الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ٣
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية شرح بداية المبتدي
1

الطبعة الأولى
1415 ه‍ 1995
طبع. نشر. توزيع - دار الحديث
2

الهداية شرح بداية المبتدي
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع نصب الراية
تخريج أحاديث جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء الثالث
دار الحديث القاهرة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

الرجل الواحد انتهى وعبد الاعلى هذا متكلم فيه
حديث آخر رواه الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن
عبد الله بن عمر بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين أن رجلا شهد عند علي رضي
الله عنه على رؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس أن يصوموا وقال:
أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان انتهى (2)
حديث لمالك رضي الله عنه في الشاهدين استدل لمالك في قوله لا يصام
ولا يفطر إلا بشهادة عدلين بحديث أخرجه الدارقطني عن حسين بن الحارث الجدلي أن
أمير مكة خطبنا فقال عهد إلينا رسول الله أن ننسك فإن لم نره وشهد شاهدا
عدل نسكنا بشهادتهما فسألت الحسين بن الحارث من أمير مكة فقال لا أدري ثم
لقيني بعد فقال هو الحارث بن حاطب انتهى وقال إسناده صحيح متصل
باب ما يوجب القضاء والكفارة
الحديث العاشر قال عليه الصلاة والسلام للذي أكل وشرب ناسيا تم على
5

صومك فإنما أطعمك الله وسقاك قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث
محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه واللفظ لأبي داود قال جاء رجل إلى
النبي عليه السلام فقال يا رسول الله إني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم فقال
الله أطعمك وسقاك انتهى وهو أقرب إلى لفظ المصنف ولفظ الباقين من
نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه انتهى ورواه
ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الرابع والدارقطني في
سننه أن رجلا سأل رسول الله فقال إني كنت صائما فأكلت وشربت ناسيا
قال رسول الله أتم صومك فإن الله أطعمك وسقا ك انتهى وزاد
الدارقطني في لفظ ولا قضاء عليك ورواه البزار في مسنده بلفظ الجماعة وزاد
فيه فلا يفطر فإنما أطعمه الله وسقاه وزاد الدارقطني في فلا قضاء عليه ولا كفارة
ورواه بن حبان في صحيحه من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن
عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال من أفطر
في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة انتهى ورواه عن بن خزيمة
بسنده ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه ورواه الدارقطني ثم البيهقي من جهته في سننهما قال البيهقي في
المعرفة تفرد به الأنصاري عن محمد بن عمرو وكلهم ثقات انتهى
حديث آخر قال الإمام أحمد حثنا عبد الصمد ثنا بشار بن عبد الملك حدثتني
أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحاق أنها كانت عند رسول الله فأتى بقصعة
من ثريد فأكلت معه ومعه ذو اليدين فناولها رسول الله عرقا فقال يا أم إسحاق
أصيبي من هذا فأصبت ثم ذكرت أني صائمة فبردت يدي لا أقدمها
6

ولا أؤخرها فقال عليه السلام أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك
انتهى قال في التنقيح هذا حديث غريب غير مخرج في السنن وبعض
رواته ليس بمشهور وبشار بن عبد الملك ضعيف وقال أبو حاتم الرازي يروى عن
حدته أم حكيم ابنة دينار وروى عنه موسى بن إسماعيل وعبد الصمد بن عبد الوارث
وقال البخاري في التاريخ بشار بن عبد الملك يعد في البصريين قال لنا موسي بن
إسماعيل ثنا بشار بن عبد الملك قال حدثتني أم حكيم سمعت مولاتها أم إسحاق
العنزية قالت هاجرت إلى النبي عليه السلام انتهى
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام ثلاث لا يفطرن الصائم القئ
والحجامة والاحتلام قلت روى من حديث الخدري ومن حديث بن عباس
ومن حديث ثوبان
فحديث الخدري أخرجه الترمذي في كتابه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
7

عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
لا يفطرن الصائم الحجامة والقئ والاحتلام انتهى وقال حديث غير محفوظ
وقد رواه عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار مرسلا لم يذكروا فيه عن أبي سعيد وعبد الرحمن ضعيف قال
محمد لا أروى عنه شيئا انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال هكذا رواه
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وليس بالقوي ورواه في المعرفة وقال
عبد الرحمن ضعيف في الحديث لا يحتج بما يتفرد به ثم هو محمول على ما لو ذرعه
القئ جمعا بين الاخبار انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال
عبد الرحمن كان يقلب الاخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع
الموقوفات وإسناد المرسلات فاستحق الترك انتهى قلت رواه مرسلا ابن
أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي عليه السلام
طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه به
مسندا قال البزار وهذا الحديث إنما يعرف عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه
وعبد الرحمن ضعيف جدا فذكرناه عن أخيه أسامة لأنه أحد الاخوة وهم عبد الله
8

وعبد الرحمن وأسامة ولم يسمع هذا الحديث من رواية أسامة إلا من الحسن بن عرفة
عن حماد بن خالد عن أسامة بن زيد انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن
عطاء به وهشام بن سعد وإن تكلم فيه غير واحد فقد احتج به مسلم واستشهد
به البخاري ورواه بن عدي في الكامل وأسند تضعيف هشام بن سعد عن النسائي
وأحمد وابن معين ولينه هو وقال ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى وقال
عبد الحق في أحكامه هشام بن سعد يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه البزار في مسنده حدثنا عبد الرحمن بن عيسى
ابن ساسان ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي ثنا سليمان بن حبان أبو خالد الأحمر ثنا هشام
بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاث لا يفطرن الصائم القئ والحجامة والاحتلام انتهى قال وهذا من
أحسنها إسنادا وأصحها إلا أن عبد العزيز لم يكن بالحافظ انتهى ورواه ابن
عدي في الكامل وأسند عن بن معين أنه قال سليمان بن حبان صدوق وليس
بحجة قال وهو كما قال ابن معين فإنه أتى عليه من سوء حفظه قال وقد اختلف
على زيد بن أسلم في هذا الحديث فمنهم من رواه عنه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد
مرفوعا ومنهم من قال عن زيد بن أسلم عن النبي مرسلا وما ذكرناه عن عطاء
ابن يسار عن بن عباس مرفوعا لا أعرفه إلا من حديث هشام بن سعد ولا عنه إلا سليمان
هذا انتهى
9

وأما حديث ثوبان فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
الحسن بن قتيبة ثنا يزيد بن موهب ثنا بن وهب أخبرني يزيد بن عياض عن أبي عدي
التركي عن القاسم أبي عبد الرحمن عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يفطرن
الصائم الحجامة والقئ والاحتلام انتهى وقال لا يروى هذا الحديث عن ثوبان
إلا بهذا الاسناد تفرد به بن وهب انتهى
ومن أحاديث الباب ما رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان
عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم انتهى قال البيهقي في سننه
مشيرا إلى هذا الحديث والصحيح رواية سفيان الثوري وغيره عن زيد بن أسلم من
أصحاب النبي عليه السلام أنه قال لا يفطر من قاء الحديث قال وقد روى عن الثوري
نحو رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وليس بصحيح انتهى وقال صاحب
التنقيح وقد تكلم في حديث الخدري الإمام أحمد ومحمد بن يحيى الذهلي وابن
خزيمة والدارقطني وغيرهم والمحفوظ فيه ما رواه أبو داود في سننه فذكره
وقال الدارقطني في كتاب العلل في حديث الخدري هذا حديث يرويه أولاد زيد بن
أسلم الثلاثة عبد الله وعبد الرحمن وأسامة عن أبيهم زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار وحدث به شيخ يعرف بمحمد بن أحمد بن أنس الشامي وكان ضعيفا عن أبي
عامر العقدي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به قال وهذا لا يصح عن هشام
ورواه سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن صاحب له عن رجل من أصحاب النبي عليه
السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ أبي داود وقال وهو الصواب انتهى.
الحديث الثاني عشر قال عليه السلام من قاء فلا قضاء عليه ومن استقاء عامدا
فعليه القضاء قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عيسى بن يونس عن هشام بن
10

حسان عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله من ذرعه القئ وهو
صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء عمدا فليقض انتهى قال أبو داود سمعت
أحمد بن حنبل يقول ليس من ذا شئ قال الخطابي يريد أن الحديث غير محفوظ
وقال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن بن سيرين عن أبي
هريرة عن النبي عليه السلام الا من حديث عيسى بن يونس وقال محمد يعني
البخاري لا أراه محفوظا وقد روى عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن
عبيد أن النبي عليه السلام قاء فأفطر ومعناه أن النبي عليه السلام كان صائما متطوعا
فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روى في الحديث مفسرا انتهى ورواه بن حبان
في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال رواته كلمهم ثقات انتهى.
ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وزاد إسحاق قال عيسى بن
يونس زعم أهل البصرة أن هشاما وهم في هذا الحديث انتهى
طريق آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن حفص بن غياث حدثنا هشام بن
حسان به به ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
11

طريق آخر أخرجه الموصلي في مسنده عن حفص بن غياث عن
عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة قال قال رسول الله من ذرعه القئ
فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن سعيد عن جده به وعبد الله بن سعيد هذا هو
عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وفيه مقال ورواه النسائي من حديث الأوزاعي
عن أبي هريرة موقوفا ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ موقوفا علي بن عمر أنا
نافع عن بن عمر فذكره وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ووقفه عبد
الرزاق في مصنفه علي بن عمر أيضا وعلى علي والمفسر الذي أشار إليه الترمذي
رواه بن ماجة من حديث أبي مرزوق قال سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يحدث أن
النبي عليه السلام خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء فشرب فقلنا يا رسول
الله إن هذا يوم كنت تصومه قال أجل ولكني قئت انتهى
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام من أفطر في رمضان فعليه ما على
المظاهر قلت حديث غريب بهذا اللفظ والمصنف رحمه الله استدل به هنا على أن
الكفارة تجب على المرأة كما تجب على الرجل يعني في الجماع لان من تطلق
12

علي المذكر والمؤنث خلافا للشافعي رحمه الله في أحد قوليه وبمذهبنا قال أحمد
والحديث لم أجده ولكن استدل بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا ومذهبه بما
أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام أمر رجلا
أفطر في رمضان أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا
انتهى قال ووجهه أنه علق التكفير بالافطار وهو معنى صحيح حسن وأخرج
الدارقطني في سننه عن يحيى الحماني ثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد عن
أبي هريرة أن النبي عليه السلام أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار انتهى
قال والمحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن مجاهد عن النبي مرسلا وروى أيضا عن
الليث عن مجاهد عن أبي هريرة وليس بالقوي ثم استدل به المصنف فيما بعد على
وجوب الكفارة الفطر العمد أكلا أو شربا أو جماعا وقال الشافعي وأحمد
لا تجب إلا في الجماع واستدل لنا بن الجوزي في التحقيق بحديث أخرجه الدارقطني
عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة أن رجلا أكل في رمضان
فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينا انتهي
وأعله بأبي معشر وقال قال بن معين ليس بشئ ومن أصحابنا من احتج بحديث
أبي هريرة المتقدم وليس فيه حجة لأنهم يحملونه على الجماع قالوا وقد جاء مبينا
13

في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلا ذكرهم البيهقي فقالوا فيه إن
رجلا وقع على امرأته في رمضان قال البيهقي ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري
مقيدة بالوطئ أولى بالقبول لزيادة حفظهم وأدائهم الحديث على وجهه كيف وقد
روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة ثم أسند
عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل وقع على أهله في رمضان أعتق رقبة قال ما أجدها
قال فصم شهرين قال ما أستطيع قال فأطعم ستين مسكينا واستدل المصنف
أيضا على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار وفيما تقدم كفاية
الحديث الرابع عشر روى أن أعرابيا أتى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله
هلكت وأهلكت فقال ماذا صنعت قال واقعت امرأتي في نهار رمضان
معتمدا فقال أعتق رقبة قال لا أملك إلا رقبتي هذه قال فصم شهرين متتابعين
فقال وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم فقال أطعم ستين مسكينا فقال لا أجد
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يؤتى بفرق من تمر ويروى بفرق فيه خمسة عشر صاعا وقال
فرقها على المساكين فقال والله ليس بين لابتي المدينة أحد أحوج مني ومن عيالي
فقال كل أنت وعيالك يجزئك ولا يجزئ أحدا بعدك قلت أخرج أصحاب
الكتب الستة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال أتى
رجل النبي عليه السلام فال هلكت قال ما شأنك قال وقعت على امرأتي في
رمضان قال فهل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا
قال قال اجلس فأتى النبي بفرق فيه تمر فقال تصدق به فقال يا رسول
14

الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه وفي
لفظ أنيابه وفي لفظ نواجذه ثم قال خذه فأطعمه أهلك انتهى وفي لفظ
لمسلم وطئت امرأتي في رمضان نهارا وعند مالك في الموطأ أصبت أهلي
وأنا صائم في رمضان وفي لفظ لأبي داود زاد الزهري وإنما كان هذا رخصة
ولو أن رجلا فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من التفكير وفي لفظ في الصحيحين
احترقت موضع هلكت وفيهما ما يدل لجمهور العلماء على أنه في العامد لان
الناسي غير هالك ولا محترق على أنه جاء في رواية مرسلة التصريح بالعمد
أخرجه الدارقطني في كتاب العلل عن سعيد بن المسيب أن رجلا أتى النبي عليه
السلام فقال يا رسول الله أفطرت في رمضان متعمدا الحديث ويؤيده ما رواه مالك
في الموطأ عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب قال أتى أعرابي إلي النبي عليه
السلام ينتف شعره ويضرب فخذه ويقول هلك الابعد فذكره وهو من مراسيل
سعيد ورواه الدارقطني في كتاب العلل مسندا من حديث أبي هريرة فقال حدثنا
عبد الملك بن أحمد ثنا يعقوب الدورقي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة عن بن شهاب
عن حميد عن أبي هريرة أن أعرابيا جاء يلطم وجهه وينتف شعره الحديث وفي
الكتاب هلكت وأهلكت وليس في الكتب الستة إلا هلكت فقط قال الخطابي
وروى في بعض طرقه هلكت وأهلكت واستدل بها بعضهم على مشاركة المرأة إياه
في الجناية قال وهذه اللفظة غير محفوظة وأصحاب سفيان لم يرووها عنه إنما
ذكروا قوله هلكت فقط غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلي بن منصور روى
هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه وهو غير محفوظ والمعلي ليس بذلك
القوى في الحفظ والاتقان انتهى قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي ثور ثنا
معلى بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبو هريرة قال جاء
النبي عليه السلام فقال هلكت وأهلكت الحديث ثم قال انفرد به
15

أبو ثور عن معلى بن منصور عن بن عيينة بقوله وأهلكت وهم ثقات انتهى
وأخرجه البيهقي في سننه عن جماعة عن الأوزاعي عن الزهري به وفيه هلكت
وأهلكت قال البيهقي ضعف شيخنا أبو عبد الله الحاكم هذه اللفظة وأهلكت
وقال إنها أدخلت على محمد بن المسيب الأرغياني فقد رواه أبو علي الحافظ عن
محمد بن المسيب بالاسناد دون هذه اللفظة ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن
الأوزاعي دونها ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري وكان شيخنا
أبو عبد الله يستدل على كونها في تلك الرواية أيضا خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم
تصنيف المعلى بن منصورة فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة وأن كافة أصحاب
سفيان رووه دونها انتهى وقال المنذري في حواشيه وقول الزهري إنما كان هذا
رخصة له خاصة دعوى لم يقم له عليها برهان وقال غيره إنه منسوخ وهو أيضا
دعوى انتهى
وقوله في الكتاب تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك لم أجده في شئ من طرق
الحديث ولا رواية الفرق بالفاء والفرق هو الزنبيل قيل يسع خمسة عشر صاعا
واعلم أن الحديث ورد في الصوم أخرجه أبو داود عن هشام بن سعد عن ابن
شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكره إلى أن قال فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا وقال كله
أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله قال بن القطان وعلة هذا الحديث ضعف
هشام بن سعد انتهى وقال عبد الحق في أحكامه طرق مسلم في هذا الحديث
أصح وأشهر وليس فيها صم يوما ولا مكتلة التمر ولا الاستغفار وإنما يصح القضاء
مرسلا انتهى كلامه هذا المرسل في موطأ مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني
عن سعيد بن المسيب قال جاء أعرابي فذكره وفي آخره فقال له عليه السلام
كله وصم يوما مكان ما أصبت مختصر وزاد الدارقطني في هذا الحديث فقد
كفر الله عنك وكأن الشافعي لم تقع له هذه الرواية فان البيهقي نقل عنه في
المعرفة أنه قال يحتمل أن الكفارة دين عليه متى قدر عليها أو شئ منها
والله أعلم
16

الحديث الخامس عشر قال عليه السلام الفطر مما دخل قلت رواه أبو يعلى
الموصلي في مسنده حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن رزين البكري
قال حدثتنا مولاه لنا يقال لها سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة تقول
دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة هل من كسرة فأتيته بقرص فوضعه في
فيه وقال يا عائشة هل دخل بطني منه شئ كذلك قبلة الصائم إنما الافطار مما
دخل وليس مما خرج انتهى ووقفه عبد الرزاق في مصنفه علي بن مسعود
فقال أخبرنا الثوري عن وائل بن داود عن أبي هريرة عن عبد الله بن مسعود قال إنما
الوضوء مما خرج وليس مما دخل والفطر في الصوم مما دخل وليس مما خرج انتهى
ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه
17

علي بن عباس فقال حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال
الفطر مما دخل وليس مما خرج انتهى وكذلك رواه البيهقي قال وروى أيضا من
قول على وروى عن النبي عليه السلام ولا يثبت انتهى وذكره البخاري في
صحيحه تعليقا فقال وقال بن عباس وعكرمة الصوم مما دخل وليس مما خرج
انتهى
الحديث السادس عشر وقد ند ب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاكتحال يوم عاشوراء
وإلى الصوم فيه قلت أما الصوم فأخرجاه في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع
قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس من
كان لم يصم فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء
انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أرسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم
صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه وتصوم صبياننا
الصغار فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناهم اللعبة
تلهيهم حتى يتموا صومهم انتهى
18

حديث آخر أخرجاه أيضا عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد
اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم ما هذا اليوم الذي تصومونه قالوا هذا يوم
عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن
نصومه فقال عليه السلام نحن أولى بموسى منكم وصامه عليه السلام وأمر
بصيامه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فر ض شهر رمضان قال من
شاء صامه ومن شاء تركه انتهى وأخرجاه من حديث بن عمر نحوه وأخرجاه عن
معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه
وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصومه فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر انتهى
ولمسلم عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا
عليه ويتعهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده
انتهى ولمسلم عن الحكم بن الأعرج قال قلت لابن عباس أخبرني عن صوم يوم
عاشوراء قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا
كان محمد صلى الله عليه وسلم يصومه قال نعم انتهى وأخرج عن أبي غطفان عن بن عباس
قال حين صام عليه السلام يوم عاشوراء قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود
والنصارى فقال عليه السلام فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع
فلم يأت العام المقبل حتى توفي عليه السلام وأخرج مسلم عن أبي قتادة قال سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر فسئل عن صيام يومين وإفطار
يوم قال ومن يطيق ذلك فسئل عن صوم يوم وإفطار يومين فقال ليت أن الله
تعالى قوانا لذلك وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم فقال ذاك صوم آخى داود عليه
السلام وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل
على فيه قال فقال صوم ثلاثة أيام من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر وسئل
عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية وسئل عن صوم عاشوراء
فقال يكفر السنة الماضية قال مسلم وفيه من رواية شعبة وسئل عن صوم يوم
الاثنين والخميس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما انتهى
وأما الاكتحال فروى البيهقي في شعب الايمان في الباب الثالث والعشرين
19

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني عبد الغني بن محمد بن إسحاق الوراق ثنا علي بن
محمد الوراق ثنا الحسن بن بشر ثنا محمد بن الصلت ثنا جويبر عن الضحاك عن بن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا
انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف بمرة فجويبر ضعيف والضحاك لم يلق بن
عباس انتهى ومن طريق البيهقي رواه بن الجوزي في الموضوعات ونقل عن
الحاكم أنه قال فيه حديث موضوع وضعه قتلة الحسين رضي الله عنه انتهى
وجويبر قال فيه بن معين ليس بشئ وقال أحمد متروك وأما إن الضحاك لم
يلق بن عباس فروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو داود عن شعبة قال
أخبرني مشاش قال سألت الضحاك هل رأيت بن عباس فقال لا انتهى حدثنا
أبو داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال لم يلق الضحاك بن عباس إنما لقي
سعيد بن جبير فأخذ عنه التفسير انتهى
وله طريق آخر أخرجه بن الجوزي في الموضوعات عن أبي طالب محمد بن
علي بن الفتح العشاري ثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري ثنا أبو بكر أحمد بن
سليمان النجاد ثنا إبراهيم الحربي ثنا شريح بن النعمان ثنا بن أبي الزناد عن أبيه عن
الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل يوم
عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلها انتهى وقال في رجاله من ينسب إلى
تفضيل فدس عليه في أحاديث الثقات انتهى كلامه
أحاديث الباب أخرج الترمذي عن أبي عاتكة عن أنس بن مالك قال جاء رجل
إلى النبي عليه السلام فقال اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال نعم انتهى
قال الترمذي إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي عليه السلام في هذا الباب شئ
وأبو عاتكة ضعيف انتهى قال في التنقيح حديث واه جدا وأبو عاتكة
مجمع على ضعفه واسمه طريف بن سليمان ويقال سليمان بن طريف قال
20

البخاري منكر الحديث وقال النسائي ليس بثقة وقال الرازي ذاهب الحديث
انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن بقية ثنا الزبيدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها قالت اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم انتهى وأخرجه
البيهقي في سننه عن بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن هشام به وظن
بعض العلماء أن الزبيدي في سند بن ماجة هو محمد بن الوليد الثقة الثبت وذلك
وهم وإنما هو سعيد بن أبي سعيد الزبيدي كما هو مصرح به عند البيهقي ولكن
الراوي دلسه قال في التنقيح وليس بمجهول كما قاله بن عدي والبيهقي
بل هو سعيد بن عبد الجبار الزبيدي الحمصي وهو مشهور ولكنه مجمع على ضعفه
وابن عدي في كتابه فرق بين سعيد بن أبي سعيد وسعيد بن عبد الجبار وهما واحد
انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع قال وليس
بالقوي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل وهو صائم انتهى
حديث آخر موقوف أخرجه أبو داود في سننه عن عتبة أبي معاذ عن عبيد الله
بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك أنه كان يكتحل وهو صائم انتهى قال في
التنقيح إسناده مقارب قال أبو حاتم عتبة بن حميد الضبي أبو معاذ البصري صالح
الحديث انتهى
أحاديث الخصوم واحتج المانعون من اكتحال الصائم بما أخرجه أبو داود في سننه
عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هودة عن أبيه عن جده عن النبي عليه السلام أنه
أمره بالإثمد عند النوم وقال ليتقه الصائم قال أبو داود قال لي يحيى بن معين هذا
حديث منكر انتهى قال صاحب التنقيح ومعبد وابنه النعمان كالمجهولين
21

وعبد الرحمن بن النعمان قال بن معين ضعيف وقال أبو حاتم صدوق انتهى.
الله تبارك وتعالى قوله ولا يفعل لتطويل اللحية يعني الدهن إذا كان بقدر المسنون وهو
القبضة قلت وفيه أثران أحدهما عن بن عمر والآخر عن أبي هريرة
فحديث بن عمر رضي الله عنهما أخرجه أبو داود والنسائي في كتاب الصوم
عن علي بن الحسن بن شقيق عن الحسين بن واقد عن مروان بن سالم المفقع قال رأيت
ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف وقال كان النبي عليه السلام إذا
أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر إن شاء الله انتهى
وذكره البخاري تعليقا فقال وكان بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته
فما فضل أخذه انتهى وجهل من قال رواه البخاري وإنما يقال في مثل هذا
ولا يقال رواه وينظر فإن عبد الحق ذكره في الطهارة في الموصول
طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم ووكيع عن بن
أبي ليلى عن نافع عن بن عمر أنه كان يقبض على لحيته ثم يأخذ ما جاوز القبضة انتهى
ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة بن عمر أخبرنا عبيد الله بن موسى أنبأ ابن
أبي ليلى به
طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم
ابن أبي الهيثم عن بن عمر أنه كان يقبض على لحيته ثم يقص ما تحت القبضة انتهى.
وأما حديث أبي هريرة فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن
22

عمرو بن أيوب من ولد جرير عن أبي زرعة قال كان أبو هريرة يقبض على لحيته
فيأخذ ما فضل عن القبضة انتهى
ويشكل على هذه الآثار حديث واعفوا اللحى وهو في الصحيحين عن
نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام قال احفوا أي اقطعوا الشوارب واعفوا
اللحى خالفوا المجوس انتهى
الحديث السابع عشر قال عليه السلام خير خلال الصائم السواك قلت
رواه بن ماجة في سننه من حديث مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير الصائم السواك انتهى ورواه الدارقطني
في سننه وقال مجالد غيره أثبت منه انتهى
أحاديث الباب منها حديث لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند
كل صلاة ووجهه أنه عمم كل صلاة فيدخل فيها صلوات رمضان قبل الزوال
وبعده ولو استدل المصنف بعموم هذا الحديث لكان أولى من استدلاله بالحديث الذي
ذكره فإنه استدل بإطلاقه على ما ذكرناه
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن عاصم بن عبيد الله بن عبد الله
ابن عامر بن ربيعة عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم مالا أعد
23

ولا أحصي انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد وإسحاق بن
راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم والطبراني في معجمه
والدارقطني في سننه قال بن القطان في كتابه ولم يمنع من صحة هذا الحديث إلا
اختلافهم في عاصم بن عبيد الله انتهى وقال صاحب التنقيح عاصم بن عبيد الله
تكلم فيه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل وابن معين وابن سعد وأبي حاتم
والجوزجاني وابن خزيمة وقال الدارقطني متروك وهو مغفل وقال العجلي
لا بأس به وقال بن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وقال في الامام
وعاصم بن عبيد الله هذا قال فيه البخاري منكر الحديث وقال النسائي لا نعلم مالكا
روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله فإنه يروي عنه حديثا
وعن عمرو بن أبي عمرو وهو أصلح من عاصم وعن شريك بن أبي نمر وهو أصلح
من عمرو ولا نعلم أن مالكا حدث عن أحد يترك حديثه إلا عبد الكريم بن أبي المخارق
الضميري انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي
ثنا هارون بن معروف ثنا محمد بن سلمة الحراني ثنا بكر بن حنيش عن أبي عبد الرحمن عن
عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم قال سألت معاذ بن جبل أتسوك وأنا صائم
قال نعم قلت أي النهار أتسوك قال أي النهار شئت غدوة أو عشية قلت إن
الناس يكرهونه عشية ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخلوف الصائم أطيب عند
الله من ريح المسك فقال سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لا بد أن
يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا
ما في ذلك من الخير شئ بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بدا قال وكذا
الغبار في سبيل الله لقوله عليه السلام من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله
على النار انتهى أخرجه البخاري في الجهاد عن أبي عبس إنما يؤجر فيه من
24

اضطر إليه ولم يجد عنه محيصا فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فماله في ذلك من
الاجر شئ انتهى قلت ويدخل فيه أيضا من تكلف الدوران وكثرة المشي إلى
المساجد بالنسبة إلى قوله عليه السلام وكثرة الخطأ إلى المساجد ومن يصنع في
طلوع الشيب في شعره بالنسبة إلى قوله عليه السلام من شاب شيبة في الاسلام إنما
يؤجر عليهما من بلى بهما
حديث أخر أخرجه البيهقي عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسحاق الخوارزمي
قال سألت عاصما الأحول أيستاك الصائم بالسواك الرطب قال نعم أتراه أشد
رطوبة من الماء قلت أول النهار وآخره قال نعم قلت عمن رحمك الله قال
عن أنس عن النبي عليه السلام انتهى وقال تفرد به إبراهيم بن عبد الرحمن
الخوارزمي وقد حدث عن عاصم بالمناكير لا يحتج به وقد روى من وجه آخر ليس
فيه ذكر أول النهار وآخره ثم ساقه من طريق بن عدي كذلك
حديث آخر رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن أحمد بن عبد الله بن بسرة
الحراني عن شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك آخر النهار وهو صائم انتهى وأعله بابن ميسرة وقال لا يحتج
به ورفعه باطل والصحيح عن بن عمر من فعله والله أعلم
انتهى أحاديث الخصوم روى الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه من
حديث كيسان أبي عمرو القصار عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي عليه
السلام قال إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإن الصائم إذا يبست
شفتاه كانت له نور يوم القيامة انتهى قال الدارقطني رحمه الله كيسان ليس
بالقوي ثم أخرجه عن كيسان عن يزيد بن بلال عن علي موقوفا وقال كيسان
ليس بالقوي ويزيد بن بلال غير معروف انتهى
25

الحديث الثامن عشر قال عليه السلام ليس من البر الصيام في السفر قلت
رواه البخاري ومسلم من حديث جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى
زحاما ورجل قد ظلل عليه فقال ما هذا قالوا صائم فقال ليس من البر
الصوم في السفر انتهى وزاد مسلم في لفظ وعليكم برخصة الله التي رخص
لكم انتهى وروى ليس من امبر امصيام في امسفر وهي لغة بعض العرب رواها
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان
بن أمية الجمحي عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري عن النبي عليه السلام
فذكره وعن عبد الرزاق رواه أحمد في مسنده ومن طريق أحمد
رواه الطبراني في معجمه والمصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على الشافعي رضي
الله تعالى عنه في قوله الفطر أفضل لمن لا يضر بالصوم وهذا القول لا يصح عن
الشافعي ولا حكى عنه ولكنه مذهب أحمد وهكذا نقله عنه بن الجوزي في
التحقيق واستدل له بهذا الحديث وليس فيه حجة لان القصة وردت في صيام من
استضر بالصوم ولكن يمكن أن يستدل لأحمد بحديث أخرجه مسلم عن حمزة بن
عمرو الأسلمي أنه قال يا رسول الله أجد في قوة على الصيام في السفر فهل على
جناح فقال عليه السلام هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن
يصوم فلا جناح عليه انتهى وكذلك حديث أولئك العصاة أخرجه مسلم أيضا عن
26

جابر أن النبي عليه السلام خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى بلغ كراع الغميم
فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فشربه فقيل له إن بعض الناس قد صام قال
أولئك العصاة وهذا أيضا محمول على من استضر بدليل ما ورد في لفظ لمسلم فيه
أيضا فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصوم ورواه الواقدي في المغازي وفيه
وكان أمرهم بالفطر فلم يقبلوا وأما حديث الصائم في السفر كالمفطر في الحضر
فأخرجه بن ماجة في سننه عن عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن ابن
شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر انتهى وأخرجه البزار في مسنده
27

عن عبد الله بن عيسى المدني ثنا أسامة بن
زيد به ثم قال هذا حديث أسنده أسامة بن زيد وتابعه يونس ورواه بن أبي ذئب وغيره عن الزهري عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبيه موقوفا على عبد الرحمن ولو ثبت مرفوعا لكان خروج النبي عليه
السلام حين خرج فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأمر الناس بالفطر دليلا على نسخ
هذا الحديث لأنه يؤخذ بالآخر والآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخرجه
البخاري ومسلم عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان حتى
بلغ الكديد ثم أفطره وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الا حدث فالأحدث من
أمره قال الزهري وكان الفطر آخر الامرين زاد مسلم قال الزهري فصبح رسول
الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان انتهى وفي لفظ للبخاري فلم يزل
مفطرا حتى انسلخ الشهر وذكره بن القطان في كتابه من جهة البزار ثم قال
هكذا قال عبد الله بن عيسى المدني وقال غيره عبد الله بن موسى التيمي وهو أشبه
بالصواب وهو عبد الله بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي
يروي عن أسامة بن زيد وهو لا بأس به انتهى ورواه بن عدي في
الكامل من حديث يزيد بن هارون ثنا يزيد عن عياض عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه
مرفوعا قال بن عدي وهذا الحديث لا يرفعه عن الزهري غير يزيد بن عياض وعقيل
من رواية سلامة بن روح عنه ويونس بن يزيد من رواية القاسم بن مبرور عنه وأسامة بن
زيد من رواية عبد الله بن موسى التيمي عنه والباقون من أصحاب الزهري رووه
عنه عن أبي سلمة عن أبيه من قوله انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في علله قال أبو
حاتم الصحيح عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه موقوفا انتهى قلت وفي سماع
أبي سلمة من أبيه نظر وفي كلام بن القطان ما يدل على عدم سماعه منه فإنه قال في
حديث أخرجه النسائي في الصوم عن النضر بن شيبان قال قلت لأبي سلمة بن
عبد الرحمن حدثني عن شئ سمعته من أبيك سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد في شهر رمضان قال نعم حدثني أبي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رمضان ففضله على الشهور وقال من صام رمضان إيمانا واحتسابا
28

خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه انتهى قال النسائي هذا غلط والصواب
ما ذكرناه يعني حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحوه
وهكذا نقل بن القطان عن البخاري أنه قال حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أصح لما
سئل عن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال ولم يتعرض البخاري
للانقطاع قال بن القطان ولولا ضعف النضر بن شيبان الحراني وكان ثقة لثبت
سماع أبي سلمة من أبيه فجملة أحاديث يرويها عنه معنعنة لكنه ليس بثقة قال بن
أبي خيثمة سئل بن معين عنه فقال ليس حديثه بشئ انتهى
الحديث التاسع عشر قال عليه السلام لا يصوم أحدكم عن أحد ولا يصلي
أحد عن أحد قلت غريب مرفوعا وروى موقوفا علي بن عباس وابن عمر
فحديث بن عباس رواه النسائي في سننه الكبرى في الصوم حدثنا محمد
بن عبد الأعلى ثنا يزيد بن زريع ثنا حجاج الأحول ثنا أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي
رباح عن بن عباس قال لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن
يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة انتهى ولم يخرجه بن عساكر في أطرافه
حديث بن عمر رواه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب الوصايا أخبرنا
عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال لا يصلين أحد عن أحد ولا يصومن أحد
عن أحد ولكن إن كنت فاعلا تصدقت عنه أو أهديت انتهى وفي الامام رواه
أبو بكر بن الجهم في كتابه أخبرنا أحمد بن الهيثم ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن
29

زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه قال لا يصومن أحد عن أحد ولا يحجن أحد
عن أحد ولو كنت أنا لتصدقت وأعتقت وأهديت انتهى وهو في الموطأ بلاغ
قال بن مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال فذكره قال مالك
ولم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين رضي الله عنهم بالمدينة أن أحدا منهم
أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحد وإنما يفعله كل أحد لنفسه ولا يعمله
أحد عن أحد
أحاديث الباب أخرج الترمذي في كتابه عن أشعث بن سوار عن محمد بن
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل مات
وعليه صيام يطعم عنه عن كل يوم مسكين انتهى وقال لا نعرفه مرفوعا إلا من
هذا الوجه والصحيح عن بن عمر موقوف انتهى وضعفه عبد الحق في
أحكامه بأشعث وابن أبي ليلى وقال الدارقطني في علله المحفوظ موقوف
هكذا رواه عبد الوهاب بن بخت عن نافع عن بن عمر انتهى وقال البيهقي في
المعرفة لا يصح هذا الحديث فإن محمد بن أبي ليلى كثير الوهم ورواه أصحاب
نافع عن نافع عن بن عمر
قوله ثم أخرجه عن عبيد الله بن الأخنس عن نافع عن بن عمر قال من
مات وعليه صيام رمضان فليطعم عنه كل يوم مسكينا مدا من حنطة انتهى
وأخرجه البيهقي في سننه عن شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
به مرفوعا قال في الذي يموت وعليه رمضان ولم يقضه يطعم عنه لكل يوم
نصف صاع من بر انتهى قال البيهقي هذا خطأ من وجهين أحدهما رفعه
وإنما هو موقوف والثاني قوله فيه نصف صاع وإنما قال بن عمر مد من حنطة
30

انتهى
حديث يشكل على هذه الأحاديث أخرجه البخاري ومسلم عن محمد بن
جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة عن النبي عليه السلام قال من مات وعليه صيام
صام عنه وليه انتهى ورواه أبو داود وقال هذا في النذر قاله أحمد بن حنبل
انتهى وكذلك حديث بن عباس أن امرأة أتت النبي عليه السلام فقالت إن
أمي ماتت وعليها صوم شهر فقال أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضية
عنها قالت نعم قال فدين الله أحق أخرجاه أيضا وهو محمول على النذر أيضا
بدليل أنه في لفظ لهما عنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول
الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فأصوم عنها قال أرأيت لو كان على أمك دين
أكنت قاضيته قالت نعم قال فصومي عن أمك انتهى وقال صاحب التنقيح
حمل أصحابنا حديث عائشة على صوم النذر لما روى عن عائشة أنها قالت يطعم
عنه في قضاء رمضان ولا يصام قال وذلك لان النيابة تجرى في العبادة بحسب
خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على
نفسه انتهى قلت حديث بن عباس أخرجه أبو داود في النذر والايمان مصرحا
فيه بالنذر عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن
الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها انتهى
الحديث العشرون قال عليه السلام أفطر واقض يوما مكانه قلت استدل به
31

المصنف على إباحة الفطر في التطوع لعذر الضيافة وهذا رواه أبو داود الطيالسي في
مسنده حدثنا محمد بن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد الله بن رفاعة الزرقي عن أبي
سعيد الخدري قال صنع رجل طعاما ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال رجل
إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوك تكلف وصنع لك طعاما ودعاك أفطر
واقض يوما مكانه انتهى ورواه كذلك الدارقطني في سننه وقال هذا
مرسل إلا أنه قال فيه عن إبراهيم بن عبيد
حديث آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن
32

عبد الخالق ثنا علي بن سعيد الرازي ثنا عمرو بن خليف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي ثنا
أبي ثنا عمي إسماعيل بن مرسال ثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال صنع
رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فدعى النبي عليه السلام وأصحابه فلما أتى بالطعام
تنحى رجل منهم فقال له عليه السلام مالك قال إني صائم فقال عليه
السلام تكلف أخوك وصنع طعاما ثم تقول إني صائم كل وصم يوما
مكانه انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري في صحيحه في الصوم وفي
الأدب عن أبي جحيفة قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان
وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء
متبذلة فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له كل فإني صائم
قال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل فما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له
سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان في آخر الليل قال سلمان قم
33

الآن قال فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا
ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي عليه السلام فذكر ذلك له
فقال عليه السلام صدق سلمان انتهى وهذا الحديث صريح في إباحة الفطر من
التطوع لعذر الضيافة ولم يتعرض فه لذكر القضاء وبوب عليه البخاري في الصوم
باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء وبوب عليه في كتاب
الأدب باب صنع الطعام للضيف
أحاديث الفطر في التطوع أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن عروة عن
عائشة قالت كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها فقالت يا رسول الله إنا كنا
صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه قال اقضيا يوما آخر مكانه انتهى
أخرجه أبو داود والنسائي عن زميل عن عروة به وأخرجه الترمذي عن الزهري
عن عروة به قال الترمذي وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا
الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا وروى مالك بن أنس ومعمر
وعبيد الله بن عمر وزياد عن الزهري عن مالك بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن
الزهري عن عائشة ولم يذكروا فيه عن عروة وهذا أصح لأنه يروى عن بن جريج
قال سألت الزهري فقلت له أحدثك عروة عن عائشة قال لم أسمع من عروة في
34

هذا شيئا ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل
عائشة عن هذا الحديث حدثنا بذلك علي بن عيسى البغدادي ثنا روح بن عبادة عن بن
جريج فذكره انتهى وقال البخاري لا يعرف لزميل سماع عروة ولا ليزيد
من زميل ولا تقوم به الحجة انتهى وقال الخطابي إسناده ضعيف وزميل مجهول
قال ولو ثبت احتمل أن يكون أمرهما استحبابا انتهى وبسند الترمذي رواه أحمد في
مسنده ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والستين من القسم
الأول عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت أصبحت أنا
وحفصة صائمتين متطوعتين الحديث ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر
عن الزهري أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين الحديث ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير أن عائشة وحفصة
الحديث
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه من حديث خصيف عن عكرمة عن ابن
عباس أن عائشة وحفصة كانتا صائمتين الحديث
35

طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن حماد بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر
قال أصبحت عائشة وحفصة صائمتين الحديث وقال لا نعلمه يروى
عن بن عمر إلا من هذا الوجه وحماد بن الوليد لين الحديث انتهى ورواه الطبراني
في معجمه الوسط وقال لم يروه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر إلا
حماد بن الوليد ورواه أبو همام محمد بن الزبرقان عن عبد الله بن عمر عن الزهري
عن عروة عن عائشة انتهى
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد
بن مهران الجمال قال ذكره محمد بن أبي سلمة المكي عن محمد بن عمرو عن أبي
سملة عن أبي هريرة قال أهديت لعائشة وحفصة هدية وهما صائمتان فأكلتا
منها فذكرتا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقضيا يوما مكانه ولا تعودا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الضحاك بن حمزة عن منصور بن
زاذان عن الحسن عن أمه أم سلمة أنها صامت تطوعا فأفطرت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن تصوم يوما مكانه انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل
المتناهية وأعله بالضحاك بن حمزة
حديث آخر موقوف حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عثمان التيمي عن أنس بن
سيرين أنه صام يوم عرفة فعطش عطشا شديدا فأفطر فسأل عدة من أصحاب النبي
عليه السلام عن ذلك فأمروه أن يقضي يوما مكانه انتهى
أحاديث الخصوم أخرج مسلم في صحيحه عن وكيع عن طلحة بن يحيى
عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
يا عائشة هل عندكم شئ فقلت يا رسول الله ما عندنا شئ قال فإني صائم
36

قالت فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور قالت فلما رجع قلت يا رسول الله أهديت
لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئا قال ما هو قلت حيس قال هاتيه
فجئته به فأكل وقال قد كنت أصبحت صائما قال طلحة هو بن يحيى
فحدثت به مجاهدا فقال ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها
وإن شاء أمسكها انتهى وبهذا الاسناد قالت دخل على النبي عليه السلام يوما
فقال هل عندكم شئ فقلنا
لا قال فإني إذا صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدى لنا حيس فقال ك أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل انتهى
ورواه النسائي في سننه الكبرى حدثنا محمد بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن
طلحة به وقال فيه فأكل وقال أصوم بوما مكانه ورواه الدارقطني وقال لم
يروه بهذا اللفظ عن بن عيينة غير الباهلي ولم يتابع على قوله وأصوم يوما مكانه
ولعله شبه علي لكثرة من خالفه عن بن عيينة انتهى وكلامه يدل على أن الوهم
من الراوي عن بن عيينة وهو محمد بن عمرو الباهلي وكلام النسائي يدل على أن
الوهم من بن عيينة نفسه ورواه الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن طلحة به بلفظ
النسائي ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ثم قال قال الشافعي
سمعت سفيان بن عيينة عامة مجالسه لا يذكر فيه سأصوم يوما مكانه ثم عرضته عليه
قبل موته بسنة فذكره فيه قال البيهقي وقد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة
ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى دون هذه اللفظة منهم سفيان الثوري وشعبة
ووكيع ويحيى القطان وغيرهم قال وحمل الشافعي قوله سأصوم يوما مكانه أي
تطوعا وجعله بمثابة قضائه عليه السلام الركعتين اللتين بعد الظهر حين شغله عنهما
الوفد وجعل من هذا النوع حديث عمر لما نذر أن يعتكف في الجاهلية فأمره عليه
السلام أن يعتكف في الاسلام قال الشافعي رضي الله عنه وقد صح عنه عليه
السلام من رواية جابر أنه خرج من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم رفع
إناء فشرب والناس ينظرون ن وفي لفظ فكان ذلك بعد العصر قال الشافعي ولما كان
37

له قبل أن يدخل في صوم الفرض أن لا يدخل فيه لعذر السفر كان له إذا دخل فيه أن
يخرج منه كما فعل عليه السلام فالتطوع أولى انتهى كلامه ملخصا
حديث آخر حديث أم هانئ مرفوعا الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام
وإن شاء أفطر وفي سنده اختلاف وفي لفظه اختلاف رواه أبو داود والترمذي
والنسائي ورواه البيهقي وتكلم عليه
قوله عن عمر قال ما تجانفنا لاثم قضاء يوم علينا يسير قلت روى بن أبي
شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال أخرجت
عساس من بيت حفصة وعلى السماء سحاب فظنوا أن الشمس قد غابت فأفطروا
ولم يلبثوا أن تجلى السحاب فإذا الشمس طالعة فقال عمر ما تجانفنا من إثم انتهى
حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن جبلة بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه قال
شهدت عمر بن الخطاب في رمضان وقرب إليه شراب فشرب بعض القوم وهم
يرون الشمس قد غربت ثم ارتقى المؤذن فقال يا أمير المؤمنين والله إن الشمس طالعة
لم تغرب فقال عمر من كان أفطر فليصم يوما مكانه ومن لم يكن أفطر فليتم حتى
تغرب الشمس انتهى وأعاده من طريق آخر وزاد فيه فقال له إنما بعثناك داعيا
ولم نبعثك راعيا وقد اجتهدنا وقضاء يوم يسير انتهى وروى محمد بن الحسن في
كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سلمة عن إبراهيم النخعي قال أفطر
38

عمر بن الخطاب وأصحابه في يوم غيم ظنوا أن الشمس غابت قال فطلعت الشمس
فقال عمر ما تعرضنا بحتف نتم هذا اليوم ثم نقضي يوما مكانه انتهى وأخرج
البخاري في صحيحه عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن
أسماء بنت أبي بكر قالت أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت
الشمس قيل لهشام فأمروا بالقضاء قال لا بد من القضاء وقال معمر سمعت
هشاما قال لا أدري أقضوا أم لا انتهى
الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام تسحروا فإن في السحور
بركة قلت أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن
مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة انتهى
الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل
الافطار وتأخير السحور والسواك قلت رواه الطبراني في معجمه فقال
حدثنا جعفر بن محمد بن حرب العباداني ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن علي
بن أبي العالية عن مورق العجلي عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
من أخلاق المرسلين تعجيل الافطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في
الصلاة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا وذكر أن الدارقطني في
الافراد رواه من حديث حذيفة مرفوعا بنحو حديث أبي الدرداء
39

ومن أحاديث الباب ما أخرجاه في الصحيحين عن أنس عن زيد بن ثابت
قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ما بينهما
قال خمسين آية انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال كنت أتسحر في أهلي ثم
يكون سرعة أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث اختلاف المطالع أخرج مسلم في صحيحه عن كريب مولى ابن
عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام قال فقدمت
الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال يعني ليلة الجمعة
ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس عن الهلال ن فقال متى رأيتم
الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته قلت نعم رآه الناس وصاموا
وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه
فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى وهو حجة على المذهب لكن قال البيهقي رحمه الله في المعرفة يحتمل
أن يكون بن عباس إنما قال ذلك لانفراد كريب بهذا الخبر وجعل طريقه طريق
الشهادات فلم يقبل فيه قول الواحد ويحتمل أن يكون قوله هكذا أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم اعتبارا بقوله عليه السلام فإن غم عليكم فأكملوا العدة ويكون ذلك قوله
لا فتوى من جهته أخذا بهذا الخبر انتهى وأجاب صاحب التنقيح فقال إنما معناه
أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده وبه نقول وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم
الأول وليس هو في الحديث انتهى وهذا الجواب هو جواب الأول للبيهقي وهو بناء
على مذهبهما في عدم قبول الواحد في هلال رمضان والله أعلم
الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام دع ما يريبك إلى مالا يريبك
40

قلت أخرجه الترمذي في كتاب الطب والنسائي في كتاب الأشربة عن أبي
الحوراء السعدي قال قلت للحسن بن علي ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
حفظت منه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك زاد الترمذي فإن الصدق طمأنينة
والكذب ريبة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الثاني منه والحاكم في المستدرك
في كتاب البيوع وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أحمد بن محمد الشافعي
بن بنت الشافعي محمد بن إدريس ثنا عمي إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا عبد الله
بن رجاء المكي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام قال
الحلال بين والحرام بين فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك انتهى ورواه البيهقي
في كتاب الزهد وهو مجلد وسط من حديث أبي حاتم الرازي ثنا إبراهيم بن
محمد الشافعي ثنا عبد الله بن رجاء عن عبد الله بن عمر به وقال تفرد به عبد الله بن
رجاء ورواية أبي حاتم أصح من رواية من قال عبيد الله انتهى كلامه
41

قوله ومن أكل في رمضان ناسيا فظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا
فعليه القضاء دون الكفارة ثم قال وإن بلغه الحديث وعلمه فكذلك في رواية عن أبي
حنيفة رضي الله عنه قلت يشير إلى حديث تم على صومك فإنما أطعمك الله
وسقاك وقد تقدم بتمامه
رضي الله تعالى عنهما قوله ولو بلغه الحديث يشير إلى حديث أفطر الحاجم والمحجوم وله طرق
حديث ثوبان رواه أبو داود وابن ماجة والنسائي من حديث يحيى بن أبي كثير
عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل يحتجم في
رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه
والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وذكر النسائي
الاختلاف في طرقه وصححه أحمد وابن المديني وغيرهما ونقل الحاكم في
المستدرك عن أحمد أنه قال هو أصح ما روى في الباب انتهى ورواه البزار في
مسنده ثم أسند إلى ثوبان أنه قال إنما قال النبي عليه السلام أفطر الحاجم
والمحجوم انتهى قال الترمذي في علله الكبرى قال البخاري ليس في هذا
الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس فذكرت له الاضطراب فقال كلاهما
عندي صحيح فإن أبا قلابة روى الحديثين جميعا رواه عن أبي أسماء عن ثوبان ورواه
عن أبي الأشعث عن شداد قال الترمذي وكذلك ذكروا عن بن المديني أنه قال
42

حديث ثوبان وحديث شداد صحيحان انتهى
حديث شداد بن أبي أوس رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي قلابة عن
أبي الأشعث عن شداد بن أوس أنه مر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح على رجل يحتجم
بالبقيع لثمان عشرة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والعشرين من القسم الخامس
والحاكم في المستدرك وقال هو ظاهر الصحة وصححه أحمد وابن
المديني وإسحاق بن راهويه واستقصى النسائي طرقه والاختلاف فيه في سننه
الكبرى وقد روى مسلم في صحيحه بهذا الاسناد حديث إن الله كتب
الاحسان على كل شئ ونقل الحاكم في المستدرك عن بن راهويه أنه قال
إسناده صحيح تقوم به الحجة ونقل عن بعض الرواة أنه زاد فيه والمستحجم
حديث رافع بن خديج رواه الترمذي من طريق عبد الرزاق أنبأ معمر عن يحيى بن
أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج عن
النبي عليه السلام قال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح قال وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال هو أصح شئ في هذا الباب
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال
صحيح على شرط الشيخين ونقل عن أحمد أنه قال هو أصح شئ في الباب ونقل
عن بن المديني أنه قال لا أعلم في الباب أصح منه وفيما قاله نظر فان بن قارظ
انفرد به مسلم قال صاحب التنقيح قال الإمام أحمد في هذا الحديث تفرد به
معمر وفيه نظر فإن الحاكم رواه من حديث معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير
43

بإسناد صحيح فلم يتفرد به معمر إذا والله أعلم وقال أبو حاتم الرازي هذا الحديث
عندي باطل وقال البخاري هو غير محفوظ وقال إسحاق بن منصور هو غلط
وقال يحيى بن معين هو أضعفها انتهى كلام صاحب التنقيح
حديث أبي موسى رواه النسائي من حديث روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة
عن مطر الوراق عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي موسى سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ورواه الحاكم في مستدركه
وقال حديث صحيح على شرط الشيخين وأسند إلى بن المديني أنه قال فيه
صحيح انتهى قال النسائي رفعه خطأ وقد وقفه حفص ثم أخرجه عن حفص ثنا
سعيد بن أبي عروبة به موقوفا ثم أخرجه من حديث حميد عن بكر عن أبي العالية موقوفا
عليه وقال صاحب التنقيح قال أحمد بن حنبل حديث بكر عن أبي رافع عن أبي
موسى خطأ لم يرفعه أحد إنما هو بكر عن أبي العالية
حديث معقل بن سنان رواه النسائي من حديث محمد بن فضيل عن عطاء قال
شهد عندي نفر من أهل البصرة منهم الحسن عن معقل بن سنان الأشجعي أنه قال مر
علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم في ثمان عشرة من رمضان فقال أفطر الحاجم
والمحجوم انتهى ثم أخرجه من حديث سليمان بن معاذ عن عطاء بن السائب به وقال
معقل بن يسار ثم قال وعطاء بن السائب كان قد اختلط ولا نعلم أحدا روى هذا
الحديث عنه غير هذين على اختلافهما عليه فيه انتهى وفيما قاله نظر فإن أحمد
رواه في مسنده من حديث عمار بن ذريق عن عطاء بن السائب به سواء وفي
كتاب العلل للترمذي قلت لمحمد بن إسماعيل حديث الحسن عن معقل بن يسار
أصح أو معقل بن سنان فقال معقل بن يسار أصح ولم يعرفه إلا من حديث عطاء ابن
السائب وقال صاحب التنقيح قال علي بن المديني رواه بعضهم عن عطاء ابن
السائب عن الحسن عن معقل بن سنان الأشجعي ورواه بعضهم عن عطاء عن الحسن عن
معقل بن يسار ورواه بعضهم عن الحسن عن أسامة ورواه بعضهم عن الحسن عن علي
ورواه بعضهم عن الحسن عن أبي هريرة ورواه التيمي فأثبت روايتهم جميعا والحسن
44

لم يسمع من عامة هؤلاء ولا لقيه عندنا منهم ثوبان ومعقل بن سنان وأسامة
وعلي وأبو هريرة انتهى
حديث أسامة بن زيد رواه النسائي من حديث أشعث بن عبد الملك عن الحسن
عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ثم
قال لا نعلم تابع أشعث على روايته أحد
حديث بلال رواه النسائي من حديث أبي العلاء أيوب بن مسكين ويقال
بن مسكين عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال مرفوعا كما تقدم ثم قال
خالفه همام فرواه عن قتادة عن شهر عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال خالفهما
سعيد بن أبي عروبة فرواه عن شهر فادخل بينه وبين ثوبان عبد الرحمن بن غنم ثم
أخرجه كذلك ثم قال خالفهم بكير بن أبي السميط فرواه عن قتادة عن سالم عن
مقداد بن أبي طلحة عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال خالفهم الليث بن سعد
فرواه عن قتادة عن الحسن عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال ما علمت أحدا تابع
الليث ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما والله أعلم انتهى ورواه البزار في
مسنده وقال إن بلالا مات في خلافة عمر ولم يدركه شهر انتهى
حديث علي رواه النسائي أيضا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن
عن علي مرفوعا نحوه ثم قال وقفه أبو العلاء ثم أخرجه عن أبي العلاء عن قتادة به موقوفا ثم قال ورواه
سعيد بن أبي عروبة واختلف عليه فيه فرواه يزيد بن أبي ذريع عن أبي عروبة عن مطر
عن الحسن عن علي عن النبي عليه السلام ورواه عبد الأعلى عن بن أبي عروبة عن
قتادة عن الحسن فوقفه على علي ثم أخرجهما كذلك ورواه البزار في مسنده
وقال جميع ما يرويه الحسن عن علي مرسل وإنما يروي عن قيس بن عباد وغيره عن علي
حديث عائشة رواه النسائي أيضا من حديث شيبان عن ليث عن عطاء عن عائشة
مرفوعا نحوه وليث هو بن أبي سليم متكلم فيه وقد اختلف عليه فيه فرواه
شيبان عنه مرفوعا كما ذكرناه ورواه عبد الواحد بن زياد عنه فوقفه رواه النسائي
45

كذلك أيضا
حديث أبي هريرة رواه النسائي أيضا وابن ماجة من حديث عبد الله بن بشر
عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا قال النسائي وقفه إبراهيم بن
طهمان ثم أخرجه عن إبراهيم بن طهمان عن الأعمش به موقوفا ثم رواه من طريق
بن المبارك أنا معمر عن خلاد عن شقيق بن ثور عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال يقال
أفطر الحاجم والمحجوم وأما أنا فلو احتجمت ما باليت أبو هريرة يقول ذلك قال
النسائي ورواه عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة واختلف عليه فيه فرواه محمد بن
عبد الله الأنصاري وداود بن عبد الرحمن عن بن جريج عن عطاء عن أبي هريرة
مرفوعا ثم أخرج حديثهما ثم قال وقفه عبد الرزاق والنضر بن شميل عن ابن
جريج ثم أخرج حديثهما قال النسائي وعطاء لم يسمعه من أبي هريرة أخبرني
إبراهيم بن الحسن عن الحجاج عن بن جريج عن عطاء عن أبي هريرة ولم يسمعه منه
قال أفطر الحاجم والمحجوم قال وخالفه بن أبي حسين فرواه عن عطاء قال
سمعت أبا هريرة يقول أفطر الحاجم والمحجوم قال والصواب رواية حجاج عن
بن جريج لمتابعة عمرو بن دينار إياه على ذلك ثم أخرجه عن عمرو بن دينار عن عطاء
عن رجل عن أبي هريرة قال ورواه خالد بن عبد الله عن بن جريج فجعله من قول
عطاء ثم أخرجه كذلك ورواه النسائي أيضا من حديث الحسن عن أبي هريرة
مرفوعا والحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح قال البزار في مسنده في
آخر ترجمة سعيد بن المسيب عن أبي هريرة روى الحسن عن أبي هريرة أحاديث
ولم يسمع منه وقال الحاكم في مستدركه في كتاب البيوع بعد أن روى حديث
الحسن عن أبي هريرة مرفوعا ليأتين على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا آكل الربا
فمن لم يأكل أصابه من غباره اختلف أئمتنا في سماع الحسن من أبي هريرة فإن صح
سماعه فالحديث صحيح انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لم يصح سماع
الحسن من أبي هريرة ووافقه بن القطان على ذلك وقال الترمذي في فضائل
القرآن من جامعه في حديث الحسن عن أبي هريرة من قرأ حم الدخان في
ليلة جمعة غفر له الحسن لم يسمع من أبي هريرة انتهى مع أني وجدت هذا
الحديث في مسند أبي يعلى الموصلي عن الحسن قال سمعت أبا هريرة والله أعلم
46

قال النسائي وقد رواه عن الحسن عن أبي هريرة أبو حرة ويونس بن عبيد واختلف
عليهما فيه فرواه عبد الرحمن عنه به مرفوعا وخالفه بشر بن السري وأبو قطن
فروياه عنه به موقوفا ثم أخرج أحاديثهم ورواه عبد الوهاب عن يونس بن عبيد عن
الحسن به مرفوعا وخالفه بشر بن المفضل فرواه عن يونس من قول الحسن ثم أخرج
حديثهما كذلك والله أعلم
حديث بن عباس رواه النسائي من حديث قبيصة ثنا قطر عن عطاء عن ابن
عباس مرفوعا نحوه وزاد فيه والمستحجم ثم قال خالفه محمد بن يوسف
فأرسله ثم أخرجه من حديث محمد بن يوسف ثنا قطر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
ورواه البيهقي عن قبيصة به مسندا وقال هكذا رواه جماعة عون قبيصة ورواه
محمود بن غيلان عن قبيصة أنه حدثه في كتابه عن قطر عن عطاء عن النبي عليه
السلام مرسلا وهو المحفوظ وذكر بن عباس فيه وهم انتهى قال النسائي وقد
روى عن بن عباس أن كان لا يرى بالحجامة للصائم بأسا ثم اخرج عن الضحاك عن
بن عباس أنه لم يكن يرى بالحجامة للصائم بأسا انتهى
حديث الحسن عن سمرة رواه الطبراني في معجمه
حديث أنس في مسند البزار من رواية قتادة عنه
حديث جابر في مسند البزار وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط عن سلام
أبو المنذر عن مطر الوراق عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم
والمحجوم انتهى وقال لم يروه عن مطر إلا سلام أبو المنذر انتهى
حديث بن عمر رواه بن عدي في الكامل من حديث الحسن بن أبي جعفر
عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم
انتهى وأعله بالحسن هذا وجعله من منكراته وقال لا أعلمه يرويه كذلك غيره
وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ولكنه يهم ويغلط انتهى ورواه كذلك الطبراني
47

في معجمه الأوسط
حديث سعد بن مالك رواه بن عدي أيضا من حديث داود بن الزبرقان عن
محمد بن جحادة عن عبد الأعلى عن مصعب بن سعد بن مالك عن أبيه مرفوعا
نحوه ورواه الطبراني في الجزء الذي جمعه من أحاديث محمد بن جحادة وهو
جزء لطيف جملته خمس عشرة ورقة حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا الحسن
بن عمر بن شقيق حدثنا داود بن زبرقان عن محمد بن جحادة به حدثنا عبد الله بن أحمد
بن حنبل ثنا إسماعيل بن زرارة الرقي ثنا داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن
يونس بن الحصيب عن مصعب به
حديث أبي زيد الأنصاري رواه بن عدي أيضا من حديث داود بن الزبرقان ثنا
أيوب عن أبي قلابة عن أبي زيد الأنصاري مرفوعا نحوه وأعله والذي قبله بداود بن
الزبرقان وضعفه عن النسائي وابن معين قال وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب
حديثهم
حديث بن مسعود رواه العقيلي في ضعفائه حدثنا أحمد بن داود بن موسى
بصري ثنا معاوية بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن
عبد الله بن مسعود قال مر النبي عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب
أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال أفطر الحاجم والمحجوم قال عبد الله
لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى
أحاديث الخصوم روى البخاري في صحيحه من حديث عكرمة عن ابن
عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم انتهى ورواه
الترمذي من حديث الحكم عن مقسم عن بن عباس مقتصرا على احتجم وهو صائم
وقال حديث صحيح انتهى قال صاحب التنقيح حديث بن عباس روى على
أربعة أوجه أحدها احتجم وهو محرم والثاني احتجم وهو صائم والثالث
احتجم وهو صائم والرابع احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم
وهذا الرابع انفرد به البخاري فأما احتجامه وهو محرم فمجمع على صحته وأما
48

احتجامه وهو صائم فصححه البخاري والترمذي وغيرهما وضعفه أحمد بن
حنبل ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما قال سألت أحمد بن حنبل عن حديث
بن عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو صائم محرم فقال ليس فيه صائم إنما هو
محرم قلت من ذكره قال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس
عن بن عباس أنه عليه السلام احتجم وهو محرم وكذلك رواه روح عن زكريا بن
إسحاق عن عمرو عن طاوس عن بن عباس مثله وكذلك رواه عبد الرزاق عن معمر
عن بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس مثله قال أحمد فهؤلاء أصحاب ابن
عباس لا يذكرون صياما وقال شعبة لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم
وأجيب عن حديث بن عباس على تقدير صحته فإنه عليه السلام إنما احتجم صائما وهو
محرم ولم يكن محرما إلا وهو مسافر قال الحاكم في مستدركه سمعت أبا بكر
محمد بن جعفر المزكي يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو إمام
أهل الحديث في عصره يقول ثبتت الاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفطر الحاجم
والمحجوم واحتج من خالفنا بأنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم وليس فيه حجة
لأنه عليه السلام إنما احتجم وهو صائم محرم ولم يكن قط محرما إلا وهو مسافر
والمسافر يباح له الافطار انتهى ولفظ البخاري ربما يدفع هذا التأويل لأنه فرق بين
الخبرين فقال احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم فلينظر في ذلك والله أعلم
وقال بن حبان في صحيحه بعد أن روى حديث ثوبان وحديث
شداد وحديث رافع كما تقدم وحديث بن عباس أنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم
لا يعارض هذه الأحاديث لأنه عليه السلام لم يكن قط محرما إلا وهو مسافر والمسافر
يباح له الافطار وروى من حديث أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام أمر أبا طيبة
أن يأتيه مع غيبوبة الشمس فأمره أن يضع المحاجم مع إفطار الصائم فحجمه ثم سأله
فقال كم خراجك قال صاعان فوضع النبي عليه السلام عنه صاعا انتهى
وكأن بن حبان احتج بهذا الحديث أنه عليه السلام إنما احتجم وقت الافطار فكان
49

مفطرا بالحجامة فلا ينهض الاستدلال بحديث بن عباس والله أعلم وهذا
لا يصلح جوابا ثانيا عن حديث بن عباس وهو غير ناجح لمن يتأمله ومن الخصوم من
ادعى نسخ أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم بحديث بن عباس ونقل ذلك البيهقي
عن الشافعي في كتاب المعرفة فقال قال الشافعي وسماع بن عباس عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الاسلام
فذكر بن عباس حجامة النبي عليه السلام عام حجة الاسلام سنة عشر وحديث
أفطر الحاجم والمحجوم في الفتح سنة ثمان قبل حجة الاسلام بسنتين فإن كانا
ثابتين فحديث بن عباس ناسخ لحديث أفطر
الحاجم وقال بعض من روى أفطر الحاجم إنه عليه السلام مر بهما وهما يغتابان رجلا والفطر في الحديث محمول على
سقوط الاجر كما روى من ترك العصر فقد حبط عمله تفرد به البخاري عن بريدة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله انتهى أي سقط
أجره وكما روى أن رجلا تكلم في الجمعة فقال له بعض الصحابة لا جمعة لك
فقال النبي عليه السلام صدق أي سقط أجرك بدليل أنه عليه السلام لم يأمره
بالإعادة انتهى
حديث أخر للخصوم روى البخاري في صحيحه من حديث ثابت أنه سأل
أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إلا من
أجل الضعف انتهى
حديث أخر دال على النسخ روى الدارقطني في سننه من حديث خالد بن
مخلد عن عبد الله بن المثنى عن ثابت عن أنس قال أول ما كرهت الحجامة للصائم أن
جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفطر هذان
ثم رخص النبي عليه السلام بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم
انتهى قال الدارقطني كلهم ثقات ولا أعلم له علة انتهى قال صاحب
التنقيح هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به لأنه شاذ الاسناد والمتن وكيف
يكون هذا الحديث صحيحا سالما من الشذوذ والعلة ولم يخرجه أحد من أصحاب
50

الكتب الستة ولا هو في المصنفات المشهورة ولا في السنن المأثورة ولا في المسانيد
المعروفة وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ولا نعرف أحدا رواه في الدنيا إلا الدارقطني
رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد به وكل من رواه بعد
الدارقطني إنما رواه من طريقه ولو كان معروفا لرواة الناس في كتبهم وخصوصا
الأمهات كمسند أحمد ومصنف بن أبي شيبة ومعجم الطبراني
وغيرهما ثم إن خالد بن مخلد القطواني وعبد الله بن المثنى وإن كانا من رجال
الصحيح فقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة قال أحمد بن حنبل في خالد له
أحاديث مناكير وقال بن سعد منكر الحديث مفرط التشيع وقال السعدي كان
معلنا بسوء مذهبه ومشاه بن عدي فقال هو عندي إن شاء الله لا بأس به وأما
بن المثنى فقال أبو عبيد الآجري سألت أبا داود عن عبد الله بن المثنى الأنصاري
فقال لا أخرج حديثه وقال النسائي ليس بالقوي وذكره بن حبان في الثقات
وقال ربما أخطأ وقال الساجي فيه ضعف لم يكن صاحب حديث وقال الموصلي
روى مناكير وذكره العقيلي في الضعفاء وقال لا يتابع على أكثر حديثه ثم قال
حدثنا الحسين الدارع ثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول ثنا عبد الله بن المثنى وكان
ضعيفا منكر الحديث
وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه فإنهم يدعون من حديثه ما تفرد به
وينتقون ما وافق فيه الثقات وقامت شواهده عندهم وأيضا فقد خلاف عبد الله بن المثنى
في رواية هذا الحديث عن ثابت أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج فرواه
بخلافه كما هو في صحيح البخاري ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه
حجة لان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قتل في غزوة مؤتة وهي قبل الفتح
وحديث أفطر الحاجم والمحجوم كان عام الفتح بقد قتل جعفر بن أبي طالب انتهى
كلامه صاحب التنقيح
حديث آخر دال على النسخ روى النسائي في سننه عن إسحاق بن راهويه
حدثنا معتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي
سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للصائم ورخص في الحجامة
51

للصائم ثم أخرجه عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان بسند الطبراني ومتنه
ثم أخرجه عن بن المبارك عن خالد الحذاء به موقوفا وهذا الحديث استدل به الحازمي
في كتابه الناسخ والمنسوخ على نسخ حديث أفطر الحاجم قال لان ظاهر
الرخصة يقتضي تقدم النهي انتهى ورواه الطبراني في معجمه الأوسط حدثنا
محمود بن محمد الواسطي ثنا يحيى بن داود الواسطي ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن
سفيان عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن النبي عليه السلام
رخص في الحجامة للصائم انتهى وقال لم يروه عن سفيان إلا إسحاق الأزرق
قال الترمذي في علله الكبرى حديث إسحاق الأزرق هذا خطأ إنما هو موقوف
حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا بن علية عن حميد الطويل عن أبي المتوكل عن أبي سعيد
قوله ولم يرفعه وهذا أصح انتهى
حديث آخر للخصوم ثلاث لا يفطرن الصائم وسيأتي الكلام عليه مستوفى إن
شاء الله تعالى
حديث آخر دال على النسخ لم أر أحدا تعرض له رواه الطبراني في معجمه
الوسط فقال حدثنا محمود بن المروزي ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ثنا أبي
ثنا أبو حمزة العسكري عن أبي سفيان عن أبي قلابة عن أنس أن النبي عليه السلام
احتجم بعد ما قال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ثم قال لم يروه عن أبي قلابة إلا
أبو سفيان السعدي واسمه طريف تفرد به أبو حمزة العسكري انتهى وينظر في
إسناده
وبالجملة فهذا الحديث أعني حديث أفطر الحاجم روى من طرق كثيرة
وبأسانيد مختلفة كثيرة الاضطراب وهي إلى الضعف أقرب منه إلى الصحة مع عدم
سلامته من معارض أصح منه أو ناسخ له والإمام أحمد الذي يذهب إليه ويقول به لم
يلتزم صحته وإنما الذي نقل عنه كما رواه بن عدي في الكامل في ترجمة سليمان
الأشدق بإسناده إلى أحمد بن حنبل أنه قال أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم يشد
52

بعضها بعضا وأنا أذهب إليها فلو كان عنده منها شئ صحيح لوقف عنده وقوله
أصح ما في هذا الباب حديث رافع لا يقتضي صحته بل معناه أنه أقل ضعفا من غيره
وقال صاحب التنقيح وقد ضعف يحيى بن معين هذا الحديث وقال إنه حديث
مضطرب ليس فيه حديث يثبت قال ولما بلغ أحمد بن حنبل هذا الكلام قال إن
هذا مجازفة وقال إسحاق بن راهويه هو ثابت من خمسة أوجه وقال بعض
الحفاظ إنه متواتر قال وليس ما قاله ببعيد ومن أراد معرفة ذلك فلينظر مسند
أحمد ومعجم الطبراني والسنن الكبير للنسائي انتهى كلامه
بسم الله الرحمن الرحيم قوله والحديث مؤول بالاجماع قلت يشير إلى حديث الغيبة تفطر الصائم
وورد في ذلك أحاديث كلها مدخولة فمنها ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه
وإسحاق بن راهويه في مسنده قالا ثنا وكيع ثنا الربيع ثنا يزيد بن أبان الرقاشي عن
أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي عليه السلام قال ما صام من ظل يأكل لحوم
الناس زاد إسحاق في حديثه إذا اغتاب الصائم فقد أفطر انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في الباب الثالث والأربعين أخبرنا
أبو الحسن المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن أبي
53

بكر ثنا المثنى بن بكر ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس أن رجلين صليا صلاة
الظهر والعصر وكانا صائمين فلما قضى النبي عليه السلام الصلاة قال أعيدا
وضوءكما وصلاتكما وامضيا في صومكما واقضيا يوما آخر قالا لم يا رسول الله
قال اغتبتما فلانا انتهى
حديث آخر رواه البيهقي أيضا أخبرنا أبو علي الروزباري أنا إسماعيل بن محمد
الصفار ثنا الحسن بن الفضل عن السمح ثنا غياث بن كلوب الكوفي ثنا مطرف بن
سمرة بن جندب عن أبيه قال مر النبي عليه السلام على رجلين بين يدي حجام
وذلك في رمضان وهما يغتابان رجلا فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى قال
غياث مجهول
حديث آخر رواه العقيلي في ضعفائه حدثنا أحمد بن داود بن موسى وهو
بصري ثنا معاوية بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن
عبد الله بن مسعود قال مر عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب
أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال أفطر الحاجم والمحجوم قال عبد الله
لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى
حديث آخر رواه بن الجوزي في الموضوعات من حديث عنبسة ثنا بقية ثنا
54

محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يفطرن
الصائم وينقضن الوضوء الكذب والنميمة والغيبة والنظر بشهوة واليمين
الكاذب انتهى وقال هذا حديث موضوع وقال بن معين سعيد كذاب ومن
سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيهم انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل
سألت أبي عن حديث رواه بقية عن محمد بن الحجاج عن ميسرة بن عبد ربه عن جابان
عن أنس أن النبي عليه السلام قال خمس يفطرن الصائم فذكره فقال أبي إن
هذا كذب وميسرة كان يفتعل الحديث انتهى
قوله لورود النهي عن صوم هذه الأيام قلت يشير إلى حديث عمر أخرجه
البخاري ومسلم عن عبيد قال شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم
قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الأضحى فيأكلون من لحم
نسككم وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم انتهى وأخرجا أيضا عن الخدري
55

قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامين صيام يوم الأضحى وصيام يوم الفطر انتهى
وفي لفظ فهما سمعته يقول لا يصح الصيام في يومين يوم الأضحى ويوم الفطر من
رمضان انتهى وأخرجا عن أبي هريرة نحوه سواء وأخرج مسلم عن عائشة نحوه
الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام لا تصوموا في هذه الأيام فإنها أيام
أكل وشرب وبعال قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن
حديث عبد الله بن حذافة ومن حديث أم خلدة الأنصاري
فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري
ثنا أبو كريب ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أيام منى صائحا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها
أيام أكل وشرب وبعال والبعال وقاع النساء انتهى
56

وحديث أبي هريرة أخرجه الدارقطني في سننه في الضحايا عن سعيد بن
سلام العطار ثنا عبد الله بن بديل الخزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في
فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق وأيام منى أيام
أكل وشرب وبعال انتهى وسعيد هذا رماه أحمد بالكذب
وحديث عبد الله بن حذافة أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا ربيعة عن
عثمان عن محمد بن المنكدر سمع مسعود بن الحكم الزرقي يقول حدثني عبد الله بن
حذافة السهمي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته أيام منى أنادي أيها الناس إنها
أيام أكل وشرب وبعال انتهى وقال الواقدي ضعيف
وحديث أم خلدة الأنصاري فرواه بن أبي شيبة في مصنفه في الحج
وإسحاق بن راهويه في مسنده قالا حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن منذر بن
جهم عن عمر بن خلدة عن أمه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ينادي أيام منى إنها أيام
أكل وشرب وبعال انتهى زاد إسحاق في حديثه يعني النكاح انتهى ومن طريق
بن شيبة رواه الطبراني في معجمه وأبو يعلى الموصلي في مسنده ورواه
عبد بن حميد في مسنده حدثنا زيد بن الحباب ثنا موسى بن عبيدة به سندا ومتنا
حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث موسى بن عقبة عن
إسحاق بن يحيى عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
زيد بن خالد الجهني قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فنادى أيام التشريق ألا إن هذه
الأيام أيام أكل وشرب ونكاح انتهى وأخرج مسلم في صحيحه عن نبيشة
الهذلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب زاد في طريق
آخر وذكر الله وأخرج عن كعب بن مالك نحوه ووقع لشيخنا علاء الدين ههنا
تصحيف قبيح فقال رواه مسلم عن عائشة وإنما هو عن نبيشة وهو قلد غيره في
ذلك وقال المنذري في حواشيه وقد روى هذا الحديث من رواية نبيشة وكعب
57

بن مالك وعقبة بن عامر وبشر بن سحيم وأبي هريرة وعبد الله بن حذافة وعلي
بن أبي طالب خرجها جماعة مع كثر طرقها منها ما هو مقصور على الأكل والشرب
ومنها ما فيه معهما ذكر الله ومنها فيه وصلاة وليس في شئ منها بعال وهي
لفظ غريب انتهى كلامه
باب الاعتكاف
الحديث الأول روى أنه عليه السلام واظب عليه في العشر الأواخر من رمضان
قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي عليه
السلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من
بعده انتهى إلا بن ماجة فإنه أخرجه عن أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعتكف العشر والأواخر من رمضان فسافر عاما فلما كان في العام المقبل اعتكف
عشرين يوما انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي أيضا ولفظهما ولم يعتكف
عاما الحديث الحديث
الثاني قال عليه السلام لا اعتكاف إلا بالصوم قلت أخرجه
58

الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن سويد بن عبد العزيز حدثنا سفيان بن حسين عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اعتكاف إلا بصوم
انتهى قال الدارقطني تفرد به سويد عن سفيان انتهى وقال البيهقي هذا
وهم من سفيان بن حسين أو من سويد بن عبد العزيز وسويد ضعيف لا يقبل ما تفرد
به وقد روى عن عطاء عن عائشة موقوفا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال
الشيخان لم يحتجا بسفيان بن حسين انتهى وسويد بن عبد العزيز ضعفه جماعة
وفي الكمال قال علي بن حجر سألت هشيما فأثنى عليه خيرا انتهى
طريق آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري
عن عروة عن عائشة قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة
ولا يمس امرأة لا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه ولا اعتكاف إلا بصوم
ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع انتهى قال أبو داود غير عبد الرحمن بن إسحاق لا
يقول فيه قالت السنة انتهى قال المنذري في مختصره وعبد الرحمن بن
إسحاق أخرج له مسلم ووثقه يحيى بن معين وأثنى عليه غيره وتكلم فيه بعضهم
انتهى قلت رواه البيهقي في شعب الايمان في الباب الرابع والعشرين عن الليث
عن عقيل عن بن شهاب به وفيه قالت السنة في المعتكف أن يصوم وقال أخرجاه
في الصحيح دون قوله والسنة في المعتكف إلى آخره فقد قيل إنه من قول
59

عروة انتهى وكذلك رواه في السنن والمعرفة وقال في المعرفة وإنما لم
يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه منهم من زعم أنه قول عائشة ومنهم من زعم أنه من
قول الزهري ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة فقد رواه سفيان الثوري عن
هشام بن عروة عن عروة قال المعتكف لا يشهد جنازة ولا يعود مريضا ورواه ابن
أبي عروبة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت لا اعتكاف إلا بصوم انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن محشر ثنا عبيدة بن
حميد ثنا القاسم بن معن عن بن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة بن
الزبير عن عائشة أنها أخبرتهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر
رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكفن أزواجه من بعده وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج
إلا لحاجة الانسان ولا يتبع جنازة ولا يعود مريضا ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا
اعتكاف إلا في مسجد جماعة ويأمر من اعتكف أن يصوم انتهى وفي لفظ
وسنة من اعتكف أن يصوم قال الدارقطني يقال إن قوله وإن السنة للمعتكف إلى
آخره ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقد
وهم انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بإبراهيم بن محشر ونقل عن بن عدي
أنه قال له أحاديث مناكير
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن بديل عن عمر بن دينار
عن بن عمر أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة فسأل
النبي صلى الله عليه وسلم فقال اعتكف وصم انتهى وفي لفظ للنسائي والدارقطني فأمره أن
يعتكف ويصوم وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال الشيخان لم يحتجا
بعبد الله بن بديل انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال
الدارقطني تفرد به عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي عن عمرو وهو ضعيف
60

الحديث وقال سمعت أبا بكر النيسابوري يقول هذا حديث منكر لان الثقات
من أصحاب عمرو لم يذكروا فيه الصوم منهم بن جريج وابن عيينة وحماد بن
سلمة وحماد بن زيد وغيرهم وابن بديل ضعيف الحديث انتهى وقال صاحب
التنقيح عبد الله بن بديل بن ورقاء ويقال بن بشر الخزاعي روى عن عمرو بن
دينار والزهري روى عنه بن مهدي وغيره قال بن معين صالح وقال بن عدي له
أحاديث تنكر عليه فيها زيادة في المتن أو في الاسناد ثم يروى له هذا الحديث وقال
لا أعلم ذكر فيه الصوم مع الاعتكاف إلا من روايته وذكره بن حبان في كتاب
الثقات انتهى كلامه وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما
لم يذكرا فيه الصوم ولفظهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله
إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف
بنذرك انتهى ورواه الباقون كذلك حتى أبو داود كلهم أخرجوه في الايمان
والنذر والله أعلم
الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن بن أبي ليلى عن الحكم
عن مقسم عن بن عباس قال من اعتكف فعليه الصوم انتهى أخبرنا الثوري
عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت من اعتكف فعليه الصوم وأخرج
البيهقي عن أسيد بن عاصم ثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن بن جريج عن عطاء عن
بن عباس وابن عمر أنهما قالا المعتكف يصوم انتهى وفي موطأ مالك أنه بلغه
عن القاسم بن محمد ونافع مولى عبد الله بن عمر قالا لا اعتكاف إلا بصيام لقوله
تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد فذكر
تعالى الاعتكاف مع الصيام قال يحيى قال مالك والامر على ذلك عندنا أنه
لا اعتكاف إلا بصيام انتهى وأخرج عبد الرزاق أيضا عن عروة والزهري قالا
لا اعتكاف إلا بالصوم وينظر الأسانيد فيه
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن يحيى بن سعيد
القطان عن عبيد الله بن عمر قال حدثني نافع عن بن عمر عن عمر قال يا رسول
الله إني نذرت أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له أوف بنذرك انتهى
وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن فليح بن سليمان عن عبيد الله بن عمر به
أن عمر نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فلما كان الاسلام سأل
61

عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أوف بنذرك فاعتكف عمر ليلة انتهى قال الدارقطني
إسناده ثابت قال بن الجوزي في التحقيق ولا يقدح في هذا أنه عورض بما
أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن شعبة عن عبيد الله به أنه جعل على نفسه أن يعتكف
يوما فقال أوف بنذرك لان عنه جوابين أحدهما احتمال أن يكون نذر نذرين
فيكون كل لفظ منهما حديثا مستقلا الثاني أنه ليس فيه حجة إذ لا ذكر للصوم فيه
قال ولا يقدح فيه أيضا ما أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن سعيد بن بشير عن عبيد الله
بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر نذر في الشرك أن يعتكف ويصوم فأمره عليه
السلام بعد إسلامه أن يفي بنذره قال البيهقي ذكر الصوم فيه غريب تفرد به سعيد بن
بشير عن عبيد الله انتهى وعنه أيضا جوابان أحدهما أن سعيد بن بشير تفرد به عن
عبيد الله وقد ضعفه النسائي وابن معين والثاني أنه نذره على نفسه فوجب عليه
بنذره لا بكونه شرطا في صحة الاعتكاف والله أعلم انتهى كلامه وقال صاحب
التنقيح هكذا رواه عبد الله بن المبارك وسليمان بن بلال ويحيى بن سعيد القطان
وأبو أسامة وعبد الوهاب الثقفي كلهم عن عبيد الله بن عمر فقالوا فيه ليلة
وكذلك قاله حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال جرير بن حازم ومعمر
عن أيوب يوم بدل ليلة وكذلك رواه شعبة عن عبيد الله ورواية الجماعة عن
عبيد الله أولى وحماد بن زيد أعرف بأيوب من غيره قال ويمكن الجمع في حديث
عمر بين اللفظين بأن يكون المراد اليوم مع الليلة أو الليلة مع اليوم وحينئذ فلا يكون
فيه دليل على صحة الاعتكاف بغير صوم وهذا القول هو القوي إن شاء الله وهو أن
الصيام شرط في الاعتكاف فإن الاعتكاف لم يشرع إلا مع الصيام وغالب اعتكاف
النبي عليه السلام وأصحابه إنما كان في رمضان وقول عائشة أن النبي عليه السلام
اعتكف في العشر الأول من شوال ليس بصريح في دخول يوم الفطر لجواز أن يكون
أول العشر الذي اعتكف ثاني يوم الفطر بل هذا هو الظاهر وقد جاء مصرحا به في
حديث فلما أفطر اعتكف انتهى كلامه
حديث آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا بن إسحاق السوسي ثنا
عبد الله بن محمد بن نصر الرملي ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد العزيز بن
محمد عن أبي سهيل بن مالك عم مالك بن أنس عن طاوس عن بن عباس أن النبي عليه
السلام قال ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه انتهى ورواه الحاكم في
62

المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ويراجع سنده قال الدارقطني
رفعه هذا الشيخ وغيره لا يرفعه انتهى قال في التنقيح والشيخ هو عبد الله بن
محمد الرملي قال بن القطان في كتابه وعبد الله بن محمد بن نصر الرملي هذا
لا أعرفه وذكره بن أبي حاتم فقال يروي عن الوليد بن الموقري روى عنه موسى بن
سهل لم يزد على هذا وروى أبو داود عن أبي أحمد عبد الله بن محمد الرملي حدثنا
الوليد فلا أدري أهم ثلاثة أم اثنان أم واحد والحال في الثلاثة مجهولة انتهى
كلامه ورواه البيهقي وقال تفرد به عبد الله بن محمد الرملي وقد رواه أبو بكر
الحميدي عن عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل بن مالك قال اجتمعت أنا وابن
شهاب عند عمر بن عبد العزيز وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام
فقال بن شهاب لا يكون اعتكاف إلا بصوم فقال عمر بن عبد العزيز أمن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لا قال فمن أبي بكر قال لا قال فمن عمر قال لا قال
أبو سهيل فانصرفت فوجدت طاوسا وعطاء فسألتهما عن ذلك فقال طاوس كان ابن
عباس لا يرى على المعتكف صياما إلا أن يجعله على نفسه وقال عطاء ذلك رأي
صحيح وصحح البيهقي وقفه وقال رفعه وهم قال وكذلك رواه عمر بن زرارة
عن عبد العزيز موقوفا ثم أخرجه كذلك والله أعلم
قوله عن حذيفة قال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قلت رواه الطبراني
في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن
إبراهيم النخعي أن حذيفة قال لابن مسعود ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى
يزعمون أنهم معتكفون قال فلعلهم أصابوا وأخطأت أو حفظوا ونسيت قال أما
أنا فقد علمت أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة انتهى
63

أحاديث الباب أخرج البيهقي في السنن عن يحيى بن بكير عن الليث عن
عقيل عن بن شهاب عن عائشة قالت السنة فيمن اعتكف أن يصوم ولا اعتكاف إلا
في مسجد جماعة مختصر وقد تقدم بتمامه ثم أخرج عن شريك عن ليث عن
يحيى بن أبي كثير عن علي الأزدي عن بن عباس قال إن أبغض الأمور إلى الله تعالى
البدع وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن بن مسعود قال مررت على أناس عكوف بين
دارك ودار أبي موسى وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا اعتكاف إلا في
المسجد الحرام أو قال في المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد الأقصى
ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله لعلك نسيت وحفظوا انتهى وروى ابن
أبي شيبة و عبد الرزاق في مصنفيهما أخبرنا سفيان الثوري أخبرني جابر عن سعيد بن
عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة
انتهى
الحديث الثالث روت عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج من معتكفه إلا
لحاجة الانسان قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عائشة
64

قالت كان رسول الله صلى عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلى رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت
إلا لحاجة الانسان انتهى وبوب عليه البيهقي في المعرفة المعتكف لا يخرج إلا لما
لا بد منه وتقدم في حديث عائشة ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام لم يكن له مأوى إلا المسجد يعني في
الاعتكاف قلت هذا معلوم من الأحاديث والنصوص المتطابقة
الحديث الخامس قال عليه السلام جنبوا مساجدكم صبيانكم إلى أن قال
وبيعكم وشراءكم قلت روى من حديث واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة ومعاذ
بن جبل
65

فحديث واثلة رواه بن ماجة في سننه حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا
مسلم بن إبراهيم ثنا الحارث بن نبهان ثنا عتبة بن يقظان عن أبي سعيد عن مكحول عن
واثلة بن الأسقع أن النبي عليه السلام قال جنبوا مساجدنا صبيانكم ومجانينكم
وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل
66

سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع انتهى ورواه
الطبراني في معجمه قال الترمذي في كتابه بعد روايته حديث لا تظهر
الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك عن مكحول عن واثلة فذكره وقال هذا
حديث حسن وقد سمع مكحول من واثلة وأنس وأبي هند الداري ويقال أنه لم
يسمع من غير هؤلاء الثلاثة من أصحابه انتهى ذكره في الزهد
وأما حديث أبي الدرداء وأبي أمامة فأخرجه الطبراني في معجمه عن العلاء
بن كثير عن مكحول عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة قالوا سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وهذا سند ضعيف ورواه بن عدي والعقيلي في كتابيهما
وأعلاه بالعلاء بن كثير وأسند بن عدي تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن المديني
وابن
معين وأما حديث معاذ فرواه عبد الرزاق مصنفه حدثنا محمد بن مسلم عن عبد
ربه بن عبد الله عن مكحول عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء
وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده وأخرجه الطبراني في معجمه
عن محمد بن مسلم الطائفي عن عبد ربه بن عبد الله الشامي عن مكحول عن يحيى بن
العلاء عن معاذ فذكره
حديث آخر قال عبد الحق في أحكامه في باب المساجد روى البزار من
حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال جنبوا مساجدكم الحديث باللفظ
المذكور ثم قال يرويه موسى عن عمير قال البزار ليس له أصل من حديث ابن
مسعود انتهى كلامه قال بن القطان في كتابه ليس هذا الحديث في مسند
البزار ولعله عثر عليه في بعض أماليه انتهى
أحاديث الباب روى أصحاب السنن الأربعة من حديث محمد بن عجلان عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في
المسجد وأن تنشد ضالة أبو ينشد فيه شعر ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة
67

انتهى قال الترمذي حديث حسن والنسائي رواه في اليوم والليلة بتمامه،
وفي السنن اختصره لم يذكر فيه البيع والشراء ورواه أحمد في مسنده من
طريق بن المبارك ثنا أسامة بن زيد حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو
بن العاص مرفوعا
حديث آخر أخرجه الترمذي في كتابه والنسائي في اليوم والليلة عن
عبد العزيز بن محمد أخبرني يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن
أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد
فقولوا لا ربح الله تجارتك ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا رد الله
عليك انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب ورواه بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك في البيوع وقال صحيح على شرط مسلم
ولم يخرجاه انتهى وذكر أنه في مسلم وما وجدته فليراجع
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن زيد بن جبير عن داود بن الحصين
عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال لا تنبغي في المسجد
لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا ينبض فيه بقوس ولا ينشر فيه نبل ولا يمر فيه
بلحم نئ ولا يضرب فيه حد ولا يتخذ سوقا انتهى ورواه بن عدي في
الكامل وأعله يزيد بن جبيرة ومن طريق بن عدي رواه بن الجوزي في العلل
المتناهية وأعله يزيد وداود ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله يزيد بن
جبيرة وقال إنه منكر الحديث يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك انتهى
68

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحج الحديث الأول روى أنه عليه السلام قيل له الحج في كل عام أم مرة واحدة
فقال لا بل مرة فما زاد فهو تطوع قلت رواه أبو داود وابن ماجة في
سننهما عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان يزيد بن أمية عن بن عباس أن
الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرة
واحدة قال لا بل مرة واحدة فمن زاد فهو تطوع انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد إلا أنهما لم يخرجا لسفيان بن
حسين وهو من الثقات الذين يجمع حديثهم انتهى وسفيان بن حسين تكلم فيه
بعضهم في روايته عن الزهري قال بن حبان في كتاب الضعفاء سفيان بن حسين
الواسطي يروى عن الزهري المقلوبات وإذا روى عن غيره أشبه حديث الاثبات وذلك
أن صحيفة الزهري اختلطت عليه وكان يأتي بها على التوهم والانصاف في أمره
تنكب ما روى عن الزهري والاحتجاج بما روى عن غيره انتهى كلامه
قلت قد تابعه عليه عبد الجليل بن حميد وسليمان بن كثير وعبد الرحمن
69

بن خالد بن مسافر ومحمد بن أبي حفصة فرووه عن الزهري كما رواه سفيان بن
حسين ورواه يزيد بن هارون عن أبي سنان أيضا بنحو ذلك
أما حديث عبد الجليل بن حميد فأخرجه النسائي في سننه عن موسى بن سلمة
المصري عن عبد الجليل بن حميد عن الزهري به وكذلك أخرجه الدارقطني
في سننه قال بن القطان في كتابه وموسى بن سلمة وعبد الجليل بن حميد
اليحصبي مجهولا الحال فالحديث من أحدهما لا يصح انتهى
وحديث سليمان بن كثير أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في
سننه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه ولفظه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إن الله كتب
عليكم الحج فقام الأقرع بن حابس فقال أفي كل عام يا رسول الله قال لو قلتها
لوجبت ولم تستطيعوا أن تعملوا بها الحج مرة فمن زاد فتطوع انتهى
وأما حديث عبد الرحمن فأخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن
خالد بن مسافر عن الزهري به سواء وقال حديث صحيح على شرط البخاري ولم
يخرجاه انتهى
وأما حديث محمد بن أبي حفصة فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن
أبي حفصة عن الزهري به باللفظ الأول
70

وأما حديث يزيد بن هارون فأخرجه الحاكم أيضا عن سهل بن عمار العتكي ثنا يزيد بن
هارون وسقط منه رجلان سفيان والزهري عن أبي سنان عن بن عباس
أيضا باللفظ الأول وسكت عنه وله عند الدارقطني أيضا طريقان إلا أنهما واهيان
جدا فأضربنا عن ذكرهما وجهل من عزا حديث بن عباس لمسلم وإنما أخرج مسلم
نحوه من حديث أبي هريرة وسنذكره في أحاديث الباب وقلده شيخنا علاء الدين
فالمقلد ذهل والمقلد جهل والله أعلم بالصواب
أحاديث الباب روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال
رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو
قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان
قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم
وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه انتهى وأخرج البخاري منه ذروني
ما تركتم إلى آخره
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي عن أبي
البختري عن علي قال لما نزلت هذه الآية ولله على الناس حج البيت من استطاع
إليه سبيلا قالوا يا رسول الله أفي كل عام فسكت ثم قالوا أفي كل عام قال
لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء
الآية انتهى قال الترمذي حديث غريب من هذا الوجه انتهى قال محمد
71

يعنى البخاري وأبو البختري لم يدرك عليا انتهى كلام الترمذي وكذلك رواه البزار
في مسنده وقال أبو البختري لم يسمع من علي انتهى وأخرجه الحاكم في
المستدرك في تفسير آل عمران وسكت عنه ولم يتعقبه الذهبي في مختصره
بالانقطاع ولكن أعله بعبد الاعلى قال وقد ضعفه أحمد انتهى وقال الشيخ في
الإمام قال عبد الله بن أحمد عن أبيه عبد الأعلى الثعلبي ضعيف الحديث وقال ابن
معين وأبو حاتم ليس بالقوي وقال أبو زرعة ضعيف الحديث ربما رفع الحديث
وربما وقفه انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن زيد بن أسلم عن بن أبي واقد الليثي
عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه في حجة الوداع هذه ثم
ظهور الحصر انتهى ومعناه أي الزمن ظهور الحصر قال بن القطان في كتابه
وابن أبي واقد لا يعرف له اسم ولا حال قال الشيخ في الامام قد عرف اسمه من
سنن سعيد بن منصور فقال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم
عن واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه فذكره وذكره البخاري في تاريخه فقال
واقد بن أبي واقد الليثي لم يزد على ذلك والله أعلم
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن
أبي سفيان عن أنس بن مالك قال قالوا يا رسول الله الحج في كل عام فقال
لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لم تقوموا بها ولو لم تقوموا بها عذبتم انتهى
ومحمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي
الكوفي خرج له مسلم عن أبيه واسم أبيه كنيته وأبو سفيان طلحة بن نافع أخرج له
مسلم أيضا والله أعلم
أحاديث الفور في الحج والتراخي قال المصنف رحمه الله ثم هو واجب على
72

الفور عند أبي يوسف وعن أبي حنيفة ما يدل عليه وعند محمد والشافعي رحمهما
الله على التراخي قال بن الجوزي في التحقيق وأحمد يقول بالفور أيضا واحتج
له بحديث الحجاج بن عمرو الأنصاري من كسر وأعرج فقد حل وعليه الحج من
قابل ثم قال وحجة الآخرين ما رووا عن أبي سعيد عن النبي عليه السلام أنه قال من
أحب أن يرجع بعمرة قبل الحج فليفعل قال وهذا حديث لا يعرف وإنما الذي
روى من أحب أن يبدأ بعمرة قبل الحج فليفعل وهذا هو التمتع قال واحتجوا أيضا
بأن فريضة الحج نزلت في سنة خمس بدليل ما رواه أحمد في مسنده من طريق
محمد بن إسحاق حدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن عبد الله بن عباس
قال بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له عليه
السلام فرائض الاسلام الصلاة والصوم والحج بعد أن ذكر التوحيد قال وقد
73

رواه شريك بن أبي نمر عن كريب فقال فيه بعثت بنو سعد ضماما في رجب سنة
خمس قالوا وإذا ثبت أن الحج وجب في سنة خمس فقد أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
سنة عشر فدل على أن وجوب الحج على التراخي لا على الفور قال وجواب هذا أنه
قد روى أن ضماما قدم في سنة تسع فإن صحت الرواية الأخرى فعن تأخيره عليه
السلام إياه جوابان أحدهما أن الله تعالى أعلم نبيه عليه السلام أنه لا يموت حتى يحج
وكان على يقين من الادراك قاله أبو زيد الحنفي والثاني أنه أخره لعذر وكانت له
أعذار منها الفقر ومنها الخوف على نفسه ومنها الخوف على المدينة من المشركين
ومنها غلبة المشركين على مكة وكونهم يحجون ويظهرون الشرك ولا يمكنه الانكار
عليهم فإن قيل فكيف أخره بعد الفتح فجوابه من وجهين أحدهما أنه لم يؤمر بمنع
حجاج المشركين فلو حج لاختلط الكفار بالمسلمين فكان ذلك كالعذر فلما أمر بمنع
المشركين من الحج بعث أبا بكر في سنة تسع فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك ثم حج
عند زوال ما يكره والثاني أن يكون أخر الحج لئلا يقع في غير ذي الحجة من جهة
74

النسئ الذي كانت العرب تستعمله حتى يدور التحريم على جميع الشهور فوافقت
حجة أبي بكر ذا القعدة ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة انتهى كلامه قال
صاحب التنقيح وحديث بن عباس رواه أحمد في مسنده مطولا وفيه محمد
بن الوليد بن نويفع لا نفيع وهو الأسدي القرشي ذكره بن حبان في الثقات وقد
روى له أبو داود هذا الحديث الواحد مقرونا بغيره وهو سلمة بن كهيل كلاهما عن
كريب وأما رواية شريك بن أبي نمر التي ذكرها فلا أعرف لها سندا والله
أعلم انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام أيما عبد حج ولو عشر حجج ثم أعتق فعليه
حجة الاسلام وأيما صبي حج عشر حجج ثم بلغ فعليه حجة الاسلام قلت
روى الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن
الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما صبي حج ثم
بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه أن يحج
حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى انتهى وقال حديث
75

صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال
الصواب وقفه تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة ورواه غيره
عن شعبة موقوفا وكذلك رواه سفيان الثوري عن الأعمش موقوفا وهو الصواب
انتهى قال الشيخ في الامام مستدركا على البيهقي قلت رواه الحافظ أبو بكر
الإسماعيلي في جمعه لحديث سليمان الأعمش عن الحارث بن شريح أبي عمر الثقال
الخوارزمي عن يزيد بن زريع به مرفوعا فزاد التفرد انتهى قلت حديث الحارث بن
شريح رواه بن عدي في الكامل وأعله به ثم قال وهذا الحديث معروف بمحمد
بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع وأظن أن الحارث سرق منه وهو ضعيف يسرق
الحديث ولا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما ورواه بن أبي عدى وجماعة عن
شعبة موقوفا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بسند المرفوع فقال حدثنا أبو
معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال احفظوا عني ولا تقولوا قال
بن عباس أيما عبد حج إلى آخره والموقوف الذي أشار إليه بن عدي والبيهقي
قال في الامام رواه الإسماعيلي عن بن أبي عدي عن شعبة موقوفا علي بن عباس
حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله عن محمد بن كعب القرظي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن أدرك فعليه
الحج وأيما عبد حج به أهله فمات أجزأ عنه فان أعتق فعليه الحج انتهى
حديث آخر ضعيف أخرجه بن عدي في الكامل عن حرام بن عثمان عن
عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما أن النبي عليه السلام قال لو
حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى إذا بلغ إن استطاع إليه سبيلا ولو حج المملوك
عشرا لكان عليه حجة إذ أعتق إن استطاع إليه سبيلا ثم أسند عن الشافعي وابن
معين أنهما قالا الرواية عن حرام حرام ووافقهما وقال عامة أحاديثه مناكير
76

حديث مخالف لما تقدم أخرجه مسلم عن كريب عن بن عباس قال دفعت
امرأة صبيا لها فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر انتهى وهو
مذهب أحمد هكذا نقله عنه بن الجوزي في التحقيق وأخرج البخاري عن
السائب بن يزيد قال حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بن سبع سنين انتهى
الحديث الثالث روى أن النبي عليه السلام سئل عن السبيل إلى الحج فقال
الزاد والراحلة قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث بن عباس ومن
حديث أنس ومن حديث عائشة ومن حديث جابر ومن حديث عبد الله بن عمرو
بن العاص ومن حديث بن مسعود
فحديث بن عمر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن
محمد بن عباد بن جعفر المخزومي عن بن عمر قال قام رجل فقال يا رسول الله من
الحاج قال الشعث التفل فقام آخر فقال أي الحج أفضل العج والثج فقام
آخر فقال ما السبيل يا رسول الله قال الزاد والراحلة انتهى قال الترمذي
حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي وقد تكلم فيه بعض أهل
77

العلم من قبل حفظه انتهى ذكره في التفسير وفي الحج وإبراهيم بن يزيد
قال في الإمام قال فيه أحمد والنسائي وعلي بن الجنيد متروك وقال بن معين
ليس بثقة وقال مرة ليس بشئ وقال الدارقطني منكر الحديث انتهى ورواه
الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني وقد تابع إبراهيم بن يزيد
عليه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فرواه عن محمد بن عباد عن بن عمر
عن النبي عليه السلام كذلك انتهى وهذا الذي أشار إليه رواه بن عدي في
الكامل وأعله بمحمد بن عبد الله الليثي وأسند تضعيفه عن النسائي وابن معين ثم
قال والحديث معروف بإبراهيم بن يزيد الخوزي وهو من هذه الطريق غريب انتهى
قال البيهقي وإبراهيم بن يزيد الخوزي ضعفه بن معين وغيره وروى من أوجه أخرى
كلها ضعيفة وروى عن بن عباس من قوله ورويناه من أوجه صحيحه عن الحسن عن
النبي عليه السلام مرسلا وفيه قوة لهذا السند انتهى قال الشيخ في الامام قوله
فيه قوة فيه نظر لان المعروف عندهم أن الطريق إذا كان واحدا ورواه الثقات مرسلا
وانفرد ضعيف برفعه أن يعللوا المسند بالمرسل ويحملوا الغلط على رواية الضعيف فإذا
كان ذلك موجبا لضعف المسند فكيف يكون تقوية له قال والذي أشار إليه من قول
بن عباس رواه أبو بكر بن المنذر حدثنا علان بن المغيرة ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح
حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس
قوله والمرسل رواه سعيد بن منصور في سننه حدثنا هشام ثنا يونس عن الحسن
قال لما نزلت ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال رجل
يا رسول الله وما السبيل قال زاد وراحلة انتهى حدثنا الهشيم ثنا منصور عن
الحسن مثله حدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن مثله قال وهذه
إسناد في صحيحه إلا أنها مرسلة وقال بن المنذر لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر
الزاد والراحلة مسندا والصحيح رواية الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأما المسند فإنما رواه
إبراهيم بن يزيد وهو متروك ضعفه بن معين وغيره انتهى
طريق آخر عن الدارقطني في سننه أخرجه عن محمد بن الحجاج المضفر ثنا
78

جرير بن حازم عن محمد بن عباد بن جعفر عن بن عمر مرفوعا ومحمد بن الحجاج
المضفر ضعيف
وأما حديث بن عباس فرواه بن ماجة في سننه حدثنا سويد بن سعيد عن
هشام بن سليمان القرشي عن بن جريج قال وأخبرنيه أيضا عن بن عطاء عن عكرمة
عن بن عباس أن النبي عليه السلام قال الزاد والراحلة يعني قوله من استطاع
إليه سبيلا انتهى قال في الامام وهشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن
العاص قال أبو حاتم مضطرب الحديث ومحله الصدق ما أرى به بأسا انتهى
وأخرجه الدارقطني في سننه عن داود بن الزبرقان عن عبد الملك عن عطاء عن بن
عباس وأخرجه أيضا عن حصين بن المخارق عن محمد بن خالد عن سماك بن حرب عن
عكرمة عن بن عباس قال قيل يا رسول الله الحج كل عام قال لا بل حجة
قيل فما السبيل إليه قال الزاد والراحلة انتهى وداود وحصين كلاهما ضعيفان
الله تبارك وتعالى وأما حديث أنس فأخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن أنس في قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
قيل يا رسول الله ما السبيل قال الزاد والراحلة انتهى قال صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه وتابعه حماد بن سلمة عن قتادة ثم أخرجه كذلك وقال
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه بالاسنادين
وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني في سننه عن عتاب بن أعين عن سفيان
الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن عائشة قالت سأل رجل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال
السبيل الزاد والراحلة انتهى ورواه العقيلي في كتاب الضعفاء وأعله بعتاب
وقال إن في حديثه وهما انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة وليس بمحفوظ
ثم أخرجه البيهقي عن أبي داود الحفري عن سفيان عن يونس عن الحسن قال سئل
79

النبي عليه السلام عن السبيل فقال الزاد والراحلة انتهى
وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن
أبي الزبير أو عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله بلفظ حديث عائشة ومحمد بن
عبد الله بن عبيد الليثي تركوه وأجمعوا على ضعفه وقد تقدم
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الدارقطني عن بهلول بن عبيد عن حماد بن أبي
سليمان عن إبراهيم بن علقمة عن عبد الله بن مسعود بنحوه وبهلول بن عبيد قال أبو
حاتم ذاهب الحديث
وأما حديث عمرو بن العاص فأخرجه الدارقطني أيضا عن بن لهيعة ومحمد بن
عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بنحوه وابن لهيعة والعرزمي
ضعيفان قال الشيخ في الامام وقد خرج الدارقطني هذا الحديث عن جابر وأنس
وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود وعائشة وليس فيها إسناد يحتج به
انتهى
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة قلت يشير
للحديث الذي قبله وقد تقدم ما فيه الكفاية وروى البخاري في صحيحه عن عمرو
بن دينار عن عكرمة عن بن عباس قال كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون
ويقول نحن المتوكلون فإذا قدموا المدينة وفي رواية مكة سألوا الناس فأنزل الله
تعالى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم قلت
روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي أسامة
80

فحديث بن عباس رواه البزار في مسنده حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم
عن بن جريج أخبرني عمر بن دينار أنه سمع معبدا مولى بن عباس يحدث عن بن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحج امرأة إلا ومعها محرم فقال رجل يا نبي الله إني
اكتتبت في غزوة كذا وامرأتي حاجة قال ارجع فحج معها انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن حجاج عن بن جريج به ولفظه قال لا تحجن امرأة إلا
ومعها ذو محرم
وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن أبي معشر عن
سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة مرفوعا لا تسافر امرأة سفر ثلاثة أيام أو تحج إلا ومعها
زوجها انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا أبو
بلال الأشعري ثنا المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي عن أبان بن أبي عياش
عن أبي معشر التميمي مولى زياد عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج إلا مع زوج أو ذو محرم مختصر وأخرج
البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر امرأة ثلاثا إلا
ومعها ذو محرم انتهى وفي لفظ لهما فوق ثلاث وفي لفظ للبخاري ثلاثة أيام
وأخرجا عن قزعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها
أو ذو محرم منها وفي لفظ لمسلم ثلاثا وفي لفظ له فوق ثلاث وفي لفظ له ثلاث
81

أيام فصاعدا وأخرجا عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل
لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها وفي لفظ
لمسلم مسيرة ليلة وفي لفظ يوم وفي لفظ لأبي داود بريدا وهو عند بن حبان في
صحيحه في النوع الحادي والسبعين من القسم الثاني والحاكم في المستدرك
وقال صحيح على شرط مسلم وللطبراني في معجمه ثلاثة أميال فقيل له إن
الناس يقولون ثلاثة أميال قال وهموا وفي بعض هذا الألفاظ ما هو حجة على
المذهب في التوقيت بأقل من ثلاثة أيام وأبلغ من ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن
أبي معبد عن بن عباس مرفوعا لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم لم يوقت فيه شيئا
واسم السفر ينطلق على ما دون ذلك قال المنذري في حواشيه ليس في هذه الروايات
تباين ولا اختلاف فإنه يحتمل أنه عليه السلام قالها في مواطن مختلفة بحسب الأسئلة
ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلا لأقل الاعداد واليوم الواحد أول العدد وأقله والاثنان
أول الكثير وأقله والثلاث أول الجمع فكأنه أشار أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها
فيه السفر مع غير محرم فكيف بما زاد وقد ورد ثلاثة أيام فصاعدا رواه مسلم عن
الخدري انتهى وذكر المصنف حديث لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع زوج أو ذو
محرم في الكراهية
82

فصل في المواقيت
الحديث السادس وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل العراق
ذات عرق ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم قلت
أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة
ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن
لهن ولمن اتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن
حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة انتهى وأخرجا عن سالم عن بن عمران
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل
نجد من قرن قال عبد الله وبلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم
وفي لفظ قال عبد الله وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولم اسمع ذلك منه ومهل
أهل اليمن يلملم وفي لفظ للبخاري قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد من
قرن ولأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة انتهى
ما جاء في ذات عرق اخرج مسلم في صحيحه عن أبي الزبير عن جابر قال
سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مهل أهل المدينة من ذي الحليفة
والطريق الآخر الجحفة ومهل أهل العراق من ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن
83

ومهل أهل اليمن من يلملم انتهى وهذا شك الراوي في رفعه لكن أخرجه ابن
ماجة في سننه عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن أبي الزبير عن جابر قال خطبنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ومهل أهل الشام من الجحفة
ومهل أهل اليمن من يلملم ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل المشرق من ذات عرق
ثم اقبل بوجهه للافق فقال اللهم اقبل بقلوبهم انتهى وهذه الرواية ليس فيها
شك من الراوي الا ان إبراهيم بن يزيد الخوزي لا يحتج بحديثه وقد تقدم الكلام فيه
من حديث الزاد والراحلة وأخرجه الدارقطني في سننه وابن أبي شيبة
وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم عن حجاج عن عطاء عن
جابر وحجاج أيضا لا يحتج به
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي في سننهما عن أفلح بن حميد عن
القاسم عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق انتهى لأبي داود
وزاد فيه النسائي بقية المواقيت وروى بن عدي في الكامل ثم أسند عن
أحمد بن حنبل انه كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي أيضا عن زرارة بن كريم بن الحارث
بن عمرو قال سمعت أبي يذكر انه سمع جده الحارث بن عمرو السهمي قال
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات وقد طاف به الناس قال فتجئ
الاعراب فإذا رأوا وجهه قالوا هذا وجه مبارك قال ووقت ذات عرق لأهل
العراق انتهى ورواه البيهقي وقال في إسناده من هو غير معروف ورواه
الدارقطني في سننه
84

حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد الرزاق قال
سمعت مالكا يقول وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق فقلت له من حدثك
بهذا قال حدثني به نافع عن بن عمر انتهى قال الدارقطني في علله روى
عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن بن عمر ان النبي عليه السلام وقت لأهل العراق ذات
عرق ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك وخالفه أصحاب مالك فرووه عنه ولم
يذكروا فيه ميقات أهل العراق وكذلك رواه أيوب السختياني وابن عوف وابن
جريج وأسامة بن زيد وعبد العزيز بن أبي رواد عن نافع وكذلك رواه سالم عن
بن عمرو بن دينار عن بن عمر انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن وكيع عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد
عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن بن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل
المشرق العقيق انتهى ورواه البيهقي في المعرفة وقال تفرد به يزيد بن أبي
زياد والعقيق أقرب إلى العراق من ذات عرق بيسير وكان أنس بن مالك يحرم من
العقيق قاله بن المنذر انتهى قال بن القطان في كتابه هذا حديث أخاف ان
يكون منقطعا فان محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عهد يروي عن أبيه عن جده
بن عباس كما جاء ذلك في صحيح مسلم في صلاته عليه السلام من الليل وقال
مسلم في كتاب التمييز لا نعلم له سماعا من جده ولا انه لقيه ولم يذكر البخاري
ولا بن أبي حاتم انه يروي عن جده وذكر انه يروي عن أبيه انتهى
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج
عن عطاء عن بن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق انتهى
ورواه الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم أخبرني بن جريج أخبرني عطاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره مرسلا بتمامه وفيه لأهل المشرق ذات عرق قال بن جريج فقلت لعطاء
85

انهم يزعمون أن النبي عليه السلام لم يوقت ذات عرق وانه لم يكن أهل مشرق يومئذ
فقال كذلك سمعنا انه عليه السلام وقت لأهل المشرق ذات عرق انتهى ومن طريق
الشافعي رواه البيهقي في المعرفة قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن بن جريج
عن بن طاوس عن أبيه طاوس قال لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق ولم يكن أهل
مشرق حينئذ فوقت الناس ذات عرق قال الشافعي ولا أحسبه الا كما قال طاوس
انتهى
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده والدار قطني في سننه
أخبرنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا ولأهل
اليمن يلملم ولأهل العراق ذات عرق انتهى والحجاج غير محتج به
حديث آخر رواه بن راهويه أيضا أخبرنا يزيد بن هارون أنبأ الحجاج بن أرطاة عن
عطاء عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا بنحوه والظاهر أن هذا الاضطراب من
الحجاج فان من دونه ومن فوقه ثقات
حديث آخر موقوف أخرجه البخاري في صحيحه قال باب ذات عرق
لأهل العراق ثم أسند عن نافع عن بن عمر قال لما فتح هذان المصران اتوا عمر
فقالوا يا أمير المؤمنين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرن وهي جور عن طريقنا
وانا إذا أردنا قرن شق علينا قال انظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق
انتهى قال البيهقي في المعرفة ويشبه ان يكون عمر لم يبلغه توقيت النبي عليه
السلام ذات عرق ان كانت الأحاديث بذلك ثابتة فوافق تحديده توقيت النبي عليه
السلام انتهى قال الشيح تقي الدين في الامام المصران هما البصرة والكوفة
وحذوها أي ما يقرب منها قال وهذا الحديث يدل على أن ذات عرق مجتهد فيها
لا منصوصة انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام لا يتجاوز أحد الميقات الا محرما قلت
86

رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن
جبير عن بن عباس ان النبي عليه السلام قال لا تجاوزوا الوقت الا بإحرام انتهى
وكذلك رواه الطبراني في معجمه وروى الشافعي في مسنده أخبرنا بن عيينة عن
عمرو عن أبي الشعثاء انه رأى بن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم انتهى ومن
طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا
وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس فذكره حدثنا بن علية عن
أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر نحوه وكان جابر هذا هو أبو الشعثاء وروى إسحاق
بن راهويه في مسنده أخبرنا فضيل بن عياض عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن بن
عباس قال إذا جاوز الوقت فلم يحرم حتى دخل مكة رجع إلى الوقت فأحرم فإن
خشي ان رجع إلى الوقت فإنه يحرم ويهريق لذلك دما انتهى
حديث يشكل على المذهب أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن بن شهاب
عن أنس ان النبي عليه السلام دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه
رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال عليه السلام اقتلوه
انتهى زاد البخاري قال مالك ولم يكن النبي عليه السلام يومئذ فيما نرى والله أعلم
محرما انتهى والذي وجدته في الموطأ قال مالك قال بن شهاب ولم يكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما انتهى وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ان
87

النبي عليه السلام دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير احرام انتهى
وبوب له باب دخول مكة بغير احرام انتهى وكذلك في الموطأ
قوله روى عن علي وابن مسعود في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله
قال واتمامهما ان يحرم بهما من دويرة أهله قلت حديث على رواه الحاكم في
المستدرك في التفسير من حديث آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن
عبد الله بن سلمة المرادي قال سئل علي عن قول الله عز وجل وأتموا الحج
والعمرة لله فقال إن تحرم من دويرة أهلك انتهى وقال حديث صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال وروى من
حديث أبي هريرة مرفوعا وفيه نظر انتهى كلامه وحديث بن مسعود غريب
الحديث الثامن والتاسع روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه ان يحرموا بالحج
من جوف مكة وامر أخا عائشة ان يعمرها من التنعيم قلت الأول أخرجه مسلم عن
أبي الزبير عن جابر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أحللنا ان نحرم إذا توجهنا إلى منى
قال فأهللنا من الأبطح انتهى وذكره البخاري تعليقا فقال وقال أبو الزبير عن
جابر أهللنا من البطحاء انتهى واخرج مسلم عن أبي سعيد فلما قدمنا مكة أمرنا ان
88

نجعلها عمرة الامن ساق الهدي فلما كان يوم التروية ورحلنا إلى منى أهللنا بالحج
واما الثاني فأخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
موافقين هلال ذي الحجة فلما كان بذي الحليفة إلى أن قالت فلما كان ليلة الصدر
أمر يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن فذهب بها إلى التنعيم فأهلت بعمرة مكان
عمرتها فطافت بالبيت فقضى الله عمرتها وحجها مختصر وفي لفظ للبخاري
قالت يا رسول الله اعتمرتم ولم اعتمر فقال يا عبد الرحمن اذهب بأختك
فاعمرها من التنعيم فأحقبها على ناقته فاعتمرت انتهى واخرج أبو داود في
المراسيل عن بن سيرين قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل مكة التنعيم قال قال
سفيان هذا الحديث لا يكاد يعرف يعني حديث التنعيم واخرج أيضا عن عكرمة ان
النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم انتهى
باب الاحرام
الحديث الأول روى أنه عليه السلام اغتسل لاحرامه قلت أخرجه الترمذي
عن عبد الله بن يعقوب المدني عن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد ين ثابت عن
أبيه زيد بن ثابت انه رأى النبي عليه السلام تجرد لاهلاله واغتسل انتهى وقال
89

حديث حسن غريب وأخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه عن
محمد بن موسى بن مسكين أبي غزية المديني القاضي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد
عن أبيه به ولفظهما اغتسل لاحرامه ورواه العقيلي بسند الدارقطني وأعله بأبي
غزية قال عنده مناكير ولا يتابع عليه الا من طريق فيها ضعف انتهى قال بن
القطان في كتابه وإنما حسنه الترمذي ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن
أبي الزناد والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني أجهدت نفسي في معرفته فلم أجد
أحدا ذكره انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عيسى بن محمد السمسار
الواسطي ثنا محمد بن عمرويه الهروي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا خالد بن الياس
عن صالح بن أبي حسان عن عبد الملك بن مروان عن عائشة ان النبي عليه السلام كان إذا
خرج إلى مكة اغتسل حين يريد ان يحرم انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح
عن أبيه عن بن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة
صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج انتهى
وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه يعقوب بن عطاء ممن جمع أئمة الاسلام حديثه
انتهى
أحاديث الباب اخرج مسلم في صحيحه عن القاسم عن عائشة قال نفست
90

أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان تغتسل
وتهل انتهى وفي حديث جابر الطويل أيضا فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة
وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حديث أسماء بنت عميس حين
نفست بذي الحليفة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر فأمرها ان تغتسل وتهل انتهى
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن
بكر بن عبد الله المزني عن بن عمر قال من السنة ان يغتسل إذا أراد ان يحرم انتهى
رواه البزار في مسنده والدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام اتزر وارتدى عند احرامه قلت أخرجه
البخاري في صحيحه عن كريب عن بن عباس قال انطلق النبي عليه السلام من
المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شئ من
الأردية والازر تلبس الا المزعفرة التي تردع على الجلد فأصبح بذي الحليفة ركب
راحلته حتى استوى على البيداء أهل هو وأصحابه وقلد بدنه وذلك لخمس بقين من
ذي القعدة وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة فطاف بالبيت
الحديث الثالث عن عائشة قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان
91

يحرم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة انها قالت كنت أطيب
رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم وفي لفظ لهما كأني انظر إلى وبيص الطيب
في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم وفي لفظ لمسلم كأني انظر إلى وبيص المسك
في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي وفي لفظ لهما قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أراد ان يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك
انتهى وأخرجا عن محمد بن المنتشر قال سألت عبد الله بن عمر عن رجل
يتطيب ثم يصبح محرما فقال ما أحب ان أصبح محرما انضح طيبا لان اطلى
بقطران أحب إلى من أن افعل ذلك فدخلت على عائشة وأخبرتها بقوله فقالت انا
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في نسائه ثم أصبح محرما وفي لفظ لهما قالت
كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا
انتهى
92

حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عائشة بنت طلحة ان عائشة أم المؤمنين
حدثتها قالت كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند
الاحرام فإذا عرقت إحدانا سأل على وجهها فيراه النبي عليه السلام فلا ينهانا
انتهى
أحاديث الخصوم اخرج البخاري ومسلم عن يعلى بن أمية قال اتى النبي عليه
السلام رجل متضمخ بطيب وعليه جبة فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم
بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب فقال له النبي عليه السلام اما الطيب الذي بك
فاغسله ثلاث مرات واما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك
زاد البخاري في لفظ معلق وقال بن جريج قلت لعطاء أراد الانقاء حين امره ان
يغسله ثلاث مرات قال نعم وفي لفظ لهما وهو متضمخ بالخلوق فقال له
اغسل عنك اثر الخلوق وفي لفظ لمسلم وهو مصفر لحيته ورأسه فقال له اغسل
عنك الصفرة وفي لفظ للبخاري اغسل عنك اثر الخلوق واثر الصفرة قال
المنذري في مختصره بعد ذكره حديث أبي داود المتقدم فيه دليل على أن للمحرم ان
يتطيب قبل احرامه بطيب يبقى اثره بعد الاحرام ولا يضره بقاؤه وعليه أكثر الصحابة
رضي الله عنهم واستدل من منعه بقوله عليه السلام اغسل عنك اثر الخلوق وحمل
على أنه كان من زعفران يدل عليه رواية مسلم وهو مصفر لحيته ورأسه وقد نهى
الرجل عن التزعفر وقيل إنه من خواصه عليه السلام وفيه نظر فقد رأى بن عباس
محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية وقال مسلم بن صبح رأيت بن الزبير وهو
محرم وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال انتهى قلت
رواية الزعفران عند أحمد في مسنده روى حديث يعلى بن أمية وقال فيه ثم
دعاه عليه السلام فقال له اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك هذا الزعفران ثم
93

اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك الحديث
حديث النهي عن التزعفر أخرجه البخاري ومسلم في اللباس عن عبد العزيز
بن صهيب عن أنس ان النبي عليه السلام نهى عن التزعفر انتهى وفي
لفظ لمسلم نهى ان يتزعفر الرجل ويشكل عليه حديث رواه أبو داود في سننه
حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا بن أبي رواد عن نافع عن ابن
عمر ان النبي عليه السلام كان يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس والزعفران
انتهى وصححه بن القطان في كتابه وقال عمرو بن محمد العنقزي ثقة
وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضا ثقة انتهى وقال الحازمي في كتاب الناسخ
والمنسوخ واستدل الطحاوي بحديث عائشة كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف
على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا على وجوب غسل الطيب قبل الاحرام
لان قوله فيطوف على نسائه مشعر بأنه اغتسل ثم رده الحازمي بأنه ليس فيه انه
أصابهن وكان عليه السلام كثيرا ما يطوف على نسائه من غير إصابة كما في حديث
عائشة قل يوم الا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا فيقبل ويلمس دون الوقاع فإذا جاء
إلى التي هي يومها يبيت عندها قال ولو ثبت انه اغتسل فحديث عائشة كأني انظر
إلى وبيص الطيب في مفرقه وهو محرم يدل على بقاء عينه بعد الاحرام أو يقول إنها
طيبته مرة ثانية بعد الغسل لان وبيص الشئ بريقه ولمعانه ثم نقل عن الشافعي أنه قال
أمر النبي عليه السلام الاعرابي بغسل الطيب منسوخ لأنه كان في عام الجعرانة
وهو سنة ثمان وحديث عائشة انها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم هو ناسخه
لأنه كان في حجة الوداع وهي سنة عشر قال الحازمي وما رواه مالك عن نافع عن
أسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو محرم فقال له عمر ارجع
فاغسله فان عمر لم يبلغه حديث عائشة ولو بلغه لرجع إليه وإذا لم يبلغه فسنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ان تتبع انتهى كلامه وحديث معاوية هذا رواه البزار في
مسنده وزاد فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحاج الشعث التفل انتهى
94

الحديث الرابع روى جابر ان النبي عليه السلام صلى بذي الحليفة بركعتين عند
احرامه قلت غريب عن جابر والذي في حديث جابر الطويل انه صلى في مسجد
ذي الحليفة ولم يذكر عددا ولكن اخرج مسلم في باب التلبية عن سالم عن بن
عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ثم إذا استوت به الناقة قائمة
عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات الحديث واخرج أبو داود في باب
وقت الاحرام عن بن إسحاق عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة
ركعتين أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه مختصر وسيأتي
بتمامه في الحديث الذي بعد هذا ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على
شرط مسلم انتهى وابن إسحاق وخصيف فيهما مقال وأخرجه الدارقطني في
سننه عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن بن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى على البيداء
أحرم بالحج انتهى ويعقوب بن عطاء ضعفه أحمد ويحيى بن معين قاله الشيخ في
الامام
الحديث الخامس روى أنه عليه السلام لبى في دبر صلاته يعني ركعتي
95

الاحرام قلت أخرجه الترمذي والنسائي عن عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن
سعيد بن جبير عن بن عباس ان النبي عليه السلام أهل في دبر الصلاة انتهى وقال
حديث حسن غريب لا نعرف أحدا رواه غير عبد السلام بن حرب انتهى قال في الامام وعبد السلام بن حرب اخرج له الشيخان في صحيحيهما وخصيف
بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم انتهى
قوله ولو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ولكن الأول أفضل لما روينا قلت
يشير إلى الحديث المذكور ولكن أحاديث انه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح
فأخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر ان النبي عليه السلام أهل حين استوت به
راحلته قائمة وفي لفظ لهما عن سالم عنه قال ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا من عند
المسجد يعني ذا الحليفة مختصر وفي لفظ لمسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة انتهى وفي لفظ
لمسلم عن عبيد بن جريج عن بن عمر قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به
راحلته مختصر وأخرجه البخاري عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك قال
صلى النبي عليه السلام بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين ثم بات حتى أصبح فلما
ركب راحلته واستوت به أهل انتهى واخرج أيضا عن عطاء عن جابر ان اهلال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته انتهى واخرج مسلم عن بن
عباس وفيه ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج مختصر وفي
سنن أبي داود ما يجمع بين هذه الأحاديث وحديث أهل في دبر صلاته أخرجه عن
بن إسحاق عن خصيف عن سعيد بن جبير قال قلت لعبد الله بن عباس عجبت
لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله حين أوجب فقال إني لاعلم الناس
بذلك إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج رسول
96

الله صلى الله عليه وسلم حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه فأهل
بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه ثم ركب فلما
استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك أقوام وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا فسمعوه
حين استقلت به ناقته يهل فقالوا إنما أهل حين استقلت به ناقته ثم مضى عليه السلام
فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك أقوام فقالوا إنما أهل حين علا على شرف
البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين استقلت به ناقته وأهل حين علا على
شرف البيداء فمن اخذ بقول ابن عباس فرغ من ركعتيه انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وابن إسحاق فيه
مقال وكذلك خصيف قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان فقيها صالحا إلا أنه
كان يخطئ كثيرا والانصاف فيه قبول ما وافق فيه الاثبات وترك ما لم يتابع عليه
وأنا أستخير الله في إدخاله في الثقات وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا وتركه
آخرون انتهى
قوله وهو إجابة لدعاء الخليل عليه السلام على ما هو المعروف في القصة يعني في
التلبية قلت فيه آثار عن الصحابة والتابعين فمنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك
في فضائل إبراهيم عليه السلام عن جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن
بن عباس قال لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه أن أذن في الناس بالحج قال فقال
إبراهيم ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه فاستجاب له ما سمعه من
حجر أو شجر أو مدر أو غير ذلك لبيك اللهم لبيك انتهى وقال صحيح
الاسناد ولم يخرجاه انتهى وفيه نظر نقل عن بن معين أنه قال حديث عطاء بن
السائب ضعيف إلا ما كان من رواية سفيان وشعبة وحماد بن سلمة إلا حديثين
سمعهما شعبة بآخره والله أعلم وأخرجه أيضا عن جرير عن قابوس عن أبيه عن
97

بن عباس قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قال رب قد فرغت فقال
أذن في الناس بالحج قال رب ما يبلغ صوتي قال أذن وعلي البلاغ قال رب
كيف أقول قال قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج حج البيت العتيق فسمعه من
بين السماء والأرض ألا ترون أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون انتهى وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه
طريق آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل حدثنا
حماد بن سلمة ثنا أبو عاصم عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس أتدري كيف كانت
التلبية إن إبراهيم أمر أن يؤذن الناس بالحج فرفعت له القرى وخفضت الجبال
رؤوسها فأذن في الناس بالحج وقال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابوه مختصر
وفيه قصة
آخر رواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي في تاريخ مكة حدثني محمد
بن يحيى عن محمد بن عمر الواقدي عن بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
فروة عن عمر بن الحكم عن أبي سعيد الخدري قال قال عبد الله بن سلام لما أمر
إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس قام على المقام فارتفع المقام حتى أشرف على
ما تحته وقال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابه الناس فقالوا لبيك اللهم لبيك انتهى
وروى أيضا حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي عن مسلم بن خالد الزنجي
عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال قام إبراهيم عليه السلام على هذا المقام فقال يا أيها
الناس أجيبوا ربكم فقالوا لبيك اللهم لبيك قال فمن حج اليوم فهو ممن أجاب
إبراهيم يومئذ انتهى
قوله ولا ينبغي أن يخل بشئ من هذه الكلمات لأنه المنقول باتفاق الرواة فلا
ينقص عنه قلت فيه نظر إذ ليس ما ذكره من التلبية منقولا باتفاق الرواة فقد روى
حديث التلبية عائشة وعبد الله بن مسعود وليس فيه والملك لك لا شريك لك
فحديث عائشة أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي عطية عن عائشة
قالت إني لاعلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك
98

لبيك إن الحمد والنعمة لك انتهى ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه للشيخين
فان مسلما لم يخرج حديث عائشة أصلا
وحديث بن مسعود أخرجه النسائي في سننه عن حماد بن زيد عن أبان بن
تغلب عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال كانت تلبية رسول الله
صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك انتهى
وكذلك رواه الطحاوي في شرح الآثار وهي موجودة في حديث بن عمر
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن نافع عنه قال كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك
اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
لبيك قال وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك
لبيك والرغباء إليك والعمل انتهى وموجودة في حديث جابر أيضا أخرجه أبو داود
وابن ماجة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بمثل حديث بن عمر خلا الزيادة
رضي الله تعالى عنه قوله روى أن أجلاء الصحابة كابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم
زادوا على المأثور يعنى في التلبية قلت حديث بن عمر رواه الأئمة الستة
في كتبهم عن نافع عن بن عمر أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك
لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبد الله
بن عمر يزيد في تلبيته لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل
انتهى وأخرج مسلم هذه الزيادة من قول عمر أيضا ولفظه عن بن عمر قال
وكان عمر بن الخطاب رضى اله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات
ويقول لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك والرغباء إليك
والعمل مختصر
وقوله من هؤلاء الكلمات يريد تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية بن عمر وجهل
99

من قال يعنى المذكور في حديث عائشة لان مسلما لم يخرج حديث عائشة
أصلا ولا خرج في التلبية غير حديث بن عمر ثم ذكر هذا عقيبه والله أعلم
وحديث بن مسعود رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وهب بن جرير بن
حازم قال سمعت أبي يحدث عن أبي إسحاق المهراني عن عبد الرحمن بن يزيد
قال حججنا في إمارة عثمان بن عفان مع عبد الله بن مسعود فذكر حديثا فيه طول
وفي آخره وزاد بن مسعود في تلبيته فقال لبيك عدد التراب وما سمعته قبل ذلك
ولا بعد انتهى وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده وحديث أبي هريرة
غريب عنه لكنه روى زيادة مرفوعة في حديث أخرجه النسائي وابن ماجة عن الأعرج
عن أبي هريرة قال كان من تلبية النبي عليه السلام لبيك إله الحق لبيك انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني عشر من القسم الخامس والحاكم في
المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود عن يحيى بن سعيد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن
جابر قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية بمثل حديث بن عمر وزاد قال والناس
يزيدون لبيك ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي عليه السلام يسمع فلا يقول لهم
شيئا انتهى وأخرجه بن ماجة عن سفيان عن جعفر به بدون الزيادة ولم ينصف
المنذري إذ قال عقيبه وأخرجه بن ماجة لأنه يوهم أنه أخرجه بالزيادة ومن هنا يظهر
أنه كان يقلد أصحاب الأطراف والله أعلم
حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة الحسن بن علي أخبرنا
عبيد الله بن موسى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم بن أبي مسلم قال سمعت
الحسن بن علي يزيد في التلبية لبيك ذا النعماء والفضل الحسن انتهى
حديث آخر روى الشافعي ثنا سعيد عن بن جريج قال أخبرني حميد الأعرج
عن مجاهد أنه قال كان النبي عليه السلام يظهر من التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك
لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك قال حتى إذا
100

كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك إن العيش
عيش الآخرة قال بن جريج وحسبت أن ذاك يوم عرفة انتهى وهو مرسل من
الامام.
صلى الله عليه وسلم الحديث السادس روى أن أبا قتادة أصاب حمار وحش وهو حلال وأصحابه
محرمون فقال النبي عليه السلام لأصحابه هل أشرتم هل دللتم هل أعنتم
فقالوا لا قال إذا فكلوا قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي قتادة أنهم
كانوا في مسير لهم بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم قال فرأيت حمار وحش
فركبت فرسي وأخذت الرمح فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني فاختلست سوطا من
بعضهم وشددت على الحمار فأصبته فأكلوا منه فأشفقوا قال فسئل عن ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم فقال أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال
فكلوا ما بقي من لحمها انتهى وفي لفظ لمسلم والنسائي هل أشرتم هل أعنتم؟
قالوا لا قال فكلوا وتنظر بقية الأربعة.
الحديث السابع روى أنه عليه السلام نهى أن يلبس المحرم هذه الأشياء يعنى
101

القميص والسراويل والعمامة والقلنسوة والخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما
أسفل من الكعبين قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن بن عمر قال رجل
يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبس من الثياب في الاحرام قال لا تلبسوا القميص
ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الاخفاف إلا أن يكون أحد ليس له
نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا
ورس انتهى زادوا إلا مسلما وابن ماجة ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس
القفازين قال في الإمام قال الحاكم النيسابوري قال أبو علي الحافظ ولا تنتقب
المرأة من قول بن عمر وأدرج في الحديث قال الشيخ وهذا يحتاج إلى دليل فإنه
خلاف الظاهر وكأنه نظر إلى الاختلاف في رفعه ووقفه فإن بعضهم رواه موقوفا
وهذا غير قادح فإنه يمكن أن يفتى الراوي بما يرويه ومع ذلك فهنا قرينة مخالفة لذلك
دالة على عكسه وهي وجهان أحدهما أنه ورد إفراد النهى عن النقاب من رواية نافع
عن بن عمر مجردا عن الاشتراك مع غيره أخرجه أبو داود عن نافع عن بن عمر عن
النبي عليه السلام قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين انتهى الثاني أنه جاء
النهى عن النقاب والقفازين مبدأ بهما في صدر الحديث وهذا أيضا يمنع الادارج أخرجه
أبو داود أيضا بالاسناد المذكور أن النبي عليه السلام نهى النساء في إحرامهن عن
القفازين والنقاب ومساس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت
من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو سراويل أو حليا أو قميصا قال المنذري ورجاله
102

رجال الصحيحين ما خلا بن إسحاق والله أعلم انتهى وسنده حدثنا أحمد بن
حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق إلى آخر
الحديث الثامن قال عليه السلام إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في
وجهها قلت أخرجه البيهقي في سننه وينظر وأخرجه الدارقطني في سننه عن
هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال إحرام الرجل في
رأسه وإحرام المرأة في وجهها انتهى والمصنف احتج به هنا للشافعي أن المحرم له
أن يغطي وجهه وأعاده قبيل القران أن المراة تغطي رأسها
أحاديث الباب أخرج الدارقطني عن علي بن عاصم عن بن جريج عن عطاء عن
بن عباس عن النبي عليه السلام في المحرم يموت قال خمروهم ولا تشبهوا باليهود
انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته علي بن عاصم كان كثير الغلط وهو
عندهم ضعيف قال لكنه جاء بأعم من هذا اللفظ وأصح من هذه الطريق أخرجه
الدارقطني عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ثنا حفص بن غياث عن بن جريج عن عطاء
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا
باليهود انتهى وعبد الرحمن الأزدي صدوق قاله أبو حاتم وبقية الاسناد لا يسأل
عنه انتهى كلامه واستدل صاحب التنقيح لأحمد والشافعي بما رواه الشافعي من
حديث إبراهيم بن حرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي
وقص خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه قال وإبراهيم هذا وثقه أحمد ويحيى
وأبو حاتم وأخرج الدارقطني في العلل عن بن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن
عثمان عن عثمان بن عفان أن النبي عليه السلام كان يخمر وجهه وهو محرم انتهى
قال والصواب موقوف وروى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن
محمد قال أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي
103

وجهه وهو محرم ورواه الدارقطني ثم البيهقي من حديث عبد الله بن عامر بن
ربيعة أنه رأى عثمان رضي الله عنه بالعرج مخمرا وجهه بقطيفة أرجوان في ثوب صائف
وهو محرم انتهى
الحديث التاسع قال عليه السلام في محرم توفي لا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه
يبعث يوم القيامة ملبيا قلت أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن جبير
عن بن عباس أن رجلا أو قصته راحلته وهو محرم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا وجهه
فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا انتهى ورواه الباقون لم يذكروا فيه الوجه قال الحاكم
أبو عبد الله النيسابوري في كتاب علوم الحديث وذكر الوجه في هذا الحديث
تصحيف من الرواة لاجماع الثقات الاثبات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته
ولا تغطوا رأسه وهو المحفوظ انتهى والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم فإن
الحاكم كثير الأوهام وأيضا فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة وأي مشابهة بين
الوجه والرأس في الحروف هذا على تقدير أن لا يذكر في الحديث غير الوجه فكيف!
وقد جمع بينهما أعني الرأس والوجه والروايتان عند مسلم ففي لفظ اقتصر على
الوجه فقال ولا تخمروا وجهه وفي لفظ جمع بين الوجه والرأس فقال
ولا تخمروا رأسه ولا وجهه وفي لفظ اقتصر على الرأس وفي لفظ قال فأمرهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء وسدر وأن يكشفوا وجهه حسبته قال ورأسه فإنه
يبعث وهو يهل انتهى ومثل هذا بعيد من التصحيف
الحديث العاشر قال عليه السلام الحاج الشعث التفل قلت أخرجه
الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن بن عمر
104

قال قام رجل فقال يا رسول الله من الحاج قال الشعث التفل وسيأتي
بتمامه والكلام عليه في حديث أفضل الحج العج والثج قريبا إن شاء الله تعالى
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران
ولا ورس قلت تقدم حديث بن عمر في الحديث السابع أن النبي عليه السلام قال
لا تلبس القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أن
يكون أحد ليس له نعلان فيلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه
الزعفران ولا ورس ورواه الطحاوي رحمه الله في شرح الآثار حدثنا فهد ثنا
يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا أبو معاوية (ح) وحدثنا بن أبي عمران ثنا عبد الرحمن
بن صالح الأزدي حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا ثوبا مسه ورس أو زعفران إلا أن يكون غسيلا يعني في
الاحرام قال بن أبي عمران ورأيت يحيى بن معين وهو يتعجب من الحماني أن
يحدث بهذا الحديث فقال له عبد الرحمن هذا عندي ثم وثب من فوره فجاء بأصله
فخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية كما ذكره يحيى الحماني فكتبه عنه يحيى بن
معين قال وقد روى ذلك عن جماعة من المتقدمين ثم أخرج عن سعيد بن
المسيب وطاوس وإبراهيم النخعي قالوا في الثوب يكون فيه ورس أو زعفران فغسل
إنه لم ير به بأسا أن يحرم فيه انتهى وأخرج البزار في مسنده عن عطاء نحوه وفي
105

هذا المعنى أحاديث منها حديث أخرجه البخاري عن كريب عن بن عباس قال
انطلق النبي عليه السلام بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه
عن شئ من الأردية والازر يلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد الحديث وقد
تقدم وفيه دليل على اشتراط الردع وهو البل قال بن دريد الردع ما يبل القدم
من مطر أو غيره فحينئذ يخرج الغسل من ذلك
حديث آخر أخرجه إسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى
الموصلي في مسانيدهم حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن حسين بن عبد الله عن
عكرمة عن بن عباس عن النبي عليه السلام قال لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب
مصبوغ بزعفران قد غسل فليس له نفض ولا ردع انتهى
أحاديث الخصوم في المعصفر روى أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن
حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى
النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب
ولتلبس بعد ذلك ما شاءت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو
قميصا أو خفا انتهى قال أبو داود وقد رواه عن بن إسحاق عبدة بن سليمان
ومحمد بن سلمة إلى قوله ولتلبس بعد ذلك لم يذكرا ما بعده انتهى واستدل
الشيخ في الامام كذلك بحديث كريب عن بن عباس قال انطلق النبي عليه السلام
من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شئ من
الأردية والازر فلبس المزعفرة التي يردع على الجلد رواه البخاري وروى مالك في
الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت
تلبس المعصفرات وهي محرمة
ومن أحاديث الأصحاب ما رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع أسلم
مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن
106

عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال عمر بن الخطاب ما هذا الثوب المصبوغ يا
طلحة فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدد فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة
يقتدي الناس بكم فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله كان
يلبس الثياب المصبغة في الاحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذا الثياب المصبغة
انتهى
قوله روى أن عمر اغتسل وهو محرم قلت رواه مالك في الموطأ عن حميد
بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن أمية وهو يصبب على
عمر بن الخطاب ماء أصببت على رأسي فقال يعلى أتريد أن تجعلها بي إن أمرتني
صببت فقال له عمر أصبب علي فلن يزيده الماء إلا شعثا انتهى
طريق آخر رواه الشافعي في مسنده أخبرنا سعيد بن سالم عن بن جريج أخبرني
عطاء بن صفوان بن يعلى أخبره عن يعلى بن أمية أنه قال بينما عمر بن الخطاب يغتسل
إلى بعير وأنا أستر عليه بثوب إذ قال عمر يا يعلى أصبب على رأسي فقلت أمير
المؤمنين أعلم فقال عمر والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا فسمى الله ثم أفاض على
رأسه انتهى
طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه والشافعي في مسنده قالا حدثنا
سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال قال لي عمر
تعال أنافسك في الماء أينا أطول نفسا فيه ونحن محرمون انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن
عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال بن عباس يغسل المحرم رأسه وقال
المسور لا يغسل فأرسله عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجده يغتسل بين
القرنين وهو مستتر بثوب قال فسلمت عليه فقال من هذا قلت أنا عبد الله بن
107

حنين أرسلني عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو
محرم قال فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لانسان
يصبب عليه أصبب فصب على رأسه ثم حرك أبو أيوب رأسه بيديه فأقبل بهما
وأدبر ثم قال هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل انتهى
حديث آخر حديث الذي وقصته راحلته نقل البيهقي عن الشافعي أنه استدل
لهذه المسألة وفيه أنه عليه السلام أمر أن يغسل بماء وسدر وأن لا يقرب طيبا انتهى
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن علية عن أيوب عن عكرمة عن
بن عباس أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم وقال والله ما يعبأ الله بأوساخنا شيئا
انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن أيوب السختياني به قال
المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام قال الشيخ في الإمام قال المنذري حديث
حسن وإسناده ثقات انتهى وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي
الزبير عن جابر قال لا بأس أن يغتسل المحرم ويغسل ثيابه انتهى حدثنا وكيع عن
سفيان عن منصور عن سالم عن بن عمر نحوه
قوله روى أن عثمان كان يضرب له فسطاط في إحرامه قلت غريب وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا الصلت عن عقبة بن صهبان قال رأيت
108

