الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ١
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية
شرح بداية المبتدى
1

كافة حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1415 ه‍ - 1995 م
طبع. نشر. توزيع
14 شارع جوهر القائد امام جامعة الأزهر تليفون 5116510 / 5918719 / 5919697 فاكس 5919697 تلكس 92985
2

الهداية
شرح بداية المبتدى
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع
نصب الراية
تخريج أحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء الأول
دار الحديث
القاهرة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا. إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
(يا أيها الناس تقو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها
وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان
عليكم رقيبا).
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر
لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
إن الحركة التصنيفية في حياة الأمة الاسلامية أخذت كثيرا من الاشكال وتطورت
من طور آخر.
وهذه حقيقة لا يقبل دفعها، ولا يستساغ إلا قبولها - فمن عهد النبوة إلى وقتنا هذا
والمسيرة العلمية في حياة الأمة تمر بأنماط وأطوار.
وعلى هذه المسلمة يكون التمهيد بين يدي كتاب:
نصب الراية تخريج أحاديث الهداية
في الفقه الحنفي
فأولا: الهداية مصنف لشرح المتن الفقهي المسمى " بداية المبتدى " وكلاهما
لمصنف واحد هو:
علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغان، شيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني (*)
العلامة المحقق " صاحب الهداية ". كان إماما، فقيها، حافظا محدثا، مفسرا، جامعا
للعلوم، ضابطا للفنون، متقنا، محققا، نظارا.

* " مرغينان " - بفتح الميم -: مدينة من بلاد فرغانة - بفتح الفاء - وراء الشاش وراء جيحون
وسيحون، وأيضا قرية من قرى فارس.
5

تفقه على أئمة عصره، كمفتى الثقلين، نجم الدين أبى حفص عمر النسفي، وابنه
أبى الليث " أحمد النسفي "، والصدر الشهيد " حسام الدين عمر "، والصدر السعيد
" تاج الدين أحمد " " وأبى عمرو عثمان البيكندي " تلميذ شمس الأئمة السرخسي
وغيرهم كثير.
فاق شيوخه وأقرانه، وأذعنوا له كلهم، ولا سيما بعد تصنيفه لكتاب " الهداية
شرح البداية ":
" والبداية " متن فقهي كالمتون الفقهية المذهبية التي كان لها دور بارز في حفظ
الدين للأمة الاسلامية. فقد كانت الحاجة العلمية للأمة إبان عصر تدوين الحديث تتمثل
في ترجمة الأحاديث والخروج بنص تعبدي سيما وقد فترت الهمم وقل الحفظ وركن
العلماء إلى التقليد. فلا بد من طور آخر يلائم حاجة الأمة فكان: " النص التعبدي
المذهبي " أو " المتن المذهبي "، بعدما توافر العلماء بالامصار وكانوا أعلاما لها حتى كان
يجتمع بالمدينة الواحدة مائتان منهم أو يزيد وحصيلة الافراد من الأمة - غير العلماء -
مئات من الأحاديث بل ألوف - كانت حكمة الله وهو الخبير بانحصار العلم في أفذاذ
معدودين في المصر الواحد.
وكان لهؤلاء الأفذاذ المعدودين - لتقدير العزيز الحكيم - دور في نشاة المذاهب
الاسلامية وانتشارها في الأمصار، والتمذهب الفقهي الذي ظهر جليلا في وضعهم
للمصنفات لمسيرة الواقع وملاءمته لحاجة الأمة في هذا الوقت.
وبهذا نرى بنظرة عابرة كيفية نشوء " المتن المذهبي " ونقدر دوره الهام في حفظ
الدين للأمة.
وباستدارة الزمان دارت المصنفات المستحدثة بعد المتن المذهبي في فلك هذه المتون
تارة في شكل كشف غامض، أو تنقيح، أو تذييل أو شرح أو ذكر دليل ويغر ذلك.
" والهداية " إحدى المصنفات التي دارت في هذا الفلك لشرح " بداية المبتدى "
وهناك شروح على الهداية أيضا فمنها:
شروح " الهداية " فقها وحديثا
قد ذكر صاحب كشف الظنون من شروح الهداية، والتعليقات عليها، والتخاريج
لأحاديثها، قدرا كبيرا يجاوز ستين شرحا، ولو أخذنا في التحقيق وضم الحواشي
والشروح إليه بعد عهد صاحب الكشف، وإلحاق شروحها في اللغة الفارسية، واللغة
الأردية، لزدنا على القدر المذكور قدرا غير يسير. ولاستقصاء البحث موضع غير هذا.
6

وأول شروحها " النهاية " - لحسام الدين الصغناتي، تلميذ صاحب " الهداية "،
وقيل: غيرها، ومن شروحه " الفوائد " - لحميد الدين الضرير. و " معراج الدراية " -
لقوام الدين الكاكي. و " الكفاية في دراية الهداية " لعمر بن صدر الشريعة. و " غاية
البيان، ونادرة الاقران " - للامام قوام الدين أمير كاتب الاتقاني، المتوفى سنة
758 - ه‍،
صاحب الشامل، شرح أصول البزدوي. و " البناية " - للشيخ بدر الدين الحافظ العيني،
شارح صحيح البخاري، المتوفى سنة
855 - ه‍. و " العناية " - للشيخ أكمل الدين
البابرتي. و " الغاية " - لأبي العباس السروجي، الامام المحدث، وتكملته عن الشيخ
المحدث، سعد الدين الديري.
وتصدى لتخريج أحاديثها، الحفاظ عبد القادر القرشي، المتوفى سنة
775 - ه‍،
وسماه: " العناية في تخريج أحاديث الهداية ".
والحافظ البارع، علاء الدين علي بن عثمان الماردني، المتوفى سنة 750 - ه‍،
صاحب " الجوهر النقي " في الرد على البيهقي، وهو شيخ الحافظ الزيلعي، وسماه
" الكفاية في معرفة أحاديث الهداية ". والحافظ جمال الدين الزيلعي، سماه " نصب
الراية - لأحاديث الهداية "، وذيل تخريجه، الحافظ الشيخ " قاسم بن قطلوبغا الحنفي "،
وسماه: منية الألمعي "، وللشيخ مصلح الدين، مصطفى السروري تعليق على شرح
ابن الشحنة في " التنبيه على أحاديث الهداية "، وللحافظ ابن حجر " الدراية - في
تلخيص نصب الراية ".
وطبع من شروحه " فتح القدير " - للشيخ ابن الهمام السيواسي بمصر، مع تكملته،
وهو من أمتن الشروح، وأبرعها، وطبع بالهند أيضا. و " العناية " - للشيخ البابرتي.
و " الكفاة "... وهما من أحسن شروحها فقها، وطبعت هذه الثلاثة بمصر مجموعة.
وطبع " البناية " - للعيني.
ثم استدار الزمان ولا يزال " المتن المذهبي " نهج للعلماء وقبلة للمصنفات، ولا أبالغ
أن أقول حتى زماننا هذا.
* المهم. كان من أبرز تخريج أحاديث الهداية كتاب " نصب الراية " للحافظ
الزيلعي وهو:
الامام - الفاضل البارع، المحدث المفيد، الحافظ المتقن، جمال الدين أبو محمد
عبد الله بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الزيلعي رحمه الله.
الزيلعي - نسبة إلى - " زيلع " - بلدة على ساحل الحبشة، قاله السيوطي في
7

" اللباب " وإليها نسبة شيخه فخر الدين الزيلعي، الفقيه، صاحب " تبيين الحقائق - في
شرح كنز الدقائق " في ست مجلدات كبيرة، ونسب إليها عدة رجال من علماء زيلع
الحنفيين، وترجم لبعضهم في كتاب " قلادة النحر - في وفيات أعيان الدهر " (1) - للشيخ أبى محمد محمد الطيب بن عبد الله، من علماء القرن العاشر للهجرة.
قال تقى الدين بن فهد المكي، في ذيل " تذكرة الحفاظ " - للذهبي: تفقه، وبرع،
وأدام النظر والاشتغال، وطلب الحديث، واعتنى به، فانتقى، وخرج، وألف، وجمع،
وسمع على جماعة من أصحاب النجيب الحراني، ومن بعدهم: كالشهاب أحمد بن
محمد بن فتوح التجيبي " مسند الإسكندرية ". والشهاب أحمد بن محمد ابن قيس
الأنصاري " فقيه القاهرة. والإسكندرية ". والشمس محمد بن أحمد بن عثمان بن
عدلان " شيخ الشافعية ". وجلال الدين أبى الفتوح علي بن عبد الوهاب بن حسن بن
إسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريري - بضم الجيم -. وتقى الدين بن عبد الرزاق
ابن عبد العزيز بن موسى اللخمي الإسكندري. وتاج الدين محمد بن عثمان ابن عمر
ابن كامل البلبيسي، الكارمي الإسكندري. وجمال الدين عبد الله بن أحمد بن هبة الله
ابن البوري، الإسكندري، ا ه‍.
وقال تقى الدين أبو بكر التميم في " الطبقات السنية (2) ": اشتغل، وسمع من
أصحاب النجيب، وأخذ عن الفخر الزيلعي - شارح الكنز - وعن القاضي علاء الدين
التركماني، وغيرهما، ولازم مطالعة كتب الحديث، إلى أن خرج أحاديث الهداية،
وأحاديث الكشاف، فاستوعب ذلك استيعابا بالغا.
قال في الدرر " يعنى به الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة ": ذكر لي - شيخنا
العراقي - أنه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية، لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا
بتخريجها، فالعراقي لتخريج أحاديث الاحياء، والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في
الأبواب، والزيلعي لتخريج أحاديث الهداية. والكشاف، فكان كل منهما يعين الآخر،
ومن كتاب الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية استمد " الزركشي " في كثير مما كتبه
من تخريج أحاديث الرافعي.
وقال ابن العديم، ومن خطه نقلت: شاهدت بخط شيخ الاسلام حافظ الوقت،
شهاب الدين أبى الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ما صورته - بعد أن ذكر غالب ما

(1) نسخته الفوتوغرافية في - ست مجلدات كبيرة - في دار الكتب الصرية، تحت رقم (167)،
من التاريخ. (المجلس العلمي).
(2) نسخته المخطوطة في التيمورية، من دار الكتب المصرية، تحت رقم (540) من التاريخ، في -
أربع مجلدات.
8

نقلناه هنا من الدرر منه -: جمع تخريج أحاديث الهداية، فاستوعب فيه ما ذكره
صاحب الهداية من الأحاديث. والآثار في الأصل، وما أشار إليه إشارة، ثم اعتمد في
كل باب أن يذكر أدلة المخالفين، ثم هو في ذلك كثير الانصاف، يحكى ما وجده من
غير اعتراض، ولا تعقب غالبا، فكثر إقبال الطوائف عليه، واستوعب أيضا في تخريج
أحاديث الكشاف (1) ما فيه من الأحاديث المرفوعة خاصة، فأكثر من تبين طرقها،
وتسمية مخرجيها على نمط ما في أحاديث الهداية، لكنه فاته كثير من الأحاديث
المرفوعة التي يذكرها الزمخشري بطريق الإشارة، ولم يتعرض غالبا لشئ من الآثار
الموقوفة، ورأيت بخطه كثيرا من الفوائد، مفرقا، رحمه الله، وعفا عنه بمنه وكرمه،
اه‍، انتهى ما حكاه التميمي في " طبقاته ".
وقال الشيخ جلال الدين السيوطي في ذيل " تذكرة الحفاظ " - للذهبي: سمع من
أصحاب النجيب، وأخذ عن الفخر الزيلعي، شارح " الكنز ". والقاضي علاء الدين
ابن التركماني. وابن عقيل، وغير واحد، ولازم مطالعة كتب الحديث إلى أن خرج
" أحاديث الهداية - وأحاديث الكشاف "، واستوعب ذلك استيعابا بالغا، اه‍، ومثله
قال في " حسن المحاضرة "، عند ذكر حفاظ الحديث، ونقاده بمصر: ص 151 - ج 1.
قال " محمد زاهد الكوثري "، في " حواشيه " على " ذيل بن فهد ": واستمد
ابن حجر نفسه في تخاريجه كذلك، وقال الفاضل المحقق الشيخ " عبد الحي اللكنوي "
في " الفوائد البهية ": به استمد من جاء بعده من شراح الهداية، بل به استمد كثيرا
الحافظ ابن حجر في تخاريجه: كتخريج أحاديث " شرح الوجيز " - للرافعي. وغيره،
ا ه‍. وقال الكوثري: والزيلعي أعلى طبقة من العراقي، وعمله هذا معه - أي مرافقته
في التخاريج - يدل على ما كان عليه من الأخلاق الجميلة والتواضع، وتخاريجه
شهود صدق على تبحره وسعة اطلاعه في علوم الحديث، من: معانيه. وأسماء رجاله.
ومتونه. وطرقه، وقد رزقها الله الانتفاع بها، والتداول بأيدي أهل العلم بالحديث على
مدى القرون، كان بعيدا عن التعصب المذهبي، يحشد الروايات، وقد لا يتكلم فيما
له كبير مجال، انتهى كلامه.

(1) وقد أخطأ النواب، صديق حسن خان في كتابه " الأكسير - في أصول التفسير "، حيث جعل
تخريج أحاديث " الشاف " للحافظ ابن حجر، وتلخيصه للحافظ الزيلعي، وذكر هذه
الأوصاف - التي ذكرها ابن حجر لتخريج الزيلعي - لتخريج ابن حجر، فعكس الامر، ونبه
عليه، الفاضل الشيخ اللكنوي في " تعليقات الفوائد البهية " والعجب أنه كيف خفى عليه هذا!
مع أن ابن حجر ولد بعد وفاة الزيلعي بأحد عشر عاما، فكيف يمكن أن يلخص الزيلعي كتاب
ابن حجر؟!
ولم يكن هو عند ذاك في عالم الوجود، وكثير له في تراجمه أمثال هذه الأوهام
(المجلس العلمي).
9

قال إمام عصره الشيخ " محمد أنور الكشميري، ثم الديوبندي " رحمه الله تعالى:
كان الحافظ جمال الدين الزيلعي، من المشائخ الصوفية، الذين ارتاضت نفوسهم
بالمجاهدات، وتزكت قلوبهم عن الرذائل والشهوات، كما كان من أكابر المحدثين
الحفاظ، بحور العلم والحديث، وترى من آثار تزكية نفسه أنه لا يتعصب لمذهبه شيئا،
بل يمشى مع الخصوم، ويسايرهم بغاية الانصاف.
وبمثل هذه الميزة امتاز الشيخ الحافظ، تقى الدين بن دقيق العيد، رحمه الله، وبين
علماء عصره، وكان هو أيضا من أكار الصوفية، صاحب كرامات، لا يتعصب لأهل
مذهبه، وربما يقصد في تحقيقه إفادة الحنفية وتأييدهم، وحاشاه أن يبخس حقهم، ومثله
منا - في الجمع بين طريقة القوم، وبين علوم الشريعة، ثم النصفة والعدل - الشيخ المحقق
ابن الهمام، وصاحب " فتح القدير "، ونقل عنه - رحمه الله -: أن الشيخ ابن الهمام
كل ما ذكره في " فتحه " من أدلة مذهبنا، مستفاد من تخريج الامام الزيلعي، ولم يزد
عليه دليلا، إلا في ثلاث مواضع: منها مسالة المهر. وقدر ما يجب. أفاد الكوثري: أن
من مؤلفات الامام الزيلعي مختصر " معاني الآثار " - للطحاوي، وهو من محفوظات
مكتبة - رواق الأتراك - بالأزهر، والكوبريلي - بالآستانة - اه‍.
أما وفاة هذا الامام الجليل، فقد اتفقت كلمتهم، ممن ترجم له - كابن حجر. وابن
فهد. والسيوطي. والتميمي. والكفوي - على وفاته في " المحرم سنة اثنتين، وستين،
وسبعمائة " - 762 - هجرية، وزاد ابن فهد تعيينه: " بالحادي عشر من المحرم "، ولم
يتعرض أحد منهم، لذكر تاريخ ولادته، ولم أظفر بها، مع تتبع، ودفن بالقاهرة،
واتفقت به كلمة من تعرض لوفاته، والعجب أنه لم يعين أحد قبره، ولا جهته، من
أصحاب التراجم، ورجال الطبقات، والمؤلفين. في خطط القاهرة، وآثار مصر:
كالمقيزي. وغيره، والمتصدين لذكر مزارات الأولياء، وقبور الصالحين بالقاهرة،
كالسخاوي. وغيره، إلا أن على باشا مبارك في " الخطط التوفيقية " ذكر عند ذكر،
شارع باب الوزير، في: ص 103 - ج 2، عطفة الزيلعي، وقال: عرفت بضريح
الشيخ الزيلعي المدفون بها، اه‍. فلله أعلم.
خصائص هذا الكتاب الجليل
قد سمعت أوال علماء الأمة، وحفاظ الحديث في حق المؤلف، الامام الحافظ
الجهبذ، وأغنتنا كلماتهم الموجزة عن الاطناب في مدحه، بيد أنى أحاول أن أشير إلى
لمعة من خصائص مؤلفه هذا، " نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية "، ليكون من
بدء الامر، بصيرة لاولى. الابصار، وبصرا لأرباب البصائر، فيقع الكتاب في جذر
10

قلوبهم، بانبلاج وانشراح. فمن خصائص هذا الكتاب، إنه - كما أصبح ذخيرة نادرة
للمذهب الحنفي - كذلك أصبح ذخيرة ثمينة لأرباب المذاهب الأخرى، من المالكي.
والشافعي. والحنبلي، فكما أن الحنفية يفتقرون إليه في التمسك بعراها الوثيقة، كذلك
أصحاب سائر المذاهب لا يستغنون عنه أبدا.
ولا بدع لو قلت: إنه دائرة المعارف العامة، لأدلة فقهاء الأمصار، حيث أحاط
بادلتها، فلا يرى الباحث فيها بخسا ولا رهقا.
ومنها: - أن هذا الكتاب الفذ، خدمة جليلة للأحاديث النبوية - على صاحبها
الصلوات والتحيات - أكثر مما هو خدمة للمذهب الحنفي، فليكن أمام الباحث الحثيث،
أنه كما يحتاج إليه الفقيه المتمسك بالمذهب، كذلك يحتاج إليه المحدث، فأصبح مقياسا
ونبراسا للفقهاء، والمحدثين.
ومنها - أنه نفع الأمة في الأحاديث، بتعقبها بجرح وتعديل، مع سرد الأسانيد،
ثم ذكر فقه الحديث وفوائده، فالفقيه الباع، يفوز بأربه من فقه الحديث، والمحدث
الجهبذ، يقضى وطره من أحوال الرواة، ولطائف الاخبار، والتحديث.
ومنها - أنه وصل إلينا - بواسطة هذا العلق النفيس - نقول: من الكتب القيمة في
الحديث، التي أصبحت بعيدة شاسعة عن متناول أيدي أهل العلم، وأبحاث سامية فيما
يتعلق بالرجال، من كتب أضاعتها يد الحدثان، ولا نرى لها عينا، غير أثر في الكتب
الأثرية، وكتب الطبقات والتراجم، من ذكر أسمائها: " كصحيح " - أبى عوانة.
" وصحيح " - ابن خزيمة. و " صحيح " - ابن السكن. وكثير من " المسانيد. والسنن.
والمعاجم، والخلافيات " - للبيهقي، وعدة كتب من تصانيف أبى بكر الخطيب
البغدادي، وكتب ابن عدي، وكتب ابن أبي حاتم، وغيرهم.
ومن كتب المتأخرين، ككتاب " الالمام "، و " الامام " - للحافظ تقى الدين بن
دقيق العيد، وكتب ابن الجوزي، " كجامع المسانيد "، و " كتاب التحقيق "، وغيرها
من كتب أعلام الأمة، ومعالم الاسلام.
ومنها - أنه نرى فيه كلمات في موضوع الجرح والتعديل، من أئمة الفن،
وجهابذة الحديث، ونقدة الرجال، مالا نشاهده في الذخيرة التي بين أيدينا، من كتب
أسماء الرجال المطبوعة المتداولة، بحيث لو أفردت منه في جزء مجموع، لأصبح كتابا
ضخما في الموضوع.
فهذه خصائص عندي، كلها على حيالها، مزايا على حدة، وإليك فائدة من فوائد
كتابه، تمثيلا لما قلته.
11

فائدة: - ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه، ولو اعتبرنا ذلك لذهب
معظم السنة، إذ لم يسلم من كلام الناس، إلا من عصمه الله، بل خرج في " الصحيح "
لخلق ممن تكلم فيهم، ومنهم جعفر بن سليمان الضبعي. والحارث بن عبد الأيادي.
وأيمن بن نابل الحبشي. وخالد بن مخلد القطواني. وسويد بن سعيد الحرثاني. ويونس
ابن أبي إسحاق السبيعي. وغيرهم، ولكن صاحبا الصحيح رحمهما الله إذ أخرجا لمن
تكلم فيه، فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلا،
ولا يروون ما تفرد به، سيما إذا خالفه الثقات، كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث:
" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ": لأنه لم يتفرد به، بل رواه غيره من الاثبات،
كمالك. وشعبة. وابن عيينة، فصار حديثه متابعة، وهذه العلة راحت على كثير ممن
استدرك على " الصحيحين " فتساهلوا في استدراكهم، ومن أكثرهم تساهلا، الحاكم
أبو عبد الله في " كتابه المستدرك "، فإنه يقول: هذا حديث على شرط الشيخين، أو
أحدهما، وفيه هذه العلة إلا يلزم من كون الرواي محتجا به في الصحيح أنه إذا وجد
في أي حديث، كان ذلك الحديث على شرطه لما بيناه، بل الحاكم كثيرا ما يجئ إلى
حديث لم يخرج لغالب رواته في الصحيح، كحديث روى عن عكرمة عن ابن عباس،
فيقول: هذا على شرط البخاري " يعنى لكون البخاري أخرج لعكرمة "،
وهذا أيضا تساهل، وكثيرا ما يخرج حديثا بعض رجاله للبخاري، وبعضهم لمسلم، فيقول: هذا على شرط الشيخين، وهذا أيضا تساهل، وربما جاء إلى حديث فيه رجل
قد أخرج له صاحبا " الصحيح " عن شيخ معين لضبطه حديثه وخصوصيته به، ولم
يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه، أو لعدم ضبطه حديثه، أو لكونه غير مشهور
بالرواية عنه، أو لغير ذلك، فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ، ثم يقول: هذا على شرط
الشيخين، أو البخاري. أو مسلم، وهذا أيضا تساهل، لان صاحبي " الصحيح " لم
يحتجا به إلا في شيخ معين، لا في غيره، فلا يكون على شرطهما، وهذا كما أخرج
البخاري. ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال. وغيره، ولم
يخرجا حديثه عن عبد الله بن المثنى، فان خالدا غير معروف بالرواية عن ابن المثنى، فإذا
قال قائل في حديث يرويه خالد بن مخلد عن ابن المثنى: هذا على شرط البخاري.
ومسلم، كان متساهلا، وكثيرا ما يجئ إلى حديث فيه رجل ضعيف، أو متهم
بالكذب، وغالب رجاله رجال الصحيح، فيقول: هذا على شرط الشيخين. أو
البخاري. أو مسلم، وهذا أيضا تساهل فاحش، ومن تأمل كتابه " المستدرك " تبين له
ما ذكرناه، قال ابن دحية في كتابه " العلم " المشهور: ويجب على أهل الحديث أن
يتحفظوا من قول الحاكم أبى عبد الله، فإنه كثير الغلط ظاهر السقط، وقد غفل عن
ذلك كثير ممن جاء بعده، وقلده في ذلك.
12

ثم ذلك إلماع إلى أمهات الخصائص، لا حاجة بنا إلى استيفاء الأطراف، بعد
الايماض إلى اللباب، فقد أبدى الصريح عن الرغوة، وما يوم حليمة بسر، فنرجو الله
سبحانه التوفيق، وإصابة الغرض، ونجاح العمل، والله الموفق.
تلخيص الكتاب، وتذييله
ثم ليعلم أن الحافظ ابن حجر قد لخص هذا الكتاب، وسماه " الدراية - في تلخيص
نصب الراية " وسمعت من شيخنا إمام العصر مولانا " محمد أنور " رحمه الله: أن
الحافظ ما أجاد في تلخيصه، كما كان يرجى من براعته في التنقيح والتحرير، وعلو
كعبه في التلخيص، وغادر كثيرا من غرر النقول التي ما كان يحرى تركها، وقد طبع
هذا التلخيص مرتين - بالهند -، وسموه في طبعه " نصب الراية، وطبع أيضا على
هوامش " الهداية ".
هذا، وللشيخ المحدث " قاسم بن قطلوبغا " الحنفي، ذيل على هذا التخريج،
سماه: " منية الألمعي فيما فات من تخرج أحاديث الهداية - للزيلعي ".
ولقد طبع كتاب الهداية أكثر من مرة، وكتاب نصب الراية مرتين الأولى نادرة لم
أظفر بها، والثانية مجودة عن الطبعة الأولى بعناية المجلس العلمي بالهند قدمهما بفوائد
ودرر مهمة للغاية لذا رأيت رسمها سيماهم الأحناف وهم القوم لتقديم هذا المرجع الهام فإليك رسمها:
تقدمة (1)
" نصب الراية "
وكلمة عن فقه أهل العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أعلى منازل الفقهاء، إعلاء يوازن ما لهم من الهمم القعساء، في
خدمة الحنيفية السمحة البيضاء، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء،

(1) تحتوى على مزية تخريج الحافظ الزيلعي على تخاريج سائر حفاظ الحديث، وكلمة في القياس
والاستحسان، وبيان حقيقة الرأي في نظر السلف، وذكر مزية الكوفة على سائر البلاد، في
عهد الصحابة، وبعده، قرآنا، وسنة، وفقها، وتحديثا، وعربية، وغيرها، وذكر الحافظ،
والمحدثين من الحنفية في العصور المختلفة، وكلمة في الجرح والتعديل. وهذه جواهر ودرر من
الحقائق الناصعة التاريخية، التي لا مجال للكلام فيها، عند البصير المنصف، وغرر نقول من
الأكابر مالا يتلقاه إلا أمثالهم. جاد بها قلم المحقق النظار، المحنك المتبحر. الأستاذ الكبير الشيخ
" محمد زاهد الكوثري " في عجلة المستوفز بالتماس " المجلس العلمي " من فضيلته، طالت حياته
في عافية " البنوري ".
13

وسند الأتقياء، ومخرج الأمة من الظلمات إلى النور والضياء، وعلى آله وصحبه،
السادة النجباء، والقادة الأصفياء، شموس الهداية، وبدور الاهتداء، الناضري الوجوه،
بتبليغ ما بلغوه من أدلة الشريعة الغراء.
وبعد: فان كتاب " نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية " للامام الحافظ الفقيه
الناقد الشيخ " عبد الله بن يوسف الزيلعي " - أعلى الله سبحانه منزلته في الجنة - كتاب
لا نظير له في استقصاء أحاديث الاحكام، حيث كان مؤلفه لا يفتر ساعة عن البحث،
ولا يعوقه عن التنقيب عائق، ولا دون فحصه تواكل، ولا تكاسل، ولا يزهده
في الاخذ عن أقرانه، وعمن هو دونه كبر النفس، وسعته في العلم، بل طريقته الدأب،
ليل نهار، على نشدان طلبة، أينما وجد ضالته، وهذا الاخلاص العظيم، وهذا البحث
البالغ، جعلا لكتابه من المنزلة في قلوب الحفاظ، مالا تساميه منزلة كتاب من كتب
التخريج، والحق يقال: إنه لم يدع مطمعا لباحث وراء بحثه وتنقيبه، بل استوفى في
الأبواب ذكر ما يمكن لطوائف الفقهاء أن يتمسكوا به على اختلاف مذاهبهم، من
أحاديث، قلما يهتدى إلى جميع مصادرها أهل طبقته، ومن بعده من محدثي
الطوائف، إلا من أجهد نفسه إجهاده، وسعى سعيه لوجود كثير منها في غير مظانها،
بل قل من ينصف إنصافه، فيدون أدلة الخصوم تدوينه، غير مقتصر على أحاديث طائفة
دون طائفة، مع بيان مالها وما عليها، بغاية النصفة، بخلاف كثير ممن ألفوا في أحاديث
الاحكام في المذاهب، فإنك تراهم يغلب عليهم التقصير في البحث، أو السير وراء
أهواء، والتقصير في البحث، يظهر المسألة القوية الحجة بمظهر أنها لا تدل عليها حجة،
والسير وراء هوى، تعصب يأباه أهل الدين، وأخطر ما يغشى على بصيرة العالم عند
النظر في الأدلة، هو التعصب المذهبي، فإنه يلبس الضعيف لباس التقوى، والقوى لباس
الضعيف، ويجعل الناهض من الحجة داحضا، وبالعكس، وليس ذلك شان من
يخاف الله في أمر دينه، ويتهيب ذلك اليوم الرهيب الذي يحاسب فيه كل امرى على
ما قدمت يداه، فإذا وجد المتفقه من هو واسع العلم، غواص لا يتغلب عليه الهوى، بين
حافظ الحديث، فليعض عليه بالنواجذ، فان ذلك، الكبريت الأحمر بينهم، والحافظ
الزيلعي هذا، جامع لتلك الأوصاف حقا، ولذلك أصبحت أصحاب التخاريج بعده
عالة عليه، فدونك كتب: البدر الزركشي. وابن الملقن. وابن حجر. وغيرهم،
الذين يظن بهم أنهم يحلقون في سماء الاعجاب، ويناطحون السحاب، وقارنها بكتب
الزيلعي، حتى تتيقن صدق ما قلنا، بل إذا فعلت ذلك ربما تزيد، وتقول: إن سدى
تلك الكتاب ولحمتها، كتب الزيلعي إلا في التعصب المذهبي، وكتاب الزيلعي هذا
يجد فيه نقاوة ما خرجه ابن عبد البر في " التمهيد ". و " الاستذكار "، وخلاصة ما بسطه
14

عبد الحق في كتبه، في أحاديث الاحكام، والشافعي يرى فيه غربلة ما خرجه البيهقي
في " السنن ". و " المعرفة ". وغيرهما، وتمحيص ما ذكره النووي في " المجموع ".
و " شرح مسلم "، واستعراض ما بينه ابن دقيق العيد في " الالمام ". و " الامام ". و " شرح
العمدة "، وكذلك الحنبلي يلاقى فيه وجوه النقد في " كتاب التحقيق " - لابن
الجوزي. و " تنقيح التحقيق ". لابن عبد الهادي، وغير ذلك من الكتب المؤلفة في
أحاديث الاحكام، بل يجد الباحث فيه سوى ما في الصحاح، والسنن. والمسانيد.
والآثار. والمعاجم، من أدلة الاحكام أحاديث في الأبواب، من مصنف ابن أبي شيبة -
أهم كتاب في نظر الفقيه -. ومصنف عبد الرزاق. ونحوهما، مما ليس بمتناول يد كل
باحث اليوم، مع استيفاء الكلام في كل حديث، من أقوال أئمة الجرح والتعديل، ومن
كتب العلل المعروفة، وهذا مما جعل لهذا الكتاب ميزة عظمي بين كتب التخاريج. ولا
أريد بهذا، الثناء على كتابه تثبيط العزائم وتخدير الهمم، ولا إنكار أنه لا نهاية لما
يفيض الله سبحانه على أهل العزيمة الصادقة من خبايا العلوم، ولا نفى أن في كتب من
بعده بعض فوائد، يشكر مؤلفوها عليها، ويزداد استقاء أمثالها من ينابيعها الصافية، عند
مضاعفة السعي، وصدق العزيمة وإنما قلت ما قلت، إعطاء لكل ذي حق حقه، وإجلالا
للعلم، واستنهاضا للهمم، نحو محاولة الاستدراك، على مثل هذا العالم الجليل.
وهذا حافظ واحد من حفاظ الحنفية، قام بمثل هذا العمل العظيم الذي وقع موقع
الاعجاب الكلى بين طوائف الفقهاء كلهم، في عصره، وبعد عصره، فمن قلب
صحائف هذا الكتاب، ودرس ما في الأبواب كلها، لكن لا تخلو البسيطة من متعنت
يتقول فيهم، إما جهلا. أو عصبية جاهلية، فمرة يتكلمون في أخذهم بالرأي، عند
فقدان النص، مع أنه لا فقه بدون رأى، ومرة يرمونهم بقلة الحديث، وقد امتلأت
الأمصار بأحاديثهم، وأخرى يقولون: إنهم يستحسنون، ومن استحسن فقد شرع،
وأين يكون موقع هذا الكلام من الصدق؟! بعد الاطلاع على كلامهم في الاستحسان،
وكيف يستطيع القائل بالقياس رد الاستحسان؟ والشرع لله وحده. إنما الرسول
صلوات الله عليه - مبلغه، وقصارى ما يعمل الفقيه فهم النصوص فقط، فمن جعل
للفقيه حظا من التشريع، لم يفهم الفقه والشرع، بل ضل السبيل، وجعل شرع الله من
الأوضاع البشرية، وحاش لله أن يجعل للبشر دلا في شرعه ووحيه.
هذا، وقد رأيت تفنيد تلك التقولات، بسرد مقدمات في الرأي والاجتهاد، وفى
الاستحسان الذي يقول به الحنفية، وفى شروط قبول الاخبار عندهم، وفى منزلة
الكوفة من علوم القرآن. والحديث. والعلوم العربية. والفقه. وأصوله، وكون الكوفة
ينبوع الفقه المشرق، من بلاد المشرق، المنتشر في قارات الأرض كلها، وميزة مذهب -
15

أهل العراق على سائر المذاهب، ومبلغ اتساعهم في الحفظ، وكثرة الحفاظ بينهم من
أقدم العصور الاسلامية إلى عصرنا هذا، زيادة على ما لهم من الفهم الدقيق، والغوص
في المعاني، وقد اعترف لهم بذلك كل الخصوم، ونظرة عجلى في كتب الجرح
والتعديل، والله سبحانه حسبي، ونعم الوكيل.
الرأي والاجتهاد
وردت في الرأي، آثار تذمه. وآثار تمدحه، والمذموم هو الرأي عن هوى،
والممدوح هو استنباط حكم النازلة من النص، على طريقة فقهاء الصحابة. والتابعين.
وتابعيهم، برد النظير إلى نظيره، في الكتاب، والسنة. وقد خرج الخطيب غالب تلك
الآثار في " الفقيه والمتفقه "، وكذا ابن عبد البر، مع بيان موارد تلك الآثار. والقول
المحتم في ذلك: إن فقهاء الصحابة. والتابعين. وتابعيهم، جروا على القول بالرأي
بالمعنى الذي سبق " أعني استنباط حكم النازلة من النص "، وهذا من الاجماعات التي
لا سبيل إلى إنكارها، وقد قال الإمام أبو بكر الرازي في " الفصول "، بعد أن سرد ما
كان عليه فقهاء الصحابة. والتابعين من القول بالرأي: " إلى أم أن نشأ قوم ذو جهل بالفقه
وأصوله، لا معرفته لهم بطريقة السلف، ولا توفى للاقدام على الجهالة، واتباع الأهواء
البشعة التي خالفوا بها الصحابة، ومن بعدهم من أخلافهم، فكان أول من نفى القياس
والاجتهاد في أحكام الحوادث، وإبراهيم النظام، وطعن على الصحابة من أجل قولهم
بالقياس، ونسبهم إلى ما لا يليق بهم، وإلى ضد ما وصفهم الله به، وأثنى به عليهم -
بتهوره وقلة علمه بهذا الشأن -، ثم تبعه على هذا القول نفر من المتكلمين البغداديين، إلا
أنهم لم يطعنوا على السلف كطعنه، ولم يعيبوهم، لكنهم ارتكبوا من المكابرة، وجحد
الضرورة أمرا بشعا، فرارا من الطعن على السلف، في قولهم بالاجتهاد والقياس،
وذلك أنهم زعموا أن قول الصحابة في الحوادث كان على وجه التوسط والصلح بين
الخصوم... لا على وجه قطع الحكم، وإبرام القول، فكأنهم قد حسنوا مذهبهم بمثل
هذه الجهالة، وتخلصوا من الشناعة التي لحقت النظام بتحطئته السلف، ثم تبعهم رجل
من الحشو جهول، يريد - داود بن علي - لم يدر ما قال هؤلاء، ولا ما قال هؤلاء، وأخذ
طرفا من كلام النظام، وطرفا من كلام متكلمي بغداد، من نقاة القياس، فاحتج به في
نفى القياس والاجتهاد، مع جهله بما تكلم به الفريقان، من مثبتي القياس، ومبطليه، وقد
كان مع ذلك ينفى حجج القول، ويزعم أن العقل لاحظ له في إدراك شئ من علوم
الدين، فأنزل نفسه منزلة البهيمة بل هو أضل منها، ا ه‍ "، وأبو بكر الرازي أطال
النفس جدا في إقامة الحجة على حجية الرأي والقياس، بحيث لا يدع أي مجال
للتشغيب ضد حجيته، فالرأي بهذا المعن، وصف مادح يوصف به كل فقيه، ينبئ عن
دقة الفهم، وكمال الغوص، ولذلك تجد ابن قتيبة يذكر في " كتاب المعارف " الفقهاء
16

بعنوان أصحاب الرأي، ويعد فيهم الأوزاعي. وسفيان الثوري. ومالك بن أنس
رضي الله عنهم، وكذلك تجد الحافظ محمد بن الحارث الخشني، يذكر أصحاب مالك
في " قضاة قرطبة " باسم أصحاب الرأي، وهكذا يفعل أيضا الحافظ أبو الوليد بن
الفرضي في " تاريخ علماء الأندلس "، وكذلك الحافظ أبو الوليد الباجي، يقول في
شرح حديث الداء العضال من " الموطأ " في صدد الرد على ما يرويه النقلة عن مالك،
في تفسير الداء العضال: ولم يرو مثل ذلك عن مالك أحد من أهل الراء من أصحابه
" يعنى أهل الفقه، من أصحاب مالك " إلى غير ذلك، مما لا حاجة إلى استقصائه هنا.
وبهذا يتبين إن تنزيل الآثار الواردة في ذم " الرأي عن هوى " في فقه الفقهاء، وفى
ردهم النوازل التي لا تنتهي إلى انتهاء تاريخ البشر، إلى المنصوص في كتاب الله، وسنة
رسوله، إنما هو هوى بشع، تنبذه حجج الشرع، وأما تخصيص الحنفية بهذا الاسم،
فلا يصح إلا بمعنى البراعة البالغة في الاستنباط، فالفقه حيثما كان يصحبه الرأي، سواء
كان في المدينة أو في العراق، وطوائف الفقهاء كلهم إنما يختلفون في شروط الاجتهاد،
بما لاح لهم من الدليل، وهم متفقون في الاخذ بالكتاب. والسنة. والاجماع.
والقياس، ولا يقتصرون على واحد منها. وأما أهل الحديث فهم الرواة النقلة، وهم
الصيادلة، كما أن الفقهاء هم الأطباء، كما قال الأعمش، فإذا اجترأ على الافتاء أحد
الرواة الذين لم يتفقهوا، يقع في مهزلة، كما نص الرامهرمزي في " الفاصل ". وابن
الجوزي في " التلبيس ". و " أخبار الحمقى ". والخطيب في " الفقيه والمتفقه "، على
نماذج من ذلك، فذكر مدرسة للحديث هنا، مما لا معنى له (1)، قال سليمان بن
عبد القوى الطوفي الحنبلي في شرح " مختصر الروضة " - في أصول الحنابلة: " وأعلم
أن أصحاب الرأي بحسب الإضافة، هم كل من تصرف في الاحكام بالرأي، فيتناول
جميع علماء الاسلام، لان كل واحد من المجتهدين لا يستغنى في اجتهاده عن نظر
ورأي، ولو بتحقيق المناط، وتنقيحه الذي لا نزاع في صحته، وأما بحسب العلمية فهو
في عرف السلف " من الرواة " بعد محنة خلق القرآن، علم على أهل العراق، وهم أهل
الكوفة، وأبو حنيفة، ومن تابعه منهم... وبالغ بعهم في التشنيع عليه... وإني، والله
لا أرى إلا عصمته مما قالوه، وتنزيهه عما إليه نسبوه، وجملة القول فيه: إنه قطعا، لم
يخالف السنة عنادا، وإنما خالف فيما خالف منها اجتهادا، بحجج واضحة، ودلائل
صالحة لائحة، وحججه بين أيدي الناس موجودة، وقل أن ينتصف منها مخالفوه، وله
بتقدير الخطأ أجر، وبتقدير الإصابة أجران، والطاعنون عليه إما حساد. أو جاهلون
بمواقع الاجتهاد، وآخر ما صح عن الإمام أحمد رضي الله عنه إحسان القول فيه، والثناء
عليه، ذكره أبو الورد من أصحابنا في " كتاب أصول الدين "، ا ه‍. وقال الشهاب بن

(1) تنبيه على رد ما قاله بعض أهل العصر في بعض كتبه " البنوري ".
17

حجر الملكي الشافعي في " خيرات الحسان ": ص 30: " يتعين عليك أن لا تفهم من
أقوال العلماء - أي المتأخرين من أهل مذهبه - عن أبي حنيفة. وأصحابه أنهم أصحاب
الرأي، أن مرادهم بذلك تنقيصهم، ولا على قول أصحابه، لأنهم برآء من ذلك، ثم بسط ما كان عليه
أبو حنيفة. وأصحابه في الفقه، من الاخذ بكتاب الله، ثم بسنة رسوله، ثم بأقوال
الصحابة، ردا على من توهم خلاف ذلك، ولا أنكر أن هناك أناسا من الرواة الصالحين،
يخصون أبا حنيفة. وأصحابه بالوقيعة من بين الفقهاء، وذلك حيث لا ينتبهون إلى
العلل القادحة في الاخبار، التي تركها أبو حنيفة. وأصحابه، فيظنون بهم أنهم تركوا
الحديث إلى الرأي، و كثيرا ما يعلو على مداركهم وجه استنباط هؤلاء، الحكم من
الدليل، لدقة مداركهم، وجمود قرائح النقلة، فيطعنون في الفقهاء أنهم تركوا الحديث
إلى الرأي، و هذا النبز منهم لا يؤذي سوى أنفسهم. وأما ابن حزم فقد تبرأ من القياس
جملة و تفصيلا، فحظ أبي حنيفة. وأصحابه من شتائمه مثل حظ باقي الأئمة القائلين
بالقياس. والقاضي أبو بن العربي ممن قام بواجب الرد عليه في " العواصم
و القواصم "، وليس لابن حزم شبه دليل، فيما يدعيه من نفى القياس، غير المجازفة بنفي ما ثبت من الصحابة في حجية القياس، وغير الاجتراء على تصحيح روايات واهية،
وردت في رد القياس، والغيب أن بعض أصحاب - المجلات - ممن لم ينشأ نشاة
العلماء اتخذ مجلته منبرا يخطب عليه للدعوة إلى مذهب، لا يدرى أصله ولا فرعه،
فألف قبل عشر سنوات رسالة في " أصول التشريع العام " وجمع فيها آراء ابن حزم في
نفى القياس، وآراء بعض مثبتيه، على طريق غير طريق الأئمة المتبوعين، وآراء أخرى
لبعض الشذاذ، يبنى مذهبه على ما يعده مصلحة فقط، وإن خالف صريح الكتاب
والسنة، فصار بذلك جامعا لأصول متضادة، تتفرع عليها، فروع متضادة، لا يجتمع
مثلها، إلا في عقل مضطرب، وما هذا إلا من قبيل محاولة استيلاد البشر من البقر،
ونحوه، فترى ابن حزم يحتج في نفى القياس بحديث " نعيم بن حماد " الذي سقط
نعيم بروايته، عند جمهرة النقاد، وليس ابن حزم على علم من ذلك! وهذا مما يعرفه
صغار أهل الحديث من المشارقة، وهو حديث قياس الأمور بالرأي، وفى سنده أيضا
حريز الناصبي "، وإن كان الصحافي - المتمجهد! - يجعله: جريا، ويزيد على
حجة ابن حزم حجة أخرى، وهي حديث: سبايا الأمم في " ابن ماجة " ويرى -
الصحافي - أنه حسن، مع أن في سنده " سويدا "، وفيه يقول ابن معين: حلال الدم.
وأحمد: متروك الحديث، وفيه أيضا ابن أبي الرجال، وهو متروك، عند النسائي،
ومنكر الحديث، عند البخاري، ويتصور فريقين من الفقهاء، أهل رأى، وأهل حديث،
وليس لهذا أصل بالمرة، وإنما هذا خيال بعض متأخري الشذاذ، أخذا من كلمات بعض
جهلة النقلة، بعد محنة أحمد، وأما ما وقع في كلام إبراهيم النخعي. وبعض أهل
18

طبقته من القول: بان أهل الرأي أعداء السنن، فبمعنى الرأي المخالف للسنة المتوارثة في
المعتقد يعنون به الخوارج. والقدرية. والمشبهة. ونحوهم من أهل البدع، لا بمعنى
الاجتهاد في فروع الاحكام، وحمله على خلاف ذلك تحريف للكلم عن مواضعه،
فكيف! والنخعي نفسه. وابن المسيب نفسه من أهل القول بالرأي في الفروع، رغم
انصراف المتخيلين، خلاف ذلك. ويحاول ابن حزم أن يكذب كل ما يروى عن
الصحابة في القياس، لا سيما حديث عمر، مع أن الخطيب. وغيره يروون عنه بطرق
كثيرة، بألفاظ متقاربة، وكذا عن باقي الصحابة، قال الخطيب، بعد أن روى حديث
معاذ في اجتهاد الرأي في " الفقيه والمتفقه ": وقول الحارث بن عمرو عن أناس من
أصحاب معاذ، يدل على شهرة الحديث، وكثرة رواته، وقد عرف فضل معاذ،
وزهده والظاهر من حال أصحابه، الدين. والثقة. والزهد. والصلاح، وقد قيل: إن
عبادة بن نسي، رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله
معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد تقبلوه، واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته
عندهم، ا ه‍. ومثله بل ما هو أو في منه، مذكور في فصول أبى بكر الرازي، وقد
سبقت كلمته في " نفاة القياس "، وليس هذا موضع بسط لذلك، فليراجع فصول أبى
بكر الرازي. و " الفقيه والمتفقه " - للخطيب، من أراد معرفة طرق الروايات القاضية
على مجازفات الظاهرية، وأذيالهم، ولعل هذا القدر كاف هاهنا.
الاستحسان
ظن أناس ممن لم يمارس العلم، ولم يؤت الفهم، أن الاستحسان عند الحنفية هو
الحكم بما يشتهيه الانسان، ويهواه، ويلذه، حتى فسره ابن حزم في " أحكامه " بأنه ما
اشتهته النفس ووافقها، خطا، كان، أو صوابا، لكن لا يقول بمثل هذا الاستحسان
فقيه من الفقهاء، فلو كان هذا مراد الحنفية بالاستحسان، لكان للمخالفين، ملء الحق،
في تقريعهم، والرد عليهم، إلا أن المخالفين ساءت ظنونهم، وطاشت أحلامهم، ففوقوا
سهاما إليهم، ترتد إلى أنفسهم، وذلك لتقاصر أفهامهم عن إدراك مرامهم، ودقة مدرك
هذا البحث في حد ذاته، وليس بين القائلين بالقياس من لا يستحسن بالمعنى الذي يريده
الحنيفة، وهذا الموضع لا يتسع لذكر نماذج من مذاهب الفقهاء، في الاخذ بالاستحسان،
وإبطال الاستحسان ما هو إلا سبق قلم ممن الإمام الشافعي رضي الله عنه، فلو صحت
حججه في إبطال الاستحسان، لقضت على القياس الذي هو مذهبه، قبل أن يقضى
على الاستحسان.
ومن الحكايات الطريفة في هذا الباب، ما يروى عن إبراهيم بن جابر، أنه لما سأله
أحد كبار القضاة في عهد المتقى لله العباسي، عن سبب انتقاله من مذهب الشافعي إلى
مذهب أهل الظاهر، جاوبه قائلا: " إني قرأت إبطال الاستحسان للشافعي، فرأيته
19

صحيحا في معناه، إلا أن جميع ما احتج به في إبطال الاستحسان هو بعينه يبطل
القياس، فصح به عندي بطلانه "، كأنه لم يرد أن يبقى في مذهب يهد بعضه بعضا،
فانتقل إلى مذهب يبطلهما معا، لكن القياس. والاستحسان كلاهما بخير، لم يبطل
واحد منهما بالمعنى الذي يريده القائلون بهما، بل الخلاف بين أهل القياس في
الاستحسان، لفظي بحت، وأود أن أسوق بعض كلمات من فصول أبى بكر الرازي،
لتنوير المسألة، لأنه من أحسن من تكلم فيه باسهاب مفهوم - فيما أعلم -، وهو يقول في
الفصول في بحث الاستحسان: " وجميع ما يقول فيه أصحابنا بالاستحسان، فإنهم
قالوه مقرونا بدلائله وحججه، لا على جهة الشهوة، واتباع الهوى، ووجوه دلائل
مسائل الاستحسان موجودة في الكتب التي عملناها، في شرح كتب أصحابنا، ونحن
نذكر هنا جملة تفضى بالناظر فيها إلى معرفة حقيقة قولهم في هذا الباب، بعد تقدمة
القول في جواز إطلاق لفظ الاستحسان، فنقول: لما كان ما حسنه الله تعالى بإقامته
الدلائل على حسنه، مستحسنا جاز لنا إطلاق لفظ الاستحسان، فيما قامت الدلالة
بصحته، وقد ندب الله تعلى إلى فعاله، وأوجب الهداية لفاعله، فقال عز من قائل:
(فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله،
وأولئك هم أولو الألباب) وروى عن ابن مسعود، وقد روى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
أنه قال: " ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رآه المؤمنون سيئا، فهو
عند الله سيئ "، فإذا كنا قد وجدنا لهذا اللفظ أصلا في الكتاب. والسنة، لم يمنع
إطلاقه في بعض ما قامت عليه الدلالة بصحته على جهة تعريف المعنى وإفهام المراد...
ثم ليس يخلو العائب للاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ، أو في المعنى، فان نازعنا في
اللفظ، فاللفظ مسلم له، فليعبر هو بما شاء، على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه،
لان لكل أحد أن يعبر عن المعنى بما عقله من المعنى، بما شاء من الألفاظ، لا سيما بلفظ
يطابق معناه في الشرع، وفى اللغة، وقد يعبر الانسان عن المعنى بالعربية تارة،
وبالفارسية أخريه، فلا ننكره، وقد أطلق الفقهاء لفظ الاستحسان في كثير من الأشياء،
وقد روى عن إياس بن معاوية أنه قال: " قيسوا القضاء، ما صلح الناس، فإذا فسدوا،
فاستحسنوا "، ولفظ الاستحسان موجود في كتب مالك بن أنس، وقال الشافعي:
أستحسن أن تكون المتعة ثلاثين درهما، فسقط بما قلنا، المنازعة في إطلاق الاسم، أو
منعه، وإن نازعنا في المعنى، فإنما لم يسلم خصمنا تسليم المعنى لنا، بغير دلالة، وقد
اصطحب جميع المعاني التي نذكرها، مما ينتظمه لفظ الاستحسان، عند أصحابنا، إقامة
الدلالة على صحته، وإثباته بحجته، ولفظ الاستحسان يكتنفه معنيان:
أحدهما: استعمال الاجتهاد. غلبة الرأي في إثبات المقادير، الموكولة إلى اجتهادنا
وآرائنا، نحو تقدير متعة المطلقات، قال الله تعالى: (فمتعوهن، على الموسع قدره،
20

وعلى المقتر قدره، متاعا بالمعروف حقا على المحسنين)، فأوجبها على مقدار
يسار الرجل وإعساره، ومقدارهما غير معلوم، إلا من جهة أغلب الرأي، وأكثر الظن،
ونظيرها أيضا، نفقات الزوجات، قال الله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن
وكسوتهن بالمعروف)، ولا سبيل إلى إثبات المعروف من ذلك، إلا من طريق
الاجتهاد، وقال تعالى: (ومن قتله منكم متعمدا، فجزاء مثل ما قتل من النعم،
يحكم به ذوا عدل منكم، هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين، أو عدل ذلك
صياما)، ثم لا يخلو المثل المراد بالآية، من أن يكون القيمة، أو النظير من النعم على
حسب اختلاف الفقهاء فيه، وأيهما كان، فهو موكول إلى اجتهاد العدلين، وكذلك
أروش الجنايات التي لم يرد في مقاديرها نص، ولا اتفاق، ولا تعرف إلا من طريق
الاجتهاد، ونظائرها في الأصول أكثر من أن تحصى، وإنما ذكرنا منها مثالا يستدل به
على نظائره، فسمى أصحابنا هذا الضرب من الاجتهاد استحسانا، وليس في هذا المعنى
خلاف بين الفقهاء، ولا يمكن أحدا منهم القول بخلافه، وأما المعنى الآخر من ضربي
الاستحسان، فهو ترك القياس، إلى ما هو أولى منه، وذلك على وجهين: أحدهما: أن
يكون فرع يتجاذبه أصلان، فيجب إلحاقه به، وأغمض ما يجئ من مسائل الفروع،
وأدقها مسلكا، ما كان من هذا القبيل، ووقف هذا الموقف، لأنه محتاج في ترجيح
أحد الوجهين على الآخر، إلى إنعام النظر، واستعمال الفكر، والروية، في إلحاقه بأحد
الأصلين دون الاخر... فنظير الفرع الذي يتجاذبه أصلان، فيلحق بأحدهما دون
الآخر، ما قال أصحابنا، في الرجل يقول لامرأته: إذا حضت، فأنت طالق، فتقول:
قد حضت: إن القياس أن لا تصدق حتى يعلم وجود الحيض منها، أو يصدقها الزوج،
إلا أنا نستحسن، فنوقع الطلاق. قال محمد: وقد ندخل في هذا الاستحسان بعض
القياس، قال أبو بكر: أما قوله: إن القياس أن لا تصدق، فان وجهه أنه قد ثبت بأصل
متفق عليه، أن المرأة لا تصدق في مثله في إيقاع الطلاق عليها، وهو: الرجل يقول
لامرأته: إن دخلت الدار، فأنت طالق، وإن كلمت زيدا، فأنت طالق، فقالت بعد
ذلك: قد دخلتها بعد اليمين، أو كلمت زيدا، وكذبها الزوج، إنها لا تصدق، ولا
تطلق حتى يعلم ذلك ببينة، أو باقرار الزوج شرطا لايقاع الطلاق، وكما أنه لو قال
لها: إذا حضت، فان عبدي حر، أو قال: فامرأتي الأخرى طالق، فقالت: حضت،
وكذبها الزوج، لم يعتق العبد، ولم تطلق المرأة الأخرى، فقد أخذت هذه الحادثة شبها
من هذه الأصول التي ذكرنا، فلو لم يكن لهذه الحادثة غير هذه الأصول لكان سبيلها أن
تلحق بها، ويحكم لها بحكمها، إلا أنه قد عرض لها أصل آخر، منع إلحاقها بالأصل
21

الذي ذكرنا، وأوجب إلحاقها بالأصل الثاني، وهو أن الله تعالى لما قال: (ولا يحل
لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن)، وروى عن السلف، أنه أراد: من الحيض
والحبل، وعن أبي بن كعب أنه قال: " من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها "، دل
وعظه إياها، ونهيه لها عن الكتمان، على قبول قولها في براءة رحمها من الحبل،
وشغلها به، ووجود الحيض وعدمه، كما قال تعالى في الذي عليه الدين: (فليتق الله
ربه ولا يبخس منه شيئا)، فوعظه ونهاه عن البخس والنقصان، علم أن المرجع إلى
قوله في مقدار الدين، فصارت الآية التي قدمنا أصلا في قبول قول المرأة، إذا قالت: أنا
حائض، وتحريم وطئها في هذه الحال، فإنها إذا قالت: قد طهرت، حل لزوجها قربها،
وكذلك إذا قالت، وهي معتدة: قد انقضت عدتي، صدقت في ذلك، وانقطعت
رجعة الزوج عنها، وانقطاع الزوجية بينهما، وكان المعنى في ذلك أن انقضاء العدة
بالحيض معنى يخصها، ولا يعلم إلا من جهتها، فيوجب على ذلك إذا قال الزوج: إذا
حضت، فأنت طالق، فقالت: قد حضت، أن تصدق في باب وقوع الطلاق عليها،
كما صدقت في انقضاء العدة، مع إنكار الزوج، لان ذلك معنى يخصها، أعني أن
الحيض لا يعلم وجوده إلا من جهتها، ولا يطلع عليه غيرها، ولأجل ذلك أنها لا
تصدق على وجود الحيض، إذا علق به طلاق غيرها، أو علق به عتق العبد، لأنه إنما
جعل قولها كالبينة في الاحكام التي تخصها، دون غيرها، ألا ترى أنهم قالوا: إن
الزوج لو قال: قد أخبرتني أن عدتها انقضت، وأنا أريد أن أتوج أختها، كان له ذلك،
ولا تصدق هي على بقاء العدة ى حق غيرها، وتكون عدتها باقية في حقها، ولا
تسقط نفقتها، فصار كقولها: قد حضت، وله حكمان: أحدهما: فيما يخصها،
ويتعلق بها، وهو طلاقها، وانقضاء عدتها، وما رى مجرى ذلك، فيجعل قوله فيه
كالبينة. والآخر: في طلاق غيرها، أو عتق العبد، فصارت في هذه الحال شاهدة،
كاخبارها بدخول الدار، وكلام زيد إذا علق به العتق، أو الطلاق، ا ه‍.
ثم ضرب أبو بكر الرازي أمثالا كثيرة، مما يكون فيه لقولها حكمان من الوجهين،
وأجاد في ذكر النظائر، إلى أن أتى در الكلام في القسم الآخر من الاستحسان، وهو
تخصيص الحكم مع وجود العلة، وشرحه شرحا ينثلج به الصدر، ولا يدع شكا
لمرتاب، في أن هذا القسم من الاستحسان، مقرون أيضا في جميع الفروع، بدلالة
ناهضة، من نص. أو إجماع. أو قياس آخر يوجب حكما سواه في الحادثة، وهذا
القدر يكفي في لفت النظر، إلا أن قول الخصوم في الاستحسان بعيد عن الوجاهة.
شروط قبول الاخبار
يرى الحنفية قبول الخبر المرسل إذا كان مرسلة ثقة، كالخبر المسند، وعليه جرت
جمهرة فقهاء الأمة، من الصحابة. والتابعين. وتابعيهم، إلى رأس المائتين، ولا شك أن
22

إغفال الاخذ بالمرسل - ولا سيما مرسل كبار التابعين - ترك لشطر السنة. قال أبو داود
صاحب " السنن " في رسالته إلى أهل مكة المتداولة بين أهل العلم بالحديث: " وأما
المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء، فيما مضى، مثل سفيان الثوري. ومالك بن
أنس. والأوزاعي حتى جاء الشافعي، فتكلم فيه "، وقال محمد بن جرير الطبري: " لم
يزل الناس على العمل بالمرسل، وقبوله، حتى حدث بعد المائتين القول برده " كما في
" أحكام المراسيل " - للصلاح العلائي، وفى كلام ابن عبد البر ما يقتضى أن ذلك
إجماع، ومناقشة من ناقشهم بأنه يوجد بين السلف من يحاسب بعض من أرسل محاسبة
عسيرة، مناقشة في غير محلها، لان تلك المحاسبة إنما هي من عدم الثقة بالراوي المرسل،
كما ترى مثل هذه المحاسبة في حق بعض المسندين، فاذن ليست المسألة مسالة إسناد
وإرسال، بل هي مسالة الثقة بالراوي، والشافعي، لما رد المرسل، وخالف من تقدمه
اضطربت أقواله، فمرة قال: إنه ليس بحجة مطلقا، إلا مراسيل ابن المسيب، ثم اضطر
إلى رد مراسيل ابن المسيب نفسه في مسائل، ذكرتها فيما علقت على طبقات الحفاظ،
ثم إلى الاخذ بمراسيل الآخرين، ثم قال بحجية المرسل عند الاعتضاد، ولذلك تعب
أمثال البيهقي في التخلص من هذا الاضطراب، وركبوا الصعب، وفى " مسند "
الشافعي نفسه مراسيل كثيرة، بالمعنى الأعم الذي هو المعروف بين السلف، وفى
" الموطأ "، وما في أحكام المراسيل للصلاح العلائي من البحوث في الارسال، جزء
يسير، مما لأهل الشأن من الاخذ والرد في ذلك، وفيما علقناه على شروط الأئمة
الخمسة، وجه التوفيق بين قول الفقهاء بتصحيح المرسل، وقول متأخري أهل الرواية
بتضعيفه، مع نوع من البسط في الاحتجاج بالمرسل، بل البخاري نفسه تراه يستدل في
كتبه بالمراسيل، وكذا مسلم في المقدمة، وجزء الدباغ، ولا يتحمل هذا الموضع لبسط
المقال في ذلك بأكثر من هذا. ومن شروط قبول الاخبار عند الحنفية مسندة، كانت،
أو مرسلة، أن لا تشذ عن الأصول المجتمعة عندهم، وذلك أن هؤلاء الفقهاء بالغوا في
استقصاء موارد النصوص من الكتاب والسنة، وأقضية الصحابة، إلى أن أرجعوا النظائر
المنصوص عليها، والمتلقاة بالقبول إلى أصل تتفرع هي منه، وقاعدة تندرج تلك
النظائر تحتها، وهكذا فعلوا في النظائر الأخرى، إلى أن أتموا الفحص والاستقراء،
فاجتمعت عندهم أصول - موضع بيانها، كتب القواعد والفروق - يعرضون عليها
أخبار الآحاد، فإذا ندت الاخبار عن تلك الأصول، وشذت، يعدونها مناهضة لما هو
أقوى ثبوتا منها، وهو الأصل المؤصل من تتبع موارد الشرع الجاري مجرى خبر الكافة،
والطحاوي كثير المراعاة لهذه القاعدة في كتبه، ويظن من لا خبرة عنده أن ذلك
ترجيح منه لبعض الروايات على بعضها بالقياس، وآفة هذا الشذوذ المعنوي في الغالب،
كثرة اجتراء الرواة على الرواة على الرواية بالمعنى، بحيث تخل بالمعنى الأصلي، وهذه قاعدة
23

دقيقة، يتعرف بها البارعون في الفقه مواطن الضعف، والنتوء في كثير من الروايات،
فيرجعون الحق إلى نصابه بعد مضاعفة النظر في ذلك، ولهم أيضا مدارك أخرى في
علل الحديث دقيقة، لا ينتبه إليها دهماء النقلة، وللعمل المتوارث عندهم شان يختبر به
صحة كثير من الاخبار، وليس هذا الشأن بمختص بعمل أهل المدينة، بل الأمصار التي
نزلها الصحابة وسكنوها، ولهم بها أصحاب، وأصحاب أصحاب. سواءا في ذلك -
وفى رسالة لليث إلى مالك، ما يشير إلى ذلك -. ومن القواعد المرضية، عند أبي
حنيفة أيضا اشتراط استدامة الحفظ من آن التحمل إلى آن الأداء، وعدم الاعتداد
بالحفظ، إذا لم يكن الراوي ذاكرا لمرويه، كما في " الالماع " - للقاضي عياض.
وغيره، وكذلك اقتصار تسويغ الرواية بالمعنى على الفقيه، مما يراه أبو حنيفة حتما. ومن
قواعدهم أيضا مراعاة مراتب الأدلة في الثبوت، والدلالة، فللقطعي ثبوتا. أو دلالة
مرتبته، وللظني كذلك حكمة عندهم، فلا يقبلون خبر الآحاد إذا خالف الكتاب، ولا
يعدون بيان المجمل به في شئ من المخالفة للكتاب، فلا يكون بيان المجمل بخبر الآحاد في
الأمور المحتمة التي تعم بها البلوى، وتتوفر فيها الدواعي إلى نقلها بطريق الاستفاضة،
حيث يعدون ذلك مما تكذبه شواهد الحال، واشتراط شهرة الخبر عند طوائف الفقهاء.
ويقول ابن رجب: إن أبا حنيفة يرى أن الثقات إذا اختلفوا في خبر، زيادة، أو نقصا،
في المتن، أو السند، فالزائد مردود إلى الناقص، إلى غير ذلك من قواعد رصينة، أقاموا
الحجج على كل منها، في كتب الأصول المبسوطة. فمن يقبل الحديث عن كل من
دب وهب، في عهد ذيوع الفتن، وشيوع الكذب، بنص الرسول صلوات الله عليه،
يظن بهم أنهم يخالفون الحديث، لكن الامر ليس كذلك، بل عمدتهم الآثار في
التأصيل، والتفريع، كما يظهر ذلك لمن أحسن البحث، ووفق للإجادة في المقارنة
والموازنة، من غير أن يستسلم للهوى، والتقليد الأعمى، والله سبحانه هو الموفق.
منزلة الكوفة من علوم الاجتهاد
ولابد هنا من استعراض ما كانت عليه الكوفة، من عهد بنائها إلى زمن أبي حنيفة،
ليعلم من لا يعلم وجه امتيازها عن باقي الأمصار، في تلك العصور، حتى أصبحت
مشرق الفقه الناضج، المتلاطم الأنوار، فأقول: لا يخفى أن المدينة المنورة زادها الله
تشريفها - كانت مهبط الوحي، ومستقر جمهرة الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين
- أي أواخر عهد ثالث الخفاء الراشدين، خلا الذين رحلوا إلى شواسع البلدان للجهاد،
ونشر الدين، وتفقيه المسلمين، ولما ولى الفاروق رضي الله عنه، وافتتح العراق في
عهده. بيد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أمر عمر ببناء الكوفة، فبنيت، سنة 17
24

ه‍، وأسكن حولها الفصح من قبائل العرب، وبعث عمر رضي الله عنه عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه، إلى الكوفة، ليعلم أهلها القرآن، ويفقههم في الدين، قائلا
لهم: " وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي " وعبد الله هذا منزلته في العلم بين الصحابة
عظيمة جدا، بحيث لا يستغنى عن علمه - مثل عمر - في فقهه، ويقظته، وهو الذي
يقول فيه عمر: " كنيف ملئ فقها "، وفى رواية: " علما "، وفيه ورد حديث: " إني
رضيت لامتي، ما رضى لها ابن أم عبد ". وحديث: " وتمسكوا بعهد ابن مسعود ".
وحديث: " من أراد أن يقرأ القرآن غضا، كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "،
وقال النبي صلوات الله عليه: " خذوا القرآن من أربعة "، وذكر ابن مسعود في صدر
الأربعة، وقال حذيفة رضي الله عنه: " كان أقرب الناس هديا، ودلا، وسمتا برسول
الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود، حتى يتوارى منا في بيته، ولقد علم المحفظون من أصحاب ممد
أن ابن أم عبد، هو أقربهم إلى الله زلفى "، وحذيفة، وما ورد في فضل ابن مسعود،
في - كتب السنة - شئ كثير جدا، فابن مسعود هذا عنى بتفقيه أهل الكوفة،
وتعليمهم القرآن، من سنة بناء الكوفة بالقراء، والفقهاء المحدثين، بحيث أبلغ بعض ثقات
أهل العلم عدد من تفقه عليه، وعلى أصحابه، نحو أربعة آلاف عالم، وكان هناك معه
أمثال سعد بن مالك - أبى وقاص - وحذيفة. وعمار. وسلمان. وأبي موسى، من
أصفياء الصحابة رضي الله عنهم، يساعدونه في مهمته، حتى إن علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه، لما انتقل إلى الكوفة، سر من كثرة فقهائها، وقال: " رحم الله ابن أم
عبد، قد ملا هذه القرية علا "، وفى لفظ: " أصحاب ابن مسعود، سرج هذه القرية "
ولم يكن باب مدينة العلم، بأقل عناية بالعلم منه، فوالى تفقيههم، إلى أن أصبحت
الكوفة لا مثيل لها في أمصار المسلمين، في كثرة فقهائها، ومحدثيها والقائمين بعلوم
القرآن، وعلوم اللغة العربية فيها، بعد أن اتخذها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه،
عاصمة الخلافة، وبعد أن انتقل إليها أقوياء الصحابة، وفقهاؤهم، وبينما ترى محمد بن
الربيع الجيزي. والسيوطي لا يستطيعان أن يذكرا من الصحابة الذين نزلوا مصر إلا نحو
ثلاثمائة صحابي، تجد العجلي يذكر أنه توطن الكوفة وحدها، من الصحابة، نحو ألف
وخمسمائة صحابي، بينهم نحو سبعين بدريا، سوى من إقام بها، ونشر العلم بين
ربوعها، ثم انتقل إلى بلد آخر، فضلا عن باقي بلاد العراق، وما يروى عن ربيعة.
ومالك من الكلمات البتراء في أهل العاق، ليس بثابت عنهما أصلا، وجل مقدارهما
عن مثل تلك المجازفة، ولسنا في حاجة هنا إلى شرح ذلك، فنكتفي بالإشارة، فكبار
أصحاب على. وابن مسعود رضي الله عنهما بها، ولو دونت تراجمهم في كتاب
خاص لاتى كتابا ضخما، والمجال واسع جدا لمن يريد أن يؤلف في هذا الموضوع، وقد
قال مسروق بن الأجدع التابعي الكبير: " وجدت علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ينتهى إلى
25

ستة: إلى علي. و عبد الله. وعمر. وزيد بن ثابت. وأبى الدرداء. وأبي بن كعب،
ثم وجدت علم هؤلاء الستة انتهى إلى: على. وعبد الله "، وقال ابن جرير: " لم يكن
أحد له أصحاب معروفون، حرروا فتياه ومذاهبه في الفقه، غير ابن مسعود، وكان
يترك مذهبه، وقوله، لقول عمر. وكان لا يكاد يخالفه في شئ من مذاهبه، ويرجع
من قوله، إلى قوله "، وكان بين فقهاء الصحابة من وصى أصحابه بالالتحاق إلى ابن
مسعود، إقرارا منهم بواسع علمه، كما فعل معاذ بن جبل، حيث أوصى صاحبه عمرو
ابن ميمون الأودي باللحاق بابن مسعود، بالكوفة.
ولا مطمع هنا في استقصاء ذكر أسماء أصحاب على. وابن مسعود بالكوفة،
ولكن لا باس في ذكر بعضهم هنا، فنقول:
1 - منهم - عبيدة بن قيس السلماني، المتوفى سنة 72 ه‍، كان شريح إذا اشتبه
عليه الأمر في قضية يرسل إلى السلماني هذا يستشيره، كما في " المحدث الفاصل " -
للرامهرمزي، وشريح ذلك، المعروف بكمال اليقظة في الفقه، وأحكام القضاء.
2 - ومنهم - عمرو بن ميمون الأودي، المتوفى سنة 74 ه‍، من قدماء أصحاب
معاذ بن جبل كما سبق، معمر مخضرم، أدرك الجاهلية، وحج مائة عمرة. وحجة.
3 - ومنهم - زر بن حبيش، المتوفى سنة 82 ه‍، معمر مخضرم، وكان يؤم
الناس في التراويح، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وهو راوية قراءة ابن مسعود، ومنه
أخذها عاصم، وقد رواها عنه أبو بكر بن عياش، وفيها الفاتحة. والمعوذتان. وأما ما
يروى عن ابن مسعود من الشواذ، فليس بقراءته، وإنما هي ألفاظ رويت عنه في صدد
التفسير، فدونها من دونها في عداد القراءة، كما يظهر من " فضائل القرآن " - لأبي
عبيد، وكان زر من أعرب الناس، وكان ابن مسعود يسأله عن العربية.
4 - ومنهم - أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمى، المتوفى سنة 74 ه‍،
عرض القرآن على علي كرم الله وجهه، وهو عمدته في القراء، وقد فرغ نفسه لتعليم
القرآن لأهل الكوفة بمسجدها، أربعين سنة، كما أخرجه أبو نعيم بسنده، ومنه تلقى
السبطان الشهيدان، القراءة بأمر أبيهما، وعاصم تلقى قراءة على عنه، وهي القراءة
التي يرويها حفص عن عاصم، وقراءة عاصم بالطريقين في أقصى درجات التواتر في
جميع الطبقات، وعرض السلمى أيضا على عثمان. وزيد بن ثابت.
5 - ومنهم - سويد بن غفلة المذحجي، ولد عام الفيل، فصحب أبا بكر، ومن
بعده، إلى أن توفى بالكوفة، سنة 82 ه‍.
6 - ومنهم - علقمة بن قيس النخعي، المتوفى سنة 62 ه‍، وعنه يقول ابن
مسعود: " لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه "، وفى " الفاصل ": حدثنا الحسن بن سهل
26

العدوي، من أهل رامهرمز، حدثنا علي بن الأزهر الرازي، - حدثنا جرير عن قابوس،
قال: قلت لأبي: كيف تأتى علقمة، وتدع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟! فقال: لان
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستفتونه، وله رحلة إلى أبى الدرداء بالشام، وإلى عمر. وزيد.
وعائشة بالمدينة، وهو ممن جمع علوم الأمصار، وكان خال إمام أهل العراق، إبراهيم
ابن يزيد النخعي.
7 - ومنهم - مسروق بن الأجدع، عبد الرحمن الهمداني، المتوفى سنة 63 ه‍،
معمر مخضرم، أدرك الجاهلية، وله رحلات واسعة في العلم.
8 - ومنهم - الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، المتوفى سنة
74، معمر مخضرم،
حج ثمانين، ما بين حجة وعمرة، وهو ابن أخي علقمة.
9 ومنهم - شريح بن الحارث الكندي، معمر مخضرم، ولى قضاء الكوفة في
عهد عمر، واستمر على القضاء، اثنتين وستين سنة، إلى أيام الحجاج، إلى أن توفى
فأنت أقضى العرب " (1)، فناهيك بقاض يكون مرضى القضاء في عهد الراشدين،
وفى الدولة الأموية طول هذه المدة، وقد غذى بأقضيته الدقيقة، فقه أهل الكوفة،
ودربهم على الفقه العملي.
10 - ومنهم - عبد الرحمن بن أبي ليلى، أدرك مائة وعشرين من الصحابة،
وولى القضاء، غرق مع ابن الأشعث شهيدا، سنة 83 ه‍.
11 - ومنهم - عمرو بن شرحبيل الهمداني 12 - ومرة بن شراحيل 13 - وزيد
ابن صوحان 14 - والحارث بن قيس الجعفي 15 - وعبد الرحمن بن الأسود النخعي
16 - وعبد الله بن عتبة بن مسعود 17 - وخيثمة بن عبد الرحمن 18 - وسلمة بن
صهيب 19 - ومالك بن عامر 20 - وعبد الله بن سخبرة 21 - وخلاس بن عرو
22 - وأبو وائل شقيق بن سلمة
23 - وعبيد بن نضلة 24 - والربيع بن خيثم 25 -
وعتبة بن فرقد 26 - وصلة بن زفر 27 - وهمام بن الحارث 28 - والحارث بن سويد.
29 - وزاذان أبو عمرو الكندي 30 - وزيد بن وهب 31 - وزياد بن جرير. 32 -
وكردوس بن هانئ 33 - ويزيد بن معاوية النخعي، وغيرهم من أصحابهما، وأكثر
هؤلاء لقوا عمر. وعائشة أيضا، وأخذوا عنهما، وهؤلاء كانوا يفتون بالكوفة،
بمحضر الصحابة، فلو تلى حديث هؤلاء، أو فقههم على مجنون لافاق، فلا يستطيع
من يدرى ما يقول، أن يوجه أي مؤخذة نحو حديث هؤلاء، وفقههم. وتليهم طبقة

(1) وليكن بين عينيك أنه قول من ورد فيه " وأقضاهم على "، نعم إنما يعرف ذا الفضل من الناس
ذووه. " البنوري "
27

لم يدر كوا عليا، ولا ابن مسعود، ولكنهم تفقهوا على أصحابهما، وجمعوا علوم علماء
الأمصار إلى علومهم، وما ذكه ابن حزم، منهم نبذة يسيرة فقط، وعدد هؤلاء في
غاية الكثيرة، وأمرهم في نهاية الشهرة، ولسنا بسبيل سرد أسمائهم، إلا أنا نلفت الانظار
إلى عدد الذين خرجوا مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، على الحجاج الثقفي،
في دير الجماجم، سنة 83 ه‍، من الفقهاء القراء خاصة من أهل الطبقتين، وبينهم أمثال:
(أ) أبى البختري سعيد بن فيروز. (ب) - وعبد الرحمن بن أبي يعلى. (ج) -
والشعبي. (د) - وسعد بن جبير، قال الجصاص في " أحكام القرآن " ص 71 - 1:
وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل، هم خيار التابعين، وفقهائهم، فقاتلوه مع
عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، ا ه‍.
فإذا نظرت إلى علماء سائر الأمصار (1) يعد من أحسنهم حالا من يهاجر أباه،
ومن يقبل جوائز الحكام، ويساير أهل الحكم، وقل بينهم من يخطر له على بال مقاومة
الظلم، وبذل كل مرتخص وغال في هذا السبيل، فبذلك أصبحت أحوال الكوفة في
أمر الدين. والخلق. والفقه. وعلم الكتاب. والسنة. واللغة العربية ماثلة أمام الباحث
المنصف، فيكم بما تمليه النصفة، في الموازنة بين علماء الأمصار. وهذا مما يجعل
للكوفة مركزا لا يسامى على توالي القرون، ولولا ذلك لما كانت الكوفة معقل أهل
الدين، يفر إليها المضطهدون، طول أيام الجور، في عهد الأموية.
وسعيد بن جبير وحده، جمع علم ابن عباس إلى علمه حتى إن ابن عباس كان
يقول، حينما رأى أهل الكوفة يأتونه ليستفتوه: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعنى " ابن
جبير "، يذكرهم ما خصه الله من العلم الواسع، بحث يغنى علمه أهل الكوفة، عن
علم ابن عباس.
وإبراهيم بن يزيد النخعي من أهل هذه الطبقة، قد جمع أشتات علوم هاتين
الطبقتين، بعد أن تفقه على علقمة، قال أبو نعيم: أدرك إبراهيم أبا سعيد الخدري
وعائشة. ومن بعدهما، من الصحابة رضي الله عنهم، ا ه‍.
وعامر بن شراحيل الشعبي، الذي يقول عنه ابن عمر، لما رآه يحدث بالمغازي:
" لهو أحفظ لها منى، وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "، يفضل أبا عمران
إبراهيم النخعي هذا، على علماء الأمصار كلها، حيث يقول لرجل حضر جنازته،
عندما توفى سنة 95 ه‍: " دفنتم أفقه الناس "، فقال الرجل: من الحسن؟ قال: أفقه
من الحسن، ومن أهل البصرة، ومن أهل الكوفة، وأهل الشام، وأهل الحجاز، كما
أخرجه أبو نعيم بسنده إليه. وأهل النقد يعدون مراسيل النخعي صحاحا، بل يفضلون

(1) يشير الأستاذ المحقق إلى مزية الكوفة وعلمائها، علما، وديانة، وورعا، وتقوى، وهذا مهم،
فاعلمه.
28

مراسيله على مسانيد نفسه، كما نص على ذلك ابن عبد البر في " التمهيد "، ويقول
الأعمش: ما عرضت على إبراهيم حديثا قط إلا وجدت عنده منه شيئا، وقال العمش
أيضا: كان إبراهيم صيرفي الحديث، فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا
عرضته عليه. وقال إسماعيل بن أبي خالد: كان الشعبي. وأبو الضحى. وإبراهيم.
وأصحابنا يجتمعون في المسجد، فيتذاكرون الحديث، فإذا جاءتهم فتيا، ليس عندهم
منها شئ، رموا بابصارهم إلى إبراهيم النخعي. وقال الشعبي، عن إبراهيم: إنه نشأ
في أهل بيت فقه، فاخذ فقههم، ثم جالسنا، فاخذ صفو حديثنا، إلى فقه أهل بيته،
فإذا نعيته أنعى العلم، ما خلف بعده مثله، وقال سعيد بن جبير: تستفتوني، وفيكم
إبراهيم النخعي؟!، ومما أخرجه أبو نعيم في " الحلية ": حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا
أبو أسيد ثنا أبو مسعود ثنا ابن الأصبهاني ثنا عثام عن الأعمش، قال: ما رأيت إبراهيم
يقول برأيه في. شئ قط، ا ه‍. ومثله في " ذم الكلام " - لابن مت، فعلى هذا يكون
كل ما يروى عنه من الأقوال في أبواب الفقه، في " آثار " أبى يوسف. و " آثار "
محمد بن الحسن، و " المصنف " لابن أبي شيبة، وغيرها أثرا من الآثار.
وأحق أنه كان يروى ويرى، فإذا روى فهو الحجة، وإذا رأى واجتهد، فهو البحر
الذي لا تعكره الدلاء، لتوفر أسباب الاجتهاد عنده بأكملها، بل هو القائل: " لا يستقيم
رأى إلا برواية، ولا رواية إلا برأي " كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه، وهي الطريقة
المثلى في الاخذ بالحديث والرأي. وقال الخطيب في " الفقيه والمتفقه ": أخبرنا أبو بشر
محمد بن عمر الوكيل أخبرنا عمر بن أحمد بن الواعظ ثنا محمد بن معاوية ثنا أبو بكر
ابن عياش حدثني أحسن بن عبيد الله النخعي، قال: قلت لإبراهيم: أكل ما أسمعك تفتى
به سمعته؟ فقال لي: لا، قلت: تفتى بما لم تسمع؟!، فقال: سمعت الذي سمعت،
وجاءني ما لم إسمع، فقسته بالذي سمعت، أ ه‍. وهذا هو الفقه حقا. وبمثل هذا
الامام الجليل تفقه حماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة، وكان حماد شديد الملازمة
لإبراهيم، قال أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان ": حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن
هارون بن سليمان بن يحيى بن سليمان بن أبي سليمان، قال: سمعت أبي يقول:
حدثني أبي عن جدي، قال: وجه إبراهيم النخعي حمادا، يوما يشترى له لحما بدرهم،
في زنبيل، فلقيه أبوه راكبا دابة، وبيد حماد الزنبيل، فزجره. ورمى به من يده، فلما
مات إبراهيم جاء أصحاب الحديث، والخرسانية يدقون على باب مسلم بن يزيد - والد
حماد - فخرج إليهم في الليل بالشمع، فقالوا: لسنا نريدك، نريد ابنك حمادا، فدخل
إليه، فقال: يا بنى! قم إلى هؤلاء، فقد علمت أن الزنبيل أدى بك إلى هؤلاء ا ه‍.
وقال أبو الشيخ، قبيل هذا: حدثنا أحمد بن الحسن، قال: سمعت ابن خالي
عبيد بن موسى، يقول: سمعت جدتي، تقول عن جدتها الكبرى عاتكة، أخت حماد
29

ابن أبي سليمان: قالت كان النعمان ببابنا يندف قطننا، ويشرى لبننا وبقلنا، وما أشبه
ذلك، فكان إذا جاء الرجل يسأله عن المسألة، قال: ما مسألتك؟ قال: كذا. وكذا،
قال: الجواب فيها، كذا، ثم يقول: على رسلك، فيدخل إلى حماد، فيقول له: جاء
رجل، فسال عن كذا، فأجبته بكذا، فما تقول أنت؟، فقال: حدثونا بكذا، وقال
أصحابنا، كذا، وقال: إبراهيم كذا، فيقول: فأروي عنك؟ فيقول: نعم. فيخرج،
فيقول: قال حماد، كذا، ا ه‍. هكذا كانت ملازمة بعضهم لبعض، وخدمة بعضهم
لبعض، أوان الطلب، وبهذا نالوا بركة العلم. وقد أخرج ابن عدي في " الكامل "
بطريق يحيى بن معين عن جرير عن مغيرة، قال: قال حماد بن أبي سليمان: " لقيت
قتادة. وطاوسا. ومجاهدا، فصبيانكم أعلم منهم، بل صبيان صبيانكم أعلم منهم "
إنما قاله هذا تحديثا بالنعمة، وردا على بعض شيوخ الرواية، ممن لم يؤت نصيبا من
الفقه، حيث كان يفتى في مسجد الكوفة، غلطا، ويقول: لعل هناك صبيانا يخالفوننا،
في هذه الفتاوى، وماذا يفيد تقادم السن في الروايد لمن حرم الدراية، ويريد بالصبيان
التلاميذ. وقد أخرج ابن عدي في " الكامل " بطريق يحى بن معين عن ابن إدريس عن
الشيباني عن عبد الملك بن إياس الشيباني، أنه قال: قلت لإبراهيم: من نسال بعدك؟
قال: حمادا، ا ه‍، وحماد بن أبي سليمان هذا، توفى سنة 120.
وقال العقيلي: حدثنا بن محمود الهروي، قال: حدثنا محمد بن المغيرة البلخي،
قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، قال: لما
مات إبراهيم اجتمع خمسة من أهل الكوفة، فيهم عمر بن قيس الماصر. وأبو حنيفة،
فجمعوا أربعين ألف درهم، وجاءوا إلى الحكم بن عتيبة، فقالوا: إنا قد جمعنا أربعين
ألف درهم، نأتيك بها، وتكون رئيسنا؟، فأبى عليهم الحكم، فاتوا حما بن أبي
سليمان، فقالوا، فأجابهم، ا ه‍، وبهذا القدر نكتفي من إنباء هذه الطبقة، لكثرة
رجالها، وتشعب أنبائها، مقتصرا على سوق خبرين، مما يدل على اتساع الكوفة في
الرواية والدراية، في تلك الطبقة.
قال أبو محمد الرامهرمزي في " الفاصل ": حدثنا الحسين بن نبهان ثنا سهيل بن
عثمان ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أنس بن سيرين، قال: أتيت الكوفة، فرأيت
فيها أربعة آلاف يطلبون الحديث، وأربعمائة قد فقهوا، ا ه‍. وفى أي مصر من أمصار
المسلمين، غير الكوفة، تجد مثل هذا العدد العظيم للمحدثين. والفقهاء. وفى هذا ما
يدل على أن الفقيه مهمته شاقة جدا، فلا يكثر عدده كثرة عدد النقلة. وقال
الرامهرمزي أيضا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان ثنا مذكور بن سليمان الواسطي،
قال: سمت عفان يقول - وسمع قوما يقولون: نسخنا كتب فلان، ونسخنا كتب
فلان -، فسمعته يقول: نرى هذا الضرب من الناس لا يفلحون، كنا ناتى هذ فنسمع
30

منه ما ليس عند هذا، ونسمع من هذا ما ليس عند هذا، فقد منا الكوفة فأقمنا أربعة
أشهر، ولو أردنا إن نكتب مائة إلف حديث لكتبناها، فما كتبنا إلا قدر خمسين ألف
حديث، وما رضينا من أحد إلا ما لامة (1)، إلا شريكا، فإنه أبى علينا، وما رأينا
بالكوفة لحانا مجوزا، ا ه‍.
انظر، مصرا يكتب بها - مثل عفان - في أربعة أشهر. خمسين ألف حديث! مع
هذا التروي (2). ومسند أحمد أقل من ذلك بكثير، أيعد مثل هذا البلد قليل الحديث؟!
على أن أحاديث الحرمين مشتركة بين علماء الأمصار في تلك الطبقات، لكثرة حجهم،
وكم بينهم من حج أربعين حجة وعمرة، وأكثر، وأبو حنيفة وحده، حج خمسا
وخمسين حجة، وأنت ترى البخاري يقول: ولا أحصي ما دخلت الكوفة في طلب
الحديث، حينما يذكر عدد ما دخل باقي الأمصار، ولهذا أيضا دلالته في هذا الصدد.
ومما يدل عليه الخبر السابق، براءة علماء الكوفة من اللحن الذي اكتظت به بلاد
الحجاز. والشام. ومصر في ذلك العهد، وأنت تجد في كلام ابن فارس مدافعته عن
مالك في ذلك، وقول الليث في ربيعة، تجده في " الحلية "، وقول أبى حنية في نافع،
تجده في - كتاب - ابن أبي العوام، والكلمة التي تروى عن أبي حنيفة، (3) بدون سند
متصل، على أن وجهها في العربية ظاهر جدا، على فرض ثبوتها عنه، وقد توسع المبرد
في - اللحنة - أنباء اللاحنين من أهل الأمصار، سوى بلاد العراق وقد نقل مسعود بن
شيبة جملة من ذلك في " التعليم "، على أن مصر كانت تعاشر القبط، والشام يساكن
الروم، وكان الحجاز يطرقه كل طارق من الأعاجم، ولا سيما بعد عهد كبار التابعين،
مع عدم وجود أئمة اللغة، يحفظونها من الدخيل. واللحون، وأما الكوفة. والبصرة،
ففيهما دونت العربية، فأهل الكوفة راعوا تدوين جميع اللهجات العربية، في عهد
نزول الوحي، ليستعينوا بذلك على فهم أسرار الكتاب والسنة، ووجوه القراءة، وأهل
البصرة انتهجوا مسلك التخير من اللهجات، ما يحق أن يتخذ لغة المستقبل، فاحد
المسلكين لا يغنى عن الآخر.
فعلم بذل مركز الكوفة في الفقه. والحديث. اللغة، وأما القرآن، فالأئمة
الثلاثة، من السبعة، كوفيون، وهم: 1 - عاصم 2 - وحمزة 3 - والكسائي، وزد

