم منه فهل يحنث على وجهين بناء على المكره.
وإن كان الحق عينا فوهبها له الغريم فقبلها حنث.
وإن قبضها منه ثم وهبها إياه لم يحنث.
وإن كانت يمينه لا أفارقك ولك في قبلي حق لم يحنث إذا أبرأه أو وهب العين له.
116

باب النذر
فائدتان
إحداهما لا نزاع في صحة النذر ولزوم الوفاء به في الجملة.
وهو عبارة عما قال المصنف وهو أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا.
يعني إذا كان مكلفا مختارا.
الثانية النذر مكروه على الصحيح من المذهب لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام النذر لا يأتي بخير.
قال ابن حامد لا يرد قضاء ولا يملك به شيئا محدثا.
وجزم به في المغني والشرح.
وقدمه في الفروع.
قال الناظم وليس بسنة ولا محرم.
وتوقف الشيخ تقي الدين رحمه الله في تحريمه.
ونقل عبد الله نهى عنه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقال ابن حامد المذهب أنه مباح.
وحرمه طائفة من أهل الحديث.
قوله (ولا يصح إلا من مكلف مسلما كان أو كافرا).
يصح النذر من المسلم مطلقا بلا نزاع.
ويصح من الكافر مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي والنظم والحاوي الصغير وغيرهم ونص عليه في العبادة.
وقال في الفروع ولا يصح إلا من مكلف ولو كافرا بعبادة نص عليه.
117

وقيل منه بغيرها.
مأخذه أن نذره لها كالعبادة لا اليمين.
قال في الرعايتين ويصح من كل كافر.
وقيل بغير عبادة.
فعلى هذا القول يصح منه بعبادة.
قال في القواعد الأصولية يحسن بناؤه على أنهم مخاطبون بفروع الإسلام.
وعلى القول الآخر إن نذره للعبادة عبادة وليس من أهل العبادة.
تنبيه قوله ولا يصح إلا بالقول فإن نواه من غير قول لم يصح بلا نزاع.
قال في الفروع وظاهره لا تعتبر له صيغة خاصة.
يؤيده ما يأتي في رواية بن منصور فيمن قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
قال وظاهر كلام جماعة أو الأكثر يعتبر قوله لله علي كذا أو علي كذا.
ويأتي كلام بن عقيل إلا مع دلالة الحال.
وقال في المذهب بشرط إضافته فيقول لله علي.
وقد قال في الرعاية الصغرى وغيره وهو قول يلتزم به المكلف المختار لله حقا بعلي لله أو نذرت لله.
قوله (ولا يصح في محال ولا واجب فلو قال لله علي صوم أمس أو صوم رمضان لم ينعقد).
لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قاله المصنف وغيره.
118

وحكى في المغني احتمالا.
وجعل في الكافي قياس المذهب ينعقد النذر في الواجب وتجب الكفارة إن لم يفعله.
وقال في المغني في موضع قياس قول الخرقي الانعقاد وقول القاضي عدمه انتهى.
وذكر في الكافي احتمالا بوجوب الكفارة في نذر المحال كيمين الغموس.
ويأتي إذا نذر صوم نصف يوم.
قوله (والنذر المنعقد على خمسة أقسام).
أحدها النذر المطلق وهو أن يقول لله علي نذر فيجب فيه كفارة يمين.
وكذا قوله لله علي نذر إن فعلت كذا ولا نية له.
قوله (الثاني نذر اللجاج والغضب وهو ما يقصد به المنع من شيء غيره أو الحمل عليه كقوله إن كلمتك فلله علي الحج أو صوم سنة أو عتق عبدي أو الصدقة بمالي فهذا يمين يتخير بين فعله والتكفير).
يعني إذا وجد الشرط.
وهذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب.
نقل صالح إذا فعل المحلوف عليه فلا كفارة بلا خلاف.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والمنور وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
119

وقدمه في الشرح والرعايتين.
وعنه يتعين كفارة يمين.
وقال في الواضح إذا وجد الشرط لزمه.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
فائدتان
إحداهما لا يضر قوله على مذهب من يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأن الشرع لا يتغير بتوكيد.
قال في الفروع ويتوجه فيه كأنت طالق بتة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فإن قصد لزوم الجزاء عند حصول الشرط لزمه مطلقا عند الإمام أحمد رحمه الله.
نقل الجماعة فيمن حلف بحجة أو بالمشي إلى بيت الله إن أراد يمينا كفر يمينه وإن أراد نذرا فعلى حديث عقبة.
ونقل بن منصور من قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين.
وقال في امرأة حلفت إن لبست قميصي هذا فهو مهدى تكفر بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد.
ونقل مهنا إن قال غنمي صدقة وله غنم شركة إن نوى يمينا فكفارة يمين.
الثانية لو علق الصدقة به ببيعه والمشتري علق الصدقة به بشرائه فاشتراه كفر كل منهما كفارة نص عليه.
120

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فإن ما لم يلزم بنذره لا يلزم به شيء إذا حلف به فمن يقول لا يلزم الناذر شيء لا يلزم الحالف بالأولى فإن إيجاب النذر أقوى من إيجاب اليمين.
قوله (الثالث نذر المباح كقوله لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي فهذا كاليمين يتخير بين فعله وبين كفارة يمين).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية على ما يأتي.
ولا تجب به كفارة وهو رواية مخرجة.
وجزم به في العمدة.
واختاره بن عبدوس في تذكرته في نذر المباح.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله بقوله فإن نذر مكروها كالطلاق استحب له أن يكفر ولا يفعله.
أنه إذا لم يفعله عليه الكفارة وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا كفارة عليه.
121

وهو داخل في احتمال المصنف لأنه إذا لم ينعقد نذر المباح فنذر المكروه أولى.
والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
وتقدم في كتاب الطلاق أنه ينقسم إلى خمسة أقسام.
قوله (الرابع نذر المعصية كشرب الخمر أو صوم يوم الحيض ويوم النحر فلا يجوز الوفاء به بلا نزاع ويكفر).
إذا نذر شرب الخمر أو صوم يوم الحيض فالصحيح من المذهب أنه ينعقد ويكفر نص عليه.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وصححه في الرعايتين.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف عند الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن لا ينعقد نذر المباح ولا المعصية ولا تجب به كفارة كما تقدم وهو رواية مخرجة.
قال الزركشي في نذر المعصية روايتان.
إحداهما هو لاغ لا شيء فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيمن نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه.
وجزم به في العمدة.
ولهذا قال أصحابنا لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في مكان معين فله فعله في غيره ولا كفارة عليه.
122

وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا حلف بمباح أو معصية.
وذكر الآدمي البغدادي أن نذر شرب الخمر لغو ونذر ذبح ولده يكفر.
وقدم بن رزين أن نذر المعصية لغو وفي نذر صوم يوم الحيض وجه أنه كنذر صوم يوم العيد على ما يأتي.
وجزم به في الترغيب.
وهو من مفردات المذهب.
فعلى المذهب إن فعل ما نذره أثم ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
ويحتمل وجوب الكفارة مطلقا وهو للمصنف.
وأما إذا نذر صوم يوم النحر فالصحيح من المذهب أنه لا يصح صومه ويقضيه.
نصره القاضي وأصحابه.
قاله في الفروع.
وقدمه هو وصاحب الرعايتين والحاوي.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا يقضي نقلها حنبل.
قال في الشرح وهي الصحيحة.
قاله القاضي وصححه الناظم.
وعلى كلا الروايتين يكفر على الصحيح من المذهب كما قال المصنف هنا.
قال في الفروع والمذهب يكفر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
123

وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه لا ينعقد نذره فلا قضاء ولا كفارة.
وعنه يصح صومه ويأثم.
وقال ابن شهاب ينعقد بنذر صوم يوم العيد ولا يصومه ويقضي فتصح منه القربة ويلغو تعيينه لكونه معصية كنذر مريض صوم يوم يخاف عليه فيه فينعقد نذره ويحرم صومه.
وكذا الصلاة في ثوب حرير.
والطلاق زمن الحيض صادف التحريم ينعقد على قولهم ورواية لنا كذا هنا.
ونذر صوم ليلة لا ينعقد ولا كفارة لأنه ليس بزمن صوم.
وعلى قياس ذلك إذا نذرت صوم يوم الحيض وصوم يوم يقدم فلان وقد أكل انتهى.
قال في الفروع كذا قال.
قال والظاهر أنه والصلاة زمن الحيض قال في الفروع ونذر صوم الليل منعقد في النوادر.
وفي عيون المسائل والانتصار لا لأنه ليس بزمن الصوم.
وفي الخلاف ومفردات بن عقيل منع وتسليم.
فائدة نذر صوم أيام التشريق كنذر صوم يوم العيد إذا لم يجز صومها عن الفرض وإن أجزنا صومها عن الفرض فهو كنذر سائر الأيام على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويتخرج أن يكون كنذر العيد أيضا.
124

قوله (إلا أن ينذر ذبح ولده وكذا نذر ذبح نفسه ففيه روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والخرقي.
إحداهما هو كذلك.
يعني أن عليه الكفارة لا غير وهو المذهب.
قال الشارح هذا قياس المذهب ونصره.
ومال إليه المصنف.
قال أبو الخطاب في خلافه وهو الأقوى.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والرواية الثانية يلزمه ذبح كبش نص عليه.
قال الزركشي هي أنصهما.
وجزم به في الوجيز.
واختاره القاضي.
ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
وعنه إن قال إن فعلته فعلي كذا أو نحوه وقصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية فيذبح في مسألة الذبح كبشا.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال عليه أكثر نصوصه.
قال وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين.
قال ولو نذر طاعة حالفا بها أجزأ كفارة يمين بلا خلاف عن الإمام أحمد رحمه الله فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها.
125

قال في الفروع فعلى هذا على رواية حنبل الآتية يلزمان الناذر والحالف يجزئه كفارة يمين.
تنبيه قال المصنف والخرقي وجماعة ذبح كبشا.
وقال جماعة ذبح شاة.
قال الإمام أحمد رحمه الله وتارة هذا وتارة قال هذا.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك لو نذر ذبح أبيه وكل معصوم.
ذكره القاضي وغيره.
وقدمه في الفروع.
قال الشارح فإن نذر ذبح نفسه أو أجنبي ففيه أيضا عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان.
واقتصر بن عقيل وغيره على الولد.
واختاره في الانتصار وقال ما لم تقس.
وقال في عيون المسائل وعلى قياسه العم والأخ في ظاهر المذهب لأن بينهم ولاية.
الثانية لو كان له أكثر من ولد ولم يعين واحدا منهم لزمه بعددهم كفارات أو كباش.
ذكره المصنف ومن تبعه وعزاه إلى نص الإمام أحمد رحمه الله.
وهو مخالف لما اختاره في الطلاق والعتق على ما تقدم.
تنبيه على القول بلزوم ذبح كبش قيل يذبحه مكان نذره.
قال في الرعاية الكبرى وعنه بل يذبح كبشا حيث هو ويفرقه على المساكين فقطع بذلك.
126

وقيل هو كالهدى.
وأطلقهما في الفروع.
ونقل حنبل يلزمانه.
قوله (ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة).
قال في الفروع وإن نذر من تستحب له الصدقة الصدقة بماله بقصد القربة نص عليه.
وقوله من تستحب له الصدقة يحترز به عن نذر اللجاج والغضب.
قال في الروضة ليس لنا في نذر الطاعة ما يفي ببعضه إلا هذا الموضع.
قلت فيعايى بها.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب إجزاء الصدقة بثلث ماله ولا كفارة نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والقواعد وغيرهما.
قال في القواعد يتصدق بثلث ماله عند الأصحاب.
ويعايى بها أيضا.
وعنه تلزمه الصدقة بماله كله.
وقال الزركشي ويحكى رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن الواجب في ذلك كفارة يمين.
وعنه يشمل النقد فقط.
127

وقال في الرعايتين والحاوي وهل يختص ذلك بالصامت أو يعم غيره بلا نية على روايتين.
قال الزركشي ظاهر كلام الأكثر أنه يعم كل مال إن لم يكن له نية.
قال في الفروع ويتوجه على اختيار شيخنا كل أحد بحسب عزمه ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
فنقل الأثرم فيمن نذر ماله في المساكين أيكون الثلث من الصامت أو من جميع ما يملك.
قال إنما يكون هذا على قدر ما نوى أو على قدر مخرج يمينه والأموال تختلف عند الناس.
ونقل عبد الله إن نذر الصدقة بماله أو ببعضه وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام أمر أبا لبابة بالثلث.
فإن نفد هذا المال وأنشأ غيره وقضى دينه فإنما يجب إخراج ثلث ماله يوم حنثه.
قال في الهدى يريد بيوم حنثه يوم نذره وهذا صحيح.
قال فينظر قدر الثلث ذلك اليوم فيخرجه بعد قضاء دينه.
قال في الفروع كذا قال وإنما نصه أنه يخرج قدر الثلث يوم نذره ولا يسقط عنه قدر دينه.
وهذا على أصل الإمام أحمد رحمه الله صحيح في صحة تصرف المدين.
وعلى قول سبق أنه لا يصح بكون قدر الدين مستثنى بالشرع من النذر انتهى.
قوله (وإن نذر الصدقة بألف لزمه جميعه).
هذا المذهب.
128

قال الشارح والمصنف هذا الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع والهداية والخلاصة.
وعنه يجزئه ثلثه.
قطع به القاضي في الجامع.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في المذهب.
وعنه إن زاد المنذور على ثلث المال أجزأه قدر الثلث وإلا لزمه كل المسمى.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
وصححه بن رزين في شرحه.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
فوائد
الأولى لو نذر الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من قدره يقصد به وفاء النذر لم يجزئه وإن كان من أهل الصدقة.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لا يجزئه حتى يقبضه.
الثانية قوله الخامس نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام والصدقة والاعتكاف والحج والعمرة ونحوها من القرب على وجه التقرب سواء نذره مطلقا أو معلقا بشرط يرجوه فقال إن شفى الله مريضي أو إن سلم الله مالي فلله علي كذا.
قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم من الأصحاب بشرط تجدد نعمة أو دفع نقمة.
129

قال في المستوعب وغيره كطلوع الشمس.
الثالثة لو نذر صيام نصف يوم لزمه يوم كامل.
ذكره المجد في المسودة قياس المذهب.
قال في القواعد الأصولية وفيه نظر.
وجزم بالأول في الفروع وقال ويتوجه وجه.
الرابعة مثل ذلك في الحكم لو حلف بقصد التقرب مثل ما لو قال والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع بعد تعدد نذر التبرر والمنصوص أو حلف بقصد التبرر.
وقيل ليس هذا بنذر.
الخامسة ما قاله المصنف متى وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله بلا نزاع.
ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون لوجود أحد سببيه والنذر كاليمين.
واقتصر عليه في القواعد.
وقدمه في الفروع.
ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا.
وقال القاضي في الخلاف لأنه لم يلزمه فلا يجزئه عن الواجب.
ذكراه في جواز صوم المتمتع السبعة الأيام قبل رجوعه إلى أهله.
وقال القاضي في الخلاف أيضا فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان لم يجب لأن سبب الوجوب القدوم وما وجد.
وتقدم في أواخر كتاب الأيمان وجوب كفارة اليمين والنذر على الفور.
السادسة لو نذر عتق عبد معين فمات قبل عتقه لم يلزمه عتق غيره ولزمه
130

كفارة يمين نص عليه لعجزه عن المنذور.
وإن قتله السيد فهل يلزمه ضمانه على وجهين.
أحدهما لا يلزمه قاله القاضي وأبو الخطاب.
والثاني يلزمه قاله بن عقيل.
فيجب صرف قيمته في الرقاب.
ولو أتلفه أجنبي فقال أبو الخطاب لسيده القيمة ولا يلزمه صرفها في العتق.
وخرج بعض الأصحاب وجها بوجوبه وهو قياس قول بن عقيل لأن البدل قائم مقام المبدل ولهذا لو وصى له بعبد فقتل قبل قبوله كان له قيمته.
قال ذلك في القاعدة الثامنة والثلاثين بعد المائة.
قوله (وإن نذر صوم سنة لم يدخل في نذره رمضان ويوما العيدين وفي أيام التشريق روايتان).
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا.
إذا نذر صوم سنة فلا يخلو إما أن يطلق السنة أو يعينها.
فإن عينها لم يدخل في نذره رمضان على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وصححه في الرعايتين والحاوي.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وعنه يدخل في نذره فيقضي ويكفر أيضا على الصحيح.
وفيه وجه أنه لا يكفر.
وأطلقهما في المحرر.
131

ولا يدخل في نذره أيضا يوما العيدين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه ما يدل على أنه يقضي يومي العيدين فيدخلان في نذره.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
والحكم في القضاء والكفارة كرمضان على ما تقدم.
ولا يدخل في نذره أيضا أيام التشريق على الصحيح من المذهب إذا قلنا لا يجزئ عن صوم الفرض.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه يدخلن في نذره.
قال المصنف هنا وعنه ما يدل على أنه يقضي يوما العيدين وأيام التشريق.
قال في المحرر وغيره وعنه يتناول النذر أيام النهى دون أيام رمضان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى الرواية الثانية القضاء لا بد منه ويلزمه التكفير على الصحيح كما تقدم.
وفيه وجه آخر أنه لا يلزمه التكفير.
وأما إذا نذر صوم سنة وأطلق ففي لزوم التتابع فيها ما في نذر صوم شهر مطلق على ما يأتي.
إذا علمت ذلك فيلزمه صيام اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهى وإن شرط التتابع على الصحيح من المذهب.
قال في الترغيب يصوم مع التفريق ثلاثمائة وستين يوما ذكره القاضي.
132

وعند بن عقيل أن صيامها متتابعة وهي على ما بها من نقصان أو تمام.
وقال في التبصرة لا يعم العيد ورمضان وفي التشريق روايتان.
وعنه يقضي العيد والتشريق إن أفطرها.
وقال في الكافي إن لزم التتابع فكمعينة.
قال في المحرر وقال صاحب المغني متى شرط التتابع فهو كنذره المعينة.
فائدتان
إحداهما لو نذر صوم سنة من الآن أو من وقت كذا فهي كالمعينة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل كمطلقة في لزوم اثني عشر شهرا للنذر.
واختاره في المحرر.
الثانية لو نذر صوم الدهر لزمه صومه على الصحيح من المذهب.
وقال في الفروع ويتوجه لزومه إن استصحب صومه.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله من نذر صوم الدهر كان له صيام يوم وإفطار يوم انتهى.
وحكمه في دخول رمضان والعيدين والتشريق حكم السنة المعينة على ما تقدم.
فعلى المذهب إن أفطر كفر فقط.
فإن كفر لتركه صيام يوم أو أكثر بصيام فاحتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت فعلى الصحة يعايى بها.
وقال في الرعاية وهل يدخل تحت نذر صوم الدهر من قادر ومن قضى ما يجب فطره كيوم عيد ونحوه وقضاء ما أفطره من رمضان لعذر وصوم كفارة الظهار ونحو ذلك لعذر على وجهين.
133

فإن دخل ففي الكفارة لكل يوم فقير وجهان أظهرهما عدمها مع القضاء لأن النذر سقط لقضاء ما أوجبه الشارع ابتداء ووجوبها مع صوم الظهار لأنه سببه انتهى.
وقال في الفروع وغيره ولا يدخل رمضان.
وقيل بل قضاء فطره منه لعذر ويوم نهى وصوم ظهار ونحوه ففي الكفارة وجهان أظهرهما وجوبها مع صوم ظهار لأنه سببه انتهى.
قوله (وإن نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أفطر وقضى وكفر).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه يكفر من غير قضاء.
ونقل عنه ما يدل على أنه إن صام يوم العيد صح صومه.
وعنه لا كفارة عليه مع القضاء.
وقيل عكسه.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ومن ابتدأ بنذر صوم كل اثنين أو خميس أو علقة بشرط يمكن فوجد لزمه فإن صادف مرضا أو حيضا غير معتاد قضى.
وقيل وكفر كما لو صادف عيدا.
وعنه تكفي الكفارة فيهما.
وقيل لا قضاء ولا كفارة مع حيض وعيد.
وقيل إن صام العيد صح.
134

زاد في الرعاية الكبرى وقيل يقضي العيد وفي الكفارة روايتان انتهى.
ذكرهما في الرعاية الكبرى في باب صوم النذر والتطوع.
وفي الرعاية الصغرى والحاوي الصغير في باب النذر.
فائدة لو نذر أن يصوم يوما معينا أبدا ثم جهله فأفتى بعض العلماء بصيام الأسبوع كصلاة من خمس.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله بل يصوم يوما من الأيام مطلقا أي يوم كان.
وهل عليه كفارة لفوات التعيين يخرج على روايتين.
بخلاف الصلوات الخمس فإنها لا تجزئ إلا بتعيين النية على المشهور والتعيين يسقط بالعذر.
قوله (وإن وافق أيام التشريق فهل يصومه على روايتين).
وهما مبنيتان على جواز صومها فرضا وعدمه على ما تقدم في باب صوم التطوع.
وقد تقدم المذهب فيهما هناك.
فالمذهب هنا مثله.
قوله (وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا فلا شيء عليه بلا نزاع).
لكن قال في منتخب ولد الشيرازي يستحب صوم يوم صبيحته.
وجزم به في الوجيز.
قوله (وإن قدم نهارا فعنه ما يدل على أنه لا ينعقد نذره ولا يلزمه إلا إتمام صيام ذلك اليوم إن لم يكن أفطر وعنه أنه يقضي ويكفر سواء قدم وهو مفطر أو صائم).
135

إذا نذر صوم يوم يقدم فلان وقدم نهارا فلا يخلو إما أن يقدم وهو صائم أو يقدم وهو مفطر.
فإن قدم وهو مفطر فالصحيح من المذهب أنه يقضي ويكفر.
قدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وقال عن التكفير اختاره الأكثر.
وهو من مفردات المذهب.
قال المصنف والشارح لو قدم يوم فطر أو أضحى فعنه لا يصح ويقضي ويكفر وهو قول أكثر أصحابنا.
وأطلقا فيما إذا كان مفطرا في غيرهما الروايتين.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلق في المحرر والنظم في وجوب الكفارة مع القضاء الروايتين وقدما وجوب القضاء.
وعنه لا يلزم القضاء أصلا ولا كفارة.
قال في الوجيز فلا شيء عليه.
وإن قدم وهو صائم تطوعا فإن كان قد بيت النية للصوم لخبر سمعه صح صومه وأجزأه.
وإن نوى حين قدم أجزأه أيضا على إحدى الروايتين.
اختاره القاضي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم.
وعنه لا يجزئه الصوم والحالة هذه وعليه القضاء وهو المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
136

ومحل الروايتين إذا قدم قبل الزوال أو بعده وقلنا بصحته على ما تقدم في كتاب الصوم.
وإن قلنا لم يصح بعد الزوال وقدمه بعده فلغو.
قال في الرعايتين مبني على الروايتين على أن موجب النذر الصوم من قدومه أو كل اليوم.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء يلزمه كفارة أيضا على الصحيح من المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في النظم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه مع القضاء كفارة.
وأطلقهما في المحرر.
وعلى المذهب أيضا لو نذر صوم يوم أكل فيه قضاه في أحد الوجهين.
قاله في الفروع.
قلت الصواب في هذا أنه لغو أشبه ما لو نذر صوم أمس.
وقال في الانتصار يقضي ويكفر.
وفي الانتصار أيضا لا يصح كحيض وأن في إمساكه أوجها.
الثالث يلزم في الثانية.
قوله (وإن وافق قدومه يوما من رمضان فقال الخرقي يجزئه صيامه لرمضان ونذره).
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها المروذي.
137

وجزم به بن عقيل في تذكرته.
قال في الوجيز وإن وافق قدومه في رمضان لم يقض ولم يكفر.
قال في القواعد حمل هذه الرواية المتأخرون على أن نذره لم ينعقد لمصادفته رمضان.
قال ولا يخفى فساد هذا التأويل.
وقال غيره عليه القضاء وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هي أنصهما.
واختاره أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
قال في القاعدة الثامنة عشر هذا الأشهر عند الأصحاب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقال في الفصول لا يلزمه صوم آخر لا لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص عليه.
وقال فيه أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل لغو.
وقيل يجزئه عن رمضان انتهى.
وعنه لا ينعقد نذره إذا قدم في نهار يوم من رمضان والمذهب انعقاده وعليه الأصحاب.
فعلى المذهب وهو وجوب القضاء في وجوب الكفارة معه روايتان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
إحداهما عليه الكفارة أيضا.
قدمه في الرعايتين والحاوي.
وصححه في تصحيح المحرر.
138

واختاره أبو بكر قاله المصنف.
والرواية الثانية لا كفارة عليه.
اختاره المجد في شرح الهداية قاله في تصحيح المحرر.
وعلى قول الخرقي في نية نذره أيضا وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما لا بد أن ينويه عن فرضه ونذره.
قاله المصنف في المغني والشارح وغيرهما.
وقدمه في القواعد.
وقال المجد لا يحتاج إلى نية النذر قال وهو ظاهر كلام الخرقي والإمام أحمد رحمه الله.
قال في القواعد وفي تعليله بعد.
وتقدم كلام صاحب الفصول.
فائدتان
إحداهما لو وافق قدومه وهو صائم عن نذر معين فالصحيح أنه يتمه ولا يلزمه قضاؤه بل يقضي نذر القدوم كصوم في قضاء رمضان أو كفارة أو نذر مطلق قاله في الفروع وعنه يكفيه لهما.
الثانية مثل ذلك في الحكم لو نذر صيام شهر من يوم يقدم فلان فقدم في أول شهر رمضان قوله وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة.
139

قال في الفروع عمن نذر صوم شهر بعينه وجن كل الشهر لم يقض على الأصح.
وكذا قال في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والزركشي وغيرهم.
والرعاية الكبرى في موضع.
وعنه يقضي.
قوله (وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء وكفارة يمين بلا نزاع).
وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء بلا نزاع.
وفي الكفارة روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما عليه الكفارة أيضا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وصححه المصنف والناظم وغيرهما.
والرواية الثانية لا كفارة عليه.
وعنه في المعذور يفدى فقط ذكره الحلواني.
فوائد
الأولى صومه في كفارة الظهار في الشهر المنذور كفطره على الصحيح من المذهب.
140

وعنه لا يلزمه كفارة هنا.
الثانية لو جن في الشهر كله لم يقضه على الصحيح من المذهب.
وعنه يقضيه.
الثالثة إذا لم يصمه لعذر أو غيره وقضاه فالصحيح من المذهب أنه يلزمه القضاء متتابعا مواصلا لتتمته.
وعنه له تفريقه.
وعنه وترك مواصلته أيضا.
الرابعة يبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة.
الخامسة قوله وإن صام قبله لم يجزه.
بلا نزاع كالصلاة.
لكن لو كان نذره بصدقة مال جاز إخراجها قبل الوقت الذي عينه للدفع كالزكاة قاله الأصحاب.
قال الناظم.
ويجزئه فيما فيه نفع سواه * كالزكاة لنفع الخلق لا المتعبد.
قوله (وإن أفطر في بعضه لغير عذر لزمه استئنافه ويكفر).
وهو المذهب.
جزم به الخرقي وصاحب المنور ومنتخب الآدمي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
قال الزركشي هذه هي المشهورة واختيار الخرقي وأبي الخطاب في الهداية وابن البنا.
141

فعلى هذا يلزمه الاستئناف عقب الأيام التي أفطر فيها ولا يجوز تأخيره.
ويحتمل أن يتم باقيه ويقضي ويكفر.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح وهذه الرواية أقيس وأصح.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما الحاوي.
تنبيه قال الزركشي أصل الخلاف أن التتابع في الشهر المعين هل وجب لضرورة الزمن وإليه ميل أبي محمد.
أو لإطلاق النذر وإليه ميل الخرقي والجماعة.
ولهذا لو شرط التتابع بلفظه أو نواه لزمه الاستئناف قولا واحدا.
ومما ينبني على ذلك أيضا إذا ترك صوم الشهر كله فهل يلزمه شهر متتابع أو يجزئه متفرقا على الروايتين.
ولهاتين الروايتين أيضا التفات إلى ما إذا نوى صوم شهر وأطلق هل يلزمه متتابعا أم لا.
وقد تقدم أن كلام الخرقي يشعر بعدم التتابع.
وقضية البناء هنا تقتضي اشتراط التتابع كما هو المشهور عند الأصحاب ثم انتهى.
فائدتان
إحداهما لو قيد الشهر المعين بالتتابع فأفطر يوما بلا عذر ابتداء وكفر.
الثانية لو أفطر في بعضه لعذر بنى على ما مضى من صيامه وكفر على الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا قياس المذهب.
142

وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
ونصره المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه لا يكفر.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
قوله (وإذا نذر صوم شهر لزمه التتابع).
وهو المذهب.
جزم به في المنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات.
وقدمه في المحرر والفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وصححه الناظم والرعاية الكبرى.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرط أو نية وفاقا للأئمة الثلاثة.
وفي إجزاء صوم رمضان عنهما روايتان قاله في الواضح.
فائدة لو قطع تتابعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه بلا كفارة أو يبني.
قال في الفروع فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة فيه وجهان.
قلت يقرب من ذلك إذا ابتدأ صوم شهري الكفارة في أثناء شهر على ما تقدم في باب الإجارة.
وتقدم إذا فاته رمضان هل يقضي شهرا أو ثلاثين يوما ويكفر على كلا الوجهين.
وفيهما رواية كشهري الكفارة ذكره غير واحد.
وتقدم كلامه في الروضة.
وقال في الترغيب إن أفطره بلا عذر كفر وهل ينقطع فيستأنفه أم لا فيقضي ما تركه فيه روايتان.
143

وكذا قال في التبصرة.
وهل يتمه أو يستأنفه فيه روايتان.
واختار أبو محمد الجوزي يكفر ويستأنفه.
قوله (وإن نذر صيام أيام معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن يشترطه).
يعني أو ينويه وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه يلزمه التتابع مطلقا اختاره القاضي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه دخل في قوله وإن نذر صيام أيام معدودة لو كانت ثلاثين يوما وهو كذلك فلا يلزمه التتابع فيها إلا بشرط أو نية كما لو قال عشرين ونحوها وهو إحدى الروايتين.
جزم به في المحرر والمنور وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الآدمي وهو وجه في الرعايتين.
والرواية الثانية لا يلزمه التتابع فيها وإن لزمه في غيرها وهو المذهب نص عليه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
لأنه لو أراد التتابع لقال شهرا.
قوله (وإن نذر صياما متتابعا يعني غير معين).
144

فأفطر لمرض يعني يجب معه الفطر أو حيض قضى لا غير.
هذا إحدى الروايتين قدمه بن منجا.
وعنه يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه وبين أن يبني على صيامه ويكفر وهو المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والمحرر والرعايتين والحاوي والخرقي.
وقدمه في الشرح والفروع.
قوله (وإن أفطر لغير عذر لزمه الاستئناف بلا نزاع بلا كفارة).
وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر فعلى وجهين.
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا والزركشي.
أحدهما لا ينقطع التتابع وهو الصحيح من المذهب.
صححه في التصحيح.
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والثاني ينقطع التتابع بذلك.
قال ابن منجا ويجيء على قول الخرقي يخير بين الاستئناف وبين البناء والقضاء والكفارة كما تقدم.
قلت وهو ظاهر كلام الخرقي وأكثر الأصحاب لعدم تفريقهم في ذلك.
قال الزركشي ولنا وجه ثالث يفرق بين المرض والسفر ففي المرض يخير وفي السفر يتعين الاستئناف انتهى.
تنبيه دخل في قوله ما يبيح الفطر المرض أيضا لكن مراده بالمرض
145

هنا المرض غير المخوف ومراده بالمرض في المسألة الأولى المرض المخوف الموجب للفطر ذكره بن منجا في شرحه.
قوله (وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عنه لكل يوم مسكين).
يعني يطعم ولا يكفر.
وهذا إحدى الروايات.
ويحتمل أن يكفر ولا شيء عليه.
ذكره بن عقيل رواية كغير الصوم.
قال في الحاوي وهو أصح عندي.
ومال إليه المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في المحرر.
وعنه أنه يطعم لكل يوم مسكين ويكفر كفارة يمين وهو المذهب نص عليه.
قال القاضي وهو أصح.
قال في المحرر والمنصوص عنه وجوبه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يجزئ عن كله فقير واحد.
ويتخرج أن لا يلزمه كفارة.
وفي النوادر احتمال يصام عنه.
وسبق في فعل الولي عنه أنه ذكره القاضي في الخلاف.
146

فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم لو نذره في حال عجزه عنه قاله الأصحاب.
وقيل لا يصح نذره.
نقل أبو طالب ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه ففيه كفارة يمين.
وتقدمت رواية الشالنجي.
قال في الفروع ومرادهم غير الحج عنه.
قال والمراد ولا يطيقه ولا شيئا منه وإلا أتى بما يطيقه منه وكفر للباقي.
قال وكذا أطلق شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال القادر على فعل المنذور يلزمه وإلا فله أن يكفر انتهى.
فأما إن نذر من لا يجد زادا وراحلة الحج فإن وجدهما بعد ذلك لزمه بالنذر السابق وإلا لم يلزمه كالحج الواجب بأصل الشرع.
ذكره القاضي في الخلاف في فعل الولي عنه.
وقال في عيون المسائل في ضمان المجهول أكثر ما فيه أن يظهر من الدين ما يعجز عن أدائه وذلك لا يمنع صحة الضمان كما لو نذر ألف حجة والصدقة بمائة ألف دينار ولا يملك قيراطا فإنه يصح لأنه ورط نفسه في ذلك برضاه انتهى.
وقيل لا ينعقد نذر العاجز.
الثانية لو نذر غير الصيام كالصلاة ونحوها وعجز عنه فليس عليه إلا الكفارة.
قوله (وإن نذر المشي إلى بيت الله تعالى أو موضع من الحرم أو مكة وأطلق لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة).
لأنه مشى إلى عبادة والمشي إلى العبادة أفضل.
ومراده ومراد غيره يلزمه المشي ما لم ينو إتيانه لا حقيقة المشي.
147

صرح به المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
فائدة حيث لزمه المشي أو غيره فيكون ابتداؤه من مكانه إلا أن ينوي موضعا بعينه نص عليه.
وقطع به في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكره القاضي إجماعا محتجا به وبما لو نذره من محله لم يحز من ميقاته على قضاء الحج الفاسد من الأبعد من إحرامه أو ميقاته.
وقيل هنا أو من إحرامه إلى أمنه فساده بوطئه.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا رمى الجمرة فقد فرغ.
وقال أيضا يركب في الحج إذا رمى وفي العمرة إذا سعى.
قال في الترغيب لا يركب حتى يأتي بالتحليلين على الأصح.
تنبيه مفهوم قوله أو موضع من الحرم لو نذر المشي إلى غير الحرم كعرفة ومواقيت الإحرام وغير ذلك لم يلزمه ذلك ويكون كنذر المباح وهو كذلك.
قاله المصنف والشارح.
فائدة لو نذر الإتيان إلى بيت الله غير حاج ولا معتمر لغا قوله غير حاج ولا معتمر ولزمه إتيانه حاجا أو معتمرا ذكره القاضي أبو الحسين.
قوله (فإن ترك المشي لعجز أو غيره فعليه كفارة يمين).
وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه عليه دم.
148

ووجوب كفارة اليمين أو الدم من مفردات المذهب.
وعنه لا كفارة عليه ذكرها بن رزين.
وقال في المغني قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا.
قوله (وإن نذر الركوب فمشى ففيه الروايتان).
يعني المتقدمتان.
وهما هل عليه كفارة يمين أو دم وقد علمت المذهب منهما لأن الركوب في نفسه غير طاعة.
فائدتان
إحداهما لو أفسد الحج المنذور ماشيا وجب القضاء ماشيا وكذا إن فاته الحج سقط توابع الوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى والرمي وتحلل بعمرة ويمضي في الحج الفاسد ماشيا حتى يحل منه.
الثانية لو نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه ذلك والصلاة فيه قاله الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه أن مرادهم لغير المرأة لأفضلية بيتها.
وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين ذكره في الواضح واقتصر عليه في الفروع.
قال المصنف والشارح لو نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة لم يلزمه إتيانه وإن نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة دون المشي ففي أي موضع صلى أجزأه.
قالا ولا نعلم فيه خلافا.
149

قوله (فإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب).
على ما تقدم تبيينه في كتاب الظهار.
إلا أن ينوي رقبة بعينها.
فيجزئه ما عينه بلا نزاع.
لكن لو مات المنذور قبل أن يعتقه لزمه كفارة يمين ولا يلزمه عتق عبد نص على ذلك وقاله.
وقال الأصحاب ولو أتلف العبد المنذور عتقه لزمه كفارة يمين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقيل يلزمه قيمتها يصرفها إلى الرقاب.
قوله (وإن نذر الطواف على أربع طاف طوافين نص عليه).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي والنظم وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا بدل واجب.
وعنه يجزئه طواف واحد على رجليه.
قال المصنف والشارح والقياس أن يلزمه طواف واحد على رجليه ولا يلزمه على يديه.
وفي الكفارة على هذه الرواية وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية والفروع.
150

قال المصنف والشارح بناء على ما تقدم.
وقالا قياس المذهب لزوم الكفارة لإخلاله بصفة نذره وإن كان غير مشروع.
فوائد
الأولى مثل المسألة في الحكم لو نذر السعي على الأربع.
ذكره في المبهج والمستوعب.
واقتصر عليه في الفروع.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
قال في الفروع وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو الحج حافيا حاسرا أو نذرت المرأة الحج حاسرة وفاء بالطاعة.
قال في القواعد الأصولية قياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما كالوجهين المتقدمين قبل ذلك.
قال في الرعاية الكبرى فإن قال حافيا حاسرا كفر ولم يفعل الصفة.
وقيل يمشي منذ أحرم انتهى.
الثانية لو نذر الطواف فأقله أسبوع ولو نذر صوما فأقله يوم ولو نذر صلاة لم يجزئه أقل من ركعتين على الصحيح من المذهب.
وقيل يجزئه ركعة.
وأطلقهما في الشرح.
الثالثة قال في الفروع لو نذر الحج العام فلم يحج ثم نذر أخرى في العام
151

الثاني فيتوجه أنه يصح ويبدأ بالثانية لقوتها ويكفر لتأخير الأولى وفي المنذور الخلاف انتهى.
الرابعة لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب لأنه لا يحرم بلا استثناء لقوله تعالى 18 23 * (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) * ولأنه في معنى الهبة قبل القبض ذكره في الفروع.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يلزمه واختاره.
قال في الفروع ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل.
ولما قيل للإمام أحمد رحمه الله بم يعرف الكذابون قال بخلف المواعيد.
قال في الفروع وهذا متجه.
وتقدم الخلف بالعهد في أول كتاب الأيمان.
الخامسة لم يزل العلماء يستدلون بهذه الآية على الاستثناء وفي الدلالة بها غموض فلهذا قال القرافي في قواعده اتفق الفقهاء على الاستدلال بقوله تعالى * (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) *.
ووجه الدليل منه في غاية الإشكال فإن إلا ليست للتعليق وأن المفتوحة ليست للتعليق فما بقي في الآية شيء يدل على التعليق مطابقة ولا التزاما فكيف يصح الاستدلال بشيء لا يدل على ذلك وطول الأيام يحاولون الاستدلال بهذه الآية ولا يكاد يتفطن لوجه الدليل منها وليس فيها إلا الاستثناء وأن الناصبة لا الشرطية ولا يفطنون لهذا الاستثناء من أي شيء هو وما هو المستثنى منه فتأمله فهو في غاية الإشكال وهو أصل في اشتراط المشيئة عند النطق بالأفعال.
152

والجواب أنا نقول هذا استثناء من الأحوال والمستثنى حالة من الأحوال وهي محذوفة قبل أن الناصبة وعاملة فيها أعني الحال عاملة في أن الناصبة.
وتقريره ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا في حالة من الأحوال إلا معلقا بأن يشاء الله ثم حذفت معلقا والباء من أن فيكون النهي المتقدم مع إلا المتأخرة قد حصرت القول في هذه الحال دون سائر الأحوال فتختص هذه الحال بالإباحة وغيرها بالتحريم وترك المحرم واجب وليس شيء هناك يترك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة فهذا مدرك الوجوب.
وأما مدرك التعليق فهو قولنا معلقا فإنه يدل على أنه تعليق في تلك الحالة كما إذا قال لا تخرج إلا ضاحكا فإنه يفيد الأمر بالضحك للخروج وانتظم معلقا مع أن بالباء المحذوفة واتجه الأمر بالتعليق على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالأفعال انتهى.
153

كتاب القضاء.
فائدة القضاء واحد الأقضية والقضاء يعبر به عن معان كثيرة والأصل فيه الحتم والفراغ من الامر ويجري على هذا جميع ما في القران من لفظ القضاء.
والمراد به في الشرع الالزام.
وولاية القضاء رتبة دينية ونصبة شرعية.
قولة وهو فرض كفاية.
هذا المذهب.
جزم به في المغني والشرح والنظم والوجيز والمنور والمنتخب وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في المذهب والخلاصة وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه سنة نصرة القاضي وأصحابه.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
وعنه لا يسن دخوله فيه.
نقل عبد الله لا يعجبني هو اسلم.
فائده نصب الامام فرض على الكفاية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب بشروطه المتقدمة في أول باب قتال أهل البغى.
وذكر في الفروع رواية انه ليس فرض كفاية.
وهو ضعيف جدا ولم أره لغيرة.
قوله (فيجب).
154

يعنى على القول بأنه فرض كفاية على الامام ان ينصب في كل إقليم قاضيا.
وقال في الرعاية يلزمه على الأصح.
والظاهر انه مبنى على الوجوب والسنية.
قولة ويختار لذلك أفضل من يجد وأورعهم.
قاله الأصحاب.
وفي منتخب الادمى البغدادي على الامام نصب من يكتفى به.
قال في الرعاية يلزمه ان يولى قاضيا من أفضل وأصلح من يجد علما ودينا.
وعنه وورعا ونزاهة وصيانه وأمانة.
قوله (ويجب على من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيرة ممن يوثق به الدخول فيه).
يعنى على القول بأنه فرض كفاية.
ومراده إذا لم يشغله عما هو أهم منه.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وصححه في المذهب والخلاصة والرعايتين وغيرهم.
وجزم به الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه انه سئل هل يأثم القاضي بالامتناع إذا لم يوجد غيرة ممن يوثق به.
قال لا يأثم.
وهذا يدل على انه ليس بواجب.
قال في الفروع وعنه لا يسن دخوله فيه نقل عبد الله لا يعجبني هو اسلم
155

وذكر ما رواه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا ليأتين على القاضي العدل ساعة يتمنى انه لم يقض بين اثنين في تمرة.
قال في الحاوي عن الرواية الثانية هذه الرواية محمولة على من لا يأمن على نفسة الضعف فيه أو على ان ذلك الزمان كان الحكام يحملون فيه القضاة على ما لا يحل ولا يمكنهم الحكم بالحق انتهى.
تنبية ظاهر قولة ويجب على من يصلح له إذا طلب انه لا يجب عليه الطلب.
وهو صحيح وهو المذهب.
قدمه في الرعاية والفروع.
وقيل يلزمه الطلب وهو ظاهر كلام الشارح.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
وقيل يحرم الطلب لخوفه ميلا.
فائده قال في الفروع وان وثق بغيره فيتوجه انه كالشهادة وظاهر كلامهم مختلف.
قوله (فان وجد غيره كره له طلبه بغير خلاف في المذهب).
يعنى فيما إذا اطلع عليه وهو المذهب وعلية الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يكره له طلبه لقصد الحق ودفع غير المستحق.
وقيل يكره مع وجود اصلح منه أو غناه عنه أو شهرته ذكرة في الرعاية.
قال في الفروع ويتوجه وجه بل يستحب طلبة لقصد الحق ودفع غير المستحق.
قال الماوردي ويتوجه وجه يحرم بدونه.
156

قوله (وان طلب فالأفضل ان لا يجيب إليه في ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله).
يعنى إذا وجد غيره وطلب هو وهو المذهب مطلقا.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والفروع والشرح وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
وقال ابن حامد الأفضل الإجابة إذا امن من نفسه.
ذكره المصنف هنا.
وأطلقهما في المحرر.
وقيل الأفضل الإجابة الية مع خموله.
قال المصنف في المغنى والكافي والشارح.
وقال ابن حامد ان كان رجلا خاملا لا يرجع إليه في الاحكام فالأولى له التولية ليرجع الية في ذلك ويقوم الحق به وينتفع به المسلمون وان كان مشهورا في الناس بالعلم ويرجع إليه في تعليم العلم والفتوى له اشتغال بذلك انتهيا.
فلعل بن حامد له قولان.
وقد حكاهما في الفروع وغيره قولين.
وقيل الإجابة أفضل مع خموله وفقره.
فائدتان
إحداهما يحرم بذل المال في ذلك ويحرم اخذه وطلبه وفيه مباشر أهل له.
قال في الفروع وظاهر تخصيصهم الكراهة بالطلب انه لا يكره توليه الحريص ولا ينفى ان غيرة أولى.
قال ويتوجه وجه.
157

قلت هذا التوجيه هو الصواب.
الثانية تصح ولاية المفضول مع وجود الأفضل على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تصح الا لمصلحة.
قوله (ومن شرط صحتها معرفه المولى كون المولى على صفه تصلح للقضاء وتعيين ما يوليه الحكم فيه من الاعمال والبلدان ومشافهته بالولاية أو مكاتبته بها واستشهاد شاهدين على توليته).
قدم المصنف انه يشترط في ولايته اما بالمكاتبة واما المشافهة واستشهاد شاهدين على ذلك فقط وهذا أحد الوجهين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما جزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقال القاضي تثبت بالاستفاضة إذا كان بلدة قريبا فتستفيض فيه اخبار بلد الامام وهذا المذهب.
قال في الفروع والأصح تثبت بالاستفاضة.
وجزم به في المحرر ونهاية بن رزين والنظم والمنور ومنتخب الادمى والوجيز والشرح.
وهو عجيب منه الا ان تكون النسخة مغلوطة.
وجزم به المصنف في أول كتاب الشهادات.
تنبيهان
أحدهما حد الأصحاب البلد القريب بخمسة أيام فما دون.
وأطلق الادمي الاستفاضة وظاهرة مع البعد.
158