عثمان بالأبطح وأن فسطاطه مضروب وسيفه معلق بالشجرة انتهى ذكره في باب
المحرم يحمل السلاح والمصنف استدل بهذا الأثر على أن المحرم يجوز له أن يستظل
بالبيت والفسطاط والمحمل ونحو ذلك ووافق هنا الشافعي في ذلك ومنعه أحمد
ذكره بن الجوزي في التحقيق واستدل لمذهبنا بحديث أم الحصين أخرجه مسلم
قالت حججت مع النبي عليه السلام حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما
آخذ بخطام ناقة النبي عليه السلام والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة
العقبة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ثم سمعته يقول إن أمر عليكم عبد
مجدع حسبتها قالت أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا انتهى وفي
لفظ رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام من الشمس الحديث ثم أجاب عنه
فقال يحتمل أن يكون إنما رفع الثوب من ناحية الشمس لا أنه رفعه على رأسه وظلله به
قال في التنقيح وهذا لا يستقيم فإن التظليل على النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان بعد الزوال
والشمس في الصيف على الرؤوس فتعين أن يكون التظليل على رأسه صلى الله عليه وسلم وكأنه ذهل
عن لفظ مسلم والآخر رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام يظله من الشمس ورأيته
في غير كتاب التنقيح نقل عن الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله قال لا حجة
فيه لجواز أن يكون هذا الرمي الذي في قوله حتى رمى جمرة العقبة وقع في غير يوم
النحر أما في اليوم الثاني أو الثالث فيكون حينئذ قد حل عليه السلام من إحرامه
وينبغي أن ينظر ألفاظه فإن ورد حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر صح الاحتجاج
لكنه يبعد من جهة أن جمرة العقبة يوم النحر في أول النهار وقت صلاة العيد وذلك
الوقت لا يحتاج إلى التظليل من الحر أو الشمس والله أعلم واستدل الشيخ في الامام
كذلك بما في حديث جابر الطويل فأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في
الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزلها
حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له الحديث ونمرة بفتح النون
وكسر الميم موضع بعرفة وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان
عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال خرجت مع عمر فكان يطرح النطع
على الشجرة فيستظل به يعني وهو محرم انتهى
109

قوله ويكثر من التلبية عقيب الصلاة وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقى
ركبا وبالاسحار لان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلبون في هذه الأحوال قلت
غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن بن جريج عن ابن
سابط قال كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع في دبر الصلاة وإذا هبطوا
واديا أو علوه وعند التقاء الرفاق انتهى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
خيثمة قال كانوا يستحبون التلبية عند ست دبر الصلاة وإذا استقبلت بالرجل
راحلته وإذا صعد شرفا أو هبط واديا وإذا لقي بعضهم بعضا انتهى حدثنا جرير
عن مغيرة عن إبراهيم قال تستحب التلبية في مواطن في دبر الصلاة المكتوبة وحين
يصعد شرفا وحين يهبط واديا وكلما استوى بك بعيرك قائما وكلما لقيت رفقة
انتهى وعزى إلى بن ناجية في فوائده عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر إذا
لقي ركبا أو صعد أكمة أو هبط واديا وفي أدبار المكتوبة وآخر الليل انتهى
وذكره الشيخ في الامام ولم يعزه
الحديث الثاني عشر قال النبي عليه السلام أفضل الحج العج والثج فالعج
رفح الصوت بالتلبية والثج إراقة الدم قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث
أبي بكر ومن حديث جابر ومن حديث بن مسعود رضي الله عنهم
فحديث بن عمر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد الخوزي قال
سمعت محمد بن عباد بن جعفر يحدث عن بن عمر قال قام رجل إلى النبي عليه السلام
فقال من الحاج قال الشعث التفل فقام آخر فقال أي الحج أفضل يا رسول الله
110

قال العج والثج فقام آخر فقال ما السبيل يا رسول الله قال الزاد والراحلة
انتهى قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد
الخوزي المكي وقد تكلم فيه من قبل حفظه انتهى وزاد بن ماجة فيه قال وكيع
يعني بالعج التلبية والثج نحر البدن انتهى أخرجه الترمذي في تفسير آل
عمران وابن ماجة في الحج في باب ما يوجب الحج وقال البزار في مسنده
وإبراهيم بن يزيد ليس بالقوي وروى عنه سفيان الثوري وجماعة كثيرة انتهى
وأما حديث أبي بكر فأخرجه الترمذي في باب ما جاء في فضل التلبية وابن
ماجة في باب رفع الصوت بالتلبية قال الترمذي حدثنا محمد بن رافع وإسحاق بن
منصور قالا حدثنا بن أبي فديك وقال بن ماجة ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي
ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا حدثنا بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن
محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق أن النبي عليه السلام
سئل أي الحج أفضل قال العج والثج انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا
من حديث بن أبي فديك عن الضحاك عن عثمان ومحمد بن المنكدر لم يسمع من
عبد الرحمن بن يربوع وقد روى محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع
عن أبيه غير هذا الحديث وروى ضرار بن صرد هذا الحديث عن بن أبي فديك عن
الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه عن
أبي بكر عن النبي عليه السلام وأخطأ فيه ضرار قال أبو عيسى وسمعت أحمد بن
الحسن يقول قال أحمد بن حنبل من قال في هذا الحديث عن محمد بن المنكدر عن
ابن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه فقد أخطأ قال وسمعت محمد يقول وذكرت له
حديث ضرار بن صرد عن بن أبي فديك فقال هو خطأ فقلت قد رواه غيره عن
بن أبي فديك أيضا مثل روايته فقال لا شئ إنما رووه عن بن أبي فديك ولم
يذكروا فيه عن سعيد بن عبد الرحمن ورأيته يضعف ضرار بن صرد انتهى كلام
111

الترمذي وهذه الرواية التي خطأها أحمد والبخاري هي عند بن أبي شيبة في مسنده
فقال حدثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا ربيعة عن عثمان والضحاك جميعا عن محمد
بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق سئل رسول الله صلى الله وسلم
الحديث وذكر شيخنا الذهبي في ميزانه عبد الرحمن بن يربوع فقال ما روى
عنه سوى بن المنكدر وهذا غلط فإن البزار قال في مسنده عقيب ذكره لهذا
الحديث عن عبد الرحمن بن يربوع قديم حدث عنه عطاء بن يسار ومحمد بن
المنكدر وغيرهما وأظن أن الذي أوقع الذهبي في ذلك كون المزي في كتابه لم
يذكر راويا عنه غير بن المنكدر وكثيرا ما وقع له مثل ذلك في كتبه والله أعلم وقال
الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث يرويه محمد بن المنكدر واختلف عنه
فرواه بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن
يربوع عن أبي بكر وقال ضرار بن صرد عن بن أبي فديك عن الضحاك عن ابن
المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه ورواه الواقدي عن ربيعة بن عثمان
والضحاك جميعا عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر
الصديق رضي الله عنه وقال الواقدي أيضا عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن
عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جبير بن الحويرث عن أبي بكر والقول الأول أشبه
بالصواب وقال أهل النسب إنه عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ومن قال سعيد بن
عبد الرحمن فقد وهم والله أعلم انتهى
وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما
قال الأول حدثنا أبو أسامة عن أبي حنيفة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن
عبد الله عن النبي عليه السلام قال أفضل الحج العج والثج والعج العجيج
بالتلبية والثج نحور الدماء انتهى وأخرجه الثاني بسنده عن أبي أسامة سواء
وأما حديث جابر فرواه أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من
حديث إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن محمد بن المنكدر عن
جابر مرفوعا نحوه وإسحاق هذا متفق على تضعيفه أيضا فلا يحتج بحديث بن عياش
112

عن الحجازيين وإسحاق مدني والله أعلم
أحاديث الباب أخرج أصحاب الكتب الستة عن خلاد بن السائب عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبرائيل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن
يرفعوا أصواتهم بالاهلال أو قال بالتلبية انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن أبي قلابة عن أنس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم
بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم يصرخون بهما جميعا
انتهى
الحديث الثالث عشر روى أنه عليه السلام لما دخل مكة ابتدأ بالمسجد قلت
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي عليه السلام أول شئ بدأ به حين قدم مكة
أنه توضأ ثم طاف بالبيت مختصر وأخرجا أيضا عن كعب بن مالك قال كان
النبي عليه السلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين قبل أن يجلس ثم يجلس
للناس انتهى ورواه البخاري في الجهاد ومسلم في الصلاة وفي لفظ لمسلم
كان لا يقدم من سفر إلا نهارا وفي الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم
جلس فيه انتهى وأخرج مسلم عن محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر قال لما قدم
النبي عليه السلام مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى
أربعا ثم أتى المقام فقال واتخذوا الحديث وروى أبو الوليد الأزرقي في تاريخ
مكة حدثني أحمد بن محمد بن الوليد حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج
قال قال عطاء لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لم يلو على شئ ولم يعرج ولا بلغنا أنه
دخل بيتا ولا لوى بشئ حتى دخل المسجد فبدأ بالبيت فطاف به وهذا أجمع في
حجته وعمرته كلها انتهى واستشهد شيخنا علاء الدين لهذا الحديث بما أخرجه
عن بن عمر رأيت النبي عليه السلام حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود
هذا وليس فيه مقصود مع أن لفظ الحديث ليس كذلك وإنما لفظه رأيت النبي
113

صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط من
السبع انتهى أخرجاه عن الزهري عن سالم عن بن عمر واستشهد هذا الجاهل بما في
حديث جابر الطويل حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن الحديث والآخر ليس فيه
مقصود أو هو بعيد عن المقصود
قوله روى عن بن عمر أنه كان يقول إذا لقي البيت بسم الله والله أكبر قلت
غريب والذي رواه البيهقي عنه أنه كان يقول ذلك عند استلام الحجر قال المصنف
ومحمد لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لان التوقيت يذهب بالرقة
وإن تبرك بالمنقول منها فحسن قال الشيخ في الامام رأيت في كتاب بن المفلس
قال وذكر هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أن عمر
كان إذا نظر إلى البيت قال اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام
انتهى قال ورواه سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أنا يحيى بن سعيد عن ابن سعيد
ابن المسيب عن أبيه أنه كان إذا دخل المسجد استقبل القبلة وقال اللهم أنت السلام
إلى آخره فجعله من قول سعيد وروى البيهقي عن الحكم بسنده عن يحيى بن معين ثنا
سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن طريف عن حميد بن يعقوب سمع سعيد بن المسيب يقول
سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت
اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام قال الشيخ وهذا الحديث شاهد
لسماع سعيد من عمر والله أعلم وروى الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن بن جريج
أن النبي عليه السلام كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا
وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما
وتكريما وبرا وهذا معضل قال الشافعي ولست أكره رفع اليدين عند رؤية البيت
ولا أستحبه ولكنه عندي حسن انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني
114

بن أبي سبرة عن موسى بن سعد عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة
نهارا من كدي فلما رأى البيت قال اللهم زد هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة
وزد من عظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا وحدثني
محمد بن عبد الله عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي عليه السلام لما انتهى إلى
الركن استلمه وهو مضطجع بردائه وقال بسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا بما
جاء به محمد وحدثني بن جريج عن يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب
المخزومي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والأسود ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
الحديث الرابع عشر روى أن النبي عليه السلام دخل المسجد وابتدأ بالحجر فاستقبله
وكبر وهلل قلت أما ابتداؤه عليه السلام بالحجر فهو في حديث جابر الطويل حتى إذا
أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا الحديث وأخرج مسلم أيضا عن
جعفر بن ومحمد عن أبيه عن جابر قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة بدأ بالحجر فاستلمه ثم
مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا انتهى وأما التكبير والتهليل فلم أجد
لكن التكبير عند البخاري في حديث البعير عن بن عباس أنه عليه السلام طاف على
بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشئ في يده وكبر انتهى وأخرجه عن خالد
الحذاء عن عكرمة عن بن عباس وجهل من عزاه لمسلم فإن حديث مسلم ليس فيه
التكبير ولفظه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال طاف النبي عليه السلام
في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه انتهى وأما التهليل فأخرج الإمام أحمد
والبيهقي عن سعيد بن المسيب عن عمر أن النبي عليه السلام قال له يا عمر إنك
رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا
فاستقبله وكبر وهلل انتهى
الحديث الخامس عشر قال عليه الصلاة والسلام لا ترفع الأيدي إلا في سبع
115

مواطن وذكر من جملتها استلام الحجر قلت تقدم الحديث في صفة الصلاة وليس
فيه استلام الحجر
الحديث السادس عشر روى أنه عليه السلام قبل الحجر الأسود ووضع شفتيه
عليه قلت أخرجه بهذا اللفظ بن ماجة في سننه عن محمد بن عون عن نافع عن
بن عمر قال استقبل النبي عليه السلام الحجر ثم وضع شفتيه عليه فبكى طويلا ثم
التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي فقال يا عمر ههنا تسكب العيون انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ولم
يتعقبه الذهبي في مختصره ولكنه في ميزانه أعله بمحمد بن عون ونقل عن
البخاري أنه قال هو منكر الحديث انتهى ورواه العقيلي وابن عدي في
كتابيهما وأسند بن عدي تضعيف بن عون عن البخاري والنسائي وابن معين
وقال بن حبان في كتاب الضعفاء هو قليل الرواية ولا يحتج به إلا إذا وافق الثقات
انتهى وقال في الامام ومحمد بن عون هذا هو الخراساني قال بن معين ليس
بشئ وقال البخاري والرازي منكر الحديث وقال النسائي والأزدي متروك
الحديث انتهى والحديث رواه الأئمة الستة في كتبهم ليس فيه ذكر الشفتين
أخرجوه عن عمر بن الخطاب أنه جاء إلى الحجر فقبله وقال إني أعلم أنك حجر
لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك بزيادة فيه أخرجه عن أبي هارون العبدي واسمه عمارة بن
جوين عن أبي سعيد الخدري قال حججنا مع عمر بن الخطاب أول حجة حجها من
إمارته فلما دخل المسجد الحرام أتى الحجر فقبله واستلمه وقال إني أعلم أنك حجر
لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك فقال له علي بن أبي
طالب بلى يا أمير المؤمنين إنه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت
أنه كما أقول قال الله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى فلما أقروا أنه الرب عز وجل
116

وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه في هذا الحجر وأنه يبعث يوم القيامة وله
عينان ولسانان وشفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة فهو أمين الله في هذا الكتاب فقال له
عمر بن الخطاب لا أبقاني الله بأرض لست فيها يا أبا الحسن انتهى وقال ليس
هذا الحديث على شرط الشيخين فإنهما لم يحتجا بأبي هارون العبدي انتهى قال
الذهبي في مختصره وأبو هارون العبدي ساقط انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن بن عمر أنه سئل عن استلام
الحجر فقال رأيته عليه السلام يستلمه ويقبله انتهى
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده في آخر مسند أبي بكر بسنده عن
عيسى بن طلحة عن رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الحجر فقال إني لاعلم أنك حجر
لا تضر ولا تنفع ثم قبله قال ثم حج أبو بكر فوقف عند الحجر فقال إني أعلم أنك
حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك انتهى وهذا
متن غريب وتراجع بقية إسناده
الحديث السابع عشر روى أن النبي عليه السلام قال لعمر إنك رجل أيد تؤذي
الضعيف فلا تزاحم الناس على الحجر ولكن إن وجدت فرجة فاستلمه وإلا فاستقبله
وكبر وهلل قلت رواه أحمد والشافعي وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي
كلهم عن سفيان عن أبي يعفور العبدي واسمه وقدان قال سمعت شيخنا بمكة في
إمارة الحجاج يحدث عن عمر بن الخطاب أن النبي عليه السلام قال له إنك رجل
قوي لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا
فاستقبله وكبر وهلل ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا السفيانان عن
117

أبي يعفور به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ثنا أبو الأحوص عن أبي يعفور به قال
الدارقطني في كتاب العلل قال بن عيينة ذكروا أن هذا الشيخ هو عبد الرحمن بن
نافع بن عبد الحارث انتهى
الحديث الثامن عشر روى أنه عليه السلام طاف على راحلته واستلم الأركان
بمحجنه قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث جابر ومن حديث أبي
الطفيل ومن حديث صفية بنت شيبة ومن حديث طارق بن أشيم
فحديث بن عباس أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة عن بن عباس أن النبي عليه السلام طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن
بمحجن انتهى وحديث جابر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي الزبير
عن جابر قال طاف النبي عليه السلام في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر
بمحجنه لان يراه الناس أو ليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه انتهى وأخرجه
البخاري عن جابر فذكره إلى قوله لان يراه الناس ويراجع
وحديث أبي الطفيل أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة عنه واسمه عامر بن
واثلة قال رأيت النبي عليه السلام يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجن
معه ويقبل المحجن انتهى
وحديث صفية أخرجه أبو داود عن بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
118

عبيد الله بن عبد الله عن صفية بنت شيبة قالت لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام
الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده قالت وأنا أنظر إليه انتهى
وصفية بنت شيبة أخرج لها البخاري حديثا في صحيحه وقيل ليست بصحابية
فالحديث مرسل حكى ذلك عن النسائي والبرقاني وقد ذكرها بن السكن وكذلك
بن عبد البر في الصحابة وقيل لها رؤية كما في الحديث
وحديث آخر أخرجه بن ماجة عنها أنها سمعت النبي عليه السلام يخطب عام
الفتح غير أن هذين الحديثين من رواية محمد بن إسحاق وفيه مقال واختلف
العلماء في العلة المقتضية لطوافه عليه السلام راكبا فقيل لان يراه الناس صرح بذلك
في مسلم كما تقدم في حديث جابر وأخرجا عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس
أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة
قال صدقوا وكذبوا قلت ما قولك صدقوا وكذبوا قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر
عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من الخدور قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب والمشي والسعي
أفضل مختصر وقيل كراهية أن يضرب عنه الناس ورد ذلك أيضا في صحيح
مسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة
الوداع على راحلته يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه الناس انتهى قال القرطبي
وليس بناجح لاحتمال عود الضمير في عنه إلى الركن انتهى قيل إنه كان به
شكاية أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن بن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته فلما أتى على الركن استلم
الركن بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين انتهى ورواه البيهقي
وضعف بن أبي زياد وقال إنه تفرد بقوله وهو يشتكي لم يوافق عليها انتهى قلت
119

روى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن سليمان
أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة فجعل حماد يصعد الصفا وعكرمة لا يصعده
ويصعد حماد المروة وعكرمة لا يصعده فقال له حماد يا أبا عبد الله ألا تصعد الصفا
والمروة فقال هكذا كان طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حماد فلقيت سعيد بن جبير
فذكرت له ذلك فقال إنما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وهو شاك يستلم
الأركان بمحجن فطاف بالصفا والمروة على راحلته فمن أجل ذلك لم يصعد انتهى
وهذا مرسل وقد أشار البخاري في صحيحه إلى هذا المعنى فقال باب المريض
يطوف راكبا ثم ذكر حديث بن عباس المتقدم ثم ذكر حديث أم سلمة أنها
اشتكت فقال عليه السلام طوفي من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت ورواه مسلم أيضا وفي لفظ للبخاري
فقال لها عليه السلام إذا أقيمت الصلاة للصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون
ففعلت ذلك انتهى
وأما حديث طارق بن أشيم فأخرجه أبو القاسم البغوي وابن قانع في
معجميهما والعقيلي في كتابه عن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي ثنا أبو
مالك الأشجعي عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف حول البيت فإذا ازدحم
الناس على الحجر استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن بيده انتهى قال البغوي لا أعلم
روى هذا غير محمد بن عبد الرحمن الثقفي وأبو مالك الأشجعي اسمه سعد بن
طارق وأبوه طارق بن أشيم سكن الكوفة روى عن النبي عليه السلام أحاديث
انتهى وقال العقيلي محمد بن عبد الرحمن بن قدامة قال البخاري فيه نظر وقال
الشيخ في الامام وقال شيخنا المنذري رجال هذا الحديث كلهم ثقات خلا محمد
بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي فإن البخاري قال إن فيه نظر انتهى
120

وأما حديث أم عمارة فرواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني يعقوب بن
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب
عن أم عمارة قالت شهدت عمرة القضية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت قد شهدت
الحديبية فكأني أنظر إلى النبي عليه السلام حتى انتهى إلى البيت وهو على راحلته
وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها وقد صف له المسلمون فاستلم الركن بمحجنه
مضطبعا بثوبه على راحلته مختصر
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أبي خالد
الأحمر عن عبيد الله عن نافع قال رأيت بن عمر يستلم الحجر بيده ثم يقبل يده،
وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى
الحديث التاسع عشر روى أنه عليه السلام استلم الحجر ثم أخذ عن يمينه مما يلي
الباب فطاف سبعة أشواط قلت أخرجه مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر
بن عبد الله قال لما قدم النبي عليه السلام مكة بدأ بالحجر الأسود فاستلمه ثم مضى
على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا انتهى وعند البيهقي عن بن مسعود أنه بدأ
فاستلم الحجر ثم أخذ عن يمينه فرمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا ثم أتى المقام فصلى
خلفه ركعتين
الحديث العشرون قال المصنف والاضطباع أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن
ويلقيه على كتفه الأيسر وهو سنة وقد نقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه
أبو داود في سننه عن حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم
121

تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى انتهى وسكت عنه المنذري بعده
ثم قال المنذري حديث حسن ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه
وزاد فيه فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم الحديث
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن سفيان عن ابن جريج
عن بن يعلى عن أبيه يعلى بن أمية قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطبعا ببرد أخضر
انتهى والترمذي أخرجه عن سفيان عن بن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن ابن
يعلى به وقال حديث حسن صحيح انتهى وبالاسنادين رواه بن أبي شيبة في
مصنفه
الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام في حديث عائشة رضي الله عنها
فان الحطيم من البيت قلت أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم قالت سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر أمن البيت هو قال نعم قلت فما لهم لم يدخلوه في
البيت قال إن قومك قصرت بهم النفقة قلت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل ذلك
قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديث عهد بكفر
وأخاف أن تنكر قلبوهم لنظرت أن أدخل الحجر بالبيت بالبيت وأن ألزق بابه بالأرض انتهى
وأخرجه أبو داود والترمذي عن علقمة عن أمه عن عائشة أنها قالت كنت أحب أن
أدخل البيت وأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني في الحجرة فقال
صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت فإن قومك اقتصروا
حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
122

انتهى وعلقمة هذا هو علقمة بن بلال مولى عائشة تابعي مدني احتج به البخاري
ومسلم وأمه حكى البخاري وغيره أن اسمها مرجانة وروى الدارقطني في
غرائب مالك والأزرقي في تاريخ مكة من حديث داود بن عبد الرحمن عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبالي في الحجر
صليت أو في البيت انتهى قال الدارقطني رفعه وهم والصواب وقفه انتهى
وأخرج الحاكم في المستدرك عن طاوس عن بن عباس قال الحجر من البيت لان
رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه قال الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق
انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
الحديث الثاني والعشرون قال المصنف رحمه الله ويرمل في الثلاثة الأول من
الأشواط ويمشي فيما بقي على هينته على ذلك اتفق رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا وكان يسعى ببطن
المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة وكان بن عمر يفعل ذلك انتهى وأخرجاه
123

أيضا عن الزهري أن سالما أخبره أن عبد الله بن عمر قال لي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف من
السبع انتهى وأخرج أبو داود عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي
أربعا ثم يصلي سجدتين ويطوف بين الصفا والمرة وفي حديث جابر الطويل
حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا الحديث وفي لفظ عنه
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف انتهى
أخرجه مسلم أيضا
قوله وكان سببه إظهار الجلد للمشركين حين قالوا أضناهم حمى يثرب ثم
بقي الحكم بعد زوال السبب في زمن النبي عليه السلام وبعده قلت أخرج البخاري
ومسلم عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
مكة وقد وهنتهم حمى يثرب قال المشركون إنه يقدم غدا عليكم قوم قد وهنتهم
الحمى ولقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر وأمرهم النبي عليه السلام أن يرملوا
ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم فقال المشركون هؤلاء
الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هم أجلد من كذا وكذا قال بن عباس ولم يمنعه
أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم انتهى وأخرج البخاري عن
بن عمر أن عمر قال ما لنا وللرمل إنما كنا رأينا به المشركين وقد أهلكهم الله ثم
قال شئ صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه مختصر وأخرج مسلم عن
عطاء عن بن عباس قال إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت ليرى المشركين قوته
124

انتهى وأخرج أبو داود وابن ماجة عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال
سمعت عمر يقول فيم الرملان وكشف المناكب وقد أعز الله الاسلام ونفى الكفر
وأهله ومع ذلك فلا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرجه
أبو داود عن أبي الطفيل عن بن عباس أن النبي عليه السلام اضطبع فاستلم وكبر ورمل
ثلاثة أطواف كانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا عن قريش مشوا ثم يطلعون عليهم
فيرملون تقول قريش كأنهم الغزلان قال بن عباس فكانت سنة انتهى وأخرج
البخاري ومسلم عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وأن ذلك سنة قال صدقوا وكذبوا قلت ما صدقوا وكذبوا
قال صدقوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل وكذبوا ليس بسنة إنه لما قدم عليه السلام
مكة قال المشركون إن محمدا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال
وكانوا يحسدونه قال فأمرهم عليه السلام أن يرملوا ثلاثة ويمشوا أربعا مختصر
الحديث الثالث والعشرون قال المصنف رحمه الله والرمل من الحجر إلى الحجر
هو المنقول في رمل النبي عليه السلام قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث
جابر ومن حديث أبي الطفيل
أما حديث بن عمر فرواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبيد الله
بن عمر عن نافع عن بن عمر قال رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا
ومشى أربعا انتهى وفي لفظ لمسلم أن بن عمر رمل من الحجر إلى الحجر وذكر
125

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله انتهى
وأما حديث جابر فأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن جعفر
بن محمد عن أبيه عن جابر بنحوه سواء ورواه مالك عن جعفر بن محمد به ومن
طريقه مسلم ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للشيخين وقد ذكره
الحميدي وعبد الحق في كتابيهما الجمع بين الصحيحين في المتفق عليه وقال
بن تيمية في المنتقى حديث متفق عليه وذكره خلف في أطرافه من مفردات
مسلم وعزاه البيهقي في المعرفة لمسلم فقط وكذلك الشيخ في الامام أعني
حديث بن عمر لا حديث جابر
وأما حديث أبي الطفيل فرواه أحمد في مسنده حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا
عبيد الله بن أبي زياد قال سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رمل ثلاثا من الحجر إلى الحجر انتهى
حديث آخر مرسل رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو
حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن النبي عليه السلام رمل من الحجر
إلى الحجر انتهى
الحديث الرابع والعشرون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم غير الركنين اليمانين
قلت أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن سالم عن بن عمر قال لم أر رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسمح في البيت إلا الركنين اليمانيين انتهى وفي لفظ لمسلم كان لا يستلم إلا
126

الحجر والركن اليماني انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الطفيل عن بن عباس قال لم أر رسول الله
صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنيين اليمانيين واحتج بن الجوزي في التحقيق لأبي حنيفة على
القول بأن استلام الركن اليماني غير سنة بما رواه أحمد في مسنده حدثنا عبد الرزاق
ثنا بن جريج أخبرني سليمان بن عتيق عن عبد الله بن بأبيه عن بعض بني يعلى بن أمية
عن يعلى بن أمية قال كنت مع عمر فاستلم الركن قال يعلى وكنت مما يلي البيت فلما
بلغت الركن الغربي الذي يلي الأسود مررت بين يديه لأستلم فقال لي ما شأنك
قلت ألا يستلم هذين قال ألم تطف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت نعم قال أرأيته
يستلم هذين الركنيين يعني الغربيين قلت لا قال أفليس لك فيه أسوة قلت
بلى قال فأنفذ عنك انتهى قال في التنقيح وفي صحة هذا الحديث نظر انتهى
كلامه
الحديث الخامس والعشرون قال عليه السلام وليصل الطائف لكل أسبوع
ركعتين قلت غريب وأخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي
أربعا ثم يصلي سجدتين انتهى وأخرجه البخاري عن سفيان عن عمرو بن دينار
عن بن عمر قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام
ركعتين وطاف بين الصفا والمروة وقال لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
انتهى وقال أيضا في صحيحه باب صلاة النبي عليه السلام لكل أسبوع ركعتين
وقال إسماعيل بن أمية قلت للزهري إن عطاء يقول تجزئة المكتوبة من ركعتي
الطواف فقال السنة أفضل لم يطف النبي عليه السلام أسبوعا قط إلا صلى ركعتين
انتهى وقال في موضع آخر قال نافع كان بن عمر يصلي لكل أسبوع ركعتين
127

انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا عبد الوهاب ثنا منذر عن بن جريج عن
عطاء أن النبي عليه السلام كان يصلي لكل أسبوع ركعتين انتهى وروى الحافظ أبو
القاسم تمام بن محمد الرازي في فوائده حدثنا أحمد بن القاسم بن الفرج بن مهدي
البغدادي ثنا أبو عبيد الله محمد بن عبدة القاضي ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا عدي
بن الفضل عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل
أسبوع ركعتين انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن
عمرو عن الحسن قال مضت السنة أن مع كل أسبوع ركعتين لا يجزئ منهما تطوع
ولا فريضة انتهى حدثنا يحيى بن سليمان عن إسماعيل بن أمية عن الزهري نحوه
سواء وهذه الأحاديث كلها أجنبية عن حديث الكتاب فإن المصنف استدل به للشافعي
على وجوب ركعتي الطواف وعندنا هي سنة وليس في هذه الأحاديث ما يدل على
وجوبها إلا أن يجعل قوله سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أسبوع ركعتين بمعنى أمر
وأوجب كما ورد في حديث عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بين الصفا
والمروة فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما أخرجاه في الصحيحين في حديث
طويل
رضي الله تعالى عنها الحديث السادس والعشرون روى أن النبي عليه السلام لما صلى الركعتين عاد إلى
الحجر فاستلمه قلت في موطأ مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى
طوافه وركع الركعتين فأراد أن يخرج إلى الصفا والمرة استلم الركن الأسود قبل أن
يخرج انتهى هو في حديث جابر الطويل ولنذكره برمته فإنه عمدة في مناسك
الحج أخرجه مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله
فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن الحسين فأهوى بيده
إلى رأسي فنزع زري الاعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ
غلام شاب فقال مرحبا بك يا بن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى
128

وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها كلما وضعها على منكبيه رجع طرفاها
إليه من صفرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم
يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم
يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة
فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر وأرسلت إلى النبي عليه السلام كيف
أصنع قال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد
ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدى بصري بين يديه
من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل من شئ
عملنا به فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة
لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم
عنهم شيئا منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته قال جابر لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف
العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى
مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فجعل المقام بينه
وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلم ذكره إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في
الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه
ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله
أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله
وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ
قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين
ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن
الوادي رمل حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على
الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال لو أني استقبلت من أمري
ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل
وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم
129

لابد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج
مرتين لا بل لابد أبد وقدم علي من اليمن ببدن النبي عليه السلام فوجد فاطمة رضي
الله عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي
أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على
فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت
ذلك عليها فقال صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم
إني أهل بما أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فلا تحل قال فكان جماعة الهدي
الذي قدم به علي رضي الله عنه من اليمن والذي أتى به النبي عليه السلام مائة
قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي عليه السلام ومن كان معه هدي فلما كان
يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر
والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأمر بقبة من
شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر
الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة
فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت
له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شئ من أمر الجاهلية
تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن
الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع
من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله واتقوا الله في النساء فإنكم
أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن
فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم
رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب
الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت
ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد
اللهم اشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم
130

يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء
إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت
الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده
اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى
تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم
يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر حتى تبين
له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه
وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس
وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله
صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على
وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده
من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن
محصر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى
أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها سبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى
الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده
ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت
في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض
إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا
بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا
فشرب منها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني من القسم
الخامس ورواه بن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار والدارمي في مسانيدهم
قال بن حبان والحكمة في أن النبي عليه السلام نحر بيده ثلاثا وستين بدنة أنه كانت له
يومئذ ثلاث وستون سنة فنحر لكل سنة من سنيه بدنة وأمر عليا بالباقي فنحرها والله
131

أعلم انتهى الله تبارك وتعالى الحديث السابع والعشرون قال عليه السلام من أتى البيت فليحيه بالطواف
قلت غريب جدا
الحديث الثامن والعشرون روي أن النبي عليه السلام صعد الصفا حتى إذا نظر إلى
البيت قام مستقبل القبلة يدعو الله قلت تقدم من حديث جابر فبدأ بالصفا فرمى
عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره الحديث
قوله والرفع سنة الدعاء قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه أبو داود في سننه
في الدعاء عن عبد العزيز بن محمد عن العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن
عبد المطلب عن أخيه إبراهيم بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسألة
أن ترفع يديك حذو منكبيك ونحوهما والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة والابتهال
أن تمد يديك جميعا انتهى ثم أخرجه عن سفيان عن العباس بن عبد الله عن عكرمة
عن بن عباس فذكره موقوفا
حديث آخر رواه أبو داود أيضا حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن حفص بن
132

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع
يديه مسح وجهه بيديه انتهى وهو معلول بابن لهيعة
رضي الله تعالى عنها حديث آخر رواه أبو داود أيضا حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ثنا عبد الملك بن
محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب
القرظي حدثني عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله ببطون أكفكم
ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم قال أبو داود روى هذا
الحديث من غير وجه كلها واهية وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا انتهى قلت
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ثنا عيسى بن ميمون
عن محمد بن كعب القرظي عن بن عباس مرفوعا نحوه سواء ورواه بن ماجة في
الدعاء حدثنا محمد بن الصباح ثنا عائذ بن حبيب عن صالح بن حسان عن محمد بن
كعب به
حديث آخر أخرجه أبو داود في الصلاة الترمذي في الدعوات وابن
ماجة في الدعاء عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن سلمان عن النبي عليه
السلام قال إن الله حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع يديه إليه فيردهما صفرا
خائبتين انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وبعضهم لم يرفعه انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي أيضا في الدعوات عن حماد بن عيسى الجهني
عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه انتهى قال
الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى وقد تفرد به انتهى
قال بن حبان في كتاب الضعفاء حماد بن عيسى الجهني يروي المقلوبات التي يظن
أنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به انتهى قال النووي وأما قول عبد الحق قال فيه
الترمذي صحيح فليس في النسخ المعتمدة بل فيها أنه غريب قال وقد ثبت أنه عليه
السلام رفع يديه في الدعاء ذكرت من ذلك نحو عشرين حديثا في شرح المهذب
133

والله أعلم الحديث التاسع والعشرون قال المصنف ويخرج إلى الصفا من أي باب شاء
وإنما خرج عليه السلام من باب بني مخزوم وهو يسمى باب الصفا لأنه كان
أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة قلت روي من حديث بن عمر ومن حديث
جابر
فحديث بن عمر أخرجه النسائي في سننه أخبرنا محمد بن بشار عن غندر عن
شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت بن عمر يقول لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة
طاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي
يخرج منه فطاف بالصفا والمروة قال شعبة وأخبرني أيوب عن عمرو بن دينار عن ابن
عمر أنه قال سنة انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه
ورواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا سعيد بن زنبور ثنا
عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن أبيه وعبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد إلى الصفا من باب بني مخزوم انتهى
وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أحمد بن محمد بن
أبي بكر البصري القاضي بطبرية ثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا أبي ثنا القاسم بن معن عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي عليه السلام طاف بالبيت سبعا ثم خرج من
باب الصفا فارتقى الصفا فقال نبدأ بما بدأ الله به ثم قرأ إن الصفا والمروة الآية،
انتهى وقال لم نكتبه إلا عن الشيخ انتهى ورواه الدارقطني في غرائب مالك ثنا
محمد بن الحسن النقاش ثنا إبراهيم بن محمود النيسابوري ثنا محمد بن عبيد بن عتبة ثنا
إسماعيل بن محمد الطلحي ثنا سهيل أبو عمرو ثنا مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من باب الصفا وهو يقول نبدأ بما بدأ الله به
انتهى قال الدارقطني كذا قال والصواب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر
انتهى
واعلم أن الذي في حديث جابر الطويل ثم خرج من الباب إلى الصفا وليس فيه
134

المقصود
حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو أسامة عن بن جريج
عن عطاء أن النبي عليه السلام خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم انتهى ورواه
الأزرقي في تاريخ مكة عن مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج به
الحديث الثلاثون روي أنه عليه السلام نزل من الصفا وجعل يمشي نحو المروة
وسعى في بطن الوادي حتى إذا خرج من بطن الوادي مشى حتى صعد المروة فطاف
بينهما سبعة أشواط قلت تقدم في حديث جابر ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت
قدماه في بطن الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة
كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر الطواف على المروة الحديث وأخرجا في
الصحيحين عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف
بين الصفا والمروة وكان بن عمر يفعل ذلك انتهى والحديثان ليس فيهما ذكر
الأشواط وهي في حديث أخرجه البخاري ومسلم عن عمرو بن دينار عن بن عمر
قال قدم النبي عليه السلام مكة فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف
بين الصفا والمروة سبعا وفي لفظ لهما ثم سعى بين الصفا والمروة وقد كان لكم في
رسول الله أسوة حسنة انتهى وأخرجا عن عائشة في حديث طويل قد سن
رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما مختصر
وروى أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد
الأزرقي حدثني مسلم بن خالد الزنجي ثنا بن جريج عن صالح مولى التوأمة عن
135

أبي هريرة قال السنة في الطواف بين الصفا والمروة أن ينزل من الصفا ثم يمشي حتى
يأتي بطن المسيل فإذا جاءه سعى حتى يظهر منه ثم يمشي حتى يأتي المروة انتهى
الحديث الحادي والثلاثون قال عليه السلام ابدءوا بما بدأ الله به قلت اعلم
أن هذا الحديث ورد بصيغة الخبر وهي أبدأ كما رواه مسلم في حديث جابر
الطويل أو نبدأ كما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ومالك في الموطأ
والثاني بصيغة الامر فهي ابدءوا وهذا هو حديث الكتاب وهو عند النسائي
والدارقطني ثم البيهقي في سننهما وإنما ذكرت ذلك لان بعض الفقهاء عزا لفظ
الامر لمسلم وهو وهم منه وقد يحتمل هذا من المحدث لان المحدث إنما ينظر في الاسناد
وما يتعلق به ولا يحتمل ذلك من الفقيه لان وظيفته استنباط الاحكام من الألفاظ
فالمحدث إذا قال أخرجه فلان فإنه يريد أصل الحديث لا بتلك الألفاظ بعينها ولذلك
اقتصر أصحاب الأطراف على ذكر طرف الحديث فعلى الفقيه إذا أراد أن يحتج
بحديث على حكم أن تكون تلك اللفظة موجودة فيه حتى إن بعض الفقهاء
احتج بهذه اللفظة أعني قوله ابدءوا بما بدأ الله به على وجوب الترتيب في الوضوء
وقد بسط القول في ذلك الشيخ تقي الدين في شرح الالمام ولم يحسن شيخنا علاء
الدين رحمه الله إذ أهمل ذكر هذا الحديث معتمدا على ما في حديث جابر فإنه
خلافه ولكنه قلد غيره فأهملاه وقال في الامام الحديث واحد ومخرجه واحد
ولكنه اختلف اللفظ وقد يؤخذ الوجوب بلفظ الخبر أيضا مع ضميمة قوله عليه السلام
خذوا عني مناسككم أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا خذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي
136

لا أحج بعد حجتي هذه انتهى
الحديث الثاني والثلاثون قال عليه السلام إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا
قلت روي من حديث بن عباس ومن حديث حبيبة بنت أبي تجزأة ومن حديث تملك
العبدرية ومن حديث صفية بنت شيبة
فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن النظر الأزدي عن
معاوية بن عمرو عن المفضل بن صدقة عن بن جريج وإسماعيل بن مسلم عن عطاء بن
أبي رباح عن بن عباس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرمل فقال إن الله عز وجل
كتب عليكم السعي فاسعوا انتهى
وأما حديث حبيبة بنت أبي تجزأة فرواه الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه
والحاكم في المستدرك وسكت عنه وأعله بن عدي في الكامل بابن المؤمل
وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي وابن معين ووافقهم ومن طريق أحمد الطبراني
في معجمه ومن طريق الشافعي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال
الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل العائذي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن
عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبي تجزأة إحدى نساء بني
عبد الدار -، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه
137

وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي وهو يقول اسعوا فإن
الله تعالى كتب عليكم السعي انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك أيضا في
الفضائل عن عبد الله بن نبيه عن جدته صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة بنحوه وسكت
عنه أيضا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن عبد الله بن المؤمل حدثنا
عبد الله بن أبي حسين عن عطاء عن حبيبة بنت أبي تجزأة فذكره قال بن عمر بن
عبد البر أخطأ بن أبي شيبة أو شيخه في موضعين منه أحدهما أنه جعل موضع ابن
محيصن عبد الله بن أبي حسين والآخر أنه أسقط صفية بنت شيبة قال بن القطان في
كتابه وعندي أن الوهم من عبد الله بن المؤمل فإن بن أبي شيبة إمام كبير وشيخه
محمد بن بشر ثقة وابن المؤمل سئ الحفظ وقد اضطرب في هذا الحديث اضطرابا
كثيرا فأسقط عطاء مرة وابن محيصن أخرى وصفية بنت شيبة أخرى وأبدل ابن
محيصن بابن أبي حسين أخرى وجعل المرأة عبدرية تارة ويمنية أخرى وفي الطواف
تارة وفي السعي بين الصفا والمروة أخرى وكل ذلك دليل على سوء حفظه وقلة
ضبطه والله أعلم انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بن المبارك أخبرني معروف بن
مشكان قال أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية قالت أخبرني نسوة من
بني عبد الدار اللاتي أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن دخلنا دار بن أبي حسين فرأينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف إلى آخره قال صاحب التنقيح إسناده صحيح
ومعروف بن مشكان باني كعبة الرحمن صدوق لا نعلم من تكلم فيه ومنصور هذا
ثقة مخرج له في الصحيحين انتهى
وأما حديث تملك العبدرية فأخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه
عن مهران بن أبي عمر ثنا سفيان ثنا المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت
شيبة عن تملك العبدرية قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في غرفة لي بين الصفا
والمروة وهو يقول أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا انتهى تفرد
138

به مهران بن أبي عمر قال البخاري في حديثه اضطراب
صلى الله عليه وسلم وأما حديث صفية بنت شيبة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن
عبد الحضرمي ثنا علي بن الحكم الأودي ثنا حميد بن عبد الرحمن عن المثنى بن الصباح
عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسعوا فإن
الله كتب عليكم السعي انتهى وذكر الدارقطني في علله في هذا الحديث
اضطرابا كثيرا ثم قال والصحيح قول من قال عن عمر بن محيصن عن عطاء عن
صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة وهو الصواب انتهى وقال الحازمي في كتاب الناسخ
والمنسوخ الوجه السادس والعشرون من وجوه الترجيحات وهو أن يكون أحد
الحديثين من قول النبي عليه السلام وهو مقارن فعله والآخر مجرد قوله لا غير فيكون
الأول أولى بالترجيح نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجزأة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في
بطن المسيل يسعى وهو يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي فهو أولى من
حديث الحج عرفة لأنه مجرد قول والأول قول وفعل وفيه أيضا إخباره عن الله
تعالى أنه أوجبه علينا فكان أولى انتهى كلامه ورواه الواقدي في كتاب المغازي
حدثني علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن منصور بن
عبد الرحمن عن أمه عن برة بنت أبي تجزأة قالت لما انتهى النبي عليه السلام إلى
السعي قال أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا قالت فسعى حتى
رأيت إزاره انكشف عن فخذه انتهى
الحديث الثالث والثلاثون قال عليه السلام الطواف بالبيت صلاة قلت
139

رواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث من
حديث فضيل بن عياض والحاكم في المستدرك من حديث سفيان كلاهما عن
عطاء بن السائب عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت
صلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير انتهى
وسكت الحاكم عنه وأخرجه الترمذي في كتابه عن جرير عن عطاء بن السائب به
بلفظ الطواف حول البيت مثل الصلاة قال وقد روى هذا الحديث عن ابن
طاوس وغيره عن طاوس موقوفا ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب
انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ثم قال وهذا حديث قد رفعه
عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه وروى عنه موقوفا وهو أصح انتهى وقال
الشيخ تقي الدين في الامام هذا الحديث روي مرفوعا وموقوفا أما المرفوع فله ثلاثة
أوجه أحدها رواية عطاء بن السائب رواها عنه جرير وفضيل بن عياض وموسى
بن أعين وسفيان أخرجها كلها البيهقي الوجه الثاني رواية ليث بن أبي سليم
رواها عنه موسى بن أعين عن ليث عن طاوس عن بن عباس مرفوعا باللفظ المذكور
أخرجها البيهقي في سننه والطبراني في معجمه الوجه الثالث رواية الباغندي
عن أبيه عن بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس مرفوعا نحوه رواه
البيهقي أيضا فأما طريق عطاء فإن عطاء من الثقات لكنه اختلط بآخره قال بن معين
من سمع منه قديما فهو صحيح ومن سمع منه حديثا فليس بشئ وجميع من روى عنه روى عنه
في الاختلاط إلا شعبة وسفيان وما سمع منه جرير وغيره فليس من صحيح
حديثه وأما طريق ليث فليث رجل صالح صدوق يستضعف قال بن معين ليث بن أبي
سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب وقد أخرج له مسلم في المتابعات وقد يقال لعل
اجتماعه مع عطاء يقوي رفع الحديث وأما طريق الباغندي فإن البيهقي لما ذكره قال
140

ولم يصنع الباغندي شيئا في رفعه لهذه الرواية فقد رواه بن جريج وأبو عوانة عن
إبراهيم بن ميسرة موقوفا انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبان ثنا أحمد بن
ثابت الجحدري ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن
عمر لا أعلمه إلا عن النبي عليه السلام قال الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام
انتهى
رضي الله تعالى عنها لحديث الرابع والثلاثون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر يوم التروية بمكة فلما
141

طلعت الشمس راح إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر
ثم راح إلى عرفات قلت تقدم من حديث جابر الطويل فلما كان يوم التروية توجهوا
إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر
والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس إلى أن قال فأجاز
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة الحديث وأخرج الترمذي وابن ماجة عن إسماعيل بن
مسلم عن عطاء عن بن عباس قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر والعصر
والمغرب والعشاء والفجر ثم غدا إلى عرفات انتهى قال الترمذي وإسماعيل
بن مسلم تكلموا فيه انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث
الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس فذكره وأخرج مسلم عن
عبد العزيز بن رفيع قال قلت لانس بن مالك أخبرني عن شئ عقلته عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أين صلى الظهر يوم التروية قال بمنى قلت فأين صلى العصر يوم النحر قال
بالأبطح انتهى
الحديث الخامس والثلاثون قال وإذا زالت الشمس يصلي الامام بالناس الظهر
والعصر ويبدأ فيخطب خطبة يعني قبل الصلاة ثم قال هكذا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت تقدم من حديث جابر الطويل أنه عليه السلام خطب بعرفة قبل صلاة الظهر
ولفظه فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها
حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس
وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا إلى أن قال ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم
142

يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء
الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل رافعا يديه حتى
غربت الشمس الحديث
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد
عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال من سنة الحج أن
يصلي الامام الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إلى عرفة حتى
إذا زالت الشمس خطب الناس ثم صلى الظهر والعصر جميعا ثم وقف بعرفات حتى
تغيب الشمس ثم يفيض فيصلي بالمزدلفة أو حيث قضى الله ثم يقف بجمع حتى
إذا أسفر دفع قبل طلوع الفجر فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شئ حرم عليه إلا
النساء والطيب حتى يزور البيت انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه انتهى
رضي الله تعالى عنهما حديث لمالك في قوله يخطب بعد الصلاة أخرجه أبو داود في سننه عن
بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم خطب
الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة انتهى قال عبد الحق في أحكامه
وفي حديث جابر أنه عليه السلام خطب قبل الصلاة وهو المشهور الذي عمل به الأئمة
والمسلمون وأعله هو وابن القطان بعده بابن إسحاق
الحديث السادس والثلاثون روي أنه عليه السلام لما خرج واستوى على ناقته أذن
143

المؤذن بين يديه قلت غريب جدا
الحديث السابع والثلاثون قال المصنف رحمه الله وقد ورد النقل المستفيض
باتفاق الرواة بالجمع بين الصلاتين يعني الظهر والعصر قال وفيما روى جابر أنه عليه
السلام صلاهما بأذان وإقامتين قلت تقدم من حديث جابر فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى أتى عرفة إلى أن قال ثم أذن فأقام فصلى الظهر ثم قام فصلى العصر ولم
يصل بينهما شيئا
144

الحديث الثامن والثلاثون روي أنه عليه السلام راح إلى الموقف عقيب
الصلاة قلت هو أيضا في حديث جابر ثم أذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر
ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى الموقف واستقبل القبلة فلم يزل
واقفا حتى غربت الشمس وتقدم قريبا لأبي داود عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على
الموقف من عرفة انتهى
الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام عرفة كلها موقف وارتفعوا عن
بطن عرفة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن وادي محسر قلت روي من
حديث جابر ومن حديث جبير بن مطعم ومن حديث بن عباس ومن حديث ابن
عمر ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنهم
فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه أخبرنا هشام بن عمار ثنا القاسم بن
عبد الله العمري حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم كل عرفة موقف وارتفعوا عن بطن
عرفة وكل المزدلفة موقف وارتفعوا عن بطن محسر وكل منى منحر إلا ما وراء العقبة انتهى والقاسم بن عبد الله بن عمر
العمري متروك قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان أحمد يرميه بالكذب وقال
بن معين ليس بشئ انتهى
145

وأما حديث جبير بن مطعم فرواه أحمد في مسنده حدثنا المغيرة حدثنا سعيد
بن عبد العزيز حدثني سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم عن النبي عليه السلام قال
كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفة وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر
وكل فجاج منى منحر وكل أيام التشريق ذبح انتهى قال بن كثير هكذا رواه
أحمد وهو منقطع فإن سليمان بن موسى الأشدق لم يدرك جبير بن مطعم انتهى
قلت رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين من القسم الأول عن
سليمان بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم فذكره وكذلك
رواه الترمذي في مسنده حدثنا يوسف بن موسى ثنا عبد الملك بن عبد العزيز ثنا سعيد
بن عبد العزيز التنوخي عن سليمان بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي حسين به بلفظ
أحمد سواء قال البزار ورواه سويد بن عبد العزيز فقال فيه عن نافع بن جبير عن
أبيه وهو رجل ليس بالحافظ ولا يحتج به إذا انفرد بحديث وحديث بن أبي حسين
هو الصواب مع أن بن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم وإنما ذكرنا هذا الحديث لأنا
لا نحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أيام التشريق ذبح إلا في هذا الحديث فكذلك
ذكرناه وبينا العلة فيه انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن يحيى بن
خالد الرقي ثنا زهير بن عباد الرواسي ثنا سويد بن عبد العزيز عن
سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع بن جبير عن أبيه بنحوه ليس فيه أيام التشريق ورواه
أيضا في كتاب مسند الشاميين عن حفص بن غيلان عن سليمان بن موسى عن محمد
بن المنكدر عن جبير بن مطعم مرفوعا كذلك
رضي الله تعالى عنه وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن يحيى بن
مالك الأصبهاني حدثنا صالح بن مسمار ثنا معن بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر
المليكي عن بن أبي مليكة عن بن عباس مرفوعا عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن
عرفة والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ويراجع
146

رضي الله تعالى عنهما وأما حديث بن عمر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن عبيد الله وعبد الله ابني
عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث بن عباس قال ابن
عدي لا يرويه بهذا الاسناد إلا عبد الرحمن بن عبد الله العمري ثم أسند تضعيفه عن
البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ووافقهم
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه بن عدي أيضا عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن
داود بن فراهيج عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام نحوه سواء وأعله يزيد بن
عبد الملك وقال عامة ما يرويه غير محفوظ ونقل عن النسائي أنه قال فيه متروك
الحديث انتهى
الحديث الأربعون روي أنه عليه السلام وقف على ناقته قلت تقدم ذلك في
حديث جابر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى
الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت
الشمس وذهب الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله كلما أتى حبلا
من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ثم أتى المزدلفة الحديث وأخرج البخاري
ومسلم في الصوم عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا اختلفوا عندها في صوم النبي
عليه السلام يوم عرفة فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت
إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه انتهى
الحديث الحادي والأربعون روي أنه عليه السلام وقف على ناقته مستقبل القبلة
قلت هو أيضا في حديث جابر كما تقدم قبله
الحديث الثاني والأربعون قال عليه السلام خير المواقف ما استقبلت به القبلة
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الأدب عن أبي
المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب القرظي حدثني بن عباس عن النبي عليه
147

السلام قال إن لكل شئ شرفا وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة وإنما المجالس
بالأمانة ولا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في
الصلاة ولا تستروا الجدر بالثياب ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في
النار ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ومن أحب أن يكون أقوى الناس
فليتوكل على الله ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في
يده ألا أنبئكم بشراركم قالوا بلى يا رسول الله قال من نزل وحده ومنع رفده
وجلد عبده قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى يا رسول الله قال من يبغض
الناس أو يبغضونه قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى قال من لم يقل عثرة ولم
يقبل معذرة ولم يغفر ذنبا قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى قال من لا يرجى
خيره ولا يؤمن شره إن عيسى بن مريم عليه السلام قام في قومه فقال يا بني
إسرائيل لا تتكلموا بالحكمة عند الجاهل فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم
ولا تظلموا ولا تكافئوا ظالما بظلم فيبطل فضلكم عند ربكم يا بني إسرائيل الامر ثلاثة
أمر بين رشده فاتبعوه وأمر بين غيه فاجتنبوه وأمر اختلف فيه فكلوه إلى عالمه
انتهى وسكت الحاكم عنه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال وهشام بن زياد
متروك انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في كتاب الزهد بسنده ومتنه ثم قال
وهشام بن زياد تكلموا فيه بسبب هذا الحديث وكان يقول أولا حدثني يحيى عن
محمد بن كعب ثم ذكر بعد أن سمعه من محمد بن كعب قال وأخبرنا أبو عبد الله
الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبي حدثني
عبد الرحمن الضبي عن القاسم بن عروة عن محمد بن كعب القرظي حدثني عبد الله بن
عباس يرفع الحديث إلى النبي عليه السلام فذكر بنحوه بتقديم وتأخير ورواه ابن
عدي والعقيلي في كتابيهما وأعلاه بهشام بن زياد وأسند بن عدي تضعيفه عن
البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ووافقهم وقال إن الضعف على رواياته
بين انتهى قال العقيلي ليس لهذا الحديث طريق يثبت انتهى وقال بن طاهر هشام
بن زياد ممن أجمع على ضعفه وترك حديثه وقد رواه صالح بن حماد عن محمد بن
148

كعب وصالح من أهل المدينة متروك الحديث ولعله سرقه من هشام فإنه به أشهر وبه
يعرف انتهى وأخرجه العقيلي أيضا عن تمام بن بزيع عن محمد بن كعب به وضعف
تماما عن جماعة وأخرجه أيضا عن عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب به وأسند عن
البخاري قال في عيسى هذا منكر الحديث
حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في معجمه
الوسط من حديث حمزة بن أبي حمزة النصيبيني عن نافع عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم المجالس ما استقبل به القبلة ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بحمزة النصيبيني وقال إنه يضع الحديث ورواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في
تاريخ أصبهان في باب العين المهملة من حديث محمد بن الصلت عن ابن شهاب
عن نافع عن بن عمر مرفوعا خير المجالس ما استقبل به القبلة
الحديث الثالث والأربعون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو يوم عرفة مادا يديه
كالمستطعم المسكين قلت أخرجه البيهقي في سننه عن بن عباس رأيته عليه ا
لسلام يدعو بعرفة يداه إلى صدره كالمستطعم المسكين ورواه البزار في مسنده
حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا عبادة ثنا بن جريج عن الحسين بن عبد الله عن
عكرمة عن بن عباس عن الفضل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفة مادا يديه
كالمستطعم أو كلمة نحوها قال ولا نعلم له طريقا عن الفضل إلا هذا الطريق انتهى
ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحسين بن عبد الله وأسند تضعيفه عن ابن معين
والنسائي وابن المديني قال بن عدي هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن
عبد المطلب الهاشمي مديني يكنى أبا عبيد الله يروي عن عكرمة وعنه ابن إسحاق
وابن جريج وغيرهما ثم قال وهو ممن يكتب حديثه فإني لم أجد له حديثا منكرا
جاوز المقدار انتهى
149

قوله ويدعو بما شاء وإن ورد الآثار ببعض الدعوات قلت
الحديث الرابع والأربعون روي أنه عليه السلام اجتهد في الدعاء في هذا الموقف
لامته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن
عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه كنانة عن أبيه
عباس بن مرداس أن النبي عليه السلام دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب أني قد
غفرت لهم ما خلا المظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال رب إن شئت أعطيت المظلوم
الجنة وغفرت للظالم فلم يجبه عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى
ما سأل فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال فتبسم فقال أبو بكر وعمر بأبي أنت
وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك
قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لامتي أخذ التراب
فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه
انتهى ورواه الطبراني في معجمه وعبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه
وأبو يعلى الموصلي في مسنده ورواه بن عدي في الكامل وأعله بكتابه
وأسند عن البخاري أنه قال كنانة روى عن أبيه لم يصح وقال بن حبان في كتاب
150

الضعفاء كنانة بن العباس بن مرداس أسلمي يروي عن أبيه وروى عنه ابنه منكر
الحديث جدا فلا أدري التخليط في حديثه منه أو من أبيه ومن أيهما كان فهو ساقط
الاحتجاج بما روى وذلك لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير انتهى
حديث آخر روى بن الجوزي في الموضوعات من طريق الطبراني ثنا إسحاق
بن إبراهيم الديري حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عمن سمع قتادة يقول ثنا خلاس بن عمرو
عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة أيها الناس إن الله تطول
عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم ووهب مسيئكم لمحسنكم
وأعطى محسنكم ما سأل فادفعوا باسم الله وإبليس وجنوده على جبال عرفات ينظرون
ما يصنع الله بهم فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل والثبور ثم قال هذا
حديث لا يصح والراوي عن قتادة مجهول وخلاس ليس بشئ قال أيوب لا ترووا
عنه فإنه صحفي انتهى كلامه
الحديث الخامس والأربعون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يلبي حتى أتى جمرة العقبة
قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الفضل بن العباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل
يلبي حتى رمى جمرة العقبة انتهى وزاد فيه بن ماجة فلما رماها قطع التلبية
الحديث السادس والأربعون روي أنه عليه السلام دفع من عرفة بعد غروب
151

الشمس قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن
سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة
وعرفة كلها موقف ثم أفاض حين غربت الشمس وأردف خلفه أسامة بن زيد وجعل يشير
بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها الناس
السكينة الحديث قال الترمذي حديث حسن صحيح لا نعرفه عن علي إلا من
هذا الوجه انتهى
حديث آخر تقدم في حديث جابر الطويل فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس
إلى أن قال ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الحديث
حديث آخر رواه أبو داود في سننه ثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب ثنا أبي عن
بن إسحاق حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن أسامة قال كنت ردف رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال في التنقيح هذا إسناد
حسن انفرد به أبو داود انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الوارث بن سعيد عن ابن
جريج عن محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا
الموضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال على رؤوسها وإنما
ندفع بعد أن تغيب وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة
انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال فقد صح بهذا
سماع المسور بن مخرمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أن له رؤية بلا
سماع وذكر أحاديث أخرى في ذلك والله أعلم وهذا الحديث رواه الشافعي ثم
البيهقي من جهته أنا مسلم بن خالد عن بن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أهل الجاهلية كانوا لا يدفعون من عرفة حتى تكون
الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب الشمس ومن المزدلفة بعد
152

طلوع الشمس حتى تكون كأنها عمائم الرجال في وجوههم ندفع من مزدلفة قبل أن
تطلع الشمس هدينا مخالف لهدي أهل الأوثان والشرك انتهى قال الشيخ في
الامام وهو مرسل فإن محمد بن قيس بن مخرمة تابعي سمع عائشة وروى عن أبي
هريرة وأظن أن بن جريج عنه منقطع أيضا فإن بن جريج روى عن بن عبد الله بن
كثير وذكر أبو إسحاق الشيرازي هذا الحديث في المهذب عن المسور بن مخرمة
وهو سهو منه وإنما هو محمد بن قيس بن مخرمة انتهى قلت ليس ما قاله أبو إسحاق
سهوا فقد أخرجه الحاكم وعنه البيهقي في سننه من حديث المسور بن مخرمة
كما ذكرناه
وقوله وفي رواية لابن جريج أخبرني من سمع محمد بن قيس بن مخرمة هذه
الرواية عند بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن بن جريج
قال أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أن النبي عليه السلام خطب
بعرفة فذكره
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز
الموصلي ثنا غسان بن الربيع حدثنا جعفر بن ميسرة عن أبيه عن بن عمر قال كان
المشركون لا يفيضون من عرفات حتى تعمم الشمس على رؤوس الجبال فتصير في
رؤوسها كعمائم الرجال في وجوههم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض حتى تغرب
وكان المشركون لا يفيضون من جمع حتى يقولون أشرق ثبير فلا يفيضون حتى تصير
الشمس في رؤوس الجبال كعمائم الرجال في وجوههم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفيض
قبل أن تطلع الشمس انتهى
الحديث السابع والأربعون روي أنه عليه السلام كان يمشي على راحلته في
153

الطريق يعني طريق المزدلفة على هينته قلت تقدم في حديث جابر الطويل ودفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول
بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى
تصعد حتى أتى المزدلفة الحديث وأخرج مسلم أيضا عن عطاء بن أبي رباح عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة وأسامة ردفه قال أسامة فما زال يسير على
هينته حتى أتى جمعا انتهى وأخرج أيضا عن الفضل بن عباس وكان رديف النبي
عليه السلام أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا عليكم بالسكينة
وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى قال عليكم بحصى الخذف الذي
ترمى به الجمرة وقال لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى أتى الجمرة انتهى وتقدم
لأبي داود والترمذي وابن ماجة عن علي قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال
هذه عرفة وعرفة كلها موقف ثم أفاض حتى غربت الشمس وأردف أسامة بن زيد
وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها
الناس عليكم السكينة الحديث وصححه الترمذي
قوله روى أن عائشة رضي الله عنها دعت بشراب بعد إفاضة الامام فأفطرت ثم
أفاضت قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن
سعيد عن القاسم عن عائشة أنها كانت تدعو بشراب فتفطر ثم تفيض انتهى
الحديث الثامن والأربعون روى أنه عليه السلام وقف عند هذا الجبل يعني قزح
وكذا عمر قلت أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبيد الله بن أبي رافع
عن علي واللفظ للترمذي قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة
154

وعرفة كلها موقف ثم أفاض حين غربت الشمس وأردف أسامة بن زيد وجعل
يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها الناس
عليكم السكينة ثم أتى جمعا فصلى بهم الصلاتين جميعا فلما أصبح أتى قزح فوقف
عليه الحديث
الحديث حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر أن النبي عليه السلام قال
حين وقف مختصر وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده أخبرنا عقبة بن مكرم الهلالي ثنا
يونس ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن زيد بن علي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال
غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح بجمع حتى وقف على قزح بالمزدلفة ثم قال هذا
الموقف وكل المزدلفة وارتفعوا عن بطن محسر ثم دفع حين أسفر انتهى وحديث
عمر غريب
الحديث التاسع والأربعون روى جابر أن النبي عليه السلام جمع بين المغرب
والعشاء بأذان وإقامة واحدة يعني بالمزدلفة قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن جابر بن عبد الله قال صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة ولم يسبح بينهما انتهى وهو
حديث غريب فإن الذي في حديث جابر الطويل عند مسلم أنه صلاهما بأذان وإقامتين
ولفظه قال ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح
بينهما شيئا الحديث وعند البخاري أيضا عن بن عمر قال جمع النبي عليه السلام
بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر
واحدة منهما وهذان الحديثان مخالفان للأول ولما يأتي بعد
155

حديث آخر أخرج البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال دفع رسول الله
صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ ولم يسبغ الوضوء قلت له
الصلاة قال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء
ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء
فصلاها ولم يصل بينهما شيئا انتهى
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن مسهر عن بن أبي ليلى عن
عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة
المغرب والعشاء بإقامة انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن
آدم ثنا قيس عن غيلان بن جامع صوابه حازم عن عدي به ورواه من طريق آخر
الطبراني في معجمه من طريق أبي نعيم ثنا سفيان عن جابر بن عدي به ورواه من
طريق آخر فقال حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا جعفر بن محمد عن فضيل الرواسي ثنا
محمد بن أبي سليمان بن أبي داود حدثنا أبي عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب عن
أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاة المغرب وصلاة العشاء بالمزدلفة
بأذان واحد وإقامة واحدة انتهى وحديث أبي أيوب الأنصاري هذا رواه البخاري
ومسلم ليس فيه ذكر الإقامة أخرجاه عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب أنه
صلى مع النبي عليه السلام في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة زاد البخاري
جميعا خرجه في المغازي
ومن أحاديث الباب ما أخرجه مسلم عن سعيد بن جبير قال أفضنا مع ابن عمر
فلما بلغنا جمعا صلى بنا المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة فلما انصرف قال
بن عمر هكذا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان انتهى قال الشيخ في الامام
وجعل بعض الرواة مكان بن عمر بن عباس كما أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني عن
الحسين بن حفص ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي
عليه السلام صلى المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة ثم قال هكذا أسنده عن ابن
عباس ورواه وكيع وإسحاق بن يوسف وحسان بن إبراهيم وعبيد الله بن موسى
156

عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
وليس في هذه الطرق ذكر الاذان لكن أخرجه أبو داود عن أشعث بن سليم عن أبيه
قال أقبلت مع بن عمر من عرفات إلى المزدلفة فلم يكن يفتر من التكبير والتهليل
حتى أتينا المزدلفة فأذن وأقام أو أمر إنسانا فأذن وأقام فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات
ثم التلفت إلينا فقال الصلاة فصلى بنا العشاء ركعتين ثم دعا بعشائه قال
وأخبرني علاج بن عمرو بمثل حديث أبي عن بن عمر فقيل لابن عمر في ذلك فقال
صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا انتهى
الحديث الخمسون روي أن النبي عليه السلام صلى المغرب بالمزدلفة ثم تعشى
ثم أفرد الإقامة للعشاء قلت غريب وهو في البخاري عن بن مسعود أخرجه
البخاري عن عبد الرحمن بن يزيد قال حج عبد الله بن مسعود فأتينا المزدلفة حين
الاذان بالعتمة أو قريبا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى
بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر أرى فأذن وأقام قال عمرو بن خالد
لا أعلم الشك إلا من زهير ثم صلى العشاء ركعتين فلما طلع الفجر قال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم قال
عبد الله هما صلاتان تحولان عن وقتهما صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة
والفجر حين بزغ الفجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى وأعاده في موضع
آخر عن عبد الرحمن بن يزيد قال خرجنا مع عبد الله إلى مكة ثم قدمنا جمعا فصلى
الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلع
الفجر وقائل يقول طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
157

قال إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا
حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة ثم وقف حتى أسفر ثم قال لو أن أمير
المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان فلم يزل يلبي
حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر انتهى وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه ولفظه
قال فلما أتى جمعا أذن وأقام فصلى المغرب ثلاثا ثم تعشى ثم أذن وأقام فصلى
العشاء ركعتين انتهى وأخرج عن عمر نحوه ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذا
استشهد لهذا الحديث بحديث أسامة الآتي ذكره وتقدم أيضا وليس فيه المقصود
ولا شئ منه ثم إنه عزاه لمسلم وهو عند البخاري أيضا ولكنه قلد
الحديث الحادي والخمسون روى أنه عليه السلام قال لأسامة في طريق المزدلفة
الصلاة أمامك قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أسامة قال دفع عليه السلام من
عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة
فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت
الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلاها
158

ولم يصل بينهما شيئا انتهى
الحديث الثاني والخمسون روى بن مسعود أن النبي عليه السلام صلى الفجر
يومئذ بغلس قلت رواه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود
قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين صلى المغرب والعشاء
بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها قوله قبل ميقاتها
أي قبل ميقاتها المعتاد في كل يوم لا أنه صلاها قبل الفجر
ولكن غلس بها كثيرا بينه لفظ البخاري والفجر حين بزغ الفجر وفي لفظ لمسلم
قبل ميقاتها بغلس وأخرج بالسند المذكور أنه صلى بجمع الصلاتين جميعا وصلى
الفجر حين طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع الفجر ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا حتى
يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة ثم وقف حتى أسفر مختصر وقد تقدم قريبا
بتمامه
الحديث الثالث والخمسون روى أنه عليه السلام وقف في هذا الموضع يعني
المزدلفة يدعوا حتى روى في حديث بن عباس واستجيب له دعاؤه لامته حتى الدماء
والمظالم قلت تقدم في حديث جابر الطويل فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان
وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه فكبره
وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس الحديث
وقوله حتى روى في حديث بن عباس هذا وهم وإنما روى هذا في حديث
159

بن عباس بن مرداس وقد تقدم في الحديث الرابع والأربعين واعتذر هذا الجاهل بأن
المصنف إنما أراد باب عباس كنانة بن عباس بن مرداس وهذا خطأ من وجهين أحدهما
أن بن عباس إذا أطلع فلا يراد به إلا عبد الله بن عباس فلو أراد كنانة لقيده الثاني أن
المصنف ليس من عادته أن يذكر التابعي دون الصحابي عند ذكر الحديث ولا يليق به
ذلك والله أعلم
الحديث الرابع والخمسون روى أنه عليه السلام قدم ضعفة أهله بليل قلت
أخرجه البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت سودة
امرأة ضخمة بطيئة فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جميع بليل فأذن لها قالت
عائشة فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة وكانت عائشة
لا تفيض إلا مع الامام انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان
يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم
يرجعون قبل أن يقف الامام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم
من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة وكان بن عمر يقول أرخص في أولئك
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عطاء عن بن عباس قال أنا ممن
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفه أهله من جميع بليل انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء
أنها رمت الجمرة قلت لها إنا رمينا الجمرة بليل قالت إنا كنا نصنع هذا على عهد
160

رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أم حبيبة أن النبي عليه السلام بعث بها من جمع
بليل انتهى وفي لفظ كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلس من المزدلفة إلى منى
انتهى
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عطاء عن بن عباس قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفه أهله بغلس ويأمرهم لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس
انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام
بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسل النبي عليه السلام بأم سلمة
ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم اليوم الذي
يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عندها انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال
إسناده صحيح لا غبار عليه انتهى
الحديث الخامس والخمسون قال عليه السلام من وقف معنا هذا الموقف وكان
قد أفاض قبل ذلك من عرفات فقد تم حجه قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن
عروة بن مضرس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى
ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه انتهى
161

ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث ولفظه قال
رأيت النبي عليه السلام وهو واقف بالمزدلفة فقال من صلى صلاتنا هذه إلى آخره
ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط كافة أئمة الحديث وهو قاعدة
من قواعد الاسلام ولم يخرجه الشيخان على أصلهما أن عروة بن مضرس لم يرو عنه
غير الشعبي وقد وجدنا عروة بن الزبير قد حدث عنه ثم أخرج عن يوسف بن خالد
السهمي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عروة بن مضرس قال جئت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو بالموقف فقلت يا رسول الله أتيت من جبل طئ أكللت مطيتي وأتعبت
نفسي والله ما بقي جبل من تلك الجبال حتى وقفت عليه فقال من أدرك معناه هذه
الصلاة يعني صلاة الغداة وقد أتى عرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى
تفثه انتهى قال وقد تابع عروة بن مضرس من الصحابة في رواية هذه السنة
عبد الرحمن بن معمر الدؤلي ثم أخرجه من طريق أحمد بن حنبل وسكت عنه
وتعقب الذهبي في مختصره الطريق الثاني وقال إن يوسف بن خالد السمتي ليس
بثقة انتهى وقال صاحب التنقيح رحمه الله فيها رجل متروك وآخر غير معروف
انتهى
الحديث السادس والخمسون روى أنه عليه السلام دفع من مزدلفة قبل طلوع
الشمس قلت فيه أحاديث أخرج الجماعة إلا مسلما عن عمرو بن ميمون قال
شهدت عمر صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى
تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير وأن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع
الشمس انتهى وفي لفظ كانوا لا يفيضون حتى تشرق الشمس على ثبير
162

حديث آخر تقدم في حديث جابر الطويل ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر
الحرام فاستقبل القبلة ودعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا
فدفع قبل أن تطلع الشمس الحديث
حديث آخر رواه أحمد في مسنده ثنا أبو داود ثنا زمعة عن سلمة بن وهرام عن
عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بجمع فلما أضاء كل شئ قبل أن تطلع
الشمس أفاض انتهى قال في التنقيح وزمعة روى له مسلم مقرونا بغيره وقال
بن معين في رواية عنه صويلح الحديث وقال النسائي متروك ليس بالقوي وقال
بن عدي أرجو أن حديثه صالح لا بأس به انتهى وبهذا الحديث استدل بن الجوزي
رحمه الله في التحقيق لأبي حنيفة رضي الله عنه أن الدفع من المزدلفة لا يجوز قبل
طلوع الفجر واستدل لأحمد في جوازه بعد نصف الليل بحديث عائشة المتقدم في
الرابع والخمسين أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة وصححه
البيهقي قال في التنقيح وليس في حديث بن عباس دليل على عدم جواز الدفع قبل
طلوع الفجر ولا في حديث عائشة دليل على أنه يجوز لكل أحد في كل حال الدفع
من المزدلفة بعد نصف الليل انتهى
حديث آخر تقدم في الحديث الرابع والأربعين عن بن عمر رضي الله عنهما أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يفيض من المزدلفة قبل طلوع الشمس رواه الطبراني في معجمه
الكبير
حديث آخر وأخرج في معجمه الأوسط من طريق الواقدي عن حارثة بن أبي
عمران عن سليمان بن عبد الله بن خباب عن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي
الله عنه عن أبيها عن أبي أبكر الصديق نحوه سواء
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي عن الحسن العرني عن ابن
163