(1) يريد: لم نرض في قبول حديث أحد، أو رواية، إلا ما تلقاه الأمة، انظر إلى هذا الشرط
الصعب، ثم إلى هذا الاستكثار، وهذا مهم، فاعلمه " البنوري ".
(2) وعفان هذا، هو: عفان بن مسلم الأنصاري البصري، شيخ البخاري. وأحمد. وإسحاق.
وخلائق، وهو الذي يقول فيه ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه، كذا في
" التقريب " ويقول أبو حاتم إمام ثقة، متقن متين، ويقول ابن عدي: أوثق من أن يقال فيه شئ،
كذا في " خلاصة التذهيب ". " البنوري "
(3) يريد بها الأستاذ كلمة " أبا قبيس " وسمعت منه أن المراد به خشبة الجزار، يقطع عليها اللحم،
في حوار أهل الكوفة عندئذ، لا الجبل المعروف بمكة، زادها الله تكريما.
31

خلقا، العاشر، من بين العشرة، وقد سبق بيان قراءة عاصم.
طريقة أبي حنيفة في التفقيه
ولسنا نخوض هنا في عباب ترجمة أبي حنيفة النعمان، وفي كتب الأئمة ما يغنينا
عن ذلك، فدونك كتاب " أبى القاسم بن أبي العوام. الحافظ ". وكتاب " أبى الحسين
الصيمري ". و " كتاب الحارثي، المندمج في كتاب الموفق المكي ". و " جزء بن
الدخيل " الذي نقل ابن عبد البر غالب ما فيه في " الانتقاء "، وكان ابن الدخيل رواية
العقيلي، فألف جزء في فضائل أبي حنيفة، ردا على العقيلي، حيث أطال لسانه في
فقيه الملة، وأصحابه البررة، شان الجهلة الاغرار، وتبرؤ مما خطته يمين العقيلي، مما
يجافي الحقيقة، فسمعه حكم بن المنذر البلوطي الأندلسي من ابن الدخيل بمكة،
وسمعه منه ابن عبد البر، فساق غالب ما فيه من المناقب في " ترجمة أبي حنيفة " من
الانتقاء، وما يذكره ابن عبد البر عن البخاري كان من تمام النصفة، أن ينظر في سنده،
وكذا ما يرويه إبراهيم بن بشار عن ابن عيينة، وأما ابن الجارود، فقد ثبت رد شهادته
عند قاضى المسلمين، فلو أشار إلى ذلك كله لأحسن صنعا.
والحاصل أنه لم يتكلم فيه أحد بحجة، كما شرحنا ذلك أو صع شرح، فيما رددنا
به على الخطيب في هذا الصدد، وإنما نتكلم هنا عن طرف من أحواله، مما ينبئ عن
طريقته في التفقيه.
فأقول: هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت النعمان بن المرزبان، الفارسي الأصل، لم
يقع عليه رق أصلا، وإسماعيل بن حماد مصدق في ذلك، وقد قال الصلاح بن شاكر
الكتبي في " عيون التواري ": قال محمد بن عبد الله الأنصاري: ما ولى القضاء من
أيام عمر بن الخطاب إلى اليوم " يعنى بالبصرة " مثل إسماعيل بن حماد، فقيل له: ولا
الحسن البصري؟ قال: والله، ولا الحسن البصري، وكان عالما، زاهدا، عابدا،
ورعا. ا ه‍. أمثله لا يصدق في نسبه؟! وقد حدث الطحاوي في " مشكل الآثار ":
ص 54 - 4 عن بكار بن قتيبة عن عبد الله بن يزيد المقرى: " أتيت أبا حنيفة، فقال
لي: من الرجل؟. فقلت. رجل من الله عليه بالاسلام، فقال لي: لا تقل هكذا،
ولكن وال بعض هذه الاحياء، ثم أنتم إليهم، فانى كنت أنا كذلك " فعلم أن ولاءه
كان ولاء الموالاة، لا ولاء العتق، ولا ولاء الاسلام، (وماذا بعد الحق إلا الضلال)،
وقال ابن الجوزي في " المنتظم ": لا يختلف الناس في فهم أبي حنيفة، وفقهه، كان
سفيان الثوري. وابن المبارك، يقولان: أبو حنيفة أفقه الناس، وقيل لمالك: هل رأيت
أبا حنيفة؟ فقال: رأيت رجلا، لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا، لقام
بحجته، وقال الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة، ا ه‍، وقال القاضي
عياض في " ترتيب المدارك ": قال الليث لمالك: أراك تعرق؟، فقال مالك: عرقت
32

مع أبي حنيفة، إنه لفقيه يا مصري "، ا ه‍. وقد ذكرت وجوه استمداد باقي المذاهب
من مذهبه رضي الله عنه، في " بلوغ الأماني "، فلا أعيد الكلام هنا، وكان أجلى
مميزات مذهب أبي حنيفة، أنه مذهب شورى، تلقته جماعة عن جماعة، إلى الصحابة
رضوان الله عليهم أجمعين، بخلاف سائر المذاهب. فإنها مجموعة آراء لأئمتها.
قال ابن أبي العوام: حدثني الطحاوي. كتب إلى ابن أبي ثور، قال: أخبرني،
نوح أبو سفيان، قال لي المغيرة بن حمزة: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا معه
الكتب أربعين رجلا. كبراء الكبراء ا ه‍. وقال ابن أبي العوام أيضا: حدثني
الطحاوي، كتب إلى محمد بن عبد الله بن أبي ثور " الرعيني " حدثني سليمان بن
عمران حدثني أسد بن الفرات، قال: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب
أربعين رجلا، فكان في العشرة المتقدمين: أبو يوسف. وزفر بن الهذيل. وداود
الطائي. وأسد بن عمرو. ويوسف بن خالد السمتي " أحد مشايخ الشافعي ": ويحيى
ابن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة، ا ه‍. وبهذا السند
إلى أسد بن الفرات، قال: قال لي أسد بن عمرو: كانوا يختلفون عند أبي حنيفة في
جواب المسألة، فيأتي هذا بجواب: وهذا بجواب، ثم يرفعونها إليه، ويسألونه عنها، فيأتي الجواب من كثب - أي من قرب -، وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام، ثم
يكتبونها في الديوان، ا ه‍. قال الصيمري: حدثنا أبو العباس، أحمد بن محمد المكي ثنا علي بن محمد النخعي ثنا إبراهيم بن محمد البلخي ثنا محمد
ابن سعيد الخوارزمي ثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: كان أصحاب أبي حنيفة يخوضون
معه في المسألة، فإذا لم يحضر عافية - ابن يزيد القاضي -، قال أبو حنيفة: لا ترفعوا
المسألة حتى يحضر عافية، فإذا حضر عافية ووافقهم، قال أبو حنيفة: أثبتوها، وإن لم
يوافقهم، قال أبو حنيفة، لاخرى سواها، ا ه‍. وقال يحيى بن معين في " التاريخ ".
و " العلل ": رواية الدوري عنه في - ظاهرية دمشق -: قال أبو نعيم " الفضل بن
دكين " سمعت زفر، يقول: كنا نختلف إلى أبي حنيفة، معنا أبو يوسف. ومحمد
ابن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يوما أبو حنيفة، لأبي يوسف: " ويحك
يا يعقوب، لا تكتب كل ما تسمع منى، فانى قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدا،
وأرى الرأي غدا، وأتركه في غده "، ا ه‍. انظر كيف كان ينهى أصحابه عن تدوين
المسائل، إذا تعجل أحدهم بكتابتها قبل تمحيصها كما يجب، فإذا أحطت خبرا، بما
سبق علمت صدق ما يقوله الموفق المكي: ص 133 - 2. حيث قال، بعد أن ذكر
كبار أصحاب أبي حنيفة: وضع أبو حنيفة مذهبه شورى بينهم، لم يستبد فيه بنفسه
دونهم، اجتهادا منه في الدين. ومبالغة في النصيحة لله. ورسوله. والمؤمنين، فكان
يلقى المسائل مسالة مسالة، ويسمع ما عندهم، ويقول ما عدنه، ويناظرهم شهرا، أو
33

أكثر، حتى يستقر أحد الأقوال فيها، ثم يثبتها أبو يوسف في الأصول، حتى أثبت
الأصول كلها، وهذا يكون أولى وأصوب، وإلى الحق أقرب، والقلوب إليه أسكن،
وبه أطيب، من مذهب من انفرد، فوضع مذهبه بنفسه، ويرجع فيه إلى رأيه، ا ه‍.
ومن هذا يظهر أن أبا حنيفة لم يكن يحمل أصحابه على قبول ما يلقيه عليهم. بل
كان يحملهم على إبداء ما عندهم، إلى أن يتضح عندهم الامر، كوضح الصبح،
فيقبلون ما وضح دليله، وينبذون ما سقطت حجته، وكان يقول ما معناه: لا يحل
لاحد أن يقول بقولنا، حتى يعلم من أين قلنا، وهذا هو سر ظهور مذهبه في الخافقين،
ظهورا لم يعهد له مثيل، وهو السبب الأصلي لبراعة المتفقهين عليه، وكثرتهم، إذ
طريقته تلك هي الطريقة المثلى، في التدريب على الفقه، وتنشئة الناشئين، ولذلك
يقول ابن حجر المكي في " خيرات الحسان " ص 26: " قال بعض الأئمة: لم يظهر
لاحد من أئمة الاسلام المشهورين، مثل ما ظهر لأبي حنيفة، من الأصحاب.
والتلاميذ، ولم ينتفع العلماء، وجميع الناس، بمثل ما انتفعوا به. وبأصحابه في تفسير
الأحاديث المشتبهة، والمسائل المستنبطة، والنوازل، والقضاء، والاحكام "، ا ه‍.
وقال محمد بن إسحاق النديم في " الفهرست ": و " العلم برا وبحرا، وشرقا وغربا،
بعدا وقربا تدوينه رضي الله عنه "، ا ه‍، وقال المجد بن الأثير في " جامع الأصول " ما
معناه: لو لم يكن لله في ذلك سر خفى، لما كان شطر هذه الأمة من أقدم عهد إلى
يومنا هذا، يعبدون الله سبحانه على مذهب هذا الامام الجليل، وليس أحد من هؤلاء الثلاثة على مذهب هذا الامام، حتى يرمى بالتحزب له، رضي الله عنه.
والحاصل: أن من خصائص هذا المذاهب كون تدوين المسائل فيه على الشورى،
والمناظرات المديدة، وتلقى الاحكام فيه من جماعة، عن جماعة، إلى أول نبع غزير
فياض في الفقه، في عهد جمهرة فقهاء الصحابة، واستمرارا سعى الجماعة في تبيين
أحكام النوازل، جماعة بعد جماعة، إلى ما شاء الله سبحانه كذلك، بحيث يتمشى
المذهب مع حاجات العصور، ومقتضيات الرقي الحضاري في البشر.
ولذا ترى ابن خلدون يقول عن مذهب مالك ما لفظه: وأيضا فالبداوة كانت
غالبة على المغرب. والأندلس، ولم يكونوا يعاونون الحضارة التي لأهل العراق (1)،
فكانوا إلى أهل الحجاز أميل، لمناسبة البداوة، ولهذا لم يزل المذهب المالكي غضا عندهم،
ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها، ا ه‍. " مقدمة - علم الفقه "، فإذا كان مذهب
مالك الذي عاش الأندلس تحت حكمه طوال قرون، هكذا في نظر ابن خلدون، فما
ظنك بما سواه من المذاهب التي لم تعاشر الحضارة في أحكاما مدة طويلة؟! وأما قراءة أبي حنيفة، فهي قراءة عاصم المنتشرة في الآفاق، وللقرآن الكريم المنزلة

انظر هذا ليس بقول حنفي، ولا كوفي، بل قول مؤرخ جليل، مغربي محتدا، مالكي المذاهب
نشاة، قاضى مصر.
34

العليا عنده في الاحتجاج، حيث يعد عموماته قطعية، وقد علم الخاص والعام ختمه
القرآن في ركعة، على قلة من فعل هذا من السلف، وما ينسب إليه من القراءات
الشاذة، في بعض - كتب التفسير -، غير ثابت عنه أصلا، فلا حاجة لتكلف توجيهها.
كما فعل الزمخشري. والنسفي في " تفسيريهما ". بل تلك القراءات موضوعة عليه،
كما ذكره الخطيب في " تاريخه ". والذهبي في " طبقات القراء ". وابن الجزري في
" الطبقات " أيضا. وواضعها الخزاعي، قال الذهبي في " الميزان - في ترجمة أبى
الفضل، محمد بن جعفر الخزاعي، المتوفى سنة 407 ": ألف كتابا في قراءة أبي حنيفة،
فوضع الدارقطني خطه، بان هذا موضوع، لا أصل له، وقال غيره: لم يكن ثقة، ا ه‍
. وأما كثرة حديثه فتظهر من حججه المسرودة في أبواب الفقه، والمدونة في تلك
المسانيد السبعة عشر، لكبار الأئمة من أصحابه، وسائر الحفاظ، وكان مع الخطيب
عندما حل دمشق، مسند أبي حنيفة، للدارقطني، ومسند أبي حنيفة، لابن شاهين،
وهما زائدان على السبعة عشر المذكورة، وقال الموفق المكي ص 96 - 1: قال الحسن
ابن زياد: كان أبو حنيفة يروى أربعة آلاف حديث: ألفين لحماد. وألفين، لسائر
المشيخة، ا ه‍. وأقل ما يقال في مسائله: إنها تبلغ ثلاثين وثمانين ألفا، وكانت مشايخه
بكثرة بالغة. وأما قوة أبي حنيفة في العربية، فما يدل عليها نشأته في مهد العلوم
العربية، وتفريعاته الدقيقة على القواعد العربية، حتى ألف أبو علي الفارس. والسيرافي.
وابن جنى كتبا في شرح آرائه الدقيقة في الايمان في " الجامع الكبير " إقرارا منهم بتغلغل
صاحبها في أسرار العربية، وفى هذا القدر كفاية.
بعض الحفاظ، وكبار المحدثين
من أصحابه، وأهل مذهبه
1 - الامام زفر بن الهذيل البصري، المتوفى سنة
158 ه‍، ذكره ابن حبان بالحفظ والاتقان،
في " كتاب الثقات "، وهو من أجل أصحاب الإمام وله " كتاب الآثار ".
2 - الامام الحافظ إبراهيم بن طهمان الهروي، المتوفى سنة 163، مترجم في " طبقات
الحفاظ "، كان صحيح الحديث مكثرا.
3 - الامام الليث بن سعد، المتوفى سنة 175، عده كثير من أهل العلم حنفيا، وبه جزم
القاضي زكريا الأنصاري، في " شرح البخاري "، وأخرج ابن أبي العوام بسنده عن الليث أنه شهد
مجلس أبي حنيفة بمكة، وقد سئل في ابن يزوجه أبوه بصرف مال كثير، فيطلقها، ويشترى له
جارية، فيعتقها، فأوصى أبو حنيفة السائل أن يشترى لنفسه جارية، تقع عليها عين الا بن، ثم
يزوجها إياه، فان طلقها رجعت مملوكة له، وإن أعتقها لم يجز عتقه، قال الليث: فوالله ما أعجبني
صوابه، كما أعجبني سرعة جوابه، وكان الليث من الأئمة المجتهدين.
4 - الامام الحافظ القاسم بن معن المسعودي، المتوفى سنة 175، كان من أروى الناس
35

للحديث والشعر، وأعلمهم بالفقه والعربية، وكان محمد بن الحسن يسأله عن العربية، وهو من
أجل أصحاب أبي حنيفة، راجع " طبقات الحفاظ " - للذهبي، و " الجواهر المضيئة ": للحافظ
القرشي.
5 - الإمام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، ذكره الذهبي في " طبقات الحفاظ "،
وترجم له في جزء، وقال ابن جرير: كان فقيها، عالما، حافظا، وكان يعرف بحفظ الحديث،
كان يحضر المحدث، فيحفظ خمسين وستين حديثا، ثم يقوم فيمليها على الناس، وكان كثير
الحديث، أ ه‍. ووصفه بالحفظ البالغ ابن الجوزي في " أخبار الحفاظ ". وابن حبان قبله في " كتاب
الثقات " - له، توفى سنة 182، " وكتاب الأمالي " - له وحده، يقال: إنه في ثلاثمائة جزء، وفى
هذا القدر كفاية. 6 - يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، الحافظ الثبت الفقيه، المتوفى سنة 182، كان من أجل
أصحاب أبي حنيفة، ترجمته في " طبقات الحفاظ " - للذهبي " والجواهر المضيئة ".
7 - عبد الله بن المبارك، المتوفى سنة 181، كتبه تحتوى على نحو عشرين ألف حديث،
وكان ابن مهدي يفضله على الثوري، قال يحيى بن آدم: إذا طلبت الدقيق من المسائل، فلم أجده
في كتب ابن المبارك، أيست منه، أ ه‍، وهو من أخص أصاب أبي حنيفة، وقد قوله بعض الرواة،
ما لم يقله في حق أبي حنيفة، كما فعلوا مثل ذلك. في كثير من العلماء سواه.
8 - الإمام محمد بن الحسن الشيباني، المتوفى سنة 189 كان كثير الحديث، ترجمته في "
بلوغ الأماني ". و " الآثار " - " والموطأ ": و " الحجة على أهل المدينة "، مما يقضى له بالبراعة في
الحديث، رغم أنوف الجاهلين، بمقدر العظيم.
9 - حفص بن غياث القاضي، كتبوا عنه أربعة آلاف حديث من حفظه، توفى سنة
194،
راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
10 - وكيع بن الجراح، المتوفى سنة 197، قال الذهبي: كان يفتى بقول أبي حنيفة، قال
أحمد 6 عليكم بمصنفات وكيع.
11 - يحيى بن سعيد القطان البصري، إمام الجرح والتعديل، المتوفى سنة 198، قال الذهبي
: كان يفتى برأي أبي حنيفة. راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
12 - الحافظ القدوة الحسن بن زياد اللؤلؤي، المتوفى سنة 204، كان عنده نحو اثنى عشر
ألف حديث من ابن جريج، مما لا يسع الفقيه جهله، وقال يحيى بن آدم،: ما رأيت أفقه منه،
وتقولات بعض الرواة فيه، كتقولهم في الامام نفسه، راجع " الجواهر ".
13 - الحافظ معلى بن منصور الرازي، المتوفى سنة 211، جمع بين الإمامة في الفقه
والحديث. راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
14 - الحافظ عبد الله بن داود الخريبي، المتوفى سنة 213، إمام قدوة في الفقه والحديث،
36

راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
15 - أبو عبد الرحمن المقرى عبد الله بن زيد الكوفي، المتوفى سنة 213، من المكثرين عن أبي
حنيفة، راجع " الطبقات ".
16 - أسد بن الفرات القيرواني، المتوفى سنة 213، ممن جمع بين الطريقة العراقية.
والحجازية في الفقه. والحديث.
17 - مكي بن إبراهيم الحنظلي، شيخ خراسان، المتوفى سنة 215، من المكثرين عن أبي
حنيفة، راجع " الطبقات ".
18 - أبو نعيم فضل بن دكين، المتوفى سنة 219، من المكثرين عن أبي حنيفة، راجع "
الطبقات ".
19 - الامام عيسى بن إبان البصري، المتوفى سنة 221، " كتاب الحجج الكبير " - له،
و " كتاب الحجج الصغير " - له، مما يشهد له بالبراعة في الحديث، راجع - " الصيمري ". و " ابن أبي
العوام ". و " الجواهر ".
20 - الحافظ الثبت علي بن الجعد 7 المتوفى سنة 230، إمام جليل في الفقه والحديث،
والجعديات له من أقدم الكتب المحفوظة بدار الكتب المصرية، راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
21 - يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل، المتوفى سنة 233، سمع " الجامع الصغير " من
محمد بن الحسن، وتفقه عليه، وسمع الحديث من أبي يوسف، وفى " عيون التواريخ ": كان ابن
المديني. وأحمد. وابن أبي شيبة. وإسحاق يتأدبون معه، ويعرفون له فضله، ورث من أبيه ألف
ألف درهم، فانفقها جميعا على الحديث، وكتب بيده ستمائة ألف حديث. وقال أحمد: كل
حديث لا يعرفه يحيى، فليس بحديث، ورأيت تاريخه - رواية الدوري - في ظاهرية دمشق،
وتختلف الروايات عنه في الجر والتعديل. ويعده الذهبي، حنفيا، صلبا في جزئه الذي ألفه في
الذين تكلم فيهم من الثقات، بل متعصبا لأهل مذهبه، ومع ذلك ترى بعض الرواة لا يأبى أن
يقوله (1) كلمات قاسية في كثير من أصحاب أبي حنيفة، ولله في خلقه شؤون.
22 - محمد بن سماعة التميمي، المتوفى سنة 233، وفى " عيون التواريخ ": وهو من
الحفاظ الثقات، صاحب اختيارات في المذهب، وروايات، وله مصنفات. قال ابن معين: لو كان
أهل الحديث يصدقون كما يصدق ابن سماعة في الرأي، لكانوا فيه على نهاية، راجع " الجواهر ".
23 - الحافظ الكبير إبراهيم بن يوسف البلخي الباهلي الماكياني، المتوفى سنة 239، كان
مقاطعا لقتيبة بن سعيد، لأنه اذاه عند مالك، فقال: هذا مرجئ، فاقامه من مجلسه، وما سمع من
مالك غير حديث واحد، وثقه النسائي، وفى ذلك عبرة، راجع " الطبقات "، و " الجواهر ".
24 - أبو الليث الحافظ عبد الله بن سريج بن حجر البخاري، المتوفى في حدود سنة 258،

(1) أي يدعيها عليه افتراء، يقال: قوله ما لم يقل: أي ادعاه عليه، كذا في " مختار الصحاح ".
37

هو من أصحاب أبي حفص الكبير البخاري، كان يحفظ عشرة آلاف حديث، وكان عبدان يجله،
ذكره غنجا في " تاريخ بخارى "، ولم يذكر وفاته، راجع " الطبقات ".
25 - الإمام محمد بن شجاع الثلجي، المتوفى سنة 266، وهو ساجد في صلاة العصر، قال
الموفق المكي: إنه ذكر في تصانيفه نيفا وسبعين ألف حديث، وله " المناسك " في نيف وستين جزء،
وله " تصحيح الآثار " كبير جدا، وله " الرد على المشبهة "، وقال الذهبي في " النبلاء ": كان من
بحور العلم، أه‍، تكلم فيه بعض الرواة بتعصب، راجع ترجمته في " فهرست ابن النديم "
و " الجواهر المضيئة "، وفيما كتبناه على تبيين كذب المفترى، وتكملة الرد على - نونية - ابن القيم.
26 - الفقيه الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، المتوفى سنة 280، تفقه
على أبى سليمان الجوزجاني، وكان نجله إسماعيل القاضي، وله - مسند أبي هريرة -. راجع
" الطبقات ". و " الجواهر ".
27 - أبو الفضل عبيد الله بن واصل البخاري، المتوفى شهيدا سنة 282، وهو محدث
بخارى، وأخذ عنه الحارثي، راجع " الطبقات ".
28 - الحافظ إبراهيم بن معقل النسفي، مصنف " المسند الكبير " - " التفسير "، المتوفى سند
295، حدث الصحيح عن البخاري، قال المستغفري: كان فقيها، حافظان، بصيرا باختلاف
العلماء، عفيفا، صينا، راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
29 - أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، صاحب " المسند الكبير ". و " المعجم "،
المتوفى سنة 307، أخذ عن علي بن الجعد وطبقته، قال أبو علي الحافظ: لو لم يشتغل أبو يعلى
بكتب أبى يوسف على بشر بن الوليد، لأدرك بالبصرة سليمان ابن حرب، وأبا داود الطيالسي،
وهذا مما يدل على أن كتب أبى يوسف بكثرة بالغة، ولولا ذلك لما حال سماع كتبه، دون علو سند
أبى يعلى، مع تسرع المحدثين في السماع، راجع " الطبقات ".
30 - الحافظ أبو بشر الدولابي محمد بن أحمد بن حماد، المتوفى سنة 310، وهو مؤلف
" الكنى ". وغيره من الكتب الممتعة، قال الدارقطني: تكلموا فيه، ا تبين من إمره إلا خير. فقول
ابن عدي: ابن حماد متهم في نعيم، إسراف في القول، كما هو شانه، راجع " الطبقات ".
31 - الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، المتوفى سنة 321، في غاية من الاتساع
في الحفظ. ومعرفة الرجال، والفقه، توسع البدر العيني في ترجمته في رجال معاني الآثار، وشيوخ
الطحاوي الثلاثة: (أ) - بكار بن قتيبة (ب) - وابن أبي عمران - (ج) - وأبو حازم، كلهم من كبار
حفاظ الحديث.
32 - الحافظ أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوام، السعدي، المتوفى في حدود سنة
335، له ذكر في " طبقات الذهبي - في ترجمة النسائي " أخذ عن النسائي. والطحاوي.
وأبى بشر الدولابي، وكتابه في فضائل أبي حنيفة، في مجلد ضخم، و - مسند أبي حنيفة
-، له، من أهم المسانيد السبعة عشر، وحفيده مترجم في " قضاة مصر ". و " الجواهر ".
38

33 - الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الحارثي البخاري، المتوفى سنة 340، له مناقب
أبي حنيفة، وله مسند أبي حنيفة أيضا، أكثر فيه جدا من سوق طرق الحديث، وقد أكثر ابن مندة
الرواية عنه، وكان حسن الرأي فيه، وقد تكلم فيه أناس بتعصب، وأكبر ما يرمونه به إكثاره من
الرواية عن النجيرمي، أباء بن جعفر، في مسند أبي حنيفة، ولم ينتبهوا إلى أن روايته عنه ليس في
أحاديث ينفرد هو بها، بل فيما له مشار فيه، كما فعل مثل ذلك الترمذي في محمد بن سعيد
المصلوب. والكلبي، لكن قاتل الله التعصب، يعمى ويصم. راجع " الجواهر ". و " تعجيل المنفعة ".
34 - الحافظ أبو الحين عبد الباقي بن قانع القاضي، حدث به اختلاط قبل وفاته بسنتين.
35 - الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، المتوفى سنة 370، كان إماما
في الأصول. والفقه. والحديث، كان جيد الاستحضار الأحاديث أبى داود. وابن شيبة. وعبد
الرزاق، والطيالسي: يسوق سنده ما شاء منها في أي موضع شاء، وكتابه " الفصول في الأصول "
وشروحه على مختصر الطحاوي. والجامع الكبير، وكتابه في " أحكام القرآن " مما يقضى له
بالبراعة التي لا تلحق، وقوة معرفته بالرجال تظهر من كلامه في أدلة الخلاف.
36 - الحافظ محمد بن المظفر بن موسى البغدادي، المتوفى سنة 379، وهو مؤلف مسند أبي حنيفة
، وكان الدارقطني يجله، وهو من أعيان الحفاظ، راجع " الطبقات ".
37 - الحافظ أبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي، المتوفى سنة 378، مؤلف رجال البخاري،
وكان الدارقطني يرضى فهمه، وهو كان أحفظ من كان بما وراء النهر في زمانه، راجع " الطبقات ".
38 - أبو حامد أحمد بن الحسين المروزي، المعروف بابن الطبري، المتوفى سنة 376، كان
متقنا في الحديث والرواية، راجع " الجوهر ".
39 - الحافظ أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر المعدل البغدادي، صاحب مسند أبي حنيفة
. المتوفى سنة 380.
40 - الحافظ أبو الفضل السليماني أحمد بن علي البيكندي، شيخ ما وراء النهر، المتوفى سنة
404، وعنه أخذ جعفر المستغفري، راجع " الطبقات ".
41 - غنجار الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد البخاري، المتوفى سنة 412،
صاحب تاريخ بخارى. راجع " طبقات ".
42 - الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري، صاحب المصنفات، المتوفى سنة 432،
راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
43 - الحافظ أبو سعد السمان إسماعيل بن علي بن زنجويه الرازي، المتوفى سنة 445، كان
إماما في الحديث، والرجال، وفقه أبي حنيفة، على بدعت ه. راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
44 - الحافظ أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله النيسابوري الحاكم، المتوفى سنة 490، راجع
39

" الطبقات ". و " الجواهر ".
45 - الحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد السمرقندي، المتوفى سند 491، تخرج
بالمستغفري، قال أبو سعد: لم يكن في زمانه في فنه مثله في الشرق والغرب، له كتاب " بحر
الأسانيد، من صحاح المسانيد "، في ثمانمائة جزء، جمع فيه مائة إلف حديث، ولو رتب وهذب،
لم يقع في الاسلام مثله، راجع " الطبقات.
46 - مسند هراة نصر بن أحمد بن إبراهيم الزاهد بقية المسندين، المتوفى سنة 510.
47 - مسند سمرقند إسحاق بن محمد بن إبراهيم التنوخي النسفي، المتوفى سنة 518.
48 - المحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي، صاحب " مسند أبي حنيفة "،
المتوفى سنة 522، يأخذه ابن حجر بروايته المسند لقاضي المارستان، قائلا: إنه لا مسند له، لكن
تلميذه السخاوي يرويه عن التدمري عن الميدومي عن النجيب عن ابن الجوزي عن الجامع قاضى المارستان، فبهذا ظهر تهور ابن حجر.
49 - الحافظ أبو حفص ضياء الدين عمر بن بدر بن سعيد الموصلي، المتوفى سنة 622.
50 - أبو الفضائل الحسن بن محمد الصغاني، المتوفى سنة 650، كان إماما في اللغة. والفقه
والحديث. له " العباب ". و " المحكم ". و " مشارق الأنوار ".
51 - المحدث الجوال أبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي، صاحب المعجم، المتوفى سنة
564.
52 - مسند الشام تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، المتوفى سنة 613.
53 - الامام المسند أبو علي الحسن بن المبارك الزبيدي، المتوفى سنة 629.
54 - الامام المحدث الجمال أبو العباس أحمد بن محمد الظاهري، المتوفى سنة 696، خرج
مشيخة للفخر البخاري في خمسة أجزاء. راجع " الطبقات ". و " الجواهر ".
55 - المحدث أبو محمد علي بن زكريا بن مسعود الأنصاري المنبجي، مؤلف " اللباب - في
الجمع بين السنة والكتاب "، وشارح آثار الطحاوي، المتوفى في حدود سند 698، وابنه محمد
مذكور ى " الجواهر المضيئة ". و " الدار - الكامنة ".
56 - الشمس السروجي أحمد بن إبراهيم بن عبد الغنى شارح الهداية. المتوفى سنة 701.
57 - علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، شارح تلخيص الخلاطي، ومؤلف الاحسان في
ترتيب صحيح ابن حبان، توفى سنة 731.
58 - المحدث الكبير ابن المهندس محمد بن إبراهيم بن غنائم، الشروطي، المتوفى سنة 733.
59 - الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي، شارح البخاري في
عشرين مجلدا، ومؤلف - الاهتمام بتلخيص الالمام -. و - القدح المعلى في الكلام، على بعض
40

أحاديث المحلى -، توفى سنة 735، راجع ذيل الحسيني على " الطبقات " 600 - الحافظ أمين
الدين محمد بن إبراهيم الواني، المتوفى سنة 735، راجع " ذيل السيوطي ".
61 - الحافظ الشمس السروجي محمد بن علي بن أبيك، المتوفى سنة 744، راجع الذيول.
62 - الحافظ علاء الدين علي بن عثمان المارديني، مولف " الجوهر النقي "، المتوفى سنة
749، به تخرج الجمال الزيلعي. والزين العراقي. وعبد القادر القرشي، راجع الذيول.
63 - الحافظ ابن الواني عبد الله بن محمد بن إبراهيم المتوفى سنة 749، راجع " الحسيني ".
64 - الحافظ جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي، مؤلف " نصب الراية ". المتوفى سنة
762.
65 - الحافظ علاء الدين مغلطاي البكجري، المتوفى سنة 762، راجع " ذيل ابن فهد ".
66 - الحافظ عبد القادر القرشي، المتوفى سنة 775، راجع الذيول.
67 - المجد إسماعيل البلبيسي صاحب - مختصر أنساب الرشاطي -، المتوفى سنة 802.
68 - العلامة جمال الدين يوسف بن موسى الملطي، صاحب " المعتصر ". المتوفى سند 803 ه‍.
69 - العلامة شمس الدين محمد بن عبد الله الديري، مؤلف " المسائل الشريفة في أدلة
مذهب الامام أبي حنيفة "، المتوفى سنة 827.
70 - المحدث أبو الفتح أحمد بن عثمان بن محمد الكلوتاتي، الكرماني. المتوفى سنة 835،
فكثر جدا من رواية الكتب الكبار، وسماعها، وإسماعها، راجع " الضوء اللامع ".
71 - المحدث عز الدين عبد الرحيم بن محمد بن الفرات، المتوفى سنة 851، من المحدثين
المكثرين، أصحاب الأسانيد العالية، راجع " الضوء اللامع ".
72 - الحافظ البدر العيني محمود بن أحمد، المتوفى سنة 855، ترجمته ترجمة واسعة، في
أول " عمدة القاري " - من الطبعة المنيرية.
73 - كمال الدين بن الهمام محمد بن عبد الواحد صاحب " فتح القدير "، المتوفى سنة 861.
74 - سعد الدين بن الشمس الديري صاحب " تكملة شرح الهداية " - للسروجي، المتوفى
سنة 768 ه‍.
75 - تقى الدين أحمد بن محمد الشمني، المتوفى سنة 872، شرحه على " الوقاية " المسمى
- بكمال الدراية - يدل على يده البيضاء في أحاديث الاحكام.
76 - الحافظ العلامة، قاسم بن قطلوبغا، المتوفى سنة 879، تخريجه لأحاديث " الاختيار "،
ولأحاديثه " أصول البزدوي "، وسائر ما ألفه في الحديث والفقه، تدل على عظم شانه في الحديث
والفقه، راجع " الضوء اللامع ".
41

77 - شمس الدين محمد بن علي، المعروف بابن طولون الدمشقي، المتوفى سنة 953، هو
من المكثرين في الحديث والفقه، له من المؤلفات ما يقارب خمسمائة مؤلف.
78 - على المتقى بن حسام الدين الهندي. صاحب " كنز العمال " في - ترتيب الجامع الكبير
- للسيوطي، قال أبو الحسن السبكي: له منة على السيوطي، توفى سنة 975.
79 - ملك المحدثين الشيخ محمد بن طاهر الفتني الكجراتي، مؤلف " مجمع البحار ". و " تذكرة الموضوعات ". و " المغنى "، وغيرها من المؤلفات الممتعة، في الحديث، وغريبه، توفى سنة
987 شهيدا.
80 - المحدث علي بن سلطان محمد القاري الهروي المكي، المتوفى سنة 1014، شرحه على
المشكاة، وشرحه على مختصر الوقاية، من الكتب المهمة في أحاديث الاحكام تخرج على قطب
النهروالي. وعبد الله السندي.
81 - المحدث أحمد بن محمد ن يونس الشلبي، المتوفى سنة 1027.
82 - محدث الهند عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي، مؤلف - اللمعات شرح المشكاة -
و - التبيان في أدلة مذهب الامام أبي حنيفة النعمان -، توفى سنة 1052، أخذ عن عبد الوهاب المتقى،
تلميذ على المتقى، وعن علي القاري، أخذ عنه محمد حسين الخافي، وعنه حسن العجيمي.
83 - المحدث أيوب بن أحمد بن أيوب الخلوتي الدمشقي، المتوفى سند 1071.
84 - المحدث حسن بن علي العجيمي المكي، المتوفى سنة 1113، وأسانيد مروياته في "
كفاية المستطلع " في مجلدين.
85 - أبو الحسن الكبير، ابن عبد الهادي السندي، المتوفى سنة 1139، صاحب " الحواشي
على الأصول الستة ". و " مسند أحمد ".
86 - الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي، مؤلف " ذخائر المواريث - في أطراف الأصول
السبعة "، المتوفى سنة 1143.
87 - المحدث محمد بن أحمد عقيلة، المكي المتوفى سنة 1150، له " المسلسلات - وعدة
أثبات - والدر المنظوم في خمس مجلدات - في تفسير القرآن بالمأثور - والزيادة والاحسان في
علوم القرآن "، هذب به " الاتقان "، وزاد كثيرا من علوم القران، وغالب مؤلفاته في مكتبة على
باشا الحكيم، باصطنبول، أخذ عن العجيمي. وغيره.
88 - الشيخ عبد الله بن محمد الأماسي، شرح البخاري، وسماه: " نجاح القاري - في
شرح البخاري " في ثلاثين مجلدا، وشرح - صحيح مسلم - في سبع مجلدات، وسماه: " عناية
المنعم بشرح صحيح مسلم "، بلغ فيه إلى شطر مسلم، المتوفى سنة 1167.
89 - محمد بن الحسن المعروف، بابن همات، مؤلف " تحفة الراوي - في تخريج أحاديث
البيضاوي "، المتوفى سنة 1175.
42

90 - السيد محمد المرتضى الزبيدي، شارح " الاحياء " ومؤلف " عقود الجواهر المنيفة - في
أدلة مذهب الامام أبي حنيفة "، المتوفى سنة 1205.
91 - المحدث الفقيه محمد هبة الله البعلي، مؤلف " حديقة الرياحين - في طبقات مشايخنا
المسندين ". ومؤلف " التحقيق الباهر في شرح الأشباه والنظائر " في خمس مجلدات خام،
المتوفى سنة 1224.
92 - صاحب " رد المحتار " العلامة محمد أمين بن السيد عمر المشهور " بابن عابدين "،
المتوفى سنة 1252، صاحب المؤلفات المشهورة، وأسانيده. ومروياته في ثبته المشهور باسم " عقود
اللآلي - في الأسانيد العوالي ".
93 - الشيخ محمد عابد السندي صاحب " حصر الشارد " و " طوالع الأنوار - على الدر
المختار " في ستة عشر مجلدا ضخما، وشارح " مسند أبي حنيفة " في مجلدات، سماه: " المواهب
اللطيفة "، المتوفى سنة 1257.
94 - الشيخ عبد الغنى المجددي، المتوفى سنة 1296، أسانيده في " اليانع الجنى ".
95 - الشيخ محمد عبد الحي اللكنوي، ألم أهل عصره بأحاديث الاحكام، المتوفى سنة
1304، إلا أن له بعض آراء شاذة لا تقبل في المذهب، واستسلامه لكتب التجريح من غير أن
يتعرف دخائلها، لا يكون مريا عند من يعرف ما هنالك.
96 - شيخ مشايخنا، الشيخ المحدث أحمد ضياء الدين بن مصطفى الكمشخانوي، المتوفى
سنة 1311 ألف " راموز أحاديث الرسول " في مجلد ضخم، وشرحه " لوامع العقول " في خمسة
مجلدات، وله نحو خمسين مولفا سوى ذلك.
وفى الهند علماء بارعون في الحديث من أهل المذهب، لا مجال لاستقصائهم، كثر الله أمثالهم،
وهذه نبذة يسيره من محدثي الحنفية، سردنا أسماءهم هنا، ليدل القليل على الكثير. رحمهم الله.
هذه الطبعة
إن هذا الطبعة الماثلة بين يدي القارئ العزيز لتعبر أولا عن الجهد الجهيد الذي تقوم
بها دار الحديث لخدمة الكتاب الاسلامي وإخراجه في شكل جديد دقيق معتنا به.
وقد حرصنا في هذه الطبعة على تنسيق كتاب الهداية مع تخريجه ليكون أوقع
وأقرب للتعامل مع الهداية سيما والكتابان لا ينفكان عن بعضهما.
كما حرصنا في هذه الطبعة تحقيق عزو النص من الأصل على المراجع حديثة الطبع
المعتمدة في عزو موسوعات الفهارس للتيسير على الباحثين، سيما وطبعة المجلس العلمي
قد اعتمد فيها على طبعات لها حكم الندرة في عالم الكتاب.
كما حرصنا على وضع أرقام صفحات طبعة المجلس العلمي جانب الصفحة في هذه
43

الطبعة الجديدة لفائدة هامة لا تخفى ثم قمنا بوضع فهرس لا طراف الأحاديث والآثار
الواردة في الكتاب ننبه أن العزو في فهرس الأطراف لرقم ص / ج طبعة المجلس العلمي
الموجودة بهامش الصفحة من هذه الطبعة الجديدة. وقد أقمنا النص على طبعة المجلس
العلمي المفادة من عدة نسخ هي:
1 - نسخة المكتبة السعيدية، المخطوطة المنسوبة إلى الشيخ محمد سعيد المدراسي
بالهند.
2 - نسخة مكتبة الشيخ عبد الوهاب الدهلوي - المكتوبة سنة 1134 ه‍.
3 - نسخة مكتبة الحرم الملكي - ولعلها منقولة من نسخة الشيخ عبد الوهاب.
4 - نسخة كلكتة.
وقد أفاد محققو نص الكتاب من نسختين خطيتين عن دار الكتب المصرية.
بيد أن هذه الإفادة منهما لم تكن بالمعتمد كما ورد في مقدمة طبعة المجلس العلمي /
61 - 64.
وقد راعينا الإفادة من كلتا النسختين في هذه الطبعة - قدر الاستطاعة - لتكون
مزية. سيما وإحدى النسختان منقولة عن نسخة المصنف. حديث [130] المؤيد.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
وأخيرا / أسال الله تعالى القبول، والجزاء بالخير لكل من ساعد في إخراج هذه
الطبعة.
والله من وراء القصد.
وكتبه راجي عفو ربه
أبو صالح أيمن صالح شعبان
44

عنوان الجزء الأول من المخطوط
عن نسخة المؤيد 130 حديث دار الكتب
45

الورقة الأخيرة من الجزء الأول
46

الورقة الأولى من الجزء الأول
47

آخر الجزء الثاني وفيه توثيق النسخة
عن نسخة المصنف
48

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الطهارات
الحديث الأول: روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما
وتوضأ ومسح على ناصيته وخفيه قلت هذا حديث مركب من حديثين رواهما
المغيرة بن شعبة جعلهما المصنف حديثا واحدا فحديث المسح على الناصية والخفين
أخرجه مسلم عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ
ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين انتهى ورواه الطبراني في معجمه
بهذا الاسناد ولم يذكر فيه العمامة ووهم بن الجوزي في كتاب التحقيق فعزا هذا
49

الحديث إلى الصحيحين وليس كذلك بل انفرد مسلم وتعقبه عليه صاحب
التنقيح وروى أبو داود في سننه من حديث أبي معقل عن أنس قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة
فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة انتهى وسكت عنه أبو داود ثم المنذري في
مختصره ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ثم قال وهذا
الحديث وإن لم يكن إسناده على شرط الكتاب فإن فيه لفظة غريبة وهي أنه مسح
بعض رأسه ولم ينقض العمامة انتهى
وحديث السباطة والبول قائما رواه بن ماجة في سننه حدثنا إسحاق بن
منصور ثنا أبو داود ثنا شعبة بن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما قال شعبة قال عاصم يومئذ وهذا الأعمش يرويه
عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه فسألت عنه منصورا فحدثنيه عن أبي وائل عن
حذيفة انتهى
وحديث حذيفة هذا أخرجه البخاري ومسلم عن الأعمش عن أبي وائل عن
حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته به ثم توضأ زاد
مسلم ومسح على خفيه انتهى ووقع لشيخنا العلامة علاء الدين في هذا الحديث
وهم من وجهين أحدهما أنه قال في حديث حذيفة بعد أن حكاه بلفظ البخاري
وزيادة مسلم أخرجاه وقد بينا أن مسلما انفرد فيه بالمسح على الخفين وقد صرح
بذلك عبد الحق في الجمع بين الصحيحين فقال لم يذكر البخاري فيه المسح على
الخفين الوهم الثاني أنه جعل حديث الكتاب مركبا من حديث المغيرة أنه عليه
50

السلام مسح بناصيته وخفيه ومن حديث حذيفة في السباطة والبول قائما وهذا
عجب منه لان المصنف جعلهما من رواية المغيرة وقد بينا أن حديث السباطة والبول
قائما أيضا رواه المغيرة بن شعبة كما أخرجه بن ماجة وكان من الواجب أن
يذكرهما من رواية المغيرة ليطابق عزو المصنف وهذا الوهم الثاني لم يستبد به الشيخ
وإنما قلد فيه غيره والله أعلم
الحديث الثاني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن
يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده قلت أخرجه الأئمة
الستة في كتبهم فرواه البخاري من طريق مالك عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر ومن
استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في الاناء
فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه مسلم من حديث عبد الله بن
شقيق عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده
في الاناء حتى يغسلهما ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه أيضا من
حديث أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في
الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه بن ماجة في سننه من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا إذا قام أحدكم من النوم فأراد
أن يتوضأ فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده ولا
على وضعها انتهى ووقع في لفظ المصنف وغيره من أصحابنا فلا يغمسن
بنون التوكيد المشددة ولم أجدها فيه إلا عند البزار في مسنده فإنه رواه من
حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا إذا استيقظ
51

أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في طهوره حتى يفرغ عليها الحديث
الحديث الثالث قال عليه السلام لا وضوء لمن لم يسم الله تعالى قلت
روى من حديث أبي هريرة ومن حديث سعيد بن زيد ومن
حديث الخدري ومن حديث سهل بن سعد الساعدي ومن حديث أبي سبرة
أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود وابن ماجة من حديث يعقوب بن سلمة
عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا
وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك فقال فيه
عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة فذكره ثم قال حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي
سلمة دينار انتهى كلامه قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب
الامام نقل عن الحاكم أنه أخرج هذا الحديث في كتابه المستدرك من جهة بن أبي
فديك عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة وأنه قال صحيح الاسناد
وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة وهذا إن صح عنه فهو انتقال ذهني من يعقوب
بن سلمة إلى يعقوب بن أبي سلمة ويعقوب بن أبي سلمة الماجشون احتج به مسلم
ويعقوب بن سلمة الليثي هذا لم يحتج به مسلم وقد أخرجه بن ماجة والدارقطني
من رواية بن أبي فديك لم يقولا إلا يعقوب بن سلمة انتهى كلامه وهذا الكلام
52

مشعر بأن الشيخ تقي الدين لم ير المستدرك وقد صرح في الامام في باب
مواقيت الصلاة أنه رآه فقال بعد أن نقل منه كلاما طويلا هكذا رأيته في نسخة
عتيقة من المستدرك وقال في كتاب الزكاة بعد أن نقل فيه حديثا في زكاة
التجارة فيه وفي البر صدقة هكذا وجدته في أصل من المستدرك بضم الباء
وقد نقلت كلامه وقال البخاري في تاريخه الكبير لا يعرف لسلمة سماع من أبي
هريرة ولا ليعقوب من أبيه انتهى ذكره في ترجمة سلمة ورواه الدارقطني
في سننه من حديث أيوب بن النجار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه وما صلى
من لم يتوضأ انتهى وأيوب بن النجار وثقه جماعة لكن البيهقي رواه وأعله
بأن فيه انقطاعا قال كان أيوب بن النجار يقول لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا
حديثا واحدا وهو حديث التقى آدم وموسى ذكر ذلك يحيى بن معين فيما رواه
عنه بن أبي مريم انتهى
رضي الله تعالى عنه وأما حديث سعيد بن زيد فرواه الترمذي وابن ماجة من حديث أبي ثفال
عن رباح بن عبد الرحمن أنه سمع جدته بنت سعيد بن زيد تحدث أنها سمعت أباها سعيد
بن زيد يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بلفظ أبي داود قال الترمذي قال
أحمد لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد وقال محمد بن إسماعيل يعني
البخاري أحسن شئ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك أيضا وصححه وأعله بن القطان في كتا ب الوهم
والايهام وقال فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال
ولا تعرف بغير هذا ورباح أيضا مجهول الحال وأبو ثفال مجهول الحال أيضا مع
أنه أشهر لرواية جماعة عنه منهم الدراوردي انتهى وذكره بن أبي حاتم في
كتاب العلل وقال: هذا الحديث ليس عندنا بذاك الصحيح أبو ثفال مجهول ورباح مجهول
53

انتهى وقال الترمذي في علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل
عن اسم أبي ثفال فلم يعرفه ثم سألت الحسن بن علي الخلال فقال اسمه ثمامة
بن حصين انتهى
وأما حديث أبي سعيد فرواه بن ماجة في سننه من حديث كثير بن زيد
عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا
وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك أيضا
وصححه وأسند إلى الأثرم أنه قال: سألت أحمد بن حنبل عن التسمية في الوضوء
فقال أحسن ما فيها حديث كثير بن زيد ولا أعلم فيها حديثا ثابتا وأرجو أن يجزئه
الوضوء لأنه ليس فيه حديث أحكم به انتهى وقال الترمذي في علله الكبير
قال محمد بن إسماعيل ربيح بن عبد الرحمن منكر الحديث انتهى وأما حديث
سهل بن سعد فرواه بن ماجة أيضا من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل
بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لا وضوء له
ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه
وأما حديث أبي سبرة فرواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا شعيب بن سلمة الأنصاري ثنا يحيى بن يزيد بن عبد الله بن أنيس عن
عبد الله بن سبرة عن جده أبي سبرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بوضوء
ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه مختصر
54

حديث يشكل على أحاديث التسمية أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر عن المهاجر بن قنفذ
قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فسلمت عليه فلم يرد علي فلما فرغ قال إنه
لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع الأول من القسم الرابع عن بن خزيمة بسنده ورواه الحاكم في
المستدرك وقال إنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى والجواب
عنه من وجهين أحدهما أنه معلول والآخر أنه معارض أما كونه معلولا فقال
ابن دقيق العيد في الامام سعيد بن أبي عروبة قد اختلط بآخره فيراعى فيه سماع
من سمع منه قبل الاختلاط قال بن عدي قال أحمد بن حنبل يزيد بن زريع
سمع منه قديما قال وقد رواه النسائي من حديث شعبة عن قتادة به وليس فيه إنه لم
يمنعني إلى آخره ورواه حماد بن سلمة عن حميد وغيره عن الحسن عن
المهاجر منقطعا فصار فيه ثلاث علل وروى أبو داود في سننه من حديث محمد
بن ثابت العبدي ثنا نافع قال انطلقت مع عبد الله بن عمر في حاجة إلى بن عباس
فلما قضى حاجته كان من حديثه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم في سكة من سكك المدينة وقد
خرج من غائط أو بول إذ سلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام ثم إنه ضرب بيده
الحائط فمسح وجهه مسحا ثم ضرب ضربة فمسح ذراعيه إلى المرفقين ثم كفه
وقال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على طهارة انتهى وقال النووي
في الخلاصة محمد بن ثابت العبدي ليس بالقوي عند أكثر المحدثين وقد أنكر
عليه البخاري وغيره رفع هذا الحديث وقالوا الصحيح أنه موقوف علي بن عمر
انتهى وأما كونه معارضا فروى البخاري ومسلم من حديث كريب عن ابن
55

عباس قال بت ليلة عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاضطجعت في عرض
الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طولها فنام عليه السلام حتى إذا انتصف الليل
أو قبله أو بعده بقليل استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر
الخواتيم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه
ثم قام فصلى الحديث ففي هذا ما يدل على جواز ذكر اسم الله وقراءة القرآن مع
الحدث ولكن وقع في الصحيح أنه عليه السلام تيمم لرد السلام أخرجاه عن أبي
الجهيم قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم
يرد عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام انتهى ولم
يصل مسلم بسنده به ولكنه روى من حديث الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر
أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه لم يذكر فيه التيمم
ورواه البزار في مسنده من حديث أبي بكر رجل من آل عمر بن الخطاب عن نافع
عن بن عمر في هذه القصة وقال فرد عليه السلام وقال إنما رددت عليك خشية
أن تقول سلمت عليه فلم يرد علي فإذا رأيتني هكذا فلا تسلم علي فإني لا أرد
عليك انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار ثم قال وأبو بكر
هذا فيما أعلم هو بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
روى عنه مالك وغيره لا بأس به ولكن حديث الضحاك بن عثمان أصح فإن
الضحاك أوثق من أبي بكر هذا ولعل ذلك كان في موطنين انتهى كلامه وتعقبه ابن
القطان في كتابه فقال من أين له أنه هو ولم يصرح في الحديث باسمه واسم أبيه
وجده انتهى قلت قد جاء ذلك مصرحا في مسند السراج فقا حدثنا
محمد بن إدريس ثنا عبد الله بن رجاء ثنا سعيد بن سلمة حدثني أبو بكر بن عمر بن
عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن نافع عن بن عمر فذكره وروى بن
ماجة في سننه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن
56

رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له عليه السلام إذا رأيتني
على هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك انتهى ورواه
البزار وقال فيه فلم يرد عليه وينظر في التوفيق بين هذه الأحاديث فإنها معارضة
جدا وتراجع الأصول أيضا واستدل البيهقي على عدم وجوب التسمية بما رواه
أصحاب السنن الأربعة من حديث علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن
رافع في المسئ صلاته قال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا قمت فتوضأ كما أمرك الله وفي
لفظ لهم إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه
ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله عز وجل ويحمده
ثم يقرأ من القرآن ما تيسر ثم يكبر ويسجد فيمكن وجهه أو قال جبهته من
الأرض حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده فيقيم صلبه فوصف
الصلاة هكذا أربع ركعا ت حتى فرغ لا يتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك انتهى
قال الترمذي حديث حسن
وذكر بن القطان أن يحيى بن علي بن خلاد لا يعرف له حال وأبوه على ثقة
وجده يحيى بن خلاد أخرج له البخاري قال البيهقي احتج أصحابنا بهذا الحديث
في نفي وجوب التسمية وحديث المسئ صلاته في الصحيحين عن أبي هريرة
وليس فيه هذا اللفظ وإنما فيه إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك
من القرآن الحديث قال واحتجوا أيضا بحديث يحيى بن هاشم السمسار ثنا
الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله فإن لم يذكر اسم
الله على طهوره لم يطهر إلا ما مر عليه الماء قال وهذا ضعيف لا أعلم رواه عن
الأعمش غير يحيى بن هاشم وهو متروك الحديث ورماه بن عدي بالوضع ثم
أخرج نحوه عن أبي هريرة وعن بن عمر وضعفهما قال بن الجوزي في
التحقيق وربما قال الخصم في هذا الحديث إنه حجة له لأنه حكم بطهارة الأعضاء
مع عدم التسمية قال وجوابه أنا نقول البدن محدث بدليل أنه لا يجوز له مس
57

المصحف بصدره ومع بقاء الحدث في بعض البدن لا تصح الصلاة وقال في الامام
واستدل على وجوب التسمية بما رواه معمر عن ثابت وقتادة عن أنس قال طلب
بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء
فوضع يده في الماء وقال توضؤوا باسم الله قال فرأيت الماء يخرج من بين
أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم قال قلت لانس كم تراهم قال نحو من
سبعين انتهى رواه بن خزيمة والنسائي والدارقطني ثم البيهقي وقال هذا
أصح ما في التسمية وأصل الحديث عن أنس متفق عليه وإنما المقصود برواية معمر
هذه اللفظة التي ذكر فيها التسمية والحديث ليس فيه حجة فتأمله والنسائي
والبيهقي بوبا عليه باب التسمية عند الوضوء ومما استدل به من السنة على أن
الوضوء لا يجب قبل وقت الصلاة ما رواه أبو داود والترمذي في كتاب الأطعمة
والنسائي في الطهارة من حديث عبد الله بن أبي مليكة عن بن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه طعام فقالوا ألا نأتيك بوضوء قال إنما أمرت
بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه
بن خزيمة في صحيحه والحديث عند مسلم من رواية سعيد بن الحويرث عن بن عباس
لكن بغير لفظة إنما المفيدة للمطلوب من الحديث وبها استدل بن خزيمة على ذلك
ورواه البيهقي في سننه من طريق أبي داود بلفظة إنما
الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على السواك قلت فيه أحاديث
فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من
الليل يشوص فاه بالسواك انتهى وفي لفظ إذا قام ليتهجد
حديث آخر روى مسلم من حديث شريح عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
دخل بيته بدأ بالسواك انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستيقظ من ليل أو نهار إلا تسوك قبل أن يتوضأ
انتهى
58

حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد
بن جبير عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين ثم
ينصرف فيستاك انتهى
حديث آخر رواه أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم
حدثنا محمد بن مهران القرشي حدثني جدي أبو المليح عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
لا ينام إلا والسواك عنده فإذا استيقظ بدأ بالسواك
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن صالح بن أبي صالح عن زيد بن
خالد الجهني قال ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشئ من الصلوات حتى
يستاك انتهى
حديث آخر يدل على محافظته عليه السلام على السواك وهو أنه فعله عليه
السلام حتى عند وفاته كما رواه البخاري في آخر كتاب المغازي من حديث القاسم
عن عائشة قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى
صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره
فأخذت السواك فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به فما رأيته
عليه السلام استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو
إصبعه ثم قال في الرفيق الاعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين
حاقنتي وذاقنتي انتهى
رضي الله تعالى عنه أحاديث الامر بالسواك روى الأئمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة
وقال مسلم عند كل صلاة انتهى وعند النسائي في رواية عند كل
وضوء قال بن دقيق العيد في الامام ورواها بن خزيمة في صحيحه وفي
الخلاصة وصححها الحاكم وذكرها البخاري في صحيحه تعليقا في كتاب
الصوم
59

حديث آخر رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد
الجهني مرفوعا لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة قال أبو
سلمة فرأيت زيدا يجلس في المسجد وأن السواك من أذنه موضع القلم من أذن
الكاتب وكلما قام إلى الصلاة استاك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
قال البيهقي وقد أسند آخر هذا الحديث من جهة محمد بن إسحاق ثم أخرجه من
طريق بن إسحاق عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال كان السواك من أذن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب انتهى قال البيهقي رواه عن بن إسحاق سفيان
ولم يروه عن سفيان إلا يحيى بن اليمان ويحيى بن اليمان ليس بالقوي عندهم ويشبه
أن يكون وهم من حديث زيد بن خالد إلى هذا والله أعلم
الحديث الخامس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند فقد السواك يعالج بالإصبع قلت
حديث غريب وروى ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم قال البيهقي في سننه باب وقد ورد في
الاستياك بالإصبع حديث ضعيف ثم أخرج عن عيسى بن شعيب عن عبد الحكم
القسملي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجزئ من السواك الأصابع انتهى ثم
أخرجه عن عيسى بن شعيب عن بن المثنى عن النضر بن أنس عن أبيه فذكره وقال
تفرد عيسى بالاسنادين جميعا انتهى وقال بن عدي بعد أن روى الأول سمعت
بن حماد يقول قال البخاري عبد الحكم القسملي البصري عن أنس وعن أبي
الصديق منكر الحديث انتهى ثم أخرجه البيهقي عن عبد الله بن المثنى عن النضر بن
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تجري الأصابع مجرى السواك انتهى ثم قال المحفوظ
عن بن المثنى أنه قال حدثني بعض أهل بيتي عن أنس بن مالك أن رجلا من الأنصار
من بني عمرو بن عوف قال يا رسول الله إنك رغبتنا في السواك فهل دون ذلك من
شئ قال إصبعك سواك عند وضوئك تمر بها على أسنانك إنه لا علم لمن لا نية
له ولا أجر لمن لا حسبة له انتهى وأخرجه أيضا عن أبي أمية الطرسوسي ثنا عبد الله
60

بن عمر الحمال ثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإصبع يجزئ من السواك انتهى
حديث آخر في المعنى رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
الحسن بن قتيبة ثنا محمد بن أبي السري ثنا الوليد بن مسلم ثنا عيسى بن عبد الله
الأنصاري عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت قلت يا رسول الله الرجل
يذهب فوه يستاك قال نعم قلت كيف يصنع قال يدخل إصبعه في فيه
انتهى وقال لا يروى عن عائشة إلا بهذا الاسناد انتهى
الحديث السادس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المضمضة والاستنشاق أنه فعلهما عن
المواظبة قلت الذين رووا صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عشرون نفرا عبد الله
بن زيد بن عاصم وعثمان بن عفان وابن عباس والمغيرة بن شعبة وعلي بن أبي
طالب والمقدام معدي كرب والربيع بنت معوذ وأبو مالك الأشعري وأبو
هريرة وأبو بكرة ووائل بن حجر ونفير أبو جبير الكندي وأبو أمامة وعائشة
وأنس وكعب بن عمرو اليمامي وأبو أيوب الأنصاري و عبد الله بن أبي أوفى
والبراء بن عازب وأبو كاهل وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق
أما حديث عبد الله بن زيد فرواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث مالك
عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله
بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثا ثم أدخل يده في التور فمضمض
واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثا
ويديه إلى المرفقين مرتين ثم أدخل يده في التور فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة
واحدة ثم غسل رجليه انتهى ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى كما رواه مالك
إلا سفيان بن عيينة فإنه رواه عنه وقال فيه عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو
61

وهم وإنما هو عبد الله بن زيد بن عاصم وأما بن عبد ربه فهو راوي حديث الاذان
ووهم فيه أيضا وهما آخر فقال فيه ومسح رأسه مرتين قال بن عبد البر لم يقل
فيه مرتين غير بن عيينة ورواه مالك ووهيب وسليمان ببلال وخالد الواسطي
وغيرهم فكلهم قالوا فأقبل بهما وأدبر وكأنه والله أعلم تأول قوله فأقبل بهما
وأدبر فجعلهما مرتين والله أعلم انتهى
وأما حديث عثمان بن عفان فرواه البخاري ومسلم من حديث حمران مولى
عثمان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث
مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا
ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه البخاري من حديث عطاء بن يسار عنه أنه توضأ
فغسل وجهه أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق ثم اخذ غرفة من ماء
فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه ثم أخذ غرفة من ماء
فغسل بها يده اليمنى ثم أخذ بغرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى ثم مسح برأسه
ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها ثم أخذ غرفة أخرى
فغسل بها يعنى رجله اليسرى ثم قال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ انتهى
وأما حديث المغيرة بن شعبة فرواه البخار أيضا في كتاب اللباس في باب
من لبس جبة ضيقة الكمين وفيه المضمضة والاستنشاق
وأما حديث علي بن أبي طالب فرواه أصحاب السنن الأربعة من حديث
عبد خير عنه أنه أتى بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الاناء على يمينه فغسل يديه
ثلاثا ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا وغسل يده اليمنى ثلاثا
وغسل يده الشمال ثلاثا ثم جعل يده في الاناء فمسح برأسه مرة واحدة ثم غسل
رجله اليمنى ثلاثا ورجله الشمال ثلاثا ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فهو هذا انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا
وأما حديث المقدام بن معدي كرب فرواه أبو داود من رواية عبد الرحمن
بن ميسرة عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا ثم
62

تمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثالثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ثم مسح
برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما انتهى قال بان دقيق العيد في الإمام قال علي
بن المديني عبد الرحمن بن ميسرة مجهول لم يرو عنه غير حريز انتهى
وأما حديث الربيع بنت معوذ فرواه أبو داود أيضا قالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأتينا فحدثت أنه قال لها اسكبي لي وضوء فذكرت صفة وضوئه عليه
السلام قالت فيه فغسل كفيه ثلاثا ووضأ وجهه ثلاثا ومضمض واستنشق مرة ووضأ يديه ثلاثا
ثلاثا ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما
وبطونهما ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا انتهى
وأما حديث أبي مالك الأشعري فرواه عبد الرزاق في مصنفه أنبأ معمر عن
قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري واسمه
حارث أنه قال هلموا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بجفنة من ماء
فغسل يديه ثلاثا ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ومسح برأسه
وأذنيه وغسل قدميه ثم صلى الظهر فقرأ بفاتحة الكتاب وكبر ثنتين وعشرين
تكبيرة انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وكذلك رواه
أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم
وأما حديث عائشة فرواه النسائي في سننه الكبرى من حديث سالم يعني
سبلان عن عائشة أنها أرته كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فتمضمضت
واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت
يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم
مرت بيديها بأذنيها قال سالم كنت آتيها مكانها فأجلس بين يديها فتتحدث معي
حتى جئتها يوما فقلت يا أم المؤمنين أدعو لي بالبركة قالت وما ذاك
63

قلت أعتقني الله قالت بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني فلم أرها
بعد ذلك اليوم انتهى
وأما حديث أبي بكرة فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الرحمن بن
بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه أبي بكرة قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل يديه ثلاثا ومضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا
وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم مسح برأسه وغسل رجليه مختصر قال البزار
و عبد الرحمن بن صالح
وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد في مسنده من حديث عطاء عنه ورواه
الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن بكار ثنا حفص بن عمر الحوضي ثنا
همام عن عامر الأحول عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض
ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه وغسل يديه ثلاثا ومسح برأسه وغسل
قدميه انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ثنا محمد بن بكار ثنا أبو معشر
عن سعيد عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرت الصلاة
قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فغسل يديه ثم مضمض واستنثر وغسل وجهه ثلاثا
ويديه ثلاثا ومسح برأسه وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم نضح تحت ثوبه ثم قال
هكذا إسباغ الوضوء انتهى
وأما حديث وائل بن حجر فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الجبار بن
وائل عنه قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بإناء فأكفأ على يمينه ثلاثا ثم غمس يمينه في
الماء فغسل بها ذراعه اليمنى حتى جاوز المرفق ثلاثا ثم غسل يساره بيمينه حتى جاوز
المرفق ثلاثا ثم مسح على رأسه ثلاثا وظاهر أذنيه ثلاثا وظاهر رقبته وأظنه قال
وظاهر لحيته ثلاثا ثم غسل بيمينه قدمه اليمنى وفصل بين أصابعه أو قال خلل بين
أصابع ورفع الماء حتى جاوز الكعب ثم رفعه في الساق ثم فعل باليسرى مثل
ذلك ثم أخذ حفنة من ماء فملا بها يده ثم وضعها على رأسه حتى انحدر
الماء من جوانبه وقال هذا تمام الوضوء ولم أره تنشف بثوب انتهى قال في
64

الامام يرويه محمد بن حجر بن عبد الجبار وقال البخاري فيه نظر انتهى
وأما حديث جبير بن نفير فرواه بن حبان في صحيحه من حديث معاوية بن
صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه جبير بن نفير أنه قدم على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له عليه السلام بوضوء وقال: توضأ يا أبا جبير فبدأ بفيه
فقال عليه السلام يا أبا جبير لا تبدأ بفيك فإن الكافر يبدأ بفيه ثم دعا عليه السلام
بوضوء فغسل يديه حتى أنقاهما ثم تمضمض واستنشق ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم
غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ثم مسح
رأسه وغسل رجليه انتهى ورواه البيهقي في سننه فلم يقل فيه عن نفير
وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إنه سقط منه عن جده نفير ويراجع بن
حبان
وأما حديث أبي أمامة فرواه أحمد في مسنده أيضا
وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني في سننه عن معلى بن أسد ثنا أيوب بن
عبد الله أبو خالد القرشي قال رأيت الحسن البصري دعا بوضوء
فجئ بكوز من ماء فصب في تور فغسل يده ثلاث مرات ومضمض ثلاث مرات واستنشق ثلاث
مرات وغسل وجهه ثلاث مرات وغسل يديه إلى المرفقين
ثلاث مرات ومسح رأسه وأذنيه وخلل لحيته وغسل رجليه إلى الكعبين ثم قال
حدثني أنس بن مالك أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وأما حديث كعب بن عمرو اليمامي فرواه أبو داود في سننه من حديث ليث
بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره فرأيته يفصل بين المضمضة
65

والاستنشاق انتهى وسكت عنه ثم المنذري بعده ورواه الطبراني في معجمه
ولفظه فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وسيأتي قريبا
وأما حديث أبي أيوب فرواه الطبراني في معجمه وإسحاق بن راهويه في
مسنده من حديث واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ تمضمض واستنشق وأدخل أصابعه من تحت لحيته فخللها
انتهى وبقية إسناد الطبراني حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا سعيد بن يحيى
الأموي حدثني أبي عن واصل به
وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن يزيد بن
هارون أنا أبو الورقاء فائد بن عبد الرحمن عن بن أبي أوفى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فغسل يديه ثلاثا ثم مضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح
برأسه وأذنيه وغسل رجليه انتهى ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد
من حديث محمد بن ميمون الزعفراني في ترجمته عن أبي الورقاء به وقال محمد
بن ميمون ثقة انتهى
وأما حديث البراء بن عازب فرواه أحمد أيضا في مسنده عنه أنه قال لبنيه
اجتمعوا فلأريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وكيف كان يصلي فإني
لا أدري ما قدر صحبتي إياكم فجمع بنيه وأهله ودعا بوضوء فمضمض واستنشق
وغسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا ثم مسح رأسه وأذنيه
ظاهرهما وباطنهما وغسل رجله اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ثم قال هكذا ما
ألوت أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ مختصر
66

وأما حديث أبي كاهل فرواه الطبراني في معجمه من حديث الهيثم بن حماد
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كاهل واسمه قيس بن عائد قال مررت برسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال أدن مني أريك كيف تتوضأ للصلاة فقلت يا رسول الله لقد
أعطانا الله بك خيرا كثيرا فغسل يده ثلاثا وتمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا وغسل
وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه ثلاثا ومسح رأسه ولم يوقت وغسل رجليه ولم
يوقت ثم قال يا أبا كاهل ضع الطهور منك مواضعه وابق فضل طهورك لأهلك
ولا تشقن على خادمك انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بالهيثم ونقل
عن يحيى بن معين أنه ضعفه وعن أحمد أنه قال منكر الحديث انتهى وهذه
الأحاديث في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم أجد في شئ منها ذكر التسمية ولكنها
في حديث ضعيف أخرجه الدارقطني في سنن عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهروا سمى الله قال أبو بدر
كان يقوم إلى الوضوء فيسمي الله عز وجل ثم يفرغ الماء على يديه انتهى
وأما حديث عبد الله بن أنيس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي
بن سعيد الداري ثنا أبو كريب ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن عبد الله
قال حدثني عبد الرحمن بن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي قال دخلنا على عبد الله
بن أنيس فقال ألا أريكم كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف صلى قلنا بلى
فغسل يديه ثلاثا ثلاثا ومضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه إلى
المرفقين ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه مقبلا ومدبرا ومس أذنيه وغسل رجليه ثلاثا
ثلاثا وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى انتهى قال الطبراني
لا يروى عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الاسناد انتهى
أحاديث الامر بالمضمضة والاستنشاق
قال في الإمام قال بن عبد البر أما لفظ الاستنشاق فلا يكاد يوجد الامر به
67

إلا في رواية همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليستنشق
بمنخريه من الماء ثم لينثر أخرجه مسلم وفي حديث لقيط بن صبرة قال له النبي
صلى الله عليه وسلم أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما
أخرجه الأربعة في سننهم قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجه بن
خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وفي رواية لأبي
داود عن لقيط بهذا الحديث إذا توضأت فمضمض انتهى ورواه أبو البشر
الدولابي في جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري فذكر فيه المضمضة
والاستنشاق فقال حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان الثوري
عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعا
أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون
صائما انتهى وذكره بن القطان في كتابه الوهم والايهام بسنده المذكور ثم قال
وهذا سند صحيح وابن مهدي أحفظ من وكيع فإن وكيعا رواه عن الثوري
لم يذكر فيه المضمضة انتهى كلامه
وحديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن هدبة بن خالد عن حماد بن
سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمضمضة والاستنشاق
انتهى وقال رواه مرة أخرى فأرسله لم يقل فيه عن أبي هريرة وأظنه هدبة
أرسله مرة ووصله أخرى وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله وخالفهما إبراهيم
بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن بن
عباس بدل أبي هريرة ولم يثبت ثم أخرج عن عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن
المبارك عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه وفي لفظ
من الوضوء الذي لا يتم الصلاة إلا به ثم أسند عن الدارقطني أنه قال تفرد به عصام
ووهم فيه والصواب عن بن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم
أخرجه الدارقطني كذلك قال والمرسل أصح هكذا رواه السفيانان وغيرهما
68

انتهى كلامه
الحديث السابع حكى عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا
أخذ في كل مرة ماءا جديدا قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين
بن إسحاق التستري ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو سلمة الكندي ثنا ليث بن أبي سليم
حدثني طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليمامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا وغسل وجهه
ثلاثا فلما مسح رأسه قال هكذا وأومأ بيده من مقدم رأسه حتى بلغ بهما إلى
أسف عنقه من قبل قفاه انتهى
والحديث رواه أبو داود في سننه لكنه ليس صريحا في المقصود وبوب عليه
باب الفرق بين المضمضة والاستنشاق ثم أسند عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه
عن جده قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على
صدره فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق انتهى وسكت عنه أبو داود ثم
المنذري بعده في المختصر وفي المحيط من كتب أصحابنا قال هكذا حكاه
علي وعثمان من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك نقله الغزالي في الوسيط وتعقبه
بن الصلاح في مشكلات الوسيط فقال وهذا لا يعرف عن علي ولا عثمان بل عن
علي خلافه أنه عليه السلام تمضمض واستنشق بماء واحد رواه أبو داود وإنما احتج
القائلون بالفصل بين المضمضة والاستنشاق بحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده
فذكره بلفظ أبي داود انتهى وقال البيهقي في سننه أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا عباس بن محمد الدوري قال قلت ليحيى بن
معين طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأى جده النبي صلى الله عليه وسلم فقال يحيى المحدثون
69

يقولون إنه رآه وأهل بيت طلحة يقولون ليست له صحبة وقال في المعرفة
كان عبد الرحمن بن مهدي يقول جده اسمه عمرو بن كعب وله صحبة انتهى
قلت ويدل على أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا يزيد
بن هارون عن عثمان بن مقسم البري عن ليث عن طلحة بن مصرف الايامي عن أبيه عن
جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه هكذا ووصف فمسح مقدم رأسه
وجر يديه إلى قفاه انتهى بحروفه
الحديث الثامن قال عليه السلام الأذنان من الرأس قلت روى من حديث
أبي أمامة و عبد الله بن زيد وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى وأنس وابن عمر
وعائشة
فحديث أبي أمامة رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث حماد بن زيد
عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه
ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وقال الأذنان من الرأس انتهى ولفظ بن ماجة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس وكان يمسح
الماقين انتهى قال أبو داود والترمذي قال قتيبة قال حماد لا أدري هذا من قول
النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة يعني حديث الاذنين وقال الترمذي رضي الله تعالى عنها حديث ليس
إسناده بذاك القائم ورواه الدارقطني في سننه وقال رفعه وهم وشهر بن
حوشب ليس بالقوي وقد وقفه سليمان بن حرب وهو ثقة ثم أخرجه عن
سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد به وفيه وقال أبو أمامة الأذنان من الرأس
ورواه الطحاوي في شرح الآثار بالاسناد الأول ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح اذنيه مع
الرأس وقال الأذنان من الرأس انتهى وقال بن دقيق العيد في الامام وهذا
الحديث معلول بوجهين أحدهما الكلام في شهر بن حوشب والثاني الشك في
70

رفعه ولكن شهر وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة وسنان بن ربيعة اخرج
له البخاري وهو وإن كان قد لين فقال بن عدي أرجو انه لا بأس به وقال بن معين
ليس بالقوي فالحديث عندنا حسن والله أعلم انتهى كلامه وقال بن القطان في
كتاب الوهم والايهام شهر بن حوشب ضعفه قوم ووثقه آخرون وممن وثقه بن
حنبل وابن معين وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم ليس هو بدون أبي الزبير
وغير هؤلاء يضعفه قال ولا اعرف لمضعفه حجة واما ما ذكروه عنه من تزييه بزي
الجند وسماعه الغناء بالآلات واخذه الخريطة من المغنم فهو اما انه لا يصح عنه وإما
انه خارج على مخرج لا يضره وخبر الخريطة إنما هو لقول شاعر كذب عليه حكى
ان شهر بن حوشب كان على بيت المال فأخذ خريطة فيها دراهم فقال فيه الشاعر
لقد باع شهر دينه بخريطة فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
انتهى كلامه قلت وقد صحح الترمذي في كتابه حديث شهر بن حوشب
عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم لف على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءا وقال هؤلاء
أهل بيتي ثم قال هذا حديث حسن صحيح انتهى وقال البيهقي في سننه
حديث الأذنان من الرأس أشهر إسناد فيه حديث حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة
عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة وكان حماد يشك في رفعه في رواية قتيبة عنه
فيقول لا أدري من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة، وكان سليمان بن حرب يرويه
عن حماد ويقول هو من قول أبي أمامة انتهى قلت: قد اختلف فيه على حماد
فوقفه بن حرب عنه ورفعه أبو الربيع واختلف أيضا على مسدد عن حماد فروى
عنه الرفع وروى عنه الوقف وإذا رفع ثقة حديثا ووقفه آخر أو فعلهما شخص
واحد في وقتين ترجح الرافع لأنه اتى بزيادة ويجوز ان يسمع الرجل حديثا فيفتي
به في وقت ويرفعه في وقت آخر وهذا أولى من تغليط الراوي والله أعلم
واما حديث عبد الله بن زيد فأخرجه بن ماجة في سننه عن سويد بن سعيد
ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس انتهى وهذا أمثل إسناد
في الباب لاتصاله وثقة رواته فابن أبي زائدة وشعبة وعباد احتج بهم الشيخان وحبيب
71

ذكره بن حبان في الثقات في اتباع التابعين وسويد بن سعيد احتج به مسلم والله أعلم
واما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني عن أبي كامل الجحدري ثنا غندر
محمد بن جعفر عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الأذنان من
الرأس انتهى قال بن القطان إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته قال وأعله
الدارقطني بالاضطراب في إسناده وقال إن إسناده وهم وإنما هو مرسل ثم أخرجه
عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وتبعه عبد الحق في ذلك
وقال إن بن جريج الذي دار الحديث عليه يروى عنه عن سليمان بن موسى عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرسلا قال وهذا ليس يقدح فيه وما يمنع ان يكون فيه حديثان مسند ومرسل
انتهى فانظر كيف اعرض البيهقي عن حديث عبد الله بن زيد وحديث بن
عباس هذين واشتغل بحديث أبي أمامة وزعم أن إسناده أشهر إسناد لهذا الحديث
وترك هذين الحديثين وهما أمثل منه ومن هنا يظهر تحامله والله أعلم
اما حديث أبي هريرة فرواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يحيى ثنا
عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه ثم قال عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان ثم
أخرجه عن البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال والبختري ضعيف وأبوه
مجهول ثم أخرجه عن علي بن هاشم عن إسماعيل بن مسلم المكي عن عطاء عن أبي
هريرة قال وإسماعيل بن مسلم ضعيف انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء
بهذا الاسناد وأعله بعلي بن هاشم وقال إنه كان غاليا في التشيع منكر ضعيف
الحديث مع ما يقلب من الأسانيد انتهى
72

واما حديث أبي موسى فرواه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه
من حديث أشعث بن سوار عن الحسن عن أبي موسى مرفوعا نحوه قال الدارقطني
والحسن لم يسمع من أبي موسى والصواب موقوف ثم أخرجه موقوفا ورواه
العقيلي في كتابه وأعله بأشعث وقال ضعيف ولا يتابع عليه ومشاه بن عدي
فقال لم أجد له حديثا منكرا ولكنه يخالف فبعض أحاديثه وغيره يروى هذا
الحديث موقوفا وبالجملة فهو ممن يكتب حديثه انتهى
واما حديث بن عمر فرواه الدارقطني من طرق أحدها عن أسامة بن زيد
عن نافع عن بن عمر مرفوعا قال وهذا وهم والصواب عن أسامة بن زيد عن هلال بن
أسامة الفهري عن بن عمر موقوفا ثم أخرجه كذلك الثانية عن القاسم بن يحيى بن
يونس البزاز ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر قال
والقاسم بن يحيى هذا ضعيف وصوابه موقوف الثالثة عن عبد الرزاق عن عبيد الله
عن نافع عن بن عمر قال وهذا وهم من وجهين أحدهما قوله عبيد الله والثاني
رفعه وإنما رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر موقوفا ثم
أخرجه كذلك الرابعة عن محمد بن الفضل عن زيد العمي عن مجاهد عن بن عمر
قال ومحمد بن الفضل متروك انتهى
واما حديث أنس فأخرجه الدارقطني عن عفان بن سيار ثنا عبد الحكم عن أنس
بن مالك مرفوعا نحوه ثم قال وعبد الحكم لا يحتج به انتهى
واما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني أيضا عن بن جريج عن سليمان بن موسى
عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا نحوه قال والمرسل أصح يعني عن بن
جريج عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم قلت وفي سنده محمد بن
الأزهر كذبه أحمد بن حنبل وضعفه الدارقطني
73

ولأصحابنا أحاديث من فعله عليه السلام فأمثلها حديث أخرجه النسائي
عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرف
غرفة فتمضمض واستنشق ثم غرف غرفة فغسل وجهه ثم غرف غرفة فغسل يده
اليمنى ثم غرف غرفة فغسل يده اليسرى ثم مسح برأسه واذنيه باطنهما
بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى ثم غرف غرفة
فغسل رجله اليسرى انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
ولفظهما قال الا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وفيه ثم غرف غرفة
فمسح بها رأسه واذنيه قال في الامام وأخرجه بن خزيمة وابن منده في صحيحيهما
انتهى ورواه البيهقي في سننه في آخر باب مسح الرأس ولفظه فيه قال ثم قبض
قبضة من الماء فنفض يده ثم مسح بها رأسه واذنيه وهذا الحديث رواه البخاري في
صحيحه لكنه لم يذكر فيه مسح الاذنين فلذلك بوب عليه النسائي باب مسح
الاذنين مع الرأس وما يدل على أنهما من الرأس انتهى
وأخرجه أبو داود في سننه عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد
بن منصور عن بن عباس انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فذكر الحديث كله ثلاثا
ثلاثا وقال فيه ومسح برأسه واذنيه مسحة واحدة انتهى الا ان عباد بن منصور
فيه شئ
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عبد الله بن محمد بن عقيل ان الربيع بنت
ت معوذ بن عفراء أخبرته انها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت فمسح رأسه ما أقبل
منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة انتهى ورواه الطبراني في معجمه
ولفظه فيه ومسح اذنيه مع مؤخر رأسه الا ان بن عقيل أيضا فيه شئ والله أعلم
حديث آخر استدل به بن عبد البر في كتاب التمهيد لأبي حنيفة رواه مالك
في الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي ان رسول الله
74

صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه وذكر الحديث
وفيه فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من اذنيه إلى آخره
كما قال في الوجه من أشفار عينيه وفي اليدين من تحت أظفاره انتهى
ومن طريق مالك رواه النسائي وابن ماجة قال عبد الحق في احكامه و عبد الله
الصنابحي لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم ويقال أبو عبد الله وهو الصواب واسمه عبد الرحمن
بن عسيلة انتهى
حديث تجديد الماء للأذنين رواه الحاكم في المستدرك من حديث حبان بن
واسع ان أباه حدثه انه سمع عبد الله بن زيد يذكر انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ
لأذنيه ماء خلاف الماء الذي اخذه لرأسه انتهى وقال حديث صحيح على شرط
مسلم انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في سننه بسنده ومتنه ثم قال إسناده
صحيح انتهى وذكره عبد الحق في احكامه وقال هذا حديث رواه الحاكم في
كتابه علوم الحديث وهذا عجز منه وتقصير فقد رواه في المستدرك وصححه
كما ذكرناه والله أعلم قال عبد الحق وقد ورد الامر بتجديد الماء للأذنين من
حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو إسناد ضعيف انتهى وتعقبه بن
القطان في كتاب الوهم والايهام وقال إن هذا حديث لا يوجد أصلا لا بسند
ضعيف ولا بصحيح قال وهو ليعزه إلى موضع فيتحاكم إليه قال وكأنه اختلط
عليه بحديث نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خذوا
للرأس ماءا حديدا واما الامر بتجديد الماء للأذنين فلا وجود له في علمي انتهى
وحديث نمران الذي أشار إليه بن القطان رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد
بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أسد بن عمرو عن دهثم عن نمران بن
جاريه بن ظفر الحنفي عن أبيه فذكره
حديث آخر رواه مالك في الموطأ من رواية يحيى بن بكير عنه عن نافع عن بن
عمر انه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه انتهى ومن طريق مالك رواه البيهقي
75

ولفظه كان يعيد أصبعيه في الماء فيمسح بهما اذنيه انتهى وما ذهب إليه أصحابنا
أولى لكثرة رواته وتعدد طرقه والتجديد إنما وقع بيانا للجواز
ومما استدل به على أن الاذنين من الوجه حديث علي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى
الصلاة قال وجهت وجهي إلى آخره وفيه سجد وجهي للذي خلقه وصوره
وشق سمعه وبصره أخرجه مسلم وأخرجه أصحاب السنن عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول في سجود القرآن سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره
زاد الحاكم فتبارك الله أحسن الخالقين وقال هذه الزيادة صحيحة على شرط
الشيخين وبهذا الحديث وحديث الأذنان من الرأس عمل بن شريح وكان يغسلهما
مع الوجه ويمسحهما مع الرأس فيجعل ما اقبل منهما من الوجه وما ادبر من الرأس
حديث في صفة مسحهما روى بن ماجة في سننه أخبرنا أبو بكر بن أبي
شيبة عن عبد الله بن إدريس عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن
عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح لأذنيه فأدخلهما السبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر اذنيه فمسح
ظاهرهما وباطنهما انتهى قال في الامام وهذا إسناد صحيح انتهى وتقدم
قريبا من حديث بن عباس ثم مسح برأسه واذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما
بإبهاميه رواه النسائي
الحديث التاسع روى في تخليل اللحية انه عليه السلام امره جبرائيل بذلك قلت
رواه بن أبي شيبة في مصنفه في باب الأحاديث المخالفة لمذهب أبي حنيفة فقال
حدثنا وكيع ثنا الهيثم بن حماد عن يزيد بن أبان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاني
جبرائيل فقال إذا توضأت فخلل لحيتك انتهى ورواه بن عدي في الكامل
ولفظه قال جاءني جبرائيل فقال لي يا محمد خلل لحيتك بالماء عند الطهور
انتهى وأعله بالهيثم بن حماد وأسند تضعيفه عن أحمد بن حنبل وابن معين
76