قال في الفروع وهو متجه.
قلت وهو الصواب والعمل عليه في الغالب وهو قول أصحاب أبي حنيفة.
الثاني ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا تصح الولاية بمجرد الكتابة إليه.
بذلك من غير اشهاد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع وتتوجه صحتها بناء على صحه الاقرار بالخط.
وهو احتمال للقاضي في التعليق.
ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
قوله (وهل تشترط عدالة المولى بكسر اللام اسم فاعل على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في المحرر في نائب الامام.
قال في الرعايتين والحاوي بعد ان أطلقوا الخلاف وقيل الروايتان في نائب الامام دونه.
إحداهما لا تشترط وهو المذهب.
صححه في التصحيح وغيرة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمى وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والنظم في الامام.
وصححه في النظم وغيره.
والرواية الثانية لا تشترط.
وعنه تشترط العدالة في سوى الامام.
159

وتقدم كلامه في الرعايتين والحاوي.
ثم قال في الرعاية ان قلنا الحاكم نائب الشرع صحت منهما وإلا فلا.
قلت في الامام وجهان هل تصرفه بطريق الوكالة أو الولاية.
اختار القاضي الأول.
وقال في الوجيز وإذا كان المولى نائب الامام لم تشترط عدالته.
قوله (وألفاظ التولية الصريحة سبعه وليتك الحكم وقلدتك واستنبتك واستخلفتك ورددت إليك وفوضت إليك وجعلت إليك الحكم).
زاد في الرعايتين والحاوي و استكفيتك.
وذكرها في الخلاصة ولم يذكر استنبتك.
وقيل رددته فوضته وجعلته إليك كناية.
قوله (فإذا وجد لفظ منها والقبول من المولى انعقدت الولاية).
وكذا قال في الوجيز.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى فإذا وجد أحد هذه الالفاظ وجوابها من المولى بالقبول انعقدت الولاية.
وهو قريب من الأول.
وفي المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم فإذا وجد لفظ منها وقبول المولى في المجلس ان كان حاضرا أو فيما بعده ان كان غائبا انعقدت الولاية.
وفي الكافي والشرح فإذا اتى بواحد منها واتصل القبول انعقدت الولاية.
زاد في الشرح كالبيع والنكاح وغير ذلك.
160

وفي منتخب الادمى يشترط فورية القبول مع الحضور.
وفي المنور وفورية القبول.
هذه عباراتهم.
فيحتمل ان يكون مراد صاحب الهداية ومن تابعه ما قاله صاحب المحرر ومن تابعه انه يشترط للحاضر القبول في المجلس.
وأن مراده في الكافي والشرح بالاتصال المجلس بدليل قوله كالبيع والنكاح.
واما المنتخب والمنور فمخالف لهم.
وكلامه في الكافي والشرح يقرب من ذلك.
ويحتمل ان يكون كلام صاحب الهداية ومن تابعه على ظاهرة وأنه.
لا يشترط للقبول المجلس ولم نره صريحا.
فيكون في المسألة وجهان وكلامه في المنتخب والمنور وجه ثالث.
وقد قال كثير من الأصحاب هل القضاة نواب الامام أو نواب المسلمين فيه وجهان.
وقد قال القاضي عزل القاضي نفسه يتخرج على روايتين بناء على انه هل هو وكيل للمسلمين أم لا فيه روايتان.
وقال كثير من الأصحاب هل ينعزل قبل علمه بالعزل على وجهين بناء على الوكيل.
وقد قال الأصحاب لا يشترط للوكيل القبول في المجلس والله اعلم.
تنبيه قوله والقبول من المولى.
ان قبل باللفظ فلا نزاع في انعقادها.
وان قبل بالشروع في العمل وان كان غائبا فالصحيح من المذهب انعقاد الولاية بذلك.
161

قال في الفروع والأصح أو شرع غائب في العمل.
وقدمه في الرعايتين.
وقيل لا ينعقد بذلك.
وقال في الرعايتين قلت وان قلنا هو نائب الشرع كفى الشروع في العمل وان قلنا هو نائب من ولاه فلا.
وحكى القاضي في الاحكام السلطانية في ذلك احتمالين وجعل مأخذهما هل يجرى الفعل مجرى النطق لدلالته عليه.
قال في القاعدة الخامسة والخمسين ويحسن بناؤهما على ان ولاية القضاء عقد جائز أو لازم.
قوله (والكناية نحو اعتمدت عليك وعولت ووكلت إليك وأسندت إليك الحكم فلا ينعقد بها حتى يقترن بها قرينه نحو فاحكم أو فتول ما عولت عليك وما أشبهه).
وتقدم قول ان في رددته وفوضته وجعلته إليك كناية فلا بد أيضا من القرينة على هذا القول.
قوله (وإذا ثبتت الولاية وكانت عامه استفاد بها النظر في عشرة أشياء فصل الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إلى ربه والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس والنظر في الوقوف في عمله بإجرائها على شرط الواقف وتنفيذ الوصايا وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن وإقامة الحدود وإقامة الجمعة).
162

وكذا اقامه العيد.
وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به في الجملة.
وقال الناظم.
وقبض خراج والزكاة اجرة * وان يلي جمعه والعيد في المتجود.
فظاهرة اجراء الخلاف في الجمعة والعيد ولم أره لغيره.
ولعل الخلاف عائد إلى قبض الخراج والزكاة.
تنبيهان
أحدهما محل ذلك إذا لم يخصا بامام.
الثاني قوله واقامه الجمعة وتبعه على ذلك بن منجا في شرحه وصاحب المذهب الأحمد ومنتخب الادمى والمنور.
وقال القاضي وامامه الجمعة بالميم بدل القاف.
وتبعه صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والفروع وغيرهم.
وتقدم عبارة الناظم.
قال الحارثي قال الشيخ واقامه الجمعة بالقاف وعلل بان الأئمة كانوا يقيمونها والقاضي ينوب عنهم.
والإقامة قد يراد بها ولاية الاذن في اقامتها ومباشرة الإمامة فيها.
وقد يراد بها نصب الأئمة مع عدم ولاية أصل الإذن.
وقال في المغنى امامه بالميم كقول أبي الخطاب وغيره وكذا القاضي.
فيحتمل إرادة نصب الأئمة وهذا اظهر.
وفيه جمع بين العبارتين فان النصب فيهما اقامه لهما.
وعلى هذا نصب أئمة المساجد.
163

ويحتمل إرادة فعل الإمامة كما صرح به بعض شيوخنا في مصنفه.
قال وان يؤم في الجمعة والعيد مع عدم امام خاص لهما.
الا ان الحمل على هذا يلزم منه ان يكون له الإقامة أو الإمامة الا في بقعه من عمله لا في جميع عمله إذ لا يمكن منه الفعل الا في بقعه واحده منه وهو خلاف الظاهر من اطلاق ان له فعل ذلك في عمله انتهى.
قلت عبارته في الرعايتين والحاوي وأن يؤم في الجمعة والعيد كما في نقله الحارثي عن بعض مشايخه.
فائده من جمله ما نستفيده مما ذكره المصنف هنا النظر في عمل مصالح عمله بكف الأذى عن طرقات المسلمين وأفنيتهم وتصفح حال شهوده وامنائه والاستبدال ممن ثبت جرحه منهم.
وينظر أيضا في أقوال الغائبين.
على ما يأتي في أواخر باب آداب القاضي.
قوله (فاما جباية الخراج واخذ الصدقة فعلى وجهين).
ومحلهما إذا لم يختصا بعامل.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما يستفادان بالولاية وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم كما تقدم.
وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لا يستفادان بها.
وهو ظاهر كلامه في المنور ومنتخب الادمى.
164

وقيل لا يستفاد الخراج فقط.
تنبيه مفهوم قوله استفاد بها النظر في عشرة أشياء انه لا يستفيد غيرها.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في التبصرة ويستفيد أيضا الاحتساب على الباعه والمشترين والزامهم باتباع الشرع.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ما يستفيده بالولاية لا حد له شرعا بل يتلقى من الالفاظ والأحوال والعرف.
ونقل أبو طالب أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب وليس له المواريث والوصايا والفروج والحدود انما يكون هذا إلى القاضي.
قوله (وله طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة).
هذا المذهب مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والوجيز وتذكرة بن عبدوس والحاوي.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه يجوز مع الحاجة بقدر عمله.
قوله (فأما مع عدمها فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر.
أحدهما له ذلك وله اخذه وهو المذهب.
صححه في المغنى والشرح والنظم والتصحيح وتصحيح المحرر وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
165

وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع واختار جماعه وبدون حاجه.
والوجه الثاني ليس له ذلك ولا له اخذه.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقيل له الاخذ ان لم يتعين عليه.
وعنه لا يأخذ اجرة على اعمال البر.
فائدتان
إحداهما إذا لم يكن له ما يكفيه ففي جواز اخذه من الخصمين وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
أحدهما يجوز.
قال في الكافي وإذا قلنا بجواز اخذ الرزق فلم يجعل له شيء فقال لا اقضى بينكما الا بجعل جاز.
وقال في المغنى والشرح فان لم يكن للقاضي رزق فقال للخصمين لا اقضى بينكما حتى تجعلا لي عليه جعلا جاز.
ويحتمل ان لا يجوز انتهيا.
والوجه الثاني لا يجوز.
اختاره في الرعايتين والنظم.
قلت وهو الصواب.
ويأتي حكم الهدية في الباب الذي يليه.
الثانية لو تعين علية ان يفتى وله كفاية فهل يجوز له الاخذ فيه وجهان وأطلقهما في آداب المفتى والرعاية الكبرى وأصول بن مفلح وفروعه واختار بن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين عدم الجواز.
166

ومن أخذ رزقا من بيت المال لم يأخذ أجرة لفتياه وفي أجرة خطه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما لا يجوز.
قدمه بن مفلح في أصوله.
واختاره الشيخ بن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين.
الثاني لا يجوز.
ونقل المروذي فيمن يسال عن العلم فربما اهدى له قال لا يقبل الا ان يكافئ.
ويأتي أيضا حكم هدية المفتى عند ذكر هدية القاضي.
قوله (ولا يجوز له ان يوليه عموم النظر في عموم العمل ويجوز ان يوليه خاصا في أحدهما أو فيهما فيوليه عموم النظر في بلد أو محله خاصه بلا نزاع).
قوله (فينفذ قضاءه في أهله ومن طرأ إليه).
بلا نزاع أيضا.
لكن لا يسمع بينه في غير عمله وهو محل حكمه ويجب إعادة الشهادة.
ذكره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما لتعديلها قاله في الفروع.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
ويأتي في آخر الباب الذي يليه اخبار الحاكم لحاكم آخر بحكم أو ثبوت في عملهما أو في غيرة.
قوله (ويجوز ان يولى قاضيين أو أكثر في بلد واحد ويجعل إلى
167

كل واحد منهما عملا فيجعل إلى أحدهما الحكم بين الناس والى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل ان اتحد الزمن أو المحل لم يجز توليه قاضيين فأكثر وإلا جاز.
قوله (فإن جعل اليهما عملا واحدا جاز).
هذا المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب في الهداية والأقوى عندي انه لا يجوز.
وصححه في الخلاصة.
وأطلقهما في المذهب.
وقيل ان اتحد عملهما أو الزمن أو المحل لم يجز وإلا جاز.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فوائد
الأولى حيث جوزنا جعل قاضيين فأكثر في عمل واحد لو تنازع الخصمان في الحكم عند أحدهم قدم قول صاحب الحق وهو الطالب ولو طلب حكم النائب أجيب.
فلو كانا مدعيين اختلفا في ثمن مبيع باق اعتبر أقرب الحكمين ثم القرعة.
وقيل يعتبر اتفاقهما.
وقال في الرعاية يقدم منهما من طلب حكم المستنيب.
وقال في الترغيب ان تنازعا اقرع.
168

قال في القاعدة الأخيرة لو اختلف خصمان فيمن يحتكمان إليه قدم المدعى فان تساويا في الدعوى اعتبر أقرب الحاكمين اليهما فان استويا اقرع بينهما.
وقيل يمنعان من التخاصم حتى يتفقان على أحدهما.
قال القاضي والأول أشبه بقولنا.
الثانية قال في الرعاية الكبرى ويجوز لكل ذي مذهب ان يولى من غير مذهبة ذكرة في مكانين من هذا الباب.
وقال فان نهاه عن الحكم في مسأله احتمل وجهين انتهى.
قلت الصواب الجواز.
وقال ذلك في الرعاية الصغرى أيضا والحاوي الصغير.
قال الناظم.
وتوليه المرء المخالف مذهب المولى * أجز من غير شرط مقيد.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله ومتى استناب الحاكم من غير أهل مذهبه ان كان لكونه أرجح فقد أحسن مع صحه ذلك والا لم يصح.
قال في الفروع في باب الوكالة ويتوجه جوازها إذا جاز له الحكم ولم يمنع منه مانع.
وذلك مبنى على جواز تقليد غير امامه وإلا انبنى على انه هل يستنيب فيما لا يملكه كتوكيل مسلم ذميا في شراء خمر ونحوه انتهى.
وقال القاضي جمال الدين المرداوي صاحب الانتصار في الحديث في الرد على من جوز المناقلة لا يجوز ان يستنيب من غير أهل مذهبه.
قال ولم يقل بجواز ذلك من الأصحاب الا بن حمدان في رعايتيه انتهى.
الثالثة قال المصنف والشارح وغيرهما لا يجوز ان يقلد القضاء لواحد على ان يحكم بمذهب بعينه.
قالا وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ولا نعلم فيه خلافا.
169

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من أوجب تقليد امام بعينه استتيب فإن تاب وإلا قتل.
قال وان قال ينبغي كان جاهلا ضالا.
قال ومن كان متبعا لامام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو لكون أحدهما اعلم وأتقى فقد أحسن ولم يقدح في عدالته بلا نزاع قال وهذه الحال تجوز عند أئمة الاسلام.
وقال أيضا بل تجب وان الامام احمد رحمه الله نص عليه انتهى.
ويأتي قريبا في احكام المفتي والمستفتي.
قوله (فان مات المولي بكسر اللام أو عزل المولي بفتحها مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين).
إذا مات المولى بكسر اللام فهل ينعزل المولى فيه وجهان أطلقهما المصنف هنا.
وأطلقهما بن منجا في شرحه.
أحدهما لا ينعزل وهو المذهب.
صححه في الترغيب والنظم والتصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمى وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الشارح والأولى ان شاء الله تعالى انه لا ينعزل قولا واحدا انتهى.
قال الزركشي في باب نكاح أهل الشرك في مسألة نكاح المحرم المشهور لا ينعزل بموته.
والوجه الثاني ينعزل كما لو كان الميت أو العازل قاضيا.
170

وقال في الرعاية ان قلنا الحاكم نائب الشرع لم ينعزل.
وان قلنا هو نائب من ولاة انعزل.
واما إذا عزل الامام أو نائبه القاضي المولى مع صلاحيته فهل ينعزل وتبطل ولايته فيه وجهان.
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا.
أحدهما لا تبطل ولايته ولا ينعزل وهو الصحيح من المذهب.
جزم به الادمى في منتخبه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمحرر.
واختاره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
والوجه الثاني تبطل ولايته وينعزل.
صححه في التصحيح والنظم.
واليه ميل المصنف والشارح وابن منجا في شرحه.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
وجزم به في الوجيز.
قال في الفروع واختاره جماعه.
قال المصنف في المغنى كالولي.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله كعقد وصى وناظر عقدا جائزا كوكالة وشركه ومضاربه انتهى.
ومنشأ الخلاف ان القضاة هل هم نواب الامام أو المسلمين فيه وجهان معروفان ذكرهما في القواعد الفقهية وغيره.
أحدهما هم نواب المسلمين.
فعلية لا ينعزلون بالعزل واختاره بن عقيل.
والثاني هم نواب الامام فينعزلون بالعزل.
171

فوائد
الأولى مثل ذلك في الحكم كل عقد لمصلحة المسلمين كوال ومن ينصب لجباية مال وصرفه وأمير الجهاد ووكيل بيت المال والمحتسب.
ذكره الشيخ تقى الدين رحمه الله.
وقال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.
وقال أيضا في الكل لا ينعزل بانعزال المستنيب وموته حتى يقوم غيره مقامه.
وقال في الرعاية في نائبه في الحكم وقيم الأيتام وناظر الوقف ونحوهم أوجه.
ثالثها ان استخلفهم بإذن من ولاة وقيل وقال استخلف عنك انعزلوا انتهى.
ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل وفيه احتمال.
الثانية لو كان المستنيب قاضيا فزالت ولايته بموت أو عزل أو غيره كما لو اختل فيه بعض شروطه انعزل نائبه وان لم ينعزل في المسائل التي قبلها.
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وصححه في النظم وغيره.
وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى وكل قاض مات أو عزل نفسه وصح عزله في الأصح أو عزل من ولاة وصح عزله أو
انعزل بفسق أو غيرة انعزل نائبة في شغل معين كسماع بينه خاصه وبيع تركه ميت خاصه.
وقال وفي خلفائه ونائبه في الحكم في كل ناحية وبلد وقريه وقيم الأيتام وناظر الوقوف ونحوهم أوجه العزل وعدمه وهو بعيد.
172

والثالث إن استخلفهم بإذن من ولاه انعزلوا.
والرابع إن قال للمولى استخلف عنك انعزلوا.
وإن قال استخلف عني فلا كما تقدم انتهى.
وحكى بن عقيل عن الأصحاب ينعزل نواب القاضي لأنهم نوابه ولا ينعزل القضاة لأنهم نواب المسلمين.
وفي الاحكام السلطانية لا ينعزل نواب القضاة.
واختاره في الترغيب.
وجزم في الترغيب أيضا انه ينعزل نائبه في امر معين من سماع شهادة معينه واحضار مستعدي علية.
وقاله في الرعاية الكبرى.
فعلى هذا الوجه لو عزله في حياته لم ينعزل قاله في الفروع.
الثالثة لو عزل نفسه في أصح الوجهين.
قاله في الرعاية الكبرى والفروع.
وقدمه في الرعاية الصغرى.
وقال في الرعاية الكبرى من عنده ومن لزمه قبول توليه القضاء ليس له عزل نفسه.
قلت وهو الصواب.
وقال في الرعاية أيضا له عزل نائبه بأفضل منه.
وقيل بمثله.
وقيل بدونه لمصلحة الدين.
وقال القاضي عزل نفسه يتخرج على روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم لا فيه روايتان.
173

نص عليهما في خطأ الإمام.
فإن قيل في بيت المال فهو وكيل فله عزل نفسه وإن قلنا على عاقلته فلا.
وذكر القاضي هل لمن ولاه عزله فيه الخلاف السالف.
وقال في الفروع في باب العاقلة وخطأ إمام وحاكم في حكم بيت المال وعليها للإمام عزل نفسه.
ذكره القاضي وغيره انتهى.
وتقدم في أول باب قتال أهل البغي الخلاف في تصرف الإمام على الناس هل هو بطريق الوكالة أو الولاية فليعاود.
قوله (وهل ينعزل قبل علمه بالعزل على وجهين بناء على الوكيل).
وبناء الخلاف هنا على روايتي عزل الوكيل قبل علمه بانعزاله قاله القاضي.
وقاله في الهداية والمستوعب والمصنف والشارح وصاحب المحرر وابن منجا في شرحه وغيرهم.
فيكون المرجح على قول هؤلاء عزله على ما تقدم في باب الوكالة.
وذكرهما من غير بناء في المذهب والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم وأطلق الخلاف في المذهب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما ينعزل قبل علمه.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز.
وهو المذهب على المصطلح عليه في الخطبة.
174

والوجه الثاني لا ينعزل قبل علمه.
صححه في الرعاية وهو الصواب الذي لا يسع الناس غيره.
وقال في التلخيص لا ينعزل قبل العلم بغير خلاف وإن انعزل الوكيل.
ورجحه الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هو المنصوص عن الامام احمد رحمه الله قال لان في ولايته حقا لله تعالى وان قيل انه وكيل فهو شبيه بنسخ الاحكام لا يثبت قبل بلوغ الناسخ على الصحيح بخلاف الوكالة المحضة.
وأيضا فإن ولاية القاضي العقود والفسوخ فتعظم البلوى بإبطالها قبل العلم بخلاف الوكالة.
قلت وهذا الصواب.
قال في الرعاية بعد ان اطلق الوجهين أصحهما بقاؤه حتى يعلم به.
فائده لو اخبر بموت قاضي بلد فولى غيره حيا لم ينعزل على الصحيح من المذهب.
وقيل ينعزل.
قوله (وإذا قال المولي من نظر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان فهو خليفتي أو قد وليته لم تنعقد الولاية لمن ينظر).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وذلك لجهالة المولى منهما.
ذكره القاضي وغيره.
وعلله المصنف وتبعه الشارح بأنه علق الولاية بشرط.
ثم ذكر احتمالا بالجواز للخبر أميركم زيد.
قال في الفروع والمعروف صحة الولاية بشرط.
175

وهو كما قال وعليه الأصحاب.
قال في المحرر وغيره ويصح تعليق القضاء والإمارة بالشرط.
واما إذا وجد الشرط بعد موته فسبق ذلك في باب الموصي إليه.
تنبيه قوله وان قال وليت فلانا وفلانا فمن نظر منهما فهو خليفتي انعقدت الولاية.
لأنه ولاهما ثم عين من سبق فتعين.
قوله (ويشترط في القاضي عشر صفات ان يكون بالغا).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وقدمه في الفروع.
ولم يذكر أبو الفرج الشيرازي في كتبه بالغا وظاهره عدم اشتراطه.
قوله (حرا).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم.
وقيل لا تشترط الحرية فيجوز ان يكون عبدا قاله بن عقيل وأبو الخطاب.
وقال أيضا يجوز باذن السيد.
فائده يصح ولاية العبد امارة السرايا وقسم الصدقات والفيء وامامه الصلاة ذكره القاضي محل وفاق.
قوله (مسلما).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الانتصار في صحه اسلامه لا نعرف فيه رواية وان سلم.
وقال في عيون المسائل يحتمل المنع وان سلم.
176

قوله (عدلا).
هذا المذهب ولو كان تائبا من قذف نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ان فسق بشبهه فوجهان.
ويأتي بيان العدالة في باب شروط من تقبل شهادته.
وقد قال الزركشي العدالة المشترطة هنا هل هي العدالة ظاهرا وباطنا كما في الحدود أو ظاهرا فقط كما في امامه الصلاة والحاضن وولى اليتيم ونحو ذلك وفيها الخلاف كما في العدالة في الأموال ظاهر اطلاقات الأصحاب انها كالتي في الأموال.
وقد يقال انها كالتي في الحدود انتهى.
قوله (سميعا بصيرا).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يشترطان.
قوله (مجتهدا).
هذا المذهب المشهور وعليه معظم الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال ابن حزم يشترط كونه مجتهدا اجماعا.
177

وقال اجمعوا انه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي الا بقوله.
وقال في الافصاح الاجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج عنهم قال المصنف في خطبة المغني النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة فإن اختلافهم رحمه واتفاقهم حجه قاطعه قال بعض الحنفية وفيه نظر فان الاجماع ليس عبارة عن الأئمة الأربعة وأصحابهم.
قال في الفروع وليس في كلام الشيخ ما فهمه هذا الحنفي انتهى.
واختار في الترغيب ومجتهدا في مذهب امامه للضرورة.
واختار في الافصاح والرعاية أو مقلدا.
قلت وعليه العمل من مدة طويله والا تعطلت احكام الناس.
وقيل في المقلد يفتى ضرورة.
وذكر القاضي ان بن شاقلا اعترض عليه بقول الامام احمد رحمه الله لا يكون فقيها حتى يحفظ أربعمائة الف حديث فقال ان كنت لا أحفظه فإني أفتي بقول من يحفظ أكثر منه قال القاضي لا يقتضي هذا انه كان يقلد الامام احمد رحمه الله لمنعه الفتيا بلا علم.
قال بعض الأصحاب ظاهره تقليده الا ان يحمل على اخذه طرق العلم عنه
178

وقال ابن بشار من الأصحاب ما أعيب على من يحفظ خمس مسائل للامام احمد رحمه الله يفتى بها.
قال القاضي هذا منه مبالغة في فضله.
وظاهر نقل عبد الله يفتى غير مجتهد.
ذكره القاضي.
وحمله الشيخ تقي الدين رحمه الله على الحاجة.
فعلى هذا يراعى ألفاظ امامه ومتأخرها ويقلد كبار مذهبه في ذلك.
قال في الفروع وظاهره انه يحكم ولو اعتقد خلافه لأنه مقلد وأنه لا يخرج عن الظاهر عنه فيتوجه مع الاستواء الخلاف في مجتهد انتهى.
وقال في أصوله قال بعض أصحابنا مخالفة المفتي نص امامه الذي قلده كمخالفة المفتي نص الشارع.
فائده يحرم الحكم والفتيا بالهوى اجماعا وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح اجماعا ويجب ان يعمل بموجب اعتقاده فيما له أو عليه اجماعا.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويأتي قريبا شيء من احكام المفتى.
قوله (وهل يشترط كونه كاتبا على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر وشرح بن منجا وتجريد العناية والزركشي وغيرهم.
أحدهما لا يشترط ذلك وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم والحاوي الصغير وتصحيح المحرر وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمي لكونهم لم يذكروه في الشروط.
179

قال ابن عبدوس في تذكرته والكاتب أولى.
وقدمه في المغنى والكافي والشرح وشرح بن رزين والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني يشترط.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
لكن صحح الأول.
تنبيه ظاهر كلام المصنف انه لا يشترط فيه غير ما تقدم وهو المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لكونهم لم ينكروه.
وقال الخرقي وصاحب الروضة والحلواني وابن رزين والشيخ تقى الدين رحمهم الله يشترط كونه ورعا وهو الصواب.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله على ما حكاة أبو بكر في التنبيه.
وقيل يشترط كونه ورعا زاهدا.
وأطلق في الترغيب وتجريد العناية فيهما وجهين.
وقال ابن عقيل لا مغفلا.
قال بعض مشايخنا الذي يظهر الجزم به وهو كما قال.
والذي يظهر انه مراد الأصحاب وانه يخرج من كلامهم.
وقال القاضي في موضع لا بليدا.
قلت وهو الصواب.
وقال القاضي أيضا لا نافيا للقياس.
180

وجعله ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الولاية لها ركنان القوة والأمانة فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم والأمانة ترجع إلى خشية الله عز وجل.
قال وهذه الشروط تعتبر حسب الامكان ويجب توليه الأمثل فالأمثل قال وعلى هذا يدل كلام الامام احمد رحمه الله وغيره.
فيولى للعدم انفع الفاسقين وأقلهما شرا واعدل المقلدين واعرفهما بالتقليد.
قال في الفروع وهو كما قال فان المروذي نقل فيمن قال لا أستطيع الحكم بالعدل يصير الحكم إلى اعدل منه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قال بعض العلماء إذا لم يوجد الا فاسق عالم أو جاهل دين قدم ما الحاجة إليه أكثر اذن انتهى.
تنبيه لا يشترط غير ما تقدم ولا كراهة فيه.
فالشاب المتصف بالصفات المعتبرة كغيره لكن الأسن أولى مع التساوي.
ويرجح أيضا بحسن الخلق وغير ذلك ومن كان أكمل في الصفات ويولى المولى مع أهليته.
فائدتان
إحداهما كل ما يمنع من توليه القضاء ابتداء يمنعها دواما على الصحيح من المذهب فينعزل إذا طرا ذلك عليه مطلقا.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الرعاية وغيره.
وقال في المحرر والزركشي والوجيز ومن تابعهم ما فقد من الشروط
181

في الدوام أزال الولاية الا فقد السمع والبصر فيما يثبت عنده ولم يحكم به فان ولاية حكمه باقيه فيه.
وقال في الانتصار في فقد البصر فقط.
وقيل ان تاب فاسق أو افاق من جن أو أغمي عليه وقلنا ينعزل بالاغماء فولايته باقيه.
وقال في الترغيب ان جن ثم افاق احتمل وجهين.
وقال في المعتمد ان طرأ جنون فقيل ان لم يكن مطبقا لم يعزل كالاغماء وان أطبق به وجب عزله.
وقال الأشبه بقولنا يعزل ان أطبق شهرا لان الامام احمد رحمه الله تعالى أجاز شهادة من يخنق في الأحيان وقال في الشهر مرة.
قال في الفروع كذا قال.
الثانية لو مرض مرضا يمنع القضاء تعين عزله.
قدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح ينعزل.
قوله (والمجتهد من يعرف من كتاب الله وسنه رسوله عليه الصلاة والسلام الحقيقة والمجاز والامر والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثني منه ويعرف من السنة صحيحها من سقيمها ومتواترها من آحادها ومرسلها ومتصلها ومسندها ومنقطعها مما له تعلق بالاحكام خاصه ويعرف ما اجمع عليه مما اختلف فيه والقياس وحدوده وشروطه وكيفية
182

استنباطه والعربية المتداولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليهم وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه.
فمن وقف عليه ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء وبالله التوفيق).
وكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الفروع فمن عرف أكثره صلح للفتيا والقضاء.
قال في الوجيز فمن وقف على أكثر ذلك وفهمه صلح للفتيا والقضاء وقال في المحرر فمن وقف عليه أو على أكثره ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء انتهى.
وقيل يشترط ان يعرف أكثر فروع الفقه.
وقال في الواضح يجب معرفه جميع أصول الفقه وأدلة الاحكام.
وقال أبو محمد الجوزي من حصل أصول الفقه وفروعه فمجتهد انتهى.
وقال ابن مفلح في أصوله والمفتى العالم بأصول الفقه وما يستمد منه والأدلة السمعية مفصله واختلاف مراتبها غالبا.
واعتبر بعض أصحابنا معرفه أكثر الفقه والأشهر لا انتهى.
وقال في آداب المفتى لا يضر جهله ببعض ذلك لشبهه أو اشكال لكن يكفيه معرفه وجوة دلاله الأدلة ويكفيه اخذ الاحكام من لفظها ومعناها.
زاد بن عقيل في التذكرة ويعرف الاستدلال واستصحاب الحال والقدرة على ابطال شبهة المخالف واقامه الدلائل على مذهبه انتهى.
وقال في آداب المفتى أيضا وهل يشترط معرفه الحساب ونحوه من المسائل المتوقفة عليه فيه خلاف.
ويأتي بعد فراغ الكتاب اقسام المجتهدين.
183

وتقدم قريبا عند قوله مجتهد انه لا يفتي إلا مجتهد على الصحيح.
فوائد
منها لو أداه اجتهاده إلى حكم لم يجز له تقليد غيره اجماعا.
ويأتي هذا في كلام المصنف في أول الباب الذي يليه في قوله ولا يقلد غيره وان كان اعلم منه.
وان لم يجتهد لم يجز ان يقلد غيره أيضا مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية الفضل بن زياد.
قال ابن مفلح في أصوله قاله احمد وأكثر أصحابه.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجوز.
اختاره الشيرازي وقال مذهبنا جواز تقليد العالم للعالم.
قال أبو الخطاب وهذا لا نعرفه عن أصحابنا.
نقله في الحاوي الكبير في الخطبة.
وعنه يجوز مع ضيق الوقت.
وقيل يجوز لاعلم منه.
وذكر أبو المعالي عن الامام احمد رحمه الله يقلد صحابيا ويخير فيهم ومن التابعين رضي الله عنه عمر بن عبد العزيز فقط.
وفي هذه المسألة للعلماء عدة أقوال غير ذلك.
وتقدم نظيرها في باب استقبال القبلة.
وقال في الرعاية يجوز له التقليد لخوفه على خصوم مسافرين فوت رفقتهم في الأصح.
ومنها يتحرى الاجتهاد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن مفلح في أصوله قاله أصحابنا.
184

وصححه في الفروع وغيره.
وقطع به المصنف في الروضة وغيره.
وقيل لا يتحرى.
وقيل يتحرى في باب لا في مسأله.
ومنها ويشتمل على مسائل كثيرة في أحكام المفتي والمستفتي.
تقدم قريبا تحريم الحكم والفتيا بالهوى وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح اجماعا.
وأعلم أن السلف الصالح رحمهم الله كانوا يهابون الفتيا ويشددون فيها ويتدافعونها.
وانكر الامام احمد رحمه الله وغيره على من تهجم في الجواب.
وقال لا ينبغي ان يجيب في كل ما يستفتى.
وقال إذا هاب الرجل شيئا لا ينبغي ان يحمل على ان يقول.
إذا علمت ذلك ففي وجوب تقديم معرفة فروع الفقه على أصوله وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يجب تقديم معرفة فروع الفقه.
اختاره القاضي وغيره.
قال في آداب المفتي وهو أولى.
والثاني يجب تقديم معرفة أصول الفقه.
اختاره بن عقيل وابن البنا وغيرهما.
قال في آداب المفتي وقد أوجب بن عقيل وغيره تقديم معرفة أصول الفقه على فروعه.
ولهذا ذكره أبو بكر وابن أبي موسى والقاضي وابن البنا في أوائل كتبهم الفروعية.
185

وقال أبو البقاء العكبري أبلغ ما يتوصل به إلى احكام الاحكام اتقان أصول الفقه وطرف من أصول الدين انتهى.
وقال ابن قاضي الجبل في أصوله تبعا لمسودة بني تيمية والرعاية الكبرى تقديم معرفتها أولى من الفروع عند بن عقيل وغيره.
قلت في غير فرض العين.
وعند القاضي عكسه.
فظاهر كلامهم ان الخلاف في الأولوية ولعله أولى.
وكلام غيرهم في الوجوب.
وتقدم هل للمفتي الاخذ من المستفتى إذا كان له كفاية أم لا ويأتي هل له أخذ الهدية أم لا عند أحكام هدية الحاكم.
والمفتى من يبين الحكم الشرعي ويخبر به من غير إلزام.
والحاكم من يبينه ويلزم به قاله شيخنا في حواشي الفروع.
ولا يفتى في حال لا يحكم فيها كغضب ونحوه على ما يأتي في كلام المصنف قال ابن مفلح في أصوله فظاهره يحرم كالحكم.
وقال في الرعاية الكبرى لا يفتى في هذه الحال فإن أفتى وأصاب صح وكره.
وقيل لا يصح.
ويأتي نظيره في قضاء الغضبان ونحوه.
وتصح فتوى العبد والمرأة والقريب والامى والأخرس المفهوم الإشارة أو الكتابة.
وتصح مع جر النفع ودفع الضرر.
وتصح من العدو على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعاية وآداب المفتى والفروع في باب أدب القاضي.
186

وقيل لا تصح كالحاكم والشاهد.
ولا تصح من فاسق لغيره وإن كان مجتهدا لكن يفتى نفسه ولا يسأل غيره.
وقال الطوفي في مختصره وغيره لا نشترط عدالته في اجتهاده بل في قبول فتياه وخبره.
وقال ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين قلت الصواب جواز استفتاء الفاسق الا ان يكون معلنا بفسقه داعيا إلى بدعته فحكم استفتائه حكم إمامته وشهادته.
ولا تصح من مستور الحال أيضا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وغيره من الأصوليين.
وقيل تصح.
قدمه في آداب المفتى وعمل الناس عليه.
وصححه في الرعاية الكبرى.
واختاره الشيخ بن القيم في اعلام الموقعين.
وقيل تصح ان اكتفينا بالعدالة الظاهرة والا فلا.
والحاكم كغيره في الفتيا على الصحيح من المذهب.
وقيل يكره له مطلقا.
وقيل يكره في مسائل الاحكام المتعلقة به دون الطهارة والصلاة ونحوهما.
ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يجوز استفتاء الا من يفتى بعلم وعدل.
ونقل المروذي لا ينبغي ان يجيب في كل ما يستفتى فيه.
ويأتي هل له قبول الهدية أم لا.
وليس لمن انتسب إلى مذهب امام في مسألة ذات قولين أو وجهين: ان
187

يتخير فيعمل أو يفتى بأيهما شاء بل ان علم تاريخ القولين عمل بالمتأخر ان صرح برجوعه عن الأول وكذا ان اطلق على الصحيح من المذهب فيهما.
وهل يجوز العمل بأحدهما إذا ترجح أنه مذهب لقائلهما.
وقال في آداب المفتى إذا وجد من ليس اهلا للتخريج والترجيح بالدليل اختلافا بين أئمة المذاهب في الأصح من القولين أو الوجهين فينبغي ان يرجع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم فيعمل بقول الأكثر والأعلم والأورع.
فان اختص أحدهما بصفة منها والآخر بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالصواب.
فالأعلم الأورع مقدم على الأورع العالم.
وكذلك إذا وجد قولين أو وجهين ولم يبلغه عن أحد من أئمته بيان الأصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما وقابليهما ويرجح ما وافق منهما أئمة أكثر المذاهب المتبوعة أو أكثر العلماء انتهى.
قلت وفيما قاله نظر.
وتقدم في آخر الخطبة تحرير ذلك.
وإذا اعتدل عنده قولان وقلنا يجوز أفتى بأيهما شاء.
قاله القاضي في الكفاية وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم.
كما يجوز للمفتي ان يعمل بأي القولين شاء.
وقيل يخير المستفتى والا تعين الأحوط.
ويلزم المفتى تكرير النظر عند تكرر الواقعة مطلقا على الصحيح من المذهب.
188

جزم به القاضي وابن عقيل وقال والا كان مقلدا لنفسه لاحتمال تغير اجتهاده.
وقدمه بن مفلح في أصوله.
وقيل لا يلزمه لان الأصل بقاء ما اطلع عليه وعدم غيره ولزوم السؤال ثانيا فيه الخلاف.
وعند أبى الخطاب والآمدي ان ذكر المفتى طريق الاجتهاد لم يلزمه وإلا لزمه.
قلت وهو الصواب.
وان حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد ومفت.
وقيل لا يجوز في أصول الدين.
قال في آداب المفتى ليس له ان يفتى في شيء من مسائل الكلام مفصلا.
بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا وقدمه في مقنعه.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
وقدم بن مفلح في أصوله ان محل الخلاف في الأفضلية لا في الجواز وعدمه وأطلق الخلاف.
وقال في خطبة الارشاد لا بد من الجواب.
وقال في اعلام الموقعين بعد ان حكى الأقوال والحق التفصيل وأن ذلك يجوز بل يستحب أو يجب عند الحاجة وأهلية المفتى والحاكم فان عدم الأمران لم يجز وان وجد أحدهما احتمل الجواز والمنع والجواب عند الحاجة دون عدمها انتهى.
وله تخيير من استفتاه بين قوله وقول مخالفه.
روى ذلك عن الامام احمد رحمه الله.
وقيل يأخذ به ان لم يجد غيره أو كان أرجح.
189

وسأله أبو داود الرجل يسأل عن المسألة أدله على انسان يسأله قال إذا كان الذي أرشد إليه يتبع ويفتى بالسنة.
فقيل له انه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب قال ومن يصيب في كل شيء.
وتقدم في اخر الخلع التنبيه على ذلك.
ولا يلزم جواب ما لم يقع لكن يستحب اجابته.
وقيل يكره.
قلت وهو ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله.
ولا يجب جواب ما لا يحتمله كلام السائل ولا ما لا نفع فيه.
ومن عدم مفتيا في بلده وغيرة فحكمه حكم ما قبل الشرع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في آداب المفتى وهو أقيس.
وقيل متى خلت البلدة من مفت حرمت السكنى فيها ذكرة في الأداء المفتى.
وله رد الفتيا ان كان في البلد من يقوم مقامه والا لم يجز.
ذكره أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما.
وقطع به من بعدهم.
وإن كان معروفا عند العامة بفتيا وهو جاهل تعين الجواب على العالم.
قال الشيخ تقى الدين رحمه الله الأظهر لا يجوز في التي قبلها كسؤال عامي عما لم يقع.
قال في الفروع ويتوجه مثله حاكم في البلد غيرة لا يلزمه الحكم والا لزمه.
وقال في عيون المسائل في شهادة العبد الحكم يتعين بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ويمكنه رد من يستشهده.
190

وان كان متحملا لشهادة فنادر ان لا يكون سواة.
وفي الحكم لا ينوب البعض عن البعض.
ولا يقول لمن ارتفع إليه امض إلى غيري من الحكام انتهى.
قال في الفروع ويتوجه تخريج من الوجه في اثم من دعى لشهادة قالوا لأنه تعين عليه بدعائه.
لكن يلزم عليه اثم من عين في كل فرض كفاية فامتنع.
قال وكلامهم في الحاكم ودعوة الوليمة وصلاة الجنازة خلافه انتهى.
ومن قوى عنده مذهب غير امامه أفتى به واعلم السائل.
ومن أراد كتابه على فتيا أو شهادة لم يجز ان يكبر خطه لتصرفه في ملك غيرة بلا اذنه ولا حاجه كما لو اباحه قميصه فاستعمله فيما يخرجه عن العادة بلا حاجه.
ذكره بن عقيل في الفنون وغيره.
وكذا قال في عيون المسائل إذا أراد ان يفتى أو يكتب شهادة لم يجز ان يوسع له الأسطر ولا يكثر إذا أمكن الاختصار لأنه تصرف في ملك غيره بلا اذنه ولم تدع الحاجة إليه.
واقتصر على ذلك في الفروع.
وقال في أصوله ويتوجه مع قرينه خلاف.
ولا يجوز اطلاقه في الفتيا في اسم مشترك اجماعا بل عليه التفصيل.
فلو سئل هل له الاكل بعد طلوع الفجر فلا بد ان يقول يجوز بعد الفجر الأول لا الثاني.
ومسألة أبي حنيفة مع أبي يوسف وأبي الطيب مع قوم معلومين.
واعلم انه قد تقدم انه لا يفتى الا مجتهد على الصحيح من المذهب.
وتقدم هناك قول بالجواز.
191

فيراعى ألفاظ امامه ومتأخرها ويقلد كبار أئمة مذهبه.
والعامي يخير في فتواه فقط فيقول مذهب فلان كذا ذكرة بن عقيل وغيره.
وكذا قال الشيخ تقى الدين رحمه الله الناظر المجرد يكون حاكيا لا مفتيا.
وقال في آداب عيون المسائل ان كان الفقيه مجتهدا يعرف صحه الدليل كتب الجواب عن نفسه وان كان ممن لا يعرف الدليل قال مذهب الامام احمد كذا مذهب الشافعي كذا فيكون مخبرا لا مفتيا.
ويقلد العامي من عرفه عالما عدلا أو رآه منتصبا معظما ولا يقلد من عرفه جاهلا عند العلماء.
قال المصنف في الروضة وغيرها يكفيه قول عدل ومراده خبير.
واعتبر بعض الأصحاب الاستفاضة بكونه عالما لا مجرد اعتزائه إلى العلم ولو بمنصب تدريس.
قلت وهو الصواب.
وقال ابن عقيل يجب سؤال أهل الثقة والخير.
قال الطوفي في مختصرة يقلد من علمه أو ظنه اهلا بطريق ما اتفاقا.
فإن جهل عدالته ففي جواز تقليده وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما عدم الجواز وهو الصحيح من المذهب.
نصرة المصنف في الروضة.
وقدمه بن مفلح في أصوله والطوفي في مختصرة وغيرهما.
والثاني الجواز.
قدمه في آداب المفتى.
وتقدم هل تصلح فتيا فاسق أو مستور الحال أم لا.
192

ويقلد ميتا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وهو كالاجماع في هذه الاعصار.
وقيل لا يقلد ميتا وهو ضعيف.
واختاره في التمهيد في ان عثمان رضي الله عنه لم يشترط عليه تقليد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لموتهما.
وينبغي للمستفتي ان يحفظ الأدب مع المفتى ويجله فلا يقول أو يفعل ما جرت عاده العوام به كايماء بيده في وجهه وما مذهب امامك في كذا وما تحفظ في كذا أو أفتاني غيرك أو فلان بكذا أو كذا.
قلت انا أو وقع لي أو ان كان جوابك موافقا فاكتب.
لكن ان علم غرض السائل في شيء لم يجز ان يكتب بغيره.
أو يسأله في حال ضجر أو هم أو قيامه ونحوه ولا يطالبه بالحجة.
ويجوز تقليد المفضول من المجتهدين على الصحيح من المذهب.
قال ابن مفلح في أصوله قاله أكثر أصحابنا القاضي وأبو الخطاب وصاحب الروضة وغيرهم.
وقدمه هو وغيره.
قال في فروعه في استقبال القبلة لا يجب عليه تقليد الأوثق على الأصح.
قال في الرعاية على الأقيس.
وعنه يجب عليه.
قال ابن عقيل يلزمه الاجتهاد فيهما فيقدم الأرجح.
ومعناه قول الخرقي كالقبلة في الأعمى والعامي.
قال ابن مفلح في أصوله اما لو بان للعامي الأرجح منهما لزمه تقليده.
زاد بعض أصحابنا في الأظهر.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب مخالف لذلك.
193

وقال في التمهيد ان رجح دين واحد.
قدمه في أحد الوجهين.
وفي الآخر لا لان العلماء لا تنكر على العامي تركه.
وقال أيضا في تقديم الأدين على الأعلم وعكسه وجهان.
قلت ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله تقديم الأدين حيث قيل له من نسأل بعدك قال عبد الوهاب الوراق فإنه صالح مثله يوفق للحق.
قال في الرعاية ولا يكفيه من لم تسكن نفسه إليه وقدم الأعلم علي الأورع انتهى.
فإن استوى مجتهدان تخير.
ذكره أبو الخطاب وغيره من الأصحاب.
وقال ابن مفلح في أصوله وقال بعض الأصحاب هل يلزم المقلد التمذهب بمذهب والاخذ برخصه وعزائمه فيه وجهان.
قلت قال في الفروع في أثناء باب شروط من تقبل شهادته وأما لزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى غيرة في مسأله ففيه وجهان وفاقا لمالك والشافعي رحمهما الله وعدمه اشهر انتهى.
قال في اعلام الموقعين وهو الصواب المقطوع به.
وقال في أصوله عدم اللزوم قول جمهور العلماء فيتخير.
وقال في الرعاية الكبرى يلزم كل مقلد ان يلتزم بمذهب معين في الأشهر فلا يقلد غير أهله.
وقيل بلى.
وقيل ضرورة.
194