عباس قال قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات
فجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى
والحسن العرني احتج به مسلم واستشهد البخاري وقال أحمد وابن معين إنه لم
يسمع من بن عباس قاله المنذري والله أعلم
الحديث السابع والخمسون روى أن النبي عليه السلام لم يعرج على شئ حتى
رمى جمرة العقبة قلت تقدم في حديث جابر الطويل فدفع قبل ن تطلع الشمس
حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة
الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات
الحديث الثامن والخمسون قال عليه السلام عليكم بحصى الخذف لا يؤذى
بعضكم بعض قلت روى أبو داود وابن ماجة في سننهما قريبا منه عن يزيد بن
أبي زياد أنا سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي
الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ورجل من خلفه يستره
فسألت عن الرجل فقالوا الفضل بن عباس وازدحم الناس فقال النبي عليه السلام
يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف
انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في مسانيدهم
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أشهب حدثنا ابن لهيعة
164

عن أيوب بن موسى حدثه عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما أتى محسرا
عليكم بحصى الخذف انتهى وقال لم يروه عن أيوب إلا بن لهيعة تفرد به
أشهب وفي الباب حديث أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة بمثل حصى الخذف انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إسماعيل بن عياش ثنا يحيى بن
سعيد الأنصاري عن أبي الزبير أن أبا معبد مولى بن عباس أخبره أنه سمع ابن عباس
يحدث عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بحصى الخذف
انتهى قال بن عدي وهذا الحديث لا يحدث به عن يحيى غير إسماعيل انتهى
ورواه أحمد في مسنده حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن أبي الزبير عن أبي معبد عن
بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يذكر فيه العباس وقال صاحب التنقيح
رحمه الله إسناده صحيح
حديث آخر روى في مسنده حدثنا بن جعفر ثنا عوف بن أبي جميلة عن زياد
بن الحصين حدثنا أبو العالية عن بن عباس قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع
القط لي فلقطت له حصيات من حصى الخذف فلما وضعهن في يده قال نعم بأمثال
هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين انتهى
ومن طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك قال حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرجه النسائي وابن ماجة عن عوف به
الحديث التاسع والخمسون روى بن مسعود وابن عمر التكبير مع كل حصاة
قلت أما حديث بن مسعود فأخرجه البخاري ومسلم هكذا ذكره عبد الحق في
المتفق عليه عن عبد الرحمن بن يزيد قال رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة من
بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فقيل له إن ناسا يرمونها من فوقها
فقال عبد الله بن مسعود هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة
165

انتهى وأخرجه البخاري ومسلم عن الأعمش قال سمعت الحجاج بن
يوسف يقول وهو يخطب على المنبر لا تقولوا سورة البقرة وقولوا السورة التي
يذكر فيها البقر السورة التي يذكر فيها آل عمران السورة التي يذكر فيها النساء قال
فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله فسبه وقال حدثني عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع
عبد الله بن مسعود فأتى جمرة العقبة فاستبطن الوادي فاستعرضها فرماها من بطن
الوادي إلى آخره سواء وليس في الكتب الستة عن بن مسعود في هذا الباب غير
ذلك وهو غير كاف إلا أن يكون رفعه وينظر من غير الكتب الستة
وأما حديث بن عمر فأخرجه البخاري عن الزهري قال سمعت سالما يحدث
عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه كان إذا رمى الجمرة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل
حصاة ثم ينحدر أمامها فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو وكان يطيل الوقوف
ويأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينحدر ذات
اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل البيت رافعا يديه يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند
العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رماها بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها
انتهى وفي الباب حديث جابر الطويل حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها
بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الحديث
الحديث الستون روى أنه عليه السلام لم يقف عند جمرة العقبة قلت تقدم في
الحديث الذي قبله عند البخاري عن بن عمر قال ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة
فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رماها بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها
الحديث وله أيضا عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر كن يرمي الجمرة الدنيا
بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم
طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم
مستقبل القبلة ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من
بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله
166

انتهى وأغفل هذا الجاهل هذين الحديثين وأخذ يستشهد بما في حديث جابر
الطويل حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة
منها مثل حصاة الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر وهذا
ليس بصريح في ذلك
قوله ويقطع التكبير مع أول حصاة لما روينا عن بن مسعود عنه قلت كأن
المصنف ذهل فإنه لم يذكر هذا عن بن مسعود وإنما ذكر عنه التكبير مع كل
حصاة إلا أن يكون بمفهومه فإن قوله يكبر مع كل حصاة يدل على أنه قطع التلبية من
أول حصاة وصرح به البيهقي في المعرفة فقال بعد أن ذكره من جهة مسلم وفيه
دلالة على أنه قطع التلبية بأول حصاة ثم كان يكبر مع كل حصاة انتهى كلامه
وروى في السنن من حديث بن مسعود قال رمقت النبي عليه السلام فلم يزل يلبي
حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة انتهى
الحديث الحادي والستون روى جابر أنه عليه السلام قطع التلبية عند أول حصاة
رمى بها جمرة العقبة قلت هو مفهوم ما في حديث جابر الطويل حتى أتى الجمرة
التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الحديث وتقدم صريحا
عن بن مسعود عند البيهقي
167

قوله ويأخذ الحصى من أي موضع شاء لا من عند الجمرة لان ما عندها من
الحصى مردود هكذا جاء في الأثر فيتشاءم به قلت فيها أحاديث فمنها ما أخرجه
الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة
عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أبي سعيد قال قلنا
يا رسول الله هذه الجمار التي يرمي بها كل عام فتحسب أنها تنقص فقال إنه ما يقبل
منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال انتهى قال الحاكم حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه ويزيد بن سنان ليس بالمتروك انتهى وأعله الشيخ في الامام
بيزيد بن سنان وقال فيه مقال انتهى وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يثبت
فإن أبا فروة يزيد بن سنان ضعفه الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما وتركه النسائي
وغيره وذكره الحاكم في كتاب الضعفاء والله أعلم انتهى قلت رواه ابن أبي
شيبة في مصنفه موقوفا فقال حدثنا بن عيينة عن سليمان بن المغيرة القيسي عن أبي
نعيم عن أبي سعيد الخدري قال ما يقبل من حصى الجمار رفع انتهى وكذلك رواه
أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة
168

رضي الله تعالى عنه حديث آخر أخرجه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة عن عبد الله بن خراش عن
العوام عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه
انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الله بن خراش عن واسط بن الحارث
عن نافع به سواء وأعله بن عدي بواسط وقال عامة حديثه لا يتابع عليه انتهى
قلت فقد تابعه العوام كما رواه أبو نعيم
حديث آخر موقوف رواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا أبو عامر العقدي
ثنا شعبة عن عباس العامري قال سمعت عبد الله بن باباه يحدث عن بن عباس أنه قال
في حصاة الجمار ما يقبل منه رفع وما لم يتقبل منه ترك انتهى ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا بن عيينة عن فطر عن أبي الطفيل عن بن عباس بنحوه ورواه الأزرقي
في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي أنا مسلم بن خالد عن
بن جريج عن عطاء عن بن عباس بنحوه
الحديث الثاني والستون قال عليه السلام إن أول نسكنا هذا أن نرمي ثم
نذبح ثم نحلق أو نقصر قلت غريب وأخرج الجماعة إلا بن ماجة عن محمد
بن سيرين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى
منزله بمنى فنحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه
الناس انتهى
الحديث الثالث والستون قال عليه السلام رحم الله المحلقين قلت أخرجه
البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رحم الله
المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين
169

يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال
والمقصرين انتهى وفي رواية للبخاري فلما كانت الرابعة قال والمقصرين
وأخرج مسلم عن أم الحصين أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دعا للمحلقين
والمقصرين واحدة انتهى وذكر الواقدي في المغازي أنه عليه السلام قال في عمرة
الحديبية فقال حدثني يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة
عن الحارث بن عبد الله بن كعب عن أم عمارة قالت فأنا أنظر إلى النبي عليه السلام
حين فرغ من نحر البدن فدخل قبة له حمراء فيها الحلاق فحلق رأسه فأنظر إليه قد
أخرج رأسه من قبته وهو يقول رحم الله المحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين
قال رحم الله المحلقين ثلاثا ثم قال والمقصرين انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع انتهى وأخرج البخاري أيضا عن بن عباس عن
معاوية قال قصرت عن النبي عليه السلام بمشقص على المروة وزاد أبو داود لحجته
قال المنذري أي لعمرته ففي لفظ للنسائي في عمرة على المروة والعمرة قد تسمى
حجا لان معناه القصد وقد قالت حفصة للنبي عليه السلام ما بال الناس حلوا وأنت
لم تحلل من عمرتك معناه من حجتك انتهى
الحديث الرابع والستون قال المصنف ويكتفي في الحلق بربع الرأس اعتبارا
بالمسح وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرج الجماعة إلا ابن
ماجة عن بن سيرين عن أنس بن مالك قال لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة ونحر
نسكه وحلق ناول الحالق بشقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه
ثم ناوله الشق الآخر فقال احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال أقسمه بين الناس
انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فرواه وقال حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه ولم يعقبه الذهبي في ذلك وتقدم عند البخاري ومسلم عن
بن عمر أن النبي عليه السلام حلق رأسه في حجة الوداع وهذا اللفظ يشعر بجميع
الرأس إذ لا يقال حلق رأسه لمن حلق بعضها
170

الحديث الخامس والستون قال عليه السلام فيمن رمى ثم ذبح ثم حلق حل
له كل شئ إلا النساء قلت أخرجه أبو داود عن حجاج بن أرطاة عن الزهري عن
عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى أحدكم جمرة
العقبة فقد حل له كل شئ إلا النساء انتهى قال أبو داود هذا حديث ضعيف
الحجاج بن أرطاة لم ير الزهري ولم يسمع منه شيئا انتهى ورواه بن أبي شيبة ثنا
وكيع عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة فذكره سواء ورواه الدارقطني في
فسننه من حديث الحجاج بن أرطاة عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة أنها
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميتم وحلقتم وذبحتم فقد حل لكم كل شئ إلا
النساء انتهى قال الدارقطني لم يروه غير الحجاج بن أرطاة
حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن
العرني عن بن عباس قال إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شئ إلا النساء فقال
رجل يا أبا العباس والطيب قال أما أنا فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه
بالمسك أفطيب هو أم لا انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن محمد
171

بن إسحاق ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة أنهما
حدثاه عن أم سلمة عن النبي عليه السلام أنه قال عشية يوم النحر إن هذا يوم رخص
لكم إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم عنه إلا النساء مختصر وأخرجه
أبو داود في سننه كذلك ولفظه قالت كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر فصار إلي فدخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية
متقمصين فقال عليه السلام لوهب هل أفضت أبا عبد الله قال لا والله يا رسول
الله قال انزع عنك القميص فنزعه عن رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم
قال ولم يا رسول الله قال إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا
يعنى من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما
كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به انتهى
أحاديث الخصوم أخرج الحاكم في المستدرك عن يزيد بن هارون أنا يحيى بن
سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير قال من سنة الحج إذا رمى الجمرة
الكبرى حل له كل شئ حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت مختصر
وقال على شرط الشيخين وتقدم بتمامه في الحديث الخامس والثلاثين واستدل الشيخ
في الامام لمالك أيضا في تحريم الطيب بما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال
قال عمر بن الخطاب إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم ما حرم إلا النساء والطيب ثم
قال هذا منقطع فإن عمرو بن دينار لم يسمع من عمر ثم احتج عليه بما أخرجه
البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل أن يحرم
ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك وأخرجه مسلم عن عمرة عنها
قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ولحله قبل أن يفيض انتهى
الحديث السادس والستون روى أنه عليه السلام لما حلق أفاض إلى مكة فطاف
بالبيت ثم عاد إلى منى وصلى الظهر قلت أخرجه مسلم عن عبيد الله بن عمر أنه عليه
172

السلام أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى قال نافع وكان بن عمر يفيض يوم
النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله انتهى ووهم الحاكم
فرواه في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووقع في
حديث جابر الطويل أنه صلى الظهر يوم النحر بمكة ولفظه قال ثم انصرف إلى
المنحر فنحر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر
الحديث وقال بن حزم وأحد الخبرين وهم إلا أن الأغلب أنه صلى الظهر بمكة لوجوه
ذكرها وقال غيره يحتمل أنه أعادها لبيان الجواز وقال أبو الفتح اليعمري في
سيرته وقع في رواية بن عمر أن النبي عليه السلام رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى
الظهر وقالت عائشة وجابر بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة ولا شك أن أحد
الخبرين وهم ولا يدري أيهما هو لصحة الطرق في ذلك انتهى وذكر البيهقي في
المعرفة حديث بن عمر وعزاه لمسلم ثم قال وروى محمد بن إسحاق عن
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من آخر
يومه حتى صلى الظهر ثم رجع إلى منى قال وحديث بن عمر أصح إسنادا من
هذا انتهى وحديث بن إسحاق هذا رواه أبو داود في سننه وقال المنذري في
مختصره هو حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس
والعشرين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
مسلم ولم يخرجاه انتهى واستدل الشيخ في الامام على فرضية طواف الزيارة بما
أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت
فقال عليه السلام أحابستنا هي قالوا يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت
ثم حاضت بعد الإفاضة فقال عليه السلام فلتنفر إذن انتهى والمصنف استدل
بهذا الحديث على طواف الزيارة وأنه بعد الحلق وليس في هذه الأحاديث له ذكر إلا
بالمفهوم ولا وجدته في شئ من الكتب الستة
173

الحديث السابع والستون قال المصنف رحمه الله وأول وقته يعني طواف
الزيارة بعد طلوع الفجر من النحر وأفضل هذه الأيام أولها كما في التضحية وفي
الحديث أفضلها أولها قلت غريب جدا وأعاده في الأضحية
الحديث الثامن والستون روى أنه عليه السلام رجع إلى منى قلت تقدم قريبا
الحديث التاسع والستون قال المصنف رحمه الله فإذا زالت الشمس في اليوم
174

الثاني من أيام النحر رمى الجمار الثلاث فيبدأ بالتي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع
حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف
عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها هكذا روى جابر فيما نقل من
نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرا قلت غريب عن جابر والذي في حديثه الطويل أنه عليه
السلام رمى جمرة العقبة يوم النحر لا غير وأخرج البخاري عن الزهري عن سالم عن
أبيه أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل
ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك
فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم
يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ويقول هكذا رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يفعل انتهى ووهم الحاكم فرواه في المستدرك وقال على شرط
الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرج أبو داود في سننه عن بن إسحاق عن
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه
حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت
الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية
فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها انتهى قال المنذري في
مختصره حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع
والعشرين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
مسلم ولم يخرجاه انتهى أخرج الجماعة غير البخاري عن أبي الزبير عن جابر قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ضحى فأما بعد ذلك فبعد زوال
الشمس انتهى قال المنذري في مختصره يريد جابر أن يوم النحر لا رمي فيه
غير جمرة العقبة وأما أيام التشريق فلا يجوز الرمي فيها إلا بعد الزوال وعليه الجمهور
انتهى وروى مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا نرمي
الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس انتهى
175

الحديث السبعون قال عليه السلام لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن وذكر
منها الجمرتين قال المصنف رحمه الله والمراد رفع الأيدي بالدعاء قلت تقدم حديث
السبع مواطن في باب صفة الصلاة وفيه الجمرات
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه
كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل
ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا يدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة والوسطى كذلك
فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم
الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ويقول هكذا رأيته عليه السلام
يفعل انتهى
الحديث الحادي والسبعون قال عليه السلام اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له
الحاج قلت أخرجه الحاكم في المستدرك عن شريك عن منصور عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج
انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ثم أخرجه عن
عبد الله بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير قال سمعت سهيل بن أبي صالح عن أبيه
يقول سمعت أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال صحيح على شرط
مسلم ثم وجدته في نسخة أخرى لم يذكره إلى بالسند الأول وقال فيه صحيح على
شرط مسلم وهذا اختلاف نسخة وبالسند الأول رواه البزار في مسنده
176

والطبراني في معجمه الصغير وابن عدي في الكامل وقال قال إبراهيم بن
سعيد ما أظن شريكا إلا ذهب وهمه إلى حديث منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة
من حج فلم يرفث إلى آخره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه عن شريك عن جابر
عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم رواه عن عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد عن
عمر قال يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر
وعشرا من ربيع الأول انتهى ويراجع فإني وجدته رواه الثعلبي في تفسيره من
حديث وكيع عن شريك عن مجاهد عن جابر مرفوعا فذكره
الحديث الثاني والسبعون روى أنه عليه السلام صبر حتى رمى الجمار الثلاث في
اليوم الرابع قلت تقدم لأبي داود عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم حين صلى الظهر ثم رجع إلى
منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس الحديث ورواه بن
حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
قوله ومذهبه مروي عن بن عباس يعني مذهب أبي حنيفة في تقديم الرمي على
الزوال بعد الفجر في اليوم الرابع من أيام التشريق قلت رواه البيهقي عنه إذا انتفخ
النهار من يوم النفر فقد حل الرمي والصدر انتهى في مسند طلحة بن عمر
وضعفه البيهقي قال والانتفاخ الارتفاع
177

الحديث الثالث والسبعون روى أنه عليه السلام رخص للرعاء أن يرموا ليلا
قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث عمرو ومن حديث ابن عمر
فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا
خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عطاء عن
بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا ليلا انتهى ورواه بن أبي شيبة في
مسنده حدثنا محمد بن الصباح عن خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق عن
عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره وفيه أن يرموا الجمار رواه في
مصنفه حدثنا بن عيينة عن بن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا
وأما حديث عمرو فأخرجه الدارقطني في سننه عن بكر بن بكار ثنا إبراهيم
بن يزيد حدثنا سليمان الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رخص للرعاء أن يرموا بالليل وأية ساعة شاءوا من النهار انتهى قال بن القطان في
كتابه وإبراهيم بن يزيد هذا إن كان هو الخوزي فهو ضعيف وإن كان غيره فلا
يدري من هو وبكر بن بكار قال فيه بن معين ليس بالقوي ودون بكر بن بكار جعفر
بن محمد الشيرازي لا خالد قال وروى البزار هذا الحديث عن بن عمر بإسناد
حسن من هذا
وأما حديث بن عمر فرواه البزار في مسنده حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا
مسلم بن خالد الزنجي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص
178

لرعاء الإبل أن يرموا بالليل انتهى قال بن القطان ومسلم بن خالد الزنجي شيخ
الشافعي ضعفه قوم ووثقه آخرون قال البخاري وأبو حاتم منكر الحديث انتهى
الحديث الرابع والسبعون قال عليه السلام لا ترموا الجمرة إلا مصبحين قال
ويروي حتى تطلع الشمس قلت الأول رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا ابن
أبي داود ثنا المقدمي ثنا فضيل بن سليمان حدثني موسى بن عقبة أنا كريب عن ابن عباس
أن النبي عليه السلام كان يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد
ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين انتهى حدثنا محمد بن خزيمة ثنا حماد ثنا الحجاج
عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في الثقل وقال لا ترموا
الجمار حتى تصبحوا انتهى وأما الرواية الثانية فتقدم لأصحاب السنن الأربعة
عن عطاء عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم أن لا
يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى ورووا إلا الترمذي عن الحسن العرني عن
بن عباس قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة أغيلمة من بني عبد المطلب
على جمرات فجعل يلطح أفخاذنا ويقول يا بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والعشرين من القسم الثاني
قال المنذري والحسن العرني احتج به مسلم واستشهد به البخاري وقال أحمد وابن
معين إنه لم يسمع من بن عباس شيئا انتهى وروى البزار في مسنده من حديث
الفضل بن عباس أن النبي عليه السلام أمر ضعفة بني هاشم أن يرتحلوا من جمع بليل
ويقول أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى
الحديث الخامس والسبعون روى أنه عليه السلام قال إن أول نسكنا في هذا
179

اليوم الرمي إلى آخره قلت تقدم في الحديث الثاني والستين
الحديث السادس والسبعون روى أنه عليه السلام بات بمنى ليالي الرمي قلت
تقدم في الحديث التاسع والستين عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم
حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا
زالت الشمس الحديث أخرجه أبو داود عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن عائشة ورواه بن حبان والحاكم وقال على شرط مسلم ولم
يخرجاه
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه قال باب يبيت بمكة ليالي منى
حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا يحيى عن بن جريج حدثني حريز أبو حريز الشك من
يحيى أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ يسأل بن عمر قال إننا نتبايع بأموال الناس
فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال فقال أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل انتهى
ثم ذكر بعده حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال استأذن العباس رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له انتهى هذا أخرجه الجماعة
إلا الترمذي وبه احتج بن الجوزي في التحقيق للشافعي قال ووجه الحجة المبيت
180

بمنى لولا أنه واجب لم يحتج إلى إذن انتهى
قوله وعمر كان يؤدب على ترك المقام بها قلت غريب وروى بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر كان ينهى
أن يبيت أحد من وراء العقبة وكان يأمرهم أن يدخلوا منى انتهى ورواه البيهقي في
سننه وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا بن الفضيل عن ليث عن طاوس عن ابن عباس
أنه قال لا يبيتن أحد من وراء العقبة ليلا بمنى أيام التشريق انتهى ثنا يزيد بن هارون
عن حجاج عن عطاء عن بن عمر أنه كره أن ينام أحد أيام منى بمكة انتهى
قوله وروى عن عمر أنه كان يمنع من أن يقدم الرجل ثقله إلى مكة ويقيم بمنى
حتى يرمي قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن إدريس عن
الأعمش عن عمارة قال قال عمر من تقدم ثقله من منى ليلة نفر فلا حج له انتهى
حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل عن عمر قال من
قدم ثقله قبل النفر فلا حج له انتهى
الحديث السابع والسبعون روى أنه عليه السلام نزل بالمحصب قلت فيه أحاديث
فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال لنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وذلك
أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا
يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك المحصب انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن قتادة عن أنس أن النبي عليه السلام صلى الظهر
والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به
انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام وأبا بكر
وعمر كانوا ينزلون بالأبطح انتهى وأخرج أيضا كان يرى التحصيب سنة وكان
181

يصلي الظهر يوم النفر بالمحصب قال نافع قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده
انتهى والمحصب بضم الميم وفتح الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة المشددة موضع
بين مكة ومنى وهو إلى منى أقرب وهو بطحاء مكة وهو الأبطح قاله في الامام
عن نافع عن بن عمر انتهى وأخرج الأئمة الستة في كتبهم عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحصب ليكون أسمح لخروجه وليس
بسنة فمن شاء نزله ومن شاء لم ينزله انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن
عطاء عن بن عباس قال ليس التحصيب بشئ إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى وأخرج مسلم عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يأمرني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكن جئت فضربت قبته فجاء فنزل قال أبو
بكر رضي الله عنه وكان على ثقل النبي عليه السلام انتهى
الحديث الثامن والسبعون روى أنه عليه السلام قال لأصحابه إنا نازلون غدا
بالخيف خيف بني كنانة حيث تقاسم المشركون فيه على شركهم قلت أخرجه
الجماعة عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله أين
تنزل غدا في حجته قال هل ترك لنا عقيل منزلا ثم قال نحن نازلون بخيف بني
كنانة حيث قاسمت قريش على الكفر يعني المحصب وذلك أن بني كنانة حالفت
ريشا على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يؤووهم ولا يبايعوهم انتهى وأخرجه
البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى
نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وذلك أن قريشا وبني
كنانة حلفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا
إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك المحصب انتهى
182

الحديث التاسع والسبعون قال عليه السلام من حج هذا البيت فليكن آخر
عهده بالبيت الطواف ورخص للنساء الحيض قلت أخرج البخاري ومسلم
عن طاوس عن بن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن
المرأة الحائض انتهى وفي لفظ لمسلم قال كان الناس يصرفون في كل وجه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت انتهى وأخرج
الترمذي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن عمر قال من حج البيت فليكن آخر عهده
بالبيت إلا الحيض ورخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال حديث حسن
صحيح وكذلك رواه النسائي ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الشافعي في مسنده وزاد فيه فإن آخر
النسك الطواف بالبيت
ومن أحاديث الباب حديث الحارث بن عبد الله بن أوس قال أتيت عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض قال
ليكن آخر عهدها بالبيت فقال الحارث كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عمر
أربت عن يديك سألتني عن شئ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ما أخالف انتهى.
أخالف انتهى أخرجه أبو داود والنسائي عن أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن
عن الحارث به وأخرجه الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك بن المغيرة عن
عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن أوس عن الحارث قال سمعت النبي عليه السلام
يقول من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت فقال له عمر حزرت
من يديك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تخبرنا به انتهى وقال غريب
وقد خولف الحجاج في بعض هذا الاسناد انتهى وبهذا الاسناد رواه أحمد في
مسنده والطبراني في معجمه وقال المنذري في حواشيه سند أبي داود فيه
حسن وسند الترمذي فيه ضعيف ولذلك قال غريب انتهى
183

وقوله في الكتاب ورخص للنساء الحيض هو من تمام الحديث
صلى الله عليه وسلم الحديث الثمانون روى أنه عليه السلام استقى دلوا بنفسه فشرب منه ثم أفرغ باقي
الدلو في البئر قلت رواه بن سعد في الطبقات في باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال
أخبرنا عبد الوهاب عن بجريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أفاض نزع لنفسه بالدلو
يعني مزمزم لم ينزع معه أحد فشرب ثم أفرغ ما بقي من الدلو في البئر وقال
لولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لم ينزع منها أحد غيري قال فنزع هو بنفسه الدلو
التي شرب منها لم يعنه على نزعها أحد انتهى وهذا مرسل وأخرج أحمد في
مسنده والطبراني في معجمه عن بن عباس قال جاء النبي عليه السلام إلى
زمزم فنزعنا له دلوا فشرب ثم مج فيها ثم أفرغناها في زمزم ثم قال لولا أن تغلبوا
عليها لنزعت بيدي انتهى وروى الأزرقي في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن
محمد بن الوليد الأزرقي حدثنا سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم
أفاض في نسائه ليلا فطاف على راحلته يستلم الركن بمحجنه ويقبل طرف المحجن ثم
أتى زمزم فقال انزعوا فلولا أن يغلبوا عليها لنزعت أمر بدلو فنزع لها منها فشرب
منه ومضمض ثم مج في الدلو وأمر به فأهريق في زمزم والذي تقدم في حديث
جابر الطويل فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب
فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه وهذا
آخره
الحديث الحادي والثمانون روى أنه عليه السلام وضع صدره ووجهه بالملتزم
قلت أخرجه أبو داود في سننه عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه
184

شعيب قال طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ قال نعوذ
بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر وقام بين الركن والباب فوضع صدره
ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفعله انتهى والمثنى بن الصباح لا يحتج به انتهى وأخرجه بن ماجة فقال فيه
عن أبيه عن جده قال طفت مع عبد الله الحديث قال المنذري فيكون شعيب
وأبوه محمد طافا جميعا مع عبد الله وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه وإسحاق
بن راهويه في مسنده والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما ولفظهما فيه رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم انتهى ورواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا ابن
جريج عن عمرو بن شعيب قال طاف جدي محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه
عبد الله بن عمرو فلما كان سابعها قال محمد لعبد الله ألا تتعوذ إلى آخره
وهذا أصلح إسنادا من الأول وروى البيهقي في شعب الايمان عن الحاكم بسنده عن
بن وهب عن سليمان بن بلال عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي الزبير عن عبد الله بن
عباس عن النبي عليه السلام قال ما بين الركن والباب ملتزم وأخرجه بن عدي في
الكامل عن عباد بن كثير عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا ووقفه عبد
الرزاق في مصنفه فقال حدثنا بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد قال
قال بن عباس رضي الله عنهما هذا الملتزم ما بين الركن والباب انتهى وهو في
الموطأ بلاغا قال أبو مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول ما
بين الركن والباب الملتزم انتهى
فصل
* (* (* (الحديث الثاني والثمانون روى أنه عليه السلام وقف بعرفة بعد الزوال قلت
185

تقدم في حديث جابر الطويل ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر
ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف الحديث بطوله
الحديث الثالث والثمانون قال عليه الصلاة والسلام من أدرك عرفة بليل فقد
أدرك الحج ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج قلت أخرج أصحابه السنن الأربعة
عن سفيان الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من أهل نجد
أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة فمن جاء ليلة
جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم
عليه ومن تأخر فلا إثم عليه انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان
في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث والحاكم في المستدرك
وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه أحمد والبزار وأبو داود
الطيالسي في مسانيدهم قال بن عبد البر عبد الرحمن بن يعمر لم يرو عنه غير هذا
الحديث قال المنذري في حواشيه بل روى له الترمذي والنسائي وابن ماجة
حديث النهي عن المزفت وذكره البغوي في الصحابة وأن له هذين الحديثين
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن رحمة بن مصعب عن بن أبي ليلى عن عطاء
ونافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقف بعرفة بليل فقد أدرك الحج
ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل انتهى قال
186

الدارقطني رحمة بن مصعب ضعيف ولم يأت به غيره انتهى وكذلك رواه ابن
عدي في الكامل وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وضعفه عن جماعة من
غير توثيق
حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن عمرو بن
قيس عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفاض من
عرفات قبل الصبح تم حجه ومن فاته فقد فاته الحج انتهى ووجدته في الحلية
لأبي نعيم عن عمرو بن ذر عن عطاء به وقال غريب من حديث عمر بن ذر تفرد به
عنه عبيد بن عقيل ذكره في ترجمة عمر بن ذر
حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن
بن أبي ليلى وابن جريج عن عطاء أن النبي عليه السلام قال من أدرك الوقوف
بعرفة بليل قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج ومن فاته الوقوف بليل فقد فاته الحج
انتهى وهذا مرسل ضعيف فإن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف
لم يثبته ابن عدي
الحديث الرابع والثمانون قال عليه السلام الحج عرفة فمن وقف بعرفة ساعة
من ليل أو نهار فقد تم حجة قلت فيه حديث عروة بن المضرس من شهد صلاتنا
هذه وقف معنا حتى ندفع فقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه
وقضى تفثه انتهى ورواه الأربعة وابن حبان والحاكم وحديث عبد الرحمن بن
يعمر تقدما
187

الحديث الخامس والثمانون قال عليه السلام إحرام المرأة في وجهها قلت
أخرجه البيهقي في سننه من حديث بن عمر مرفوعا إحرام الرجل في رأسه
وإحرام المرأة في وجهها وقد تقدم في الاحرام
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن أيوب بن محمد
أبي الجمل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
على المرأة إحرام إلا في وجهها انتهى وكذلك رواه الطبراني في معجمه
قال الدارقطني في علله أيوب هذا ضعيف وقد خالفه جماعة كابن عيينة وهشام
بن حسان وعلي بن مسهر وعبد الرحمن بن سليمان وابن نمير وإسحاق الأزرق
وغيرهم فرووه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر مرفوعا وهو الصواب
انتهى وقال البيهقي وأبو الجمل ضعيف عند أهل العلم بالحديث والمحفوظ موقوف
انتهى وقال بن القطان في كتابه أيوب بن محمد أبو الجمل مختلف فقال أبو
زرعة منكر الحديث وقال أبو حاتم لا بأس به فخرج من هذا أن حديثه غير صحيح
انتهى كلامه ورواه بن عدي في الكامل والعقيلي في ضعفائه وأعلاه بأبي
188

الجمل وقال لا يتابع على رفعه إنما يروي موقوفا انتهى
قوله ولو أسدلت على وجهها شيئا وجافته عنه جاز هكذا روى عن عائشة
رضي الله عنها قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد
عن عائشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا
حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه انتهى
أخرجه أبو داود عن هشيم عن يزيد به وأخرجه بن ماجة عن محمد بن فضيل
وعبد الله بن إدريس عنه قال في الامام وكذلك رواه أبو عوانة وعلي بن عاصم
عن يزيد وخالفهم بن عيينة عن يزيد فقال عن مجاهد عن أم سلمة ومع ذلك فيزيد
فيه ضعيف تكلم فيه غير واحد وأخرج له مسلم في جماعة غير محتج به انتهى
قلت حديث علي بن عاصم عند الدارقطني في سننه قال الدارقطني وخالفه
سفيان بن عيينة فقال عن مجاهد عن أم سلمة ثم أخرج كذلك ورواه الطبراني
في معجمه عن سفيان بن عيينة نحو الدارقطني
واعلم أن سماع مجاهد من عائشة رضي الله عنها مختلف فيه فأنكره يحيى بن
معين ويحيى بن سعيد القطان وشعبة وقال أبو حاتم مجاهد عن عائشة مرسل فقد
ثبت عند البخاري ومسلم سماعه منها وأخرجا له عن عائشة أحاديث في بعضها ما يدل
على سماعه منها نحو ما رواه منصور عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير
المسجد المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في
المسجد فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة فقال له عروة يا أبا عبد الرحمن اعتمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع عمر إحداهن في رجب فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه
وسمعنا استنان عائشة في الحجرة فقال عروة ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو
عبد الرحمن فقال وما يقول قال يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن
189

في رجب فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه
وما اعتمر في رجب قط انتهى أخرجه مسلم في الحج والبخاري في المغازي
في غزوة خيبر في باب عمرة القضاء وظاهر هذا أنه سمع منها ولو لم يكن عند
البخاري كذلك لما أخرجه لأنه يشترط اللقاء وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة
فصاعدا ولا خلاف في إدارك مجاهد لعائشة وأخرج مسلم أيضا عن بن نجيح عن
مجاهد عن عائشة قالت حضت بسرف فطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجتك انتهى ومسلم إنما يعتبر التعاصر
وإمكان السماع ما لم يقم دليل على خلافه مع أنه أخرجه من رواية طاوس عن عائشة
بإسناد لا خلاف في اتصاله وأخرج النسائي في سننه عن موسى الجهني قال أتى
مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل
هذا انتهى وهذا صريح في سماعه منها وقال بن حبان في صحيحه في النوع
الثالث والأربعين من القسم الثاني من زعم أن مجاهدا لم يسمع من عائشة كان واهما
ماتت عائشة في سنة سبع وخمسين وولد مجاهد في سنة إحدى وعشرين في خلافة
عمر انتهى كلامه وقال بن القطان في كتابه ذكر الدوري عن ابن معين قال
كان يحيى بن سعيد القطان ينكر سماع مجاهد من عائشة وقال القطان كان شعبة
ينكره أيضا ذكره الترمذي في العلل وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه
قال كان شعبة ينكره وقال بن أبي حاتم روى عن عائشة مرسلا انتهى كلامه وقال
غيره وقد ثبت عن البخاري ومسلم سماع مجاهد من عائشة فلا يلتفت إلى من نفاه
الحديث السادس والثمانون روى أنه عليه السلام نهى النساء عن الحلق وأمرهن
بالتقصير قلت غريب بهذا اللفظ وكأنه حديث مركب فنهى النساء عن الحلق فيه
أحاديث منها ما رواه الترمذي في الحج والنسائي في الزينة قالا حدثنا محمد
190

ابن موسى الحرشي عن أبي داود الطيالسي عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن
علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها انتهى ثم رواه الترمذي عن
محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي به عن خلاس عن النبي مرسلا وقال هذا
حديث فيه اضطراب وقد روى عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا انتهى وقال عبد الحق في أحكامه هذا حديث يرويه همام عن يحيى
عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة
فروياه عن قتادة عن النبي عليه السلام مرسلا
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا
عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه
السلام نهى أن تحلق المرأة رأسها انتهى قال البزار ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي
روى عن عبد الحميد بأحاديث لم يتابع عليها ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث
انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال أرجو أنه لا باس به قال عبد الحق
وضعفه أبو حاتم وقال إنه متروك الحديث انتهى وقال بن حبان في كتاب
الضعفاء يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد
انتهى
حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضا حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي ثنا
روح بن عطاء بن أبي ميمون ثنا أبي عن وهب بن عمير قال سمعت عثمان يقول
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها انتهى قال البزار ووهب بن عمير لا نعلمه
روى غير هذا الحديث ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة وروح ليس
بالقوي انتهى
حديث مخالف لما تقدم روى بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر
191

من القسم الخامس من حديث وهب بن جرير ثنا أبي سمعت أبا فزارة يحدث عن يزيد
بن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبنى بها وماتت بسرف فدفنها في
الظلة التي بنى بها فيها فنزلنا قبرها أنا وابن عباس فلما وضعناها في اللحد مال
رأسها فأخذت ردائي فوضعته تحت رأسها فاجتذبه بن عباس فألقاه وكانت قد
حلقت رأسها في الحج فكان رأسها محجما انتهى وأما أمرهن بالتقصير فأخرجه أبو
داود في سننه عن محمد بن بكر عن بن جريج قال بلغني عن صفية بنت شيبة
قالت أخبرتني أم عثمان أن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على النساء
الحلق إنما على النساء التقصير انتهى قال أبو داود وحدثنا أبو يعقوب البغدادي
ثقة ثنا هشام بن يوسف عن بن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن صفية بنت شيبة به
سواء قال بن القطان في كتابه هذا ضعيف ومنقطع أما الأول فانقطاعه من جهة
بن جريج قال بلغني عن صفية فلم يعلم من حدثه به وأما الثاني فقول أبي داود
حدثنا رجل ثقة يكنى أبا يعقوب وهذا غير كاف وإن قيل إنه أبو يعقوب إسحاق
بن إبراهيم بن أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه وأما ضعفه فإن أم
عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا في سننه
والطبراني في معجمه عن أبي بكر بن عياش عن يعقوب بن عطاء عن صفية بنت شيبة
به وأخرجه الدارقطني أيضا والبزار في مسنده عن حجاج بن محمد عن ابن جريج
عن عبد الحميد بن جبير عن صفية به قال البزار لا نعلمه يروي عن بن عباس إلا من
هذا الوجه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال
في المحرمة تأخذ من شعرها قدر السبابة انتهى وليث هذا الظاهر أنه ليث بن أبي سليم
وهو ضعيف
الحديث السابع والثمانون قال عليه السلام من قلد بدنة فقد أحرم قلت
غريب مرفوعا ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه على ابن عباس وابن عمر فقال
192

حدثنا بن نمير ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال من قلد فقد أحرم انتهى
حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس قال من قلد أو جلل أو
أشعر فقد أحرم انتهى ثم أخرج عن سعيد بن جبير أنه رأى رجلا قلد فقال أما هذا
فقد أحرم انتهى ورد معناه مرفوعا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريق
البزار في مسنده عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة أنه سمع ابني جابر يحدثان عن
أبيهما جابر بن عبد الله قال بينا النبي عليه السلام جالس مع أصحابه إذ شق قميصه حتى
خرج منه فسئل فقال واعدتهم يقلدون هدي اليوم فنسيت انتهى وذكره ابن
القطان في كتابه من جهة البزار فقال ولجابر بن عبد الله ثلاثة أولاد عبد الرحمن
ومحمد وعقيل والله أعلم من هما من الثلاثة انتهى وأخرجه الطحاوي في
شرح الآثار عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر
قال كنت جالسا عند النبي عليه السلام في المسجد فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه
من رجليه فنظر القوم إليه فقال إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر
فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي وكان بعث ببدنه وأقام
بالمدينة انتهى وضعف عبد الحق في أحكامه عبد الرحمن بن عطاء ووافقه ابن
القطان قال بن عبد البر لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا خالفه من هو أثبت منه وقد
تركه مالك وهو جاره انتهى
حديث آخر موقوف رواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن علي بن الصائغ
المكي ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثني أبي عن يونس عن بن شهاب أخبرني ثعلبة بن
أبي مالك القرظي أن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وكان صاحب لواء رسول الله
صلى الله عليه وسلم أراد الحج فرجل أحد شقي رأسه فقام غلامه فقلد هديه فنظر إليه قيس
فأهل وخلا شق رأسه الذي رجله ولم يرجل الشق الآخر انتهى وهذا أخرجه
البخاري في صحيحه مختصرا عن عقيل عن بن شهاب به أن قيس بن سعد
الأنصاري وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الحج فرجل انتهى وذكر أن
البرقاني أتمه بلفظ الطبراني سواء ذكره البخاري في الجهاد في باب ما قيل في لوائه
عليه السلام
193

الحديث الثامن والثمانون روى عن عائشة أنها قالت كنت أفتل قلائد هدى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث بها وأقام في أهله حلالا قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم
عن عائشة قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدي فأنا فتلت قلائدها بيدي من عهن كان
عندنا ثم أصبح فينا حلالا يأتي ما يأتي الرجل من أهله انتهى وفي لفظ قلت
لقد رأيتني أفتل القلائد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من العهن فيبعث به ثم يقيم فينا حلالا انتهى
وأخرج البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن مسروقا أنه أتى عائشة فقال لها يا أم
المؤمنين إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته
فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس قال فسمعت تصفيقها من وراء
الحجاب فقالت لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة
فما يحرم عليه ما أحل للرجال من أهله حتى يرجع الناس انتهى وأخرج
البخاري ومسلم عن بن عباس قال من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج
194

فقالت عائشة ليس كما قال أنا فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها
بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم عليه صلى الله عليه وسلم شئ أحله الله له حتى ينحر الهدي
انتهى
قوله وتقليد الشاة غير معتاد وليس بسنة يشكل عليه قلت أخرجه الأئمة
الستة عن الأسود عن عائشة قالت أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلى البيت غنما فقلدها
انتهى ولمسلم بهذا الاسناد قالت لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الغنم فيبعث به ثم يقيم فينا حلالا انتهى
الحديث التاسع والثمانون قال عليه السلام في حديث الجمعة فالمستعجل منهم
كالمهدي بدنة والذي يليه كالمهدي بقرة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة
ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا
أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة
فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر انتهى وفي
لفظ لهما إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول
ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ثم كالذي يهدي بقرة إلى آخره في رواية
للنسائي قال في الساعة الخامسة كالذي يهدي عصفورا وفي السادسة بيضة وفي
رواية له قال في الرابعة كالمهدي بطة ثم كالمهدي دجاجة ثم كالمهدي بيضة قال
النووي في الخلاصة وإسنادهما صحيح إلا أنهما شاذتان لمخالفتهما الروايات
195

المشهورة انتهى
قوله والصحيح من الرواية في الحديث كالمهدى جزورا قلت هذه اللفظة
وإن كانت في مسلم ولكن رواية البدنة أصح لاتفاقهم عليها فليس كما قال المصنف
ولفظ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل باب من أبواب المسجد ملك يكتب الأول
فالأول مثل الجزور ثم نزلهم حتى صغر إلى مثل البيضة فإذا جلس الامام طويت
الصحف وحضروا الذكر انتهى وجهل هذا الجاهل جهلا فاحشا فقال هذه الرواية
لا أصل لها في كتب الحديث فيما علمت والله أعلم
باب القران
الحديث الأول قال عليه السلام القران رخصة قلت غريب جدا
الحديث الثاني قال عليه السلام يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا قلت
أخرجه الطحاوي عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أهلوا يا آل محمد بعمرة
في حجة انتهى أخرجه في شرح الآثار عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
أسلم أبي عمران عن أم سلمة فذكره
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس
196

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة يقول لبيك عمرة وحجة انتهى
قال بن الجوزي في التحقيق مجيبا عنه أن أنسا كان حينئذ صبيا فلعله لم يفهم
الحال وغلطه التنقيح فقال بل كان بالغا بالاجماع بل كان له نحو من عشرين
سنة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة ولأنس عشر سنين ومات وله عشرون سنة
يدل على ذلك ما أخرجاه واللفظ لمسلم عن بكر عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يلبي بالحج والعمرة جميعا قال بكر فحدثت بذلك بن عمر فقال لبى بالحج
وحده فلقيت أنسا فحدثته بقول بن عمر فقال أنس ما يعدوننا إلا صبيانا سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول وهو بالعقيق أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فقال صل في هذا الوادي
المبارك وقل عمرة في حجة انتهى زاد في لفظ يعني ذا الحليفة انفرد به
البخاري
حديث آخر أخرجاه في الصحيحين عن قتادة عن أنس قال اعتمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته عمرة من الحديبية في ذي
القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة من حيث قسم غنائم
حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته انتهى وأخرجه أبو داود والترمذي
وابن ماجة عن داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال
اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر عمرة الحديبية وعمرة القضاء في ذي القعدة من قابل
والثالثة من الجعرانة والرابعة مع حجته انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه
إلا أنه قال فيه عن عمرو وعكرمة بالعطف وهو وهم وأخرجه الترمذي أيضا عن
سعيد بن عبد الرحمن عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن النبي عليه السلام
مرسلا قال علي بن عبد العزيز وليس أحد يقول في هذا الحديث عن بن عباس إلا
داود بن عبد الرحمن وقال البخاري داود بن عبد الرحمن صدوق إلا أنه ربما يهم في
197

الشئ انتهى
حديث آخر حديث الضبي بن معبد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة
وصححه الدارقطني في كتاب العلل وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن أبي معاوية ثنا حجاج عن الحسن بن سعد عن
بن عباس قال أخبرني أبو طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة انتهى
وحجاج هذا هو بن أرطاة وفيه مقال
حديث آخر رواه الإمام أحمد في مسنده حدثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن
يزيد قال سمعت عبد الملك الزراد يقول سمعت النزال بن سبرة يقول سمعت سراقة
يقول قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع انتهى وداود بن يزيد هو الأودي عم
عبد الله بن إدريس تكلم فيه غير واحد من الأئمة كالامام أحمد وابن معين وأبي
داود وغيرهم وقد رواه أخوه بن يزيد عن عبد الملك بن ميسرة عن عطاء عن طاوس
عن سراقة والله أعلم
حديث آخر أخرجه أبو داود عن مجاهد قال سئل بن عمر كم اعتمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال مرتين فقالت عائشة رضي الله عنها لقد علم بن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع انتهى وأخرجه النسائي أيضا
أحاديث الخصوم وهم فريقان أحدهما يقولون بأفضلية الافراد وهم الشافعي
وأصحابه والآخرون يقولون بأفضلية التمتع وهم مالك وأحمد ومن تبعهما
فللشافعي من الأحاديث ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد
الحج انتهى بلفظ مسلم وطوله البخاري
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر قال أهللنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا انتهى وأخرجه الترمذي عن عبد الله بن نافع الصائغ عن
عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام أفرد الحج وأفرد
198

أبو بكر وعمر وعثمان انتهى والعمري تكلم فيه غير واحد وأخرجه الدارقطني
عن عبد الله بن نافع ولم ينسبه فظن بعض الناس أنه عبد الله بن نافع مولى ابن عمر
فأعله به اعتمادا على قول النسائي فيه إنه متروك الحديث وقول بن معين ليس
بشئ وهو خطأ وإنما هو عبد الله بن نافع الصائغ كما نسبه الترمذي وهو صاحب
مالك روى عنه مسلم في صحيحه ووثقه بن معين والنسائي وقد تكلم فيه بعض
من جهة حفظه والله أعلم
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا انتهى
أحاديث القائلين بأفضلية التمتع ولاحمد ومالك من الأحاديث ما أخرجاه في
الصحيحين عن سالم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة
إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل
بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من
الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس
من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن
منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج
انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن سعيد بن المسيب قال اختلف
علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة فقال له علي ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عثمان دعنا عنك فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا
انتهى قال صاحب التنقيح ليس هذا الحديث لمن قال بالتمتع وإنما هو لمن قال
بالقران فإن عليا أهل بالحج والعمرة جميعا والتمتع في عرف الصحابة يدخل فيه
القران قال ويدخل فيه التمتع الخاص ولم يحج النبي عليه السلام متمتعا التمتع الخاص
لأنه لم يحل من عمرته بل المقطوع به أنه قرن بين الحج والعمرة لأنه ثبت عنه أنه اعتمر
199

أربع عمر الرابعة كانت مع حجته وقد ثبت عنه أنه لم يحل منها قبل الوقوف بقوله
لولا أن معي الهدي لأحللت وثبت أنه لم يعتمر بعد الحج فإن ذلك لم ينقل أحد عنه
وإنما اعتمر بعد الحج عائشة وحدها فتحصل من مجموع ذلك أنه كان قارنا وعلى هذا
يجتمع أحاديث الباب والله أعلم انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه ذكر التمتع بالعمرة فقال
قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن ليث عن طاوس عن بن عباس قال تمتع رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى مات وأبو بكر حتى مات وعمر حتى مات وعثمان حتى مات رضي
الله عنهم وكان أول من نهى عنها معاوية قال بن عباس فعجبت منه وقد حدثني
أنه قصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص انتهى وليث هو بن أبي سليم وفيه مقال فهذه
أربعة أحاديث شاهدة أنه عليه السلام تمتع وبقية الأحاديث فيها الامر بالتمتع فمنها ما
أخرجاه في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
أرض قومي فلما حضر الحج حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحججت فقدمت عليه وهو نازل
بالأبطح فقال لي بم أهللت يا عبد الله بن قيس قال قلت لبيك بحج كحج
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحسنت ثم قال هل سقت هديا قلت ما فعلت قال اذهب
فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أحلل فانطلقت ففعلت ما أمرني وأتيت امرأة
من قومي فغسلت رأسي بالخطمي وفلت رأسي ثم أهللت بالحج يوم التروية
حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن بكر عن بن عمر قال خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبى بالحج ولبينا معه فلما قدم أمر من لم يكن معه الهدي أن يجعلوها
عمرة انتهى
رضي الله تعالى عنهما حديث آخر أخرجاه أيضا عن طاوس عن بن عباس قال كانوا يرون العمرة في
200

أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون إذا برأ
الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم
فقالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا عن الأسود عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج فلما قدمنا تطوفنا بالبيت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن
ساق الهدي أن يحل فحل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن
انتهى
حديث آخر أخرجاه أيضا عن حفصة بنت عمر قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
نساءه أن يحللن بعمرة قلت ما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا قال إني قد أهديت
ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فلما قدما مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
من لم يكن معه هدي فليحلل قلنا أي الحل قال الحل كله قال فأتينا النساء
ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرخ بالحج صراخا حتى إذا طفنا بالبيت قال اجعلوها عمرة إلا
من كان معه هدي قال فجعلناها عمرة فحللناها فلما كان يوم التروية صرخنا بالحج
وانطلقنا إلى منى انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي وأحمد عن أشعث عن الحسن عن أنس بن مالك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة وقد لبوا بحج وعمرة فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد
ما طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة أن يجعلوها عمرة فكأن القوم هابوا ذلك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أني سقت الهدي لأحللت فحل القوم وتمتعوا
201

انتهى قال صاحب التنقيح هذا حديث صحيح والله أعلم
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يونس حدثنا فليح عن نافع عن ابن
عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبد رأسه وأهدى فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن قلن
مالك أنت لا تحل قال إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من
حجتي وأحلق رأسي انتهى قال في التنقيح هو حديث صحيح على شرط
البخاري
حديث آخر رواه أحمد أيضا حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا حميد عن بكر بن
عبد الله عن بن عمر أنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وأصحابه مهلين بالحج فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي انتهى قال في
التنقيح رواته ثقات قال بن الجوزي في التحقيق قالت الخصوم فقد نقضتم
أحاديثكم الأوائل بهذه الأواخر لأنكم رويتم في الأوائل أنه تمتع وفي الأواخر أنه تندم
كيف ساق الهدي ولم يمكنه أن يفسخ وأنتم بين أمرين إما أن تصححوا الأوائل
فيبطل مذهبكم في فسخ الحج إلى العمرة أو تصححوا الأواخر فيبطل احتجاجكم بأن
الرسول تمتع ثم نتكلم على أحاديثكم فنقول الأوائل معارضة بالأواخر فأما
لأواخر فإنه لم يأمر أصحابه بالفسخ لفضيلة التمتع بل لأمر آخر وهو ما رويتم
من حديث بن عباس أن أهل الجاهلية كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور
فأمر بفسخ الحج إلى العمرة ليخالف المشركين واستدلوا عليه بما أخرجه أبو داود
والنسائي وابن ماجة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي أخبرني ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن الحارث بن بلال عن أبيه قلت يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم
للناس عامة قال بل لنا خاصة وإنما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال
كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة قال بن الجوزي الجواب أنه إذا صحت
الأحاديث فلا ينبغي ردها وإنما يتمحل لها والوجه في الجمع بين الأحاديث أنه كان قد
اعتمر وتحلل من العمرة ثم أحرم بالحج وساق الهدي ثم أمر أصحابه بالفسخ
ليفعلوا مثل فعله لأنهم لم يكونوا أحرموا بعمرة ومنعه من فسخ الحج إلى عمرة ثانية
عمرته الأولى وسوقه الهدي فعلى هذا تتفق الأحاديث ولا يرد منها شئ فإن قالوا
كيف يصح هذا التأويل وإنما علل بسوق الهدي لا بفعل عمرة متقدمة قلنا ذكر
202

إحدى العلتين دون الأخرى وذلك جائز وقولهم إنما أمرهم بالفسخ لمخالفة الجاهلية
قلنا لو كان كذلك لم يفرق بين من ساق الهدي ومن لم يسقه ثم إنه اعتمر في أشهر
الحج ففي الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة
إلا التي مع حجته ففعله هذا يكفي في البيان لأصحابه والمشركين أن العمرة تجوز في
أشهر الحج فلم يحتج أن يأمر أصحابه بفسخ الحج المحترم كذلك وإنما فعل ذلك لأنه
الأفضل
وأما حديث بن عباس فإنه لم يرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل لأجل ما كان المشركون
يعتمدونه وإنما ذكر حال الجاهلية
وأما حديث الحارث بن بلال فقال أحمد هو حديث لا يثبت ولا أقول به
والحارث بن بلال لا يعرف ولو عرف فأين يقع من أحد عشر رجلا من الصحابة يرون
الفسخ ولا يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة وأبو موسى الأشعري يفتي به
في خلافة أبي بكر وشطر من خلافة عمر
وأما حديث أبي ذر فموقوف عليه وقد خالفه أبو موسى وابن عباس
وغيرهما ثم إنه ظن من أبي ذر يدل عليه حديث بن عباس أن العمرة قد دخلت في
الحج وفي حديث جابر أن سراقة قال ألعامنا أم للأبد فقال بل للأبد يريد أن حكم
الفسخ باق على الأبد وقد قيل إن وجوب الفسخ كان خاصا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وأما غيرهم فلا يجب عليه بل يجوز له انتهى كلامه قال صاحب التنقيح رحمه
الله وما جمع به المؤلف بين الأحاديث بأن النبي عليه السلام قد اعتمر وتحلل من العمرة
ثم أحرم بالحج وساق الهدي فضعيف جدا وكذلك قول من قال إنه أحرم بالحج
ثم أدخل عليه العمرة فكذلك قول من قال إنه أفرد ثم لما فرغ منه اعتمر ضعيف
أيضا لان أحدا لم يعتمر معه بعد الحج إلا عائشة رضي الله عنها وكذلك قول من قال
إنه أحرم بالعمرة أولا وساق الهدي ثم أدخل عليها الحج ولم يتحلل لأجل الهدي
ضعيف أيضا وإن كان أقرب من غيره وكذلك قول من قال إنه كان قارنا وطاف
طوافين وسعى سعيين وقد ذكرنا ضعف هذه الأقوال في غير هذا الموضع والصواب
أنه عليه السلام كان قارنا أحرم بالحج والعمرة جميعا وطاف لهما طوافا واحدا وسعى
سعيا واحدا وقد أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب سمعت النبي عليه السلام وهو
بوادي العقيق يقول أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك
وقل عمرة في حجة وهذا الآتي أتاه قبل أن يصل إلى الموضع الذي أحرم منه وهو
203

ذو الحليفة انتهى كلامه
قوله والمقصود بما روى نفى قول أهل الجاهلية إن العمرة في أشهر الحج من أفجر
الفجور قلت يعني بما روى الشافعي من حديث القران رخصة وقول الجاهلية تقدم
عند البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال كانوا يرون العمرة في أشهر الحج
من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون إذا برأ الدبر وعفا
الأثر وانسلخ صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر فقدم النبي عليه السلام صبيحة رابعة
مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا يا رسول الله أي
الحل قال الحل كله انتهى ورجح الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ أنه
عليه السلام كان مفردا بوجهين أحدهما حديث جابر الطويل قال فإنه أحسن
سياقا وأبلغ استقصاء وغيره لم يضبط ضبطه والثاني أن أحد الروايتين كان أقرب
مكانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أنسا روى أنه عليه السلام قرن وابن عمر روى أنه أفرد
وقال في حديثه كنت تحت جران ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعابها بين كتفي فحديثه أولى
بالتقديم وقال بن سعد في الطبقات في باب حجة الوداع وقد اختلف علينا
فيما أهل به النبي عليه السلام فأهل المدينة يقولون إنه أهل بالحج مفردا وفي رواية
غيرهم أنه قرن مع حجه عمرة وقال بعضهم دخل مكة متمتعا بعمرة ثم أضاف إليها
حجة وفي كل رواية انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
204

قلت أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي
عليه السلام أنه قال هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله
وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة انتهى قال الترمذي حديث حسن
ومعناه أنه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج انتهى وقال أبو داود هذا حديث منكر إنما
هو قول بن عباس قال المنذري وفيما قاله نظر فقد رواه أحمد بن حنبل ومحمد بن
المثنى ومحمد بن بشار وعثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شيبة مرفوعا
ورواه أيضا يزيد بن هارون ومعاذ بن معاذ العنبري وأبو داود الطيالسي وعمر بن
مرزوق عن شيبة مرفوعا وتقصير من قصر من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحافظ
205

والله أعلم
حديث آخر رواه النسائي حدثنا محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن عبد الملك
بن ميسرة عن طاوس عن سراقة بن جعشم قا يا رسول الله رأيت عمرتنا هذه
لعامنا أم للأبد فقال لا بل للأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
انتهى وأخرجه بن ماجة عن مسعر عن عبد الملك به قال في الإمام قال شيخنا
المنذري هو حديث حسن وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي الزبير عن جابر
عن سراقة فذكره قال الدارقطني رواته كلهم ثقات انتهى والمصنف احتج بهذا
الحديث للشافعي أن القارن يطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا يعني أن العبادتين
تتداخلان وفي حديث جابر الطويل أنه عليه السلام لما طاف وسعى بين الصفا
والمروة قال إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى ولجعلتها عمرة
فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة فقال سراقة بن جعشم
يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فشبك عليه السلام أصابعه واحدة في الأخرى
وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن الليث عن نافع عن بن عمر أنه
أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له إن الناس كائن بينهم قتال وإنا نخاف
أن يصدوك فقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة إذا اصنع كما صنع رسول
الله صلى الله عليه وسلم أني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء
قال ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي
وأهدي هديا اشتراه بقديد فلم ينحر ولم يحل من شئ حرم منه ولم يحلق ولم
يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأي أن قد قضى طواف الحج والعمرة
بطوافه الأول وقال بن عمر كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجاه في الصحيحين أيضا عن الزهري عن عروة عن عائشة
206

قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا بعمرة ثم قال من كان معه
هدى فليحل بالحج والعمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم
حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى وأما الذين جمعوا بين الحج
والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن عائشة أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال
لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك
انتهى وفي سماع مجاهد عن عائشة كلام تقدم في الحديث الخامس والثمانين من
الحج
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن الدراوردي عن عبيد الله بن عمر
عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف
واحد وسعي واحد حتى يحل منهما جميعا ورواه أحمد ولفظه من قرن بين
حجة وعمرة أجزأه بهما طواف واحد انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب
انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن ليث بن أبي سليم حدثني عطاء وطاوس
ومجاهد عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس أن النبي عليه السلام لم يطف هو
وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا لعمرتهم وحجتهم انتهى قال في
التنقيح قال البرقاني سألت الدارقطني عن ليث بن أبي سليم فقال صاحب سنة
يخرج حديثه وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب انتهى
وقال بن سعد في الطبقات كان رجلا صالحا إلا أنه ضعيف الحديث يقال إنه
207

كان يسأل عطاء وطاوس عن شئ فيختلفون فيه فيرويه باتفاقهم من غير تعمد لذلك
انتهى
حديث آخر رواه الدارقطني حدثنا البغوي حدثنا داود بن عمرو ثنا منصور بن أبي
الأسود عن عبد الملك عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف طوافا واحدا
لحجه وعمرته قال في التنقيح إسناده صحيح فإن عبد الملك صدوق روى له
مسلم ومنصور وثقه بن معين وغيره وهو شيعي وداود من شيوخ مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن حجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر أن
النبي عليه السلام قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا انتهى والحجاج
ضعيف وأخرجه الدارقطني عن الربيع بن صبيح عن عطاء عن جابر قال ما طاف
لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا واحدا وسعيا واحدا لحجة وعمرة انتهى والربيع
ضعيف
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن عاصم ثنا أبي عن حصين بن
عبد الرحمن قال قال لي منصور حدثتني أنت يا حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن
أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه طافوا لحجتهم وعمرتهم طوافا واحدا انتهى قال
ابن الجوزي وعلي بن عاصم ضعيف قال في التنقيح هكذا وجدته في نسختين
صحيحتين والصواب عاصم بن علي والله
أعلم حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد أن النبي
عليه السلام جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما بالبيت طوافا واحدا وبالصفا والمروة
طوافا واحدا انتهى قال بن الجوزي وابن أبي ليلى
هو بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف قال في التنقيح وعطية أضعف منه
208

الحديث الرابع روى أن صبي بن معبد لما طاف طوافين وسعى سعيين قال له عمر
هديت لسنة نبيك قلت هذا الحديث لم يقع هكذا فقد أخرجه أبو داود والنسائي
عن منصور وابن ماجة عن الأعمش كلاهما عن أبي وائل عن الصبي بن معبد الثعلبي
قال أهللت بهما معا فقال عمر هديت لسنة نبيك انتهى وذكر بعضهم فيه
قصة ورواه بن حبان في صحيحه في النوع العاشر من القسم الخامس وأحمد
وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم وقال
الدارقطني في كتاب العلل وحديث الصبي بن معبد هذا حديث صحيح وأصحه
إسنادا حديث منصور عن الأعمش عن أبي وائل عن الصبي عن عمر
209

أحاديث الباب أخرج النسائي في سننه الكبرى في مسند علي عن حماد بن
عبد الرحمن الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال طفت مع أبي وقد
جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وحدثني أن عليا فعل
ذلك وقد حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك انتهى قال صاحب التنقيح وحماد
هنا ضعفه الأزدي وذكره بن حبان في الثقات قال بعض الحفاظ هو مجهول
والحديث من أجله لا يصح انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن
بن عمر أنه جمع بين حج وعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين وقال هكذا
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنعت انتهى وأخرجه عن الحسن بن عمارة عن
الحكم عن بن أبي ليلى عن علي قال رأيت النبي عليه السلام قرن وطاف طوافين وسعى
سعيين انتهى قال الدارقطني لم يروهما غير الحسن بن عمارة وهو متروك ثم هو قد
روى عن بن عباس ضد هذا ثم أخرج عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن
طاوس قال سمعت بن عباس يقول لا والله ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا
واحدا فهاتوا من هذا الذي يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لهما طوافين انتهى
وبالسند الثاني رواه العقيلي في كتاب الضعفاء فقال حدثنا عبد الله بن محمد بن
صالح السمرقندي ثنا يحيى بن حكيم المقوم قال قلت لأبي داود الطيالسي إن
محمد بن الحسن صاحب الرأي حدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن بن أبي ليلى
عن علي قال فذكره فقال أبو داود من هذا كان شعبة يشق بطنه من الحسن بن
عمارة وأطال العقيلي في تضعيف الحسن بن عمارة وأخرجه الدارقطني أيضا عن
حفص بن أبي داود عن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي
بنحوه قال وحفص هذا ضعيف وابن أبي ليلى ردئ الحفظ كثير الوهم انتهى
وأخرجه أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن
جده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فطاف طوافين وسعى سعيين انتهى قال وعيسى
210

بن عبد الله يقال له مبارك وهو متروك الحديث
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بردة عمرو بن يزيد عن حماد عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجته طوافين وسعى
سعيين وأبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود قال الدارقطني وأبو بردة متروك
ومن دونه في الاسناد ضعفاء انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يحيى الأزدي ثنا عبد الله بن
داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن حصين أن النبي عليه السلام
طاف طوافين وسعى سعيين انتهى قال الدارقطني يقال إن محمد بن يحيى حدث
بهذا من حفظه فوهم في متنه والصواب بهذا الاسناد أن النبي عليه السلام قرن الحج
والعمرة وليس فيه ذكر الطواف ولا السعي ويقال إنه رجع عن ذكر الطواف
والسعي وحدث به على الصواب كما حدثنا به محمد بن إبراهيم بن نيروز حدثنا
محمد بن يحيى الأزدي به أن النبي عليه السلام قرن انتهى قال وقد خالفه غيره فلم
يذكر فيه الطواف ولا السعي كما حدثنا به أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل
ومحمد بن مخلد قالا حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله بن داود ثنا
شعبة بهذا الاسناد أن النبي عليه السلام قرن انتهى
الآثار روى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة حدثنا
منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر السلمي عن علي بن أبي طالب قال
إذا أهللت بالحج والعمرة فطف لهما طوافين واسع لهما سعيين بالصفا والمروة قال
منصور فلقيت مجاهدا وهو يفتي بطواف واحد لمن قرن فحدثته بهذا الحديث
فقال لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين وأما بعد فلا أفتي إلا بهما انتهى وأخرجه
البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
علي بن أبي طالب قال في القارن يطوف طوافين قال الشافعي وهذا معناه أنه
يطوف حين تقدم بالبيت وبالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت للزيارة قال البيهقي وأصح
ما روى عن علي في ذلك من حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث
211

ذكره ثم يحرم لهما جميعا ويطوف لهما طوافين هكذا رواه سفيان بن عيينة عن
منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث وكذلك رواه الثوري وشعبة وبعضهم قال
عن منصور عن مالك بن الحارث ويشبه أن يكون المعنى فيه ما قال الشافعي ورواه
عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه قال القارن يطو ف طوافين قال البخاري
لا يصح وقال بن المنذر لا يثبت عن علي خلاف قول بن عمر إنما رواه مالك بن
الحارث عن أبي نصر عن علي وأبو نصر رجل مجهول مع أنه لو كان ثابتا كان قول
رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من أحرم بالحج والعمرة أجزأه عنهما طواف واحد وسعي
واحد انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان
عن الحكم عن زياد بن مالك أن عليا وابن مسعود قالا في القارن يطوف طوافين
ويسعى سعيين انتهى ثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم عن عمرو عن
الحسن بن علي قال إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين انتهى
قوله ولنا النهي المشهور عن الصوم في هذه الأيام قلت تقدم في الصوم لكن
يرد على المذهب حديث أخرجه البخاري عن عائشة وابن عمر أنهما قالا لم يرخص
212

في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي انتهى قال البيهقي في المعرفة
وهذا شبيه بالمسند قال الشافعي وبلغني أن بن شهاب يرويه عن النبي عليه السلام
مرسلا انتهى وأخرج البخاري أيضا عن بن عمر أنه قال الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى
الحج إلى يوم عرفة فإن لم يجد هديا ولم يصم صام أيام منى انتهى
قوله وعن عمر أنه أمر في مثله بذبح شاة يعني في قارن لم يجد الهدي ولم يصم
حتى أتت عليه أيام النحر قلت حديث غريب وكذا ذكره في المبسوط فنقل
عن عمر أنه أتاه رجل يوم النحر فقال إني تمتعت بالعمرة إلى الحج فقال اذبح شاة
قال ما معي شئ قال سل أقاربك قال ما هنا أحد منهم فقال يا مغيث أعطيه
قيمة شاة
213

باب التمتع
الحديث الأول قال المصنف رحمه الله وصفة التمتع أن يبتدئ من الميقات في
أشهر الحج فيحرم بالعمرة ويدخل مكة فيطوف بها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد
حل من عمرته وهذا هو تفسير العمرة وكذلك إذا أراد أن يفرد بالعمرة فعل ما ذكرنا
هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء وقال مالك لا حلق عليه وإنما العمرة
الطواف والسعي وحجتنا عليه ما ذكرناه قلت أخرج البخاري ومسلم عن ابن
عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق معه
الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتع
214

الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من
لم يهد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل
من شئ حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا
والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام
في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة فاستلم الركن
أول شئ ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى
طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة
سبعة أطواف ثم لم يحلل من شئ حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر
وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شئ حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أهدى وساق الهدي من الناس انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن نافع قال أراد بن عمر الحج عام نزل الحجاج
بابن الزبير فقيل له إن الناس كائن بينهم قتال ونخاف أن يصدوك فقال لقد كان
لكم في رسول الله أسوة حسنة إذن أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهدكم أني قد
أوجبت عمرة حتى إذا كان بظاهر البيداء قال ما شأن الحج والعمرة إلا واحد
أشهدكم أني جمعت حجة مع عمرة وأهدي هديا مقلدا اشتراه حتى قدم فطاف
بالبيت وبالصفا ولم يزد على ذلك ولم يحل من شئ حرم منه حتى يوم النحر
فحلق ونحر ورأي أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ثم قال هكذا صنع
215

النبي عليه السلام انتهى والاستشهاد بهذا الحديث أولى من الحديث الذي قبله فان
المصنف رحمه الله احتج به على مالك في وجوب الحج على المعتمر
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن بن عباس قال لما قدم النبي عليه
السلام مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحلوا ويحلقوا أو
يقصروا انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن معاوية بن أبي سفيان قال قصرت
عن النبي صلى الله عليه وسلم على المروة أو رأيته يقصر عنه على المروة بمشقص انتهى قال
المنذري في حواشيه قوله قصرت يحتج به من يقول إنه عليه السلام كان في
حجة الوداع متمتعا لان المعتمر يقصر عند الفراغ من السعي وهذا لا يصح أن يكون
في حجة الوداع لأنه عليه السلام حلق رأسه في حجة الوداع بلا خلاف كما ورد في
الصحيحين وقيل إنما كان هذا في بعض عمره عليه السلام قيل ولا يصح هذا
إلا أن يكون في عمرة الجعرانة لأن الصحيح أن معاوية أسلم يوم فتح مكة مع أبيه فأما
الرواية الأخرى رأيته يقصر عنه فلا يصح أن يكون في حجة الوداع ويصح أن يكون
فيما تقدم من عمره عليه السلام وأما لفظ الحديث عند أبي داود أن معاوية قال لابن
عباس أما علمت أني قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أعرابي على المروة لحجته
فمعنى قوله لحجته أي لعمرته ففي لفظ النسائي في عمرة على المروة والعمرة قد
تسمى حجا لان معناها القصد وقد قالت للنبي عليه السلام ما بال الناس حلوا وأنت
لم تحلل من عمرتك قيل تريد من حجتك والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قطع التلبية في عمرة القضاء حين استلم الحجر
الأسود قلت أخرجه الترمذي عن بن أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس أن النبي عليه
216

السلام كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر انتهى وقال حديث
صحيح ورواه أبو داود ولفظه أن النبي عليه السلام قال يلبي المعتمر حتى يستلم
الحجر انتهى قال أبو داود رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن
بن عباس موقوفا انتهى وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وفيه مقال
217

ولم ينصف المنذري في عزوه هذا الحديث للترمذي فان لفظ الترمذي من فعل النبي
صلى الله عليه وسلم ولفظ أبي داود من قوله فهما حديثان ولكنه قلد أصحاب الأطراف إذ
جعلوها حديثا واحدا وهذا مما لا ينكر عليهم وقد بينا وجه ذلك في حديث ابدءوا
بما بدأ الله له وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام لبى يعني في عمرة القضية حتى استلم
الركن انتهى
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام ساق الهدايا مع نفسه قلت أخرجه
البخاري ومسلم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى
الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم
أهل بالحج وتمتع الناس معه وقد تقدم الحديث بتمامه في أول الباب
الحديث الرابع روى عن عائشة رضي الله عنها قالت أنا فتلت قلائد هدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت تقدم قبل باب القران رواه الأئمة الستة والمصنف هنا
أحال فقال فإن كان بدنة قلدها بمزادة أو نعل لحديث عائشة على ما روينا وحديث
عائشة هذا ذكره المصنف قبل باب القران أنها قالت كنت أفتل قلائد لبدن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فبعث بها وأقام في أهله حلالا ولو استدل هنا بحديث بن عباس لكان أولى
أخرجوه إلا البخاري عن أبي حسان الأعرج واسمه مسلم عن بن عباس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته وفي لفظ ببدنة فأشعرها في صفحة
سنامها الأيمن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم أتى براحلته فلما قعد عليها واستوت
به على البيداء أهل بالحج
218