والسعدي ووافقهم وقد تقدم ذكره في حديث أبي كاهل من أحاديث المضمضة
والاستنشاق ويقرب منه ما أخرجه أبو داود في سننه عن الوليد بن زروان عن أنس
بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ اخذ كفا من ماء فادخله تحت حنكه فخلل به
لحيته وقال هكذا أمرني ربي انتهى وسكت عنه ثم المنذري بعده قال في
الامام والوليد بن زروان روى عنه جماعة وقول بن القطان انه مجهول هو
على طريقته في طلب زيادة التعديل مع رواية جماعة عن الراوي انتهى كلامه
الأحاديث الواردة في تخليل اللحية
روى تخليل اللحية عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة عثمان بن عفان وأنس بن
مالك وعمار بن ياسر وابن عباس وعائشة وأبو أيوب وابن عمر وأبو امامة و عبد الله
بن أبي أوفى وأبو الدرداء وكعب بن عمرو وأبو بكرة وجابر بن عبد الله وأم سلمة
وكلها مدخولة وأمثلها حديث عثمان رواه الترمذي وابن ماجة من حديث عامر بن
شقيق الأسدي عن أبي وائل عن عثمان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته وقال
الترمذي انه عليه السلام توضأ وخلل لحيته وقال حديث حسن صحيح قال محمد
بن إسماعيل يعني البخاري أصح شئ في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن
أبي وائل عن عثمان انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
وقال صحيح الاسناد وقد احتجا يعني البخاري ومسلما بجميع رواته غير عامر
بن شقيق قال ولا اعلم في عامر طعنا بوجه من الوجوه وله شاهد صحيح عن عمار
بن ياسر وأنس وعائشة ثم أخرج أحاديثهم الثلاثة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل
لحيته وزاد في حديث أنس وقال بهذا أمرني ربي وتعقبه شيخنا العلامة
شمس الدين الذهبي في مختصره وقال إن عامر بن شقيق ضعفه بن معين
انتهى وكذلك قال الشيخ تقي الدين قال بن معين عامر بن شقيق ضعيف
77

الحديث وقال أبو حاتم ليس بالقوي قال وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في
الوضوء من عدة طرق وليس في شئ منها ذكر التخليل والله أعلم انتهى وقال
الترمذي في علله الكبير قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري أصح شئ عندي
في التخليل حديث عثمان وهو حديث حسن انتهى
وأما حديث عمار بن ياسر فرواه الترمذي وابن ماجة حدثنا محمد بن أبي
عمر العدني ثنا سفيان عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن حسان بن بلال عن عمار بن
ياسر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته انتهى قال الترمذي سمعت إسحاق
بن منصور يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول قال بن عيينة لم يسمع عبد الكريم
من حسان بن بلال حديث التخليل انتهى ثم أخرجه الترمذي وابن ماجة حدثنا بن
أبي عمر عن سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن
ياسر فذكره وينظر سند الحاكم والطبراني
وأما حديث أنس فرواه بن ماجة في سننه من حديث يزيد الرقاشي عن أنس
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته ورواه البزار في مسنده حدثنا روح
بن حاتم ثنا معلى بن أسد ثنا أيوب بن عبد الله عن الحسن عن أنس ولفظه رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يخلل لحيته قال وأيوب بن عبد الله بصري لا نعلم
حدث عنه إلا معلى بن أسد ورواه الحاكم
وأما حديث أبي أيوب فرواه بن ماجة أيضا من حديث واصل بن السائب
الرقاشي عن أبي سورة عن أبي أيوب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته
انتهى وواصل بن السائب قال فيه البخاري وأبو حاتم منكر الحديث وقال
النسائي متروك الحديث
وأما حديث بن عمر فرواه بن ماجة أيضا حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد
بن حبيب ثنا الأوزاعي ثنا عبد الواحد بن قيس حدثني نافع عن بن عمر قال كان
78

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها
انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن
إسماعيل الوساوسي البصري ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز عن عطاء عن بن
عباس قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فغسل يديه ومضمض واستنشق
ثلاثا ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وخلل لحيته وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه وأذنيه
مرتين مرتين وغسل رجليه حتى أنقاهما فقلت يا رسول الله هكذا الطهور قال
هكذا أمرني ربي انتهى
وأما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في
مصنفه والطبراني ثنا عنبسة بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا
عمر بن سليمان الباهلي عن بن غالب عن أبي أمامة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
توضأ خلل لحيته
وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى فرواه الطبراني أيضا ثنا علي بن عبد العزيز
ومحمد بن يحيى المروزي قال ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا مروان بن معاوية عن
أبي الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى أنه توضأ ثلاثا ثلاثا وخلل لحيته وقال رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا
وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني أيضا ثنا أبو سفيان بن أبي نعيم الملوحي
ثنا آدم بن أبي إياس ح ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا كامل بن طلحة الجحدري
قالا ثنا إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح الدستوي عن الحسن عن أبي الدرداء قال
توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلل لحيته يقصد وضوءه وزاد كامل ومسح رأسه يقصد
ذراعيه
79

وأما حديث كعب بن عمرو فرواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي حدثني أبي مصرف بن عمرو بن السري
بن مصرف بن كعب بن عمرو عن أبيه عن جده يبلغ به كعب بن عمرو قال رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مسح باطن لحيته وقفاه
وأما حديث أبي بكرة فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الرحمن بن
بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ
وخلل لحيته مختصر
وأما حديث جابر فرواه بن عدي في الكامل من حديث أصرم بن غياث ثنا
مقاتل بن حيان عن الحسن عن جابر قال وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا
مرتين ولا ثلاث فرأيته يخلل لحيته بأصابعه كأنها أنياب مشط انتهى وأسند عن
البخاري أنه قال أصرم بن غياث النيسابوري منكر الحديث وعن النسائي أنه قال
متروك الحديث ثم قال وهو كما قال
وأما حديث عائشة فرواه الحاكم في المستدرك وأحمد في مسنده ثنا أبو
بكر محمد ابن داود بن سليمان ثنا محمد بن أيوب ثنا هلال بن فياض ثنا عمر بن أبي
وهب عن موسى بن ثروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة قالت كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته
وأما حديث أم سلمة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن
حنبل ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أبو معاوية عن خالد بن الياس عن عبد الله بن رافع عن أم
سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله
80

بخالد بن الياس العدوي وقال إنه منكر الحديث قال بن أبي حاتم في كتاب
العلل سمعت أبي يقول لا يثبت في تخليل اللحية حديث انتهى
الحديث العاشر قال النبي صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم قبل أن تخللها نار جهنم
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الدارقطني في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم لا يتخللها الله بالنار يوم القيامة انتهى وأخرج نحوه من
حديث عائشة وفي الأول يحيى بن ميمون التمار قال بن أبي حاتم قال عمرو
بن علي كان يحيى بن ميمون كذابا حدث عن علي بن زيد بأحاديث موضوعة وفي
الثاني عمر بن قيس ولقبه سندل قال فيه أحمد وعمرو بن علي وابن أبي حاتم
متروك وأخرج الطبراني في معجمه عن العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة انتهى
أحاديث تخليل الأصابع
أمثلها حديث لقيط بن صبرة رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عاصم بن
لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأت فأسبغ الوضوء
وخلل بين الأصابع قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه فإنهما
أعرضا عن الصحابي الذي لا يروي عنه غير الواحد
حديث آخر روى الترمذي وابن ماجة من حديث صالح مولى التوأمة عن بن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك
انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب
81

حديث آخر روى أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث بن لهيعة عن يزيد بن
عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد قال رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره انتهى قال الترمذي حديث غريب
لا نعرفه إلا من حديث بن لهيعة انتهى ورواه البيهقي في كتابه بزيادة عمرو بن
الحرث وليث بن سعد مع بن لهيعة وذكره بن القطان في كتابه من طريق بن لهيعة ثم قال وابن لهيعة
ضعيف إلا أنه قد رواه غيره فصح بإسناد صحيح ثم ذكره بسند
البيهقي
الحديث الحادي عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة وقال هذا
وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من
يضاعف له الاجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من
قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم قلت غريب بجميع هذا اللفظ
وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عبد الله بن عمر وأبي بن كعب وزيد بن ثابت
وأبو هريرة وليس فيه فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم ولكنه مذكور
82

في حديث آخر سنذكره بعد ذكر هذه الأحاديث
أما حديث عبد الله بن عمر فله طرق، أمثلها ما رواه الدارقطني من حديث
المسيب بن واضح ثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال توضأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله صلاة إلا به ثم توضأ
مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف له الاجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا
وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال
هو والدارقطني تفرد به المسيب بن واضح وهو ضعيف وقال في المعرفة المسيب
بن واضح غير محتج به وقد روى هذا الحديث من أوجه كلها ضعيفة انتهى
وقال عبد الحق في أحكامه هذا الطريق من أحسن طرق هذا الحديث، ونقل عن بن
أبي حاتم أنه قال المسيب صدوق لكنه يخطئ كثيرا
طريق آخر رواه ابن ماجة في سننه من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي عن
أبيه عن معاوية بن قرة عن بن عمر قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة فقال
هذا وضوء من لا يقبل الله صلاة إلا به ثم توضأ ثنتين ثنتين وقال هذا وضوء
القدر من الوضوء وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا أسبغ الوضوء وضوئي ووضوء
خليل الله إبراهيم مختصر ورواه البيهقي في سننه والطبراني في
معجمه ولفظهما قالا دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله
الصلاة إلا به ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من أوتي أجره
مرتين ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء
من قبلي انتهى قال البيهقي هكذا رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه وخالفهما
غيرهما وليسا في الرواية بقويين انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي
عن حديث رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن بن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ البيهقي فقال أبي عبد الرحيم بن زيد متروك الحديث وأبوه
زيد ضعيف الحديث ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي وسئل أبو زرعة
83

عن هذا الحديث فقال هو عندي حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق بن عمر
انتهى ثم وجدته في معجم الطبراني الأوسط عن مرحوم بن عبد العزيز عن
عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده فذكره وقال
هكذا رواه مرحوم بن عبد العزيز عن عبد الرحيم بن زيد ورواه الجبي وغيره عن
عبد الرحيم بن زيد فقال فيه عن بن عمر ورواه بسند بن ماجة بن حبان في كتاب
الضعفاء وأعله بعبد الرحيم بن زيد العمي وأبيه وضعفهما قال في الامام وزيد
العمي مختلف فيه فضعفه النسائي وأبو زرعة وقال
الحسن بن سفيان هو ثقة وقال أحمد صالح وإنما سمي العمي لأنه كان إذا سئل قال حتى أسأل عمي انتهى
وأما حديث أبي بن كعب فرواه بن ماجة أيضا في سننه حدثنا جعفر بن
مسافر ثنا إسماعيل بن قعنب أبو بشر ثنا عبد الله بن عرادة الشيباني عن زيد بن أبي
الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا
بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وظيفة الوضوء وقال وضوء من لم
يتوضأه لم يقبل الله له صلاة ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من توضأ أعطاه الله
كفلين من الاجر ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين
قبلي انتهى وهو ضعيف قال بن معين في زيد بن أبي الحواري ليس بشئ
وقال النسائي ضعيف وقال أبو زرعة واهي الحديث وعبد الله بن عرادة قال فيه
بن معين أيضا ليس بشئ وقال البخاري منكر الحديث وقال بن حبان لا يجوز
الاحتجاج به
وأما حديث زيد بن ثابت وأبي هريرة فرواه الدارقطني في كتابه غرائب
مالك من حديث علي بن الحسن الشامي ثنا مالك بن أنس عن ربيعة عن سعيد بن
المسيب عن زيد بن ثابت وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال هذا الذي
لا يقبل الله العمل إلا به وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا يضاعف الله به الاجر
مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي انتهى
قال الدارقطني تفرد به علي بن الحسن وكان ضعيفا انتهى
والحديث الذي أشرنا إليه أولا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث
84

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف
الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه
ثلاثا ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهامه على ظاهر أذنيه
وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد
على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء وفي لفظ لابن ماجة أو
تعدى وظلم وللنسائي فقد أساء وتعدى وظلم قال الشيخ تقي الدين في
الامام وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده لصحة الاسناد إلى عمرو انتهى
قوله في الكتاب ويستوعب رأسه بالمسح هو السنة يشير إلى حديث رواه
البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن
أبيه قال شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر
الحديث وفيه ثم أدخل يده يعني في التور فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة
واحدة وقد تقدم المسح على الناصية عند مسلم فظهر أن الاستيعاب سنة قال في
الإمام قال بن مندة روى هذا الحديث عن عمرو بن يحيى جماعة لم يذكر فيه مسح
جميع الرأس إلا مالك بن أنس قال وقد رواه الطحاوي من طريق بن وهب عن
يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن
عاصم المازني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه وأنه أخذ بيده ماء فبدأ بمقدم رأسه ثم
ذهب بيديه إلى مؤخر الرأس ثم ردهما إلى مقدمه قال فقد تابع مالكا على هذه
الرواية يحيى بن عبد الله وقد أخرج له مسلم انتهى
الحديث الثاني عشر روى عن أنس رضي الله عنه أنه توضأ ثلاثا ثلاثا ومسح
برأسه مرة واحدة وقال هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت غريب من حديث أنس
85

والحديث في الصحيحين من رواية عبد الله بن زيد أنه مسح رأسه فأقبل بهما وأدبر
مرة واحدة وعز شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره إلى كتاب الامام الشيخ تقي الدين
بن دقيق العيد أنه قال رواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث أنس برواية
راشد أبي محمد الحماني قال رأيت أنس بن مالك بالزاوية فقلت أخبرني عن
وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان فإنه بلغني أنك كنت توضئه قال فدعا بوضوء فأتي
بطست وقدح فوضع بين يديه فأكفأ على يده من الماء وأنعم غسل كفيه ثم
مضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ثم أخرج يده اليمنى فغسلها ثلاثا ثم
غسل يده اليسرى ثلاثا ثم مسح برأسه مرة واحدة غير أنه أمرهما على أذنيه فمسح
عليهما انتهى وهذا لم أجده لا في الامام ولا في معجم الطبراني الوسط
ويضعفه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا إسحاق الأزرق عن أبي العلاء عن
عبادة عن أنس كان يمسح على الرأس ثلاثا يأخذ لكل مسحة ماء جديدا
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد خير عن علي بن أبي طالب
أنه أتي بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الاناء على يمينه فغسل يديه ثم تمضمض
واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا وغسل يده اليمنى ثلاثا وغسل يده الشمال ثلاثا
ثم جعل يده في الاناء فمسح برأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ورجله
الشمال ثلاثا ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا انتهى
ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أبي إسحاق عن
جدته عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ ثلاثا ثلاثا إلا المسح فإنه مرمرة انتهى
وهذا أصرح في المقصود لأصحابنا فإنه بلفظ كان المقتضية للدوام إلا أن فيه
ضعيفا
86

حديث آخر أخرجه أبو داود عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن
جبير عن بن عباس أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فذكر الحديث كله ثلاثا ثلاثا قال
ومسح برأسه وأذنيه مرة واحدة انتهى وعباد بن منصور فيه مقال
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن زيد بن الحباب عن عمرو بن عبد الرحمن
بن سعد المخزومي حدثني جدي أن عثمان بن عفان خرج في نفر من أصحابه حتى جلس
على المقاعد فدعا بوضوء فغسل يديه ثلاثا وتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل
وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة واحدة وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم
قال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ وكنت على وضوء ولكن أحببت أن أريكم كيف
توضأ النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
الحديث الثالث عشر قال المصنف والذي يروي فيه يعني مسح الرأس من
التثليث محمول عليه بماء واحد قلت في تثليث المسح أحاديث بعضها صريحة
وبعضها بالمفهوم أما الصريحة فمنها حديث عامر بن شقيق بن جمرة بالجيم والراء
عن شقيق بن سلمة قال رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه
ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا انتهى قال أبو داود ورواه وكيع عن
إسرائيل فقال توضأ ثلاثا فقط قال وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على
أن مسح الرأس مرة واحدة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا وقالوا ومسح رأسه لم
يذكروا فيه عددا انتهى وعامر بن شقيق تقدم الكلام عليه في تخليل اللحية ورواه
الدارقطني في سننه من حديث صالح بن عبد الجبار حدثنا محمد بن عبد الرحمن
بن البيلماني عن أبيه عن عثمان بن عفان أنه توضأ بالمقاعد فذكر فيه التثليث في المسح
وبقية الأعضاء قال بن القطان في كتابه صالح بن عبد الجبار لا أعرفه إلا في
87

هذا الحديث وهو مجهول الحال ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني قال الترمذي
قال البخاري منكر الحديث انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن
المثنى ثنا أبو عامر ثنا عبد الرحمن بن وردان حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن
حمران عن عثمان به قال البزار ولا نعلم روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن حمران
إلا هذا الحديث انتهى ورواه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن وردان به
و عبد الرحمن بن وردان أبو بكر الغفاري قال فيه بن معين صالح وقال بن أبي حاتم
سألت أبي عنه فقال لا بأس به طريق رابع أخرجه البيهقي في الخلافيات وأشار
إليه في السنن عن الليث بن سعد عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن عطاء بن
أبي رباح أن عثمان بن عفان أتى بوضوء فذكر الحديث قال ثم مسح برأسه ثلاثا
حتى قفاه وأذنيه قال الشيخ تقي الدين في الامام وهو منقطع فيما بين عطاء بن أبي
رباح وعثمان انتهى
وأما حديث علي فله أيضا طرق أحدها عند الدارقطني عن أبي يوسف
القاضي عن أبي حنيفة رضي الله عنه عن خالد بم علقمة عن عبد خير عن علي بن أبي
طالب أنه توضأ فغسل يديه ثلاثا وفيه ومسح رأسه ثلاثا وغسل رجليه ثلاثا ثم قال
من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملا فلينظر إلى هذا وفي رواية هكذا
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال الدارقطني كذا رواه أبو حنيفة عن خالد بن علقمة
عن عبد خير عن علي وقال فيه ومسح رأسه ثلاثا وخالفه جماعة من الحفاظ
الثقات كزائدة بن قدامة وسفيان الثوري وشعبة وأبي عوانة وشريك وأبي
الأشهب جعفر بن الحرث وهارون بن سعد وجعفر بن محمد وحجاج بن أرطاة
وأبان بن تغلب وعلي بن صالح وحازم بن إبراهيم وحسن بن صالح وجعفر بن
الأحمر فرووه عن خالد بن علقمة وكلهم قالوا ومسح رأسه مرة ولا نعلم أحدا
قال فيه ومسح رأسه ثلاثا غير أبي حنيفة انتهى
طريق آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق أبي داود الطيالسي ثنا أبو
الأحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق عن أبي حية بن قيس أنه رأى عليا في الرحبة
88

توضأ فغسل كفيه ثم مضمض ثلاثا واستنثر ثلاث وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا
ومسح رأسه ثلاثا وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ثلاثا ثم قال إني أحببت أن أريكم
كيف كان طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وذكره بن القطان في كتابه من جهة البزار
ولم يحكم عليه بصحة ولا ضعف
طريق آخر روى الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا الحسن بن علي بن
خلف الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن
عبيد الله عن عثمان بن سعيد النخعي عن علي أنه قال ألا أريكم وضوء رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلنا بلى فأتى بطست من ماء فغسل كفيه ووجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا
ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا بماء واحد ومضمض واستنشق ثلاثا بماء واحد وغسل رجليه
ثلاثا انتهى
وأما حديث عبد الله بن زيد فرواه النسائي في سننه من حديث سفيان
بن عيينة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد الذي أرى النداء قال رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين وغسل رجليه مرتين ومسح برأسه مرتين وأخرجه
البيهقي في سننه ثم قال خالفه مالك ووهيب وسليمان بن بلال وخالد
الواسطي وغيرهم فرووه عن عمرو بن يحيى فمس رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة
واحدة وقال بن عبد البر لم يذكر فيه أحد مرتين غير بم عيينة ووهم فيه وأظنه
والله أعلم تأول قوله فأقبل بهما وأدبر فجعلهما مرتين وما ذكر عن بن عيينة
فمن رواية مسدد ومحمد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة كلهم ذكروا عنه هذا
وأما الحميدي فإنه ميز ذلك فلم يذكره أو حفظ عنه أنه رجع عنه فذكر فيه عن بن
عيينة ومسح رأسه وغسل رجليه فلم يصف المسح ولا قال مرتين
أحاديث التثليث الواردة بالمفهوم لا بالمنطوق
منها حديث عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين رواه البخاري
وروى مسلم من حديث أبي أنس أن عثمان بن عفان توضأ بالمقاعد وقال ألا أريكم
كيف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توضأ ثلاثا ثلاثا قال البيهقي وعلى هذا اعتمد
89

الشافعي في تكرار المسح وهذه رواية مطلقة والروايات الثابتة المفسرة عن عثمان
تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الأعضاء فإنه مسح برأسه مرة
واحدة قال وقد روى من أوجه غريبة عن عثمان ذكر التكرار في مسح الرأس إلا
أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض
أصحابنا يحتج به انتهى كلامه وروى الترمذي من حديث سفيان عن أبي إسحاق
عن أبي حية عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا انتهى وصححه قال
أصحابنا ليس في هذه الأحاديث حجة على التثليث لان قوله توضأ يعود إلى ما
يحصل به الوضاءة وهي الغسل بدليل أن الترمذي روى حديث علي هذا من طريق
أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية عن علي أنه توضأ فغسل كفيه ثم تمضمض
ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة ثم غسل قدميه
ثم قال أحببت أن أريكم كيف كان طهور النبي صلى الله عليه وسلم وما أبهمه الراوي الأول فسره
الراوي الثاني فدل على أن التثليث في الوضوء إنما يرجع للمغسول دون الممسوح
ويؤيد هذا أيضا حديث عثمان في الصحيحين أنه توضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه
ثلاثا ثم قال ومسح رأسه فلم يذكر عددا ثم قال وغسل رجليه ثلاثا وأجاب
الخصم بأن الوضوء إذا أطلق عم الغسل والمسح
الحديث الرابع عشر قال عليه السلام إن الله تعالى يحب التيامن في كل
شئ قلت غريب بهذا اللفظ وروى الأئمة الستة في كتبهم من حديث مسروق عن
عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شئ حتى في طهوره وتنعله
90

وترجله وشأنه كله انتهى رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة في
الطهارة وأبو داود في اللباس والترمذي في آخر الصلاة وألفاظهم متقاربة
ومن أحاديث الباب ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن زهير بن معاوية عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأتم فابدؤوا
بميامنكم انتهى وأخرجه بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما قال في
الامام وهو جدير بأن يصحح ورواه البيهقي ولفظه إذا لبستم أو توضأتم فابدؤوا
بأيامنكم
أحاديث الترتيب والموالاة واستدل على عدم وجوب الترتيب في الوضوء بما
أخرجه البخاري عن شقيق قال كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري
فقال له أبو موسى لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتيمم ويصلي
فذكر الحديث وفيه ألم تسمع قول معاذ لعمر بن الخطاب بعثني رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على
الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح
بهما وجهه ورواه الإسماعيلي في كتاب المخرج على البخاري ولفظه إنما
يكفيك أن تضرب بيديك على الأرض ثم تنفضها ثم تمسح بيمينك على شمالك وشمالك
على يمينك ثم تمسح على وجهك ورواه أبو داود ولفظه ثم أتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا فضرب
بيده على الأرض فنفضها ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على
الكفين ثم مسح وجهه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بسر بن سعيد قال أتى عثمان المقاعد فدعا
بوضوء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ورجليه ثلاثا ثلاثا ثم
مسح برأسه ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ هكذا يا هؤلاء كذلك قالوا
نعم لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
91

حديث آخر استدل به على وجوب الترتيب والموالاة أخرجه أبو داود عن بقية
عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه السلام رأى
رجلا يصلي وفي قدمه لمعة لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة انتهى
قال في الامام وبقية مدلس إلا أن الحاكم رواه في المستدرك فقال فيه حدثنا
بحير بن سعد فزالت التهمة انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في السنن
وقال إنه مرسل قال في الامام عدم ذكر اسم الصحابي لا يجعل الحديث
مرسلا فقد قال الأثرم سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال إسناده جيد
قلت له إذا قال التابعي حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه أيكون الحديث
صحيحا قال نعم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن
رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل الظفر فقال له عليه السلام ارجع
فأحسن وضوءك انتهى قال الدارقطني تفرد به جرير عن قتادة وهو ثقة
انتهى وقد روى هذا من طريق آخر وفيه ارجع فأتم وضوءك لكنها من رواية
الوازع بن نافع وقد ضعفه النسائي وأحمد وابن معين وأبو حاتم والدارقطني
وهذا الحديث أخرجه الطبراني في معجمه الوسط والدارقطني في سننه عن
الوازع بن نافع عن سالم عن بن عمر عن أبي بكر الصديق قال كنت جالسا عند النبي
صلى الله عليه وسلم فجاء رجل قد توضأ وفي قدمه موضع لم يصبه الماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
اذهب فأتم وضوءك ففعل انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رأى رجلا
توضأ للصلاة وترك موضع ظفر على ظهر قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ارجع
فأحسن وضوءك فرجع فتوضأ ثم صلى انتهى واستدلوا أيضا على وجوب الترتيب
92

والموالاة بحديث هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وقالوا لا يخلوا أن يكون
رتب ووالى ولا جائز أنه لم يرتب ولم يوال وإلا يلزم عدم صحتها مرتبة متوالية
فيثبت أنه توضأ مرتبا مواليا ويلزم حينئذ أن لا يصح إلا مرتبا متواليا وقد تقدم الكلام
على طرق هذا الحديث في الحديث الحادي عشر والله أعلم
حديث استدل به على عدم وجوب الموالاة قال في الامام روى الحافظ أبو بكر
الإسماعيلي عن إسماعيل بن يحيى ثنا مسعر عن حميد بن سعد عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال قلت يا رسول الله إن أهلي تغار
علي إذا أنا وطئت جواري قال وبم يعلمن ذلك قلت من قبل الغسل قال
إذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند أهلك فإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر
بدنك انتهى قال وإسماعيل متروك عندهم
فصل في نواقض الوضوء
الحديث الخامس عشر سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحدث فقال ما يخرج من
السبيلين قلت غريب وروى الدارقطني في كتابه غرائب مالك حدثنا الحسين بن
رشيق ومحمد بن مظفر قالا ثنا محمد بن عمير البزار بمصر ثنا أحمد بن
عبد الله بن محمد اللجلاج ثنا يوسف بن أبي روح ثنا سوادة بن عبد الله الأنصاري
حدثني مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينقض
الوضوء إلا ما خرج من قبل أو دبر انتهى قال الدارقطني وأحمد بن اللجلاج
93

ضعيف انتهى ليس في هذا مقصود المصنف فإنه استدل بعموم قوله ما يخرج
من السبيلين على مالك فتخصيصه بالمعتاد
الحديث السادس عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاء فلم يتوضأ قلت غريب
جدا
الحديث السابع عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الوضوء من كل دم سائل
قلت روى من حديث تميم الداري ومن حديث زيد بن ثابت أما حديث تميم
الداري فأخرجه الدارقطني في سننه عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن
عمر بن عبد العزيز عن تميم الداري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء من كل
دم سائل انتهى قال الدارقطني وعمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم ولا رآه
واليزيدان مجهولان انتهى
وأما حديث زيد بن ثابت فرواه بن عدي في الكامل في ترجمة أحمد بن
الفرج عن بقية ثنا شعبة عن محمد بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن
عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الوضوء من كل دم سائل انتهى قال بن عدي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث
أحمد هذا وهو ممن لا يحتج بحديثه ولكنه يكتب فان الناس مع ضعفه قد احتملوا
حديثه انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل أحمد بن الفرج كتبنا عنه
ومحله عندنا الصدق انتهى
الحديث الثامن عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قاء أو رعف في صلاته
94

فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم قلت روى من حديث عائشة
ومن حديث الخدري فحديث عائشة صحيح وأعاده في باب الحدث في الصلاة
أخرجه بن ماجة في سننه في الصلاة عن إسماعيل بن عياش عن بن جريج عن بن
أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه قئ أو رعاف أو قلس
أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم
ورواه الدارقطني في سننه ولفظه قال إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس
فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم انتهى قال
الدارقطني الحفاظ من أصحاب بن جريج يروونه عن بن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا انتهى ورواه بن عدي في الكامل في ترجمة إسماعيل بن عياش
ثم قال هكذا رواه بن عياش مرة ومرة قال عن بن جريج عن أبيه عن عائشة
وكلاهما غير محفوظ قال وبالجملة فإسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه ويحتج به
في حديث الشاميين فقط وأما حديثه عن الحجازيين فلا يخلو من ضعف إما موقوف
فيرفعه أو مقطوع فيوصله أو مرسل فيسنده أو نحو ذلك انتهى قال الحازمي
في كتابه الناسخ والمنسوخ وإنما وثق إسماعيل بن عياش في الشاميين دون غيرهم
لأنه كان شاميا ولكل أهل بلد اصطلاح في كيفية الاخذ من التشدد والتساهل وغير
ذلك والشخص أعرف باصطلاح أهل بلده فلذلك يوجد في أحاديثه عن الغرباء
من النكارة فما وجدوه من الشاميين احتجوا به وما كان من الحجازيين والكوفيين
وغيرهم تركوه انتهى ورواه البيهقي في سننه من جهة بن عدي وحكى كلامه
المذكور ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن حنبل أنه قال حديث بن عياش عبن جريج
عن بن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قاء أو رعف الحديث إنما رواه
بن جريج عن أبيه ولم يسنده ليس فيه عائشة وإسماعيل بن عياش ما رواه عن
95

الشاميين فصحيح وما رواه عن أهل الحجاز فليس بصحيح انتهى كلام أحمد
ثم أخرجه البيهقي من جهة الدارقطني بسنده عن عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وقال هذا هو الصحيح عن بن جريج وكذلك رواه محمد بن
عبد الله الأنصاري وأبو عاصم النبيل وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم كما رواه
عبد الرزاق ورواه إسماعيل بن عياش مرة هكذا مرسلا كما رواه غيره ثم أسند إلى
الشافعي قال ليست هذه الرواية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن صحت فيحمل على غسل
الدم لا على وضوء الصلاة انتهى وهذا الحمل غير صحيح إذ لو حمل الوضوء
في هذا الحديث على غسل الدم فقط لبطلت الصلاة التي هو فيها بالانصراف ثم
بالغسل ولما جاز له أن يبني على صلاته بل يستقبل الصلاة وإسماعيل بن عياش
فقد وثقه بن معين وزاد في الاسناد عن عائشة والزيادة من الثقة مقبولة والمرسل
عند أصحابنا حجة والله أعلم
واما حديث الخدري فرواه الدارقطني أيضا من حديث أبي بكر الداهري عن
حجاج عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصلاة أو أحدث فلينصرف فليتوضأ ثم
ليجئ فليبن على ما مضى انتهى وهو معلول بأبي بكر الداهري قال بن
الجوزي في التحقيق قال أحمد ليس بشئ وقال السعدي كذاب وقال بن حبان
يضع الحديث وينبغي ان ينظر في حجاج هذا مح ن هو فإني رأيت في حاشية
ان حجاج بن أرطاة لم يسمع من الزهري ولم يلقه
أحاديث الباب احتج بن الجوزي في التحقيق لأصحابنا بحديث أخرجه
البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة
بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني امرأة أستحاض فلا أطهر
أفأدع الصلاة قال لا إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي
الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم قال هشام قال أبي ثم توضئي لكل صلاة
حتى يجئ ذلك الوقت انتهى واعترض الخصم بان قوله ثم توضئي لكل صلاة
96

من كلام عروة وأجيب بأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الراوي علقه إذ لو
كان من كلام عروة لقال ثم تتوضأ لكل صلاة فلما قال توضئي شاكل ما قبله
في اللفظ وأيضا فقد رواه الترمذي فلم يجعله من كلام عروة ولفظه وإذا أدبرت
فاغسلي عنك الدم وتوضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت وصححه
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن حسين المعلم عن يحيى
بن أبي كثير حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد المخزومي عن أبيه عن معدان بن أبي
طلحة عن أبي الدرداء ان النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ فلقت ثوبان في مسجد دمشق
فذكرت ذلك له فقال صدق انا صببت له وضوءه انتهى قال الترمذي هو
أصح شئ في هذا الباب ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه وأعله الخصم باضطراب وقع فيه فان معمرا رواه عن يحيى
بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء ولم يذكر فيه الأوزاعي
وأجيب بأن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره قال بن الجوزي قال
الأثرم قلت لأحمد قد اضطربوا في هذا الحديث فقال قد جوده حسين المعلم
وقد قال الحاكم هو على شرطهما والله أعلم ونقل البيهقي عن الشافعي انه حمل
الوضوء فيه على غسل الدم قال وهو معروف من كلام العرب ثم أسند إلى مطرف
بن ماذن حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي المجالد عن أبي الحكم الدمشقي ان عبادة
97

ابن نسي حدثه عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل قال كنا نسمي
غسل الفم واليد وضوءا وليس بواجب قال البيهقي ومطرف بن ماذن تكلموا فيه
وقد روى عبد بن مسعود أنه غسل يديه من طعام ثم مسح وجهه وقال هذا وضوء
من لم يحدث انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو القرشي أبي خالد الواسطي عن أبي
هاشم عن زاذان عن سليمان قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد سال من أنفي دم فقال
أحدث وضوءا انتهى ورواه البزار في مسنده وسكت عنه قال بن
القطان في كتابه قال إسحاق بن راهويه عمرو بن خالد الواسطي يضع الحديث
وقال بن معين كذاب انتهى وفي التحقيق لابن الجوزي قال وكيع كان في
جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط وقال أبو زرعة كان يضع
انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن يزيد بن عبد الرحمن بن خالد
الدالاني عن أبي هاشم به وأعله بالدالاني وقال إنه كثير الخطأ لا يحتج به إذا وافق
فكيف إذا انفرد
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمر بن رباح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه
عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على
صلاته انتهى وأعله الخصم بعمر بن رباح قال بن عدي في الكامل عمر بن
رباح العبدي مولى بن طاوس يحدث عن بن طاوس بالبواطيل لا يتابعه عليها أحد
وأسند عن البخاري أنه قال فيه دجال وفي التحقيق قال الدارقطني متروك
وقال بن حبان يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل كتب حديثه الا على سبيل
التعجب انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن عطاء عن بن عباس
98

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته انتهى وأعله الخصم بسليمان بن أرقم
الآثار في ذلك روى مالك في الموطأ ثنا نافع عن بن عمر انه كان إذا رعف
رجع فتوضأ ولم يتكلم، ثم رجع وبنى على ما قد صلى انتهى وعن مالك رواه
الشافعي في مسنده قال الشافعي وحدثنا عبد المجيد عن بن جريج عن الزهري
عن سالم عن بن عمر انه كان يقول من اصابه رعاف أو مذي أو قئ انصرف
فتوضأ ثم رجع فيبني انتهى وروى عبد الرزاق في مصنف أخبرنا الثوري عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال إذا وجد أحدكم رزءا أو رعافا أو قيئا فلينصرف
فليتوضأ فان تكلم استقبل والا اعتد بما مضى انتهى أخبرنا معمر عن أبي إسحاق
عن عاصم عن علي نحوه أخبرنا الثوري عن عمران بن ظبيان الحنفي عن حكيم بن
سعد الحنفي قال قال سلمان إذا وجد أحدكم رزء من غائط أو بول فلينصرف فليتوضأ
غير متكلم ثم ليعد إلى الآية التي كان يقرأ وأخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن
بن عمر قال إذا رعف الرجل في الصلاة أو زرعه القئ أو وجد مذيا فإنه ينصرف
فليتوضأ ثم يرجع فيتم ما بقي على ما مضى ما لم يتكلم انتهى وروى مالك
في الموطأ أخبرنا يزيد بن عبد الله بن قسيط انه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو
يصلى فاتى حجرة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاتى بوضوء فتوضأ ثم رجع وبنى على ما
قد صلى انتهى قا النووي في الخلاصة ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه
بالدم والقئ والضحك في الصلاة حديث صحيح انتهى
أحاديث الخصوم روى أبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق
حدثني صدقة بن يسار عن عقيل عن جابر ن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف ان
لا انتهى حتى أهريق دما في أصحاب محمد فخرج يتبع اثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي
صلى الله عليه وسلم منزلا فقال هل رجل يكلأ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من
الأنصار فقال كونا بفم الشعب فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع
99

المهاجري وقام الأنصاري فصلى فأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف انه ربيئة
القوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وكبر ثم انتبه
صاحبه فلما عرف انهم قد نذروا به هرب فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من
الدماء قال سبحان الله الا أنبهتني أول ما رمى قال كنت في سورة اقرأها فلم
أحب ان اقطعها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخمسين من
القسم الرابع ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وعلقه البخاري في
صحيحه في كتا ب الوضوء فقال ويذكر عن جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم
كان في غزوة ذات الرقاع فرمى رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في
صلاته انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما الا ان البيهقي رواه في
كتابه دلائل النبوة وقال فيه فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلى وقال
كنت أصلي بسورة وهي الكهف فلم أحب ان اقطعها
حديث أخر أخرجه الدارقطني في سننه عن صالح بن مقاتل ثنا أبي ثنا سليمان بن
داود القرشي ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى
ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه انتهى قال الدارقطني عن صالح بن مقاتل
ليس بالقوي وأبوه غير معروف وسليمان بن داود مجهول ورواه البيهقي من
طريق الدارقطني وقال في إسناده ضعف انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عتبة بن السكن الحمصي ثنا الأوزاعي عن
عبادة بن نسي وهبيرة بن عبد الرحمن قالا ثنا أبو أسماء الرحبي ثنا ثوبان ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قاء فدعاني بوضوء فتوضأ فقلت يا رسول الله أفريضة الوضوء من القئ
قال لو كان فرضة لوجدته في القرآن انتهى قال الدارقطني لم يروه عن
الأوزاعي غير عتبة بن السكن وهو متروك الحديث انتهى
100

الحديث التاسع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم القلس حدث قلت رواه الدارقطني في
سننه من حديث سوار بن مصعب عن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم القلس حدث انتهى قال الدارقطني لم يروه عن زيد بن علي
غير سوار بن مصعب وهو متروك انتهى
الحديث العشرون قال عليه السلام ليس في القطرة والقطرتين من الدم
وضوء الا ان يكون سائلا قلت رواه الدارقطني أيضا من حديث الحسن بن علي
الرزاز عن محمد بن الفضل عن أبيه عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إلى آخره سواء قال وخالفه حجاج بن نصير فرواه عن
محمد بن الفضل بن عطية حدثني أبي عن ميمون بن مهران عن أبي هريرة مرفوعا
نحوه سواء قال وحجاج بن نصير ضعيف ومحمد بن الفضل بن عطية أيضا
ضعيف
قوله روى عن علي رضي الله عنه أنه قال حين عد الاحداث أو دسعة تملأ الفم
قلت غريب وأخرج البيهقي في الخلافيات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعاد الوضوء من سبع من أقطار البول والدم السائل والقئ ومن دسعة تملأ الفم
ونوم المضطجع وقهقهة الرجل في الصلاة وخروج الدم انتهى وضعف فان
101

الحديث الحادي والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم لا وضوء على من نام قاعدا أو
102

راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت
مفاصله قلت غريب بهذا اللفظ وروى أبو داود والترمذي من حديث أبي خالد يزيد
الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن بن عباس انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد حتى
غط أو نفخ ثم قام يصلى فقلت يا رسول الله انك فد نمت قال إن الوضوء لا
يجب الا على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله انتهى
ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه
والدارقطني في سننه وقال تفرد به أبو خالد الدالاني عن قتادة ولا يصح ورواه
البيهقي في سننه ولفظ فيه لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو
ساجدا حتى يضع جنبيه فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله وقال تفرد به يزيد بن
عبد الرحمن الدالاني انتهى قال الترمذي وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن بن عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه انتهى وقال أبو داود وقوله
إنما الوضوء على من نام مضطجعا منكر لم يروه الا يزيد الدالاني عن قتادة وروى
أوله جماعة عن بن عباس لم يذكروا شيئا من هذا وذكر ما يدل على أن قتادة لم
يسمع هذا الحديث من أبي العالية مع أنه قال في كتاب السنة في حديث لا
ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس بن متى ان قتادة لم يسمع من أبي العالية الا
ثلاثة أحاديث وقال في موضع آخر قال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة
أحاديث حديث يونس بن متى وحديث بن عمر في الصلاة وحديث
القضاة ثلاثة وحديث بن عباس شهد عندي رجال مرضيون فتحرر من هذا كله
ان الحديث منقطع وقال بن حبان كان يزيد الدالاني كثير الخطأ فاحش الوهم لا
يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا تفرد عنهم بالمعضلات وقال أحمد
والنسائي وابن معين لا بأس به وقال الترمذي في العلل سألت محمد ابن
إسماعيل عن هذا الحديث فقال لا شئ رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن بن
عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولا اعرف لأبي خالد الدالاني سماعا من قتادة
وأبو خالد صدوق لكنه يهم في الشئ انتهى وكان هذا على مذهبه في اشتراطه في
103

الاتصال السماع ولو مرة وقال بن عدي أبو خالد الدالاني لين الحديث ومع لينه انه
يكتب حديثه وقد تابعه على روايته مهدي بن هلال ثم أسند عن مهدي بن هلال ثنا
يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليس على من نام قائما أو قاعدا وضوء حتى يضطجع جنبه إلى الأرض
واخرج بن عدي أيضا ثم البيهقي من جهته عن بحر بن كنيز السقا عن ميمون
الخياط عن أبي عياض عن حذيفة بن اليمان قال كنت في مسجد المدينة جالسا
أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا انا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله
هل وجب على وضوء قال لا حتى يضع جنبك قال البيهقي تفرد به بحر
بن كنيز السقا وهو ضعيف لا يحتج بروايته انتهى
واستدل من زعم أن قليل النوم وكثيره ناقض وعلى أي هيئة كانت بأحاديث
منها ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن
علقمة عن عبد الرحمن بن عائذة بمعجمة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ واعل بوجهين أحدهما ان بقية
والوضين فيهما مقال قاله المنذري ونازعه بن دقيق العيد فيهما قال وبقية قد وثقه
بعضهم وسأل أبو زرعة عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوضين بن عطاء فقال ثقة
وقال بن عدي ما أرى بأحاديثه بأسا والثاني الانقطاع فذكر بن أبي حاتم عن أبي
زرعة في كتاب العلل وفي كتاب المراسيل ان بن عائذ عن علي مرسل وزاد
في العلل انه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا ليس بقوي وقال
النووي في الخلاصة إسناده حسن
حديث آخر أخرجه البيهقي عن بقية أيضا عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن
قيس عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم العين وكاء سه فإذا نامت العين استطلق الوكاء ورواه
الطبراني في معجمه وزاد فمن نام فليتوضأ واعل أيضا بوجهين أحدهما الكلام
في أبي بكر بن أبي مريم قال أبو حاتم وأبو زرعة ليس بالقوي والثاني ان مروان
بن جناح رواه عن عطية بن قيس عن معاوية موقوفا هكذا رواه بن عدي وقال
104

مروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في كتاب العلل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال وجب الوضوء على كل نائم الا من خفق برأسه خفقة أو خفقتين انتهى
وقال الصحيح عن بن عباس من قوله انتهى
واستدل من زعم أن قليله وكثيره غير ناقض بما أخرجه البخاري ومسلم في
الصحيحين عن بن عباس قال نمت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل
إلى أن قال فتتامت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع
فنام حتى نفخ فاتاه بلال فآذنه بالصلاة فقام فصلى ولم يتوضأ الحديث بطوله ذكره
البخاري في الدعوات ومسلم في التهجد فان قيل إن هذا مخصوص بالنبي
صلى الله عليه وسلم لأنه كان محفوظا قلنا فقد اخرج مسلم عن خالد بن الحرث عن شعبة عن قتادة
عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون
انتهى وحمل هذا على نوم الجالس ويؤيده لفظ أبي داود وفيه قال كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون
قال النووي إسناده صحيح وأخرجه البيهقي عن بن المبارك عن معمر عن قتادة عن
أنس قال لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى اني لاسمع
لأحدهما غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون انتهى قال بن المبارك يعني
وهم جلوس قال البيهقي وعلي ذلك حمله الشافعي لان اللفظ محتمل والحاجة
إلى هذا التأويل هنا أشد لذكر الغطيط انتهى إذ لا يخفق برأسه الا من نام جالسا
قال بن القطان في الوهم والايهام وهذا يرده ما رواه البزار في مسنده من
حديث عبد الاعلى عن شعبة عن قتادة عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة قال
وهذا كما ترى صحيح من رواية امام عن شعبة وقال قاسم بن أصبع ثنا محمد بن
105

عبد السلام الخشني ثنا محمد بن يسار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا شعبة به قال
وهذا كما ترى صحيح من رواية امام عن شعبة واستدل على أن النعاس غير ناقض بما
في الصحيحين عن بن عباس انه ذكر قيامه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل
وفيه قال فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة اذني الحديث
الحديث الثاني والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم الامن ضحك منكم قهقهة فليعد
106

الصلاة والوضوء جميعا قلت فيه أحاديث مسندة وأحاديث مرسلة اما المسندة
فرويت من حديث أبي موسى الأشعري وأبي هريرة و عبد الله بن عمر وأنس بن
مالك وجابر بن عبد الله وعمران بن الحصين وأبي المليح
اما حديث أبي موسى فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير
التستري ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ثنا مهدي بن
ميمون ثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن أبي موسى قال
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس إذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد
وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
من ضحك ان يعيد الوضوء ويعيد الصلاة انتهى
واما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد العزيز بن
الحصين عن عبد الكريم بن أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عيه وسلم قال إذا
قهقه أعاد الوضوء والصلاة انتهى قال وعبد العزيز ضعيف و عبد الكريم متروك
مع ما يقال فيه من الانقطاع بين الحسن وأبي هريرة وانه لم يسمع منه انتهى قال
بن عدي والبلاء في هذا الاسناد من عبد العزيز وعبد الكريم وهما ضعيفان
انتهى
واما حديث بن عمر فرواه بن عدي في الكامل من حديث بقية ثنا أبي ثنا
عمرو بن قيس السكوني عن عطاء عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك
في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة قال بن الجوزي في العلل المتناهية
هذا حديث لا يصح فإن بقية من عادته التدليس وكأنه سمعه من بعض الضعفاء
فحذف اسمه وهذا فيه نظر لان بقية صرح فيه بالتحديث والمدلس إذا صرح
بالتحديث وكان صدوقا زالت تهمة التدليس وبقية من هذا القبيل قال بن عدي
107

وبعضهم يقول فيه عمر بن قيس وإنما هو عمرو انتهى
واما حديث أنس فأخرجه الدارقطني عن داود بن المحبر عن أيوب بن خوط عن
قتادة عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فجاء رجل ضرير البصر يمثل
الأول ثم قال داود بن المحبر متروك الحديث وأيوب ضعيف والصواب من ذلك
قول من رواه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا ثم أخرجه عن عبد الرحمن بن عمرو بن
جبلة ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن أنس وأبي العالية ان أعمى تردى فذكره
وقال لم يروه عن سلام غير عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك يضع الأحاديث
ثم أخرجه عن سفيان ين محمد الفزاري عن عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري
عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن أنس نحوه وقال وسفيان هذا سئ الحال
وأحسن حالاته ان يكون وهم علي بن وهب أن لم يكن تعمده أعني قوله فيه عن
أنس فقد رواه غير واحد عن بن وهب منهم خالد بن خداش وموهب بن يزيد
وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب وغيرهم لم يذكر فيه أحد منهم أنس بن مالك
بل أرسلوه عن الحسن ثم اخرج أحاديثهم ثم اخرج عن الزهري أنه قال لا وضوء
في القهقهة قال فلو كان هذا صحيحا عند الزهري لما أفتى بخلافه انتهى وله
طرق آخر رواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان فقال
حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو بن
شهاب بن طارق الأصبهاني ثنا أبو جعفر أحمد بن فورك ثنا عبيد الله بن أحمد
الأشعري ثنا عمار بن يزيد البصري ثنا موسى بن هلال ثنا أنس بن مالك قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قهقه في الصلاة قهقهة شديدة فعليه الوضوء والصلاة انتهى
واما حديث جابر فأخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي
ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك
منكم في صلاته فليتوضأ ثم ليعد الصلاة انتهى ثم قال يزيد بن سنان ضعيف
ويكنى بأبي فروة الرهاوي وابنه ضعيف أيضا وقد وهم في هذا الحديث في موضعين
أحدهما في رفعه إياه والآخر في لفظه والصحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر من قوله من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء كذلك رواه عن الأعمش
جماعة من الرفعة الثقات منهم سفيان الثوري وأبو معاوية الضرير ووكيع و عبد الله
بن داود الخريبي وعمر بن علي المقدمي وغيرهم وكذلك رواه شعبة وابن جريج
108

عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر ثم اخرج أحاديثهم عن جابر أنه قال
من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء وزاد في لفظ إنما كان لهم
ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
واما حديث عمران بن الحصين فأخرجه الدارقطني عن إسماعيل بن عياش عن
عمر بن قيس اللائي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ضحك في الصلاة قرقرة فليعد الوضوء والصلاة
قال وعمر بن قيس المكي المعروف بسندل ضعيف ذاهب الحديث وعمرو بن
عبيد قيل في أنه كذاب وأخرجه البيهقي عن عبد الرحمن بن سلام عن عمر بن
قيس به ولابن عدي فيه طريق آخر أخرجه عن بقية عن محمد الخزاعي عن الحسن عن
عمران بن الحصين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك في الصلاة أعد وضوءك
انتهى قال ومحمد الخزاعي من مجهولي مشايخ بقية قال ويروى عن محمد بن
راشد عن الحسن وابن راشد مجهول انتهى
واما حديث أبي المليح فأخرجه الدارقطني أيضا من حديث محمد بن إسحاق
حدثني الحسن بن دينار عن الحسن البصري عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه قال بينا
نحن نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اقبل رجل ضرير البصر باللفظ الأول قال بن
إسحاق وحدثني الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه مثل ذلك
قال الدارقطني والحسن بن دينار وابن عمارة ضعيفان وكلاهما أخطأ في الاسناد
إنما رواه الحسن البصري عن حفص بن سليمان المنقري عن أبي العالية مرسلا وكان
الحسن كثيرا ما يرويه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فاما قول الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء
عن أبي المليح عن أبيه فوهم قبيح وإنما رواه خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن أبي
العالية عن النبي مرسلا رواه عنه كذلك سفيان الثوري وهشيم ووهب وحماد بن
سلمة وغيرهم وقد اضطرب بن إسحاق في روايته عن الحسن بن دينار هذا الحديث
109

فمرة رواه عنه عن الحسن البصري ومرة رواه عنه عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه
وقتادة إنما رواه عن أبي العالية مرسلا كذلك رواه عنه سعيد بن أبي عروبة ومسلم
بن أبي الذيال ومعمر وأبو عوانة وسعيد بن بشير وغيرهم ثم ذكر أحاديثهم
الخمسة ثم قال فهؤلاء خمسة ثقات رووه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا
وأيوب بن خوط وداود بن المحبر وعبد الرحمن بن جبلة والحسن بن دينار كلهم
متروكون ليس فيهم من يجوز الاحتجاج به لو لم يكن له مخالف فكيف وقد
خالف كل واحد منهم خمسة ثقات من أصحاب قتادة ثم أسند عن محمد بن
سلمة عن بن إسحاق عن الحسن بن دينا عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه فذكره
وفيه فضحك ناس من خلفه وقال الحسن بن دينار متروك الحديث وحديثه
هذا بعيد من الصواب ولا نعلم أحدا تابعه عليه انته
واما المراسيل فهي أربعة أشهرها مرسل أبي العالية والثاني مرسل معبد الجهني
والثالث مرسل إبراهيم النخعي والرابع مرسل الحسن
اما مرسل أبي العالية فله وجهان أحدهما روايته عن نفسه مرسلا وهو
الصحيح جاء ذلك من جهة قتادة وحفصة بنت سيرين وأبي هاشم الزماني فاما
حديث أبي قتادة فمن رواية معمر وأبي عوانة وسعيد ابن أبي عروبة وسعيد بن بشير
فحديث معمر رواه عنه عبد الرزاق في مصنفه عن قتاد عن أبي العالية
الرياحي ان أعمى تردى في بئر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه فضحك بعض من كان
يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان ضحك منهم ان يعيد الوضوء ويعيد
الصلاة وأخرجه الدارقطني من طريق عبد الرزاق بسنده و عبد الرزاق فمن فوقه من
رجال الصحيحين وبقية الروايا ت عن قتادة أخرجها الدارقطني أيضا واما حديث
حفصة فمن جهة خالد الحذاء وأيوب السختياني وهشام بن حسان ومطر
الوراق وحفص بن سليمان أخرجها كلها الدارقطني واما حديث أبي هاشم
الزماني فمن جهة شريك ومنصور أخرجهما الدارقطني وأخرجه بن أبي شيبة من
جهة شريك فقط وأبو داود رواه في مراسيله
الوجه الثاني روايته مرسلا عن غيره رواه الدارقطني من جهة خالد بن عبد الله
110

الواسطي عن هشام بن حسان عن حفصة عن أبي العالية عن رجل من الأنصار ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى فمر رجل في بصره سوء فتردى في بئر فضحك طوائف من
القوم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ضحك ان يعيد الوضوء والصلاة قال الدارقطني
هكذا رواه خالد ولم يسم الرجل ولا ذكر أله صحبة أم لا ولم يصنع خالد شيئا
وقد خالفه خمسة اثنان ثقات حفاظ وقولهم أولى بالصواب انتهى ولقائل ان
يقول زيادة خالد هذا الرجل الأنصاري زيادة عدل لا يعارضها نقض من نقضها
ثم أسند الدارقطني عن عاصم قال قال بن سيرين لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا
أبي العالية وما حدثتموني فلا تحدثوني عن رجلين من أهل البصرة عن أبي العالية
والحسن فإنهما كانا لا يباليان عمن اخذا حديثهما وأسند عبن عون قال قال
محمد بن سيرين أربعة يصدقون من حدثهم فلا يبالون ممن يسمعون الحسن
وأبو العالية وحميد بن هلال ولم يذكر الرابع وذكره غيره فسماه أنس بن
سيرين
واما مرسل معبد الجهني فأخرجه الدارقطني عن الامام أبي حنيفة عن منصور بن
زاذان الواسطي عن الحسن عن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا هو في الصلاة إذ
اقبل أعمى يريد الصلاة فوقع في زبية فاستضحك القوم حتى قهقهوا فلما انصرف
النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة قال الدارقطني وهم
أبو حنيفة فيه على منصور وإنما رواه منصور عن محمد بن سيرين عن معبد ومعبد
هذا لا صحبة له ويقال انه أول من تكلم في القدر من التابعين حدث به عن منصور
عن بن سيرين غيلان بن جامع وهشيم بن بشير وهما احفظ من أبي حنيفة للاسناد
ثم أخرجه كذلك وقال بن عدي لم يقل في إسناده عن معبد الا أبو حنيفة واخطأ
فيه قال لنا بن حماد وكان يميل إلى أبي حنيفة هو معبد بن هوزة قال وهذا
غلط منه لان معبد بن هوزة أنصاري وهذا جهني انتهى
واما مرسل النخعي فأخرجه الدارقطني عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم
قال جاء رجل ضرير البصر والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الحديث ثم أسند الدارقطني عن
علي بن المديني قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي روى هذا الحديث إبراهيم
مرسلا فقال حدثني شريك عن أبي هاشم قال انا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية
قال فرجع حديث إبراهيم هذا الذي أرسله إلى أبي العالية لان أبا هاشم ذكر انه حدثه
111

به عنه انتهى وهذا الذي ذكره الدارقطني عن علي بن المديني ذكره بن عدي في
الكامل بحروفه وأسند بن عدي عن يحيى بن معين أنه قال: مراسيل إبراهيم
صحيحة الا حديث تاجر البحرين وحديث القهقهة انتهى قلت اما حديث
القهقهة فقد عرف واما حديث تاجر البحرين فرواه بن أبي شيبة في مصنفه
وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم قال جاء رجل فقال يا رسول الله اني رجل تاجر
اختلف إلى البحرين فأمره ان يصلي ركعتين يعني القصر انتهى
واما مرسل الحسن فأخرجه الدارقطني أيضا عن يونس عن بن شهاب عن
الحسن فذكره وعلته رواية بن أخي بن شهاب الزهري عن عمه قال حدثني
سليمان بن أرقم عن الحسن ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر من ضحك في الصلاة ان يعيد الوضوء
والصلاة أخرجها الدارقطني وكذلك رواه الشافعي في مسنده أخبرنا الثقة يعني
يحيى بن حسان عن معمر عن بن شهاب عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال الشافعي وهذا لا يقبل لأنه مرسل قال بن دقيق العيد وإذا آل الامر إلى
توسط سليمان بن أرقم بين بن شهاب والحسن وهو عندهم متروك تعلل انتهى
ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا منصور بن زاذان عن
الحسن البصري فذكره وأسند بن عدي في الكامل عن علي بن المديني قال
قال لي عبد الرحمن بن مهدي وكان اعلم الناس بحديث القهقهة انه كله يدور
على أبي العالية فقلت له ان الحسن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فقال عبد الرحمن
حدثنا حماد بن زيد عن حفص بن سليمان قال انا حدثت به الحسن عن حفصة عن
أبي العالية قلت له فقد رواه إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال عبد الرحمن حدثنا
شريك عن أبي هاشم قال انا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية فلت له فقد رواه
الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فقال عبد الرحمن قرأت هذا الحديث في كتاب بن
أخي الزهري عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن انتهى وقال البيهقي في
سننه قال الإمام أحمد ولو كان عند الزهري أو الحسن فيه حديث صحيح لما
استجاز القول بخلافه وقد صح عن قتادة عن الحسن انه كان لا يرى من الضحك في
الصلاة وضوءا وعن شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري أنه قال من الضحك
في الصلاة تعاد الصلاة ولا يعاد الوضوء قال البيهقي وقد روى هذا الحديث بأسانيد
موصولة الا انها ضعيفة وقد ثبت أحاديثها في الخلافيات انتهى وقال بن
عدي في الكامل وقد روى هذا الحديث الحسن البصري وقتادة وإبراهيم النخعي
112

والزهري مرسلا وقد اختلف على كل واحد منهم موصولا ومرسلا ومدار الكل
يرجع إلى أبي العالية والحديث له وبه يعرف ومن أجله تكلم الناس فيه ولكن
سائر أحاديثه مستقيمة صالحة انتهى وقال الحاكم في كتاب مناقب الشافعي قال
الشافعي أخبار أبي العالية الرياحي رياح قال وهو إنما أراد بذلك حديث القهقهة
فقط فإنه يرويه مرة عن محمد بن سيرين ومرة عن حفصة بنت سيرين ومرة
يرسله فيقول عن رجل وأبو العالية واسمه رفيع من ثقات التابعين المجمع على
عدالتهم انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة وقول الشافعي أخبار الرياحي
رياح يريد به ما يرسله فاما ما يوصله فهو فيه حجة انتهى وقال بن عدي في
الكامل في ترجمة الحسن بن زياد بعد أن نقل عن بن معين أنه قال فيه كذوب
ليس بشئ ونقل عن آخرين انهم رموه بحب الشباب وله حكايات تدل على ذلك
ثم أسند إلى الشافعي انه ناظر الحسن بن زياد يوما فقال له ما تقول في رجل قذف
محصنا في الصلاة قال تبطل صلاته قال وضوؤه على حاله
قال فلو ضحك في الصلاة قال تبطل صلاته ووضوءه فقال الشافعي فيكون
الضحك في الصلاة أسوأ حالا من قذف المحصن فأفحمه انتهى واستدل على أن
حديث القهقهة من الخصائص بحديث أخرجه الدارقطني عن المسيب بن شريك عن
الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال ليس على من ضحك في الصلاة وضوء إنما
كان لهم ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وهذا لا يصح قال بن
معين المسيب ليس بشئ وقال أحمد ترك الناس حديثه وكذلك قال الفلاس
ومما استدل به على أن الضحك غير ناقض للوضوء حديث أخرجه الدارقطني
عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الضحك ينقض
الصلاة ولا ينقض الوضوء انتهى وأبو شيبة اسمه إبراهيم بن عثمان قال
أحمد منكر الحديث ويزيد أيضا قال فيه بن حبان لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد
قال البيهقي روى هذا أبو شيبة فرفعه وهو ضعيف والصحيح موقوف انتهى
ومع ضعف هذا الاسناد اضطرب في متنه فروى بهذا الاسناد الكلام ينقض الصلاة
ولا ينقض الوضوء أخرجه الدارقطني أيضا
ومما استدل به على أن التبسم غير مبطل للصلاة حديث أخرجه الطبراني في
113

معجمه وأبو يعلى الموصلي في مسنده والدارقطني في سننه عن الوازع بن
نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثنا جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى
بأصحابه العصر فتبسم في السلاة فلما انصرف قيل له يا رسول الله تبسمت وأنت
تصلى فقال إنه مر ميكائيل وعلى جناحه غبار فضحك إلى فتبسمت إليه وهو
راجع من طلب القوم انتهى وسكت الدارقطني عنه والوازع بن ناقع ضعيف
جدا ووجدته في معجم الطبراني جبرائيل عوض ميكائيل والسهيلي في
الروض الأنف ذكره من جهة الدارقطني وتكلم عليه وبنى كلامه على أنه
ميكائيل ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بالوازع وقال إنه كثير الوهم
فيبطل الاحتجاج به
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الصغير عن ثابت بن محمد الزاهد
ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة الكشر
ولكن يقطعها القهقهة انتهى وقال لم يرفعه عن سفيان الا ثابت، ثم أخرجه من
طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به موقوفا ورواه بن عدي في الكامل
ولفظه ولكن يقطعها القرقرة قال بن عدي لا أعلمه الا من رواية ثابت عن
الثوري ولعله كان عنده عن العرزمي عن أبي الزبير فشبه عليه والله أعلم
ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا إذا ضحك الرجل في صلاته فعليه الوضوء والصلاة
وإذا تبسم فلا شئ عليه انتهى
أحاديث مس الفرج وللخصوم القائلين بالنقض أحاديث أمثلها حديث بسرة
أخرجه أصحاب السنن الأربعة فأبو داود والنسائي من طريق مالك عن عبد الله بن
أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير قال دخلت على مروان فذكر ما
يكون منه الوضوء فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من مس ذكره فليتوضأ انتهى ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث هشام بن
114

عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وفي الباب
عن أم حبيبة وأبي أيوب وأبي هريرة وأروى بنت أنيس وعائشة وجابر وزيد
بن خالد و عبد الله بن عمر وقال محمد بن إسماعيل هذا الحديث أصح شئ في
هذا الباب وكذلك رواه النسائي وقال لم يسمع هشام من أبيه هذا الحديث
وكذلك قال الطحاوي في شرح الآثار قال وإنما اخذه هشام من أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم ثم أخرجه عن همام عن هشام بن عروة حدثني أبو بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم حدثني عروة قال فرجع الحديث إلى أبي بكر انتهى
فلت يشكل عليه رواية الترمذي عن يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة قال
أخبرني أبي عن بسرة وكذلك رواه أحمد في مسنده حدثنا يحيى بن سعيد عن
هشام قال حدثني أبي ان بسرة بنت صفوان أخبرته وقال البيهقي في سننه
ورواه يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة عن أبيه فصرح فيه بسماع هشام من
أبيه انتهى وجمع الدارقطني طرق هذا الحديث في اثنى عشر ورقة كبار وروى
الطبراني في معجمه الوسط حديث بسرة من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام
بن عروة عن أبيه عن بسرة مرفوعا من مس فرجه وأنثييه فليتوضأ وضوءه للصلاة
قال الطبراني لم يقل فيه وأنثييه عن هشام الا عبد الحميد بن جعفر انتهى
ورواه الترمذي أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن بسرة
وبالسند الأول رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث العشرين من القسم
الأول والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين قال بن حبان ومعاذ
الله ان نحتج بمروان بن الحكم في شئ من كتبنا ولكن عروة لم يقنع بسماعه من
مروان حتى بعث مروان شرطيا له إلى بسرة فسألها ثم اتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة
ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها فالخبر عن عروة عن بسرة
متصل ليس بمنقطع وصار مروان والشرطي كأنهما زائدان في الاسناد ثم أخرجه
عن عروة عن بسرة وأخرجه أيضا عن عروة عن مروان عن بسرة وفي آخره قال
عروة فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته قال بن حبان وليس المراد من الوضوء
غسل اليد وان كانت العرب تسمى غسل اليد وضوءا بدليل ما أخبرنا وأسند عن
عروة بن الزبير عن مروان عن بسرة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس فرجه
فليتوضأ وضوءه للصلاة وأسند أيضا عن عروة عن بسرة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من مس فرجه فليعد الوضوء قال والإعادة لا تكون الا لوضوء الصلاة
115

انتهى واستضعفه الطحاوي بالاسناد الأول وروى بإسناده عن بن عيينة انه عد
جماعة لم يكونوا يعرفون الحديث ومن رأيناه يحدث عنهم سخرنا منه فذكر مهم
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثم أخرجه من طريق الأوزاعي أخبرني
الزهري حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال فثبت انقطاع هذا الخبر
وضعفه انتهى وبالسند الأول رواه مالك في الموطأ وعنه الشافعي في مسنده
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي ثم قال ورواه يحيى بن بكير عن مالك فزاد فيه
فليتوضأ وضوءه للصلاة قال الشافعي وقد روينا قولنا عن غير بسرة والذي يعيب
علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد وأم حراش وعدة نساء لسن
بمعروفات ويحتج بروايتهن وهو يضعف بسرة مع قدم هجرتها وصحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم
وقد حدثت بهذا الحديث في دار المهاجرين والأنصار متوافرون ولم يدفعه منهم أحد
ولما سمعها بن عمر لم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات قال البيهقي وإنما لم
يخرجا في الصحيح حديث بسرة لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة أو هو
عن مروان عن بسرة ولكنهما احتجا بسائر رواته والله أعلم
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه عن يزيد بن عبد الملك ونافع بن
أبي نعيم القاري عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افضى
أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك وصححه قال بن حبان واحتجاجنا فيه بنافع لا بيزيد فانا قد
تبرأنا من عهدة يزيد في كتاب الضعفاء انتهى ورواه أحمد في مسنده الطبراني
في معجمه والدارقطني في سننه وكذلك البيهقي ولفظه فيه من افضى
بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة قال ويزيد بن
عبد الملك تكلموا فيه ثم أسند عن أحمد بن حنبل انه سئل عنه فقال شيخ من أهل
المدينة ليس به باس ثم أخرجه البيهقي من طريق البخاري موقوفا على أبي هريرة
قال الذهبي في مختصره والبخاري أخرجه في تاريخه موقوفا هكذا انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن
116

الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من مس فرجه فليتوضأ انتهى قال الترمذي في كتابه قال محمد يعني
البخاري لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان وروى مكحول عن رجل
عن عنبسة غير هذا الحديث وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا قال وقال محمد
أصح شئ سمعت في هذا الباب حديث العلاء بن الحرث عن مكحول عن عنبسة بن
أبي سفيان عن أم حبيبة انتهى وهذا مناقض لما نقله عن البخاري في حديث بسرة
أنه قال هو أصح شئ في هذا الباب وقد تقدم ويجمع بينهما بأنه سمع أحدهما
أولا فقال هذا أصح شئ في الباب ثم سمع الآخر فوجده أصح من الأول فقال
هذا أصح شئ في الباب والله أعلم وأسند الطحاوي في شرح الآثار عن أبي
مسهر أنه قال لم يسمع مكحول من عنبسة شيئا قال وهم محتجون بقول أبي
مسهر فرجع الحديث إلى الانقطاع وهم لا يحتجون بالمنقطع
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن
عبد الرحمن بن عبد القار عن أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من
مس فرجه فليتوضأ انتهى وهو حديث ضعيف فإن إسحاق بن عبد الله بن أبي
فروة متروك باتفاقهم وقد اتهمه بعضهم وليس هو بإسحاق بن محمد الفروي الذي
في حديثه بن عمر الآتي ذاك ثقة وظنهما بن الجوزي واحدا فضعفهما وسيأتي
بيانه
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن عبد الله بن نافع عن بن أبي ذئب عن عقبة
بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء انتهى وأخرجه البيهقي
في سننه من طريق الشافعي عن عبد الله بن نافع به ولفظه فيه إذا افضى أحدكم
117

بيده إلى فرجه فليتوضأ ثم قال قال الشافعي وسمعت جماعة من الحفاظ غير
بن نافع يروونه لا يذكرون فيه جابرا قا الشافعي والافضاء إنما يكون بباطن
الكف كما يقال افضى بيده مبايعا وأفضى بيده إلى ركبته راكعا والى الأرض
ساجدا انتهى قال الذهبي في مختصره وهذا الحديث ان صح فليس الاستدلال
فيه على باطن الكف الا بالمفهوم وإنما يكون المفهوم حجة إذا سلم من المعارض كيف
وأحاديث المس مطلقا في مسمى المس أعم وأصح انتهى وقال الطحاوي في شرح
الآثار وقد روى الحافظ هذا الحديث عن بن أبي ذئب فأرسلوه لم يذكروا فيه
جابرا فرجع الحديث إلى الارسال وهم لا يحتجون بالمراسيل انتهى
حديث آخر روى أحمد في مسنده والبيهقي في سننه عن بقية بن الوليد
حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ
انتهى قال البيهقي ومحمد بن الوليد ثقة ثم أخرجه من طريق بن عدي بسنده عن
يحيى بن راشد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن عمرو بن شعيب نحوه
قال وخالفهم المثنى بن الصباح في إسناده وليس بالقوي ثم أخرجه عن المثنى بن
الصباح عن عمرو شعيب عن سعيد بن المسيب عن بسرة بنت صفوان قالت
يا رسول الله كيف ترى في إحدانا تمس فرجها والرجل يمس فرجه بعد ما يتوضأ قال
يتوضأ يا بسرة قال عمرو وحدثني سعيد بن المسيب أن مروان أرسل إليها ليسألها
فقالت دعني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده فلان وفلان و عبد الله بن عمر
فأمرني بالوضوء انتهى وأكثر الناس يحتج بحديث عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه
ثقة وأما إذا كان الراوي عنه مثل المثنى بن الصباح أو بن لهيعة وأمثالهما فلا يكون
حجة اما حديثه عن أبيه عن جده فقد تكلم فيه من جهة انه كان يحدث من صحيفة
جده قالوا وإنما روى أحاديث يسيرة وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها ومن فوائد
شيخنا الحافظ جمال الدين المزي قال عمرو بن شعيب يأتي على ثلاثة أوجه عمرو بن
118

شعيب عن أبيه عن جده وهو الجادة وعمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن
عمرو وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو فعمرو له ثلاثة أجداد
محمد و عبد الله وعمرو بن العاص فمحمد تابعي وعبد الله وعمرو صحابيان
فإن كان المراد بجده محمدا فالحديث مرسل لأنه تابعي وإن كان المراد به عمرو
فالحديث منقطع لان شعيبا لم يدرك عمروا وإن كان المراد به عبد الله فيحتاج إلى
معرفة سماع شعيب من عبد الله وقد ثبت في الدارقطني وغيره بسند صحيح
سماع عمرو من أبيه شعيب وسماع شعيب من جده عبد الله
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن محمد الفروي أنبأ عبد الله بن عمر
عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة
انتهى وإسحاق بن محمد الفروي هذا ثقة اخرج له البخاري في صحيحه
وليس هو بإسحاق بن أبي فروة المتقدم في حديث أبي أيوب ووهم بن الجوزي في
التحقيق فجعلهما واحدا وتعقبه صاحب التنقيح وله طريقان آخران عند
الطحاوي أحدهما عن صدقة بن عبد الله عن هشام بن زيد عن نافع عن بن عمر
قال وصدقة هذا ضعيف الثاني عن العلاء بن سليمان عن الزهري عن سالم عن أبيه
قال والعلاء ضعيف انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن بن إسحاق حدثني محمد بن
مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من مس فرجه فليتوضأ انتهى ورواه الطحاوي وقال إنه غلط لان عروة
أجاب مروان حين سأله عن مس الذكر بأنه لا وضوء فيه فقال له مروان أخبرتني بسرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فيه الوضوء فقال له عروة ما سمعت هذا حتى أرسل مروان إلى
بسرة شرطيا فأخبرته وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بما شاء الله فكيف يجوز أن
ينكر عروة على بسرة ما حدثه به زيد بن خالد هذا بما لا يستقيم ولا يصح انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر
119

بن حفص العمري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل
للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضئون قالت عائشة بأبي وأمي هذا
للرجال أفرأيت النساء قال إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة
انتهى وهو معلول بعبد الرحمن هذا قال أحمد كان كذابا وقال النسائي وأبو
حاتم وأبو زرعة متروك زاد أبو حاتم وكان يكذب وله طريق آخر عند
الطحاوي وأخرجه عن عمر بن شريح عن بن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعا من
مس فرجه فليتوضأ ثم قال وعمر بن شريح لا يحتج به انتهى
وقد روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حديثا يعارض هذا فقال حدثنا
الجراح بن مخلد ثنا عمر بن يونس اليمامي ثنا المفضل بن ثواب حدثني حسين بن أوزع
عن أبيه عن سيف بن عبد الله الحميري قال دخلت انا ورجال معي على عائشة
فسألناها عن الرجل يمس فرجه أو المراة تمس فرجها فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما أبالي إياه مسست أو أنفي انتهى
أحاديث أصحابنا ومن قال بعدم النقض حديث طلق بن علي وهو أمثلها وله
أربع طرق أحدها عند أصحاب السنن الا بن ماجة عن ملازم بن عمرو عن عبد الله
بن بدر عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الرجل يمس ذكره
في الصلاة فقال هل هو الا بضعة منك انتهى ورواه بن حبان في صحيحة قال
الترمذي هذا الحديث أحسن شئ يروى في هذا الباب وفي الباب عن أبي أمامة
وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه
وأيوب ومحمد تكلم فيهما بعض أهل الحديث وحديث ملازم بن عمرو أصح
120

وأحسن انتهى الطريق الثاني أخرجه بن ماجة عن محمد بن جابر عن قيس بن
طلق به ومحمد بن جابر ضعيف قال الفلاس متروك وقال بن معين ليس
بشئ الطريق الثالث عن عبد الحميد بن جعفر عن أيوب بن محمد العجلي عن قيس
بن طلق به وهي عند بن عدي و عبد الحميد ضعفه الثوري والعجلي ضعفه بن
معين الطريق الرابع عن أيوب بن عتبة اليمامي عن قيس بن طلق عن أبيه وهي عند
أحمد وأيوب بن عتبة قال ابن مغين ليس بشئ وقال النسائي مضطرب الحديث
والطريق الأول رواه الطحاوي في شرح الآثار وقال هذا حديث مستقيم
الاسناد غير مضطرب في اسناده ولا متنه ثم عن علي بن مديني أنه قال حديث
ملازم بن عمر وأحسن من حديث بسرة انتهى قال حبان في صحيحه وهذا
حديث أوهم عالما من الناس انه معارض لحديث بسرة وليس كذلك لأنه منسوخ
فإن طلق بن علكان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة حيث كان
المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثم اخرج عن قيس بن طلق عن أبيه
قال بنيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة وكان يقول قدموا اليمامي من الطين
فإنه من أحسنكم له مسا انتهى قال وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس
الذكر ثم ساقه كما تقدم قال وأبو هريرة إسلامه سنة سبع من الهجرة فكان خبر
أبي هريرة بعد خبر طلق لسبع سنين وطلق بن علي رجع إلى بلده ثم اخرج عن قيس
بن طلق عن أبيه قال خرجنا وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر خمسة من بني
حنيفة ورجلا من بني ضيعة بن ربيعة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه
وصلينا معه وأخبرناه ان بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فقال اذهبوا
بهذا الماء فإذا قد متم بلدكم فاكسروا بيعتكم ثم انضحوا مكانها من هذا الماء
واتخذوا مكانها مسجدا فقلنا يا رسول الله البلد بعيد والماء ينشف قال فأمدوه من
الماء فإنه لا يزيده الا طيبا فخرجنا فتشاحنا على حمل الإداوة أينا يحملها فجعلها
رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رجل منا يوما فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا
121

وراهب أولئك القوم رجل من طئ، فنادينا بالصلاة فقال الراهب دعوه ثم هرب
فلم ير بعد انتهى قال فهذا بيان واضح ان طلق بن علي رجع إلى بلده بعد قدمته
تلك ثم لا يعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك، فمن ادعى ذلك فليثبته بسنة مصرحة
ولا سبيل له إلى ذلك انتهى وذكر عبد الحفي احكامه حديث طلق هذا
وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في مثل ذلك وتعقبه بن القطان في
كتابه فقال إنما يرويه قيس بن طلق عن أبيه وقد حكى الدارقطني في سننه عن
بن أبي حاتم انه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا قيس بن طلق ليس ممن
يقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه قال والحديث مختلف فيه فينبغي ان يقال فيه
حسن ولا يحكم بصحته والله أعلم انتهى وأخرج البيهقي في سننه حديث
طلق من رواية ملازم بن عمرو ثم قال وملازم بن عمرو فيه نظر قال ورواه محمد بن
جابر اليمامي وأيوب بن عتبة عن قيس بن طلق قال وكلاهما ضعيف قال ورواه
عكرمة بن عمار عن قيس ان طلقا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأرسله وعكرمة بن عمار أمثل من
رواه وهو مختلف فيه في تعديله فغمزه يحيى القطان وأحمد بن حنبل وضعفه
البخاري جدا وقيس قال الشافعي سألنا عنه فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول
خبره وقد عارضه من عرفنا ثقته وثبته في الحديث ثم أسند عن يحيى بن معين وأبي
حاتم وأبي زرعة قالوا لا نحتج بحديثه ثم قال وان صح فنقول ان ذلك كان
في ابتداء الهجرة وسماع أبي هريرة وغيره كان بعد ذلك فان طلقا قدم على النبي
صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده ثم اخرج عن حماد بن زيد عن محمد بن جابر حدثني قيس
بن طلق عن أبيه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد فقال لي اخلط
الطين فإنك اعلم بخلطه فسألته أرأيت الرجل يتوضأ ثم مس ذكره فقال إنما
هو منك انتهى قال ومن أصحابنا من حمله على أنه مسه بظهر كفه ثم أسند إلى
طلق قال بينا انا أصلي إذ ذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري فسألته عليه
السلام فقال إنما هو منك قال والظاهر من حال من يحك فخذه إنما يصيبه
بظهر كفه انتهى واما ما رواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا الحسن بن
علي الفسوي ثنا حماد بن محمد الحنفي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه
طلق بن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ انتهى فسنده ضعيف
122

فان حماد بن محمد وشيخه أيوب ضعيفان قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن
أيوب بن عتبة الا حماد بن محمد وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد وهما
عندي صحيحان ويشتبه ان يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا ثم
سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة وأم حبيبة وأبي هريرة وزيد بن خالد
وغيرهم ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الامر بالوضوء من مس الذكر فسمع الناسخ
والمنسوخ انتهى كلامه في معجمه الكبير بحروفه وقال الحازمي في كتابه
الناسخ والمنسوخ وقد اختلق أهل العلم في هذا الباب فذهب بعضهم إلى ترك
الوضوء من مس الذكر آخذا بهذا الحديث وروى ذلك عن علي بن أبي طالب
وعمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان
وعمران بن الحصين وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين عنه
وسعيد بن المسيب في إحدى الروايتين وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وربيعة بن
أبي عبد الرحمن وسفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه ويحيى ين معين وأهل
الكوفة وخالفهم في ذلك آخرون فذهبوا إلى إيجاب الوضوء منه آخذا بحديث بسرة
وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن
خالد وأبي هريرة و عبد الله بن عمرو بن العاص وجابر وعائشة وأم حبيبة
وبسرة بنت صفوان وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين وابن عباس في إحدى
الروايتين وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح وأبان بن عثمان
وجابر بن زيد والزهري ومصعب بن سعد ويحيى بن أبي كثير وسعيد بن المسيب
في أصح الروايتين وهشام بن عروة والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي
وأحمد وإسحاق وهو المشهور من قول مالك ولهم في الجواب عن حديث طلق
أمران أحدهما تضعيفه والآخر الحكم بأنه منسوخ اما تضعيفه فان أيوب بن
123

عتبة ومحمد بن جابر ضعيفان عند أهل العلم بالحديث وقد رواه ملازم بن عمرو
عن عبد الله بن بدر عن قيس الا ان صاحبي الصحيح لم يحتجا بشئ من روايتهما
وتكلم الناس أيضا في قيس بن طلق فقال الشافعي سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه
بما يكون لنا قبول خبره وقال يحيى بن معين لقد أكثر الناس في قيس بن طلق وانه
لا يحتج بحديثه وعن بن أبي حاتم قال سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث
فقال قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه قالوا وحديث قيس
بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح فإنهما لم يحتجا بشئ من روايته وحديث
بسرة وان لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة أو هو عن مروان عن
بسرة فقد احتجا بسائر رواة حديثها مروان فمن دونه فترجح حديث بسرة ورواه
عكرمة بن عمار عن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو أقوى من رواه عن قيس الا انه
رواه منقطعا واما حكم النسخ فان حديث طلق كان في ابتداء الاسلام، ثم أسند إلى
طلق بن علي أنه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبنون المسجد، فذكره كما تقدم
قال ومما يؤيد حكم النسخ ان طلق الذي روى حديث الرخصة وجدناه قد روى
حديث الانتقاض ثم ساق من طريق الطبراني بسنده المتقدم ومتنه ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال من مس ذكره فليتوضأ قال فدل ذلك على صحة النسخ وان طلقا قد
شاهد الحالتين ثم اعترض للقائلين بالرخصة بان بسرة غير مشهورة واختلاف
الرواة في نسبها يدل على جهالتها لان بعضهم يقول هي كنانية وبعضهم يقول
هي أسدية ولو سلم عدم جهالتها فليست توازي طلقا في شهرته وكثرة روايته وطول
صحبته واختلاف الرواة أيضا في حديثها يدل على ضعف حديثها
وبالجملة فحديث النساء إلى الضعف ما هو قال وروى عن عمر بن علي الفلاس
أنه قال حديث طلق عندنا أثبت من حديث بسرة وأجاب بان بسرة مشهورة لا
ينكر شهرتها الامن لا يعرف أحوال الرواة ثم أسند إلى مالك أنه قال بسرة بنت
صفوان هي جدة عبد الملك بن مروان أو أمه فاعرفوها وقال مصعب الزبيري بسرة
بنت صفوان بن نوفل بن أسد من التابعيات وورقة بن نوفل عمها وليس لصفوان بن
نوفل عقب الا من قبل بسرة وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قال واما
اختلاف الرواة في حديثها فقد وجد في حديث طلق نحو ذلك ثم إذا صح للحديث
124

طريق واحد وسلم من شوائب الطعن تعين المصير إليه ولا عبرة باختلاف الباقين
وطريق مالك إليها لا يختلف في صحته وعدالة رواته قال وقد روى هذا الحديث
جماعة من الصحابة غير بسرة نحو عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة
وأم حبيبة وكثرة الرواة مؤثرة في الترجيح واما حديث الرخصة فإنه لا يحفظ من
طريق توازي هذه الطريق أو تقاربها الا من حديث طلق بن علي اليمامي وهو حديث
فرد في الباب قال وزعم بعض الكوفيين ان كثرة الرواة لا اثر لها في باب الترجيحات
لان طريق كل واحد منهما غلبة الظن فصار كشهادة شاهدين مع شهادة أربعة ورده
بان غلبة الظن إنما تعتبر في باب الرواية دون الشهادة الا ترى انه لو شهد خمسون
امرأة بشهادة لم تقبل شهادتين ولو شهد بها رجلان قبلا ومعلوم أن شهادة خمسين
امرأة أقوى في اليقين وكذلك سوى الشارع بين شهادة امامين عالمين وشهادة رجلين
جاهلين واما في الرواية فترجح رواية الأعلم الدين على غيره من غير خلاف يعرف في
ذلك فظهر الفرق بينهما ووجب المصير إلى حديث بسرة والله أعلم انتهى
الحديث الثاني من أحاديث الأصحاب أخرجه بن ماجة في سننه عن جعفر
بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني مسست ذكري
وانا أصلي فقال لا باس إنما هو جزء منك انتهى وهو حديث ضعيف قال
البخاري والنسائي والدارقطني في جعفر بن الزبير متروك والقاسم أيضا ضعيف
الحديث الثالث أخرجه الدارقطني في سننه عن الفضل بن المختار عن عبيد الله
بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي وكان من الصحابة ان رجلا قال يا رسول
الله اني احتككت في الصلاة فأصابت يدي فرجى فقال النبي صلى الله عليه وسلم وانا افعل
ذلك انتهى وهو حديث ضعيف أيضا قال بن عدي الفضل بن مختار
أحاديثه منكرة وقال أبو حاتم هو مجهول وأحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل
انتهى قال الطحاوي في شرح الآثار وقد روى عن جماعة من الصحابة مثل
مذهبنا ثم اخرج عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال ما أبالي مسست أنفي
أو ذكري واخرج عن بن مسعود نحو ذلك واخرج عن عمار بن ياسر أنه قال وإنما
هو بضعة منك وان لكفك موضعا غيره ثم اخرج عن حذيفة وعمران بن حصين
125

كانا لا يريان في مس الذكر وضوءا قال ولا نعلم أحدا من الصحابة أفتى بالوضوء منه
غير بن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة وما رواه عن بن عباس أنه قال فيه
الوضوء فقد روى عنه خلافه ثم اخرج عنه أنه قال ما أبالي إياه مسست
ذكري أو أنفي قال وما رووه عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي
وقاص قال كنت أمسك المصحف على أبي فمسست ذكري فأمرني ان أتوضأ
فمحمول على غسل اليدين بما أخبرنا وأسند إلى الزبير عن عدي عن مصعب بن سعد مثله
وقال فيه قم فاغسل يدك انتهى وحكى صاحب التنقيح قال اجتمع
سفيان وابن جريج فتذاكرا مس الذكر فقال بن جريج يتوضأ منه وقال سفيان
لا يتوضأ منه أرأيت لو أمسك بيده منيا ما كان عليه قال بن جريج يغسل يده
قال فأيهما أكبر المنى أو مس الذكر فقال ما ألقاها على لسانك الا الشيطان
انتهى
أحاديث مس المرأة حديث للخصوم القائلين بنقض الوضوء منه رواه الترمذي في
كتابه من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم
رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا لقي امرأة وليس بينهما معرفة فليس يأتي
الرجل إلى امرأته شيئا الا أتاه إليها الا انه لم يجامعها قال فأنزل الله أقم الصلاة
طرفي النهار وزلفا من الليل الآية قال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ ويصلى قال
معاذ فقلت يا رسول الله أهي له خاصة أم للمؤمنين عامة قال بل للمؤمنين
عامة انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بمتصل فان عبد الرحمن بن أبي
126

ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر وقتل عمر
و عبد الرحمن بن أبي ليلى صغير بن ست سنين انتهى ذكره في تفسير سورة
هود ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ورواه الدارقطني ثم البيهقي
في سننهما وألفاظهم الثلاثة فيه قال يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من
امرأة لا تحل له فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته الا اصابه منها غير أنه لم
يجامعها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءا حسنا ثم صل قال فأنزل الله الآية
فقال معاذ أهي له خاصة أم للمسلمين عامة قال بل للمسلمين عامة انتهى
وهذا الحديث مع ضعفه وانقطاعه ليس فيه حجة لأنه إنما امره بالوضوء للتبرك وإزالة
الخطيئة لا للحدث ولذلك قال له توضأ وضوءا حسنا وقد ورد أنه عليه السلام أتاه
رجل فقال له يا رسول الله ادع الله لي ان يعافيني من الخطايا فقال له اكتم الخطيئة
وتوضأ وضوءا حسنا ثم صل ركعتين ثم قال اللهم فذكر دعاءا وفي مسلم
عن أبي هريرة حديث خروج الخطايا من كل عضو يغسله في الوضوء ثم ذكر البيهقي
اثرا عن بن مسعود واثرا عن بن عمر واثرا عن عمر ان اللمس ما دون الجماع
فمن لمس فعليه الوضوء ثم قال وخالفهم بن عباس فقال هي الجماع ولم ير في
اللمس وضوءا ثم أسند عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بن عباس أنه قال
اللمس والمباشرة الجماع ولكن الله يكنى ما يشاء بما يشاء انتهى اما اثر عمر
فقد ضعفه بن عبد البر وقال هو عندهم خطأ وهو صحيح عن بن عمر لا عن
عمر انتهى
أحاديث أصحابنا ومن قال بعدم النقض منه فيه عن عائشة وأبي امامة
وحديث عائشة اختلفت طرقه اختلافا كثيرا واما ألفاظه فإنها وان اختلفت فإنها ترجع
إلى معنى واحد وانا أذكر ما تيسر لي وجوده من الصحيح وغيره
الطريق الأول رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سلمة
عن عائشة قالت كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد
غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح وفي
لفظ فإذا أراد ان يسجد غمز رجلي فضممتها إلى ثم سجد انتهى
طريق آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة عن عائشة قالت فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات
ليلة فجعلت اطلبه بيدي فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد
127

يقول أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا احصى
ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك انتهى وهذان الطريقان رواه النسائي في
سننه وبوب عليهما ترك الوضوء من مس الرجل امرأته بغير شهوة والخصوم
يحملون هذا الحديث على أن المس وقع بحائل وهذا التأويل مع شدة بعده يدفعه بعض
ألفاظه كما ستراه إن شاء الله تعالى
طريق آخر روى أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث الأعمش عن حبيب
بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسل قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى
الصلاة ولم يتوضأ قال عروة فقلت لها من هي الا أنت فضحكت انتهى
ثم أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن مغراء ثنا الأعمش ثنا أصحاب لنا عن عروة
المزني عن عائشة بهذا الحديث قال أبو داود قال يحيى بن سعيد القطان لرجل
أحك عني أن هذين الحديثين يعني حديث الأعمش هذا وحديثه بهذا الاسناد في
المستحاضة انها تتوضأ لكل صلاة انهما شبه لا شئ قال أبو داود وروى عن
الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت الا عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن
عروة بن الزبير بشئ قال أبو داود وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن
الزبير عن عائشة حديثا صحيحا انتهى والترمذي لم ينسب عروة في هذا الحديث
أصلا واما بن ماجة فإنه نسبه فقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش
عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة فذكره وكذلك رواه
الدارقطني ورجال هذا السند كلهم ثقات قال الترمذي وسمعت محمد بن
إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئا
قال الترمذي ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ انتهى وروى البيهقي في
سننه هذا الحديث وضعفه وقال إنه يرجع إلى عروة المزني وهو مجهول
انتهى قلنا بل هو عروة بن الزبير كما أخرجه بن ماجة بسند صحيح واما سند أبي
داود الذي قال فيه عن عروة المزني فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ناس
مجاهيل و عبد الرحمن بن مغراء متكلم فيه قال بن المديني ليس بشئ كان يروي
عن الأعمش ستمائة حديث أحاديث تركناه لم يكن بذلك قال بن عدي والذي قاله بن
المديني هو كما قال فإنه روى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات واما ما
حكاه أبو داود عن الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت الا عن عروة المزني
128

فهذا لم يسنده أبو داود بل قال عقيبه وقد روى حمزة عن حبيب عن عروة بن الزبير
عن عائشة حديثا صحيحا فهذا يدل على أن أبا داود لم يرض بما قاله الثوري ويقدم
هذا لأنه مثبت والثوري نافي والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو انه عليه السلام
كان يقول اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري رواه الترمذي في
الدعوات وقال غريب وسمعت محمد بن إسماعيل يقول حبيب بن أبي ثابت لم
يسمع من عروة شيئا انتهى وعلي تقدير صحة ما قال البيهقي انه عروة المزني
فيحتمل ان حبيبا سمعه من بن الزبير وسمعه من المزني أيضا كما وقع ذلك في كثير
من الأحاديث والله أعلم وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث
فقال صححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له وحبيب لا ينكر
لقاؤه عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتا وقال في موضع آخر لا شك
انه أدرك عروة انتهى
طريق آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن الثوري عن أبي دوق عن إبراهيم التيمي
عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلى ولا يتوضأ قال أبو داود
والنسائي وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة قال البيهقي ورواه أبو حنيفة عن
أبي دوق عن إبراهيم عن حفصة وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من حفصة قال
والحديث الصحيح عن عائشة إنما هو في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على
ترك الوضوء منها ولو صح إسناده لقلنا به انتهى قلنا اما قوله إبراهيم لم يسمع
من عائشة فقال الدارقطني في سننه بعد أن رواه وقد روى هذا الحديث معاوية
بن هشام عن الثوري عن أبي دوق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة فوصل سنده
ومعاوية هذا اخرج له مسلم في صحيحه وأبو دوق عطية بن الحرب اخرج له
الحاكم في المستدرك وقال أحمد ليس به باس وقال بن معين صالح وقال
أبو حاتم صدوق وقال بن عبد البر قال الكوفيون هو ثقة لم يذكره أحد بجرح
ومراسيل الثقات عندهم حجة واما قوله والحديث الصحيح عن عائشة في قبلة
الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها فهذا تضعيف منه للرواة
من غير دليل ظاهر والمعنيان مختلفان فلا يقال أحدهما بالآخر
129

طريق آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن
فضيل عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ وربما فعله بي انتهى وهذا سند جيد
طريق آخر أخرجه النسائي عن بن الهاد واسمه يزيد بن عبد الله عن
عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي
واني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد ان يوتر مسني برجله انتهى
وهذا الاسناد على شرط الصحيح وابن الهاد قد اتفقوا على الاحتجاج به
طريق آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا بقية بن الوليد حدثني
عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو
صائم وقال إن القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم وقال يا حميراء ان في
ديننا لسعة انتهى
طريق آخر روى البزار في مسنده حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح ثنا
محمد بن موسى بن أعين ثنا أبي عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة ان النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ و عبد الكريم روى عنه مالك في
الموطأ واخرج له الشيخان وغيرهما ووثقه بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة
وغيرهم وموسى بن أعين مشهور وثقه أبو زرعة وأبو حاتم واخرج له مسلم
وأبوه مشهور روى له البخاري وإسماعيل روى عنه النسائي ووثقه وأبو عوانة
الأسفرائيني واخرج له بن خزيمة في صحيحه وذكره بن حبان في الثقات
واخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الكريم وقال عبد الحق بعد ذكره
لهذا الحديث من جهة البزار لا اعلم له علة توجب تركه ولا اعلم فيه مع ما تقدم
130

أكثر من قول بن معين حديث عبد الكريم عن عطاء حديث ردي لأنه غير محفوظ،
وانفراد الثقة بالحديث لا يضره فاما ان يكون قبل نزول الآية ويكون الملامسة
الجماع كما قال بن عباس انتهى كلامه فان قيل فقد رواه الدارقطني من جهة
بن مهدي عن الثوري عن عبد الكريم عن عطاء قال ليس في القبلة وضوء قلنا
الذي رفعه زاد والزيادة مقبولة والحكم للرافع ويحتمل ان يكون عطاءا أفتى به مرة
ومرة أخرى رفعه والله أعلم
طريق آخر اخرج الدارقطني من طرق عن سعيد بن بشير حدثني منصور بن
زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني
إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ قال الدارقطني تفرد به سعيد وليس بالقوي
انتهى وسعيد هذا وثقه شعبة ودحيم كذا قال بن الجوزي واخرج له الحاكم في
المستدرك وقال بن عدي لا أرى بما يروى بأسا والغالب عليه الصدق انتهى
وأقل أحوال مثل هذا ان يستشهد به والله أعلم
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن بن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت لا تعاد الصلاة من القبلة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ويصلي ولا
يتوضأ انتهى ولم يعله الدارقطني بشئ سوى ان منصورا خالفه وذكر البيهقي
في الخلافيات ان أكثر رواته إلى بن أخي الزهري مجهولون وينظر فيه
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن حاجب بن سليمان
عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت قبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ثم ضحكت والنيسابوري امام مشهور
وحاجب لا يعرف فيه مطعن وقد حدث عنه النسائي ووثقه وقال في موضع
آخر باس به وباقي الاسناد لا يسأل عنه الا ان الدارقطني قال عقيبه تفرد به حاجب
عن وكيع ووهم فيه والصواب عن وكيع بهذا الاسناد انه عليه السلام كان يقبل وهو
131

صائم وحاجب لم يكن له كتاب وإنما كان يحدث من حفظه ولقائل ان يقول هو
تفرد ثقة وتحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة خطأه بحيث يجب ترك حديثه
فلا يكون ثقة ولكن النسائي وثقه وان لم يوجب خروجه عن الثقة فلعله لم يهم
وكان لنسبته إلى الوهم بسبب مخالفة الأكثرين له
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن عبد العزيز الوراق عن عاصم بن
علي عن أبي أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انه بلغها قول بن عمر
في القبلة الوضوء فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ قال
الدارقطني لا اعلم حدث به عن عاصم هكذا غير علي بن عبد العزيز انتهى كلامه
وعلي هذا مصنف مشهور مخرج عنه في المستدرك وعاصم اخرج له البخاري
وأبو أويس استشهد به مسلم
واما حديث أبي أمامة فرواه بن عدي في الكامل من حديث ركن بن عبد الله
الشامي عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال قلت يا رسول الله الرجل يتوضأ ثم
يقبل أهله ويلاعبها أينقض ذلك وضوءه قال لا انتهى وأسند تضعيف ركن
هذا عن بن معين ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بركن وقال إنه
روى عن مكحول ستمائة حديث ما لكثير منها أصل لا يجوز الاحتجاج به بحال
انتهى
واما حديث أبي هريرة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد
الرازي ثنا سعد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي ثنا يزيد بن سنان عن عبد
الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءا انتهى
واما حديث بن عمر فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن غالب بن عبد الله
العقيلي الجزري عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ولا يعيد
132

الوضوء انتهى وأعله بغالب هذا وقال إنه كان يروي المعضلات عن الثقات
لا يجوز الاحتجاج بخبره
فصل في الغسل
الحديث الثالث والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عشر من الفطرة
وذكر منها المضمضة والاستنشاق قلت رواه الجماعة الا البخاري فمسلم
وأبو داود وابن ماجة في الطهارة والترمذي في الاستيذان وقال حديث
حسن والنسائي في الزينة كلهم عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن
عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب
واعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف
الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء قال مصعب ونسيت العاشرة الا ان بكون
المضمضة انتهى وهذا الحديث وإن كان مسلم أخرجه في صحيحه ففيه علتان
ذكرهما الشيخ تقي الدين في الامام وعزاهما لابن مندة إحداهما الكلام في
مصعب بن شيبة قال النسائي في سننه منكر الحديث وقال أبو حاتم ليس
بقوي ولا يحمدونه الثانية ان سليمان التيمي رواه عن طلق بن حبيب عن بن الزبير
مرسلا هكذا رواه النسائي في سننه ورواه أيضا عن أبي بشر عن طلق بن حبيب
عن بن الزبير مرسلا قال النسائي وحديث التيمي وأبي بشر أولى وأبو مصعب
منكر الحديث انتهى ولأجل هاتين العلتين لم يخرجه البخاري ولم يلتفت مسلم
إليهما لان مصعبا عنده ثقة والثقة إذا وصل حديثا يقدم وصله على الارسال
حديث آخر رواه أبو داود وابن ماجة من حديث علي بن زيد عن سلمة
بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الفطرة
المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط
133

والاستحداد وغسل البراجم والانتضاح بالماء والاختتان انتهى ورواه أحمد
في مسنده والطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وسكت عنه أبو داود
ثم المنذري بعده وفي رواية لأبي داود عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار
عن أبيه فيكون مرسلا لان أباه ليست له صحبة واما جده عمار فقال البخاري
لا يعرف لسلمة من عمار سماع وهذا على شرطه وغيره يكتفي بالمعاصرة والبيهقي
هنا سكت عن علي بن زيد وقد ضعفه في باب الوضوء من النبيذ قال بن القطان
في كتاب الوهم والايهام في كلام علي هذا الحديث وعلي بن زيد وثقه قوم
وضعفه آخرون وجملة امره انه كان يرفع الكثير مما يقفه غيره واختلط أخيرا ولا
يتهم بكذب انتهى
حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق للشافعي وهو حديث أم
سلمة قالت يا رسول الله اني امرأة أشد ضفر رأسي فقال إنما يكفيك ان تحثي
على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهري وفي لفظ فإذا أنت قد
طهرت وهو دليل جيد
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن القاسم بن عصر عن إسماعيل بن
مسلم عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق
سنة انتهى قال الدارقطني والقاسم وإسماعيل بن مسلم ضعيفان انتهى
أحاديث القائلين بوجوبهما في الطهارتين واستدل بن الجوزي لمذهب أحمد
بأحاديث منها ما أخرجه الدارقطني عن عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن المبارك عن بن
جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه انتهى قال الدارقطني تفرد به
عصام ووهم فيه والصواب عن بن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا عن النبي
صلى الله عليه وسلم ثم أخرجه كذلك قال وهذا أصح هكذا رواه السفيان وغيرهم
134

ورواه البيهقي كذلك ونقل كلام الدارقطني
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن هدبة بن خالد عن حماد بن
سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضة
والاستنشاق انتهى قال الدارقطني لم يسنده عن حماد غير هدبة وغيره يرسله
وقال البيهقي رواه هدبة مرة أخرى فأرسله لم يقل فيه عن أبي هريرة وأظن
هدبة أرسله مرة ووصله أخرى وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله وخالفهما
إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن بن
عباس بدل أبي هريرة
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن عطاء عن بن عباس عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الا بهما قال
الدارقطني وجابر الجعفي ضعيف وقد اختلف عنه فأرسله بعضهم عنه عن عطاء عن
النبي وهو أشبه بالصواب قال في التنقيح وجابر الجعفي ضعفه الجمهور
وسكت بن الجوزي عنه هنا فإنه يحتج به في موضع يكون الحجة له بالحديث
ويضعفه في موضع يكون الحديث حجة عليه
الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام في المضمضة والاستنشاق انهما
فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء قلت غريب وروى الدارقطني ثم
135

البيهقي في سننهما من حديث بركة بن محمد الحلبي عن يوسف بن أسباط عن
سفيان عن خالد الحذاء عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة انتهى قال الحاكم في المدخل بركة بن
محمد الحلبي يروي عن يوسف بن أسباط أحاديث موضوعة وقال الدارقطني حديث
بركة هذا باطل لم يحدث به غيره وهو يضع الحديث وقال البيهقي في المعرفة
هذا الحديث وهم وإنما يروي هذا عن محمد بن سيرين قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاستنشاق في الجنابة ثلاثا هكذا رواه الثقات عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن
بن سيرين مرسلا فأسنده بركة الحلبي عن أبي هريرة وغير لفظه ثم أسنده من جهة
الدارقطني بسند صحيح إلى بن سيرين قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستنشاق في
الجنابة ثلاثا قال وهكذا رواه عبيد الله بن موسى وغيره عن سفيان الثوري عن خالد
الحذاء عن بن سيرين وهو الصواب انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال لم
يروه موصولا غير بركة الحلبي وكان يحدث وسائر ما يرويه من الأحاديث باطل لا
يرويها غيره وقال لي عبدان الأهوازي حدثني حديثا فحدثته بهذا الحديث فقال
لي هات حديث المسلمين انا قد رأيت بركة هذا بحلب ولم اكتب عنه لأنه كان
يكذب انتهى وذكره بن الجوزي في الموضوعات واتهم بركة وقال لعله
وضعه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وقد روى هذا الحديث موصولا
من غير حديث بركة قال أخرجه الإمام أبو بكر الخطيب من جهة الدارقطني ثنا علي
بن محمد بن يحيى بن مهران السواق ثنا سليمان بن الربيع النهدي ثنا همام بن مسلم
ثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق ثلاثا للجنب فريضة قال الدارقطني هكذا حدثنيه
هذا الشيخ من أصله وهو غريب تفرد به سليمان بن الربيع عن همام انتهى قلت
وبهذا الاسناد أيضا ذكره بن الجوزي في الموضوعات واتهم هماما بوضعه واغلظ
فيه القول عن الدارقطني وابن حبان ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء في
ترجمة همام فقال حدثنا حمزة بن داود نا سليمان بن الربيع به وأعله بهمام وقال إنه
كان يسرق الحديث ويحدث به فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به وهذا
لا أصل لرفعه وإنما هو مرسل انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وربما استدل
136

لهذا بحديث أبي هريرة فبلوا الشعر وانقوا البشر رواه الترمذي وبحديث
عطاء بن السائب عن زاذان عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ترك شعرة من
جسده لم يغلها فعل به كذا وكذا من النار قال علي فمن ثم عاديت شعري وكان
يجزه انتهى رواه بن ماجة وبحديث أبي ذر فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك
أو قال بشرتك رواه أصحاب السنن الا بن ماجة انتهى كلامه قال البيهقي في
المعرفة قال الشافعي وقد اعتمد بعض الناس في ذلك على اثر ورد عن بن عباس
ثم اخرج البيهقي من طريق الدارقطني بسنده عن أبي حنيفة عن عثمان بن راشد عن
عائشة بنت عجرد عن بن عباس فيمن نسي المضمضة والاستنشاق قال لا يعيد الا ان
يكون جنبا قال وزعم أن هذا اثر ثابت يترك به القياس وهو يعيب علينا الاخذ
بحديث بسرة في مس الذكر وعثمان بن راشد وعائشة بنت عجرد غير معروفين
ببلدهما فكيف يجوز لاحد ان يثبت ضعيفا مجهولا ويوهن قويا معروفا انتهى
الحديث الخامس والعشرون حديث ميمونة في اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الجنابة قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم مطولا ومختصرا عن عبد الله بن
عباس قال حدثتني خالتي ميمونة قالت أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من
الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ثم ادخل يده في الاناء ثم افرغ على فرجه وغسله
بشماله ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم
افرغ على رأسه ثلاث حفنات ملا كفه ثم غسل سائر جسده ثم تنحي عن مقامه
ذلك فغسل رجليه ثم اتيته بالمنديل فرده انتهى قال في الامام غسله بكسر
الغين ما يغسل به
137

الحديث السادس والعشرون حديث أم سلمة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم يكفيك
إذا بلغ الماء أصول شعرك قلت رواه الجماعة الا البخاري من حديث عبد الله بن
رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله اني امرأة أشد ضفر رأسي
فأنقضه لغسل الجنابة فقال لا إنما يكفيك ان تحثي على رأسك ثلاث
حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين وفي رواية لمسلم اما أنقضه للجنابة
والحيض فقال لا الحديث
حديث آخر أخرجه مسلم عن عبيد بن عمير قال بلغ عائشة ان عبد الله بن
عمرو بن العاص كان يأمر النساء إذا اغتسلن ان ينقضن رؤوسهن فقالت يا عجبا
لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن ان ينقضن رؤوسهن أفلا يأمرهن ان يحلقن
رؤوسهن لقد كنت اغتسل انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد وما أزيد على أن
افرغ على رأسي ثلاث افراغات انتهى
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش عن
أبيه قال حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال أفتاني جبير بن نفير ان
ثوبان حدثهم انهم استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال اما الرجل فلينتشر
رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر واما المرأة فلا عليها ان لا تنقضه لتغرف على
رأسها ثلاث غرفات يكفيها انتهى وإسماعيل بن عياش وابنه فيهما مقال قال
الشيخ تقي الدين في الامام وقد ورد ما يدل على أن المرأة تنقض شعرها في
الحيض روى البخاري في صحيحه من حديث بن شهاب عن عروة عن عائشة
قالت أهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدى
فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليله عرفة فقالت يا رسول الله هذه ليلة
138

يوم عرفة إنما كنت تمتعت بعمرة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك
وامتشطي وأمسكي عن عمرتك ففعلت فلما قضيت الحج أمر عبد الرحمن ليلة
الحصبة فاعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي نسكت انتهى قال وروى الدارقطني
في الافراد ثم الخطيب من جهته في تلخيص المتشابه من حديث مسلم بن صبيح
ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسلت المرة من
حيضتها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمى وأشنان فإذا اغتسلت من الجنابة صبت
على رأسها الماء وعصرته انتهى
الحديث السابع والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم الماء من الماء قلت رواه مسلم
وأبو داود من حديث أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الماء من الماء انتهى ولفظ مسلم إنما الماء من الماء وأخرجه مسلم في قصة
من حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين
إلى قبا حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به
فخرج يجر إزاره فقال عليه السلام أعجلنا الرجل عقال عتبان يا رسول الله
أرأيت الرجل يعجل عن امرأته انه ولم يمن ماذا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الماء من
الماء انتهى وهذا السياق يدفع رواية من روى عن بن عباس ان قوله عليه السلام
الماء من الماء إنما كان في الاحتلام رواهما الترمذي في كتابه فقال حدثنا علي
بن حجر نا شريك عن أبي الجحاف عن عكرمة عن بن عباس قال إنما الماء من الماء
في الاحتلام انتهى وأسند عن وكيع قال لم نجد هذا الحديث الا عند شريك
139

واسم أبي الجحاف داود بن أبي عوف قال الثوري كان مرجئا انتهى ورواه
الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن الصباح ثنا
شريك عن أبي الجحاف عن عكرمة عن بن عباس قال إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم الماء من
الماء في الاحتلام انتهى
الكلام على نسخ هذا الحديث اعلم أن حديث الماء من الماء حديث منسوخ
لان مفهومه عدم الغسل من الاكسال بل ورد في الصحيحين صريحا من حديث
أبي بن كعب ومن حديث أبي سعيد اما حديث أبي بن كعب فرواه البخاري
ومسلم من رواية أبي أيوب عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يصيب من المرأة
ثم يكسل فقال يغسل ما اصابه من المرأة ثم يتوضأ ويصلي انتهى
واما حديث أبي سعيد فرواه البخاري ومسلم أيضا من رواية ذكوان عنه ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر ماءا فقال
لعلنا أعجلناك فقال نعم يا رسول الله فقال إذا عجلت أو قحطت فلا غسل
عليك وعليك الوضوء انتهى
وهذه الأحاديث كلها منسوخة وللناس في الاستدلال على نسخها طريقان
أحدهما بالأحاديث والثاني رجوع من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الأول
اما الأحاديث فمنها ما ذكر فيها النسخ ومنها ما لم يذكر
فيها فالتي لم يذكر فيها النسخ بل فيه الغسل فقط حديثان أحدهما من رواية أبي هريرة والآخر
من رواية أبي موسى فحديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم من حديث أبي رافع
عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس الرجل بين شعبها الأربع ثم جهدها
فقد وجب الغسل زاد مسلم في رواية وان لم ينزل انتهى واخرج مسلم قبل
ذكره حديث أبي هريرة بهذا عن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا كما ينسخ القرآن بعضه بعضا انتهى
وحديث أبي موسى رواه مسلم من حديث أبي بردة عنه قال اختلف في ذلك رهط
من المهاجرين والأنصار فقال الأنصاريون لا يجب الغسل الا من الدفق أو من الماء
وقال المهاجرون بل إذا خالط فقد وجب الغسل فقال الو موسى انا أشفيكم
من ذلك فقمت واستأذنت على عائشة فأذن لي فقلت لها يا أماه اني ان أسألك
140

عن شئ واني أستحييك فقالت لا تستح ان تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي
ولدتك فإنما انا أمك قلت فما يوجب الغسل قالت على الخبير سقطت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب
الغسل انتهى
وأما الأحاديث التي صرح فيها بالنسخ فهي ثلاثة أحدها ما أخرجه أبو داود
والترمذي، وابن ماجة عن يونس عن الزهري عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب
قال إنما كان الماء من الماء رخصه في أول الاسلام ثم نهى عنها انتهى قال
الشيخ تقي الدين في الامام وأعل هذا الحديث بأن فيه انقطاعا بين الزهري
وسهل يدل عليه رواية بن ماجة قال قال سهل بن سعد الساعدي فلم يذكر
الاخبار وعند أبي داود وقال بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بن شهاب
قال حدثني بعض من ارضى ان سهل بن سعد الساعدي أخبره ان أبي بن كعب
أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وهذا يقتضى ان الزهري لم يسمعه من سهل وقد
جزم بذلك البيهقي فقال وهذا الحديث لم يسمعه الزهري من سهل إنما سمعه من
بعض أصحابه عن سهل قال بن خزيمة وهذا الرجل الذي لم يسمعه عمرو بن الحارث
يشبه ان يكون أبا حازم بن سلمة بن دينار لان مبشر بن إسماعيل روى هذا الخبر عن
أبي غسان محمد بن مطرف عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال
الشيخ قلت قد رواه بهذا السند أبو داود في سننه وابن حبان في صحيحه عن
أبي جعفر الجمال عن مبشر بن إسماعيل بالسند المذكور ولفظه عن أبي بن كعب ان
الفتيا التي كانوا يفتون ان الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء
الاسلام ثم أمر بالاغتسال بعد انتهى وأخرجه البيهقي في سننه من طريق أبي
داود وقال قبل إخراجه وقد رويناه بإسناد آخر صحيح موصول عن سهل بن سعد
ثم ذكره وقال بن حاتم سألت أبي عن أحاديث الماء من الماء فقال كلها
منسوخة بحديث سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال الشيخ وقد وقع لي رواية عن
محمد بن جعفر من جهة أبي موسى عنه عن معمر عن الزهري وفيها قال أخبرني
سهل بن سعد فعليك بالبحث عنها فإنها مخالفة لما ذكره عمرو بن الحارث والله
141

اعلم انتهى
الحديث الثاني أخرجه بن حبان في صحيحه عن الحسين بن عمران عن
الزهري قال سألت عروة الذي يجامع وينزل قال على الناس ان يأخذوا
بالآخر فالآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثتني عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل
ذلك ولا يغتسل وذلك قبل فتح مكة ثم اغتسل بعد ذلك وامر الناس بالغسل
انتهى وأخرجه الحازمي في كتابه من جهة بن حبان وقال هذا حديث قد
حكم بن حبان بصحته غير أن الحسين بن عمران كثيرا ما يأتي عن الزهري بالمناكير
وقد ضعفه غير واحد من أهل الحديث
وعلى الجملة فالحديث بهذا السياق فيه ما فيه ولكنه حسن جيد في الاستشهاد
قال الشيخ الذي وجدته في كتاب الضعفاء للعقيلي انه روى هذا الحديث ثم
اعله بالحسين بن عمران وقال لا يتابع على حديثه ولا يعلم هذا اللفظ عن عائشة الا
في هذا الحديث انتهى وذكر العقيلي عن آدم بن موسى قال سمعت البخاري
يقول حسين بن عمران الجهني لا يتابع على حديثه وكذلك ذكر أبو العرب القروي
عن أبي بشر قال ولم أقف على أكثر من هذا في حسين بن عمران وهو أخف من
قول الحازمي وقد ضعفه غير واحد بل لو قيل ليس فيه جزم بالتضعيف لم يبعد
ذلك انتهى
الحديث الثالث رواه أحمد في مسنده حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا رشدين بن
سعد عن موسى بن أيوب الغافقي عن بعض ولد رافع بن خديج عن رافع بن خديج
قال ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا على بطن امرأتي فقمت ولم انزل فاغتسلت
وخرجت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا عليك إنما الماء من الماء قال رافع ثم أمرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالغسل انتهى وذكره الحازمي في كتابه وقال هذا
حديث حسن انتهى وهذا فيه نظر فان فيه رشدين بن سعد أكثر الناس على ضعفه
142

وبعض ولد رافع مجهول العين والحال وحديث يشتمل سنده على ضعيف ومجهول
كيف يكون حسنا قال الشيخ تقي الدين وقد وقع لي تسمية ولد رافع في أصل
سماع الحافظ السلفي وساق الشيخ سنده إلى رشدين بن سعد عن موسى بن أيوب عن
سهل بن رافع بن خديج عن رفيع بن خديج فذكره
الطريق الثاني في الاستبدال على النسخ وهو أن بعض من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم
الحكم الأول أفتى بوجوب الغسل أو رجع عن الأول فروى مالك عن يحيى بن سعيد
عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن
ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد يغتسل فقال له
محمود إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل فقال له زيد إن أبي بن كعب نزع عن
ذلك قبل أن يموت قال الشافعي لا أحسبه تركه إلا أنه ثبت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
بعده ما نسخه وقال البيهقي قول أبي بن كعب الماء من الماء ثم نزوعه عنه بعد
ذلك يدل على أنه ثبت عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعده ما نسخه وكذلك عثمان بن
عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهما وروى مالك أيضا عن بن شهاب عن سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون
إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل والله أعلم انتهى
الحديث الثامن والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا التقي الختانان
وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أولم ينزل قلت رواه الإمام أبو محمد عبد الله
بن وهب في مسنده أخبرنا الحرث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ما يوجب الغسل فقال إذا
143

التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل أنتهي وذكره عبد الحق
في أحكامه من جهة بن وهب وكذلك الشيخ تقى الدين في الإمام قال عبد الحق
وإسناده ضعيف جدا انتهى وكأنه يشير إلى الحرث بن نبهان وأورده بهذا
اللفظ كما أورده المصنف صاحب المدونة من المالكية في كتابه وقد تقدم معنى
الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا إذا قعد بين شعبها الأربع وجهدها
فقد وجب الغسل زاد مسلم في رواية وإن لم ينزل ولمسلم عن عائشة مرفوعا
نحوه وفيه ومس الختان الختان ورآه الطبراني في معجمه الوسط أخبرنا عبد
الله بن محمد الصفار التستري ثنا يحيى بن غيلان ثنا عبد الله بن بزيع عن أبي حنيفة عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أيوجب الماء إلا الماء
فقال إذا التقى الختانان وغيبت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل انتهى
لحديث التاسع والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم انه سن الغسل للجمعة
والعيدين وعرفة والاحرام قلت أما الجمعة ففي الصحيحين من حديث عمر
بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل انتهى
وروى بن عدي في الكامل من حديث حفص بن عمر الأيلي ثنا عبد الله بن المثنى
عن عميه النضر وموسى بن أنس بن مالك عن أبيهما أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
لأصحابه اغتسلوا يوم الجمعة ولو كأسا بدينار انتهى وضعف حفصا هذا
وذكره عبد الحق في احكامه من جهة بن عدي ولفظه فيه ولو كانت بدينار
وهو تصحيف نبه عليه بن القطان في كتابه
واما العيدان ففيهما أحاديث منها حديث الفاكه بن سعد رواه بن ماجة في
سننه حدثنا نصر بن علي ثنا يوسف بن خالد ثنا أبو جعفر الخطمي عن عبد الرحمن
بن عقبة بن الفاكه عن جده الفاكه بن سعد وكانت له صحبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل
144

في هذه الأيام انتهى ورواه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده وزاد
فيه ويوم الجمعة قال ولا يعرف للفاكه بن سعد غير هذا الحديث وهو صحابي
مشهور والحديث في مسند أحمد بلفظ البزار لكنه ليس من رواية أحمد
وإنما رواه عبد الله بن أحمد عن نصر بن علي به وعلة الحديث يوسف بن خالد
السمتي قال في الامام تكلموا فأفظعوا فيه
حديث آخر رواه بن ماجة أيضا أخبرنا جبارة بن المغلس عن حجاج بن تميم عن
ميمون بن مهران عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم
الأضحى انتهى قال بن القطان في كتابه هذا حديث معلول بجبارة بن
المغلس فإنه ضعيف وإن كان بن عدي قد مشاه وقال لا باس به ولا يتابع على
بعض حديثه وحجاج أيضا قال فيه بن عدي أحاديث حجاج عن ميمون غير
مستقيمة
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن مندل عن محمد بن عبيد الله بن
أبي رافع عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين انتهى وذكره
عبد الحق في احكامه من جهة البزار وقال إسناده ضعيف قال بن القطان في
كتابه وعلته محمد بن عبيد الله قال بن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم ضعيف
الحديث واهيه وقال البخاري منكر الحديث ومندل بن علي أشبه حالا منه مع
أنه ضعي انتهى وأما عرفة فقد تقدم فيها حديث الفاكه بن سعد واما الاحرام
ففيه حديثان أحدهما أخرجه مسلم في الحج عن عائشة قالت نفست أسماء
بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان يأمرها ان
تغتسل وتهل انتهى الثاني أخرجه الترمذي أيضا في الحج عن خارجة بن زيد بن
ثابت عن أبيه زيد بن ثابت انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله واغتسل انتهى وقال
حديث حسن غريب انتهى وسيأتي الكلام عليه مستوفي في كتاب الحج ان
145

شاء الله تعالى
الحديث الثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم من اتى الجمعة فليغتسل قلت رواه
البخاري ومسلم من حديث بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء منكم
الجمعة فليغتسل انتهى وفي لفظ لهما إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل
انتهى ورواه الترمذي وابن ماجة بلفظ من اتى الجمعة فليغتسل زاد
البيهقي ومن لم يأتها ليس عليه غسل قال النووي في الخلاصة وسندها
صحيح
حديث آخر دال على الوجوب رواه البخاري ومسلم من حديث الخدري ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غسل الجمعة واجب على كل محتلم انتهى
حديث آخر روى البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال حق لله على كل مسلم ان يغتسل في كل سبعة أيام زاد البزار والطحاوي
وذلك يوم الجمعة وأخرجه النسائي عن جابر بلفظ البزار والطحاوي قال النووي
في الخلاصة إسناده على شرط مسلم
حديث آخر روى البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي هريرة ان عمر بينما هو
يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل ولفظ مسلم إذ دخل عثمان بن عفان فعرض به
عمر فقال ما بال رجال يتأخرون بعد النداء فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما هو الا
ان سمعت النداء فتوضأت ثم أقبلت فقال عمر: والوضوء أيضا ألم تسمعوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل انتهى
حديث آخر روى بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يأمر بالغسل يوم الجمعة انتهى رواه بن خزيمة في صحيحه والطحاوي وللناس
146

عن هذه الأحاديث جوابان أحدهما ان يحمل الامر فيها على الاستحباب لان الامر
بالغسل ورد على سبب والسبب قد زال فيزول الحكم بزوال علته كما رواه
البخاري ومسلم من حديث يحيى بن سعيد انه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة
فقالت قالت عائشة كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا
في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم واخرج مسلم عن عروة عنهما قالت كان
الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار
فيخرج منهم الريح فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم انسان منهم وهو عندي فقال عليه
السلام لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا واخرج أبو داود عن عكرمة ان أناسا من أهل
العراق جاءوا فقالوا يا بن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجبا قال لا ولكنه
أطهر وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وسأخبركم كيف بدأ
الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان
مسجدهم ضيقا مقارب السقف إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار
وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضا
فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا
وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه قال بن عباس ثم جاء الله تعالى
بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان
كان يؤذى بعضهم بعضا من العرق انتهى ويؤيد ذلك أن عمر رضي الله عنه لم ينكر
على عثمان حين جاء إلى الجمعة من غير أن يغتسل فإنه قال ما زدت على أن توضأت
فكان ذلك بمحضر من الصحابة وإنما أنكر عليه تأخره واما قوله غسل الجمعة
واجب فقال الخطابي معناه قوي في الاستحباب كما تقول حقك على واجب
قال ويدل عليه انه قرنه بما لا يجب اتفاقا كما رواه مسلم في حديث الخدري انه عليه
السلام قال غسل الجمعة على كل محتلم والسواك وان يمس من الطيب ما يقدر
عليه انتهى يحمل مؤخر ما رواه مالك يعني حديث من اتى الجمعة فليغتسل
على الاستحباب وعلى النسخ انتهى ومما يدل على أن هذا الحديث ناسخ لأحاديث
147

الوجوب ما رواه بن عدي في الكامل من حديث الفضل بن المختار عن أبان بن أبي
عياش عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء منكم الجمعة فليغتسل فلما كان
الشتاء قلنا يا رسول الله امرتنا بالغسل للجمعة وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد
فقال من اغتسل فبها ونعمت ومن لم يغتسل فلا حرج انتهى الا ان هذا
سند ضعيف يسد بغيره الجواب الثاني إن هذه الأحاديث منسوخة بحديث من
توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل قال بن الجوزي في التحقيق وفي هذا
بعد إذ لا تاريخ معهم وأيضا فأحاديث الوجوب أصح وأقوى والضعيف لا ينسخ
القوي انتهى والى هذين الجوابين أشار صاحب الكتاب بقوله وبهذا يعني
حديث من توضأ فبها ونعمت
الحديث الحادي والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت
ومن اغتسل فهو أفضل قلت روى من حديث سمرة بن جندب ومن حديث
أنس ومن حديث الخدري ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث
عبد الرحمن بن سمرة ومن حديث بن عباس
اما حديث سمرة فأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن قتادة عن الحسن
عن سمرة فأبو داود في الطهارة عن همام عن قتادة به والترمذي والنسائي في
الصلاة عن شعبة عن قتادة به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة
فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
وقد روى عن الحسن عن النبي مرسلا انتهى ورواه أحمد في مسنده
148

والبيهقي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه وفي سماع الحسن من سمرة
ثلاثة مذاهب أحدها انه سمع منه مطلقا وهو قول بن المديني ذكره عنه البخاري في
أول تاريخه الوسط فقال حدثنا الحميدي ثنا سفيان عن إسرائيل قال سمعت الحسن يقول ولد ت لسنتين بقيتا من خلافة عمر قال علي سماع الحسن من سمرة
صحيح انتهى ونقله الترمذي في كتابه فقال في باب الصلاة الوسطى قال
محمد بن إسماعيل يعني البخاري قال على يعني بن المديني سماع الحسن من
سمرة صحيح انتهى ولم ولم يحسن شيخنا علاء الدين فقال مقلدا لغيره قال
الترمذي سماع الحسن من سمرة عندي صحيح والترمذي لم يقل ذلك فإنما نقله
عن البخاري عن بن المديني كما ذكرناه ولكن الظاهر من الترمذي انه يختار هذا
القول فإنه صحح في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة واختار
الحاكم هذا القول فقال في كتابه المستدرك بعد أن اخرج حديث الحسن عن
سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءته ولا
يتوهم ان الحسن لم يسمع من سمرة فإنه سمع منه انتهى واخرج في كتابه عدة
أحاديث من رواية الحسن عن سمرة وقال في بعضها على شرط البخاري وقال في
كتاب البيوع بعد أن روى حديث الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع
الشاة باللحم وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة انتهى القول الثاني انه لم
يسمع منه شيئا واختاره بن حبان في صحيحه فقال في النوع الرابع من القسم
الخامس بعد أن روى حديث الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان
والحسن لم يسمع من سمرة شيئا انتهى وقال صاحب التنقيح قال بن معين
الحسن لم يلق سمرة وقال شعبة الحسن لم يسمع من سمرة وقال البرديجي
أحاديث الحسن عن سمرة كتاب ولا يثبت عنه حديث قال فيه سمعت سمرة
انتهى كلامه القول الثالث انه سمع منه حديث العقيقة فقط قاله النسائي واليه
مال الدارقطني في سننه فقال في حديث السكتتين والحسن اختلف في سماعه من
سمرة ولم يسمع منه الا حديث العقيقة فيما قاله قريش بن أنس انتهى واختاره
عبد الحق في احكامه فقال عند ذكره هذا الحديث والحسن لم يسمع من سمرة
149

الا حديث العقيقة واختاره البزار في مسنده فقال في آخر ترجمة سعيد بن
المسيب عن أي هريرة والحسن سمع من سمرة حديث العقيقة ثم رغب عن
السماع عنه ولما رجع إلى ولده اخرجوا له صحيفة سمعوها من أبيهم فكان يرويها عنه
من غير أن يخبر بسماع لأنه لم يسمعها منه انتهى روى البخاري في تاريخه
عن عبد الله بن أبي الأسود عن قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال قال محمد
بن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديثه في العقيقة فسألته فقال سمعته من سمرة
وعن البخاري رواه الترمذي في جامعه بسنده ومتنه ورواه النسائي عن هارون بن
عبد الله عن قريس وقال عبد الغني تفرد به قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد
وقد رده آخرون وقالوا لا يصح له سماع منه انتهى
ذكر كلام البزار في سماع الحسن من الصحابة قال البزار في مسنده في
أخر ترجمة سعيد بن المسي بعن أبي هريرة سمع الحسن البصري من جماعة من
الصحابة وروى عن جماعة آخرين لم يدركهم وكان صادقا متأولا في ذلك فيقول
حدثنا وخطبنا ويعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة فاما الذين سمع منهم
فهو أنس بن مالك ومعقل بن يسار و عبد الله بن مغفل وعائذ بن عمرو وأبو
برزة و عبد الرحمن بن سمرة وعمران بن حصين وأبو بكرة وسمع من سوار بن
عمرو وعمرو بن تغلب وسعد مولى أبي بكرة وروى عن عثمان بن أبي العاص
وسمع منه وروى عن محمد بن مسلمة ولا أبعد سماعه منه واما قوله خطبنا بن
عباس بالبصرة فقد أنكر عليه لان بن عباس كان بالبصر أيام الجمل وقدم الحسن
أيام صفين فلم يدركه بالبصرة وتأول قوله خطبنا أي خطب أهل البصرة
وكذلك قال حدثنا الأسود بن سريع والأسود قدم يوم الجمل فلم يره ولكن معناه
حدث أهل البصرة وقال علي بن زيد عن الحسن ان سراقة بن مالك حدثهم وإنما
حدث من حدثه ولذلك لم يقل ثنى وروى عن أبي موسى الأشعري وأبو موسى
إنما كان بالبصرة أيام عمر فلا أحسبه سمع منه وقد رأى جماعة جلة منهم عثمان
بن عفان وقد حدث عن أسيد بن المشمس عن أبي موسى وعن قيس بن عباد
وحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص ولا أعلمه سمع من واحد منهما وحدث
عن جندب بن عبد الله البجلي بأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث رواها عن جندب
عن حذيفة وحدث عن النعمان بن بشير ولا أحسبه سمع منه لان النعمان لا نعلمه
دخل البصرة وإنما كان بالكوفة وقد رايته يحدث عن رجل عنه وحدث عن عقبة
150

بن عامر بشك فقال عن سمرة أو عقبة وقال يونس عن الحسن عن عقبة من
غير شك ولا أحسبه سمع منه وحدث عن عبادة بن الصامت ولم يسمع منه
وبينهما خطاب بن عبد الله وحدث عن سلمة بن المحبق ولم يسمع منه وبينهما
حول بن قتادة وقبيصة وحدث عن صعصعة بن معاوية وحدث عن عتبة بن غزوان
ولم يسمع منه لأنه إنما دخل البصرة أيام عمر بعثه أميرا عليها ثم انصر ف عنها
ومات ولم يسمع منه وعتبة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا وروى عن علي بن
أبي طالب غير حديث ولم يسمع منه وبينهما قيس بن عباد وابن الكواء، روى عن
انس مراسيل ولا يثبت له منها الا ما كان فيه بينهما رجل كأبي سفيان ويزيد
الرقاشي وغيرهما وروى عن أبي هريرة أحاديث ولم يسمع منه وروى عن ثوبان
حديثا واحدا ولم يسمع منه وروى عن أسامة بن زيد حديثين ولم يسمعهما
منه وروى عن جابر بن عبد الله أحاديث ولم يسمع منه وروى عن العباس بن عبد المطلب
ولم يسمع منه وبينهما الأحنف بن قيس ولم يثبت له سماع من أحد من أهل بدر
ولا حديثا واحدا وذكر الحسن انه رأى طلحة والزبير في بعض بساتين المدينة انتهى
كلام البزار ملخصا محررا وروى الترمذي في كتابه في أبواب صفة جهنم
حديثا عن الحسن عن عتبة بن غزوان عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الصخرة العظيمة لتلقى من
شفير جهنم فتهوى فيها سبعين عاما ما تفضى إلى قرارها ثم قال لا نعرف للحسن
سماعا من عتبة بن غزوان وإنما قدم عتبة البصرة زمن عمر وولد الحسن لسنتين بقيتا
من خلافة عمر انتهى. وقال في غير موضع من كتابه قال أيوب السختياني
ويونس بن عبيد وعلي بن زيد الحسن لم يسمع من أبي هريرة انتهى
واما حديث أنس فرواه بن ماجة في سننه من حديث إسماعيل بن مسلم
المكي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ يوم الجمعة
فبها ونعمت تجزئ عنه الفريضة ومن اغتسل فالغسل أفضل انتهى وهذا سند
ضعيف وله طريق آخر عند الطحاوي في شرح الآثار والبزار في مسنده
عن الضحاك بن حمزة عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن مهاجر عن الحسن عن أنس
وهذا السند ضعيف من الذي قبله فالضحاك بن حمزة ضعيف وإن كان بن عدي قد
مشاه وقال أحاديثه حسان غرائب والحجاج بن أرطاة ضعيف وإبراهيم بن مهاجر
كذلك والحسن لم يسمع من أنس كما قال البزار
151

طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الرحمن
المروزي ثنا عثمان بن يحيى الفرساني ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن ثابت
البناني عن أنس فذكره
واما حديث الخدري فرواه البيهقي في سننه والبزار في مسنده عن أسيد
بن زيد الجمال عن شريك عن عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكره قال البزار
لا نعلم رواه عن عوف الا شريك ولا عن شريك الا أسيد بن زيد وأسيد كوفي قد
احتمل حديثه على شيعية شديدة كانت فيه انتهى وقال بن القطان في كتابه
أسيد بن زيد الجمال قال الدوري عن بن معين انه كذاب وقال الساجي له مناكير
وقال بن حبان يروي عن الثقات المنكرات ومع هذا فقد اخرج البخاري له وهو
ممن عيب عليهم الاخراج عنه انتهى كلامه
واما حديث أبي هريرة فأخرجه البزار في مسنده عن أبي بكر الهذلي عن
محمد بن سيرين عن أبي هرير مرفوعا نحوه ورواه بن عدي في الكامل وأعله
بأبي بكر الهذلي واسمه سلمى بن عبد الله
واما حديث جابر فرواه عبد بن حميد في مسنده حدثنا عمر بن سعد عن
الثوري عن أبان عن أبي نضرة عن جابر مرفوعا نحوه ورواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا الثوري عن رجل عن أبي نضرة به وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبيد
بن إسحاق عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر وضعف عبيد بن
إسحاق
واما حديث عبد الرحمن بن سمرة فرواه الطبراني في معجمه الوسط من
حديث حفص بن عمر الرازي ثنا أبو حرة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا
نحوه ورواه العقيلي في كتاب الضعفاء عن مسلم بن سليمان الضبي ثنا أبو
حرة وضعف مسلم بن سليمان ثم قال وهذا الحديث رواه الوليد بن مسلم عن سعيد
بن بشير عن قتادة عن الحسن عن جابر ورواه محمد بن حرب الزبيدي عن الضحاك
152

بن حمزة عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن مهاجر عن حسن عن أنس ورواه أسباط
بن محمد القرشي عن أبي بكر الهذلي عن الحسن ومحمد بن سيرين عن أبي هريرة
ورواه شعبة وهمام وأبو عوانة عن قتادة عن الحسن عن سمرة وهو الصواب
انتهى كلامه
واما حديث بن عباس فرواه البيهقي في سننه أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو
أحمد محمد بن إسحاق الصفار أنبأ أحمد بن نصر ثنا عمرو بن طلحة القناد ثنا أسباط
بن نصر عن السدي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
قال البيهقي وهذا الحديث غريب من هذا الوجه وإنما يعرف من حديث الحسن
وغيره انتهى قال البيهقي والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة
فيما اجتمعت فيه من الحكم انتهى
قوله عن عائشة في تفسير المني والمذي والودي قال في الكتاب
والمني خاثر أبيض ينكسر منه الذكر والمذي رقيق يضرب إلى البياض يخرج عند
ملاعبة الرجل أهله والودي الغليظ من البول يتعقب الرقيق منه خروجا ثم قال
وهذا التفسير مأثور عن عائشة رضي الله عنها قلت غريب ورواه عبد الرزاق في
مصنفه عن قتادة وعكرمة قالا هي ثلاثة المني والمذي والودي اما المني
فهو الماء الدافق الذي يكون فيه الشهوة ومنه يكون الولد ففيه الغسل واما المذي
فهو الذي يخرج إذا لاعب الرجل امرأته ففيه غسل الفرج والوضوء واما الودي
فهو الذي يكون مع البول وبعده فيه غسل الفرج والوضوء انتهى
الحديث الثاني والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم كل فحل يمذي وفيه الوضوء قلت
يوجد هذا الحديث في بعض نسخ الهداية وقد روى من حديث عبد الله بن سعد
ومعقل بن يسار وعلي بن أبي طالب فحديث عبد الله بن سعد أخرجه أبو داود عن
153

معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حزام بن حكيم عن عبد الله بن سعد
الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل وعن الماء يكون بعد الماء
فقال ذاك المذي وكل فحل يمذي فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتوضأ
وضوءك للصلاة انتهى ورواه أحمد في مسنده قال عبد الحق في
احكامه إسناده لا يحتج به وحديث معقل بن يسار رواه الطبراني في معجمه
من حديث إسماعيل بن عياش عن عطاء بن عجلان عن معاوية بن قرة عن معقل بن
يسار ان عثمان بن عفان كان يلقى من المني شدة فسدد رحلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله
فقال ذلك المذي وكل فحل يمذي اغسله بالماء وتوضأ وصل انتهى
وحديث علي رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا صالح بن عبد الرحمن ثنا سعيد
بن منصور أنبأ هاشم أنبأ الأعمش عن منذر أبي يعلي الثوري عن محمد بن الحنفية انه
حدث عن أبيه قال كنت أجد مذيا فأمرت المقداد ان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن
كل فحل يمذي فإذا كان المني ففيه الغسل وإذا كان المذي ففيه الوضوء انتهى
ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عيسى بن يونس ثنا الأشعث عن محمد
بن سيرين عن عبيدة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن المذي فقال كل فحل
يمذي فيغسل ذكره ويتوضأ انتهى وحديث على هذا في الصحيحين بغير هذا
اللفظ قال استحيت ان اسال النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من اجل فاطمة فأمرت المقداد
فسأله فقال منه الوضوء انتهى
باب الماء الذي يجوز به الطهارة
الحديث الثالث والثلاثون قال عليه السلام الماء طهور لا ينجسه شئ الا ما
154

غير لونه أو طعمه أو ريحه قلت غريب بهذا اللفظ وروى بن ماجة في سننه
من حديث رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الماء طهور لا ينجسه الا ما غلب على ريحه وطعمه
155

ولونه انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث هنا على طهورية الماء فقط ثم استدل
به قريبا على طهورية الماء القليل حجة لمالك مشيرا إليه بقوله وقال مالك يجوز ما
لم يتغير أحد أوصافه لما روينا وهذا الحديث ضعيف فان رشدين بن سعد جرحه
النسائي وابن حبان وأبو حاتم ومعاوية بن صالح قال أبو حاتم لا يحتج به
ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي والدارقطني في سننهما ولم يذكروا فيه
اللون قال الدارقطني لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي انتهى
واعترضه الشيخ تقي الدين في الامام فقال إنه قد رفع من وجهين غير طريق
رشدين أخرجهما البيهقي أحدهما عن عطية بن بقية بن الوليد عن أبيه عن ثور بن
يزيد عن راشد بن سعد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الماء طاهر الا ان تغير ريحه أو
طعمه أو لونه بنجاسة تحد ث فيها انتهى الثاني عن حفص بن عمر ثنا ثور
بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي أمامة مرفوعا الماء لا ينجس الا ما غير طعمه أو
ريحه انتهى قال البيهقي والحديث غير قوي ورواه عبد الرزاق في مصنفه
والدارقطني في سننه عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا والأحوص فيه مقال انتهى
حديث آخر لمالك أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين
من القسم الثالث عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء لا ينجسه
شئ انتهى قال بن حبان وهذا مخصوص بحديث القلتين وكلاهما
مخصوص بالاجماع ان الماء المتغير بنجاسة ينجس قليلا كان الماء أو كثيرا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية بن صالح عن رشدين بن
سعد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء طهور الا ما غلب على ريحه أو طعمه
انتهى وسنده ضعيف
156

حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء لا
ينجسه شئ انتهى حديث أبي ثعلبة أخرجاه عنه قال قلت يا رسول الله انا
بأرض أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وان لم
تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وفي رواية أبي داود انا نجاور أهل الكتاب وهم
يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فذكره وحديث عمران بن
حصين أخرجاه أيضا عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء فافرغ فيه من أفواه مزادتي المرأة
المشركة وأوكأ أفواههما وأطلق العزالى ونودي في الناس ان اسقوا واستقوا
فسقى من شاءوا سقي من شاء وكان آخر ذلك أن أعطى الذي اصابته الجنابة اناء من
ماء قال اذهب فافرغه عليك انتهى
حديث آخر قال الشيخ تقي الدين في الامام ومن غريب ما يستدل به في
هذا المعنى حديث أبي ثعلبة في الامر بغسل أو انى المشركين قبل الاكل فيها مع حديث
عمران بن حصين في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة فان الأول يدل على نجاسة
الاناء والثاني على طهورية الماء فدل على أن النجاسة غير مؤثرة في الماء ما لم تغيره
انتهى
الحديث الرابع والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل
ميتته قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث علي بن أبي
طالب ومن حديث أنس ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث
الفراسي ومن حديث أبي بكر
اما حديث أبي هريرة فأخرجه أصحاب السنن الأربعة من طريق مالك عن
صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة العبدري عن أبي هريرة ان
رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انا نركب البحر ونحمل معنا القليل
من الماء فان توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من البحر فقال عليه السلام هو الطهور
ماؤه الحل ميتته انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وسألت محمد بن
إسماعيل عن هذا الحديث فقال حديث صحيح انتهى ورواه بن حبان في
157

صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الرابع والحاكم في مستدركه
وقال ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده أخبرنا حماد بن خالد عن مالك بن
أنس به ان النبي صلى الله عليه وسلم قال البحر الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى. وهو لفظ غريب
قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا الحديث يعل بأربع علل
أحدها جهالة سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة وقالوا لم يرو عن المغيرة
بن أبي بردة الا سعيد بن سلمة ولا عن سعيد بن سلمة الا صفوان بن سليم قال
وجوابه ان سعيد بن سلمة قد روى عنه غير صفوان وهو الجلاح أبو كثير ورواه
عن الجلاح يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث اما رواية عمرو فمن طريق بن
وهب واما رواية يزيد فمن طريق الليث بن سعد عنه أخرجها كلها البيهقي في سننه
الكبير واما المغيرة بن أبي بردة فقد روى عنه يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد
القرشي الا ان يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه ورواية مزيد ين محمد رواها أحمد
بن عبيد الصفار صاحب المسند ومن جهته أخرجها البيهقي فتلخص ان المغيرة بن
أبي بردة روى عنه ثلاثا يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد وسعيد بن سلمة وان سعيد بن
سلمة روى عنه صفوان بن سليم والجلاح وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن
المغيرة وانفراد صفوان عن سعيد
العلة الثانية انهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة فقيل هذا وقيل عبد الله
بن سعيد وقيل سلمة بن سعيد، وأصحهما سعيد بن سلمة لأنها رواية مالك
مع جلالته وهذا مع وفاق من وافقه والاسمان الآخران من رواية محمد بن إسحاق
العلة الثالثة الارسال قال بن عبد البر ذكر بن أبي عمرو الحميدي والمخزومي
عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة أناسا من بني مدلج اتوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث قال وهذا مرسل لا يقوم بمثله حجة ويحيى بن سعيد
احفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة قال الشيخ وهذا مبني على
تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه وهو مشهور في الأصول
والعلة الرابعة الاضطراب فوقع في رواية محمد بن إسحاق عبد الله بن سعيد
عن المغيرة بن أبي بردة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا هو في مسند
الدارمي ووقع في رواية عنه سلمة بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن
158

النبي صلى الله عليه وسلم وأما رواية يحيى بن سعيد فقيل عنه عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من
بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن يحيى
ورآه بعضهم عن هشيم فقال فيه المغيرة بن أبي برزة فقال وهم فيه وإنما هو
المغيرة بن أبي بردة وهشيم ربما وهم في الاسناد وهو في المقطعات احفظ قال
الشيخ وهذا الوهم إنما يلزم هشيما إذا اتفقوا عليه فيه فاما وقد رواه أبو عبيد
عن هشيم على الصواب فالوهم ممن رواه عن هشيم على ذلك الوجه وقيل فيه عن
المغيرة بن عبد بن عبد ان رجلا من بني مدلج اتى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عن عبد الله بن
المغيرة بن أبي بردة ان رجلا من بني مدلج وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن رجل من
بني مدلج وقيل عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه عن رجل من بني مدلج قال البيهقي
في كتاب المعرفة هذا حديث أودعه مالك بن أنس كتاب الموطأ ورواه أبو داود
وأصحاب السنن وجماعة من أئمة الحديث في كتبهم محتجين به وصححه
البخاري فيما رواه الترمذي عنه وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما
لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة وكذلك قال الشافعي
في إسناده من لا اعرفه ولا يضر اختلاف من اختلف عليه فيه فإن مالكا قد أقام
إسناده عن صفوان بن سليم وتابعه الليث بن سعد عن يزيد عن الجلاح كلاهما عن
سعيد ين سلمة عن المغيرة بن أبي بردة ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي
بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فصار الحديث بذلك صحيحا والله أعلم انتهى
وقال في السنن الكبيرة قد تابع يحيى بن سعد الأنصاري ويزيد بن محمد
القرشي سعيدا على روايته الا انه اختلف فيه على يحيى بن سعيد فروى عنه عن
المغيرة بن أبي بردة رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه عن عبد الله بن
المغيرة بن أبي بردة ان رجلا من بني مدلج وروى عنه عن المغيرة بن عبد الله عن رجل
من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه عن المغيرة بن عبد الله عن أبيه وقيل غير هذا
واختلفوا أيضا في اسم سعيد بن سلمة فقيل كما قال مالك وقيل عبد الله
بن سعيد المخزومي وقيل سلمة بن سعيد وهو الذي أراد الشافعي بقوله في إسناده
من لا اعرفه أو المغيرة أو هما الا ان الذي أقام إسناده ثقة وهو مالك رحمه
الله انتهى ولما روى الحاكم في المستدرك هذا الحديث ذكر ما فيه من المتابعات
ثم قال اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات وقال بن مندة اتفاق صفوان
159

والجلاح يوجب شهرة سعيد بن سلمة واتفاق يحيى بن سعيد وسعيد بن سلمة عن
المغيرة يوجب شهرته فصار الاسناد مشهورا وبهذا يرتفع جهالة عينهما انتهى
وفي كتاب المزي توثيقهما فزالت جهالة الحال أيضا ولهذا صححه الترمذي
وحكى عن البخاري تصحيحه والله أعلم
واما حديث جابر فرواه بن ماجة في سننه من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو
القاسم بن أبي الزياد حدثني إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر ان النبي
صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الرابع والحاكم في
المستدرك رواه من حديث بن جريج عن أبي الزبير عن جابر وسكت عنه ورواه
الدارقطني في سننه وأحمد في مسنده بسند بن ماجة
واما حديث علي بن أبي طالب فرواه الحاكم في المستدرك والدارقطني
في سننه من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعا نحوه سواء
وسكت الحاكم عنه
واما حديث أنس فرواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه أخبرنا
الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال الدارقطني وأبان
متروك
واما حديث بن عباس فرواه الدارقطني أيضا من حديث موسى بن سلمة عن بن
عباس مرفوعا نحوه ثم قال والصواب موقوف ورواه الحاكم في المستدرك
وسكت عنه
واما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الدارقطني أيضا من جهة عمرو بن
160

شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه
واما حديث أبي بكر الصديق فرواه الدارقطني أيضا من حديث عبد العزيز عن
وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن أبي بكر الصديق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن
ماء البحر الحديث وفي سنده عبد العزيز بن عمران وهو بن أبي ثابت قال
الذهبي مجمع على ضعفه ثم أخرجه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن دينار عن
أبي الطفيل عن أبي بكر موقوفا قال الذهبي وهذا سند صحيح انتهى ورواه بن
حبان في كتاب الضعفاء من حديث السري بن عاصم الهمذاني عن محمد بن
عبيد الله بن عمر به مرفوعا وأعله بالسري وقال إنه يسرق الحديث ويرفع الموقوف
لا يحل الاحتجاج به وإنما هو من قول أبي بكر الصديق فأسنده انتهى
واما حديث الفراسي فرواه بن عبد البر في التمهيد حدثنا خالد بن القاسم
ثنا أحمد بن الحسن الرازي ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان ثنا يحيى بن عبد الله بن
بكير ثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي انه
حدث ان الفراسي قال كنت اصيد في البحر الأخضر على أرماث وكنت احمل
قربة لي فيها ماء فإذا لم أتوضأ من القربة رفق ذلك بي وبقيت لي فجئت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقصصت ذلك عليه فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى قال
عبد الحق في احكامه حديث الفراسي هذا لم يروه فيما اعلم الا مسلم بن مخشى ومسلم بن
مخشى لم يرو عنه فيما اعلم الا بكر بن سوادة انتهى قال
بن القطان في كتابه وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع فان بن مخشي
لم يسمع من الفراسي وإنما يرويه عن بن الفراسي عن أبيه ويوضح ذلك ما حكاه
الترمذي في علله قال سألت محمد بن إسماعيل عن حديث بن الفراسي في ماء
البحر فقال حديث مرسل لم يدرك بن الفراسي النبي صلى الله عليه وسلم والفراسي له صحبة
قال فهذا كما تراه يعطى ان الحديث يروى عن بن الفراسي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا
يذكر فيه الفراسي فمسلم بن مخشي إنما يروى عن الابن وروايته عن الأب مرسلة
انتهى قلت حديث بن الفراسي رواه بن ماجة في سننه حدثنا سهل بن أبي سهيل
161

ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن
مسلم بن مخشى عن بن الفراسي قال كنت أصيد، وكانت لي قربة اجعل فيها ماءا
واني توضأت بماء البحر فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو الطهور ماؤه
الحل ميتته انتهى
ما ورد في طهورية الماء المستعمل روى الدارقطني ثم البيهقي من حديث
عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بما فضل في
يديه وفي لفظ: ببلل في يديه قال البيهقي وابن عقيل هذا لم يكن بالحافظ وأهل
العلم يختلفون في الاحتجاج به انتهى ونقل الترمذي عن البخاري قال كان
أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والحميدي يحتجون بحديثه قال البخاري
وهو مقارب الحديث قال في الامام وليس فيه تصريح بان الماء كان مستعملا
لكن رواه الأثرم في كتابه ولفظه انه عليه السلام مسح بماء بقي من ذراعيه قال
وهذا أظهر في المقصود قال البيهقي في سننه وقد روى يعني هذا من حديث
على وابن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء وعائشة وأنس بمالك ذكرناها
في الخلافيات ولا يصح منها شئ لضعف أسانيدها اما حديث على فرواه من
حديث محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي مرفوعا قال
البيهقي: والعرزمي متروك وحديث بن عباس من جهة سليمان بن أرقم عن الزهري
عن عبيد الله عن بن عباس قال النسائي والدارقطني في سليمان متروك وحديث
بن مسعود من جهة يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله ويحيى بن عنبسة كذبه الدارقطني وقال بن عدي يروي عن الثقات
الموضوعات ليس بشئ وحديث عائشة من جهة عطاء بن عجلان عن بن أبي مليكة
عن عائشة وعطاء بن عجلان قال النسائي والرازي متروك وحديث أبي الدرداء
من جهة تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء وتمام بن نجيح قال البيهقي غير
162

محتج به وحديث أنس من جهة المتوكل بن فضيل عن أبي ظلال عن أنس وذكر
الدارقطني ان المتوكل بن فضيل بصري ضعيف انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن المسلم بن سعيد عن أبي على
الرحبي عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة فرأى لمعة لم يصبها
الماء فقال بجمته فبلها عليه قال إسحاق في حديثه فعصر شعره عليها
انتهى وأبو علي الرحبي حسين بن قيس يلقب بحنش قال أحمد والنسائي
والدارقطني متروك وقال أبو زرعة ضعيف
ما ورد في طهارة الماء المستعمل روى البخاري في صحيحه من حديث محمد
بن المنكدر عن جابر قال مرضت مرضا فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر وهما
ماشيان فوجداني قد أغمي علي فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه على فأفقت
فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف اصنع في مالي كيف اقضي في مالي فلم
يجبني بشئ حتى نزلت أية الميراث انتهى في الخلاصة متفق عليه
حديث آخر روى الترمذي في كتابه من حديث رشدين بن سعد عن عبد الرحمن
بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ
بن جبل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطر ف ثوبه انتهى
وقال حديث غريب وإسناده ضعيف ورشدين بن سعد و عبد الرحمن بن زياد
يضعفان في الحديث انتهى وأخرجه البيهقي وقال إسناده ليس بالقوي
حديث آخر أخرجه الترمذي أيضا عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء انتهى وقال حديث ليس
بالقائم ولا يصح في هذا الباب شئ وأبو معاذ يقولون إنه سليمان بن أرقم وهو
ضعيف عند أهل الحديث انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن
علقمة عن سلمان الفارسي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه
163

فمسح بها وجهه انتهى والوضين بن عطاء وثقه أحمد وقال بن معين
لا باس به
ما ورد في عدم طهارته روى مسلم في صحيحه من حديث أبي السائب
مولى هشام بن زهرة انه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل
أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال كيف يا أبا هريرة قال يتناوله تناولا
انتهى ورواه البيهقي من حديث محمد ين عجلان قال سمعت أبي يحدث عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من
الجنابة انتهى ورواه البيهقي من حديث محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة انه عليه السلام نهى ان يبال في الماء الدائم وان يغتسل فيه من
الجنابة انتهى ومحمد بن عجلان وأبوه اخرج لهما مسلم واستشهد بهما البخاري
والله أعلم
ما ورد في الماء المشمس ورد مرفوعا من حديث عائشة ومن حديث أنس
وموقوفا على عمر
اما حديث عائشة فله خمس طرق أحدها عند الدارقطني ثم البيهقي في
سننهما عن خالد بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
أسخنت ماءا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الشمس ليغتسل به فقال لي يا حميراء لا تفعلي
فإنه يورث البرص انتهى قال الدارقطني خالد بن إسماعيل متروك وقال بن
عدي يضع الحديث على ثقات المسلمين الثانية عند بن حبان في كتاب الضعفاء
عن أبي البختري وهب بن وهب عن هشام به قال بن عدي هو شر من خالد الثالثة
عند الدارقطني عن الهيثم بن عدي عن هشام به قال النسائي والدارمي الهيثم بن
عدي متروك ونقل بن الجوزي عن بن معين أنه قال كان يكذب الرابعة عند
الدارقطني عن عمرو بن محمد الأعشم عن فليح عن عروة عن عائشة قالت نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ بالماء المشمس أو يغتسل به وقال إنه يورث البرص
164

انتهى قال الدارقطني عمرو بن محمد الأعشم منكر الحديث ولم يروه عن فليح
غيره ولا يصح عن الزهري واغلظ بن حبان في عمرو بن محمد الأعشم القول
وذكر بن الجوزي هذا الحديث من هذه الطرق الأربعة في الموضوعات
الطريق الخامس رواه الدارقطني في كتابه غرائب مالك من حديث إسماعيل
بن عمرو الكوفي عن بن وهب عن مالك عن هشام به ولفظه قالت سخنت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماءا في الشمس يغتسل به فقال لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث
البرص انتهى قال الدارقطني هذا باطل عن مالك وعن بن وهب ومن دون
بن وهب ضعفاء وإنما رواه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو متروك عن هشام
انتهى والى هذه الطريق أشار البيهقي في سننه فقال وروى بإسناد آخر منكر عن
بن وهب عن مالك عن هشام ولا يصح انتهى
طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن مروان السدي
عن هشام بن عروة عن أبيه به وقال لم يروه عن هشام الا محمد بن مروان ولا يروي
عن النبي الا بهذا الاسناد انتهى ووهم في ذلك
واما حديث أنس فرواه العقيلي في كتاب الضعفاء من حديث علي بن هشام
الكوفي ثنا سوادة عن أنس انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تغتسلوا بالماء الذي
يسخن في الشمس فإنه يعدى من البرص انتهى قال العجيلي وسوادة عن أنس
مجهول وحديثه غير محفوظ ولا يصح في الماء الشمس حديث مسند إنما هو
شئ يروي من قول عمر انتهى ومن طريق العقيلي رواه بن الجوزي في
الموضوعات ونقل كلامه بحروفه واما موقوف عمر فرواه الشافعي أخبرنا
إبراهيم بن محمد الأسلمي أخبرني صدعة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر ان
عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال إنه يورث البرص انتهى ومن طريق
الشافعي رواه البيهقي
165

طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان
بن عمرو عن حسان بن أزهر قال قال عمر لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث
البرص انتهى وصفوان بن عمرو حمصي ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين
صحيحة وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس فرواه عن صفوان به رواه بن حبان في
كتاب الثقات في ترجمة حسان بن أزهر والله أعلم وسند الشافعي فيه الأسلمي
قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي كان قدريا لكنه كان ثقة في الحديث
فلذلك روى عنه انتهى وصدقة بن عبد الله هو السمين قال البيهقي في سننه
في باب زكاة العسل ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما انتهى
ما ورد في الماء المسخن روى البيهقي في سننه والطبراني في معجمه من
حديث العلاء بن الفضل بن موسى المنقري ثنا الهيثم بن رزين عن أبيه عن الأسلع بن
شريك قال كنت ارحل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم الراجلة فكرهت ان ارحل ناقته وانا جنب وخشيت ان اغتسل بالماء
البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ووضعت احجارا فأسخنت
بها ماءا فاغتسلت ثم لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال يا أسلع مالي أرى
راحلتك تضطرب فقلت يا رسول الله لم أرحلها ولكن رحلها رجل من الأنصار
قال ولم قلت أصابتني جنابة فخشيت البرد على نفسي فأمرته ان يرحلها
ووضعت احجارا فأسخنت ماءا فاغتسلت به فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى إلى قوله عفوا غفورا انتهى قال
الذهبي في مختصر سنن البيهقي تفرد به العلاء بن الفضل وليس بحجة
انتهى
حديث آخر موقوف أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن علي بن
غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر انه كان يسخن له ماءا
في قمقمة ثم يغتسل به قال الدارقطني إسناده صحيح انتهى وفيه رجلان تكلم
166

فيهما أحدهما علي بن غراب فممن وثقه الدارقطني وابن معين وممن ضعفه
أبو داود وغيره وقال الخطيب تكلموا فيه لمذهبه فإنه كان غاليا في التشيع
والآخر هشام بن سعد فهو وان اخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي وعن بن حنبل
انه ذكره فلم يرضه وقال ليس بمحكم للحديث
قوله في الكتاب لان الميت يغسل بالماء الذي أغلى فيه السدر بذلك وردت
السنة قلت غريب ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذ استشهد لهذا بحديث الذي
وقصته راحلته وفيه فقال اغسلوه بماء وسدر والذي قلده الشيخ اعتذر فقال
بعد أن ذكره وليس في الحديث أن الماء أغلي بالسدر فيقال له فأي فائدة في
ذكره
قوله وقال مالك يجوز ما لم يتغير أوصافه لما روينا قلت يشير إلى حديث
الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وقد تقدم قريبا
ومما يستدل به على ذلك مالك حديث المستيقظ رواه أصحاب الكتب الستة
ووجهه أنه نهى أن يغمس يده في الاناء عند التوهم فأولى عند التحقيق وبحديث أبي
هريرة لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال كيف يفعل قال
يتناوله تناولا رواه مسلم هكذا بهذا اللفظ ورواه البيهقي بسند على شرط مسلم أنه
عليه السلام نهى أن يبال في الماء الدائم وأن يغتسل فيه من الجنابة انتهى ورواه
أبو داود وابن ماجة كذلك ولفظهما لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل
فيه من الجنابة انتهى
167

الحديث الخامس والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا
قلت رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب قال
إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في
القسم الثاني منه وأعاده في القسم الثالث ولفظه لم ينجسه شئ ورواه الحاكم
في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأظنه لاختلاف
فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير انتهى وقد أجاد الشيخ تقي الدين بن دقيق
العيد في كتاب الامام جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه وأطال
في ذلك إطالة تلخص منها تضعيفه له فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب الالمام
مع شدة احتياجه إليه وأنا أذكر ما قاله ملخصا محررا وأبين ما وقع فيه من الاضطراب
لفظا ومعنى
أما اضطرابه في اللفظ فمن جهة الاسناد والمتن أما إسناده فمن ثلاث
روايات
أحدها رواية الوليد بن كثير رواها أبو داود عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة
حماد بن أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر بن زبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال عليه السلام
إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ورواه هكذا عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد
بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله جماعة منهم إسحاق بن راهويه وأحمد بن جعفر
الوكيعي وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو عبيدة بن أبي السفر ومحمد بن عبادة بفتح
العين وحاجب بن سليمان وهناد السري والحسين بن حريث وروى عن أبي
أسامة عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر قال أبو مسعود الرازي الحافظ وعثمان
بن أبي شيبة من رواية أبي داود و عبد الله بن الزبير الحميدي ومحمد بن حسان
168

الأزرق ويعيش بن الجهم وغيرهم وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن
محمد بن عباد بن جعفر قاله الدارقطني وذكر بن مندة أن أبا ثور رواه عن الشافعي
عن عبد الله بن الحرث المخزومي عن الوليد بن كثير قال ورواه موسى بن أبي الجارود
عن البويطي عن الشافعي عن أبي أسامة وغيره عن الوليد بن كثير فدل روايته على أن
الشافعي سمع هذا الحديث من عبد الله بن الحرث وهو من الحجازيين ومن أبي
أسامة وهو كوفي جميعا عن الوليد بن كثير وقد اختلف الحفاظ في هذا
الاختلاف بين محمد بن عباد ومحمد بن جعفر فمنهم من ذهب إلى الترجيح فيقال
عن أبي داود أنه لما ذكر حديث محمد بن عباد قال هو الصواب وذكر عبد الرحمن
بن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه أنه قال محمد بن عباد بن جعفر ثقة
ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه وقال بن
مندة واختلف على أبي أسامة فروى عنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن
جعفر وقال مرة عن محمد بن جعفر بن الزبير وهو الصواب لان عيسى بن
يونس رواه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله
بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فذكره وأما الدارقطني فإنه جمع بين الروايتين
فقال ولما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب في ذلك
فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير لي الوجهين جميعا
عن محمد بن جعفر الزبير ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر فصح القولان
جميعا عن أبي أسامة وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير
وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعا فكان أبو أسامة يحدث به عن الوليد بن كثير عن
محمد بن جعفر بن الزبير ومرة يحدث به عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر ثم
روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني عن شعيب بن أيوب عن أبي
أسامة عن الوليد بن كثير محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وكذلك فعل البيهقي فأخرج رواية عن إسماعيل بن قتيبة
عن أبي بكر وعثمان ابنا أبي شيبة بذكر محمد بن جعفر بن الزبير على خلاف
رواية أبي داود عن عثمان بن أبي شيبة بذكر محمد بن عباد بن جعفر وذكر رواية
أخرى من جهة أبي العباس محمد بن يعقوب عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي فيها
ذكر محمد بن جعفر بن الزبير على خلاف رواية الدارقطني عن أحمد بن محمد بن
سعيد عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي وفيها ذكر محمد بن عباد بن جعفر وقصدا
169

بذلك الدلالة على صحة الروايتين جميعا قال البيهقي وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ
حدثني أبو علي محمد بن علي الأسفرائيني من أصل كتابه وأنا سألته حدثنا علي بن
عبد الملك بن مبشر الواسطي ثنا شعيب بن أيوب ثنا أبو أسامة الوليد بن كثير عن محمد
بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن
أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء بمثله وههنا اختلاف آخر وهو أن الصواب
في الرواية عبيد الله بن عمر لا عبد الله أو كل واحد منهما صواب فكأن
إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه البيهقي في المعرفة يقول غلط أبو أسامة في
عبد الله بن عبد الله إنما هو عبيد الله بن عبد الله واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس
عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر
قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره إلا أن عيسى بن يونس أرسله ورأيت في كتاب
إسماعيل بن سعيد النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى بن يونس موصولا
ورواه عباد بن صهيب عن الوليد وقال عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه موصولا
والحديث مسند في الأصل فقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر
بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
أعني البيهقي وذكر بن مندة عن رواية عيسى بن يونس موصولة وذكر أن رواية
عيسى بن يونس أشبه لان هذا الحديث رواه عبد الله بن المبارك وغيره عن محمد بن
إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي
صلى الله عليه وسلم مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير قال فهذا إسناد صحيح على
شرط مسلم في عبيد الله بن عبد الله ومحمد بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد
بن كثير قال وروى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن
عبد الله بن عمر عن أبيه رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل عن بن
المنذر فهذا محمد بن إسحاق وافق عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير في ذكر محمد
بن جعفر بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وروايتهما وافق رواية حماد بن
سملة وغيره عن عاصم بن المنذر في ذكر عبيد الله بن عبد الله فثبت هذا الحديث
باتفاق أهل المدينة والكوفة والبصرة على حديث عبيد الله بن عبد الله وباتفاق محمد
بن إسحاق والوليد بن كثير عن روايتهما عن محمد بن جعفر بن الزبير فعبيد الله
وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر مقبولان بإجماع من الجماعة في كتبهم وكذلك
محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر والوليد بن كثير في كتاب
170

مسلم وأبي داود والنسائي وعاصم بن المنذر يعتبر بحديثه ومحمد بن إسحاق
أخرج عنه مسلم وأبو داود والنسائي وعاصم بن المنذر استشهد به البخاري في
مواضع وقال شعبة محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث وقال عبد الله بن
المبارك محمد بن إسحاق ثقة ثقة ثقة انتهى قال الشيخ وكان أبا عبد الله بن مندة
حكم بالصحة على شرط مسلم من جهة الرواة وأعرض عن جهة الرواية وكثرة
الاختلاف فيها والاضطراب ولعل مسلما تركه لذلك وحكى البيهقي في كتاب
المعرفة عن شيخه أبي عبد الله الحافظ انه كان يقول الحديث محفوظ عنهما جميعا
أعني عن عبيد الله وعبد الله بن عبد الله كلاهما رواه عن أبيه قال وذهب إليه
كثير من أهل الرواية وهذا خلاف ما يقتضيه كلام أبي زرعة فيما حكاه عبد الرحمن
بن أبي حاتم قال سألت أبا زرعة عن حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر
بن الزبير فقلت انه يقول عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن البي صلى الله عليه وسلم
رواه الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ قال أبو زرعة بن
إسحاق ليس يمكن ان يقضي له قلت له ما حال محمد بن جعفر فقال صدوق
الرواية الثانية رواية محمد بن إسحاق لهذا الحديث وقد أخرجه الترمذي من
حديث هناد وأبو داود من حديث حماد بن سلمة ويزيد بن زريع وابن ماجة من
حديث يزيد بن هارون وابن المبارك كلهم عن بن إسحاق ورواه أحمد بن خالد
الوهبي وإبراهيم بن سعد الزهري وزائدة بن قدامة ورواه عبيد الله بن محمد بن
عائشة عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق بسنده وقال فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع والكلاب فقال إذا كان الماء قلتين
لا يحمل الخبث رواه البيهقي وقال كذا قال السباع والكلأ ب وهو غريب
وكذلك قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة وقال إسماعيل بن عيا ش
عن محمد بن إسحاق الكلاب والدواب الا ان بن عياش اختلف عليه في إسناده
انتهى وهذا الاختلاف الذي أشار إليه هو المحفوظ عن بن عياش عن محمد بن إسحاق
عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أبيه ورواه محمد
بن وهب السلمي عن بن عياش عن بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن القليب يلقى فيه الجيف ويشرب منه الكلاب
171

والدواب قال ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شئ رواه الدارقطني
وروى أيضا من جهة عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم عن عبد الله بن أحمد
بن خزيمة عن علي بن سلمة اللبقي عن عبد الوهاب ورواه المغيرة بن سقلاب عن بن
إسحاق عن نافع عن بن عمر
الرواية الثالثة رواية حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر واختلف في اسنادها
ومتنها اما الاسناد فرواه أبو داود وابن ماجة عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن
عاصم عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال حدثنا أبي ان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا كان الماء قلتين فإنه ينجس وخالف حماد بن زيد فرواه عن عاصم بن
المنذر عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله موقوفا قال الدارقطني وكذلك رواه
إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل لم يسمه عن بن عمر موقوفا أيضا واما
الاختلاف في اللفظ فان يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة فاختلف فيه على
يزيد فقال الحسن بن محمد الصباح عنه عن حماد عن عاصم قال دخلت مع
عبيد الله بن عبد الله بن عمر بستانا فيه مقراة ماء فيه جلد بعير ميت فتوضأ فيه فقلت
له أتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت فحدثني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا بلغ
الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شئ أخرجه الدارقطني وعبد بن حميد وإسحاق بن
راهويه في مسنديهما ورواه أبو مسعود الرازي عن يزيد فلم يقل أو ثلاثا قال
الدارقطني وكذلك رواه إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد وكامل بن طلحة عن
حماد بن سلمة بهذا الاسناد قالوا فيه إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثا ورواية إبراهيم بن
الحجاج وهدبة بن خالد عن حماد به عند الحاكم في مستدركه قال إذا بلغ الماء
قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شئ قال الحاكم ورواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ
عن حماد لم يقولوا فيه أو ثلاثا انتهى قلت وكذلك رواه وكيع عن حماد بن
سلمة بسنده وقال إذا كان الماء قلتين أو ثلاثة لم ينجسه شئ رواه بن ماجة
في سننه ثم قال الدارقطني بعد تخريج ما ذكر من الروايات ورواه عفان من مسلم
ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وبشر بن السري والعلاء بن عبد الجبار المكي
وموسى بن إسماعيل وعبيد الله العيشي عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد وقالوا فيه
إذا كان الماء قلتين لم ينجس ولم يقولوا أو ثلاثا ثم اخرج هذه الروايات ولحديث
172

بن عمر طريقان آخران أحدهما من رواية إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمر بن
عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ أخرجه الدارقطني وإبراهيم بن محمد
هو بن أبي يحيى الأسلمي وقد مر ذكره والثاني رواه عبد الله بن الحسين بن
جابر عن محمد بن كثير المصيصي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن بن عمر عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شئ أخرجه الدارقطني عن محمد بن
إسماعيل الفارسي عنه وقال رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير عن زائدة ورواه
معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفا وهو الصواب ثم خرجه والله أعلم
واما الاضطراب في متنه فقد تقدم من ذلك شئ وروى الدارقطني في
سننه وابن عدي في الكامل والعقيلي في كتابه عن القاسم بن عبيد الله العمري
عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الماء
أربعين قلة فإنه لا يحمل الخبث انتهى قال الدارقطني كذا رواه القاسم العمري
عن بن المنكدر عن جابر ووهم في إسناده وكان ضعيفا كثير الخطأ وخالفه روح
بن القاسم وسفيان الثوري ومعمر بن راشد رووه عن بن المنكدر عن عبد الله بن
عمر موقوفا ورواه أيوب السختياني عن محمد بن المنكدر من قوله لم يجاوز به ثم
روى بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن
عمر قال إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس ثم اخرج رواية سفيان من جهة وكيع
وأبي نعيم عنه عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر وقال إذا كان الماء أربعين
قلة لم ينجسه شئ واخرج رواية معمر أيضا من جهة عبد الرزاق عن غير واحد عنه
واخرج رواية أيوب عن محمد بن المنكدر قال إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس أو
كلمة نحوها وروى الدارقطني أيضا من جهة بشر بن السري عن بن لهيعة عن يزيد
بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن أبيه قال إذا
كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثا قال الدارقطني كذا قال وخالفه غير واحد
رووه عن أبي هريرة فقالوا أربعين غربا ومنهم من قال أربعين دلوا وسليمان بن
سنان سمع بن عباس وأبا هريرة قاله البخاري في تاريخه
اما الاضطراب في معناه فقيل إن القلة اسم مشترك يطلق على الجرة
173

وعلى القربة وعلى رأس الجبل وروى الشافعي في تفسيرها حديثا فقال في
مسنده أخبرني مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا وقال في الحديث
بقلال هجر قال قال بن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين
وشيئا قال الشافعي فالاحتياط ان يجعل القلة قربتين ونصفا فإذا كان الماء خمس
قرب كبار كقرب الحجاز لم يحمل نجسا الا ان يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون
انتهى وهذا فيه أمران أحدهما ان سنده منقطع ومن لا يحضره مجهول فلا يقوم
بهذا الحجة عنده والثاني ان قوله وقال في الحديث بقلال هجر يوهم ان هذا
من قول النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك فروى الدارقطني من حديث أبي بكر عبد الله بن
محمد بن زياد النيسابوري عن أبي حميد عن حجاج عن بن جريج قال أخبرني
محمد بن يحيى فذكره قال محمد بن يحيى قلت ليحيى بن عقيل أي قلال
قال قلال هجر قال محمد فرأيت قلال هجر، فأظن كل قلة تسع قربا قال
وإسناد الأول أحفظ فهذان الوجهان ليس فيهما رفع هذه الكلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو
كان مرسلا فان يحيى بن عقيل ليس بصحابي ثم الطريق التي ذكر البيهقي ان
اسنادها احفظ يقول فيها فأظن ان كل قلة تحمل قربتين والقربة ستة عشر رطلا
فيكون مجموع القلتين أربعة وستون رطلا وهذا لا يقول به والرواية الأخرى كل
قلة قربتين يقتضي أن القلتين أربع قرب وقد روى بن عدي في الكامل من
حديث المغيرة بن سقلاب عن محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ والقلة أربع آصع قال
والمغيرة ترك طريق هذا الحديث وقال عن أبي إسحاق عن نافع عن بن عمر وكان
هذا أسهل عليه ومحمد بن إسحاق يرويه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عمر ثم
روى بن عدي من طريق المغيرة أيضا عن محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شئ ويذكر انهما
فرقان قال بن عدي قوله في متنه من قلال هجر غير محفوظ لا يذكر الا في
هذا الحديث من رواية مغيرة هذا عن محمد بن إسحاق قال ومغيرة بن سقلاب
يكنى أبا بشر منكر الحديث ثم أسند إلى أبي جعفر بن نفيل قال المغيرة بن
سقلاب لم يكن مؤتمنا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عدي وعامة ما يرويه لا
174