فان التزم فيما يفتى به أو عمل به أو ظنه حقا أو لم يجد مفتيا اخر لزم قوله والا فلا انتهى.
واختار الآمدي منع الانتقال فيما عمل به.
وعند بعض الأصحاب يجتهد في أصح المذاهب فيتبعه.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله في الاخذ برخصه وعزائمه طاعه غير الرسول عليه الصلاة والسلام في كل أمره ونهيه وهو خلاف الاجماع.
وتوقف أيضا في جوازه.
وقال أيضا ان خالفه لقوة دليل أو زيادة علم أو تقوى فقد أحسن ولا يقدح في عدالته بلا نزاع.
وقال أيضا بل يجب في هذه الحال وانه نص الامام احمد رحمه الله.
وهو ظاهر كلام بن هبيرة.
وقال في آداب المفتى هل للعامي ان يتخير ويقلد أي مذهب شاء أم لا فإن كان منتسبا إلى مذهب معين بنينا ذلك على ان العامي هل له مذهب أم لا وفيه مذهبان.
أحدهما لا مذهب له فله ان يستفتى من شاء من أرباب المذاهب سيما ان قلنا كل مجتهد مصيب.
والوجه الثاني له مذهب لأنه اعتقد ان المذهب الذي انتسب إليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده فلا يستفتى من يخالف مذهبه.
وان لم يكن انتسب إلى مذهب معين انبنى على ان العامي هل يلزمه ان يتمذهب بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه وفيه مذهبان.
أحدهما لا يلزمه كما لم يلزم في عصر أوائل الامه ان يخص الأمي العامي عالما معينا يقلده سيما ان قلنا كل مجتهد مصيب.
195

فعلى هذا هل له ان يستفتى على أي مذهب شاء أم يلزمه ان يبحث حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب وأصحها أصلا فيه مذهبان.
الثاني يلزمه ذلك وهو جار في كل من لم يبلغ درجه الاجتهاد من الفقهاء وأرباب سائر العلوم.
فعلى هذا الوجه يلزمه ان يجتهد في اختيار مذهب يقلده على التعيين.
وهذا أولى بالحاق الاجتهاد فيه على العامي مما سبق في الاستفتاء انتهى.
ولا يجوز للعامي تتبع الرخص.
ذكره بن عبد البر اجماعا.
ويفسق عند الامام احمد رحمه الله وغيرة.
وحمله القاضي على متأول أو متقلد.
وقال ابن مفلح في أصوله وفيه نظر.
قال وذكر بعض أصحابنا في فسق من اخذ بالرخص روايتين.
وإن قوى دليل أو كان عاميا فلا كذا قال انتهى.
وإذا استفتى واحدا اخذ بقوله.
ذكره بن البنا وغيرة.
وقدمه بن مفلح في أصوله.
وقال والأشهر يلزم بالتزامه.
وقيل وبظنه حقا.
وقيل وبعمل به.
وقيل يلزمه ان ظنه حقا.
وإن لم يجد مفتيا اخر لزمه كما لو حكم به حاكم.
وقال بعضهم لا يلزمه مطلقا الا مع عدم غيره.
196

ولو سأل مفتيين واختلفا عليه تخير على الصحيح من المذهب.
اختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
قال أبو الخطاب هو ظاهر كلام الامام احمد رحمه الله.
وذكر بن البنا وجها انه يأخذ بقول الأرجح.
واختاره بعض الأصحاب.
وقدم في الروضة انه يلزمه الاخذ بقول الأفضل في علمه ودينه.
قال الطوفي في مختصرة وهو الظاهر.
وذكر بن البنا أيضا وجها آخر يأخذ بأغلظهما.
وقيل يأخذ بالأخف.
وقيل يسال مفتيا اخر.
وقيل يأخذ بأرجحهما دليلا وقال في الفروع في باب استقبال القبلة ولو سال مفتيين فاختلفا فهل.
يأخذ بالأرجح أو الأخف أو الأشد أو يخير فيه أوجه في المذهب وأطلقهن.
وان سال فلم تسكن نفسه ففي تكراره وجهان.
وأطلقهما في الفروع في باب استقبال القبلة.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع أظهرهما لا يلزم.
فهذه جمله صالحه نافعه ان شاء الله تعالى.
قوله (وان تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فحكم نفذ حكمه في المال وينفذ في القصاص والحد والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكرة أبو الخطاب في الهداية).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
197

وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال القاضي لا ينفذ الا في الأموال خاصه.
وقدمه في النظم.
وقاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه لا ينفذ في قود وحد قذف ولعان ونكاح.
وأطلق الروايتين في المحرر.
وأطلق الخلاف في الكافي.
وقال في الفروع وظاهر كلامه ينفذ في غير فرج كتصرفه ضرورة في تركه ميت في غير فرج.
ذكرة بن عقيل في عمد الأدلة.
واختار الشيخ تقى الدين رحمه الله نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام.
وقال ان حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية جاز.
وقال يكفى وصف القصة له.
قال في الفروع يؤيده قول أبي طالب نازعني بن عمى الاذان فتحاكمنا إلى أبي عبد الله فقال اقترعا.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله خصوا اللعان لان فيه دعوى وإنكار وبقية الفسوخ كإعسار وقد يتصادقان فيكون الحكم انشاء لا ابتداء.
ونظيره لو حكماه في التداعي بدين وأقر به الورثة انتهى.
فعلى المذهب يلزم من يكتب إليه بحكمه القبول وتنفيذه كحاكم الامام وليس له حبس في عقوبة ولا استيفاء قود ولا ضرب دية الخطأ على عاقلة من وصى بحكمه.
قاله في الرعايتين وزاد في الصغرى وليس له ان يحد.
198

فائدتان
إحداهما لو رجع أحد الخصمين قبل شروعه في الحكم فله ذلك.
وإن رجع بعد شروعه وقبل تمامه ففيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح والرعاية الكبرى.
أحدهما له ذلك.
الثاني ليس له ذلك انتهى.
قلت وهو الصواب.
وصححه في النظم.
واختار في الرعاية الكبرى ان اشهدا عليهما بالرضا بحكمه قبل الدخول في الحكم فليس لأحدهما الرجوع.
الثانية قال في عمد الأدلة بعد ذكر التحكيم وكذا يجوز ان يتولى متقدمو الأسواق والمساجد الوساطات والصلح عند الفورة والمخاصمة وصلاة الجنازة وتفويض الأموال إلى الأوصياء وتفرقة زكاته بنفسه وإقامة الحدود على رقيقه وخروج طائفة إلى الجهاد تلصصا وبياتا وعمارة المساجد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعزير لعبيد وإماء وأشباه ذلك انتهى.
199

باب أدب القاضي
قوله (ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وظاهر الفصول يجب ذلك.
قوله (حليما ذا أناة وفطنة قد تقدم أن القاضي قال في موضع من كلامه إنه يشترط في الحاكم أن لا يكون بليدا وهو الصواب).
قوله (بصيرا بأحكام الحكام قبله بلا نزاع).
وقوله ورعا عفيفا فهذا منه بناء على الصحيح من المذهب من أنه لا يشترط في القاضي أن يكون ورعا وإنما يستحب ذلك فيه.
وتقدم أن الخرقي وجماعة من الأصحاب اشترطوا ذلك فيه وهو الصواب.
فائدتان
إحداهما لو افتات عليه خصم.
فقال المصنف والشارح له تأديبه والعفو عنه.
وقال في الفصول يزجره فإن عاد عزره واعتبره بدفع الصائل والنشوز.
وقال في الرعاية وينتهره ويصيح عليه قبل ذلك.
قال في الفروع بعد أن ذكر ذلك وظاهره ولو لم يثبت ببينة.
لكن هل ظاهره يختص بمجلس الحكم فيه نظر كالإقرار فيه وفي غيره
200

أو لأن الحاجة داعية إلى ذلك لكثرة المتظلمين على الحكام وأعدائهم فجاز فيه وفي غيره ولهذا شق رفعه إلى غيره فأدبه بنفسه حتى إنه حق له.
قلت فيعايى بها.
وقد ذكر بن عقيل في أغصان الشجرة عن أصحابنا إن شق رفعه إلى الحاكم لا يرفع.
الثانية قال المصنف والشارح وغيرهما له أن ينتهر الخصم إذا التوى ويصيح عليه وإن استحق التعزير عزره بما يرى.
قوله (وينفذ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقوه هذا المذهب).
أعنى أنه يرسل إليهم يعلمهم بدخوله من غير أن يأمرهم بتلقيه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب يأمرهم بتلقيه.
قلت منهم صاحب الهداية والمذهب والخلاصة.
قوله (ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت وهو المذهب).
يعنى أنه بالخيرة في الدخول في هذه الأيام.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز والمغني والشرح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر جماعة من الأصحاب يدخل يوم الاثنين فإن لم يقدر فيوم الخميس
201

منهم صاحب المذهب.
وقال في الهداية والمستوعب والخلاصة وغيرهم فإن لم يقدر أن يدخل يوم الاثنين فيوم الخميس أو السبت.
قال في التبصرة يدخل ضحوة لاستقبال الشهر.
قال في الفروع وكأن استقبال الشهر تفاؤلا كأول النهار ولم ينكرهما الأصحاب.
قوله (لابسا أجمل ثيابه).
قال في التبصرة وكذا أصحابه.
وقال أيضا تكون ثيابهم كلها سود وإلا فالعمامة.
وقال في الفروع وظاهر كلامهم غير السواد أولى للأخبار.
فوائد
الأولى لا يتطير بشيء وإن تفاءل فحسن.
الثانية قوله ويجلس مستقبل القبلة فإذا اجتمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم بلا نزاع وقال في التبصرة وليقل من كلامه إلا لحاجة.
الثالثة قوله وينفذ فيتسلم ديوان الحكم من الذي كان قبله بلا نزاع.
قال في التبصرة وليأمر كاتب ثقة يثبت ما تسلمه بمحضر عدلين.
الرابعة ديوان الحكم هو ما فيه محاضر وسجلات وحجج وكتب وقف ونحو ذلك مما يتعلق بالحكم تنبيه ظاهر قوله (ويسلم على من يمر به).
202

ولو كانوا صبيانا وهو صحيح صرح به الأصحاب.
فائدتان
إحداهما قوله ويصلى تحية المسجد إن كان في مسجد.
بلا نزاع فإن كان في غيره خير والأفضل الصلاة.
الثانية أفادنا المصنف أنه يجوز القضاء في الجوامع والمساجد وهو صحيح ولا يكره قاله الأصحاب.
قوله (ويجلس على بساط ونحوه وهو المذهب).
قال في الفروع والأشهر ويجلس على بساط ونحوه.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال في المحرر والوجيز وغيرهما على بساط.
وقال في الهداية وغيره على بساط أو لبد أو حصير.
فائدة قوله ويجعل مجلسه في مكان فسيح كالجامع والفضاء والدار الواسعة.
بلا نزاع ولكن يصونه مما يكره فيه ذكره في الوجيز وهو كما قال.
قوله (ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا إلا في غير مجلس الحكم إن شاء).
مراده إذا لم يكن عذر فإن كان ثم عذر جاز اتخاذهما.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه لا يتخذهما في مجلس الحكم من غير عذر.
قال ابن الجوزي في المذهب يتركهما ندبا.
203

وقال في الأحكام السلطانية ليس له تأخير الحضور إذا تنازعوا إليه بلا عذر ولا له أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة.
فائدتان
إحداهما قوله ويعرض القصص فيبدأ بالأول فالأول.
قال في المستوعب ينبغي أن يكون على رأسه من يرتب الناس.
الثانية قوله ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة واحدة.
واعلم أن تقديم السابق على غيره واجب على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم في عيون المسائل بتقديم من له بينة لئلا تضجر بينته وجعله في الفروع توجيها.
وقال في الرعاية ويكره تقديم متأخر.
قوله (فإن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة هذا المذهب مطلقا).
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح بن منجا ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع.
وذكر جماعة من الأصحاب يقدم المسافر المرتحل.
قلت منهم صاحب المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز والمنور.
وقال ذلك في الكافي مع قلتهم.
زاد في الرعاية والمرأة لمصلحة.
204

قوله (ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه).
يحتمل أن يكون مراده أن ذلك واجب عليه وهو المذهب.
قال في الفروع ويلزمه في الأصح العدل بينهما في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه.
وجزم به في الشرح.
وقيل لا يلزمه بل يستحب.
ويحتمله كلام المصنف.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
قوله (إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم في الدخول ويرفعه في الجلوس).
هذا المذهب.
قال في الفروع وتجريد العناية والأشهر يقدم مسلم على كافر دخولا وجلوسا.
قال ابن منجا في شرحه هذا أولى.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكره بن عبدوس وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمحرر والمنور في الدخول.
وجزم به في الخلاصة في المجلس وصححه في الرفع.
وقدمه فيهما في الشرح وصححه في النظم.
وقدمه في الدخول فقط في الرعاية الصغرى.
وقيل يسوى بينهما في ذلك أيضا.
وقدمه في الفروع.
205

وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقدمه في الهداية في الجلوس.
وأطلقهما في رفعه في المحرر والرعاية الصغرى.
وأطلقهما فيهما في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
وقال في المغني يجوز تقديم المسلم على الكافر في الجلوس وظاهر كلامه أنه يسوى بينهما في الدخول.
وفي الرعاية قول عكسه.
قال ابن رزين في مختصره يسوى بين الخصمين في مجلسه ولحظه ولفظه ولو دمى في وجه.
فظاهره دخول اللحظ واللفظ في الخلاف فتخلص لنا في المسألة ثلاثة أقوال التقديم مطلقا ومنعه مطلقا والتقديم في الدخول دون الرفع.
وظاهر الخلاصة والمغني قول رابع وهو التقديم في الرفع دون الدخول.
فائدة لو سلم أحد الخصمين على القاضي رد عليه.
وقال في الترغيب يصبر حتى يسلم الآخر ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا.
وقال في الرعاية وإن سلما معا رد عليهما معا وإن سلم أحدهما قبل دخول خصمه أو معه فهل يرد عليه قبله يحتمل وجهين انتهى.
وله القيام السائغ وتركه على الصحيح من المذهب.
وقيل يكره القيام لهما فإن قام لأحدهما قام للآخر أو اعتذر إليه قاله في الرعاية.
قوله (ولا يسار أحدهما ولا يلقنه حجته ولا يضيفه).
يعنى يحرم عليه ذلك قاله الأصحاب.
206

قوله (ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي.
وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى إذا لم يحسها.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم وشرح بن منجا.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يلزم ذكره فأما إن لزم ذكره في الدعاوى كشرط عقد أو سبب ونحوه ولم يذكره المدعى فله أن يسأل عنه ليحترز عنه.
قوله (وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو يضع عنه ويزن عنه).
ويجوز للقاضي أن يشفع إلى خصم المدعى عليه لينظره بلا خلاف أعلمه.
ويجوز له أن يشفع ليضع عنه على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع له ذلك على الأصح.
قال في تجريد العناية له ذلك على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وشرح بن منجا والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
وعنه ليس له ذلك.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والكافي.
ويجوز له أن يزن عنه أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفيه احتمال لصاحب الرعاية الكبرى لا يجوز ذلك وما هو ببعيد.
207

قوله (وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن ويشاورهم فيما يشكل عليه).
من استخراج الأدلة وتعرف الحق بالاجتهاد.
قال الإمام أحمد رحمه الله ما أحسنه لو فعله الحكام يشاورون وينتظرون فإن اتضح له حكم وإلا أخره.
قوله (ولا يقلد غيره وإن كان أعلم منه).
ويحرم عليه أن يقلد غيره على الصحيح من المذهب وإن كان أعلم منه.
نقل بن الحكم عليه أن يجتهد.
ونقل أبو الحارث لا تقلد أمرك أحدا وعليك بالأثر.
وقال للفضل بن زياد لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح بن منجا والوجيز والمحرر والنظم والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس والرعاية الصغرى وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وعنه يجوز.
قال أبو الخطاب وحكى أبو إسحاق الشيرازي أن مذهبنا جواز تقليد العالم قال وهذا لا نعرفه عن أصحابنا.
واختار أبو الخطاب إن كانت العبادة مما لا يجوز تأخيرها كالصلاة فعلها بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن عدم الماء والتراب فلا ضرورة إلى التقليد.
وقال في الرعاية الكبرى وإن كان الخصم مسافرا يخاف فوت رفقته احتمل وجهين.
208

وتقدم ذلك في أوائل أحكام المفتي في الباب الذي قبله.
فائدة لو حكم ولم يجتهد ثم بان بأنه حكم بالحق لم يصح.
ذكره بن عقيل في القصر من الفصول.
قلت لو خرج الصحة على قول القاضي أبي الحسين فيما إذا اشتبه الطاهر بالطهور وتوضأ من واحد فقط فظهر أنه الطهور لكان له وجه.
تنبيه قوله ولا يقضي وهو غضبان ولا حاقن وكذا أو حاقب ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج.
وكذا في شدة المرض والخوف والفرح الغالب والملل والكسل.
ومراده بالغضب الغضب الكثير.
وكلام الأصحاب في ذلك محتمل للكراهة والتحريم.
وصرح أبو الخطاب في انتصاره بالتحريم.
قلت والدليل في ذلك يقتضيه وكلامهم إليه أقرب.
وقال الزركشي وظاهر كلام الخرقي وعامة الأصحاب أن المنع من ذلك على سبيل التحريم.
وذكر بن البنا في الخصال الكراهة.
فقال إن كان غضبانا أو جائعا كره له القضاء.
وقال في المغني لا خلاف نعلمه أن القاضي لا ينبغي له أن يقضى وهو غضبان.
فائدة كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي في حال الغضب دون غيره.
ذكره بن نصر الله في حواشي الفروع في كتاب الطلاق.
قوله (فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه).
209

وهذا المذهب.
قال في الفروع نفذ في الأصح.
قال في تجريد العناية نفذ في الأظهر.
واختاره القاضي في المجرد.
وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمغني والشرح ونصراه والمحرر والنظم وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقال القاضي لا ينفذ وهذا مما يقوي التحريم.
وقيل إن عرض له بعد أن فهم الحكم نفذ وإلا فلا.
وتقدم نظير ذلك في المفتي في الباب الذي قبله في أوائل أحكام المفتي.
قوله (ولا يقبل الهدية إلا ممن كان يهدى إليه قبل ولايته بشرط أن لا يكون له حكومة).
وهذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال في القاعدة الخمسين بعد المائة منع الأصحاب من قبول القاضي الهدية.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل له أن يقبلها ممن كان يهدي إليه قبل ولايته ولو كان له حكومة.
قلت وهو بعيد جدا.
وقال أبو بكر في التنبيه لا يقبل الهدية وأطلق.
وذكر جماعة من الأصحاب لا يقبل الهدية ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إذا أحس أن له حكومة.
210

وجزم به في المغني والشرح والرعاية وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
قال في المستوعب ولا يقبل الهدية إلا من ذي رحم محرم منه وما هو ببعيد.
وقال القاضي في الجامع الصغير ينبغي أن لا يقبل هدية إلا من صديق كان يلاطفه قبل ولايته أو ذي رحم محرم منه بعد أن لا يكون له خصم انتهى.
وعبارته في المستوعب قريبة من هذه.
وذكر في الفصول احتمالا أن القاضي في غير عمله كالعادة.
فوائد
الأولى حيث قلنا بجواز قبولها فردها أولى بل يستحب.
صرح به القاضي وغيره.
قال في الفروع ردها أولى.
وقال ابن حمدان يكره أخذها.
الثانية لا يحرم على المفتي أخذ الهدية.
جزم به في الفروع وغيره.
وقال في آداب المفتي وأما الهدية فله قبولها.
وقيل يحرم إذا كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد.
قلت أو يكون له فيه نفع من جاه أو مال فيفتيه لذلك بما لا يفتي به غيره ممن لا ينتفع به كنفع الأول انتهى.
211

وقال ابن مفلح في أصوله وله قبول هدية والمراد لا ليفتيه بما يريده وإلا حرمت.
زاد بعضهم أو لنفعه بجاهه أو ماله وفيه نظر ونقل المروذي لا يقبل هدية إلا أن يكافئ.
وقال لو جعل للمفتي أهل بلد رزقا ليتفرغ لهم جاز.
وقال في الرعاية هو بعيد وله أخذ الرزق من بيت المال.
وتقدم أن للحاكم طلب الرزق له ولأمنائه وهل يجوز له الأخذ إذا لم يكن له ما يكفيه أم لا وكذلك المفتي في أوائل باب القضاء.
الثالثة الرشوة ما يعطى بعد طلبه والهدية الدفع إليه ابتداء قاله في الترغيب ذكره عنه في الفروع في باب حكم الأرضين المغنومة.
الرابعة حيث قلنا لا يقبل الهدية وخالف وفعل أخذت منه لبيت المال على قول لخبر بن اللتبية وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل ترد إلى صاحبها كمقبوض بعقد فاسد وهو الصحيح.
قدمه في المغني والشرح.
وقيل لا يملكها إن عجل مكافأتها وأطلقهن في الفروع.
فعلى الوجه الأول تؤخذ هدية العامل للصدقات ذكره القاضي واقتصر عليه في الفروع وقال فدل على أن في انتقال الملك في الرشوة والهدية وجهين.
قال ويتوجه.
212

إنما في الرعاية أن الساعي يعتد لرب المال بما أهداه إليه نص عليه.
وعنه لا مأخذه ذلك.
ونقل مهنا فيمن اشترى من وكيل فوهبه شيئا أنه للموكل.
وهذا يدل لكلام القاضي المتقدم.
ويتوجه فيه في نقل الملك الخلاف.
وجزم به بن تميم في عامل الزكاة إذا ظهرت خيانته برشوة أو هدية أخذها الإمام لا أرباب الأموال.
وتبعه في الرعاية ثم قال قلت إن عرفوا رد إليهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن ولي شيئا من أمر السلطان لا أحب له أن يقبل شيئا يروى هدايا الأمراء غلول والحاكم خاصة لا أحبه له إلا ممن كان له به خلطة ووصلة ومكافأة قبل أن يلي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن كسب مالا محرما برضى الدافع ثم تاب كثمن خمر ومهر بغي وحلوان كاهن أن له ما سلف.
وقال أيضا لا ينتفع به ولا يرده لقبضه عوضه ويتصدق به كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في حامل الخمر.
وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه يتصدق به فإذا تصدق به فللفقير أكله ولولي الأمر أن يعطيه لأعوانه.
وقال أيضا فيمن تاب أن علم صاحبه دفعه إليه وإلا دفعه في مصالح المسلمين وله مع حاجته أخذ كفايته.
وقال في الرد على الرافضي في بيع سلاح في فتنة وعنب لخمر يتصدق بثمنه.
213

وقال هو قول محققي الفقهاء.
وقال في الفروع كذا قال وقوله مع الجماعة أولى.
وتقدم ما يقرب من ذلك في باب الغصب عند قوله وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها.
الخامسة لا يجوز إعطاء الهدية لمن يشفع عند السلطان ونحوه.
ذكره القاضي وأومأ إليه لأنها كالأجرة والشفاعة من المصالح العامة فلا يجوز أخذ الأجرة عليها وفيه حديث صريح في السنن.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيمن عنده وديعة فأداها فأهديت إليه هدية أنه لا يقبلها إلا بنية المكافأة.
وحكم الهدية عند سائر الأمانات كحكم الوديعة.
قاله في القاعدة الخمسين بعد المائة.
قوله (ويكره أن يتولى البيع والشراء بنفسه ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم من الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وجعلها الشريف وأبو الخطاب كالهدية.
وجزم به في الرعاية كالوالي.
وسأله حرب هل للقاضي والوالي أن يتجر قال لا إلا أنه شدد في الوالي.
214

فائدة قوله ويستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز ما لم تشغله عن الحكم.
وذكر في الترغيب ويودع الغازي والحاج قاله في الرعاية.
وزاد وله زيارة أهله وإخوانه الصلحاء ما لم يشتغل عن الحكم.
قوله (وله حضور الولائم).
يعني من غير كراهة وهو المذهب.
قال في المحرر والفروع وغيرهما وهو في الدعوات كغيره.
وقال أبو الخطاب تكره له المسارعة إلى غير وليمة عرس ويجوز له ذلك.
وقال في الترغيب يكره.
قال في الرعاية كما لو قصد رياء أو كانت لخصم.
وقدم في الترغيب لا يلزمه حضور وليمة العرس.
قوله (فإن كثرت تركها كلها ولم يجب بعضهم دون بعض).
قال القاضي وغيره لا يجيب بعضهم دون بعض بلا عذر وهو صحيح.
وذكر المصنف وصاحب الترغيب وجماعة إن كثرت الولائم صان نفسه وتركها.
قال في الفروع ولم يذكروا لو تضيف رجلا قال ولعل كلامهم يجوز ويتوجه كالمقرض ولعله أولى.
قوله (ويتخذ كاتبا مسلما مكلفا عدلا حافظا عالما).
ولم يذكر في الفروع مكلفا.
وقال ويتوجه فيه ما في عامل الزكاة.
وقال في الكافي عارفا.
215

قال المصنف والشارح وينبغي أن يكون وافر العقل ورعا نزها ويستحب أن يكون فقيها جيد الخط حرا وإن كان عبدا جاز.
فائدة اتخاذ الكاتب على سبيل الإباحة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ويحتمله كلام المصنف هنا.
واختار المصنف والشارح أن ذلك مستحب.
وجزم به الزركشي.
قوله (ولا يحكم لنفسه ولا لمن لا تقبل شهادته له ويحكم بينهم بعض خلفائه).
حكمه لنفسه لا يجوز ولا يصح بلا نزاع.
وحكمه لمن لا تقبل شهادته له لا يجوز أيضا ولا ينفذ على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وحكاه القاضي عياض إجماعا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر يجوز له ذلك.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في المبهج وقيل يجوز بين والديه وولديه وما هو ببعيد وأطلق في المحرر جواز حكمه لمن لا تقبل شهادته له وجهين.
فوائد
الأولى يحكم ليتيمه على قول أبي بكر قاله في الترغيب.
وقيل وعلى قول غيره أيضا.
216

قال في الرعاية فإن صار وصى اليتيم حاكما حكم له بشروطه.
وقيل لا.
الثانية يجوز أن يستخلف والده وولده كحكمه لغيره بشهادتهما.
ذكره أبو الخطاب وابن الزاغوني وأبو الوفاء.
وزاد إذا لم يتعلق عليهما من ذلك تهمة ولم يوجب لهما بقبول شهادتهما ريبة ولم يثبت بطريق التزكية.
وقيل ليس له استخلافهما.
قال في الرعاية قلت إن جازت شهادته لهما وتزكيتهما جاز وإلا فلا.
الثالثة ليس له الحكم على عدوه قولا واحدا وله أن يفتي عليه.
على الصحيح من المذهب.
وقيل ليس له ذلك كما تقدم في أحكام المفتي.
الرابعة قوله (فإن حضر خصمه نظر بينهما) بلا نزاع.
فإن كان حبس لتعدل البينة فإعادته مبنية على حبسه في ذلك.
قال في الفروع ويتوجه إعادته وقال في الرعاية تعاد إن كان الأول حكم به مع أنه ذكر أن إطلاق المحبوس حكم.
قال في الفروع ويتوجه أنه كفعله وأن مثله تقدير مدة حبسه ونحوه.
قال والمراد إذا لم يأمر ولم يأذن بحبسه وإطلاقه وإلا فأمره وإذنه حكم يرفع الخلاف كما يأتي.
قوله (فإن كان حبس في تهمة أو افتيات على القاضي قبله خلي سبيله).
217

وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وشرح بن منجا وغيرهم.
قال المصنف والشارح لأن المقصود بحبسه التأديب وقد حصل.
وقال ابن منجا لأن بقاءه في الحبس ظلم.
قلت في هذا نظر.
وقال في المحرر وغيره وإن حبسه تعذيرا أو تهمة خلاه أو بقاه بقدر ما يرى.
وكذا قال في الفروع وغيره.
قلت وهو الصواب.
ولعله مراد من أطلق.
وتعليل الشارح يدل عليه.
قوله (فإن لم يحضر له خصم وقال حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نادى بذلك ثلاثا فإن حضر له خصم وإلا أحلفه وخلى سبيله).
وكذا قال في الوجيز ومنتخب الآدمي والنظم والحاوي وغيرهم وأقره الشارح وابن منجا على ذلك.
وقال في الهداية والمذهب والمحرر والفروع وغيرهم نودي بذلك ولم يذكروا ثلاثا.
قلت يحتمل أن مراد من قيد بالثلاث أنه يشتهر بذلك ويظهر له غريم إن كان في الغالب.
ومراد من لم يقيد أنه ينادي عليه حتى يغلب على الظن أنه ليس له غريم ويحصل ذلك في الغالب في ثلاث.
218

فيكون المعنى في الحقيقة واحدا وكلامهم متفق.
لكن حكي في الرعايتين القولين وقدم عدم التقييد بالثلاث فظاهره التنافي بينهما.
فوائد
الأولى لو كان خصمه غائبا أبقاه حتى يبعث إليه على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل يخلي سبيله كما لو جهل مكانه أو تأخر بلا عذر.
قلت وهو ضعيف.
وقال في الفروع والأولى أن لا يطلقه إلا بكفيل.
واختاره في الرعايتين.
قلت وهو عين الصواب إذا قلنا يطلق.
الثانية لو حبس بقيمة كلب أو خمر ذمي فقيل يخلى سبيله.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقال إن صدقه غريمه.
واختاره القاضي وغيره وقدمه الشارح.
وهو ظاهر ما قدمه في المغني.
وقيل يبقى.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل يقف ليصطلحا على شيء.
وجزم في الفصول أنه يرجع إلى رأي الحاكم الجديد.
219

الثالثة إطلاق الحاكم المحبوس من الحبس أو غيره حكم جزم به في الرعاية والفروع.
وكذا أمره بإراقة نبيذ.
ذكره في الأحكام السلطانية في المحتسب وتقدم في باب الصلح أن إذنه في ميزاب وبناء وغيره يمنع الضمان لأنه كإذن الجميع.
ومن منع فلأنه ليس له عنده أن يأذن لا لأن إذنه لا يرفع الخلاف ولهذا يرجع بإذنه في قضاء دين ونفقة وغير ذلك ولا يضمن بإذنه في النفقة على لقيط وغيره بلا خلاف وإن ضمن لعدمها.
ولهذا إذن الحاكم في أمر مختلف فيه كاف بلا خلاف.
وسبق كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الحاكم ليس هو الفاسخ وإنما يأذن له ويحكم له فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله وهل فعله حكم فيه الخلاف المشهور انتهى.
وقال في الرعاية وإن ثبت عليه قود لزيد فأمر بقتله ولم يقل حكمت به أو أمر رب الدين الثابت أن يأخذه من مال المديون ولم يقل حكمت به احتمل وجهين وكذا حبسه وإذنه في القتل وأخذ الدين انتهى.
الرابعة فعله حكم قاله في الفروع وغيره.
وقد ذكر الأصحاب في حمي الأئمة أن اجتهاد الإمام لا يجوز نقضه كما لا يجوز نقض حكمه.
وذكروا خلاف المصنف أن الميزاب ونحوه يجوز بأذن واحتجوا بنصبه عليه أفضل الصلاة والسلام ميزاب العباس رضى الله عنه.
220

وقال المصنف في المغني وغيره في بيع ما فتح عنوة إن باعه الإمام لمصلحة رآها صح لأن فعل الإمام كحكم الحاكم.
وقال في المغني أيضا لا شفعة فيها إلا أن يحكم ببيعها حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه.
وقال في المغني أيضا إن تركها بلا قسمة وقف لها وأن ما فعله الأئمة ليس لأحد نقضه.
واختار أبو الخطاب رواية أن الكافر لا يملك مال مسلم بالقهر.
وقال إنما منعه منه بعد القسمة لأن قسمة الإمام تجري مجرى الحكم انتهى.
وفعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين غائبة وعقد نكاح بلا ولي وذكره المصنف في عقد النكاح بلا ولي وغيره.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله أصح الوجهين.
وذكر الأزجي فيمن أقر لزيد فلم يصدقه وقلنا يأخذه الحاكم ثم ادعاه المقر لم يصح لأن قبض الحاكم بمنزلة الحكم بزوال ملكه عنه.
وذكر الأصحاب في القسمة المطلقة المنسية أن قرعة الحاكم كحكمه لا سبيل إلى نقضه.
وقال القاضي في التعليق والمجد في المحرر فعله حكم إن حكم به هو أو غيره وفاقا كفتياه.
فإذا قال حكمت بصحته نفذ حكمه باتفاق الأئمة قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين فتيا الحاكم ليست حكما منه فلو حكم غيره بغير ما أفتى لم يكن نقضا لحكمه ولا هي كالحكم ولهذا يجوز أن يفتي للحاضر والغائب ومن يجوز حكمه له ومن لا يجوز انتهى.
221

وقال في المستوعب حكمه يلزم بأحد ثلاثة ألفاظ ألزمتك أو قضيت له عليك أو أخرج إليه منه وإقراره ليس كحكمه.
الخامسة قوله ثم ينظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف بلا نزاع وكذا الوصايا.
فلو نفذ الأول وصيته لم يعد له لأن الظاهر معرفة أهليته لكن يراعيه.
قال في الفروع فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية وصية وغيرها حكم خلافا لمالك رحمه الله يقبله حاكم خلافا لمالك وأن له إثبات خلافه.
وقد ذكر الأصحاب أنه إذا بان فسق الشاهد يعمل بعلمه في عدالته أو يحكم.
وقال في الرعايتين هنا وينظر في أموال الغياب زاد في الرعاية الكبرى وكل ضالة ولقطة حتى الإبل ونحوها انتهى.
وقد ذكر الأصحاب منهم المصنف في هذا الكتاب في أواخر الباب الذي بعد هذا إذا ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب وله مال في ذمة فلان أو دين عليه وثبت ذلك أنه يأخذ مال الغائب على الصحيح من المذهب ويدفع إلى الأخ الحاضر نصيبه.
وتقدم في باب ميراث المفقود أن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال إذا حصل لأسير من وقف شيء تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه جميعه.
واقتصر عليه في الفروع.
السادسة من كان من أمناء الحاكم للأطفال أو الوصايا التي لا وصي لها ونحوه بحاله أقره لأن الذي قبله ولاه ومن فسق عزله ويضم إلى الضعيف أمينا.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
222

وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع ويتوجه أنها مسألة النائب.
وجعل في الترغيب أمناء الأطفال كنائبه في الخلاف وأنه يضم إلى وصي فاسق أو ضعيف أمينا وله إبداله.
تنبيه ظاهر قوله ثم ينظر في حال القاضي قبله وجوب النظر في أحكام من قبله لأنه عطفه على النظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف.
وتابع في ذلك صاحب الهداية فيها وغيره.
وهو ظاهر الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل له النظر في ذلك من غير وجوب وهو المذهب.
قال في الفروع وله في الأصح النظر في حال من قبله.
قال الزركشي وقوة كلام الخرقي تقتضي أنه لا يجب عليه تتبع قضايا من قبله وهو ظاهر المحرر.
وقدمه الزركشي.
وجزم به في الشرح.
وقيل ليس له النظر في حال من قبله البتة.
قوله (فإن كان ممن يصلح للقضاء لم ينقض من أحكامه إلا ما خالف نص كتاب أو سنة).
كقتل المسلم بالكافر نص عليه فيلزمه نقضه نص عليه.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه ينقض حكمه إذا خالف سنة سواء كانت متواترة أو آحادا وعليه جماهير الأصحاب.
223

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا ينقض حكمه إذا خالف سنة غير متواترة.
قوله (أو إجماعا).
الإجماع إجماعان إجماع قطعي وإجماع ظني.
فإذا خالف حكمه إجماعا قطعيا نقض حكمه قطعا.
وأن لم يكن قطعيا لم ينقض على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل ينقض.
وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكلام الوجيز والشرح وغيرهم من الأصحاب.
تنبيه صرح المصنف أنه لا ينقض الحكم إذا خالف القياس وهو صحيح.
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل ينقض إذا خالف قياسا جليا وفاقا لمالك والشافعي رحمهما الله واختاره في الرعايتين.
وقال أو خالف حكم غيره قبله.
قال وكذا ينقض من حكم بفسقه وحاكم متول غيره.
وقيل أن خالف قياسا أو سنة أو إجماعا في حقوق الله تعالى كطلاق وعتق نقضه.
وإن كان في حق آدمي لم ينقضه إلا بطلب ربه.
وجزم به في المجرد والمغني والشرح.
فائدة لو حكم بشاهد ويمين لم ينقض.
224

وذكره القرافي إجماعا.
وينقض حكمه بما لم يعتقده وفاقا للأئمة الأربعة.
وحكاه القرافي أيضا إجماعا.
وقال في الإرشاد وهل ينقض بمخالفة قول صاحب يتوجه نقضه إن جعل حجة كالنص وإلا فلا.
قال في القاعدة الثامنة والستين لو حكم في مسألة مختلف فيها بما يرى أن الحق في غيره أثم وعصى بذلك ولم ينقض حكمه ألا أن يكون مخالفا لنص صريح ذكره بن أبي موسى.
وقال السامري ينقض حكمه.
نقل بن الحكم إن أخذ بقول صحابي وأخذ آخر بقول تابعي فهذا يرد حكمه لأنه حكم تجوز وتأول الخطأ.
ونقل أبو طالب فأما إذا أخطأ بلا تأويل فليرده ويطلب صاحبه حتى يرده فيقضي بحق.
قوله (وإن كان ممن لا يصلح نقض أحكامه).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
نقل عبد الله إن لم يكن عدلا لم يجز حكمه.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والشرح والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
ويحتمل أن لا ينقض الصواب منها.
واختاره المصنف وابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمهم الله وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنور.
225

وقدمه في الترغيب.
وهو ظاهر كلام الخرقي وأبي بكر وابن عقيل وابن البنا حيث أطلق أنه لا ينقض من الحكم إلا ما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا.
قلت وهو الصواب.
وعليه عمل الناس من مدد ولا يسع الناس غيره.
وهو قول أبي حنيفة ومالك رحمهما الله.
وأما إذا خالفت الصواب فإنها تنقض بلا نزاع.
قال في الرعاية ولو ساغ فيها الاجتهاد.
فائدتان
إحداهما حكمه بالشيء حكم يلازمه.
ذكره الأصحاب في المفقود.
قال في الفروع ويتوجه وجه.
يعني أن الحكم بالشيء لا يكون حكما بلازمه.
وقال في الانتصار في لعان عبد في إعادة فاسق شهادته لا تقبل لأن رده لها حكم بالرد فقبولها نقض له فلا يجوز بخلاف رد صبي وعبد لإلغاء قولهما.
وقال في الانتصار أيضا في شهادة في نكاح لو قبلت لم يكن نقضا للأول فإن سبب الأول الفسق وزال ظاهرا لقبول سائر شهاداته.
وإذا تغيرت صفة الواقعة فتغير القضاء بها لم يكن نقضا للقضاء الأول بل ردت للتهمة لأنه صار خصما فيه فكأنه شهد لنفسه أو لوليه.
وقال في المغني رد شهادة الفاسق باجتهاده فقبولها نقض له.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رد عبد لأن الحكم قد مضى والمخالفة في قضية واحدة نقض مع العلم.
226

وإن حكم ببينة خارج أو جهل علمه بينة داخل لم ينقض لأن الأصل جريه على العدل والصحة.
ذكره المصنف في المغني في آخر فصول من ادعى شيئا في يد غيره.
قال في الفروع ويتوجه وجه يعني بنقضه.
الثانية ثبوت الشيء عند الحاكم ليس حكما به على ما ذكروه في صفة السجل وفي كتاب القاضي على ما يأتي.
وكلام القاضي هناك يخالفه.
قال ذلك في الفروع.
وقد دل كلامه في الفروع في باب كتاب القاضي إلى القاضي أن في الثبوت خلافا هل هو حكم أم لا بقوله في أوائل الباب فإن حكم المالكي للخلاف في العمل بالخط فلحنبلي تنفيذه وإن لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذا فكذلك لأن الثبوت عند المالكي حكم.
ثم إن رأي الحنبلي الثبوت حكما نفذه وإلا فالخلاف.
ويأتي في آخر الباب الذي يليه هل تنفيذ الحاكم حكم أم لا.
قوله (وإذا استعداه أحد على خصم له أحضره).
يعني يلزمه إحضاره.
وهذا المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية هذا اختيار عامة شيوخنا.
قال في الخلاصة وهو الأصح.
قال الناظم وهو الأقوى.
قال ابن منجا في شرحه وهو المذهب.
227

واختاره أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلا.
وقدمه في الحاوي.
وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى.
وصححه في النظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والشرح والرعاية الكبرى والمحرر.
فلو كان لما ادعاه أصلا بأن كان بينهما معاملة أحضره.
وفي اعتبار تحرير الدعوى لذلك قبل إحضاره وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الكبرى.
قال في الفروع ومن استعداه على خصم في البلد لزمه إحضاره.
وقيل إن حرر دعواه.
وقال في المحرر ومن استعداه على خصم حاضر في البلد أحضره لكن في اعتبار تحرير الدعوى وجهان.
فظاهر كلام صاحب المحرر والفروع أن المسألتين مسألة واحدة وجعلا الخلاف فيها وجهين.
وحكى صاحب الهداية والمذهب والمصنف وغيرهم هل يشترط في حضور الخصم أن يعلم أن لما ادعاه الشاكي أصلا أم لا.
ولم يذكروا تحرير الدعوى.
فالظاهر أن هذه مسألة وهذه مسألة.
فعلى القول بأنه يشترط أن يعلم أن لما ادعاه أصلا يحضره لكن في اعتبار تحرير الدعوى قبل إحضاره الوجهين.
228

وذكرهما في الرعاية الكبرى مسألتين.
فقال وإن ادعى على حاضر في البلد فهل له أن يحضره قبل أن يعلم أن بينهما معاملة فيما ادعاه على روايتين.
وإن كان بينهما معاملة أحضره أو وكيله.
وفي اعتبار تحرير الدعوى لذلك قبل إحضاره وجهان انتهى.
وهو الصواب.
وذكر في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير المسألة الثانية طريقة.
فائدتان
إحداهما لا يعدي حاكم في مثل ما لا تتبعه الهبة على الصحيح من المذهب.
وقال في عيون المسائل ولا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه خصمه هكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانية متى لم يحضره لم يرخص له في تخلفه وإلا أعلم به الوالي ومتى حضر فله تأديبه بما يراه.
تنبيه مراد المصنف هنا وغيره إذا استعداه على حاضر في البلد.
أما إن كان المدعى عليه غائبا فيأتي في كلام المصنف في أول الفصل الثالث من الباب الآتي بعد هذا.
وكذا إذا كان غائبا عن المجلس ويأتي هناك أيضا.
قوله (وإن استعداه على القاضي قبله سأله عما يدعيه فإن قال لي عليه دين من معاملة أو رشوة راسله فإن اعترف بذلك أمره بالخروج منه وإن أنكره وقال إنما يريد بذلك تبذيلي فإن عرف لما ادعاه أصلا أحضره وإلا فهل يحضره على روايتين).
229

يعني وإن لم يعرف لما ادعاه أصلا.
واعلم أنه إذا ادعى على القاضي المعزول فالصحيح من المذهب أنه يعتبر تحرير الدعوى في حقه.
جزم به في المحرر والوجيز والرعايتين.
قال في الفروع ويعتبر تحريرها في حاكم معزول في الأصح وقيل هو كغيره.
قال في الشرح وإن ادعى عليه الجور في الحكم وكان للمدعى بينة أحضره وحكم بالبينة.
وإن لم يكن معه بينة ففي إحضاره وجهان انتهى.
وعنه متى بعدت الدعوى عرفا لم يحضره حتى يحررها ويبين أصلها.
وزاد في المحرر في هذه الرواية فقال وعنه كل من يخشى بإحضاره ابتذاله إذا بعدت الدعوى عليه في العرف لم يحضره حتى يحرر ويبين أصلها وعنه متى تبين أحضره وإلا فلا.
تنبيه لا بد من مراسلته قبل إحضاره على كل قول على الصحيح من المذهب.
صححه في تصحيح المحرر.
قال في الفروع ويراسله في الأصح.
قال ابن منجا في شرحه ومراسلته أظهر.
قال الناظم وراسل في الأقوى.
وجزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل يحضره من غير مراسلة.
وهو رواية في الرعاية.
230

وهو ظاهر كلام المصنف في المغني فإنه لم يذكر المراسلة.
بل قال إن ذكر المستعدي أنه يدعي عليه حقا من دين أو غصب أعداه عليه كغير القاضي.
وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قوله (فإن قال حكم على بشهادة فاسقين فأنكر فالقول قوله بغير يمين).
وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح وشرح بن منجا والرعاية
والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقيل لا يقبل قوله إلا بيمينه.
فائدة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تخصيص الحاكم المعزول بتحرير الدعوى في حقه لا معنى له.
فإن الخليفة ونحوه في معناه وكذلك العالم الكبير والشيخ المتبوع.
قلت وهذا عين الصواب.
وكلامهم لا يخالف ذلك والتعليل يدل على ذلك.
وقد قال في الرعاية الكبرى وكذلك الخلاف والحكم في كل من خيف تبذيله ونقص حرمته بإحضاره إذا بعدت الدعوى عليه عرفا.
قال كسوقي ادعى أنه تزوج بنت سلطان كبير أو استأجره لخدمته وتقدم أن ذلك رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الخلاصة بعد أن ذكر حكم القاضي المعزول وكذلك ذوو الأقدار.
قوله (وإن قال الحاكم المعزول كنت حكمت في ولايتي لفلان بحق قبل).
231

هذا المذهب سواء ذكر مستنده أو لا.
جزم به القاضي في جامعه وأبو الخطاب في خلافية الكبير والصغير وابن عقيل في تذكرته وصاحب الوجيز وغيرهم.
واختاره الخرقي والمصنف والشارح.
قال في تجريد العناية وكذا يقبل بعد عزله في الأظهر.
وقدمه في المحرر والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقيده في الفروع بالعدل وهو أولى.
وأطلق أكثرهم.
ويحتمل أن لا يقبل وهو لأبي الخطاب.
قال المصنف وقول القاضي في فروع هذه المسألة يقتضي أن لا يقبل قوله هنا.
فعلى هذا الاحتمال هو كالشاهد.
قال في المحرر ويحتمل أن لا يقبل إلا على وجه الشهادة إذا كان عن إقرار وقال في الرعاية ويحتمل رده إلا إذا استشهد مع عدل آخر عند حاكم غيره أن حاكما حكم به أو أنه حكم حاكم جائز الحكم ولم يذكر نفسه ثم حكى احتمال المحرر قولا انتهى.
وقيل ليس هو كشاهد.
وجزم به في الروضة فلا بد من شاهدين سواه.
ويأتي في كلام المصنف إذا أخبر الحاكم في حال ولايته أنه حكم لفلان بكذا في آخر الباب الأتي بعد هذا.
وهو قوله وإن ادعى إنسان أن الحاكم حكم له فصدقه قبل قول الحاكم
232