الحديث الخامس روى أنه عليه السلام أحرم بذي الحليفة وهداياه تساق بين يديه
قلت تقدم البخاري ومسلم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة إلى آخره وقد تقدم بتمامه
في أول هذا الباب
الحديث السادس روى في الاشعار أن النبي عليه السلام طعن في الجانب الأيسر
مقصودا وفي الجانب الأيمن اتفاقا قلت رواية الطعن في الجانب الأيمن أخرجها مسلم
عن أبي حسان عن بن عباس أن النبي عليه السلام صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا ببدنة
فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وقد تقدم ذكر البخاري الاشعار من حديث المسور
ومروان غير مقيد بالأيمن ولا بالأيسر ولفظه قالا خرج النبي عليه السلام زمن
الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي عليه
السلام الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة انتهى وذكره من حديث عائشة أيضا
وسيأتي قريبا وأما رواية الطعن في الأيسر فرواها أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا
يزيد بن هارون أنبأ شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي حسان عن بن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنته في شقها الأيسر ثم سلت الدم بإصبعه فلما علت به
راحلته البيداء لبى انتهى وقال بن عبد البر في كتاب التمهيد رأيت في كتاب
بن علية عن أبيه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن بن عباس
219

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعر بدنة من الجانب الأيسر ثم سلت الدم عنها وقلدها نعلين
قال وهذا عندي منكر في حديث بن عباس والمعروف ما رواه مسلم وغيره في
الجانب الأيمن لا يصح فيه غير ذلك إلا أن بن عمر كان يشعر بدنه من الجانب الأيسر
انتهى وهكذا أورده أبو محمد عبد الحق في أحكامه معزوا إلى بن عبد البر قال
بن القطان في كتابه وهو كلام صحيح وأنا أخاف أن يكون تصحف فيه الأيمن
بالأيسر وأيضا فإنا لا نعلم بن علية إلا الاخوة الثلاثة إسماعيل وربعي وإسحاق
والمشهور الفقيه منهم إسماعيل بن إبراهيم بن سهم وعلية أمه وليست هذه طبقته أن
يروي بهذا النزول فان قدرناه هو فأبوه إبراهيم بن مقسم لا أعرفه في رواية الاخبار
وحاله مجهول انتهى كلامه قلت قد روى من غير طريق بن علية كما قدمناه من
جهة أبي يعلى الموصلي وحديث بن عمر الذي أشار إليه بن عبد البر أخرجه مالك في
موطأه عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا أهدى هديا من المدينة يقلده بنعلين ويشعره
من الشق الأيسر ثم يساق معه مختصر
220

الحديث السابع روى الاشعار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين
قلت أما الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج البخاري عن المسور ومروان قالا خرج النبي
عليه السلام من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كان بذي الحليفة قلد عليه
السلام الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة انتهى
حديث آخر رواه الجماعة إلا البخاري عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس
أن النبي عليه وسلم أشعر بدنة من الجانب الأيمن وسلت الدم عنها وزاد فيه الترمذي
قال وسمعت أبا السائب يقول كنا عند وكيع فقال لرجل ممن ينظر في الرأي أشعر
221

رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أبو حنيفة وهو مثلة قال الرجل فإنه قد روى عن إبراهيم
النخعي أنه قال الاشعار مثلة فرأيت وكيعا غضب غضبا شديدا ثم قال أقول لك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى
تنزع عن قولك هذا انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة
قالت فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى
البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شئ كان له حلا انتهى
الحديث الثامن حديث النهي عن المثلة قلت ليس في كلام المصنف أن الاشعار
منسوخ بحديث النهي عن المثلة ولكنه قال إن حديث الاشعار معارض بحديث النهي
عن المثلة وإذا وقع التعارض فالترجيح للمحرم انتهى وكان جماعة من العلماء
تفهموا عن أبي حنيفة النسخ من ذلك وكذلك رواه السهيلي في الروض الأنف
فقال النهي عن المثلة كان بأثر غزوة أحد وحديث الاشعار في حجة الوداع فكيف
يكون الناسخ متقدما على المنسوخ انتهى كلامه وفي النهي عن المثلة أحاديث منها
حديث أنس أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد عن قتادة عن أنس فذكر حديث
العرنيين وفي آخره قال قتادة وبلغنا أن النبي عليه السلام كان بعد ذلك يحث على
الصدقة وينهى عن المثلة وانفرد به مسلم عن أنس قال إنما سمل النبي عليه السلام
أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة
حديث آخر أخرجه البخاري عن بن عمر قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل
بالحيوان انتهى.
222

حديث آخر أخرجه البخاري عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال نهى رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة والمثلة انتهى هكذا عزاه عبد الحق للبخاري وينظر
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الجهاد حدثنا بن المثنى عن
معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران البصري عن سمرة بن
جندب قال كان النبي عليه السلام يحث على الصدقة وينهى عن المثلة وفيه
قصة
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال
على شرط الشيخين عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عمر أن النبي عليه
السلام لعن من يمثل بالحيوان وفي لفظ نهى أن يمثل بالحيوان انتهى
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا يزيد بن هارون عن بن أبي
ذئب عن مولى لجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه مرفوعا بلفظ عبد الله
ابن يزيد
حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن
هياج بن عمران عن عمران بن حصين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على
الصدقة وينهى عن المثلة مختصر
حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سلمة بن نوفل عن صفية بن
المغيرة بن شعبة عن المغيرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة انتهى
حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا محمد بن صباح ثنا إسماعيل بن زكريا
عن يزيد بن زياد عن قيس بن الأحنف حدثنا القاسم بن محمد الثقفي قال جاءت
أسماء بنت أبي بكر مع جوار لها وقد ذهب بصرها فقالت أههنا الحجاج قيل لها
لا قالت إذا جاء فقولوا له يأمر لنا بهذه العظام يعني بن الزبير فاني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة وأخبروه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من ثقيف
كذاب ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فهو الحجاج انتهى.
223

حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن علي الآبار ثنا أبو أمية
عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ثنا إسماعيل بن راشد قال
كان من حديث عبد الرحمن بن ملجم في قتلة علي بن أبي طالب فذكر القصة بطولها
وفي آخرها قال ولما دخل بن ملجم على علي بعد أن ضربه بالسيف على قرنه وأوقف
بين يديه مكتوفا قال له يا عدو الله ما الذي حملك على ما صنعت ألم أحسن إليك
ألم افعل معك كذا وكذا وكذا ثم قال للحسن إن بقيت رأيت فيه رأيي وإن
هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة ولا تمثل به فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى
عن المثلة ولو بالكلب العقور انتهى
حديث آخر رواه الطبراني أيضا من حديث بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى
بن حبيب عن الحكم بن عمير وعائذ بن قرط قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمثلوا
بشئ من خلق الله عز وجل فيه روح انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني أيضا عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا شعبة
عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب الأنصاري قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة والمثلة انتهى
حديث آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني خالد بن الهيثم مولى لبني
هاشم عن يحيى بن أبي كثير قال لما أسر سهيل بن عمرو يوم بدر قال عمر يا رسول
الله انزع ثنيته يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أمثل به
فيمثل الله بي ولو كنت نبيا ولعله يقوم مقاما لا تكرهه فقام سهيل حين جاءه وفاة النبي
عليه السلام بخطبة أبي بكر بمكة كأنه كان يسمعها فقال عمر أشهد أن محمدا
رسول الله يريد حيث قال عليه السلام لعله يقوم مقاما لا تكرهه مختصر وهو
مرسل ومن هذا الباب وسم إبل الصدقة فالمنقول فيه عن أبي حنيفة أيضا كراهته لان
فيه تعذيب الحيوان وهو سنة عند الشافعي عملا بحديث الصحيحين عن أنس بن
مالك قال غدوت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه فوافيته في يده
الميسم يسم إبل الصدقة انتهى
224

قوله وإشعار النبي عليه السلام لصيانة الهدي لان المشركين كانوا لا يمتنعون عن
تعرضه إلا به
الحديث التاسع قال عليه السلام لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت
الهدي ولجعلتها عمرة وتحللت منها قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أنس
قال خرجنا نصرخ الحج فلما قدمنا مكة أمرنا النبي عليه السلام أن نجعلها عمرة وقال
لو استقبلت من أمري ما استدبرت جعلتها عمرة ولكن سقت الهدي وقرنت بين
الحج والعمرة وفي لفظ لهما ولولا أن معي الهدي لأحللت وفي حديث جابر
الطويل حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت
لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة
225

فقام سراقة بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا أم للأبد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم
أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد
وأخرج البخاري ومسلم عن جابر قال أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدمنا
مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي
عليه السلام فما ندري أشئ بلغه من السماء أم من قبل الناس فقال أيها الناس أحلوا
فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم قال فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل
الحلال حتى إذا كان يوم التروية أهللنا بالحج انتهى
قوله روى عن عدة من التابعين إذا رجع إلى أهله بعد فراغه من العمرة ولم يكن
ساق الهدي يبطل تمتعه قلت رواه الطحاوي في كتاب أحكام القرآن عن سعيد بن
المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد والنخعي أن المتمتع إذا رجع إلى أهله بعد
العمرة بطل تمتعه وكذا ذكره الرازي في أحكامه
226

قوله روى عن العبادلة الثلاثة وعبد الله بن الزبير أشهر الحج شوال وذو
القعدة وعشر من ذي الحجة قلت العبادلة في اصطلاح أصحابنا ثلاثة عبد الله بن
مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وفي اصطلاح غيرهم
أربعة فأخرجوا بن مسعود وأدخلوا بن عمرو بن العاص وزادوا بن الزبير قاله
أحمد بن حنبل وغيره وغلطوا صاحب الصحاح إذ أدخل بن مسعود وأخرج ابن
227

العاص قال البيهقي لان بن مسعود تقدمت وفاته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى
علمهم ويلتحق بابن مسعود كل من سمى بعبد الله من الصحابة وهم نحو من مائتين
وعشرين رجلا قاله النووي وغيره
فحديث بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة البقرة عن
عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر في قوله تعالى الحج أشهر معلومات قال
شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ويوم النحر منها انتهى وقال حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وعلقه البخاري في صحيحه
فقال وقال بن عمر الحج شوال إلى آخره وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة
بسنده ومتنه
وحديث بن عباس أخرجه الدارقطني في سننه عن شريك عن أبي إسحاق عن
الضحاك عن بن عباس قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة
انتهى وعلقه البخاري أيضا فقال وعن بن عباس أشهر الحج التي ذكر الله
شوال وذو القعدة إلى آخره وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه
وحديث بن مسعود أخرجه الدارقطني أيضا عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي
الأحوص عن عبد الله بن مسعود نحوه ورواه بن أبي شيبة أيضا
وحديث بن الزبير أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن
عبد الله بن الزبير بنحوه قال الطبري إنما أراد من قال أشهر الحج شوال وذو
القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة إنما هي للحج وإن كان
عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى انتهى وقد روى هذا مرفوعا رواه الطبراني في
معجمه الأوسط حدثنا أحمد بن محمد بن أسيد الأصبهاني ثنا محمد بن بواب الهنائي
ثنا حصين بن المخارق ثنا يونس بن عبيد عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو
228

الحجة انتهى قال بن كثير في تفسيره بعد أن عزاه لابن مردويه في تفسيره
هذا حديث موضوع ولا يصح رفعه فان حصين بن المخارق اتهم بالوضع انتهى
الحديث العاشر حديث عائشة لما حاضت بسرف أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
لا تطوف بالبيت حتى تطهر قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج فلما كنا
بسرف حضت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال مالك أنفست قلت نعم
قال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي
بالبيت حتى تطهري انتهى وفي لفظ لمسلم حتى تغتسلي أخرجه البخاري في
الحيض وفي الضحايا وأخرجا أيضا عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بحج مفرد وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت عائشة حتى إذا
قدمنا طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه
هدي قال فقلنا حل ماذا قال الحل كله قال فواقعنا النساء وتطيبنا ولبسنا ثيابنا
ليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
عائشة وهي تبكي فقال لها ما شأنك قالت شأني أني حضت وقد حل الناس
ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن فقال إن هذا أمر كتبه
الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا
طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة ثم قال قد حللت من حجتك وعمرتك جميعا
قالت يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت قال
فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحصبة انتهى وفي
لفظ البخاري فيه قال فأمرها النبي عليه السلام أن تنسك المناسك كلها غير أن
لا تطوف ولا تصلي حتى تطهر وقال فيه أيضا فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام
الحج وقال أيضا ولم يكن مع أحد منهم هدي غير النبي عليه السلام وطلحة انتهى.
229

حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن خصيف عن عكرمة وعطاء
ومجاهد عن بن عباس أن النبي عليه السلام قال الحائض والنفساء إذا أتتا على الموقف
تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت انتهى زاد أبو داود
حتى تطهر قال الترمذي حديث غريب من هذا الوجه انتهى وخصيف بن
عبد الرحمن الحراني كنيته أبو عون ضعفه غير واحد
حديث آخر رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه قالا حدثنا
وكيع ثنا سفيان عن جابر عنا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت انتهى
الحديث الحادي عشر روى أنه عليه السلام رخص للنساء الحيض في ترك الطواف
الصدر قلت أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال أمر الناس أن
يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض انتهى وأخرج البخاري
في الحيض عن بن عباس قال رخص للحائض أن تنفر يعني بعد الإفاضة قال
وكان بن عمر يقول أولا إنها لا تنفر ثم رجع وقال تنفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رخص لهن انتهى وأخرج الترمذي والنسائي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن
230

عمر قال من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحيض ورخص لهن رسول
الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك
وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى
باب الجنايات
رضي الله تعالى عنها الحديث الأول قال عليه السلام الحناء طيب قلت أخرجه البيهقي
في كتاب المعرفة في الحج عن بن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الأشج عن خولة بنت
231

حكيم عن أمها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لام سلمة لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي
الحناء فإنه طيب انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف فإن بن لهيعة لا يحتج به
انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن بن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الأشج عن
232

خولة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي
233

الحناء فإنه طيب انتهى وعزاه السروجي في الغاية إلى النسائي ولفظه نهى
234

المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب انتهى
وأعاده المصنف في باب العدة بزيادة
الحديث الثاني حديث كعب بن عجرة قال المصنف وإن تطيب أو لبس أو حلق
من عذر فهو إن شاء ذبح شاة وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من
235

الطعام وإن شاء صام ثلاثة أيام لقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك وكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا قلت يشير إلى
حديث كعب بن عجرة أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به
وهو بالحديبية قبل أن يدخل مكة وهو محرم وهو يوقد تحت قدره والقمل يتهافت
على وجهه فقال أيؤذيك هوامك هذه قال نعم قال فأحلق رأسك وأطعم فرقا
بين ستة مساكين والفرق ثلاثة أصوع أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة انتهى
وفي لفظ لمسلم فقال له النبي عليه السلام أحلق ثم اذبح شاة نسكا أو صم ثلاثة
أيام أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين انتهى وفي لفظ له عن عمر أنه
سأل كعبا أي شئ افتدى حين حلق رأسه قال ذبح بقرة وفي لفظ فقال لي هل
عندك فرق تقسمه بين ستة مساكين والفرق ثلاثة آصع أو أنسك شاة أو صم ثلاثة
أيام فقلت يا رسول الله خر لي قال أطعم ستة مساكين وفي لفظ عن الحسن
أنه قال فكيف صنعت قال ذبحت شاة والله أعلم أخرجه البخاري ومسلم عن
عبد الله بن معقل قال حدثني كعب بن عجرة أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما
فقمل رأسه ولحيته فبلغ ذلك النبي عليه السلام فأرسل إليه فدعا الحلاق فحلق رأسه
ثم قال هل عندك نسك قال ما أقدر عليه فأمره أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة
مساكين لكل مسكين صاع فأنزل الله فيه خاصة فمن كان منكم مريضا أو به أذى
من رأسه ثم كانت للمسلمين عامة انتهى وفي لفظ لهما عن عبد الله بن معقل
قال قعدت إلى كعب بن عجرة وهو في المسجد فسألته عن هذه الآية ففدية من
صيام أو صدقة أو نسك فقال كعب في نزلت كان بي أذى من رأسي
فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى أن الجهد
بلغ منك ما أرى أتجد شاة فقلت لا فنزلت هذه الآية ففدية من صيام أو
صدقة أو نسك قال صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع لكل
مسكين قال فنزلت في خاصة وهي لكم عامة انتهى
236

فصل
الحديث الثالث روي أنه عليه السلام سئل عمن واقع امرأته وهما محرمان
بالحج قال يريقان دما ويمضيان في حجهما وعليهما الحج من قابل قلت رواه أبو
وداود في المراسيل حدثنا أبو توبة ثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير أنبأ يزيد بن
نعيم أو زيد بن نعيم شك أبو توبة أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان
فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقضيا نسككما واهديا هديا انتهى ورواه البيهقي
وقال إنه منقطع وهو يزيد بن نعيم بلا شك انتهى وقال بن القطان في كتابه
هذا حديث لا يصح فان زيد بن نعيم مجهول ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة وقد شك
أبو توبة ولا يعلم عمن هو منهما ولا عمن حدثهم به معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي
كثير فهو لا يصح قال بن القطان وروى بن وهب أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن
أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن بن المسيب أن رجلا من جذام جامع امرأته
وهما محرمان فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما أتما حجكما ثم ارجعا
237

وعليكما حجة أخرى فإذا كنتما بالمكان الذي أصب تما فيه ما أصبتما فأحرما وتفرقا
ولا يرى واحد منكما صاحبه ثم أتما نسككما وأهديا انتهى قال بن القطان وفي
هذا أنه أمرهما بالتفرق في العودة لا في الرجوع وحديث المراسيل على العكس منه
قال وهذا أيضا ضعيف بابن لهيعة انتهى كلامه وروى أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل
ثنا أيوب عن غيلان بن جرير أنه سمع عليا الأزدي قال سئل بن عمر عن رجل وامرأة
من عمان أقبلا حاجين فقضيا المناسك حتى لم يبق عليهما إلا الإفاضة وقع
عليها فسأل بن عمر فقال ليحجا عاما قابلا انتهى وروى أيضا عن عبد الرحمن
بن مهدي ثنا هشام عن قتادة قال سألت الحسن عن رجل غشي امرأته بعدما رمى
الجمرة وحلق فقرأ هذه الآية ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت
العتيق قال عليه الحج من قابل انتهى
قوله وهكذا روى عن جماعة من الصحابة يعني الحكم المذكور قبله فمن
جامع قبل الوقوف قلت روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي
بن أبي طالب وأبا هريرة رضي الله عنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم
بالحج فقالوا ينفذان توجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج من قابل والهدي
238

فقال علي بن أبي طالب فإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما
انتهى رواه البيهقي من طريق بن بكير عن مالك وهو بلاغ وأخرجه البيهقي عن
الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في محرم بحجة
أصاب امرأته وهو محرم يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا
أحرما ويتفرقان حتى يتما حجهما قال وهذا منقطع بين عطاء وعمر ورواه بن أبي
شيبة في مصنفه حدثنا بن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر قال سألت مجاهدا عن
المحرم يواقع امرأته فقال كان ذلك على عهد عمر بن الخطاب فقال يقضيان
حجهما ثم يرجعان حلالا فإذا كان من قابل حجا وأهديا وتفرقا من المكان الذي
أصابهما انتهى
أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب
عن أبيه قال أتى رجل عبد الله بن عمرو فسأله عن محرم وقع بامرأته فأشار إله إلى
عبد الله بن عمر فلم يعرفه الرجل قال فذهبت معه فسأله عن محرم وقع بامرأته
قال بطل حجه قال فيقعد قال لا بل يخرج مع الناس فيصنع ما يصنعون
فإذا أدركه قابل حج وأهدى فرجعا إلى عبد الله بن عمرو فأخبراه فأرسلنا إلى
بن عباس قال شعيب فذهبت معه إلى بن عباس فقال له مثل ما قالا انتهى وعن
الدارقطني رواه الحاكم وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة وقال إسناده صحيح
وفيه دلالة على صحة سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو من بن عباس انتهى
وقال الشيخ في الامام رجاله كلهم ثقات مشهورون انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم عن
علي قال على كل واحد منهما بدنة فإذا حجا من قبل تفرقا من المكان الذي
أصابهما انتهى حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن عبد الله بن وهبان
عن بن عباس قال جاء رجل إلى بن عباس فقال إني وقعت على امرأتي وأنا محرم
239

فقال الله أعلم بحجكما امضيا لوجهكما وعليكما الحج من قابل فإذا انتهيت إلى
المكان الذي واقعت فيه فتفرقا ثم لا تجتمعا حتى تقضيا حجكما انتهى حدثنا يحيى بن
سعيد عن بن جريج حدثني سعيد بن خرشيد أن رجلا استفتى جابر بن زيد والحسن بن
محمد عن رجل وامرأته أهلا بالحج ثم وقع عليها فقالا يتمان حجهما وعليهما الحج
من قابل وإن كان ذا ميسرة أهدى جزورا انتهى
رضي الله تعالى عنها الحديث الرابع قال عليه السلام من وقف بعرفة قفد تم حجه تقدم غير
مرة
قوله وإنما تجب البدنة لقول بن عباس قلت يشير إلى حديث رواه مالك في
240

الموطأ مالك عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه
سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة انتهى
والمصنف قد أشار إليه في مسألة من طاف طواف الزيادة جنبا وروى بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء قال سئل بن عباس
عن رجل قضى المناسك كلها غير أنه لم يزر البيت حتى وقع على امرأته قال عليه
بدنة انتهى وروى أيضا حدثنا بن الفضيل وسلام عن ليث عن حميد قال جاء
رجل إلى بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن رجل جاهل بالسنة بعيد الشقة قليل
ذات اليد قضيت المناسك كلها غير أني لم أزر البيت حتى وقعت على امرأتي فقال
بدنة وحج من قابل انتهى
فصل
الحديث الخامس قال عليه السلام الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى
241

أباح فيه المنطق قلت تقدم في باب الاحرام والمصنف استدل به هنا للشافعي
على أن الطهارة شرط في صحة الطواف وأحمد مع الشافعي في هذه المسألة واستدل
لهما بن الجوزي في التحقيق بحديثين في الصحيحين كلاهما عن عائشة أحدهما
242

أنها حاضت فقال لها النبي عليه السلام اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي
بالبيت حتى تطهري الثاني أن صفية حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكنت
243

أفضت يوم النحر يعني الطواف قالت نعم قال فانفري إذا قال فمنع من
الطواف لعدم الطهارة قال فان قال الخصم إنما منع لأجل دخول المسجد قلنا
المنقول حكم وسبب وظاهر الامر يتعلق الحكم بالسبب فلما تعرض للطواف
لا للمسجد دل على أنه المقصود بالحكم انتهى كلامه قال الشيخ في الامام روى
أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة قال سألت حمادا أو منصورا عن
الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة فلم يريا به بأسا قال وروى سعيد بن منصور ثنا
أبو عوانة عن بن بشر عن عطاء قال حاضت امرأة وهي تطوف مع عائشة أم
المؤمنين فأتمت بها عائشة سنة طوافها
قوله عن بن عباس فيمن طاف طواف الزيارة جنبا أن عليه بدنة قلت غريب
الحديث السادس قال عليه السلام فادفعوا بعد غروب الشمس يعني في
الإفاضة من عرفات قلت حديث غريب وتقدم في حديث جابر الطويل فلم
يزل عليه السلام واقفا حتى غربت الشمس وتقدم أيضا من حديث علي بن أبي طالب
أنه عليه السلام أفاض منها حين غربت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال
الترمذي حديث حسن صحيح وتقدم أيضا عند أبي داود من حديث أسامة
244

قال كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال في
التنقيح إسناده حسن وتقدم أيضا عند الحاكم عن المسور بن مخرمة قال خطبنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما بعد فان أهل الشرك كانوا يدفعون من هذا الموضع إذا كانت
الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال وإنا ندفع بعد أن تغيب وقال صحيح
على شرط الشيخين وتقدم عند الطبراني من حديث بن عمر قال كان المشركون
لا يفيضون من عرفات حتى تعمم الشمس في رؤوس الجبال وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
لا يفيض حتى تغيب مختصر وروى بن أبي شيبة في مصنفه ثنا جرير عن الركين
قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما يقول لابن الزبير إذا سقطت الشمس فأفض
انتهى
قوله عن بن مسعود قال من قدم نسكا على نسك فعليه دم قلت هكذا هو
في غالب النسخ ويوجد في بعضها بن عباس وهو أصح رواه بن أبي شيبة في
245

مصنفه حدثنا سلام بن مطيع أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن
عباس قال من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دما انتهى قال الشيخ
في الامام وإبراهيم بن مهاجر ضعيف انتهى وأخرج عن سعيد بن جبير وإبراهيم
النخعي وجابر بن زيد أبي الشعثاء نحو ذلك وأخرج الطحاوي في شرح الآثار
حديث بن عباس عن إبراهيم بن مهاجر به وأخرجه أيضا ثنا بن مرزوق ثنا الخصيب
ثنا وهيب عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عباس مثله قال الطحاوي فهذا بن
عباس أحد من روى عن النبي عليه السلام أنه ما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر من
أمر الحج إلا قال لا حرج فلم يكن معنى ذلك عنده على الإباحة في تقديم ما قدموا
ولا تأخير ما أخروا مما ذكرنا أن فيه الدم ولكن معنى ذلك عنده على أن الذي فعلوه في
حجة النبي عليه السلام كان على الجهل بالحكم فيه كيف هو فعذرهم لجهلهم
وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم والله أعلم انتهى كلامه
أحاديث الخصوم واستدل من أجاز تقديم الحلق على الذبح والرمي وغير ذلك بما
أخرجاه في الصحيحين عن بن عباس أن النبي عليه السلام سئل عن الذبح والرمي
والحلق والتقديم والتأخير فقال لا حرج انتهى
حديث آخر أخرجاه في الصحيحين أيضا عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن
عبد الله بن عمرو بن العاص قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته بمنى فأتاه
رجل فقال يا رسول الله إني كنت أرى أن الذبح قبل الرمي فذبحت قبل أن أرمي
246

قال ارم ولا حرج قال فما سئل عن شئ قدمه رجل قبل شئ إلا قال افعل
ولا حرج انتهى
الحديث السابع روى أن النبي عليه السلام وأصحابه أحصروا بالحديبية وحلقوا
في غير الحرم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة ومروان بن
الحكم قال خرج النبي عليه السلام زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من الصحابة
حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة قال وسار النبي عليه
السلام حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته إلى أن قال فقال
247

النبي عليه السلام أكتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله وقص الخبر فقال
سهيل وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا فلما فرغ
من قضية الكتاب قال النبي عليه السلام لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا الحديث
بطوله قال البخاري في الحج والحديبية خارج الحرم انتهى وأخرج
البخاري في الشهادات عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار
قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام
القابل وسيأتي في باب الاحصار
فصل
الحديث الثامن واستثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس الفواسق وهي الكلب العقور
248

والذئب والغراب والحدأة والحية والعقرب قلت اعلم أن ههنا حديثين حديثا
في جواز قتل هذه الأشياء للمحرم وحديثا في جواز قتلها في الحرم فهما حديثان
متغايران لا يقوم أحدهما مقام الآخر إذ لا يلزم من جواز قتلها للمحرم جواز قتل
الحلال لها في الحرم ولا من جواز قتل الحلال لها خارج الحرم جواز قتل المحرم لها
فثبت أنهما حكمان ويدل على ذلك أنه جمع بينهما في بعض الأحاديث وسيأتي
الحكم الآخر في الحديث الحادي عشر أخرجه مسلم عن بن عمر مرفوعا خمس
لا جناح على من قتلهن في الحرم والاحرام فذكرهما فدل على تغايرهما وإنما
ذكرت ذلك لان بعض الفقهاء وهم في ذلك واستدل بأحد الحديثين على الحكم
الآخر بل في أصحاب الحديث من بوب على أحد الحكمين فساق أحاديث الحكم
الآخر ومنهم من ساق أحاديث الحكمين والباب على حكم واحد وكل ذلك غير
مرضي لما بيناه والله أعلم والحديث أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن نافع عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن
جناح العقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدأة انتهى ذكره
البخاري في بدء الخلق وفي الحج ومسلم في الحج وأخرجاه أيضا عن زيد بن
جبير قال سمعت بن عمر يقول حدثتني إحدى نسوة النبي عليه السلام عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدبا والغراب زاد
فيه مسلم والحية وزاد فيه قال وفي الصلاة أيضا انتهى وأخرج أبو داود
والترمذي وابن ماجة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد
الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم قال يقتل المحرم الحية والعقرب
والفويسقة والكلب العقور والحدأة والسبع العادي ويرمى الغراب ولا يقتله
انتهى ولم يذكر منه الترمذي غير السبع العادي وقال فيه حسن وقال الشيخ في
249

الامام وإنما لم يصححه من أجل يزيد بن أبي زياد انتهى والغراب المنهي عن قتله
في هذا الحديث يحمل على الذي لا يأكل الجيف ويحمل المأمور بقتله على الأبقع الذي
يأكل الجيف كما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله والمراد به الغراب الذي يأكل
الجيف وأخرج النسائي وابن ماجة عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يقتلهن المحرم الحية والفأرة والحدأة والغراب
الأبقع والكلب العقور انتهى وورد الحديث غير مقيد بالحرم والاحرام أخرجه
البخاري ومسلم عن بن عمر عن حفصة مرفوعا خمس من الدواب كلها فاسق
لا جناح على من قتلهن العقرب والغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور
انتهى لم يقل البخاري كلها فاسق وأخرجه مسلم عن بن جريج عن نافع عن ابن
عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خمس من الدواب لا جناح على من قتلها
فذكرهن قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين زاد جماعة عن نافع ليس في
حديث أحد منهم سمعت النبي عليه السلام وأما رواية الذئب فأخرجه الدارقطني في
سننه عن الحجاج بن أرطاة عن وبرة بن عبد الرحمن قال سمعت بن عمر يقول
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم بقتل الذئاب والفأرة والحدأة والغراب انتهى ورواه
إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد فيه قيل له فالحية والغراب فقال كان يقال
ذلك انتهى والحجاج لا يحتج به
حديث آخر مرسل رواه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يقتلهن المحرم الحية والعقرب والغراب والكلب
والذئب انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا محمد بن أبي يحيى عن أبي
حرملة أنه سمع بن المسيب فذكره وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي
داود ولم يعله بشئ ورواه بن أبي شيبة في مصنفه مقتصرا فيه على الذئب
وأخرج نحوه عن عمرو بن عمر وأخرج عن عطاء قال يقتل المحرم الذئب وكل
250

عدو لم يذكر في الكتاب انتهى قال السرقسطي في غريبه الكلب العقور اسم
لكل عاقر حتى اللص المقاتل وعلى هذا فيستقيم قياس الشافعية على الخمسة ما كان
في معناها ولكن يعكر على هذا عدم إفراده بالذكر فإن قالوا إنه من باب الخاص على
العام تأكيدا للخاص كقوله تعالى فيها فاكهة ونخل ورمان قلنا قد جاء في
بعض الروايات مؤخر الذكر متوسطا هكذا في الصحيح وغيره وأيضا ففي مراسيل
أبي داود ذكر الكلب من غير وصفه بالعقور فعلم أن المراد به الحيوان الخاص لا كل
عاقر والله أعلم ثم استدل السرقسطي عن أبي هريرة أنه قال الكلب العقور الأسد
وسنده أخبرنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن سيلان
عن أبي هريرة فذكره
رضي الله تعالى عنه الحديث التاسع حديث أبي قتادة هل أشرتم هل دللتم تقدم في الاحرام
قوله وقال عطاء أجمع الناس على أن على الدال الجزاء قلت غريب وعطاء
هذا كان بن أبي رباح صرح به في المبسوط وغيره وذكره بن قدامة في المغنى
251

عن علي وابن عباس وقال الطحاوي هو مروى عن عدة من الصحابة رضي الله
عنهم ولم يرو عنهم خلافه فكان إجماعا انتهى
قوله والصحابة أوجبوا النظير من حيث الخلقة قلت روى مالك في الموطأ
أخبرنا أبو الزبير عن جابر أن عمر قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي
الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده
وعبد الرزاق في مصنفه
أثر آخر رواه الشافعي ومن جهته البيهقي في سننه عن سعد بن سالم عن ابن
جريج عن عطاء الخراساني أن عمر وعثمان وعليا وزيد بن ثابت وابن عباس
ومعاوية رضي الله عنهم قالوا في النعامة يقتلها المحرم بدنة من الإبل انتهى قال
الشافعي وإنما نقول إن في النعامة بدنة بالقياس لا بهذا الأثر فإن هذا الأثر غير ثابت
عند أهل العلم بالحديث قال البيهقي وسبب عدم ثبوته أن فيه ضعفا وانقطاعا
وذلك لان عطاء الخراساني ولد سنة خمسين قاله بن معين وغيره فلم يدرك عمر
ولا عثمان ولا عليا ولا زيدا وكان في زمن معاوية صبيا ولم يثبت له سماع من ابن
عباس مع احتماله فإن بن عباس توفي في سنة ثمان وستين وعطاء الخراساني مع انقطاع
حديثه هذا متكلم فيه انتهى ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما
أخبرنا بن جريج به
أثر آخر رواه الشافعي في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه قالا أخبرنا
بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود أنه قضى في
اليربوع بجفرة انتهى
252

أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إسرائيل أو غيره عن أبي إسحاق
عن الضحاك بن مزاحم عن بن مسعود قال في بقرة الوحش بقرة انتهى
أثر آخر روى عبد الرزاق ثنا هشيم عن منصور عن بن سيرين أن عمر أمر محرما
أصاب ظبيا بذبح شاة عفراء انتهى
أثر آخر روى إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث حدثنا عبد الله بن صالح
ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال في اليربوع
حمل انتهى ثم نقل عن الأصمعي أن الحمل ولد الضأن الذكر انتهى
أثر آخر روى بن سعد في الطبقات أخبرنا عبيد الله بن موسى ثنا إسرائيل عن
منصور عن أبي وائل عن جرير البجلي قال خرجنا مهلين فوجدنا أعرابيا معه ظبي
فابتعته منه فذبحته وأنا ناس لاهلالي فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته فقال إئت
بعض إخوانك فليحكموا عليك فأتيت عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن مالك
فحكما على تيسا أعفر انتهى
أثر آخر رواه مالك في الموطأ أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير البصري عن
محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال له إني أصبت ظبيا وأنا
محرم فما ترى في ذلك فقال عمر لرجل إلى جنبه تعالى حتى أحكم أنا وأنت قال
فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في
ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه فلما سمعه عمر دعاه فقال له هل تقرأ سورة
المائدة قال لا قال لو أخبرتني أنك تقرأها لأوجعتك ضربا إن الله يقول في
كتابه يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة فأنا عمر وهذا عبد الرحمن بن
عوف انتهى
أثر آخر أخرجه البيهقي عن بن عباس قال في حمامة الحرم شاة وفي بيضتين
253

درهم وفي النعامة جزور وفي البقرة بقرة وفي الحمار بقرة
أثر آخر مرفوع أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن فضيل وسعيد بن
عثمان عن الأجلح عن أبي الزبير عن جابر عن النبي عليه السلام قال في الضبع إذا أصابه
المحرم كبش وفي الظبي شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة انتهى
الحديث العاشر قال النبي عليه السلام الضبع صيد وفيه شاة قلت أخرجه
254

أصحاب السنن الأربعة عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن
255

جابر بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع أصيد هي قال نعم ويجعل
فيه كبش إذا صاده المحرم انتهى بلفظ أبي داود وليس عند الباقين ويجعل فيه
كبش قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال في علله الكبرى قال البخاري
حديث صحيح انتهى أخرجه أبو داود في الأطعمة والباقون في الحج ورواه
أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الخامس والستين من القسم
الثالث والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه
الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما وأخرجه الدارقطني أيضا عن عطاء عن جابر
فذكره وزاد فيه كبش مسن وضعف عبد الحق هذه الزيادة قال بن القطان وإنما
ضعفها لان في السند إسحاق بن إسرائيل شيخ شيخ الدارقطني وقد ترك حديثه جماعة
ورفضوه برأي كان فيه انتهى رواه الحاكم في المستدرك بهذه الزيادة وليس فيه
إسحاق بن إسرائيل أخرجه عن محمد بن أبي يعقو ب ثنا حسان بن إبراهيم ثنا إبراهيم
الصائغ عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضبع صيد فإذا
أصابه المحرم ففيه كبش مسن ويؤكل انتهى وقال حديث صحيح ولم يخرجاه
وينبغي أن لا يعزى هذا الحديث هنا إلا لأبي داود فقط ويعزى للباقين في كتاب
الذبائح فإن في ألفاظهم قلت آكلها قال نعم وليس هذا عند أبي داود وتفرد
256

أبو داود بذكر الكبش هذا تحريره وينبغي أن يراجع بن حبان والحاكم
قوله وهذا مروي عن علي وابن عباس يعني أن في بيض النعام قيمته قلت
أما حديث علي فغريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة عن بن أبي عروبة
عن مطر الوراق عن معاوية بن قرة أن رجلا أوطأ بعيره بيض النعام فسأل عليا فقال
عليك لكل بيضة ضراب ناقة أو جنين ناقة فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال
فقال قد قال ما سمعت وعليك في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن
عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه
انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن عطاء عن بن
عباس قال في كل بيضتين درهم وفي كل بيضة نصف درهم انتهى ورواه
البيهقي وقال وهذا يرجع إلى القيمة انتهى
حديث آخر عن بن مسعود رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيها
قال الأول حدثنا بن فضيل عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال في بيض
النعام قيمته انتهى وقال الثاني حدثنا أبو خيثمة عن خصيف به
حديث آخر عن عمر روياه أيضا فقال بن أبي شيبة ثنا وكيع وابن نمير عن
الأعمش عن إبراهيم عن عمر قال قال في بيض النعام قيمته انتهى وقال
عبد الرزاق حدثنا إسماعيل بن عبد الله عن الأعمش به قال الشيخ في الامام
257

وإبراهيم النخعي عن عمر منقطع وكذلك أبو عبيدة عن أبيه انتهى وأخرج بن أبي
شيبة نحوه عن مجاهد والشعبي والنخعي وطاوس
أحاديث في الباب مرفوعة روى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا إبراهيم بن أبي
يحيى الأسلمي عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس عن كعب بن عجرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه انتهى وكذلك أخرجه الدارقطني
في سننه عن إبراهيم بن أبي يحيى به وضعفه بن القطان في كتابه فقال فيه
حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس وهو ضعيف قال والراوي عنه إبراهيم بن
أبي يحيى الأسلمي وهو كذاب بل قيل فيه ما هو شر من الكذب انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن أبي
المهزم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه انتهى
أخرجه الدارقطني من رواية علي بن غراب عن المهزم والطبراني عن حسين المعلم
عنه وذكره بن القطان في كتابه من جهة الدارقطني وقال أبو المهزم ضعيف
والراوي عنه علي بن غراب وقد عنعن وهو كثير التدليس انتهى وفي التنقيح
وأبو المهزم اسمه يزيد بن أبي سفيان قال النسائي متروك الحديث وقال الدارقطني
ضعيف وقال بن حبان في كتاب الضعفاء كان يخطئ كثيرا واتهم فلما كثر
في روايته مخالفة الاثبات ترك انتهى
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام خمس من الفواسق يقتلن في الحل
والحرم قلت لم يذكره شيخنا علاء الدين وأحال على الحديث المتقدم قريبا أعني
حديث جواز قتلها للمحرم وهذا خطأ كما بيناه بل هذا حديث آخر وهو جواز
قتلها في الحرم أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأ والعقرب والفأرة والكلب
العقور وفي لفظ لمسلم الحية عوض العقرب وفي لفظ لهما خمس من الدواب
كلهن فواسق وفي لفظ لمسلم أربع كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الحدأة
والغراب والفأرة والكلب العقور انتهى وفي لفظ لمسلم خمس فواسق يقتلن في
258

الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدبا انتهى
قوله وذكر الذئب في بعض الروايات قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار
حدثنا علي بن عبد الرحمن ثنا بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان عن
القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام بنحو حديث
مالك والليث يعني أن النبي عليه السلام قال خمس من الدواب يقتلن في الحرم
العقرب والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور إلا أنه قال في حديثه
والحية والذئب والكلب العقور انتهى
259

قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال تمرة خير من جرادة قلت رواه مالك
في الموطأ أنبأ يحيى بن سعيد أن رجلا سأل عمر عن جرادة قتلها وهو محرم فقال
عمر لكعب تعال حتى نحكم فقال كعب درهم فقال عمر لكعب إنك لتجد
الدراهم لتمرة خير من جرادة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن
فضيل عن يزيد عن إبراهيم عن كعب أنه مرت به جرادة فضربها بسوطه ثم أخذها
فشواها فقال له في ذلك فقال هذا خطأ وأنا أحكم على نفسي في هذا درهما
فأتى عمر فقال له عمر إنكم يا أهل حمص أكثر شئ دراهم تمرة خير من جرادة
انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر والثوري عن منصور عن إبراهيم
عن الأسود أن كعبا سأل عمر فذكره بنحوه حدثنا محمد بن راشد عن مكحول أن
عمر بن الخطاب سئل عن الجراد يقتله المحرم فقال تمرة خير من جرادة
260

الحديث الثاني عشر قال عليه السلام الضبع صيد وفيه الشاة قلت
غريب جدا
قوله روى عن عمر أنه قتل سبعا وأهدى كبشا وقال إنا ابتدأناه قلت غريب
جدا
261

الحديث الثالث عشر قال عليه السلام لا بأس أن يأكل المحرم لحم صيد ما لم
يصده أو يصاد له قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن يعقوب بن
عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن
عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم
تصيدوه أو يصاد لكم انتهى قال الترمذي والمطلب بن حنطب لا نعرف له
سماعا من جابر ثم قال قال الشافعي هذا أحسن حديث روي في هذا الباب
انتهى وقال في كتاب الأضحية والمطلب بن عبد الله بن حنطب يقال إنه لم يسمع
من جابر انتهى وقال النسائي عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن
262

كان قد روى عنه مالك انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الأربعين من
القسم الثالث والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه
قال وهكذا رواه مالك بن أنس وسليمان بن بلال ويحيى بن عبد الله بن سالم عن
عمرو بن أبي عمرو متصلا مسندا ثم أخرج أحاديثهم ثم أخرجه من طريق
الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من
بني سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاكم وهذا لا يعلل حديث مالك وسليمان
بن بلال ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني فإنهم وصلوه وهم ثقات انتهى
كلامه وهذا الذي أخرجه من جهة الشافعي رواه الحاكم في مسنده بالاسناد
المذكور بعد أن رواه متصلا عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن عمرو بن أبي عمرو
عن المطلب بن حنطب عن جابر مرفوعا قال الشافعي وابن يحيى أحفظ من
الدراوردي انتهى قال صاحب التنقيح عمرو بن أبي عمرو تكلم فيه بعض الأئمة
ولكن روى عنه مالك وأخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما والمطلب بن
عبد الله بن حنطب ثقة إلا أنه لم يسمع من جابر فيما قيل قال بن أبي حاتم في
المراسيل سمعت أبي يقول المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة أحاديثه مراسيل
لم يدرك من الصحابة إلا سهل بن سعد وأنسا وسلمة بن الأكوع أو من كان قربا
منهم لم يسمع من جابر وقال في كتاب الجرح والتعديل قال أبي وجابر يشبه أن
يكون أدركه انتهى كلامه وأجاب صاحب الكتاب عن هذا الحديث بأن معناه أو
يصاد لكم بأمركم وكذلك قاله الطحاوي قال قوله في حديث أبي قتادة هل أشرتم
أو أعنتم قالوا لا قال فكلوا دليل على أنه إنما يحرم بذلك فقط ولم يقل هل
صيد لأجلكم
وأما حديث أبي موسى فأخرجه الطبراني في معجمه عن يوسف بن خالد
263

السمتي ثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي موسى
الأشعري عن النبي عليه السلام نحوه سواء ورواه بن عدي في الكامل وأعله
بيوسف بن خالد هذا وضعفه عن البخاري والنسائي والشافعي وابن معين
وأغلظ فيه القول انتهى قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار من حديث إبراهيم
بن سويد حدثني عمرو بن أبي عمرو به سواء
وأما حديث بن عمر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عثمان بن خالد
العثماني عن مالك عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيد يأكله
المحرم ما لم يصده أو يصد له انتهى وضعف عثمان هذا عن البخاري وقال ابن
عدي هذا عن مالك غير محفوظ وكل أحاديث عثمان هذا غير محفوظة انتهى
أحاديث الخصوم منها حديث الصعب بن جثامة أخرجه الجماعة إلا أبا داود
عن بن عباس عنه أنه أهدى للنبي عليه السلام حمارا وحشيا وهو بالأبواء بودان
فرده عليه السلام قال فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهه قال إنا لم نرده عليك
إلا أنا حرم انتهى قال الترمذي قال الشافعي وجه هذا الحديث عندنا أنه إنما رده
عليه لما ظن أنه صيد من أجله أو تركه على التنزه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس أنه
قال لزيد بن أرقم يا زيد هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه عضو صيد فلم
يقبله وقال إنا حرم قال نعم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله
بن الحارث بن نوفل أن الحارث بن نوفل كان خليفة عثمان على الطائف صنع
264

لعثمان طعاما فيه من الحجل واليعاقيب ولحم الوحش فبعث إلى علي فجاءه
الرسول وهو يخبط لا باعر له فجاء وهو ينفض الخبط عن يديه فقالوا له كل
فقال أطعموه قوما حلال فإنا حرم فقال علي أنشد من كان ههنا من أشجع
أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله
قالوا نعم انتهى ورواه الطحاوي في شرح الآثار لم يقل أنشد من كان
ههنا إلى آخره وإنما قال فقال علي أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم
وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما قال الطحاوي وقد خالف عليا
في ذلك عمر وأبو هريرة وعائشة وطلحة بن عبيد الله ثم أخرج عن بن المبارك
ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رجلا من أهل الشام استفتاه في لحم الصيد وهو
محرم فأمره بأكله قال فلقيت عمر فأخبرته بمسألة الرجل فقال بما أفتيته قلت
بأكله فقال والذي نفسي بيده لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدرة إنما نهيت أن
تصطاده انتهى ثم أخرج عن عبد الله بن شماس عن عائشة قالت في لحم الصيد يصيده الحلال ثم يهديه للمحرم ما أرى به بأسا قال وأما معنى الآية فمعناه وحرم
عليكم قتل صيد البر بدليل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم
الآية ولم يقل لا تأكلوا قال ومن جهة النظر أيضا أنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه
الاحرام على المحرم ويحرمه الحرم على الحلال وكان من صاد صيدا في الحل فذبحه
في الحل ثم أدخله في الحرم لا شئ عليه في أكله فلما كان الحرم لا يمنع من لحم
الصيد الذي صيد في الحل كما يمنعه من الصيد الحي كان الناظر على ذلك أن يكون كذلك
الاحرام أيضا يحرم على المحرم الصيد الحي ولا يحرم عليه لحمه إذا تولي
الحلال ذبحه والله أعلم والشافعي مع أبي حنيفة في إباحة أكل المحرم ما صيد لأجله
وأحمد مع مالك في تحريمه واحتج الشيخ بن الجوزي في التحقيق لأحمد بحديث
الصعب بن جثامة وبحديث جابر وبحديث أبي قتادة ومن جهة عبد الرزاق
265

الحديث الرابع عشر روى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا تذاكروا لحم الصيد
في حق المحرم فقال عليه السلام لا بأس به انتهى قلت رواه محمد بن الحسن
الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن محمد بن المنكدر عن عثمان بن
محمد عن طلحة بن عبيد الله قال تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم والنبي عليه السلام
نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ النبي عليه السلام فقال فيم تتنازعون فقلنا في لحم
الصيد يأكله المحرم فأمرنا بأكله انتهى
ومن أحاديث الأصحاب قال الشيخ في الامام روى الحافظ أبو عبد الله
الحسين بن محمد بن خسرو البلخي في مسند الامام أبي حنيفة عن
أبي حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير بن العوام قال كنا نحمل الصيد صفيفا وكنا
نتزوده ونأكله ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال وكذلك رواه ابن
أبي العوام في كتاب فضائل أبي حنيفة واختصره مالك في الموطأ فقال مالك
عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء في الاحرام
انتهى قال في الصحاح الصفيف ما يصف من اللحم على اللحم ليستوي
حديث اخر أخرجه المسلم في صحيحه عن بن جريح عن محمد بن المنكدر
عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه قال كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن
حرم فأهدى إليه طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما أنتبه أخبر
فوافق من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع الأربعين من القسم الثالث وأخرجه أيضا عن بن أبي شيبه وقال
فيه عن بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن عن أبيه فذكره ثم قال ولست أنكر
سماع بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان فمره رواه عنه ومره رواه عن معاذ عنه
266

انتهى كلامه ورواه البزاز في مسنده بالسند الأول وقال لا نعلم أحدا جود إسناده
ووصله إلا بن جريج ولا نعلمه عن النبي عليه السلام إلا من هذا الوجه انتهى
ومن أحاديث الأصحاب أيضا حديث أبي قتادة أخرجه البخاري ومسلم في
صحيحيهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا وخرجنا معه قال فانصرف من
أصحابه جماعه فيهم أبو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى تلقوني قال
تأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرموا كلهم إلا أبو قتادة فإنه
لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها
أتانا فنزلنا فأكلنا من لحمها فقلنا نأكل من لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي
من لحمها فقال هل معكم أحد أمره أو أشار إليه بشئ قالوا لا قال فكلوا ما
بقي من لحمها وفى لفظ لهما عن أبي قتادة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة
الحديبية قال فأهلوا بعمرة غيري قال فاصطدت حمار وحش فأطعمت أصحابي
وهم محرمون ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته أن عندنا من لحمه فقال كلوه وهم
محرومون انتهى وفى بعض طرق البخاري قال معكم منه شئ فقلت
نعم فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها وهو محرم ذكره في الأطعمة في
الهبة قاله عبد الحق وفى لفظ لمسلم فقال هل معكم من لحمه شئ قالوا معنا
رجله قالوا فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلها وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال خرجت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم أنا فرأيت حمار وحش فحملت
عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له أني لم أكن أحرمت
وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي عليه السلام أصحابه فأكلوا ولم يأكل حين أخبرته
أني اصطدته له انتهى ومن طريق عبد الرزاق أخرجه بن ماجة في سننه
267

وأحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما والدارقطني في سننه قال
الدارقطني قال أبو بكر النيسابوري قوله اصطدته لك وقوله لم يأكل منه لا أعلم
أحدا ذكره في هذا الحديث غير معمر انتهى وقال صاحب التنقيح والظاهر أن
هذا اللفظ الذي تفرد به معمر غلط فإن في الصحيحين أن النبي عليه السلام أكل
منه وفى لفظ لأحمد قلت هذه العضد قد شويتها وأنضجتها فأخذها فنهشها عليه
السلام وهو حرام حتى فرغ منها انتهى
حديث اخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن محمد بن إبراهيم التيمي
عن عيسى بن طلحة بن عمير بن سلمه الضمري قال بينما نحن نسير مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ببعض أفناء الروحاء وهو محرم إذا حمار معقور فيه سهم قد مات فقال عليه
السلام دعوه فيوشك صاحبه أن يأتيه فجاء رجل من بهز هو الذي عقر الحمار
فقال يا رسول الله هي رميتي فشأنكم به فأمر عليه السلام أبا بكر أن يقسمه بين
الرفاق وهم محرمون انتهى
الحديث الخامس عشر قال عليه السلام ولا ينفر صيدها قلت أخرجه
الأئمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة قال لما فتح الله على رسوله مكة قام النبي
268

عليه السلام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط
عليها رسوله والمؤمنين وأنها أحلت لي ساعة من نهار ثم بقيت حراما إلى يوم القيامة لا
يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يختلي خلاها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد فقال
العباس إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام إلا الإذخر انتهى
وأخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة
إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وأنه لم
يحل القتال فيه لاحد قبلي ولم يحل لي ساعة إلا ساعة من نهار لا يعضد شوكه ولا ينفر
صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلي خلاها فقال العباس يا رسول الله
إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الإذخر انتهى
269

قوله روى الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرمون وفي بيوتهم صيود ودواجن
ولم ينقل عنهم إرسالها قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش
عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث هو قال كنا نحج ونترك عند أهلنا أشياء
من الصيد ما نرسلها انتهى حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد أن عليا
رأى مع أصحابه داجنا من الصيد وهم محرمون فلم يأمرهم بإرساله انتهى
270

الحديث السادس عشر حديث لا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها
الحديث السابع عشر استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذخر تقدم قريبا وذكر المصنف
بعد هذا الباب بابين ليس فيهما شئ باب مجاوزة الوقت بغير إحرام وباب
إضافة الاحرام إلى الاحرام وبعدهما باب الاحصار يذكره
271

باب الاحصار
الحديث الأول روى أنه عليه السلام حلق عام الحديبية وكان محصرا بها وأمر
أصحابه بذلك قلت تقدم وروى البخاري في الشهادات عن بن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه
277

بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام القابل ولا يحمل سلاحا ولا يقيم فيها إلا ما
أحبوا فاعتمر من العام القابل فدخلها كما كان صالحهم فلما أقام بها ثلاثا أمروه أن
يخرج فخرج انتهى وأخرج البخاري ومسلم أيضا عنه قال خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البين فنحر النبي عليه السلام هديه وحلق
رأسه انتهى وأخرج البخاري عن بن عباس قال أحصر النبي عليه السلام
278

فحلق وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاما قابلا وحلق أصحابه تقدم في
حديث المسور ومروان أنه عليه السلام قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا إلى
أن قال فخرج حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا
فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا الحديث وروى
الطحاوي في شرح الآثار حدثنا محمد بن عمرو بن تمام حدثني يحيى بن عبد الله بن
بكير حدثني ميمون بن يحيى عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت نافعا مولى بن
عمر يقول قال بن عمر لما حبس كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة عن البيت
نحر هديه وحلق هو وأصحابه ثم رجعوا حتى اعتمروا العام القابل انتهى
قوله روى عن بن عمر وابن عباس أن المحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة
وعمرة قلت ذكره أبو بكر الرازي عن بن عباس وابن مسعود لا غير
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام وأصحابه أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا
قلت تقدم أول الباب واحتج الشيخ في الامام أيضا على مالك بما أخرجه البخاري
279

في صحيحه عن مالك عن نافع عن بن عمر أنه خرج إلى مكة في الفتنة معتمرا
فقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بعمرة من أجل أن
النبي عليه السلام كان أهل بعمرة عام الحديبية انتهى وروى الطحاوي في شرح
الآثار حدثنا فهد ثنا علي بن معبد بن شداد العبدي صاحب محمد بن الحسن ثنا جرير بن
عبد الحميد عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال لدغ صاحب لنا وهو محرم
بعمرة فذكرناه لابن مسعود فقال يبعث بهدي ويواعد أصحابه موعدا فإذا نحر
عنه حل انتهى وبه إلى جرير عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن
بن يزيد قال قال عبد الله ثم عليه عمرة بعد ذلك انتهى.
280

باب الفوات
الحديث الأول قال عليه السلام من فاته عرفة بليل فقد فاته الحج فليحل
بعمرة وعليه الحج من قابل قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عمر وابن
281

عباس
رضي الله تعالى عنها فحديث بن عمر أخرجه عن رحمة بن مصعب عن بن أبي ليلى عن عطاء
ونافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقف بعرفة بليل فقد أدرك الحج
ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل انتهى
ورحمة بن مصعب قال الدارقطني ضعيف وقد تفرد به انتهى ورواه بن عدي في
الكامل وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وضعفه عن جماعة
وحديث بن عباس أخرجه عن يحيى بن عيسى التميمي النهشلي عن محمد بن
أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك عرفات فوقف
بها والمزدلفة فقد تم حجه ومن فاته عرفات فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج
من قابل انتهى ويحيى بن عيسى النهشلي قال النسائي فيه ليس بالقوي وقال ابن
حبان في كتاب الضعفاء كان ممن ساء حفظه وكثر وهمه حتى خالف الاثبات
فبطل الاحتجاج به ثم أسند عن بن معين أنه قال كان ضعيفا ليس بشئ
انتهى وقال في التنقيح روى له مسلم
أحاديث الخصوم القائلين بهدى الفوات واستدل الشيخ في الامام لمالك
والشافعي في وجوب هدى الفوات بثلاثة آثار
}}} أحدها رواه الشافعي ثم البيهقي من جهته أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن
عقبة عن نافع عن بن عمر أنه قال من أدرك ليلة النحر من الحاج ولم يقف بعرفة قبل
أن يطلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا ويطوف بين الصفا والمروة
سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن جاء وإن كان معه هدى فلينحر قبل أن يحلق فإذا
فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإذا أدركه الحج من قابل
282

فليحج إن استطاع وليهد فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا
رجع إلى أهله انتهى
الأثر الثاني رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أخبرني سليمان بن يسار
أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالبادية من طريق مكة أضل راحلته
فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال له عمر اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد
حللت فإذا أدركك الحج من قابل فاحجج واهد ما استيسر من الهدى انتهى
الأثر الثالث رواه مالك أيضا أخبرنا نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود
جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة كنا
نرى أن هذا اليوم يوم عرفة فقال عمر اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا
هديا إن كان معكم ثم احلقوا واقصروا وارجعوا فإذا جاء عام قابل فحجوا
واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع انتهى قلت روى ابن
أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم عن علي بن أبي ليلى عن عطاء أن النبي عليه
السلام قال من لم يدرك الحج فعليه دم ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل انتهى
وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن أبي شيبة وقال إنه مرسل وضعيف
انتهى
قوله روى عن عائشة أنها كانت تكره العمرة في هذه الأيام الخمسة يعني يوم
عرفة ويوم النحر وأيام التشريق قلت أخرج البيهقي عن شعبة عن يزيد الرشك
283

عن معاذة عن عائشة قالت حلت العمرة في السنة كلها إلا أربعة أيام يوم عرفة
ويوم النحر ويومان بعد ذلك انتهى وقال الشيخ في الامام وروى إسماعيل
بن عياش عن إبراهيم بن نافع عن طاوس قال قال البحر يعني بن عباس خمسة
أيام يوم عرفة ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق اعتمر قبلها وبعدها ما شئته انتهى
ولم يعزه
الحديث الثاني قال عليه السلام والعمرة فريضة كفريضة الحج قلت غريب
وروى الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث محمد بن سعيد أبي
يحيى حدثنا محمد بن كثير الكوفي ثنا إسماعيل بن مسلم عن محمد بن سيرين عن زيد
بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما
بدأت انتهى قال الحاكم الصحيح عن زيد بن ثابت من قوله انتهى فيه
إسماعيل بن مسلم المكي ضعفوه ولكن لهم آخر في طبقته ثقة وقال فيه المكي أيضا
فليتأمل وقال بن القطان في كتابه ومحمد بن سعيد هذا قال فيه البخاري منكر
الحديث ولم يرضه بن حنبل وقال خرقنا حديثه قال ورواه هشام بن حسان عن
محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت موقوفا انتهى كلامه قلت هكذا أخرجه البيهقي
في سننه عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن زيد موقوفا قال ورواه
إسماعيل بن عن بن سيرين مرفوعا والصحيح موقوفا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن
يحيى بن يعمر عن بن عمر عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال يا رسول الله ما الاسلام
قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة
وأن تحج وتعتمر قال الدارقطني إسناده صحيح قال صاحب التنقيح الحديث
284

مخرج في الصحيحين ليس فيهما وتعتمر وهذه الزيادة فيها شذوذ انتهى
ولم يعزه الشيخ في الامام للدارقطني وإنما قال رواه الحاكم في كتابه المخرج
على صحيح مسلم وأبو بكر الجوزقي الحافظ في صحيحه وهو حديث فيه طول
وذكر فيه الايمان والاسلام والاحسان وهو حديث جبريل عليه السلام وفي آخره
وما عرفته حتى ولى ولم يعزه الشيخ بشئ وعزاه عبد الحق في الجمع بين
الصحيحين للدارقطني في سننه كذلك
حديث آخر حديث أبي رزين العقيلي قال يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا
يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال احجج عن أبيك واعتمر انتهى قال
الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه
وقال رجاله كلهم ثقات انتهى قال صاحب التنقيح قال الإمام أحمد لا
أعلم في إيجاب العمرة حديثا أصح من هذا قال وفيه نظر فان هذا الحديث لا يدل
على وجوب العمرة إذ الامر فيه ليس للوجوب فإنه لا يجب عليه أن يحج عن أبيه
وإنما يدل الحديث على جواز فعل الحج والعمرة عنه لكونه غير مستطيع انتهى كلامه
قلت سبقه إلى هذا الشيخ تقي الدين في الامام فقال وفي دلالته على وجوب
العمرة نظر فإنها صيغة أمر للولد بأن يحج عن أبيه ويعتمر لا أمر له بأن يحج ويعتمر
عن نفسه وحجه وعمرته عن أبيه ليس بواجب عليه بالاتفاق فلا يكون صيغة الامر فيها
للوجوب انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في سننه من طريق بن لهيعة عن عطاء عن جابر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج والعمرة فريضتان واجبتان انتهى قال البيهقي
وابن لهيعة غير محتج به ورواه بن عدي في الكامل وأعله به
285

حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه وأحمد في مسنده عن محمد بن
فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت
قلت يا رسول الله على النساء جهاد قال عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة
انتهى قال صاحب التنقيح رحمه الله وقد أخرجه البخاري في صحيحه من
رواية غير واحد عن حبيب وليس فيه ذكر العمرة وأخرجه البخاري أيضا عن سفيان
عن معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة وليس فيه أيضا ذكر العمرة
انتهى
حديث آخر استدل به بن الجوزي أيضا في التحقيق أخرجه الدارقطني عن
سليمان بن داود حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن
جده أن النبي عليه السلام كتب إلى أهل اليمن كتابا وبعث به مع عمرو بن حزم وفيه
أن العمرة الحج الأصغر انتهى قال صاحب التنقيح وسليمان بن داود هذا
قال فيه غير واحد من الأئمة إنه سليمان بن أرقم وهو متروك انتهى
الآثار أخرج الحاكم في المستدرك عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن بن جريج
قال أخبرنا نافع مولى بن عمر أن عبد الله بن عمر كان يقول ليس أحد من خلق الله
إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك سبيلا فمن زاد بعدها شيئا فهو
خير وتطوع قال بن جريج وأخبرت عن بن عباس أنه قال العمرة واجبة كوجوب
الحج من استطاع إليه سبيلا انتهى وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين انتهى
وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال بن عمر ليس أحد إلا وعليه حجة
وعمرة انتهى
286

أثر آخر أخرجه الحاكم أيضا من طريق عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا محمد بن
كثير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال الحج والعمرة
فريضتان على الناس كلهم إلا أهل مكة فان عمرتهم طوافهم فليخرجوا إلى
التنعيم ثم ليدخلوها فوالله ما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حاجا أو معتمرا وقال صحيح
على شرط مسلم وقال البيهقي قال الشافعي في مناظرة من أنكر عليه القول في
وجوب العمرة الوجوب أشبه بظاهر القرآن لأنه قرنها بالحج فقيل له قد أمر النبي
عليه السلام الخثعمية أن تقضي الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة فقال قد يكون
الشئ في الحديث فيحفظ بعض الحديث دون بعض وقد يحفظ كله فيؤدي بعضه
دون بعض وذلك بحسب السؤال انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام الحج فريضة والعمرة تطوع قلت غريب
مرفوعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا علي بن مسعود فقال حدثنا ابن
إدريس وأبو أسامة عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم قال قال
عبد الله بن مسعود الحج فريضة والعمرة تطوع انتهى وروى بن ماجة في سننه
حدثنا هشام بن عمار عن الحسن بن يحيى الخشني عن عمر بن قيس عن طلحة بن يحيى
عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
الحج جهاد والعمرة تطوع انتهى قال الشيخ في الامام وعمر بن قيس متكلم
فيه
حديث آخر أخرجه الترمذي في جامعه عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن
287

المنكدر عن جابر بن عبد الله قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة قال لا
وأن تعتمروا هو أفضل انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال الشيخ في
الامام هكذا وقع في رواية الكرخي ووقع في رواية غيره حديث حسن لا غير
قال شيخنا المنذري وفي تصحيحه له نظر فان الحجاج لم يحتج به الشيخان
في صحيحيهما قال بن حبان تركه بن المبارك ويحيى بن القطان وابن مهدي
ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل والله أعلم ورواه الدارقطني ثم البيهقي
ضعفاه قال الدارقطني الحجاج بن أرطاة لا يحتج به وقد رواه بن جريج عن ابن
المنكدر عن جابر موقوفا وقال البيهقي رفعه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف انتهى
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير والدارقطني في سننه عن
سعيد بن عفير ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن المغيرة عن أبي الزبير عن جابر
قال الطبراني وعبيد الله هذا الذي رواه عن أبي الزبير هو عبيد الله بن أبي جعفر المصري لم
يروه عن أبي الزبير غيره والمشهور أنه من حديث الحجاج بن أرطاة عن محمد بن
المنكدر انتهى ويحيى بن أيوب ضعيف قال الذهبي في الميزان وقد تفرد به
سعيد عنه عن جابر
طريق آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن
محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا نحوه وأسند تضعيف نوح عن البخاري وابن
عدي وابن معين قال وهذا يعرف بالحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر ولعل أبا
عصمة سرقه منه
حديث آخر قال الشيخ في الامام روى عبد الباقي بن قانع حدثنا بشر بن
موسى ثنا جرير وأبو الأحوص عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج جهاد والعمرة تطوع انتهى قال الشيخ قال ابن
حزم هذا كذب من بلايا عبد الباقي بن قانع التي تفرد بها وإنما هو مرسل رواه
معاوية بن إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي صالح ماهان الحنفي عن النبي صلى الله عليه وسلم وماهان
ضعيف وأوهم بن قانع أنه أبو صالح السمان وليس كذلك انتهى واعترضه
288

الشيخ بأن عبد الباقي بن قانع من كبار الحفاظ وأكثر عنه الدارقطني وبقية
الاسناد ثقات وقوله في أبي صالح ماهان الحنفي إنه ضعيف ليس بصحيح فقد وثقه ابن
معين وروى عنه جماعة مشاهير قال بن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول
أبو صالح ماهان كوفي ثقة روى عنه عمار الذهبي وإسماعيل بن أبي خالد وأبو
إسحاق الشيباني ومعاوية بن إسحاق انتهى
حديث آخر قال الشيخ ورواه بن قانع أيضا عن أحمد بن محمد بن بحير العطار
عن محمد بن بكار عن محمد بن الفضل بن علية عن سالم الأقطش عن سعيد بن جبير
عن بن عباس مرفوعا نحوه ومن دون سالم ثلاثة مجاهيل لا يعرفون قاله ابن حزم
حديث آخر رواه يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن
النبي عليه السلام قال من مشى إلى صلاة مكتوبة فأجره كحجة ومن مشى إلى
صلاة تطوع فأجره كعمرة تامة وأعله بضعف القاسم قال وروى أيضا عن حفص
بن غيلان عن مكحول عن أبي أمامة قال بن حزم حفص بن غيلان مجهول
ومكحول لم يسمع من أبي أمامة قال الشيخ قوله حفص بن غيلان مجهول عجيب
منه فإنه أبو معيد بياء آخر الحروف شامي مشهور قال الدارقطني روى عنه
الوضين بن عطاء وزيد بن يحيى وعمرو بن أبي سلمة ويروي عن مكحول
والزهري ونصر بن علقمة وسليمان بن موسى انتهى من الامام
باب الحج عن الغير
الحديث الأول روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين أملحين موجوءين
أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله تعالى وشهد للنبي صلى الله عليه وسلم
289

بالبلاغ قلت روى من حديث عائشة وأبي هريرة ومن حديث جابر ومن
حديث أبي رافع ومن حديث حذيفة بن أسيد الغفاري ومن حديث أبي طلحة
الأنصاري ومن حديث أنس
فحديث عائشة وأبي هريرة رواه بن ماجة في سننه من طريق عبد الرزاق أنا
سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن عائشة أو أبي هريرة
أن النبي عليه السلام كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين
أملحين موجوءين فذبح أحدهما عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ
وذبح الآخر عن محمد وآل محمد انتهى وكذلك رواه أحمد في مسنده
ورواه أحمد أيضا حدثنا إسحاق بن يوسف أنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ورواه
أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي
هريرة أو عائشة فذكره ورواه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بهذا الاسناد
الأخير وسكت عنه ورواه الطبراني في معجمه الوسط من طريق ابن وهب
حدثني عبد الله بن عياش القتباني ثنا عيسى بن عبد الرحمن حدثني بن شهاب عن سعيد
بن المسيب عن أبي هريرة فذكره وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة عبد الله
بن المبارك عنه عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه سمعت أبا هريرة يقول ضحى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين فقرب أحدهما فقال اللهم منك ولك اللهم
هذا عن محمد وأهل بيته ثم قرب الآخر فقال بسم الله اللهم هذا منك ولك
اللهم هذا عمن وحدك من أمتي انتهى وقال مشهور من غير وجه غريب من
حديث يحيى انتهى
290

وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود وابن ماجة من طريق بن إسحاق عن يزيد بن
أبي حبيب عن أبي عياش المعافري عن جابر بن عبد الله قال ذبح النبي عليه السلام يوم
النحر كبشين أقرنين أملحين موجوءين فلما وجههما قال إني وجهت وجهي
الآية اللهم لك ومنك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر ثم ذبح انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
إلا أني لم أجد في متن الحاكم قوله أملحين أقرنين موجوءين ورواه بن أبي شيبة في
مسنده أتم منهم فقال حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا محمد بن عبد الله بن
محمد بن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه أن النبي عليه السلام أتى
بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوءين فأضجع أحدهما وقال بسم الله الله أكبر
اللهم عن محمد وآل محمد ثم أضجع الآخر وقال بسم الله الله أكبر اللهم عن
محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ انتهى وكذلك رواه
إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما
وأما حديث أبي رافع فرواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما
والطبراني في معجمه من حديث شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن
حسين عن أبي رافع قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين خصيين
وقال أحدهما عمن شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ والآخر عنه وعن أهل بيته قال
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كفانا انتهى ورواه أحمد أيضا والبزار في مسنديهما
والحاكم في المستدرك في تفسير سورة الحج عن زهير بن محمد عن بن عقيل به أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فإذا صلى وخطب الناس
أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه ويقول عن محمد وآل محمد
فيطعمهما جميعا المساكين ويأكل هو وأهله فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم
يضحي قد كفاه الله المؤنة والغرم برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الحاكم حديث
291

صحيح الاسناد لم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال زهير بن محمد له
مناكير وابن عقيل ليس بالقوي انتهى
وأما حديث حذيفة بن أسيد فأخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن
عبد الله بن شبرمة عن حذيفة عن الشعبي عن بن أسيد الغفاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرب كبشين أملحين فيذبح أحدهما ويقول اللهم هذا عن محمد وآل محمد
ويقرب الآخر فيقول اللهم هذا عن أمتي ممن شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ انتهى
وسكت عنه
وأما حديث أبي طلحة فرواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا عبد الله بن بكر
عن حميد عن ثابت عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي طلحة الأنصاري
واسمه زيد بن سهل أن النبي عليه السلام ضحى بكبشين أملحين فقال عند الأول عن
محمد وآل محمد وقال عند الثاني عمن آمن بي وصدقني من أمتي انتهى ومن
طريق بن أبي شيبة رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في معجمه
وأما حديث أنس فرواه بن أبي شيبة في مسنده أيضا حدثنا أبو معاوية عن
حجاج عن قتادة عن أنس قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين قرب
أحدهما فقال بسم الله اللهم منك ولك هذا عن محمد وأهل بيته ثم قرب
الآخر فقال بسم الله اللهم منك ولك هذا عمن وحدك من أمتي انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن أبي سحم المبارك بن سحيم ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس
بنحوه قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث
رواه المبارك بن فضالة عن عبد الله بن عقيل عن دابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ضحى بكبشين أملحين موجوءين ورواه أيضا حماد بن سلمة عن ابن عقيل عن
عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه ورواه الثوري عن بن عقيل عن أبي سلمة عن
أبي هريرة أو عائشة عن النبي عليه السلام ورواه عبيد الله بن عمرو وسعيد بن سلمة
292