يتابع عليه فهذا الحديث ذكر فيه قلال هجر وذكر انهما فرقان وهذا لا يقول به من
حزرهما بخمسمائة رطل أو أكثر واخرج الدارقطني من حديث عبد العزيز بن أبي
رزمة عن حماد بن زيد عن عاصم بن المنذر قال القلال الجوابي العظام واخرج
أيضا من جهة الحسن بن عرفة سمعت هشيما يقول القلتان هما الجرتان الكبيرتان
وقال بن مندة قال الأوزاعي وأصحابه القلة ما تقله اليد أي ترفعه وأخرج البيهقي
من جهة عبد الرحيم بن سليمان سألت أحمد بن إسحاق عن القلتين فقال
هي الجرار التي يستقي فيها الماء والدواريق واخرج عن وكيع قال هي الجرة
وقال البيهقي في كتاب المعرفة وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز
ولشهرتها عندهم شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال
هجر فقال في حديث مالك بن صعصعة رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل
اذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر قال واعتذار الطحاوي في ترك الحديث أصلا
بأنه لا يعلم مقدار القلتين لا يكون عذرا عند من علمه وكذل ترك القول ببعض
الحديث بالاجماع لا يوجب تركه فيما لم يجمع عليه، وتوقيته بالقلتين لمنع من حمله
على الماء الجاري على أصله انتهى كلامه
الحديث السادس والثلاثون حديث المستيقظ تقدم أول الكتاب رواه أصحاب
الكتب الستة ووجهه انه منع من الغمس في الاناء عند التوهم فأولى ان يمنع عند
التحقق
الحديث السابع والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الما الدائم ولا
يغتسلن فيه من الجنابة قلت رواه بهذا اللفظ أبو داود وابن ماجة من حديث
محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبولن
أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة انتهى وهو في الصحيحين من
حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ لا يبولن أحدكم في الماء
الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه وفي لفظ ثم يغتسل منه وفي لفظ
الترمذي ثم يتوضأ منه وروى مسلم من حديث أبي السائب عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري وهو جنب
175

فقال كيف يفعل يا أبا هريرة قال يتناوله تناولا وروى أيضا من حديث أبي الزبير
عن جابر مرفوعا لا يبولن أحدكم في الماء الراكد انتهى وروى البيهقي من
حديث بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى ان
يبال في الماء الراكد وان يغتسل فيه من الجنابة انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا
لغيره في عزوه هذا الحديث لمسلم عن طلحة وإنما رواه مسلم عن أبي هريرة وروى
بعضه عن جابر، ولم يخرج مسلم لطلحة في كتابه الا خمسة أحاديث ليس هذا
مها فاولها حديث جاء رجل من أهل نجد ثائر الرأس أخرجه في كتاب الايمان
وشاركه فيه البخاري ثم حديث الصلاة إلى مؤخرة الرحل أخرجه في الصلاة
ثم حديث أهدى لنا طير ونحن حرم أخرجه في الحج ثم حديث لم يبق مع
النبي صلى الله عليه وسلم غير طلحة وسعد وحديث مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رؤوس
النخل أخرجهما في الفضائل فالمقلد ذهل والمقلد جهل
قوله وما رواه مالك ورد في بئر بضاعة وماءها كان جاريا بين البساتين
قلت يريد بما رواه مالك حديث الماء طهور لا ينجسه شئ وقد تقدم أول الباب
ووروده في بئر بضاعة أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عبيد الله بن عبد الله
بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر
بضاعة وهي تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال عليه السلام ان الماء
طهور لا ينجسه شئ انتهى قال الترمذي حديث حسن انتهى وضعف بن
القطان في كتابه الوهم والايهام هذا الحديث وقال إن في إسناده اختلافا فقوم
يقولون عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقوم يقولون عبد الله بن عبد الله بن رافع
ومنهم من يقول عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع ومنهم من يقول عبد الله
ومنهم من يقول عن عبد الرحمن بن رافع قال فيحصل فيه خمسة أقوال وكيفما
كان فهو لا يعرف له حال ولا عين وله إسناد صحيح من رواية سهل بن سعد قال
قاسم بن اصبغ حدثنا محمد بن وضاح ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة ثنا
عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قالوا يا رسول الله انك تتوضأ
من بئر بضاعة وفيها ما ينجى الناس والمحايض والخبث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الماء لا ينجسه شئ قال قاسم هذا أحسن شئ في بئر بضاعة انتهى كلامه
176

وذكر البيهقي في سننه ما وقع في هذا الحديث من الاختلاف في باب الماء
الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه وأطال فيه ثم أخرجه عن حاتم بن إسماعيل ثنا
محمد بن أبي يحيى عن أمه قالت دخلت على سهل بن سعد في نسوة فقال لو اني
أسقيكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك وقد والله سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي منها ثم
قال وهذا إسناد حسن موصول انتهى
وقول صاحب الكتاب ان ماءها كان جاريا بين البساتين هذا رواه الطحاوي
في شرح الآثار عن الواقدي فقال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي
عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي قال كانت بئر بضاعة طريقا للماء إلى
البساتين انتهى وهذا سند ضعيف ومرسل ومدلوله على جريانها غير ظاهر قال
البيهقي في المعرفة وزعم الطحاوي ان بئر بضاعة كان ماؤها جاريا لا يستقر و
انها كانت طريقا إلى البساتين ونقل ذلك عن الواقدي والواقدي لا يحتج بما
يسنده فضلا عما يرسله وحال بئر بضاعة مشهور بين أهل الحجاز بخلاف ما
حكاه انتهى وقول صاحب الكتاب وما رواه الشافعي ضعفه أبو داود هذا غير
صحيح فان أبا داود روى حديث القلتين وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في
ذلك ثم أردفه بكلام دل على تصحيحه له وتضعيفه لمذهب مخالفه فقال قال
قتيبة بن سعيد سألت فيم بئر بضاعة عن عمقها فقال أكثر ما يكون فيها الماء
إلى العانة فإذا نقص كان إلى العورة قال أبو داود ومددت ردائي عليهما ثم
ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع وسالت الذي فتح باب البستان هل غير بناؤها عما
كانت عليه فقال لا ورأيت فيها ماءا متغير اللون انتهى وجهل من عزى حديث
بئر بضاعة لابن ماجة
177

الحديث الثامن والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم هو الحلال اكله وشربه والوضوء
178

منه قلت يعني فيما وقع فيه ما ليس له نفس سائلة فمات فيه والحديث رواه
179

الدارقطني في سننه من حديث بقية حدثني سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر
بن منصور عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال له النبي
صلى الله عليه وسلم يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال
اكله وشربه ووضوءه انتهى قال الدارقطني لم يروه غير بقية عن سعيد بن أبي
سعيد الزبيدي وهو ضعيف انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بسعيد هذا
وقال هو شيخ مجهول وحديثه غير محفوظ انتهى
أحاديث الباب روى البخاري في صحيحه من حديث عبيد بن حنين عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم
لينزعه فان في إحدى جناحيه داء وفي الآخر شفاء انتهى قال البيهقي قال
الشافعي ووجه ذلك أنه عليه السلام لا يأمر بغمس ما ينجس ما مات فيه لان ذلك
عمد افساده انتهى وزاد فيه أبو داود بإسناد حسن وانه يتقي بجناحه الذي فيه
الداء انتهى
حديث آخر روى النسائي وابن ماجة في سننهما من حديث سعيد بن خالد
القارظي عن أبي سلمة حدثني أبو سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في إحدى
جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فيه فإنه يقدم السم
ويؤخر الشفاء انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده
وسعيد هذا ضعفه النسائي وقال الدارقطني مدني يحتج به وذكره بن حبان في
180

حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم تقدم قريبا
الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام أيما اهاب دبغ فقد طهر قلت
روى من حديث بن عباس ومن حديث بن عمر أما حديث بن عباس فرواه
النسائي في سننه في كتاب الفرع والعتيرة والترمذي وابن ماجة في كتاب
اللباس من حديث زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما اهاب دبغ فقد طهر انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح فسره النضر بن شميل وقال إنما يقال اهاب لجلد ما يؤكل لحمه
انتهى ورواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن بن وعلة سواء ورواه بن
حبان في صحيحه في النوع السادس والمائة من القسم الثاني ورواه أحمد
والشافعي وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم ورواه البزار في حديث
يحيى بن سعيد عن بن وعلة ومن حديث القعقاع بن حكم عنه ثم قال وإنما رويناه
كذلك يقول جاهل ان عبد الرحمن رجل مجهول وروى عنه أيضا عبد الله
بن هبيرة انتهى كلامه
واعلم أن كثيرا من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين عزوا هذا الحديث في كتبهم
إلى مسلم وهو وهم وممن فعل ذلك البيهقي في سننه وإنما رواه مسلم بلفظ إذا
دبغ الإهاب فقد ظهر واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في كتاب الامام فقال
والبيهقي وقع له مثل في كتابه كثيرا ويريد به أصل الحديث لاكل لفظة منه قال
وذلك عندنا معيب جدا إذا قصد الاحتجاج بلفظه معينة لان فيه إيهام ان اللفظ
المذكور أخرجه مسلم مع أن المحدثين اعذر في هذا من الفقهاء لان مقصود المحدثين
الاسناد ومعرفة المخرج وعلى هذا الأسلوب ألفوا كتب الأطراف فاما الفقيه الذي
يختلف نظره باختلاف اللفظ فلا ينبغي له ان يحتج بأحد المخرجين الا إذا كانت اللفظة
فيه انتهى
181

واما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن طهمان
عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم أيما اهاب دبغ فقد طهر
انتهى قال الدارقطني إسناده حسن انتهى
أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث بن عبا س قال تصدق
على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا أخذتم إهابها
فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا انها ميتة قال إنما حرم اكلها انتهى أخرجه
البخاري في الذبائح ومسلم في الطهارة ورواه الدارقطني وزادا وليس في الماء
والقرظ ما يطهرها وفي الفظ قال إنما حرم عليكم لحمها ورخص لكم في مسكها
وفي لفظ قال إن دباغه طهوره اخرج هذه الألفاظ في حديث ميمونة ثم قال
وهذه الأسانيد كلها صحاح انتهى
حديث آخر روى البخاري في الايمان والنذور من حديث سودة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم قالت ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا انتهى
حديث آخر روى مسلم من حديث أبي الخير قال رأيت علي بن وعلة فروا
فمسسته فقال مالك تمسه قد سألت بن عباس فقلت انا نكون بالمغرب ومعنا
البربر والمجوس نؤتى بالكبش قد ذبحوه ونحن لا نأكل ذبائحهم ويؤتى بالسقاء
يجعلون فيه الماء والودك فقال بن عباس قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال دباغه
طهوره انتهى
حديث آخر روى بن خزيمة في صحيحه والبيهقي في سننه من حديث
عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن بن عباس قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم ان
يتوضأ من سقاء فقيل له انه ميتة فقال دباغه يزيل خبثه أو نجسه أو رجسه
انتهى قال البيهقي اسناده صحيح ورواه الحاكم وقال هو صحيح
حديث آخر روى بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين من
القسم الثالث عن الأسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دباغ جلود
182

الميتة طهورها انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه
من طريق مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن
أمه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ان يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت انتهى
قال في الامام وأعله الأثرم بن أم محمد غير معروفة ولا يعرف لمحمد عنها غير
هذا الحديث وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال ومن هي أمه كأنه أنكره من
اجل أمه
حديث آخر أخرج أبو داود والنسائي عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق ان
النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك دعا بماء من عند امرأة قالت ما عندي الا في قربة لي ميتة
قال أليس قد دبغتها قالت بلى قال فان دباغها طهورها انتهى ورواه
بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده قال في الامام
وأعله الأثرم بجون وحكى عن أحمد أنه قال لا أدري من هو الجون بن قتادة
انتهى ورواه الترمذي في علله الكبرى وقال لا اعرف لجون بن قتادة غير هذا
الحديث ولا أدري من هو انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن زيد بن أسلم عن يسار عن عائشة
مرفوعا طهور كل أديم دباغه انتهى وقالا إسناد حسن وكلهم ثقات
انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن معروف بن حسان عن عمر بن ذر عن معاذة
183

عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بجلود الميتة إذا هي دبغت، ترابا كان
أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد أن يزيد صلاحه انتهى ومعروف بن حسان قال
أبو حاتم مجهول وقال بن عدي منكر الحديث
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله
بن عبد الله عن بن عباس قال إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها، فأما الجلد
والشعر والصوف فلا باس به انتهى قال الدارقطني عبد الجبار ضعيف قلت
ذكره بن حبان في الثقات بهذا الحديث
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن يوسف بن السفر ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا باس بمسك الميتة إذا دبغ ولا باس بصوفها وشعرها
وقرونها إذا غسل بالماء انتهى قال ويوسف متروك ولم يأت به غيره
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر الهذلي ثنا الزهري عن عبيد الله
بن عبد الله عن بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قل لا أجد فيما
أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا كل شئ من الميتة حلال الا ما أكل منها
فاما الجلد والقرن والشعر والصوف والسن والعظم، فكله حلال لأنه لا
يذكى انتهى قال وأبو بكر الهذلي متروك
حديث آخر أخرجه البيهقي عن القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار عن بن
عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم مر على شاة فقال ما هذه قالوا ميتة قال ادبغوا إهابها
فان دباغها طهوره انتهى وقال القاسم ضعيف
184

حديث آخر أخرجه البيهقي عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال دباغ جلود الميتة طهورها انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده عن يعقوب بن
عطاء عن أبيه عن بن عباس قال ماتت شاة لميمونة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا استمتعتم
بإهابها فإن دباغ الأديم طهوره انتهى ويعقوب هذا هو بن عطاء بن أبي
رباح فيه مقال قال أحمد منكر الحديث وقال بن معين وأبو زرعة ضعيف
وذكره بن حبان في الثقات
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن
أم سلمة انها كانت لها شاة تحلبها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت الشاة قالوا
ماتت قال أفلا انتفعتم بإهابها فقلنا انها ميتة فقال عليه السلام ان دباغها
يحل كما يحل خل الخمر انتهى وقال تفرد به فرج بن فضالة وهو ضعيف
حديث آخر في العظم أخرجه أبو داود وأحمد عن حميد بن أبي حميد الشامي
عن سليمان المنبهي عن ثوبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشتر لفاطمة قلادة من عصب
وسوارين من عاج انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وحميد وسليمان
غير معروفين والعاج قال بن قتيبة ليس الذي تعرفه العامة ذلك ميتة وإنما العاج
الذبل قاله الأصمعي قال في التنقيح وحميد بن أبي حميد ذكره بن عدي
وقال إنما أنكر عليه هذا الحديث ولا اعلم له غيره وروى عن حميد سالم المرادي
وصالح بن صالح بن حي وغيلان بن جامع ومحمد بن جحادة واما سليمان
المنبهي فيقال انه سليمان بن عبد الله ذكره بن حبان في الثقات انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة
عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج انتهى قال ورواية بقية عن
شيوخه المجهولين ضعيفة وقال الخطابي قال الأصمعي العاج الذبل وهو ظهر
السلحفاة البحرية واما العاج الذي يعرفه العامة عظم أنياب الفيلة فهو ميتة لا يجوز
185

استعماله انتهى كلامه وفيه أمران أحدهما انه أوهم بقوله عن شيوخه
المجهولين ان الواسطي مجهول وليس كذلك والثاني انه أوهم بقوله الذي يعرفه
العامة انه ليس من لغة العرب وليس كذلك قال بن مندة في المحكم العاج
أنياب الفيلة ولا يسمى غير الناب عاجا وقال الجوهري العاج عظم الفيل
الواحدة عاجة
الحديث الأربعون حديث النهى الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب قلت رواه
أصحاب السنن الأربعة من حديث الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
عبد الله بن عكيم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ان لا تنتفعوا من
الميتة بإهاب ولا عصب انتهى أخرجه النسائي في الذبائح والباقون في اللباس
قال الترمذي حديث حسن وقد روى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له قال
وسمعت أحمد بن الحسن يقول كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث قبل وفاته
بشهرين ويقول كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما
اضطربوا في إسناده انتهى رواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والمائة
186

من القسم الثاني من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم الجهني
قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة ان لا تنتفعوا من الميت
بإهاب ولا عصب انتهى ثم رواه عن بن أبي ليلى أيضا عن عبد الله بن عكيم ثنا
مشيخة لنا من جهينة ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم ان لا تستمتعوا من الميتة بشئ
انتهى قال وهذا ربما أوهم عالما ان الخبر ليس بمتصل وليس كذلك فان
الصحابي قد يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يسمعه من صحابي آخر فمرة يخبر به عن
النبي صلى الله عليه وسلم ومرة يرويه عن الصحابي الا يرى أن بن عمر شهد سؤال جبرائيل عن
الايمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعه من عمر بن الخطاب فمرة أخبر بما شاهد ومرة
روى عن أبيه ما سمع وعلى ذلك يحمل حديث بن عكيم من غير أن يكون في الخبر
انقطاع قال والمراد بقوله لا تنتفعوا من الميتة بإهاب أي قبل الدباغ انتهى
كلامه ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والبيهقي في
سننه وعند أحمد قبل موته بشهر أو شهرين قال البيهقي وجاء في لفظ آخر
قبل موته بأربعين يوما وجاء عن بن عكيم ثنا مشيخة لنا من جهينة ثم أسند إلى بن
معين أنه قال في حديث ثقات الناس عن بن عكيم أنه قال حدثنا أصحابنا ان النبي
صلى الله عليه وسلم كتب إليهم يريد تعليل الحديث بذلك قال البيهقي وهو محمول عندنا على ما
قبل الدبغ بدليل ما هو أصح منه فذكر حديث شاة ميمونة انتهى ورواه الطبراني في
معجمه الوسط ولفظه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في ارض جهينة انى
كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب وفي سنده
فضالة بن مفضل بن فضالة المصري قال أبو حاتم لم يكن باهل ان نكتب عنه العلم
انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام والذي يعلل به حديث عبد الله بن عكيم
الاختلاف فروى بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعن الحكم بن عتيبة عن
عبد الله بن عكيم وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة عن
187

عبد الرحمن انه انطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم قال فدخلوا وقعدت على
الباب فخرجوا إلى فأخبروني ان عبد الله بن عكيم أخبرهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب
إلى جهينة قبل موته بشهر الحديث قال ففي هذه الرواية انه سمعه من الناس
الداخلين عليه وهم مجهولون انتهى قال أبو داود قال النضر بن شميل إنما يسمى
إهابا ما لم يدبغ فإذا دبغ سمى شنا وقربة انتهى وقال النووي في الخلاصة
وحديث بن عكيم أعل بأمور ثلاثة أحدها الاضطراب في سنده كما تقدم
والثاني الاضطراب في متنه فروى قبل موته بثلاثة أيام وروى بشهرين وروى
بأربعين يوما والثالث الاختلاف في صحبته قال البيهقي وغيره لا صحبة له فهو
مرسل انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ وحكى الخلال في
كتابه ان أحمد توقف في حديث بن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه وقيل إنه
رجع عنه قال وطريق الانصاف ان حديث بن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ
ولكنه كثير الاضطراب وحديث بن عباس سماع وحديث بن عكيم كتاب
والكتاب والوجادة والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم
المشافهة ولو صح فهو لا يقاوم حديث بن عباس في الصحة ومن شرط الناسخ ان
يكون أصح سندا وأقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح على ما قررناه في مقدمة
الكتاب وغير خاف على من صناعته الحديث ان حديث بن عكيم لا يوازي حديث
بن عباس في جهة واحدة من جهات الترجيح فضلا عن جميعها انتهى كلامه
أحاديث الباب روى أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد عن قتادة
عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع زاد الترمذي
188

ان تفترش انتهى ورواه الحاكم وصححه
حديث آخر رواه بن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن
جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنتفعوا من الميتة بشئ انتهى وزمعة فيه
مقال
حديث آخر في الشعر والظفر روى البيهقي في سننه من حديث عبد الله بن
عبد العزيز بن أبي رواد حدثني أبي عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفنوا
الشعر والدم والأظفار فإنها ميتة انتهى ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بعبد الله بن عبد العزيز وقال له أحاديث لا يتابع عليها وقال البيهقي في
شعب الايمان وقد روى حديث دفن الشعر والأظفار من أوجه كلها ضعيفة
انتهى
فصل في البئر
الحديث الحادي والأربعون حديث الامر بتطهير المساجد قلت فيه عن عائشة
189

وسمرة بن جندب اما حديث عائشة فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة في
كتاب الصلاة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
ببناء المساجد في الدور وان تنظف وتطيب انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه وأحمد في مسنده وأخرجه أبو داود وابن ماجة عن زائدة بن قدامة عن
هشام به وأخرجه الترمذي وأحمد عن عامر بن صالح الزهري عن هشام به ثم
أخرجه الترمذي عن عبدة ووكيع وسفيان ثلاثتهم عن هشام عن أبيه ان
النبي مرسلا قال وهذا أصح من الأول انتهى وأخرجه بن ماجة أيضا عن مالك بن
سعير عن هشام به مسندا وأخرجه البزار في مسنده عن يونس بن بكير عن هشام به
مسندا وعن عامر بن صالح عن هشام به وعن زائدة عن هشام به كذلك ثم قال
ولا يعلم أسنده غير هؤلاء وغيرهم يرويه عن هشام عن أبيه مرسلا انتهى قلت
فإنه حديث مالك بن سعير كما تقدم عند بن ماجة وله عذره واما حديث
سمرة فأخرجه أبو داود عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه سليمان عن أبيه سمرة
انه كتب إلى بنيه اما بعد فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا ان نصنع المساجد في دورنا
ونصلح صنعتها ونطهرها انتهى وسكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده
حديث في اقتناء الحمام في المساجد رواه الطبراني في معجمه والبيهقي في
دلائل النبوة والبزار في مسنده من حديث عوين بن عمرو القيسي قال سمعت
190

أبا مصعب المكي قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة
فسمعتهم يتحدثون ان النبي صلى الله عليه وسلم قا أمر الله شجرة ليلة الغار فنبتت في وجهي
وامر الله العنكبوت فنسجت فسترني وامر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار
واقبل فتيان من قريش بعصيهم وهراواتهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم قدر
أربعين ذراعا تعجل بعضهم ينظر في الغار فرأى حمامتين بفم الغار فرجع إلى
أصحابه فقالوا مالك لم تنظر في الغار قال رأيت بفمه حمامتين فعرفت انه ليس
فيه أحد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فعرف ان الله قد درأ عنه بهما فدعا لهما وسمت
عليهن وأقررن في الحرم وفرض جزاءهن انتهى قال البزار لا يعلم رواه الا عوين
بن عمرو وهو بصرى مشهور انتهى ورواه العقيلي في ضعفاءه فأعله بعوين
ويقال عون قال ولا يتابع عليه وأبو مصعب مجهول انتهى
الحديث الثاني والأربعون عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أمر العرنيين بشرب أبوال الإبل وألبانها
قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث أنس ان أناسا من عرينة اجتووا المدينة
فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فقتلوا
الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم
وسمر أعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة انتهى أخرجه البخاري ومسلم
في الصلاة عن شعبة عن قتادة عن أنس وعجب من الشيخ زكي الدين المنذري
كيف قال في مختصره وأخرجه البخاري تعليقا من حديث قتادة عن أنس
والبخاري رواه متصلا وأخرجه أبو داود وابن ماجة في الحدود والترمذي في
الطهارة والنسائي في تحريم الدم ولفظ أبي داود والترمذي والنسائي وأمرهم ا
ن يشربوا من أبوالها وألبانها ورواه البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي قلابة
عبد الله بن زيد الجرمي عن أنس والبخاري في الطهارة ولفظه فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم
191

بلقاح وان يشربوا من أبوالها وألبانها ومسلم في الحدود وقال فيه وأمرهم ان
يشربوا من ألبانها وأبوالها
أحاديث الباب حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن مسعود في
حديث أبي جهل حين وضع على ظهره صلى الله عليه وسلم سلا جذور وهو ساجد واستمر ساجدا
حتى جاءت فاطمة رضي الله عنها فطرحته عنه
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عمر بن
الخطاب قال خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش
شديد حتى أن كان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده
فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله ان الله عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا قال
أتحب ذلك قال نعم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ودعا فلم يرجعهما حتى
قالت السماء فأظلت ثم سكبت فملئوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت
العسكر انتهى قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال
صاحب التنقيح رجاله ورجال الصحيح ورواه بن خزيمة في صحيحه وقال
فلو كان ماء الفرث نجسا لم يجز لاحد ان يجعله على كبده فينجس يديه وهو غير
واجد لماء طاهر يغسله به هذا لا يسع أحدا ان يفعله واما شربه فأبيح اضطرارا لاحياء
النفس انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس ان النبي صلى الله عليه سلم كان يصلى في
مرابض الغنم
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صلوا في
مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل قال الترمذي حديث حسن صحي
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو بن الحصين ثنا يحيى بن العلاء عن
مطرف عن محارب بن دثار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أكل لحمه فلا بأس
ببوله انتهى قال الدارقطني عمرو بن الحصين متروك ويحيى بن العلاء قال فيه
192

أحمد كذاب يصنع الحديث
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي
الجهم عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا باس ببول ما أكل لحمه انتهى
قال بن الجوزي قال أحمد والنسائي وابن معين سوار بن مصعب متروك
الحديث
الحديث السادس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رمى بالروثة وقال هذا رجس أو
ركس قلت رواه البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن الأسود عن
أبيه عن بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى الغائط فأمرني ان آتيه بثلاثة أحجار فوجدت
حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى
الروثة وقال هذا ركس انهى ورواه بن ماجة وقال فيه هذا رجس
بالجيم ورواه الدارقطني ثم البيهقي فزاد فيه اتيتني بحجر محتجين بذلك على
وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار وسيأتي قريبا والكلام عليه في الاستنجاء
الحديث السابع حديث المستيقظ من منامه تقدم أول الكتاب
الأحاديث الواردة في بول الصبي روى الأئمة الستة في كتبهم عن أم قيس
بنت محصن انها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه عليه
في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه على بوله ولم يغسله انتهى وفي لفظ
لمسلم فرشه ذكره في الطب وهو لفظ بن حبان في صحيحه وزاد قال بن
شهاب فمضت السنة ان لا يغسل من بول الصبي حتى يأكل الطعام فإذ أكل غسل
انتهى قال الطحاوي في شرح الآثار السنة قد يراد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد يراد
بها سنة غيره قال عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة قالت كان
193

رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فاتى بصبي فبال عليه فدعا بماء
فاتبعه بوله ولم يغسله انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود الترمذي وابن ماجة عن علي بن أبي طالب عن
النبي صلى الله عليه وسلم في بول الرضيع قال ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط
الشيخين ولم يخرجاه وله شاهدان صحيحان ثم أخرجه من حديث لبابة وأبي
السمح
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي السمح قال كنت
أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بحسن أو حسين فبال على صدره فجئت اغسله فقال
يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك وقال إنه شاهد صحيح
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أم الفضل لبابة بنت الحارث
قالت كان الحسين بن علي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقالت البس ثوبا
وأعطني ازارك حتى اغسله قال إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول
الذكر انتهى ورواه الحاكم أيضا وقال إنه شاهد صحيح
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يسار أنبأ أبو بكر
الحنفي ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أم كرز الخزاعية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ينضح بول الغلام وبول الجارية يغسل انتهى ثم قال بن ماجة قال أبو الحسن
بن سلمة حدثنا أحمد بن موسى بن معقل ثنا أبو اليمان المصري قال سألت
الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يرش من بول الغلام ويغسل من بول الجارية والماءين
واحد فقال لان بول الغلام من الماء والطين وبول الجارية من اللحم والدم قال لي
فهمت أو قال لقنت قلت لا قال إن الله لما خلق آدم خلق حواء من ضلعه
فصار بول الغلام من الماء والطين وصار بول الجارية من اللحم والدم انتهى
194

حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم
الفضل بن دكين ثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن أبي القاسم مولى زينب عن زينب
بنت جحش ان النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما عندها وحسين يحبو في البيت فغفلت عنه
فحبا حتى صعد على صدر النبي صلى الله عليه وسلم فبال واستيقظ عليه السلام فقمت فاخذته
عنه فقال دعي ابني فلما قضى بوله اخذ كوزا من ماء فصبه عليه وقال إنه
يصب من بول الغلام ويغسل من بول الجارية انتهى وأجاب الطحاوي في
شرح الآثار عن هذه الأحاديث وقال إن المراد بالنضح فيها الصب قال وقد
ورد ما يدل على صحة ذلك ثم اخرج عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة قالت اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال عليه فقال صبوا عليه الماء
صبا ثم اخرج من طريق مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي فبال
عليه فاتبعه الماء انتهى قال ورواه زائدة عن هشام فقال فيه فدعا بماء فنضحه
عليه قال فدل ذلك على أن النضح عندهم الصب ثم اخرج عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن أبيه قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئ بالحسن فبال عيه فلما
فرغ صب عليه الماء ثم اخرج عن شريك عن سماك عن قابوس عن أم الفضل ان النبي
صلى الله عليه وسلم وضع الحسين على صدره فبال عليه فقلت يا رسول الله اعطني ازارك اغسله
فقال إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية قال فهو في غير هذه
الرواية إنما ينضح بول الغلام فثبت ان المراد فيه بالنضح الصب ليتفق الأثران
فثبت بهذه الآثار ان حكم بول الغلام الغسل الا ان ذلك الغسل يجزئ منه الصب
وان حكم بول الجارية الغسل أيضا الا ان الصب لا يكفي فيه لان بول الغلام يكون
في موضع واحد لضيق مخرجة وبول الجارية يتفرق لسعة مخرجه فأمر في بول
الغلام بالنضح يريد صب الما في موضع واحد وفي بول الجارية بالغسل لأنه يقع في
مواضع متفرقة والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الثالث والأربعون قال عليه السلام استنزهوا من البول فان عامة
195

عذاب القبر فيه قلت روى من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث
بن عباس
ما حديث أنس فرواه الدارقطني في سننه حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا
أحمد بن علي الآبار ثنا علي بن الجعد عن أبي جعفر الرازي عن قتادة عن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه انتهى ثم قال
المحفوظ مرسل انتهى وأبو جعفر متكلم فيه قال بن المديني كان يخلط وقال
أحمد ليس بقوي وقال أبو زرعة يهم كثيرا
واما حديث أبي هريرة فرواه الدارقطني أيضا من حديث أزهر بن سعد السمان
عن بن عون عن بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال استنزهوا من البول
فان عامة عذاب القبر منه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك من طريق أبي عوانة
عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب
القبر من البول انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولا اعرف له
علة ولم يخرجاه
واما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي
في سننهما والحاكم في مستدركه وسكت عنه كلهم عن أبي يحيى القتات
عن مجاهد عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا
منه انتهى قلت قال الدارمي عن بن معين أبو يحيى القتات ثقة وقال
أحمد بن سنان القطان عنه أبو يحيى في الكوفيين مثل ثابت في البصريين وقال عباس
عنه في حديثه ضعف وقال أحمد روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدا
وقال النسائي ليس بالقوي وقال بن عدي يكتب حديثه على ما فيه
196

قوله روى عن أنس أنه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها
ينزح منها عشرون دلوا
قوله وروى عن أبي سعيد الخدري أنه قال في الدجاجة إذا ماتت في البئر ينزح
منها أربعون دلوا قلت قال شيخنا علاء الدين رواهما الطحاوي من طرق وهذان
الأثران لم أجدهما في شرح الآثار للطحاوي ولكنه اخرج عن حجاج ثنا حماد
بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان أنه قال في دجاجة وقعت في البئر فماتت قال
ينزح منها قدر أربعين دلوا أو خمسين انتهى والشيخ لم يقلد غيره في ذلك قوله
روى عن بن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما أفتيا بنزح البئر كلها حين مات زنجي
في بئر زمزم
قلت هذه القصة رواها بن سيرين وعطاء وعمرو بن دينار وقتادة
197

وأبو الطفيل فرواية بن سيرين أخرجها الدارقطني في سننه حدثنا عبد الله بن محمد
بن زياد عن أحمد بن منصور عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن هشام عن محمد بن
سيرين ان زنجيا وقع في زمزم يعني فمات فأمر به بن عباس فاخرج وامر بها ان
198

تنزح قال فغلبتهم عين جاءت من الركن قال فأمر بها فدست بالقباطي والمطارق
حتى نزحوها فلما نزحوها انفرجت عليهم انتهى قال البيهقي في المعرفة
وابن سيرين عن بن عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه وإنما هو بلاغ بلغه انتهى
واما رواية عطاء فرواها بن أبي شيبة في مصنفه والطحاوي في شرح الآثار
حدثنا هشيم ثنا منصور عن عطاء ان حبشيا وقع في زمزم فمات فأمر بن الزبير فنزح
ماءها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجرى من قبل الحجر الأسود فقال بن الزبير
حسبكم انتهى واما رواية عمرو بن دينار فاخرجها البيهقي في كتاب المعرفة
من طريق بن لهيعة عن عمرو بن دينار ان زنجيا وقع في زمزم فمات فأمر به بن عباس
فاخرج وسدت عيونها ثم نزحت انتهى قال وابن لهيعة لا يحتج به واما رواية
قتادة فرواها بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة عن بن عباس ان زنجيا وقع في زمزم فمات فأنزل إليه رجلا فأخرجه ثم
قال: انزحوا ما فيها من ماء انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقتادة عن بن
عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه وإنما هو بلاغ بلغه انتهى واما رواية أبي الطفيل
فرواها البيهقي من طريق جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن بن عباس فذكره قال
ورواه جابر مرة أخرى عن أبي الطفيل نفسه ان غلاما وقع في زمزم فنزحت لم
يذكر فيه بن عباس وهذه الرواية عند الدارقطني قال البيهقي وجابر الجعفي لا
يحتج به واعتمد البيهقي في تضعيف هذا القصة بأثر رواه عن سفيان بن عيينة فقال
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي الوليد الفقيه عن عبد بن شرويه قال سمعت أبا
قدامة يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول انا بمكة منذ سبعين سنة لم أر صغيرا ولا
كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا إنه وقع في زمزم ولا سمعت أحدا يقول
نزحت زمزم ثم أسند عن الشافعي أنه قال لا يعرف هذا عن بن عباس وكيف
يروي بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ ويتركه وإن كان قد فعل
فلنجاسة ظهرت على وجه الماء ونزحها للتنظيف لا للنجاسة فان زمزم للشرب
انتهى وأجاب بعض الأصحاب بان عدم علمهما لا يصلح دليلا ثم نهما لم يدركا
ذلك الوقت بينهما وبينه قريب من مائة وخمسين سنة وكان أخبار من أدرك الواقعة
وأثبتها أولى من قولهما وقول النووي أيضا كيف يصل هذا الخبر إلى أهل الكوفة
199

ويجهله أهل مكة وسفيان بن عيينة كبير أهل مكة معارض بقول الشافعي لأحمد أنتم
اعلم بالاخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلموني حتى اذهب إليه كوفيا كان
أو بصريا أو شاميا فهلا قال كيف يصل هذا إلى أولئك ويجهله أهل الحرمين
فصل في الأسئار وغيرها
الحديث الرابع والأربعون قال النبي صلى الله عليه وسلم يغسل الاناء من ولوغ الكلب
ثلاثا قلت روى عن أبي هريرة من طريقين
الأول أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل
بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاثا أو خمسا أو سبعا انتهى
قال الدارقطني تفرد به عبد الوهاب بن الضحاك عن بن عياش وهو متروك وغيره
200

يرويه عن بن عياش بهذا الاسناد فاغسلوه سبعا وهو الصحيح انتهى وأخرجه
الدارقطني أيضا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال إذا ولغ
الكلب في الاناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات وأخرجه بهذا الاسناد عن أبي هريرة
انه كان إذا ولغ الكلب في الاناء أهراقه وغسله ثلاث مرات انتهى قال الشيخ تقي
الدين في الامام وهذا أسند صحيح انتهى
الطريق الثاني أخرجه بن عدي في الكامل عن الحسين بن علي الكرابيسي ثنا
إسحاق الأزرق ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
ولغ الكلب في اناء أحدكم فليرهقه وليغسله ثلاث مرات انتهى ثم أخرجه عن
عمرو بن شيبة ثنا إسحاق الأزرق به موقوفا قال ولم يرفعه غير الكرابيسي
والكرابيسي لم أجد له حديثا منكرا غير هذا وإنما حمل عليه أحمد بن حنبل من جهة
اللفظ بالقرآن فاما في الحديث فلم أر به بأسا انتهى كلامه ورواه بن الجوزي
في العلل المتناهية من طريق بن عدي ثم قال هذا حديث لا يصح لم يرفعه
غير الكرابيسي وهو ممن لا يحتج بحديثه انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة
حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ
الكلب ثلاث مرات تفرد به عبد الملك من بين أصحاب عطاء ثم عطاء من بين
أصحاب أبي هريرة والحافظ الثقات من أصحاب عطاء وأصحاب أبي هريرة يروونه
سبع مرات وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات ولمخالفته أهل الحفظ
والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ولم يحتج به البخاري في
صحيحه وقد اختلف عليه في هذا الحديث فمنهم من يرويه عنه مرفوعا ومنهم
من يرويه عنه من قول أبي هريرة ومنهم من يرويه عنه من فعله قال وعد اعتمد
الطحاوي على الرواية الموقوفة في نسخ حديث السبع وان أبا هريرة لا يخالف
النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه وكيف يجوز تر ك رواية الحفاظ الاثبات من أوجه كثيرة لا
يكون مثلها غلطا بروايه واحد قد عرف بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه انتهى وهذا
201

الذي نقله عن الطحاوي ذكره في شرح الآثار فقال بعد أن روى الموقوف عن عبد
الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال إذا ولغ الكلب الخ ثم قال
فثبت بذلك نسخ السبع لأنا نحسن الظن بابي هريرة ولا يجوز عليه انه يترك ما
سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم والا سقط ت عدالته ولم يقبل روايته بل كان يجب على
الخصم المخالف ان يعمل بحديث عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم انه يغسل
سبعا ويعفر الثامنة بالتراب لأنه قد زاد على السبع والاخذ بالزائد أوجب عملا
بالحديثين وهم لا يقولون به فثبت انه منسوخ انتهى
الحديث الخامس والأربعون حديث الامر الوارد بالسبع قلت رواه الأئمة
الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يغسل الاناء إذا ولغ
فيه الكلب سبع مرات أولاهن أو اخراهن بالتراب انتهى وفى لفظ لمسلم وأبي
داود طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات انتهى وهو أولى
ما يستدل به على نجاسة سؤر الكلب وكذلك الامر بإراقته ورواه مالك في الموطأ
وقال فيه إذا شرب عوض إذا ولغ قال بن عبد البر هكذا قال مالك وغير
مالك من رواية حديث أبيه هريرة كلهم يقولون إذا ولغ وهو الذي يعرفه أهل
اللغة وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في صحيحه ما معناه ان مالكا قد انفرد
عن الكل بهذه اللفظة وكذلك قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة قال فرواه هشام بن
عروة وموسى بن عقبة وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم عن أبي الزناد
وقالوا إذا ولغ الكلب وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبد الرحمن
الأعرج ورواه عبيد بن حسين وثابت الأعرج و عبد الرحمن بن أبي عمرة وأبو
يونس سليم بن جبير ومحمد بن سيرين وأبو صالح وأبو رزين كلهم عن أبي
هريرة واتفقوا على قوله إذا ولغ قال الشيخ في الامام وقد وقعت هذه اللفظة
عن أبي الزناد من غير رواية مالك ذكرها الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن
جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ في الجزء الثالث من العوالي فرواه عن أبي يعلى
عن سعيد بن عبد الجبار عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة مرفوعا إذا شرب الكلب الحديث وكذلك وقعت في كتاب الحافظ أبي
بكر الجوزقي من رواية ورقاء عن أبي الزناد قال الشيخ وها هنا شئ آخر وهو ان
قول أبي عمر وغير مالك من رواة حديث أبي هريرة يقول إذا ولغ ظاهره يقتضي
202

اتفاق الرواة عن مالك على ذلك وقد رواه الإسماعيلي فيما وجدته من صحيحه عن
محمد بن يحيى بن سليمان المروزي عن أبي عبيد القاسم بن سلام عن إسماعيل بن عمر
عن مالك بن أنس بإسناده سواء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في
الاناء غسل سبع مرات كسائر الرواة انتهى كلامه وفي الباب حديث عبد الله بن
مغفل رواه مسلم
الحديث السادس والأربعون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصغي للهرة الاناء
فتشرب منه ثم يتوضأ به قلت رواه الدارقطني في سننه من طريقين عن
عائشة
أحدهما عن يعقوب بن إبراهيم الأنصاري عن عبد ربه بن سعيد عن أبيه عن
عروة بن الزبير عن عائشة انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر به الهرة فيصغي لها
الاناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها انتهى قال ويعقوب هذا هو أبو يوسف
القاضي وعبد ربه هو عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف انتهى
الطريق الثاني عن محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس
عن أبيه عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصغي إلى الهر الاناء حتى تشرب
منه ثم يتوضأ بفضلها انتهى والواقدي فيه مقال وله طريق آخر عند الطحاوي في
شرح الآثار حدثنا علي بن معبد ثنا خالد بن عمرو الخراساني ثنا صالح بن حيان ثنا
عروة بن الزبير عن عائشة فذكره ورواه أبو داود بمعناه من حديث داود بن صالح
التمار عن أمه ان مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة فوجدتها تصلى فأشار ت إلى أن
ضعيها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت اكلت من حيث اكلت الهرة
فقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم
وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها انتهى ورواه الدارقطني وقال تفرد به
عبد العزيز الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه بهذه الألفاظ انتهى وروى بن
ماجة والدارقطني من حديث حارثة عن عمرة عن عائشة قالت كنت أتوضأ انا
203

ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد قد أصابت منه الهرة قبل ذلك انتهى قال الدارقطني
وحارثة لا بأس به انتهى
ومن أحاديث الباب ما رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا عبد الله بن
محمد بن الحسن بن أسيد الأصبهاني ثنا جعفر بن عنبسة الكوفي ثنا عمر بن حفص
المكي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أنس بن مالك قال
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ارض بالمدينة يقال لها بطحان فقال يا أنس أسكب لي
وضوءا فسكبت له فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته اقبل إلى الاناء وقد اتى هر
فولغ في الاناء فوقف له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة حتى شرب الهر ثم سألته فقال
يا أنس إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئا ولن ينجسه انتهى
حديث آخر وهو حديث كبشة بنت كعب بن مالك وسيأتي قريبا
حديث آخر أخرجه بن خزيمة في صحيحه عن سليمان بن مسافع بن شيبة
الحجبي قال سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ليست بنجس هي كبعض أهل البيت يعني الهرة
انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه
ورواه الدارقطني في سننه ولفظه فيه هي كبعض متاع البيت قال في الامام
والحجبي بحاء مهملة وجيم مفتوحتين نسبته إلى حجابة البيت
الحديث السابع والأربعون قال النبي صلى الله عليه وسلم الهرة سبع قلت رواه الحاكم
في المستدرك من حديث عيسى بن المسيب ثنا أبو زرعة عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم السنور سبع انتهى قال الحاكم حديث صحيح ولم
يخرجاه وعيسى هذا تفرد عن أبي زرعة الا انه صدوق ولم يجرح قط انتهى
204

وتعقبه الذهبي في مختصره وقال ضعفه أبو داود وأبو حاتم انتهى وقال بن
أبي حاتم في علله قال أبو زرعة لم يرفعه أبو نعيم وهو أصح وعيسى ليس
بالقوي انتهى ورواه الدارقطني في سننه بقصة فيه عن أبي النصر عن عيسى
بن المسيب قال حدثني أبو زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي دار
قوم من الأنصار ودونهم دار فشق ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله تأتي دار فلان
ولا تأتي دارنا فقال عليه الصلاة والسلام لان في داركم كلبا قالوا فإن في
دارهم سنورا فقال عليه السلام السنور سبع انتهى ثم أخرجه مختصرا من
جهة وكيع ومحمد بن ربيعة كلاهما عن سعيد بن المسيب عن أبي زرعة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السنور سبع وقال وكيع الهر سبع
انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم عن
وكيع به بلفظ الهر سبع وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء عن عيسى بن
المسيب به وضعف عيسى عن يحيى بن معين وقال لا يتابعه الا من هو مثله
أو دونه انتهى
أحاديث الباب روى الطحاوي في شرح الآثار من حديث قرة بن خالد ثنا
محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغسل الاناء من ولوغ الهرة مرة
أو مرتين انتهى قال إسناده صحيح متصل ثم أخرجه عن هشام بن حسان عن
محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا قال وهذا لا يقدح في رفعه لان قرة اضبط
وأثبت وأيضا فان أبا هريرة لم يكن يحدث عن نفسه ثم أسند إلى محمد بن سيرين
انه كان إذا حدث عن أبي هريرة فقيل له أهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول كل حديث
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه روى عنه موقوفا من طريق آخر ثم أخرجه عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال يغسل الاناء من سؤر الهرة كما يغسل
من سؤر الكلب انتهى وهذا رواه الدارقطني في سننه مرفوعا وموقوفا قال
صاحب التنقيح وهذا لا يصح عن أبي صالح مرفوعا والصحيح وقفه على أبي
205

هريرة انتهى
حديث آخر رواه الترمذي في كتابه حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ثنا المعتمر
بن سليمان سمعت أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يغسل الاناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرا ت وإذا ولغت الهرة غسل مرة انتهى
وقال حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يذكر فيه ولوغ الهر انتهى قال بن الجوز في التحقيق والسوار قال فيه
سفيان الثوري ليس بشئ قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا وهم فاحش
فان سوارا هذا شيخ الترمذي هو سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة
مات سنة خمس وأربعين ومائتين وروى عنه أبو داود والنسائي وخلق وقال النسائي
ثقة وذكره بن حبان في الثقات وسوار الذي جرحه سفيان هو سوار بن عبد الله
بن قدامة متقدم الطبقة انتهى وأخذ صاحب التنقيح هذا الكلام برمته فنقله
في كتابه متعقبا علي بن الجوزي من غير أن يعزوه لقائله والله أعلم قال في
التنقيح وعلة الحديث ان مسددا رواه عن معتمر فوقفه رواه عنه أبو داود قال في
الامام والذي تلخص انه مختلف في رفعه واعتمد الترمذي في تصحيحه على
عدالة الرجال عنده ولم يلتفت لوقف من وقفه والله أعلم
أحاديث طهارة سؤر السباع واستدل بن الجوزي للشافعية على ذلك بحديثين
أحدهما أخرجه بن ماجة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي
هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي بين مكة والمدينة فقيل له ان
الكلاب والسباع ترد عليها فقال لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب
وطهر انتهى وهو معلول بعبد الرحمن ويلزمهم القول بطهارة سؤر الكلب
أيضا الحديث الثاني أخرجه الدارقطني في سننه عن داود بن الحصين عن أبيه عن
جابر قيل يا رسول الله أنتوضأ بماء أفضلت الحمر قال نعم وبماء أفضلت
السباع وداود بن الحصين وإن كان اخرجا له في الصحيحين وروى عنه
مالك فقد ضعفه بن حبان
206

الحديث الثامن والأربعون حديث الطوف المعلل به طهارة الهر قلت رواه
207

أصحاب السنن الأربعة من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة
بنت عبيد بن رفاعة هكذا في الموطأ عن خالتها كبشة ابنة كعب بن مالك وكانت
تحت بن أبي قتادة ان أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة تشرب
فأصغى لها الاناء حتى شربت قالت كبشة فرآني انظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة
أخي فقلت نعم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ليست بنجس انها هي من
الطوافين عليكم أو الطوافات انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو
أحسن شئ في الباب وقد جوده مالك ولم يأت به أحد أتم منه انتهى ورواه
مالك في الموطأ كما تراه سواء ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
السادس والستين من القسم الثالث ورواه الحاكم في المستدرك وقال وقد
صحح مالك هذا الحديث واحتج به في موطئه وقد شهد البخاري ومسلم لمالك انه
الحكم في حديث المدنيين فوجب الرجوع إلى هذا الحديث في طهارة الهرة انتهى
قال الشيخ تقي الدين في الامام ورواه بن خزيمة وابن مندة في صحيحيهما
ولكن بن مندة قال وحميدة وخالتها كبشة لا يعرف لهما رواية الا في هذا
الحديث ومحلهما محل الجهالة ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه قال
الشيخ وإذا لم يعرف لهما رواية الا في هذا الحديث فلعل طريق من صححه ان يكون
اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتثبت انتهى قال المنذري في
مختصره قوله ليست بنجس بفتح الجيم وهو كل ما يستقذر، قال تعالى
إنما المشركون نجس وروى أو الطوافات بأو وروى بالواو كلاهما عن
مالك انتهى قوله وسيب الشك تعارض الأدلة في إباحته وحرمته واختلاف
الصحابة في طهارته ونجاسته قلت كلام المصنف في سؤر البغل والحمار والذي
يظهر عود الضمير إلى السؤر فتكون الأحاديث في ذلك غريبة وإن كان الضمير راجعا
208

إلى اللحم فحرمة لحم الحمار في الصحيحين عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم
الحمر الأهلية يوم خيبر وإباحته في سنن أبي داود من حديث غالب بن أبجر قال
أصابتنا سنة فلم يكن في مالي شئ أطعم أهلي الا شئ من حمر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
حرم لحوم الحمر الأهلية فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أصابتنا السنة ولم
يكن في مالي ما أطعم أهلي الا سمان حمر وانك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال
أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من اجل جوال القرية انتهى وفي
إسناده اختلاف كثير واضطرب وسوف يأتي في الذبائح مستوفي إن شاء الله
تعالى
الحديث التاسع والأربعون حديث التوضي بنبيذ التمر قلت روى من حديث
بن مسعود ومن حديث بن عباس اما حديث بن مسعود فرواه أبو داود
والترمذي وابن ماجة من حديث أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن
عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن عندك طهور قال لا الا شئ
من نبيذ في إداوة قال تمرة طيبة وماء طهور انتهى زاد الترمذي قال فتوضأ
منه قال الترمذي وإنما روى هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد الله وأبو زيد رجل
مجهول عند أهل الحديث لا يعر ف له غير هذا الحديث انتهى ووهم شيخنا علاء
الدين فعزاه للأربعة والنسائي لم يروه أصلا والله أعلم ورواه أحمد في مسنده
وزاد في لفظه فتوضأ منه وصلى وقد ضعف العلماء هذا الحديث بثلاث علل
أحدها جهالة أبي زيد والثاني التردد في أبي فزارة هل هو راشد بن كيسان أو
غيره والثالث ان بن مسعود لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن اما الأول فقد قال
209

الترمذي أبو زيد رجل مجهول لا يعرف له غير هذا الحديث وقال بن حبان في
كتاب الضعفاء أبو زيد شيخ يروى عن بن مسعود ليس يدري من هو ولا
يعرف أبوه ولا بلده ومن كان بهذا النعت ثم لم يرو الا خبرا واحد خالف فيه
الكتاب والسنة والاجماع والقياس استحق مجانبة ما رواه انتهى قال بابي
حاتم في كتابه العلل سمعت أبا زرعة يقول حديث أبي فزارة في الوضوء بالنبيذ
ليس بصحيح وأبو زيد مجهول وذكر بن عدي عن البحاري قال أبو زيد الذي
روى حديث بن مسعود في الوضوء بالنبيذ مجهول لا يعرف بصحبته عبد الله ولا
يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف القرآن انتهى
العلة الثانية وهي التردد في أبي فزارة فقيل هو راشد بن كيسان وهو ثقة
اخرج له مسلم وقيل هما رجلان وان هذا ليس براشد ين كيسان وإنما هو رجل
مجهول وقد نقل عن الإمام أحمد أنه قال أبو فزارة في حديث بن مسعود رجل
مجهول وذكر البخاري أبا فزارة العبسي غير مسمى فجعلهما اثنين وفي كل هذا
نظر فإنه قد روى هذا الحديث عن أبي فزارة جماعة فرواه عنه شريك كما أخرجه
أبو داود والترمذي ورواه عنه سفيان والجراح بن مليح كما أخرجه بن ماجة
ورواه عنه إسرائيل كما أخرجه البيهقي و عبد الرزاق في مصنفه ورواه عنه قيس بن
الربيع كما أخرجهما عبد الرزاق والجهالة عند المحدثين تزول برواية اثنين فصاعدا
فأين الجهالة بعد ذلك الا ان يراد جهالة الحال
هذا وقد صرح بن عدي بأنه راشد بن كيسان فقال مدار هذا الحديث على
أبي فزارة عن أبي زيد وأبو فزارة اسمه راشد بن كيسان وهو مشهور وأبو
زيد مولى عمرو بن حريث مجهول وحكى عن الدارقطني أنه قال أبو فزارة في
حديث النبيذ اسمه راشد بن كيسان وقال بن عبد البر في كتاب الاستيعاب
أبو فزارة العبسي راشد بن كيسان ثقة عندهم وذكر من روى عنه ومن روى هو
عنه قال واما أبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول عندهم لا يعرف بغير رواية أبي
فزارة وحديثه عن بن مسعود في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له ولا رواه من يوثق
به ولا يثبت انتهى
210

العلة الثالثة وهي إنكار كون بن مسعود شهد ليلة الجن فقد اختلف في ذلك
لاختلاف ما ورد في ذلك فما ورد انه لم يشهد ما رواه مسلم من حديث الشعبي عن
علقمة قال سألت بن مسعود هل شهد منكم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا
استطير أو اغتيل قال فبتنا ليلة بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جائي من
قبل حراء فقلت يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة فقال
أتاني داعي الجن فذهبت معهم فقرات عليهم القرآن وانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار
نيرانهم وسألوه الزاد فقال لكم كل عظم ولكم كل بعرة علفا لدوابكم ثم
قال لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم انتهى وفي لفظ له قال لم أكن مع
النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ووددت أني كنت معه وفي لفظ وكانوا من جن الجزيرة
ورواه أبو داود مختصرا لم يذكر القصة ولفظه عن علقمة قال قلت لعبد الله بن
مسعود من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان معه منا أحد انتهى ورواه
الترمذي بتمامه في الجامع في تفسير سورة الأحقاف وهذا الحديث يدفع تأويل
من جمع بين الأخبار الدالة على أنه شهد وانه لم يشهد بأنه كان معه واجلسه في
الحلقة وعند مخاطبته للجن لم يكن معه قال البيهقي في دلائل النبوة وقد دلت
الأحاديث الصحيحة على أن بن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وإنما كان معه
حين انطلق به وبغيره يريهم آثارهم وآثار نيرانهم قال وقد روى أنه كان معه ليلته
ثم أسند إلى عبد الله بن مسعود قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أمرت ان اقرأ
على إخوانكم من الجن ليقم معي رجل منكم ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة
من كبر قال فقمت معه ومعي إداوة من ماء حتى إذا برزنا خط حولي خطة ثم
قال لا تخرجن منها فإنك ان خرجت منها لم ترني ولم ارك إلى يوم القيامة هل
معك من وضوء قلت لا قال فما في إداوتك قلت نبيذ قال تمرة حلوة وماء
طيب ثم توضأ وأقام الصلاة فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه
المتاع قال ألم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما قالا بلى ولكنا أحببنا ان يحضر
بعضنا معك قال ممن أنتما قالا من أهل نصيبين قال قد أفلح هذان وقومهما
وامر لهما بالطعام والرجيع ونهانا ان نستنجي بعظم أو روث انتهى وهذا رواه
أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه وألفاظهم متقاربة قال البيهقي وهذا
يخالف ما في الصحيح من فقدهم إياه حتى قيل اغتيل واستطير الا ان يكون المراد
211

من فقده غير الذي علم بخروجه ثم أسند البيهقي إلى موسى بن علي عن رباح عن أبيه
عن بن مسعود قال استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن نفرا من الجن خمسة
عشر بني اخوة وبني عم يأتوني الليلة فاقرأ عليهم القرآن فانطلقت معه إلى المكان
الذي أراد فخط لي خطا وأجلسني فيه وقال لي لا تخرج من هذا فبت فيه حتى
أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السحر وفي يده عظم حائل وروثة وحممة فقال لي إذا
ذهبت إلى الخلاء فلا تستنج بشئ من هؤلاء قال فلما أصبحت قلت لأعلمن
علمي حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت فرأيت مبرك ستين بعيرا انتهى ثم
أسند البيهقي إلى أبي عثمان النهدي ان بن مسعود أبصر زطا في بعض الطريق فقال
ما هؤلاء فقالوا هؤلاء الزط قال ما رأيت شبههم الا الجن ليلة الجن وكانوا
مستفزين يتبع بعضهم بعضا انتهى وذكر الترمذي في جامعه ان بن مسعود
شهد ليلة الجن تعليقا فروى في باب كرامة ما يستنجي به من حديث حفص بن
غياث عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن
انتهى ثم قال وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن إبراهيم وغيره عن داود بن أبي
هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن الحديث بطوله
قال وكأن رواية إسماعيل أصح من رواية حفص بن غياث انتهى لكنه رواه متصلا
في أبواب الأمثال عن أبي عثمان النهدي عن بن مسعود قال صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انصرف فأخذ بيد بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه
ثم خط عليه خطا ثم قال لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم
فإنهم لا يكلمونك قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد بينما انا جالس في خطي
إذ أتاني رجال كأنهم الزط فذكر حديثا طويلا ثم قال حديث حسن صحيح
غريب من هذا الوجه انتهى وروى أحمد في مسنده حدثنا عارم وعفان قالا
ثنا معتمر قال قال أبي حدثني أبو تميمة عن عمرو البكالي عن عبد الله بن مسعود
قال استبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا وكذا فخط لي خطة
وقال لي كن بين ظهري هذه لا تخرج منها فإنك ان خرجت هلكت ثم ذكر
حديثا طويلا واخرج الطحاوي هذا الحديث في كتابه المسمى بالرد على
الكرابيسي ثم قال والبكالي هذا من أهل الشام ولم يرو هذا الحديث عنه الا أبو
تميمة هذا وليس هو بالهجيمي بل هو السلمي بصري ليس بالمعروف انتهى
212

طريق آخر لحديث بن مسعود رواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه
عن أبي سعيد مولي بني هاشم عن حما بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي رافع عن بن
مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن امعك ماء قال لا قال امعك نبيذ
أحسبه قال نعم فتوضأ به انتهى قا الدارقطني علي بن زيد ضعيف وأبو رافع
لم يثبت سماعه من بن مسعود انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا
الطريق أقرب من طريق أبي فزارة وإن كان طريق أبي فزارة أشهر فان علي بن زيد
وان ضعف فقد ذكر بالصدق قال وقول الدارقطني وأبو رافع لم يثبت سماعه
من بن مسعود لا ينبغي ان يفهم منه انه لا يمكن ادراكه وسماعه منه فان أبا رافع
الصائغ جاهلي إسلامي قال أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب هو مشهور من
علماء التابعين وقال في الاستيعاب لم ير النبي صلى الله عليه وسلم فهو من كبار التابعين اسمه
نفيع كان أصله من المدينة ثم انتقل إلى البصرة روى عن أبي بكر الصديق وعمر
بن الخطاب و عبد الله بن مسعود وروى عنه خلاس بن عمرو الهجري والحسن
البصري وقتادة وثابت البناني وعلي بن زيد ولم يرو عنه أهل المدينة وقال في
الاستيعاب عظم روايته عن عمر وأبي هريرة ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع
سماعه من جميع الصحابة اللهم الا ان يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ثبوت
السماع ولو مرة وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذاهب انتهى كلامه
طريق آخر رواه الدارقطني من حديث محمد بن عيسى بن حيان عن الحسن بن
قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن بن
مسعود قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ معك إداوة من ماء ثم انطلق
وانا معه فذكر حديث ليلة الجن ثم قال فلما أفرغت عليه من الإداوة إذا هو نبيذ
فقلت يا رسول الله أخطأت بالنبيذ فقال تمرة حلوة وماء عذب قال الدارقطني
تفرد به الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق والحسن بن قتيبة ومحمد بن
عيسى ضعيفان انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد عن جده أبي سلام
عن بن غيلان الثقفي انه سمع عبد الله بن مسعود يقول دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة
الجن بوضوء فجئته بأداوة فإذا فيها نبيذ فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال
الدارقطني وابن غيلان هذا مجهول قيل اسمه عمرو وقيل عبد الله بن عمرو بن
213

غيلان انتهى ورواه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة من طريق الطبراني بسنده إلى
معاوية عن عمرو بن غيلان والله أعلم
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الحسين بن عبيد الله العجلي ثنا أبو معاوية
عن الأعمش عن أبي وائل قال سمعت بن مسعود يقول كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة
الجن فأتاهم فقرأ عليهم القرآن فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الليل امعك ماء
يا بن مسعود قلت لا والله يا رسول الله الا إداوة فيها نبيذ فقال عليه السلام تمرة
طيبة وماء طهور فتوضأ به قال الدارقطني والحسين بن عبيد الله العجلي يضع
الحديث على الثقات
طريق آخر رواه الطحاوي في كتابه حدثنا يحيى بن عثمان ثنا اصبغ بن
الفرج وموسى بن هارون البردي قالا ثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه
عن بن مسعود قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البراز فخط خطا وأدخلني فيه وقال
لي لا تبرح حتى ارجع إليك ثم أبطأ فما جاء حتى السحر وجعلت اسمع
الأصوات ثم جاء فقلت أين كنت يا رسول الله فقال أرسلت إلى الجن
فقلت ما هذه الأصوات التي سمعت قال هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا
علي انتهى قال الطحاوي ما علمنا لأهل الكوفة حديثا يثبت ان بن مسعود كان مع
النبي صلى الله عليه سلم ليلة الجن مما يقبل مثله الا هذا انتهى
طريق آخر رواه بن عدي في الكامل من حديث أبي عبد الله الشقري عن
شريك القاضي عن أبي زائد عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امعك ماء
قلت لا الا نبيذ في إداوة قال تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ انتهى ثم قال
وهذا الاسناد شوشه أبو عبد الله الشقري عن شريك فلا أدري من قبله أو من قبل
شريك فان جماعة كالثوري وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وغيرهم رووه عن
أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن بن مسعود وهذه الرواية الصحيحة
وأبو زيد رجل مجهول والحديث ضعيف به انتهى كلامه فقد تلخص لحديث بن
مسعود سبعة طرق صرح في بعضها انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخالف لما في
صحيح مسلم أنه لم يكن معه وقد جمع بينهما بأنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم حين
المخاطبة وإنما كان بعيدا منه ومن الناس من جمع بينهما بان ليلة الجن كانت
مرتين ففي أول مرة خرج إليهم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم بن مسعود ولا غيره كما هو
214

ظاهر حديث مسلم ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى كما روى بن أبي حاتم في
تفسيره في أول سورة الجن من حديث بن جريج قال قال عبد العزيز بن عمر
اما الجن الذين لقوه بنخلة فمن نينوى واما الجن الذين لقوه بمكة فحن نصيبين
وتأول البيهقي حديث مسلم قال إنه يقول فبتنا بشر ليلة بات بها قوم على غير بن
مسعود ممن لم يعلم بخروجه عليه السلام إلى الجن قال وهو محتمل على بعد قال
وقد اخرج البخاري عن سعيد بن عمرو قال كان أبو هريرة يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأداوة لوضوئه وحاجته فأدركه يوما فقال من هذا قال أنا أبو هريرة قال
ائتني بأحجار استنجي بها ولا تأتني بعظم ولا روثة فأتيته بأحجار في ثوبي فوضعتها
إلى جنبه حتى إذا فرغ وقام اتبعته فقلت يا رسول الله ما بال العظم والروثة قال
أتاني وفد جن نصيبين فسألوني الزاد فدعوت الله لهم ان لا يمروا بروثة ولا عظم الا
وجدوا طعاما انتهى قال فهذا يدل على أنهم وفدوا عليه بعد ذلك قال ومما يدل
على وفادتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما هاجر إلى المدينة ما رواه أبو نعيم في كتاب دلائل
النبوة حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبد المصيصي ثنا أبو معاوية الربيع بن نافع
ثنا معاوية بن سلام عن زيد بن أسلم انه سمع أبا سلام يقول حدثني عمر بن غيلان
الثقفي قال أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له حدثت انك كنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن قال اجل قلت حدثني كيف كان قال إن أهل الصفة اخذ
كل رجل منهم رجلا يعشيه الا انا فإنه لم يأخذني أحد فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال من هذا فقلت انا بن مسعود فقال ما اخذك أحد يعشيك قلت لا
يا رسول الله قال فانطلق لعلي أجد لك شيئا فانطلق حتى اتى حجرة أم سلمة
فتركني ودخل إلى أهله ثم خرجت الجارية فقالت يا بن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يجد لك عشاءا فارجع إلى مضجعك فرجعت إلى المسجد فجمعت حصباء
المسجد فتوسدته والتففت بثوبي فلم البث الا قليلا حتى جاءت الجارية فقالت
أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعتها حتى بلغت مقامي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده
عسيب نخل فعرض به علي صدري فقال انطلق أنت معي حيث انطلقت قال
فانطلقنا حتى أتينا بقيع الغرقد فخط بعصاه خطة ثم قال اجلس فيها ولا تبرح حتى
آتيك ثن انطلق يمشي وانا انظر إليه حتى إذا كان من حيث لا أراه ثارت مثل العجاجة
السوداء ففزعت وقلت في نفسي هذه هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه
فهممت ان أسعى إلى البيوت فأستغيث الناس فذكرت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني
215

ان لا أبرح وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفزعهم بعصاه ويقول اجلسوا فجلسوا
حتى كاد ينشق عمود الصبح ثم ثاروا وذهبوا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنمت؟
فقلت لا والله ولقد فزعت الفزعة الأولى حتى هممت ان آتي البيوت فأستغيث
الناس حتى سمعتك تفزعهم بعصاك فقال لو أنك خرجت من هذه الحلقة لم آمن
ان تخطف فهل رأيت شيئا منهم قلت رأيت رجالا سودا مستفزين بثياب بيض
قال أولئك وفد جن نصيبين فسألوني الزاد والمتاع فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة
أو بعرة قلت وما يغني ذلك عنهم قال إنهم لا يجدون عظما الا وجدوا عليه لحمه
الذي كان عليه يوم أكل ولا روثة الا ووجدوا فيها حبتها الذي كان فيها يوم اكلت فلا
يستنجي أحد منكم بعظم ولا بعرة انتهى وفي سنده رجل لم يسم ثم اخرج أبو
نعيم عن بقية بن الوليد حدثني نمير بن يزيد القيني ثنا أبي ثنا قحافة بربيعة حدثني
الزبير بن العوام قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما
انصرف قال أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة فاسكت القوم ثلاثا فمر بي
فأخذ بيدي فجعلت أمشي معه حتى خنست عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى ارض
براز فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستنفرين ثيابهم من بين أرجلهم فلما رايتهم
غشيتني رعدة شديدة ثم ذكر نحو حديث بن مسعود وضعف البيهقي في سننه
حديث بن مسعود بان بن مسعود أنكر شهوده مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وأنكره ابنه
أبو عبيدة وأنكره إبراهيم النخعي ثم أسند إلى بن مسعود أنه قال لم أكن مع النبي
صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ووددت اني كنت معه ثم أسند إلى الشعبي قال سألت علقمة هل
كان بن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فذكره إلى آخره بلفظ مسلم ثم
أسند إلى عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة بن عبد الله أكان عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم
ليلة الجن قال لا وسالت إبراهيم فقال ليت صاحبنا كان ذاك انتهى وهذا
منقطع فإن البيهقي قال في باب من كبر بالطائفتين أبو عبيدة لم يدرك أباه
انتهى وإبراهيم أيضا لم يسمع من بن مسعود ثم ذكر البيهقي صفة أنبذتهم التي
كانت فساق بسنده إلى عائشة قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء ننبذه
غدوة فيشربه عشاءا وننبذه عشاءا فيشربه غدوة وهذا رواه مسلم ثم أسند البيهقي
إلى أبي العالية قال ترى نبيذكم هذا الخبيث إنما كان ما يلقى فيه تمرات فيصير جلوا
انتهى ومقتضى كلامه ان مثل هذا النبيذ يجوز الوضوء به ومذهب الشافعية ان
التمر ونحوه إذا غلب وصف منه أو أكثر على الماء فأزال اسمه يمتنع الوضوء به
216

والظاهر أن ما ينبذ من غدوة إلى العشاء وصار حلوا صار كذلك ولأنه عليه السلام
قال هل معك ماء قال لا فدل أن الماء استحال في التمر حتى سلب عنه اسم
الماء والا لما صح نفيه عنه والله أعلم وضعف الطحاوي أيضا حديث بن مسعود
واختار انه لا يجوز له الوضوء لا في سفر ولا في حضر وقال إن حديث بن مسعود
روى من طرق لا تقوم مثلها حجة وقد قال عبد الله بن مسعود اني لم أكن ليلة الجن
مع النبي صلى الله عليه وسلم ووددت أين كنت معه وسئل أبو عبيدة هل كان أبوك ليلة الجن مع
النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا مع أن فيه انقطاعا لان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ولم نعتبر
فيه اتصالا ولا انقطاعا ولكنا احتججنا بكلام أبي عبيدة لا مثله في تقدمه في العلم
ومكانه من امره وخلطته بخاصته من بعده لا يخفى عليه مثل هذا من أموره فجعلنا
قوله حجة فيه قال وقد أجمع الناس على أنه لا يجوز الوضوء به مع وجود الماء
فكذلك هو عند الماء والمروى في حديث بن مسعود انه توضأ به إنما هو وهو عليه
السلام غير مسافر لأنه خرج من مكة يريدهم فهو في حكم استعماله له بمكة فلو
ثبت ذلك جاز الوضوء به في حال وجود الماء فلما اجمعوا على خلاف ذلك ثبت
طرحهم لهذا الحديث وهو النظر عندنا انتهى كلامه ملخصا من شرح الآثار
وقوله في الكتاب ان في الحديث اضطرابا وفي التاريخ جهالة وليلة الجن
كانت غير واحدة والحديث مشهور عملت به الصحابة ونقل عن الشافعي انه
منسوخ بآية التيمم لأنها مدنية وليلة الجن كانت بمكة انتهى اما الاضطراب
217

فقد روى أن بن مسعود شهد ليلة الجن وروى أنه لم يشهد واما جهالة التاريخ ففيه
نظر لان أهل السير ذكروا ان قدوم وفد نصيبين كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين
قال السروجي وقوله ليلة الجن يوهم انها كانت بالمدينة ولم ينقل في كتب
الحديث وهذا فيه نظر تقرر عند مسلم في حديث بن مسعود فلما أصبحنا إذا هو
جاء من قبل حراء واما كونه مشهورا فليس يريد المشهور الاصطلاحي واما عمل
الصحابة ففي سنن الدارقطني عن عبد الله بن محرر عن عكرمة عن بن عباس
قال النبيذ وضوء من لم يجد الماء واخرج أيضا عن الحارث عن علي انه كان لا يرى
بأسا بالوضوء بالنبيذ واخرج أيضا عن مزيدة بن جابر عن علي قال لا باس بالوضوء
بالنبيذ
واما حديث بن عباس فرواه بن ماجة في سننه من طريق بن لهيعة ثنا قيس
بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن
مسعود ليلة الجن معك ماء قال لا الا نبيذ في سطيحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
تمرة طيبة وماء طهور صب على فصببت عليه فتوضأ به انتهى وظاهر هذا اللفظ
يقتضي انه مسند بن عباس لكن الطبراني في معجمه جعله من مسند بن مسعود
وكذلك البزار في مسنده ولفظهما بالاسناد المذكور عن بن عباس عن بن مسعود
انه وضأ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن بنبيذ فتوضأ وقال ماء طهور انتهى قال البزار
هذا حديث لا يثبت لان بن لهيعة كانت كتبه قد احترقت وبقي يقرأ من كتب
غيره فصار في أحاديثه مناكير وهذا منها انتهى ورواه الدارقطني في سننه
وقال تفرد به بن لهيعة وهو ضعيف وينظر لفظه
ومن أحاديث الباب ما رواه الدارقطني في سننه من حديث مجاعة عن أبان
عن عكرمة عبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد أحدكم ماءا ووجد
النبيذ فليتوضأ به انتهى قال الدارقطني أبان هو أبان بن أبي عياش متروك
ومجاعة ضعيف والمحفوظ انه من قول عكرمة غير مرفوع
طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن المسيب بن واضح ثنا مبشر بن
إسماعيل عن الأوزاعي عن يحيى ب أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا نحوه
سواء قال الدارقطني وهم فيه المسيب بن واضح والمحفوظ من قول عكرمة غير
مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى بن عباس ثم ساقه بسنده إلى عكرمة من قوله وقال
218

البيهقي وهم فيه المسيب بن واضح في موضعين في ذكره بن عباس وفي ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ فيه من قول عكرمة كما رواه هقل بن زياد والوليد بن مسلم
عن الأوزاعي وكذلك رواه شيبان النحوي وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير
عن عكرمة وكان المسيب رحمه الله كثير الوهم والله أعلم انتهى
باب التيمم
الحديث الأول قال النبي صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما
لم يجد الماء قلت روى من حديث أبي ذر ومن حديث أبي هريرة فحديث أبي
ذر رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن
أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر
سنين ما لم يجد الماء فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فان ذلك خير انتهى
219

وطوله أبو داود قال الترمذي حديث حسن صحيح وفي رواية لأبي داود والترمذي
طهور المسلم أخرجه أبو داود والترمذي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة وأخرجه
النسائي عن أيوب عن أبي قلابة به بالطريقين رواه بن حبان في صحيحه في النوع
الثلاثين من القسم الأول ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح
ولم يخرجاه إذ لم يجدا لعمرو راويا غير أبي قلابة الجرمي انتهى وبالطريقين أيضا
رواه الدارقطني في سننه ورواه أيضا من حديث قتادة عن أبي قلابة وضعف بن
القطان في كتابه الوهم والايهام هذا الحديث فقال وهذا حديث ضعيف بلا
شك إذا لا بد فيه من عمرو بن بجدان وعمرو بن بجدان لا يعرف له حال وإنما
روى عنه أبو قلابة واختلف عنه فقال خالد الحذاء عنه عن عمرو بن بجدان ولم
يختلف على خالد في ذلك واما أيوب فإنه رواه عن أبي قلابة واختلف عليه فمنهم
من يقول عنه عن أبي قلابة عن رجل من بني قلابة ومنهم من يقول عن رجل فقط
ومنهم من يقول عن عمرو بن بجدان كقول خالد منهم من يقول عن أبي
المهلب ومنهم من لا يجعل بينهما أحدا فيجعله عن أبي قلابة عن أبي ذر ومنهم من
يقول عن أبي قلابة ان رجلا من بني قشير قال يا نبي الله هذا كله اختلاف على
أيوب في روايته عن أبي قلابة وجميعه في سنن الدارقطني وعلله انتهى قال
الشيخ تقي الدين في الامام ومن العجب كون القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي
في معرفة حال عمرو بن بجدان مع تفرده بالحديث وهو قد نقل كلامه هذا حديث
حسن صحيح وأي فرق بين ان يقول هو ثقة أو يصحح له حديث انفرد به وإن كان
توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه الا أبو قلابة فليس هذا بمقتضى مذهبه فإنه
لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد
راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضى تعديله وهو تصحيح الترمذي واما الاختلاف
الذي ذكره من كتاب الدارقطني فينبغي على طريقته وطريقة الفقه ان ينظر في
ذلك إذ لا تعارض بين قولنا عن رجل وبين قولنا عن رجل من بني عامر وبين
قولنا عن عمرو بن بجدان واما من أسقط ذكر هذا الرجل فيأخذ بالزيادة ويحكم
بها واما من قال عن أبي المهلب فإن كان كنية لعمرو فلا اختلاف والا فهي رواية
واحدة مخالفة احتمالا لا يقينا واما من قال إن رجلا من بني قشير قال يا نبي الله
220

فهي مخالفة فكان يجب ان ينظر في اسنادها على طريقته فإن لم يكن ثابتا لم يعلل
بها انتهى كلامه
واما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا مقدم بن محمد المقدمي
حدثني القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصعيد وضوء المسلم وان لم يجد الماء
عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته انتهى قال البزار لا نعلمه يروى
عن أبي هريرة الا من هذا الوجه ولم نسمعه الا من مقدم وكان ثقة انتهى
ورواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة ثنا مقدم بن
محمد المقدمي به عن أبي سيرين عن أبي هريرة قال كان أبو ذر في غنيمة بالمدينة
فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر فسكت فرددها عليه فسكت فقال يا أبا
ذر ثكلتك أمك قال إني جنب فدعا له الجارية بماء فجاءته به فاستتر براحلته
ثم اغتسل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يجزئك الصعيد ولو لم تجد الماء عشرين سنة فإذا
وجدته فأمسه جلدك انتهى وقال لم يروه عن بن سيرين الا هشام ولا عن
هشام الا القاسم تفرد به مقدم انتهى وذكره بن القطان في كتابه من جهة
البزار وقال إسناده صحيح وهو غريب من حديث أبي هريرة وله علة والمشهور
حديث أبي ذر الذي صححه الترمذي وغيره قال والقاسم بن يحيى بن عطاء
بن مقدم أبو محمد الهلال الواسطي يروى عن عبيد الله بن عمر و عبد الله بن عثمان بن
خثيم وروى عنه بن أخيه مقدم بن يحيى الواسطي وأحمد بن حنبل واخرج له
البخاري في التفسير والتوحيد وغيرهما من صحيحه معتمدا ما يرويه
انتهى كلامه
الحديث الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين
221

إلى المرفقين قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث جابر ومن حديث
عائشة
اما حديث بن عمر فرواه في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث
علي بن ظبيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين انتهى سكت عنه
الحاكم وقال لا اعلم أحدا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان وهو صدوق
وقد وقفه يحيى بن سعيد وهشيم وغيرهما ومالك عن نافع وقال الدارقطني
هكذا رفعه علي بن ظبيان وقد وقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما وهو
الصواب ثم اخرج حديثهما وقد ضعف بعضهم هذا الحديث بعلي بن ظبيان قال
في الإمام قال بن نمير يخطئ في حديثه كله وقال يحيى بن سعيد أو أبو داود
ليس بسئ وقال النسائي وأبو حاتم متروك وقال أبو زرعة واهي
الحديث وقال بن حبان يسقط الاحتجاج بأخباره انتهى وكذلك رواه بن عدي وقال
رفعه علي بن ظبيان والثقات كالثوري ويحيى القطان وقفوه وضعف علي بن
ظبيان عن النسائي وابن معين ووافقهما عليه
طريق آخر أخرجه الحاكم والدارقطني أيضا عن سليمان بن أبي داود الحراني عن
سالم ونافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه سواء
طريق آخر أخرجه الحاكم والدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن
سالم به قال الدارقطني سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود ضعيفان وقال
الحاكم سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود ليسا من شروط هذا الكتاب ولكن
ذكرناهما في الشواهد انتهى
واما حديث جابر فرواه الحاكم في المستدرك أيضا والدارقطني في
السنن من حديث عثمان بن محمد الأنماطي ثنا حرمي بن عمارة عن عزرة بن ثابت
عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى
222

المرفقين انتهى قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الدارقطني رجاله
كلهم ثقات انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق وعثمان بن محمد متكلم
فيه وتعقبه صاحب التنقيح تابعا للشيخ تقي الدين في الامام وقال ما معناه
ان هذا الكلام لا يقبل منه لأنه لم يبين من تكلم فيه وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر
بن أبي عاصم وغيرهما ذكره بن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحا والله أعلم
وأما حديث عائشة فرواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن حكيم ومحمد
بن معمر قالا ثنا حرمي بن عمارة ثنا الحريش الخريت عن بن أبي مليكة عن عائشة
ان صلى الله عليه وسلم قال في التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين
انتهى قال البزار لا نعلمه يروى عائشة الا من هذا الوجه والحريش رجل من أهل
البصرة أخو الزبير بن الخريت انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأسند عن
البخاري أنه قال حريش بن الخريت فيه نظر قال وانا لا اعرف حاله فاني لم اعتبر
حديثه انتهى كلامه
أحاديث الباب اخرج أبو داود عن محمد بن ثابت العبدي ثنا نافع قال انطلقت
مع بن عمر في حاجة إلى بن عباس فقضى بن عمر حاجته وكان من حديثه يومئذ
ان قال مر رجل على رسول صلى الله عليه وسلم في سكة من سكك وقد خرج من غائط أو
بول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى إذا كاد الرجل ان يتوارى عنه ضر ب بيديه على
الحائط ومسح بها وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه ثم رد على الرجل
السلام وقال إنه لم يمنعني ان أرد عليك السلام الا اني لم أكن على طهر
انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وردت هذه الرواية بالكلام في محمد بن
ثابت فعن يحيى بن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم ليس بالمتين وقال البخاري
خولف في حديثه عن نافع عن بن عمر مرفوعا في التيمم وخالفه أيوب وعبيد الله
وغيرهم فقالوا عن نافع عن بن عمر فعله وقال النسائي محمد بن ثابت يروى
عن نافع ليس بالقوي وقال بن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه قال وذكر
223

البيهقي في تقوية هذه الرواية أشياء ذكرها، ونحن نذكر ما يمكن ان يقوله مخالفوه
مع الاستعاذة بالله من تقوية الباطل أو تضعيف حق قال البيهقي وقد أنكر بعض
الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي فقد رواه جماعة عن نافع من
فعل بن عمر والذي رواه غيره عن نافع من فعل بن عمر إنما هو التيمم فقط فاما هذه
القصة فهي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة برواية أبي الجهم الحرب بن الصمة وغيره
قال الشيخ وينبغي ان يتأمل فيما أنكره هذا الحافظ هل هو أصل القصة أو روايتها من
حديثا بن عمر أو رفع محمد بن ثابت للمسح إلى المرفقين وفي كلام البيهقي إشارة
إلى أن المنكر إنما هو رفع مسح اليدين إلى المرفقين لا أصل القصة ولا روايتها من
حديث بن عمر لأنه قال والذي رواه غيره عن نافع من فعل ان عمر إنما هو التيمم
فقط وكيف يمكن ان يتأتى رواية هذه القصة على هذا الوجه موقوفة علي بن عمر
فيتعين ان يكون المنكر عند من أنكر هو رقع المسح إلى المرفقين وان التعليل برواية غيره
موقوفة فإنه إذا كان المشهور أصل القصة من رواية أبي الجهم وليس فيها ذكر
المرفقين فليس ينفع ذلك في تقوية رواية محمد بن ثابت بل قد عده خصومه سببا
للتضعيف وان الذي في الصحيح في قصة أبي جهم ويديه وليس فيه
وذراعيه والله أعلم انتهى قلت قال البيهقي في المعرفة وقد أنكر البخاري
رحمه الله على محمد بن ثابت رفع هذا الحديث ورفعه غير منكر فقد رواه
الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر مرفوعا الا انه لم يذكر التيمم ورواه يزيد بن
عبد الله بن أسامة بن الهاد عن نافع عن بن عمر فذكره بتمامه الا أنه قال مسح
وجهه ويديه والذي تفرد به محمد بن ثابت في هذا الحديث ذكر الذراعين ولكن
تيمم بن عمر على الوجه والذراعين وفتواه بذلك يشهد بصحة رواية محمد بن ثابت
لأنه لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه فدل على أنه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وان
محمد بن ثابت حفظه من نافع والله أعلم انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إبراهيم الحربي ثنا أبو نعيم
ثنا عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر قال جاء رجل فقال أصابتني جنابة
واني تمعكت في التراب فقال اضرب هكذا وضرب بيديه الأرض فمسح
وجهه ثم ضرب بيديه، فمسح بها إلى المرفقين انتهى وقال إسناده صحيح
224

انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي في
سننهما عن الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع قال أراني رسول الله صلى الله عليه وسلم
كيف امسح فضرب بكفيه الأرض رفعهما لوجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح
ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مس بيديه المرفقين زاد الطبراني قال الربيع فأراني
أبي التيمم كما أراه أبوه عن الأسلع ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين انتهى
قال البيهقي الربيع بن بدر ضعيف الا انه لم يتفرد به قال الشيخ في الامام
والربيع بن بدر قال فيه أبو حاتم لا يشتغل به وقال النسائي والدارقطني متروك
وقول البيهقي انه لم يتفرد به لا يكفي في الاحتجاج حتى ينظر مرتبته ومرتبة
مشاركه فليس كل من يوافق مع غيره في الرواية يكون موجبا للقوة والاحتجاج
انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق محمد بن إسحاق عن
الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن عمار قال كنت في القوم
حين نزلت الرخصة في المسح بالتراب إذا لم نجد الماء فأمرنا فضربنا واحدة للوجه ثم
ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين انتهى قال البزار وقد روى هذا الحديث جماعة عن
الزهري عن عبيد الله عن بن عباس عن عمار فتابعوا بن إسحاق ورواه غير واحد
عن الزهري عن عبيد الله عن عمار ولم يقل عن بن عباس عن عمار انتهى
حديث آخر رواه الدارقطني من حديث أبي عصمة عن موسى بن عقبة عن
الأعرج عن أبي جهم قال اقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جمل اما من غائط واما من
بول فسلمت عليه فلم يرد على وضرب الحائط بيده ضربة فمسح بها وجهه ثم
ضرب أخرى فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين ثم رد السلام وأبو عصمة إن كان
225

هو نوح بن أبي مريم، فهو متروك
حديث آخر رواه البيهقي في سننه من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن
شعيب عن بن المسيب عن أبي هريرة ان ناسا من أهل البادية اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا يا رسول الله انا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة ويكون فينا الجنب
والنفساء والحائض ولسنا نجد الماء فقال عليكم بالأرض ثم ضر ب بيده على
الأرض لوجهه ضربة واحدة ثم ضربة أخرى فمسح بها يديه إلى المرفقين انتهى
والمثنى بن الصباح ضعيف وسيأتي الكلام على هذا الحديث بأبسط من هذا في
الحديث الثالث إن شاء الله تعالى
أحاديث الضربة الواحدة روى الأئمة الستة في كتبهم من حديث
عبد الرحمن بن أبزي ان رجلا اتى عمر فقال إني أجنبت فلم أجد الماء فقال لا
تصل فقال عمار اما تذكر يا أمير المؤمنين إذا انا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد
ماءا فأما أنت فلم تصل واما انا فتمعكت في التراب فصليت فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما
كان يكفيك ان تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك
فقال عمر نوليك من ذلك ما توليت أخرجوه مختصرا ومطولا
حديث آخر روى البخاري ومسلم من حديث الأعمش عن شقيق قال كنت
جالسا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن أرأيت لو أن
رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا كيف يصنع بالصلاة فقال عبد الله لا يتيمم وان
لم يجد الماء شهرا فقال أبو موسى فكيف بهذه الآية من سورة المائدة فلم
تجدوا ماءا فتيمموا بالصعيد طيبا فقال عبد الله لو رخص لهم في هذه الآية
لاوشك إذا برد عليهم الماء ان يتيمموا بالصعيد فقال أبو موسى لعبد الله ألم تسمع
إلى قول عمار بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في
الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إنما كان
يكفيك ان تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال
على اليمين وظاهر كفيه ووجهه فقال عبد الله أولم تر عمر لم يقنع بقول عمار
انتهى
226

حديث آخر رواه أحمد في مسنده من حديث سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي
عن أبيه عن عمار بن ياسر ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في التيمم ضربة للوجه والكفين
انتهى
أحاديث التيمم إلى المناكب اخرج أبو داود عن الزهري ان عبيد الله بن عبد الله
بن عتبة حدثه عن عما بن ياسر انه كان يحدث انهم تمسحوا وهم مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر فضربوا بأكفهم الصعيد ثم مسحوا بوجوههم مسحة
واحدة ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى
المناكب والآباط من بطون أيديهم انتهى وأخرجه بن ماجة وهو منقطع فان
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك عمار بن ياسر وقد أخرجه النسائي وابن ماجة
من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عمار موصولا ورواه أبو داود
أيضا من حديث الزهري حدثني عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن عمار أتم منه
ثم قال وكذلك رواه بن إسحاق قال فيه عن بن عباس وقال مالك عن الزهري
عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار وشك فيه بن عيينة فقال مرة عن
عبيد الله عن أبيه وقال مرة عن بن عباس وقال بن أبي حاتم سألت أبي وأبا
زرعة عن حديث رواه صالح بن كيسان و عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله عن عباس عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم فقالا هذا خطأ
رواه مالك وابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار وهو
الصحيح وهما احفظ فقلت قد رواه يونس وعقيل وابن أبي ذئب عن الزهري
عن عبيد الله عن عمار وهم أصحاب الكتب فقالا مالك صاحب كتاب
وصاحب حفظ وقال الأثرم في هذا الحديث إنما حكى فيه فعلهم دون النبي صلى الله عليه وسلم
كما حكى في الآخر انه أجنب فعلمه عليه السلام
الحديث الثالث روى أن قوما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا قوم
227