فعلى المذهب من شرط قبول قوله أن لا يتهم.
ذكره أبو الخطاب وغيره نقله الزركشي.
تنبيه قال القاضي مجد الدين قبول قوله مقيد بما إذا لم يشتمل على إبطال حكم حاكم آخر فلو حكم حنفي برجوع واقف على نفسه فأخبر حاكم حنبلي أنه كان حكم قبل حكم الحنفي بصحة الوقف المذكور لم يقبل.
نقله القاضي محب الدين في حواشي الفروع وقال هذا تقييد حسن ينبغي اعتماده.
وقال القاضي محب الدين ومقتضى إطلاق الفقهاء قبول قوله.
فلو كانت العادة تسجيل أحكامه وضبطها بشهود ولو قيد ذلك بما إذا لم يكن عادة كان متجها لوقوع الريبة لمخالفته للعادة انتهى.
قلت ليس الأمر كذلك بل يرجع إلى صفة الحاكم.
ويدل عليه ما قاله أبو الخطاب وغيره على ما تقدم.
فوائد
الأولى قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى كتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره.
ويأتي ذلك أيضا.
الثانية نظير مسألة إخبار الحاكم في حال الولاية والعزل أمير الجهاد وأمين الصدقة وناظر الوقف قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
واقتصر عليه في الفروع.
قال في الانتصار كل من صح منه إنشاء أمر صح إقراره به.
233

الثالثة لو أخبره حاكم آخر بحكم أو ثبوت في عملهما عمل به في غيبة المخبر على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية عمل به مع غيبة المخبر عن المجلس.
الرابعة يقبل خبر الحاكم لحاكم آخر في غير عملهما وفي عمل أحدهما على الصحيح من المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
واختاره بن حمدان.
وصححه في النظم.
قال الزركشي وإليه ميل أبي محمد.
وقدمه في الشرح والفروع وابن رزين والزركشي.
وعند القاضي لا يقبل في ذلك كله إلا أن يخبر في عمله حاكما في غير عمله فيعمل به إذا بلغ عمله وجاز حكمه
بعلمه.
وقدمه في المحرر والرعايتين.
وجزم به في الوجيز والمنور والترغيب.
ثم قال وإن كانا في ولاية المخبر فوجهان.
وفيه أيضا إذا قال سمعت البينة فاحكم لا فائدة له مع حياة البينة بل عند العجز عنها.
فعلى قول القاضي ومن تابعة يفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا قال الحاكم المعزول كنت حكمت في ولايتي لفلان بكذا أنه يقبل هناك ولا يقبل هنا.
فقال الزركشي وكأن الفرق ما يحصل من الضرر بترك قبول قول المعزول بخلاف هذا.
234

قوله (وإن ادعى على امرأة غير برزة لم يحضرها وأمرها بالتوكيل).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به الأكثر.
وأطلق بن شهاب وغيره إحضارها لأن حق الآدمي مبناه على الشح والضيق ولأن معها أمين الحاكم فلا يحصل معه خيفة الفجور والمدة يسيرة كسفرها من محلة إلى محلة ولأنها لم تنشئ هي إنما أنشئ بها واختار أبو الخطاب إن تعذر حصول الحق بدون إحضارها أحضرها.
وذكر القاضي إن الحاكم يبعث من يقضي بينها وبين خصمها.
فوائد
الأولى لا يعتبر لامرأة برزة في حضورها محرم نص عليه.
وجزم به الأصحاب.
وغيرها توكل كما تقدم.
وأطلق في الانتصار النص في المرأة واختاره إن تعذر الحق بدون حضورها كما تقدم.
الثانية البرزة هي التي تبرز لحوائجها.
قاله المصنف والشارح والناظم وصاحب الفروع وغيرهم.
وقال في المطلع هي الكهلة التي لا تحتجب احتجاب الشواب والمخدرة بخلافها.
وقال في الترغيب إن خرجت للعزاء والزيارات ولم تكثر فهي مخدرة.
الثالثة المريض يوكل المخدرة.
قوله (وإن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه:
235

كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما فإن لم يقبلوا قيل للخصم حقق ما تدعيه ثم يحضره وإن بعدت المسافة).
وهذا المذهب.
وجزم به في المحرر والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وشرح بن منجا والهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يحضره من مسافة قصر فأقل.
وقيل لا يحضره إلا إذا كان لدون مسافة العنصر وعنه لدون يوم.
جزم به في التبصرة وزاد بلا مؤنة ولا مشقة.
قال الزركشي وقيل إن جاء وعاد في يوم أحضر ولو قبل تحرير الدعوى.
وقال في الترغيب لا يحضره مع البعد حتى تتحرر دعواه.
وفي الترغيب أيضا يتوقف إحضاره على سماع البينة إذا كانت مما لا يقضي فيه بالنكول.
قال وذكر بعض أصحابنا لا يحضره مع البعد حتى يصح عنده ما ادعاه.
وجزم به في التبصرة.
تنبيه محل هذا إذا كان الغائب في محل ولايته.
236

إحداهما لو ادعى قبله شهادة لم تسمع دعواه ولم يعد عليه ولم يحلف عند الأصحاب.
خلافا للشيخ تقي الدين رحمه الله في ذلك قال وهو ظاهر نقل صالح وحنبل.
وقال لو قال أنا أعلمها ولا أؤديها فظاهر.
ولو نكل لزمه ما ادعى به إن قيل كتمانها موجب لضمان ما تلف ولا يبعد كما يضمن في ترك الإطعام الواجب.
الثانية لو طلبه خصمه أو حاكم ليحضره مجلس الحكم لزمه الحضور حيث يلزم إحضاره بطلبه منه.
237

باب طريق الحكم وصفته
قوله (إذا جلس إليه خصمان فله أن يقول من المدعي منكما وله أن يسكت حتى يبتدئا).
الصحيح من المذهب انه إذا جلس إليه الخصمان أن له أن يقول من المدعي منكما وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وله أن يسكت حتى يبدءا والأشهر أن يقول أيكما المدعي.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقيل لا يقوله حتى يبدءا بأنفسهما فإن سكتا أو سكت الحاكم قال القائم على رأس القاضي من المدعي منكما.
فائدتان
الأولى لا يقول الحاكم ولا القائم على رأسه لأحدهما تكلم لأن في إفراده بذلك تفضيلا له وتركا للإنصاف.
الثانية لو بدأ أحدهما فادعى فقال خصمه أنا المدعي لم يلتفت إليه ويقال له أجب عن دعواه ثم ادع بما شئت.
قوله (وإن ادعيا معا قدم أحدهما بالقرعة).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الشارح قياس المذهب أن يقرع بينهما.
238

وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل يقدم الحاكم من شاء منهما.
فائدتان
إحداهما لا تسمع الدعوى المقلوبة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقال وسمعها بعضهم واستنبطها.
قلت الذي يظهر أنه استنبطها من الشفعة فيما إذا ادعى الشفيع على شخص أنه اشترى الشقص وقال بل اتهبته أو ورثته فإن القول قوله مع يمينه.
فلو نكل عن اليمين أو قامت للشفيع بينة بالشراء فله أخذه ودفع ثمنه.
فإن قال لا استحقه قيل له إما أن تقبل وإما أن تبرئه على أحد الوجوه.
وقطع به المصنف هناك.
فلو ادعى الشفيع عليه ذلك ساغ وكانت شبيهة بالدعوى المقلوبة.
ومثله في الشفعة أيضا لو أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وقلنا تجب الشفعة وكان البائع مقرا بقبض الثمن من المشتري فإن الثمن الذي في يد الشفيع لا يدعيه أحد فيقال للمشتري إما أن تقبض وإما أن تبرئ على أحد الوجوه.
وتقدم ذلك في كلام المصنف.
239

وقال الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله لو جاءه بالسلم قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه ذلك.
فإن امتنع من القبض قيل له إما أن تقبض حقك أو تبرئ منه.
فإن أبى رفع الأمر إلى الحاكم.
على ما تقدم في باب السلم.
وكذا في الكتابة.
فيستنبط من ذلك كله صحة الدعوى المقلوبة.
الثانية لا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف.
وقد صرح به المصنف في أول باب الدعاوى والبينات في قوله ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف انتهى.
وتصح الدعوى على السفيه مما يؤخذ به في حال عجزه لسفه وبعد فك حجره ويحلف إذا أنكر.
قوله (ثم يقول للخصم ما تقول فيما ادعاه).
هذا المذهب.
قال في المحرر وغيره هذا أصح.
وجزم به في الهداية والخلاصة والوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وتذكره بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغنى والشرح ونصراه.
ويحتمل أن لا يملك سؤاله حتى يقول المدعي وأسأل سؤاله عن ذلك.
وفي المذهب والمستوعب وجهان.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن الدعوى تسمع في القليل والكثير وهو كذلك وعليه جماهير الأصحاب.
240

وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تسمع في مثل ما لا تتبعه الهمة ولا يعدى حاكم في مثل ذلك.
قوله (فإن أقر له لم يحكم له حتى يطالبه المدعي بالحكم).
هذا المذهب.
قال في الفروع ولا يحكم له إلا بسؤاله في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال المصنف هكذا ذكره أصحابنا.
قال ويحتمل أن لا يجوز له الحكم قبل مسألة المدعي لأن الحال يدل على إرادته ذلك فاكتفى بها كما اكتفى في مسألة المدعى عليه الجواب ولأن كثيرا من الناس لا يعرف مطالبة الحاكم بذلك انتهى.
ومال إليه في الكافي.
وقال في الفروع أيضا فإن أقر حكم قاله جماعة.
وقال في الترغيب إن أقر فقد ثبت ولا يفتقر إلى قوله قضيت في أحد الوجهين بخلاف قيام البينة لأنه يتعلق باجتهاده.
قال في الرعاية وقيل يثبت الحق بإقراره وبدون حكم.
فائدة لو قال الحاكم للخصم يستحق عليك كذا فقال نعم لزمه ذكره في الواضح في قول الخاطب للولي أزوجت قال نعم.
قوله (وإن أنكر مثل أن يقول المدعي أقرضته ألفا أو بعته فيقول ما أقرضني ولا باعني أو ما يستحق على ما ادعاه ولا شيئا منه أو لا حق له علي صح الجواب).
241

مراده ما لم يعترف بسبب الحق.
فلو اعترف بسبب الحق مثل ما لو ادعت من تعترف بأنها زوجته المهر.
فقال لا تستحق على شيئا لم يصح الجواب ويلزمه المهر إن لم يقم بينة بإسقاطه كجوابه في دعوى قرض اعترف
به لا يستحق على شيئا.
ولهذا لو أقرت في مرضها لا مهر لها عليه لم يقبل إلا ببينة أنها أخذته نقله مهنا.
قال في الفروع والمراد أو أنها أسقطته في الصحة وهو كما قال.
فائدتان
إحداهما لو قال لمدعي دينارا لا تستحق على حبة فعند بن عقيل أن هذا ليس بجواب لأنه لا يكتفى في دفع الدعوى إلا بنص ولا يكتفى بالظاهر ولهذا لو حلف والله إني لصادق فيما ادعيته عليه أو حلف المنكر إنه لكاذب فيما ادعاه علي لم يقبل.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يعم الحبات وما لم يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال يعم حقيقة عرفية.
وقد تقدم في اللعان وجهان هل يشترط قوله فيما رميتها به.
الثانية لو قال لي عليك مائة فقال ليس لك علي مائة فلا بد أن يقول ولا شيء منها على الصحيح من المذهب كاليمين.
وقيل لا يعتبر.
فعلى الأول لو نكل عما دون المائة حكم عليه بمائة إلا جزءا.
وإن قلنا برد اليمين حلف المدعي على ما دون المائة إذا لم يسند المائة إلى عقد لكون الثمن لا يقع إلا مع ذكر النسبية ليطابق الدعوى ذكره في الترغيب.
وإن أجاب مشتر لمن يستحق البيع بمجرد الإنكار رجع علي البائع بالثمن
242

وإن قال هو ملكي اشتريته من فلان وهو ملكه ففي الرجوع وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وإن انتزع المبيع من يد مشتر ببينة ملك مطلق رجع على البائع في ظاهر كلامهم.
قاله في الفروع كما يرجع في بينه ملك سابق.
وقال في الترغيب يحتمل عندي أن لا يرجع لأن المطلقة تقتضي الزوال من وقته لأن ما قبله غير مشهود به.
قال الأزجي ولو قال لك علي شيء فقال ليس لي عليك شيء إنما لي عليك ألف درهم لم تقبل منه دعوى الألف لأنه نفاها بنفي الشيء.
ولو قال لك علي درهم فقال ليس لي عليك درهم ولا دانق إنما لي عليك ألف قبل منه دعوى الألف لأن معنى نفيه ليس حقي هذا القدر.
قال ولو قال ليس لك علي شيء إلا درهم صح ذلك ولو قال ليس لك علي عشرة إلا خمسة فقيل لا يلزمه شيء لتخبط اللفظ.
والصحيح أنه يلزمه ما أثبته وهي الخمسة لان التقدير ليس له علي عشرة لكن خمسة ولأنه استثناء من النفي فيكون إثباتا.
قوله (وللمدعي أن يقول لي بينة وإن لم يقل قال الحاكم ألك بينة).
وله قول ذلك قبل أن يقول المدعي لي بينة فإن قال لي بينة أمره بإحضارها.
ومعناه إن شئت فأحضرها.
وهذا المذهب مطلقا.
وقدمه في الفروع.
243

قال في الهداية والخلاصة وغيرهما وإن أنكر سأل المدعي ألك بينة.
وقال في المحرر لا يقول الحاكم للمدعي ألك بينة إلا إذا لم يعرف أن هذا موضع البينة.
وجزم به في الوجيز.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي فإن قال المدعي لي بينة وأحضرها حكم بها وإن جهل أنه موضعها قال له ألك بينة فإن قال نعم طلبها وحكم بها.
وكذا إن قال إن كانت لك بينة فأحضرها إن شئت ففعل.
وقال في المستوعب والمغنى لا يأمره بإحضارها لأن ذلك حق له فله أن يفعل ما يرى.
قوله (فإذا أحضرها سمعها الحاكم).
بلا نزاع لكن لا يسألها الحاكم على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح والفروع.
وقال ويتوجه وجه.
فائدة لا يقول الحاكم لهما أشهدا وليس له أن يلقنهما على الصحيح من المذهب.
وقال في المستوعب ولا ينبغي ذلك.
وقال في الموجز يكره ذلك كتعنيفهما وانتهارهما.
وظاهر الكافي في التعنيف والانتهار يحرم.
قوله (فإذا أحضرها سمعها الحاكم وحكم بها إذا سأله المدعي).
الصحيح من المذهب أنه لا يحكم إلا بسؤال المدعي.
244

وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الشرح وغيره.
وقدمه في الفروع وقيل له الحكم قبل سؤاله.
وهي شبيهة بما إذا أقر له على ما تقدم.
فائدة إذا شهدت البينة لم يجز له ترديدها ويحكم في الحال على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية إن ظن الصلح آخر الحكم.
وقال في الفصول وأحببنا له أمرهما بالصلح ويؤخره فإن أبيا حكم.
وقال في المغني والشرح يقول له الحاكم قد شهدا عليك فإن كان قادح فبينه عندي يعني يستحب ذلك.
وذكره غيرهما.
وذكره في المذهب والمستوعب فيما إذا ارتاب فيهما.
قال في الفروع فدل أن له الحكم مع الريبة.
قلت الحكم مع الريبة فيه نظر بين.
وقال في الترغيب وغيره لا يجوز الحكم بضد ما يعلمه بل يتوقف ومع اللبس يأمر بالصلح.
فإن عجل فحكم قبل البيان حرم ولم يصح.
تنبيه ظاهر قوله فإذا أحضرها سمعها الحاكم وحكم أن الشهادة لا تسمع قبل الدعوى.
واعلم أن الحق حقان حق لآدمي معين وحق لله.
245

فإن كان الحق لآدمي معين فالصحيح من المذهب أنها لا تسمع قبل الدعوى.
جزم به في المغنى والشرح.
ذكراه في أثناء كتاب الشهادات.
وقدمه في الفروع.
وسمعها القاضي في التعليق وأبو الخطاب في الانتصار والمصنف في المغنى إن لم يعلم به.
قال الشيخ تقي الدين رحمة الله هو غريب.
وذكر الأصحاب أنها تسمع بالوكالة من غير خصم ونقله مهنا.
قال الشيخ تقي الدين رحمة الله تسمع ولو كان في البلد.
وبناه القاضي وغيره على جواز القضاء على الغائب انتهى.
والوصية مثل الوكالة.
قال الشيخ تقي الدين رحمة الله الوكالة إنما تثبت استيفاء حق أو إبقاءه وهو مما لا حق للمدعي عليه فيه فإن دفعه إلى الوكيل وإلى غيره سواء ولهذا لم يشترط فيها رضاه.
وإن كان الحق لله تعالى كالعبادات والحدود والصدقة والكفارة لم تصح به الدعوى بل ولا تسمع.
وتسمع البينة من غير تقدم دعوى وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في التعليق شهادة الشهود دعوى.
قيل للإمام احمد رحمه الله في بينة الزنى تحتاج إلي مدع فذكر خبر
246

أبى بكرة رضي الله عنه وقال لم يكن مدع.
وقال في الرعاية تصح دعوى حسبة من كل مسلم مكلف رشيد في حق الله تعالى كعدة وحد وردة وعتق واستيلاد وطلاق وكفارة ونحو ذلك وبكل حق لآدمي غير معين وإن لم يطلبه مستحقه.
وذكر أبو المعالي لنائب الإمام مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظهر له تقصير.
وفيما أوجبه من نذر وكفارة ونحوه وجهان.
وقال القاضي في الخلاف فيمن ترك الزكاة هي آكد لأن للإمام أن يطالب بها بخلاف الكفارة والنذر.
وقال في الانتصار في حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة.
وقال في الترغيب ما شمله حق الله والآدمي كسرقة تسمع الدعوى في المال ويحلف منكر.
ولو عاد إلى مالكه أو ملكه سارقه لم تسمع لتمحض حق الله.
وقال في السرقة إن شهدت بسرقة قبل الدعوى فأصح الوجهين لا تسمع وتسمع إن شهدت إنه باعه فلان.
وقال في المغني كسرقة وزناه بأمته لمهرها تسمع ويقضي على نأكل بمال.
وقاله بن عقيل وغيره.
فائدة تقبل بينة عتق ولو أنكر العبد نقله الميموني.
وذكره في الموجز والتبصرة.
واقتصر عليه في الفروع.
247

تنبيه وكذا الحكم في أن الدعوى لا تصح ولا تسمع وتسمع البينة قبل الدعوى في كل حق لآدمي غير معين كالوقف على الفقراء أو على مسجد أو رباط أو وصية لأحدهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا عقوبة كذاب مفتر على الناس والتكلم فيهم.
وتقدم في التعزير كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في حفظ وقف وغيره بالثبات عن خصم مقدر تسمع الدعوى والشهادة فيه بلا خصم.
وهذا قد يدخل في كتاب القاضي وفائدته كفائدة الشهادة.
وهو مثل كتاب القاضي إذا كان فيه ثبوت محض فإنه هناك يكون مدع فقط بلا مدعى عليه حاضر.
لكن هنا المدعى عليه متخوف وإنما المدعى يطلب من القاضي سماع البينة أو الإقرار كما يسمع ذلك شهود الفرع فيقول القاضي ثبت ذلك عندي بلا مدعى عليه.
قال وقد ذكره قوم من الفقهاء وفعله طائفة من الفقهاء وفعله طائفة من القضاة ولم يسمعها طوائف من الحنفية والشافعية والحنابلة لأن القصد بالحكم فصل الخصومة.
ومن قال بالخصم المسخر نصب الشر ثم قطعه.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله ما ذكره القاضي من احتيال الحنفية على سماع البينة من غير وجود مدعى عليه فإن المشتري المقر له بالبيع قد قبض المبيع وسلم الثمن فهو لا يدعي شيئا ولا يدعي عليه شيء وإنما غرضه
تثبيت الإقرار والعقد والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها من غير وجود مدعى عليه ومن غير مدع على أحد لكن خوفا من حدوث خصم مستقبل فيكون
248

هذا الثبوت حجة بمنزلة الشهادة فإن لم يكن القاضي يسمع البينة بلا هذه الدعوى وإلا امتنع من سماعها مطلقا وعطل هذا المقصود الذي احتالوا له.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا الاحتيال مع أن جماعات من القضاة المتأخرين من الشافعية والحنابلة دخلوا مع الحنفية في ذلك وسموه الخصم المسخر.
قال وأما على أصلنا الصحيح وأصل مالك رحمة الله فإما أن نمنع الدعوى على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادات على الشهادات كما ذكره من ذكره من أصحابنا.
وإما أن نسمع الدعوى والبينة بلا خصم كما ذكره طائفة من المالكية والشافعية.
وهو مقتضي كلام الإمام أحمد رحمه الله وأصحابنا في مواضع لأنا نسمع الدعوى والبينة على الغائب والممتنع وكذا على الحاضر في البلد في المنصوص فمع عدم خصم أولى.
قال وقال أصحابنا كتاب الحاكم كشهود الفرع.
قالوا لأن المكتوب إليه يحكم بما قام مقامه غيره لأن إعلام القاضي للقاضي قائم مقام الشاهدين.
فجعلوا كل واحد من كتاب الحاكم وشهود الفرع قائما مقام غيره وهو بدل عن شهود الأصل.
وجعلوا كتاب القاضي كخطابه.
وإنما خصوه بالكتاب لأن العادة تباعد الحاكمين.
وإلا فلو كانا في محل واحد كان مخاطبة أحدهما للآخر أبلغ من الكتاب.
وبنوا ذلك على أن الحاكم يثبت عنده بالشهادة ما لم يحكم به وإنما يعلم به حاكما آخر ليحكم به كما يعلم الفروع بشهادة الأصول.
249

قال وهذا كله إنما يصح إذا سمعت الدعوى والبينة في غير وجه خصم.
وهو يفيد أن كل ما يثبت بالشهادة على الشهادة يثبته القاضي بكتابه.
قال ولأن الناس بهم حاجة إلى إثبات حقوقهم بإثبات القضاة كإثباتها بشهادة الفروع وإثبات القضاة أنفع لكونه كفى مؤنة النظر في الشهود وبهم حاجة إلى الحكم فيما فيه شبهة أو خلاف لرفع وإنما يخافون من خصم حادث.
قوله (ولا خلاف في أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان بلا نزاع).
فإن لم يسمعه معه أحد أو سمعه معه شاهد واحد فله الحكم به نص عليه.
في رواية حرب وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي لا يحكم به.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الروضة.
قال في الخلاصة لم يحكم به في الأصح.
وقال في تجريد العناية والأظهر عندي إن سمعه معه شاهد واحد حكم به وإلا فلا.
قوله (وليس له الحكم بعلمه مما رآه أو سمعه يعني في غير مجلسه).
نص عليه وهو اختيار الأصحاب.
250

وهو المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال في الهداية اختاره عامة شيوخنا.
قال في الفروع وغيره هذا المذهب.
قال في المحرر فلا يجوز في الأشهر عنه.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المنصوص والمختار لعامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وعنه ما يدل على جواز ذلك سواء كان في حد أو غيره.
وعنه يجوز في غير الحدود.
ونقل حنبل إذا رآه على حد لم يكن له أن يقيمه إلا بشهادة من شهد معه لأن شهادته شهادة رجل.
ونقل حرب فيذهبان إلى حاكم فأما إن شهد عند نفسه فلا.
قوله (وإن قال ما لي بينة فالقول قول المنكر مع يمينه فيعلمه أن له اليمين على خصمه وأن سأل إحلافه أحلفه وخلى سبيله).
وليس له استحلافه قبل سؤال المدعي لأن اليمين حق له.
وقال في الفروع وإن قال المدعي ما لي بينة أعلمه الحاكم بأن له اليمين على خصمه.
قال وله تحليفه مع علمه قدرته على حقه نص عليه.
نقل بن هانئ إن علم عنده مالا لا يؤدي إليه حقه أرجو أن لا يأثم وظاهر رواية أبي طالب يكره.
وقاله شيخنا ونقله من حواشي تعليق القاضي.
وهذا يدل على تحريم تحليف البريء دون الظالم انتهى.
251

فائدة يكون تحليفه على صفة جوابه لخصمه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في الرعاية والوجيز والمغني والشرح.
ذكراه في آخر باب اليمين في الدعاوي.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يحلف على صفه الدعوى.
وعنه يكفي تحليفه لا حق لك علي.
تنبيه ظاهر قوله أحلفه وخلى سبيله أنه لا يحلفه ثانيا بدعوى أخرى وهو صحيح وهو المذهب مطلقا فيحرم تحليفه.
أطلقه المصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقال في المستوعب والترغيب والرعاية له تحليفه عند من جهل حلفه عند غيره لبقاء الحق بدليل أخذه ببينة.
فائدتان
إحداهما لو أمسك عن تحليفه وأراد تحليفه بعد ذلك بدعواه المتقدمة كان له ذلك.
ولو أبرأه من يمينه بريء منها في هذه الدعوى.
فلو جدد الدعوى وطلب اليمين كان له ذلك.
جزم به في الكافي والمغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
الثانية لا يقبل يمين في حق أدمي معين إلا بعد الدعوى عليه وشهادة الشاهد على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وغيره.
252

وقال في الرعاية إلا بعد الدعوى وشهادة الشاهد والتزكية.
وقال في الترغيب ينبغي أن تتقدم شهادة الشاهد وتزكية اليمين.
قوله (وإن أحلفه أو حلف من غير سؤال المدعي لم يعتد بيمينه).
وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح والرعاية والحاوي والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع.
وعنه يبرأ بتحليف المدعي.
وعنه يبرأ بتحليف المدعى وحلفه له أيضا وإن لم يحلفه.
ذكرهما الشيخ تقي الدين رحمه الله من رواية مهنا أن رجلا اتهم رجلا بشيء فحلف له ثم قال لا أرضى إلا أن تحلف لي عند السلطان أله ذلك قال لا قد ظلمه وتعنته.
واختار أبو حفص تحليفه واحتج برواية مهنا.
فوائد
الأولى يشترط في اليمين أن لا يصلها باستثناء.
وقال في المغني وكذا بما لا يفهم لأن الاستثناء يزيل حكم اليمين.
وقال في الترغيب هي يمين كاذبة.
وقال في الرعاية لا ينفعه الاستثناء إذا لم يسمعه الحاكم المحلف له.
الثانية لا يجوز التورية والتأويل إلا لمظلوم.
وقال في الترغيب ظلما ليس بجار في محل الاجتهاد.
فالنية على نية الحاكم المحلف واعتقاده.
253

فالتأويل على خلافه لا ينفع.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في أول باب التأويل في الحلف.
الثالثة لا يجوز أن يحلف المعسر لا حق له على ولو نوى الساعة سواء خاف أن يحبس أو لا.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجوزه صاحب الرعاية بالنية.
قال في الفروع وهو متجه.
قلت وهو الصواب إن خاف حبسا.
ولا يجوز أيضا أن يحلف من عليه دين مؤجل إذا أراد غريمه منعه من سفر نص عليه.
قال في الفروع ويتوجه كالتي قبلها.
قوله (وإن نكل قضى عليه بالنكول نص عليه واختاره عامة شيوخنا).
وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
مريضا كان أو غيره.
قال في الفروع نقله واختاره الجماعة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
وقال في المحرر ويتخرج حبسه ليقر أو يحلف.
وعند أبي الخطاب ترد اليمين على المدعي.
وقال قد صوبه الإمام أحمد رحمه الله.
254

وقال ما هو ببعيد يحلف ويأخذ.
نقل أبو طالب ليس له أن يردها.
ثم قال بعد ذلك وما هو ببعيد يقال له احلف وخذ.
قال في الفروع يجوز ردها.
وذكرها جماعة فقالوا وعنه يرد اليمين على المدعي.
قال ولعل ظاهره يجب.
ولأجل هذا قال الشيخ يعني به المصنف واختاره أبو الخطاب أنه لا يحكم بالنكول ولكن يرد اليمين على خصمه.
وقال قد صوبه الإمام أحمد رحمه الله وقال ما هو ببعيد يحلف ويستحق وهي رواية أبي طالب المذكورة.
وظاهرها جواز الرد.
واختار المصنف في العمدة ردها واختاره في الهداية وزاد بإذن الناكل فيه.
واختاره بن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله مع علم مدع وحده بالمدعى به لهم ردها وإذا لم يحلف لم يأخذ كالدعوى على ورثة ميت حقا عليه يتعلق بتركته.
وإن كان المدعى عليه هو العالم بالمدعى به دون المدعى مثل أن يدعي الورثة أو الوصي على غريم للميت فينكر فلا يحلف المدعى.
قال وأما إن كان المدعى يدعي العلم والمنكر يدعي العلم فهنا يتوجه القولان يعني الروايتين.
فائدتان
إحداهما إذا ردت اليمين على المدعي فهل تكون يمينه كالبينة أم كإقرار المدعى عليه فيه قولان.
255

قال ابن القيم في الطرق الحكمية أظهرهما عند أصحابنا أنها كإقرار.
فعلى هذا لو أقام المدعى عليه بينة بالأداء أو الإبراء بعد حلف المدعي فإن قيل يمينه كالبينة سمعت للمدعى عليه.
وإن قيل هي كالإقرار لم تسمع لكونه مكذبا للبينة بالإقرار.
الثانية إذ قضى بالنكول فهل يكون كالإقرار أو كالبدل فيه وجهان.
قال أبو بكر في الجامع النكول إقرار.
وقاله في الترغيب في القسامة على ما يأتي.
وينبني عليهما ما إذا ادعى نكاح امرأة واستحلفناها فنكلت فهل يقضي عليها بالنكول وتجعل زوجته إذا قلنا هو إقرار حكم عليها بذلك.
وإن قلنا بذل لم يحكم بذلك لأن الزوجية لا تستباح بالبذل.
وكذلك لو ادعى رق مجهول النسب وقلنا يستحلف فنكل عن اليمين وكذلك لو ادعى قذفه واستحلفناه فنكل فهل يحد للقذف ينبني على ذلك.
ثم قال ابن القيم في الطرق الحكمية والصحيح أن النكول يقوم مقام الشاهد والبينة لا مقام الإقرار والبذل لأن الناكل قد صرح بالإنكار وأنه لا يستحق المدعى به وهو يصر على ذلك فتورع عن اليمين فكيف يقال أنه مقر مع إصراره على الإنكار ويجعل مكذبا لنفسه وأيضا لو كان مقرا لم يسمع منه نكوله بالإبراء والأداء فإنه يكون مكذبا لنفسه.
وأيضا فإن الإقرار إخبار وشهادة من المرء على نفسه فكيف يجعل مقرا شاهدا على نفسه بسكوته والبذل إباحة وتبرع وهو لم يقصد ذلك ولم يخطر على قلبه وقد يكون المدعى عليه مريضا مرض الموت.
256

فلو كان النكول بذلا وإباحة اعتبر خروج المدعى به من الثلث.
قال رحمه الله فتبين أنه لا إقرار ولا إباحة بل هو جار مجرى الشاهد والبينة انتهى.
قوله (فيقول إن حلفت وإلا قضيت عليك ثلاثا).
يستحب أن يقول ذلك له ثلاثا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وشرح بن منجا والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم وقيل يقوله مرة.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ثلاثا أو مرة.
وقال في الرعاية الكبرى مرة.
وقيل ثلاثا انتهى.
والذي قاله الإمام أحمد رحمه الله إذا نكل لزمه الحق.
قوله (فإن لم يحلف قضى عليه إذا سأله المدعي ذلك).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الفروع وغيره.
وقيل يحكم له قبل سؤاله.
وتقدم نظير ذلك أيضا.
تنبيه ظاهر قوله فيقال للناكل لك رد اليمين على المدعي فإن ردها حلف المدعي وحكم له.
أنه يشترط إذن الناكل في رد اليمين.
257

وهو قول أبي الخطاب كما تقدم عنه في الهداية.
والصحيح أنه لا يشترط على القول بالرد إذن الناكل في الرد.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قوله (وإن نكل أيضا صرفهما فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس حتى يحتكما في مجلس آخر).
قال في المحرر ومن بذل منهما اليمين بعد نكوله لم تسمع منه إلا في مجلس آخر بشرط عدم الحكم.
وكذا قال في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر قبل الحكم بالنكول.
وقيل تسمع ولو بعد الحكم.
ويحتمله كلام المصنف.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع وهو بعيد ولم يذكره في الرعاية انتهى.
وقال المصنف والشارح إذا نكل المدعي سئل عن سبب نكوله فإن قال امتنعت لأن لي بينة أقيمها أو حسابا أنظر فيه فهو على حقه من اليمين ولا يضيق عليه في اليمين بخلاف المدعى عليه.
وإن قال لا أريد أن أحلف فهو نأكل.
وقيل يمهل ثلاثة أيام في المال ذكره في الرعاية.
فوائد
متى تعذر رد اليمين فهل يقضى بنكوله أو يحلف ولي أو إن باشر ما ادعاه أو لا يحلف حاكم فيه أوجه.
258

وأطلقهن في الفروع.
قطع في المغني والشرح بأن الأب والوصي والإمام والأمين لا يحلفون.
وقال في الحاوي الصغير وكل مال لا ترد فيه اليمين يقضي فيه بالنكول كالإمام إذا ادعى لبيت المال أو وكيل الفقراء ونحو ذلك انتهى.
وقاله في الرعاية الصغرى.
وقال وكذا الأب ووصية وأمين الحاكم إذا ادعوا حقا لصغير أو مجنون وناظر الوقف وقيم المسجد.
وقال في الكبرى قضى بالنكول في الأصح.
وقيل على الأصح.
وقيل يحبس حتى يقر أو يحلف.
وقيل بل يحلف المدعي منهم ويأخذ ما ادعاه.
وقيل إن كان قد باشر ما ادعاه حلف عليه وإلا فلا.
قلت لا يحلف إمام ولا حاكم انتهى.
وقطع المصنف أنه يحلف إذا عقل وبلغ.
ويكتب الحاكم محضرا بنكوله.
فإن قلنا يحلف حلف لنفيه إن ادعى عليه وجوب تسليمه من موليه.
فإن أبى حلف المدعى وأخذه إن جعل النكول مع يمين المدعي كبينة لا كإقرار خصمه على ما تقدم.
وقال في الترغيب لا خلاف بيننا أن ما لا يمكن ردها يقضي بنكوله بأن يكون صاحب الدعوى غير معين كالفقراء أو يكون الإمام بأن يدعي لبيت المال دينا ونحو ذلك.
وقال في الرعاية في صورة الحاكم يحبس حتى يقر ويحلف.
وقيل يحكم عليه.
259

وقيل يحلف الحاكم.
وقال في الانتصار نزل أصحابنا نكوله منزلة بين منزلتين فقالوا لا يقضى به في قود وحد وحكموا به في حق مريض وعبد وصبي مأذون لهما.
وقال في الترغيب في القسامة من قضي عليه بنكوله بالدية ففي ماله لأنه كإقرار.
وبه قال أبو بكر في الجامع لأن النكول إقرار.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن المدعي يحلف ابتداء مع اللوث وأن الدعوى في التهمة كسرقة يعاقب المدعي عليه الفاجر وأنه لا يجوز إطلاقه ويحبس المستور ليبين أمره ولو ثلاثا على وجهين.
نقل حنبل حتى يتبين أمره.
ونص الإمام أحمد رحمه الله ومحققو أصحابه على حبسه.
وقال إن تحليف كل مدعي عليه وإرساله مجانا ليس مذهب الإمام واحتج في مكان آخر بأن قوما اتهموا ناسا في سرقة فرفعوهم إلى النعمان بن بشير رضي الله عنهما فحبسهم أياما ثم أطلقهم فقالوا له خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال إن شتم ضربتهم فإن ظهر ما لكم وإلا ضربتكم مثله فقالوا هذا حكمك فقال حكم الله تعالى وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال في الفروع وظاهره أنه قال به وقال به شيخنا الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
وقال في الأحكام السلطانية يحبسه وال.
قال وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وقاض أيضا وأنه يشهد له قول الله تعالى 8 24 * (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين) * حملنا على الحبس لقوة التهمة.
260

وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله الأول قول أكثر العلماء.
واختار تعزير مدع بسرقة ونحوها على من يعلم براءته.
واختار أن خبر من ادعى بحق بأن فلانا سرق كذا كخبر إنسي مجهول فيفيد تهمة كما تقدم.
وقال في الأحكام السلطانية يضر به الوالي مع قوة التهمة تعزيرا فإن ضرب ليقر لم يصح وإن ضرب ليصدق عن حاله فأقر تحت الضرب قطع ضربه وأعيد إقراره ليؤخذ به ويكره الاكتفاء بالأول.
قال في الفروع كذا قال.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا كان معروفا بالفجور المناسب للتهمة.
فقالت طائفة يضربه الوالي والقاضي.
وقالت طائفة يضربه الوالي عند القاضي.
وذكر ذلك طوائف من أصحاب الأئمة مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله.
قوله (وإن قال المدعي لي بينة بعد قوله ما لي بينة لم تسمع ذكره الخرقي).
وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في المغني والكافي والترغيب والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن تسمع.
وهو وجه اختاره بن عقيل وغيره.
قال في الفروع وهو متجه حلفه أولا.
وجزم في الترغيب بالأول.
261

وقال وكذا قوله كذب شهودي وأولى.
ولا تبطل دعواه بذلك في الأصح ولا ترد بذكر السبب بل بذكر سبب المدعي غيره.
وقال في الترغيب إن ادعى ملكا مطلقا فشهدت به وبسببه وقلنا ترجح بذكر السبب لم تفده إلا أن تعاد بعد الدعوى.
فوائد
إحداها لو ادعى شيئا فشهدت له البينة بغيره فهو مكذب لهم.
قاله الإمام أحمد رحمة الله وأبو بكر.
وقدمه في الفروع واختار في المستوعب تقبل البينة فيدعيه ثم يقيمها.
وفي المستوعب أيضا والرعاية إن قال أستحقه وما شهدت به وإنما ادعيت بأحدهما لأدعى بالآخر وقتا آخر ثم شهدت به قبلت.
الثانية لو ادعى شيئا فأقر له بغيره لزمه إذا صدقه المقر له والدعوى بحالها نص عليه.
الثالثة لو سأل ملازمته حتى يقيمها أجيب في المجلس على الأصح في الروايتين.
فإن لم يحضرها في المجلس صرفه.
وقيل ينظر ثلاثا.
وذكر المصنف وغيره ويجاب مع قربها.
وعنه وبعدها ككفيل فيما ذكر في الإرشاد والمبهج والترغيب وأنه يضرب له أجلا متى مضى فلا كفالة.
ونصه لا يجاب إلى كفيل كحبسه.
262

وفي ملازمته حتى يفرغ له الحاكم من شغله مع غيبه ببينة وبعدها يحتمل وجهين.
قاله في الفروع.
قال الميموني لم أره يذهب إلى الملازمة إلى أن يعطله من عمله ولا يمكن أحدا من عنت خصمه.
قوله (وإن قال لي بينة وأريد يمينه فإن كانت غائبة).
يعني عن المجلس فله إحلافه.
وهذا المذهب سواء كانت قريبة أو بعيدة.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل القريبة كالحاضرة في المجلس.
قال في المحرر وقيل لا يملكها إلا إذا كانت غائبة عن البلد.
وقيل ليس له إحلافه مطلقا بل يقيم البينة فقط وقطعوا به في كتب الخلاف.
قوله (وإن كانت حاضرة فهل له ذلك على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة وشرح بن منجا.
أحدهما له إقامة البينة أو تحليفه إذا كانت حاضرة في المجلس وهو المذهب.
نصره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
263

والوجه الثاني يملكهما فيحلفه ويقيم البينة بعده.
وقيل لا يملك إلا إقامة البينة فقط.
قال في الفروع قطعوا به في كتب الخلاف كما تقدم.
فائدة لو سأل تحليفه ولا يقيم البينة فحلف ففي جواز إقامتها بعد ذلك وجهان قاله القاضي.
وأطلقهما في المغني والكافي والشرح وشرح بن منجا والرعايتين والزركشي والفروع وغيرهم.
أحدهما ليس له اقامتها بعد تحليفه صححه الناظم.
والثاني له إقامتها.
قدمه بن رزين في شرحه.
قوله (وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر قال له القاضي إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب وغيره.
وقيل يحبسه حتى يجيب.
اختاره القاضي في المجرد.
وقدمه في الشرح.
وذكره في الترغيب عن الأصحاب.
264

ومرادهم بهذا الوجه إذا لم يكن للمدعي بينة.
فإن كان له بينة قضى بها وجها واحدا.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك الحكم لو قال لا أعلم قدر حقه.
ذكره في عيون المسائل والمنتخب.
واقتصر عليه في الفروع.
الثانية قوله يقول له القاضي إن أجبت وإلا أجعلك ناكلا ثلاث مرات قاله المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم.
قوله (وإن قال لي حساب أريد أن أنظر فيه لم يلزم المدعي إنظاره).
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وشرح بن منجا ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وقيل يلزمه إنظاره ثلاثا وهو المذهب صححه في المغني والشرح والنظم.
وقيل في المغني والشرح والنظم.
قال في الفروع لزم إنظاره في الأصح ثلاثة أيام.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الكافي والمنور.
وقدمه في المحرر.
فائدة لو قال إن ادعيت ألفا برهن كذا لي بيدك أجبت وأن ادعيت هذا ثمن كذا بعتنيه ولم تقبضنيه فنعم وإلا فلا حق لك علي فهو جواب صحيح.
265

قاله في المحرر والفروع والمنور وغيرهم.
قوله (وإن قال قد قضيته أو قد أبرأني ولي بينة بالقضاء أو بالإبراء وسأل الانظار انظر ثلاثا وللمدعى ملازمته).
وهو المذهب.
جزم به في الكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وتجريد العناية وقدمه في الفروع.
وقيل لا ينظر كقوله لي بينه تدفع دعواه.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يكن الخصم أنكر أولا سبب الحق.
أما إن كان أنكر أولا سبب الحق ثم ثبت فادعى قضاء أو إبراء سابقا لم تسمع منه وإن أتى ببينة نص عليه.
ونقله بن منصور.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
وقيل تسمع البينة وتقدم نظيره في أواخر باب الوديعة.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو ادعى القضاء أو الإبراء وجعلناه مقرا بذلك.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
قوله (فإن عجز).
يعنى عن إقامة البينة بالقضاء أو الإبراء.
حلف المدعى على نفي ما ادعاه واستحق بلا نزاع.
لكن لو نكل المدعى حكم عليه.
وإن قيل برد اليمين فله تحليف خصمه فإن أبى حكم عليه.
266

فائدة لو ادعى أنه أقاله في بيع فله تحليفه.
ولو قال أبرأني من الدعوى فقال في الترغيب انبنى على الصلح على الإنكار والمذهب صحته وإن قلنا لا يصح لم تسمع.
قوله (وإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لغيره جعل الخصم فيها وهل يحلف المدعى عليه وهو المقر على وجهين).
وأطلقهما في الرعايتين وشرح بن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما لا يحلف وهو المذهب.
صححه في المحرر والفروع والنظم.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والشرح والوجه الثاني لا يحلف.
فعلى المذهب إذا نكل أخذ منه بدلها.
قوله (فإن كان المقر له حاضرا مكلفا سئل فإن ادعاها لنفسه ولم تكن له بينة حلف وأخذها).
فإذا أخذها فأقام الآخر بينة أخذها منه.
قال في الروضة وللمقر له قيمتها على المقر.
قوله (وإن قال ليست لي ولا اعلم لمن هي سلمت إلي المدعى في أحد الوجهين).
وإن كانا اثنين اقترعا عليها وهو المذهب.
صححه المصنف والشارح والناظم وصاحب التصحيح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
267

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وفي الآخر لا تسلم إليه إلا ببينة ويجعلها الحاكم عند أمين.
ذكره القاضي.
وقيل تقر بيد رب اليد.
وذكره في المحرر والمذهب.
وضعفه في الترغيب.
ولم يذكره في المغنى.
فعلى الوجهين الأخيرين يحلف للمدعي.
وعلى الوجه الأول يحلف إن قلنا ترد اليمين.
جزم به في الفروع.
وقال المصنف والشارح ويتخرج لنا وجه أن المدعى يحلف أنها له وتسلم إليه بناء على القول برد اليمين إذا نكل المدعى عليه.
فتتلخص أربعة أوجه تسلم للمدعي أو ببينة أو تقر بيد رب اليد أو يأخذها المدعي ويحلف إن قلنا ترد اليمين.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو كذبه المقر له وجهل لمن هي.
الثانية لو عاد فادعاها لنفسه أو لثالث لم يقبل على ظاهر ما في المغني وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقال في المحرر وغيره تقبل على الوجه الثالث وهو الذي قال إنه المذهب.
وجزم به الزركشي.
268

ثم إن عاد المقر له أولا إلى دعواه لم تقبل.
وإن عاد قبل ذلك فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وإن أقرت برقها لشخص وكان المقر به عبدا فهو كمال غيره.
وعلى الذي قبله يعتقان.
وذكر الأزجي في أصل المسألة أن القاضي قال تبقى على ملك المقر فتصير وجها خامسا.
قوله (وإن أقر بها لغائب أو صبي أو مجنون سقطت عنه الدعوى ثم إن كان للمدعى بينة سلمت إليه وهل يحلف على وجهين).
وذكرهما في الرعايتين روايتين.
وأطلقهما في شرح بن منجا والرعايتين وتجريد العناية والحاوي الصغير.
أحدهما لا يحلف وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
والثاني يحلف مع البينة.
قال ابن رزين في مختصره ويحلف معها على رأى.
وقيل إن جعل قضاء على غائب حلف وإلا فلا قاله في الرعاية.
قوله (وإن لم يكن له بينة حلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأقرت في يده).
269

وهو صحيح لكن لو نكل غرم بدلها.
فإن كان المدعى اثنين لزمه لهما عوضان.
قوله (إلا أن يقيم بينة أنها لمن سمى فلا يحلف).
وتسمع البينة لفائدة زوال التهمة وسقوط اليمين عنه ويقضى بالملك إن قدمت بينة داخل ولو كان للمودع والمستأجر والمستعير المحاكمة.
قدمه في الفروع.
قال الزركشي وخرج القاضي القضاء بالملك بناء على أن للمودع ونحوه المخاصمة فيما في يده.
وقدم المصنف أنه لا يقضي بالملك لأنه لم يدعها الغائب ولا وكيله وجزم به الزركشي.
تنبيهان
أحدهما قال في الفروع وتقدم أن الدعوى للغائب لا تصح إلا تبعا.
وذكروا أن الحاكم يقضى عنه ويبيع ماله فلا بد من معرفته أنه للغائب وأعلى طريقة البينة فتكون من المدعي للغائب تبعا أو مطلقا للحاجة إلى إيفاء الحاضر وبراءة ذمة الغائب.
الثاني قوله وإن أقر بها لمجهول قيل له إما أن تعرفه أو نجعلك ناكلا.
وهذا بلا نزاع لكن لو عاد فادعاها لنفسه فقيل تسمع لعدم صحة قوله.
قال في الرعاية الكبرى قبل قوله في الأشهر.
وقيل لا تسمع لاعترافه أنه لا يملكها.
صححه في تصحيح المحرر والنظم في هذا الباب.
وأطلقهما في باب الدعاوى.
270