عن بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع فقال أبو زرعة هذا كله من ابن عقيل
فإنه لا يضبط حديثه والذين رووا عنه هذا الحديث كلهم ثقات انتهى وقال البيهقي
في المعرفة قال الشافعي وقد روى عن النبي عليه السلام من وجه لا يثبت مثله أنه
ضحى بكبشين فقال في أحدهما اللهم عن محمد وآل محمد وقال في الآخر
اللهم عن محمد وأمة محمد قال البيهقي وهذا إنما رواه عبد الله بن محمد بن
عقيل واختلف عليه فيه فرواه عنه الثوري عن أبي سلمة عن عائشة أو أبي هريرة
وقال مرة عن أبي هريرة ولم يقل أو عائشة ورواه عنه حماد بن سلمة عن عبد
الرحمن بن جابر عن أبيه ورواه عنه زهير بن محمد عن علي بن الحسين عن أبي رافع
قال البخاري ولعله سمعه من هؤلاء انتهى
أحاديث الحج عن الغير استدل على جواز حج الصرورة عن الغير وحج النفل
قبل الفرض بحديث الخثعمية أخرجه الأئمة الستة في كتبهم وأبو داود عن
عبد الله بن عباس والباقون عن أخيه الفضل بن عباس أن امرأة من خثعم قالت يا رسول
الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر
البعير قال حجي عنه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن
طاوس عن بن عباس قال سمع النبي عليه السلام رجلا يلبي عن نبيشة فقال أيها
الملبي عن نبيشة هل حججت قال لا قال فهذه عن نبيشة وحج عن نفسك
انتهى قال الدارقطني وهذا وهم وإنما هو عن بن عباس أن النبي عليه السلام
سمع رجلا يلبي عن شبرمة فقال له عليه السلام من شبرمة قال أخ لي قال هل
حججت قال: لا قال فحج عن نفسك ثم احجج عن شبرمة قال وقد رجع
الحسن بن عمارة عن ذلك وحدث به على الصواب موافقا لرواية غيره ثم أخرجه
عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس أن النبي عليه
السلام سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال له عليه السلام من شبرمة إلى
آخره قال وعلى كل حال فالحسن بن عمارة متروك انتهى
حديث المانعين وهو حديث شبرمة أخرجه أبو داود وابن ماجة عن عبدة بن
293

سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن
النبي عليه السلام سمع رجلا إلى آخره ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
السابع والأربعين من القسم الأول قال بن حبان وقوله اجعل هذه عن نفسك أمر
وجوب وقوله ثم حج عن شبرمة أمر إباحة انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه
من طرق عديدة ضعيفة أضربنا عن ذكرها لعدم الاحتياج إليها مع أن هذه الطرق
الصحيحة أيضا قد أعلت قال بن القطان في كتابه وحديث شبرمة علله بعضهم
بأنه قد روى موقوفا والذي أسنده ثقة فلا يضره وذلك لان سعيد بن أبي عروبة يرويه
عن قتادة عن عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن بن عباس وأصحاب ابن أبي
عروبة يختلفون عليه فقوم يرفعونه منهم عبدة بن سليمان ومحمد بن بشر الأنصاري
وقوم يقفونه منهم غندر وحسن بن صالح والرافعون ثقات فلا يضرهم وقف
الواقفين إما لأنهم حفظوا ما لم يحفظ أولئك وإما لان الواقفين رووا عن ابن عباس
رأيه والرافعين رووا عنه روايته والراوي قد يفتي بما يرويه انتهى وقال الشيخ تقي
الدين في الامام وعلل هذا الحديث بوجوه أحدها الاختلاف في رفعه ووقفه
فعبدة بن سليمان يرفعه وهو محتج به في الصحيحين وتابعه على رفعه محمد بن
عبد الله الأنصاري ومحمد بن بشر وقال البيهقي وهذا إسناده صحيح ليس في
الباب أصح منه وقال يحيى بن معين أصح وأثبت الناس سماعا من سعيد بن أبي عروبة
عبدة بن سليمان ورواه غندر عن سعيد فوقفه ورواه أيضا سعيد بن منصور ثنا سفيان
عن أيوب عن أبي قلابة سمع بن عباس رجلا يلبي عن شبرمة فذكره موقوفا وفيه مع
زيادة الوقف استبعاد تعدد القضية بأن تكون وقعت في زمان النبي عليه السلام وفي
زمن بن عباس على سياق واحد واتفاق لفظ والثاني الارسال فان سعيد بن منصور
رواه عن سفيان عن بن جريج عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ورواه أيضا حدثنا
هشيم أنا بن أبي ليلى ثنا عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم والثالث أن قتادة لم يقل فيه
حدثنا ولا سمعت وهو إمام في التدليس وقال بن المفلس في كتابه وقد ضعف
بعض العلماء هذا الحديث فقال إن سعيد بن أبي عروبة كان يحدث به بالبصرة
فيجعل هذا الكلام من قول بن عباس ولا يسنده إلى النبي عليه السلام وكان يحدث به
294

بالكوفة فيجعل الكلام من قول النبي عليه السلام قالوا أيضا فقتادة لم يقل فيه حدثنا
ولا سمعت وهو كثير التدليس قالوا وأيضا فقد روى هذا الحديث عن هشيم عن
بن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه بن جريج وهو أثبت من
أبي ليلى فلم يقل فيه عن عائشة وأرسله ورواه أبو قلابة عن بن عباس وأبو قلابة
لم يسمع من بن عباس شيئا قالوا فالخبر بذلك غير ثابت انتهى وقال صاحب
التنقيح وقد تابع عبدة بن سليمان على رفعه أبو يوسف القاضي ومحمد بن بشر
العبدي ومحمد بن عبد الله الأنصاري عن سعيد به ورواه الحسن بن صالح بن حيي
ومحمد بن جعفر غندر عن سعيد بن جبير عن بن عباس موقوفا ولم يذكر عزرة في
إسناده وكذلك رواه عمرو بن الحارث المصري عن قتادة وقال في روايته عن
قتادة أن سعيد بن جبير حدثه وذلك معدود في أوهامه فان قتادة لم يلق سعيد بن
جبير فيما قاله يحيى بن معين وغيره انتهى
الحديث الثاني قال المصنف ثم ظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه
وبذلك تشهد الأخبار الواردة في الباب لحديث الخثعمية فإنه عليه السلام قال فيه
حجي عن أبيك واعتمري قلت هذا وهم من المصنف فان حديث الخثعمية ليس فيه
295

ذكر الاعتمار أخرجه الأئمة الستة في كتبهم رواه أبو داود من حديث عبد الله بن
عباس ورواه الباقون من حديث أخيه الفضل بن العباس ان امرأة من خثعم قالت
296

يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي
على ظهر البعير قال حجي عنه وذلك في حجة الوداع وفي بعض طرقه هل
يقضي أن أحج عنه انتهى ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من
حديث بن عباس ان امرأة من خثعم وفي لفظ قال كان الفضل رديف النبي عليه
السلام فالبعض جعله من مسند الفضل والبعض جعله من مسند أخيه عبد الله ولم
يحسن شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في قوله أخرجه الجماعة عن بن عباس والله
أعلم قال الترمذي وسألت محمدا عن هذه الرواية فقال لي أصح شئ في هذا
الباب ما رواه بن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي عليه السلام قال محمد ويحتمل
أن يكون بن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرسله فلم يذكر من
سمعه منه انتهى كلامه والله أعلم
أحاديث الباب وأخرج بن ماجة عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال
حدثني حصين بن عوف قلت يا رسول الله إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج إلا
معترضا فصمت ساعة ثم قال حج أبيك انتهى قال العقيلي قال أحمد
محمد بن كريب منكر الحديث انتهى وأخرجه البيهقي محمد بن سيرين عن ابن
عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال البيهقي رواية بن سيرين عن ابن عباس
مرسلة وقال صاحب التنقيح قال أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني لم
يسمع بن سيرين من بن عباس وقال وقد روى البخاري في صحيحه حديثا من
رواية بن سيرين عن بن عباس فالله أعلم انتهى كلامه
297

حديث آخر تقدم حديث أبي رزين العقيلي أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن
شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي رجل من بني
عامر قال يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن
قال حج عن أبيك واعتمر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح واسم أبي
رزين لقيط بن عامر انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيح
في النوع السبعين من القسم الأول والحاكم في المستدرك وقال على شرط
الشيخين
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه أخبرنا علي بن عبد العزيز عن مسلم بن
إبراهيم عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ثنا منصور بن المعتمر عن مجاهد عن يوسف
بن الزبير عن أبي الزبير عن سودة أم المؤمنين أن رجلا قال يا رسول الله إن أبي شيخ
كبير لا يستطيع الحج أفأحج عنه فقال عليه السلام أرأيت لو كان على أبيك دين
فقضيته أكان يجزئ عنه فقال نعم قال حج عنه انتهى قال الشيخ في
الامام وعبد العزيز بن عبد الصمد أبو عبد الصمد العمي حدث عنه أحمد وقال
كان ثقة ووثقه أبو زرعة أيضا وذكره بن حبان في الثقات أتباع التابعين وروى له
في صحيحه ويوسف بن الزبير مولى عبد الله بن الزبير ذكره بن أبي حاتم من
غير جرح ولا تعديل والله أعلم
حديث آخر أخرجه البيهقي عن شعيب بن زريق سمعت عطاء الخراساني عن أبي
الغوث بن الحصين الخثعمي قال قلت يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في
الحج وهو شيخ كبير لا يتمالك على الراحلة أفترى أن أحج عنه قال نعم حج عنه
298

قال وكذلك من مات من أهلنا ولم يوص بحج أفيحج عنه قال نعم وتؤجرون
قال ويتصدق عنه ويصام عنه قال نعم والصدقة أفضل انتهى قال البيهقي
إسناده ضعيف
أحاديث الحج عن الميت أخرج البخاري عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن امرأة
جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها
قال نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم
فقال اقضوا الله الذي له فان الله أحق بالوفاء انتهى وفي لفظ له في الحج إن
امرأة من جهينة ورواه في كتاب النذور والايمان قال أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال إن أختي نذرت بمثله وقال فاقض الله فهو أحق بالقضاء
حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة أن امرأة أتت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي ماتت ولم تحج أو أحج عنها قال نعم انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك وزاد فيه الصوم والصدقة وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا
عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي الغوث بن حصين رجل من الفرع أنه استفتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن حجة كانت على أبيه مات ولم يحج فقال عليه السلام حج عن أبيك
قال عليه السلام وكذلك الصيام يقضي عنه انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه والدار قطني في سننه عن عباد بن
راشد عن ثابت عن أنس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلك أبي ولم يحج
فقال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أيتقبل منه قال نعم قال فاحجج
عنه انتهى وحماد بن راشد قال في الإمام قال أحمد شيخ ثقة صدوق وقال
أبو حاتم وابن معين صالح الحديث وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء
قال الشيخ وعباد بن راشد ثلاثة فيما ذكره بن أبي حاتم أحدهم سمع أبا هريرة
299

والثاني مؤذن مسجد صنعاء والثالث التميمي انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه النسائي عن أبي التياح وهو يزيد بن حميد البصري أن ابن
عباس قال أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن تسأل النبي عليه السلام أن أمها ماتت
ولم تحج أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها فقال عليه السلام نعم لو كان على أمها دين
فقضيته عنها ألم يكن يجزئ عنها فلتحج عن أمها وأخرجه أيضا عن عبد الرزاق أنا
معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس بنحوه
الحديث الثالث قال عليه السلام إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث
الحديث قلت رواه مسلم وأبو داود والنسائي في الوصايا والترمذي في
الاحكام في الوقف من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
300

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو
علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام من مات في طريق الحج كتبت له حجة
مبرورة في كل سنة قلت غريب بهذا اللفظ وروى الطبراني في معجمه
الأوسط وأبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان ثنا أبو معاوية ثنا
محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة
ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر العمرة إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في
سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة انتهى وأخرجه الإمام أبو
حفص عمر بن شاهين في كتاب الترغيب له عن أبي معاوية عن هلال بن أبي
ميمونة الفلسطيني عن عطاء به وأخرجه البيهقي في شعب الايمان عن محمد بن
إسحاق بسند أبي يعلى والطبراني سواء
301

باب الهدي
الحديث الأول روى أنه عليه السلام سئل عن الهدي فقال أدناه شاة قلت
غريب ولم أجده إلا من قول عطاء ورواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنا
مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج أن عطاء قال أدنى ما يهراق من الدماء في الحج
وغيره شاة مختصر واستشهد له شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره بحديث أخرجه البخاري
ن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال سألت بن عباس عن المتعة فأمرني بها
وسألته عن الهدي فقال فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم قال وكان
ناسا كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور وعمرة متقبلة
فأتيت بن عباس فحدثته فقال الله أكبر سنة أبي القاسم انتهى ذكره في باب من
تمتع بالعمرة إلى الحج وأخرجه مسلم لكنه لم يذكر فيه قصة الهدي وهو بعيد عن
حديث الكتاب
الحديث الثاني وقد صح أنه عليه السلام أكل من لحم هديه وحسا من المرقة
قلت تقدم في حديث جابر الطويل ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر
302

فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها يعني عليا والنبي صلى الله عليه وسلم وروى أحمد
وإسحاق بن راهويه في مسنديهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة
نحر منها ثلاثين بدنة ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها وقال له أقسم لحمها وجلالها
وجلودها بين الناس ولا تعط جزارا منها شيئا وخذ لنا من كل بعير بضعة من لحم ثم
اجعلها في قدر واحدة حتى نأكل من لحمها ونحسو من مرقها ففعل انتهى وهو
سند ضعيف
الحديث الثالث روي أنه عليه السلام لما أحصر بالحديبية وبعث الهدايا على يدي
ناجية الأسلمي قال له لا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا قلت حديث ناجية ليس
فيه قوله لا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا كما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديثه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي قال إن عطب فانحره ثم اصبغ نعله في دمه
303

ثم خل بينه وبين الناس انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان
في صحيح في النوع الثامن عشر من القسم الأول والحاكم في المستدرك
وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ثم وجدته
في المغازي للواقدي ذكره في أول غزوة الحديبية فقال حدثنا عبد الحميد بن جعفر
وعاصم بن عمر ومحمد بن يحيى بن وائل بن أبي خيثمة وحدثني جماعة آخرون
فقال وكل قد حدثني بطائفة من هذا الحديث أن النبي عليه السلام لما أراد الخروج
فذكر القضية وفيها أنه عليه السلام استعمل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي وأمره
أن يتقدمه بها قال وكانت سبعين بدنة فذكره بطوله وقال بعد ذلك بنحو ورقة
وقال ناجية الأسلمي عطب معي بعير من الهدي فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء
فأخبرته فقال انحرها واصبغ قلائدها في دمها ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك
منها شيئا وخل بينها وبين الناس مختصر وروى في آخر الكتاب حدثني الهيثم بن
واقد عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن ناجية بن جندب قال كنت على هدي رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجته فقلت يا رسول الله أرأيت ما عطب منها كيف أصنع به قال
انحره وألق قلائده في دمه لا تأكل أنت إلى آخره في أحاديث أخرى منها حديث
ذؤيب أبي قبيصة أخرجه مسلم وابن ماجة عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس
أن ذؤيبا الخزاعي أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالبدن معه ثم يقول إن
عطب منها شئ فخشيت عليه موتا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به
صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك انتهى ورواه بن أبي خيثمة في
تاريخه في باب الصحابة في ترجمة ذؤيب وقال سمعت يحيى بن معين يقول
قتادة لم يدرك سنان بن سلمة ولم يسمع منه شيئا انتهى والحديث معنعن في مسلم
وابن ماجة إلا أن مسلما ذكر له شواهد ولم يسمه فيها ذؤيبا بل قال رجلا
ومنها ما أخرجه عن بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وبعث معه بثمان
عشرة بدنة فقال أرأيت أن أزحف على شئ منها قال تنحرها ثم تصبغ نعلها في
دمها ثم اضربها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أصحابك أو قال من
304

أهلك ورفقتك انتهى وفي رواية لمسلم وبعث معه بستة عشر بدنة وهو لفظ ابن
حبان في صحيحه قال النووي يحتمل أن تكون قضيتين انتهى ورواه أبو داود
وقال عوض رجلا فلانا الأسلمي ولم أجد في الحديثين ولا في شئ من طرقهما أن
هذا كان في الاحصار ولا أن البعث كان من الحديبية ولم يتعرض أحد من شارحي
مسلم لشئ من ذلك
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن شريك
عن ليث عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة الثمالي قال بعث النبي عليه
السلام معي بهدي وقال إذا عطب منها شئ فانحره ثم اضرب نعله في دمه ثم
اضرب صفحته ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك وخل بينه وبين الناس انتهى وزاد
فيه الطبراني بهدي تطوع وفي لفظ أحمد قال سألت النبي عليه السلام عن الهدي
يعطب في الطريق فقال انحره إلى آخره
الحديث الرابع قال عليه السلام منى كلها منحر
305

وفجاج مكة كلها منحر قلت روى من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة
فحديث جابر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أسامة بن زيد الليثي عن عطاء بن
أبي رباح عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عرفة موقف وكل منى منحر
وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر انتهى بلفظ أبي داود
ومثله لفظ بن ماجة إلا أن فيه تقديما وتأخيرا ولاختلاف لفظهما فرقهما بن عساكر في
موضعين من ترجمة عطاء عن جابر في أطرافه فجعلهما حديثين وليس بجيد
والصواب ما فعله شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه فإنه ذكره في ترجمة واحدة
والشيخ زكي الدين المنذري قلد بن عساكر فلم يعزه في مختصر السنن لابن ماجة
والله أعلم وأسامة بن زيد الليثي قال في التنقيح روى له مسلم متابعة فيما أرى
ووثقه بن معين في رواية انتهى فالحديث حسن
واعلم أن بعض الحديث في مسلم أخرجه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود في الصوم عن محمد بن المنكدر عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون
وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف
انتهى قال المنذري في مختصره قال بن معين محمد بن المنكدر لم يسمع من
أبي هريرة وقال أبو زرعة لم يلق أبا هريرة انتهى ورواه البزار في مسنده وقال
محمد بن المنكدر لا نعلمه سمع من أبي هريرة انتهى وروى الواقدي في كتاب
المغازي حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عمرة القضية وهديه عند المروة هذا المنحر وكل فجاج
مكة منحر فنحر عند المروة انتهى
306

الحديث الخامس صح أنه عليه السلام نحر الإبل وذبح البقر والغنم قلت تقدم
في حديث جابر الطويل ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى
عليا فنحر ما غبر الحديث وذبح البقر أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت
فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا قالوا ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
أزواجه مختصر وذبح الغنم أخرجه الأئمة الستة عن أنس قال ضحى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمى ويكبر فذبحهما
بيده انتهى وينظر أحاديث الحج والأضاحي والذبائح
الحديث السادس روى أنه عليه السلام نحر الهدايا قياما وأصحابه كانوا ينحرونها
قياما معقولة اليد اليسرى قلت أخرج البخاري ومسلم عن أنس قال صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعا ونحن معه إلى أن قال ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات
قياما مختصر
حديث آخر أخرجه أبو داود ومسلم عن زياد بن جبير قال كنت مع ابن عمر
بمنى فمر برجل وهو ينحر بدنته وهي باركة فقال ابعثها قياما مقيدة سنة محمد
صلى الله عليه وسلم انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن
أبي مروان عن أبيه عن ناجية بن جندب قال كنت على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة
307

إلى أن قال فلما بلغنا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أرسل إلى أن سق الهدي إلى النحر
قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحر الهدي بيده وأنا أقدمها إليه تمشي على ثلاث قوائم
وهي معقولة واحدة مختصر
حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال
وأخبرني عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام وأصحابه كانوا ينحرون البدنة
معقولة اليد اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها انتهى وجهل من قال هذا
حديث مرسل فإن المخبر عن عبد الرحمن بن سابط هو بن جريج فالحديث من مسند
جابر كما ذكره أصحاب الأطراف وكتب الاحكام وغيرهم لكن رواه ابن أبي
شيبة في مصنفه عن بن جريج عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام
فذكره مرسلا قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكره من جهة أبي داود القائل
وأخبرني هو بن جريج فيكون بن جريج رواه عن تابعين أحدهما أسنده وهو ابن
الزبير والآخر أرسله وهو عبد الرحمن بن سابط قال وقد رواه ابن أبي شيبة
في مصنفه مرسلا عن بن سابط فقط مفصولا من حديث أبي الزبير انتهى كلامه
واعترض هذا الجاهل أيضا على صاحب الكتاب فقال ولو استدل على عقل يدها
اليسرى بفعل النبي عليه السلام لكان أولى من أن يستدل عليه بفعل الصحابة رضي الله
عنهم وهذا اعتراض باطل فإن المصنف لم يذكر ذلك فيستدل عليه ولكنه قال
والأفضل أن ينحرها قائما لما روى أنه عليه السلام نحر الهدايا قياما وأصحابه كانوا
ينحرونها قياما معقولة اليد اليسرى انتهى فعقل اليد لم يذكره المصنف إلا من تمام
الحديث والله أعلم
الحديث السابع روى أنه عليه السلام ساق مائة بدنة في حجة الوداع فنحر نيفا
وستين بنفسه وولى الباقي عليا قلت تقدم ذلك في حديث جابر الطويل ثم انصرف
308

إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر الحديث وتقدم فيه
أيضا وقدم علي من اليمن ببدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فكان جماع الذي قدم به
علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة وروى أحمد في مسنده من حديث
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أهدى
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة فنحر منها ثلاثا وستين ثم أمر عليا فنحر ما
بقي منها مختصر وهو مسند ضعيف وقد تقدم بتمامه قريبا وأخرجه البخاري
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب أن النبي عليه السلام أهدي مائة
بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها ثم أمرني بجلالها فقسمتها ثم جلودها فقسمتها
الحديث الثامن قال عليه السلام لعلي تصدق بجلالها وخطامها فلا تعط أجر
الجزار منها قلت رواه الجماعة إلا الترمذي من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن علي قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأقسم جلودها وجلالها
وأمرني أن لا أعطي الجزار شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا انتهى وفي
لفظ وأن أتصدق بجلودها وجلالها وفي لفظ إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه
وأمره أن يقسم بدنه كلها لحومها وجلالها وجلودها في المساكين ولا يعطي في
جزارتها منها شيئا انتهى ولم يقل البخاري فيه نحن نعطيه من عندنا وقال فيه
أهدى النبي عليه السلام مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها ثم أمرني بجلالها
فقسمتها ثم بجلودها فقسمتها انتهى قال السرقسطي في غريبه جزارتها بضم
الجيم وكسرها فبالكسر المصدر وبالضم اسم لليدين والرجلين والعنق سمى به لان
الجزارين كانوا يأخذونها في أجرهم انتهى
309

الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها ويلك
قلت رواه الجماعة فأخرجه مسلم والبخاري عن ثابت عن أنس وزاد البخاري
في حديث أبي هريرة قال فلقد رأيته راكبها يساير النبي عليه السلام انتهى وأخرجه
الباقون عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال
اركبها فقال إنها بدنة قال اركبها ويلك في الثانية أو في الثالثة انتهى
وصاحب الكتاب استدل بهذا الحديث على جواز ركوب الهدي عن الاحتجاج إليه قال
وتأويله أنه كان عاجزا محتاجا قلت قد ورد اشتراط الحاجة في صحيح مسلم
أخرجه عن معقل عن أبي الزبير سألت جابرا عن ركوب الهدي فقال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرا وأخرجه عن ابن جريج قال
أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يسأل عن ركوب الهدي فقال
سمعت النبي عليه السلام يقول اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا
انتهى
310

الحديث العاشر قال المصنف وإذا عطبت البدنة في الطريق فإن كان تطوعا
311

نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها ولم يأكل هو ولا غيره من
الأغنياء بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية الأسلمي قلت تقدم حديث ناجية في
الحديث الثالث وليس فيه قوله ولا تأكل منه أنت ولا أحد من رفيقك ثم وجدناه
في المغازي للواقدي وقد تقدم في الحديث الثالث وإنما هو في حديث ذؤيب
ورواه مسلم وقد ذكرناه وفي الباب أحاديث منها حديث عمرو بن خارجة أخرجه
الطبراني في معجمه عن شريك عن ليث عن شهر بن حوشب عن عمرو بن
خارجة الثمالي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معي بهدي تطوع وقال إذا عطب منها
شئ فانحره ثم اضرب نعله في دمه ثم اضرب به صفحته ولا تأكل أنت ولا أهل
رفيقك وخل بينه وبين الناس انتهى ورواه أحمد في مسنده ولم يقل فيه تطوع
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن سليم بن مسلم الخشاب
حدثنا بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي الخليل عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بدنة التطوع إذا عطبت قبل أن تدخل الحرم فانحرها واغمس يدك في دمها واضرب
صفحتها ولا تأكل منها فإن أكلت منها عظمتها انتهى وأعله بسليم هذا وأسند
عن النسائي وابن معين أنهما قالا هو ضعيف وأخرجه الطبراني في معجمه
الأوسط عن إبراهيم بن طهمان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن
أبي الخليل عن أبي قتادة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يكون معه الهدي تطوعا
فيعطب قبل أن يبلغ قال ينحرها ثم يلطخ نعلها بدمها ثم يضرب به جنبيها ولا
يأكل منها فإن أكل منها وجب عليه قضاؤها انتهى
313

حديث آخر روى الحافظ تمام بن محمد في فوائده حدثنا القاضي أبو جعفر
أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد الحلبي عن أبي أيوب سليمان بن المعافى بن سليمان
عن أبيه عن موسى بن أعين عن الأوزاعي عن عبد الله بن عباس عن نافع عن ابن عمر أن
النبي عليه السلام قال من أهدى بدنة طوعا فعطب فليس عليه بدل وإن كان نذرا
فعليه البدل انتهى وذكره الشيخ في الامام من جهة تمام وسكت عنه
314

كتاب النكاح
الحديث الأول قال عليه السلام لا نكاح إلا بشهود قلت غريب بهذا
اللفظ وفي الباب أحاديث منها ما أخرجه بن حبان في صحيحه عن سعيد بن
يحيى بن سعيد الأموي ثنا حفص بن غياث عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي
315

عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا
ولي له انتهى أخرجه في النوع الثامن والتسعين من القسم الأول ثم قال لم يقل
فيه وشاهدي عدل إلا ثلاثة أنفس سعيد بن يحيى الأموي عن حفص بن غياث
وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي عن خالد بن الحارث وعبد الرحمن بن يونس الرقي
316

عن عيسى بن يونس ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر انتهى كلامه
حديث آخر رواه الترمذي أخبرنا يوسف بن حماد المعنى البصري عن عبد الأعلى
عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البغايا اللاتي
ينكحن أنفسهن بغير بينة انتهى قال الترمذي قال يوسف رفع عبد الأعلى هذا
الحديث في التفسير ووقفه في كتاب الطلاق ولم يرفعه ثم أخرجه الترمذي
عن قتيبة عن غندر عن سعيد نحوه ولم يرفعه قال وهذا أصح هذا حديث غير
محفوظ لا نعلم أحدا رفعه إلا ما روى عن عبد الأعلى والصحيح ما روى عن ابن
عباس
قوله لا نكاح إلا ببينة انتهى وروى نحو هذا من حديث أبي هريرة وعلي بن
أبي طالب وأنس وجابر وابن مسعود وابن عمر وعمران بن حصين كلها
مدخولة سيأتي ذكرها في أحاديث الولي إن شاء الله تعالى وحديث ابن عباس
المذكور رواه عبد الرزاق في مصنفه موقوفا أخبرنا عبد الله بن محرز عن ميمون بن
مهران عن بن عباس قال البغايا الحديث ولمالك في ذكر اشتراط الاعلان حديث
رواه الترمذي حدثنا أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون عن عيسى بن ميمون عن القاسم عن
عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال انتهى وقال
حسن غريب وعيسى بن ميمون في الحديث انتهى ورواه بن ماجة أخبرنا
نصر بن علي الجهضمي عن عيسى بن يونس عن خالد بن الياس عن ربيعة بن فروخ عن
317

القاسم عن عائشة مرفوعا مثله
فصل في بيان المحرمات
الحديث الثاني قال عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قلت
روى من حديث بن عباس ومن حديث عائشة
فحديث بن عباس أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري في كتاب
الشهادات عن جابر بن زيد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة فقال
318

إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة وإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
انتهى ولفظ مسلم ما يحرم من الرحم
وأما حديث عائشة فأخرجه الجماعة عنها إلا بن ماجة واللفظ لمسلم أن
عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لها لا تحتجبي منه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب انتهى
ولفظ الباقين ما يحرم من الولادة وفي لفظ ما تحرم الولادة
الحديث الثالث قال عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن
ماءه في رحم أختين قلت حديث غريب وفي الباب أحاديث منها حديث أخرجه
البخاري ومسلم عن أم حبيبة قالت يا رسول الله انكح أختي قال أو تحبين
ذلك قلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي قال فإنها لا
تحل لي قلت فإني أخبرت أنك تخطب درة بنت أبي سلمة قال لو أنها لم تكن
ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة فلا
319

تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن زاد البخاري قال عروة وثويبة مولاة لأبي
لهب كان أبو لهب أعتقها حين أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله
بشرحيبة قال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه
بعتاقتي ثويبة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في الطلاق والترمذي في النكاح عن يزيد
بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني أنه سمع الضحاك بن فيروز فحدث عن أبيه
فيروز الديلمي قال قلت يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان فقال عليه السلام
طلق أيتهما شئت انتهى ولفظ الترمذي اختر أيتهما شئت وقال حديث حسن
غريب وأبو وهب الجيشاني اسمه الديلم بن هوشع انتهى ورواه ابن حبان في
صحيحه ورواه البيهقي وصحح إسناده وأخرجه الترمذي وابن ماجة عن ابن
لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن بن فيروز الديلمي عن أبيه فذكره وأخرجه ابن ماجة
عن إسحاق بن أبي فروة عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش الرعيني عن الديلمي نحوه
الحديث الرابع قال عليه السلام لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها
320

ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها قلت رواه مسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي من حديث أبي هريرة واللفظ لهم خلا مسلما عن عامر الشعبي عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على ابنة
أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ولا تنكح الكبرى على
الصغرى ولا الصغرى على الكبرى انتهى وكذلك رواه بن حبان في
صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه كلهم عن داود بن أبي هند عن الشعبي به
321

وقال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى
واعلم أن مسلما رحمه الله لم يخرجه هكذا بتمامه ولكنه فرقه حديثين فأخرج
صدره عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح المرأة على عمتها ولا على
خالتها انتهى وأخرج باقيه عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح
322

العمة على بنت الأخ ولا بنت الأخت على الخالة انتهى ولم يعز المنذري في
مختصره هذا الحديث لمسلم لكونه فرقه وهو يتساهل في أكثر من هذا وقال
أخرجه البخاري تعليقا ولم أجد البخاري ذكره وأخرج البخاري ومسلم عن
الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة
وخالتها انتهى وأخرج البخاري نحوه عن جابر وروى الطبراني نحوه من
حديث بن عباس وزاد فيه فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد قطعتم أرحامكم وروى أبو داود
في مراسيله عن عيسى بن طلحة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على
قرابتها مخافة القطيعة انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي
نسائهم ولا آكلي ذبائحهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق وابن أبي
شيبة في مصنفيهما عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم
كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت
عليه الجزية غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم انتهى ذكره بن أبي شيبة في
النكاح وعبد الرزاق في كتاب أهل الكتاب ولفظه فيه ولا تؤكل لهم ذبيحة
ولا تنكح فيهم امرأة قال بن القطان في كتابه هذا مرسل ومع إرساله ففيه قيس
323

ابن مسلم وهو بن الربيع وقد اختلف فيه وهو ممن ساء حفظه بالقضاء كشريك
وابن أبي ليلى انتهى وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر هو
الواقدي حدثني عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن
العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فإن أبوا عرض
عليهم الجزية وبأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم وفيه قصة والواقدي متكلم
فيه وروى مالك في موطئه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر
المجوس فقال ما أدري ما أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد
لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب انتهى وفيه كلام سيأتي
في باب الجزية إن شاء الله تعالى فإن الكلام عليه في وضع الجزية على المجوس أمس
منه ههنا والله أعلم وأعاده في الذبائح
الحديث السادس قال عليه السلام لا ينكح المحرم ولا ينكح قلت رواه
الجماعة إلا البخاري عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أرسله إلى أبان بن عثمان
بن عفان يسأله وأبان يومئذ أمير الحاج وهما محرمان إني أردت أن أنكح طلحة
بن عمر ابنة شيبة بن جبير فقال أبان سمعت أبي عثمان بن عفان يقول قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح زاد مسلم وأبو داود في رواية ولا
يخطب وزاد ابن حبان في صحيحه ولا يخطب عليه انتهى
الآثار روى مالك في الموطأ عن داود بن حصين أن أبا غطفان المري أخبره أن
أباه طرفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه انتهى
الحديث السابع روى أنه عليه السلام تزوج بميمونة وهو محرم قلت رواه
324

الأئمة الستة في كتبهم عن طاوس عن بن عباس قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة
وهو محرم انتهى زاد البخاري وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف انتهى
وأخرج أيضا عن عكرمة عن بن عباس قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم
وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف انتهى وله عنه أيضا قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة
في عمرة القضاء ولم يصل سنده به ذكرها في عمرة القضاء أخرجه مسلم وابن
ماجة في النكاح والباقون في الحج وأخرج الدارقطني من طريق ضعيف عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وأخرج البزار في مسنده عن
مسروق عن عائشة أنه عليه السلام تزوج وهو محرم واحتجم وهو محرم قال السهيلي
في الروض الأنف إنما أرادت نكاح ميمونة ولكنها لم تسمها انتهى
أحاديث الخصوم المعارضة روى مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن
يزيد بن الأصم قال حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو
حلال قال وكانت خالتي وخالة بن عباس انتهى بلفظ مسلم وفي لفظ له
وبنى بها وهو حلالا ولفظ أبي داود قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان
بسرف انتهى زاد أبو يعلى الموصلي في مسنده بعد أن رجعنا من مكة انتهى ثم
325

أسند أبو داود عن سعيد بن المسيب قال وهم بن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم
انتهى وأخرج الطحاوي عن عمرو بن دينار حدثني بن شهاب عن يزيد بن الأصم
أنه عليه السلام نكح ميمونة وهما حلالان قال عمرو فقلت للزهري وما يدري ابن
326

الأصم أعرابي بوال على عقبيه أتجعله مثل بن عباس انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن حماد بن زيد ثنا مطر عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أنه عليه السلام تزوج ميمونة وهو حلال
وبنى عليها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما انتهى ورواه أحمد في مسنده
وابن حبان في صحيحه عن بن خزيمة بسنده عن حماد بن زيد به قال الترمذي
حديث حسن ولا نعلم أحدا أسند غير حماد عن مطر ورواه مالك عن ربيعة عن
سليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا انتهى قال
الترمذي وقد اختلفوا في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة لأنه عليه السلام تزوجها في طريق
مكة فقال بعضهم تزوجها حلالا وظهر أمر تزوجيها وهو محرم ثم بنى بها وهو
حلال بسرف في طريق مكة وماتت ميمونة بسرف حيث بنى بها ودفنت بسرف
انتهى وقال بن حبان وليس في هذه الأخبار تعارض ولا أن بن عباس وهم لأنه
أحفظ وأعلم من غيره ولكن عندي أن معنى قوله تزوج وهو محرم أي داخل في
الحرم كما يقال أنجد وأتهم إذا دخل نجدا وتهامة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم على
الخروج إلى مكة في عمرة القضاء فبعث من المدينة أبا رافع ورجلا من الأنصار إلى
مكة ليخطبا ميمونة له ثم خرج وأحرم فلما دخل مكة طاف وسعى وحل من عمرته
وتزوج بها وأقام بمكة ثلاثا ثم سأله أهل مكة الخروج فخرج حتى بلغ سرف فبنى
327

بها وهما حلالان فحكى بن عباس نفس العقد وحكت ميمونة عن نفسها القصة
على وجهها وهكذا أخبر أبو رافع وكان الرسول بينهما فدل ذلك مع نهيه عليه
السلام عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما ادعيناه انتهى كلامه
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا محمد
بن عثمان بن مخلد الواسطي عن أبيه عن سلام أبي المنذر عن مطر الوراق عن عكرمة عن
بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال انتهى ثم أخرجه عن ابن عباس من
خمسة عشر طريقا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم وفي لفظ وهما حرامان وقال
هذا هو الصحيح انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن صفية بنت شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم
تزوج ميمونة وهو حلال
حديث يخالف ما تقدم رواه مالك في الموطأ نقلا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
عن سليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع
مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة ابنة الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن
يخرج انتهى قال النووي في شرح مسلم وعن حديث ميمونة أجوبة
أصحها أنه إنما تزوجها حلالا هكذا رواه أكثر الصحابة قال القاضي وغيره لم يرو
أنه تزوجها محرما غير بن عباس وحده وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها
حلالا وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به وهم أضبط وأكثر الثاني أنه تزوجها في الحرم
وهو حلال ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالا قال الشاعر
قتلوا بن عفان الخليفة محرما
ودعا فلم أر مثله مخذولا
أي في الحرم انتهى قلت وجدت في صحاح الجوهري ما يخالف ذلك
328

فإنه قال أحرم الرجل إذا دخل في الشهر الحرام وأنشد البيت المذكور على ذلك
وأيضا فلفظ البخاري أنه عليه السلام تزوجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال يدفع
هذا التفسير أو يبعده وقال صاحب التنقيح وقد حمل بعض أصحابنا قول ابن
عباس وهو محرم أي في شهر حرام ثم أنشد البيت ثم نقل عن الخطيب البغدادي
أنه روى بسنده عن إسحاق الموصلي قال سأل هارون الرشيد الأصمعي بحضرة
الكسائي عن قول الشاعر قتلوا بن عفان الخليفة محرما فقال الأصمعي ليس معنى
هذا أنه أحرم بالحج ولا أنه في شهر حرام ولا أنه في الحرم فقال الكسائي ويحك
فما معناه قال الأصمعي فما أراد عدي بن زيد بقوله
قتلوا كسرى بليل محرما
فتولى لم يمتع بكفن
أي إحرام لكسرى فقال الرشيد فما المعنى قال كل من لم يأت شيئا يوجب
عليه عقوبة فهو محرم لا يحل منه شئ فقال له الرشيد أنت لا تطاق انتهى قال
النووي والثالث من الأجوبة عن حديث ميمونة أن الصحيح عند الأصوليين تقديم القول
إذا عارضه الفعل لان القول يتعدى إلى الغير والفعل قد يقتصر عليه قال والرابع
أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الطحاوي في كتابه الناسخ والمنسوخ
والاخذ بحديث أبي رافع أولى لأنه كان السفير بينهما وكان مباشرا للحال وابن
عباس كان حاكيا ومباشر الحال مقدم على حاكيه ألا ترى عائشة كيف أحالت على
علي حين سئلت عن مسح الخف وقالت سلوا عليا فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى
الحديث الثامن قال عليه السلام لا ينكح الأمة على الحرة قلت روى
الدارقطني في سننه في الطلاق من حديث مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاق العبد اثنتان ولا تحل له حتى تنكح
زوجا غيره وقرء الأمة حيضتان ويتزوج الحرة على الأمة ولا يتزوج الأمة على
329

الحرة انتهى ومظاهر بن أسلم ضعيف
حديث آخر رواه الطبراني في تفسيره في سورة النساء عند قوله تعالى
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات فقال حدثنا المثنى ثنا حبان بن
موسى ثنا بن المبارك ثنا سفيان عن هشام الدستوائي عن عامر الأحول عن الحسن أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينكح الأمة على الحرة قال وينكح الحرة على الأمة ومن وجد طولا
لحرة فلا ينكح أمة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه مقتصرا على نكاح الأمة
فقال حدثنا بن عيينة عن عمرو بن عيينة عن الحسن قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح
الأمة على الحرة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه أيضا حدثنا أبو داود
الطيالسي عن هشام الدستوائي عن رجل عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينكح الأمة
على الحرة انتهى
الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع
جابر بن عبد الله يقول لا ينكح الأمة على الحرة وينكح الحرة على الأمة انتهى
وأخرج عن الحسن وابن المسيب نحوه وأخرج بن أبي شيبة عن علي قال لا ينكح
الأمة على الحرة وأخرج عن بن مسعود نحوه وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا عبدة عن يحيى بن سعيد عن بن المسيب قال يتزوج الحرة على الأمة ولا
يتزوج الأمة على الحرة انتهى حدثنا عبد الأعلى عن برد عن مكحول نحوه
الحديث التاسع قال عليه السلام وتنكح الحرة على الأمة قلت تقدم في
الحديث قبله عند الدارقطني عن عائشة بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وتتزوج
330

الحرة على الأمة ولا تتزوج الأمة على الحرة وعند الطبري عن الحسن مرسلا أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال وينكح الحرة على الأمة وموقوفا على جابر بسند صحيح عن
عبد الرزاق وينكح الحرة على الأمة وروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في
مصنفيهما والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن بن أبي ليلى عن المنهال بن
عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي قال إذا نكحت الحرة على الأمة فلهذه
الثلثان ولهذه الثلث أن الأمة لا ينبغي لها أن تزوج على الحرة انتهى والمنهال بن
عمرو فيه مقال وعباد الأسدي ضعيف قال في التنقيح قال البخاري فيه نظر
331

وحكى بن الجوزي عن بن المديني أنه ضعفه
قوله وقد صح أن عبد الله بن جعفر جمع بين امرأة علي وابنته قلت رواه ابن
أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن قثم عن عبد الله أنه جمع
بين امرأة علي وابنته من غيرها انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن قثم مولى
العباس قال تزوج عبد الله بن جعفر بنت علي وامرأة علي النهشلية انتهى
وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال في باب ما يحل من النساء وما يحرم
قال وجمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي وقال بن سيرين لا بأس به
وكرهه الحسن مرة ثم قال لا بأس به انتهى
طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة
عن الحجاج عن علي بن علي بن السائب أن عبد الله بن جعفر تزوج ليلى امرأة علي بن
332

أبي طالب وزينب بنت علي من غيرها انتهى
أحاديث الباب روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن علية عن أيوب عن
عكرمة بن خالد بن عبد الله بن صفوان تزوج امرأة رجل من ثقيف وابنته يعني من
غيرها انتهى حدثنا بن علية عن أيوب قال سئل عن ذلك محمد بن سيرين فلم ير
به بأسا وقال نبئت أن جبلة رجلا كان بمصر جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها
انتهى وهذا رواه الدارقطني في سننه من حديث أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلا
من أهل مصر كانت له صحبة يقال له جبلة كان جمع بين امرأة رجل وابنته من
غيرها قال أيوب وكان الحسن يكرهه انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن الشعبي
ومجاهد وابن سيرين وسليمان بن يسار أنهم قالوا لا بأس بذلك وأخرج عن
الحسن وعكرمة أنهما كرهاه انتهى
قوله قلنا ثبت النسخ بإجماع الصحابة يعني نسخ المتعة قلت أخرج مسلم
عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما
أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه إنك لجلف جاف فلعمري لقد
كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بن الزبير فجرب
بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك قال بن شهاب فأخبرنا خالد ابن
المهاجر بن سيف الله أنه بينما هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره
بها فقال له بن أبي عمرة الأنصاري مهلا قال ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام
المتقين قال بن أبي عمرة إنها كانت رخصة في أول الاسلام لمن اضطر إليها كالميتة
والدم ولحم الخنزير ثم احكم الله الدين ونهى عنها قال بن شهاب وأخبرني ربيع
بن سبرة الجهني أن أباه قال قد كنت استمتعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر
ببردين أحمرين ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة قال بن شهاب وسمعت ربيع بن
333

سبرة يحدث ذلك عمر بن عبد العزيز وأنا جالس انتهى
أحاديث التحريم والنسخ أخرج مسلم عن إياس بن سلمة بن الأكوع قال رخص
رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها انتهى قال البيهقي وعام
أوطاس وعام الفتح واحد لأنها بعد الفتح بيسير انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن سبرة بن معبد الجهني قال أذن لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالمتعة فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فعرضنا
عليها أنفسنا فقالت ما تعطي فقلت ردائي وقال صاحبي ردائي وكان رداء
صاحبي أجود من ردائي وكنت أشب منه فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها وإذا
نظرت إلي أعجبتها ثم قالت أنت ورداؤك يكفيني فمكث معها ثلاثا ثم إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده شئ من هذه النساء التي يتمتع بهن فليخل سبيله
انتهى وفي لفظ أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأذن لنا في متعة النساء
الحديث وفي لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم يخرج
حتى نهانا عنها انتهى وفي لفظ أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إني
كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وأن الله عز وجل قد حرم ذلك إلى يوم
القيامة فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا انتهى
وفي لفظ قال نهى عن المتعة وقال ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة
ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه انتهى وطوله بن حبان في صحيحه فقال ذكر
البيان بأن المصطفى عليه السلام حرم المتعة عام حجة الوداع أخبرنا محمد بن خزيمة
بسنده عن سبرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضينا عمرتنا قال لنا استمتعوا
من هذه النساء قال والاستمتاع عندنا يومئذ التزوج فعرضنا بذلك النساء أن نضرب
بيننا وبينهن أجلا قال فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال افعلوا فخرجت أنا وابن عم
لي معي بردة ومعه بردة وبرده أجود من بردي وأنا أشب منه فأتينا امرأة فعرضنا
ذلك عليها فأعجبها شبابي وأعجبها برد بن عمي فقالت برد كبرد فتزوجتها
وكان الاجل بيني وبينها عشرا فلبثت عندها تلك الليلة ثم أصبحت غاديا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فوجدته بين الحجر والباب قائما يخطب الناس وهو يقول أيها الناس
334

إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في هذه النساء ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة
فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا انتهى ورواه
أبو داود في سننه من حديث إسماعيل بن أمية عن الزهري قال كنا عند عمر بن
عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال رجل قال الربيع بن سبرة أشهد على أبي أنه
حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها في حجة الوداع انتهى وبهذا استدل الحازمي
في كتابه الناسخ والمنسوخ على نسخ المتعة وبحديث علي من جهة الدارقطني
الآتي
حديث آخر روى البخاري ومسلم من طريق مالك عن بن شهاب عن عبد الله
والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى وفي لفظ لمسلم إن عليا
سمع بن عباس يلين في المتعة فقال مهلا يا بن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم
خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى أخرجه البخاري في غزوة خيبر ومسلم في
النكاح وفي الذبائح ورواه الباقون خلا أبا داود قال السهيلي في
الروض الأنف هذه رواية مشكلة فإن هذا شئ لا يعرفه أحد من أهل السير
ورواة الأثر أن المتعة حرمت يوم خيبر وقد رواه بن عيينة عن بن شهاب فقال فيه إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر وعن المتعة ومعناه على هذا
اللفظ أي ونهى عن المتعة بعد ذلك فهو إذا تقديم وتأخير في لفظ بن شهاب لا في
لفظ مالك لان مالكا قد وافقه على لفظه جماعة من رواة بن شهاب والله أعلم انتهى
كلامه
قلت لم أجد رواية بن عيينة عن بن شهاب في صحيح مسلم إلا بلفظ مالك
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية انتهى ثم رواه
من حديث يونس عن بن شهاب به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر
وعن أكل لحوم الحمر الانسية انتهى ثم رواه من حديث عبيد الله عن بن شهاب به أن
عليا سمع بن عباس يلين في متعة النساء فقال مهلا يا بن عباس فإني سمعت رسول
335

الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى وكأنه عند البخاري
وينظر قال السهيلي واختلف في وقت تحريم نكاح المتعة فأغرب ما روي في ذلك
رواية من قال إن ذلك كان في غزة تبوك ثم رواية الحسن إن ذلك في عمرة
القضاء والمشهور في ذلك رواية الربيع بن سبرة عن أبيه أنه كان عام الفتح وهو في
صحيح مسلم
وفيه حديث آخر رواه أبو داود من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه أيضا أن
تحريمها كان في حجة الوداع ورواية من روى أنه كان في غزوة أوطاس موافقة
لرواية عام الفتح والله أعلم انتهى كلامه قلت رواية غزوة تبوك أخرجها الحازمي
في الناسخ والمنسوخ عن عبد الرحيم بن سليمان عن عباد بن كثير حدثني عبد الله بن
محمد بن عقيل سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
غزوة تبوك حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جاءت نسوة فذكرنا تمتعنا وهن تطفن
في رحالنا فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليهن وقال من هؤلاء النسوة فقلن
يا رسول الله نسوة تمتعنا منهن قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه
وتمعر وجهه وقام فينا خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم نهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ
الرجال والنساء ولم نعد ولا نعود لها أبدا فبها سميت يومئذ ثنية الوداع انتهى
حديث آخر روى الدارقطني في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا أحمد بن
الأزهر ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا عكرمة بن عمار ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث انتهى قال
بن القطان في كتابه إسناده حسن وليس فيه من ينظر في أمره إلا أحمد بن الأزهر
336

ابن منيع النيسابوري وقد روى عنه أبو حاتم وابنه أبو محمد وقال فيه أبو حاتم
صدوق وذكر جماعة رووا عنه نحو العشرة وأخرج الدارقطني أيضا نحو هذا
الحديث من رواية علي بن أبي طالب فرواه من طريق بن لهيعة عن موسى بن أيوب عن
إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة قال وإنما
كانت لمن لم يجد فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة
نسخت انتهى ورواه الحازمي في كتابه من طريق الدارقطني وقال غريب من
هذا الوجه وقد روي من طريق تقوي بعضها بعضا انتهى وضعفه بن القطان في
كتابه
حديث آخر أخرجه مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة
فقال إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل
فناداه فقال إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين
يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بن الزبير فجرب بنفسك فوالله لان فعلتها لأرجمنك
بأحجارك قال بن شهاب فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله أنه بينما هو جالس
عند رجل جاءه رجل فاستفتاه فأمره بها فقال له بن أبي عمرة الأنصاري مهلا قال
ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين قال بن أبي عمرة إنها كانت رخصة في
أول الاسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى
عنها قال بن شهاب وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال كنت استمتعت في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر ببردين أحمرين ثم نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وقال الحازمي في كتابه وقد كانت المتعة مباحة مشروعة في صدر الاسلام وإنما
أباحها النبي صلى الله عليه وسلم للسبب الذي ذكره بن مسعود كما أخرجه البخاري ومسلم عن
قيس بن أبي حازم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة
بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله
لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين انتهى أو للسبب الذي ذكره ابن عباس
337

كما رواه الترمذي عن محمد بن كعب عن بن عباس قال إنما كانت المتعة في أول
الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم
فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم قال بن عباس فكل فرج سواهما حرام انتهى قال الحازمي ولم يبلغنا أن
النبي صلى الله عليه وسلم أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم وكذلك نهاهم عنها غير مرة وأباحها
لهم في أوقات مختلفة بحسب الضرورات حتى حرمها عليهم في آخر سنيه وذلك في
حجة الوداع فكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وفقهاء الأمصار إلا طائفة من
الشيعة ويحكى عن بن جريج قال وأما ما يحكى فيها عن بن عباس فإنه كان يتأول
إباحتها للمضطر إليها بطول الغربة وقلة اليسار والجدة ثم توقف وأمسك عن
الفتوى بها ثم أسند من طريق الخطابي ثنا بن السماك ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا
الفضل بن دكين ثنا عبد السلام عن الحجاج عن أبي خالد عن المنهال عن سعيد بن جبير
قال قلت لابن عباس لقد سارت بفتياك الركبان وقالت فيها الشعراء قال وما قالوا
قلت قالوا
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسه * تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال سبحان الله والله ما بهذا أفتيت وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير
لا تحل إلا للمضطر انتهى
أحاديث مخالفة لما تقدم أخرج مسلم في صحيحه عن عطاء بن أبي رباح
قال قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوام عن أشياء ثم ذكروا
المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما
انتهى
حديث آخر وأخرج مسلم أيضا عن أبي الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله
يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو
بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث انتهى
حديث آخر وأخرج مسلم أيضا عن عاصم بن أبي نضرة قال كنت عند جابر
بن عبد الله فأتاه آت فقال إن بن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر
فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما انتهى
338

قوله وابن عباس صح رجوعه إلى قولهم فتقرر الاجماع قلت روى الترمذي
في جامعه حدثنا محمود بن غيلان ثنا سفيان بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة ثنا سفيان
الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن بن عباس قال إنما كانت المتعة في
أول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه
يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية إلا على أزواجهم
أو ما ملكت أيمانهم قال بن عباس فكل فرج سواهما فهو حرام انتهى وسكت
عنه قال الترمذي وإنما روى عن بن عباس شئ من الرخصة في المتعة ثم رجع عن
قوله حيث أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
339

باب في الأولياء والأكفاء
الحديث الأول أحاديث الأصحاب في عدم اشتراط الولي أخرج الجماعة إلا
البخاري عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيم أحق
بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها انتهى وفي لفظ
لمسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر وتستأمر وإذنها سكوتها انتهى ووجهه أنه
شارك بينها وبين الولي ثم قدمها بقوله أحق وقد صح العقد منه فوجب أن يصح
منها قال بن الجوزي في التحقيق والجواب أنه أثبت لها حقا وجعلها أحق لأنه
ليس للولي إلا المباشرة ولا يجوز له أن يزوجها إلا بإذنها
حديث آخر قال بن الجوزي قال سعيد بن منصور ثنا أبو الأحوص عن
عبد العزيز بن رفيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال جاءت امرأة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي أنكحني رجلا وأنا كارهة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيها لا نكاح
لك لاذهبي فانكحي من شئت انتهى قال بن الجوزي والجواب إن
الموجود في الصحيح أن أباها أنكحها وهي كارهة فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
340

وهو من حديث خنساء بنت خدام وأما قوله انكحي من شئت فرواه أبو سلمة
مرسلا
هذا والمرسل ليس بحجة ولو قلنا إنه حجة فالمراد تخيير الأكفاء والله أعلم
أحاديث الخصوم أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن إسرائيل عن أبي
إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي انتهى قال
الترمذي هذا حديث فيه اختلاف رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة
وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي
صلى الله عليه وسلم ورواه أسباط بن محمد وزيد حباب عن يونس بن أبي إسحاق
عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وروى أبو عبيدة الحداد عن
يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أبي
إسحاق وقد روى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى شعبة
والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مرسلا وأسنده بعض
أصحاب سفيان عن أبي إسحاق ولا يصح ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق
341

عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي عندي أصح لان
سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت
من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث فإن رواية هؤلاء عندي أشبه
وأصح لان شعبة والثوري سمعا هذا الحديث عن أبي إسحاق في مجلس واحد يدل
عليه ما حدثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود ثنا شعبة قال سمعت سفيان الثوري يسأل
أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي قال
نعم فدل هذا الحديث أن سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد وإسرائيل
هو ثبت في أبي إسحاق انتهى كلام الترمذي وأخرجه الحاكم في المستدرك عن
النعمان بن عبد السلام عن شعبة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي
موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي انتهى قال الحاكم وهذا
الحديث لم يكن للشيخين إخلاء الصحيحين منه فإن النعمان بن عبد السلام ثقة مأمون
وقد وصله عن الثوري وشعبة جميعا وقد رواه جماعة من الثقات عن الثوري وعن
شعبة عن جده فوصلوه فأما إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الثقة الحجة في حديث
جده أبي إسحاق فلم يختلف عنه في وصله ثم أخرجه من حديث هشام بن القاسم
وعبيد الله بن موسى وأبي غسان مالك بن إسماعيل وأحمد بن الخالد الوهبي
وعبد الله بن رجاء وطلق بن غنام كلهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق به سندا قال
وهذه الأسانيد كلها صحيحة وقد وصله عن أبي إسحاق أيضا جماعة من أئمة المسلمين
غير من ذكرناهم منهم الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه وأبو عوانة
وزهير بن معاوية ورقبة بن مصقلة ومطرف بن طريف الحارثي وعبد الحميد بن الحسن
الهلالي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهم قال وقد وصله عن أبي بردة جماعة غير أبي
إسحاق ثم أخرجه عن يونس بن أبي إسحاق به مسندا وعن أبي حصين عثمان ابن
عاصم عن أبي إسحاق به مسندا قال ولست أعلم بين أهل العلم خلافا في عدالة
342

يونس بن أبي إسحاق وفيه دليل على أن الخلاف الذي وقع على أبيه من جهة أصحابه لا
من جهة أبي إسحاق قال وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس
ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود و عبد الله بن
مسعود وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو
والمسور بن مخرمة وأنس بن مالك وأكثرها صحيحة وقد صحت الرواية فيه عن
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش رضي الله عنهم انتهى
كلامه
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن بن جريج عن سليمان
بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة
نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها
فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له انتهى
قال الترمذي حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث
والأربعين من القسم الثالث عن بن خزيمة والحاكم في المستدرك وقال على
شرط الشيخين ورواه بن عدي في الكامل في ترجمة سليمان بن موسى ثم قال
قال بن جريج فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه فقلت له إن سليمان
بن موسى حدثنا به عنك قال فأثنى علي سليمان خيرا وقال أخشى أن يكون وهم
علي قال بن عدي وهذا حديث جليل وعليه الاعتماد في إبطال النكاح بغير ولي
وقد رواه عن بن جريج الكبار من الناس منهم يحيى بن سعيد والليث بن سعد ولا
يعرف من حديث آخر بهذا الاسناد بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن
عروة عن عائشة غير هذا الحديث انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده وزاد فيه
قال بن جريج ثم لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه قال الترمذي
343

وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من جهة بن جريج قال ثم لقيت الزهري فسألته عنه
فأنكره فضعفوا الحديث من أجل هذا وذكر عن يحيى بن معين أنه قال لم يذكر هذا
عن الزهري إلا إسماعيل بن علية عن بن جريج وضعف يحيى رواية إسماعيل عن ابن
جريج انتهى وحكاية بن جريج هذه أسندها الطحاوي في شرح الآثار أيضا
فقال وذكر بن جريج أنه سأل عنه بن شهاب فلم يعرفه حدثنا بذلك بن أبي عمران
حدثنا يحيى بن معين عن بن علية عن بن جريج بذلك انتهى وقال ابن حبان في
صحيحه وقد أوهم هذا الخبر من لم يحكم صناعة هذا الحديث أنه منقطع بحكاية
حكاها بن علية عن بن جريج أنه قال ثم لقيت الزهري فسألته عن ذلك فلم يعرفه
قال وليس هذا مما يقدح في صحة الخبر لان الضابط من أهل العلم قد يحدث بالحديث
ثم ينساه فإذا سئل عنه لم يعرفه فلا يكون نسيانه دالا على بطلان الخبر وهذا
المصطفى صلى الله عليه وسلم خير البشر صلى فسها فقيل له أقصرت الصلاة أم نسيت فقال كل
ذلك لم يكن فلما جاز على من اصطفاه الله لرسالته في أعم أمور المسلمين الذي هو
الصلاة حين نسي فلما سألوه أنكر ذلك ولم يكن نسيانه دالا على بطلان الحكم الذي
نسيه كان جواز النسيان على من دونه من أمته الذين لم يكونوا بمعصومين أولى انتهى
قال الحاكم بعد أن أخرجه عن جماعة عن بن جريج وقد صحت الروايات عن الأئمة
الاثبات بسماع الرواة بعضهم من بعض فلا تعلل هذه الروايات بحديث بن علية
وقول بن جريج سألت الزهري عنه فلم يعرفه فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن
حدث به وقد اتفق ذلك لغير واحد من الحفاظ قال وأخبرنا الحسين بن الحسن بن
أيوب ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده حكاية
بن علية في حديث بن جريج لا نكاح إلا بولي فقال بن جريج له كتب مدونة
وليس هذا فيها يعني حكاية بن علية انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد أعل
344

بعض من يسوي الاخبار على مذهبه هذا الحديث بشيئين أحدهما ما رواه بإسناده عن
بن علية أن بن جريج سأل الزهري عنه فأنكره ثم أسند عن أحمد وابن معين أنهما
ضعفا رواية بن علية هذه قال فهذان إمامان قد وهنا هذه الرواية مع وجوب قبول خبر
الصادق وإن نسي من أخبر عنه الثاني أن عائشة رضي الله عنها روى عنها ما
يخالفه فروى من طريق مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت
حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم
عبد الرحمن قال ومثلي يفتات عليه فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال إن ذلك
بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت لأرد أمرا قضيته فاستقرت حفصة عند
المنذر ولم يكن ذلك طلاقا انتهى وكذلك رواه مالك في الموطأ كما تراه قال
البيهقي ونحن نحمل قوله زوجت أي مهدت أسباب التزويج وأضيف النكاح إليها
لاختيارها ذلك وإذنها فيه ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد
النكاح قال ويدل على صحة هذا التأويل ما أخبرنا وأسند عن عبد الرحمن بن
القاسم قال كنت عند عائشة يخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة
النكاح قالت لبعض أهلها زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح وفي لفظ فإن النساء
لا ينكحن قال إذا كان مذهبها ما روى من حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن
المراد بقوله زوجت ما ذكرناه فلا يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والعجب من
هذا المحتج بحكاية بن علية في رد هذه السنة وهو يحتج برواية الحجاج بن أرطاة في
غير موضع وهو يردها ههنا عن الحجاج عن الزهري بمثله ويحتج أيضا برواية ابن لهيعة
في غير موضع ويردها ههنا عن بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري بمثله فيقبل
رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت
مذهبه ومعهما رواية ثقة قال البيهقي واحتج أيضا لمذهبه بتزويج عمر بن أبي سلمة أمه
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال وليس فيه حجة لأنه لو كان جائزا بغير ولي
لاوجبت العقد بنفسها ولم تأمر غيرها فلما أمرت به غيرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها على
ما جاء في بعض الروايات دل على أنها لا تلي عقد النكاح وقول من زعم إنه زوجها
بالبنوة يقابل بقول من قال بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها ولم يكن لها ولي هو
345

أقرب إليها منه وذلك لأنه عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن
عمر بن مخزوم وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن
مخزوم فتزوجه بها كان بولي وقد قيل إن نكاح النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتقر إلى ولي وتزويج
زينب بنت جحش يدل على ذلك انتهى كلامه قال بن الجوزي في التحقيق
وإنكار الزهري الحديث لا يطعن في روايته لان الثقة قد يروي وينسى قال أحمد بن
حنبل كان بن عيينة يحدث ناسا ثم يقول ليس هذا من حديثي ولا أعرفه وروى
عن سهيل بن أبي صالح أنه ذكر له حديث فأنكره فقال له ربيعة أنت حدثتني به عن
أبيك فكان سهيل يقول حدثني ربيعة عني وقد جمع الدارقطني جزء فيمن حدث
ونسي قال والدليل على أن الزهري نسي أن هذا الحديث رواه جعفر بن ربيعة وقرة
بن عبد الرحمن وابن إسحاق فدل على ثبوته عنه فحديث جعفر بن ربيعة أخرجه
أبو داود عن القعنبي عن بن لهيعة عنه وحديث قال في التنقيح وسليمان بن
موسى ليس من رجال الصحيح بل هو صدوق وقال فيه النسائي ليس بالقوي في
الحديث وقد روى هذا الحديث مختلف الاسناد والمتن فروى كما تقدم من حديث
الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا لا نكاح إلا بولي والسلطان
ولي من لا ولي له والحجاج ضعيف رواه بن ماجة وأخرجه الدارقطني عن محمد بن
يزيد بن سنان ثنا أبي عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا لا نكاح إلا بولي وشاهدي
عدل قال الدارقطني رواه عن هشام سعيد بن خالد ونوح بن دراج وعبد الله بن
حكيم وقالوا فيه وشاهدي عدل ومحمد بن يزيد بن سنان وأبوه ضعيفان
وأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي الخصيب عن هشام به مرفوعا لا بد في النكاح من أربعة
الولي والزوج والشاهدين وهذا حديث منكر والأشبه أن يكون موضوعا وأبو
الخصيب اسمه نافع بن ميسرة وهو مجهول انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه البخاري عن الحسن أن معقل بن يسار زوج أختا له فطلقها
الرجل ثم أنشأ يخطبها فقال زوجتك كريمتي فطلقتها ثم أنشأت تخطبها فأبى أن
346

يزوجه وهويته المرأة فأنزل الله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن
أن ينكحن أزواجهن انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن الحجاج بن أرطاة عن عكرمة عن ابن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له والحجاج ضعيف
وفي سماعه من عكرمة نظر قال في التنقيح قال أحمد لم يسمع منه ولكن روى
عن داود بن الحصين عنه لكن الطبراني رواه عن خالد الحذاء عن عكرمة به قال ابن
الجوزي وله طرق أخرى كلها ضعيفة قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن
عبد الله بن الفضل عن عدي بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
مرفوعا وقال رجاله ثقات إلا أنه محفوظ من قول بن عباس ولم يرفعه إلا عبد الله
بن الفضل انتهى وأخرجه الطبراني عن أبي يعقوب بن أبي نجيح عن عطاء عن بن
عباس
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن جميل بن الحسن الجهضمي ثنا محمد بن
مروان العقيلي ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا
تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها انتهى وأخرجه أيضا عن مسلم بن
أبي مسلم الجرمي ثنا مخلد بن الحسين ثنا هشام به قال بن الجوزي وجميل ومسلم
هذان لا يعرفان قال في التنقيح أما جميل فهو بن الحسن الأزدي العتكي الأهوازي
مشهور وروى عنه بن خزيمة وابن أبي داود وخلف وروى عنه بن ماجة وابن
خزيمة هذا الحديث ووثقه بن حبان وتكلم فيه غيره ومسلم الجرمي هو ابن
عبد الرحمن قال بن أبي حاتم هو من الثقات روى عن مخلد بن حسين وروى عنه
الحسن بن سفيان أيضا هذا الحديث وقال سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن
حسين عن هشام بن حسان فقال ثقة قلت تذكرت له هذا الحديث فقال نعم
كان عندنا شيخ يرفعه عن مخلد ورواه بحر بن نضر عن بشر بن بكر عن الأوزاعي عن
بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا وهو أشبه وكذلك قال بن عيينة عن هشام بن
347

حسان عن بن سيرين وذكر بن الجوزي أحاديث واهية ضعيفة أضربنا عن ذكرها
والله أعلم
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا
محمد بن عباس بن الوليد الريبوني ثنا عمر بن عثمان الرقي ثنا عيسى بن يونس عن
الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا لا نكاح إلا بولي فإن اشتجروا فالسلطان
ولي من لا ولي له انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بكر بن بكار ثنا عبد الله بن محرز
عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن محرز عن قتادة عن
الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا نحوه ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في
معجمه وهما معلولان بعبد الله بن محرز وفي الأول أيضا بكر بن بكار وهو أيضا
ضعيف
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن ثابت بن زهير قال البخاري فيه منكر
الحديث قاله ابن عدي
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن أحمد بن عبد الله بن محمد
أبي علي الكندي ثنا إبراهيم بن الجراح الحساني ثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن خصيف
عن جابر بن عقيل عن علي بن أبي طالب مرفوعا نحوه قال بن عدي لم يحدث به إلا
أحمد هذا وهو باطل وأخرجه بن عدي في الكامل عن عمر بن صبيح بن عمران
التميمي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن ثمامة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة
تزوجت بغير إذن ولي فنكاحها باطل فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له
وضعفه بعمر بن صبيح قال وقد اضطرب فيه فمرة رواه هكذا ومرة رواه عن
348

مقاتل عن قبيصة عن معاذ انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي عن إسماعيل بن سيف البصري ثنا هشام بن سليمان
المجاشعي عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا نحوه وقال إسماعيل هذا يسرق الحديث
حديث آخر أخرجه بن عدي أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وأسند تضعيف سليمان بن أرقم عن أبي داود
وأحمد والنسائي وابن معين وأخرجه أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن
أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وأسند تضعيف العرزمي عن البخاري والنسائي وابن
معين ووافقهم ثم قال وقد اختلف فيه على العرزمي فروى كما ذكرناه ومرة كما
أخبرنا فأسند عن العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ومرة
كما أخبرنا فأسند عنه أيضا عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه وهذا الاختلافات في
هذا الحديث كلها غير محفوظة انتهى
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا عبد الله بن عصمة
النصيبي ثنا حمزة بن أبي حمزة عن عطاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن كان دخل بها فلها صداقها بما
استحل من فرجها ويفرق بينهما وإن كان لم يدخل بها فرق بينهما والسلطان ولي من
لا ولي له انتهى ومن طريق بن راهويه رواه الطبراني في معجمه وأبو نعيم في
الحلية قال أبو نعيم تفرد به عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر وفي لفظه
التفريق وقد روى عن عروة عن عائشة نحوه في إبطال النكاح دون لفظ التفريق
انتهى
أحاديث إجبار البكر البالغ قال أصحابنا ليس للولي إجبار البكر البالغة على
النكاح وخالفهم الشافعي وأحمد
لأصحابنا حديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده
349

عن حسين ثنا جريج عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وحسين بن محمد
المروزي أحد الثقات المخرج لهم في الصحيحين ورواه البيهقي وقال أخطأ فيه
جرير بن حازم على أيوب السختياني والمحفوظ عن أيوب عن عكرمة عن النبي
مرسلا وقد رواه أبو داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
مرسلا وقد رواه بن ماجة من حديث زيد بن حبان عن أيوب موصولا وزيد مختلف في
توثيقه قال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديث حسين فقال هو خطأ
إنما هو كما روى الثقات حماد بن زيد وابن علية عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسل وهو الصحيح فقلت له الوهم ممن فقال ينبغي أن يكون من حسين فإنه لم
يروه عن جرير بن حازم غيره انتهى وقال في التنقيح قال الخطيب البغدادي قد
رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضا كما رواه حسين فبرئت عهدته
وزالت تبعته ثم رواه بإسناده قال ورواه أيوب بن سويد هكذا عن الثوري عن أيوب
موصولا وكذلك رواه معمر بن سليمان عن زيد بن حبان عن أيوب انتهى قال ابن
القطان في كتابه حديث بن عباس هذا حديث صحيح قال وليست هذه خنساء بنت
خدام التي زوجها أبوها وهي ثيب فكرهته فرد عليه السلام نكاحه رواه البخاري
فإن تلك ثيب وهذه بكر وهما ثنتان والدليل على أنهما ثنتان ما أخرجه الدارقطني عن
بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان انتهى
قلت أخرج النسائي في سننه حديث خنساء وفيه أنها كانت بكرا رواه عن
350

عبد الله بن يزيد عن خنساء قالت أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر فشكوت ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تنكحها وهي كارهة انتهى قال عبد الحق في أحكامه وقع
في كتاب النسائي أنها كانت بكرا والصحيح أنها كانت ثيبا كما رواه البخاري
انتهى قال بن القطان وتزوجت خنساء بمن هويته وهو أبو لبابة بن عبد المنذر صرح
به في سنن بن ماجة فولدت له السائب بن أبي لبابة فأما الجارية البكر فهي غير
الخنساء روى حديثها بن عمر وابن عباس وجابر وعائشة عند أبي داود منها
حديث بن عباس انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها انتهى قال بن الجوزي
في التحقيق إنما قال ذلك ليطيب قلبها
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن شعيب بن أبي إسحاق عن الأوزاعي عن عطاء
عن جابر أن رجلا زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما
انتهى قال الدارقطني هذا وهم من شعيب والصحيح أنه مرسل وقال في
التنقيح وقال أبو علي الحافظ لم يسمعه الأوزاعي من عطاء والحديث في الأصل
مرسل لفظا إنما رواه الثقات عن الأوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن عطاء عن النبي
مرسل وقد روى من أوجه أخرى ضعيفة عن أبي الزبير عن جابر
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال قال بن أبي ذئب
أخبرني نافع عن بن عمر أن رجلا زوج ابنته بكرا فكرهت ذلك فرد النبي صلى الله عليه وسلم
نكاحها وفي رواية أخرى قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتزع النساء من أزواجهن ثيبا
وأبكارا بعد أن يزوجهن الآباء إذا كرهن ذلك انتهى قال بن الجوزي لم يسمعه ابن
أبي ذئب من نافع إنما سمعه من عمر بن حسين وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال
باطل انتهى وقال في التنقيح سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال يرويه
351

صدقة بن عبد الله والوليد بن مسلم عن بن أبي ذئب عن عمر بن حسين عن نافع عن ابن
عمر بلفظ آخر وبين فيه أن بن أبي ذئب سمعه من نافع وأتى به بطوله على الصواب
وكذلك رواه محمد بن إسحاق وعبد العزيز بن المطلب عن عمر ومن قال فيه عمر
بن علي بن حسين فقد وهم وقد رواه يونس بن بكير عن بن إسحاق عن نافع
والصحيح عن بن إسحاق عن عمر بن حسين عن نافع وفي هذه الأحاديث بيان أن
التزويج كان من قدامة بن مظعون أخي عثمان بن مظعون لأبيه وهو عمها وهو أصح
ممن قال زوجها أبوها لان بن عمر كان إنما تزوجها بعد وفاة أبيها عثمان بن مظعون
وهو خال بن عمر انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الملك الذماري عن
سفيان عن هشام صاحب الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس أن
النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحهما
انتهى قال في التنقيح إسحاق بن إبراهيم هذا هو بن جوتي الطبري وهو
ضعيف لكنه لم يتفرد به عن الذماري فقد رواه البيهقي من حدث أبي سملة مسلم بن
محمد بن عمار الصنعاني عن الذماري قال الدارقطني وهم فيه الذماري عن الثوري
والصواب عن يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسلا قال البيهقي فهو في جامع
الثوري كما ذكره الدارقطني مرسلا وكذلك رواه عامة أصحابه عنه وكذلك رواه
غير الثوري عن هشام انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي وأحمد عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت
جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي زوجني بن أمية ليرفع بي من
خسيسته قال فجعل الامر إليها فقالت إني قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن
تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الامر شئ قال البيهقي هذا مرسل بن بريدة
لم يسمع من عائشة وإن صح فإنما جعل الامر إليها لوضعها في غير كفء انتهى
352