نسكن الرمال ولا نجد الماء شهرا أو شهرين وفينا الجنب والحائض والنفساء
فقال عليه السلام عليكم بأرضكم قلت رواه أحمد في مسنده والبيهقي في
سننه وكذلك إسحاق بن راهويه في مسنده من حديث المثنى بن الصباح عن
عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ان ناسا من أهل البادية اتوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة ويكون فينا الجنب
والنفساء والحائض ولسنا نجد الماء فقال عليه السلام عليكم بالأرض ثم ضرب
بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها على يديه
إلى المرفقين انتهى قال في الإمام قال أحمد والدارمي المثنى بن الصباح لا
يساوي شيئا وقال النسائي متروك الحديث انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في
مسنده من حديث بن لهيعة عن عمرو بن شعيب به وابن لهيعة أيضا ضعيف
وله طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن محمد البزار
الأصبهاني ثنا الحسن بن حماد الحضرمي ثنا وكيع بن الجراح عن إبراهيم بن يزيد عن
سليمان الأحول عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكره وقال لا يعلم لسليمان
الأحول عن سعيد بن المسيب غير هذا الحديث وقد روى عن المثنى بن الصباح عن
عمرو بن شعيب عن سعيد به انتهى
أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال ما منعك يا فلان ان تصلى في
القوم فقال يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء فقال عليك بالصعيد فإنه
يكفيك انتهى أخرجاه مختصرا ومطولا
حديث آخر أخرجه أبو داود عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة
وانا في غزوة ذات السلاسل فأشفقت ان اغتسلت ان أهلك فتيممت ثم صليت
بأصحابي الصبح ثم أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يقل شيئا ورواه الحاكم وقال
على شرط الشيخين وفيه كلام طويل ذكرناه في أحاديث الكشاف وفي رواية ان
عمر احتلم فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهذا الحديث رواها
الحاكم ثم البيهقي وقال الحاكم أيضا على شرط الشيخين قال وعندي انهما
228

عللاه بالرواية الأولى يعني لاختلافهما وهي قصة واحدة قال ولا تعلل رواية
التيمم رواية الوضوء فان أهل مصر اعرف بحديثهم من أهل البصرة يعني ان رواية
الوضوء يرويها مصري عن مصري والتيمم بصري عن مصري قال البيهقي
ويحتمل ان التيمم والوضوء وقعا فغسل ما أمكنه وتوضأ وتيمم للباقي قال
النووي في الخلاصة وهذا الذي قاله البيهقي متعين والحاصل ان الحديث حسن
أو صحيح انتهى
أحاديث التيمم للجنازة روى بن عدي في الكامل من حديث اليمان بن
سعيد عن وكيع عن معافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن بن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم انتهى قال بن
عدي هذا مرفوعا غير محفوظ والحديث موقوف علي بن عباس انتهى
وقال بن الجوزي في التحقيق قال أحمد مغيرة بن زياد ضعيف الحديث حدث
بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر انتهى وقال البيهقي في المعرفة
المغيرة بن زياد ضعيف وغيرة يرويه عن عطاء لا يسنده عن بن عباس هكذا رواه
عبد الملك بن جريج عن عطاء موقوفا وقد رواه اليمان بن سعيد عن وكيع عن معافى
بن عمران عن مغيرة فارتقى درجة أخرى فبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم واليمان بن سعيد
ضعيف ورفعه خطأ فاحش انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عمر بن أيوب
الموصلي عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن بن عباس قال إذا خفت ان
تفوتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم وصل انتهى ورواه الطحاوي في
شرح الآثار ورواه النسائي في كتاب الكنى عن المعافى بن عمران عن مغيرة به
موقوفا وأخرج بن أبي شيبة نحوه عن عكرمة وعن إبراهيم النخفي وعن الحس
واخرج عن الشعبي فصل عليها على غير وضوء وروى البيهقي من طريق
الدارقطني ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن عمر وابن أبي مذعور ثنا عبد الله بن
نمير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر انه اتى بجنازة
وهو على غير وضوء فتيمم وصلى عليها انتهى قال البيهقي وهذا لا أعلمه الا من
هذا الوجه ويشبه ان يكون خطأ فإن كان محفوظا فيحتمل انه كان في سفر وإن كان
الظاهر بخلافه والله أعلم انتهى كلامه
229

أحاديث التيمم بأجزاء الأرض تعلق من إجازة بجميع أجزاء الأرض بحديث
230

جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أو بحديث عليكم بأرضكم وتعلق من اقتصر
فيه على التراب بما وقع في مسلم من حديث ربعي بن حراش عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال فضلت على الناس بثلاث وفيه وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت
تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وفي لفظ الدارقطني جعلت لنا الأرض كلها
مسجدا وترابها طهورا وكذلك عند البيهقي ترابها وروى أحمد والبيهقي
واللفظ له من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي انه سمع علي بن أبي
طالب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء فقلنا ما
هو يا رسول الله قال نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد
وجعل لي التراب طهورا وفي الاحتجاج بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل
خلاف وروى البيهقي من جهة قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن بن عباس قال
231

الصعيد الحرث حرث الأرض ورواه من جهة جرير عن قابوس عن أبيه عن بن
عباس قال أطيب الصعيد حرث الأرض وأجابوا عن حديث حذيفة وغيره بان
هذه الأشياء التي هي الرمل والجص والكحل والنورة وغيرها في الأرض لا من
الأرض فكأنه قال عليكم بالتراب من أرضكم ويكشفه ان الحديث نفسه في مسند
أحمد قال عليكم بالتراب هذا موضع ضعفه فان فيه المثنى بن الصباح قال
أحمد وأبو حاتم لا يساوي شيئا وقال بن معين ليس بشئ وقال النسائي
متروك ولهم فيه جواب آخر قالوا إن رمالهم مخلوطة بالتراب والا لما نبت فيها
زرع ولا ثمر وهم يجوزون التيمم بتراب المخلوط
أحاديث التيمم لكل صلاة روى الدارقطني من حديث الحسن بن عمارة عن
232

الحكم عن مجاهد عن بن عباس قال من السنة ان لا يصلي بالتيمم أكثر من صلاة
واحدة والحسن بن عمارة تكلموا فيه وقال بعضهم فيه متروك وذكره مسلم
في مقدمة كتابه في جملة من تكلم فيه والله أعلم وروى البيهقي من حديث نافع
عن بن عمر قال يتيمم لكل صلاة وان لم يحدث وقال إسناده صحيح
واخرج أيضا عن هشيم عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال يتيمم
لكل صلاة وقال: إسناده ضعيف واخرج أيضا عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة
ان عمرو بن العاص كان يحدث لكل صلاة تيمما قال معمر وكان قتادة يأخذ به
انتهى وقال هذا مرسل ولأصحابنا حديث التيمم وضوء المسلم ما لم يجد
الماء أحاديث من لم يجد مطهرا تعلق من قال يصلي بغير طهارة بما روى
233

البخاري ومسلم من حديث عائشة انها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء
فلما اتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاكم
الله خيرا ما ترك بك أمر تكرهينه الا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه
بركة واستدل أيضا بما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما
استطعتم وبهذا الحديث تعلق من العلماء فيمن وجد من الماء مالا يكفيه ليستعمله
وتعلق من قال لا يصلى عند عد المطهر بحديث لا يقبل الله صلاة بغير طهور
وبحديث لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وهم يقولون إن ذلك
محمول على القادر على الطهور
أحاديث التيمم من غير طلب الماء قد يستدل لذلك بحديث رواه أبو داود في
سننه من حديث عبد الله بن نافع عن الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن
أبي سعيد الخدري قال خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماءا
فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء
ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد أصبت
السنة وأجزأتك صلاتك وقال للذي توضأ فأعاد لك الاجر مرتين انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين قال أبو داود
وغير بن نافع يرويه عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن
النبي مرسلا وذكر أبو سعيد فيه وهم ليس بمحفوظ انتهى قال بن القطان في
234

الوهم والايهام فالذي أسنده أسقط من الاسناد رجلا وهو عميرة فيصير منقطعا
والذي يرسله فيه مع الارسال عميرة وهو مجهول الحال قال لكن رواه أبو علي بن
السكن حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي ثنا عباس بن محمد ثنا أبو الوليد
الطيالسي ثنا الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن
سوادة عن عطاء عن أبي سعيد ان رجلين خرجا في سفر الحديث قال فوصله ما بين
الليث وبكر بعمرو بن الحارث وهو ثقة وقرنه بعميرة وأسنده بذكر أبي سعيد
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا زيد بن أبي الزرقاء
الموصلي ثنا بن لهيعة عن بن هبيرة عن حنش عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
بال ثم تيمم فقيل له ان الماء منك قريب قال فلعلي لا أبلغه انتهى في أن
التيمم رافع أو مبيح
ومما استدل به على أن التيمم رافع للحديث حديث الصحيحين وجعلت لي الأرض وجعلت لي
الأرض مسجدا أو طهورا وحديث السنن الصعيد الطيب
وضوء المسلم ولو إلى عشر حجج وتكلف القائل بأنه مبيح لا رافع وأجاب عن
الحديثين بان معناهما ان التراب قائم مقام الطهور في إباحة الصلاة قالوا ولو كان
طهورا حقيقة لما احتاج الجنب بعد التيمم ان يغتسل ثم استدلوا على ذلك بحديث
عمران بن حصين أخرجاه في الصحيحين قال كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل فقال ما منعك ان تصلي قال أصابتني
جنابة ولا ماء قال عليك بالصعيد واشتكى إليه الناس العطش فدعا عليا وآخر
فقال أبغيا الماء فذهبا فجاءا بامرأة معها مزادتان فأفرغ من أفواه المزادتين ونودي
في الناس فسقى واستسقى وكان آخر ذلك أن أعطي الذي اصابته الجنابة اناء من ماء
235

فقال اذهب فافرغه عليك انتهى وقد يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم عاجله بالماء قبل ان
يتيمم إذ ليس في الحديث انه تيمم أو يقال إنه عليه السلام امره بالاغتسال
استحبابا لا وجوبا وقد روى أبو داود من حديث عمرو بن العاص قال احتلمت
في ليلة باردة وانا في غزوة ذات السلاسل فأشفقت ان اغتسلت ان أهلك فتيممت ثم
صليت بأصحابي الصبح ثم أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يقل شيئا ورواه الحاكم
وقال على شرط الشيخين فلو كان الاغتسال بعد التيمم واجبا لامره به
فائدة في ذكر وهم وقع لعبد الحق في احكامه ذكر في باب التيمم من
كتاب الطهارة من طريق العقيلي عن صالح بن بيان عن محمد بن سليمان بن علي بن
عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح
التيمم هكذا ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته قال بن القطان فكتابه
هذا خطأ وتصحيف حققه عليه ادخاله إياه في التيمم إذ لم يسمع في رواية ولا في
رأى يمسح الرأس في التيمم وإنما هو مسح اليتيم ولو قرأ آخر الحديث لتبين لسوء
نقله قال العقيلي في كتابه في ترجمة محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة
عن أبيه عن جده عن بن عباس مرفوعا مسح اليتيم هكذا ووصف صالح من وسط
رأسه إلى جبهته ومن كان له أب فهكذا ووصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه
قال ومحمد بن سليمان ليس يعرف بالنقل وحديثه غير محفوظ انتهى وقد ذكره
غير العقيلي كذلك ومنهم البزار في مسنده وليس لقائل ان يقول لعل التصحيف
من العقيلي فان العقيلي إنما يترجم بأسماء الرجال وعبد الحق إنما تحقق وهمه بإدخاله
إياه في كتا ب الطهارة بين أحاديث التيمم وإنما هو اليتيم فقال البزار لما رواه هذا
حديث لا نعلمه يروي الا من هذا الوجه فلذلك كتبناه إذ لم يشارك محمد بن
سليمان في هذه الرواية أحد وكذلك رواه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة
محمد بن سليمان وقال لا يحفظ له غيره ولم يذكره بجرح ولا تعديل والله أعلم
باب المسح على الخفين
قوله المسح على الخفين جائز بالسنة والاخبار مستفيضة قلت قال أبو عمرو
236

بن عبد البر فكتاب الاستذكار روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو
أربعين من الصحابة وفي الإمام قال بن المنذر روينا عن الحسن أنه قال حدثني
سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين انتهى وانا
أذكر من هذه الأحاديث ما تيسر لي وجوده مستعينا بالله وابدأ بالأصح فالأصح
فأقول
منها حديث جرير بن عبد الله البجلي رواه الأئمة الستة في كتبهم من
حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير انه بال ثم توضأ ومسح على خفيه
فقيل له أتفعل هذا فقال نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ على
ومسح خفيه قال الأعمش قال إبراهيم كان يعجبهم هذا الحديث لان إسلام جرير كان
بعد نزول المائدة انتهى وفي لفظ للبخاري في الصلاة لان جريرا كان من آخر من
أسلم انتهى هكذا أخرجوه بهذا الاسناد الا أبا داود فإنه أخرجه عن بكير بن عامر
عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ان جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين وقال
ما يمنعني ان امسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح قالوا إنما كان ذلك قبل نزول
المائدة قال ما أسلمت الا بعد نزول المائدة انتهى وبهذا السند والمتن رواه
بن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح ولم يخرجاه
237

بهذا اللفظ المحتاج إليه إنما أخرجاه من حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير
وفيه قال إبراهيم كان يعجبهم حديث جرير لأنه أسلم بعد نزول المائدة
انتهى قال في الامام وقد ورد مؤرخا بحجة الوداع رواه الطبراني في
معجمه الوسط عن محمد بن نوح بن حرب عن شيبان بن فروخ عن حرب بن شريح
عن خالد الحذاء عن محمد بن سيرين عن جرير بن عبد الله البجلي انه كان مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فذهب عليه السلام يتبرز فرجع فتوضأ ومسح على خفيه
انتهى وسكت عنه
ومنها حديث المغيرة بن شعبة رواه الأئمة الستة أيضا من حديثه ان النبي صلى الله عليه وسلم
خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بأداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ
ومسح على الخفين انتهى وقد رواه عن المغيرة جماعة كثيرة ورواه الحاكم في
المستدرك وزاد فيه فقال المغيرة يا رسول الله أنسيت قال لا بل أنت نسيت
بهذا أمرني ربي عز وجل انتهى وقال إسناده صحيح ولم يخرجاه بهذه الزيادة
انتهى ورواه الطبراني في معجمه فزاد فيه التوقيت فقال حدثنا الحسن بن
علي السنوي عن إبراهيم بن مهدي عن بن عمر بن ذريح عن عطاء بن أبي ميمونة
عن أبي بردة عن المغيرة قال آخر غزوة غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ان نمسح على
خفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة ما لم نخلع انتهى
ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رواه البخاري من حديث بن عمر عنه
ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وان عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال نعم
إذا حدثك سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلا تسأل غير انتهى
ومنها حديث عمرو بن أمية الضمري أخرجه البخاري عن جعفر بن عمرو بن
أمية الضمري ان أباه أخبره انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على الخفين انتهى
ومنها حديث حذيفة أخرجه مسلم عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة
قوم فبال قائما فتنحيت فقال ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبه فتوضأ ومسح
على خفيه ورواه البخاري لم يذكر فيه المسح على الخفين وأخرجه أبو بكر
الإسماعيلي في صحيحه وأبو نعيم في مستخرجه وفيه فتوضأ ومسح على
238

خفيه
ومنها حديث بلال أخرجه مسلم عنه ان رسول الله صلى الله عليه سلم توضأ ومسح على
الخفين والخمار انتهى ورواه النسائي بقصة فيها فائدة حسنة وسيأتي قريبا
ومنها حديث بريده رواه الجماعة الا البخاري عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات
يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر بن الخطاب لقد صنعت
اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال عمدا صنعته يا عمر انتهى قال الشيخ تقي
الدين في الامام وأخرجه بن مندة وقال إسناده صحيح على رسم الجماعة
الا البخاري في سليمان بن بريدة انتهى
واخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن دلهم بن صالح عن حجير بن عبد الله
عن بن بريدة عن أبيه ان النجاشي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين
فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما انتهى واللفظ لأبي داود ثم قال هذا مما تفرد به
أهل البصرة وقال الترمذي هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث دلهم وقال
الدارقطني تفرد به حجير بن عبد الله عن بن بريدة ولم يرو عنه غير دلهم بن صالح
وذكره في ترجمة عبد الله بن بريدة عن أبيه قال المنذري في مختصره ورواه
أحمد عن وكيع فقال عبد الله بن بريدة
ومنها حديث على رواه مسلم من حديث شريح بن هانئ قال سألت عائشة
عن المسح على الخفين فقالت إئت عليا فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته
فسألته فقال جعل للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها انتهى وسيأتي
بسطه في الحديث الأول
ومنها حديث صفوان بن عسال أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن زر
بن حبيش انه سأل صفوان بن عسال عن المسح على الخفين فقال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا الا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن الا من جنابة ولكن من
239

غائط وبول ونوم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه
بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما ورواه أحمد في مسنده والطبراني في
معجمه وسيأتي الكلام عليه في الحديث الثاني إن شاء الله تعالى
ومنها حديث خزيمة بن ثابت اخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة
انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورآه بن حبان في صحيحه
في النوع الثالث من القسم الرابع وفيه كلام سيأتي
ومنها حديث ثوبان أخرجه أبو داود عن راشد بن سعد عن ثوبان قال بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمسحوا على العصائب
والتساخين انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال
على شرط مسلم وفيه نظر فإنه من رواية ثور بن يزيد عن راشد بن سعد به
وثور لم يرو له مسلم بل انفرد به البخاري وراشد بن سعد لم يحتج به الشيخان
وقال أحمد لا ينبغي ان يكون راشد سمع من ثوبان لأنه مات قديما وفي هذا القول
نظر فإنهم قالوا إن راشدا شهد مع معاوية صفين وثوبان مات سنة أربع وخمسين
ومات راشد سنة ثمان ومائة ووثقه بن معين وأبو حاتم والعجلي ويعقوب بن
شيبة والنسائي وخالفهم بن حزم فضعفه والحق معهم والعصائب العمائم
والتساخين الخفاف ولفظ أحمد فيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على
خفيه وعلى الخمار والعمامة انتهى وعند الطبراني والخمار العمامة هكذا
وجدته ومنها حديث أسامة بن زيد عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار عن أسامة بن زيد قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال الأسواف فذهب
لحاجته ثم خرج قال أسامة فسالت بلالا ما صنع فقال بلال ذهب النبي صلى الله عليه وسلم
لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم صلى
انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم فقد
احتج بداود بن قيس انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة وقال حديث
240

صحيح انتهى قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الامام وأخرجه بن
خزيمة في صحيحه وقال الأسواف حائط من حيطان المدينة قال وسمعت
يونس يقول ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر انه مسح على الخفين في الحضر غير هذا قال
الشيخ وقد وقع في معجم الطبراني من حديث بكير بن عامر البجلي عن عبد
الرحمن بن أبي نعم زعم أن المغيرة بن شعبة حدثه انه مشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المدينة فاتى بعض تلك الأودية فقضى حاجته ثم خرج فتوضأ وخلع الخفين فلما
لبس خفيه وجد بعد ذلك ريحا فعاد ثم خرج فتوضأ ومسح على الخفين فقلت
أنسيت يا رسول الله قال بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي انتهى وبكير بن
عامر البجلي كوفي روى له مسلم وقال أحمد صالح الحديث ليس به با س وقال
بن عدي ليس بكثير الرواية ولم أجد له متنا منكرا وهو ممن يكتب حديثه وقال
النسائي وهي رواية عن أحمد ليس بقوي انتهى وأيضا فقد روى البيهقي في
سننه من حديث محمد بن طلحة بن مصرف عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة
ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى سباطة قوم بالمدينة فبال قائما ثم توضأ ومسح على خفيه
انتهى قا الشيخ وقد رواه عن الأعمش قريب من ثلاثين رجلا ليس فيه بالمدينة
الا من حديث محمد بن طلحة قال بن عبد البر ومن جعل هذا الحديث دليلا على
المسح في الحضر من غير أن يكون فيه قوله بالمدينة من حيث إن السباطة لا تكون الا
في الحضر لم يحسن لأنه لا يلزم من كون السباطة الحضر ان يكون القائم عليها في
حكم الحاضر انتهى ومنها حديث عمر بن الخطاب رواه بن ماجة في سننه
حدثنا عمران بن موسى عن محمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن نافع
عن بن عمر انه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين فقال إنكم لتفعلون ذلك
فاجتمعنا عند عمر فقال سعد لعمر أفت بن أخي في المسح على الخفين فقال عمر
كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه سلم نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسا فقال بن عمر
وان جاء من الغائط قال نعم انتهى قال في الامام وعمران بن موسى بن
حبان روى عنه الترمذي وابن ماجة والنسائي وقال هو ثقة وقال في موضع
آخر لا باس به ومحمد بن سواء مشهور اخرج له البخاري وباقي الاسناد أشهر
241

واعرف انتهى ورواه البزار في مسنده عن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله حدثني
سالم عن بن عمر ان سعد بن أبي وقاص سأل عمر بن الخطاب عن المسح فقال عمر
سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظهر الخف للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم
يوم وليلة انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ولفظه قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظاهر الخفاف إذا لبسهما وهما طاهرتان انتهى
قال البزار هذا حديث لم يذكر فيه التوقيت عن عمر الا من هذا الوجه وقد رواه
عن عمر جماعة لم يذكروا فيه التوقيت وخالد بن أبي بكر العمري لين الحديث
انتهى ورواه الدارقطني في علله وقال زاد خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب فيه التوقيت وزاد فيه على ظهر الخف ولم يأت بهما
يره وخالد ليس بالقوي انتهى قلت ذكره بن حبان في الثقات
ومنه حديث أبي بن عمارة أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما عنه
أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم امسح على الخفين قال نعم قال يوم قال ويومين
قال وثلاثا حتى بلغ سبعا قال له وما بدا لك انتهى وأبي بن عمارة
بكسر العين صحابي مشهور ورواه الحاكم في المستدرك وقال لم ينسب إلى
واحد من رجاله جرح انتهى وفيه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى
ومنها حديث سهل بن سعد الساعدي أخرجه بن ماجة في سننه عن
عبد المهين بن العباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على
الخفين وأمرنا بالمسح على الخفين انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام
وعبد المهيمن بن عباس استضعفه بعضهم قال وقد رواه الحافظ أبو علي بن السكن
بطريق أجود من هذه فقال حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ويحيى بن محمد
بن صاعد والحسين بن محمد قالوا ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا عبد العزيز
بن أبي حازم عن أبيه قال رأيت سهل بن سعد يبول بول الشيخ الكبير يكاد ان يسبقه
قائما ثم توضأ ومسح على خفيه فقلت الا تنزع هذا فقال لا رأيت خيرا
منى ومنك يفعل هذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى وقال هذا إسناد على
242

شرط الصحيحين فيعقوب الدورقي و عبد العزيز وأبوه من رجال الصحيحين
وشيوخ بن السكن هؤلاء ثقات انتهى
ومنها حديث أنس بن مالك رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن عبد الله بن
نمير ثنا عمر بن عبيد الطنافسي ثنا عمر بن المثنى عن عطاء الخراساني عن أنس بن مالك
قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال هل من ماء فتوضأ ومسح على
خفيه ثم لحق بالجيش فأمهم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الخامس من القسم الرابع من طريق أبي عوانة عن أبي يعفور عن أنس ورواه
الطبراني في معجمه الوسط ثنا عبد الرحمن ثنا عمر وأبو زرعة ثنا علي بن عياش
الألهاني حدثني علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي حدثني سليمان التيمي عن أنس
بن مالك قال وضأت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر فمسح على الخفين ومنها
حديث عائشة رواه النسائي في سننه الكبرى من حديث شريح بن هانئ قال
سأل عائشة عن المسح على الخفين فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ان يمسح
المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا انتهى ورواه الدارقطني من حديث بقية ثنا أبو
بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي عن عائشة قالت ما زال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله تعالى انتهى
ومنها حديث أبي بكر رضي الله عنه رواه بن حبان في صحيحه في
النوع الأول من القسم الرابع من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقت في المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة
ومنها حديث عوف بن مالك الأشجعي أخرجه أحمد وإسحاق بن راهويه
والبزار والطبراني في معجمه الوسط وقال لا يروى عن عوف الا بهذا الاسناد
تفرد به هشيم في مسانيدهم قال في الامام داود بن عمر وقال بن أبي
243

حاتم عن أبيه ثقة وقال أحمد مقارب الحديث في مسانيدهم أخبرنا هشيم عن
داود بن عمر وعن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس عائذ الله عن عوف بن مالك ان
رسول الله صلى الله عليه سلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر
ويوم وليلة للمقيم انتهى قال صاحب التنقيح قال أحمد هذا من أجود
حديث في المسح على الخفين لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها انتهى
ومنها حديث أبي بكرة رواه بن خزيمة في صحيحه والطبراني في معجمه
والبيهقي في سننه عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ان
النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة انتهى قال
الترمذي في علله الكبير سألت محمدا يعني البخاري أي حديث أصح عندك
في التوقيت في المسح على الخفين فقال حديث صفوان بن عسال وحديث أبي
بكرة حديث حسن انتهى ومنها حديث أبي أيوب الأنصار رواه إسحاق بن
راهويه في مسنده ثم الطبراني في معجمه حدثنا جرير عن الأشعث عن بن
سيرين عن أبي أيوب الأنصاري انه كان يأمر بالمسح على الخفين ويغسل رجليه فقيل
لفي ذلك فقال بئس مالي إن كان مهنأة لكم وما ثمة على رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يمسح على الخفين ويأمر به ولكن حبب إلى الوضوء انتهى ومنها حديث أبي
هريرة رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه حدثنا محمد بن عبد الله بن
الزبير ثنا أبان يعني بن عبد الله البجلي حدثني مولى لأبي هريرة زاد البيهقي
وأظنه قال أنا أبو وهب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وضئني فأتيته بوضوء فاستنجى ثم ادخل يده في التراب فمسحها ثم غسلها ثم
توضأ ومسح على خفيه فقلت يا رسول الله رجليك لم تغسلهما قال إني
أدخلتهما وهما طاهرتان انتهى ورواه بن أبي شيبة والبزار في مسندهما
حدثنا زيد بن الحباب حدثني عمر بن عبد الله بن أبي خثعم الثمالي أنبأ يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ان رجلا قال يا رسول الله اقصر الصلاة في السفر
244

قال نعم ان الله يحب ان يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بفريضته قال
يا رسول الله والطهور على الخفين قال للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام
ولياليهن انتهى وقال صاحب التنقيح رواه بن ماجة عن بن أبي شيبة فذكره
بسنده ومتنه ولم أجده في نسختين من بن ماجة ولا أذكره بن عساكر في
أطرافه ثم قال وعمر بن عبد الله الثمالي قال البخاري فيه منكر الحديث قال
وقد ضعف الدارقطني في علله كل ما روى عن أبي هريرة في المسح انتهى وعمر
بن أبي خثعم قال البخاري منكر الحديث وقال أبو زرعة واهي الحديث
ومنها حديث أبي بردة رواه البزار في مسنده عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
طويل انه توضأ ومسح على خفيه ومنها حديث بن عباس أخرجه البزار في
مسنده عن خصيف عن مقسم عن بن عباس قال اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح
على الخفين انتهى ومنها حديث جابر بن عبد الله أخرجه البزار عنه أيضا ان النبي
صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين انتهى ورواه الطبراني في معجمه ولفظه ما زال رسول
الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حتى قبضه الله تعالى انتهى ورواه الترمذي حدثنا
قتيبة عن بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار
بن ياسر قال سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين فقال السنة يا بن
أخي وسكت عنه
ومنها حديث سلمان رواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والثلاثين
من القسم الرابع عنه انه رأى رجلا توضأ وهو يريد ان ينزع خفيه فأمره ان يمسح
عليهما وقال سلمان رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه وعلى خماره
انتهى
ومنها حديث ربيعة بن كعب الأسلمي رواه الطبراني في معجمه من طريق
محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن يحيى بن هند الأسلمي عن
حنظلة بن علي الأسلمي عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
245

يمسح على خفيه انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله بالواقدي ومنها
حديث أسامة بن شريك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا سهل بن زنجلة
ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده عن زياد بن علاقة عن
أسامة بن شريك قال كنا مع رسول الله في السفر لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن
ونكون معه في الحضر نمسح على خفافنا يوما وليلة انتهى
ومنها حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثة أيام
ولياليها وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين انتهى وأخرجه بن عدي في
الكامل عن سوار بن مصعب عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حتى قبض انتهى وضعف سوار بن مصعب عن البخاري
والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى ومنها
حديث مسلم أبي عوسجة رواه الطبراني أيضا في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد
بن حنبل حدثني محمد بن جعفر الوركاني ثنا أبو الأحوص عن سليمان بن قرم عن
عوسجة بن مسلم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه
انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن إسحاق ثنا مهدي بن حفص ثنا
أبو الأحوص به عن مسلم أبي عوسجة قال سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يمسح على
الخفين انتهى قال البزار أخطأ فيه مهدي فقال سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما
سافر مع علي انتهى قال في الامام ورواية عبد الله بن أحمد بحنبل عن
محمد بن جعفر الوركاني التي أخرجها الطبراني تبرئ مهديا من نسبة الخطأ إليه
انتهى
ومنها حديث أبي طلحة رواه الطبراني في معجمه الصغير من حديث يحيى
246

بن جعدة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي طلحة ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على
الخفين والخمار ومنها حديث أوس الثقفي رواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا
شريك عن يعلى بن عطاء عن بن بن أوس عن أبيه قال مررنا على ماء من مياه
الاعراب قال فقام أبي أوس بن أوس الثقفي فبال وتوضأ ومسح على خفيه قال
فقلت له الا تخلعها قال لا أزيدك على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى
ومنها حديث يسار أخرجه العقيلي في كتابه عن الهيثم بن قيس العنسي ثنا عبد الله
بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين ثلاثة
أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة انتهى وأعله بالهيثم
ومنها حديث بن مسعود أخرجه بن عدي في الكامل والبزار في مسنده
عن سليمان ين يسير ويقال بن أسير مولى إبراهيم النخعي عن إبراهيم النخعي
عن علقمة عن عبد الله قال كنا نمسح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر يوم
وليلة وفي السفر ثلاثة أيام وفي لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخف
للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة وضعف سليمان هذا عن بن معين ونقل
عن البخاري أنه قال ليس بالقوي ثم قال هو وهو إلى الضعف أقرب منه إلى
الصدق انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أيوب بن سويد ثنا
سفيان الثوري عن منصور عن خيثمة عن أبي عبيدة عن عبد الله نحوه
ومنها حديث أم سعد الأنصارية أخرجه بن عدي أيضا في الكامل عن
محمد بن زاذان عن أم سعد الأنصارية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على من
أسلف مالا زكاة قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين انتهى وضعف
محمد بن زاذان واسند عن البخاري أنه قال فيه منكر الحديث انتهى قال
247

في الامام ورواه أبو عبيد في معرفة الصحابة عن سعيد بن زكريا أبي عمرو المدائني
عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن غزوان عن أبي سعد فذكره ومنها حديث
خالد بن عرفطة رواه أسلم بن سهل الواسطي المعروف ببحشل في كتابه
تاريخ واسط فقال حدثنا عبد الصمد بن محمد ثنا أبو معمر ثنا هشيم ثنا أبو رحمة
مصعب بن زاذان بن جوان بن عبد الله الباهلي عن أبيه عن خالد بن عرفطة عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم
وليلة انتهى وخالد بن عرفطة بن أبرهة العذري القضاعي له حديث واحد عند
الترمذي وللنسائي حديث من قتله بطنه
ومنها حديث أبي أمامة رواه الطبراني في معجمه ثنا أحمد بن شريح
الحضرمي ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس، ثنا سليمان بن أبي سليمان ثنا يحيى بن
أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي أمامة وثوبان ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد ما
بال ثنا أبو سلمة الكشي ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث
ثنا مروان أبو سلمة ثنا شهر بن حوشب عن أبي أمامة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان
يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر ومنها حديث عبادة بن
الصامت رواه الطبراني أيضا في معجمه حدثنا أحمد بن أسد عن عبثر بن القاسم
عن عبيدة عن أبي عتبة عن الحسن عن عبادة بن الصامت قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال
ثم توضأ ومسح على خفيه انتهى قال الشيخ في الامام وينظر في سماع الحسن
عن عبادة انتهى
ومنها حديث عبد الرحمن بن بلال رواه الطبراني أيضا ومنها حديث عمرو
بن الشريد رواه الطبراني أيضا قلت إنما هو اثر حديث الشريد ثنا خير بن عرفة المصري
ثنا عبد الله بن عبد الحكم ثنا بن لهيعة عن عمر بن ربيعة الصدفي عن عمرو بن الشريد
عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين
ومنها حديث عبد الله بن رواحة رواه الطبراني أيضا في معجمه عن عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد ان
النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح عل الخفين انتهى قال في الامام وعطاء بن يسار عن
248

عبد الله بن رواحة منقطع
ومنها حديث عبد الرحمن بن حسنة رواه الطبراني أيضا ثنا محمد بن العباس
الأحرم الأصبيان ثنا أحمد بن يزداد الكوفي ثنا عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن
أسد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على
خفيه
ومنها حديث عمرو بن حزم رواه الطبراني أيضا ثنا أحمد بن عبد الله التستري
ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي
أنس عن أبيه عن عبد الله بن الطفيل قال رأيت عمرو بن حزم يمسح على الخفين
ويقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه
ومنها حديث عبد الله بن عمر رواه الطبراني في معجمه الوسط من طريق
عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم ان عبد الله بن عمر كان يمسح على الخفين
ويقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك انتهى وهذا سند صحيح ورواه فيه أيضا حدثنا
عبدان بن محمد المروزي عن قتيبة بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن
الحسن العصاب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين
للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن انتهى قال الشيخ في الامام
والعصاب معروف ذكره الأسود وقال حدث عن نافع روى عنه الفضل بن
موسى الشيباني انتهى
ومنها حديث يعلى بن مرة الثقفي رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد
بن عبد الله الحضرمي ثنا سهل بن زنجلة الرازي ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن
عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جده وعن زياد بن علاقة عن أسامة بن
شريك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة وللمقيم يوم وليلة
انتهى
ومنها حديث مالك بن سعد رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب معرفة الصحابة
حدثنا محمد بن سعد الباوردي ثنا عبد الله بن محمد الحمري البصري ثنا
أبو عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ثنا مليكة بنت الحارث المالكية من بني مالك بن سعد
249

قالت حدثتني أمي عن جدي مالك بن سعد انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وسئل عن
المسح على الخفين فقال ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم انتهى قال في
الامام وفي هذا الاسناد من يحتاج إلى الكشف عن حاله انتهى قال أبو نعيم
مالك بن سعد مجهول عداده في اعراب البصرة انتهى
ومنها حديث مالك بن ربيعة السلولي أبي مريم والد بريد رواه أبو نعيم أيضا
في الكتاب المذكور حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن المسيب عن
عاصم بن المغيرة عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة عن خالد بن عاصم بن مكرمة ثنا
بريد بن أبي مريم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه وقال
للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى قال أبو نعيم مالك بن ربيعة
السلولي يكنى أبا مريم والد بريد شهد الشجرة سكن الكوفة له غير حديث عند
ابنه بريد انتهى قال في الإمام قال أبو عمر بن عبد البر لم يرو عن أحد من
الصحابة إنكار المسح عل الخفين الا عن بن عباس وعائشة وأبي هريرة رضي الله
عنهم فاما بن عباس وأبو هريرة فقد جاء عنهما بالأسانيد الحسان خلاف ذلك قال
بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن فطر قال قلت لعطاء ان عكرمة يقول
قال بن عبا س سبق الكتاب المسح على الخفين فقال عطاء كذب عكرمة انا
رأيت بن عباس يمسح عليهما انتهى
قال وروى أبو زرعة وابن جريج عن أبي هريرة انه كان يمسح على خفيه واما
عائشة ففي صحيح مسلم انها أحالت علم ذلك على علي قال الشيخ والراوية
المذكورة عن عائشة أخرجها عن محمد بن مهاجر البغدادي بن إسماعيل بن أخت مالك
ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن القاسم بن محمد عن عائشة انها قالت
لان اقطع رجلي بالموسى أحب إلى من أن امسح على الخفين قال هذا باطل لا أصل
له قال بن حبان محمد بن مهاجر البغدادي كان يضع الحديث قلت الذي وجدته
في العلل المتناهية لابن الجوزي رواه من حديث محمد بن مهاجر بالاسناد المذكور
عن عائشة قالت لان يقطع رجلي بالموسى أحب إلى من أن امسح على القدمين
انتهى قال بن الجوزي موضوع وضعه محمد بن مهاجر على عائشة انتهى
واما بن عباس فان البيهقي قا إنما كرهه حين لم يثبت له مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين
250

بعد نزول المائدة فلما ثبت له رجع إليه وأفتى للمقيم والمسافر جميعا ثم أسند
عن شعبة عن قتادة قال سمعت موسى بن سلمة قال سألت بن عباس عن المسح
على الخفين فقال للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة قال وهذا إسناد
صحيح انتهى
الحديث الأول قال النبي صلى الله عليه وسلم يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام
ولياليها قلت رواه مسلم في صحيحه من حديث شريح بن هانئ قال أتيت
عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فاسأله فإنه كان
يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن
للمسافر ويوما وليلة للمقيم انتهى قال في الامام ورواه أبان بن تغلب عن صلة
بن زفر عن شتير بن شكل عن علي بن أبي طالب مرفوعا المسافر يمسح ثلاثة أيام
ولياليهن والمقيم يوما وليلة انتهى رواه أبو العباس العصمي في الجزء الذي
خرجه له أبو الفضل الجارودي انتهى وقد تقدم في التوقيت أحاديث كثيرة
منها حديث عمرو رواه بن خزيمة في صحيحه بلفظ رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المسح على الخفين المسافر إلى آخره قال الشيخ هذا اللفظ فيه دليل على أن المسح
رخصة خلافا لمن قال المسح أفضل قلت والرخصة موجودة في غير هذا من
الأحاديث كما هو عند البزار وحديث صفوان وحديث أبي بكرة
أحاديث عدم التوقيت حديث خزيمة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة
عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين
للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح زاد أبو داود في رواية ولو استزدناه لزادنا وابن ماجة في رواية
ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا انتهى قال البيهقي في المعرفة قال
الشافعي معنى قوله لو استزدناه لزادنا أي لو سألناه أكثر من ذلك لأجاب وهذا
يعكر عليه رواية بن ماجة لجعلها خمسا
251

قال الشيخ تقي الدين في الامام وحديث خزيمة فيه ثلاث علل الأولى
الاختلاف في إسناده وله ثلاث مخارج رواية إبراهيم النخعي ورواية إبراهيم
التيمي ورواية الشيمي ثم في بعضها ذكر الزيادة أعني لو استزدناه لزادنا
وبعضها ليست فيه فاما رواية النخعي فإنها عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة وليس
فيها ذكر الزيادة ولم أقف على اختلاف في هذه الرواية أعني رواية النخعي ولها
طرق أشهرها عن حماد عنه ولها أيضا عن حماد طرق ورواه شعبة عن الحكم
وحماد عن إبراهيم الا انها عللت بأن إبراهيم لم يسمعه من أبي عبد الله الجدلي
فذكر البيهقي عن أبي عيسى الترمذي أنه قال سألت محمدا يعني البخاري عن هذا
الحديث فقال لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح لأنه لا يعرف لأبي
عبد الله الجدلي سماع من خزيمة وكان شعبة يقول لم يسمع إبراهيم النخعي من
أبي عبد الله الجدلي حديث المسح على الخفين وقد استدل على ذلك برواية زائدة بن
قدامة قال سمعت منصورا يقول كنا في حجرة إبراهيم النخعي ومعنا إبراهيم
التيمي فذكرنا المسح على الخفين فقال إبراهيم التيمي حدثنا عمرو بن ميمون عن أبي
عبد الجدلي عن خزيمة ثم هي على وجهين أحدهما ما فيه الزيادة والثاني مالا
زيادة فيه فاما ما فيه الزيادة فهي صحيحة عن إبراهيم مشهورة بهذا الاسناد عن
منصور عن إبراهيم وله طرق عن منصور وفيها الزيادة خرجها الطبراني عنه ومن
أصحها رواية التي قدمناها وذكرنا ان البيهقي أخرجها بالقصة ورواها الطبراني من
حديث حسين بن علي عن زائدة بالسند من غير قصة ولا زيادة وكذلك من صحيحها
رواية سفيان بن عيينة عن منصور بالسند المذكور وفيها الزيادة واما ما لا زيادة فيه
ففي رواية أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي بالسند عن خزيمة عن النبي
صلى الله عليه وسلم انه سئل عن المسح على الخفين فقال للمسافر ثلاثا وللمقيم يوم لم يزد
أخرجه الترمذي فهذا مشهور وخالف أبو الأحوص فرواه عن منصور عن إبراهيم
التيمي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت فاسقط من الاسناد عمرو بن
ميمون ووجه آخر من المخالفة في حديث التيمي رواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن
الحارث بن سويد عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت ليس فيه الزيادة والا مسح
المقيم فزاد في السند الحارث بن سويد بن التيمي وعمرو بن ميمون وأسقط
الجدلي اخرج هذه الرواية كذلك الطبراني والبيهقي قال البيهقي وهو ضعيف
252

العلة الثانية الانقطاع قال البيهقي قال أبو عيسى الترمذي سألت محمدا يعني
البخاري عن هذا الحديث فقال لا يصح إلى آخر كلام البخاري وقد تقدم قريبا
العلة الثالثة ذكر بن حزم ان أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته قال
الشيخ وأقول ذكر الترمذي في جامعه بعد إخراجه حديث خزيمة من جهة أبي
عوانة بسنده كما تقدم قال وذكر عن يحيى بن معين انه صحح حديث خزيمة في
المسح وأبو عبد الله الجدلي اسمه عبد بن عبد ويقال عبد الرحمن بن عبد
ثم قال هذا حديث حسن صحيح قاله أبو عيسى في صحيحه ولكن الطريق فيه
ان تعلل طريق إبراهيم بالانقطاع كما تقدم وطريق الشعبي بالضعف كما تقدم
ويرجع إلى طريق إبراهيم التيمي فالروايات متضافرة برواية التيمي له عن عمرو بن
ميمون عن الجدلي عن خزيمة واما إسقاط أبي الأحوص لعمرو بن ميمون من الاسناد
فالحكم لمن زاد فإنه زيادة عدل لا سيما وقد انضم إليه الكثرة من الرواة واتفاقهم
على هذا دون أبي الأحوص واما زيادة سلمة الحارث بن واسقاط الجدلي فيقال
في إسقاط الجدلي ما قيل في إسقاط أبي الأحوص له واما زيادة الحارث بن سويد
فمقتضى المشهور من أفعال المحدثين والأكثر ان يحكم بها ويجعل منقطعا فيما بين
إبراهيم وعمرو بن ميمون لأن الظاهر أن الانسان لا يروي حديثا عن رجل عن ثالث
وقد رواه هو عن ذلك الثالث لقدرته على إسقاط الواسطة لكن إذا عارض هذا الظاهر
دليل أقوى منه عمل به كما فعل في أحاديث حكم فيها بان الراوي علا ونزل في
الحديث الواحد فرواه على الوجهين وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة وقصة
في الحكاية وان إبراهيم التيمي قال حدثنا عمرو بن ميمون فصرح بالتحديث
فمقتضى هذا التصريح لقائل ان يقول لعل إبراهيم سمعه من عمرو بن ميمون ومن
الحارث بن سويد عنه ووجه آخر على طريقة الفقه وهو ان يقال إن كان متصلا فيما
بين التيمي وعمرو بن ميمون فذاك وإن كان منقطعا فقد تبين ان الواسطة بينهما الحارث
بن سويد وهو من أكابر الثقات قال بن معين ثقة ما بالكوفة أجود إسنادا منه
وقال أحمد بن حنبل مثل هذا يسأل عنه لجلالته ورفعة منزلته واخرج له الشيخان في
الصحيحين وبقية الجماعة واما قول البخاري انه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي
253

سماع من عمر فلعل هذا بناءا على ما حكى عن بعضهم انه يشترط في الاتصال ان
يثبت سماع الراوي من المرو عنه ولو مرة هذا أو معناه وقيل إنه مذهب
البخاري وقد أطنب مسلم في الرد لهذه المقالة واكتفى بإمكان اللقاء وذكر له
شواهد واما ما ذكره بن حزم ان أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته فلم يقدح
فيه أحد من المتقدمين ولا قال فيه ما قال بن حزم ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن
معين وهما هما وصحح الترمذي حديثه انتهى كلامه
حديث آخر رواه أبو داود وابن ماجة في سننهما فرواه أبو داود من حديث
عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن
يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي بن عمارة رضي الله عنه قال يا رسول الله أمسح على
الخفين قال نعم قال يوما قال ويومين قال وثلاثة قال نعم وما
شئت وفي رواية حتى بلغ سبعا فقال عليه السلام نعم وما بدا لك انتهى
قال أبو داود ورواه بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن
يزيد بن أبي زياد عن عيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي قال أبو داود وقد اختلف في إسناده
وليس بالقوي انتهى كلامه ورواه بن ماجة من طريق بن وهب عن يحيى بن
أيوب عن عبد الرحمن عن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن
عبادة بن نسي عن أبي بنحوه قال بن عساكر في الأطراف ورواه يحيى بن إسحاق السالحيني عن يحيى
بن أيوب مثل رواية عمرو بن الربيع ورواه سعيد بن
كثير بن عفير عن بن وهب ورواه إسحاق بن العراب عن
يحيى بن أيوب عن وهب بن قطن عن أبي انتهى كلامه ورواه الحاكم في المستدرك
وقال إسناده مصري ولم ينسب واحد منهم إلى جرح وأبي بن عمارة صحابي
مشهور ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني في سننه بسند أبي داود وقال
هذا إسناد لا يثبت وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كثيرا و
عبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون انتهى كلامه وقال بن
القطان في كتابه محمد بن يزيد هو بن أبي زياد صاحب حديث الصور قال
254

فيه أبو حاتم مجهول ويحيى بن أيوب مختلف فيه وهو ممن عيب على مسلم
إخراج حديثه قال والاختلاف الذي أشار إليه أبو داود والدارقطني هو ان يحيى
بن أيوب رواه عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن عبادة بن نسي عن أبي
بن عمارة فهذا قول ثان ويروي عنه عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد
عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة فهذا قول ثالث ويروي عنه
كذلك مرسلا لا يذكر فيه أبي بن عمارة فهذا قول رابع انتهى كلامه وقال الشيخ
تقي الدين في الإمام قال أبو زرعة سمعت أحمد بن حنبل يقول حديث أبي بن
عمارة ليس بمعروف الاسناد فقلت له فإلى أي شئ ذهب أهل المدينة في المسح أكثر
من ثلاث ويوم وليلة قال لهم فيه اثر قال الشيح وهذا الأثر الذي أشار إليه
أحمد الأقرب انه أراد الرواية عن بن عمر فإنه صحيح عنه من رواية عبيد الله بن
عمر عن نافع عن بن عمر انه كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتا ويحتمل ان
يريد غير ذلك من الآثار منها رواية حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن الحسن
قال سافرنا مع أصحاب رسول الله وكانوا يمسحون خفافهم بغير وقت ولا عدد رواه
بن الجهم في كتابه وعلله بن حزم فقال وكثير بن شنظير ضعيف جدا
قال الشيخ وقد اختلف الرواية فيه عن يحيى بن معين ففي رواية عباس عن يحيى
ليس بشئ وقال عثمان بن سعيد الدارمي فيما رواه بن عدي سألت يحيى
عن كثير بن شنظير فقال ثقة وروى بن الجهم في كتابه بسنده إلى سعد بن أبي
وقاص انه خرج من الخلاء فتوضأ ومسح على خفيه فقلت له تمسح عليهما وقد
خرجت من الخلاء قال نعم إذا أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فامسح
عليهما ولا تخلعهما الا لجنابة
وروى بسنده أيضا عن الحسن انه كان يقول في المسح على الخفين يمسح عليهما
ولا يجعل لذلك وقتا الا من جنابة ويسنده إلى عروة انه كان لا يوقت في المسح
انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه الحاكم في مستدركه عن عبد الغفار بن داود الحراني
255

ثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليصل فيهما وليمسح عليهما ثم لا يخلعهما ان
شاء الا من جنابة انتهى قال الحاكم إسناده صحيح على شرط مسلم ورواته عن
آخرهم ثقات انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أسد بن موسى ثنا حماد
بن سلمة به قال صاحب التنقيح إسناده قوي واسد بن موسى صدوق
وثقه النسائي وغيره انتهى ولم يعله بن الجوزي في التحقيق بشئ وإنما قال
هو محمول على مدة الثلاث قال الشيخ في الإمام قال بن حزم هذا ممن انفرد به
أسد بن موسى عن حماد واسد منكر الحديث لا يحتج به قال الشيخ وهذا
مدخول من وجهين أحدهما عدم تفرد أسد به كما أخرجه الحاكم عن عبد الغفار
ثنا حماد الثاني ان أسدا ثقة ولم ير في شئ من كتب الضعفاء له ذكر وقد شرط
بن عدي ان يذكر في كتابه كل من تكلم فيه وذكر فيه جماعة من الأكابر
والحفاظ ولم يذكر أسدا وهذا يقتضي توثيقه ونقل بن القطان توثيقه عن البزار
وعن أبي الحسن الكوفي ولعل بن حزم وقف على قول بن يونس في تاريخ الغرباء
أسد بن موسى حدث بأحاديث منكرة وكان ثقة واحسب الآفة من غيرة فإن كان
اخذ كلامه من هذا فليس بجيد لان من يقال فيه منكر الحديث ليس كمن يقال فيه
روى أحاديث منكرة لان منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه
والعبارة الأخرى تقتضي انه وقع له في حين لا دائما وقد قال أحمد بن حنبل في
محمد بن إبراهيم التيمي يروي أحاديث منكرة وقد اتفق عليه البخاري ومسلم
واليه المرجع في حديث إنما الأعمال بالنيات وكذلك قال في زيد بن أبي
أنيسة في بعض حديثه إنكاره وهو ممن احتج به البخاري ومسلم وهما العمدة في
ذلك وقد حكم بن يونس بأنه ثقة وكيف يكون ثقة وهو لا يحتج بحديثه انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك أيضا عن بشر بن بكر عن موس
بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني انه قدم على عمر بفتح دمشق قال
وعلى خفان فقال لي عمر كم لك يا عقبة منذ لم تنزع خفيك فذكرت من
256

الجمعة منذ ثمانية أيام فقال أحسنت وأصبت السنة انتهى قال الحاكم حديث
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في السنن وقال
صحيح الاسناد وفي الامام وأخرجه النسائي ولم أجده في أطراف بن
عساكر ثم رواه من حديث يزيد بن حبيب حدثني عبد الله بن الحكم عن علي بن
رباح ان عقبة بن عامر حدثه انه قدم على عمر فذكره وسكت عنه وذكر الدارقطني
في كتاب العلل ان عمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب والليث بن سعد رووه عن
يزيد فقالوا فيه أصبت ولم يقولوا السنة وهو المحفوظ قال ورواه جرير بن حازم
عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن عقبة وأسقط من
الاسناد عبد الله بن الحكم البلوي وقال فيه أصبت السنة كما قال بن لهيعة
والمفضل انتهى كلامه
حديث آخر رواه الدارقطني من جهة أحمد بن حنبل ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عمر
بن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق قال قرأت كتابا لعطاء بن يسار مع
عطاء بن يسار قال سألت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن المسح فقالت قلت
يا رسول الله كل ساعة يمسح الانسان على الخفين ولا يخلعهما قال نعم
انتهى ولم يعله في الامام
الحديث الثاني روى المغيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على خفيه ومدهما من
257

الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة وكأني انظر إلى اثر المسح على خف رسول الله
صلى الله عليه وسلم خطوطا بالأصابع قلت غريب ويقرب منه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا الحنفي عن أبي عامر الخزاز ثنا الحسن عن المغيرة بن شعبة قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بال ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن
ويده اليسرى على خفه الأيسر ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى انظر إلى أصابع
رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين انتهى قال في الامام ورواه أبو أسامة عن أشعث
عن الحسن به ولم يعزه
حديث آخر يقرب منه رواه بن ماجة في سننه من حديث بقية عن جرير بن
يزيد حدثني منذر عن محمد بن المنكدر عن جابر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل
يتوضأ ويغسل خفيه فقال بيده كأنه دفعه إنما أمرت بالمسح وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم بيده هكذا من أطراف الأصابع إلى أصل الساق وخطط بالأصابع
انتهى قال صاحب التنقيح وجرير هذا ليس بمشهور ولم يرو عنه غير بقية
258

ومنذر هذا كأنه بن زياد الطائي وقد كذبه الفلاس وقال الدارقطني متروك ولم
يخرج بن ماجة لجرير ومنذر غير هذا الحديث انتهى كلامه وهذا الحديث مما
استدركه شيخنا أبو الحجاج المزي علي بن عساكر إذ لم يذكره في أطرافه وكأنه
ليس في بعض نسخ بن ماجة وانا وجدته في نسخة ولم أجده في أخرى والله أعلم
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن بقية عن جرير بن يزيد
الحميري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل
يتوضأ وهو يغسل خفيه فنخسه بيده وقال إنما أمرنا بالمسح هكذا واراه بيده من
مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة وفرج بين أصابعه انتهى قال لا يروي عن جابر
الا بهذا الاسناد تفرد به بقية
حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود عن عبد خير عن علي قال لو كان الدين
بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عن أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على
ظاهر خفيه انتهى قال البيهقي والمرجع فيه إلى عبد خير وهو لم يحتج به
صاحب الصحيح
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن
أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالمسح على ظهر الخفين
إذا لبسهما وهما طاهرتان انتهى ورواه الدارقطني بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة انتهى لم
يذكر الطهارة قال في الامام ورواه الفقيه أبو بكر بن الجهم المالكي في كتابه
فقال على الخفين لم يذكر الطهر قال وخالد بن أبي بكر هذا هو بن عبيد الله
بن عبد الله بن عمر انتهى كلامه
259

واما حديث الوليد بن مسلم أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حياة عن كاتب
المغيرة عن المغيرة قال وضأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فمسح اعلا الخف
وأسفله انتهى فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وهو ضعيف قال
أبو داود بلغني ان ثورا لم يسمعه من رجاء وقال الترمذي حديث معلول لم يسنده عن
ثور غير الوليد وسالت محمدا وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح
لان بن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال حدثت عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسل وقال الدارقطني في العلل هذا حديث لا يثبت لان بن المبارك رواه عن
ثور بن يزيد مرسلا انتهى قال الشيخ في الامام وهذا الذي أشاروا إليه ذكره
الأثرم عن أحمد بن حنبل فقال سمعت أحمد بن حنبل يضعف هذا الحديث
ويذكر انه ذكره لعبد الرحمن بن مهدي فذكر عن بن المبارك عن ثور قال حدثت
عن رجاء بن حياة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأفسده من وجهه حين قال حدثت
عن رجاء وحين أرسل فلم يسنده قال الشيخ وقد روى الدارقطني هذا الحديث
فقال فيه حدثنا رجاء فالله أعلم انتهى
الحديث الثالث روى صفوان بن عسال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا إذا
260

كنا سفرا ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها الا عن جنابة ولكن من بول أو غائط أو
نوم قلت رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عاصم بن أبي النجود عن زر
بن حبيش عن صفوان وهو بكماله يتضمن قصة المسح والعلم والتوبة والهوى
اما الترمذي فرواه في كتاب الدعوات في باب التوبة والاستغفار من حيث
سفيان وحماد بن زيد كلاهما عن عاصم عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان
بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين فقال ما جاء بك يا زر فقلت ابتغاء
العلم فقال إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاءا بما يطلب قلت إنه حك
في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجئتك أسألك هل سمعته يذكر في ذلك شيئا قال نعم كان
يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن الا عن جنابة
لكن من غائط وبول ونوم قال فقلت هل سمعته يذكر في الهوى شيئا قال نعم
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فناداه رجل يا محمد يا محمد فقلنا له
ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نحو من
صوته هاؤم فقال الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
المرء مع من أحب قال فما برح يحدثني ان الله جعل بالمغرب بابا عرضه مسيرة
سبعين عاما للتوبة لا يعلق ما لم تطلع الشمس من قبله وذلك قوله تعالى يوم يأتي
بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها الآية انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح ورواه في الطهارة من حديث أبي الأحوص عن عاصم به بقصة المسح فقط
وقال حديث حسن صحيح ورواه النسائي في سننه في باب الوضوء من الغائط
من حديث سفيان الثوري وسفيان بن عيينة ومالك بن مغول وزهير وأبي بكر بن عياش
وشعبة كلهم عن عاصم به بقصة المسح فقط وأخرجه ان ماجة في الطهارة في
261

باب الوضوء من النوم عن سفيان عن عاصم به بقصة المسح وفي الفتن عن
إسرائيل عن عاصم به بقصة التوبة وفي العلم عن معمر عن عاصم به بقصة العلم
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والسبعين من القسم الأول من
حديث سفيان عن عاصم به بتمامه ورواه بن خزيمة في صحيحه من حديث
معمر عن عاصم به بقصة المسح والتوبة قال الشيخ تقي الدين في الامام ذكر انه
رواه عن عاصم أكثر من ثلاثين من الأئمة وهو مشهور من حديث عاصم لكن
الطبراني رواه من حديث عبد الكريم بن أبي المخارق عن حبيب بن أبي ثابت عن زر
وهذه متابعة غريبة لعاصم عن زر الا ان عبد الكريم ضعيف انتهى وعاصم روى
له البخاري ومسلم مقرونا بغيره ووثقه الإمام أحمد وأبو ذرعة ومحمد بن سعد
وأحمد بن عبد الله العجلي وغيرهم وكان صاحب سنة وقراءة للقرآن غير أنهم
تكلموا في حفظه قال العقيلي لم يكن فيه الا سوء الحفظ وقال الدارقطني في
حفظه شئ وقال بن معين لا باس به وقال أبو حاتم محله الصدق ولم يكن
بذاك الحافظ وقال النسائي ليس به باس
الحديث الرابع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على الجرموقين قلت روى أبو
داود في سننه من حديث أبي عبد الله عن أبي عبد الرحمن انه شهد عبد الرحمن بن
عوف سأل بلالا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يخرج يقضي حاجته فأتيته
بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه انتهى ورواه بن خزيمة في صحيحه
والحاكم في المستدرك وصححه قال الشيخ تقي الدين في الامام قيل في أبي
عبد الله هذا انه مولى بني تيم ولم يسم هو ولا أبو عبد الرحمن ولا رأيت في
262

الرواة عن كل واحد منهما الا واحدا وهوما ذكر في الاسناد هذا انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة
ثنا أبي ثنا الحسن بن موسى ثنا شيبان عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن شريح ين
هانئ عن علي بن أبي طالب قال زعم بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على
الموقين والخمار انتهى ورواه بن خزيمة في صحيحه من حديث أبي إدريس
الخولاني عن بلال ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الموقين والخمار انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في سننه من حديث عاصم الأحول عن أنس بن
مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الموقين والخمار انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن علي الصائغ
ثنا المسيب بن واضح ثنا مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن
عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين
والخمار انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وقد اختلفت عباراتهم في
تفسير الموق فقال بن سيدة الموق ضرب من الخفاف والجمع أمواق عربي
صحيح وحكى الأزهري عن الليث الموق ضر ب من الخفاف ويجمع على
أمواق وقال الجوهري الموق الذي يلبس فوق الخف فارسي معرب وقال
الفراء الموق الخف فارسي معرب وجمعه أمواق وكذلك قال الهروي
الموق الخف فارسي معرب وقال كراع الموق الخف والجمع أمواق
انتهى
الحديث الخامس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على جوربيه قلت روى من
263

حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث أبي موسى ومن حديث بلال فحديث المغيرة
رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث أبي قيس الأودي عن هذيل بن شرحبيل عن
المغيرة بن شعبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين انتهى
قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال النسائي في سننه الكبرى لا نعلم أحدا
تابع أبا قيس على هذه الرواية والصحيح عن المغيرة انه عليه السلام مسح على الخفين
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والثلاثين من القسم الرابع
وقال أبو داود في سننه كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لان
المعروف عن المغيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين قال وروى أبو موسى الأشعري
أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي قال ومسح
على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو
امامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن
عباس انتهى وذكر البيهقي حديث المغيرة هذا وقال إنه حديث منكر ضعفه
سفيان الثوري و عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن
المديني ومسلم بن الحجاج والمعروف عن المغير حديث المسح على الخفين ويروى عن
جماعة انهم فعلوه انتهى قال النووي كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على
الترمذي مع أن الجرح مقدم على التعديل قال واتفق الحفاظ على تضعيفه ولا
يقبل قول الترمذي انه حسن صحيح انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الإمام أبو
قيس الأودي اسمه عبد الرحمن بن ثروان احتج به البخاري في صحيحه
وذكر البيهقي في سننه ان أبا محمد يحيى بن منصور قال رأيت مسلم بن
الحجاج ضعف هذا الخبر وقال أبو قيس الأودي وهذيل بن شرحبيل لا يحتملان
وخصوصا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا مسح على
264

الخفين وقال لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس وهذيل قال فذكرت هذه
الحكاية عن مسلم لأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي فسمعته يقول سمعت
علي ين محمد بن شيبان يقول سمعت أبا قدامة السرخسي يقول قال عبد الرحمن
بن مهدي قلت لسفيان الثوري لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هذيل ما قبلته
منك فقال سفيان الحديث ضعيف ثم أسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال ليس
يروى هذا الحديث الا من رواية أبي قيس الأودي وأبي عبد الرحمن مهدي ان
يحدث بهذا الحديث وقال هو منكر وأسند البيهقي أيضا عن علي بن المديني قال
حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل
البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة الا أنه قال ومسح على الجوربين
فخالف الناس وأسند أيضا عن يحيى بن معين قال الناس كلهم يروونه على الخفين
غير أبي قيس قال الشيخ ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس
مخالفا لرواية الجمهور مخالفة معارضة بل هو أمر زائد على ما رووه ولا يعارضه
ولا سيما وهو طريق مستقل برواية هذيل عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها
انتهى
واما حديث أبي موسى وهو الذي أشار إليه أبو داود فأخرجه بن ماجة في
سننه والطبراني في معجمه عن عيسى بن سنان عن الضحاك بن عبد الرحمن
عن أبي موسى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين انتهى ولم
أجده في نسختي من بن ماجة ولا ذكره بن عساكر في الأطراف وكأنه في
بعض النسخ فقد عزاه بن الجوزي في التحقيق لابن ماجة وكذلك الشيخ في
الامام وقال وقول أبي داود في هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي أوضحه
البيهقي فقال الضحاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى وعيسى بن
سنان ضعيف لا يحتج به انتهى وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء وأعله بعيسى
بن سنان وضعفه عن يحيى بن معين وغيره واما حديث بلال فرواه الطبراني في
معجمه من طريق بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على
الخفين والجوربين انتهى وأخرجه أيضا عن يزيد بن أبي زياد وابن أبي ليلى عن
265

كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسم نحوه ويزيد بن أبي زياد وابن أبي
ليلى مستضعفان مع نسبتهما إلى الصدق والله أعلم
الآثار في ذلك روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن الزبرقان
عن كعب بن عبد الله قال رأيت عليا بال فمسح على جوربيه ونعليه ثم قام يصلي
انتهى أخبرنا الثوري عن منصور عن خالد بن سعد قال كان أبو مسعود الأنصاري
يمسح على جوربين له من شعر ونعليه أخبرنا الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن همام
بن الحارث عن أبي مسعود نحوه أخبرنا الثوري عن يحيى بن أبي حية عن أبي الخلاس
عن بن عمر انه كان يمسح على جوربيه ونعليه أخبرنا الثوري عن الأعمش عن
إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال رأيت البراء بن عازب يمسح على جوربيه ونعليه
أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك انه كان يمسح على الجوربين أخبرنا معمر عن
الأعمش عن إبراهيم ان بن مسعود كان يمسح على خفيه ويمسح على جوربيه
انتهى
الحديث الساد س روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه مسح على الجبائر وامر عليا
بذلك قلت هما حديثان فحديث مسحه عليه السلام على الجبائر أخرجه الدارقطني
في سننه عن أبي عمارة محمد بن أحمد بن المهدي ثنا عبدوس بن مالك العطار ثنا
شبانة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمسح على
الجبائر انتهى قال الدارقطني أبو عمارة هذا ضعيف جدا ولا يصح هذا الحديث
266

مرفوعا انتهى
حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا إسحاق بن داود الصواف ثنا
محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ثنا حفص بن عمر عن راشد بن سعد ومكحول
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه لما رماه بن قمة يوم أحد رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا توضأ
حل عن عصابته ومسح عليها بالوضوء انتهى
واما حديث علي فرواه بن ماجة في سننه من حديث عمرو بن خالد عن زيد
بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب قال انكسرت إحدى زندي
فسالت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمرني ان امسح على الجبائر انتهى وأخرجه الدارقطني ثم
البيهقي في سننهما قال الدارقطني وعمرو بن خالد أبو خالد الواسطي متروك
وقال البيهقي وقد تابع عمرو بن خالد عليه عمر بن موسى بن وجيه فرواه عن زيد
بن علي مثله وابن وجيه متروك منسوب إلى الوضع انتهى وقال بن أبي حاتم في
علله سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه الحديث
فقال هذا حديث باطل لا أصل له، وعمرو بن خالد متروك الحديث انتهى
وقال بن القطان في كتابه قال إسحاق بن راهويه عمرو بن خالد كان يضع
الحديث انتهى وقال بن معين هو كذاب غير ثقة ولا مأمون انتهى ورواه
العقيلي في ضعفاءه وأعله بعمرو بن خالد وقال لا يتابع عليه ولا يعرف الا به
ونقل تكذيبه عن جماعة
أحاديث الباب روى أبو داود في سننه من حديث الزبير بن خريق عن عطاء
بن أبي رباح عن جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه
ثم احتلم فقال لأصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة
وأنت تقدر على الماء قال فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بذلك
فقال قتلوه قتلهم الله الا سالوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان
يكفيه ان يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها
267

ويغسل سائر جسده انتهى قال البيهقي في المعرفة هذا الحديث أصح ما روى
في هذا الباب مع اختلاف في إسناده قد بيناه في كتاب السنن انتهى وأخرجه
أبو داود أيضا عن الأوزاعي انه بلغه عن عطاء بن أبي رباح انه سمع عبد الله بن عباس
قال أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل
فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره وتكلم عليه الدارقطني فقال لم يروه عن
عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوي وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء
عن بن عباس وهو الصواب واختلف عن الأوزاعي فقيل عن عطاء وقيل
بلغني عن عطاء وأرسله الأوزاعي بآخره فقال عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو
الصواب انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي الوليد خالد بن يزيد المكي ثنا
إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثنا الحسن بن
زيد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الجبائر تكون على
الكسر كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا أجنب قال يمسح بالماء عليها في
الجنابة والوضوء قلت فإن كان في برد يخاف على نفسه ان اغتسل فقرأ رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما يتيمم إذا خاف انتهى
قال الدارقطني وأبو الوليد خالد بن يزيد ضعيف وقال البيهقي هذا مرسل
وأبو الوليد ضعيف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب شئ انتهى
أحاديث مسح النعلين فيه عن بن عباس وابن عمر فحديث بن عباس رواه
268

بن عدي ثم البيهقي من جهته عن رواد بن الجراح عن سفيان عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ مرة ومسح على نعليه انتهى
قال البيهقي هكذا رواه رواد وهو ينفرد عن الثوري بمناكير هذا أحدها والثقات
رووه عن الثوري دون هذه اللفظة قال الشيخ تقي الدين في الامام ورواد
هذا ليس بالقوي انتهى ثم ساقه البيهقي عن زيد بن الحباب عن سفيان هكذا ان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم مسح على النعلين وقال الصحيح رواية الجماعة فقد رواه سليمان بن بلال
ومحمد بن عجلان وورقاء بن عمر ومحمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم
فحكوا في الحديث غسله رجليه والحديث واحد والعدد الكثير أولى بالحفظ من
العدد اليسير مع فضل من حفظ فيه الغسل بعد الرش على على من لم يحفظه قال في
الامام وحديث زيد بن الحباب هذا من أجود ما ذكر البيهقي في الباب وزيد بن الحباب
ذكر بن عدي عن بن معين أنه قال أحاديث زيد بن الحباب عن الثوري مقلوبة
قال بن عدي وهو من اثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه والذي قاله
بن معين ان أحاديثه عن الثوري مقلوبة إنما له عن الثوري أحاديث تستغرب بذلك الاسناد
والبعض يرفعه ولا يرفعه غيره وباقي أحاديثه كلها مستقيمة وذكر بن عدي لزيد
بن الحباب أحاديث ليس فيها هذا وإذا كان زيد ثقة صدوقا كان الحديث مما ينفرد به
الثقة
وحديث بن عمر رواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن
عبادة عن بن أبي ذئب عن نافع ان بن عمر كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح
عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل انتهى قال البزار نعلم رواه
عن نافع الا بن أبي ذئب ولا عن بن أبي ذئب الا روح وإنما كان يمسح عليهما
لأنه توضأ من غير حدث وكان يتوضأ لكل صلاة من غير حدث فهذا معناه انتهى
كلامه فأجاب الناس عن أحاديث المسح على النعلين بثلاثة أجوبة أحدها انه كان
269

من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوضوء المتطوع به يؤيده ما أخرجه بن خزيمة فصحيحه
وترجم عليه باب ذكر الدليل على أن مسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النعلين كان في وضوء
تطوع لا من حدث عن سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي انه دعا بكوز من ماء
ثم توضأ وضوءا خفيفا ومسح على نعليه ثم قال هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
للطاهر ما لم يحدث قال في الامام وهذا الحديث أخرجه أحمد بن عبيد الصفار
في مسنده بزيادة لفظ وفيه ثم قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يحدث
انتهى قلت وهكذا فعل بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين من
القسم الخامس فأخرج عن بن أوس بن أبي أوس أنه توضأ ومسح على النعلين وقال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عليهما قال بن حبان وهذا إنما كان في وضوء النفل
ثم استدل عليه بحديث أخرجه عن النزال بن سبرة عن علي انه توضأ ومسح برجليه
وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل كما فعلت وهذا وضوء من لم يحدث انتهى
وقد تقدم للبزار في حديث بن عمر نحو ذلك الجواب الثاني قاله البيهقي ان معنى
مسح على نعليه أي غسلهما في النعل واستدل بحديث الصحيحين في النعال وان
بن عيينة زاد فيه ويمسح عليها ثم ساقه بسنده إلى سفيان عن محمد بن عجلان عن
سعيد المقبري عن عبيد بن جريج قال قيل لابن عمر رأيناك تفعل شيئا لم نر أحدا
يفعله غيرك قال وما هو قال رأيناك تلبس النعال السبتية قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يلبسهما ويتوضأ فيها ثم يمسح عليهما قال في الامام وفي هذا الاستدلال
نظر والذي يظهر أنه يتوضأ ثم يلبسهما وكأنه اخذ لفظة فيها على ظاهرها ولكن
يحتاج إلى أن يكون لفظة يتوضأ لا تطلق الا على الغسل انتهى كلامه الجواب
الثالث قاله الطحاوي في كتاب شرح الآثار وهو انه مسح على النعلين والجوربين
وكان مسحه على الجوربين هو الذي يطهر به ومسحه على النعلين فضلا واستشهد
بحديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه وبحديث المغيرة
بن شعبة نحوه روى الأول بن ماجة والثاني رواه أبو داود والترمذي وقد
تقدم الكلام عليهما في حديث الجوربين
270

أحاديث اشتراط اللبس على طهارة كاملة استدل الشافعية على ذلك
بأحاديث منها في الصحيحين حديث المغيرة دعهما فاني أدخلتهما طاهرتين
وفي غير الصحيح من ذلك كثير وليس فيها حجة لأنا نقول بعدم جواز المسح الا
بعد غسل الرجل ومحل الخلاف يظهر في مسألتين أحدهما إذا أحدث ثم
غسل رجليه ثم لبس الخفين ثم مسح عليهما ثم أكمل وضوءه الثانية إذا
أحدث ثم توضأ فلما غسل إحدى رجليه لبس عليها الخف ثم غسل الأخرى
ثم لبس عليها الخف فان هذا المسح عندنا جائز في الصورتين خلافا لهم هذا
تحرير مذهبنا وهم يطلقون النقل عن مذهبنا ويقولون الحنفية لا يشترطون
كمال الطهارة في المسح وهذا يدخل فيه ما لو توضأ ولم يغسل رجليه ثم لبس
الخفين وليس كذلك عندنا بل لا يجوز له المسح في هذه الصورة لان الحدث باق
في القدم كما ذكره في الكتاب وأقرب ما استدلوا به حديث أخرجه الدارقطني
عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه رخص
للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه ان يمسح عليهما
انتهى قالوا ووجه الحجة ان الفاء للتعقيب والطهارة إذا أطلقت إنما يراد بها
الطهارة الكاملة وجوابنا ان هذا حديث ضعيف فإنهم تكلموا في مهاجر بن
مخلد قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال لين الحديث ليس بذلك ثم إنه قد
روى بالواو ولبس خفيه وعلى تقدير صحته فهو محمول على طهارة الرجلين
والله أعلم
وأما ابتداء مدة المسح على الخفين ففيه ثلاثة أقوال عندنا فقيل من وقت اللبس
وقيل من وقت المسح وقيل من وقت الحدث قال بن دقيق العيد في الامام
اما من اعتبرها من وقت اللبس فقد استدل له بحديث صفوان بن عسال كان رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن من
271

حيث إنه جعل الثلاث مدة اللبس
واما من اعتبرها من وقت المسح فبحديث أبي بكرة وفيه ألفاظ أقواها في مرادهم
ما علق الحكم فيه بالمسح كالرواية التي ذكرناها من جهة عبد الرزاق عن معمر
وفيها فأمرنا ان يمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما
وليلة إذا أقمنا انتهى
قلت وهذا اللفظ أيضا في حديث صفوان بن عسال عند أحمد في مسنده
أمرنا ان نمسح على الخفين إذ نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا وليلة إذا
أقمنا وفي لفظ له وقال للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا ادخل رجليه
على طهور وللمقيم يوم وليلة والله أعلم
باب الحيض
الحديث الأول قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام
وأكثره عشرة أيام قلت روى من حديث أبي أمامة ومن حديث واثلة بن
272

الأسقع ومن حديث معاذ بن جبل ومن حديث أبي سعيد الخدري ومن حديث أنس
بن مالك ومن حديث عائشة
اما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه من
حديث حسان بن إبراهيم بن عبد الملك عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة
ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة وأكثر ما يكون عشرة
أيام فإذا زاد فهي مستحاضة قال الدارقطني عبد الملك مجهول والعلاء بن كثير
ضعيف الحديث ومكحول لم يسمع من أبي أمامة وأخرجه بن عدي في
الكامل ولين حسان بن إبراهيم وقال إنه لا يعتمد الكذب ولكنه يهم وهو
عندي لا باس به انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث
سليمان بن عمر وأبي داود النحعي عن يزيد بن جابر عن مكحول به وأعله بابي داود
النحعي وقال إنه يضع الحديث وأعله بالعلاء بن كثير أيضا وقال إنه يروى
الموضوع عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا تفرد قال
ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث وليس كذلك فان العلاء بن الحارث
حضرمي وهذا من موالي بني أمية ذاك صدوق وهذا ليس بشئ
اما حديث واثلة فرواه الدارقطني في سننه حدثنا أبو حامد محمد بن هارون
ثنا محمد بن أحمد بن أنس الشامي ثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن
مكحول عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقل الحيض ثلاثة أيام
وأكثره عشرة أيام انتهى قال الدارقطني حماد بن منهال مجهول ومحمد بن
أحمد بن أنس ضعيف انتهى وقال بن حبان محمد بن راشد كثرت المناكير
في روايته فاستحق الترك انتهى
273

واما حديث معاذ فأخرجه بن عدي في الكامل عن محمد بن سعيد الشامي
حدثني عبد الرحمن بن غنم سمعت معاذ بن جبل يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول لا حيض دون ثلاثة أيام ولا حيض فوق عشرة أيام فما زاد على ذلك فهي
مستحاضة تتوضأ لكل صلاة الا أيام أقرائها ولا نفاس دون أسبوعين ولا نفاس فوق
أربعين يوما فان رأت النفساء الطهر دون الأربعين صامت وصلت ولا يأتيها زوجها
الا بعد الأربعين انتهى وضعف محمد بن سعيد هذا عن البخاري وابن معين
وسفيان الثوري وقالوا انه يضع الحديث وأخرجه العقيلي في ضعفاءه عن
محمد بن الحسن الصدفي عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حيض أقل من ثلاث ولا فوق عشر انتهى وأعله
بمحمد بن الحسن الصدفي وقال مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ انتهى
واما حديث الخدري فرواه بن الجوزي في العلل المتناهية من حديث أبي
داود النخعي حدثني أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقل الحيض
ثلاث وأكثره عشر وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما انتهى قال بن
الجوزي قال بن حبان كان سليمان يضع الحديث وهو أبو داود النخعي وقال
أحمد كان كذابا وقال البخاري هو معروف بالكذب وقال يزيد بن هارون لا
يحل لاحد ان يروي عنه
واما حديث أنس فأخرجه بن عدي في الكامل عن الحسن بن دينار عن معاوية
بن قرة عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحيض ثلاثة أيام وأربعة
وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة فإذا جاوزت العشر فهي
مستحاضة انتهى وأعله بالحسن بن دينار وقال إن جميع من تكلم في الرجال
أجمع على ضعفه قال ولم أر له حديثا جاوز الحد في النكارة وهو إلى الضعف
أقرب وهو معرو ف بالجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفا وقد رويناه
كذلك فيما تقدم فحرف الجيم انتهى
274

واما حديث عائشة فلم أجده موصولا ولكن قال بن الجوزي في التحقيق
وفي العلل المتناهية وروى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أكثر الحيض عشر وأقله ثلاث قال وحسين بن علوان قال
بن حبان كان يضع الحديث لا يحل كتب حديثه كذبه أحمد ويحيى بن معين
انتهى وكذلك ذكره بن حبان في كتاب الضعفاء لم يصل سنده به وقال ما نقله
بن الجوزي قال بن الجوزي في التحقيق واستدل أصحابنا وأصحاب مالك
والشافعي على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما بحديث رووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي قال وهذا حديث لا يعرف وأقره صاحب
التنقيح عليه
قوله روى أن عائشة رضي الله عنها جعلت ما سوى البياض الخالص حيضا قلت
روى مالك وعنه محمد بن الحسن في موطأ يهما عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه
مولاه عائشة قالت كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة
من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء
تريد بذلك الطهر من الحيضة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
معمر عن علقمة بن أبي علقمة به سواء وأخرجه البخاري في صحيحه تعليقا
ولفظه قال وكن النساء يبعثن إلى عائشة بالكرسف فيه الصفرة فتقول لا تعجلن
حتى ترين القصة البيضاء انتهى
275

حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى بن عبد الأعلى
عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنا
في حجرها مع بنات ابنها فكانت إحدانا تطهر ثم تصلى ثم تنكسر بالصفرة اليسيرة
فتسألها فتقول اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك حتى لا ترين الا البياض خالصا
انتهى حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن ربطة مولاة عمرة عن عمرة
انها كانت تقول للنساء إذا أدخلت إحداكن الكرسفة فخرجت متغيرة فلا تصلي
حتى لا ترى شيئا انتهى
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت إحدانا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تفضي الصلاة قلت رواه
الأئمة الستة في كتبهم من حديث معاذة بنت عبد الله العدوية قالت سألت
عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت
أحرورية أنت قلت لست بحرورية ولكن اسال قالت كان يصيبنا ذلك
فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة انتهى وفي بعض ألفاظهم لعد كنا
نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من كرره في الصوم
الحديث الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم اني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب قلت
276

روى من حديث عائشة ومن حديث أم سلمة فحديث عائشة أخرجه أبو داود عن
أفلت عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة قالت جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت
أصحابه شارعة في المسجد فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد ثم دخل النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء ان ينزل فيهم رخصة فخرج إليهم فقال وجهوا هذه
البيوت عن المسجد فاني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب انتهى وهو
حديث حسن قال بن القطان في كتابه قال أبو محمد عبد الحق في حديث
جسرة هذا انه لا يثبت من قبل إسناده ولم يبين ضعفه ولست أقول إنه حديث
صحيح وإنما أقول أنه حسن فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد ثنا أفلت بن خليفة
حدثتني جسرة بنت دجاجة عن عائشة و عبد الواحد ثقة لم يذكر بقادح وعبد الحق
احتد به في غير موضع من كتابه وافلت ويقال فليت بن خليفة العامري قال
بن حنبل ما أرى به بأسا وقال فيه أبو حاتم شيخ واما جسرة بنت دجاجة فقال
فيها الكوفي تابعية وقول البخاري في تاريخه الكبير عندها عجائب لا يكفي في
إسقاط ما روت روى عنها أفلت وقدامة بن عبد الله بن عبدة العامري انتهى
كلامه وذكر بن حبان جسرة في كتاب الثقات وقال روى عنها أفلت أبو
حسان وقدامة العامري انتهى وقال الخطابي وقد ضعفوا هذا الحديث
وقالوا ان أفلت رواية مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه قال المنذري في مختصرة
وفيما قاله نظر فإنه أفلت بن خليفة ويقال فليت العامري ويقال الذهلي كنيته أبو
حسان حديثه في الكوفيين روى عنه سفيان الثوري و عبد الواحد بن زياد وقال
أحمد بن حنبل ما أرى به بأسا وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال شيخ وحكى
البخاري انه سمع من جسرة بنت دجاجة قال وعند جسرة عجائب انتهى قال
الشيخ تقي الدين في الامام رأيت في كتاب الوهم والايهام لابن القطان المقروء
عليه دجاجة بكسر الدال وعليها صح وكتب الناسخ في الحاشية بكسر
الدال بخلاف واحدة الدجاج انتهى كلامه
واما حديث أم سلمة فرواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
277

ومحمد بن يحيى قالا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن
محدوج الذهلي عن جسرة قالت أخبرتني أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته ان المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض
انتهى ورواه الطبراني في معجمه قال بن أبي حاتم في علله سمعت أبا
زرعة يذكر حديثا به عن أبي نعيم عن بن أبي غنية عن أبي الخطاب عن محدوج
الذهلي عن جسرة قالت أخبرتني أم سلمة فذكره فقال يقولون عن جسرة عن
أم سلمة والصحيح عن جسرة عن عائشة انتهى كلامه
الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن قلت
روى من حديث بن عمر ومن حديث جابر
اما حديث بن عمر فأخرجه الترمذي وابن ماجة عن إسماعيل بن عياش عن
موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض
ولا الجنب شيئا من القرآن انتهى قال الترمذي لا نعلمه يروي عن بن عمر الا
من هذا الوجه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال قال البخاري فيما
بلغني عنه إنما روى هذا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ولا اعرفه من حديث
غيرة وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق ثم قال وقد روى
عن غيره عن موسى بن عقبة وليس بصحيح انتهى وقال في المعرفة هذا
حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها
قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ وقد روى هذا عن غيره
وهو ضعيف انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سمعت أبي وذكر حديث
إسماعيل بن عياش هذا فقال خطأ إنما هو من قول بن عمر انتهى وقال بن
عدي في الكامل هذا الحديث بهذا السند لا يرويه غير إسماعيل بن عياش
278

وضعفه أحمد والبخاري وغيرهما وصوب أبو حاتم وقفه علي بن عمر انتهى
وله طريقان آخران عند الدارقطني أحدهما عن المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن
عقبة به والثاني عن محمد بن إسماعيل الحساني عن رجل عن أبي معشر عن موسى
بن عقبة به وهذا مع أن فيه رجلا مجهولا فأبو معشر رجل مستضعف الا انه يتابع
عليه
واما حديث جابر فرواه الدارقطني في سننه في آخر الصلاة من حديث
محمد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر مرفوعا نحوه ورواه بن عدي في
الكامل وأعله بمحمد بن الفضل واغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي
وأحمد وابن معين ووافقهم حديث يمكن ان يستدل به الطحاوي في إباحة ما دون
الآية للجنب ورواه أحمد في مسنده حدثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن
السمط عن أبي العزيف الهمداني قال أتى على بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثا
وغسل وجهه ثلاثا وغسل يديه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل
رجليه ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال
هذا لمن ليس بجنب فاما الجنب فلا، ولا آية انتهى ولكن الدارقطني رواه
في سننه موقوفا بغير هذا اللفظ فأخرجه عن عامر بن السمط ثنا أبو العزيف
الهمداني قال كنا مع علي رضي الله عنه في الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة
فوالله ما أدري أبولا أحدث أم غائطا ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ثم
قبضهما إليه ثم قرأ صدرا من القرآن ثم قال اقرؤوا القرآن ما لم يصب أحدكم
جنابة فان اصابه فلا ولا حرفا واحدا انتهى قال الدارقطني هو صحيح عن علي
انتهى
حديث آخر في منع القراءة للجنب رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث
279

عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه
أو لا يحجزه عن القرآن شئ ليس الجنابة انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
وصححه قال ولم يحتجا بعبد الله بن سلمة ومدار الحديث عليه انتهى قال
النووي في الخلاصة قال الشافعي أهل الحديث لا يثبتونه قال البيهقي لان
مداره على عبد الله بن سلمة بكسر اللام وكان قد كبر وأنكر حديثه وعقله وإنما
روى هذا بعد كبره قاله شعبة انتهى كلامه
الحديث الخامس قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر قلت روى من
حديث عمرو بن حزم، ومن حديث بن عمر ومن حديث حكيم بن حزام ومن
حديث عثمان بن أبي العاص ومن حديث ثوبان
اما حديث عمرو بن حزم فرواه النسائي في سننه في كتاب الديات وأبو
داود في المراسيل من حديث محمد بن بكار بن بلال عن يحيى بن حمزة عن
سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده
ان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض
والديات ان لا يمس القرآن الا طاهر انتهى وروياه أيضا من حديث الحكم بن موسى
عن يحيى بن حمزة ثنا سليمان بن داود الخولاني حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد
280

بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده بنحوه قال أبو داود وهم فيه الحكم بن موسى
يعني في قوله سليمان بن داود وإنما هو سليمان بن أرقم وقال النسائي الأول
أشبه بالصواب وسليمان بن أرقم متروك انتهى وبالسند الثاني رواه بن حبان في
صحيحه في النوع السابع والثلاثين من القسم الخامس وقال سليمان بن داود
الخولاني من أهل دمشق ثقة مأمون انتهى وكذلك الحاكم في المستدرك وقال
هو من قواعد الاسلام وإسناده من شرط هذا الكتاب انتهى أخرجه بطوله
ورواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي في سننهما وأحمد في
مسنده وابن راهويه
طريق آخر رواه الدارقطني في غرائب مالك من حديث أبي ثور هاشم بن
ناجية عن مبشر بن إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده قال
كان فيما اخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يمس القرآن الا طاهر قال الدارقطني تفرد
به أبو ثور عن مبشر عن مالك فأسنده عن جده ثم رواه من حديث إسحاق الطباع
أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال
كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يمس القرآن الا طاهر قال وهذا
الصواب عن مالك ليس فيه عن جده انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام
وقوله فيه عن جده يحتمل ان يراد به جده الأدنى وهو محمد بن عمرو بن حزم
ويحتمل ان يراد به جده الاعلى وهو عمرو بن حزم وإنما يكون متصلا إذا أريد
الاعلى لكن قوله كان فيما اخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضى انه عمرو بن حزم لأنه
الذي كتب له الكتاب
طريق آخر أخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق عبد الرزاق عن معمر عن
عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في
عهده ولا يمس القرآن الا طاهر انتهى قلت لم أجده عند عبد الرزاق في
مصنفه وفي تفسيره الا مرسلا فرواه في مصنفه في باب الحيض
أخبرنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الحديث
ورواه في تفسيره في سورة الواقعة أخبرنا معمر عن عبد الله ومحمد ابني أبي
281

بكر بن عمرو بن حزم عن أبيهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابا فيه ولا يمس القرآن الا
طاهر انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما هكذا
مرسلا قال الدارقطني هذا مرسل ورواته ثقات انتهى
طريق آخر رواه البيهقي في الخلافيات أيضا من حديث إسماعيل بن أبي
أويس حدثني أبي عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر يخبرانه عن أبيهما عن جدهما عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن وأبو أويس
صدوق اخرج له مسلم في المتابعات وقد روى هذا الحديث من طرق أخرى
مرسلة وسيأتي في الزكاة وفي الديات بعض ذلك إن شاء الله تعالى قال
السهيلي في الروض الأنف حديث لا يمس القرآن الا طاهر مرسل لا يقوم به
الحجة وقد أسنده الدارقطني من طرق أقواها رواية أبي داود الطيالسي عن الزهري عن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده انتهى
واما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي من
جهته في سننهما من حديث بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري قال
سمعت سالما يحدث عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر
انتهى وسليمان بن موسى الأشدق مختلف فيه فوثقه بعضهم وقال البخاري
عنده مناكير وقال النسائي ليس بالقوي
واما حديث حكيم بن حزام فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب
الفضائل من حديث سويد بن أبي حاتم ثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال عن
حكيم بن حزام قال لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال لا تمس القرآن الا وأنت
طاهر انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه الطبراني
282

والدارقطني ثم البيهقي في سننهما
واما حديث عثمان بن أبي العاص فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد
بن عمرو الخلال المكي ثنا يعقوب بن حميد ثنا هشام بن سليمان عن إسماعيل بن
رافع عن محمد بن سعيد عن عبد الملك عن المغيرة بن شعبة عن عثمان بن أبي العاص
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمس القرآن الا طاهر انتهى
واما حديث ثوبان فلم أجده موصولا ولكن قال بن القطان في كتابه الوهم
والايهام وروى علي بن عبد العزيز في منتخبه حدثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا
مسعدة البصري عن خصيب بن حجدر عن النضر بن شفي عن أبي أسماء الرحبي عن
ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر والعمرة هي الحج
الأصغر انتهى قال بن القطان وإسناده في غاية الضعف اما النضر بن شفي فلم
أجد له ذكرا في شئ من مظانه فهو مجهول جدا واما الخصيب بن جحدر فقد
رماه بن معين بالكذب واما مسعدة البصري فهو بن اليسع تركه أحمد بن
حنبل وحرق حديثه ووصفه أبو حاتم بالكذب واما إسحاق بن إسماعيل فهو بن عبد الأعلى
يروي عن بن عيينة وجرير وغيرهما وهو شيخ لأبي داود وأبو داود
إنما يروي عن ثقة عنده انتهى كلامه
وفي الباب اثران جيدان أحدهما أخرجه الدارقطني عن إسحاق الأزرق ثنا
القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال خرج عمر متقلدا بالسيف فقيل له
ان ختنك وأختك قد صبوا فأتاهما عمر وعندهما رجل من المهاجرين يقال له
خباب وكانوا يقرءون طه فقال اعطوني الذي عندكم فاقرأه وكان عمر
يقرأ الكتب فقالت له أخته انك رجس ولا يمسه الا المطهرون فقم واغتسل أو
توضأ فقام عمر فتوضأ ثم اخذ الكتاب فقرأ طه انتهى ورواه أبو يعلى
الموصلي في مسنده مطولا قال الدارقطني تفرد به القاسم بن عثمان وليس
283

بالقوي وقال البخاري له أحاديث لا يتابع عليها
الثاني أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا مع سلمان
فخرج فقضى حاجته ثم جاء فقلت يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا نسألك عن
آيات قال إني لست أمسه انه لا يمسه الا المطهرون فقرأ علينا ما شئنا انتهى
وصححه الدارقطني
قوله روى عن إبراهيم النخعي أنه قال أقل الطهر خمسة عشر يوما قلت
غريب جدا
الحديث السادس قال النبي صلى الله عليه وسلم توضئي وصلي وان قطر الدم على الحصير
قلت رواه بن ماجة في سننه من حديث وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي
ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إذا امرأة استحاض فلا أطهر فادع الصلاة قال لا
إنما ذلك عرق وليس بالحيضة اجتنبي الصلاة أيام محيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل
284

صلاة وان قطر الدم على الحصير انتهى ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه هذا
الحديث لأبي داود مقلدا لغيره في ذلك وأبو داود وإن كان أخرجه لكن لم يقل
فيه وان قطر الدم على الحصير فليس هو حديث الكتاب والذي أوقعه في ذلك
أن أصحاب الأطراف عزوه لأبي داود وابن ماجة ومثل هذا لا ينكر
على أصحاب الأطراف ولاغيرهم من أهل الحديث لان وظيفة المحدث ان يبحث عن
أصل الحديث فينظر من خرجه ولا يضره تغير بعض ألفاظه ولا الزيادة فيه أو النقص
285

واما الفقيه فلا يليق به ذلك لأنه يقصد ان يستدل على حكم مسألة ولا يتم له هذا
الا بمطابقة الحديث لمقصود والله أعلم
واعلم أن أبا داود لم ينسب عروة في هذا الحديث كما نسبه بن ماجة وأصحاب
الأطراف لم يذكروه في ترجمة عروة بن الزبير وإنما ذكروه في ترجمة عروة
المزني معتمدين في ذلك على قول بن المديني ان حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من
عروة بن الزبير ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة والبزار في
مسانيدهم ولم ينسبوا عروة ولكن بن راهويه والبزار أخرجاه في ترجمة عروة
بن الزبير عن عائشة وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الاسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
تصلي المستحاضة وإن قطر الدم الحصير انتهى ورواه الدارقطني في سننه
وقال في بعض ألفاظه وضعف الحديث فقال زعم سفيان الثوري ان
حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ثم نقل عن أبي داود السجستاني انه
ضعفه بأشياء منها ان حفص بن غياث رواه عن الأعمش فوقفه على عائشة وأنكر ان
يكون مرفوعا ووقفه أيضا أسباط بن محمد عن الأعمش على عائشة وبان الأعمش
أيضا رواه مرفوعا أوله وأنكر ان يكون فيه الوضوء عند كل صلاة وبان الزهري
رواه عن عروة عن عائشة وقال فيه فكانت تغتسل لكل صلاة انتهى وقال
صاحب التنقيح رواه الإسماعيلي ورجاله رجال الصحيح انتهى وقال
الترمذي في كتاب الحج من جامعه في باب ما جاء في عمرة رجب سمعت
مخمد بن إسماعيل يقول حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير انتهى
وقال النسائي في سننه في باب ترك الوضوء من القبلة قال يحيى القطان
روى حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة حديثين كلاهما لا شئ أحدهما ان
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ والآخر حديث تصلى وان
قطر الدم على الحصير انتهى وهذا الكلام بحروفه نقله الدارقطني بإسناده عن بن
معين وقال البيهقي في كتاب المعرفة حديث حبيب بن أبي ثابت هذا ضعيف
ضعفه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني ويحيى بن معين وقال سفيان
الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئا ورواه حفص بن غياث
عن الأعمش فوقفه على عائشة وأنكر ان يكون مرفوعا ووقفه أيضا أسباط عن
الأعمش ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطاة عن أم كلثوم عن عائشة عن النبي
صلى الله عليه وسلم وهو أيضا ضعيف لا يصح ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن
286

أبي خالد عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة مرفوعا قال الدارقطني
تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف والذي عند الناس عن إسماعيل
بهذا الاسناد موقوف انتهى كلامه
ومن أحاديث الباب ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عكرمة عن
عائشة قالت اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه فكانت ترى الحمرة والصفرة
فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلى انتهى
الحديث السابع قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها قلت
روى من حديث جد عدي بن ثابت ومن حديث عائشة ومن حديث أم سلمة ومن
حديث سودة بنت زمعة اما الأول فرواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث
شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في
المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلى انتهى قال الترمذي
هذا حديث تفرد به شريك عن أبي اليقطان قال وسالت محمدا يعني البخاري
عن هذا الحديث فقلت له عدي بن ثابت عن أبيه عن جده جد عدي ما اسمه
فلم يعرفه وذكرت له قول يحيى بن معين ان اسمه دينار فلم يعبأ به انتهى وقال
أبو داود حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح ورواه أبو اليقظان عن عدي بن
ثابت عن أبيه عن علي انتهى كلامه وقال البيهقي في المعرفة قال يحيى بن
معين جد عدي اسمه دينار وقال المنذري في مختصره وقد قيل إنه جده أبو
أمه عبد الله بن يزيد الخطمي قال الدارقطني ولا يصح من هذا كله شئ انتهى
وكلام الأئمة يدل على أنه يعرف ما اسمه وشريك هو بن عبد الله النخعي
قاضي الكوفة تكلم فيه غير واحد وأبو اليقظان هو عثمان بن عمير الكوفي ولا
يحتج بحديثه
واما حديث عائشة فرواه الطبراني في معجمه الصغير من حديث يزيد بن
287

هارون أنبأ أيوب أبو العلاء عن عبد الله بن شبرمة القاضي عن قمير امرأة مسروق
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل
مرة ثم تتوضأ إلى مثل أيام أقرائها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه من
حديث أبي عوانة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة سئل رسول الله صلى الله عيه وسلم عن
المستحاضة فقال تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ عند
كل صلاة انتهى
واما حديث أم سلمة فرواه الدارقطني في سننه من حديث معلى بن أسد ثنا
وهيب ثنا أيوب عن سليمان بن يسار ان فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت فأمرت أم
سلمة ان تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتستذفر
بثوب وتصلي انتهى قال الدارقطني ورواته كلهم ثقات ورواه بن أبي شيبة
في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار ان امرأته
أتت أم سلمة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها عن المستحاضة فقال عليه السلام تدع
الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتستثفر بثوب وتتوضأ لكل صلاة وتصلي إلى مثل
ذلك انتهى وهذه المرأة هي فاطمة بنت أبي حبيش يفسره رواية الدارقطني
المذكورة
واما حديث سودة فرواه الطبراني في معجمه الأوسط حدثنا مورع بن
عبد الله أبو ذهل المصيصي ثنا الحسن بن عيسى الحربي ثنا حفص بن غياث عن العلاء بن
المسيب عن الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر عن سودة بنت زمعة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تجلس فيها ثم تغتسل غسلا
واحدا ثم تتوضأ لكل صلاة انتهى
288

الحديث الثامن قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تتوضأ لكل صلاة قلت رواه
بن ماجة من حديث شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة
وتصوم وتصلى انتهى ورواه أبو داود ولفظه والوضوء عند كل صلاة
ورواه الترمذي ولفظه وتتوضأ عند كل صلاة وقد تقدم الكلام على هذا الحديث
في الذي قبله ولكن له شواهد منها حديث أخرجه أبو داود وابن ماجة عن وكيع
عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة زاد بن ماجة بن الزبير عن عائشة
قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر خبرها وقال ثم اغتسلي
289

ثم توضئي لكل صلاة وصلي انتهى بلفظ أبي داود وزاد بن ماجة فيه وان قطر
الدم على الحصير وقد تقدم في موضعه والكلام عليه
وله طريق آخر رواه بن حبان في صحيحه من حديث محمد بن علي بن
الحسن بن شقيق سمعت أبي يقول ثنا أبو حمزة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
ان فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني أستحاض الشهر
والشهرين فقال ليس ذاك بحيض ولكنه عرق فإذا اقبل الحيض فدعى الصلاة
عدد أيامك التي كنت تحيضين فإذا أدبرت فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة انتهى
وهذه اللفظة أعني قوله وتوضئي لكل صلاة هي معلقة عند البخاري عن عروة في
290

صحيحه روى في الطهارة في باب غسل الدم من حديث أبي معاوية محمد
بن حازم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش
فقالت يا رسول الله اني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة قال لا إنما ذلك
عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك
الدم وصلي قال وقال أبي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت
انتهى وأخرجها الترمذي عن أبي معاوية متصلا فإنه اخرج الحديث من رواية وكيع
وعبدة وأبي معاوية ثلاثتهم عن هشام به وفي آخره قال أبو معاوية في حديثه
وقال توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت انتهى وقال حديث حسن
صحيح انتهى قد جعل بن القطان في كتابه مثل هذا تعليقا فقال في باب
الاستسقاء قال البخاري حدثنا
حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده قال قرئ على بشر بن
الوليد البيكندي وان حاضر قيل له حدثكم أبو يوسف القاضي عن عبد الله بن علي
أبي أيوب الإفريقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر
المستحاضة بالوضوء لكل صلاة انتهى ومن طريق أبي يعلى الموصلي رواه البيهقي في
المعرفة قال البيهقي وأبو يوسف القاضي ثقة إذا كان يروي عن ثقة الا ان
الإفريقي لم يحتج به صاحبا الصحيح وابن عقيل مختلف في الاحتجاج به انتهى
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا حجاج
عن نافع عن سليمان بن يسار ان امرأته أتت أم سلمة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المستحاضة فقال عليه السلام تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتستثفر بثوب
وتتوضأ لكل صلاة وتصلي إلى مثل ذلك انتهى وقد تقدم في الحديث الذي قبله
291

الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة قلت غريب
جدا قال الطحاوي في شرح الآثار ومذهبنا قوي من جهة النظر وذلك انا
عهدنا الاحداث اما خروج خارج أو خروج وقت فخروج الخارج معروف
وخروج الوقت حدث في المسح على الخفين فرجعنا في هذا الحدث المختلف فيه
فجعلناه كالحدث الذي أجمع عليه ووجد له أصل ولم نجعله كما لم يجمع عليه
ولم نجد له أصلا لأنا لم نعهد الفراغ من الصلاة حدثا قط انتهى
فصل في النفاس
الحديث التاسع روت أم سلمة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين
292

يوما قلت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث كثير بن زياد أبي سهل
قال حدثتني مسة الأزدية عن أم سلمة قالت كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد
في النفاس أربعين يوما أو أربعين ليلة وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف انتهى
زاد أبو داود في لفظ لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس انتهى قال الترمذي
قال البخاري أبو سهل ثقة لم يعرف هذا الحديث الا من حديثه انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك بزيادة أبي داود وقال حديث صحيح الاسناد ولم
يخرجاه انتهى ووراه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وأخرجه الدارقطني
أيضا عن الحكم بن عتيبة عن مسة به وقال بن تيمية في المنتقى معنى الحديث
أي كانت النفساء تؤمر ان تقعد أربعين يوما قال إذا لا يمكن ان يتفق عادة نساء عصر
في نفاس ولا حيض انتهى وقال عبد الحق في احكامه أحاديث هذا الباب
معلولة وأحسنها حديث مسة الأزدية انتهى قال بن القطان في كتابه
293

وحديث مسة أيضا معلول فان مسة المذكورة وتكنى أم بسة لا يعرف حالها
ولا عينها ولا يعرف في غير هذا الحديث وأيضا فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن منهن
نفساء معه الا خديجة ونكاحها كان قبل الهجرة فلا معنى لقولها قدر كانت المرأة
إلى آخره الا ان تريد بنسائه غير أزواجه من بنات وقريبات وسرية عارية والله أعلم
انتهى كلامه وأعله بن حبان في كتاب الضعفاء بكثير بن زياد وقال إنه
يروي الأشياء المقلوبات فاستحق مجانبة ما انفرد به من الروايات انتهى
أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا عبد الله بن سعيد ثنا المحاربي
عن سلام بن سليم الطويل عن حميد عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين
يوما الا ان ترى الطهر قبل ذلك انتهى ورواه الدارقطني في سننه ثم قال
لم يروه عند حميد غير سلام هذا وهو ضعيف انتهى وقال صاحب التنقيح
لم يخرج بن ماجة في كتابه لسلام غير هذا الحديث انتهى
حديث آخر رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي بلال الأشعري ثنا أبو
شهاب عن هشام بن حسان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال وقت رسول
الله صلى الله عليه وسلم للنساء في نفاسهن أربعين يوما انتهى قال الحاكم ان سلم هذا الاسناد من
أبي بلال فإنه مرسل صحيح لان الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص
انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال أبو بلال الأشعري ضعيف
انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك أيضا عن عمرو بن الحصين ثنا
محمد بن عبد الله بن علاثة عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن
عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظر النفساء أربعين ليلة فان رأت الطهر قبل ذلك
294

فهي طاهر وان جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فان غلبها الدم
توضأت لكل صلاة انتهى قا الحاكم وعمرو بن الحصين ومحمد بن علاثة
ليسا من شرط الشيخين وإنما ذكرته شاهدا انتهى ورواه الدارقطني في سننه
وقال عمرو بن الحضين وابن علاثة متروكان ضعيفان انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بلال الأشعري ثنا حبان عن عطاء عن
عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنساء في نفاسهن أربعين
يوما انتهى وتقدم تضعيفه لأبي بلال ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من
حديث حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت وقت رسول
الله صلى الله عليه وسلم للنفساء أربعين يوما الا ان ترى الطهر فتغتسل وتصلي ولا يقربها زوجها في
الأربعين انتهى ثم قال حديث لا يصح وحسين بن علوان كان يضع الحديث
انتهى وعطاء هذا هو عطاء بن عجلان هكذا نسبه الطبراني في جمعه أحاديث
من اسمه عطاء وهو جزء حديثي قال الطبراني لا يعلم هذا الحديث يروي بهذا
الاسناد الا من جهة عطاء بن عجلان وهو كوفي ضعيف تفرد في روايته بأشياء
منها هذا الحديث ولم يروه عن بن أبي مليكة أحد غيره انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن خليد ثنا عبيد
بن جناد ثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر عن الأشعث بسوار عن أبي الزبير عن
جابر قال وقت للنفساء أربعين يوما انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن العلاء بن كثير الدمشقي عن
مكحول عن أبي داود وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظر النفساء أربعين
يوما الا ان ترى الطهر قبل ذلك فان بلغت أربعين يوما ولم تر الطهر فلتغتسل وهي
295

بمنزلة المستحاضة انتهى وضعف العلاء بن كثير عن البخاري والنسائي وابن
المديني وابن عين ووافقهم وقد أشار بن الجوزي في التحقيق إلى هذا
الحديث فقال وقد روى أصحابنا عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مضى
أربعون فهي مستحاضة تغتسل وتصلي ثم قال وهذا الحديث لا اعرفه وأقره
صاحب التنقيح على ذلك وسكت عنه وقد رواه بن عدي كما ذكرناه وتقدم
نحوه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا وان جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة
تغتسل وتصلي كما رواه الحاكم والدارقطني والله أعلم
باب الأنجاس
الحديث الأول قال النبي صلى الله عليه وسلم حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء قلت
296

غريب بهذا اللفظ وروى الأئمة الستة في كتبهم واللفظ لمسلم من حديث هشام
بن عروة عن امرأته فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع
به قال تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلى فيه انتهى وفي رواية
لأبي داود حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه وفي رواية له فان رأت فيه
دما فلتقرصه بشئ من ماء ولتنضح ما لم تر وتصلى فيه ورواه بن أبي شيبة
وفيه قال اقرصيه بالماء واغليه وصلي فيه ورواه الإمام أبو محمد عبد الله بن
علي بن الجارود في كتاب المنتقى حدثنا محمود بن آدم ثنا سفيان عن هشام بن
عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه
نجاسة فقال حتيه واقرصيه ورشيه بالماء انتهى والمصنف إنما استدل بهذا
الحديث على وجوب الطهارة من الثياب والبيهقي في سننه استدل به على أصحابنا
في وجو ب الطهارة بالماء دون غيره من المائعات وهو مفهوم لقب لا يقول به امامه
واستدل لنا على ذلك بحديث عمار إنما يغسل الثوب من خمس وسيأتي الكلام عليه
قريبا
الحديث الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان بهما أذى فليمسحهما بالأرض فان
297

الأرض لهما طهور قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث الخدري ومن
حديث عائشة
اما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود من طريقين أحدهما عن محمد بن كثير
الصنعاني عن الأوزاعي عن بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم
الثالث والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه انتهى قال النووي في الخلاصة رواه أبو داود بإسناد صحيح
انتهى وقال بن القطان في كتابه هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا يظن
بها الصحة فإنه رواه من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي به ومحمد بن
كثير الصنعاني الأصل المصيصي الدار أبو يوسف ضعيف واضعف ما هو عن
298

الأوزاعي قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال أبي هو منكر الحديث يروي أشياء
منكرة وقال صالح بن أحمد بن حنبل قال أبي هو عندي ليس ثقة انتهى
كلامه
الطريق الثاني عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال أنبئت ان سعيد
المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا وطئ أحدكم بنعله
الأذى فان التراب له طهور انتهى قال المنذري في مختصره الأول فيه محمد
بن عجلان وفيه مقال لم يحتجا به والثاني فيه مجهول انتهى
واما حديث الخدري فرواه أبو داود في الصلاة عن موسى بن إسماعيل عن
حماد بن زيد عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن الخدري قال بينما رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى القوم ذلك ألقوا
نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال ما حملكم على القائكم نعالكم
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان جبرائيل أتاني
فأخبرني ان فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فان رأى في
نعليه قذرا أو أذى فلمسحه وليصل فيهما ورواه بن حبان أيضا في
صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الأول الا انه لم يقل فيه وليصل
فيهما ورواه عبد بن حميد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في
مسانيدهم بنحو أبي داود
واما حديث عائشة فرواه أبو داود أيضا عن محمد بن الوليد أخبرني سعيد بن
أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه ولم يذكر لفظه
ورواه بن عدي في الكامل عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي مولى أم سلمة
عن سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه عن عائشة قالت سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
299

الرجل يطأ بنعليه في الأذى قال التراب لهما طهور انتهى وضعف عبد الله
هذا عن البخاري ومالك وأحمد وابن معين ووافقهم وقال الضعف على
حديثه بين ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني بسنده إلى
بن سمعان به وقال قال الدارقطني مدار الحديث علي بن سمعان وهو ضعيف
قال بن الجوز قال مالك هو كذاب وقال أحمد متروك الحديث انتهى كلامه
الحديث الثالث روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعائشة في المنى فاغسليه إن كان
رطبا وافركيه إن كان يابسا قلت غريب
وروى الدارقطني في سننه من حديث عبد الله بن الزبير ثنا بشر بن بكر ثنا
الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كنت أفرك المنى من ثوب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان يابسا واغسله إذا كان رطبا انتهى ورواه البزار في
مسنده وقال لا يعلم أسنده عن عائشة الا عبد الله بن الزبير هذا ورواه غيره عن
عمرة مرسلا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق والحنفية يحتجون على نجاسة
المني بحديث رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعائشة اغسليه إن كان رطبا وافركيه إن كان
يابسا قال وهذا حديث لا يعر ف وإنما روى نحوه من كلام عائشة ثم ذكر
حديث الدارقطني المذكور والله أعلم ومن الناس من حمل فرك الثوب على غير
الثوب الذي يصلي فيه وهذا ينقض بما وقع في مسلم كنت أفركه من ثوب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه وعند أبي داود ثم يصلي فيه والفاء ترفع احتمال غسله
بعد الفرك وحمله بعض المالكية على الفر ك بالماء وهذا ينتقض بما في مسلم أيضا
لقد رأيتني واني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يابسا بظفري والله أعلم
300

أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث عائشة انها كانت تغسل المني
من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخرج فيصلي وانا انظر إلى بقع الماء في ثوبه انتهى قال
البيهقي وهذا لا منافاة بينه وبين قولها كنت أفرك من ثوبه ثم يصلي فيه كما لا
منافاة بين غسله قدميه ومسحه على الخفين انتهى وقال بن الجوزي ليس في هذا
الحديث حجة لان غسله كان للاستقذار لا للنجاسة
حديث آخر إنما يغسل الثوب من خمس سيأتي قريبا
الآثار: روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان
عن خالد بن أبي عزة قال سأل رجل عمر بن الخطاب فقال إني احتلمت على
طنفسة فقال إن كان رطبا فاغسله وإن كان يابسا فاحككه وان خفي عليك
فارششه بالماء انتهى
أحاديث الخصوم روى أحمد في مسنده حدثنا معاذ بن معاذ أنبأ عكرمة بن
عمار عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت
المنى من ثوبه بعر الإذخر ثم يصلي فيه ويحته يابسا ثم يصلي فيه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن
إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك القاضي عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن
بن عباس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب قال إنما هو بمنزلة المخاط أو
البزاق وقال إنما يكفيك ان تمسحه بخرقة أو بإذخرة انتهى قال الدارقطني لم
يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك انتهى قال بن الجوزي في التحقيق
وإسحاق امام مخرج له في الصحيحين ورفعه زيادة وهي من الثقة مقبولة
ومن وقفه لم يحفظ انتهى ورواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا سفيان
عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما عن عطاء عن بن عباس موقوفا وقال هذا
هو الصحيح موقوفا وقد روى عن شريك عن بن أبي ليلى عن عطاء مرفوعا ولا
301

يثبت انتهى
الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما يغسل الثوب من خمس وذكر منها المني
قلت رواه الدارقطني في سننه من حديث ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن
سعيد بن المسيب عن عمار قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا أسقي راحلة لي في
ركوة إذ تنخمت فأصابت نخامتي ثوبي فأقبلت اغسلها فقال يا عمار ما
نخامتك ولا دموعك الا بمنزلة الماء الذي في ركوتك إنما يغسل الثوب من خمس
من البول والغائط والمني والدم والقئ انتهى قال الدارقطني لم يروه غير
ثابت بن حماد وهو ضعيف حدا انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال لا
اعلم روى هذا الحديث عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد وله أحاديث في أسانيدها
الثقات يخالف فيها وهي مناكير ومقلوبات انتهى قلت وجدت له متابعا عند
الطبراني رواه في معجمه الكبير من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد به
سندا ومتنا وبقية الاسناد حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا
إبراهيم بن زكريا العجلي ثنا حماد بن سلمة به
302

واعلم اني وجدت الحديث في نسختين صحيحتين من مسند البزار من رواية ثابت
بن حماد وليس فيه المني وإنما قال إنما يغسل الثوب من الغائط والبول والقئ
والدم انتهى قال البزار وثابت بن حماد كان ثقة ولا يعرف انه روى غير هذا
الحديث انتهى نقل البزار ذلك عن شيخ شيخه إبراهيم بن زكريا وقال البيهقي في
سننه الكبرى في باب التطهير بالماء دون المائعات واما حديث عمار بن ياسر ان
النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عمار ما نخامتك إلى آخره فهو باطل لا أصل له إنما رواه
ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن بن المسيب عن عمار وعلي بن زيد غير محتج به
وثابت بن حماد متهم بالوضع انتهى وكان البيهقي رحمه الله توهم ان تشبيه النخامة
في الحديث بالماء في الطهورية وليس كذلك إنما التشبيه في الطهارة أي النخامة
طاهرة لا يغسل الثوب منها وإنما يغسل من كذا وكذا ولفظ الحديث يدل عليه إذا
لا يلزم من تشبيه شئ بشئ استواؤهما من كل الوجوه فصح ان ما قاله غير طاهر
وعلي بن زيد روى له مسلم مقرونا بغيره وقال العجلي لا باس به وفي موضع آخر
قال: يكتب حديثه وروى له الحاكم في المستدرك وقال الترمذي صدوق
وثابت هذا قال شيخنا علاء الدين ما رأيت أحدا بعد الكشف التام جعله متهما
بالوضع غير البيهقي وقد ذكره في كتاب المعرفة في هذا الحديث ولم ينسبه إلى
الوضع وإنما حكى فيه قول الدارقطني وقول بن عدي المتقدمين والله أعلم
الحديث الخامس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال زكاة الأرض يبسها
303

قلت غريب وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي جعفر محمد بن
علي قال زكاة الأرض يبسها واخرج عن بن الحنفية وأبي قلابة قال
إذا جفت الأرض فقد زكت وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال جفوف الأرض طهورها انتهى
وقد يستدل الخصم بما أخرجه مسلم عن انس قال بينما نحن في المسجد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال عليه السلام لا تزرموه
فتركوه حتى بال ثم أمر رجلا فدعا بدلو من ماء فشنه عليه مختصر وورد فيه
الحفر من طريقين مسندين وطريقين مرسلين فالمسندان أحدهما عن سمعان بن
مالك عن أبي وائل عن عبد الله قال جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بمكانه فاحتفر وصب عليه دلوا من ما انتهى وذكر بن أبي حاتم في علله انه سمع
أبا زرعة يقول في هذا الحديث انه منكر ليس بالقوي انتهى أخرجه الدارقطني
في سننه الثاني أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الجبار بن العلاء عن بن عيينة
عن يحبى بن سعيد عن أنس ان أعرابيا بال في المسجد فقال عليه السلام احفروا
304

مكانه ثم صبوا عليه ذنوبا من ماء قال الدارقطني وهم عبد الجبار علي بن عيينة
لان أصحاب بن عيينة الحافظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد بدون الحفر وإنما
روى بن عيينة هذا عن عمرو بن دينار عن طاوس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احفروا مكانه
مرسلا انتهى واما المرسلان فأحدهما هذا الذي أشار إليه الدارقطني رواه عبد
الرزاق في مصنفه والثاني رواه أبو داود في سننه عن عبد الله بن معقل قال
صلى أعرابي فذكر القصة وفي آخره فقال عليه السلام خذوا ما بال عليه من
التراب فالقوه واهريقوا على مكانه ماءا قال أبو داود هذا مرسل فان بن معقل لم
يدرك النبي صلى الله عليه وسلم
حديث لأصحابنا في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم أخرجه الدارقطني في
سننه عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم وفي لفظ إذا كان في الثوب قدر
الدرهم من الدم غسل الثوب وأعيدت الصلاة انتهى قال البخاري حديث
باطل وروح هذا منكر الحديث وقال بن حبان هذا حديث موضوع لا شك فيه
لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اخترعه أهل الكوفة وكان روح بن غطيف يروي
الموضوعات عن الثقات وذكره بن الجوزي في الموضوعات وذكره أيضا من
حديث نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
مرفوعا نحوه واغلظ في نوح بن أبي مريم
قوله وإنما كان يعني بول ما يؤكل لحمه مخففا عند أبي حنيفة وأبي يوسف
305

لمكان الاختلاف في نجاسة أو لتعارض النصين يشير بتعارض النصين إلى حديث
استنزهوا من البول مع حديث العرنيين وقد مرا
وكذلك قوله وان اصابه بول الفرس لم يفسده حتى يفحش عند أبي حنيفة
306

لتعارض الآثار يشير إليهما أيضا
فصل في الاستنجاء
الحديث السادس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه واظب عليه يعني الاستنجاء
307

قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فاحمل انا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء
انتهى في لفظ آخر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل به انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن المغيرة بن أبي
زرعة عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتى الخلاء اتيته بماء في تور أ ركوة
فاستنجى ثم مسح يده على الأرض ثم اتيته بإناء آخر فتوضأ انتهى
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هناد بن السري ثنا أبو الأحوص
عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
من غائط قط الأمس ماءا انتهى وأخرجه أيضا عن جابر الجعفي عن زيد العمي
عن أبي الصديق الناجي عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل مقعدته ثلاثا قال بن
عمر فعلناه فوجدناه دواءا وطهورا انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد عن
قتادة عن معاذة عن عائشة قالت مروا أزواجكن ان يغسلوا اثر الغائط والبول فان
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وانا أستحيهم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد به قال البيهقي ورواه أبو قلابة وغيره
عن معاذة العدوية فلم يسنده إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقتادة حافظ ثم اخرج عن
الأوزاعي قال حدثني أبو عمار عن عائشة ان نسوة من أهل البصرة دخلن عليها
فأمرتهن ان يستنجين وقالت مرن أزواجكن بذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله
وقالت هو شفاء من الباسور انتهى ثم قال: قال الإمام أحمد هذا مرسل أبو
عمار شداد لا أراه أدرك عائشة انتهى والمصنف رحمه الله استدل بمواظبته عليه
السلام على الاستنجاء لمذهبنا انه سنة على عادته في ذلك واستدل لنا بن الجوزي في
308

التحقيق بحديث أبي هريرة المتقدم تعاد الصلاة من قدر الدرهم وقد تقدم
الكلام عليه ينبغي ان يكتب هنا
أحاديث في وجوب الاستنجاء استدل بن الجوزي في التحقيق للقائلين
بوجوب الاستنجاء بحديث بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان
وما يعذبان في كبير اما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله واما الآخر فكان يمشي
بالنميمة رواه البخاري ومسلم وبحديث رواه أبو داود والنسائي عن عروة عن
عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ذهب أحدكم لحاجته فليستطب بثلاثة
أحجار ورواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وسيأتي الكلام عليه
قريبا
الحديث السابع قال النبي صلى الله عليه وسلم وليستنج بثلاثة أحجار قلت رواه البيهقي
في سننه من حديث القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إنما انا لكم مثل الولد إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة
ولا يستدبرها بغائط ولا بول وليستنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة
وان يستنجي الرجل بيمينه انتهى ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان
في صحيحه وأحمد في مسنده كلهم بلفظ وكان بثلاثة أحجار
فلذلك عزوناه للبيهقي لأنه بلفظ الكتاب ومعنى الحديث في مسلم من حديث
سلمان قيل له قد علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال سلمان اجل
نهانا ان نستقبل القبلة بغائط أو بول أو ان نستنجي باليمين أو نستنجي بأقل من
ثلاثة أحجار أو نستنجي برجيع أو عظم انتهى
حديث آخر بلفظ الكتاب رواه الدارقطني في سنن حدثنا عبد الباقي بن
قانع ثنا أحمد بن الحسن المضري ثنا أبو عاصم ثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن
طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج
بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاثة حثيات من ترا ب قال زمعة فحدثت به بن
309

طاوس فقال أخبرني أبي عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا سواء
قال الدارقطني لم يسنده غير المضري وهو كذاب وغيره يرويه عن طاوس مرسلا
ليس فيه بن عباس وقد رواه بن عيينة عن سلمة عن طاوس قوله انتهى ومن
طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وذكر كلامه
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن حماد بن الجعد ثنا قتادة حدثني
خلاد الجهني عن أبيه السائب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أحدكم الخلاء فليستنج
بثلاثة أحجار انتهى وضعف حماد بن الجعد عن بن معين والنسائي ثم قال
وهو حسن الحديث ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى وروى أبو داود والنسائي
من حديث مسلم بن قرط عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ذهب
أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فإنها تجزئ عنه
انتهى ورواه الدارقطني بلفظ فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه وقال
إسناده صحيح انتهى وروى الطبراني في معجمه من حديث الهقل بن زياد
عن الأوزاعي عن عثمان بن أبي سورة عن أبي شعيب الحضرمي عن أبي أيوب
الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار
فان ذلك كافيه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام واستدل من جوز
الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار بما رواه البخاري فصحيحه حدثنا أبو نعيم ثنا زهير
عن أبي إسحاق قال ليس أبو عيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه
انه سمع عبد الله يقول اتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني ان آتيه بثلاثة أحجار فوجدت
حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين والقى
الروثة وقال هذا ركس ورواه الترمذي من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن
أبي عبيدة عن عبد الله واعترض عليه بثلاثة أشياء الأول ادعاء الانقطاع بين
310

أبي إسحاق و عبد الرحمن بن الأسود وان فيه تدليسا من أبي إسحاق ذكر
البيهقي في الخلافيات عن بن الشاذكوني قال ما سمعت بتدليس قط أعجب من
هذا ولا اخفى قال أبو عبيدة لم يحدثني ولكن عبد الرحمن عن فلان عن فلان
ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار الاعتراض الثاني الاختلاف في إسناده
قال بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول في حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي
عبيدة عن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بحجرين والقى الروثة فقال أبو زرعة
اختلفوا في إسناده فمنهم من يقول عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله ومنهم
من يقول عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله ومنهم من يقول
عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله والصحيح عندي حديث أبي عبيدة وكذلك
روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وإسرائيل احفظهم وقال الترمذي سألت عبد الله
بن عبد الرحمن أي الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح فلم يقض فيه بشئ
وسالت محمدا عن هذا فلم يقض فيه بشئ وكأنه رأى حديث زهير عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله أشبه فوضعه في كتابه الجامع
وأصح شئ في هذا عندي حديث إسرائيل لأنه أثبت واحفظ لحديث أبي إسحاق من
هؤلاء وتابعه على ذلك قيس بن الربيع الاعتراض الثالث روى الدارقطني ثم
البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن بن
مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته فأمر بن مسعود ان يأتيه بثلاثة أحجار فاتاه
بحجرين وروثة فألقى الروثة وقال إنها ركس ائتني بحجر انتهى قال
البيهقي تابعه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن أبي إسحاق قال الشيخ والجواب اما
الأول وهو التدليس فقد نبه البخاري على عدمه بعد ما اخرج هذا الحديث فقال
وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن هذا واعترضه
البيهقي في الخلافيات بان قال وذكر إبراهيم بن يوسف لسماع أبي إسحاق
لا يجعله متصلا ثم أسند من جهة عباس الدوري عن يحيى بن معين قال إبراهيم بن
يوسف بن أبي إسحاق ليس بشئ انتهى قال وذكر البخاري لرواية إبراهيم بن
311

يوسف لعضد رفع التدليس مما يقتضي انه عنده في حيز من ترجح به ويؤيد ذلك ا
ن بن أبي حاتم قال سمعت أبي يقول يكتب حديثه وهو حسن الحديث ووجه
آخر في رفع التدليس ما ذكره الإسماعيلي في صحيحه المستخرج على البخاري
بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن
عبد الله أن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع
لأبي إسحاق واما الوجه الثاني وهو الاختلاف وما قيل فيه من الترجيح لرواية أبي
عبيدة عن أبيه من قول أبي زرعة وأبي عيسى فلعل البخاري لم ير ذلك متعارضا
وجعلهما اسنادين أو أسانيد ومما يعارض كون الصحيح أبو عبيدة عن أبيه رواية
البخاري عن أبي إسحاق وقوله ليس أبو عبيدة ذكره وهذا نفي لروايته عن أبي
عبيدة عن أبيه صريحا واما الوجه الثالث وهو زيادة ائتني بحجر فان الدارقطني لم
يتعرض لها لما رواها ولا البيهقي وهي منقطعة فان أبا إسحاق لم يسمع من علقمة
شيئا بإقراره على نفسه وقد صرح البيهقي بذلك في موضع آخر من سننه
وسكت عنه هنا قال البيهقي في باب الدية أخماس ان أبا إسحاق عن علقمة
منقطع لأنه رآه ولم يسمع منه انتهى والحديث في البخاري وليس فيه هذه
الزيادة كما قدمناه والله أعلم انتهى كلام الشيخ تقي الدين ملخصا محررا وقال
بن الجوزي في التحقيق وحديث البخاري ليس فيه حجة لأنه يحتمل ان يكون
عليه السلام اخذ حجرا ثالثا مكان الروثة وبالاحتمال لا يتم الاستدلال انتهى
الحديث التاسع قال عليه السلام من استجمر فليوتر ومن فعل فحسن ومن
لا فلا حرج قلت رواه أبو داود وابن ماجة من حديث ثور بن يزيد عن حصين
الحميري عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استجمر
فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج مختصر ورواه أحمد في مسنده
والبيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه والحديث في الصحيحين
دون هذه الزيادة عن أبي هريرة مرفوعا من استجمر فليوتر وفي لفظ لمسلم
312

فليستجمر وترا قال البيهقي بعد أن رواه وهذا الحديث ان صح فإنما أراد وترا
بعد الثلاث ثم استدل على هذا التأويل بحديث أخرجه عن أبي هريرة مرفوعا إذا
استجمر أحدكم فليوتر فان الله وتر يحب الوتر اما ترى السماوات سبعا والأرضين
سبعا والطواف وذكر أشياء انتهى وهذا فيه نظر اما قوله ان صح فقد
ذكرنا ان بن حبان رواه في صحيحه واما تأويله بوتر يكون بعد ثلاث فدعوى
من غير دليل ولو صح ذلك يلزم منه ان يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا لامره عليه
السلام به على مقتضى هذا التأويل وعندهم لو حصل النقاء بالثلاث فالزيادة عليها
ليست مستحبة بل هي بدعة وان لم يحصل النقاء بالثلاث فالزيادة عليها واجبة لا
يجوز تركها ثم حديث اما ترى السماوات سبعا على تقدير صحته لا يدل على أن
المراد بالوتر ما يكون بعد الثلاث لأنه ذكر فردا من افراد الوتر إذ لو أريد بذلك
السبع بخصوصها للزم بذلك وجوب الاستنجاء بالسبع لأنها المأمور به في ذلك
الحديث والله أعلم
قوله نزلت في أقوام يتبعون الحجارة بالماء يعني قوله تعالى فيه رجال يحبون
ان يتطهروا قلت رواه البزار في مسنده حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا أحمد
313

بن محمد بن عبد العزيز قال وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله عن بن عباس قال نزلت هذه الآية في أهل قبا فيه رجال يحبون ان
يتطهروا والله يحب المتطهرين فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا نتبع الحجارة
الماء انتهى قال البزار هذا حديث لا نعلم أحدا رواه عن الزهري الا محمد بن
عبد العزيز ولا يعلم أحدا روى عنه الا ابنه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الإمام قال
بن أبي حاتم محمد بن عبد العزيز بن عمرو بن عبد الرحمن بن عوف روى عن
أبي زناد والزهري وهشام بن عروة وأبيه وروى عنه بكار بن عبد الله بن أخي
همام وسهل بن بكار وإبراهيم قال سألت أبي عنه فقال هم ثلاثة اخوة
محمد بن عبد العزيز و عبد الله بن عبد العزيز وعمر بن عبد العزيز وهم ضعفاء في
الحديث ليس لهم حديث مستقيم وليس لمحمد عن أبي الزناد والزهري وهشام بن
عروة حديث صحيح انتهى كلامه وذهل الشيخ محي الدين النووي عن هذا
الحديث فقال في الخلاصة التي له بعد أن ذكر حديث بن ماجة واما ما اشتهر في
كتب التفسير والفقه من جمعهم بين الأحجار والماء فباطل لا يعرف انتهى وحديث
بن ماجة أخرجه في سننه عن عتبة بن أبي حكيم عن طلحة بن نافع أخبرني أبو
أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك لما نزلت فيه رجال يحبون ان
يتطهروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار ان الله قد اثنى عليكم في الطهور
فما طهوركم قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء قال هو
ذاكم فعليكموه انتهى وسنده حسن وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال قال أبو
حاتم صالح الحديث وقال بن عدي أرجو انه لا باس به وضعفه النسائي وعن
بن معين فيه روايتان وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ورواه البيهقي
في سننه وبوب عليه باب الجمع في الاستنجاء بين المسح بالأحجار والغسل وهو
غير مطابق للتبويب وفي الباب اثر جيد أخرجه البيهقي في سننه عن زائدة عن
314

عبد الملك بن عمير عن علي بن أبي طالب قال إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا
وأنتم تثلطون ثلطا فاتبعوا الحجارة الماء انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا يحيى بن يعلى عن عبد الملك بن عمير به ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا
الثوري عن عبد الملك بن عمير به الحديث العاشر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاستنجاء بالعظم والروث قلت
فيه أحاديث فروى البخاري في بدء الخلق من حديث أبي هريرة قال له النبي
صلى الله عليه وسلم ابغني احجارا استنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة قلت ما بال العظام
والروثة قال هما من طعام الجن مختصر
حديث آخر روى الجماعة الا البخاري من حديث سلمان قال نهانا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ان نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي برجيع أو عظم وفي لفظ
ونهى عن الروث والعظام
حديث آخر روى مسلم من حديث علقمة عن بن مسعود حديث الوضوء
بالنبيذ وفيه وسألوه الزاد فقال لكم كل عطم ولكم كل بعرة علف لدوابكم
ثم قال لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم ورواه الترمذي ولفظه قال لا
تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنهما زاد إخوانكم من الجن انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان نتمسح بعظم أو بعر انتهى واقتصر شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره على حديث
عزاه للدارقطني عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستنجي بعظم أو روث
وهذا ذهول فاحش فإنه في الكتب الستة فالمقلد ذهل والمقلد جهل واستدل بن
الجوزي في التحقيق للشافعي ان الاستنجاء لا يصح بالعظام والروث ويوجب
إعادة الاستنجاء منهما بأحاديث النهي وليس فيها حجة إذ لا يلزم من النهي عدم
315

الصحة وأحسن ما استدل على ذلك حديث أخرجه الدارقطني في سننه عن
يعقوب بن كاسب عن سلمة بن رجاء عن الحسن بن الفرات عن أبيه عن أبي حازم عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يستنجى بعظم أو روث وقال إنهما لا يطهران
انتهى قال الدارقطني إسناده صحيح ورواه بن عدي في الكامل وأعله بسلمة
بن رجاء وقال إن أحاديثه افراد وغرائب وتحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها
انتهى حديث في النهي عن الاستنجاء بالجلد أخرجه الدارقطني في سننه عن موسى
بن أبي إسحاق الأنصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى ان يستطيب أحدكم بعظم أو روثة أو جلد انتهى قال
الدارقطني لا يصح ذكر الجلد انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته الجهل
بحال موسى بن أبي إسحاق قال وذكره بن أبي حاتم ولم يعرف من امره بشئ
فهو عنده مجهول وعبد الله بن عبد الرحمن أيضا مجهول قال وهو أيضا مرسل
لأنه عمن لم يسم ممن يذكر عن نفسه انه رأى أو سمع وان لم يشهد لأحدهم التابعي
الراوي عنه بالصحبة انتهى كلامه
الحديث الحادي عشر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاستنجاء باليمين قلت
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال
أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه وإذا اتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه وإذا شرب
فلا يشرب نفسا واحدا انتهى أخرجوه مطولا ومختصرا
وقد تقدم للجماعة الا البخاري عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نهى عن الاستنجاء
باليمين
316

كتاب الصلاة باب المواقيت
الحديث الأول روى في حديث امامة جبرائيل عليه السلام انه أم رسول الله صلى الله عليه وسلم
في اليوم الأول حين طلع الفجر وفي اليوم الثاني حين أسفر جدا وكادت الشمس
تطلع ثم قال في آخر الحديث ما بين هذين وقت لك ولامتك قلت حديث
امامة جبرائيل رواه جماعة من الصحابة منهم بن عباس وجابر بن عبد الله وابن
مسعود وأبو هريرة وعمرو بن حزم وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وابن عمر
اما حديث بن عباس فأخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن الحارث بن
عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف أخبرني نافع بن جبير
بن مطعم عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال امني جبرائيل عند البيت مرتين فصلى
الظهر في الأولى منهما حين كان الفئ مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل
شئ مثل ظله ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ثم صلى العشاء
حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم وصلى
المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شئ مثله لوقت العصر بالأمس ثم صلى العصر
حين كان ظل كل شئ مثليه ثم صلى المغرب لوقته الأول ثم صلى العشاء الآخرة
حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض ثم التفت إلى جبرائيل
فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين انتهى
قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
317

المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى و عبد الرحمن بن
الحارث هذا تكلم فيه أحمد وقال متروك الحديث هكذا حكاه بن الجوزي في
كتاب الضعفاء ولينه النسائي وابن معين وأبو حاتم الرازي ووثقه بن سعد وابن
حبان قال في الامام ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وقال بن عبد البر
في التمهيد وقد تكلم بعض الناس في حديث بن عباس هذا بكلام لا وجه له
ورواته كلهم مشهورون بالعلم وقد أخرجه عبد الرزاق عن الثوري وابن أبي سبرة
عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده وأخرجه أيضا عن العمري عن عمر بن نافع بن
جبير بن مطعم عن أبيه عن بن عباس نحوه قال الشيخ وكأنه اكتفى بشهرة العلم مع
عدم الجرح الثابت واكد هذه الرواية بمتابعة بن أبي سبرة عن عبد الرحمن ومتابعة
العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه وهي متابعة حسنة انتهى كلامه
واما حديث جابر فرواه الترمذي والنسائي واللفظ له من طريق بن المبارك عن
حسين بن علي بن الحسين حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال جاء
جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس فقال قم يا محمد فصل الظهر حين مالت
الشمس ثم مكث حتى إذا كان فئ الرجل مثله جاءه للعصر فقال قم يا محمد
فصل العصر ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال قم فصل المغرب فقام
فصلاها حين غابت الشمس سواء ثم مكث حتى إذا غاب الشفق جاءه فقال قم
فصل العشاء فقام فصلاها ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح فقال قم يا محمد
فصل الصبح ثم جاءه من الغد حين كان فئ الرجل مثله فقال قم يا محمد فصل
فصلى الظهر ثم جاءه حيكان فئ الرجل مثليه فقال قم يا محمد فصل فصلى
العصر ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال قم يا
محمد فصل فصلى المغرب ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول فقال قم
يا محمد فصل فصلى العشاء ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا فقال قم يا محمد
فصل فصلى الصبح ثم قال ما بين هذين وقت كله انتهى قال الترمذي قال
محمد يعني البخاري حديث جابر أصح شئ في المواقيت انتهى قال وفي الباب
318

عن أبي هريرة وبريدة وأبي موسى وأبي مسعود وأبي سعيد وجابر وعمرو بن
حزم والبراء وأنس انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه لعلة حديث الحسين بن
علي الأصغر انتهى حسين الأصغر هو أخو أبي جعفر وابن علي بن الحسين قال
النسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات ورواه أحمد وابن راهويه وقال بن
القطان في كتابه هذا الحديث يجب ان يكون مرسلا لان جابرا لم يذكر من حدثه
بذلك وجابر لم يشاهد ذلك صبيحة الاسراء لما علم أنه أنصاري إنما صحب بالمدينة
ولا يلزم ذلك في حديث أبي هريرة وابن عباس فإنهما رويا امامة جبرائيل من قول
النبي صلى الله عليه وسلم انتهى قال في الامام وهذا المرسل غير ضار فمن أبعد البعد ان
يكون جابر سمعه من تابعي عن صحابي وقد اشتهر ان مراسيل الصحابة مقبولة
وجهالة عينهم غير ضارة انتهى
واما حديث أبي مسعود فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا بشر بن
عمرو الزهراني حدثني سلمة بن بلال ثنا يحيى بن سعيد حدثني أبو بكر بن عمرو بن
حزم عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قم فصل
وذلك لدلوك الشمس حين مالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الطهر أربعا ثم أتاه حين
كان ظله مثله فقال قم فصل فقام فصلى العصر أربعا ثم أتاه حين غربت الشمس
فقال له قم فصل فقام فصلى المغرب ثلاثا ثم أتاه حين غاب الشفق فقال له قم
فصل فقام فصلى العشاء الآخرة أربعا ثم أتاه حين برق الفجر فقال له قم فصل
فقام فصلى الصبح ركعتين ثم أتاه من الغد حين كان طله مثله فقال له قم فصل
فقام فصلى الطهر أربعا ثم أتاه حين كان ظله مثليه فقال قم فصل العصر فقام
فصلى العصر أربعا ثم أتاه للوقت الأول حين غربت الشمس فقال قم
عصل المغرب فقام فصلى المغرب ثلاثا ثم أتاه بعد ما غاب الشفق واظلم فقال له قم
فصل فقام فصلى العشاء الآخرة أربعا ثم أتاه حين طلع الفجر واسفر فقال له قم
فصل الصبح فقام فصلى الصبح ركعتين ثم قال جبرائيل ما بين هذين وقت صلاة
قال يحيى فحدثني محمد بن عبد العزيز بن عمر ان جبرائيل قال للنبي صلى الله عليه وسلم هذه
319

صلواتك وصلوات الأنبياء قبلك انتهى ورواه البيهقي فكتاب المعرفة من
حديث أيوب بن عتبة ثنا أبو بكر بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير عن بن أبي
مسعود عن أبيه فذكر نحوه قال البيهقي فأيوب بن عتبة ليس بالقوي انتهى
ورواه البيهقي بالسند الأول في كتاب السنن وقال إنه منقطع لم يسمع أبو بكر من
بن مسعود إنما هو بلاغ بلغه انتهى وقد وصله في كتاب المعرفة ورواه الطبراني
في معجمه وينظر إسناده وفي الامام لم يسنده الا أيوب بن عتبة انتهى
واعلم أن حديث أبي مسعود في الصحيحين الا انه غير مفسر ولفظهما عن أبي
مسعود الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نزل جبرائيل فامني فصليت
معه ثم صليت معه ويحسب بأصابعه خمس صلاة ثم قال بهذا أمرت انتهى
وليس في الصحيحين غير ذلك والله أعلم أخرجاه من طريق مالك عن الزهري
عن عروة عن بشير بن أبي مسعود عن أبيه وأخرجه أبو داود عن أسامة بن زيد الليثي عن
الزهري فزاد فيه فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس وربما
اخرها حين يشتد الحر ورايته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء فينصرف الرجل
من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلي المغرب حين تسقط الشمس
ويصلي العشاء حين يسود الأفق وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى
فاسفر ثم كانت صلاته بعد ذلك بغلس حتى مات ثم لم يعد إلى أن يسفر انتهى
قال أبو داود ورواه مالك ومعمر وابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم لم
يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه عن مسنده عن أسامة به قال لم يسفر النبي صلى الله عليه وسلم بالفجر الا
مرة واحدة ثم ساقه وسيأتي في حديث الاسفار
320

واما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن نصر ثنا أبو
نعيم ثنا عمر بن عبد الرحمن بن أسيد عن محمد بن عمار بن سعد انه سمع أبا هريرة
يذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ان جبرائيل عليه السلام جاءه فصلى به الصلاة وقتين
وقتين الا المغرب جاءني فصلى بي الظهر حين كان الفئ مثل شراك نعلي ثم
جاءني فصلى بي العصر حين كان فئ مثلي ثم جاءني المغرب فصلى بي ساعة غابت
الشمس ثم جاءني العشاء فصلى بي ساعة غاب الشفق ثم جاءني الفجر فصلى بي
ساعة برق الفجر ثم جاءني من الغد فصلى بي الظهر حين كان الفئ مثلي ثم جاءني
العصر فصلى بي حين كان الفئ مثلين ثم جاءني المغرب فصلى بي ساعة غابت
الشمس لم يغيره عن وقته الأول ثم جاءني العشاء فصلى بي حين ذهب ثلث الليل
الأول ثم أسفر بي في الفجر حتى لا أرى في السماء نجما ثم قال ما بين هذين وقت
انتهى قال البزار ومحمد بن عمار بن سعد هذا لا نعلم روى عنه الا محمد بن
عبد الرحمن بن أسيد انتهى ورواه النسائي في سننه أخبرنا الحسين بن حريث أبو
عمار ثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبرائيل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم فصلى الصبح حين
طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله
ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب
شفق الليل ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا ثم صلبه الظهر حين كان
الظل مثله ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه ثم صلى المغرب بوقت واحد حين
غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل ثم
قال الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم انتهى ورواه كذلك الحاكم في
المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم
واما حديث عمرو بن حزم فرواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن
321

عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جد عمرو بن حزم قال
جاء جبرائيل فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس حين زالت الشمس الظهر ثم
صلى العصر حين كان ظله مثله ثم صلى الغرب حين غربت الشمس ثم صلى العشاء
بعد ذلك كأنه يريد ذهاب الشفق ثم صلى الفجر حين فجر الفجر بغلس ثم جاء
جبرائيل من الغد فصلى الظهر بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر حين كان ظله
مثله ثم صلى العصر حين صار ظله مثليه ثم صلى المغرب حين غربت الشمس لوقت
واحد ثم صلى العشاء بعد ما ذهب هوى من الليل ثم صلى الفجر فأسفر بها انتهى
وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده
واما حديث الخدري فرواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عيسى ثنا بن
لهيعة ثنا بكير بن الأشج عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الساعدي عن أبي سعيد
الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبرائيل فذكر الحديث أنه صلى به
الصلوات في يومين لوقتين وصلى المغرب حين غربت الشمس في وقت واحد وصلى
العشاء ثلث الليل ورواه الطحاوي في شرح الآثار
واما حديث أنس فرواه الدارقطني في سننه من حديث قتادة عن أنس ان
جبرائيل اتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حين زالت الشمس فأمره ان يؤذن للناس بالصلاة حين
فرضت عليهم فقام جبرائيل امام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
فصلى أربع ركعات لا يجهر فيها بقراءة يأتم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يأتم بجبرئيل ثم امهل حتى دخل وقت العصر فصلى بهم أربع ركعات لا يجهر فيها
بالقراءة يأتم المسلمون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبرئيل ثم امهل
حتى
وجبت الشمس فصلى بهم ثلاث ركعات يجهر في ركعتين بالقراءة ولا يجهر في
الثالثة ثم أمهله حتى إذا ذهب ثلث الليل صلى بهم أربع ركعات يجهر في الأوليين
بالقراءة ولا يجهر في الأخريين بها ثم امهل حتى إذا طلع الفجر صلى بهم ركعتين
322

يجهر فيهما بالقراءة انتهى قال الدارقطني ورواه سعيد عن قتادة مرسلا
انتهى قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام هذا حديث يرويه محمد بن
سعيد بن جدار عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس ومحمد بن سعيد هذا
مجهول والراوي عن محمد بن سعيد أبو حمزة إدريس بن يونس بن يناق الفراء
ولا يعرف للآخر حال انتهى كلامه وروى أبو داود في مراسيله عن الحسن في
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف جبرائيل وانه أسر في الظهر والعصر والثالثة من المغرب
والاخريين من العشاء نحو ذلك وذكرهما عبد الحق في احكامه وقال إن مرسل
الحسن أصح انتهى
واما حديث بن عمر فرواه الدارقطني أيضا من حديث حميد بن الربيع عن
محبوب بن الجهم بن واقد مولى حذيفة بن اليمان ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن
عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبرائيل حين طلع الفجر وذكر الحديث
وقال في وقت المغرب ثم اتى حين سقط القرص فقال قم فصل فصليت المغرب
ثلاث ركعات ثم أتاني من الغد حين سقط القرص فقال قم فصل فصلى المغرب
ثلاث ركعات ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بمحبوب بن الجهم
وقال إنه يروي عن عبيد الله بن عمر ما ليس من حديثه وليس هذا من حديث
عبيد الله بن عمر ولا من حديث نافع ولا من حديث بن عمر وهو صحيح بغير
هذا الاسناد انتهى وذكر الحديث بطوله انتهى وينظر لفظه فان بقية الأحاديث
صريحة في ابتدائه بالظهر وانه أول صلاة صلاها عليه السلام وفيه اشكال معروف
ويشهد للأكثر ما رواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث يس الزيات
عن أشعث عن الحسن عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا أول صلاة فرضت على النبي
صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر انتهى وسكت عنه وتقدم في حديث أنس قبله ان جبرائيل اتى
323

النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حين زالت الشمس فأمره ان يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم
فقام جبرائيل إلى آخره
الحديث الثاني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم اذان بلال ولا الفجر
المستطيل وإنما الفجر المستطير في الأفق قلت رواه مسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي كلهم في الصوم واللفظ للترمذي من حديث سوادة بن حنظلة عن سمرة
بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم اذان بلال ولا الفجر
المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق انتهى ولفظ مسلم فيه لا يغرنكم
من سحوركم اذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا وحكى
حماد بيديه قال يعني معترضا انتهى وبلفظ الترمذي رواه أحمد وابن راهويه
وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في
مصنفه
الحديث الثالث في حديث امامة جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر في
اليوم الأول حين زالت الشمس قلت تقدم في حديث بن عباس امني جبرائيل عند
البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس إلى أن قال وصلى بي الظهر في
المرة الثانية حين صار ظل كل شئ مثله الحديث أخرجه أبو داود والترمذي
وتقدم أيضا في حديث جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين مالت الشمس فقال قم
يا محمد فصل الظهر فقام فصلى الظهر إلى أن قال ثم جاءه من الغد حين كان فئ
الرجل مثله فقال قم يا محمد فصل فصلى الظهر أخرجه الترمذي والنسائي وابن
حبان والحاكم وصححه وفي حديث أبي مسعود أيضا نحوه وفي حديث عمرو
بن حزم قال جاء جبرائيل فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي بالناس حين زالت
الشمس الظهر الحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه وفي الباب لمسلم حديث
324

بريدة ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة فقال اشهد معنا الصلاة
فأمر بلالا فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر ثم امره بالظهر حين زالت
الشمس عن بطن السماء ثم امره بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره بالمغرب حين
وجبت الشمس ثم امره بالعشاء حين وقع الشفق ثم امره الغد فنور بالصبح ثم امره
بالظهر فأبرد ثم امره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة ثم امره بالمغرب
قبل ان يقع الشفق ثم امره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه فلما أصبح قال
أين السائل ما بين ما رأيت وقت انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا وقت صلاة
الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحر وقت العصر وسيأتي بتمامه
وحديث أبي هريرة مرفوعا إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول صلاة الظهر حين
تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر ورآه الترمذي وضعفه
وسيأتي في السابع ولمسلم أيضا في حديث أبي موسى ثم أمره فأقام بالظهر حين
زالت الشمس وسيأتي أيضا
الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم
قلت أخرجه البخاري في صحيحه من حديث الأعمش عن أبي صالح عن
الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم
انتهى وروى الأئمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم
ورواه الطبراني في معجمه من حديث عبد الرحمن بن حارثة وأبي موسى
325

وعمر بن عنبسة وصفوان والحجاج الباهلي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي ذر قال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهر
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد أبرد وقال إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد
الحر فأبردوا عن الصلاة قال أبو ذر حتى رأينا في التلول انتهى
الحديث الخامس قال النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب
الشمس فقد أدركها قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم واللفظ للبخاري
ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك من الصبح ركعة
قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب
الشمس فقد أدرك العصر انتهى وفى لفظ للبخاري إذا أدرك أحدكم سجدة من
من صلاة العصر قبل آن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح
قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته انتهى وأخرج مسلم عن عائشة نحوه سواء
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والتسعين من القسم الأول بعدة
ألفاظ فمنها من صلى من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس لم تفته الصلاة ومن
صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس لم تفته الصلاة وفي لفظ فقد أدرك
الصلاة كلها وفي لفظ وليتم ما بقي وفي لفظ من أدرك ركعة من الصلاة
فقد أدركها وأخرج النسائي عن معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عزرة بن
تميم عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم ركعة من صلاة الصبح
ثم طلعت الشمس فليصل إليها أخرى انتهى واخرج أيضا عن همام قال سئل
قتادة عن رجل صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس وقال حدثني
خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يتم صلاته انتهى
وفي هذه الألفاظ كلها رد على من يفسر حديث الصحيحين بالكافر إذا أسلم
326

فقد أدرك مقدار ركعة من الصلاة ومنهم من يفسره بالمأموم ويشهد له رواية
الدارقطني من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل ان يقيم الامام صلبه
انتهى وهذه الأحاديث أيضا مشكلة عن مذهبنا في القول ببطلان صلاة الصبح إذا
طلعت عليها الشمس والمصنف استدل به على أن آخر وقت العصر ما لم تغرب
الشمس
الحديث السادس روى أن جبرائيل عليه السلام أم النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب في
اليومين في وقت واحد قلت تقدم ذلك في حديث بن عباس وفي حديث أبي مسعود وفي حديث أبي
هريرة وفي حديث عمرو بن حزم وفي حديث الخدري
وفي حديث بن عمر
واعلم أنه لم يرد صلاة المغرب في امامة جبرائيل الا في وقت واحد ولكن
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلاها في وقتين فاخرج مسلم في صحيحه عن بريدة
ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة فقال اشهد معنا الصلاة فأمر بلالا فأذن
بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر هم امره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن
السماء ثم امره بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره بالمغرب حين وجبت الشمس ثم
امره بالعشاء حين وقع الشفق ثم امره من الغد فنور بالصبح ثم امره بالظهر فأبرد
ثم امره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة ثم امره بالمغرب قبيل ان يقع
الشفق ثم امره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه فلما أصبح قال أين
السائل ما بين ما رأيت وقت انتهى وروى نحوه من حديث أبي موسى وسيأتي
قال البيهقي في كتاب المعرفة والأشبه ان يكون قصة المسألة عن المواقيت بالمدينة
وقصة امامة جبرائيل عليه السلام بمكة والوقت الآخر لصلاة المغرب زيادة منه
ورخصة انتهى وحديث الكتاب استدل به المصنف للشافعي على أن وقت المغرب
327

قدر ثلاث ركعات قال بن الجوزي في التحقيق ولنا عن أحاديث امامة جبرائيل
انه أم به عليه السلام المغرب في اليومين وقتا واحدا ثلاثة أجوبة أحدها ان أحاديثنا
انه صلاها في وقتين أصح وأكثر رواة الثاني ان امامة جبرائيل كانت بمكة وفعل
النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة وإنما يؤخذ بالآخر من امره عليه السلام والثالث ان فعله عليه
السلام للمغرب في وقت واحد لا يدل على أنه لا وقت لها غيره بدليل ان العصر يصح
بعد اصفرار الشمس وهو وقت لها مع أنه عليه السلام لم يصلها مع جبرائيل في
الوقتين الا قبل الاصفرار ولم يدل ذلك على أنه لا وقت لها غيره ومبادرته عليه
السلام إلى المغرب في وقت واحد في اليومين إنما كان لأجل الفضيلة والله أعلم
انتهى كلامه
الحديث السابع قال عليه السلام أول وقت المغرب حين تغرب الشمس
وآخره حين يغيب الشفق قلت غريب وبمعناه ما رواه مسلم من حديث عبد الله
بن عمرو بن العاص قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات فقال وقت
صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس
عن بطن السماء ما لم تحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس
ويسقط قرنها الأول ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق
ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل انتهى وفي رواية ما لم يغب الشفق
انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للصلاة أولا وآخرا وان أول صلاة
الظهر حين تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر وان أول وقت العصر
حين يدخل وقتها وإلى آخر وقتها حين تصفر الشمس وان أول وقت المغرب حين تغرب
الشمس وان آخر وقتها حين يغيب الأفق وان أول وقت العشاء الآخرة حين
يغيب الأفق وان آخر وقتها حين ينتصف الليل وان أول وقت الفجر حين يطلع
الفجر وان آخر وقتها حين تطلع الشمس انتهى قال الترمذي قال محمد بن
328

إسماعيل حديث محمد بن فضيل هذا خطأ أخطأ فيه بن فضيل انتهى ورواه
الدارقطني وقال إنه لا يصح مسندا وهم فيه بن فضيل وغيره يرويه عن الأعمش
عن مجاهد مرسلا وهو أصح انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وابن فضيل
ثقة يجوز ان يكون الأعمش سمعه من مجاهد مرسلا وسمعه من أبي صالح مسندا
انتهى
وقال بن أبي حاتم في العلل سألت أبي عن حديث محمد بن فضيل هذا
فقال وهم فيه بن فضيل إنما يرويه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهد
قوله وقال بن القطان في كتاب ولا يبعد ان يكون عند الأعمش في هذا
طريقان إحداهما مرسلة والأخرى مرفوعة والذي رفعه صدوق من أهل العم
وثقه بن معين وهو محمد بن فضيل انتهى
تعالى أحاديث الباب مما يحتج به على الشافعي ما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن
عبد الله ان عمر جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش
فقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس ان تغرب فقال النبي
صلى الله عليه وسلم والله ما صليتها فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان فتوضأ وتوضأنا فصلى العصر
بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أنس بن مالك ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل ان تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن
عشائكم انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن بريدة قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن
مواقيت الصلاة فقال أقم معنا فأمر بلالا فأقام فصلى حين طلع الفجر ثم امره
فأقام حين زالت الشمس فصلى الظهر ثم امره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء
مرتفعة ثم امره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس ثم امره بالعشاء فأقام فصلى حين
غاب الشفق ثم امره من الغد فنور بالفجر ثم امره بالظهر وانعم ان يبرد ثم امره
بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها ثم امره فاخر المغرب إلى قبيل ان يغيب الشفق ثم
امره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل ثم قال أين السائل عن مواقيت
329

الصلاة قال الرجل انا فقال مواقيت الصلاة بين هذين انتهى وقد تقدم
في الحديث الثالث
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن أبي موسى ان سائلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن
مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا قال فأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر
والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا ثم امره فأقام بالطهر حين زالت الشمس
والقائل يقول قد انتصف النهار وهو كان اعلم منهم ثم امره فأقام بالعصر
والشمس مرتفعة ثم امره فأقام المغرب حين وقعت الشمس ثم امره فأقام العشاء
حين غاب الشفق ثم اخر الفجر من الغد حتى انصرف والقائل يقول قد طلعت
الشمس أو كاد ت ثم اخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس ثم اخر
العصر حتى انصرف منها والقائل يقول قد احمرت الشمس ثم اخر المغرب حتى
كان عند سقوط الشفق ثم اخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول ثم أصبح فدعا
السائل فقال الوقت بين هذين انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت
العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق
ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما
لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني
الشيطان انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن بن أبي
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد ان عبد الله بن عوف حدثه ان أبا جمعة
حبيب بن سباع حدثه ان النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال هل
علم أحد منكم اني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله ما صليتها فأمر
المؤذن فأقام فصلى العصر ثم أعاد المغرب انتهى وفيه ضعف بن لهيعة بما انفرد
به
الحديث الثامن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الشفق الحمرة قلت رواه
330

الدارقطني في سننه من حديث عتيق بن يعقوب حدثني مالك عن نافع عن بن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفق الحمرة انتهى وذكره كذلك في كتابه
غرائب مالك غير موصول الاسناد فقال قرأت في أصل أبي بكر أحمد بن عمرو بن
جابر الرملي بخط يده ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي
حدثني عتيق به وينظر السنن وقال حديث غريب ورواته كلهم ثقات انتهى
وأخرجه في سننه موقوفا علي بن عمر وعلى أبي هريرة وقال البيهقي في
المعرفة روى هذا الحديث عن عمر وعلي وابن عباس وعبادة بن الصامت
وشداد بن أوس وأبي هريرة ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شئ انتهى وقال الشيخ
تقي الدين في الامام وروى الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي أخبرنا زاهد
بن طاهر عن أبي بكر البيهقي أنبأنا عبد الله الحافظ أنبأنا
أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأنا عبد العزيز بن محمد ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي
حدثني عتيق بن يعقو ب بن صديق به سندا ومتنا قال البيهقي الصحيح موقوف
قال الحافظ أبو القاسم رواه موقوفا علي بن عمر عبيد الله بن عمر بن حفص العمري
و عبد الله بن نافع مولى بن عمر جميعا عن نافع عن بن عمر قال ورواه أبو القاسم
أيضا من حديث علي بن جندل ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا أبو حذافة ثنا مالك بن
أنس عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشفق الحمرة قال أبو القاسم
تفرد به علي بن جندل الوراق عن المحاملي عن أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي
وقد رواه عتيق بن يعقوب عن مالك وكلاهما غريب وحديث عتيق أمثل إسنادا
انتهى كلامه قوله في الكتاب وما رواه موقوف علي بن عمر ذكره مالك في
الموطأ انتهى والذي وجدته في موطأ مالك من رواية يحيى بن يحيى قال
مالك الشفق هو الحمرة التي تكون في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فقد وجبت صلاة
العشاء وخرجت من وقت المغرب انتهى ولم أجد فيه غير ذلك لا مرفوعا ولا
موقوفا وينظر من غير رواية يحيى
331

الحديث التاسع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آخر وقت المغرب إذا اسود
الأفق قلت غريب وروى أبو داود في سننه من حديث بشير بن أبي مسعود عن
أبي مسعود الأنصاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نزل جبرائيل فأخبرني بوقت الصلاة
فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه
يحسب بأصابعه خمس صلوا ت قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر حين تزول
الشمس وربما اخرها حين يشتد الحر ورايته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل
ان تدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس
ويصلي المغر ب حين يسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الأفق وربما اخرها
حتى يجتمع الناس وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر بها ثم
كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه وسيأتي في حديث الاسفار وصدر الحديث في الصحيحين
إلى قوله يحسب بأصابعه خمس صلوات وكذلك النسائي وابن ماجة ووهم
شيخنا علاء الدين في عزوه الحديث بتمامه لأبي داود والنسائي مقلدا لغيره في ذلك
والنسائي لم يخرج منه الا صدره كما بيناه
الحديث العاشر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وآخر وقت العشاء حين يطلع الفجر
قلت غريب أيضا وتكلم الطحاوي في شرح الآثار هاهنا كلاما حسنا
ملخصه أنه قال يظهر من مجموع الأحاديث ان آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر
وذلك أن بن عباس أبا موسى والخضري رووا ان النبي صلى الله عليه وسلم اخرها إلى ثلث الليل
وروى أبو هريرة وأنس انه واخرها حتى انتصف الليل وروى بن عمر انه اخرها حتى
ذهب ثلث الليل وروت عائشة انه اعتم بها حتى ذهب عامة الليل وكل هذه
332

الروايات في الصحيح قال فثبت بهذا ان الليل كله وقت لها ولكنه على أوقات
ثلاثة فاما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل فأفضل وقت صليت فيه
واما بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل ففي الفضل دون ذلك واما بعد تصف الليل
فدونه ثم ساق بسنده عن نافع بن جبير قال كتب عمر إلى أبي موسى وصل
العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها ولمسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط ان يؤخر صلاة حتى مدخل وقت
الأخرى فدل على بقاء الأولى إلى أن يدخل وقت الأخرى وهو طلوع الفجر
الثاني انتهى
الحديث الحادي عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر فصلوها ما بين العشاء
إلى طلوع الفجر قلت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث خارجة بن
حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله امركم بصلاة هي لكم خير
من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر انتهى
وسيأتي في الوتر إن شاء الله تعالى
فصل
الحديث الثاني عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر قلت
روى من حديث رافع بن خديج ومن حديث بلال ومن حديث أنس ومن حديث
قتادة بن النعمان ومن حديث بن مسعود ومن حديث أبي هريرة ومن حديث
333

حواء الأنصارية
اما حديث رافع بن خديج فرواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عاصم بن
عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفروا
بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى الترمذي عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن
عمر والباقون عن محمد بن عجلان عن عاصم قال الترمذي حديث حسن
صحيح ولفظ أبي داود فيه أصبحوا بالفجر قال بن القطان في كتابه
طريقه طريق صحيح وعاصم بن عمر وثقة النسائي وابن معين وأبو زرعة
وغيرهم ولا اعرف أحدا ضعفه ولا ذكره في جملة الضعفاء انتهى ورواه
بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والأربعين من القسم الأول وفي لفظ له
أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للاجر وفي لفظ له فكلما أصبحتم بالصبح
فإنه أعظم لأجوركم وفي لفظ للطبراني وكلما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم
للاجر وقال الترمذي بعقول هذا حديث حسن صحيح قال الشافعي وأحمد
وإسحاق معنى الاسفار ان يصح الفجر فلا يشك فيه ولم يرو ان معنى الاسفار
تأخير الصلاة انتهى واما حديث محمود بن لبيد فرواه أحمد في مسنده حدثنا
إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن محمود بن لبيد عن النبي
صلى الله عليه وسلم بنحوه لم يذكر فيه رافع بن خديج ومحمود بن لبيد صحابي مشهور فيحتمل
انه سمعه من رافع أو لا فرواه عنه ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فرواه عنه الا ان
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيه ضعف
واما حديث بلال فرواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا
شبابة بن سوار ثنا أيوب بن سيار عن بن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عن بلال عن
النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه قال البزار وأيوب بن سيار ليس بالقوي وفيه ضعف انتهى
قال في الامام وأيوب بن سيار قال البخاري فيه منكر الحديث وقال النسائي
334

متروك الحديث وقال بن عدي الضعف على حديثه بين الا ان أحاديثه ليت
بمنكرة جدا
واما حديث أنس فرواه البزار أيضا حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي
ثنا خالد بن مخلد ثنا يزيد بن عبد الملك عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك مرفوعا
نحوه ولفظه أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للاجر قال البزار وقد اختلف فيه
على زيد بن أسلم فرواه شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد بن أسلم عن محمود بن
لبيد عن رافع بن خديج ورواه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن بن نجاد عن جدته
حواء ولا نعلم رواه عن هشام الا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ولم يتابع عليه
انتهى وقال الدارقطني في علله اختلف عن زيد بن أسلم فيه بسندين
أحدهما عن حواء الأنصارية والآخر عن أنس واما حديث حواء فرواه إسحاق
الحنيني عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن بن بجيد الأنصاري عن جدته حواء
وكانت من المبايعات ووهم فيه واما حديث أنس فرواه يزيد بن عبد الملك النوفلي
عن زيد بن أسلم عن أنس ووهم فيه أيضا والصحيح عن زيد بن أسلم عن عاصم بن
عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج انتهى كلامه وهذا الذي أشار
إليه رواه الطحاوي من جهة آدم بن أبي إياس عن شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد
بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعا
نوروا بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى
واما حديث قتادة بن النعمان فرواه الطبراني في معجمه والبزار في
مسنده من حديث فليح بن سليمان ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن أبيه عن جده
مرفوعا نحوه قال البزار ولا نعلم أحدا تابع فليح بن سليمان على روايته وإنما يرويه
محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد
عن رافع بن خديج وهو الصواب انتهى
واما حديث بن مسعود فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن أبي
335

يحيى الحضرمي ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي ثنا المعلى بن عبد الرحمن
ثنا سفيان الثوري وشعبة عن زبيد عن مرة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا نحوه
واما حديث أبي هريرة فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث سعيد
بن أوس أبي زيد الأنصاري عن بن عون عن بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا نحوه
وأعله بسعيد وقال لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الاخبار ولا الاعتبار الا بما
وافق الثقات في الآثار وليس هذا من حديث بن عون ولا بن سيرين ولا
أبي هريرة وإنما هو من حديث رافع بن خديج فقط وهذا بما لا يسأله انه
مقلوب أو معمول انتهى
واما حديث حواء فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن محمد الجمحي
ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن بن بجيد الحارثي
عن جدته حواء الأنصارية وكانت من المبايعات قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى قال في الامام وإسحاق
الحنيني بضم الحاء بعدها نون ثم ياء آخر الحروف ثم نون قال البخاري في
حديثه نظر وذكر له بن عدي أحاديث ثم قال وهو مع ضعفه يكتب حديثه
انتهى قال الشيخ وابن بجيد هو عبد الرحمن بن بجيد بضم الباء الموحدة
وفتح الجيم بعدها آخر الحروف ساكنة بن قيظي بفتح القاف بعدها ياء ساكنة بعدها
ظاء معجمة الحارثي المدني ذكره بن أبي حاتم من غير تعريف بحاله وذكره
بن حبان في كتاب الثقات وجدته حواء بنت زيد بن السكن أخت أسماء بنت زيد بن
السكن
الآثار في ذلك اخرج الطحاوي عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه قال كان
علي بن أبي طالب يصلبنا الفجر ونحن نتراءى الشمس مخافة أن تكون قد طلعت
336

انتهى وعن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا نصلي مع بن
مسعود فكان يسفر بصلاة الصبح انتهى وعن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير
قال قال أبو الدرداء أسفروا بهذه الصلاة انتهى وعن القعنبي عن عيسى بن يونس
عن الأعمش عن إبراهيم قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي شئ ما
اجتمعوا على التنوير انتهى
وتأول الخصوم الاسفار في هذه الأحاديث بظهور الفجر وهذا باطل فان الغلس
الذي يقولون به هو اختلاط ظلام الليل بنور النهار كما ذكره أهل اللغة وقبل ظهور
الفجر لا يصح صلاة الفجر فثبت ان المراد بالاسفار إنما هو التنوير وهو التأخير عن
الغلس وزوال الظلمة وأيضا فقوله أعظم للاجر يقتضى حصول الأجرة في الصلاة
بالغلس فلو كان الاسفار هو وضوح الفجر وظهوره لم يكن في وقت الغلس أجر
لخروجه عن الوقت قال في الامام وفسر الإمام أحمد الاسفار في الحديث ببيان
الفجر وطلوعه أي لا تصلوا الا على تبين من طلوعه قال وهذا يرده بعض ألفاظ
الحديث أو يبعده انتهى وروى النسائي في سننه أخبرنا علي بن حجر ثنا إسماعيل
ثنا حميد عن أنس ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت العداة فلما أصبح أمر حين
انشق الفجر ان تقام الصلاة فصلى فلما كان من الغد أسفر فأمر فأقيمت الصلاة
فصلى ثم قال أين السائل ما بين هذين وقت انتهى فعلم بهذا ان المراد
بالاسفار التنوير وقد ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث ما يدفع تأويلهم منها عند
بن حبان في صحيحه فكلما أصبحتم بالصبح فهو أعظم للاجر وعند النسائي
بسند صحيح قال ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم للاجر وعند الطبراني فكلما
أسفرتم بالفجر
حديث آخر يبطل تأويلهم روى بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو داود
الطيالسي في مسانيدهم والطبراني في معجمه قال الطيالسي حدثنا إسماعيل
337

بن إبراهيم المدني وقال الباقون حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا إسماعيل بن
إبراهيم المدني ثنا هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج سمعت جدي رافع بن خديج
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال يا بلال نور بصلاة الصبح حتى يبصر القوم مواقع
نبلهم من الاسفار انتهى ورواه بن أبي حاتم في علله فقال حدثنا أبي ثنا
هارون بن معروف وغيره عن أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان عن هرير به
قال ورواه أبو نعيم عن إسماعيل بن إبراهيم بن مجمع عن هرير به هكذا رواه بن
أبي شيبة عن أبي نعيم قال أبي وقد سمعنا من أبي نعيم كتاب إسماعيل بن إبراهيم
كله فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر وقد حدثناه غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب
لكني رأيت لابن أبي شيبة متابعا آخر اما محمد بن يحيى أو غيره فلعل الخطأ من
أبي نعيم وكأنه أراد أبا إسماعيل المؤدب فغلط في نسبته انتهى كلامه قلت
قد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده وكذلك إسحاق بن راهويه والطبراني في
معجمه عن إسماعيل بن إبراهيم كما رواه أبو نعيم وقد قدمناه والله أعلم
وأخرجه بن عدي في الكامل عن أبي إسماعيل المؤدب وأسند عن بن معين أنه قال
أبو إسماعيل المؤدب ضعيف قال بن عدي ولم أجد في تضعيفه غير هذا وله
أحاديث غرائب حسان تدل على أنه من أهل الصدق وهو ممن يكتب حديثه أخرجه
عن أبي إسماعيل المؤدب عن هرير
حديث آخر يبطل تأويلهم رواه الإمام أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي في
كتاب غريب الحديث حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر
سمعت بيانا سعيد قال سمعت أنسا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى الصبح حين
يفسخ البصر انتهى فقال فسح البصر وانفسح إذا رأى الشئ عن بعد
يعني به أسفار الصبح انتهى
حديث آخر يؤيد مذهبنا أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن
338

بن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها الا بجمع فإنه جمع
بين المغرب والعشاء بجمع ويصلي صلاة الصبح من الغد قبل وقتها انتهى قال
العلماء يعني وقتها المعتاد في كل يوم لا انه صلاها قبل الفجر وإنما غلس بها جدا
ويوضحه رواية في البخاري والفجر حين بزغ وهذا دليل على أنه عليه السلام
كان يسفر بالفجر دائما وقلما صلاها بغلس والله أعلم وبه استدل الشيخ في
الامام لأصحابنا واخرج الطحاوي في شرح الآثار بسند صحيح عن إبراهيم
النخعي قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شئ ما اجتمعوا على التنوير
انتهى قال الطحاوي ولا يصح ان يجتمعوا على خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف أهل العلم في الاسفار
والتغليس فرأى بعضهم ان الاسفار أفضل وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان
الثوري وأهل الكوفة اخذا بحديث رافع بن خديج أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر
ورأى بعضهم ان التغليس أفضل وبه اخذ الشافعي ومالك وأحمد اخذا بحديث
عائشة كن نساء المؤمنين يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم ينصرفن متلفعات
بمروطهن ما يعرفن من الغلس رواه البخاري ومسلم قال وزعم الطحاوي ان
حديث الاسفار ناسخ لحديث التغليس وان حديث التغليس ليس فيه دليل على الأفضل
بخلاف حديث رافع أو انهم كانوا يدخلون مغلسين ويخرجون مسفرين قال
والامر على خلاف ما قال الطحاوي لان حديث التغليس ثابت وانه عليه السلام
داوم عليه إلى أن فارق الدنيا ولم يكن عليه السلام يداوم الا علي ما هو الأفضل ثم
روى حديث أبي مسعود انه عليه السلام صلى الصبح بغلس ثم صلى مرة أخرى
فاسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات صلى الله عليه وسلم لم يعد إلى أن يسفر
رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه في النوع الخامس والأربعين من القسم
الأول كلاهما من حديث أسامة بن زيد الليثي ان بن شهاب أخبره عن عروة بن الزبير
339

سمعت بشير بن أبي مسعود يقول سمعت أبا مسعود يقول سمعت أبا مسعود فذكره وهو مختصر من
حديث المواقيت وحديث المواقيت مخرج في الصحيحين ليس فيه هذا قال أبو
داود رواه عن الزهري مالك ومعمر وابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم لم
يذكروا فيه هذا انتهى
قال الشيخ في الامام وقد استدل بهذا على نسخ أفضلية الاسفار وليس فيه
من مس الا أسامة فقال أحمد ليس بشئ وعن يحيى بن سعيد انه تركه بآخره
انتهى وفي التنقيح واختلفت الرواية فيه عن بن معين وقال أبو حاتم يكتب
حديثه ولا يحتج به وقال النسائي والدارقطني ليس بالقوي وقال بن عدي
ليس به باس وروى له مسلم في صحيحه انتهى
أحاديث الخصوم الخاصة بالفجر حديث عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعا ت بمروطهن ما يعرفن من الغلس وفي لفظ
لمسلم وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة وزاد البخاري في لفظ ولا
يعرفن بعضهن بعضا أخرجه البخاري ومسلم وروى الطبراني في معجمه عن
إسحاق الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة
نحوه سواء قال الشيخ في الامام والد بري هذا بفتح الدال المهملة والباء
الموحدة وحديث جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة والعصر
والشمس حية والمغرب إذا وجبت الشمس والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا
اخر والصبح بغلس أخرجاه أيضا
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا
الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي ثنا نهيك بن يريم الأوزاعي ثنا مغيث بن سمي قال
صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس فلما سلم أقبلت علي بن عمر فقلت ما
340