وأطلقهما في الكافي والمحرر والفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي.
وقال في الترغيب إن أصر حكم عليه بنكوله.
فإن قال بعد ذلك هي لي لم يقبل في الأصح.
قال وكذا تخرج إذا أكذبه المقر له ثم ادعاه لنفسه وقال غلطت ويده باقية.
تنبيه بعض الأصحاب يذكر هذه المسائل في باب الدعاوي وبعضهم يذكرها هنا وذكر المصنف هناك ما يتعلق بذلك.
قوله (ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي).
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما استثنى.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن مسألة الدعوى وفروعها ضعيفة لحديث الحضرمي وأن الثبوت المحض يصح بلا مدعى عليه.
وقال إذا قيل لا تسمع إلا محررة فالواجب أن من ادعى مجملا استفصله الحاكم.
وقال المدعى عليه قد يكون مبهما كدعوى الأنصار قتل صاحبهم ودعوى المسروق منه على بني أبيرق.
ثم المجهول قد يكون مطلقا وقد ينحصر في قوم كقولها نكحني أحدهما وقوله زوجني إحداهما انتهى.
والتفريع على الأول.
فعلى المذهب يعتبر التصريح في الدعوى فلا يكفي قوله لي عند فلان كذا حتى يقول وأنا الآن مطالب له به.
ذكره في الترغيب والرعاية وغيرهما.
271

وقال وظاهر كلام جماعة يكفي الظاهر.
قلت وهو أظهر.
فائدتان
إحداهما قال في الرعاية لو كان المدعى به متميزا مشهورا عند الخصمين والحاكم كفت شهرته عن تحديده.
وقال في الفروع وتكفي شهرته عندهما.
وعند الحاكم عن تحديده لحديث الحضرمي والكندي.
قال وظاهره عمله بعلمه أن مورثه مات ولا وارث له سواه انتهى.
الثانية لو قال غصبت ثوبي فإن كان باقيا فلي رده وإلا قيمته صح اصطلاحا.
وقيل يدعيه.
فإن خفي ادعى قيمته.
وقال في الترغيب لو أعطى دلالا ثوبا قيمته عشرة ليبيعه بعشرين فجحده فقال أدعى ثوبا إن كان باعه فلي عشرون وإن كان باقيا فلي عينه وإن كان تالفا فلي عشرة.
قال في الفروع فقد اصطلح القضاة على قبول هذه الدعوى المرددة للحاجة.
قال في الرعاية صح اصطلاحا.
وقيل بلى انتهى.
وإن ادعى أن له الآن لم تسمع بينة أنه كان له أمس أو في يده في الأصح من الوجهين حتى يبين سبب يد الثاني نحو غاصبه بخلاف ما لو شهدت أنه كان ملكه بالأمس اشتراه من رب اليد فإنه يقبل.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن قال ولا أعلم له مزيلا قبل كعلم الحاكم أنه يلبس عليه.
272

وقال أيضا لا يعتبر في أداء الشهادة قوله وأن الدين باق في ذمة الغريم إلى الآن بل يحكم الحاكم باستصحاب الحال إذا ثبت عنده سبق الحق إجماعا.
وقال أيضا فيمن بيده عقار فادعى رجل بمثبوت عند الحاكم أنه كان لجده إلى موته ثم لورثته ولم يثبت أنه مخلف عن موروثه لا ينزع منه بذلك لأن أصلين تعارضا وأسباب انتقاله أكثر من الإرث ولم تجر العادة بسكوتهم المدة الطويلة ولو فتح هذا لا ينزع كثير من عقار الناس بهذه الطريق.
وقال فيمن بيده عقار فادعى آخر أنه كان ملكا لأبيه فهل يسمع من غير بينة.
قال لا يسمع إلا بحجة شرعية أو إقرار من هو في يده أو تحت حكمه وقال في بينة شهدت له بملكه إلى حين وقفه وأقام الوارث بينة أن موروثه اشتراها من الواقف قبل وقفه قدمت بينة وارث لأن معها مزيد علم لتقديم من شهد بأنه ورثه من أبيه وآخر أنه باعه انتهى.
قوله (إلا في الوصية والإقرار فإنها تجوز بالمجهول).
وكذلك في العبد المطلق في المهر إذا قلنا يصح.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعايتين كوصية وعبد مطلق في مهر أو نحوه.
وقيل أو إقرار.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب ولا تصح إلا محررة يعلم بها المدعى إلا في الوصية خاصة فإنها تصح من المجهول وقاله غيرهم.
وقال في عيون المسائل يصح الإقرار بالمجهول لئلا يسقط حق المقر له ولا تصح الدعوى لأنها حق له فإذا ردت عليه عدل إلى معلوم.
273

واختار في الترغيب أن دعوى الإقرار بالمعلوم لا تصح لأنه ليس بالحق ولا موجبه فكيف بالمجهول.
وقال في الترغيب أيضا لو ادعى درهما وشهد الشهود على إقرار ه قبل.
ولا يدعى الإقرار لموافقته لفظ الشهود بل لو ادعى لم تسمع.
وفي الترغيب في اللقطة لا تسمع وقال الآمدي لو ادعت امرأة أن زوجها أقر أنها أخته من الرضاع أو ابنته وأنكر الزوج فأقامت بينة على إقراره بذلك لم تقبل لأنها شهادة على الإقرار على الرضاع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى لعل مأخذه أنها ادعت بالإقرار لا بالمقر به.
ولكن هذه الشهادة تسمع بغير دعوى لما فيها من حق الله.
على أن الدعوى بالإقرار فيها نظر فإن الدعوى بها تصديق المقر.
فوائد
الأولى من شرط صحة الدعوى أن تكون متعلقة بالحال على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقيل تسمع بدين مؤجل لإثباته.
قال في الترغيب الصحيح أنها تسمع فيثبت أصل الحق للزومه في المستقبل كدعوى تدبير وأنه يحتمل في قوله قتل أبى أحد هؤلاء الخمسة أنها تسمع للحاجة لوقوعه كثيرا ويحلف كل منهم.
وكذا دعوى غصب وإتلاف وسرقة لا إقرار وبيع إذا قال نسيت لأنه مقصر.
274

وقال في الرعاية الكبرى تسمع الدعوى بدين مؤجل لإثباته إذا خاف سفر الشهود أو المديون مدة بغير أجل.
الثانية يشترط في الدعوى انفكاكها عما يكذبها.
فلو ادعى عليه أنه قتل أباه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة فيه لم تسمع الثانية ولو أقر الثاني إلا أن يقول غلطت أو كذبت في الأولى فالأظهر تقبل.
قاله في الترغيب.
وقدمه في الفروع لإمكانه والحق لا يعدوهما.
وقال في الرعاية من أقر لزيد بشيء ثم ادعاه وذكر تلقيه منه سمع وإلا فلا.
وإن أخذ منه بينة ثم ادعاه فهل يلزم ذكر تلقيه يحتمل وجهين.
الثالثة لو قال كان بيدك أو لك أمس وهو ملكي الآن لزمه سبب زوال يده على أصح الوجهين.
والوجه الثاني لا يلزمه.
وقيل يلزمه في الثانية دون الأولى.
قال في الفروع فيتوجه على الوجهين.
ولو أقام المقر بينة أنه له ولم يبين سببا هل تقبل.
وتقدم الكفاية بشهرته عند الخصمين أو الحاكم قريبا.
الرابعة لو أحضر ورقة فيها دعوى محررة وقال أدعى بما فيها مع حضور خصمه لم تسمع قاله في الرعاية.
وقال في الفروع لا يكفي قوله عن دعوى في ورقة أدعى بما فيها.
الخامسة تسمع دعوى استيلاد وكتابه وتدبير على الصحيح من المذهب.
275

وقيل تسمع في التدبير إن جعل عتقا بصفة.
وقال في الفصول دعواه سببا قد يوجب مالا كضرب عبده ظلما يحتمل أن لا تسمع حتى يجب المال.
وقال في الترغيب لا تسمع الدعوى مستلزمة لا كبيع خيار ونحوه وأنه لو ادعى بيعا أو هبة لم تسمع إلا أن يقول ويلزمه التسليم إلي لاحتمال كونه قبل اللزوم.
ولو قال بيعا لازما أو هبة مقبوضة فوجهان لعدم تعرضه للتسليم.
قوله (وإن كان المدعى عينا حاضرة عينها وإن كانت غائبة ذكر صفاتها إن كانت تنضبط بها والأولى ذكر قيمتها).
وجزم به الشارح وابن منجا والفروع وغيرهم.
قوله (وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال أو في الذمة ذكر قدرها وجنسها وصفتها).
فيذكر هنا ما يذكره في صفة السلم.
وأن ذكر قيمتها كان أولى.
يعنى الأولى أن يذكر قيمتها مع ذكر صفة السلم.
قاله الأصحاب لأنه أضبط.
وكذا إن كان غير مثلي على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وهو ظاهر كلام المصنف وغيره.
وقال في الترغيب يكفي ذكر قيمة غير المثلى.
فائدة قوله وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها كالجواهر ونحوها بلا نزاع.
276

لكن يكفي ذكر قدر نقد البلد على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل ويصفه أيضا.
قوله (وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت وإلا ذكر اسمها ونسبها وذكر شروط النكاح وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل وبرضاها).
في الصحيح من المذهب.
وهو المذهب كما قال.
يعني يشترط في صحة الدعوى بالنكاح ذكر شروطه.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمغني والمحرر وغيرهم.
وصححه في الفروع وغيره.
فقال يعتبر ذكر شروطه في الأصح.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما.
وقدمه في الرعاية وغيره.
وقال في الترغيب يعتبر في النكاح وصفه بالصحة انتهى.
وقيل لا يعتبر ذكر شروطه.
فعلى المذهب لو ادعى استدامة الزوجية ولم يدع العقد فهل يشترط ذكر شروطه في صحة الدعوى أم لا فيه وجهان.
وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والفروع.
أحدهما لا يشترط وهو الصحيح.
صححه في البلغة والرعايتين.
277

وإليه ميل المصنف والشارح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
والثاني يشترط.
فائدتان
إحداهما قال المصنف والشارح لو كانت المرأة أمة والزوج حرا فقياس ما ذكرنا أنه يحتاج إلى ذكر عدم الطول وخوف العنت.
الثانية لو ادعى زوجية امرأة فأقرت فهل يسمع إقرارها.
وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه المجد أو لا يسمع.
وإن ادعى زوجيتها واحد قبل.
وإن ادعاها اثنان لم يقبل قطع به المصنف في المغنى فيه ثلاث روايات.
قوله (وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه فهل يشترط ذكر شروطه يحتمل وجهين).
وكذا في الترغيب.
يعنى إذا اشترطنا ذكر ذلك في النكاح.
وأطلقهما بن منجا في شرحه والرعاية الكبرى.
أحدهما يشترط ذكر شروطه وهو المذهب.
قال في الفروع اعتبر ذكر شروطه في الأصح.
قال في الرعاية الصغرى ذكر شروط صحته في الأصح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وتجريد العناية والنظم.
والوجه الثاني لا يشترط.
278

اختاره المصنف والشارح.
وقيل يشترط ذكره في ملك الإماء والنكاح ولا يشترط ذكره في غيره.
قوله (وإن ادعت المرأة نكاحا على رجل وادعت معه نفقة أو مهرا سمعت دعواها بلا نزاع).
وإن لم تدع سوى النكاح فهل تسمع دعواها على وجهين.
وأطلقهما في الكافي والمغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن منجا والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما لا تسمع وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم.
والوجه الثاني تسمع.
جزم به القاضي.
فعليه هي في الدعوى كالزوج.
فائدتان
إحداهما لو نوى بجحوده الطلاق لم تطلق على الصحيح من المذهب خلافا للمصنف في المغنى.
واختاره في الترغيب.
وقال المسألة مبنية على رواية صحة إقرارها به إذا ادعاه واحد قاله في الفروع.
279

قلت قد تقدم في كتاب الطلاق في قوله ليس لي امرأة أو ليست لي بامرأة رواية أنه لغو.
قال في الفروع والأصح كناية.
وقال في المحرر هناك إذا نوى الطلاق بذلك وقع.
وعنه لا يقع شيء.
فالجحود هنا لعقد النكاح لا لكونها امرأته.
الثانية لو علم أنها ليست امرأته وأقامت بينة أنها امرأته فهل يمكن منها ظاهرا فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قلت الذي يقطع به أنه لا يمكن منها.
وكيف يمكن منها وهو يعلم من نفسه ويتحقق أنها ليست له بزوجة حتى ولو حكم له به حاكم لأن حكمة لا يحل حراما.
قوله (وإن ادعى قتل موروثة ذكر القاتل وأنه انفرد به أو شارك غيره وأنه قتله عمدا أو خطأ أو شبه عمد ويصفه وهذا بلا نزاع).
وإن لم يذكر الحياة في ذلك فوجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
قلت الأولى عدم اشتراط ذكر الحياة.
فائدتان
إحداهما قوله وإن ادعى الإرث ذكر سببه بلا نزاع.
ولو ادعى دينا على أبيه ذكر موت أبيه وحرر الدين والتركة على الصحيح من المذهب.
280

اختاره القاضي وغيره.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
واختار المصنف أنه يكفي أيضا أن يقول إنه وصل إليه من تركة أبيه ما يفي بدينه.
الثانية قوله وإن ادعى شيئا محلى قومه بغير جنس حليته فإن كان محلى بذهب وفضة قومه بما شاء منهما للحاجة بلا نزاع ولو ادعى دينا أو عينا لم يشترط ذكر سببه وجها واحدا لكثرة سببه وقد يخفى على المدعي.
قوله (وتعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا في اختيار أبي بكر والقاضي وهو المذهب).
قال في الفروع تعتبر عدالة البينة ظاهرا وباطنا.
أطلقه الإمام والأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب عند أكثر الأصحاب القاضي وأصحابه وأبي محمد والخرقي فيما قاله أبو البركات انتهى.
قلت وحكاه في الهداية عن الخرقي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
قال في المحرر واختاره الخرقي.
وأخذه من قوله وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه.
وفي الواضح والموجز كبينة حد وقود.
قال ابن منجا في شرحه العدالة المعتبرة في شهود الزنى هي العدالة المعتبرة ظاهرا وباطنا وجها واحدا وإن اختلف في ذلك في الأموال لتأكد الزنى انتهى.
281

وعنه تقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة اختارها الخرقي.
قاله المصنف في هذا الكتاب هنا.
وأخذها من قوله والعدل من لم تظهر منه ريبة.
وكذا قال القاضي وغيره.
قال الزركشي وليس بالبين لما تقدم له من أنه إذا شهد عنده من لا يعرف حاله سأل عنه.
فدل على أن كلامه هنا فيمن عرف حاله انتهى.
واختار هذه الرواية أبو بكر وصاحب الروضة.
قاله في الفروع.
فعليها إن جهل إسلامه رجع إلى قوله.
وفي جهل حريته حيث اعتبرناها وجهان.
أحدهما لا يرجع إليه.
وهو المذهب صححه في تصحيح المحرر.
وقال جزم به في المغني والشرح.
وأورده في النظم مذهبا.
والثاني يرجع إليه.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والفروع وتجريد العناية.
وإن جهل عدالته لم يسأل عنه إلا أن يجرحه الخصم.
وقال في الانتصار يقبل من الغريب قوله أنا حر عدل للحاجة كما قبلنا قول المرأة إنها ليست مزوجة ولا معتدة.
فائدة جليلة.
وهي أن المسلم هل الأصل فيه العدالة أو الفسق.
282

اختلف فيها في زمننا.
فأحببت أن أنقل ما اطلعت عليه فيها من كتب الأصحاب فأقول وبالله التوفيق.
قال المصنف في المغني عند قول الخرقي وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه وتابعه الشارح عند قول المصنف ويعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا لما نصرا أن العدالة تعتبر ظاهرا وباطنا.
وحكيا القول بأنه لا تعتبر العدالة إلا ظاهرا وعللاه بأن قالا ظاهر حال المسلمين العدالة.
واحتجا له بشهادة الأعرابي برؤية الهلال وقبولها وبقول عمر رضي الله عنه المسلمون عدول بعضهم على بعض.
ولما نصرا الأول قالا العدالة شرط فوجب العلم بها كالإسلام.
وذكرا الأدلة وقالا وأما قول عمر رضي الله تعالى عنه فالمراد به ظاهر العدالة.
وقالا هذا بحث يدل على أنه لا يكتفي بدونه.
فظاهر كلامهما أنهما سلما أنه ظاهر العدالة ولكن تعتبر معرفتها باطنا.
وقالا في الكلام على أنه لا يسمع الجرح إلا مفسرا لأن الجرح ينقل عن الأصل فإن الأصل في المسلمين العدلة والجرح ينقل عنها.
فصرحا هنا بأن الأصل في المسلمين العدالة.
وقال ابن منجا في شرحه لما نصر أنه تعتبر العدالة ظاهر أو باطنا وأما دعوى أن ظاهر حال المسلمين العدالة فممنوعة بل الظاهر عكس ذلك.
فصرح أن الأصل في ظاهر حال المسلم عكس العدالة.
وقال في قوله ولا نسمع الجرح إلا مفسرا والفرق بين التعديل وبين
283

الجرح أن التعديل إذا قال هو عدل يوافق الظاهر فحكم بأنه عدل في الظاهر فخالف ما قال أولا.
وقال ابن رزين في شرحه في أول كتاب النكاح وتصح الشهادة من مستوري الحال رواية واحدة لأن الأصل العدالة.
وقال الطوفي في مختصره في الأصول في أواخر التقليد والعدالة أصلية في كل مسلم.
وتابع ذلك في شرحه على ذلك.
فظاهر كلامه أن الأصل العدالة.
وقال في الروضة في هذا المكان لأن الظاهر من حال العالم العدلة.
وقال الزركشي عند قول الخرقي وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه ومنشأ الخلاف أن العدالة هل هي شرط لقبول الشهادة والشرط لا بد من تحقق وجوده وإذن لا يقبل مستور الحال لعدم تحقق الشرط فيه أو الفسق مانع فيقبل مستور الحال إذ الأصل عدم الفسق.
ثم قال بعد ذلك بأسطر فإن قيل بأن الأصل في المسلمين العدالة.
قيل لا نسلم هذا إذ العدالة أمر زائد على الإسلام ولو سلم هذا فمعارض بأن الغالب ولا سيما في زمننا هذا الخروج عنها.
وقد يلزم أن الفسق مانع ويقال المانع لا بد من تحقق ظن عدمه كالصبي والكفر.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من قال إن الأصل في الإنسان العدالة فقد أخطأ وإنما الأصل فيه الجهل والظلم قال الله تعالى 72 * (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) *.
وقال ابن القيم رحمه الله في أواخر بدائع الفوائد إذا شك في الشاهد هل هو عدل أم لا لم يحكم بشهادته إذ الغالب على الناس عدم العدالة وقول
284

من قال الأصل في الناس العدالة كلام مستدرك بل العدالة حادثة تتجدد والأصل عدمها فإن خلاف العدالة مستندة جهل الإنسان وظلمه والإنسان جهول ظلوم فالمؤمن يكمل بالعلم والعدالة وهما جماع الخير وغيره يبقى على الأصل.
وقال بعضهم العدالة والفسق مبنيان على قبول شهادته.
فان قلنا تقبل شهادة مستوري الحال فالأصل فيه العدالة.
وإن قلنا لا تقبل فالأصل فيه الفسق.
قلت الذي يظهر أن المسلم ليس الأصل فيه الفسق لأن الفسق قطعا يطرأ والعدالة أيضا ظاهرا وباطنا تطرأ لكن الظن في المسلم العدالة أولى من الظن به الفسق.
ومما يستأنس به على القول بأن الأصل في المسلم العدالة قوله عليه أفضل الصلاة والسلام ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
قوله (وإذا علم الحاكم عدالتهما عمل بعلمه).
هكذا عبارة غالب الأصحاب.
قال في الفروع وفي عبارة غير واحد ويحكم بعلمه في عدالة الشاهد وجرحه للتسلسل.
قال في عيون المسائل ولأنه يشاركه فيه غيره فلا تهمة.
وقال هو والقاضي وغيرهما هذا ليس بحكم لأنه يعدل وهو يجرح غيره ويجرح هو ويعدل غيره ولو كان حكما لم يكن لغيره نقضه.
قال في الترغيب إنما الحكم بالشهادة لا بهما.
285

إذا علمت ذلك فعمل الحاكم بعلمه في الشهود وحكمه بعلمه في العدالة والجرح هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يعمل في جرحه بعلمه فقط.
وعنه لا يعمل بعلمه فيهما كالشاهد على أصح الوجهين فيه.
قال الزركشي وحكى بن حمدان في رعايته قولا بالمنع وهو مردود إن صح ما حكاه القرطبي.
فإنه حكى اتفاق الكل على الجواز انتهى.
فائدتان
إحداهما لا يجوز الاعتراض عليه لتركه تسمية الشهود.
ذكره القاضي وعيره في مسألة المرسل وابن عقيل.
وقدمه في الفروع.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن له طلب تسمية البينة ليتمكن من القدح بالاتفاق.
قال في الفروع ويتوجه مثله لو قال حكمت بكذا ولم يذكر مستنده.
الثانية قال في الرعاية لو شهد أحد الشاهدين ببعض الدعوى قال شهد عندي بما وضع به خطه فيه أو عادة حكام بلده.
وان كان الشاهد عدلا كتب تحت خطه شهد عندي بذلك وإن قبله كتب شهد بذلك عندي.
وان قبله غيره أو اخبره بذلك كتب وهو مقبول.
وان لم يكن مقبولا كتب شهد بذلك.
وقال للمدعي زدني شهودا أو زدك شاهديك.
286

وقيل إن طلب خصمه التزكية وإلا فلا انتهى.
قوله (إلا أن يرتاب بهما فيفرقهما ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة ومتى وفي أي موضع وهل كنت وحدك أو أنت وصاحبك فإن اختلفا لم يقبلهما وإن اتفقا وعظهما وخوفهما فإن ثبتا حكم بهما إذا سأله المدعى).
يلزم الحاكم سؤال الشهود والبحث عن صفه تحملهما وغيره إذا ارتاب فيهما على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وظاهر كلام القاضي في الخلاف وجوب التوقف حتى يتبين وجه الطعن.
وقال في الترغيب لو ادعى جرح البينة فليس له تحليف المدعى في الأصح.
وقال في الرعاية إن اختلفا توقف فيهما وقيل تسقط شهادتهما.
قوله (وإن جرحهما المشهود عليه كلف إقامة البينة بالجرح فإن سأل الإنظار أنظر ثلاثا).
على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين يمهل الجارح ثلاثة أيام في الأصح إن طلبه.
وجزم به كثير من الأصحاب.
وقيل لا يمهل.
قوله (ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة إما أن يراه أو يستفيض عنه).
287

فلا يكفي مطلق الجرح وهذا المذهب.
قاله في الفروع والزركشي وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وقيل يقبل الجرح من غير تبيين سببه.
وعنه يكفى أن يشهد أنه فاسق وليس بعدل.
كالتعديل في أصح الوجهين فيه.
وقيل إن اتحد مذهب الجارح والحاكم أو عرف الجارح أسباب الجرح قبل إجماله وإلا فلا.
قال الزركشي وهو حسن.
وقيل يكفي قوله والله أعلم به ونحوه.
ذكرهما في الرعاية.
تنبيه قوله أو يستفيض عنه.
اعلم أن له أن يشهد بجرحه بما يقدح في العدالة بالاستفاضة عنه ذلك.
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس له ذلك كالتزكية في أصح الوجهين فيها.
وفي التزكية وجه اختاره الشيخ تقي الدين رحمة الله وقال المسلمون يشهدون في مثل عمر بن عبد العزيز والحسن البصري رضي الله تعالى عنهما بما لا يعلمونه إلا بالاستفاضة.
وقال لا نعلم في الجرح بالاستفاضة نزاعا بين الناس.
288

وقال في الترغيب لا يجوز الجرح بالتسامع نعم لو زكى جاز التوقف بتسامع الفسق.
فائدتان
إحداهما قال في المحرر الجرح المبين أن يذكر ما يقدح في العدالة عن رؤية أو استفاضة.
والمطلق أن يقول هو فاسق أو ليس بعدل.
قال الزركشي هذا هو المشهور.
وقال القاضي في خلافه هذا هو المبين والمطلق أن يقول الله أعلم ونحوه.
الثانية يعرض الجارح بالزنى فإن صرح ولم يأت بتمام أربعة شهود حد خلافا للشافعي رحمة الله تعالى.
تنبيه قوله وإن جهل حاله طالب المدعي بتزكيته.
بناء على اعتبار العدالة ظاهرا وباطنا وهو المذهب كما تقدم.
فائدة التزكية حق للشرع يطلبها الحاكم وإن سكت عنها الخصم هذا الصحيح من المذهب.
وقيل بل هي حق للخصم فلو أقر بها حكم عليه بدونها.
وعلى الأول لا بد منها.
ويأتي بأعم من هذا قريبا.
قوله (ويكفي في التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل رضى).
قوله (يشهدان أنه عدل رضى).
يشترط في قبول المزكيين معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ونحوهما على الصحيح من المذهب.
289

قطع به في الرعاية الكبرى.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقبلان مع جهل الحاكم خبرتهما الباطنة.
وقال في الرعاية وغيرها ولا يتهم بعصبية أو غيرها.
قوله (يشهدان أنه عدل رضى).
وكذا لو شهدا أنه عدل مقبول الشهادة بلا نزاع.
ويكفي قولهما عدل على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
قال الزركشي ظاهر كلام أبي محمد الجوزي وظاهر كلام أبي البركات المنع.
وقال في الترغيب هل يكفي قولهما عدل فيه وجهان.
وأطلقهما في الرعاية.
فوائد
الأولى لا يكفي قولهما لا نعلم إلا خيرا.
الثانية قال جماعة من الأصحاب لا يلزم المزكي الحضور للتزكية.
وجزم به في الرعاية وغيره.
وقال في الفروع ويتوجه وجه.
الثالثة لا تجوز التزكية إلا لمن له خبرة باطنة.
قطع به الأصحاب.
وزاد في الترغيب ومعرفة الجرح والتعديل.
الرابعة هل تعديل المشهود عليه وحدة تعديل في حقه وتصديق الشهود عليه تعديل وهل تصح التزكية في واقعة واحده فيه وجهان.
290

وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني أن يعدل إن الناس يتغيرون.
وقال قيل لشريح قد أحدثت في قضائك فقال إنهم أحدثوا فأحدثنا.
قال في الرعاية الكبرى وإن أقر الخصم بالعدالة فقال هما عدلان فيما شهدا به علي أو صادقان حكم عليه بلا تزكية.
وقيل لا.
وقال هل تصديق الشهود تعديل لهم فيه وجهان.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والتزكية حق لله فتطلب وإن سكت الخصم فإن أقر بالعدالة حكم عليه.
وقيل لا يحكم.
وأطلق المصنف والشارح فيما إذا عدل المشهود عليه الشاهد الوجهين.
وأطلق في الرعاية في صحة التزكية في واقعة واحدة الوجهين.
وقال وقيل إن تبعضت جاز وإلا فلا تزكية.
تنبيه قوله وإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى بلا نزاع.
وإذا قلنا يقبل جرح واحد فجرحه واحد وزكاه اثنان فالتزكية أولى على أصح الوجهين.
قاله في الفروع.
وجزم به في المحرر.
وجزم به في المحرر والرعايتين والمنور والزركشي وغيرهم.
وقيل الجرح أولى وهو أولى.
وقال الزركشي ولو عدله ثلاثة وجرحه اثنان فوجهان.
فإن بينا السبب فالجرح أولى وإن لم يبينا السبب فالتعديل أولى.
291

قوله (وإن سأل المدعى حبس المشهود عليه حتى يزكى شهوده فهل يحبس على وجهين).
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا.
أحدهما يجاب ويحبس.
وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب احتمل أن يحبس واقتصر عليه.
قال في الخلاصة وفي حبسه احتمال واقتصر عليه.
والوجه الثاني لا يحبس.
وقيل لا يحبس إلا في المال ذكره في الرعاية.
فائدتان
إحداهما مدة حبسه ثلاثة أيام على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل يحبس إلى أن يزكي شهوده.
وقدمه في الرعاية.
وقيل القول باطلاق ذلك ظاهر الفساد وهو كما قال.
وقطع جماعه من الأصحاب منهم المصنف والشارح بأنه يحال في قن أو امرأة ادعى عتقا أو طلاقا بينهما بشاهدين.
292

وفيه بواحد في قن وجهان.
الثانية مثل ذلك في الحكم لو سأل كفيلا به أو تعديل عين مدعاة قبل التزكية.
قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قوله (وإن أقام شاهدا وسأل حبسه حتى يقيم الآخر حبسه إن كان في المال).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يحبس.
قوله (وإن كان في غيره فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا.
أحدهما لا يحبس وهو المذهب.
وقدمه في الشرح والفروع.
وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني يحبس.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والنظم.
قوله (ولا يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف والرسالة إلا قول عدلين).
293

هذا المذهب بلا ريب.
قاله في الفروع وغيره.
وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وعنه يقبل قول واحد.
اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فعلى المذهب يكون ذلك شهادة تفتقر إلى العدد والعدلة ويعتبر فيها من الشروط ما يعتبر في الشهادة على الإقرار بذلك الحق.
فإن كان مما يتعلق بالحدود والقصاص اعتبر فيه الحرية ولم يكف إلا شاهدان ذكران.
وإن كان مالا كفى فيه رجل وامرأتان ولم تعتبر الحرية.
وإن كان في حد زنى فالأصح أربعة.
وقيل يكفي اثنان بناء على الروايتين في الشهادة على الإقرار بالزنى على ما تقدم.
ويعتبر فيه لفظ الشهادة.
وعلى الرواية الثانية يصح بدون لفظ الشهادة ولو كان امرأة أو والدا أو ولدا أو أعمى لمن خبره بعد عماه.
ويقبل من العبد أيضا.
ويكتفي بالرقعة مع الرسول ولا بد من عدالته.
294

وعلى المذهب تجب المشافهة.
قال القاضي تعديل المرأة هل هو مقبول مبنى على أصل وهو هل الجرح والتعديل شهادة أو خبر على قولين.
فإن قلنا هو خبر قبل تعديلهن.
وإن قلنا بقول الخرقي وأنه شهادة فهل يقبل تعديلهن مبنى على أصل آخر.
وهو هل تقبل شهادتين فيما لا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال كالنكاح وفيه روايتان.
إحداهما تقبل فيقبل تعديلهن.
الثانية لا تقبل وهذا الصحيح فلا يقبل تعديلهن انتهى.
فوائد
الأولى من رتبهم الحاكم يسألون سرا عن الشهود لتزكية أو جرح فقيل يعتبر شروط الشهادة فيهم.
قدمه في المغني والشرح فقالا ويقبل قول أصحاب المسائل.
قال في الكافي ويجب أن يكونوا عدولا ولا يسألون عدوا ولا صديقا.
وهذا ظاهر ما جزم به في المستوعب.
وقيل تشترط شروط الشهادة في المسؤولين لا فيمن رتبهم الحاكم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع والزركشي.
وقال في الترغيب وعلى قولنا التزكية ليست شهادة لا يعتبر لفظ الشهادة والعدد في الجميع.
الثانية من سأله حاكم عن تزكية من شهد عنده أخبره وإلا لم يجب.
295

الثالثة من نصب للحكم بجرح أو تعديل وسماع بينة قنع الحاكم بقوله وحده إذا قامت البينة عنده.
الرابعة قال في المطلع المراد بالتعريف تعريف الحاكم لا تعريف الشاهد المشهود عليه.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز أن يقول الرجل للرجل أنا أشهد أن هذه فلانة ويشهد على شهادته.
قال والفرق بين الشهود والحاكم من وجهين.
أحدهما أن حاجة الحاكم إلى ذلك أكثر من الشهود.
والثاني أن الحاكم يحكم بغلبة الظن والشاهد لا يجوز له أن يشهد غالبا إلا على العلم انتهى.
وقال في الفروع في كتاب الشهادات ومن جهل رجلا حاضرا شهد في حضرته لمعرفة عينه وإن كان غائبا فعرفه به من يسكن إليه وعنه اثنان وعنه جماعة شهد وإلا فلا.
وعنه المنع.
وحملها القاضي على الاستحباب.
والمرأة كالرجل.
وعنه إن عرفها كما يعرف نفسه.
وعنه أو نظر إليها شهد وإلا فلا.
ونقل حنبل يشهد بإذن زوج.
وعلله بأنه أملك بعصمتها.
وقطع به في المبهج للخبر.
وعلله بعضهم بأن النظر حقه.
قال في الفروع وهو سهو.
296

ويأتي ذلك أيضا في كتاب الشهادات.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله التعريف يتضمن تعريف عين المشهود عليه والمشهود له والمشهود به إذا وقعت على الأسماء وتعريف المحكوم له والمحكوم عليه والمحكوم به وتعريف المثبت عليه والمثبت له ونفس المثبت في كتاب القاضي إلى القاضي والتعريف مثل الترجمة سواء فإنه بيان مسمى هذا الاسم كما أن الترجمة كذلك لأن التعريف قد يكون في أسماء الأعلام والترجمة في أسماء الأجناس.
وهذا التفسير لا يختص بشخص دون شخص انتهى.
ذكره في شرح المحرر عند قوله ولا يقبل في الترجمة وغيرها إلا عدلان.
قوله (ومن ثبتت عدالته مرة فهل يحتاج إلى تجديد البحث عن عدالته مرة أخرى على وجهين).
يعني مع تطاول المدة وهما روايتان.
قال في الرعاية فيه وجهان.
وقيل روايتان.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح بن منجا والرعاية الكبرى.
إحداهما يحتاج إلى تحديد البحث عن عدالته مع تطاول المدة ويجب وهو المذهب.
قال في المحرر وهو المنصوص.
قال في الفروع لزم البحث عنها على الأصح مع طول المدة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والوجه الثاني لا يجب بل يستحب.
صححه في التصحيح والنظم.
297

وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قوله (وإن ادعى على غائب أو مستتر في البلد أو ميت أو صبي أو مجنون وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وليس تقدم الإنكار هنا شرطا ولو فرض إقراره فهو مقر به لثبوته بالبينة.
قال في الترغيب وغيره لا تفتقر البينة إلى جحود إذ الغيبة كالسكوت والبينة تسمع على ساكت.
وكذا جعل في عيون المسائل وغيرها هذه المسألة أصلا على الخصم.
وعنه لا يحكم على غائب كحق الله تعالى.
فيقضي في السرقة بالغرم فقط.
اختاره بن أبي موسى قاله في الكافي.
وعنه لا يحكم على الغائب تبعا كشريك حاضر.
تنبيهات
الأول ظاهر كلام المصنف وغيره أنه إذا حكم له أن يعطى العين المدعاة مطلقا وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين.
وقيل يعطي بكفيل وما هو ببعيد.
وأطلقهما في الحاوي والرعايتين.
الثاني مراده بالمستتر هنا الممتنع من الحضور على ما يأتي بعد ذلك قريبا.
الثالث الغيبة هنا مسافة القصر على الصحيح من المذهب.
298

وقيل مسيرة يوم أيضا.
وقيل أو فوق نصف يوم.
قاله في الرعاية الكبرى.
الرابع ظاهر كلام المصنف صحة الدعوى على الغائب في جميع الحقوق.
وهو ظاهر كلام الخرقي وأبي الخطاب والمجد وغيرهم.
وقال ابن البنا والمصنف وابن حمدان وغيرهم إنما يقضي على الغائب في حقوق الآدميين لا في حقوق الله كالزنا والسرقة.
نعم في السرقة يقضي بالمال فقط وفي حد القذف وجهان.
بناء على أنه حق لله أو لآدمي على ما تقدم في أول باب القذف.
قوله (وهل يحلف المدعي أنه لم يبرأ إليه منه ولا من شيء منه على روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح بن منجا والهادي وغيرهم).
إحداهما لا يحلف.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح لم يستحلف في أشهر الروايتين.
وقالا هي ظاهر المذهب.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به ناظم المفردات.
وهو من مفردات المذهب.
وقدمه في الكافي والفروع وخلاف أبي الخطاب ونصره.
299

قال الزركشي هي اختيار أبي الخطاب والشريف والشيرازي وغيرهم.
والرواية الثانية يستحلفه على بقاء حقه.
قال في الخلاصة حلفه مع بينته على الأصح.
قال في الرعايتين وحلف معها على الأصح على بقاء حقه.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر كلامه في منتخب الآدمي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
ومال إليه المصنف.
ذكره عنه الشارح في باب الدعاوي عند قوله وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها.
فعلى الرواية الثانية لا يتعرض في يمينه لصدق البينة على الصحيح من المذهب.
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا يتعرض في يمينه لصدق البينة إن كانت كاملة ويجب تعرضه إذا قام شاهدا وحلف معه.
فوائد
الأولى لا يمين مع بينة كاملة كمقر له إلا هنا.
وعنه بلى فعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وعنه يحلف مع ريبة في البينة.
وتقدم في باب الحجر أنه إذا شهدت بينة بنفاد ماله أنه يحلف معها على الصحيح من المذهب.
300

وإذا شهدت بإعساره أنه لا يحلف معها على الصحيح من المذهب.
ولنا وجه أنه يحلف معها أيضا.
الثانية قال في المحرر ويختص اليمين بالمدعى عليه دون المدعي إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة وحيث يحكم باليمين مع الشاهد أو نقول بردها.
وقاله في الرعاية وغيره.
وقاله كثير من الأصحاب مفرقا في أماكنه وتقدم بعض ذلك.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أما دعاوى الأمناء المقبولة فغير مستثناة فيحلفون.
وذلك لأنهم أمناء لا ضمان عليهم إلا بتفريط أو عدوان.
فإذا ادعى عليهم ذلك فأنكروه فهم مدعى عليهم واليمين على المدعى عليهم انتهى.
قلت صرح المصنف وغيره في باب الوكالة أنه لو ادعى الوكيل الهلاك ونفى التفريط قبل قوله مع يمينه.
وكذا في المضاربة والوديعة وغيرهما.
الثالثة قوله ثم إذا قدم الغائب أو بلغ الصبي يعني رشيدا أو أفاق المجنون فهو على حجته.
وهو صحيح لكن لو جرح البينة بأمر بعد أداء الشهادة أو مطلقا لم تقبل لجواز كونه بعد الحكم فلا يقدح فيه وإلا قبل.
قوله (وإن كان الخصم في البلد غائبا عن المجلس لم تسمع البينة حتى يحضر).
ولا تسمع أيضا الدعوى وهو المذهب.
301

جزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل يسمعان ويحكم عليه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة في سماع البينة.
ونقل أبو طالب يسمعان ولا يحكم عليه حتى يحضر.
قال في المحرر وهو الأصح.
واختاره الناظم.
وجزم به في المنور.
وأطلقهن الزركشي.
قوله (فإن امتنع من الحضور سمعت البينة وحكم بها في إحدى الروايتين).
وهو المذهب اختاره أبو الخطاب والشريف أبو جعفر.
وقدمه في الفروع.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والأخرى لا يسمع حتى يحضر صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وأطلقهما بن منجا في شرحه.
فعلى الرواية الثانية إن أبى من الحضور بعث إلى صاحب الشرطة ليحضره فإن تكرر منه الاستتار أقعد على بابه من يضيق عليه في دخوله وخروجه حتى يحضر.
كما قال المصنف وصاحب الفروع وغيرهما.
302

وليس له دخول بيته على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في التبصرة إن صح عند الحاكم أنه في منزله أمر بالهجوم عليه وإخراجه.
فعلى الأول إن أصر على الاستتار حكم عليه على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في المحرر فإن أصر على التغيب سمعت البينة وحكم بها عليه قولا واحدا وقاله غيره من الأصحاب.
وقدمه في الفروع وهو مراد المصنف بقوله قبل ذلك بيسير وان ادعى على مستتر وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها.
قال في الفروع ونصه يحكم عليه بعد ثلاثة أيام.
وجزم به في الترغيب وغيره.
وظاهر نقل الأثرم يحكم عليه إذا خرج.
قال لأنه صار في حرمة كمن لجأ إلى الحرم انتهى وحكى الزركشي كلامه في المحرر وقال وفي المقنع إذا امتنع من الحضور هل تسمع البينة ويحكم بها عليه على روايتين.
مع أنه قطع بجواز الحكم على الغائب.
وفيه نظر فكلامه مخالف لكلام أبي البركات.
فعلى المذهب ان وجد له مالا وفاه الحاكم منه وإلا قال للمدعي ان عرفت له مالا وثبت عندي وفيتك منه.
قوله (وان ادعى ان أباه مات عنه وعن أخ له غائب وله مال في يد فلان أو دين عليه فأقر المدعى عليه أو ثبتت ببينة: سلم
303

إلى المدعي نصيبه وأخذ الحاكم نصيب الغائب فحفظه له.
اعلم ان الحكم للغائب ممتنع.
قال في الترغيب لامتناع سماع البينة له والكتابة له إلى قاض آخر ليحكم له بكتابة بخلاف الحكم عليه.
إذا علمت ذلك فيتصور الحكم له على سبيل التبعية كما مثل المصنف هنا وكذا لو كان الأخ الاخر غير رشيد.
فإذا حكم في هذه المسألة وأشباهها واخذ الحاضر حصته فالحاكم يأخذ نصيب الغائب ونصيب غير الرشيد يحفظه له على الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا أولى.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
ويحتمل أنه إذا كان المال دينا ان يترك نصيب الغائب في ذمة الغريم حتى يقدم الغائب ويرشد السفيه.
وهو وجه لبعض الأصحاب.
قلت ويحتمل انه يترك إذا كان مليئا.
فائدة تعاد البينة في الإرث.
قدمه في الفروع.
وذكره في الرعاية وزاد ولو أقام الوارث البينة.
نقله عنه في الفروع.
ولم أر هذه الزيادة في الرعايتين.
وبقية الورثة غير رشيد انتزع المال من المدعى عليه لهما بخلاف الغائب في أصح الوجهين وفي الآخر ينتزع أيضا.
304

وقال في المغني ان ادعى أحد الوكيلين الوكالة والاخر غائب وثم بينة حكم لهما فان حضر لم تعد البينة كالحكم بوقف ثبت لمن لم يخلق تبعا لمستحقه الآن.
وتقدم ان سؤال بعض الغرماء الحجر كسؤال الكل.
قال في الفروع فيتوجه ان يفيد ان القضية الواحدة المشتملة على عدد أو أعيان كولد الأبوين في المشركة ان الحكم على واحد أوله يعمه وغيره وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله المسألة.
واخذها من دعوى موت موروثه وحكمه بان هذا يستحق هذا أو لأن من وقف بشرط شامل يعم.
وهل حكمه لطبقة حكم للثانية والشرط واحد ردد النظر على وجهين.
ثم من ابداء ما يجوز ان يمنع الأول من الحكم عليه لو علمه فلثان الدفع به.
وهل هو نقض للأول كحكم معني بغاية أم هو فسخ.
قوله (وان ادعى انسان ان الحاكم حكم له بحق فصدقه قبل قول الحاكم وحده).
إذا قال الحاكم المنصوب حكمت لفلان على فلان بكذا ونحوه وليس أباه ولا ابنه قبل قوله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
ونص عليه الامام احمد رحمه الله وسواء ذكر مستنده أو لا وقيل لا يقبل قوله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قولهم في كتاب القاضي اخباره بما ثبت بمنزلة شهود الفرع يوجب ان لا يقبل قوله في الثبوت المجرد إذ لو قبل خبره لقبل كتابه وأولى.
305

قال ويجب ان يقال إن قال ثبت عندي فهو كقوله حكمت في الاخبار والكتاب وان قال شهد أو أقر عندي فلان فكالشاهدين سواء انتهى.
وتقدم ما إذا اخبر بعد عزله انه كان حكم لفلان بكذا في ولايته في اخر باب أدب القاضي.
وهناك بعض فروع تتعلق بهذا.
قوله (وان لم يذكر الحاكم ذلك فشهد عدلان انه حكم له به قبل شهادتهما وأمضى القضاء).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
منهم صاحب الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع.
وذكر بن عقيل ان الحاكم إذا شهد عنده اثنان انه حكم لفلان انه لا يقبلهما.
تنبيه مراد الأصحاب على الأول إذا لم يتيقن صواب نفسه فان تيقن صواب نفسه لم يقبلهما ولم يمضه.
قاله في الفروع.
وقال لأنهم احتجوا بقصة ذي اليدين وذكروا هناك لو تيقن صواب نفسه لم يقبلهما.
واحتجوا أيضا بقول الأصل المحدث الراوي عنه لا أدري وذكروا هناك لو كذبه لم يقدح في عدالته ولم يعمل به.
ودل ان قول بن عقيل هنا قياس الرواية المذكورة في الدليلين.
306

قوله (وكذلك ان شهد ان فلانا وفلانا شهدا عندك بكذا وكذا قبل شهادتهما بلا نزاع).
وان لم يشهد به أحد لكن وجده في قمطره في صحيفة تحت ختمه بخطه فهل ينفذه على روايتين.
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما ليس له تنفيذه وهو المذهب.
ذكره القاضي وأصحابه.
وذكر في الترغيب انه الأشهر كخط أبيه بحكم أو شهادة لم يشهد ولم يحكم بها إجماعا.
وقدمه في الفروع والحاوي والرعايتين.
والرواية الثانية ينفذه.
وعنه ينفذه سواء كان في قمطره أو لا.
اختاره في الترغيب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمي البغدادي والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم.
قلت وعليه العمل.
قوله (وكذلك الشاهد إذا رأى خطة في كتاب بشهادة ولم يذكرها فهل له ان يشهد على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما ليس له ان يشهد وهو الصحيح من المذهب.
307