قلت هكذا رواه النسائي حدثنا زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن كهمس بن
الحسن عن عبد الله بن بريدة ورواه بن ماجة في سننه حدثنا هناد بن الثرى ثنا وكيع
عن كهمس بن الحسن عن بن بريدة عن أبيه قال جاءت فتاة الحديث سواء وينظر
مسند أحمد قال بن الجوزي وجمهور الأحاديث في ذلك محمول على أنه زوج من
غير كفء وقولها زوجني بن أخيه يكون ابن عمها
أحاديث الخصوم واحتج الشافعي وأحمد بما أخرجه مسلم في صحيحه عن
نافع بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها
أبوها في نفسها قال بن الجوزي في التحقيق ووجه الدليل أنه قسم النساء
قسمين ثيبا وأبكارا ثم خص الثيب بأنها أحق من وليها مع أنها هي والبكر اجتمعا
في ذهنه فلو أنها كالثيب في ترجح حقها على حق الولي لم يكن لافراد الثيب بهذا
المعنى وصار هذا كقوله في سائمة الغنم الزكاة فان قالوا قد رواه مسلم أيضا بلفظ
الأيم أحق بنفسها والأيم هي التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا قلنا المراد بالأيم
أيضا الثيب لأنه لما ذكر البكر علم أنه أراد الثيب إذ ليس قسم ثالث قال في
التنقيح لا دلالة في هذا الحديث على أن البكر ليست أحق بنفسها إلا من جهة
المفهوم والحنفية لا يقولون به ثم على تقدير القول به كما هو الصحيح لا حجة فيه
على إجبار كل بكر لان المفهوم لا عموم له فيمكن حمله على من هي دون البلوغ ثم
إن هذا المفهوم قد خالفه منطوقه وهو قوله والبكر تستأذن والاستئذان مناف للاجبار
وإنما وقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر لان الثيب تخطب إلى نفسها فتأمر
الولي بتزويجها والبكر تخطب إلى وليها فيستأذنها ولهذا فرق بينهما في كون
الثيب إذنها الكلام والبكر إذنها الصمات لان البكر لما كانت تستحي أن تتكلم في أمر
نكاحها لم تخطب إلى نفسها والثيب تخطب إلى نفسها لزوال حياء البكر عنها
فتتكلم بالنكاح وتأمر وليها أن يزوجها فلم يقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر
353

لأجل الاجبار وعدمه والله أعلم انتهى كلامه
أحاديث الخصوم قال أصحابنا يملك الولي إجبار الثيب الصغيرة على النكاح
وخالفهم الشافعي وأحمد لهما حديث بن عباس المتقدم مرفوعا الثيب أحق بنفسها
من وليها رواه مسلم وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح الثيب حتى
تستأمر رواه مسلم وحديث خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي كارهة وكانت
ثيبا فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه انتهى انفرد به البخاري
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الرزاق ثنا معمر عن صالح بن
كيسان عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس للولي مع
الثيب أمر انتهى ورواه الدارقطني وقال لم يسمعه صالح من نافع إنما سمعه من
عبد الله بن الفضل عنه اتفق على ذلك بن إسحاق وسعيد بن سلمة عن صالح وكأن
معمرا أخطأ فيه قال النيسابوري والذي عندي أن معمرا أخطأ فيه قال النسائي
لعل صالح بن كيسان سمعه من عبد الله بن الفضل ثم رواه من طريق إسحاق عن صالح
بن كيسان عن عبد الله بن الفضل ورواه بن حبان في صحيحه فقال ذكر الخبر
المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن
مطعم ثم ذكره من رواية صالح عن نافع ولم يصنع شيئا قال صالح إنما سمعته من
354

عبد الله بن الفضل انتهى
الحديث الأول قال عليه السلام البكر تستأمر في نفسها فان سكتت فقد
رضيت قلت غريب بهذا اللفظ وروى الأئمة الستة من حديث أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول
الله وكيف إذنها قال أن تسكت انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن
ذكوان مولى عائشة قالت قلت يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن قال
355

نعم قلت فان البكر تستأمر فتستحي فتسكت قال سكوتها اذنها انتهى
واللفظ للبخاري في الاكراه ولفظ مسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية
ينكحها أهلها أتستأمر أم لا قال نعم تستأمر قلت فإنها تستحي قال ذلك اذنها
إذا هي سكتت انتهى وأخرج الجماعة خلا البخاري عن نافع بن جبير عن ابن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها والبكر تستأمر في نفسها
وإذنها صماتها انتهى وفي لفظ مسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر
وإذنها سكوتها انتهى
356

الحديث الثاني قال عليه السلام الثيب تشاور قلت غريب بهذا اللفظ
وتقدم معناه قريبا
357

الحديث الثالث قال عليه السلام النكاح إلى العصبات قلت
358

الحديث الرابع قال عليه السلام السلطان ولي من لا ولي له قلت أخرج
أبو داود والترمذي وابن ماجة عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن
360

عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها
فنكاحها باطل فان دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها وإن تشاجروا فالسلطان ولي من
لا ولي له انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد في مسنده وابن
حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين انتهى
وفيه كلام تقدم وتقدم ذلك في حديث بن عباس وفي حديث جابر وفي حديث
علي وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وكلها معلولة
361

فصل في الكفاءة
الحديث الخامس قال عليه السلام ألا لا تزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوجن إلا
من الأكفاء قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن مبشر بن عبيد
حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء ولا مهر دون
عشرة دراهم انتهى قال الدارقطني مبشر بن عبيد متروك الحديث أحاديثه لا
يتابع عليها انتهى وأسند البيهقي في المعرفة عن أحمد بن حنبل أنه قال أحاديث
مبشر بن عبيد موضوعة كذب انتهى قال بن القطان في كتابه وهو كما قال
لكن بقي عليه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ويدلس على الضعفاء انتهى
قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن مبشر بن عبيد عن أبي الزبير عن
جابر فذكره وعن أبي يعلى رواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال مبشر بن
عبيد يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب انتهى
ورواه بن عدي والعقيلي في كتابيهما وأعلاه بمبشر بن عبيد وأسند العقيلي عن
الإمام أحمد أنه وصفه بالوضع والكذب انتهى وقال البيهقي هذا حديث ضعيف
بمرة وفي اعتبار الأكفاء أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة وأمثلها حديث علي ثلاثة لا
تؤخرها وفيه والأيم إذا وجدت كفؤا انتهى
قلت هذا الحديث رواه الترمذي في الصلاة في الجنائز حدثنا قتيبة ثنا عبد الله
بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه
362

عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاث لا تؤخرها الصلاة
إذا آنت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤا انتهى
قال الترمذي في الجنائز حديث غريب وما أرى إسناده متصلا انتهى
قلت أخرجه الحاكم في المستدرك في النكاح كذلك وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه انتهى إلا أني وجدته قال عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عوض
سعيد بن عبد الله الجهني فلينظر والمصنف استدل بهذا الحديث على اعتبار الكفاءة
ولم يتعرض لاشتراطها ولا ذكر الخلاف فيه والحديث ظاهر في اشتراطها قال
البيهقي في المعرفة قال الشافعي وأصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة لأنه عليه
السلام إنما خيرها لان زوجها لم يكن كفؤا انتهى واستدل بن الجوزي في
التحقيق على اشتراطها بحديث عائشة أنه عليه السلام قال تخيروا لنطفكم
وأنكحوا الأكفاء وهذا روى من حديث عائشة ومن حديث أنس ومن حديث عمر
بن الخطاب من طرق عديدة كلها ضعيفة استوفيناها والكلام عليها في كتاب
الاسعاف بأحاديث الكشاف في أول سورة النساء والله أعلم
واستدل بن الجوزي لأصحابنا في عدم اشتراط الكفاءة بما أخرجه النسائي وأحمد
عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول
الله إن أبي زوجني بن أخيه ليرفع بي من خسيسته قال فجعل الامر إليها فقالت إني
قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الامر شئ
انتهى قال البيهقي هذا مرسل بن بريدة لم يسمع من عائشة انتهى قلت هكذا
رواه النسائي حدثنا زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن كهمس بن الحسن عن عبد الله
بن بريدة فذكره ورواه بن ماجة حدثنا هناد بن السري ثنا وكيع عن كهمس بن
الحسن عن بن بريدة عن أبيه فذكره سواء وينظر مسند أحمد
363

الحديث السادس قال عليه السلام قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن ببطن
والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل
قلت روى الحاكم حدثنا الأصم ثنا الصغاني ثنا شجاع بن الوليد ثنا بعض إخواننا عن ابن
جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
العرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل والموالي بعضهم أكفاء لبعض
قبيلة بقبيلة ورجل برجل إلا حائك أو حجام انتهى قال صاحب التنقيح
هذا منقطع إذ لم يسم شجاع بن الوليد بعض أصحابه انتهى ورواه البيهقي
طريق آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث بقية بن الوليد عن
زرعة بن عبد الله الزبيدي عن عمران بن أبي الفضل الأيلي عن نافع عن بن عمر مرفوعا
نحوه سواء قال بن عبد البر هذا حديث منكر موضوع وقد روى عن ابن جريج عن
بن أبي مليكة عن بن عمر مرفوعا مثله ولا يصح عن بن جريج انتهى ورواه ابن
حبان في كتاب الضعفاء وأعله بعمران بن أبي الفضل وقال إنه يروي الموضوعات
عن الاثبات لا يحل كتب حديثه انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله
بعمران وأسند تضعيفه عن النسائي وابن معين ووافقهما وقال الضعف على حديثه
بين انتهى وقال بن القطان قال أبو حاتم هو منكر الحديث ضعيفه جدا انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن الفضل عن عبيد الله عن نافع عن ابن
عمر مرفوعا الناس أكفاء قبيلة بقبيلة وعربي لعربي ومولى لمولى إلا حائك أو
حجام انتهى ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني وقال
364

بقية مغموز بالتدليس ومحمد بن الفضل مطعون فيه انتهى
طريق آخر رواه بن عدي في الكامل من حديث عثمان بن عبد الرحمن عن
علي بن عروة عن بن جريج عن نافع به باللفظ الأول وأعله بعلي بن عروة وقال إنه
منكر الحديث وقال صاحب التنقيح وعثمان بن عبد الرحمن هو الطرائفي من أهل
حران يروي عن المجاهيل وقد روى هذا الحديث من وجه آخر عن عائشة وهو
ضعيف بمرة انتهى كلامه
حديث آخر روى البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا سليمان بن
أبي الجون ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم العرب بعضهم أكفاء لبعض والموالي بعضهم أكفاء لبعض انتهى
وسكت عنه وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وقال إنه منقطع فان
خالد بن معدان لم يسمع من معاذ قال بن القطان في كتابه وهو كما قال
وسليمان بن أبي الجون لم أجد له ذكرا انتهى
365

باب المهر الحديث الأول قال عليه السلام لا مهر أقل من عشرة دراهم قلت تقدم
في الكفاءة حديث مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء وعمر وابن دينار
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء
369

ولا يزوجهن إلا الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم انتهى وهو حديث ضعيف
تقدم الكلام عليه
الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن داود الأودي عن الشعبي عن علي قال
لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم ولا يكون المهر أقل من عشرة دراهم انتهى
قال بن الجوزي في التحقيق قال بن حبان داود الأودي ضعيف كان يقول
بالرجعة ثم إن الشعبي لم يسمع من علي انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا في الحدود
370

عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي فذكره وجويبر أيضا ضعيف
وأخرجه أيضا من طريق آخر عن الضحاك بسنده وفيه محمد بن مروان أبو جعفر قال
الذهبي لا يكاد يعرف انتهى كلامه
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي قال
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها
وصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها بشئ
جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة
فزوجنيها فقال هل معك شئ قال لا والله يا رسول الله قال اذهب إلى أهلك
فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا فقال عليه
السلام أنظر ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله
ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري فلها نصفه فقال عليه السلام
ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شئ وإن لبسته لم يكن عليك منه شئ
فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا أمر به فدعى فلما
جاء قال له ما معك من القرآن قال سورة كذا وكذا عددها فقال تقرأهن عن
ظهر قلبك قال نعم قال اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن انتهى
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا إسحاق بن جبريل البغدادي ثنا يزيد ثنا
موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل انتهى قال أبو داود
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر موقوفا انتهى
371

وقال عبد الحق لا يعول على من أسنده قال الذهبي في الميزان إسحاق هذا
لا يعرف وضعفه الأزدي ومسلم بن رومان يقال إن اسمه صالح وهو مجهول
وروى عن أبي الزبير وعنه يزيد بن هارون فقط انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله
ابن عامر بن ربيعة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين انتهى قال
الترمذي حديث حسن صحيح قال بن الجوزي في التحقيق عاصم بن عبيد الله
قال بن معين ضعيف لا يحتج به وقال بن حبان كان فاحش الخطأ فترك
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن محمد
بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أدوا العلائق قيل
ما العلائق قال ما تراضى عليه الأهلون ولو كان قضيبا من أراك انتهى وهو معلول
بمحمد بن عبد الرحمن البيلماني قال بن القطان قال البخاري منكر الحديث ورواه
أبو داود في المراسيل عن عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال ابن
القطان ومع إرساله فيه عبد الرحمن أبو محمد لم تثبت عدالته وهو ظاهر الضعف
انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يضر أحدكم بقليل من ماله تزوج أم بكثير بعد أن يشهد
انتهى قال بن الجوزي وأبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين قال حماد
ابن زيد كان كذابا وقال السعدي كذاب مفتر انتهى
قوله والمتعة ثلاثة أثواب من كسوة مثلها وهي درع وخمار وملحفة وهذا
372

التقدير مروي عن عائشة وابن عباس قلت أخرجه البيهقي عن ابن عباس
373

بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الثاني قال عليه السلام لها مهر مثل نسائها قلت أخرجه الأئمة
الأربعة في سننهم عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة واللفظ للترمذي
قال سئل بن مسعود عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولد يدخل بها حتى
374

مات فقال بن مسعود لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها
الميراث فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت
واشق امرأة منا مثل ما قضيت ففرح بها بن مسعود انتهى قال الترمذي
حديث حسن صحيح وروى عن الشافعي أنه رجع بمصر وقال بحديث بروع انتهى
وأخرجه النسائي عن زائدة بن قدامة عن منصور به وقال فقام رجل من أشجع ولم
يسمه وأخرجه أيضا عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله
بنحوه وقال فقام أناس من أشجع ولم يسمهم وبهذا السند رواه الحاكم في
المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وأخرجه أبو داود أيضا عن قتادة عن
خلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن بن مسعود أتى في رجل تزوج
امرأة ولم يفرض لها صداقا فمات عنها ولم يدخل بها فقال أقول إن لها صداقا
كصداق نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث ولها العدة فان يك صوابا فمن
375

الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان فقام ناس من أشجع فيهم
الجراح وأبو سنان فقالوا نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق وأن
زوجها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت قال ففرح بن مسعود فرحا شديدا
حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وبهذا السند والمتن رواه أحمد في
مسنده قال الدارقطني في كتاب العلل أحسن أسانيده حديث قتادة إلا أنه لم
يحفظ اسم الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
وأحمد في مسنده ومن طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
376

على شرط الشيخين وعن بن أبي شيبة رواه بن ماجة في سننه بسنده ومتنه
سواء حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن
عبد الله وسموه معقل بن سنان الأشجعي ورواه البيهقي في سننه وقال قال
الشافعي لم أحفظه من وجه يثبت فمرة يقال معقل بن سنان ومرة يقال معقل بن
يسار ومرة عن بعض أشجع ولا يسمى قال البيهقي وهذا الاختلاف لا يؤثر في
377

الحديث فان جميع هذه الروايات إسنادها صحيح وفي بعضها ما دل على أن جماعة
من أشجع شهدوا بذلك فان بعض الرواة سمى واحدا وبعضهم سمى آخر وبعضهم سمى اثنين وبعضهم
لم يسم وبمثله لا يرد الحديث ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما
378

كان لفرح عبد الله بن مسعود بروايته معنى وهذا عبد الرحمن بن مهدي إمام من أئمة
الحديث قد رواه وذكر سنده وقال هذا إسناد صحيح وقد سمى فيه معقل بن
سنان وهو صحابي مشهور ورواه يزيد بن هارون وهو أحد الحفاظ مع
عبد الرحمن بن مهدي وغيره بإسناد صحيح وذكر سنده انتهى كلامه ورواه محمد
بن الحسن في كتاب الآثار حدثنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم
النخعي عن عبد الله بن مسعود فذكره وسماه معقل بن يسار الأشجعي
379

فصل
الحديث الثالث قال عليه السلام إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد قلت
غريب وروى بن أبي شيبه في مصنفه في باب ذكر أهل نجران حدثنا عفان ثنا
عبد الواحد بن زياد ثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
أهل نجران وهم نصارى أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة له انتهى وهو مرسل
ورواه أبو عبيد في كتاب الأموال حدثني أبو أيوب الدمشقي ثنا سعدان بن أبي يحيى
عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهزلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران
فكتب لهم كتابا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب محمد النبي رسول صلى الله عليه وسلم
لأهل نجران إذ كان له حكمه عليهم أن في كل سوداء وصفراء وبيضاء
وحمراء وثمرة ورقيق ألفي حله في كل صفر ألف حلة وفى كل رجب ألف حلة
386

على أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يأكلوا الربا فمن أكل منهم الربا فذمتي منه بريئة
مختصر قال أبو عبيد وإنما غلظ عليهم أكل الربا دون غيره من المعاصي مع أنهم
يمكنون مما هو أعظم منه كالشرك وشرب الخمر وأكل الخنزير وغير ذلك لان في
منعهم منه كف المسلمين عن أكل الربا ولولا المسلمون لكانوا في الربا كسائر ما هم فيه
387

من المعاصي والله أعلم انتهى كلامه
باب نكاح الرقيق
الحديث الأول قال عليه السلام أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر
قلت روى من حديث جابر ومن حديث ابن عمر
أما حديث جابر فأخرجه الترمذي عن بن جريج عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو
عاهر انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك
وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الترمذي أيضا عن زهير
بن محمد عن بن عقيل عن جابر به وقال حديث حسن انتهى هكذا وجدته في
عدة نسخ وشيخنا أبو الحجاج المزي لم ينقل عنه في أطرافه إلا التحسين فقط تابعا
388

لابن عساكر في أطرافه وكذلك المنذري في مختصره مقلدا للاطراف كما
هو في عادته فأعلم ذلك قال الترمذي وقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن محمد بن
عقيل عن بن عمر ولا يصح إنما هو من رواته عبد الله عن جابر انتهى
وأما حديث بن عمر فله طريقان أحدهما عند أبي داود عن عبد الله بن عمر
عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل
انتهى قال أبو داود هذا حديث ضعيف وهو موقوف من قول ابن عمر انتهى
الطريق الاخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا أزهر بن مروان عن عبد الوارث
بن سعيد عن القاسم بن عبد الواحد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن بن عمر مرفوعا
إذا تزوج العبد بغير إذن سيده كان عاهرا انتهى وهذه الطريق التي أشار إليها الترمذي
389

في كتابه وقال الترمذي في علله الكبرى سألت محمد بن إسماعيل عن
عبد الله بن محمد بن عقيل فقال رأيت أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه
والحميدي يحتجون بحديثه وهو مقارب الحديث انتهى وقال الدارقطني في علله
هذا حديث رواه بن جريج عن موسى بن عقبه واختلف عن بن جريج فرواه مندل
بن علي ويحيى بن سعيد الأموي عن بن جريج عن موسى بن عقبه عن نافع عن ابن عمر
390

عن النبي صلى الله عليه وسلم ووهما في رفعه والصواب ما رواه أيوب عن نافع عن بن عمر موقوفا
ورواه أبو عاصم وحجاج وعبد الرزاق عن بن جريج به موقوفا وهو الصواب
انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه
أخذ عبدا له تزوج بغير إذنه ففرق بينهما وأبطل صداقه وضربه حدا انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لبريرة حين عتقت ملكت بضعك فاختاري
391

قلت أخرجه الدارقطني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة اذهبي فقد عتق معك
بضعك انتهى وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن
داود بن أبي هند عن عامر الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة لما أعتقت قد عتق بضعك
معك فاختاري انتهى وهذا مرسل وروى البخاري ومسلم عن القاسم عن
عائشة قالت كان في بريرة ثلاث سنين أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا ولاءها
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق وعتقت
فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها فاختارت نفسها وكان الناس يتصدقون عليها
وتهدي لنا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هو عليها صدقة ولنا هدية انتهى
رواه البخاري في النكاح والطلاق ومسلم في العتق ورواه الباقون كذلك في
392

الطلاق خلا الترمذي فإنه أخرجه في الرضاع عن الأسود عن عائشة
واختلفت الروايات في زوج بريرة هل كان حرا أو عبدا حين خيرت فإن أصحابنا لا
يفرقون بين الحر والعبد في ثبوت الخيار لها والشافعي يقول لها الخيار في العبد دون
الحر والله أعلم
الأحاديث في أنه كان حرا روى الجماعة إلا مسلما من حديث إبراهيم عن
الأسود عن عائشة قالت يا رسول الله إني اشتريت بريرة لأعتقها وإن أهلها يشترطون
ولاءها فقال أعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق قال فاشتريتها فأعتقتها قالت وخيرت
فاختارت نفسها وقالت لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه قال الأسود وكان
زوجها حرا انتهى بلفظ البخاري ثم قال وقول الأسود منقطع وقول ابن عباس
رأيته عبدا أصح انتهى هكذا أخرجه في كتاب الفرائض عن منصور عن إبراهيم
به وأخرجه أيضا عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به وفي آخره قال الحكم وكان
393

زوجها حرا قال البخاري وقول الحكم مرسل انتهى ولفظ أبي داود إن زوج
بريرة كان حرا حين أعتقت وأنها خيرت فقالت ما أحب أن أكون معه وإن في كذا وكذا
انتهى أخرجه في الطلاق عن منصور عن إبراهيم به ولفظ الترمذي قالت
كان زوج بريرة حرا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى أخرجه في الرضاع عن
الأعمش عن إبراهيم به وكذلك أخرجه بن ماجة في الطلاق أنها أعتقت بريرة
فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لها زوج حر انتهى وأخرجه النسائي أيضا في
الطلاق عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به ورواه في كتاب الكنى من حديث أبي
معشر عن إبراهيم النخعي عن علقمة والأسود أنهما سألا عائشة عن زوج بريرة
فقالت كان حرا يوم أعتقت انتهى
طريق آخر أخرجه مسلم عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم سمعت القاسم
يحدث عن عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاءها فذكرت ذلك
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها فان الولاء لمن أعتق وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
لحم فقيل له هذا تصدق به على بريرة فقال هو لها صدقة ولنا هدية وخيرت
قال عبد الرحمن وكان زوجها حرا قال شعبة ثم سألته عن زوجها فقال لا أدري
394

انتهى وفي البخاري في الهبة فقال عبد الرحمن زوجها حر قال شعبة ثم
سألته عن زوجها فقال لا أدري أحر أم عبد مختصر
لأحاديث في أنه كان عبدا أخرج الجماعة إلا مسلما عن عكرمة عن ابن
عباس أن زوج بريرة كان عبدا أسود يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها
395

يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس يا عباس ألا تعجب من شدة
حب مغيث بريرة ومن شدة بغض بريرة مغيثا فقال لها عليه السلام لو راجعتيه
قالت يا رسول الله أتأمرني به فقال عليه السلام إنما أنا شافع قالت لا حاجة لي
فيه انتهى أخرجه البخاري في الخلع وأخرجه الترمذي في الرضاع عن
أيوب وقتادة عن عكرمة به وأخرجه أبو داود في الطلاق عن قتادة به وأخرجه
بن ماجة في الطلاق عن خالد الحذاء عن عكرمة به وأخرجه النسائي في القضاء
عن خالد الحذاء به وزاد فيه الدارقطني وأمرها أن تعتد عدة الحرة هكذا عزاه
عبد الحق في أحكامه للدارقطني ولم أجده فليراجع لكنه في بن ماجة من
حديث عائشة وأمرها أن تعتد بثلاث حيض
حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة
محيلا على ما قبله في قصة بريرة وزاد قال وكان زوجها عبدا فخيرها رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها ولو كان حرا لم يخيرها انتهى وهذا الأخير من كلام عروة
قطعا لوجهين أحدهما أن قال فاعله مذكور الثاني أن النسائي رواه مصرحا به
ولفظه قال عروة ولو كان حرا ما خيرها وكذلك رواه بن حبان في صحيحه
في النوع التاسع من القسم الخامس بلفظ النسائي وأخرجه أبو داود أيضا بهذا
396

الاسناد وزاد في آخره وقال لها عليه السلام إن قربك فلا خيار لك انتهى
طريق آخر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن سماك عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه عن عائشة أن بريرة خيرها النبي صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبدا انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان
عبدا وقال إسناده صحيح قال الطحاوي وإذا اختلفت الآثار وجب التوفيق
فيها فنقول إنا وجدنا الحرية تعقب الرق ولا ينعكس فيحمل على أنه كان حرا عندما
خيرت عبدا قبله ولو ثبت أنه عبد فلا ينفي الخيار لها تحت الحر إذ لم يجئ عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه إنما خيرها لكونه عبدا قال ومن جهة النظر أيضا فقد رأينا الأمة في حال
رقها لمولاها أن يعقد النكاح عليها للحر والعبد ورأيناها بعد ما يعتق ليس له أن يستأنف
عليها عقد نكاح لا لحر ولا لعبد فاستوى حكم ما إلى المولى في العبيد والأحرار
وما ليس إله فيهما ورأيناها إذا أعتقت بعد عقد المولى عليها نكاح العبد يكون لها
الخيار فجعلناه كذلك في جانب الحر قياسا ونظرا ثم أسند عن طاوس أنه قال للأمة
الخيار إذا أعتقت وإن كانت تحت قرشي وفي لفظ قال لها الخيار في الحر والعبد
397

قال وأخبرني الحسن بن مسلم مثل ذلك انتهى كلامه قلت أخرجه بن أبي شيبة في
مصنفه عن طاوس كذلك باللفظين المذكورين وأخرج عن بن سيرين قال
تخير حرا كان زوجها أو عبدا وأخرج نحوه عن الشعبي وأخرج عن مجاهد قال
تخير ولو كانت تحت أمير المؤمنين انتهى
باب نكاح أهل الشرك
قوله وإذا تزوج الكافر بغير شهود أو في عدة كافر وذلك في دينهم جائز ثم
أسلما أقرا عليه قلت في صحة أنكحة الكفار أحاديث قال البيهقي في المعرفة
استدل الشافعي على صحة أنكحة المشركين بحديث اليهوديين اللذين رجمهما النبي صلى الله عليه وسلم
على الزنا قال لان النكاح لو لم يحلها له لما جرى الاحصان عليهما انتهى
وحديث اليهوديين صحيح ثابت أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر
398

وسيأتي في الحدود
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن
داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينت على أبي
العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئا انتهى وفي حديث الترمذي بعد ست
سنين وفي حديث بن ماجة بعد سنتين وروايتان عند أبي داود قال الترمذي لا بأس
بإسناده وسمعت عبد بن حميد يقول سمعت يزيد بن هارون يقول حديث ابن عباس
هذا أجود إسنادا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه عليه السلام ردها له
بنكاح جديد ولكن لا يعرف وجه حديث بن عباس ولعله جاء من داود بن حصين من
قبل حفظه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم
انتهى وحديث عمرو بن شعيب المذكور أخرجه الترمذي وابن ماجة عن حجاج بن
أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص
بنكاح جديد زاد الترمذي ومهر جديد قال الترمذي في إسناده مقال انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ولفظه قال أسلمت زينب بنت النبي
صلى الله عليه وسلم قبل زوجها أبي العاص بسنة ثم أسلم أبو العاص فردها له النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح جديد
انتهى قال الخطابي إن صح حديث بن عباس فيحتمل أن تكون عدتها تطاولت
لاعتراض سبب حتى بلغت المدة المذكورة وحديث عمرو بن شعيب ضعيف
بالحجاج بن أرطاة فإنه معروف بالتدليس وحكى عن يحيى بن سعيد أنه قال لم
يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب وقال عبد الحق في أحكامه حديث ابن عباس
فيه محمد بن إسحاق ولا أعلم رواه معه إلا من هو دونه ثم نقل عن بن عبد البر
أنه قال هو حديث منسوخ عند الجميع قال لأنهم لا يجيزون رجوعها إليه بعد
399

خروجها من عدتها وأما حجاج بن أرطاة فلا يحتج بحديثه انتهى وقال البيهقي في
المعرفة لو صح الحديثان لقلنا بحديث عمرو بن شعيب لان فيه زيادة ولكن لم
يثبته الحفاظ فتركناه وأخذنا بحديث بن عباس قال وادعى بعض من يسوي الاخبار
على مذهبه نسخ حديث بن عباس بحديث عمرو بن شعيب وروى في ذلك عن
الزهري وقتادة أن أبا العاص أخذا أسيرا يوم بدر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ابنته وكان
قبل نزول الفرائض قال وهذا منقطع لا يقوم به حجة والمعروف عند أهل المغازي أنه
400

لم يسلم يوم بدر وإنما أسلم بعد ما أخذت سرية زيد بن حارثة ما معه فأتى المدينة
فأجارته زينب فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها ثم دخل عليها فقال لها أي بنية أكرمي
مثواه ولا يدن إليك فإنك لا تحلين له وكان هذا بعد نزول آية الامتحان في الهدنة ثم
إنه رجع بما كان عنده من بضائع أهل مكة إلى مكة ثم أسلم وخرج إلى المدينة وإنما
الذي في قصة بدر أنه عليه السلام لما أسره يوم بدر أطلقه وشرط عليه أن يرد إليه ابنته
وكانت بمكة هذا هو المعروف عند أهل المغازي فان قال إن في حديث ابن عباس
ردها عليه بعد ست سنين وفي رواية سنتين والعدة لا تبقي في الغالب هذه المدة قلنا
401

النكاح كان باقيا إلى وقت نزول الآية وذلك بعد صلح الحديبية وهي آية الممتحنة فلم
يؤثر فيه إسلامها وبقاؤه على الكفر فلما نزلت الآية توقف نكاحها والله أعلم
على انقضاء العدة ثم كان إسلام أبي العاص بعد ذلك بزمان يسير بحيث يمكن عدتها
لم تنقض في الغالب فيشبه أن يكون الرد بالنكاح الأول كان لأجل ذلك والله
أعلم قال وحكى عن بعض أكابرهم في الجمع بين الحديثين بأن عبد الله بن عمرو علم
بتحريم الله تعالى رجوع المؤمنات إلى الكفار فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد
فقال ردها عليه بنكاح جديد ولم يعلم بن عباس بتحريم المؤمنات على الكفار حين
علم برد زينب على أبي العاص فقال ردها بالنكاح الأول لأنه لم يكن عنده بينهما
402

فسخ نكاح قال وهذا فيه سوء ظن بالصحابة ورواة الاخبار حيث نسبهم إلى
رواية الحديث من غير سماعهم له بل بما عندهم من العلم معاذ الله انتهى
حديث آخر رواه الشافعي ومن طريقه البيهقي حدثنا يوسف بن خالد السمتي
عن يحيى بن أبي أنيسة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن رجلا أتى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقتين وفي الاسلام
تطليقه فألزمه الطلاق انتهى قال البيهقي ويوسف متروك ويحيى ضعيف انتهى
حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا معن بن عيسى ثنا مالك بن أنس
عن الزهري أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل
فأسلمت يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل حتى قدم اليمن فرحلت
إليه امرأته باليمن ودعته إلى الاسلام فأسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بايعه
فثبتا على نكاحهما ذلك انتهى وروى بهذا الاسناد أن صفوان بن أمية أسلمت امرأته
ابنة الوليد بن المغيرة زمن الفتح فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما عنده حتى أسلم
صفوان وكان بين إسلامهما نحو من شهر مختصر
حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن هشيم
حدثني المديني عن أبي الحويرث عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ولدني
شئ من سفاح الجاهلية وما ولدني إلا نكاح كنكاح الاسلام انتهى وروى ابن
الجوزي في التحقيق من طريق الواقدي حدثني محمد بن أخي الزهري عن عمه عن
عروة عن عائشة مرفوعا خرجت من نكاح غير سفاح قال في التنقيح الواقدي
متكلم فيه وفي الأول المديني وهو إن كان والد علي فهو ضعيف وكذا إن كان
إبراهيم بن أبي يحيى وقال الطبراني هو عندي فليح بن سليمان وأبو الحويرث اسمه
عبد الرحمن بن معاوية وهو متكلم فيه انتهى
403

قوله لان الاسلام يعلو ولا يعلى قلت لم يذكره المصنف حديثا وهو حديث
مرفوع وموقوف فالموقوف من قول بن عباس ذكره البخاري في صحيحه في
الجنائز تعليقا فقال وقال بن عباس الاسلام يعلو ولا يعلى انتهى والمرفوع
روى من حديث عمر بن الخطاب ومن حديث عائذ بن عمرو المزني ومن حديث معاذ
ابن جبل
فحديث عمر رواه الطبراني في معجمه الوسط والبيهقي في دلائل النبوة
عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن هذا الدين يعلو ولا يعلى أخرجاه في حديث الضب الذي كلم النبي
صلى الله عليه وسلم
وأما حديث عائذ بن عمرو المزني فأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن
حشرج عن أبيه عن عائذ بن عمرو المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الاسلام يعلو ولا يعلى
404

انتهى قال الدارقطني وعبد الله بن حشرج وأبوه مجهولان انتهى
وأما حديث معاذ فرواه نهشل في تاريخ واسط حدثنا إسماعيل بن عيسى ثنا
عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر
عن أبي الأسود الديلي عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايمان يعلو ولا
يعلى انتهى
405

قوله ولنا ما روى أن بني حنيفة ارتدوا ثم أسلموا ولم تأمرهم الصحابة بتجديد
الأنكحة قلت غريب
407

باب القسم
الحديث الأول قال عليه السلام من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما في
القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث
أنس
فحديث أبي هريرة أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن همام بن يحيى عن قتادة عن
النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له
امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل انتهى قال الترمذي لا
نعرفه مرفوعا إلا من حديث همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال كان يقال
انتهى وقال في علله الكبرى وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال رواه حماد
بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا قال أبو عيسى وحديث همام أشبه وهو ثقة
حافظ انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم ومن
طريق بن راهويه رواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني
ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه انتهى وقال البزار لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة ولا طريقا عنه
إلا هذه الطريق انتهى
وأما حديث أنس فرواه الحافظ أبو نعيم في كتاب تاريخ أصبهان في ترجمة
408

المحمدين فقال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خشيش المعدل وكان ثقة أمينا
ثنا محمد بن هارون الحضرمي ثنا أحمد بن محمد بن أنس الدورقي ثنا محمد بن الحارث
الحارثي ثنا شعبة عن عبد الحميد عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
سواء
الحديث الثاني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعدل في القسم بين نسائه وكان
يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك يعني زيادة المحبة
قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن
عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم
هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب انتهى قال
الترمذي هكذا رواه حماد بن سلمة عن أيوب ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن
أيوب عن أبي قلابة مرسلا وهو أصح من حديث حماد بن سلمة انتهى ورواه أحمد
وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم وابن حبان في صحيحه في النوع
التاسع من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه وقال الدارقطني في كتاب العلل وقد رواه عبد الوهاب
الثقفي وابن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الحديث والمرسل أقرب
إلى الصواب انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل قال أبو زرعة لا
أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على هذا ورواه بن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن
409

النبي مرسلا انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث والذي قبله على أنه لا فرق في
القسم بين البكر والثيب
الله تبارك وتعالى أحاديث الخصوم استدل الشافعي وأحمد بما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي
قلابة عن أنس قال لو شئت أن أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قال السنة إذا
تزوج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب على امرأته أقام عندها
ثلاثا انتهى ورواه بن ماجة من طريق بن إسحاق عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للثيب ثلاثا وللبكر سبعا انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها
ثلاثا وقال لها ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك
سبعت لنسائي انتهى
قوله وإن كانت إحداهما حرة والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم
وللأمة الثلث بذلك ورد الأثر قلت روى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما
والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن بن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد
بن عبد الله الأسدي عن علي قال إذا نكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان ولهذه
الثلث إن الأمة لا ينبغي لها أن تزوج على الحرة انتهى والمنهال عن عمرو فيه مقال
410

وعباد الأسدي ضعيف قال في التنقيح قال البخاري فيه نظر وحكى ابن الجوزي
عن بن المديني أنه ضعفه وروى البيهقي نحوه عن بن المسيب وعن سليمان بن يسار
أن الحرة إن أقامت على ضرات فلها يومان وللأمة يوم انتهى
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه قلت
رواه الجماعة من حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين
نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه أخرجوه مختصرا ومطولا بحديث
الإفك
الحديث الرابع روى أن سودة بنت زمعة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها
ويجعل يوم نوبتها لعائشة قلت مفهوم هذا أنه عليه السلام طلق سودة ولم نجد ذلك في
الحديث فروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون
في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة فلما كبرت قالت يا رسول الله
411

قد جعلت يومي منك لعائشة فكان عليه السلام يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة
انتهى وللبخاري في الهبة عنها فكان عليه السلام يقسم لكل امرأة منهن يومها
غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة تبتغي بذلك رضاء النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرج البخاري ومسلم عن بن عباس قال كان عند النبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة وكان
يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة انتهى وفي مستدرك الحاكم عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة قالت قالت سودة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا رسول الله يومي هو لعائشة فقبل ذلك منها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فيها وفي
أشباهها أنزل الله وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا وقال حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه
وحديث الكتاب رواه البيهقي في سننه من حديث أحمد بن عبد الجبار
العطاردي ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق
سودة فلما خرج إلى الصلاة أمسكت بثوبه فقالت والله مالي في الرجال من حاجة
ولكني أريد أن أحشر في أزواجك قال فراجعها وجعل يومها لعائشة انتهى
وهو مرسل
412

كتاب الرضاع
الحديث الأول قال عليه السلام لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الاملاجة ولا
الاملاجتان قلت رواه مسلم مفرقا في حديثين فروى صدره من حديث ابن أبي
مليكة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة
ولا المصتان انتهى وأخرجه أيضا عن أم الفضل أنه عليه السلام قال لا تحرم الرضعة
والرضعتان ولا المصة والمصتان انتهى وروى باقيه من حديث أم الفضل بنت
الحارث قالت دخل أعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال يا رسول الله إني
كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي
الحدثي رضعة أو رضعتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحرم الاملاجة والاملاجتان انتهى
وأخرجه بن حبان في صحيحه حديثا واحدا من رواية محمد بن دينار ثنا هشام بن
عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة
والمصتان ولا الاملاجة والاملاجتان انتهى رواه في النوع الحادي والثلاثين من
القسم الثالث وروى صدره من حديث بن الزبير ثم قال ولا يستنكر سماع ابن
الزبير لهذا من النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعه من أبيه وخالته لأنه مرة روى ما سمع ومرة
روى عنهما قال وهذا شئ مستفاض في الصحابة انتهى وقال الترمذي في
جامعه روى هذا الحديث غير واحد عن هشام عن أبيه عن بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم
413

ورواه محمد بن دينار عن هشام عن أبيه عن بن الزبير عن الزبير وهو غير محفوظ
والصحيح حديث بن أبي مليكة عن بن الزبير عن عائشة انتهى ورواه العقيلي في
كتابه وأعله بمحمد بن دينار الطاحي وأسند تضعيفه عن أحمد وابن معين
والله أعلم
ومن أحاديث الخصوم أيضا ما أخرجه مسلم أيضا عن عائشة قالت أنزل في
القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس وصار إلى خمس
رضعات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والامر على ذلك انتهى وأحمد مع الشافعي أن
الرضاع لا يحرم إلا بخمس رضعات فصاعدا ودليلهما الحديثان المذكوران
الحديث الثاني قال عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قلت
أخرجه البخاري ومسلم من حديث بن عباس ومن حديث عائشة وقد تقدم أول
النكاح
414

الحديث الثالث قال عليه السلام لا رضاع بعد حولين قلت أخرجه
الدارقطني في سننه عن الهيثم بن جميل عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع إلا ما كان في الحولين انتهى وقال لم
يسنده عن بن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ ثم أخرجه موقوفا ورواه ابن
عدي في الكامل ولفظه قال لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين قال
ابن عدي والهيثم بن جميل يغلط عن الثقات وأرجو أنه لا يتعمد الكذب وهذا
الحديث يعرف به عن بن عيينة مسندا وغير الهيثم يوقفه علي بن عباس انتهى وذكره
عبد الحق في أحكامه من جهة بن عدي ونقل كلامه هذا ثم قال وذكر أبو حاتم
الهيثم هذا وقال وثقه أحمد انتهى قال بن القطان والراوي عن الهيثم أبو الوليد بن
برد الأنطاكي وهو لا يعرف انتهى كلامه قال صاحب التنقيح وأبو الوليد بن
برد هو محمد بن أحمد بن الوليد بن برد وثقه الدارقطني وقال النسائي صالح
والهيثم بن جميل وثقه الإمام أحمد والعجيلي وابن حبان وغير واحد وكان من
الحفاظ إلا أنه وهم في رفع هذا الحديث والصحيح وقفه علي بن عباس هكذا رواه
سعيد بن منصور عن بن عيينة موقوفا انتهى قلت ورواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا
415

معمر عن بن عيينة به موقوفا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن عيينة به موقوفا
ورواه مالك في الموطأ عن ثور بن زيد عن بن عباس موقوفا وأخرجه بن أبي شيبة
أيضا موقوفا علي بن مسعود وعلي بن أبي طالب وأخرجه الدارقطني موقوفا على
عمر قال لا رضاع إلا في الحولين في الصغر انتهى
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الرابع قال عليه السلام لا رضاع بعد الفصال قلت روى من
حديث علي ومن حديث جابر
فحديث علي رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا محمد بن سليمان
الصوفي البغدادي بمصر سنة ثمانين ومائتين ثنا محمد بن عبيد بن ميمون التبان حدثني
أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبان بن تغلب عن إبراهيم
النخعي عن علقمة بن قيس عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع بعد فصال
416

ولا يتم بعد حلم انتهى
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن جويبر عن الضحاك بن
مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا رضاع بعد الفصال
انتهى ثم رواه عن الثوري عن جويبر به موقوفا قال العقيلي في كتابه وهو
الصواب ورواه بن عدي في الكامل من حديث أيوب بن سويد عن الثوري به
مرفوعا وأعله بأيوب هذا ثم قال وهذا الحديث رواه عبد الرزاق مرة عن معمر
فرفعه ومرة عن الثوري فوقفه انتهى
رضي الله تعالى عنها وأما حديث جابر فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا خارجة بن مصعب
عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا رضاع بعد فصال
ولا يتم بعد احتلام انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحرام ونقل
عن الشافعي وابن معين أنهما قالا الرواية عن حرام حرام انتهى
وأعلم أن تمام الدلالة من الحديث من قوله تعالى وفصاله في عامين
رضي الله تعالى عنهما الحديث الخامس قال عليه السلام لعائشة ليلج عليك أفلح فإنه عمك من
الرضاعة قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عائشة قالت دخل علي أفلح
بن أبي القعيس فاستترت منه فقال تستترين مني وأنا عمك قالت قلت من أين
قال أرضعتك امرأة أخي قالت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فدخل
417

علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال إنه عمك فليلج عليك انتهى
418

كتاب الطلاق
قوله روى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق
على واحدة حتى تنقضي العدة قلت أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع
عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ثم
يتركها حتى تحيض ثلاث حيض انتهى
الحديث الأول قال عليه السلام لابن عمر إن من السنة أن تستقبل الطهر
استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة قلت رواه الدارقطني في سننه من حديث
معلى بن منصور ثنا شعيب بن رزيق أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن ثنا عبد الله بن
عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخريين عند القرءين
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بن عمر ما هكذا أمرك الله قد أخطأت السنة
والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء فأمرني فراجعتها فقال إذا هي طهرت
فطلق عند ذلك أو أمسك فقلت يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن
421

أراجعها فقال لا كانت تبين منك وتكون معصية انتهى وذكره عبد الحق في
أحكامه من جهة الدارقطني وأعله بمعلى بن منصور وقال رماه أحمد بالكذب
انتهى
قلت لم يعله البيهقي في المعرفة إلا بعطاء الخراساني وقال إنه أتى في هذا
الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل ما تفرد به انتهى
قلت قد رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا يحيى بن عثمان بن
سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا أبي ثنا شعيب بن رزيق به سندا ومتنا وقال صاحب
التنقيح عطاء الخراساني قال بن حبان كان صالحا غير أنه كان ردئ الحفظ
422

كثير الوهم فبطل الاحتجاج به وقد صرح الحسن بسماعه من بن عمر قال الإمام أحمد
فيما رواه عنه ابنه صالح الحسن سمع من بن عمر وكذلك قال أبو حاتم وقيل
لأبي زرعة الحسن لقي بن عمر قال نعم انتهى كلامه
423

الحديث الثاني قال عليه السلام لعمر مر ابنك فليراجعها وكان قد طلقها في حالة
الحيض قلت أخرجه الأئمة الستة عن بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل
عمر بن الخطا ب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم يمسكها حتى
424

تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك
العدة التي أمر الله انتهى وفي لفظ للبخاري ومسلم أنه طلق امرأته تطليقة
425

واحدة وهي حائض وفي لفظ لهما قال طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك
عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مر فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى
حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها
فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله عز وجل وكان عبد الله طلقها تطليقة
فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري
في الطلاق وفي التفسير وفي الاحكام والباقون في الطلاق
فصل
* (* (* (
الحديث الثالث قال عليه السلام كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمجنون
قلت حديث غريب وأعاده المصنف في الحجر بلفظ المعتوه عوض المجنون
وأخرج الترمذي عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب عن عقله
انتهى وقال هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو
ضعيف ذاهب الحديث انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن
426

غياث عن حجاج عن عطاء عن بن عباس قال لا يجوز طلاق الصبي انتهى وروى
أيضا حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة عن علي قال كل
طلاق جائز إلا طلاق المعتوه انتهى ورواه عبد الرزاق حدثنا الثوري عن الأعمش به
وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال علي فذكره وروى عبد الرزاق أيضا
حدثنا إبراهيم بن محمد بن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي قال لا يجوز
على الغلام طلاق حتى يحتلم انتهى
أحاديث في طلاق المكره لأصحابنا في وقوعه حديث رواه العقيلي في كتابه
أخبرنا مسعدة بن سعد ثنا إسماعيل بن عياش ثنا الغازي بن جبلة الجبلاني عن صفوان بن
غزوان الطائي أن رجلا كان نائما فقامت امرأته فأخذت سكينا فجلست على صدره
فوضعت السكين على حلقه فقالت لتطلقني ثلاثا أو لأذبحنك فناشدها الله فأبت
فطلقها ثلاثا ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال لا قيلولة في الطلاق انتهى
قال وحدثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم بن حماد ثنا بقية عن الغازي بن جبلة عن صفوان
الأصم الطائي عن رجل من الصحابة أن رجلا كان نائما مع امرأته الحديث قال ابن
القطان في كتابه الأول وإن كان مرسلا لكنه أحسن إسنادا من المسند فإنه سالم من
بقية ومن نعيم بن حماد وفيه إسماعيل بن عياش وهو يروي عن شامي وبالجملة
فلا بد فيه الغازي بن جبلة وهو لا يعرف إلا به ولا يدري ممن الجناية فيه أمنه أم من
صفوان الأصم حكى ذلك بن أبي حاتم عن أبيه وقال هو منكر الحديث يعني
427

الغازي بن جبلة وقال البخاري هو منكر الحديث في طلاق المكره وقال في
التنقيح قال البخاري لصفوان الأصم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في طلاق
المكره حديث منكر لا يتابع عليه انتهى
الآثار أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن بن عمر أنه أجاز طلاق المكره
وأخرج عن الشعبي والنخعي والزهري وقتادة وأبي قلابة أنهم أجازوه وأخرج
عن سعيد بن جبير أنه بلغه قول الحسن ليس طلاق المكره بشئ فقال يرحمه الله إنما
كان أهل الشرك يكرهون الرجل على الكفر والطلاق فذلك الذي ليس بشئ وأما ما
صنع أهل الاسلام بينهم فهو جائز انتهى وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن
الشعبي والنخعي وابن المسيب وأبي قلابة وشريح
أحاديث الخصوم واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد على عدم
وقوعه بما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن صفية بنت شيبة عن عائشة سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق ولا عتاق في إغلاق انتهى قال أبو داود أظنه الغضب
يعني الاغلاق قال بن الجوزي قال بن قتيبة الاغلاق الاكراه ورواه الحاكم في
428

المستدرك وقال على شرط مسلم قال في التنقيح وقد فسره أحمد أيضا
بالغضب قال شيخنا والصواب أنه يعم الاكراه والغضب والجنون وكل أمر انغلق
على صاحبه علمه وقصده مأخوذ من غلق الباب واستدل عليه بحديث رفع عن أمتي
الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهذا الحديث تقدم في الصلاة بجميع طرقه
وأصحها حديث بن عباس رواه بن حبان وابن ماجة والحاكم في المستدرك
وقال على شرط الشيخين والله أعلم
الآثار روى مالك في الموطأ عن مالك عن ثابت الأحنف أنه تزوج أم ولد
لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال فدعاني ابنه عبد الله بن عبد الرحمن فإذا بسياط
موضوعة وقيدين من حديد وعبدين قد أجلسهما وقال لي تزوجت أم ولد أبي بغير
رضائي فأنا لا أزال أضربك حتى تموت ثم قال طلقها وإلا فعلت فقلت هي طالق
ألفا فلما خرجت من عنده أتيت عبد الله بن عمر فأخبرته فقال ليس هذا بطلاق
ارجع إلى أهلك فأتيت عبد الله بن الزبير فقال مثل ذلك انتهى
أثر آخر أخرج البيهقي في المعرفة عن عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي
عن أبيه أن رجلا تدلى بحبل فوقفت امرأته على رأس الحبل وحلفت لتقطعنه أو
لتطلقني ثلاثا فذكرها الله فأبت فطلقها ثلاثا فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب
فأخبره فقال له ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق انتهى قال البيهقي وأخطأ
أبو عبيد فرواه عن عبد الملك به فذكر القصة وقال فيها فرفع إلى عمر فأبانها منه
وقد تنبه له أبو عبيد فقال وروى عن عمر بخلافه والخبر على الروايتين منقطع انتهى
قال في التنقيح قدامة الجمحي لم يدرك عمر انتهى وأخرج بن أبي شيبة في
مصنفه عن بن عباس قال ليس لمكره طلاق وكذا عن علي وعمر وابن عمر
وابن الزبير وعن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء والضحاك والله أعلم
429

الأحاديث في طلاق السكران أخرج بن أبي شيبة في مصنفه أن عمر أجاز
طلاق السكران بشهادة نسوة انتهى وأخرج عن عطاء ومجاهد والحسن وابن
سيرين وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والنخعي والزهري
والشعبي قالوا يجوز طلاقه وأخرج عن الحكم قال من طلق في سكر من الله
فليس طلاقه بشئ ومن طلق في سكر من الشيطان فطلاقه جائز وأخرج عن
عثمان أنه كان لا يجيز طلاق السكران وأن عمر بن عبد العزيز كان يجيزه حتى حدثه
أبان بذلك وأخرج عن جابر بن زيد وعكرمة وطاوس كانوا لا يجيزونه وأخرج
مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران
فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل قال مالك وذلك الامر عندنا
انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام الطلاق بالرجال والعدة بالنساء قلت
غريب مرفوعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا علي بن عباس حدثنا وكيع عن
430

هشام عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال الطلاق بالرجال والعدة بالنساء
انتهى ورواه الطبراني في معجمه موقوفا علي بن مسعود أخرجه عن أشعث بن
سوار عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال الطلاق إلى آخره قال بن الجوزي
في التحقيق وقد روى بعضهم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الطلاق
بالرجال والعدة بالنساء قال وإنما هذا من كلام بن عباس انتهى ورواه عبد الرزاق
في مصنفه موقوفا على عثمان وزيد بن ثابت وابن عباس
ومن أحاديث الباب روى عبد الرزاق في مصنفه أنبأ بن جريج قال كتب
إلي عبد الله بن زياد بن سمعان أن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري أخبره عن نافع عن
أم سلمة أن غلاما لها طلق امرأة له حرة تطليقتين فاستفت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال
حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في
معجمه
أثر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا طلق العبد
امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة
الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان انتهى
431

أثر آخر وفي الموطأ أيضا مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعا
مكاتبا كان لام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو عبدا كان تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم
أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فلقيه
عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقالا حرمت عليك حرمت عليك
انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده بسنده ومتنه
الحديث الخامس قال عليه السلام طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان
قلت روى من حديث عائشة ومن حديث بن عمر ومن حديث بن عباس
فحديث عائشة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي عاصم عن بن
جريج عن مظاهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال طلاق الأمة
تطليقتان وقرؤها حيضتان انتهى قال أبو داود هذا حديث مجهول وقال
432

الترمذي حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم ومظاهر بن
أسلم لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث انتهى قال المنذري في مختصره قد
أخرج له بن عدي في الكامل حديثا آخر رواه مظاهر عن المقبري عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات في كل ليلة من آخر آل عمران
انتهى قلت ورواه الطبراني في معجمه الوسط والعقيلي في كتابه كما رواه
بن عدي ونقل بن عدي تضعيف مظاهر هذا عن أبي عاصم النبيل فقط قال ابن عدي
وهو معروف بحديث طلاق الأمة وقد ذكرنا له حديثا آخر وما أظن له غيرهما وإنما
أنكروا عليه حديث طلاق الأمة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك أعني
حديث عائشة بسند السنن ومتنه وصححه ذكره في كتاب الطلاق ونقل
شيخنا الذهبي في ميزانه تضعيف مظاهر عن أبي عاصم النبيل ويحيى بن معين وأبي
حاتم الرازي والبخاري ونقل توثيقه عن بن حبان وقال العقيلي في كتابه مظاهر
بن أسلم منكر الحديث وله هذان الحديثان ولا يعرفان إلا عنه انتهى ورواه
الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال البيهقي في المعرفة والذي يدل
على ضعف حديث مظاهر هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ثنا علي بن عمر
الحافظ يعني الدارقطني بسنده عن زيد بن أسلم قال سئل القاسم بن محمد عن
عدة الأمة فقال الناس يقولون حيضتان وإنا لا نعلم ذلك في كتاب الله ولا في سنة
رسول الله فدل عل أن الحديث المرفوع غير محفوظ وقد رواه صفدي بن سنان عن
مظاهر فقال فيه طلاق العبد اثنتان انتهى وقال الخطابي الحديث حجة لأهل
العراق إن ثبت ولكن أهل الحديث ضعفوه ومنهم من تأوله على أن يكون الزوج
عبدا انتهى
أما حديث بن عمر فأخرجه بن ماجة في سننه عن عمر بن شبيب المسلي ثنا
433

عبد الله بن عيسى عن عطية عن بن عمر مرفوعا نحوه سواء ورواه البزار في
مسنده والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه قال الدارقطني تفرد
به عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف لا يحتج بروايته والصحيح ما رواه نافع وسالم
عن بن عمر من قوله ثم أخرجه كذلك وقال وهذا هو الصواب وأيضا فعطية
ضعيف انتهى كلامه
وأما حديث بن عباس فأخرجه الحاكم في المستدرك فقال بعد أن روى حديث
عائشة المتقدم عن أبي عاصم بسنده قال أبو عاصم فذكرته لمظاهر بن أسلم فقلت
حدثني كما حدثت بن جريج فحدثني مظاهر عن القاسم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
طلاق الأمة ثنتان وقرءها حيضتان قال ومظاهر بن أسلم شيخ من أهل البصرة
لم يذكره أحد من متقدمي مشائخنا بجرح فإذا الحديث صحيح ولم يخرجاه ثم
قال وقد روى عن بن عباس حديث يعارض هذا ثم أخرج عن يحيى بن أبي كثير أن
عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى بن عباس في مملوك
كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم أعتقا بعد ذلك هل يصلح له أن يخطبها قال
نعم قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وسكت عنه هذا الحديث أخرجه أب
داود والنسائي وابن ماجة في الطلاق عن يحيى بن أبي كثير به
ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني عن سلم بن سالم عن بن جريج عن
نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت الأمة تحت الرجل فطلقها تطليقتين ثم
اشتراها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى قال الدارقطني وسلم بن سالم
كان بن المبارك يكذبه وقال يحيى بن معين ليس حديثه بشئ وقال السعدي ليس
434

بشئ انتهى
أثر عن عمر رواه الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن
مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر قال ينكح العبد
امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا
ونصفا انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة وكذلك رواه
الدارقطني في سننه
باب إيقاع الطلاق
435

الحديث السادس قال عليه السلام لعن الله الفروج على السروج قلت
غريب جدا ولقد أبعد شيخنا علاء الدين إذ استشهد بحديث أخرجه بن عدي في
الكامل عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ذوات الفروج أن يركبن السروج فإن
437

المصنف استدل بالحديث المذكور على أن الفرج من الأعضاء التي يعبر به عن جملة المرأة
كالوجه والعنق بحيث يقع الطلاق بإسناده إليه وحديث بن عدي أجنبي عن ذلك
438

ولكن الشيخ قلد هذا الجاهل فالمقلد ذهل والمقلد جهل والله أعلم
وحديث بن عدي أخرجه عن علي بن أبي علي القرشي عن بن جريج عن عطاء
439

عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوات الفروج أن يركبن السروج انتهى
440

وضعف علي بن أبي على القرشي وقال إنه مجهول يروي عنه بقية وربما قال بقية
441

حدثني علي المهري وربما قال حدثني علي القرشي لا ينسبه انتهى كلامه
442

فصل في تشبيه الطلاق
الحديث السابع قال عليه السلام الشهر هكذا وهكذا وهكذا
قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة
445

فحديث بن عمر رواه البخاري ومسلم في الصوم من حديث جبلة بن سحيم
عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر هكذا وهكذا وهكذا وخنس الابهام
446

في الثالثة انتهى وأخرجاه أيضا عن سعيد بن عمرو عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد
447

الابهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين انتهى
وأخرجاه عن موسى بن طلحة عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشهر هكذا
وهكذا وهكذا عشرا وعشرا وتسعا انتهى
448

وأما حديث سعد بن أبي وقاص فأخرجه مسلم عن محمد بن سعد بن أبي وقاص
عن أبيه قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على الأخرى وقال الشهر هكذا
449

وهكذا وأمسك في الثالثة إصبعا انتهى
450

وأما حديث عائشة فأخرجه الحاكم في المستدرك عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أن لا
يدخل علينا شهرا فغاب عنا تسعة وعشرين ثم دخل علينا مساء الثلاثين فقلت له
إنك حلفت أن لا تدخل علينا شهرا فقال الشهر هكذا وهكذا وأمسك في
الثالثة الابهام وقال صحيح على شرط البخاري قال البيهقي قال الشافعي في هذا
الحديث وفي حديث الشهر تسع وعشرون أخرجه الشيخان عن بن عمر معناه
أن الشهر قد يكون كذلك قال ومن هذا المعنى حديث أبي بكرة شهرا عيد
451

لا ينقصان رمضان وذو الحجة أخرجه الشيخان عن أبي بكرة أي إن كانا ناقصين
في العدد فلا ينقصان في الحكم وإنما خصا بالذكر لاختصاصهما بحكم الصوم والعيد
والحج انتهى كلامه ولم يعرف شيخنا علاء الدين هذا الحديث إلا لمسلم خاصة وقلد
غيره في ذلك وهذا ذهول
باب تفويض الطلاق
قوله روى أن الصحابة أجمعوا على أن المخيرة لها الخيار ما دامت في مجلسها
قلت فيه عن بن مسعود وجابر وعمر وعثمان وعبد الله بن عمرو بن العاص
فحديث بن مسعود رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن بن أبي نجيح
452

عن مجاهد عن بن مسعود قال إذا ملكها أمرها فتفرقا قبل أن تقضي بشئ فلا أمر
لها انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه قال البيهقي فيه
انقطاع بين مجاهد وابن مسعود
وحديث جابر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن
عبد الله قال إذا خير الرجل امرأته فلم تختر في مجلسها ذلك فلا خيار لها انتهى
الله تعالى وحديث عمر وعثمان رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما
حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمر أن
عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا أيما رجل ملك امرأته أمرها وخيرها ثم
افترقا من ذلك المجلس فليس لها خيار وأمرها إلى زوجها انتهى قال البيهقي والمثنى
بن الصباح ضعيف ومن طريق بن أبي شيبة رواه في المعرفة
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه بن أبي شيبة أيضا عن حجاج بن
أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر وقال في الرجل يخير
453

امرأته لها الخيار ما دامت في مجلسها انتهى والحجاج ضعيف وأخرج بن أبي
شيبة نحو ذلك عن مجاهد وجابر بن زيد والشعبي والنخعي وعطاء وطاوس
قال البيهقي وقد تعلق بعض من يجعل لها الخيار ولو قامت من المجلس بحديث تخيير
عائشة وهو في الصحيحين إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي فيه حتى
تستشيري أبويك وهذا غير ظاهر لأنه عليه السلام لم يخيرها في إيقاع الطلاق بنفسها
وإنما خيرها على أنها إن اختارت نفسها أحدث لها طلاقا لقوله تعالى فتعالين أمتعكن
وأسرحكن سراحا جميلا
الحديث الثامن روي أن عائشة رضي الله عنها قالت لا بل أختار الله ورسوله
واعتبره النبي صلى الله عليه وسلم جوابا منها قلت أخرجه البخاري ومسلم عن بن شهاب عن أبي
سلمة عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر
لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك وقد علم أن أبوي لم يكونا
454

ليأمراني بفراقه ثم قال إن الله تعالى قال لي يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن
تردن الحياة الدنيا إلى قوله أجرا عظيما فقلت ففي هذا أستأمر أبوي فإني
455

أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل الذي فعلت انتهى
وفي لفظ لمسلم بل أختار الله ورسوله وروى الأئمة الستة في كتبهم عن مسروق
456

عن عائشة قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدده علينا شيئا انتهى وفي
457

لفظ لهما فلم يعد ذلك طلاقا والله أعلم
458

باب الايمان في الطلاق
الحديث التاسع قال عليه السلام لا طلاق قبل النكاح قلت أخرجه بن
462

ماجة في سننه عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طلاق قبل النكاح ولا عتق قبل ملك انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة
عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طلاق قبل النكاح انتهى
وجويبر ضعيف
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عامر الأحول عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح وهو أحسن شئ روى في هذا الباب وسألت محمد بن إسماعيل أي
شئ أصح في الطلاق قبل النكاح فقال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
انتهى ورواه البزار في مسنده بلفظ لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك
انتهى وسكت عنه
حديث آخر قال الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الأحزاب وقد صح
حديث لا طلاق إلا بعد نكاح على شرطهما من حديث بن عمر وعائشة وابن
عباس ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله فأخرج حديث بن عمر عن عاصم بن هلال
ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا لا طلاق إلا بعد نكاح انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير
عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن رجل قال يوم أتزوج فلانة فهي طالق ثلاثة
قال طلق مالا يملك انتهى قال صاحب التنقيح حديث باطل وأبو خالد
الواسطي هو عمرو بن خالد وهو وضاع وقال أحمد ويحيى كذاب
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن حجاج بن منهال ثنا هشام الدستوائي عن
هشام بن عروة عن عروة عن عائشة مرفوعا لا طلاق إلا بعد نكاح انتهى وأخرجه
الدارقطني عن الوليد بن سلمة الأزدي ثنا يونس عن الزهري عن عروة به نحوه قال في
463

التنقيح والوليد بن سلمة قال الأزدي وابن حبان كان يضع الحديث
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن عبد المجيد بن عبد العزيز ثنا ابن جريج عن
عمرو بن دينار عن طاوس عن معاذ مرفوعا مثله وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن
شعيب عن طاوس عن معاذ بنحوه قال في التنقيح لا بأس بروايته غير أن طاوسا
عن معاذ منقطع وأخرجه الدارقطني أيضا عن يزيد بن عياض عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن معاذ مرفوعا مثله وزاد ولو سميت المرأة بعينها انتهى قال الدارقطني
ويزيد بن عياض ضعيف انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن وكيع عن بن أبي ذئب عن عطاء ومحمد
بن المنكدر عن جابر مرفوعا لا طلاق قبل نكاح انتهى ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه ثنا وكيع به
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن أيوب بن سليمان الجريري عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس مرفوعا لا طلاق لمن لا يملك انتهى
وأخرجه الدارقطني عن سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن
عباس مرفوعا مثله وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال إسناده
ضعيف قال بن القطان وعلته سليمان بن أبي سليمان فإنه شيخ ضعيف الحديث قاله
أبو حاتم الرازي انتهى وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يصح فإن سليمان
بن أبي سليمان هو سليمان بن داود اليمامي متفق على ضعفه قال بن معين ليس
بشئ وقال البخاري منكر الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه
انتهى قال الحاكم إنما لم يخرج الشيخان في كتابيهما هذا الحديث لأنهما وجدا
مداره على إسنادين واهيين أحدهما عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن
علي والثاني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فلذلك لم يقع منهما الاستقصاء
في طلب هذه الأسانيد الصحيحة انتهى يعني أسانيده التي أخرجها
464

حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن قرين ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن خالد
بن معدان عن أبي ثعلبة الخشني قال قال عم لي اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي
فقلت إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ثم بدا لي أن أتزوجها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته
فقال لي تزوجها فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح قال فتزوجتها فولدت لي سعدا وسعيدا
انتهى قال صاحب التنقيح وهذا أيضا باطل وعلي بن قرين كذبه
يحيى بن معين وغيره وقال بن عدي يسرق الحديث ومذهب أحمد كمذهبنا
ومالك فصل بين أن يعين المرأة فيصح وإن لم يعين لم يصح وحديث معاذ المتقدم حجة
عليه فإن فيه عند الدارقطني ولو سميت المرأة بعينها إلا أنه ضعيف
قوله والحديث محمول على نفي التخيير والحمل مأثور عن السلف كالشعبي
465

والزهري وغيرهما قلت حكى أبو بكر الرازي عن الزهري قال قوله
لا طلاق قبل نكاح هو الرجل يقال له تزوج فلانة فيقول هي طالق فهذا ليس
466

بشئ فأما من قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فإنما طلقها حين تزوجها انتهى
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال كل
امرأة أتزوجها فهي طالق وكل أمة أشتريها فهي حرة هو كما قال فقال له معمر أوليس
قد جاء لا طلاق قبل نكاح ولا عتق إلا بعد ملك قال إنما ذلك أن يقول
الرجل امرأة فلان طالق وعبد فلان حر انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه
عن سالم والقاسم وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي والزهري والأسود
وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن عبد الرحمن
ومكحول في رجل قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أو يوم أتزوجها فهي طالق أو
كل امرأة أتزوجها فهي طالق قالوا هو كما قال وفي لفظ يجوز ذلك عليه انتهى
الله تبارك وتعالى الحديث العاشر حديث الاستبراء قلت روى من حديث الخدري ومن حديث
رويفع ومن حديث على
467

أما حديث الخدري فأخرجه أبو داود في سننه عن شريك عن قيس بن وهب
عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس لا توطأ حامل
468

حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى وأعله بن القطان في كتابه
469

بشريك وقال إنه مدلس وهو ممن ساء حفظه بالقضاء انتهى ذكره في
النكاح
وأما حديث رويفع فأخرجه أبو داود أيضا في النكاح عن بن إسحاق عن
يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى
يستبرئها بحيضة انتهى
وأما حديث علي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن
عبد الله بن زيد عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع أو الحامل
حتى تستبرأ بالحيضة انتهى
فصل في الاستثناء
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام من حلف بطلاق أو عتاق وقال إن
شاء الله متصلا به فلا حنث عليه قلت غريب بهذا اللفظ وروى أصحاب السنن
470

الأربعة من حديث أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه انتهى بلفظ الترمذي وقال
حديث حسن وقد روى عن نافع عن بن عمر موقوفا وروى عن سالم عن ابن عمر
471

موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب السختياني وقال إسماعيل بن إبراهيم كان أيوب
أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه انتهى ولفظ أبي داود فيه فقد استثنى
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الرزاق عن معمر عن
بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فقال
472

إن شاء الله فلا حنث عليه انتهى قال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال
لي هذا حديث خطأ أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن بن طاوس
عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سليمان قال لأطوفن الليلة الحديث
وفيه لو قال إن شاء الله لكان كما قال انتهى ولفظ أبي داود فقد استثنى
473

ورواه البزار في مسنده وقال أخطأ فيه معمر واختصره من حديث سليمان بن
داود لأطوفن الليلة إلى آخره وهذا مخالف لكلام البخاري
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إسحاق بن أبي نجيح
474

الكعبي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله أو لغلامه أنت حر أو قال
علي المشي إلى بيت الله إن شاء الله فلا شئ عليه انتهى وهو معلول بإسحاق
الكعبي نقل شيخنا شمس الدين الذهبي تضعيفه عن الدارقطني وابن حبان ولم يذكر
أحدا وثقه قال وذكر بن عدي له عشرة أحاديث منها هذا انتهى قلت لم
يذكر له بن عدي غير حديثين أحدهما هذا والآخر عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يميز
الله أولياءه وأصفياءه حتى تطهر الأرض من المنافقين ثم قال وهذان الحديثان
بسنديهما منكران لا يرويهما إلا إسحاق هذا ولم أر له من الحديث إلا مقدار عشرة
أو أقل ومقدار ما رأيته مناكير انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه عن
إسماعيل بن عياش عن حميد بن مالك أنه سمع مكحولا يحدث عن معاذ بن جبل عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال ما خلق الله أحب إليه من العتاق ولا أبغض إليه من الطلاق فمن أعتق
واستثنى فالعبد حر ولا استثناء له وإذا طلق واستثنى فله استثناؤه ولا طلاق عليه
انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال في إسناده حميد
475

ابن مالك وهو ضعيف وقال البيهقي هو حديث ضعيف ومكحول عن معاذ
منقطع وقال بن الجوزي في التحقيق مكحول لم يلق معاذا وابن عياش
وحميد ومكحول كلهم ضعفاء انتهى وقال في التنقيح الحمل فيه على حميد
تكلم فيه أبو زرعة وأبو حاتم وابن عدي والأزدي انتهى
476

باب الرجعة
477

الحديث الأول قال عليه السلام الولد للفراش قلت روى من حديث أبي
هريرة ومن حديث عائشة ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث
479

عثمان ومن حديث أبي أمامة.
فحديث أبي هريرة أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سعيد بن المسيب عنه
480

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر انتهى أخرجه
481

البخاري في الفرائض والحدود ومسلم والترمذي وابن ماجة في الرضاع
والنسائي في الطلاق وفي لفظ للبخاري الولد لصاحب الفراش أخرجه عن
محمد بن زياد عن أبي هريرة
وحديث عائشة أخرجوه إلا الترمذي عن الزهري عن عروة عنها قالت
اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد أوصاني أخي عتبة إذا
قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة أفأقبضه فإنه ابنه وقال عبد بن زمعة أخي ابن
أمة أبي ولد على فراش أبي فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبها بينا لعتبة فقال الولد للفراش
واحتجبي منه يا سودة انتهى
وحديث عبد الله رواه أبو داود في اللعان حدثنا زهير بحرب ثنا يزيد بن
هارون ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قام رجل فقال
يا رسول الله إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دعوة في
الاسلام ذهب أمر الجاهلية الولد للفراش وللعاهر الحجر انتهى
وحديث عثمان رواه أبو داود أيضا حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا مهدي بن ميمون
ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي
طالب عن رباح قال زوجني أهلي أمة لهم رومية فوقعت عليها فولدت غلاما أسود
مثلي فسميته عبد الله ثم قال وقعت عليها فولدت غلاما أسود مثلي فسميته عبيد الله
ثم طبن لها غلام لأهلي رومي يقال له يوحنة فراطنها بلسانه فولدت غلاما
كأنه وزغة من الوزغات فقلت لها ما هذا قالت هذا ليوحنة فرفعنا إلى عثمان
أحسبه قال مهدي قال فسألهما فاعترفا فقال لهما أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش وأحسبه قال فجلدها
وجدله وكانا مملوكين انتهى
وحديث أبي أمامة أخرجه الترمذي في الوصايا عن إسماعيل بن عياش عن
شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد أعطى كل ذي
482