وذكره القاضي وأصحابه المذهب.
وذكر في الترغيب انه الأشهر.
وقدمه في الفروع والحاوي والرعايتين.
والرواية الثانية له ان يشهد إذا حرره والا فلا.
وعنه له ان يشهد مطلقا.
اختاره في الترغيب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الادمي والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم.
فائدة من علم الحاكم منه انه لا يفرق بين ان يذكر أو يعتمد على معرفة الخط يتجوز بذلك لم يجز قبول شهادته ولهما حكم المغفل أو الممخرق وان لم يتحقق لم يجز ان يسأله عنه ولا يجب ان يخبره بالصفة.
ذكره بن الزاغوني.
وقدمه في الفروع.
وقال أبو الخطاب لا يلزم الحاكم سؤالهما عن ذلك ولا يلزمهما جوابه.
وقال أبو الوفاء إذا علم تجوزهما فهما كمغفل ولم يجز قبولهما.
قوله (ومن كان له على انسان حق ولم يمكنه اخذه بالحاكم وقدر له على مال لم يجز له ان يأخذ قدر حقه نص عليه).
واختاره عامة شيوخنا وهو المذهب.
نقله الجماعة عن الامام احمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح هذا المشهور في المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المنصوص المشهور.
وجزم به في الوجيز والخرقي وغيرهما.
308

وقدمه في الفروع وغيره.
وذهب بعضهم من المحدثين إلى جواز ذلك.
وحكاه بن عقيل عن المحدثين من الأصحاب.
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
وخرجه أبو الخطاب وتبعه جماعة من الأصحاب من قول الامام احمد رحمه الله تعالى في المرتهن يركب ويحلب بقدر ما ينفق عليه والمرأة تأخذ مؤنتها والبائع للسلعة يأخذها من مال المفلس بغير رضاه.
وخرجه في المحرر وغيره من تنفيذ الوصي الوصية مما في يده إذا كتم الورثة بعض التركة.
قال الزركشي وهو اظهر في التخريج.
فعلى هذا ان قدر على حبس حقه اخذ بقدره والا قومه واخذ بقدره متحريا للعدل في ذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان رضي الله عنهما خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ولقوله عليه أفضل الصلاة والسلام الرهن مركوب ومحلوب.
وجزم به في الهداية والمحرر وغيرهما.
وذكر في الواضح انه لا يأخذ إلا من جنس حقه.
وهما احتمالان في المغني والشرح مطلقان.
قال في القواعد الأصولية وخرج بعض أصحابنا الجواز رواية عن الامام احمد رحمه الله من جواز اخذ الزوجة من مال زوجها نفقتها ونفقة ولدها بالمعروف.
وقد نص الامام احمد رحمه الله على التفريق بينهما فلا يصح التخريج.
وأشار إلى الفرق بأن المرأة تأخذ من بيت زوجها يعني ان لها يدا وسلطانا على ذلك وسبب النفقة ثابت وهو الزوجية فلا تنسب بالأخذ إلى خيانة.
309

وكذلك أباح في رواية عنه اخذ الضيف من مال من نزل به ولم يقر بقدر قراه.
ومتى ظهر السبب لم ينسب الآخذ إلى خيانة.
وعكس ذلك بعض الأصحاب وقال إذا ظهر السبب لم يجز الاخذ بغير اذن لامكان إقامة البينة عليه بخلاف ما إذا خفي.
وقد ذكر المصنف والشارح في ذلك اربع فروق.
فائدة قال القاضي أبو يعلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف هو حكم لا فتيا.
واختلف كلام المصنف فيه فتارة قطع بأنه حكم وتارة قطع بأنه فتيا قال الزركشي والصواب انه فتيا.
تنبيهات
أحدها حيث جوزنا الاخذ بغير اذن فيكون في الباطن.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وظاهر كلام المصنف هنا جواز الاخذ ظاهرا وباطنا.
والأصول التي خرج عليها أبو الخطاب والمصنف وغيرهما من حديث هند وحلب الرهن وركوبه تشهد لذلك والأصول التي خرج عليها صاحب المحرر تقتضي ما قاله.
الثاني مفهوم قوله ولم يمكنه اخذه بالحاكم.
انه إذا قدر على اخذه بالحاكم لم يجز له اخذ قدر حقه إذا قدر عليه وهو صحيح وهو المذهب.
وعنه في الضيف يأخذ وان قدر على اخذه بالحاكم.
310

وظاهر الواضح يأخذ الضيف وغيره.
وان قدر على اخذه بالحاكم.
قال في الفروع وهو ظاهر ما خرجه أبو الخطاب في نفقة الزوجة والرهن مركوب ومحلوب وأخذ سلعته من المفلس.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز الاخذ ولو قدر على اخذه بالحاكم في الحق الثابت بإقرار أو بينة أو كان سبب الحق ظاهرا.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام بن شهاب وغيره.
الثالثة محل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يكن الحق الذي في ذمته قد أخذه قهرا فأما إن كان قد غصب ماله فيجوز له الأخذ بقدر حقه ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
وقال ليس هذا من هذا الباب.
وقال في الفنون من شهدت له بينة بمال لا عند حاكم اخذه.
وقيل لا كقود في الأصح.
ومحل الخلاف أيضا إذا كان عين ماله قد تعذر اخذه.
فأما ان قدر على عين ماله اخذه قهرا.
زاد في الترغيب ما لم يفض إلى فتنة.
قال ولو كان لكل واحد منهما على الاخر دين من غير جنسه فجحد أحدهما فليس للاخر ان يجحد وجها واحدا لأنه كبيع دين بدين لا يجوز ولو رضيا انتهى.
فائدة لو كان له دين على شخص فجحده جاز له اخذ قدر حقه ولو من غير جنسه على الصحيح من المذهب.
وهو من المفردات.
قال ناظمها.
311

ومع مجرد الدين لا بالظفر * يؤخذ من جنسه في الأشهر.
قوله (وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته في الباطن).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر بن أبي موسى رواية عنه انه يزيل العقود والفسوخ.
وذكرها أبو الخطاب.
قال في الفروع وحكى عنه بحيلة في عقد وفسخ مطلقا.
وأطلقهما في الوسيلة.
قال الامام احمد رحمه الله الأهل أكثر من المال.
وقال في الفنون ان حنبليا نصرها فاعتبرها باللعان.
وعنه يرسله في مختلف فيه قبل الحكم.
قطع به في الواضح وغيره.
قال في المحرر حكم الحاكم لا يحيل الشيء عن وصفه في الباطن الا في امر مختلف فيه قبل الحكم فإنه على روايتين.
قال في الرعايتين بعد أن حكى الروايتين في الأول وقيل هما في امر مختلف فيه قبل الحكم.
فعلى هذه الرواية لو حكم حنفي لحنبلي أو لشافعي بشفعة جوار فوجهان وأطلقهما في الفروع.
ومن حكم لمجتهد أو عليه بما يخالف اجتهاده عمل باطنا بالحكم.
ذكره القاضي.
وقيل باجتهاده.
وان باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته شافعي نفذ عند أصحابنا خلافا لأبي الخطاب.
قال ابن نصر الله في حواشيه قول أبي الخطاب اظهر.
312

إذ كيف يحكم له بما لا يستحله.
فإنه ان كان مجتهدا لزمه العمل باجتهاده.
وان كان مقلدا لزمه العمل بقول من قلده.
فكيف يلزمه شيء ولا يلزمه فيجتمع الضدان.
الا ان يراد ويلزمه الانقياد للحكم ظاهرا والعمل بضده باطنا كالمرأة التي تعتقد انها محرمة على زوجها وهو ينكر ذلك.
لكن في جواز اقدام الحاكم على الحكم بذلك لمن يعتقد تحريمه نظر لأنه الزام له بفعل محرم.
لا سيما على قول من يقول كل مجتهد مصيب انتهى.
فوائد
الأولى قال في الانتصار متى علم البينة كاذبة لم ينفذ.
وان باع ماله في دين ثبت ببينة زور ففي نفوذه منع وتسليم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هل يباح له بالحكم ما اعتقد تحريمه قبل الحكم فيه روايتان.
وفي حل ما اخذه وغيره بتأويل أو مع جهله روايتان.
وان رجع المتأول فاعتقد التحريم روايتان.
بناء على ثبوت الحكم قبل بلوغ الخطاب.
قال وأصحهما حله كالحربي بعد اسلامه وأولى.
وجعل من ذلك وضع طاهر في اعتقاده في مائع لغيره.
قال في الفروع وفيه نظر.
وذكر جماعة ان اسلم بدار الحرب وعامل بربي جاهلا رده.
وقال في الانتصار ويحد لزنا.
الثانية من حكم له ببينة زور بزوجية امرأة حلت له حكما.
313

فإن وطئ مع العلم فكزنى على الصحيح من المذهب.
وقيل لا حد.
ويصح نكاحها لغيره خلافا للمصنف.
وان حكم بطلاقها ثلاثا بشهود زور فهي زوجته باطنا ويكره له اجتماعه بها ظاهرا خوفا من مكروه يناله ولا يصح نكاحها غيره ممن يعلم الحال ذكره الأصحاب ونقله احمد بن الحسن.
قال المصنف في المغني ان انفسخ باطنا جاز.
وكذا قال في عيون المسائل على الرواية الثالثة تحل للزوج الثاني وتحرم على الأول بهذا الحكم ظاهرا وباطنا.
الثالثة لو رد الحاكم شهادة واحد برمضان لم يؤثر كملك مطلق وأولى لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت وانما هو فتوى.
فلا يقال حكم بكذبه أو بأنه لم يره.
ولو سلم ان له مدخلا فهو محكوم به في حقه من رمضان فلم يغيره حكم ولم تؤثر شبهة لان الحكم يغير إذا اعتقد المحكوم عليه انه حكم وهذا يعتقد خطأه كمنكرة نكاح مدع تيقنه فشهد له فاسقان فردا.
ذكره في الانتصار.
وقال المصنف في المغني رده ليس بحكم هنا لتوقفه في العدالة.
ولهذا لو ثبت حكم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أمور الدين والعبادات المشتركة بين المسلمين لا يحكم فيها الا الله ورسوله اجماعا.
وذكره القرافي.
قال في الفروع فدل ان اثبات سبب الحكم كرؤية الهلال والزوال ليس بحكم فمن لم يره سببا لم يلزمه شيء.
314

وعلى ما ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره في رؤية الهلال أنه حكم.
وقال القاضي في الخلاف يجوز أن يختص الواحد برؤية كالبعض.
الرابعة لو رفع إليه حكم في مختلف فيه لا يلزمه نقضه لينفذه لزمه تنفيذه على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال في الرعاية الكبرى لزمه ذلك.
قلت مع عدم نص معارضة.
وقيل لا يلزمه.
وقيل يحرم تنفيذه إن لم يره.
وكذا الحكم لو كان نفس الحكم مختلفا فيه كحكمه بعلمه ونكوله وشاهد ويمين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في المحرر فإن كان المختلف فيه نفس الحكم لم يلزمه تنفيذه إلا أن يحكم به حاكم آخر قبله.
وجزم به في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والمنور وغيرهم.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع الحكم بالنكول والشاهد واليمين هو المذهب فكيف لا يلزمه تنفيذه على قول المحرر.
إذ لو كان أصل الدعوى عنده لزمه الحكم بها.
وإنما يتوجه ذلك وهو عدم لزوم التنفيذ لحكم مختلف فيه إذا كان الحاكم الذي رفع إليه الحكم المختلف فيه لا يرى
صحة الحكم كالحكم بعلمه.
315

لان التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ إذا كان لا يرى صحته لم يلزمه الحكم بصحته انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا صادف حكمه مختلفا فيه لم يعلمه ولم يحكم فيه جاز نقضه.
الخامسة قال شارح المحرر هنا نفس الحكم في شيء لا يكون حكما بصحة الحكم فيه لكن لو نفذه حاكم آخر لزمه انفاذه لان الحكم المختلف فيه صار محكوما به فلزم تنفيذه كغيره.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي رحمه الله قد فهم من كلام الشارح ان التنفيذ حكم لأنه قال لو نفذه حاكم اخر لزمه تنفيذه لان الحكم المختلف فيه صار محكوما به وإنما صار محكوما به بالتنفيذ لأنه لم يحكم به وانما نفذه فجعل التنفيذ حكما.
وكذلك فسر التنفيذ بالحكم في شرح المقنع الكبير.
فإنه قال عند قول المصنف فهل ينفذه على روايتين.
إحداهما ينفذه.
وعلله بأنه حكم حاكم لم يعلمه فلم يجز انفاذه الا ببينة.
والرواية الثانية يحكم به ففسر رواية التنفيذ بالحكم.
لكن قال في مسألة ما إذا ادعى ان الحاكم حكم له بحق فذكر الحاكم حكمه أمضاه والزم خصمه بما حكم به عليه وليس هذا حكما بالعلم وانما هو امضاء لحكمه السابق.
فصرح انه ليس حكما مع ان رواية التنفيذ المتقدمة التي فسرها بالحكم انما هي امضاء لحكمه الذي وجده في قمطره فهما بمعنى واحد.
316

وقد ذكروا في السجل انه لانفاذ ما ثبت عنده والحكم به وانما يكتب.
وان القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله ونفذه واشهد القاضي فلان على انفاذه وحكمه وامضائه من حضره من الشهود.
فذكروا الانفاذ والحكم والامضاء.
وذكروا انه يكتب على كل نسخة من النسختين انها حجة فيما أنفذه فيها فدل على ان الانفاذ حكم لأنهم اكتفوا به عن الحكم والامضاء والمراد الكل انتهى كلام شيخنا.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم يتعرض الأصحاب للتنفيذ هل هو حكم أم لا.
والظاهر انه ليس بحكم لان الحكم بالمحكوم به تحصيل للحاصل وهو محال وانما هو عمل بالحكم وامضاء له كتنفيذ الوصية وإجازة له.
فكأنه يجيز هذا المحكوم به بعينه لحرمة الحكم وان كان ذلك المحكوم به من جنس غير جائز عنده انتهى.
وقال في موضع آخر لان التنفيذ يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ انتهى وتقدم في اخر الباب الذي قبله هل الثبوت حكم أم لا.
السادسة لو رفع إليه خصمان عقدا فاسدا عنده فقط واقرا بأن نافذ الحكم حكم بصحته فله الزامهما ذلك ورده والحكم بمذهبه.
ذكره القاضي واقتصر عليه في المحرر والفروع وغيرهما.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد يقال قياس المذهب انه كالبينة ثم ذكر انه كالبينة ان عينا الحاكم.
317

السابعة لو قلد في صحة نكاح لم يفارق بتغير اجتهاده كحكم على الصحيح من المذهب.
وقيل بلى كمجتهد نكح ثم رأى بطلانه في أصح الوجهين فيه.
وقيل ما لم يحكم به حاكم.
ولا يلزمه اعلامه بتغيره في أصح الوجهين.
الثامنة لو بان خطؤه في اتلاف بمخالفة دليل قاطع ضمن لا مستفتيه.
وفي تضمين مفت ليس اهلا وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
واختار بن حمدان في كتابه أدب المفتي والمستفتي انه لا ضمان عليه.
قال ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين في الجزء الأخير ولم اعرف هذا القول لأحد قبل بن حمدان.
ثم قال قلت خطأ المفتي كخطأ الحاكم أو الشاهد.
التاسعة لو بان بعد الحكم كفر الشهود أو فسقهم لزمه نقضه ويرجع بالمال أو بدله وبدل قود مستوفى على المحكوم له.
وان كان الحكم لله باتلاف حسي أو بما سرى إليه ضمنه مزكون على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقال القاضي وصاحب المستوعب يضمنه الحاكم لعدم مزك وفسقه.
وقيل يضمن أيهما شاء واقراره على مزك وعند أبي الخطاب يضمنه الشهود.
وذكر بن الزاغوني انه لا يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا بثبوته ببينة الا ان يكون حكم بعلمه في عدالتهما أو بظاهر عدلة الاسلام.
318

ويمنع ذلك في المسألتين في احدى الروايتين.
وان جاز في الثانية احتمل وجهين.
فإن وافقه المشهود له على ما ذكر رد مالا اخذه ونقض الحكم بنفسه دون الحاكم.
وان خالفه فيه غرم الحاكم.
وأجاب أبو الخطاب إذا بان له فسقهما وقت الشهادة وانهما كانا كاذبين نقض الحكم الأول ولم يجز له تنفيذه.
وأجاب أبو الوفاء لا يقبل قوله بعد الحكم.
وعنه لا ينقض لفسقهم.
وذكر بن رزين في شرحه انه الأظهر فلا ضمان.
وفي المستوعب وغيره يضمن الشهود انتهى.
وان بانوا عبيدا أو والدا أو ولدا أو عدوا فإن كان الحاكم الذي حكم به يرى الحكم به لم ينقض حكمه.
وان كان لا يرى الحكم به نقضه ولا ينفذ لان الحاكم يعتقد بطلانه قاله في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه إذا حكم بشهادة شاهد ثم ارتاب في شهادته لم يجز له الرجوع في حكمه.
وقال في موضع آخر تحرر فيما إذا كان لا يرى الحكم به ثلاثة أقوال لزوم النقض وجوازه وعدم جواز نقضه كما هو مقتضى ما في الارشاد انتهى.
وقال في المحرر من حكم بقود أو حد ببينة ثم بانوا عبيدا فله نقضه إذا كان لا يرى قبولهم فيه.
قال وكذا مختلف فيه صادق ما حكم فيه وجهله.
وتقدم كلامه في الإرشاد أنه إذا حكم في مختلف فيه بما لا يراه مع علمه لا ينقض.
319

فعلى الأول ان شك في رأي الحاكم فقد تقدم إذا شك هل علم الحاكم بالمعارض كمن حكم ببينة خارج وجهل علمه ببينة داخل لم ينقض.
قال في الفروع وقد علم مما تقدم ومما ذكروا في نقض حكم الحاكم انه لا يعتبر في نقض حكم الحاكم علم الحاكم بالخلاف خلافا لمالك رحمه الله تعالى.
وان قال علمت وقت الحكم انهما فسقة أو زور وأكرهني السلطان على الحكم بهما فقال ابن الزاغوني ان أضاف فسقهما إلى علمه لم يجز له نقضه.
وان اضافه إلى غير علمه افتقر إلى بينة بالاكراه ويحتمل لا.
وقال أبو الخطاب وأبو الوفاء ان قال كنت عالما بفسقهما يقبل قوله.
وقال في الفروع كذا وجدته.
320

باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
قوله (يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له والجناية الموجبة للمال بلا نزاع).
قوله (ولا يقبل في حد الله تعالى).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وذكروا في الرعاية رواية يقبل.
قوله (وهل يقبل فيما عدا ذلك مثل القصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه على روايتين).
قال في الهداية يخرج على روايتين.
وقال في الخلاصة فيه وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا.
أحدهما يقبل.
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي يحتمله كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
نقل جماعة عن الامام احمد رحمه الله يقبل حتى في قود.
ونصره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الروضة وغيرها.
321

والرواية الثانية لا يقبل في ذلك.
قال الزركشي وهو مختار كثير من أصحاب القاضي.
قال المصنف والشارح والمذهب انه لا يقبل في القصاص.
قال في العمدة ويقبل في كل حق الا في الحدود والقصاص.
وقال ابن حامد لا يقبل في النكاح ونحوه قول أبي بكر.
وعنه ما يدل على قبوله الا في الدماء والحدود.
قال في الفروع وغيره وعنه لا يقبل فيما لا يقبل فيه الا رجلان.
فائدة قال في الفروع وفي هذه المسألة ذكروا ان كتاب القاضي إلى القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنه شهادة على شهادة.
وذكروا فيما إذا تغيرت حاله انه أصل ومن شهد عليه فرع.
وجزم به بن الزاغوني وغيره.
فلا يجوز نقض الحكم بانكار القاضي الكاتب.
ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع انكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم.
فدل ذلك على انه فرع لمن شهد عنده وهو أصل لمن شهد عليه.
ودل ذلك انه يجوز ان يكون شهود فرع فرعا لأصل.
يؤيده قولهم في التعليل ان الحاجة داعية إلى ذلك وهذا المعنى موجود في فرع الفرع انتهى.
قوله (ويجوز كتاب القاضي فيما حكم به لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر).
ولو كان ببلد واحد بلا نزاع.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله وفي حق الله تعالى أيضا.
322

وتقدم قريبا هل التنفيذ حكم أم لا.
قوله (ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه فوق يوم.
وهو قول في المحرر وغيره.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال خرجته في المذهب وأقل من يوم كخبر انتهى.
يعني إذا أخبر حاكم الآخر بحكمه يجب العمل به.
فلولا أن حكم الحاكم كالخبر لما اكتفى فيه بخبره ولما جاز للحاكم الآخر العمل به حتى يشهد به شاهدان.
قاله بن نصر الله.
قال القاضي ويكون في كتابه شهدا عندي بكذا ولا يكتب ثبت عندي لأنه حكم بشهادتهما كبقية الأحكام.
وقاله بن عقيل وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله والأول أشهر لأنه خبر بالثبوت كشهود الفرع لأن الحكم أمر ونهي يتضمن إلزاما انتهى.
فعليه لا يمتنع كتابته ثبت عندي.
قال في الفروع فيتوجه لو أثبت حاكم مالكي وقفا لا يراه كوقف الإنسان على نفسه بالشهادة على الخط.
فإنه حكم للخلاف في العمل بالخط كما هو المعتاد فلحاكم حنبلي يرى صحة الحكم أن ينفذه في مسافة قريبة.
323

وان لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذا فكذلك لان الثبوت عند المالكي حكم.
ثم ان رأي الحنبلي الثبوت حكما نفذه والا فالخلاف في قرب المسافة ولزوم الحنبلي تنفيذه ينبني على لزوم تنفيذ الحكم المختلف فيه على ما تقدم.
وحكم المالكي مع علمه باختلاف العلماء في الخط لا يمنع كونه مختلفا فيه ولهذا لا ينفذه الحنفية حتى ينفذه حاكم.
وللحنبلي الحكم بصحة الوقف المذكور مع بعد المسافة.
ومع قربها الخلاف لأنه نقل إليه ثبوته مجردا.
قاله بن نصر الله.
وقال ومثل ذلك لو ثبت عند حنبلي وقف على النفس ولم يحكم به ونقل الثبوت إلى حاكم شافعي فله الحكم وبطلان الوقف.
وأمثلته كثيرة.
فائدة لو سمع البينة ولم يعدلها وجعلها إلى آخر جاز مع بعد المسافة قاله في الترغيب.
واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه قوله ويجوز ان يكتب إلى قاض معين والى من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتعيين القاضي الكاتب كشهود الأصل وقد يخبر المكتوب إليه.
قال الأصحاب في شهود الأصل يعتبر تعيينهم لهم.
قال القاضي حتى لو قال تابعيان أشهدنا صحابيان لم يجز حتى يعيناهما.
قوله (فإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب وقالا:
324

نشهد ان هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه والاحتياط ان يشهدا بما فيه).
فيقولان وأشهدنا عليه قاله الخرقي وجماعه.
واعتبر الخرقي أيضا وجماعة.
قولهما قرئ علينا وقول الكاتب اشهدا علي.
والذي قدمه في الفروع انهما إذا وصلا قالا نشهد انه كتاب فلان إليك كتبه بعمله من غير زيادة على ذلك.
قال الزركشي الذي ينبغي قبول شهادة من شهد ان هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله إذا جهلا ما فيه قولا واحدا لانتفاء الجهالة انتهى.
وفي كلام أبي الخطاب كتبه بحضرتنا وقال لنا اشهدا علي اني كتبته في عملي بما ثبت عندي وحكمت به من كذا وكذا فيشهدان بذلك.
قال الزركشي وقال القاضي يكفي ان يقول هذا كتابي إلى فلان من غير ان يقول اشهدا علي انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره على ما تقدم.
فائدة قال ابن نصر الله في حواشي الفروع هل يجوز ان يشهد على القاضي فيما اثبته وحكم به الشاهدان اللذان شهدا عنده بالحق المحكوم به لم أجد لأصحابنا فيها نصا.
ومقتضى قاعدة المذهب انها لا تقبل لأنها لا تتضمن الشهادة عليه بقبوله شهادتهما واثباته بها الحق والحكم فالثبوت والحكم مبنيان على قبول شهادتهما وشهادتهما عليه بقبوله شهادتهما نفع لهما فلا يجوز قبولها.
وإذا بطلت بعض الشهادة بطلت لأنها لا تتجزأ.
325

وفي روضة الشافعية عن أبي طاهر يجوز ان يكون الشاهدان بحكم القاضي هما اللذان شهدا عنده وحكم بشهادتهما لأنهما الآن يشهدان على فعل القاضي.
قال أبو الطاهر وعلى هذا تفقهت وأدركت القضاة انتهى.
وهذا فيما إذا كانت شهادتهما على الحكم بما يحتمل قبوله على ما فيه.
واما على الثبوت فهذا في غاية البعد.
وقد أفتى بالمنع قاضي القضاة بدر الدين العيني الحنفي وقاضي القضاة البساطي المالكي انتهى.
ويأتي التنبيه على ذلك في موانع الشهادة.
قوله (وإن كتب كتابا وأدرجه وختمه وقال هذا كتابي إلى فلان اشهدا على بما فيه لم يصح).
لان الامام احمد رحمه الله قال فيمن كتب وصية وختمها ثم اشهد على ما فيها فلا حتى يعلم ما فيها.
وهذا المذهب قال المصنف هنا والعمل عليه.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وهو مقتضي قول الخرقي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويتخرج الجواز بقوله إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير ان يكون اشهد أو اعلم بها أحدا عند موته وعرف خطه وكان مشهورا فإنه ينفذ ما فيها.
326

وهذا رواية مخرجة خرجها الأصحاب.
واختار هذه الرواية المخرجة في الوصية المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
على ما تقدم في أول كتاب الوصايا.
وعلى هذا إذا عرف المكتوب إليه انه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله.
على الصحيح على هذا التخريج.
وقدمه في الفروع والرعاية.
وقيل لا يقبله.
ذكره في الرعاية.
قال الزركشي ظاهر هذا ان على هذه الرواية يشترط لقبول الكتاب أن يعرف المكتوب إليه انه خط القاضي الكاتب وختمه وفيه نظر.
واشكل منه حكاية بن حمدان قولا بالمنع.
فإنه اذن تذهب فائدة الرواية.
والذي ينبغي على هذه الرواية ان لا يشترط شيئا من ذلك.
وهو ظاهر كلام أبي البركات وأبي محمد في المغني.
نعم إذا قيل بهذه الرواية فهل يكتفي بالخط المجرد من غير شهادة فيه وجهان.
حكاهما أبو البركات.
وعلى هذا يحمل كلام بن حمدان وغيره انتهى.
وعند الشيخ تقى الدين رحمه الله من عرف خطة باقرار أو إنشاء أو عقد أو شهادة عمل به كميت فان حضر وانكر مضمونه فكاعترافه بالصوت وانكار مضمونه.
327

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في كتاب أصدره إلى السلطان في مسألة الزيارة وقد تنازع الفقهاء في كتاب الحاكم هل يحتاج إلى شاهدين على لفظه أم إلى واحد أم يكتفي بالكتاب المختوم أم يقبل الكتاب بلا ختم ولا شاهد على أربعة أقوال معروفة في مذهب الامام احمد رحمه الله وغيره.
نقله بن خطيب السلامية في تعليقته.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا في المذهب انه يحكم بخط شاهد ميت.
وقال الخط كاللفظ إذا عرف انه خطه.
وقال انه مذهب جمهور العلماء.
وهو يعرف ان هذا خطة كما يعرف ان هذا صوته.
واتفق العلماء على انه يشهد على الشخص إذا عرف صوته مع امكان الاشتباه وجوز الجمهور كالامام مالك والإمام احمد رحمهما الله تعالى الشهادة على الصوت من غير رؤية المشهود عليه والشهادة على الخط أضعف لكن جوازه قوي أقوى من منعه انتهى.
فوائد
الأولى قال في الروضة لو كتب شاهدان إلى شاهدين من بلد المكتوب إليه بإقامة الشهادة عنده عنهما لم يجز.
لان الشاهد انما يصح ان يشهد على غيره إذا سمع منه لفظ الشهادة وقال اشهد علي.
فأما ان يشهد عليه بخطه فلا.
328

لان الخطوط يدخل عليها العلل.
فإن قام بخط كل واحد من الشاهدين شاهدان ساغ له الحكم به.
الثانية يقبل كتاب القاضي في الحيوان بالصفة على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر وغيره.
وقال في الفروع ويقبل كتابه في حيوان في الأصح.
وقيل لا يقبل.
وأطلقهما في المغنى والشرح.
فعلى المذهب لو كتب القاضي كتابا في عبد أو حيوان بالصفة ولم يثبت له مشارك في صفته سلم إلي المدعى.
فان كان غير عبد وأمه سلم إليه مختوما.
وان كان عبدا أو أمة سلم إليه مختوم العتق بخيط لا يخرج من رأسه وأخذ منه كفيل ليأتي به إلى الحاكم الكاتب ليشهد الشهود عنده على عينه دون حليته ويقضي له به ويكتب له بذلك كتابا آخر إلى من انفذ العين المدعاة إليه ليبرأ كفيله.
وان كان المدعي جارية سلمت إلى امين يوصلها.
وان لم يثبت له ما ادعاه لزمه رده ومؤنته منذ تسلمه فهو فيه كالغاصب سواء في ضمانه وضمان نقصه ومنفعته.
قال في الفروع فكمغصوب لأنه اخذه بلا حق.
وجزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية لا يرد نفعه.
329

قال في الفروع ولم يتعرضوا لهذا في الشهود عليه فيتوجه مثله فالمدعى عليه ولا بينة أولى انتهى.
وهذا كله على المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يحكم القاضي الكاتب بالعين الغائبة بالصفة المعتبرة إذا ثبتت هذه الصفة التامة.
فإذا وصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه سلمها إلى المدعي ولا ينفذها إلى الكاتب لتقوم البينة على عينها.
وقال في الرعاية وتكفي الدعوى بالقيمة.
وقال في الترغيب على الأول لو ادعى على رجل دينا صفته كذا ولم يذكر اسمه ونسبه لم يحكم عليه بل يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه المدعى عليه كما قلنا في المدعى به ليشهد على عينه.
وكذا قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى هل يحضر ليشهد الشهود على عينه كما في المشهود به.
قال المصنف في المغني ان كتب بثبوت أو اقرار بدين جاز وحكم به المكتوب إليه وأخذ به المحكوم عليه.
وكذا عينا كعقار محدود أو عين مشهورة لا تشتبه.
وان كان غير ذلك فالوجهان.
وقاله الشارح أيضا.
الثالثة قال في الفروع وظاهر كلامهم انه لا يعتبر ذكر الجد في النسب بلا حاجة.
قال في المنتقي في صلح الحديبية فيه أن المشهود عليه إذا عرف باسمه واسم أبيه اغنى عن ذكر الجد.
330

وكذا ذكره غيره.
وقال في الرعاية ويكتب في الكتاب اسم الخصمين واسم أبويهما وجديهما وحليتهما.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع ولو لم يعرف بذكر جده ذكر من يعرف به أو ذكر له من الصفات ما يتميز به عمن يشاركه في اسم جده.
قوله (وان تغيرت حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لم يقدح في كتابه).
هذا الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح ونصراه والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل حكمه كما لو فسق فيقدح خاصة فيما ثبت عنده ليحكم به.
فأما ما حكم به فلا يقدح فيه قولا واحدا كما قال المصنف.
قوله (وإذا حكم عليه فقال له اكتب لي إلى الكاتب انك حكمت على حتى لا يحكم على ثانيا لم يلزمه ذلك ولكنه يكتب له محضرا بالقصة).
فيلزمه ان يشهد عليه بما جري لئلا يحكم عليه الكاتب.
قوله (وكل من ثبت له عند حاكم حق أو ثبتت براءته مثل ان انكر وحلفه الحاكم فسأل الحاكم ان يكتب له محضرا بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه اجابته).
هذا المذهب مطلقا.
331

وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في الرعايتين وان قال اشهد لي عليك بما جرى لي عندك في ذلك وفي غيره من حق وإقرار وانكار ونكول ويمين وردها وابراء ووفاء وثبوت وحكم وتنفيذ وجرح وتعديل وغير ذلك أو حكم بما ثبت عندك لزمه انتهى.
وقيل ان ثبت حقه ببينة لم يلزمه ذلك.
وأطلقهما في المغني والشرح.
فائدتان
إحداهما لو سأله مع الاشهاد كتابة ما جرى واتاه بورقة اما من عنده أو من بيت المال لزمه ذلك على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لزمه ذلك في الأصح.
وصححه في المغني والشرح وتصحيح المحرر.
وقدمه في النظم وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يلزمه ان تضرر بتركه.
الثانية ما تضمن الحكم ببينة يسمى سجلا وغيره يسمى محضرا على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم قال المصنف هنا واما السجل فهو لانفاذ ما ثبت عنده والحكم به.
332

وقال في المغني والشرح والترغيب المحضر شرح ثبوت الحق عنده لا الحكم بثبوته.
قال في الرعايتين والحاوي وما تضمن الحكم ببينة سجل.
وقيل هو انفاذ ما ثبت عنده والحكم به وما سواه محضر وهو شرح ثبوت الحق عند الحاكم بدون حكم.
قوله (في صفة المحضر في مجلس حكمه).
هذا إذا ثبت الحق بغير اقرار.
فاما ان ثبت الحق بالاقرار لم يذكر في مجلس حكمه.
وقوله في صفة السجل بمحضر من خصمين.
يفتقر الامر إلى حضورهما.
على الصحيح من المذهب.
وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال الشيخ تقي الدين الثبوت المجرد لا يفتقر إلى حضورهما بل إلى دعواهما.
لكن قد تكون الباء باء السبب لا الظرف كالأولى.
وهذا ينبني على ان الشهادة هل تفتقر إلى حضور الخصمين.
فأما التزكية فلا.
قال وظاهره انه لا حكم فيه باقرار ولا نكول ولا رد وليس كذلك.
قاله في الفروع.
333

باب القسمة
قوله (وقسمة الاملاك جائزة وهي نوعان).
قسمة تراض وهي ما فيها ضرر أو رد عوض من أحدهما كالدور الصغار والحمام والعضائد المتلاصقة اللاتي لا يمكن قسمة كل عين مفردة منها والأرض التي في بعضها بئر أو بناء ونحوه ولا يمكن قسمته بالاجزاء والتعديل إذا رضوا بقسمتها أعيانا بالقيمة جاز بلا نزاع.
وقوله وهذه جارية مجرى البيع لا يجبر عليها الممتنع منها ولا يجوز فيها الا ما يجوز في البيع.
فلو قال أحدهما انا اخذ الأدنى ويبقى لي في الاعلى تتمة حصتي فلا اجبار.
قاله في الترغيب وغيره.
وقدمه في الفروع.
وقال في الروضة إذا كان بينهم مواضع مختلفة إذا اخذ أحدهم من كل موضع منها حقه لم ينتفع به جمع له حقه من كل مكان واخذه.
فإذا كان له سهم يسير لا يمكنه الانتفاع به الا بإدخال الضرر على شركائه وافتياته عليهم منع من التصرف فيه واجبر على بيعه.
قال في الفروع كذا قال.
وقال القاضي في التعليق وصاحب المبهج والمصنف في الكافي البيع ما فيه رد عوض وان لم يكن فيه رد عوض فهي افراز النصيبين وتمييز الحقين وليست بيعا.
334

واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فائدة من دعا شريكه إلى البيع في قسمة التراضي أجبر فان أبى بيع عليهما وقسم الثمن.
نقله الميموني وحنبل.
وذكره القاضي وأصحابه.
وذكره في الارشاد والفصول والايضاح والمستوعب والترغيب وغيرها وجزم به في القاعدة السادسة والسبعين والزركشي.
وقدمه في الفروع.
قال في الفروع وكلام الشيخ يعنى به المصنف والمجد يقتضي المنع.
وكذا حكم الإجارة ولو في وقف.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله في الوقف.
قوله (والضرر المانع من القسمة).
يعني قسمة الاجبار.
هو نقص القيمة بالتسوية في ظاهر كلامه.
يعني في رواية الميموني.
وكذا قال في الهداية والمحرر وغيرهما وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أو لا ينتفعان به مقسوما في ظاهر كلام الخرقي.
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
اختارها المصنف.
335

وجزم به في العمدة.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي.
وقال ظاهر كلام الامام رحمه الله في رواية حنبل اعتبار النفع وعدم نقص قيمته ولو انتفع به.
وتقدم التنبيه على بعض ذلك في باب الشفعة.
قوله (فإن كان الضرر على أحدهما دون الاخر كرجلين لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث ينتفع صاحب الثلثين بقسمها ويتضرر الآخر فطلب من لا يتضرر القسم لم يجبر الاخر عليه وان طلبه الآخر أجبر الأول).
هذا اختيار جماعة من الأصحاب.
منهم أبو الخطاب والمصنف والشارح ونصراه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمي وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين.
قال الزركشي واليه ميل الشيخين.
وقال القاضي رحمه الله ان طلبه الأول أجبر الآخر وإن طلبه المضرور لم يجبر الآخر.
وهو رواية عن الامام احمد رحمه الله.
قال الزركشي وفيه بعد.
وأطلقهما في الحاوي.
والصحيح من المذهب انه لا اجبار على الممتنع من القسمة منهما.
وعليه أكثر الأصحاب.
336

وحكاه المصنف والشارح عن الأصحاب وقالوا هو المذهب.
وقدمه في الفروع.
قال الزركشي جزم به القاضي في الجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وهو ظاهر رواية حنبل.
قوله (وان كان بينهما عبيد أو بهائم أو ثياب ونحوها فطلب أحدهما قسمها أعيانا بالقيمة لم يجبر الآخر).
هذا أحد الوجوه.
واليه ميل أبي الخطاب.
وهو احتمال له في الهداية.
وقال القاضي يجبر.
وظاهره انه سواء تساوت القيمة أم لا.
وهو ظاهر ما قدمه في الخلاصة.
وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وغيرهم.
والمذهب ان تساوت القيمة أجبر وإلا فلا نص عليه.
قال في الفروع أجبر الممتنع في المنصوص ان تساوت القيمة.
ويحتمله كلام القاضي ومن تابعه.
تنبيه محل الخلاف إذا كانت من جنس واحد على الصحيح من المذهب.
وقال المصنف والشارح إذا كانت من نوع واحد.
فائدة الآجر واللبن المتساوي القوالب من قسمة الاجزاء والمتفاوت من قسمة التعديل.
337

قوله (وان كان بينهما حائط لم يجبر الممتنع من قسمه فإن استهدم).
يعني حتى بقي عرصة.
لم يجبر على قسم عرصته.
هذا أحد الوجهين والمذهب منهما وجزم به في المنور وتذكرة بن عبدوس.
وصححه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الشرح والرعايتين واختاره المصنف.
وقال أصحابنا إن طلب قسمتها طولا بحيث يكون له نصف الطول في كمال العرض أجبر الممتنع.
وإن طلب قسمتها عرضا وكانت تسع حائطين أجبر وإلا فلا.
ونسبه في الفروع إلى القاضي فقط.
وجزم به في الوجيز.
قال الأدمى في منتخبه ولا إجبار في حائط إلا أن يتسع لحائطين.
وقال أبو الخطاب في الحائط لا يجبر على قسمها بحال.
وقال في العرصة كقول الأصحاب.
وقاله في المذهب.
وقيل لا إجبار في الحائط والعرصة إلا في قسمة العرصة طولا في كمال العرض خاصة.
وأطلقهن في المحرر والفروع.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا بجواز القسمة في هذا فقيل لكل واحد ما يليه.
338

وقدمه في الرعايتين.
قال في المغنى الشرح وإن حصل له ما يمكن بناء حائطه فيه أجبر.
ويحتمل أن لا يجبر لأنه لا تدخله القرعة خوفا من أن يحصل لكل واحد منهما ما يلي ملك الآخر انتهيا.
وقيل بالقرعة.
قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وأطلقهما في الفروع.
الثانية قوله وان كان بينهما دار لها علو وسفل فطلب أحدهما قسمها لأحدهما العلو وللآخر السفل لم يجبر الممتنع من قسمها بلا نزاع.
وكذا لو طلب قسمة السفل دون العلو أو العكس أو قسمة كل واحد على حدة.
ولو طلب أحدهما قسمتها معا ولا ضرر وجب وعدل بالقيمة لا ذراع سفل بذراعي علو ولا ذراع بذراع.
قوله (وان كان بينهما منافع لم يجبر الممتنع من قسمها هذا المذهب مطلقا).
وجزم به في المذهب والوجيز والمنور ومنتخب الادمى وتذكره بن عبدوس.
وقدمه في الشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في القاعدة السادسة والسبعين هذا المشهور.
ولم يذكر القاضي وأصحابه في المذهب سواه.
وفرقوا بين المهاياة والقسمة بأن القسمة إفراز أحد الملكين من الآخر.
339

والمهايأة معاوضة حيث كانت استيفاء للمنفعة من مثلها في زمن آخر.
وفيها تأخير أحدهما عن استيفاء حقه بخلاف قسمة الأعيان.
وعنه يجبر.
واختار في المحرر يجبر في القسمة بالمكان إذا لم يكن فيه ضرر ولا يجبر بقسمة الزمان.
قوله (وإن تراضيا على قسمها كذلك أو على قسم المنافع بالمهايأة جاز).
إذا اقتسما المنافع بالزمان أو المكان صح.
وكان ذلك جائزا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس والترغيب.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختار في المحرر لزومه إن تعاقدا مدة معلومة.
وجزم به في الوجيز.
وذكر بن البناء في الخصال أن الشركاء إذا اختلفوا في منافع دار بينهما أن الحاكم يجبرهم على قسمها بالمهايأة أو يؤجرها عليهم.
قال في الفروع وقيل لازما بالمكان مطلقا.
فعلى المذهب لو رجع أحدهما قبل استيفاء نوبته فله ذلك وإن رجع بعد الاستيفاء غرم ما انفرد به.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تنفسخ حتى ينقضي الدور ويستوفي كل واحد حقه انتهى.
ولو استوفى أحدهما نوبته ثم تلفت المنافع في مدة الآخر قبل تمكنه من
340

القبض فأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله بأنه يرجع على الأول ببدل حصته من تلك المدة ما لم يكن رضى بمنفعته في الزمن المتأخر على أي حال كان.
فائدتان
أحداهما لو انتقلت كانتقال ملك وقف فهل تنتقل مقسومة أم لا.
قال في الفروع فيه نظر.
فإن كانت إلي مدة لزمت الورثة والمشترى.
قال ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال أيضا معنى القسمة هنا قريب من معنى البيع.
وقد يقال يجوز التبديل كالحبيس والهدى.
وقال أيضا صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين فأما الوقف على.
جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة.
لكن تجوز المهايأة وهي قسمة المنافع.
ولا فرق في ذلك بين مناقلة المنافع وبين تركها على المهايأة بلا مناقلة انتهى.
قال في الفروع والظاهر أن ما ذكر شيخنا عن الأصحاب وجه.
وظاهر كلامهم لا فرق وهو أظهر.
وفي المبهج لزومها إذا اقتسموها بأنفسهم.
قال وكذا إن تهايئوا.
ونقل أبو الصقر فيمن وقف ثلث قريته فأراد بعض الورثة بيع نصيبه كيف بيع.
قال يفرز الثلث مما للورثة فإن شاؤوا باعوا أو تركوا.
الثانية نفقة الحيوان مدة كل واحد عليه.
341

وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ.
قوله (وإن كان بينهما أرض ذات زرع فطلب أحدهما قسمها دون الزرع قسمت).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
قال في الرعايتين قسمت على الأصح.
وقدمه في الفروع.
قال المصنف في الكافي والأولى أن لا يجب.
قوله (وإن طلب قسمها مع الزرع لم يجبر الآخر).
هذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الفروع والشرح وشرح بن منجا.
وقال المصنف في المغنى والكافي يجبر سواء اشتد حبه أو كان قصيلا لأن الزرع كالشجر في الأرض والقسمة إفراز حق وليست بيعا.
وإن قلنا هي بيع لم يجز ولو اشتد الحب لتضمنه بيع السنبل بعضه ببعض.
ويحتمل الجواز إذا اشتد الحب لأن السنابل هنا دخلت تبعا للأرض وليست المقصودة فأشبه النخلة المثمرة بمثلها.
قوله (فإن تراضوا عليه والزرع قصيل أو قطين جاز وإن).
342

وإن كان بذرا أو سنابل قد اشتد حبها فهل يجوز على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والشرح وشرح بن منجا والمذهب.
أحدهما لا يجوز وهو المذهب.
قال في الخلاصة لم يجز في الأصح.
وصححه في النظم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني يجوز مع تراضيهما.
وقال القاضي يجوز في السنابل ولا يجوز في البذر.
وجزم به في الكافي في السنابل وقدم في البذر لا يجوز.
وقال في الترغيب مأخذ الخلاف هل هي إفراز أو بيع.
قوله (وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين ينبع ماؤها فالماء بينهما على ما اشترطاه عند استخراج ذلك).
فإن اتفقا على قسمه بالمهايأة بزمن جاز وإن أرادا قسم ذلك بنصب خشبة أو حجر مستوي في مصدم الماء فيه ثقبان على قدر حق كل واحد منهما جاز بلا نزاع أعلمه.
وتقدم هذا وغيره في باب إحياء الموات فليراجع.
قوله (فإن أراد أحدهما أن يسقي بنصيبه أرضا ليس لها رسم شرب من هذا النهر جاز).
343

هذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح وشرح بن منجا والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يجوز.
وهو وجه اختاره القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والرعايتين والحاوي.
وقال المصنف هنا ويجىء على أصلنا أن الماء لا يملك وينتفع كل واحد منهما على قدر حاجته.
وكذا قال في الهداية والمذهب.
قال في الفروع وقيل له ذلك إذا قلنا لا يملك الماء بملك الأرض فلكل واحد منهما أن ينتفع بقدر حاجته.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في كتاب البيع.
وذكرنا ما فيه من الخلاف.
وتقدم أيضا هذا في باب إحياء الموات.
وفروع أخرى كثيرة فليعاود.
قوله (النوع الثاني).
قسمة الإجبار وهي ما لا ضرر فيها ولا رد عوض كالأرض الواسعة والقرى والبساتين والدور الكبار والدكاكين الواسعة والمكيلات والموزونات من جنس واحد سواء كان مما مسته النار كالدبس وخل التمر أو لم تمسه كخل العنب والأدهان والألبان ونحوها) بلا نزاع
344

وقوله فإذا طلب أحدهما قسمه وأبى الآخر أجبر عليه بلا نزاع.
وكذا يجبر ولي من ليس أهلا للقسمة لكن مع غيبة الولي هل يقسم الحاكم عليه فيه وجهان.
ذكرهما في الترغيب.
واقتصر عليهما مطلقين في الفروع.
أحدهما يقسمه الحاكم.
قلت وهو الصواب لأنه يقوم مقام الولي.
قال في المحرر ويقسم الحاكم علي الغائب في قسمة الإجبار وكذا في الوجيز وغيره وقال في الرعاية ويقسم الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار.
وقيل إن كان له وكيل حاضر جاز وإلا فلا.
وقال وولي المولى عليه في قسمة الإجبار كهو.
وهذا يدل على أن الحاكم يقسمه مع غيبة الولي.
وقال في القاعدة الثالثة والعشرين فإن كان المشترك مثليا في قسمة الإجبار وهو المكيل والموزون فهل يجوز للشريك أخذ قدر حقه بدون إذن الحاكم إذا امتنع الآخر أو غاب على وجهين.
أحدهما الجواز.
وهو قول أبى الخطاب.
والثاني المنع.
وهو قول القاضي.
345

لأن القسمة مختلف في كونها بيعا وإذن الحاكم يرفع النزاع والثاني لا يقسمه.
فائدة قال جماعة عن قسم الإجبار يقسم الحاكم إن ثبت ملكها عنده منهم الخرقي وأقره المصنف عليه.
وقاله في الرعاية الكبرى بخطه ملحقا.
ولم يذكره آخرون.
منهم أبو الخطاب وصاحب المذهب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وجزم به في الروضة.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله كبيع مرهون وعبد جان.
وقال كلام الإمام أحمد رحمه الله في بيع ما لا يقسم وقسم ثمنه عام فيما ثبت أنه ملكهما وما لم يثبت كجميع الأموال التي تباع.
قال ومثل ذلك لو جاءته امرأة فزعمت أنها خلية لا ولي لها هل يزوجها بلا بينة.
ونقل حرب فيمن أقام بينة بسهم من ضيعة بيد قوم فهربوا منه يقسم عليهم ويدفع إليه حقه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وإن لم يثبت ملك الغائب.
قال في الفروع فدل أنه يجوز ثبوته وأنه أولى.
وهو موافق لما يأتي في الدعوى.
قال في المحرر ويقسم حاكم على غائب قسمة إجبار.
وقال في المبهج والمستوعب بل مع وكيله فيها الحاضر.
واختاره في الرعاية في عقار بيد غائب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في قرية مشاعة قسمها فلاحوها هل
346

يصح قال إذا تهايؤها وزرع كل منهم حصته فالزرع له ولرب الأرض نصيبه إلا أن من ترك نصيب مالكه فله أخذ أجرة الفضلة أو مقاسمتها.
قوله (وهذه القسمة إفراز حق أحدهما من الآخر في ظاهر المذهب وليست بيعا).
وكذا قال في الهداية والمذهب.
وهو المذهب كما قال.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المذهب والمستوعب والمغني والكافي والهادي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المختار لعامة الأصحاب وحكى عن أبي عبد الله بن بطة ما يدل على أنها بيع.
قال الزركشي وقع في تعاليق أبي حفص العكبري عن شيخه بن بطة أنه منع قسمة الثمار التي يجري فيها الربا خرصا.
وأخذ من هذا أنها عنده بيع انتهى.
وحكى الآمدي فيه روايتين.
قال الشيخ مجد الدين الذي تحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد وإفراز في الباقي لأن أصحابنا قالوا في قسمة المطلق عن الوقف.
إذا كان فيها رد من جهة صاحب الوقف جاز لأنه يشتري به الطلق.
وإن كان من صاحب الطلق لم يجز انتهى.
وينبني على هذا الخلاف فوائد كثيرة.
347

ذكر المصنف بعضها هنا وذكره غيره.
وذكروا فوائد أخر.
فمنها أنه يجوز قسم الوقف على المذهب.
أعني بلا رد عوض.
وعلى الثاني لا يجوز.
وجزم به في الفروع.
وقال في القواعد هل يجوز قسمته فيه طريقان.
أحدهما أنه كإفراز الطلق من الوقف.
وهو المجزوم به في المحرر.
قلت وفي غيره.
والطريق الثاني أنه لا يصح قسمته على الوجهين جميعا على الأصح.
وهي طريقة صاحب الترغيب.
وعلى القول بالجواز فهو مختص بما إذا كان وقفا على جهتين لا على جهة واحدة صرح به الأصحاب.
نقله الشيخ تقي الدين رحمه الله انتهى.
قلت تقدم لفظه قبل ذلك في الفائدة الأولى عند قوله وإن تراضيا على قسمها كذلك فليراجع.
وكلام صاحب الفروع هناك أيضا.
ومنها إذا كان نصف العقار طلقا ونصفه وقفا جازت قسمته على المذهب لكن بلا رد من رب الطلق.
وقال في المحرر عليهما إن كان الرد من رب الوقف لرب الطلق جازت قسمته بالرضى في الأصح انتهى.
348

وإن قلنا هي بيع لم يجز.
ومنها جواز قسمة الثمار خرصا وقسمة ما يكال وزنا وما يوزن كيلا وتفرقهما قبل القبض فيهما على المذهب.
وقطع به أكثرهم.
ونص عليه في رواية الأثرم في جواز القسمة بالخرص.
وقال في الترغيب يجوز في الأصح فيهما.
وقال في القواعد وكذلك لو تقاسموا الثمر على الشجر قبل صلاحه بشرط التبقية انتهى.
وإن قلنا هي بيع لم يصح في ذلك كله.
ومنها إذا حلف لا يبيع فقاسم لم يحنث على المذهب.
ويحنث إن قلنا هي بيع.
قال في القواعد وقد يقال الإيمان محمولة على العرف ولا تسمى القسمة بيعا في العرف فلا يحنث بها ولا بالحوالة والإقالة وإن قيل هي بيوع.
ومنها ما قاله في القواعد لو حلف لا يأكل مما اشتراه زيد فاشترى زيد وعمرو طعاما مشاعا وقلنا يحنث بالأكل منه فتقاسماه ثم أكل الحالف من نصيب عمرو.
فذكر الآمدي أنه لا يحنث لأن القسمة إفراز حق لا بيع.
وهذا يقتضي أنه يحنث إذا قلنا هي بيع.
وقال القاضي المذهب أنه يحنث مطلقا لأن القسمة لا تخرجه عن أن يكون زيد اشتراه ويحنث عند أصحابنا بأكل ما اشتراه زيد ولو انتقل الملك عنه إلى غيره.
وفي المغني احتمال لا يحنث هنا.
وعليه يتخرج أنه لا يحنث إذا قلنا القسمة بيع.
349

ومنها لو كان بينهما ماشية مشتركة فاقتسماها في أثناء الحول واستداما خلطة الأوصاف.
فإن قلنا القسمة إفراز لم ينقطع الحول بغير خلاف.
وإن قلنا بيع خرج على بيع الماشية بجنسها في أثناء الحول هل يقطعه أم لا.
ومنها إذا تقاسما وصرحا بالتراضي واقتصرا على ذلك إن قلنا إفراز صحت.
وإن قلنا بيع فوجهان في الترغيب.
وكأن مأخذهما الخلاف في اشتراط الإيجاب والقبول.
وظاهر كلامه انها تصح بلفظ القسمة على الوجهين.
ويتخرج أن لا تصح من الرواية التي حكاها في التلخيص باشتراط لفظ البيع والشراء.
ومنها قسمة المرهون كله أو نصفه مشاعا.
إن قلنا هي إفراز صحت.
وإن قلنا بيع لم تصح.
ولو استقر بها المرتهن بأن رهنه أحد الشريكين حصته من حق معين من دار ثم اقتسما فحصل البيت في حصة شريكه.
فظاهر كلام القاضي لا يمنع منه على القول بالإقرار.
وقال صاحب المغنى يمنع منه.
ومنها ثبوت الخيار وفيه طريقان.
أحدهما بناؤه على الخلاف.
فإن قلنا إفراز لم يثبت فيها خيار.
350

وإن قلنا بيع ثبت.
وهو المذكور في الفصول والتلخيص.
وفيه ما يوهم اختصاص الخلاف في خيار المجلس.
فأما خيار الشرط فلا يثبت فيها على الوجهين.
والطريق الثاني يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط على الوجهين.
قاله القاضي في خلافه.
ومنها ثبوت الشفعة بالقسمة وفيه طريقان.
أحدهما بناؤه على الخلاف.
إن قلنا إفراز لم يثبت وإلا ثبت.
وهو الذي ذكره في المستوعب في باب الربا.
والطريق الثاني لا يوجب الشفعة على الوجهين.
قاله القاضي وصاحب المحرر.
وقدمها في الفروع.
لأنه لو ثبت لأحدهما على الآخر لثبت للآخر عليه فيتنافيان.
قلت وهذه الطريقة هي الصواب.
ومنها قسمة المتشاركين في الهدى والأضاحي اللحم.
فإن قلنا إفراز حق جاز.
وإن قلنا بيع لم يجز.
وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قلت لو قيل بالجواز على القولين لكان أولى.
والذي يظهر أنه مرادهم.
351

ومنها لو ظهر في القسمة غبن فاحش.
فإن قلنا هي إفراز لم تصح لتبين فساد الإفراز.
وإن قلنا هي بيع صحت وثبت خيار الغبن.
ذكره في الترغيب والمستوعب والبلغة.
ومنها إذا مات رجل وزوجته حامل وقلنا لها السكنى فأراد الورثة قسمة المسكن قبل انقضاء العدة من غير إضرار بها بأن يعلموا الحدود بخط أو نحوه من غير نقض ولا بناء.
فقال في المغني يجوز ذلك.
ولم يبنه على الخلاف في القسمة.
مع أنه قال لا يصح بيع المسكن في هذه الحال لجهالة مدة الحمل المستثناة فيه حكما.
وهذا يدل على أن هذا يغتفر في القسمة على الوجهين.
ويحتمل أن يقال متى قلنا القسمة بيع وأن بيع هذا المسكن يصح لم تصح القسمة.
قاله في الفوائد.
ومنها قسمة الدين في ذمم الغرماء.
وتقدم ذلك مستوفي في أوائل كتاب الشركة في أثناء شركة العنان عند قوله وإن تقاسما الدين في الذمة.
ومنها قبض أحد الشريكين نصيبه من المال المشترك المثلى مع غيبة الآخر أو امتناعه من الإذن بدون إذن حاكم
وفيه وجهان.
وهما على قولنا هي إفراز.
وإن قلنا بيع لم يجز وجها واحدا.
فأما غير المثلى فلا يقسم إلا مع الشريك أو من يقوم مقامه.
352

ومنها لو اقتسما أرضا أو دارين ثم استحقت الأرض أو إحدى الدارين بعد البناء.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر الباب.
ومنها لو اقتسم الورثة العقار ثم ظهر على الميت دين أو وصية.
ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في آخر الباب ومنها لو اقتسما دارا فحصل الطريق في نصيب أحدهما ولم يكن للآخر منفذ ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في آخر الباب.
قوله (ويجوز للشركاء أن ينصبوا قاسما يقسم بينهم وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم بلا نزاع).
قوله (ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة).
وكذا يشترط إسلامه وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال المصنف والشارح والزركشي يعرف الحساب لأنه كالخط للكاتب وقال في الكافي والترغيب تشترط عدالة قاسمهم للزوم.
وقال في المغني والشرح تشترط عدالة قاسمهم ومعرفته للزوم.
وقيل أن نصبوا غير عدل صح.
قوله (فمتى عدلت السهام وخرجت القرعة لزمت القسمة).
هذا المذهب مطلقا نص عليه.
جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
353

قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد بخروج القرعة حتى يرضيا بذلك.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وقيل لا تلزم فيما فيه رد حق أو ضرر إلا بالرضا بعدها.
وقيل لا تلزم إلا بالرضا بعد القسمة.
وقال في المغنى والكافي لا تلزم إلا بالرضا بعد القسمة إن اقتسما بأنفسهما.
وقال في الرعاية وللشركاء القسمة بأنفسهم ولا تلزم بدون رضاهم.
ويقاسم عالم بها ينصبونه.
فإن كان عدلا لزمت قسمته بدون رضاهم وإلا فلا أو بعدل عارف بالقسمة ينصبه حاكم بطلبهم.
وتلزم قسمته وإن كان عبدا.
ومع الرد فيها وجهان انتهى.
فائدة لو خير أحدهما الآخر لزم برضاهما وتفرقهما.
ذكره جماعة من الأصحاب.
واقتصر عليه في الفروع.
قوله (وإن كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل يجرى قاسم واحد كما لو خلت من تقويم.
فائدتان
354

إحداهما تباح أجرة القاسم على الصحيح من المذهب.
وعنه هي كقربة.
نقل صالح أكرهه.
ونقل عبد الله أتوقاه.
والأجرة على قدر الأملاك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
زاد في الترغيب إذا أطلق الشركاء العقد وأنه لا ينفرد واحد بالاستئجار بلا إذن.
وقيل بعدد الملاك.
وقال في الكافي هي على ما شرطاه.
فعلى المذهب المنصوص أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال فإذا ما نهم الفلاح بقدر ما عليه أو يستحقه الضيف حل لهم.
قال وإن لم يأخذ الوكيل لنفسه إلا قدر عمله بالمعروف.
والزيادة يأخذها المقطع فالمقطع هو الذي ظلم الفلاحين فإذا أعطى الوكيل المقطع من الضريبة ما يزيد على أجرة
مثله ولم يأخذ لنفسه إلا أجرة عمله جاز له ذلك وقال ابن هبيرة في شرح البخاري اختلف الفقهاء في أجر القسام.
فقال قوم على المزارع.
وقال قوم على بيت المال.
355

وقال قوم عليهما.
الثانية قوله فإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم قسمه وذكر في كتاب القسمة أن قسمه بمجرد دعواهم لا عن بينة شهدت لهم بملكهم هذا بلا نزاع.
قال القاضي عليهما بإقرارهما لا على غيرهما.
قوله (ويعدل القاسم السهام بالأجزاء إن كانت متساوية وبالقيمة إن كانت مختلفة وبالرد إن كانت تقتضيه ثم يقرع بينهم فمن خرج له سهم صار له بلا نزاع في الجملة).
قوله (وكيفما أقرع جاز إلا أن الأحوط أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن وتطرح في حجر من لم يحضر ذلك ويقال له أخرج بندقة على هذا السهم فمن خرج اسمه كان له ثم الثاني كذلك والسهم الباقي للثالث إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية).
وإن كتب اسم كل سهم في رقعة وقال أخرج بندقة باسم فلان وأخرج الثانية باسم الثاني والثالثة للثالث جاز.
والأول أحوط.
وهذا المذهب في ذلك كله.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
356

وقدمه في الفروع.
وقيل يخير في هاتين الصفتين.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قال الشارح واختار أصحابنا في القرعة أن يكتب رقاعا متساوية بعدد السهام.
وهو ها هنا مخيرين بين أن يخرج السهام على الأسماء أو يخرج الأسماء على السهام انتهى.
وذكر أبو بكر أن البنادق تجعل طينا وتطرح في ماء ويعين واحدا فأي البنادق انحل الطين عنها وخرجت رقعتها على الماء فهي له وكذلك الثاني والثالث وما بعده.
فإن خرج اثنان معا أعيد الإقراع انتهى.
قوله (فإن كانت السهام مختلفة كثلاثة لأحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس فإنه يجزئها ستة أجزاء وتخرج الأسماء على السهام لا غير فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثة وباسم صاحب الثلثين اثنين وباسم صاحب السدس واحدة ويخرج بندقه على السهم الأول فإن خرج اسم صاحب النصف أخذه والثاني والثالث وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني ثم يقرع بين الآخرين والباقي للثالث).
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه يكتب باسم صاحب النصف ثلاثة وباسم صاحب الثلث اثنين وباسم صاحب السدس واحدة كما قال المصنف وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
357

والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقدم في المغنى أن يكتب باسم كل واحد رقعة لحصول المقصود.
وقدمه في الشرح أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا قرعة في مكيل وموزن لا للابتداء.
فإن خرجت لرب الأكثر أخذ كل حقه.
فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان.
فائدة قسمة الإجبار تنقسم أربعة أقسام.
أحدها أن تكون السهام متساوية وقيمة الأجزاء متساوية وهي مسألة المصنف الأولى.
الثاني أن تكون السهام مختلفة وقيمة الأجزاء متساوية وهي مسألة المصنف الثانية.
الثالث أن تكون السهام متساوية وقيمة الأجزاء مختلفة.
الرابع أن تكون السهام مختلفة والقيمة مختلفة.
فأما الأول والثاني فقد ذكرنا حكمهما في كلام المصنف.
وأما القسم الثالث وهو أن تكون السهام متساوية والقيمة مختلفة فإن الأرض تعدل بالقيمة وتجعل ستة أسهم متساوية القيمة ويفعل في إخراج السهام مثل الأول.
وأما القسم الرابع وهو ما إذا اختلفت السهام والقيمة فإن القاسم يعدل السهام بالقيمة ويجعلها ستة أسهم متساوية القيم ثم يخرج الرقاع فيها الأسماء على السهام كالقسم الثالث سواء إلا أن التعديل هنا بالقيم وهناك بالمساحة.
قوله (فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به لم يلتفت إليه).
358

وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقبل قوله مع التنبيه.
اختاره المصنف.
وقال في الرعايتين والحاوي لم يقبل قوله وإن أقام بينة إلا أن يكون مسترسلا.
زاد في الكبرى أو مغبونا بما لا يتسامح به عادة أو بالثلث أو بالسدس كما سبق.
قوله (وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة وإلا فالقول قول المنكر مع يمينه).
وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه وكان فيما اعتبرنا فيه الرضا بعد القرعة لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم بلا نزاع.
قوله (وإن تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهما شيء معين بطلت).
هذا المذهب مطلقا.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي والكافي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
359

وقال في القواعد ومن الفوائد لو اقتسما دارا نصفين ظهر بعضها مستحقا فإن قلنا القسمة إفراز انتقضت القسمة لفساد الإفراز.
وإن قلنا بيع لم تنتقض ويرجع على شريكه بقدر حقه في المستحق كما إذا قلنا بذلك في تفريق الصفقة كما لو اشترى دارا فبان بعضها مستحقا ذكره الآمدي.
وحكى في الفوائد عن صاحب المحرر أنه حكى فيه في هذه المسألة ثلاثة أوجه.
وظاهر ما في المحرر يخالف ذلك.
فائدة لو كان المستحق من الحصتين وكان معينا لم تبطل القسمة فيما بقي على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر والوجيز.
وقدمه في الفروع والقواعد.
وقيل تبطل.
وهو احتمال في الكافي بناء على عدم تفريق الصفقة إذا قلنا هي بيع.
قوله (وإن كان شائعا فيهما فهل تبطل القسمة على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح بن منجا والقواعد الفقهية.
أحدهما تبطل وهو الصحيح من المذهب.
اختاره القاضي وابن عقيل.
قال في الخلاصة بطلت في الأصح.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
360

وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا تبطل في غير المستحق.
قدمه في المغنى والشرح.
فائدتان
إحداهما لو كان المستحق مشاعا في أحدهما فهي كالتي قبلها خلافا ومذهبا علي الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وقيل تبطل هنا وإن لم تبطل في التي قبلها.
وظاهر كلامه في القواعد أن ذلك كله مبني على أن القسمة إفراز وبيع وتقدم لفظه.
الثانية قال المجد الوجهان الأولان فرع على قولنا بصحة تفريق الصفقة في البيع وهو المذهب على ما تقدم.
فأما إن قلنا لا تتفرق هناك بطلت هنا وجها واحدا.
وقيل في البلغة إذا ظهر بعض حصة أحدهما مستحقا نقضت القسمة.
وإن ظهرت حصتهما على استواء النسبة وكان معينا لم تنقض إذا عللنا ففساد تفريق الصفقة بالجهالة.
وإن عللناه باشتمالها على ما لا يجوز بطلت وإن كان المستحق مشاعا انتقضت القسمة في الجميع على أصح الوجهين.
قوله (وإذا اقتسما دارين قسمة تراض فبنى أحدهما في نصيبه ثم خرجت الدار مستحقة ونقض بناؤه رجع بنصف قيمته على شريكه).
361

وقال في الهداية قال شيخنا يرجع على شريكه بنصف قيمة البناء واقتصر عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال الشارح هكذا ذكره الشريف أبو جعفر وحكاه أبو الخطاب عن القاضي.
وجزم به الشارح ونصره.
قال هذه قسمة بمنزلة البيع.
فإن الدارين لا يقسمان قسمة إجبار وإنما يقسمان بالتراضي فتكون جارية مجرى البيع.
قال وكذلك يخرج في كل قسمة جارية مجرى البيع وهي قسمة التراضي كالتي فيه رد عوض وما لا يجبر على قسمته لضرر فيه.
فأما قسمة الإجبار إذا ظهر نصيب أحدهما مستحقا بعد البناء والغراس فيه فنقض البناء وقلع الغراس فإن قلنا القسمة بيع فكذلك.
وإن قلنا ليست بيعا لم يرجع به.
هذا الذي يقتضيه قول الأصحاب انتهى.
وقال في القواعد إذا اقتسما أرضا فبنى أحدهما في نصيبه وغرس ثم استحقت الأرض فقلع غرسه وبناءه.
فإن قلنا هي إفراز حق لم يرجع على شريكه.
وإن قلنا بيع رجع عليه بقيمة النقص إذا كان عالما بالحال دونه.
وقال ذكره في المغني ثم ذكر قول القاضي المتقدم.
وقال في الفروع وإن بنى أو غرس فخرج مستحقا فقلع رجع على شريكه بنصف قيمته في قسمة الإجبار.
362

وإن قلنا هي بيع كقسمة تراض وإلا فلا.
وأطلق في التبصرة رجوعه وفيه احتمال انتهى.
قال الناظم.
وإن بان في الإجبار لم يغرم البنا * ولا الغرس إذا هي ميز حق بأجود.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا لم يرجع حيث لا يكون بيعا فلا يرجع بالأجرة ولا بنصف قيمة الولد في الغرور إذا اقتسما الجواري أعيانا.
وعلى هذا فالذي لم يستحق شيئا من نصيبه يرجع الآخر عليه بما فوته عليه من المنفعة هذه المدة وهنا احتمالات.
أحدها التسوية بين القسمة والبيع.
الثاني الفرق مطلقا.
والثالث إلحاق ما كان من القسمة بيعا بالبيع.
قوله (وإن خرج في نصيب أحدهما عيب فله فسخ القسمة).
يعني إذا كان جاهلا به.
وله الإمساك مع الأرش.
هذا المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن تبطل القسمة لآن التعديل فيها شرط ولم يوجد بخلاف البيع.
قوله (وإذا اقتسم الورثة العقار ثم ظهر علي الميت دين فإن قلنا هي إفراز حق لم تبطل القسمة وإن قلنا هي بيع انبنى على
363

بيع التركة قبل قضاء الدين هل يجوز على وجهين).
اعلم أنا إذا قلنا القسمة إفراز حق فإنها لا تبطل ولا تفريع عليه.
وإن قلنا هي بيع انبنى على صحة بيع التركة قبل قضاء الدين هل يصح أم لا.
فأطلق المصنف هنا وجهين.
وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
أحدهما يصح بيعها قبل قضاء الدين وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا المذهب وهو أولى.
قال في الفروع ويصح البيع على الأصح ان قضى.
قال في المحرر أصح الروايتين الصحة.
وصححه الناظم وصاحب المبهج وصاحب التصحيح.
قال في القاعدة الثالثة والخمسين أصحهما يصح.
والوجه الثاني لا يصح.
فعليه يصح العتق على الصحيح من المذهب.
وقدمه في القواعد.
واختار بن عقيل في نظرياته لا ينفذ إلا مع يسار الورثة.
قلت وهو الصواب لأن تصرفهم تبع لتصرف الموروث في مرضه.
وهذا متوجه على قولنا إن حق الغرماء متعلق بالتركة في المرض.
وعلى المذهب النماء للوارث كنماء جان على الصحيح من المذهب لا كمرهون.
قال في الترغيب وغيره هو المشهور.
وقيل النماء تركة.
364

وقال في الانتصار من أدى نصيبه من الدين انفك نصيبه منها كجان.
فائدة لا يمنع الدين الذي على الميت نقل تركته إلى الورثة.
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم أبو بكر والقاضي وأصحابه.
قال ابن عقيل هي المذهب.
قال الزركشي هذا المنصوص المشهور المختار للأصحاب.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله أن المفلس إذا مات سقط حق البائع من عين ماله لأن المال انتقل إلى الورثة.
قال في القواعد الفقهية أشهر الروايتين الانتقال.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه رواية ثانية يمنع الدين نقلها بقدره.
ونقل بن منصور لا يرثون شيئا حتى يؤدوه.
وذكرها جماعة.
وصحح الناظم المنع.
ونصره في الانتصار.
وتقدم فوائد الخلاف في باب الحجر بعد قوله ومن مات وعليه دين مؤجل وهي فوائد جليلة فلتراجع.
قال في الفروع والروايتان في وصية بمعين.
ونص في الانتصار على المنع.
وذكر عليه إذا لم يستغرق التركة أو كانت الوصية بمجهول منعا ثم سلم لتعلق الإرث بكل.
التركة بخلافهما فلا مزاحمة.
وذكر منعا وتسليما هل للوارث والدين مستغرق الايفاء من غيرها.
365

وقال في الروضة الدين على الميت لا يتعلق بتركته على الصحيح من المذهب.
وفائدته أن لهم أداءه وقسمة التركة بينهم.
قال وكذا حكم مال المفلس.
وقال في القواعد ظاهر كلام طائفة من الأصحاب اعتبار كون الدين محيطا بالتركة حيث فوضوا المسألة في الدين المستغرق.
ومنهم من صرح بالمنع من الانتقال وإن لم يكن مستغرقا.
ذكره في مسائل الشفعة.
وقال في القواعد أيضا تعلق حق الغرماء بالتركة وهل يمنع انتقالها على روايتين.
وهل هو كتعلق الجناية أو الرهن.
اختلف كلام الأصحاب في ذلك.
وصرح الأكثرون أنه كتعلق الرهن.
قال ويفسر بثلاثة أشياء.
أحدها أن تعلق الدين بالتركة وبكل جزء من أجزائها فلا ينقل منها شيء حتى يوفي الدين كله.
وصرح بذلك القاضي في خلافه إذا كان الوارث واحدا.
قال وإن كانوا جماعة انقسم عليهم بالحصص وتتعلق كل حصة من الدين بنظيرها من التركة وبكل جزء منها فلا ينفذ منها شيء حتى يوفي جميع تلك الحصة ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدين مستغرقا للتركة أم لا.
صرح به جماعة.
منهم صاحب الترغيب في المفلس.
الثاني أن الدين في الذمة ويتعلق بالتركة وهل هو باق في ذمة الميت
366

أو انتقل إلى ذمم الورثة أو هو متعلق بأعيان التركة لا غير فيه ثلاثة أوجه.
الأول قول الآدمي وابن عقيل في الفنون.
والثاني قول القاضي في خلافة وأبي الخطاب في انتصاره وابن عقيل في موضع آخر.
وكذلك القاضي في المجرد لكنه خصه بحالة تأجيل الدين لمطالبة الورثة بالتوثقة.
والثالث قول بن أبي موسى.
التفسير الثالث من تفسير تعلق حق الغرماء كتعلق الرهن أنه يمنع صحة التصرف وفيه وجهان وهل تعلق حقهم بالمال من حين المرض أم لا تردد الأصحاب في ذلك انتهى.
وتقدم بعض ذلك في باب الحجر.
قوله (وإذا اقتسما فحصلت الطريق في نصيب أحدهما ولا منفذ للآخر بطلت القسمة).
لعدم التعديل والنفع.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والقواعد والنظم وغيرهم.
وخرج المصنف في المغنى وجها أنها تصح ويشتركان في الطريق من نص الإمام أحمد رحمه الله على اشتراكهما في مسيل الماء.
وقال في القواعد ويتوجه إن قلنا القسمة إفراز بطلت وإن قلنا
367

بيع صحت ولزم الشريك تمكينه من الاستطراق بناء على قول الأصحاب إذا باعه بيتا في وسط داره ولم يذكر طريقا صح البيع واستتبع طريقه كما ذكره القاضي في خلافه لو اشترط عليه الاستطراق في القسمة صح.
قال المجد هذا قياس مذهبنا في جواز بيع.
وفي منتخب الآدمي البغدادي يفسخ بعيب وسد المنفذ عيب.
فوائد
الأولى مثل ذلك في الحكم لو حصل طريق الماء في نصيب أحدهما قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في الفروع ونصه هو لهما ما لم يشترطا رده وهذا المذهب.
وجزم به في المغني والشرح والمصنف قاس المسألة الأولى على هذه كما تقدم في التخريج.
ونقل أبو طالب في مجرى الماء لا يغير مجرى الماء ولا يضر بهذا إلا أن يتكلف له النفقة حتى يصلح له المسيل.
الثانية لو كان للدار ظله فوقعت في حق أحدهما فهي له بمطلق العقد قاله الأصحاب.
الثالثة لو ادعى كل واحد أن هذا البيت من سهمي تحالفا ونقضت القسمة.
الرابعة قوله ويجوز للأب والوصي قسم مال المولى عليه مع شريكه بلا نزاع.
ويجبران في قسمة الإجبار.
ولهما أن يقاسما قسمة التراضي إن رأيا المصلحة.
وتقدم حكم ما إذا غاب الولي في قسمة الإجبار هل يقسم الحاكم.
وتقدم إذا غاب أحد الشريكين في فصل قسمة الإجبار والله أعلم.
368

باب الدعاوى والبينات
فائدة واحد الدعاوى دعوى.
قال المصنف والشارح معناها في اللغة إضافة الإنسان إلي نفسه شيئا ملكا أو استحقاقا أو صفة ونحوه.
وفي الشرع إضافته إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو في ذمته.
وقال ابن عقيل الدعوى الطلب لقوله تعالى 36 57 * (ولهم ما يدعون) * زاد بن أبي الفتح زاعما ملكه انتهى.
وقيل هي طلب حق من خصم عند حاكم وإخباره باستحقاقه وطلبه منه.
وقال في الرعاية قلت هي إخبار خصم باستحقاق شيء معين أو مجهول كوصية وإقرار عليه أو عنده له أو لموكله أو توكيله أو لله حسبه يطلبه منه عند حاكم.
قوله (المدعي من إذا سكت ترك والمنكر من إذا سكت لم يترك).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل المدعي من يدعي خلاف الظاهر وعكسه المنكر.
وأطلقهما في المستوعب.
وقال الشارح وقيل المدعي من يلتمس بقوله أخذ شيء من يد غيره وإثبات حق في ذمته والمدعى عليه من ينكر ذلك.
369

وقدم هو أيضا والمصنف أن المدعى عليه من يضاف إليه استحقاق شيء عليه.
وقد يكون كل واحد منهما مدعيا ومدعى عليه بأن يختلفا في العقد فيدعي كل واحد منهما أن الثمن غير الذي ذكره صاحبه انتهى.
وقيل هو من إذا سكت ترك مع إمكان صدقه.
قال الزركشي ولا بد من هذا القيد وقيل المدعي هو الطالب والمنكر هو المطلوب.
وقيل المدعى من يدعي أمرا باطنا خفيا والمنكر من يدعى أمرا ظاهرا جليا.
ذكرها في الرعاية وذكر أقوالا أخر.
وأكثرها يعود إلى الأول.
ومن فوائد الخلاف لو قال الزوج أسلمنا معا فالنكاح باق وادعت الزوجة أنها أسلمت قبله فلا نكاح.
فالمدعى هي الزوجة على المذهب.
وعلى القول الثاني المدعى هو الزوج.
تنبيه قال بعضهم الحد الأول فيه نظر لأن كل ساكت لا يطالب بشيء فإنه متروك.
وهذا أعم من أن يكون مدعيا أو مدعى عليه فيترك مع قيام الدعوى.
فتعريفه بالسكوت وعدمه ليس بشيء.
والأولى أن يقال المدعى من يطالب غيره بحق يذكر استحقاقه عليه والمدعى عليه المطالب بدليل قوله عليه أفضل الصلاة والسلام البينة على المدعى وإنما تكون البينة مع المطالبة وأما مع عدمها فلا انتهى.
ويمكن أن يجاب بأن يقال المراد بتعريف المدعى والمدعى عليه
370

حال المطالبة لأنهم ذكروا ذلك ليعرف من عليه البينة ممن عليه اليمين وإنما يعرف ذلك بعد المطالبة.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع قولهم المدعى من إذا سكت ترك ينبغي أن يقيد ذلك إن لم تتضمن دعواه شيئا إن لم يثبت لزمه حد أو تعزير كمن ادعى على إنسان أنه زنى بابنته أو أنه سرق له شيئا وأنه قاذف في الأولى ثالب لعرضه في الثانية فإن لم يثبت دعواه لزمه القذف في الأولى والتعزير في الثانية.
وقد يجاب بأنه متروك من حيث الدعوى مطلوب بما تضمنته فهو متروك مطابقة مطلوب تضمنا.
فائدتان
إحداهما قوله ولا تصح الدعوى والإنكار إلا من جائز التصرف.
وهو صحيح ولكن تصح على السفيه فيما يؤخذ به حال سفهه أو بعد فك حجره ويحلف إذا أنكر.
وتقدم ذلك أيضا في أول باب طريق الحكم وصفته.
وقال في الرعاية وكل منهما رشيد يصح تبرعه وجوابه بإقرار أو إنكار وغيرهما.
الثانية قوله وإذا تداعيا عينا لم تخل من أقسام ثلاثة أحدهما أن تكون في يد أحدهما فهي له مع يمينه إنها له لا حق للآخر فيها إذا لم تكن بينة بلا نزاع.
لكن لا يثبت الملك له بذلك كثبوته بالبينة فلا شفعة له بمجرد اليد.
371

ولا تضمن عاقلة صاحب الحائط المائل بمجرد اليد لأن الظاهر لا تثبت به الحقوق وإنما ترجح به الدعوى.
ثم في كلام القاضي في مسألة النافي للحكم يمين المدعى عليه دليل.
وكذا قال في الروضة.
وفيها أيضا إنما لم يحتج إلى دليل لأن اليد دليل الملك.
وقال في التمهيد يده بينة.
وإن كان المدعى عليه دينا فدليل العقل على براءة ذمته بينة حتى يجوز له أن يدعو الحاكم إلى الحكم بثبوت العين له دون المدعي وبراءة ذمته من الدين.
قال في الفروع كذا قال.
ثم قال وينبغي على هذا أن يحكي في الحكم صورة الحال كما قاله أصحابنا في قسمة عقار لم يثبت عنده الملك.
وعلى كلام أبي الخطاب يصرح في القسمة بالحكم.
وأما على كلام غيره فلا حكم.
وإن سأله المدعى عليه محضرا بما جرى أجابه.
ويذكر فيه أن الحاكم أبقى العين بيده لأنه لم يثبت ما يرفعها ويزيلها.
قوله (وإن تنازعا دابة أحدهما راكبها أو له عليها حمل والآخر أخذ بزمامها فهي للأول).
هذا المذهب مطلقا.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والوجيز والنظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل هي للثاني إذا كان مكاريا.
372

فائدتان
إحداهما لو كان لأحدهما عليها حمل والآخر راكبها فهي للراكب.
قاله المصنف والشارح.
فإن اختلفا في الحمل فادعاه الراكب وصاحب الدابة فهي للراكب وإن تنازعا قميصا أحدهما لابسه والآخر آخذ بكمه فهو للابسه بلا نزاع.
كما قال المصنف هنا.
فإن كان كمه في يد أحدهما وباقيه مع الآخر أو تنازعا عمامة طرفها في يد أحدهما وباقيها في يد الآخر فهما فيها سواء.
ولو كانت دار فيها أربع بيوت في أحدها ساكن وفي الثلاثة ساكن واختلفا فلكل واحد منهما ما هو ساكن فيه.
وإن تنازعا المساحة التي يتطرق منها إلى البيوت فهي بينهما نصفان.
الثانية لو ادعيا شاة مسلوخة بيد أحدهما جلدها ورأسها وسواقطها وبيد الآخر بقيتها وادعى كل واحد منهما كلها وأقاما بينتين بدعواهما فلكل واحد منهما ما بيد صاحبه.
قوله (وإن تنازع صاحب الدار والخياط الإبرة والمقص فهما للخياط وإن تنازع هو والقراب القربة فهي للقراب بلا نزاع فيهما).
وقوله وإن تنازعا عرصة فيها شجر أو بناء لأحدهما فهي له.
هذا المذهب مطلقا.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
373

وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا تكون له إلا ببينة.
قوله (وإن تنازعا حائطا معقودا ببناء أحدهما وحده أو متصلا به اتصالا لا يمكن إحداثه وله عليه أزج).
وهو ضرب من البناء ويقال له طاق.
فهو له يعنى بيمينه.
وهذا المذهب بهذا الشرط.
أعنى إذا كان متصلا اتصالا لا يمكن إحداثه وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والفروع والمحرر والوجيز وغيرهم وكذا لو كان له عليه ستره لكن لو كان متصلا ببناء أحدهما اتصالا يمكن إحداثه فظاهر كلام المصنف هنا أنه لا يرجح بذلك.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وهو صحيح وهو المذهب.
اختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل هو كما لو لم يمكن احداثه.
وهو ظاهر كلام الخرقي في آخر باب الصلح.
فائدة لو كان له عليه جذوع لم يرجح بذلك على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
ذكره في المحرر وغيره في باب أحكام الجوار.
قال في عيون المسائل لا يقدم صاحب الجذوع ويحكم لصاحب الأزج لأنه لا يمكن حدوثه بعد كمال البناء.
374

ولأنا قلنا له وضع خشبه على حائط جاره ما لم يضر فلهذا لم يكن دلالة على اليد بخلاف الأزج لا يجوز عمله على حائط جاره انتهى.
وقيل يرجح بذلك أيضا.
وتأتي المسألة قريبا بأعم من هذا.
قوله (وإن كان محلولا من بنائهما).
أي غير متصل ببنائهما.
أو معقودا بهما فهو بينهما بلا نزاع.
ويتحالفان فيحلف كل واحد منهما للآخر أن نصفه له على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح والزركشي وإن حلف كل واحد منهما على جميع الحائط أنه له جاز قال الزركشي قلت والذي ينبغي أن تجب اليمين على حسب الجواب قوله ولا ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه ولا بوجوه الآجر والتزويق والتجصيص ومعاقد القمط في الجص.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال المصنف والشارح قال أصحابنا لا ترجح دعوى أحدهما بوضع خشبة على الحائط.
وقطعا بذلك في وجوه الآجر والتزويق والتجصيص ومعاقد القمط في الجص ونحوها.
375

ويحتمل أن ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وتقدم كلامه في عيون المسائل في الجذوع.
قوله (وإن تنازع صاحب العلو والسفل في سلم منصوب أو درجة فهي لصاحب العلو إلا أن يكون تحت الدرجة مسكن لصاحب السفل فيكون بينهما بلا نزاع).
لكن لو كان في الدرجة طاقة ونحوها مما يرتفق به لم يكن ذلك له على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع.
وقيل متى كان له في الدرجة طاقة أو نحوها كانت بينهما.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
وأطلق وجهين في المحرر في باب أحكام الجوار.
قوله (وإن تنازعا في السقف الذي بينهما فهو بينهما).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز ومنتخب الأدمى وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل هو لرب العلو.
فائدة لو تنازعا الصحن والدرجة في الصدر فبينهما.
وإن كانت في الوسط فما إليهما بينهما وما وراءه لرب السفل على الصحيح من المذهب.
وقيل بينهما.
376

والوجهان إن تنازع رب باب بصدر الدرب ورب باب بوسطه في صدر الباب.
قاله في الترغيب وغيره في الصلح.
قوله (وإن تنازع المؤجر والمستأجر في رف مقلوع أو مصراع له شكل منصوب في الدار فهو لصاحبها).
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وقال في الرعاية الكبرى فهو للمؤجر في الأصح وإلا فهو بينهما.
يعنى وإن لم يكن له شكل منصوب فهو بينهما.
وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لرب الدار مطلقا وهو المؤجر.
كما يدخل في البيع عند الإطلاق ولعله المذهب.
وقيل هو بينهما مطلقا وهو ضعيف جدا.
وقدم في الرعاية الكبرى أنه بينهما نصفان ويحلفان.
وقال في الرعاية الصغرى بعد أن قدم الأول وقيل ما يدخل في مطلق البيع للمؤجر وما لا يدخل فيه ولا جرت به العادة فللمستأجر وفيما جرت به العادة ولا يدخل في البيع أوجه.
الثالث أنه مع شكل له منصوب في المكان للمؤجر وإلا فللمستأجر انتهى.
377

قوله (وإن تنازعا دارا في أيديهما فادعاها أحدهما وادعى الآخر نصفها جعلت بينهما نصفين واليمين على مدعي النصف).
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الشرح والوجيز والنظم والمحرر.
وقدمه في المغنى والفروع والرعاية الكبرى.
وذكر أبو بكر وابن أبي موسى وأبو الفرج أنهما يتحالفان.
وكذا الحكم لو ادعى أقل من نصفها وادعى الآخر كلها أو أكثر مما بقي.
وصاحب المحرر والفروع وغيرهما إنما فرضوا المسألة في ذلك.
قوله (وإن تنازع الزوجان أو ورثتهما في قماش البيت فما كان يصلح للرجال فهو للرجل وما كان يصلح للنساء فهو للمرأة وما كان يصلح لهما فهو بينهما).
هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الشرح والخرقي والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة مع أن كلامهم محتمل للخلاف.
وقدمه في المغنى والمحرر وشرح بن منجا والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقيل الحكم كذلك إن لم تكن عادة.
فإن كان ثم عادة عمل بها.
نقل الأثرم المصحف لهما.
فإن كانت المرأة لا تقرأ أو لا تعرف بذلك فهو له.
وجزم به الزركشي.
وقلت وهو الصواب.
378

وقال القاضي إن كان بيدهما المشاهدة فبينهما وإن كان بيد أحدهما المشاهدة فهو له.
كما يأتي عنه في المسألة التي بعدها.
قوله (وإن اختلف صانعان في قماش دكان لهما حكم بآلة كل صناعة لصاحبها في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي).
وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي إن كانت أيديهما عليه من طريق الحكم فكذلك وإن كانت من طريق المشاهدة فهو بينهما على كل حال.
وتقدم كلامه في المسألة التي قبلها.
قلت يحتمل أن تكون حكاية المصنف عن القاضي راجعة إلى المسألتين وهو أولى.
لكن الشارح لم يذكره إلا في هذه المسألة.
وتنبه بن منجا في شرحه لذلك فقال الخلاف عائد إلى المسألتين.
وصرح به المصنف في المغني.
وكذا في الفروع.
قلت وكلامه في الهداية والمحرر والحاوي محتمل أيضا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكلام القاضي في التعليق يقتضي أن المدعى به متى كان بيديهما مثل أن يكونا بدكان وكالزوجين.
قوله (وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها).
379

إن كانت البينة للمدعى وحده وكانت العين في يد المدعى عليه فإنه يحكم له بها من غير يمين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال المصنف بغير خلاف في المذهب.
ثم قال قال الأصحاب لا فرق بين الحاضر والغائب والحي والميت والعاقل والمجنون والصغير والكبير.
وقال الشافعي رحمه الله إذا كان المشهود عليه لا يعبر عن نفسه أحلف المشهود له لأنه يعبر عن نفسه في دعوى القضاء والإبراء فيقوم الحاكم مقامه.
قال المصنف وهذا حسن ومال إليه.
قلت قد تقدمت المسألة بأعم من هذا في قول المصنف في باب طريق الحكم وصفته وإن ادعى على غائب أو مستتر في البلد أو ميت أو صبي أو مجنون وله بينة سمعها الحاكم وحكم بها.
وهل يحلف المدعي أنه لم يبرأ إليه منه ولا من شيء منه على روايتين.
وذكرنا الصحيح من المذهب منهما هناك.
ثم رأيت الزركشي حكى كلامه في المغنى وقال هذا عجيب منه.
فإنه ذكر في مختصره ومختصر غيره أن الدعوى إذا كانت على غائب أو غير مكلف فهل يحلف مع البينة على روايتين انتهى.
وإن كانت البينة للمدعى عليه وحده فلا يمين عليه على المذهب وفيه احتمال ذكره المصنف.
قوله (وإن كان لكل واحد بينة حكم بها للمدعي في ظاهر المذهب).
يعني تقدم بينة الخارج وهو المدعي وهو المذهب كما قال.
وعليه جماهير الأصحاب.
380

وسواء كان بعد زوال يده أولا.
قال الإمام أحمد رحمه الله البينة للمدعى ليس لصاحب الدار بينة.
قال في الانتصار كما لا تسمع بينة منكر أولا.
قال الشارح هذا المشهور.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال هو وغيره هذا المذهب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه إن شهدت بينة المدعى عليه أنها له نتجت في ملكه أو قطيعه من الأغنام قدمت بينته وإلا فهي للمدعي ببينته.
قال القاضي فيهما إذا لم يكن مع بينة الداخل ترجيح لم يحكم بها رواية واحدة.
وقال أبو الخطاب فيه رواية أخرى أنها مقدمة بكل حال.
يعني تقدم بينة الداخل بكل حال.
واختارها أبو محمد الجوزي.
وعنه يحكم بها للمدعي إن اختصت بينته بسبب أو سبق.
فعلى هذه الرواية والرواية الثانية يكفي سبب مطلق على الصحيح.
قدمه في الفروع.
وعنه تعتبر إفادته للسبق وأطلقهما في المحرر والزركشي.
ويأتي نقله في الوسيلة.
فائدة لو أقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت في ملكه تعارضتا على الصحيح من المذهب.
381

قدمه في الفروع.
وقدم في الإرشاد أن بينة المدعي تقدم.
قوله (فإن أقام الداخل بينة أنه اشتراها من الخارج وأقام الخارج بينة أنه اشتراها من الداخل فقال القاضي تقدم
بينة الداخل).
كذا قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وجزم به في الوجيز والتسهيل للحلواني.
قاله في تصحيح المحرر.
وقيل تقدم بينة الخارج.
وقيل يتعارضان.
وأطلقهن في المحرر والفروع والنظم.
فائدتان
إحداهما لو كانت في يد أحدهما وأقام كل واحد منهما بينة أنه اشتراها من زيد أو اتهبها منه فعنه أنه كبينة الداخل والخارج على ما سبق.
وهي المذهب عند القاضي.
وعنه يتعارضان لآن سبب اليد نفس المتنازع فيه فلا تبقى مؤثره لأنهما اتفقا على أن ملك هذه الدار لزيد.
وهذه الرواية اختيار أبي بكر وابن أبي موسى وصاحب المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وهو المذهب.
ويأتي معنى ذلك في أثناء القسم الثالث.
واختار أبو بكر هنا وابن أبي موسى أنه يرجح بالقرعة.
382