حق حقه فلا وصية لوارث الولد للفراش وللعاهر الحجر مختصر وسيأتي في
الكفالة والوصايا والله أعلم
فصل فيما تحل به المطلقة
الحديث الثاني قال عليه السلام لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر قلت
رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل
طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل
لزوجها الأول قال لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول انتهى وروى
الجماعة إلا أبا داود عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة
القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي فتزوجت
483

بعده عبد الرحمن بن الزبير وأن ما معه مثل هدبة الثوب فتبسم عليه السلام وقال
أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك انتهى
وفي لفظ في الصحيحين أنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات
الحديث ذكره البخاري في الشهادات والطلاق وذكره في اللباس وزاد فيه
من قوله عائشة فصار ذلك سنة بعده ومسلم وأبو داود في الطلاق والباقون
في النكاح وفي لفظ للبخاري كذبت والله يا رسول الله إني لأنفضها نفض
الأديم ولكنها ناشز تريد أن ترجع إلى رفاعة فقال عليه السلام فإن كان ذلك لم
تحلين له حتى يذوق من عسيلتك قال وكان مع رفاعة ابنان له من غيرها فقال له عليه
السلام بنوك هؤلاء قال نعم فقال لها هذا وأنت تزعمين ما تزعمين فوالله لهم
أشبه به من الغراب بالغراب انتهى وهو كذلك في الموطأ أخبرنا مالك عن
المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن شموال طلق
امرأته تميمة بنت وهب ثلاثا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكحها عبد الرحمن بن الزبير
فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا
تحل لك حتى تذوق العسيلة انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا
محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن سلمة ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كانت امرأة من قريظة يقال لها تميمة بنت
وهب تحت عبد الرحمن بن الزبير فطلقها فتزوجها رفاعة رجل من بني قريظة
ثم فارقها فأرادت أن ترجع إلى عبد الرحمن بن الزبير فقالت والله يا رسول الله ما هو
منه إلا كهدبة ثوبي فقال والله يا تميمة لا ترجعين إلى عبد الرحمن حتى يذوق عسيلتك
رجل غيره انتهى وقال لم يروه عن بن إسحاق إلا سلمة بن الفضل انتهى
وهذا المتن عكس متن الصحيح وروى أحمد في مسنده حدثنا مروان ثنا عبد الملك
المكي ثنا عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال العسيلة هي الجماع
484

انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه والمكي مجهول
قوله ولا خلاف فيه لاحد سوى سعيد بن المسيب في سنن سعيد بن منصور عن
بن المسيب قال الناس يقولون حتى يجامعها وأما أنا فأقول إذا تزوجها نكاحا
صحيحا فإنها تحل للأول واستغرب هذا من سعيد حتى قيل إن الحديث لم يبلغه
كما استغرب من الحسن أنه يشترط الانزال نظرا إلى معنى العسيلة والله أعلم
الحديث الثالث قال عليه السلام لعن الله المحلل والمحلل له قلت روي من
485

حديث بن مسعود ومن حديث علي ومن حديث جابر ومن حديث عقبة بن عامر
ومن حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عباس
فحديث بن مسعود أخرجه الترمذي والنسائي من غير وجه عن سفيان الثوري
عن أبي قيس واسمه عبد الرحمن بن ثروان الأودي عن هزيل بن شرحبيل الأودي عن
عبد الله بن مسعود قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له انتهى قال
الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده ووهم شيخنا علاء الدين
في عزوه لأبي داود وله طريق آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا
زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن أبي الواصل عن
بن مسعود فذكره
وحديث علي أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن الحارث عن علي
قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له انتهى وفي لفظ أبي داود فيه شك
فقال أراه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معلول بالحارث
وحديث جابر أخرجه الترمذي عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله
486

بنحوه سواء قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بقائم فإن مجالد بن سعيد قد
ضعفه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل انتهى
وحديث عقبة بن عامر أخرجه بن ماجة عن الليث بن سعد قال قال لي أبو مصعب
مشرح بن هاعان قال عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بالتيس
المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له
انتهى قال عبد الحق في أحكامه إسناده حسن انتهى وقال الترمذي في علله
الكبري الليث بن سعد ما أراه سمع من مشرح بن هاعان انتهى وقال بن أبي حاتم
في علله سألت أبا زرعة عن حديث رواه الليث بن سعد عن مشرح بن هاعان عن
عقبة بن عامر فذكره فقال لم يسمع الليث من مشرح شيئا ولا روى عنه
انتهى قلت قوله في الاسناد قال لي أبو مصعب يرد ذلك ورواه الدارقطني في
سننه معنعنا عن أبي صالح كات الليث عن الليث عن مشرح به وكذلك حسنه
عبد الحق لأنه ذكره من جهة الدارقطني وأبو صالح مختلف فيه وإلا فالحديث
صحيح من عند بن ماجة فإن شيخ بن ماجة يحيى بن عثمان ذكره بن يونس في تاريخ
المصريين وأثنى عليه بعلم وضبط وأبوه عثمان بن صالح المصري ثقة أخرج له
البخاري وأما مشرح بن هاغان فوثقه بن القطان ونقل عن بن معين أنه وثقه والعلة
التي ذكرها بن أبي حاتم لم يعرج عليها بن القطان ولا غيره
وحديث بن عباس رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر عن زمعة
بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن بن عباس بنحوه سواء
وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي وإسحاق بن
راهويه في مسانيدهم عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنس عن
المقبري عن أبي هريرة بنحوه سواء ورواه بن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في
سننه وعبد الله بن جعفر وثقه أحمد وابن المديني وابن معين وغيرهم
487

وأخرج له مسلم في صحيحه وعثمان بن محمد الأخنس وثقه بن معين وسعيد
المقبري متفق عليه فالحديث صحيح
حديث آخر في الباب أخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن أبي مريم ثنا
أبو غسان محمد بن مطرف المدني عن عمر بن نافع عن أبيه أنه قال جاء رجل إلى ابن
عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له ليحلها لأخيه هل تحل للأول
قال لا إلا نكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وصححه
واعلم أن المصنف استدل بهذا الحديث على كراهة النكاح المشروط به التحليل
وظاهره يقتضى التحريم كما هو مذهب أحمد ولكن يقال لما سماه محللا دل على
صحة النكاح لان المحلل هو المثبت للحل فلو كان فاسدا لما سماه محلالا ثم أعاده
المصنف مستدلا به لأبي حنيفة على أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثالث كما يهدم
الثلاث وفيه أثر جيد رواه محمد بن حسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن
حماد بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال كنت جالسا عند عبد الله بن عتبة بن
مسعود إذ جاءه أعرابي فسأله عن رجل طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت
عدتها فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم مات عنها أو طلقها ثم انقضت عدتها
وأراد الأول أن يتزوجها على كم هي عنده فالتفت إلى بن عباس وقال ما تقول في
هذا قال يهدم الزوج الثاني والواحدة والثنتين والثلاث واسأل ابن عمر قال
فلقيت بن عمر فسألته فقال مثل ما قال بن عباس انتهى
أحاديث الخصوم روى البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا بن عيينة عن
الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان
بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين
طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجها غيره ثم فارقها ثم تزوجها
الأول قال هي عنده على ما بقي انتهى وروى من حديث الحكم بن عتيبة عن
يزيد بن جابر عن أبيه أنه سمع علي بن أبي طالب يقول هي على ما بقي انتهى
488

باب الايلاء
قوله عن عثمان وعلي والعبادلة الثلاثة في الايلاء يقع به تطليقة بمضي أربعة
أشهر قلت روى عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن عطاء الخراساني عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت كانا يقولان في الايلاء إذا
مضت أربعة أشهر فهي تطليقة واحدة وهي أحق بنفسها وتعتد عدة المطلقة
انتهى حدثنا معمر وابن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة قال آلى النعمان من امرأته
وكان جالسا عند بن مسعود فضرب فخذه وقال إذا مضت أربعة أشهر فاعترف
بتطليقة انتهى وفي الموطأ عن علي خلاف هذا مالك عن جعفر بن محمد عن
أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه
الطلاق فإن مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق أو يفئ انتهى أخبرنا معمر عن قتادة أن
489

علي وابن مسعود وابن عباس قالوا إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهي أحق
بنفسها وتعتد عدة المطلقة انتهى وأخرج نحوه عن عطاء وجابر بن زيد
وعكرمة وابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن ومكحول وأخرج الدارقطني
في سننه حديث عطاء الخراساني ثم قال حدثنا أبو بكر الميموني قال ذكرت
لأحمد بن حنبل حديث عطاء الخراساني عن أبي سلمة عن عثمان هذا فقال لا أدري
ما هو قد روى عن عثمان خلافه قيل له من رواه قال حبيب بن أبي ثابت عن
طاوس عن عثمان أنه يوقف ثم أخرج عن بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن
شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب كان يقول
إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهو أملك بردها ما دامت في عدتها انتهى
وابن إسحاق صرح فيه بالتحديث وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية
490

عن الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن بن عباس وابن عمر قالا إذا آلى فلم
يفئ حتى إذا مضت أربعة أشهر هي تطليقة بائنة انتهى وأخرج نحوه عن ابن الحنفية
والشعبي والنخعي ومسروق والحسن وابن سيرين وقبيصة وسالم وأبي سلمة
وفي البخاري عن بن عمر خلاف ما تقدم فقال حدثنا قتيبة ثنا الليث عن نافع عن ابن
عمر أنه قال يقول الايلاء الذي سمى الله لا يحل لاحد بعد ذلك الاجل إلا أن يمسك
بالمعروف أو يعزم بالطلاق كما أمر الله تعالى وقال لي إسماعيل بن أبي أويس
حدثني مالك عن نافع عن بن عمر قال إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ولا
يقع عليه الطلاق حتى يطلق ويذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبا الدرداء
وعائشة واثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وفي موطأ مالك أنه
بلغه عن مروان بن الحكم أنه كان يقضي في الرجل يولي من امرأته أنها إذا مضت أربعة
أشهر فهي تطليقة وله عليها الرجعة ما كانت في العدة قال مالك وعلى هذا كان
رأي بن شهاب مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن
أنهما كانا يقولان بنحو ذلك
قوله روى عن بن عباس أنه قال لا إيلاء فيما دون أربعة أشهر قلت روى ابن
491

أبي شيبة في مصنفه حدثني علي بن مسهر عن سعيد عن عامر الأحول عن عطاء عن
بن عباس قال إذا آلى من امرأته شهرا أو شهرين أو ثلاثة ما لم يبلغ الحد فليس
بإيلاء انتهى وأخرج نحوه عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير والشعبي وأخرج
492

البيهقي عن بن عباس قال كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت
الله عز وجل أربعة أشهر فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء انتهى كلامه
باب الخلع
الحديث الأول قال عليه السلام الخلع تطليقة بائنة قلت روى الدارقطني
ثم البيهقي في سننيهما من حديث عباد بن كثير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس
493

أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله
بعباد بن كثير الثقفي وأسند عن البخاري قال تركوه وعن النسائي قال متروك
الحديث وعن شعبة قال احذروا حديثه وسكت عنه الدارقطني إلا أنه أخرج عن
بن عباس خلافه من رواية طاوس عن قال الخلع فرقة وليس بطلاق وهذا رواه
عبد الرزاق في مصنفه وقال لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه حل
له أن ينكحها ذكر الله الطلاق في أول الأمر وفي آخره والخلع بينهما انتهى
حديث آخر مرسل رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا بن جريج عن داود بن
أبي عاصم عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة انتهى وكذلك رواه
بن أبي شيبة
أثر رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جمهان مولى الأسلميين عن أم بكر
الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد فأتيا عثمان بن عفان في
ذلك هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت انتهى ومن طريق
مالك رواه البيهقي ونقل عن أبي داود السجستاني أنه سأل أحمد بن حنبل عن
جمهان هذا فقال لا أعرفه وضعف الحديث من أجله واستدل بن الجوزي في
التحقيق لمذهبنا بحديث أخرجه أبو داود والترمذي عن هشام بن يوسف ثنا معمر
494

عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن بن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه
فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه
ال إلا أن عبد الرزاق أرسله عن معمر انتهى وتعقبه صاحب التنقيح وقال
الحديث حجة لمن قال الخلع ليس بطلاق إذ لو كان طلاقا لم تعتد فيه بحيضة قال
وعمرو بن مسلم هذا هو الجندي اليماني روى له مسلم ووثقه بن حبان وقال ابن
حزم ليس بشئ ورد الحديث من أجله انتهى
أثر آخر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمتها
إلى عبد الله بن عمر فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان فبلغ
ذلك عثمان فلم ينكره فقال بن عمر عدتها عدة المطلقة قال مالك إنه بلغه أن
سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون عدة المختلعة ثلاثة
قروء انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام في امرأة ثابت بن قيس بن شماس أما الزيادة فلا
وقد كان النشوز من جهتها قلت روى مرسلا عن عطاء وعن أبي الزبير
فحديث عطاء رواه أبو داود في مراسيله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي
صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فقال أتردين عليه حديقته التي أصدقك قالت نعم وزيادة
495

قال أما الزيادة فلا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن ابن
جريج عن عطاء فذكره ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عطاء
به ورواه الدارقطني في سننه عن غندر عن بن جريج به قال الدارقطني هذا
496

مرسل وقد أسنده الوليد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس والمرسل أصح
انتهى
497

وحديث أبي الزبير أخرجه الدارقطني في سننه عن حجاج عن ابن جريج
قال أخبرني أبو الزبير أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن
أبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته
التي أعطاك قالت نعم وزيادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما الزيادة فلا ولكن حديقته
قالت نعم فأخذها وخلى سبيلها انتهى قال سمعه أبو الزبير من غير واحد ثم
أخرج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذ الرجل من المختلعة أكثر مما أعطاها
انتهى
أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا أزهر بن مروان ثنا عبد الأعلى
بن عبد الأعلى ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس أن جميله
بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني
500

أكره الكفر في الاسلام لا أطيقه بغضا فقال عليه السلام أتردين عليه حديقته قالت
نعم فأمره عليه السلام أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد انتهى ورواه الطبراني في
معجمه عن عبيد الله بن عمر القواريري ثنا عبد الأعلى به والحديث في صحيح
البخاري ليس في ذكر الزيادة أخرجه عن عكرمة عن بن عباس أن امرأة ثابت بن
قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره وفى
رواية منقطعة ولكني لا أطيق الكفر في الاسلام فقال عليه السلام أتردين عليه
حديقته قالت نعم فقال عليه السلام اقبل الحديقة وطلقها تطليقه انتهى وفى
لفظ وأمره ففارقها وأخرجه بن ماجة عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قال كانت حبيبه بنت سهل تحت ثابت بن قيس وكان رجلا دميما فقالت
يا رسول الله والله لولا مخافة الله لبصقت في وجهه إذا دخل علي فقال عليه السلام
أتردين عليه حديقته قالت نعم فردتها عليه وفرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه
أحمد في مسنده من حديث سهل بن أبي حثمة بلفظ بن ماجة هذا وسماها حبيبة
بنت سهل الأنصارية وزاد فيه وكان ذلك أول خلع في الاسلام وتقدم عند ابن ماجة
أيضا جميله وتقدم اسمها عند الدارقطني زينب فالله أعلم ورواه أبو داود من
حديث عمرة عن عائشة أن حبيبه بنت سهل فذكره بنحوه وفى البخاري سماها
جميله والله أعلم
باب الظهار
501

الحديث الأول قال عليه السلام للذي واقع في ظهاره قبل الكفارة استغفر الله
ولا تعد حتى تكفر قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن معمر عن الحكم بن أبان
عن عكرمة عن بن عباس أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فقال عليه
السلام ما حملك على ذلك قال رأيت خلخالها في ضوء القمر وفي لفظ بياض
ساقيها قال فاعتزلها حتى تكفر عنك انتهى ولفظ بن ماجة فضحك رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأمره أن لا يقربها حتى يكفر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
غريب انتهى وأخرجه أبو داود عن سفيان عن الحكم بن أبان عن عكرمة أن
502

رجلا فذكره مرسلا وكذلك أخرجه عن إسماعيل عن الحكم به مرسلا وكذلك
503

أخرجه هو والنسائي عن معتمر بن سليمان عن الحكم به مرسلا ورواه عبد الرزاق
في مصنفه حدثنا معمر به مرسلا ومن طريق عبد الرزاق رواه النسائي أيضا وقال
والمرسل أولى بالصواب انتهى قال المنذري في مختصره قال أبو بكر المعافري
ليس هذا الحديث صحيحا يعول عليه قال وفيما قاله نظر فقد صححه الترمذي
ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن
دينار عن طاوس عن بن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال إني ظاهرت من
امرأتي ثم وقعت عليها قبل أن أكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يقل الله من قبل أن
يتماسا قال أعجبتني قال أمسك حتى تكفر انتهى ثم أخرجه عن الحكم
بن أبان عن عكرمة عن بن عباس نحوه وقال لم يحتج الشيخان بإسماعيل بن مسلم
ولا بالحكم بن أبان والحكم بن أبان صدوق انتهى ورواه البزار في مسنده بالسند
الأول وقال لا يروي عن بن عباس بأحسن من هذا وإسماعيل بن مسلم تكلم فيه
وروى عنه جماعة من أهل العلم وفيه من الفقه أنه لم يأمره إلا بكفارة واحدة انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن
سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر يواقع قبل أن
يكفر قال كفارة واحدة انتهى وقال حديث حسن غريب انتهى وكذلك
رواه بن ماجة ولم أجد ذكر الاستغفار في شئ من طرق الحديث وهو في
504

الموطأ من قول مالك ولفظه قال مالك فيمن يظاهر من امرأته ثم يمسها قبل أن
يكفر قال يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر قال وذلك أحسن ما سمعت
انتهى
فصل في الكفارة
505

الحديث الثاني قال عليه السلام المكاتب عبد ما بقي عليه درهم قلت
أخرجه أبو داود في سننه في العتاق عن إسماعيل بن عياش عن سليمان بن سليم عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من
506

كتابته شئ انتهى وسيأتي في كتاب المكاتب إن شاء الله تعالى
507

الحديث الثالث قال عليه السلام في حديث أوس بن الصامت وسهل بن صخر
لكل مسكين نصف صاع قلت هكذا وقع في الهداية وصوابه وسلمة بن
صخر والحديث غريب وعند الطبراني في معجمه في حديث أوس بن الصامت
قال فأطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا قال لا أملك ذلك إلا أن تعينني فأعانه
النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا وأعانه الناس حتى بلغ انتهى وروى أبو داود من طريق ابن
إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت
مالك بن ثعلبة قالت ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أشكوه إليه وهو يجادلني فيه ويقول اتقي الله فإنما هو بن عمك فما برحت حتى
أنزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الآية فقال عليه السلام
508

يعتق رقبة قالت لا يجد قال فيصوم شهرين متتابعين قالت إنه شيخ كبير
لا يستطيع أن يصوم قال يطعم ستين مسكينا قالت ليس عنده شئ يتصدق به قال
فإني أعينه بعرق من تمر قالت يا رسول الله وأنا أعينه بعرق آخر قال أحسنت
اذهبي فاطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى بن عمك قال والعرق ستون
صاعا انتهى ثم أخرج عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال العرق زنبيل يأخذ
خمسة عشر صاعا انتهى وهذه الرواية الثالثة شاهدة لنا
509

باب اللعان
510

الحديث الأول قال عليه السلام أربعة لا لعان بينهم وبين أزواجهم اليهودية
511

والنصرانية تحت المسلم والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك قلت أخرجه
بن ماجة في سننه عن بن عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعة من النساء لا ملاعنة بينهم النصرانية تحت
المسلم واليهودية تحت المسلم والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك انتهى
وأخرجه الدارقطني في سننه عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن
شعيب به وقال عن جده عبد الله بن عمرو مرفوعا أربعة ليس بينهم لعان ليس بين
الحر والأمة لعان وليس بين الحرة والعبد لعان وليس بين المسلم واليهودية لعان وليس
بين المسلم والنصرانية لعان انتهى قال الدارقطني والوقاصي متروك الحديث
ثم أخرجه عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب به قال وعثمان
بن عطاء الخراساني ضعيف الحديث جدا وتابعه يزيد بن زريع عن عطاء وهو
ضعيف أيضا وروى عن الأوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمر بن شعيب
عن أبيه عن جده قوله ولم يرفعاه ثم أخرجه كذلك موقوفا ثم أخرجه عن عمار بن
مطر ثنا حماد بن عمرو عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث عتاب بن أسيد أن لا لعان بين أربع فذكر نحوه قال وعمار بن مطر
وحماد بن عمرو وزيد بن رفيع ضعفاء انتهى وقال البيهقي في المعرفة هذا حديث
رواه عثمان بن عطاء ويزيد بن زريع الرملي عن عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة لا ملاعنة بينهم النصرانية تحت المسلم إلى
آخره قال وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط وابنه عثمان وابن زريع
ضعيفان ورواه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب به وهو متروك
الحديث ضعفه يحيى بن معين وغيره من الأئمة ورواه عمار بن مطر عن حماد بن
عمرو عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شعيب وعمار بن مطر وحماد بن عمرو
512

وزيد بن رفيع ضعفاء وروى عن بن جريج والأوزاعي وهما إمامان عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده موقوفا وفي ثبوته موقوفا أيضا نظر فان راويه عن ابن جريج
والأوزاعي عمرو بن هارون وليس بالقوي ورواه يحيى بن أبي أنيسة أيضا عن
عمرو بن شعيب به موقوفا وهو متروك ونحن إنما نحتج بروايات عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة وانضم إليه ما يؤكده ولم نجد لهذا الحديث طريقا
صحيحا إلى عمرو والله أعلم انتهى كلامه
قوله وقال زفر تقع الفرقة بتلاعنهما لأنه تثبت الحرمة المؤبدة بالحديث كأنه
يشير إلى حديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وسيأتي وهو قول مالك
الحديث الثاني حديث كذبت عليها إن أمسكتها قلت رواه البخاري
ومسلم من حديث بن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمرا العجلاني جاء إلى
عاصم بن عدي فقال له يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم
كيف يفعل سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ذلك فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره عليه السلام المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
513

فقال عاصم لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل التي سألته عنها فقال
عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وسط
الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم كيف
يفعل فقال عليه السلام قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنا فاذهب فأت بها
قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا قال عويمر كذبت
عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها عويمر ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن
شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين انتهى ورواه أبو داود وقال فيه فطلقها
ثلث تطليقات فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما صنع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة قال
سهل حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما
ثم لا يجتمعان أبدا انتهى وفي هذه الألفاظ كلها دليل على أن الفرقة لم تقع باللعان
وكذا في حديث بن عمر أن رجلا لاعن امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق عليه
السلام بينهما وألحق الولد بأمه أخرجاه في الصحيحين دليل على ذلك وإلا
لم يكن لتفريقه عليه السلام فائدة قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي إن
الفرقة تقع بنفس اللعان وعويمر حين طلقها ثلاثا كان جاهلا بأن اللعان فرقة فصار كمن
شرط الضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشترط وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم في
حديث بن عمر تفريق حكم لا لفرقة الزوج وقول سهل بن سعد والزهري في
الحديث فكانت تلك سنة المتلاعنين أي الفرقة قال البيهقي والذي يدل على ذلك ما
أخرجه أبو داود في سننه عن عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس في قصة هلال
بن أمية ولعانه قال وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ليس لها عليه قوت ولا سكنى
من أجل أنهما يفترقان بغير طلاق ولا متوفى عنها انتهى وقال بن الجوزي في
التحقيق وقوله عليه السلام لا سبيل لك عليها ليس معناه الفرقة ولكنه ظن أن له
المطالبة بالمهر ولهذا في تمام الحديث قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن
كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد
لك منها انتهى كلامه
514

الحديث الثالث قال عليه السلام المتلاعنان لا يجتمعان أبدا قلت رواه أبو
داود في سننه حدثنا أحمد بن عمرو بن السرج ثنا بن وهب عن عياض بن عبد الله
الفهري وغيره عن بن شهاب عن سهل بن سعد في هذا الخبر قال فطلقها ثلاث
تطليقات فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سهل حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت
السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن فروة بن أبي المغراء ثنا أبو معاوية
عن محمد بن زيد عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتلاعنان إذا
تفرقا لا يجتمعان أبدا انتهى قال صاحب التنقيح إسناده جيد
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الرحمن بن هانئ عن أبي مالك عن
عاصم عن زر عن علي وعبد الله قالا مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان أبدا
انتهى قال في التنقيح عبد الرحمن بن هانئ هو أبو نعيم النخعي وقد أخرجه
أحمد وابن معين وغيرهما انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه المتلاعنان
لا يجتمعان أبدا موقوفا على عمر وابن مسعود وعلي ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه موقوفا على عمر وابن عمر وابن مسعود لم يروياه مرفوعا أصلا
515

الحديث الرابع روى أنه عليه السلام نفى ولد امرأة هلال بن أمية عن هلال
وألحقه بها قلت أخرجه أبو داود عن عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس قال
جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم فجاء من أرضه عشاء فوجد
عند أهله رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يهجه حتى أصبح ثم غدا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني جئت إلى أهلي عشاء فرأيت بعيني وسمعت بأذني
فبعث عليه السلام فأتى بامرأته فوعظهما وذكرهما ثم لاعن بينهما إلى أن قال
ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى أن لا يدعي ولدها لأب ولا ترمي ولا يرمي
ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت
من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها قال عكرمة فكان ولدها بعد
516

ذلك أميرا على مصر ولا يدعي لأب مختصر ورواه أحمد في مسنده وهو
معلول بعباد بن منصور قال البخاري عباد بن منصور روى عن بن أبي يحيى الأسلمي
عن داود بن الحصين عن عكرمة أشياء ربما نسيها فجعلها عن عكرمة انتهى وقال
الساجي ضعيف مدلس وكان ينسب إلى القدر وقال بن القطان في كتابه قال
بن معين عباد بن منصور ضعيف قدري وقال بن حبان كان قدريا داعية إلى القدر
وكل ما روى عن عكرمة سمعه من بن أبي يحيى عن داود فدلسها على عكرمة
انتهى وقال في التنقيح عباد بن منصور وثقه يحيى القطان وقال بن معين ليس
بشئ وقال أبو حاتم الرازي كان ضعيف الحديث يكتب حديثه انتهى وفي قوله
فرأيت بعيني وسمعت بأذني دليل على أن اللعان كان لرميها بالزنا لا بنفي الحمل وفي
الصحيحين عن بن عباس قال ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه وكان ذلك
الرجل يعني زوج المرأة مصفرا قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي ادعى عليه
أنه وجده عند أهله خدلا كثير اللحم فقال عليه السلام اللهم بين فوضعت شبيها
بالذي ذكر زوجها أنه وجده عند أهله فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وفي هذا أن
اللعان كان بعد الوضع فالله أعلم
حديث آخر أخرجاه في الصحيحين عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رجلا
لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما
وألحق الولد بالمرأة انتهى
الحديث الخامس روى أنه عليه السلام نفى الولد عن هلال وقد قذفها حاملا
517

قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده في حديث عباد بن منصور المتقدم عند
أبي داود ثنا عكرمة عن بن عباس قال لما نزلت والذين يرمون المحصنات إلى
أن قال فجاء هلال بن أمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت بعيني
وسمعت بأذني فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بامرأته فوعظهما وذكرهما ثم لاعن
بينهما إلى أن قال ثم قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرق بينهما وليس لها عليه قوت ولا
سكنى ولا نفقة ولا ميراث بينهما فكانت حاملا من غير طلاق ولا متوفى عنها
زوجها وأمر أن لا يدعى ولدها للأب ولا يرمى ولدها فمن رماها أو رمى ولدها جلد
الحد قال عباد بن منصور فحدثني عكرمة أنه رأى هذا الغلام أمير مصر من الأمصار
يخطب على منبرها لا يعرف أبوه مختصر وروى البخاري في صحيحه عن
518

بن جريج به سندا ومتنا ليس فيه فأنكره ولفظه أخبرنا بن جريج عن ابن شهاب
عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمر العجلاني جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت
رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فأنزل الله في شأنه ما ذكر في
القرآن من أمر المتلاعنين فقال له عليه السلام قد قضى الله فيك وفي امرأتك قال
فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد فلما فرغا قال كذبت عليها إن أمسكتها فطلقها
ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن فقال عليه السلام ذلك التفريق
بين كل متلاعنين وكانت حاملا فكان ابنها يدعى لامه انتهى زاد مسلم قال
سهل وكانت حاملا فكان ابنها ينسب إلى أمه ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه
ما فرض الله لها الحديث وقوله فكان ابنها إلى آخره هو عند البخاري من قول
الزهري وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني أبو الزناد عن القاسم
بن محمد عن بن عباس قال لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العجلاني وامرأته وكانت
حبلى وقال زوجها ما قربتها منذ عفار النخل وعفار النخل أنها كانت لا تسقى بعد
الابار شهرين فقال عليه السلام اللهم بين فجاءت بولد على الوجه المكروه إلى
أخره وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عويمر أخبرنا محمد بن عمر هو
الواقدي حدثني الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن جعفر
قال شهدت عويمر بن الحارث العجلاني وقد رمى امرأته بشريك بن السحماء وأنكر
حملها فلاعن بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حامل فرأيتهما يتلاعنان قائمين عند المنبر
ثم ولدت فألحق الولد بالمرأة وجاءت به أشبه الناس بشريك بن السمحاء وكان عويمر
قد لامه قومه وقالوا امرأة لا نعلم عليها إلا خيرا فلما جاء الشبه بشريك عذروه
وعاش المولود بعد ذلك سنتين ثم مات وعاشت أمه بعده يسيرا وصار شريك بعد
ذلك عند الناس بحال سوء ولم يبلغنا أنه أحدث توبة قال الواقدي وحدثني غير
الضحاك بن عثمان أن عويمرا قال والله يا رسول الله ما قربتها منذ عفار النخل فقال
عليه السلام اللهم بين وقال انظروا فان جاءت به كذا فهو لزوجها وإن جاءت
به كذا فهو للذي تتهم به فأتت به على الوجه المكروه فألحق عليه السلام الولد
بالمرأة وقال لا يدعى لأب ولكن يدعى لامه ومن رماه أو رمى أمه فعليه الحد
519

وقضى أنه لا قوت لها عليه ولا سكنى ولا عدة ولم يجلد رسول الله صلى الله عليه وسلم عويمرا في قذفه شريك بن السحماء وشهد عويمر
بن الحارث وشريك بن السحماء أحدا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وفي هذا أن الولد عاش سنتين وفي خبر هلال أنه عاش حتى
صار أميرا على مصر فالجمع بينهما بأنهما واقعتان أولى من القول بالتعارض والله
أعلم والمصنف استدل بهذا الحديث للشافعي على أن الزوجين إذا تلاعنا على نفي
الحمل فان القاضي ينفيه وعندنا لا ينفيه واستدل بالذي قبله على أنهما إذا تلاعنا على
نفي الولد فإنه ينفي قولا واحدا
باب العنين
قوله روى عن عمر وعلي وابن مسعود يؤجل العنين سنة قلت أما الرواية
عن عمر فلها طرق منها ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن
سعيد بن المسيب قال قضى عمر بن الخطاب في العنين أن يؤجل سنة قال معمر
520

وبلغني أن التأجيل من يوم تخاصمه انتهى وكذلك رواه الدارقطني في سننه
ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن سعيد بن المسيب عن عمر أنه أجل العنين سنة انتهى زاد في لفظ وقال إن
أتاها وإلا فرقوا بينهما ولها الصداق كاملا انتهى وقرن في هذا بين سعيد بن
المسيب والحسن البصري
طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا إسماعيل
521

بن مسلم المكي عن الحسن عن عمر بن الخطاب أن امرأة أتته فأخبرته أن زوجها لا يصل
إليها فأجله حولا فلما انقضى حول ولم يصل إليها خيرها فاختارت نفسها ففرق
بينهما عمر وجعلها تطليقة بائنة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص
بن غياث عن أشعث عن الحسن عن عمر قال يؤجل العنين سنة فان وصل إليها وإلا
فرق بينهما انتهى طريق
آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن محمد بن سالم عن
الشعبي أن عمر بن الخطاب كتب إلى شريح أن يؤجل العنين سنة من يوم يرفع إليه فإن
استطاعها وإلا فخيرها فإن شاءت أقامت وإن شاءت فارقته انتهى حدثنا هشيم
عن بن أبي ليلى عن الشعبي به
وأما حديث علي فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن
إسحاق عن خالد بن كثير عن الضحاك عن علي قال يؤجل العنين سنة فان وصل إليها
وإلا فرق بينهما انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى
عن علي قال يؤجل العنين سنة فان أصابها وإلا فهي أحق بنفسها انتهى
الله تعالى وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن
الركين بن الربيع بن عميلة عن أبيه عن حصين بن قبيصة عن عبد الله بن مسعود قال
يؤجل العنين سنة فان جامع وإلا فرق بينهما انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا
الثوري به وأخرجه الدارقطني في سننه عن سفيان عن الركين عن أبيه سمعت أبي
وحصين بن قبيصة يحدثان عن عبد الله فذكره هكذا وجدته
أثر آخر عن المغيرة بن شعبة رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن
الركين عن أبي حنظلة النعمان عن المغيرة بن شعبة انه أجل العنين سنة انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن سفيان عن الركين عن أبي النعمان عن المغيرة بن شعبة قال
522

يؤجل العنين سنة وعن شعبة عن الركين عن أبي طلق عن المغيرة نحوه وعن الحجاج
بن أرطاة عن الركين عن حنظلة بن نعيم أن المغيرة بن شعبة أجل العنين سنة من يوم رافعته
قال وكذلك قال سفيان ومالك من يوم ترافعه انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن
الحسن والشعبي والنخعي وعطاء وابن المسيب أنهم قالوا يؤجل العنين سنة
انتهى
حديث قال عليه السلام فر من المجذوم فرارك من الأسد قلت أخرجه
البخاري تعليقا عن سعيد بن ميناء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد أو قال من
الأسود انتهى
باب العدة
523

الحديث الأول قال عليه السلام عدة الأمة حيضتان قلت تقدم في
الطلاق في الحديث الخامس والمصنف استدل به هنا على أن القرء اسم للحيض
قوله قال عمر لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا قلت رواه عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع عمرو بن أوس الثقفي يقول
أخبرني رجل من ثقيف قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لو استطعت أن أجعل
عدة الأمة حيضة ونصفا فعلت فقال له رجل لو جعلتها شهرا ونصفا فسكت عمر
انتهى ورواه الشافعي في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا سفيان بن عيينة
524

عن عمرو بن دينار به ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في كتاب المعرفة
قوله قال بن مسعود من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية
التي في سورة البقرة قلت أخرجه البخاري في تفسير سورة الطلاق وفي أوائل
البقرة عنه قال أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون رخصة لنزلت سورة النساء
القصرى بعد الطولى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن انتهى
وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة بلفظ من شاء لاعنته لأنزلت سورة النساء
القصرى بعد الأربعة أشهر وعشرا انتهى وأخرجه البزار في مسنده عن علقمة
عنه بلفظ من شاء حالفته ان وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن نزلت
بعد آية المتوفى فإذا وضعت المتوفى عنها حملها فقد حلت وقرأ والذين يتوفون
منكم ويذرون أزواجا الآية انتهى وروى عبد الله بن أحمد في مسند أبيه من
حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وعن أبي بن
كعب قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن
المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها فقال هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها انتهى والمثنى
بن الصباح متروك بمرة ورواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما في سورة
الطلاق من حديث بن لهيعة عن عمرو به وابن لهيعة أيضا ضعيف ورواه الطبري
أيضا من حديث بن عيينة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن أبي بن كعب قال سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال أجل كل حامل ان تضع ما في بطنها انتهى
525

وعبد الكريم مع ضعفه لم يدرك أبيا
قوله قال عمر رضي الله عنه لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها
وحل لها ان تتزوج قلت رواه مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر انه سئل عن
المرأة التي يتوفى زوجها وهي حامل فقال إذا وضعت حملها فقد حلت
فأخبره رجل من الأنصار ان عمر قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد
526

لحلت انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده وكذلك رواه عبد الرزاق
في مصنفه عن معمر عن أيوب عن نافع به سواء ورواه هو وابن أبي شيبة في
مصنفيهما عن بن عيينة عن الزهري عن سالم قال سمعت رجلا من الأنصار
يحدث بن عمر يقول سمعت أباك يقول لو وضعت المتوفي عنها زوجها ذا بطنها
وهو على السرير لقد حلت انتهى وفيه رجل مجهول
أحاديث الباب منها حديث سبيعة الأسلمية أخرجه البخاري ومسلم عن
كريب مولى بن عباس عن أم سلمة قال إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها
بليال وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج انتهى وفي لفظ للبخاري
أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة وفي لفظ آخر فمكثت قريبا من عشر ليال
ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنكحي انتهى وأخرجه البخاري ومسلم أيضا عن
عمر بن عبد الله بن الأرقم أنه دخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فسألها عن حديثها
فأخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد
بدرا فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته
فلما فرغت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من
بني عبد الدار فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت
بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرا قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت علي
ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت
حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدا لي قال بن شهاب ولا أرى بأسا أن
تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر انتهى
وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة مسلم من رواية سبيعة أنها نفست بعد وفاة
527

زوجها بليال إلى آخره وتعقبه بن القطان في كتابه وقال إن هذا خطأ فإن
سبيعة لم ترو هذا الحديث ولا رواه أحد عنها وإنما هي صاحبة القصة كأبي جهم
في قصة الابنجانية وذي اليدين في قصة السهو فلو روى راو حديث السهو عن ذي
اليدين أو حديث الابنجانية وذي اليدين عن أبي الجهم لكان مخطئا فكذلك هذا وإنما راويه أم
سلمة ثم ذكر لفظ الصحيحين فيه من جهة أم سلمة انتهى وهذا وهم فاحش
فقد أخرجاه من حديثها كما قدمناه وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة
وليس لها في الكتب الستة غير هذا الحديث وقد ذكره أصحاب الأطراف في
مسندها وكذلك الحميدي في الجمع بين الصحيحين
حديث آخر رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما قال الأول
حدثنا محمد بن بشر العبدي وقال الثاني حدثنا سفيان الثوري قالا ثنا عمرو بن
ميمون بن مهران عن أبيه عن الزبير بن العوام أنه كانت تحته أم كلثوم وكان فيه شدة
على النساء فكرهته فسألته أن يطلقها وهي حامل فأبى فلما ضربها الطلق ألحت
عليه في تطليقه فطلقها واحدة وهو يتوضأ ثم خرج فأدركه إنسان فأخبره أنها
وضعت فقال خدعتني خدعها الله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال سبق
كتاب الله فيها اخطبها فقال إنها لا ترجع إلي أبدا انتهى
قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال عدة أم الولد ثلاث حيض قلت
528

غريب والمصنف استدل به لأصحابنا على أن عدة أم الولد ثلاث حيض في عتق أو وفاة
وقال الشافعي حيضة واحدة ولكن روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن
يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن العاص أمر أم ولد أعتقت أن تعتد
ثلاث حيض وكتب إلى عمر فكتب بحسن رأيه انتهى وأخرجه أيضا عن الحارث
عن علي وعبد الله قالا ثلاث حيض إذا مات عنها يعني أم الولد وأخرجه عن
إبراهيم النخعي وابن سيرين والحسن البصري وعطاء وروى أيضا حدثنا الثقفي عن
يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم وذكر له أن عبد الملك بن مروان فرق بين نساء
ورجالهن كن أمهات أولاد ونكحن بعد حيضة أو حيضتين حتى يعتددن أربعة أشهر
وعشرا فقال سبحان الله إن الله يقول في كتابه والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا أتراهن من الأزواج انتهى وروى بن حبان في صحيحه في النوع
السادس والثلاثين من القسم الخامس عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال
لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا انتهى ورواه
529

الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه
الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال الدارقطني وقبيصة لم يسمع من عمرو
وفي لفظ له قال عدة أم الولد عدة الحرة إذا توفى عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا
وإذا عتقت ثلاث حيض انتهى وقال البيهقي قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر
530

وقبيصة لم يسمع من عمرو والصواب موقوف انتهى ورواه أبو داود وابن
ماجة
قوله روى عن علي وابن مسعود وابن عباس ان ابتداء العدة في الطلاق عقيب
531

الطلاق وفي الوفاة عقيب الوفاة قلت أما حديث على فأخرجه البيهقي عنه قال
العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى
وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ويحيى بن
آدم عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال
العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن
عمرو بن الخالد الحراني ثنا أبي أنبأ زهير عن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق وعبيدة
عن عبد الله فذكره
وأما حديث بن عباس فغريب وذكر انه في كتاب بن المنذر وروى ابن أبي
شيبة حدثنا بن علية عن أيوب عمرو بن دينار عن جابر بن زيد يحسبه عن ابن
عباس قال العدة من يوم يموت انتهى
أثر آخر رواه بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر
قال عدتها من يوم طلقها ومن يوم يموت عنها انتهى وهذا سند صحيح وأخرج
نحوه عن عطاء ومجاهد وابن المسيب وسعيد بن جبير وابن سيرين وعكرمة
ونافع وأبي قلابة وأبي العالية والشعبي والنخعي والزهري وعبد الرحمن بن
يزيد ومكحول بأسانيد جيدة
532

فصل
الحديث الثاني قال عليه السلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد
على ميت فوق ثلاثة أيام الا على زوجها أربعة أشهر وعشرا قلت روى من
حديث أم عطية ومن حديث أم حبيبة ومن حديث حفصة ومن حديث زينب بنت
جحش ومن حديث عائشة
فحديث أم عطية أخرجه الجماعة الا الترمذي عن حفصة عن أم عطية
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت
فوق ثلاث ليال إلا على زوح أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا الا ثوب
عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا الا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار انتهى
وفي لفظ للبخاري ومسلم وقد رخص للمرأة في طهرها إذا اغتسلت من حيضتها في
نبذة من قسط أو أظفار
وحديث أم حبيبة أخرجه الجماعة الا بن ماجة عن زينب عن أم حبيبة انها لما
توفى أبوها أبو سفيان فدعت بطيب فدهنت جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت
والله مالي بالطيب من حاجة غير انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرأة
تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج أربعة أشهر
وعشرا انتهى وفي لفظ للبخاري فوق ثلاثة أيام
وحديث حفصة أخرجه مسلم عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن
533

بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فإنها تحد عليه أربعة
أشهر وعشرا انتهى
حديث مرسل مخالف لما تقدم أخرجه أبو داود في مراسيله عن عمرو
بن شعيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى
من سواه ثلاثة أيام انتهى وذكره عبد الحق في احكامه من جهته وقال الصحيح
حديث أم عطية
وحديث زينب بنت جحش أخرجه البخاري ومسلم عن زينب بنت أبي سلمة
قالت دخلت على زينب بنت جحش حين توفى أخوها فدعت بطيب فمست منه
ثم قالت والله مالي بالطيب من حاجة إلى آخر لفظ أم حبيبة سواء
وحديث عائشة أخرجه مسلم عن عروة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة
تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلى علي زوجها انتهى والمصنف
استدل بهذا الحديث على وجوب الاحداد على المتوفى عنها زوجها وفيه نظر
ولكن الصريح في ذلك حديث أم سلمة أخرجه البخاري ومسلم قالت جاءت امرأة إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها
أفنكحلها فقال عليه السلام لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال إنما
هي أربعة أشهر وعشر مختصر وفي لفظ للبخاري فلا حتى يمضى أربعة أشهر
وعشر وتقدم في حديث أم عطية ولا تلبس ثوبا مصبوغا ولا تكتحل ولا تمس طيبا
وهذا ظاهره في وجوب الاحداد وتقدم أيضا فيه ورخص للمرأة في طهرها نبذة من
قسط أو أظفار وهذا صريح في الوجوب أيضا
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام نهى المعتدة ان تختضب بالحناء وقال
الحناء طيب قلت تقدم في جنايات الحج حديث الحناء طيب وحديث نهي
534

المعتدة عن الحناء أخرجه أبو داود في سننه عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها عن مولاة
لها عن أم سلمة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا في عدتي من وفاة أبي سلمة لا
تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قلت فبأي شئ امتشط يا رسول الله
قال بالسدر تغلفين به رأسك انتهى وذكره عبد الحق في احكامه من جهة
أبي داود وقال ليس لهذا الحديث إسناد يعرف انتهى والظاهر أنه لفظ المصنف
حديثان ويحتمل انه حديث واحد كما ذكره السروجي في الغاية وعزاه للنسائي
ولفظه نهى المعتدة عن الكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب انتهى
وهم منه والمنصف استدل بهذا الحديث على أن المعتدة عليها الاحداد كالمتوفى
عنها زوجها وفيه خلاف الشافعي فتعين ان يكون الحديث كما أورده المصنف حديثا
واحدا وحديث أبي داود هذا أجنى عن المقصود والذي ذكره السروجي مطابق الا
انى ما وجدته
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام لم يأذن للمعتدة في الاكتحال والدهن
قلت أما الاكتحال فأخرجه الأئمة الستة في كتبهم مختصرا ومطولا عن زينب
بنت أم سلمة عن أمها ان امرأة توفى عنها زوجها فخافوا على عينيها فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم
فاستأذنوه في الكحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حتى تمضى أربعة أشهر وعشرا انتهى
535

وفي لفظ لهم قالت جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي
توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال عليه السلام لا مرتين أو
ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشرا انتهى ولم يرد
المصنف هنا بالمعتدة غير المتوفى عنها ولكنه قصد التعميم وأما الدهن فغريب انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام السر النكاح قلت غريب وأخرج ابن
536

أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير عن منصور عن الشعبي في قوله تعالى ولكن لا
تواعدوهن سرا لا يأخذ عليها عهدا وميثاقا ان لا تتزوج غيره ونقله أبو بكر الرازي
عن بن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا ابن
مجاهد عن أبيه عن بن عباس في قوله ولكن لا تواعدوهن سرا قال يقول انك
من حاجتي انتهى حدثنا معمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال السر ان يأخذ عليها
عهدا وميثاقا ان تحبس نفسها ولا تنكح غيره حدثنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن
مسلم البطين عن سعيد بن جبير نحوه
قوله قال بن عباس التعريض ان يقول إني أريد ان أتزوج وعن سعيد بن جبير
انى فيك لراغب وانى أريد ان نجتمع قلت خبر بن عباس أخرجه البخاري في
النكاح ولفظه وقال لي طلق حدثنا زائدة عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس
لا جناح عليكم فيما عرضتم يقول انى أريد التزويج ولوددت انه تيسر لي امرأة
صالحة وقال القاسم يقول انك علي كريمة وانى فيك لراغب وان الله لسائق إليك
خيرا أو نحو هذا انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا الثوري عن
537

منصور بن المعتمر عن مجاهد عن بن عباس في الآية قال يقول انى لأريد التزويج
انتهى وخبر سعيد بن جبير أخرجه البيهقي عنه الا ان يقولوا قولا معروفا قال
يقول انى فيك لراغب وانى لأرجو ان نجتمع انتهى
الحديث السادس قال عليه السلام للذي قتل زوجها اسكني في بيتك حتى يبلغ
الكتاب أجله قلت أخرجه في السنن الأربعة عن سعد بن إسحاق بن كعب بن
عجرة عن عمته زينب بنت كعب عن فريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد
الخدري انها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله ان ترجع إلى أهلها في بنى خدره وان
زوجها خرج في طلب اعبد له ابقوا حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه قالت
فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ارجع إلى أهلي فان زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه ولا
نفقة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة
أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمرني فنوديت له فقال كيف قلت قالت
فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي قال امكثي في بيتك حتى يبلغ
الكتاب أجله قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان أرسل
إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
538

ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي والشافعي وأبو يعلى
الموصلي في مسانيدهم ورواه مالك في الموطأ أخبرنا سعد بن إسحاق به ومن
طريقه رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والثمانين من القسم الأول
والحاكم في المستدرك وأخرجه الحاكم أيضا عن إسحاق بن سعد بن كعب ابن
عجرة حدثتني زينب به قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد من الوجهين جميعا
ولم يخرجاه قال محمد بن يحيى الذهلي هو حديث صحيح محفوظ وهما اثنان
سعد بن إسحاق وهو أشهرهما وإسحاق بن سعد بن كعب وقد روى عنهما جميعا
يحيى بن سعيد الأنصاري فقد ارتفعت عنهما الجهالة انتهى كلامه بحروفه وقال
539

ابن عبد البر في التقصي رواه يحيى بن يحيى عن مالك فقال سعيد بن إسحاق
وغيره من الرواة يقول سعد بن إسحاق وهو الأشهر انتهى كلامه وقال ابن
القطان في كتابه قال بن حزم زينب بنت كعب مجهولة لم يرو حديثها غير سعد
بن إسحاق وهو غير مشهور بالعدالة قال وليس عندي كما قال بل الحديث صحيح
فان سعد بن إسحاق ثقة وممن وثقه النسائي وزينب كذلك ثقة وفي تصحيح الترمذي
إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق ولا يضر الثقة ان لا يروى عنه الا واحد وقد قال ابن
عبد البر انه حديث مشهور انتهى
حديث يشكل على المذهب أخرجه الدارقطني عن محبوب بن محرز عن أبي
مالك النخعي عن عطاء بن السائب عن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر المتوفى عنها زوجها ان تعتد
حيث شاءت انتهى قال الدارقطني لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو
ضعيف قال بن القطان ومحبوب بن محرز أيضا ضعيف وعطاء مختلط وأبو
مالك أضعفهم فلذلك اعله الدارقطني به وذكر الجميع أصوب لاحتمال أن تكون
الجناية من غيره انتهى كلامه
540

باب ثبوت النسب
541

الحديث الأول قال عليه السلام شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال
النظر إليه قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع حدثنا عيسى
بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري قال مضت السنة ان تجوز شهادة النساء فيما لا
يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن ويجوز شهادة القابلة وحدها في
الاستهلال وامرأتان فيما سوى ذلك انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
بن جريج عن الزهري فذكره
543

حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه في كتاب الأقضية عن محمد بن
عبد الملك الواسطي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة
القابلة انتهى قال الدارقطني محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش بينهما
رجل مجهول وهو أبو عبد الرحمن المدائني ثم أخرجه عن محمد بن عبد الملك عن
أبي عبد الرحمن المدائني عن الأعمش به وسيأتي الحديث في كتاب الشهادات
قوله قالت عائشة رضي الله عنها الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين ولو
بظل مغزل قلت اخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما من طريق بن المبارك
ثنا داود بن عبد الرحمن عن بن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت ما تزيد
المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل انتهى وفي لفظ
قالت لا يكون الحمل أكثر من سنتين الحديث وأخرج الدارقطني أيضا ومن جهته
البيهقي عن الوليد بن مسلم قال قلت لمالك بن أنس انى حدثت عن عائشة انها قالت
544

لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل فقال سبحان الله من يقول هذا
هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة
أبطن في اثنى عشر سنة كل بطن في أربع سنين انتهى قال البيهقي وقول عمر ان
امرأة المفقود تتربص أربع سنين يشبه ان يكون إنما قاله لبقاء الحمل أربع سنين انتهى
باب حضانة الولد
ومن أحق به
الحديث الأول روى أن امرأة قالت يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء
545

وحجرى له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه انه ينزعه منى فقال عليه السلام أنت
أحق به ما لم تتزوجي قلت رواه أبو داود في سننه حدثنا محمود بن خالد السلمي
ثنا الوليد عن أبي عمرو يعنى الأوزاعي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عبد الله بن عمرو ان امرأة قالت يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي
له سقاء وحجرى له حواء وان أباه طلقني وأراد ان ينزعه منى فقال لها رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنت أحق به ما لم تنكحي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصحح
إسناده وأخرجه الدارقطني في سننه عن بن جريج عن عمرو بن شعيب به ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا المثنى بن الصباح عن عمرو به وعن عبد الرزاق رواه
إسحاق بن راهويه في مسنده به سواء
قوله واليه أشار الصديق رضي الله عنه بقوله ريقها خير له من شهد وعسل
عندك يا عمر قاله حين وقعت الفرقة بينه وبين امرأته والصحابة حاضرون متوافرون
قلت غريب بهذا اللفظ وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بشر ثنا
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب طلق أم عاصم ثم
اتى عليها وفي حجرها عاصم فأراد ان يأخذه منها فتجاذباه بينهما حتى بكى الغلام
546

فانطلقا إلى أبي بكر فقال له أبو بكر يا عمر مسحها وحجرها وريحها خير له منك
حتى يشب الصبي فيختار لنفسه انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا ابن
جريج أخبرني عطاء الخراساني عن بن عباس قال طلق عمر بن الخطاب امرأته
الأنصارية أم ابنه عاصم فلقيها تحمله بمحسر وقد فطم ومشى فأخذ بيده لينتزعه
منها ونازعها إياه حتى أوجع الغلام وبكى وقال أنا أحق بابني منك فاختصما إلى
أبي بكر فقضى لها به وقال ريحها وحجرها وفراشها خير له منك حتى يشب
ويختار لنفسه انتهى حدثنا سفيان الثوري عن عاصم عن عكرمة قال خاصمت
امرأة عمر إلى أبي بكر وكان طلقها فقال أبو بكر هي أعطف وألطف
وأرحم وأحنى وأرأف وهي أحق بولدها ما لم تتزوج انتهى ورواه مالك في
الموطأ في كتاب القضاء أخبرنا يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال كانت
عند عمر امرأة من الأنصار فولدت له عاصما ثم فارقها عمر فركب يوما إلى قبا
فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد فأخذه بعضده فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة
الغلام فنازعته إياه فأقبلا حتى أتيا أبا بكر فقال عمر ابني وقالت المرأة ابني فقال
أبو بكر خل بينه وبينها فما راجعه عمر الكلام انتهى ورواه عبد الرزاق
في مصنفه حدثنا بن عيينة عن يحيى بن سعيد به سواء ورواه البيهقي وزاد ثم
قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا توله والدة عن ولدها انتهى ورواه ابن
أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن إدريس عن يحيى بن سعيد عن القاسم ان عمر بن
الخطاب طلق جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح فتزوجت فجاء عمر فأخذ ابنه
فأدركته الشموس بنت أبي عامر الأنصارية وهي أم جميلة فأخذته فترافعا إلى أبي
بكر فقال لعمر خل بينها وبين ابنها فأخذته انتهى
547

الحديث الثاني قال عليه السلام الخالة والدة قلت روى من حديث علي ومن
حديث أبي مسعود ومن حديث أبي هريرة
أما حديث على فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن آدم ثنا
إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم عن علي قال لما خرجنا من
مكة أتتنا بنت حمزة تنادى يا عم يا عم فتناولتها بيدها فدفعتها إلى فاطمة فقلت
دونك بنت عمك فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها انا وجعفر وزيد بن حارثة فقال
جعفر بنت عمى وخالتها عندي يعنى أسماء بنت عميس وقال زيد بنت اخى
وقلت انا أخذتها وهي ابنة عمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت يا جعفر فأشبهت
خلقي وخلقي وأما أنت يا علي فمنى وانا منك وأما أنت يا زيد فأخونا ومولانا
والجارية عند خالتها فإن الخالة والدة قلت يا رسول الله ألا تتزوجها قال ابنة
اخى من الرضاعة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحديث رواه البخاري في
صحيحه عن البراء بلفظ الخالة بمنزلة الام ورواه أبي داود من حديث علي بلفظ
الخالة أم فالبخاري أخرجه في الشهادات وفي غزوة خيبر في باب عمرة القضاء
عن أبي إسحاق عن البراء قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن
يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام إلى أن قال فلما دخلها
548

ومضى الاجل اتوا عليا فقالوا له قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الاجل فخرج
النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة
دونك ابنة عمك فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي أنا أحق بها وهي
ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمى وخالتها تحتي وقال زيد ابنة اخى فقضى بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام مختصر وأخرجه أبو داود عن عجير عن
علي فذكر القصة وفيه فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر تكون عند خالتها وقال
إنما الخالة أم مختصر
وأما حديث أبي مسعود فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أبو الشيخ محمد بن
الحسن الأصبهاني وأحمد بن زهير التستري قالا ثنا محمد بن حرب النسائي ثنا يحيى
549

ابن عباد ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن خالد بن سعد عن أبي مسعود قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالة والدة انتهى
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه العقيلي في كتابه عن يوسف بن خالد السمتي
ثنا أبو هريرة المدني عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالة
والدة انتهى وأعله بيوسف هذا ووصفه بالكذب وقال لا يتابع عليه
حديث آخر مرسل رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة جعفر بن أبي طالب
فقال أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه
قال إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال إذ اخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في
هودجها قال فاختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم
فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي ابنة عمى وأنا أخرجتها وقال جعفر ابنة عمى
وخالتها عندي وقال زيد ابنة اخى فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر وقال الخالة والدة
فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم أي دار عليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا يا جعفر
قال شئ رأيت الحبشة تصنعه بملوكهم إذا أرضوهم انتهى
550

حديث آخر مرسل رواه بن المبارك في كتاب البر والصلة بسنده عن الزهري
قال بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العم إذا لم يكن دونه أب والخالة والدة إذا لم
يكن دونها أم انتهى
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام خير قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة
عن هلال بن أسامة عن أبي ميمونة سليم ويقال سلمان مولى من أهل المدينة رجل
صدق قال بينما انا جالس مع أبي هريرة جاءته امرأة فارسية معها بن لها فادعياه
وقد طلقها زوجها فقالت يا أبا هريرة ورطنت بالفارسية زوجي يريد ان يذهب
بابني فقال أبو هريرة استهما عليه ورطن لها بذلك فجاء زوجها فقال من يحاقني
في ولدى فقال أبو هريرة اللهم إني لا أقول هذا الا انى سمعت امرأة جاءت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقالت يا رسول الله ان زوجي يريد ان يذهب بابني
وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه فقال
زوجها من يحاقني في ولدى فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد
أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به انتهى أخرجه أبو داود والنسائي في
الطلاق هكذا وأخرجه الترمذي وابن ماجة في الاحكام مختصرا بدون
القصة ان النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وأبو ميمونة اسمه سليم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس
والثلاثين من القسم الخامس بلفظ الترمذي وزاد فيه وان أبا هريرة خير غلاما بين أبيه
وأمه ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام بلفظ أبي داود وقال
حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال بن القطان في كتابه هذا
الحديث يرويه هلال بن أسامة عن أبي ميمونة سلمى مولى من أهل المدينة رجل
551

صدق عن أبي هريرة وأبو ميمونة هذا ليس مجهولا فقد كناه هلال بن أسامة بأبي
ميمونة وسماه سلمى وذكر انه مولى من أهل المدينة ووصفه بأنه رجل صدق وهذا
القدر كاف في الراوي حتى يتبين خلافه وأيضا فقد روى عن أبي ميمونة المذكور أبو
النضر قاله أبو حاتم وروى عنه يحيى بن أبي كثير هذا الحديث نفسه كما رواه ابن
أبي شيبة في مسنده حدثنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي
ميمونة عن أبي هريرة قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلقها زوجها فأراد
ان يأخذ ابنها فقال عليه السلام استهما فيه فقال عليه السلام للغلام تخير أيهما
شئت قال فاختار أمه فذهبت به انتهى قال فجاء من هذا جودة الحديث
وصحته انتهى
قوله وقد صح ان الصحابة لم يخيروا قلت تقدم قريبا لمالك والبيهقي عن أبي
بكر انه دفع الغلام لامه لما اختصم فيه عمر وأمه وقال فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول لا توله والدة عن ولدها وقد ورد ما يخالف ذلك روى عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا بن جريج انه سمع عبد الله بن عبيد بن عمير يقول اختصم أب وأم في ابن لهما
إلى عمر بن الخطاب فخيره فاختار أمه فانطلقت به انتهى وتقدم عند ابن حبان
عن أبي هريرة انه خير غلاما بين أبيه وأمه
الحديث الرابع قال عليه السلام اللهم اهده فوق لاختيار الا نظر بدعائه عليه
السلام قلت أخرجه أبو داود في الطلاق والنسائي في الفرائض عن
عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان انه أسلم وأبت امرأته ان تسلم
فجاء بابن لهما صغير لم يبلغ فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ههنا والام ههنا ثم خيره وقال
اللهم اهده فذهب إلى أبيه انتهى ولفظ أبي داود انه أسلم وأبت امرأته ان تسلم
فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ابنتي وهي فطيم وقال رافع ابنتي فأقعد النبي صلى الله عليه وسلم الام
ناحية والأب ناحية وأقعد الصبية بينهما وقال لهما ادعواها فمالت الصبية إلى أبيها
552

فقال عليه السلام اللهم اهدها فمالت إلى أمها فأخذها انتهى أخرجه أبو داود عن
عيسى بن يونس عن عبد الحميد به والنسائي عن المعافا بن عمران عن عبد الحميد به
وبسند أبي داود ومتنه رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي عاصم النبيل عن
عبد الحميد به وسمى فيه البنت المذكورة عميرة وعن علي بن غراب عن عبد الحميد
به وقال فيه تشبه بالفطيم وأخرجه بن ماجة والنسائي في سننه عن إسماعيل بن
إبراهيم بن علية ثنا عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده أبي سلمة ان
أبوين اختصما في ولد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما كافر فخيره النبي صلى الله عليه وسلم فتوجه إلى
الكافر فقال اللهم اهده فتوجه إلى المسلم فقضى له به انتهى وبهذا السند
رواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم وفي لفظ أحمد في ولد
صغير وفيه وفي لفظ السنن ما يدفع حمل المصنف الحديث على أن الصبي كان بالغا
بو سلمة هذا عده بن سعد في الطبقات من الصحابة الذين نزلوا البصرة قال
بن القطان في كتابه هذا الحديث يرويه عيسى بن يونس وأبو عاصم النبيل وعلي بن
غراب كلهم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جد أبيه رافع بن سنان فإنه
عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان وعبد الحميد ثقة وأبوه
جعفر كذلك قاله الكوفي ورواية عيسى بن يونس عند أبي داود ورواية أبو عاصم
وعلي بن غراب عند الدارقطني في سننه وسميت البنت المذكورة في رواية أبي
عاصم عميرة وروى أنه كان غلاما وروى أنها كانت جارية فلعلهما قضيتان خير
في إحداهما غلام وفي الأخرى جارية وقد روى هذا الحديث من طريق عثمان البتي
عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده ان أبويه اختصما فيه الحديث هكذا رواه
بن أبي شيبة عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن عثمان البتي وكذا رواه يعقوب
553

الدورقي عن إسماعيل أيضا ورواه يزيد بن زريع عن البتي فقال فيه عن عبد الحميد
بن يزيد بن سلمة ان جده أسلم وأبت امرأته أن تسلم وبينهما ولد صغير فذكر
مثله رواه عن يزيد بن زريع يحيى الحماني من رواية بن أبي خيثمة عنه وهذه الروايات
لا تصح لان عبد الحميد بن سلمة وأباه وجده لا يعرفون ولو صحت لم ينبغ أن تجعله
خلافا لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن عبد الحميد بن جعفر فإنهم ثقات وهو
وأبوه ثقتان وجده رافع بن سنان معروف والله أعلم انتهى كلامه
فصل
* (* (* (
الحديث الخامس قال عليه السلام من تأهل ببلدة فهو منهم قلت رواه ابن أ
بي شيبة في مسنده حدثنا المعلى بن منصور عن عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئاب عن أبيه أن عثمان صلى بمنى أربعا ثم
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأهل في بلدة فهو من أهلها يصلي صلاة المقيم وإني
554

تأهلت منذ قدمت مكة انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده كذلك
ولفظه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تزوج الرجل ببلد فهو من أهله وإنما أتممت
لأني تزوجت بها منذ قدمتها انتهى ورواه أحمد في مسنده ولفظه سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل في بلد فليصل صلاة مقيم انتهى وذكره البيهقي
في المعرفة في باب صلاة المسافر ولم يصل سنده به ثم قال هذا حديث منقطع
وعكرمة الأزدي ضعيف انتهى
باب النفقة
الحديث الأول قال عليه السلام في حجة الوداع ولهن عليكم رزقهن
وكسوتهن بالمعروف قلت تقدم في حديث جابر الطويل في الحج
555

الحديث الثاني قال عليه السلام لامرأة أبي سفيان خذي من مال زوجك ما
يكفيك وولدك بالمعروف قلت أخرجه الجماعة خلا الترمذي عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة أن هندا أم معاوية قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح
وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال عليه السلام
خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف انتهى ذكره البخاري وأبو داود في البيوع
ومسلم والنسائي في القضاء وابن ماجة في الاحكام وأخرجه ابن حبان
في صحيحه في أول النوع الثالث من القسم الرابع وفيه أنا آخذ من ماله وهو لا يشعر
قال خذي من ماله بالمعروف وهو لا يشعر
556

الحديث الثالث روى عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا فلم
يفرض لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن
الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم
مكتوم انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا وعند النسائي فيه من حديث سعيد بن يزيد
الأحمسي ثنا الشعبي به إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ذكره
في باب الرخصة في التطليق بثلاث وعند أحمد والطبراني فيه من رواية مجالد
عن الشعبي به نحو ذلك ولفظ الطبراني فقال لها اسمعي يا بنت قيس إنما النفقة
للمرأة على زوجها ما كانت عليها رجعة فإذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة لها
ولا سكنى وفي لفظ آخر فإذا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره فلا نفقة لها ولا
سكنى قال بن القطان في كتابه وهذه الزيادة التي هي إنما السكنى والنفقة لمن
كان يملك الرجعة إنما زادها مجالد وحده من دون أصحاب الشعبي وقد أورده مسلم
562

بدونها ورواها عن مجالد هشيم وابن عيينة وعبدة بن سليمان فحديث هشيم عند
الدارقطني وحديث بن عيينة قال قاسم بن أصبغ في كتابه حدثنا محمد بن
إسماعيل ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا مجالد عن الشعبي به وحديث عبدة رواه أحمد حدثنا
عبدة بن سليمان ثنا مجالد به وقد تأتي هذه الزيادة في بعض طرق الحديث من رواية
جماعة من أصحاب الشعبي فيهم مجالد فيتوهم أن الزيادة من رواية الجميع وليس
كذلك وإنما هي من رواية مجالد وحده وهشيم يدلسها فيهم وله في مثل ذلك ما
ذكره أبو عبد الله الحاكم أن جماعة من أصحابه اجتمعوا يوما على أن لا يأخذوا عنه
التدليس ففطن لذلك يوما فجعل يقول في كل حديث يذكره حدثنا حصين ومغيرة
عن إبراهيم فلما فرغ قال لهم هل دلست لكم اليوم قالوا لا فقال لم أسمع من
مغيرة حرفا واحدا مما ذكرته إنما قلت حدثني حصين ومغيرة غير مسموع وقد
فصلها الحسن بن عرفة عن رواية الجماعة وعزاها إلى مجالد منهم كما هو عند
الدارقطني فلما ثبتت هذه الزيادة عن مجالد وحده تحقق فيها الريب ووجب لها
الضعف بضعف مجالد المتفرد بها ولكن وردت من غير رواية مجالد عن الشعبي رواه
النسائي من حديث سعيد بن يزيد الأحمسي ثنا الشعبي به وسعيد بن يزيد الأحمسي لم
تثبت عدالته وقد ذكره أبو حاتم برواية أبي نعيم عنه وروايته عن الشعبي وقال إنه
شيخ انتهى كلامه
563

الحديث الرابع قال المصنف رحمه الله وحديث فاطمة رده عمر رضي الله عنه
فإنه قال لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت
حفظت أم نسيت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمطلقة الثلاث النفقة
والسكنى ما دامت في العدة ورواه أيضا عائشة وجابر وزيد بن ثابت وأسامة بن
زيد رضي الله عنهم
قلت أما حديث عمر فأخرجه مسلم عن أبي إسحاق قال حدث الشعبي
بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا سكنى لها ولا نفقة فأخذ الأسود
كفا من حصى فحصبه به فقال ويحك تحدث بمثل هذا قال عمر لا نترك كتاب
ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت لها السكنى والنفقة قال الله
تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن الآية انتهى وزاد الترمذي فيه وكان عمر
564

يجعل لها النفقة والسكنى انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
أنها قالت ما لفاطمة خير أن تذكر هذا يعني قولها لا سكنى لك ولا نفقة انتهى
وفي لفظ للبخاري قالت ما لفاطمة ألا تتقي الله يعني في قولها لا سكنى ولا نفقة
وجمع بينهما بن أبي شيبة في مصنفه أعني حديث عمر وعائشة فقال حدثنا
حفص بن غياث ومحمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمرانه
قال وقد ذكر له حديث فاطمة بنت قيس لا تجيز قول امرأة في دين الله للمطلقة
ثلاثا السكنى والنفقة زاد بن فضيل وقالت عائشة ما لفاطمة في أن تذكر هذا
565

خير انتهى
وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني في سننه عن حرب بن أبي العالية عن أبي
الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة انتهى قال
عبد الحق في أحكامه إنما يؤخذ من حديث أبي الزبير عن جابر ما ذكر فيه السماع
أو كان عن الليث عن أبي الزبير وحرب بن أبي العالية أيضا لا يحتج به ضعفه يحيى
بن معين في رواية الدوري عنه وضعفه في رواية بن أبي خيثمة والأشبه وقفه على
جابر انتهى
وأما حديث زيد بن ثابت وأسامة بن زيد فغريب وروى الطبراني في معجمه
566

حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا أبو عوانة عن سليمان عن إبراهيم أن ابن مسعود
وعمر قالا المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة انتهى وفي حديث فاطمة بنت قيس
عند مسلم فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فأرسل إليها
مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته به فقال مروان لم يسمع هذا الحديث إلا
من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان
فبيني وبينكم القرآن قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن الآية هذا لمن كانت
له رجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا
فعلام تحبسونها انتهى وهذا صريح أن النفقة جزاء الاحتباس وأخرجه عن عبيد
الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي خرج مع علي بن أبي
طالب وفي لفظ إلى اليمن وفي لفظ فخرج إلى غزوة نجران فأرسل إلي امرأته
فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال لها لا
نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت إلى أين يا رسول الله قال إلى ابن
567

أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله
صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد الحديث تفرد بهذا السياق مسلم قاله عبد الحق
فصل
* (* (* (رضي الله تعالى عنهما
قوله ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني
لان النفقة متعلقة بالإرث بالنص بخلاف العتق عند الملك لأنه متعلق بالقرابة والمحرمية
بالحديث قلت يشير بالنص إلى قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك ويشير
568

بالحديث إلى قوله عليه السلام من ملك ذا رحم منه عتق عليه وسيأتي قريبا في
العتق إن شاء الله تعالى
قوله ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد لان لهما تأويلا في مال الولد بالنص
قلت يشير إلى حديث أنت ومالك لأبيك رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من
الصحابة وسيأتي في باب الوطئ الذي يوجب الحد إن شاء الله تعالى وفي الباب
حديث عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أطيب ما
أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه رواه أصحاب السنن الأربعة وحسنه
الترمذي ورواه البيهقي من حديث الأسود عن عائشة مرفوعا إن أولادكم هبة الله
لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وأموالهم لكم إذا احتجتم
إليها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في سورة البقرة وقال حديث
569

صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إنما اتفقا على حديث عائشة أطيب ما أكل
الرجل من كسبه وولده من كسبه انتهى وهذا وهم فان الشيخين لم يروياه ولا
أحدهما وأخرج أبو داود في البيوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا
نحوه ورواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عمرو
بن شعيب به
570

فصل
* (* (* (الحديث الخامس قال عليه السلام في المماليك إنهم إخوانكم جعلهم الله تعالى
تحت أيديكم أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تعذبوا عباد الله قلت
أخرجه البخاري ومسلم عن المعرور بن سويد قال مررت بأبي ذر بالربذة وعليه برد
وعلى غلامه برد مثله فقلت يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة فقال إنه كان بيني
وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فشكاني إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم
فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فان كلفتموهم
فأعينوهم انتهى ذكره البخاري في العتق والايمان ومسلم في الايمان والنذور
ورواه أبو داود في الأدب وزاد ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله
572

انتهى وسنده حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن المعرور بن سويد
به
الحديث السادس روى أنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان قلت تقدم في
الحديث الذي قبله عند أبي داود بسند صحيح ولا تعذبوا خلق الله عن المعرور بن
سويد
الحديث السابع ونهى عليه السلام عن إضاعة المال قلت أخرجه البخاري في
الاستقراض ومسلم في القضاء عن وراد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة
قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حرم عليكم ثلاثا عقوق الأمهات ووأد البنات
ومنع وهات وكره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال انتهى
حديث آخر رواه مالك في الموطأ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا
تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويسخط لكم قيل وقال
وكثرة السؤال وإضاعة المال انتهى وهو مرسل وأخرجه مسلم عن جرير عن سهيل
ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء ولفظه ويكره لكم عوض
يسخط أخرجه أيضا في القضاء.
573