ونص عليه في رواية بن منصور.
وأطلقهما في الفروع.
الثانية لا تسمع بينة الداخل قبل بينة الخارج وتعديلها على الصحيح من المذهب وفيه احتمال.
وتسمع بعد التعديل قبل الحكم وبعده قبل التسليم.
وأيها يقدم فيه الروايات.
وإن كانت بينة أحدهما غائبة حين رفعنا يده فجاءت وقد ادعى المدعى ملكا مطلقا فهي بينة خارج وإن ادعاه مستندا إلى ما قبل يده فهي بينة داخل كما لو أحضرها بعد الحكم وقبل التسليم.
قوله (القسم الثاني أن تكون العين في أيديهما فيتحالفان ويقسم بينهما).
لأن يد كل واحد منهما على نصفها والقول قول صاحب اليد مع يمينه فيمين كل واحد منهما على النصف الذي بيده.
وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به أكثرهم.
وقال في الترغيب وعنه يقرع فمن قرع أخذه بيمينه.
فائدة لو نكلا عن اليمين فالحكم كذلك.
قوله (وإن تنازعا مسناة بين نهر أحدهما وأرض الآخر تحالفا وهي بينهما).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم
383

والمغنى والشرح وشرح بن منجا والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل هي لرب النهر.
وقيل هي لرب الأرض.
قوله (وإن تنازعا صبيا في أيديهما فكذلك).
يعني صبيا دون التميز فيتحالفان وهو بينهما رقيق.
جزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قوله (وإن كان مميزا فقال إني حر فهو حر إلا أن تقوم بينة برقه).
وهذا هو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وقدمة في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
ويحتمل أن يكون كالطفل.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قوله (فإن كان لأحدهما بينة حكم له بها بلا نزاع).
وإن كان لكل واحد بينة قدم أسبقهما تاريخا.
مثل أن تشهد إحداهما أنها له منذ سنة وتشهد الأخرى أنها للآخر منذ سنتين.
فتقدم أسبقهما تاريخا.
384

وهذه رواية عن الأمام أحمد رحمه الله نصرها القاضي وأصحابه.
وقال هذا قياس المذهب.
وقطع به في الوسيلة إذا كانت العين بيد ثالث.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الشرح.
وظاهر كلام الخرقي التسوية بينهما.
وهو المذهب.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قلت وجزم به في الوجيز أيضا.
فقال أولا وإن كان لكل واحد بينة قدم أسبقهما تاريخا.
وقال ثانيا فإن شهدت بينة أحدهما بالملك له منذ سنة وبينة الآخر بالملك له منذ شهر فهما سواء ولا يظهر الفرق بين المسألتين.
والذي يظهر أنه تابع المصنف في المسألة الأولى وتابع المحرر في الثانية.
فحصل الخلل والتناقض بسبب ذلك لأن المصنف لم يذكر الثانية لأنها عين الأولى.
وصاحب المحرر لم يذكر الأولى لأنها عين الثانية.
وصاحب الوجيز جمع بينهما.
وحصل له نظير ذلك في كتاب الصيد وباب الذكاة.
فيما إذا رماه فوقع في ماء أو ذبحه ثم غرق في ماء.
كما تقدم التنبيه على ذلك هناك.
385

فائدة مثل ذلك في الحكم لو شهدت بينة باليد من سنة وبينة باليد من سنتين قاله في الانتصار.
قوله (فإن وقتت إحداهما وأطلقت الأخرى فهما سواء).
اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز.
ونصره المصنف والشارح.
وهذا بناء من المصنف على ما قاله قبل ذلك من تقديم أسبقهما تاريخا.
والصحيح من المذهب أنهما سواء.
على ما تقدم في التي قبلها بل هنا أولى.
وقدمة في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم وقدمه في الرعاية والنظم.
وصححه في تصحيح المحرر.
واختاره القاضي وغيره.
ويحتمل تقديم المطلقة.
قاله أبو الخطاب.
وأطلقهما في المحرر.
وفي مختصر بن رزين تقدم المؤقتة.
قوله (وإن شهدت إحداهما بالملك والأخرى بالملك والنتاج أو سبب من أسباب الملك فهل تقدم بذلك على وجهين).
وأطلقهما في الشرح والهداية والمذهب.
أحدهما لا تقدم بذلك بل هما سواء وهو المذهب.
صححه في التصحيح.
386

وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والخلاصة.
والوجه الثاني تقدم بذلك وهو قول القاضي وجماعة من أصحابه فيما إذا كانت العين في يد غيرهما.
وعنه تقدم بسبب مفيد للسبق كالنتاج والإقطاع.
قال في المحرر والفروع وغيرهما فعليها والتي قبلها المؤقتة والمطلقة سواء.
وقيل تقدم المطلقة.
فجعل الخلاف المتقدم في المسألة التي قبل هذه مبنيا على هاتين الروايتين.
وفي منتخب الآدمي البغدادي تقدم ذات السببين على ذات السبب وشهود العين على الإقرار.
قوله (ولا تقدم إحداهما بكثرة العدد).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى هذا الأشهر.
ويتخرج تقديم أكثرهما عددا.
قوله (ولا باشتهار العدالة).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في المنور.
وصححه في النظم وتصحيح المحرر.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
387

وعنه تقدم من اشتهرت عدالته.
جزم به في الوجيز.
واختاره بن أبي موسى وأبو الخطاب وأبو محمد الجوزي.
وقال ويتخرج منه الترجيح بالعدل.
وحكاهما في المحرر وجهين وأطلقهما.
قوله (ولا الرجلان على الرجل والمرأتين).
هذا المذهب.
جزم به في الوجيز والمذهب والخلاصة والهداية والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والمغني والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يقدم الرجلان على الرجل والمرأتين.
قال الشارح بعد ذكر هذه المسائل الثلاثة وقدم أنه لا ترجيح بذلك.
ويتخرج أن يرجح بذلك مأخوذا من قول الخرقي ويقدم الأعمى أوثقهما في نفسه.
وقاله أبو الخطاب في الهداية لأن أحد الخبرين يرجح بذلك فكذلك الشهادة ولأنها خبر ولأن الشهادة إنما اعتبرت لغلبة الظن بالمشهود وإذا كثر العدد أو قويت العدالة كان الظن أقوى قاله الشارح.
قوله (ويقدم الشاهدان علي الشاهد واليمين في أحد الوجهين).
وأطلقهما في المحرر وشرح بن منجا وتجريد العناية.
وهما احتمالان مطلقان في الهداية والمذهب.
أحدهما لا يقدم الشاهدان على الشاهد واليمين.
388

وهو المذهب على ما أصلحناه.
جزم به في المنور.
وصححه في النظم وتصحيح المحرر.
وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني يقدمان على الشاهد واليمين.
اختاره المصنف والشارح.
وصححه في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز.
قلت وهو الصواب وهو المذهب.
قوله (وإذا تساوتا تعارضتا بلا نزاع).
وقوله وقسمت العين بينهما بغير يمين.
يعني إذا كانت العين في أيديهما.
وهذا إحدى الروايات.
فتستعمل البينتان بقسمة العين بينهما بغير يمين.
وجزم به في الوجيز.
وصححه في المغنى والشرح.
وعنه أنهما يتحالفان كمن لا بينة لهما فيسقطان بالتعارض.
وهذه الرواية هي المذهب.
وجزم به في العمدة.
وعليها جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وهو الذي ذكره الخرقي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفروع.
389

قال الزركشي اختاره كثير من الأصحاب.
وقال ولعل منشأ الخلاف إذا تعارض الدليلان هل يتوقف المجتهد أو يتخير في العمل بأحدهما فيه خلاف انتهى.
ويحلف كل واحد منهما على النصف المحكوم له به.
قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
وقال الزركشي في الصلح عند قول الخرقي وكذلك إن كان محلولا من بناءيهما وصفة اليمين قال أبو محمد أن يحلف كل واحد منهما على نصف الحائط أنه له.
ولو حلف كل واحد منهما على جميع الحائط أنه له دون صاحبه جاز وكان بينهما.
قال الزركشي قلت الذي ينبغي أن تجب اليمين على حسب الجواب انتهى وتقدم هذا أيضا.
وعنه أنه يقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وأخذها.
فيستعمل البينتان بالقرعة.
ونصر في عيون المسائل أنهما يستهمان على من تكون العين له.
ونقله صالح عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي ورد رواية بالقرعة.
فيحتمل أنها بين البينتين.
وهو ظاهر ما في الروايتين للقاضي.
ويحتمل أنها بين المتداعيين.
وهو الذي حكاه الشريف فقال وعنه يقرع بينهما.
إلا أن شيخنا كان يقول يقرع بين المتداعيين لا البينتين انتهى.
وحكى بن شهاب في عيون المسائل رواية أنه يوقف الأمر حتى يتبين أو يصطلحا عليه.
390

وذكر في الوسيلة الرواية الأولى والثانية فيما إذا كانت العين بيد أحدهما.
وقال في الفروع وعلى الرواية الأولى والثالثة هل يحلف كل واحد منهما للآخر فيه روايتان.
قال شيخنا في حواشيه على الفروع أما على رواية القرعة فلا يظهر حلف كل واحد منهما للآخر بل الذي يحلف هو الذي تخرج له القرعة.
وهكذا ذكرها في المقنع والكافي والمحرر والرعاية.
فلعل كلام المصنف وهم انتهى.
تنبيه قوله في الرواية الأولى قسمت العين بينهما بغير يمين.
وهو الصحيح على هذه الرواية.
وجزم به في المحرر والقواعد الفقهية والوجيز وغيرهم.
وصححه المصنف في المغنى والشارح.
وقدمه في الرعاية في موضع.
وعنه يحلف كل واحد منهما للآخر.
اختاره الخرقي وغيره.
وأطلقهما في الفروع كما تقدم.
وقوله في الرواية الثانية كمن لا بينة لهما.
تقدم حكم ذلك في أول هذا القسم فليعاود.
قوله (فإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد لم تسمع البينة على ذلك حتى يقول وهي في ملكه وتشهد البينة به).
فإذا قاله وشهدت البينة به حكم له بها.
وكذا إن شهدت أنه باعه إياها وسلمها إليه حكم له بها.
فإن لم يذكر إلا التسليم لم يحكم.
وقال في الكافي إذا كانت في يد زيد دار فادعى آخر أنه ابتاعها من
391

غيره وهي في ملكه وأقام بذلك بينة حكم له بها.
وإن شهدت أنه باعه إياها وسلمها إليه حكم له بها لأنه لم يسلمها إليه إلا وهي في يده.
وإن لم يذكر الملك ولا التسليم لم يحكم له بها لأنه يمكن أن يبيعه ما لا يملكه فلا يزال به صاحب اليد.
فظاهر كلامه أن الشهادة بالتسليم كافية في الحكم له بها.
وقال في الفروع وإن أقام كل واحد بينة بشرائها من زيد بكذا وقبل أو لم يقبل وهي في ملكه بل تحت يده وقت البيع فظاهر ما قدمه اشتراط الشهادة بالملك كما هو ظاهر المقنع.
والقول الثاني موافق لظاهر الكافي.
واعلم أن فرض هذه المسألة فيما إذا كانت العين في يد غير البائع كما صرح به في الكافي وغيره.
تنبيهات
أحدها قوله فإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد وهي في ملكه وادعى الآخر أنه اشتراها من عمرو وهي في ملكه وأقاما بذلك بينتين تعارضتا.
مراده إذا لم يؤرخا.
قاله في الفروع وغيره.
فإن كانت في يد أحدهما انبنى ذلك على بينة الداخل والخارج على ما تقدم.
الثاني قوله وإن أقام أحدهما بينة أنها ملكه وأقام الآخر
392

بينة أنه اشتراها منه أو وقفها عليه أو اعتقه قدمت بينته.
بلا نزاع.
قال في المحرر والرعاية وغيرهما قدمت بينته داخلا كان أو خارجا.
قال في الفروع قدمت الثانية ولم يرفع يده كقوله أبرأني من الدين.
الثالث قوله ولو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة وأقامت امرأته بينة أن أباه أصدقها إياها فهي للمرأة.
سواء كانت داخله أو خارجه.
قوله (القسم الثالث تداعيا عينا في يد غيرهما).
أعلم أنهما إذا تداعيا عينا في يد غيرهما فلا يخلو إما أن يقر بها لهما أو ينكرهما ولم ينازع فيها أو يدعيها لنفسه أو يقر بها لأحدهما بعينه أو يقر بها لأحدهما لا بعينه فيقول لا أعلم عينه منهما أو يقر بها لغيرهما فإن أقر بها لهما فهي لهما لكل واحد منهما الجزء الذي أقر به جزم به في الشرح وغيره.
وإن أقر بها لأحدهما وقال لا أعرف عينة منهما فتارة يصدقانه وتارة يكذبانه أو أحدهما.
فإن صدقاه لم يحلف.
وإن كذباه أو أحدهما حلف يمينا واحدة ويقرع بينهما فمن قرع حلف وهي له.
هذا المذهب نص عليه.
وهو من مفردات المذهب.
393

وفيه وجه آخر أنه لا يحلف.
ذكره في القاعدة الأخيرة.
قال الزركشي ولم يتعرض الخرقي لوجوب اليمين على المقر.
وكذلك الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن منصور إذا قال أودعني أحدهما لا أعرفه عينا أقرع بينهما.
وحمله القاضي على ما إذا صدقاه في عدم العلم.
فعلى الأول إن عاد بينه فقيل كتبيينه ابتداء.
ونقل الميموني إن أبي اليمين من قرع أخذها أيضا.
وقيل لجماعة من الأصحاب لا يجوز أن يقال ثبت الحق لأحدهما لا بعينه بإقراره وإلا لصحت الشهادة لأحدهما لا بعينه.
فقالوا الشهادة لا تصح لمجهول ولا به ولهما القرعة بعد تحليفه الواجب وقبله فإن نكل قدمت ويحلف للمقروع إن
كذبه فإن نكل أخذ منه بدلها.
وإن أقر بها لأحدهما بعينه حلف وهي له.
ويحلف أيضا المقر للآخر على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحلف له.
فعلى المذهب إن نكل أخذ منه بدلها.
وإذا أخذها المقر له فأقام الآخر بينة أخذها منه.
قال في الروضة وللمقر له قيمتها على المقر.
وإن أنكرهما ولم ينازع فقال في الفروع نقل الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به الأكثر يقرع بينهما كإقراره لأحدهما لا بعينه.
وقال في الواضح وحكى أصحابنا لا يقرع لأنه لم يثبت لهما حق كشهادة البينة بها لغيرهما وتقر بيده حتى يظهر ربها.
394

وكذا في التعليق منعا.
أوما إليه الإمام أحمد رحمه الله ثم تسليما.
فعلى الأول إن أخذها من فرع ثم علم أنها للآخر فقد مضى الحكم.
نقله المروذي.
وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب في التي بيد ثالث غير منازع ولا بينة كالتي بيديهما.
وذكره بن رزين وغيره.
وقال في الترغيب ولو ادعى أحدهما الكل والآخر النصف فكالتي بيديهما إذ اليد المستحقة للوضع كموضوعه.
وفي الترغيب أيضا لو ادعى كل واحد نصفها فصدق أحدهما وكذب الآخر ولم ينازع فقيل يسلم إليه.
وقيل يحفظه حاكم.
وقيل يبقى بحاله.
ونقل حنبل وابن منصور في التي قبلها لمدعى كلها نصفها ومن قرع في النصف الآخر حلف وأخذه.
قال في القاعدة الأخيرة وإن قال من هي في يده ليست لي ولا أعلم لمن هي ففيها ثلاثة أوجه.
أحدها يقترعان عليها كما لو أقر بها لأحدهما مبهما.
والثاني تجعل عند أمين الحاكم.
والثالث تقر في يد من هي في يده.
والأول ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح وأبي طالب وأبي النضر وغيرهم.
395

والوجهان الأخيران مخرجان من مسألة من في يده شيء معترف بأنه ليس له ولا يعرف مالكه فادعاه معين فهل يدفع إليه أم لا.
وهل يقر في يد من هو في يده أم ينتزعه الحاكم فيه خلاف انتهى.
وإن ادعاها لنفسه وهو قول المصنف وإن ادعاها صاحب اليد لنفسه.
فقال القاضي يحلف لكل واحد منهما وهي له وهو المذهب.
قدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز.
وقال أبو بكر بل يقرع بين المدعيين فتكون لمن تخرج له القرعة.
قال الشارح ينبني على أن البينتين إذا تعارضتا لا تسقطان فرجحت إحدى البينتين بالقرعة.
فعلى المذهب إن نكل أخذها منه وبدلها واقترعا عليها.
على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يقتسماها كما لو أقر بها لهما ونكل عن اليمين.
قال في الوجيز وإن نكل لزم لهما العين أو عوضها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد يقال تجزئ يمين واحدة.
ويقال إنما تجب العين يقترعان عليها.
ويقال إذا اقترعا على العين فمن قرع فللآخر أن يدعى عليه بها.
ويقال إن القارع هنا يحلف ثم يأخذها لأن النكول غايته أنه بذل.
والمطلوب ليس له هنا بذل العين فيجعل كالمقر فيحلف المقر له.
وإن أقر لغيرهما فقد تقدم حكمه مستوفى في أثناء باب طريق الحكم وصفته.
396

فائدة لو لم تكن بيد أحد فنقل صالح وحنبل هي لأحدهما بقرعه كالتي بيد ثالث.
وقدمه في الفروع.
وذكر جماعة تقسم بينهما كما لو كانت بيديهما.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي.
وأطلقهما في القاعدة الأخيرة.
قوله (فإن كان المدعى عبدا فأقر لأحدهما لم ترجح بإقراره وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها).
وجزم به في الشرح وشرح بن منجا والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وقال في الفروع وإن ادعيا رق بالغ ولا بينة فصدقهما فهو لهما وإن صدق أحدهما فهو له كمدع واحد.
وفيه رواية ذكرها القاضي وجماعة.
وعنه لا يصح إقراره لأنه متهم.
نصره القاضي وأصحابه.
وإن جحد قبل قوله على الصحيح من المذهب.
وحكى لا يقبل قوله انتهى.
قوله (وإن كان لكل واحد بينة تعارضتا والحكم على ما تقدم).
وكذا قال الشارح وابن منجا في شرحه.
وقال في الفروع فيما إذا ادعيا رق بالغ وإن أقاما بينتين تعارضتا ثم إن أقر لأحدهما لم ترجح به على رواية استعمالها.
397

وظاهر المنتخب مطلقا.
فائدتان
إحداهما لو أقام بينة برقه وأقام بينة بحريته تعارضتا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وقيل تقدم بينة الحرية.
وقيل عكسه.
الثانية لو كانت العين بيد ثالث أقر بها لهما أو لأحدهما لا بعينه أو ليست بيد أحد وأقاما بينتين ففيها روايات التعارض.
على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في الترغيب إن تكاذبا فلم يمكن الجمع فلا كشهادة بينة بقتل في وقت بعينه وأخرى بالحياة فيه.
ونقل جماعة القرعة هنا والقسمة فيما بأيديهما.
واختاره جماعة.
وقال في عيون المسائل إن تداعيا عينا بيد ثالث وأقام كل واحد البينة أنها له سقطتا واستهما على من يحلف وتكون العين له.
والثانية يقف الحكم حتى يأتيا بأمارتين قال لأن إحداهما كاذبة فسقطتا كما لو ادعيا زوجية امرأة وأقام كل واحد البينة وليست بيد أحدهما فإنهما يسقطان كذا هنا.
قوله (وإن أقر صاحب اليد لأحدهما لم ترجح بذلك).
يعني إذا أقاما بينتين بعد أن أنكرهما.
398

وإقامة البينتين تارة تكون قبل إقراره لأحدهما وتارة تكون بعد إقراره.
فإن أقاماهما قبل إقراره وهو مراد المصنف هنا فحكم التعارض بحاله وإقراره باطل على روايتي الاستعمال وهو صحيح مسموع على رواية التساقط قاله في المحرر والفروع والحاوي وغيرهم من الأصحاب وإن كان إقراره قبل إقامة البينتين فالمقدمة كبينة الداخل والمؤخرة كبينة الخارج فيما ذكره.
قاله في المحرر والحاوي والفروع وغيرهم.
فائدة لو ادعاها أحدهما وادعى الآخر نصفها وأقاما بينتين فهي.
لمدعى الكل إن قدمنا بينة الخارج وإلا فهي لهما.
وإن كانت بيد ثالث فقد ثبت أحد نصفيها لمدعي الكل.
وأما الآخر فهل يقتسمانه أو يقترعان عليه أو يكون للثالث مع يمينه.
على روايات التعارض.
قاله في المحرر وغيره.
قال في الفروع فلمدعي كلها نصف والآخر للثالث بيمينه.
وعلى استعمالهما يقتسمانه أو يقترعان.
قوله (وإن كانت في يد رجل عبد فادعى أنه اشتراه من زيد وادعى العبد أن زيدا أعتقه وأقام كل واحد بينة انبنى على بينه الداخل والخارج).
مراده إذا كانت البينتان مؤرختين بتاريخ واحد أو مطلقتين أو إحداهما مطلقة ونقول هما سواء.
قاله الشارح وابن منجا.
399

فإن كان في يد المشترى فالمشتري داخل والعبد خارج.
هذا إحدى الروايتين.
وجزم به بن منجا في شرحه.
قال في المحرر ولو كان العبد بيد أحد المتداعيين أو بيد نفسه وادعى عتق نفسه وأقاما بينتين بذلك صححنا أسبق التصرفين إن علم التاريخ وإلا تعارضتا نص عليه إلغاء لهذه اليد للعلم بمستندها.
واختاره أبو بكر.
وعنه أنها يد معتبرة فلا تعارض بل الحكم على الخلاف في الداخل والخارج.
وهذه الرواية هي التي جزم بها المصنف هنا.
وأطلقهما في الفروع.
وتقدم في بينة الداخل والخارج شيء من ذلك.
قوله (وإن كان العبد في يد زيد يعني البائع فالحكم فيه حكم ما إذا ادعيا عينا في يد غيرهما).
على ما تقدم قريبا.
قال في المحرر والفروع وغيرهما ومن ادعى أنه اشترى أو اتهب من زيد عبده وادعى آخر كذلك أو ادعى العبد العتق وأقاما بينتين بذلك صححنا أسبق التصرفين إن علم التاريخ وإلا تعارضتا فيسقطان أو يقسم فيكون نصفه
مبيعا ونصفه حرا ويسري العتق إلى جميعه إن كان البائع موسرا ويقرع كما سبق.
وعنه تقدم بينة العتق لإمكان الجمع.
قوله (وأن كان في يد رجل عبد فادعى عليه رجلان كل واحد
400

منهما أنه اشتراه منى بثمن سماه فصدقهما لزمه الثمن لكل واحد منهما.
وإن أنكرهما حلف لهما وبرىء.
وإن صدق أحدهما لزمه ما ادعاه وحلف للآخر.
وإن كان لأحدهما بينة فله الثمن ويحلف للآخر).
بلا نزاع أعلمه.
وإن أقام كل واحد منهما بينة فأمكن صدقهما لاختلاف تاريخهما أو إطلاقهما أو إطلاق إحداهما وتأريخ الأخرى عمل بهما.
وهذا هو المذهب.
جزم به في الشرح وشرح بن منجا والوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي والفروع.
وقيل إن لم يؤرخا أو إحداهما تعارضتا.
قوله (وإن اتفق تاريخهما تعارضتا والحكم على ما تقدم في تعارض البينتين).
وهذا بلا نزاع.
قوله (وإن ادعى كل واحد منهما أنه باعني إياه بألف وأقام بينة قدم أسبقهما تاريخا).
بلا نزاع وهي له.
قال في الفروع وللثاني الثمن.
401

فإن لم تسبق إحداهما تعارضتا.
يعني فيها روايات التعارض بلا نزاع.
فعلى رواية القسمة يتحالفان ويرجع كل واحد منهما على البائع بنصف الثمن وله الفسخ فإن فسخ رجع بكل الثمن.
فلو فسخ أحدهما فللآخر أخذه كله على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقال في المغنى هذا إذا لم يكن حكم له بنصفها أو نصف الثمن.
وعلى رواية القرعة هو لمن قرع.
وعلى رواية التساقط يعمل كما سبق.
تنبيه يشترط أن يقول عند قوله باعني إياه بألف فيقول وهو ملكه.
على الصحيح من المذهب.
وقيل يصح ولو لم يقل ذلك بل قال وهي تحت يده وقت البيع.
وتقدم التنبيه على ذلك عند قوله فإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد لم تسمع البينة حتى يقول وهي ملكه.
فائدة لو أطلقت البينتان أو إحداهما في هذه المسألة تعارضتا في الملك إذن لا في الشراء لجواز تعدده وإن ادعاه البائع إذن لنفسه قبل إن سقطتا فيحلف يمينا على الصحيح من المذهب.
وقيل يمينين.
وإن قلنا لا تسقطان عمل بها بقرعة أو يقسم لكل واحد نصفها بنصف الثمن على روايتي القرعة والقسمة.
قوله (وإن قال أحدهما غصبني إياه وقال الآخر ملكنيه
402

أو أقر لي به وأقام كل واحد بينة فهي للمغصوب منه ولا يغرم للآخر شيئا) بلا نزاع.
لأنه لا تعارض بينهما لجواز أن يكون غصبه من هذا ثم ملكه الآخر.
فائدة لو ادعى أنه أجره البيت بعشرة فقال المستأجر بل كل الدار وأقاما بينتين فقيل تقدم بينة المستأجر للزيادة.
وقيل يتعارضان ولا قسمة هنا.
قدمه في المغنى والشرح والرعاية الكبرى.
وأطلقهما في الفروع.
وتقدم في أوائل طريق الحكم وصفته ما يصح سماع البينة فيه قبل الدعوى وما لا يصح.
403

باب تعارض البينتين
قوله (إذا قال لعبده متى قتلت فأنت حر فادعى العبد أنه قتل فأنكر الورثة فالقول قولهم بلا نزاع).
وإن أقام كل واحد منهم بينة بما ادعاه فهل تقدم بينة العبد فيعتق أو يتعارضان ويبقى على الرق فيه وجهان.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والشرح وشرح بن منجا.
وهما احتمالان مطلقان في الهداية والخلاصة.
أحدهما تقدم بينة العبد ويعتق.
وهو المذهب نص عليه.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني يتعارضان ويبقى على الرق.
وقال في المحرر وقيل يتعارضان فيقضي بالتساقط أو القرعة أو القسمة.
قوله (ولو قال إن مت في المحرم فسالم حر وإن مت في صفر فغانم حر وأقام كل واحد بينة بموجب عتقه قدمت بينة سالم).
هذا أحد الوجوه في المسألة.
وجزم به بن منجا في شرحه والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
404

وقدمه في الرعايتين والحاوي.
والوجه الثاني يتعارضان ويسقطان ويبقى العبد على الرق ويصير كمن لا بينة لهما.
وجزم به في الوجيز.
وهو ظاهر ما قطع به في الفروع.
قال في المحرر وإن أقام كل واحد بينة بموجب عتقه تعارضتا وكان كمن لا بينة له في رواية أو يقرع بينهما في الأخرى.
وقيل تقدم بينة محرم بكل حال انتهى.
والوجه الثالث يقرع بينهما فمن قرع عتق.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وأطلقهن في الشرح.
فائدة لو لم تقم بينة وجهل وقت موته رقا معا بلا نزاع.
وإن علم موته في أحد الشهرين اقرع بينهما.
على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع.
وقيل يعمل فيهما بأصل الحياة.
فعلى هذا يعتق غانم.
قوله (وإن قال إن مت في مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر وأقاما بينتين تعارضتا وبقيا على الرق).
ذكره أصحابنا.
وهو إحدى الروايتين.
405

وهو المذهب منهما وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
قال المصنف هنا والقياس أن يعتق أحدهما بالقرعة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أيضا.
واختاره المصنف والشارح.
قلت وهو الصواب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وأطلقهما في المحرر.
ويحتمل أن يعتق غانم وحده لأن بينته تشهد بزيادة وهو قوي.
وقيل يعتق سالم وحده.
فوائد
الأولى لو قال إن مت من مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر وأقاما بينتين فحكمها حكم التي قبلها عند جماهير الأصحاب.
وقال في الترغيب هنا يرقان وجها واحدا.
يعني لتكاذبهما على كلامه المتقدم.
الثانية لو قال إن مت في مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر وجهل في أيهما مات اقرع بينهما على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل يعتق سالم.
وقيل يعتق غانم.
406

الثالثة لو قال إن مت من مرضي بدل في مرضي وجهل مما مات فقيل برقهما لاحتمال موته في المرض بحادث.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والنظم.
وقيل بالقرعة إذ الأصل عدم الحادث.
وقدمه في المغنى.
وقيل يعتق سالم لأن الأصل دوام المرض وعدم البرء.
وقيل يعتق غانم.
وأطلقهن في الفروع.
وأطلق الثلاثة الأول في القواعد.
قوله (وإن أتلف ثوبا فشهدت بينة أن قيمته عشرون وشهدت أخرى أن قيمته ثلاثون لزمه أقل القيمتين).
هذا المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمصنف والشارح ونصراه وغيرهم وقيل تسقطان لتعارضهما.
وقيل يقرع.
وقيل يلزمه ثلاثون.
وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله في نظيرها فيمن أجر حصة موليه فقالت بينة أجرها بأجرة مثلها وقالت بينة أخرى أجرها بنصف أجرة المثل.
فائدة لو كان بكل قيمة شاهد ثبت الأقل بهما على المذهب لا على رواية التعارض.
407

قاله في المحرر وغيره.
وقال في الفروع ثبت الأقل بهما على الأولة.
وعلى الثانية يحلف مع أحدهما ولا تعارض.
وقال الشارح لو شهد شاهد أنه غصب ثوبا قيمته درهمان وشاهد أن قيمته ثلاثة ثبت ما اتفقا عليه وهو درهمان.
وله أن يحلف مع الآخر على درهم لأنهما اتفقا على درهمين وانفرد أحدهما بدرهم.
فأشبه ما لو شهد أحدهما بألف والآخر بخمسمائة.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع لو اختلفت بينتان في قيمة عين قائمة ليتيم يريد الوصي بيعها أخذ ببينة الأكثر فيما يظهر.
قوله (ولو ماتت امرأة وابنها فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها ولا بينة حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وكان ميراث الابن لأبيه وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين).
هذا المذهب نص عليه.
وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع في باب ميراث الغرقى اختاره الأكثر.
قال المصنف في هذا الكتاب في باب ميراث الغرقى هذا أحسن إن شاء الله تعالى.
وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى وغيرهم.
408

وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي وغيرهم وقال ابن أبي موسى يعين السابق بالقرعة كما لو قال أول ولد تلدينه حر فولدت ولدين وأشكل السابق منهما.
وقال أبو الخطاب ومن تبعه يرث كل واحد منهما من صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه عن الميت معه كما لو جهل الورثة موتهما على ما تقدم في باب ميراث الغرقى.
قال المصنف هناك هذا ظاهر المذهب.
وقال المصنف هنا وقياس مسائل الغرقى أن يجعل للأخ السدس من مال الابن والباقي للزوج.
وقال أبو بكر يحتمل أن المال بينهما نصفان.
قال المصنف في المغني وهذا لا ندري ماذا أراد به.
إن أراد أن مال الابن والمرأة بينهما نصفان لم يصح لأنه يفضي إلى إعطاء الأخ ما لا يدعيه ولا يستحقه يقينا لأنه لا يدعي من مال الابن أكثر من السدس ولا يمكن أن يستحق أكثر منه.
وإن أراد أن ثلث مال الابن يضم إلى مال المرأة فيقتسمانه نصفين لم يصح لأن نصف ذلك للزوج باتفاق فيهما لا ينازعه الأخ فيه وإنما النزاع بينهما في نصفه.
قال ويحتمل أن يكون هذا مراده كما لو تنازع رجلان دارا في أيديهما أو ادعاها أحدهما كلها والآخر نصفها فإنها تقسم بينهما نصفين ثم يفرق بينهما.
قوله (وإن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه تعارضتا وسقطتا).
ويعمل فيها كما تقدم من اختلافهما في السابق وعدم البينة على الصحيح.
409

وقال جماعة من الأصحاب إن تعارضت وقلنا بالقسمة قسم بينهما ما اختلفا فيه نصفان.
وتقدم ذلك كله في باب ميراث الغرقى فليعاود.
قوله (وإن شهدت بينة على ميت أنه وصى بعتق سالم وهو ثلث ماله وشهدت أخرى أنه وصى بعتق غانم وهو ثلث ماله اقرع بينهما فمن تقع له القرعة عتق دون صاحبه إلا أن يجيز الورثة.
وهذا المذهب).
قال المصنف والشارح هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر وابن أبي موسى يعتق من كل واحد نصفه بغير قرعة.
قال في المحرر وهو بعيد عن المذهب.
قوله (وإن شهدت بينة غانم أنه رجع عن عتق سالم عتق غانم وحده سواء كانت وارثة أو لم تكن لا أعلم فيه خلافا).
قوله (وإن كانت قيمة غانم سدس المال وبينته أجنبية قبلت وإن كانت وارثة عتق العبدان).
يعني إن شهدت الوارثة بأنه رجع عن عتق سالم عتق العبدان ولم تقبل شهادتهما وهذا المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
410

وقدمه في الشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر يحتمل أن يقرع بينهما.
فإن خرجت القرعة لسالم عتق وحده.
وإن خرجت لغانم عتق هو ونصف سالم.
قال في المحرر والفروع وغيرهما وقبلها أبو بكر بالعتق لا الرجوع فيعتق نصف سالم ويقرع بين بقيته والآخر.
قوله (وإن شهدت بينة أنه أعتق سالما في مرضه وشهدت أخرى أنه أوصى بعتق غانم وكل واحد منهما ثلث
المال عتق سالم وحده وإن شهدت بينة غانم أنه أعتقه في مرضه أيضا عتق أقدمهما تاريخا إن كانت البينتان أجنبيتان عتق أسبقهما تاريخا).
وكذلك إن كانت بينة أحدهما وارثة على أصح الروايتين.
قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وجزم به المصنف هنا وهو قوله فإن كانت بينة أحدهما وارثة ولم تكذب الأجنبية فكذلك وجزم به الشارح وابن منجا في شرحه وغيرهما.
فائدة لو كانت ذات السبق الأجنبية فكذبتها الوارثة أو كانت ذات السبق الوارثة وهي فاسقة عتق العبدان.
قوله (فإن جهل السابق عتق أحدهما بالقرعة).
هذا المذهب.
قاله المصنف والشارح وغيرهما.
411

وجزم به بن منجا في شرحه وغيره.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل يعتق من كل عبد نصفه.
قال في المحرر وهو بعيد على المذهب.
قال في المنتخب كدلالة كلامه على تبعيض الحرية فيهما نحو أعتقوا إن خرج من الثلث.
قوله (وإن قالت).
أي البينة الوارثة.
ما أعتق سالما وإنما أعتق غانما عتق غانم كله وحكم سالم كحكمه لو لم يطعن في بينته في أنه يعتق إن تقدم تاريخ عتقه أو خرجت له القرعة وإلا فلا.
الصحيح من المذهب أن غانما يعتق كله.
قاله القاضي وغيره.
قال المصنف والشارح وهو أصح.
وقيل يعتق ثلثاه إن حكم بعتق سالم وهو ثلث الباقي لأن العبد الذي شهد به الأجنبيان كالمغصوب من التركة.
ورده المصنف والشارح.
قوله (وإن كانت الوارثة فاسقة ولم تطعن في بينة سالم عتق سالم كله وينظر في غانم فإن كان تاريخ عتقه سابقا
412

أو خرجت القرعة له عتق كله وإن كان متأخرا أو خرجت القرعة لسالم لم يعتق منه شيء).
وهذا المذهب.
قدمه في المغنى والمحرر والشرح والفروع.
وقال القاضي يعتق من غانم نصفه.
ورده المصنف.
قوله (وإن كذبت بينة سالم عتق العبدان).
وهو المذهب.
قدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وقيل يعتق من غانم ثلثاه كما تقدم نظيره قاله الشارح.
فائدة التدبير مع التنجيز كآخر التنجيزين مع أولهما في كل ما تقدم.
قدمه في المحرر والحاوي والفروع وغيرهم.
قوله (وإذا مات رجل وخلف ولدين مسلما وكافرا فادعى كل واحد منهما أنه مات على دينه فإن عرف أصل دينه فالقول قول من يدعيه وإن لم يعرف فالميراث للكافر لأن المسلم لا يقر ولده على الكفر في دار الإسلام).
وهو المذهب بشرط أن يعترف المسلم أن الكافر أخوه.
وهو الذي قاله الخرقي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والحاوي والرعايتين والفروع وغيرهم.
413

وهو من مفردات المذهب.
وذكر بن أبي موسى رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أنهما في الدعوى سواء فيكون الميراث بينهما نصفين.
وهو ظاهر كلام القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما.
قاله الزركشي.
ونقلها بن منصور.
سواء اعترف بالأخوة أولا.
وهو من المفردات أيضا وقيل بالقرعة.
وقيل المال للمسلم.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
وجزم به في العمدة.
وقيل بالوقف وهو احتمال لأبي الخطاب.
وقال القاضي إن كانت التركة بأيديهما تحالفا وقسمت بينهما.
قال في الفروع وهو سهو لاعترافهما أنه إرث.
قال المصنف ومقتضى كلامه أنها له مع يمينه ولا يصح لاعترافهما بأن التركة للميت وأن استحقاقها بالإرث فلا حكم لليد انتهى.
قلت قال ابن عبدوس في تذكرته وإن كانت بيديهما حلفا وتناصفاها اعترفا بالأخوة أولا.
وفي مختصر بن رزين إن عرف ولا بينة فالقول قول المدعى.
وقيل يقرع أو يوقف.
414

قوله (وإن لم يعترف المسلم أنه أخوة ولم تقم بينة فالميراث بينهما).
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع والزركشي وقال هذا المشهور وغيرهم.
ويحتمل أن يكون للمسلم لأن حكم الميت حكم المسلمين في غسله والصلاة عليه.
وقال القاضي القياس أن يقرع بينهما.
قال في المغنى هنا ويحتمل أن يقف الأمر حتى يظهر أصل دينه.
فائدة هذه الأحكام إذا لم يعرف أصل دينه.
فإن عرف أصل دينه فالمذهب كما قال المصنف وعليه الأصحاب.
وجزم به القاضي والشريف وأبو الخطاب وصاحب الفروع والمجد.
وقال رواية واحدة أن القول قول من يدعيه.
وأجرى بن عقيل كلام الخرقي على إطلاقه فحكى عنه أن الميراث للكافر والحالة هذه.
وقدمه كما يقوله الجماعة.
قال الزركشي وشذ الشيرازي فحكى فيه الروايتين اللتين فيما إذا اعترف بالأخوة ولم يعرف أصل دينه.
قوله (وإن أقام كل واحد منهما بينة أنه مات على دينه تعارضتا).
إذا شهدت البينتان بذلك فلا يخلو إما أن يعرف أصل دينه أولا.
فإن لم يعرف أصل دينه فجزم المصنف هنا بالتعارض وهو المذهب.
اختاره القاضي وجماعة منهم الخرقي والمصنف في الكافي.
وجزم به في الشرح والشيرازي.
415

وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وعنه تقدم بينة الإسلام.
وجزم به في الوجيز والعمدة.
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية.
وأطلقهما في المحرر.
وإن عرف أصل دينه قدمت البينة الناقلة عنه على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع.
وقاله القاضي وجماعة نقله الزركشي.
واختاره المصنف وغيره.
وظاهر كلام الخرقي التعارض لأنه لم يفرق بين من عرف أصل دينه وبين من لم يعرف أصل دينه وقال الشارح إن عرف أصل دينه نظرنا في لفظ الشهادة.
فإن شهدت كل واحدة منهما أنه كان آخر كلامه التلفظ بما شهدت به فهما متعارضتان.
وإن شهدت إحداهما أنه مات على دين الإسلام وشهدت الأخرى أنه مات على دين الكفر قدمت بينة من يدعى انتقاله عن دينه انتهى.
وقال في الرعاية وإن قالت بينة المسلم مات مسلما وبينة الكافر مات كافرا قدمت بينة الإسلام.
وقيل إن عرف أصل دينه قدمت الناقلة عنه.
وقيل بالتعارض مطلقا كما لو جهل.
وقيل تقدم إحداهما بقرعة.
وقيل يرثانه نصفين.
416

قوله (وإن قال شاهدان نعرفه مسلما وقال شاهدان نعرفه كافرا فالميراث للمسلم إذا لم يؤرخ الشهود معرفتهم).
إذا شهدت الشهود بهذه الصفة فلا يخلو إما أن يعرف أصل دينه أولا.
فإن لم يعرف بل جهل أصل دينه فالميراث للمسلم إذا لم يؤرخ الشهود كما هو ظاهر كلام المصنف وهو المذهب.
اختاره الخرقي والمصنف في الكافي والشيرازي.
وجزم به في الوجيز والمنور والعمدة ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الرعايتين.
وعنه يتعارضان.
وهو المذهب على ما اصطلحناه.
اختاره جماعة منهم القاضي.
وقدمه في الفروع.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
واختاره في المغنى والشرح.
ولو اتفق تاريخهما.
وهو ظاهر كلامه في منتخب الشيرازي.
وإن عرف أصل دينه قدمت البينة الناقلة.
وهو المذهب وعليه الأكثر.
وقدم في الرعايتين أن بينة الإسلام تقدم.
وذكر قولا بالتعارض.
وقولا تقدم إحداهما بقرعة.
وقولا يرثانه نصفين.
417

فائدة لو شهدت بينة أنه مات ناطقا بكلمة الإسلام وبينة أنه مات ناطقا بكلمة الكفر تعارضتا سواء عرف أصل دينه أولا.
وعليه أكثر الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
وقال في الرعاية الصغرى وإن شهدت بينة أنه مات لما نطق بالإسلام وبينة أنه مات لما نطق بالكفر وعرف أصل دينه أو جهل سقطتا والحكم كما سبق وعنه لا سقوط ويرثه من قرع.
وعنه بل هما انتهى.
وقال ابن عقيل في التذكرة إن عرف أصل دينه قبل قول من يدعى نفيه وشذذه الزركشي.
قوله (وإن خلف أبوين كافرين وابنين مسلمين فاختلفوا في دينه فالقول قول الأبوين).
كما لو عرف أصل دينه.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعاية.
ويحتمل أن القول قول الابنين لأن كفر أبويه يدل على أصل دينه في صغره وإسلام ابنيه يدل على إسلامه في كبره فيعمل بهما جميعا.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
والذي قدمه في المحرر والفروع وغيرهما إن حكمهم كحكم الابن المسلم والابن الكافر على ما تقدم من التفصيل والخلاف.
418

وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
قوله (وإن خلف ابنا كافرا وأخا وامرأة مسلمين واختلفوا في دينه فالقول قول الابن على قول الخرقي).
وجزم به في الوجيز.
وقال القاضي يقرع بينهما.
والذي قدمه في المحرر والرعاية والفروع وغيرهم أن حكمهم حكم الابن المسلم مع الابن الكافر.
على ما تقدم من التفصيل والخلاف.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقال أبو بكر قياس المذهب أن تعطي المرأة الربع ويقسم الباقي بين الابن والأخ نصفين.
قال في المحرر وهو بعيد.
وحكى عن أبي بكر أن المرأة تعطى الثمن والباقي للابن والأخ نصفين قال في المحرر أيضا وهو بعيد.
وقال في الفروع في المسألة الأولى ومتى نصفنا المال فنصفه للأبوين على ثلاثة.
وقال في الثانية متى نصفناه فنصفه للزوجة والأخ على أربعة.
قوله (ولو مات مسلم وخلف ولدين مسلما وكافرا فأسلم الكافر وقال أسلمت قبل موت أبي وقال أخوه بل بعده فلا ميراث له فإن قال أسلمت في المحرم ومات أبي في صفر وقال أخوه بل مات في ذي الحجة فله الميراث مع أخيه).
419

وهذا المذهب.
قطع به الأصحاب في الثانية.
وعليه الأكثر في الأولى.
وجزم به في المحرر والشرح وشرح بن منجا والحاوي والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه الميراث بينهما.
قدمه في الخلاصة والرعايتين.
فوائد
الأولى لو أقام كل واحد بينة بذلك فهل يتعارضان أو تقدم بينة مدعى تقديم موته على وجهين.
وأطلقهما في الفروع.
الثانية لو خلف كافر ابنين مسلما وكافرا فقال المسلم أسلمت أنا عقب موت أبي وقبل قسم تركته على رواية فإرثه لي وقال الآخر بل أسلمت قبل موته فلا إرث لك صدق المسلم بيمينه.
وإن أقاما بينتين بما قالا قدمت بينة الكافر سواء اتفقا على موت أبيهما أولا.
فإن اتفقا أن المسلم أسلم في رمضان فقال مات أبي في شوال فإرثه أنا وأنت وقال الكافر بل مات في شوال صدق الكافر.
وإن أقاما بينتين صدقت بينة المسلم.
الثالثة لو خلف حر ابنا حرا وابنا كان عبدا فادعى أنه عتق وأبوه حي ولا بينة صدق أخوه في عدم ذلك.
وإن تبت عتقه في رمضان فقال الحر مات أبي في شعبان وقال العتيق
420

بل في شوال صدق العتيق وتقدم بينة الحر مع التعارض.
الرابعة لو شهدا على اثنين بقتل فشهدا على الشاهدين به فصدق الولي الكل أو الآخرين أو كذب الكل أو الأولين فقط فلا قتل ولا دية.
وإن صدق الأولين فقط حكم بشهادتهما وقتل من شهدا عليه.
والله أعلم بالصواب.
وكان الفراغ من طبع هذا الجزء " الحادي عشر من الإنصاف " وتصحيحه وتحقيقه، على هذه الصفة قدر الجهد والطاقة - بمطبعة السنة المحمدية.
ولم آل - يعلم الله - جهدا، ولم أدخر وسعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكفى بالله معينا وشهيدا ووليا ونصيرا.
ويتلوه - بمشيئة الله تعالى وحسن توفيقه ومعونته -: الجزء الثاني عشر وأوله " كتاب الشهادات ".
والله المعين على الإكمال، والمسؤول وحده حسن الجزاء، وخير المثوبة من عظيم فضله، وواسع كرمه. فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله أجمعين.
والله أرجو أن يجعلنا من آل هذا الرسول وحزبه المفلحين في الدنيا والآخرة.
وكتبه الفقير إلى عفو الله ورحمته ومغفرته.
محمد حامد الفقي
القاهرة في: يوم السبت 26 ذي القعدة سنة 1377 ه‍ = الموافق 14 يونيو سنة 1958 م
421