هذه الصلاة قال هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما
طعن عمر أسفر بها عثمان انتهى وفيه حديث أسامة بسنده عن أبي مسعود وقد
تقدم قريبا
أحاديث الخصوم العامة لسائر الأوقات روى أبو داود من حديث عبد الله بن
عمر العمري عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة قالت سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال الصلاة في أول وقتها انتهى وأخرجه
الترمذي عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة ولم يقل
عن بعض أمهاته قال الترمذي هذا حديث لا يروي الا من حديث عبد الله بن عمر
العمري وليس القوي عند أهل الحديث وقد اضطربوا في هذا الحديث انتهى
وذكر الدارقطني في كتاب العلل في هذا الحديث اختلافا كثيرا واضطرابا ثم قال
والقول قول من قال عن القاسم عن جدته الدنيا عن أم فروة انتهى وهكذا رواه
الحاكم في المستدرك عن العمري عن القاسم بن غنام عن جدته أم الدنيا عن أم فروة
فذكره وسكت عنه وكذلك رواه الدارقطني في سننه قال في الامام
وما فيه من الاضطراب في اثبات الواسطة بين القاسم وأم فروة واسقاطها يعود إلى
العمري وقد ضعف ومن أثبت الواسطة يقضي على من اسقطها وتلك الواسطة
مجهولة وقد ورد أيضا عن عبيد الله مصغرا رواه الدارقطني من جهة المعتمر
بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن جدته أم فروة فذكره
انتهى
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم الرابع
عن أبيه عثمان بن عمر بن فارس ثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو
341

الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل قال
الصلاة في أول وقتها انتهى ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وأبو
نعيم في مستخرجه قاله في الامام وفي لفظ قال أي الأعمال أفضل
الحديث قال بن حبان وهذه اللفظة أعني قوله في أول وقتها تفرد بها عثمان
بن عمر ثم أخرجه عن شعبة وعن علي بن مسهر بلفظ الصلاة لوقتها ورواه
كالأول الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه انتهى ورواه كذلك في كتاب الأربعين له عن عثمان بن عمر به ثم
قال وقد أخرجاه من رواية محمد بن محمد بن سابق عن مالك بن مغول بلفظ الصلاة على
ميقاتها وإنما هذه زيادة تفرد بها عثمان بن عمر وهي مقبولة منه فان مذهبهما
قبول الزيادة من الثقة انتهى وأخرجه في المستدرك أيضا عن حجاج بن الشاعر
ثنا علي بن حفص المدائني ثنا شعبة عن الوليد بن العيزار به سندا ومتنا ثم قال رواه
عن شعبة جماعة لم يذكر فيه اللفظة غير حجاج بن الشاعر وهو حافظ ثقة عن
علي بن حفص المدائني قد احتج به مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن أسامة بن زيد الليثي ان بن شهاب أخبره عن
عروة بن الزبير سمعت بشير بن أبي مسعود يقول سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نزل جبرائيل فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم
صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه إلى أن قال وصلى
الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى
مات ثم لم يعد إلى أن يسفر وقد تقدم بتمامه في الحديث التاسع قال أبو
داود ورواه عن الزهري معمر ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة
والليث بن سعد وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه وأسامة
342

بن زيد الليثي وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل تركه يحيى بن سعيد بآخره وقال
الأثرم عن أحمد ليس بشئ وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه روى عن نافع أحاديث
مناكير واختلف الرواية فيه عن بن معين فقال مرة ثقة صالح وقال مرة ليس به
باس وقال مرة ثقة حجة وقال مرة ترك حديثه بآخره وقال أبو حاتم يكتب
حديثه ولا يحتج به وقال النسائي والدارقطني ليس بالقوي وقال بن عدي
ليس بحديثه باس وروى له مسلم في صحيحه وبسند أبي داود ومتنه رواه بن
حبان في صحيحه عن بن خزيمة به في النوع الثالث من القسم الأول
حديث آخر أخرجه الترمذي عن يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن
نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوقت الأول من الصلاة رضوان الله
والوقت الأخير عفو الله انتهى قال البيهقي قال الشافعي ولا يؤثر على
رضوان الله شئ لان العفو لا يكون الا عن تقصير انتهى ورواه الحاكم في
المستدرك بلفظ خير الأعمال الصلاة في أول وقتها قال الحاكم ويعقوب بن
الوليد ليس من شرط هذا الكتاب انتهى قال بن حبان يعقوب بن الوليد كان
يضع الحديث على الثقات لا يحل كتب حديثه الا على جهة التعجب وما رواه الا هو
انتهى وقال أحمد كان من الكذابين الكبار وقال أبو داود ليس بثقة وقال
النسائي متروك الحديث وقال البيهقي في المعرفة حديث الصلاة في أول الوقت
رضوان الله إنما يعرف بيعقوب بن الوليد وقد كذبه أحمد بن حنبل وسائر
الحفاظ قال وقد روى هذا الحديث بأسانيد كلها ضعيفة إنما يروى عن أبي جعفر
محمد بن علي من قوله انتهى وأنكر بن القطان في كتاب علي أبي محمد عبد
الحق كونه أعل الحديث بالعمري وسكت عن يعقوب قال ويعقوب هو علة فان
أحمد قال فيه كان من الكذابين الكبار وكان يضع الحديث وقال أبو حاتم كان
يكذب والحديث الذي رواه موضوع وابن عدي إنما اعله بوفي بابه ذكره
343

انتهى كلامه
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الحسين بن حميد حدثني فرج بن
عبيد المهلبي ثنا عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن
جرير بن عبد الله مرفوعا نحوه قال بن الجوزي في التحقيق قال مطين في
الحسين بن حميد هو كذاب بن كذاب لا يكتب حديثه وقال بن عدي هو متهم
فيما يرويه وسمعت أحمد بن عبدة الحافظ يقول سمعت مطينا يقول وقد مر
عليه الحسين بن حميد بن الربيع هذا كذاب بن كذاب بن كذاب انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إبراهيم بن زكريا ثنا إبراهيم بن عبد الملك
بن أبي محذورة حدثني أبي عن جدي مرفوعا أول الوقت رضوان الله وأوسطه
رحمة الله وآخره عفو الله انتهى قال بن الجوزي وإبراهيم بن زكريا قال
أبو حاتم هو مجهول والحديث الذي رواه منكر وقال ابن عدي حدث عن الثقات
بالأباطيل والضعف على حديثه بين وهو من جملة الضعفاء قال وسئل أحمد عن
هذا الحديث أول الوقت رضوان الله فقال ليس بثابت انتهى كلامه
طريق آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن بقية عن عبد الله مولى عثمان بن
عفان حدثني عبد العزيز حدثني محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله انتهى قال بن عدي هذا
من الأحاديث التي يرويها بقية عن المجهولين فان عبد الله مولى عثمان و عبد العزيز
لا يعرفان انتهى قال النووي في الخلاصة أحاديث أي الأعمال أفضل
قال الصلاة لأول وقتها وأحاديث أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله
كلها ضعيفة انتهى
344

حديث آخر أخرجه الترمذي عن سعيد بن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن
عائشة قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الأخير الا مرتين حتى قبضه الله
انتهى وقال غريب وليس إسناده بمتصل انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي
قال البيهقي وهو مرسل إسحاق بن عمر لم يدرك عائشة وقال بن أبي حاتم عن
أبيه إسحاق بن عمر روى عن موسى بن وردان روى عنه سعيد بن أبي هلال
مجهول انتهى وكذلك قال بن القطان في كتابه انه منقطع وإسحاق بن عمر
مجهول انتهى ولم يعزه الشيخ تقي الدين في الامام الا للدارقطني فقط ونقل
عن بن عبد البر أنه قال إسحاق بن عمر أحد المجاهيل روى عنه سعيد بن أبي هلال
انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن عمرة عن عائشة نحوه وفي سنده معلى بن
عبد الرحمن قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال متروك الحديث وأخرجه
أيضا عن أبي سلمة عن عائشة نحوه وفيه الواقدي وهو معروف عندهم
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن عمر مكبرا عن نافع عن بن
عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال الصلاة لميقاتها الأول
وأخرجه عن عبيد الله بن عمر مصغرا عن نافع به نحوه
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها وقد ترك من
الوقت الأول ما هو خير له من أهله وما له انتهى
حديث آخر رواه الترمذي في كتابه حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن
سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي عن أبيه عن
345

علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا
أتت. والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفءا انتهى وقال حديث
غريب وما أرى إسناده بمتصل انتهى
الحديث الثالث عشر روى أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر
وإذا كان في الصيف أبرد بها قلت رواه البخاري من حديث خالد بن دينار قال
صلى بنا أميرنا الجمعة ثم قال لانس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر قال
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة انتهى
واما حديث خباب بن الأرت شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرضاء
فلم يشكنا أخرجه مسلم وزاد في رواية قال زهير قلت لأبي إسحاق في تعجيل
الطهر قال نعم انتهى فقال بن القطان في كتابه وقد اختلف في معنى هذا
فقيل لم يعذرنا وقيل لم يحوجنا إلى الشكوى بعد ولكن رويت فيه زيادة مثبتة
للأول قال بن المنذر حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي
إسحاق ثنا سعيد بن وهب أخبرني خباب بن الأرت قال شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرمضاء فما أشكانا وقال إذا زالت الشمس فصلوا انتهى وبهذا اللفظ رواه
البيهقي في السنن وفي لفظ له شكونا حر الرمضاء في جباهنا واكفنا فلم يشكنا
قلت ويؤيد الثاني حديث أبي هريرة إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فان شدة الحر
من فيح جهنم أخرجاه وانفرد البخاري بحديث الخدري أبردوا بالظهر فان شدة
الحر من فيح جهنم
أحاديث لمذهبنا في تأخير العصر اخرج الدارقطني في سننه عن عبد الواحد
346

بن نافع قال دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر وشيخ جالس فلامه وقال إن
أبي أخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة فسالت عنه فقالوا
هذا عبد الله بن رافع بن خديج انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال قال
الدارقطني فيما أخبرنا عنه أبو بكر بن الحارث هذا حديث ضعيف الاسناد والصحيح
عن رافع وغيره ضد هذا وعبد الله بن رافع ليس بالقوي ولم يروه عنه غير عبد
الواحد ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة انتهى وقال
بن حبان عبد الواحد بن نافع يري عن أهل الحجاز المقلوبات وعن أهل الشام
الموضوعات لا يحل ذكره في الكتب الا على سبيل القدح فيه انتهى ورواه البخاري
في تاريخه الكبير في باب العين في ترجمة عبد الله بن رافع حدثنا أبو عاصم
عن عبد الواحد بن نافع به وقال لا يتابع عليه يعني عبد الله بن رافع والصحيح عن
رافع غيره ثم أخرجه عن رافع قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ننحر
الجزور وسيأتي بتمامه وقال بن القطان في كتابه عبد الواحد بن نافع أبو الرماح
مجهول الحال مختلف في حديثه انتهى
اثر في ذلك أخرجه الحكم في المستدرك عن زياد بن عبد الله النخعي قال
كنا جلوسا مع علي رضي الله عنه في المسجد الأعظم فجاء المؤذن فقال الصلاة
يا أمير المؤمنين فقال اجلس فجلس ثم عاد فقال له ذلك فقال على هذا الكلب
يعلمنا السنة فقام على فصلى بنا العصر ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه
جلوسا فجثونا للركب لنزول الشمس للغروب نتراآها انتهى وقال صحيح
الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني كذلك عن العباس بن ذريح
عن زياد بن عبد الله النخعي به ثم قال وزياد بن عبد الله هذا مجهول لم يروه عنه
غير العباس بن ذريح انتهى قلت وهذا الأثر في حكم المرفوع أو قريب منه
لذكر السنة فيه
أحاديث الخصوم في أفضلية التعجيل منها حديث أبي برزة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
347

يصلى العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حية رواه البخاري ومسلم
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه سلم
يصلي العصر ثم يذهب أحدنا إلى العوالي والشمس مرتفعة قال الزهري والعوالي على
ميلين من المدينة وثلاثة وأحسبه قال وأربعة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن رافع بن خديج قال كنا نصلي
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ننحر الجزور فنقسم عشر قسم ثم يطبخ فيؤكل
لحما نضيجا قبل ان تغيب الشمس انتهى
الحديث الرابع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير ما عجلوا المغرب
واخروا العشاء قلت غريب وروى أبو داود في سننه من حديث محمد بن
إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله عن أبي أيوب قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن
تشتبك النجوم مختصر وتمامه عن مرثد بن عبد الله قال قدم علينا أبو أيوب
غازيا وعقبة بن عامر يومئذ على مصر فاخر المغرب فقام إليه أبو أيوب فقال له
ما هذه الصلاة يا عقبة قال شغلنا قال اما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال
أمتي بخير إلى آخره ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
مسلم قال الشيخ في الامام وقد خولف بن إسحاق في هذا الحديث قال بن أبي
حاتم ورواه حياة وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران التجيبي عن
أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجوم
قال أبو زرعة وحديث حياة أصح انتهى كلامه
348

واخرج بن ماجة عن عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن
الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي
على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى يشتبك النجوم انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن رافع بن خديج قال كنا
نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وانه ليبصر مواقع نبله انتهى
ورواه أبو داود من حديث أنس ولفظه ثم يرمي فيرى أحدنا موضع نبله
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال كنا نصلي مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب وفي لفظه إذا غربت الشمس وتوارت
بالحجاب انتهى ولفظ أبي داود فيه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة يغرب
الشمس إذا غاب حاجبها
الحديث الخامس عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لاخرت العشاء
إلى ثلث الليل قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث زيد بن خالد
الجهني فحديث أبي هريرة رواه الترمذي وابن ماجة من حديث عبيد الله بن عمر عن
سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي
لاخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح انتهى
حديث آخر أخرجه البزار عن بن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن يسار عن
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قا لولا أن
أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت العشاء الأخيرة إلى ثلث
الليل وقال لا نعلمه يروي عن علي الا بهذا الاسناد انتهى
349

واما حديث زيد بن خالد فرواه الترمذي في الطهارة والنسائي في
الصوم من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة
ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد
وسواكه على اذنه موضع القلم من اذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة لا استن ثم رده
إلى موضعه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى وذهل شيخنا
علاء الدين في عزوه هذا الحديث بتمامه لأبي داود وأبو داود لم يخرج منه الا فضل
السواك لم يذكر فيه تأخير العشاء وعجبت من أصحاب الأطراف إذ لم يبينوا
ذلك مع أنه من عادتهم كابن عساكر وشيخنا الحافظ جمال الدين المزي وقد
أحسن المنذري في مختصره إذ بين ذلك لما ذكر لفظ أبي داود فعزاه للترمذي
والنسائي ثم قال وحديث الترمذي مشتمل على الفضيلتين يعني فضل السواك
وفضل الصلاة وأعجب من ذلك ما ذكره النووي في الخلاصة مقتصرا على
فضل تأخير العشاء وعزاه لأبي داود والترمذي ثم إن أصحاب الأطراف عزوه
للنسائي في الصوم ولم أجده في الصغرى فلينظر الكبرى
حديث آخر أخرجه مسلم عن الحكم عن نافع عن بن عمر قال مكثنا ذات ليلة
ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة فخرج إلينا حين ذهب الليل أو بعضه فلا
ندري أشئ شغله في أهله أو غير ذلك فقال حين خرج انكم لتنتظرون صلاة ما
ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة ثم أمر
المؤذن فأقام الصلاة وصلى انتهى
حديث آخر قال بن أبي حاتم سمعت أبي وذكر حدثنا مروان الفزاري عن
محمد بن عبد الرحمن بن مهران عن سعيد المقبري عن أبي سعيد الخدري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن يثقل على أمتي لاخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل قال
350

أبى إنما هو عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ في الإمام محمد بن
عبد الرحمن بن مهران المزني قال أبو حاتم روى عن أبيه والمقبري روى عنه مروان
الفزاري وأبو عامر العقدي محله الصدق ولا أرى بحديثه بأسا وذكره بن حبان
في ثقات التابعين وقد روى بن ماجة هذا الحديث من رواية داود بن أبي هند عن أبي
نضرة عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب ثم لم يخرج حتى ذهب شطر الليل
ثم خرج فصلى بهم وقال لولا الضعيف والسقيم لأحببت ان أؤخر هذه الصلاة إلى
شطر الليل انتهى كلامه
الحديث السادس عشر حديث السمر المنهي عنه بعد العشاء أشار إليه في
الكتاب بقوله ولان فيه قطع السمر المنهي عنه بعدها قلت رواه الأئمة الستة في
كتبهم من حديث أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يكره النوم قبلها يعني العشاء
والحديث بعدها انتهى رووه في المواقيت مطولا ومختصرا ولفظ مسلم كان
لا يحب ورواه أبو داود في الأدب أيضا ولفظه كان ينهى عن النوم قبلها
والحديث بعدها انتهى وروى بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
عن أبي نعيم عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن عائشة قالت ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها
انتهى وقد أجاز العلماء السمر بعد العشاء في الخير واستدلوا على ذلك بما أخرجه
البخاري ومسلم عن سالم عن بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فان على
351

رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد انتهى وبوب عليه النسائي في
سننه باب السمر في العلم وروى الترمذي في الصلاة والنسائي في المناقب
عن إبراهيم عن علقمة عن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة
في الامر من أمر المسلمين وانا معه انتهى قال الترمذي حديث حسن وقد رواه
الحسن بن عبد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له قيس أو بن
قيس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة طويلة انتهى وقال بن عساكر في أطرافه
علقمة لم يسمع من عمر وقال الشيخ تقي الدين في الامام روى أوس بن حذيفة
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا بعد العشاء يحدثنا وكان أكثر حديثه تشكية قريش
وليذكر من رواه
فائدة استدل الشيخ في الامام على جواز تسمية العشاء بالعتمة بحديث رواه
مالك في موطأه عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا مختصر وينبغي
الجمع بينه وبين حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تغلبنكم الاعراب على اسم
صلاتكم الا انها العشاء وهم يعتمون الإبل أخرجه مسلم
الحديث السابع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم من خاف ان لا يقوم آخر الليل فليوتر
أوله ومن طمع ان يقوم آخر الليل فليوتر آخره قلت أخرجه مسلم عن الأعمش عن
352

سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف ان لا يقوم آخر الليل فليوتر
أوله ومن طمع ان يقوم آخره فيوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك
أفضل انتهى
فصل في الأوقات المكروهة
الحديث الثامن عشر حديث عقبة رضي الله عنه قال ثلاث أوقات نهانا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصلى فيها وان نقبر فيها موتانا عند طلوع الشمس حتى ترتفع
وعند زوالها حتى تزول وحين تضيف للغروب قلت رواه الجماعة الا البخاري من
حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال ثلاث ساعات
353

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا ان نصلي فيهن أو ان نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس
للغروب بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس
للغروب حتى تغرب انتهى قال البيهقي في المعرفة ورواه روح بن القاسم عن
موسى بن علي عن أبيه وزاد فيه قلت لعقبة أيدفن بالليل قال نعم قد دفن
أبو بكر بالليل انتهى قال البيهقي ونهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة
على الجنازة وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهية الدفن في تلك
الساعات انتهى قلت حمله أبو داود على الدفن الحقيقي فإنه ذكره في الجنائز
وبوب عليه باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها وحمله الترمذي على
الصلاة وبوب عليه باب ما جاء في كراهية صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وعند
غروبها ونقل عن بن المبارك أنه قال ما معنى ان نقبر فيها موتانا يعني صلاة
الجنازة انتهى وقد جاء بتصريح الصلاة فيه رواه الإمام أبو حفص عمر بن شاهين
في كتاب الجنائز من حديث خارجة بن مصعب عن ليث بن سعد عن موسى بن
علي به قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصلي على موتانا عند ثلاث عند طلوع
الشمس إلى آخره
أحاديث الركعتين بعد العصر ما جاء في النهي عنها اخرج البخاري عن
معاوية قال إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها ولقد
نهى عنها يعني الركعتين بعد العصر انتهى
حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده ثم البيهقي من جهته حدثنا
وكيع ثنا سفيان الثوري أخبرني أبو إسحاق عن عاصم بن حمزة عن علي قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين دبر كل صلاة مكتوبة الا الفجر والعصر انتهى
حديث عمر بن عنبسة أخرجه مسلم من حديث أبي أمامة عنه وفيه فقلت
يا رسول الله أخبرني عن الصلاة قال صلى الصبح ثم اقصر عن الصلاة حين تطلع
الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل
فان الصلاة مشهودة محضورة حتى تستقبل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فإنها
354

حينئذ تسجر جهنم فإذا اقبل الفئ فصل فالصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى
العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان
الحديث بطوله ما ورد في إباحتها اخرج البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة قالت
ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل صلاة الصبح
وركعتان بعد العصر وفي لفظ لهما ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر الا
صلى ركعتين انتهى وفي لفظ مسلم عن طاوس عنها قالت وهم عمر إنما نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتحرى طلوع الشمس وغروبها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحروا
بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك وفي لفظ للبخاري عن أيمن
عن عائشة قالت والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وما لقي الله حتى ثقل عن
الصلاة وكان يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة ان يثقل على أمته وكان
يحب ما خفف عنهم انتهى
ما ورد في العذر منها اخرج مسلم والبخاري في المغازي عن كريب مولى
بن عباس ان عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه
إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين
بعد العصر وقل لها بلغنا انك تصليهما وان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما قال
كريب فدخلت على عائشة فأخبرتها فقالت سألت أم سلمة فرجعت إليهم
فأخبرتهم فردوني إلى أم سلمة فقالت أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى
عنهما ثم رايته يصليهما فقيل له في ذلك فقال إنه أتاني ناس من عبد القيس
بالاسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر وهما هاتان مختصر
وعلقه البخاري فقال وقال كريب عن أم سلمة صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر
ركعتين وقال شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر انتهى
وينظر البخاري في المغازي فكأنه وصله فيه واخرج مسلم عن أبي سلمة أنه سأل
عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت كان
يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم
355

أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها يعني داوم عليها انتهى واخرج أبو داود من
جهة بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة انها حدثته ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد العصر يعني ركعتين وينهى عنهما ويواصل وينهى
عن الوصال انتهى
الحديث التاسع عشر روى أنه عليه السلام نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع
الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس قلت روى من حديث بن
عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث الخدري ومن حديث عمرو بن عبسة
فحديث بن عباس رواه الأئمة الستة في كتبهم أنه قال شهد عندي رجال
مرضيون وأرضاهم عندي عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى
تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس انتهى
واما حديث أبي هريرة فرواه البخاري ومسلم عنه أنه عليه السلام نهى عن
الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس
انتهى
واما حديث الخدري فأخرجه البخاري ومسلم أيضا عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة
356

العصر حتى تغيب الشمس انتهى
اما حديث عمرو بن عبسة فأخرجه مسلم عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له صل
الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت فلا تصلى حتى ترتفع
فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل حتى تصلي العصر
ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد
لها الكفار مختصر
واعلم أن ركعتي الطواف داخلتان في المسألة فكرهها أصحابنا في الأوقات
الخمسة المتقدمة وخالفنا الشافعي فأجازها فيها آخذا بحديث أخرجه أصحاب
السنن الأربعة من حديث سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحد طاف بهذا البيت وصلى أية
ساعة شاء من ليل أو نهار انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك في كتاب الحج وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قال
الشيخ في الامام إنما لم يخرجاه لاختلاف وقع في إسناده فرواه سفيان كما تقدم
ورواه الجراح بن منهال عن أبي الزبير عن نافع بن جبير سمع أباه جبير بن مطعم ورواه
معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه ورواه أيوب عن أبي الزبير
قال أظنه عن جابر فلم يجزم به وكل هذه الروايات عند الدارقطني قال البيهقي
بعد إخراجه من جهة بن عيينة أقام بن عيينة إسناده ومن خالفه فيه لا يقاومه فرواية
بن عيينة أولى أن تكون محفوظة ولم يخرجاه انتهى و عبد الله بن باباه
ويقال بن بأبيه ويقال بن بابي قال النسائي ثقة وقال بن المديني هو من أهل
مكة معروف وأخبرني الشيخ محب الدين بن العلامة علاء الدين القونوي عن والده
انه بحث هنا بحثا فقال بن بين حديث بن عباس وحديث جبير عموما وخصوصا
فحديث بن عباس عام بالنسبة إلى المكان خاص بالنسبة إلى الوقت فهذا الحديث
خاص بالنسبة إلى المكان عام بالنسبة إلى وقت الصلاة قال فليس حمل عموم هذا
الحديث في الصلاة على خصوص حديث بن عباس بأولى من حمل عموم حديث بن
357

عباس في المكان على خصوص هذا الحديث فيه قلنا حديث بن عباس أصح من
حديث جبير فلا يقاومه الا ما يساويه في الصحة
أما يدل على عدم المعارضة
روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل ثنا شعبة عن سعد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت نصر بن عبد الرحمن يحدث عن جده
معاذ بن عفراء انه طاف بعد العصر أو بعد الصبح ولم يصل فسئل عن ذلك فقال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر
حتى تغرب انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي الوليد العدني عن رجاء أبي سعيد عن
مجاهد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد المطلب أو يا بني عبد مناف لا
تمنعوا أحد يطوف بالبيت ويصلى فإنه لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا
صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس الا عند هذا البيت يطوفون ويصلون انتهى
قال صاحب التنقيح وأبو الوليد العدلي لم أر له ذكرا في الكنى لأبي أحمد
الحاكم واما رجاء بن الحار ث أبو سعيد المكي فضعفه بن معين انتهى
أحاديث الخصوم في النافلة بمكة واستدل الشافعي على جواز النافلة بمكة
في الأوقات الخمسة المتقدمة بدون كراهة بما تقدم من حديث جبير بن مطعم مرفوعا
يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى اية ساعة شاء من ليل أو
نهار
وحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن حميد
مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال قدم أبو ذر فأخذ بعضادتي باب
358

الكعبة ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصلى أحدكم بعد الصبح إلى
طلوع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس الا بمكة يقول ذلك ثلاثا
انتهى وهو حديث ضعيف قال أحمد أحاديث بن المؤمل مناكير وقال بن
معين هو ضعيف الحديث ورواه البيهقي وقال هذا يعد في افراد بن المؤمل وهو
ضعيف الا ان إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد وأقام إسناده ثم أخرجه
عن خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن
مجاهد قال جاءنا أبو ذر فأخذ بحلقة الباب الحديث قال البيهقي وحميد
الأعرج ليس بالقوي ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر وقوله جاءنا أي جاء
بلدنا قال وقد روى من وجه آخر عن مجاهد ثم أخرجه من طريق بن عدي بسنده
عن اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة قال سمعت مجاهدا يقول بلغنا ان أبا ذر
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ بحلقتي الباب يقول ثلاثا لا صلاة بعد العصر الا
بمكة قال البيهقي واليسع بن طلحة ضعفوه والحديث منقطع مجاهد لم يدرك أبا
ذر انتهى قال الشيخ في الامام وحديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء
أحدها انقطاع ما بين مجاهد وأبي ذر ثم ذكر كلام البيهقي والثاني اختلاف
في إسناده فرواه سعيد بن سالم عن بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد عن
أبي ذر لم يذكر فيه قيس بن سعد أخرجه كذلك بن عدي في الكامل قال
البيهقي وكذلك رواه عبد الله بن محمد الشامي عن بن المؤمل عن حميد الأعرج عن
مجاهد والثالث ضعف بن المؤمل قال النسائي وابن معين ضعيف وقال
أحمد أحاديثه مناكير وقال بن عدي عامة حديثه الضعف عليه بين الرابع ضعف
حميد مولى عفراء قال البيهقي ليس بالقوي وقال أبو عمر بن عبد البر هو
ضعيف انتهى
حديث آخر خاص بركعتي الطواف قال الشيخ في الامام وقد ورد ما يشعر
359

بان هذا الاستثناء بمكة إنما هو في ركعتي الطواف فاخرج بن عدي عن سعيد بن أبي
راشد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد
الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس من طاف فيصل أي
حين طا ف انتهى قال بن عدي وسعيد هذا يحدث عن عطاء وغيره بما لا يتابع
عليه قال البيهقي وذكره البخاري في التاريخ وقال لا يتابع عليه انتهى
الحديث العشرون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من
ركعتي الفجر قلت روى البخاري ومسلم واللفظ له من حديث عبد الله بن عمر
عن أخته حفصة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلى الا ركعتين
خفيفتين انتهى ورواه الباقون الا أبا داود منهم من رواه هكذا ومنهم من اتى به
في جملة الحديث الطويل في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا ورواه بن حبان في
صحيحه ولفظه قال كان إذا طلع الفجر لا يصلى الا ركعتي الفجر انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن قدامة بن موسى عن محمد بن
الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى بن عمر عن بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا صلاة بعد الفجر الا سجدتين انتهى قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه
الا من حديث قدامة انتهى أخرجه أبو داود عن وهيب عن قدامة بن موسى عن
أيوب بن حصين عن أبي علقمة به وأخرجه الترمذي عن عبد العزيز محمد الدراوردي
عن قدامة عن محمد ب الحصين عن أبي علقمة قال بن القطان في كتابه كل من
في هذا الاسناد معروف الا محمد بن الحصين فإنه مختلف فيه ومجهول الحال وكان
عمر بن علي المقدمي والدراوردي يقولان عن قدامة بن موسى عن أيوب بن
360

الحصين وقال عثمان بن عمر أنبأ قدامة بن موسى حدثني رجل من بني حنظلة
وذكر هذا الاختلاف البخاري ولم يعرف هو ولا بن أبي حاتم من حاله بشئ فهو
عندهما مجهول انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده من حديث قدامة ثنا أيوب
بن الحصين عن أبي علقمة به لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتين ورواه
الدارقطني في سننه ولفظه عن يسار مولى بن عمر قال رآني بن عمر أصلي بعد
الفجر فحصبني وقال يا يسار كم صليت قلت لا أدري قال الا دريت ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليبلغ شاهدكم غائبكم ان لا صلاة بعد الفجر الا ركعتين
انتهى وقدامة هذا معروف ذكره البخاري في تاريخه واخرج له مسلم في
صحيحه واما محمد بن الحصين فقال بن أبي حاتم محمد بن الحصين التميمي
وقال بعضهم أيوب بن حصين ومحمد أصح انتهى وقال الدارقطني في علله
هذا حديث يرويه الدراوردي عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة
مولى بن عباس عيسار مولى بن عمر عن بن عمر وتابعه عمر بن علي المقدمي
وخالفهم سليمان بلال ووهيب فروياه عن قدامة بن موسى عن أيوب بن الحصين عن
أبي علقمة عن يسار مولى بن عمر ويشبه ان يكون القول قول سليمان بن بلال
ووهيب لأنهما يثبتان انتهى فقد اختلف كلام الدارقطني وابن أبي حاتم والله أعلم
بالصواب
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عبد الملك بن يحيى بن
بكير حدثني أبي ثنا الليث بن سعد حدثني محمد بن النبيل الفهري عن أبي عمر مرفوعا
حدثنا محمد بن محمويه الجوهري ثنا أحمد بن المقدام ثنا عبد الله بن خراش عن
العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا صلاة بعد الفجر الا الركعتين قبل صلاة الفجر انتهى وقال تفرد به عبد الله
بن خراش انتهى
طريق آخر رواه الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن أبي
بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتي الفجر انتهى وكل ذلك يعكر على
361

الترمذي في قوله لا نعرفه الامن حديث قدامة قال الشيخ في الامام ومما استدل
به على ذلك حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم آذان بلال فإنه يؤذن بليل
حتى يرجع قائمكم ويوقظ نائمكم أخرجه البخاري ومسلم قال فلو كان التنفل
بعد الصبح مباحا لم يكن لقوله حتى يرجع قائمكم معنى وبحديث بن عمر
مرفوعا أيضا صلاة الليل مثنى مثنى فإذا فإذا خشي الصبح صلى واحدة توتر له ما قد
صلى أخرجاه أيضا قال فلو كان أيضا مباحا لما كان لخشية الصبح معنى قال
الشيخ وهذا ضعيف لأنه يجوز ان يكون خشي الصبح لخوف فوت الوتر قال
الشيخ واستدل من أجاز التنفل بأكثر من ركعتي الفجر بما أخرجه أبو داود في
حديث عمرو بن عبسة قال يا رسول الله أي الليل اسمع قال جوف الليل
الأخير فصل ما شئت فان الصلاة مشهودة مقبولة حتى تصلي الصبح وفي لفظ
فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح الحديث بطوله
باب الاذان
قوله الاذان سنة للصلوات الخمس والجمعة دون ما سواها للنقل المتواتر قلت
هذا معروف وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
العيدين غير مرة ولا مرتين بغير اذان ولا إقامة انتهى وفيه أيضا عن عائشة ان الشمس
خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديا بالصلاة جامعة انتهى والجمعة
فيها حديث السائب بن يزيد والصلوات تأتي أحاديثها
مسألة في تثنية التكبير أول الاذان وتربيعه اما التثنية فهي في صحيح مسلم
حدثنا أبو غسان المسمعي مالك بن عبد الواحد وإسحاق بن إبراهيم قالا ثنا معاذ
بن هشام صاحب الدستوائي عن أبيه عن عامر الأحول عن مكحول عن عبد الله بن
محيريز عن أبي محذورة ان النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله
إلا الله إلى آخره وأخرجه أبو داود عن نافع بن عمر الجمحي عن عبد الملك بن
أبي محذورة عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة نحوه وأخرجه
362

أيضا عن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة سمعت جدي عبد الملك
يذكر انه سمع أبا محذورة يقول دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمه نحوه واستدل للقائلين
بالتثنية أيضا بحديث أخرجه أبو داود أيضا حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر
ثنا شعبة سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى عن بن عمر قال إنما كان
الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول قد
قامت الصلاة مرتين انتهى وهذا قول مالك واما التربيع فأخرجه أبو داود عن
همام ثنا عامر الأحول بسند مسلم وفيه تربيع التكبير قال الشيخ في الامام
وأخرجه أبو عوانة في مسنده عن علي بن المديني عن معاذ بن هشام عن أبيه عن
عامر وفيها التربيع قال وأخرجه الحاكم في كتابه المخرج على كتاب مسلم من
جهة عبد الله بن سعيد وأبي موسى وإسحاق بن إبراهيم كلهم عن معاذ بن هشام
وفيه التربيع قال وأخرجه بن مندة عن عبد الله بن عمر عن معاذ بن هشام بسنده
وفيه التربيع قال وزعم بن القطان في كتابه ان الصحيح عن عامر المذكور في
هذا الحديث إنما هو التربيع هكذا رواه عنه جماعة منهم عفان وسعيد بن عامر
وحجاج وبذلك يصح كون الاذان تسع عشرة كلمة كما ورد انتهى وأخرجه
أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بن جريج أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي
محذورة عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة انه عليه الصلاة والسلام علمه
التأذين وفيه التربيع وأخرجه أبو داود أيضا عن بن جريج عن عثمان بن السائب
أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة وفيه التربيع قال في
الامام وبهذا الاسناد رواه بن خزيمة في صحيحه وهو معلول بجهالة حال بن
السائب وأبيه وأم عبد الملك انتهى
وفي الباب حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام وفيه التربيع وسيأتي قريبا
وأخرجه أبو داود أيضا عن الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة
عن أبيه عن جده وفيه التربيع وأعله بن القطان بجهالة حال محمد بن عبد الملك
وضعف الحارث بن عبيد قال بن معين ضعيف وقال بن حنبل مضطرب
الحديث وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى وقال أبو عمر بن
عبد البر وقد اختلفت الروايات عن أبي محذورة إذ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان بمكة
عام حنين فروى عنه فيه تربيع التكبير في أوله روى عنه فيه بتثنية ولا تربيع فيه من
363

رواية الثقات الحفاظ وهي زيادة يجب قبولها والعمل عندهم بمكة في آل أبي
محذورة بذلك إلى زماننا وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام وبه قال أبو
حنيفة والشافعي وأحمد انتهى
الحديث الأول حديث اذان الملك النازل من السماء قلت رواه أبو داود في
سننه من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن
عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثني أبي عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال لما أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وانا نائم رجل
يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس قال وما تصنع به فقلت
ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى قال
فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله
إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمد رسول الله حي على الصلاة حي على
الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله قال ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال ثم تقول إذا أقمت الصلاة
الله أكب الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على
الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله قال فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها
لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه اندى
صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت ألقيه إليه ويؤذن به قال فسمع عمر ذلك
وهو في بيته فجعل يجر رداءه ويقول والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأى
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد انتهى ورواه الترمذي فلم يذكر فيه
كلمات الاذان ولا الإقامة وقال حديث حسن صحيح ورواه ابن ماجة فلم
يذكر فيه لفظ الإقامة وزاد فيه شعرا ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع
364

الرابع والتسعين من القسم الأول فذكره بتمامه قال البيهقي في العرفة قال
محمد بن يحيى الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد في فضل الاذان خبر أصح من
هذا لان محمدا سمعه من أبيه وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد انتهى
ورواه بن خزيمة في صحيحه ثم قال سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول
ليس في أخبار عبد الله إلى آخر لفظ البيهقي وزاد خبر بن إسحاق هذا ثابت
صحيح لان محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه ومحمد بن إسحاق سمعه من
محمد بن إبراهيم التيمي وليس هو مما دلسه بن إسحاق انتهى وقال الترمذي في
علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال هو عندي صحيح
انتهى ورواه أحمد في مسنده وزاد في آخره ثم أمر بالتأذين وكان بلال يؤذن
بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر
فقيل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم قال فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من
النوم قال سعيد فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر انتهى رواه من
طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن
عبد ربه فذكره ورواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن
جبل بنحو حديث عبد الله بن زيد وسيأتي في الحديث الرابع وقال الحاكم
في المستدرك في فضائل عبد الله بن زيد بن عبد ربه وإنما اشتهر عبد الله بن
زيد بن عبد ربه بحديث الاذان ولم يخرجاه في الصحيحين لاختلاف الناقلين في
أسانيده وقد تداوله فقهاء الاسلام بالقبول وامثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب
وقد توهم بعض أئمتنا ان سعيدا لم يلحق عبد الله بن زيد وليس كذلك وإنما توفي
عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان
حديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور رواه يونس بن يزيد ومعمر بن
راشد وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن إسحاق وغيرهم واما أخبار الكوفيين في
365

هذا الباب فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فمنهم من قال عن معاذ بن
جبل ان عبد الله بن زيد ومنهم من قال عن عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد بن عبد وأما
رواية ولد عبد الله بن زيد عن آبائهم عنه فغير مستقيمة الأسانيد وقد أسند عبد الله
بن زيد هذا حديثا غير هذا ثم أسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أرى الاذان انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا
حائطي صدقة إلى الله ورسوله فجاء أبواه فقالا يا رسول الله كان قوام عيشنا فرده
رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما ثم ماتا فورثهما ابنهما بعد انتهى كلامه قال الذهبي في
مختصره وهذا فيه إرسال انتهى ونقل عن البخاري أنه قال لا يعرف لعبد الله
بن زيد بن عبد ربه الا حديث الاذان انتهى
أحاديث في أن الاذان كان وحيا لا مناما روى البزار في مسنده حدثنا محمد
بن عثمان بن مخلد الواسطي ثنا أبي حدثنا زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين
عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال لما أراد الله ان يعلم رسوله الاذان أتاه
جبرائيل عليه السلام بدابة يقال لها البراق فذهب يركبها فاستصعبت فقال لها
اسكني فوالله ما ركبك عبد أكرم على الله من محمد قال فركبها حتى انتهى إلى
الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى فبينا هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبرائيل من هذا قال والذي بعثك بالحق اني لأقرب
الخلق مكانا وان هذا الملك ما رايته منذ خلقت قبل ساعتي هذه فقال الملك الله
أكبر الله أكبر قال فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا أكبر انا أكبر ثم
قال الملك أشهد أن لا إله إلا الله قال فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا
لا اله الا انا ثم قال الملك اشهد ان محمدا رسول الله فقيل له من وراء الحجاب
صدق عبدي انا أرسلت محمدا ثم قال الملك حي على الصلاة حي على الفلاح
ثم قال الملك الله أكبر الله أكبر فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا أكبر
انا أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال فقيل من وراء الحجاب صدق عبدي انا لا اله
الا انا قال ثم اخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه فأم أهل السماء فمنهم آدم ونوح
انتهى قال البزار لا نعلمه يروي بهذا اللفظ عن علي الا بهذا الاسناد وزياد بن المنذر
366

فيه شيعية وقد روى عنه مروان بن معاوية وغيره انتهى ورواه أبو القاسم
الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب وقال حديث غريب لا اعرفه الا من هذا
الوجه انتهى ولم يعزه في الامام الا للأصبهاني ثم قال والخبر الصحيح ان
بدء الاذان كان بالمدينة أخرجه مسلم عن بن جريج عن نافع عن بن عمر قال كان
المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون ويتحينون بالصلاة وليس يناد لها أحد
فتكلموا في ذلك الحديث
فائدة أخرى قال الشيخ في الامام قد اشتهر في خبر الرؤيا في الاذان كلمة
الشهادتين وأمره عليه السلام لبلال بها وقد أخرج بن خزيمة في صحيحه عن
عبد الله بن نافع عن أبيه عن بن عمر أنه كان يقول أول ما أذن أشهد أن لا إله إلا الله
حي على الصلاة فقال عمر قل في إثرها أشهد أن محمدا رسول الله فقال له عليه
الصلاة والسلام قل كما أمرك عمر انتهى قال الشيخ و عبد الله بن نافع قال
فيه النسائي متروك الحديث انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن نوح بن دراج عن
الأجلح عن البهي عن سفيان بن الليل قال لما كان من أمر الحسين بن علي ومعاوية ما
كان قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه فذكر الحديث بطوله قال
فتذاكرنا عنده الاذان فقال بعضنا إنما كان بدء الاذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم
فقال له الحسن بن علي ان شأن الاذان أعظم من ذلك اذن جبرائيل في السماء مثنى
مثنى وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام مرة مرة فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن به الحسن
حتى ولى انتهى وسكت عنه قال الذهبي في مختصره نوح بن دراج
كذاب انتهى
حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا النعمان بن أحمد
الواسطي ثنا أحمد بن محمد بن ماهان حدثني أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد
عن الزهري عن سالم عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أسرى به إلى السماء أو حي إليه بالاذان
فنزل به فعلمه جبرائيل انتهى وقال تفرد به محمد بن ماهان الواسطي انتهى
367

ورواه في موضع آخر حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي ثنا عمي أحمد بن محمد بن
ماهان الواسطي ثنا أبي به وقال تفرد به طلحة بن زيد قوله ولنا انه لا ترجيع
فيه في المشاهير قلت فيه أحاديث منها حديث عبد الله بن زيد وقد تقدم بألفاظه
وطرقه قال بن الجوزي في التحقيق حديث عبد الله بن زيد هو أصل التأذين
وليس فيه ترجيع فدل على أن الترجيع غير مسنون انتهى
حديث آخر رواه أبو داود والنسائي من حديث شعبة قال سمعت أبا جعفر
مؤذن مسجد العربان في مسجد بني هلال يحدث عن مسلم أبي المثنى مؤذن المسجد
الجامع عن بن عمر أنه قال إنما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين
والإقامة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة فكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم
خرجنا إلى الصلاة انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وله
طريق آخر عند الدارقطني والبيهقي في سننهما أخرجه عن سعيد بن المغيرة الصياد ثنا
عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان الاذان على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة انتهى قال بن الجوزي وهذا
إسناد صحيح سعيد بن المغيرة وثقه بن حبان وغيره وهو دليل على أنه لم يكن فيه
ترجيع انتهى وقال في الإمام قال بن أبي حاتم قال أبي سعيد بن المغيرة ثقة
ورواه أبو عوانة في مسنده بلفظ مثنى مثنى والإقامة فرادى انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن عبد بن
عبد الرحمن بن عبد الله البغدادي ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن
عبد الملك بن أبي محذورة قال سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يقول إنه
سمع أباه أبا محذورة يقول ألقى على رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان حرفا حرفا الله أكبر
الله أكبر إلى آخره لم يذكر فيه ترجيعا وهذا معارض للرواية المتقدمة التي عند
مسلم وغيره ورواه أبو داود في سننه حدثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل
فذكره بهذا الاسناد وفيه ترجيع
368

الحديث الثاني حديث أبي محذورة انه عليه السلام امره بالترجيع قلت رواه
الجماعة الا البخاري من حديث عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
علمه الاذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله
اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله ثم يعود فيقول أشهد أن لا إله
إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا
رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله انتهى وفي بعض ألفاظهم علمه الاذان تسعة
عشر كلمة فذكرها ولفظ أبي داود قلت يا رسول الله علمني سنة الاذان قال
تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله
اشهد ان محمدا رسول الله تخفض بهما صوتك ثم ترفع صوتك بهما
الحديث وهو لفظ بن حبان في صحيحه واختصره الترمذي ولفظه عن أبي
محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقعده والقى عليه الاذان حرفا حرفا قال بشر فقلت له
أعد على فوصف الاذان بالترجيع انتهى وطوله النسائي وابن ماجة وأوله
خرجت في في نفر فلما كنا ببعض الطريق اذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال ثم قا
لي ارجع فامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله الحديث قوله وكان ما رواه
تعليما فظنه ترجيعا هذا فيه نظر وقال الطحاوي في شرح الآثار يحتمل ان
الترجيع إنما كان لان أبا محذورة لم يمد بذلك صوته كما اراده النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه
السلام ارجع فامدد من صوتك وهذا قريب مما قاله صاحب الكتاب وقال
بن الجوزي في التحقيق ان أبا محذورة كان كافرا قبل ان يسلم فلما أسلم ولقنه
النبي صلى الله عليه وسلم الاذان أعاد عليه الشهادة وكررها لتثبت عنده ويحفظها ويكررها على
أصحابه المشركين فإنهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها فلما كررها
عليه ظنها من الاذان فعده تسع عشرة كلمة وأيضا فأذان أبي محذورة عليه أهل مكة
وما ذهبنا إليه عليه عمل أهل المدينة والعمل على المتأخر من الأمور انتهى كلامه
وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة في المعنى ويردها لفظ أبي داود قلت يا رسول الله
369

علمن سنة الاذان وفيه ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول
الله تخفض به صوتك ثم ترفع صوتك به فجعله من سنة الاذان وهو كذلك
في صحيح بن حبان ومسند أحمد لكنه معارض بما أخرجه الطبراني عن
أبي محذورة وليس فيه ترجيع وسيأتي
حديث آخر للخصم أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن محمد بن
عمار بن سعد القرظ عن سعد القرظ انه وصف اذان بلال وفيه الترجيع قال
بن الجوزي في التحقيق هذا لا يصح والصحيح ان بلالا كان لا يرجع
وعبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ قال بن معين فيه ليس بشئ انتهى
كلامه
الحديث الثالث روى أن بلالا رضي الله عنه قال الصلاة خير من النوم حين
وجد النبي صلى الله عليه وسلم راقدا فقال عليه السلام ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك
قلت رواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا
يعقوب بن حميد ثنا عبد الله بن وهب عن يونس ب يزيد عن الزهري عن حفص بن
عمر عن بلال انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال الصلاة خير من
النوم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك انتهى
رضي الله تعالى عنه أخرجه في با ب الباء في ترجمة حفص بن عمر عن بلال وروى الحافظ
أبو الشيخ بن حيان في كتاب الاذان له حدثنا عبدان ثنا محمد بن موسى الجرشي
ثنا خلف الحزان يعني البكتا قال قال بن عمر جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه
370

بالصلاة فوجده قد أغفا فقال الصلاة خير من النوم فقال اجعله في أذانك إذا
أذنت للصبح فجعل بلال يقولها إذ اذن للصبح انتهى
أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا عمرو بن رافع ثنا عبد الله بن
المبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن بلال انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه
لصلاة الفجر فقيل هو نائم فقال الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم
فأقرت في تأذين الفجر فثبت الامر على ذلك انتهى
حديث آخر روى بن خزيمة في صحيحه والدارقطني ثم البيهقي في
سننهما من حديث محمد بن سيرين عن أنس قال من السنة إذا قال المؤذن في اذان
الفجر حي على الصلاة حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم انتهى قال
البيهقي إسناده صحيح
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن
حجاج عن عطاء عن أبي محذورة انه اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكان
يقول في اذانه الصلاة خير من النوم انتهى وأخرجه أبو داود عن الحارث بن
عبد الله
حديث آخر خرجه الطبراني في معجمه الوسط عن عمرو بن صالح الثقفي
ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاء بلال إلى النبي
صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال الصلاة خير من النوم فأقرت في اذان
الصبح انتهى
حديث آخر روى البيهقي في المعرفة عن الحاكم بسنده إلى الزهري عن
حفص بن عمر بن سعد المؤذن ان سعدا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفص
371

فحدثني أهلي ان بلالا اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن لصلاة الفجر فقالوا انه نائم فنادى
بأعلى صوته الصلاة خير من النوم فأقرت في صلاة الفجر انتهى وقال هذا
مرسل حسن والطريق له صحيح قال في الامام وأهل حفص غير مسمين فهم
مجهولون
حديث آخر رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي
ثنا أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
استشار الناس لما يهمهم إلى الصلاة فذكر البوق فكرهه من اجل اليهود ثم ذكروا
الناقوس فكرهه من اجل النصارى فأرى النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال
له عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب فطرق الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عليه
السلام بلالا فأذن به قال الزهري وزاد بلال في نداء صلاة الغداة الصلاة خير من
النوم فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر يا رسول الله قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه
سبقني انتهى قال في الامام ومحمد بن خالد هذا تكلم فيه
حديث آخر في حديث أبي محذورة عند أبي داود قلت يا رسول الله علمني
سنة الاذان وفي آخره فإن كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة
خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ورواه بن حبان في صحيحه في
النوع الرابع والسبعين من القسم الأول
حديث آخر روى أحمد في مسنده حديث عبد الله بن زيد من طريق محمد
بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه فذكره
بنحو أبي داود وزاد في آخره ثم أمر بالتأذين فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر فقيل له ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم قال سعيد
372

فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر انتهى وقد تقدم في حديث
اذان الملك النازل من السماء وتقدم قول الحاكم في المستدرك أمثل الروايات في
حديث عبد الله بن زيد رواية سعيد بن المسيب وهو خلاف ما قاله غيره فإن بن
إسحاق لم يصرح فيه بالتحديث من الزهري فبقي فيه شبهة التدليس قاله الشيخ في
الامام
الحديث الرابع روى أن الملك النازل من السماء أقام بصفة الاذان يعني مثنى مثنى
وزاد بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين قلت رواه أبو داود في سننه
من حديث المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل
قال أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال إلى أن قال فجاء
عبد الله بن زيد رجل من الأنصار وقال فيه فاستقبل القبلة يعني الملك وقال الله
أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا
رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي
على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم امهل هنية ثم
قام فقال مثلها الا انه زاد بعد ما قال حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت
الصلاة قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنها بلالا فأذن بها بلال مختصر ورواه
أيضا عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت بن أبي ليلى قال حدثنا أصحابنا ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى
لقد هممت ان أبث رجالا في الدور ينادون الناس بحين الصلاة وحتى هممت ان آمر
رجالا يقومون على الآطام ينادون بحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا ان ينقسوا
فقال فجاء رجل من الأنصار فقال يا رسول الله اني لما رجعت لما رأيت من
اهتمامك رأيت رجلا كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة
ثم قام فقال مثلها الا انه يقول قد قامت الصلاة ولولا أن يقول الناس قال
373

بن المثنى ان يقولوا لقلت اني كنت يقظان غير نائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد
أراك الله خيرا فمر بلالا فيؤذن فقال عمر اما اني قد رأيت مثل الذي رأى
ولكن لما سبقت استحييت قال وحدثنا أصحابنا قال كان رجل إذا جاء يسأل
فيخبر بما سبق من صلاته وانهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد
ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء معاذ فأشاروا إليه قال فقال معاذ لا أراه
على حال الا كنت عليها قال فقال إن معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا
مختصر وأخرجه الدارقطني في سننه عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل نحوه قال البيهقي في كتاب المعرفة
حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قد اختلف عليه فيه فروى عنه عن عبد الله بن
زيد وروى عنه عن معاذ بن جبل وروى عنه قال حدثنا أصحاب محمد قال بن
خزيمة عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من عبد الله بن زيد وقال
محمد بن إسحاق لم يسمع منهما ولا من بلال فان معاذا توفي في طاعون عمواس
سنة ثمان عشرة وبلال توفي بدمشق سنة عشرين وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد
لست بقين من خلافة عمر وكذلك قاله الواقدي ومصعب الزبيري فثبت انقطاع
حديثه انتهى كلامه وقال المنذري في مختصره قول بن أبي ليلى حدثنا
أصحابنا ان أراد الصحابة فهو قد سمع جماعة من الصحابة فيكون الحديث
مسندا والا فهو مرسل انتهى قلت أراد به الصحابة صرح بذلك بن أبي شيبة في
مصنفه فقال حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ان عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران فقام
على حائط فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى انتهى وأخرجه البيهقي في سننه
عن وكيع به قال في الامام وهذا رجال الصحيح وهو متصل على مذهب
الجماعة في عدالة الصحابة وان جهالة أسماءهم لا تضر
374

أحاديث الباب روى الترمذي من حديث عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال كان اذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة
انتهى ثم قال و عبد الرحمن بن ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد
انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما عن همام بن يحيى عن
عامر الأحول ان مكحولا حدثه ان عبد الله بن محيريز حدثه ان أبا محذورة حدثه
قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان تسعة عشر كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة
فذكر الاذان مفسرا بتربية التكبير أوله وفيه الترجيع والإقامة مثله وزاد فيه قد
قامت الصلاة مرتين ورواه الترمذي والنسائي مختصرا لم يذكرا فيه لفظ الأذان والإقامة
الا ان النسائي قال ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة
كلمة وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن خزيمة في صحيحه
ولفظه فعلمه الأذان والإقامة مثنى مثنى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه
قال في الامام وهذا السند على شرط الصحيح وهمام بن يحيى احتج به
الشيخان وعامر بن عبد الواحد احتج به مسلم واعترض البيهقي وقال وهذا
الحديث قد رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول دون ذكر الإقامة كما أخرجه
مسلم في صحيحه وهذا الخبر عندي غير محفوظ لوجوه
أحدها ان مسلما لم يخرجه ولو كان محفوظا لما تركه مسلم
الثاني ان أبا محذورة قد روى عنه خلافه
الثالث ان هذا الخبر لم يدم عليه أبو محذورة ولا أولاده ولو كان هذا
حكما ثابتا لما فعلوا بخلافه ثم أسند عن إسحاق بن راهويه انا إبراهيم بن عبد العزيز
بن عبد الملك بن أبي محذورة قال أدركت أبي وجدي يؤذنون هذا الاذان ويقيمون
هذه الإقامة فذكر الاذان مفسرا بتربيع التكبير أوله وتثنية الشهادتين ثم يرجع بها
مثنى مثنى وتثنية الحيعلتين والتكبير ويختم بلا إله إلا الله والإقامة فرادى وتثنية
التكبير أولها وآخرها وأجاب الشيخ في الامام بان عدم تخريج مسلم له ليس
375

بمقتض لعدم صحته لأنه لم يلتزم إخراج كل الصحيح وما أخرجه البيهقي من
روايات ولد أبي محذورة فلم يقع لها في الصحيح ذكر ثم إن لحديث همام
ترجيحات أحدها ان رجاله رجال الصحيح وان أولاد أبي محذورة لم يخرج لهم
في الصحيح الثاني ان فيه ذكر الكلمات تسع عشر وسبع عشر وهذا ينفي
الغلط في العدد بخلاف غيره من الروايات فإنه قد يقع فيها اختلاف واسقاط
الثالث انه قد وجد متابعة لهمام في روايته عن عامر كما أخرجه الطبراني عن سعيد بن
أبي عروبة عن عامر بن عبد الواحد عن مكحول عن عبد الله بن أبي محيريز عن أبي
محذورة قال علمني النبي صلى الله عليه وسلم الاذان تسع عشر كلمة والإقامة سبع عشر كلمة
ثم إنه معارض بتصحيح الترمذي له وقول ان هذا لم يدم عليه أبو محذورة فهذا
داخل في باب الترجيح لا في باب التضعيف لان عمدة التصحيح عدالة الراوي
وترك العمل بالحديث لوجود ما هو أرجح منه لا يلزم منه ضعفه الا ترى ان
الأحاديث المنسوخة يحكم بصحتها إذا كانت رواتها عدولا ولا يعمل بها لوجود
الناسخ وإذا آل الامر إلى الترجيح فقد تختلف الناس فيه فالبيهقي صدر كلامه بما
يقتضى ان الحديث غير محفوظ وفي آخر كلامه ما يقتضى انه غير معمول به انتهى
كلامه وله طريق آخر عند أبي داود أخرجه عن بن جريج عن عثمان بن السائب
أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة وفيه وعلمني الإقامة
مرتين مرتين ثم ذكرها مفسرة وله طريق آخر عند الطحاوي أخرجه عن شريك عن
عبد العزيز بن رفيع قال سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى
قال في الإمام قال بن معين عبد العزيز بن رفيع ثقة قال وذكر البيهقي عن
الحاكم ما يقتضى ان عبد العزيز لم يدرك أبا محذورة
حديث آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن حماد عن إبراهيم
عن الأسود بن يزيد ان بلالا كان يثنى الاذان ويثنى الإقامة وكان يبدأ بالتكبير
ويختم بالتكبير انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه
والطحاوي في شرح الآثار قال بن الجوزي في التحقيق والأسود لم يدرك
بلالا قال صاحب التنقيح وفيما قاله نظر وقد روى النسائي للأسود عن بلال
376

حديثا انتهى ورواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين عن إسماعيل بن عياش
عن عبد العزيز بن عبيد الله عن بن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن بلال انه
كان يجعل الأذان والإقامة سواء مثنى مثنى وكان يجعل أصبعه في اذنه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن زياد بن عبد الله البكائي ثنا
إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ان بلال كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم مثنى
مثنى ويقيم مثنى مثنى انتهى وزياد البكائي مختلف فيه فقال بن معين ليس
بشئ وقال بن المديني لا أروى عنه ووثقه أحمد وقال أبو زرعة صدوق وأعله
بن حبان في كتاب الضعفاء بزياد ونقل عن بن معين أنه قال ليس حديثه
بشئ وقال وكيع هو أشرف من أن يكذب انتهى واحتج به مسلم ورواه له
البخاري مقرونا بغيره
الآثار روى الطحاوي في شرح الآثار من حديث وكيع عن إبراهيم بن
إسماعيل بن مجمع بن جارية عن عبيد مولى سلمة بن الأكوع ان سلمة بن الأكوع
كان يثني الإقامة حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا محمد بن سنان حدثنا حماد بن سلمة
عن حماد عن إبراهيم قال كان ثوبان يؤذن مثنى ويقيم مثنى حدثنا يزيد بن سنان
حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا فطر بن خليفة عن مجاهد قال في الإقامة مرة
مرة إنما هو شئ أحدثه الامراء وان الأصل هو التثنية انتهى
حديث آخر مرفوع أخرجه البيهقي في الخلافيات عن سليمان بن داود الرازي
عن أبي أسامة عن أبي العميس قال سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد
الأنصاري يحدث عن أبيه عن جده انه أرى الاذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى
قال فاتيت النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته فقال علمهن بلالا فعلمتهن بلالا
قال فتقدمت فأمرني ان أقيم فأقمت انتهى قال البيهقي قال الحاكم هذا في
متنه ضعيف فإن أبا أسامة اتى فيه بشئ لم يروه أحد وهو ان بلالا اذن و عبد الله
بن زيد أقام وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من اذن فهو يقيم أخبار كثيرة وقد رواه
377

عبد السلام بن حرب عن أبي العميس فلم يذكر فيه تثنية الإقامة وعبد السلام اعلم
الكوفيين بحديث أبي العميس وأكثرهم عنه رواية قال في الامام وحديث
عبد السلام بن حرب رواه الحاكم والطحاوي وعما قاله البيهقي عن الحاكم جوابان
أحدهما ان الراوي إذا كان ثقة يقبل ما يتفرد به وأبو أسامة لا يسأل عنه فإنه ثقة
عندهم مخرج له في الصحيح والراوي عنه سليمان بن داود الرازي قال بن أبي
حاتم فيه صدوق والراوي عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وعن عبد الرحمن أبو علي
الحافظ وعنه الحاكم وهؤلاء اعلام مشاهير الثاني ان أبا أسامة لم يتفرد به فان
عبد السلام بن حرب الذي قال الحاكم انه رواه عن أبي العميس ولم يذكر فيه الإقامة
قد روى هذا الحديث بالاسناد المذكور وفيه إقامة عبد الله بن زيد بعد اذان بلال
هكذا رواه الحاكم ورواه أبو حفص بن شاهين من جهة محمد بن سعيد
الأصبهاني عن عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد
بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده انه حين أرى الاذان أمر بلالا فأذن ثم أمر عبد الله
بن زيد فأقام وروى أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد
ثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد قال أراد النبي
صلى الله عليه وسلم في الاذان أشياء يصنع منها شيئا قال فارى عبد الله بن زيد الاذان في المنام
فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال القه على بلال فألقاه عليه فأذن بلال فقال
عبد الله انا رايته وانا كنت أريده قال فأقم أنت انتهى قال الحازمي
هذا إسناد حسن واستشهاده بحديث من اذن فهو يقيم استدلال بالمعارضة وليست المعارضة
بموجبة لبطلان المعارض انتهى كلامه
أحاديث الخصوم منها حديث أنس قال أمر بلال ان يشفع الاذان ويوتر
الإقامة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ في الامام والصحيح من مذهب
الفقهاء والأصوليين ان قول الراوي أمر أو أمرنا ملحق بالمسند لكنه ورد بصيغة
الرفع كما روى قتيبة عن عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم
378

أمر بلالا ان يشفع الاذان ويوتر الإقامة الا ان بن أبي حاتم ذكر عن أبي زرعة أنه قال
هذا حديث منكر انهى لم يذكر من خرجه
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان عن بن عمر قال إنما كان
الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول قد
قامت الصلاة وقد تقدم في أحاديث الترجيع
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الملك بن أبي محذورة انه
سمع أباه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم امره أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة انتهى أخرجه عن
عبد الله بن عبد الوهاب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة حدثني
عبد الملك بن أبي محذورة ان أباه به
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد حدثني
أبي عن أبيه عن جده أن أذان بلال كان مثنى مثنى وإقامته مفردة انتهى قال في
الامام ذكر بن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي حيثمة عن بن معين أنه قال في
عبد الرحمن هذا ضعيف
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن معمر بتشديد الميم بن محمد بن عبيد الله
بن أبي رافع حدثني أبي محمد عن أبيه عبيد الله قال رأيت بلالا يؤذن بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم واحدة انتهى قال في الامام ومعمر هذا
متكلم فيه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال كان
الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة فرادى انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن محمد بن إسحاق عن عون بن أبي جحيفة عن
379

أبيه قال كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة
انتهى قا الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف أهل العلم في هذا
الباب فذهبت طائفة إلى أن الإقامة مثل الاذان مثنى مثنى وهو قول أبي حنيفة وأهل
الكوفة واحتجوا بما أخبرنا وأسند عن أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن الحسن ثنا
حجاج عن بن جريج عن عثمان بن السائب قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي
محذورة عن أبي محذورة قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر
عشرة من أهل مكة اطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد سمعت في هؤلاء تأذين انسان حسن الصوت فأرسل إلينا فجئنا
فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم فقال حين أذنت تعال فأجلسني بين يديه
ومسح على ناصيتي وبرك على ثلاث مرات ثم قال اذهب فأذن عند البيت الحرام
قلت كيف يا رسول الله فعلمني الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله
إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا
رسول الله خي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله قال وعلمني الإقامة مرتين مرتين الله أكبر
الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح
حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
قال بن جريج أخبرني عثمان بن السائب بهذا الخبر كله عن أبيه وعن أم
عبد الملك بن أبي محذورة انهما سمعا ذلك من أبي محذورة قال وهذا حديث
حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي وجعلوا هذا الحديث ناسخا لحديث
أنس أمر بلال ان يشفع الاذان ويوتر الإقامة قالوا وحديث بلال إنما كان أول ما
شرع الاذان كما دل عليه حديث أنس المذكور وحديث أبي محذورة كأنعام حنين
وبينهما مدة مديدة وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم واليه ذهب مالك والشافعي
وأحمد محتجين بحديث أنس قالوا وحديث أبي محذورة لا يصلح ان يكون
380

ناسخا لهذا لان من شرط الناسخ ان يكون أصح سندا وأقوى من جميع جهات
الترجيح على ما تقدم وحديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس من جهة واحدة
فضلا عن الجهات كلها مع أن جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية
الإقامة غير محفوظة ثم روى من طريق البخاري حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب أخبرني
إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أخبرني جدي عبد الملك بن أبي
محذورة انه سمع أبا محذورة يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يشفع الاذان ويوتر الإقامة
وقال عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أدركت
جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله
اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة
قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحكى الشافعي نحو ذلك عن
ولد أبي محذورة وفي بقاء أبي محذورة وولده على افراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم
وقع في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة وقال بعض الأئمة الحديث إنما ورد في
تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة فقط فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها
وفي رواية حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن بن جريج عن عثمان بن السائب عن
أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة كليهما عن أبي محذورة ما يدل على ذلك ثم
لو سلمنا ان هذه الزيادة محفوظة وان الحديث ثابت لقلنا بأنه منسوخ فان اذان بلال
هو آخر الأذانين لان النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من حنين ورجع إلى المدينة أقر بلالا على اذانه
وإقامته ثم اخرج من طريق أبي بكر الخلال أخبرني محمد بن علي أنبأ الأثرم قال
قيل لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل أليس حديث أبي محذورة بعد حديث
عبد الله بن زيد لان حديث أبي محذورة بعد فتح مكة فقال أليس قد رجع النبي
صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فاقر بلالا على اذان عبد الله بن زيد وبالاسناد قال الخلال أخبرني
عبد الملك بن عبد الحميد قال ناظرت أبا عبد الله في اذان أبي محذورة فقال نعم
قد كان أبو محذور يؤذن ويثبت تثنية اذان أبي محذورة ولكن اذان بلال هو آخر
الاذان انتهى كلام الحازمي واعترض الشيخ تقي الدين في الامام قوله من
شرط الناسخ ان يكون أصح سندا. وأقوى من جميع جهات الترجيح فقال لا نسلم
ان من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي فيه ان يكون صحيحا متأخرا معارضا غير ممكن
الجمع بينه وبين معارضه فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من
381

الشروط لثبت النسخ واما انه يشترط ان يكون أرجح من المعارض في الصحة فلا
نسلم نعم لو كان دونه في الصحة ففيه نظر والله أعلم انتهى
أحاديث تثنية قد قامت الصلاة اخرج البخاري في صحيحه عن سليمان
بحرب عن حماد عن سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال أمر
بلال ان يشفع الاذان ويوتر الإقامة الا الإقامة انتهى قال في الإمام قال بن
مندة قوله الا الإقامة زيادة ادرجها سليمان بن حرب الحديث وقد رواه غير واحد عن
حماد فلم يذكروا فيه هذه اللفظة انتهى ورواه أبو عوانة في مسنده والدارقطني
في سننه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال
كان بلال يثني الاذان ويوتر الإقامة الا قول قد قامت الصلاة
حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي جعفر عن مسلم أبي المثنى عن بن عمر
قال إنما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه
يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قال في الامام وأخرجه بن خزيمة
في صحيحه وأبو جعفر قال أبو زرعة لا اعرفه الا في هذا الحديث وأبو المثنى
مسلم بن المثنى وقيل مهران قال أبو عمر كوفي ثقة انتهى
ما جاء في افرادها اخرج بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن
عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه عن أبي أمامة انه عليه السلام أمر بلالا ان يدخل
أصبعيه في اذنيه وقال إنه ارفع لصوتك وان اذان بلال كان مثنى مثنى وإقامته
مفردة قد قامت الصلاة مرة واحدة قال في الامام ولم يذكر بن عدي
عبد الرحمن هذا بجرح ولا تعديل فهو مجهول عنده واما بن أبي حاتم فذكر
تضعيفه وقال بن القطان عبد الرحمن هذا وأبوه وجده كلهم لا يعرف لهم حال
انتهى
الحديث الخامس روى أن الملك النازل من السماء اذن مستقبل القبلة قلت
382

تقدم عند أبي داود في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ وقال فيه
فاستقبل القبلة وقال الله أكبر الله أكبر إلى آخره وروى الامام إسحاق بن
راهويه في مسنده أخبرنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى قال جاء عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله اني رأيت رجلا نزل من السماء فقام على جذم حائط فاستقبل
القبلة وقال الله أكبر الله أكبر اشهد ان الا اله الا الله مرتين اشهد ان محمدا
رسول الله مرتين ثم قال عن يمينه حي على الصلاة مرتين ثم قال عن يساره
حي على الفلاح مرتين ثم استقبل القبلة فقال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
ثم قعد قعدة ثم قام فستقبل القبلة يفعل مثل ذلك وقال قد قامت الصلاة قد
قامت الصلاة وجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله قد رأيت مثل ما رأى
عبد الله ولكنه سبقني فقال علمها بلالا فإنه اندى صوتا منك انتهى
وأخرج بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ
حدثني أبي عن آبائه ان بلالا كان إذا كبر بالاذان استقبل القبلة وذكر بن أبي حاتم عن
أبي بكر بن أبي خيثمة قال سئل يحيى بن معين عن عبد الرحمن بن سعد هذا
فقال مدني ضعيف انتهى وهذا رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن
عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد القرظ فذكره وسيأتي بعد هذا الحديث
وقال بن القطان في كتابه عبد الرحمن هذا وأبوه وجده لا يعرف لهم حال
انتهى
الحديث السادس قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر
قلت أخرجه الترمذي عن عبد المنعم بن نعيم ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء
عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال يا بلال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت
383

فاحدر واجعل بين أذانك واقامتك قدر ما يفرغ الآكل من اكله والشارب من شربه
والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه الا من
هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول انتهى وعبد المنعم هذا
ضعفه الدارقطني وقال أبو حاتم منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به وأخرجه
الحاكم في مستدركه عن عمرو بن فائد الأسواري ثنا يحيى بن مسلم به سواءا ثم
قال هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد ولم يخرجاه انتهى
قال الذهبي في مختصره وعمرو بن فائد قال الدارقطني متروك انتهى
وأخرجه بن عدي عن يحيى بن مسلم به وقال فيه فاحذم بحاء مهملة وذال
معجمة مكسورة وأسند عن يحيى قال يحيى بن مسلم بصري متروك
الحديث
ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني في سننه عن سويد بن غفلة قال
سمعت علي بن أبي طالب يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ان نرتل الاذان ونحذف
الإقامة انتهى واخرج أيضا عن مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي الزبير مؤذن
بيت المقدس قال جاءنا عمر بن الخطاب فقال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت
فاحذم انتهى و عبد العزيز مولى آل معاوية بن أبي سفيان القرشي البصري ذكر
بن أبي حاتم انه روى عنه ابنه مرحوم ولم يعرف بحاله ولا ذكره غيره قال في
الامام وروى الطبراني في معجمه الوسط عن عمرو بن بشير عن عمران بن
مسلم عن سعيد بن علقمة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بلالا أن يرتل
الاذان ويحدر في الإقامة انتهى
قوله كما هو السنة يعني تحويل الوجه في الاذان يمينا وشمالا مع ثبات القدمين
قلت روى الأئمة الستة في كتبهم البخاري في الاذان ومسلم في الصلاة
في باب المرور بين يدي المصلى من حديث أبي جحيفة انه رأى بلالا يؤذن قال
384

فجعلت أتتبع فاه هاهنا وها هنا بالاذان يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على
الفلاح وذكر فيه قصة ورواه الباقون في الاذان ولفظ أبي داود فلما بلغ حي
على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر ثم دخل فاخرج
العنز وساق الحديث ولفظ الطبراني فيه وجعل يقول برأسه هكذا وهكذا
يمينا وشمالا حتى فرغ من اذانه ولفظ بن ماجة فيه مخالف لذلك قال أتيت النبي
صلى الله عليه وسلم بالأبطح وهو في قبة حمراء فخرج بلال فأذن فاستدار في اذانه وجعل
أصبعيه في اذنيه انتهى أخرجه عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه فذكر وبهذا اللفظ رواه الحاكم في المستدرك وقال لم يذكرا فيه إدخال
الإصبعين في الاذنين والاستدارة في الاذان وهو صحيح على شرطهما جميعا انتهى
ما وجدته كما عزواه وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن
عبد الله بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد القرظ قال كان بلال إذا كبر
بالاذان استقبل القبلة ثم يقول الله أكبر الله أكبر أشهد ان لا إله إلا الله مرتين
اشهد ان محمدا رسول الله مرتين ويستقبل القبلة ثم ينحرف عن يمين القبلة
فيقول حي على الصلاة مرتين ثم ينحرف عن يسار القبلة فيقول حي على
الفلاح مرتين ثم يستقبل القبلة فيقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
مختصر وسكت عنه
حديث آخر أخرجه الدارقطني في افراده عن عبد الله بن رشيد ثنا عبد الله بن
بزيغ عن الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اذنا أو أقمنا ان لا نزيل اقدامنا عن مواضعها رواه عن محمد
بن معرج الجنديسابوري عن جعفر بن محمد بن حبيب عنه وقال غريب من حديث
سويد بن غفلة عن بلال تفرد به طلحة بن مصرف عنه وتفرد به الحسن بن عمارة عن
طلحة وتفرد به عبد الله بن بزيغ عن الحسن وتفرد به عبد الله بن رشيد عنه انتهى
385

من الامام
واما الأثران فقد تقدم عند بن ماجة والحاكم عن أبي جحيفة وفيه فاستدار
في اذانه ورواه الترمذي حدثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن
عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وها هناه
وإصبعاه في اذنيه وقال حديث حسن صحيح واعترض البيهقي فقال
الاستدارة في الاذان ليست في الطرق الصحيحة في حديث أبي جحيفة ونحن نتوهم
ان سفيان رواه عن الحجاج بن أرطاة عن عون والحجاج غير محتج به و عبد الرزاق
وهم فيه ثم أسند عن عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان به وليس فيه
الاستدارة وقد رويناه من حديث قيس بن الربيع عن عون وفيه ولم يستدر
قال الشيخ في الامام اما كونه ليس مخرجا في الصحيح فغير لازم وقد
صححه الترمذي وهو من أئمة الشأن واما ان عبد الرزاق وهم فيه فقد تابعه مؤمل
كما أخرجه أبو عوانة في صحيحه عن مؤمل عن سفيان به نحوه واما توهمه انه
سمع من حجاج بن أرطاة فقد جاء مصرحا به كما أخرجه الطبراني عن يحيى بن آدم
عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت بلالا اذن فاتبع فاه هاهنا
وها هنا قال يحيى قال سفيان كان حجاج بن أرطاة يذكر عن عون أنه قال
واستدار في اذانه فلما لقينا عونا لم يذكر فيه واستدار وأيضا فقد جاءت
الاستدارة من غير جهة الحجاج أخرجه الطبراني أيضا عن زياد بن عبد الله عن
إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضرت
الصلاة فقام بلال فأذن وجعل أصبعيه في اذنيه وجعل يستدير وذكر باقيه
واخرج أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب الاذان عن حماد وهيثم جميعا عن عون بن
أبي جحيفة عن أبيه ان بلالا اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فوضع أصبعيه في اذنيه
وجعل يستدير يمينا وشمالا
386

الحديث السابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يجعل أصبعيه في اذنيه حين
الاذان قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد
مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يجعل
أصبعيه في اذنيه وقال إنه ارفع لصوتك انتهى وأخرجه الحاكم في
المستدرك في كتاب الفضائل عن عبد الله بن عمار بن سعد القرظ حدثني
أبي عن جدي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يضع أصبعيه في اذنيه وقال إنه ارفع
لصوتك مختصر وسكت عنه
وأخرجه الطبراني في معجمه من حديث بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إذا
أذنت فاجعل إصبعيك في اذنيك فإنه ارفع لصوتك انتهى واخرج بن عدي
في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه عن أبي أمامة
انه عليه السلام أمر بلالا ان يدخل أصبعيه في اذنيه وقال إنه ارفع لصوتك
وذكره في ترجمة عبد الرحمن هذا ولم يذكره بجرح ولا تعديل فهو مجهول
عنده وضعفه بن أبي حاتم وقال بن القطان عبد الرحمن هذا وأبوه وجده
كلهم لا يعرف لهم حال انتهى قال القاضي شمس الدين السروجي في الغاية روى
بن حيان انه عليه السلام أمر بلالا ان يجعل أصبعيه في اذنيه وهذا ليس بن حبان
صاحب الصحيح وإنما هو بن حيان بالياء المثناة أبو الشيخ الأصبهاني رواه في
كتاب الاذان وهو جزء حديثي وأبو حاتم بن حبان بالباء الموحدة هو صاحب
الصحيح وكان عليه ان يبينه والله أعلم وقد ورد في حديث الرؤيا ان الملك حين
اذن وضع أصبعيه في اذنيه أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب الاذان عن يزيد
بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال
اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم للاذان بالصلاة وكان إذا جاء وقت الصلاة صعد رجل يشير
بيده فمن رآه جاء ومن لم يره لم يعلم بالصلاة فاهتم لذلك هما شديدا فقال له
387

بعض القوم يا رسول الله لو أمرت بالناقوس قال فعل النصارى قالوا
فالبوق قال فعل اليهود قال فرجعت إلى أهلي وانا مغتم لما رأيت من اغتمام
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان قبيل الفجر رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران وانا بين
النائم واليقظان فقام على سطح المسجد فجعل أصبعيه في اذنيه ونادى الحديث
ويزيد بن أبي زياد متكلم فيه و عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد تقدم قول من قال فيه
انقطاع
قوله والشافعي رحمه الله يفصل بين الأذان والإقامة في المغرب بركعتين سيأتي
الكلام على أحاديث المسألة في باب النوافل إن شاء الله تعالى
388

الحديث الثامن قال النبي صلى الله عليه وسلم وليؤذن لكم خياركم قلت رواه أبو داود
في الصلاة في باب من أحق بالإمامة وابن ماجة في الاذان من حديث حسين
بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليؤذن لكم خياركم ويؤمكم قراءكم انتهى ورواه الطبراني في معجمه
وذكر الدارقطني ان الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان وحسين
بن عيسى منكر الحديث قاله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وفي الامام وروى
إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لا يؤذن لكم غلام حتى يحتلم وليؤذن لكم خياركم انتهى ولم يعزه
ثم قال قال الإمام أبو محمد عبد الحق إبراهيم هذا وثقه الشافعي خاصة وضعفه الناس
وأصلح ما سمعت فيه من غير الشافعي انه ممن يكتب حديثه انتهى
أحاديث التثويب وهو مخصوص عندنا بالفجر كما ذكره في الكتاب
وفيه حديثان ضعيفان أحدهما للترمذي وابن ماجة عن أبي إسرائيل عن الحكم بن
عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا أثوب
في شئ من الصلاة الا في صلاة الفجر انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه
الامن حديث أبي إسرائيل الملائي وليس بالقوي ولم يسمعه من الحكم إنما رواه عن
الحسن بن عمارة عن الحكم انتهى
الحديث الثاني أخرجه البيهقي عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن بلال قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا أثوب الا في الفجر انتهى قال البيهقي
و عبد الرحمن لم يلق بلالا انتهى ولكن اختلفوا في التثويب فقال أصحابنا
389

هو ان يقول بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين وقال
الباقون هو قوله في الاذان الصلاة خير من النوم
أحاديث الجمع بين الأذان والإقامة لا يستحب لمن اذن ان يقيم عندنا وعند
مالك وقال الشافعي وأحمد يستحب لنا ما أخرجه أبو داود عن أبي سهل محمد
بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد انه أرى الاذان قال
فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال القه على بلال فألقيته عليه فأذن ثم أراد
ان يقيم فقلت يا رسول الله انا رأيت فأريد ان أقيم قال فأقم أنت فأقام هو
واذن بلال انتهى وأعلوه بابي سهل تكلم فيه بن معين وغيره قالوا وعلى تقدير
صحته فإنما أراد تطيب قلبه لأنه رأى المنام أم لبيان الجواز واستدلوا بحديث
الصدائي من اذن فهو يقيم رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث
عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي
قال الترمذي إنما نعرفه من حديث الإفريقي وقد ضعفه سعيد القطان وغيره وقال
أحمد لا أكتب حديث الإفريقي
وحديث عبد الله بن زيد أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن عبد السلام بن
حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده انه
حين أرى الاذان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلال فأذن ثم أمر عبد الله فأقام
حديث آخر أخرجه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ
وأبو الشيخ الأصبهاني في كتب الاذان والخطيب البغدادي عن سعيد بن أبي راشد
المازني ثنا عطاء بن أبي رباح عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فحضرت
الصلاة فنزل القوم فطلبوا بلالا فلم يجدوه فقام رجل فأذن ثم جاء بلال فذكر
له فأراد ان يقيم فقال له عليه السلام مهلا يا بلال فإنما يقيم من اذن قال بن
أبي حاتم في العلل قال أبي هذا حديث منكر وسعيد هذا منكر الحديث
ضعيف قال في الامام هكذا وقع في لفظ رواية أبي داود الطيالسي حدثنا
390

محمد بن عمرو الواقفي عن عبد الله بن محمد الأنصاري عن عمه عبد الله بن زيد
قال وهو أصح من الأول انتهى
الحديث التاسع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى الفجر غداة ليلة التعريس بأذان
391

وإقامة واعاده في باب إدراك الفريضة قلت روى من حديث أبي هريرة
وعمران بن حصين وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر و عبد الله بن مسعود وبلال
فحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان ثنا
معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في هذا الخبر يعني قصة
التعريس قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه
الغفلة قال فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى انتهى قال أبو داود رواه مالك
وسفيان بن عيينة والأوزاعي و عبد الرزاق عن معمر وابن إسحاق لم يذكر أحد منهم
الاذان في حديث الزهري هذا ولم يسنده منهم أحد الا الأوزاعي وأبان العطار عن
معمر انتهى وحديث أبي هريرة رواه مسلم فلم يذكر فيه الاذان أخرجه عن يونس
عن الزهري به وفيه ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم
الصبح الحديث
واما حديث عمران بن حصين فرواه أبو داود أيضا حدثنا وهب بن بقية عن
خالد عن يونس عن الحسن عن عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له
فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس
ثم أمر مؤذن فأذن فصلى ركعتين قبل الفجر ثم أقام ثم صلى الفجر انتهى
وحديث عمران بن حصين في الصحيحين عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن
حصين وليس فيه ذكر الاذان ولا الإقامة بل ولا ذكر فيه الوضوء بالجملة ولفظه
فقال ارتحلوا فسار بنا حتى إذا ابيضت الشمس قام فصلى بنا الغداة الحديث
ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم
الخامس من حديث هشام عن الحسن عن عمران فذكره وزاد فقلنا يا نبي الله الا
نقضها لوقتها من الغد فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم
انتهى ورواه الحاكم كذلك في المستدرك بدون الزيادة وقال حديث صحيح
392

على ما قدمنا من صحة سماع الحسن من عمران بن حصين واعادته عليه السلام
الركعتين لم يخرجاه انتهى قال في الامام ورواه بن خزيمة في صحيحه
ولفظه ثم أمر بلالا فأذن
واما حديث عمرو بن أمية الضمري فرواه أبو داود أيضا من حديث حياة بن
شريح عن عياش بن عباس القتباني ان كليب بن صبيح حدثه ان الزبرقان حدثه عن عمه
عمرو بن أمية الضمري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فنام عن
الصبح حتى طلعت الشمس فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تنحوا عن هذا
المكان قال ثم أمر بلالا فأذن ثم توضؤوا وصلوا ركعتي الفجر ثم أمر بلالا
فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح انتهى
واما حديث ذي مخبر فرواه أبو داود أيضا من حديث حريز بن عثمان حدثني
يزيد بن صليح عن ذي مخبر الحبشي وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر قال
فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا لم يلن منه التراب ثم أمر بلالا فأذن ثم قام النبي
صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل ثم قال لبلال أقم الصلاة ثم صلى وهو غير
عجل انتهى
واما حديث بن مسعود فرواه بن حبان في صحيحه من حديث القاسم بن
عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال سرنا ذات ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلنا يا رسول الله لو أمسينا الأرض فنمنا رعت ركائبنا قال فمن يحرسنا
قلت انا قال فغلبتني عيني فلم توقظني الا وقد طلعت الشمس ولم يستيقظ رسول
الله صلى الله عليه وسلم الا بكلامنا قال فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى بنا انتهى ورواه أبو داود
غير مفسر ولفظه عن عبد الرحمن بن أبي علقمة قال سمعت عبد الله بن مسعود
قال اقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكلؤنا
فقا بلال انا فناموا حتى طلعت الشمس فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال افعلوا كما
كنتم تفعلوا قال ففعلنا قال فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي انتهى
واما حديث بلال فرواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم
والفضل بن سهيل قالا ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا أبو جعفر الرازي عن يحيى
393

بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن بلال انهم ناموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر حتى
طلعت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قاموا بلالا فأذن ثم صلى ركعتين ثم أقام
بلال فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر بعد ما طلعت الشمس انتهى قال البزار وقد
رواه غير عبد الصمد فقال عن سعيد بن المسيب مرسلا انتهى
واعلم أن شيخنا علاء الدين استشهد لحديث الكتاب بما أخرجه مسلم عن
أبي قتادة وليس فيه حجة ولفظه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنكم
تسيرون يومكم وليلتكم وتأتون الماء غدا إن شاء الله إلى أن قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ
رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا
فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس أنزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء
ثم قال لأبي قتادة احفظ على ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم اذن بلال بالصلاة
فصلى عليه السلام ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم
الحديث وفيه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ
وقت الصلاة الأخرى وفيه أيضا ان ساقي القوم آخرهم شربا فيحتمل انه أراد
بقوله فصنع كما كان يصنع كل يوم إقامة الأركان فليس صريحا في المقصود
وقد ذكر هذا في غير هذا الحديث وذكره البخاري مختصرا ولفظه عن أبي قتادة
قال سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقال بعض القوم لو عرست بنا يا رسول الله قال
أخاف ان تناموا عن الصلاة فقال بلال انا أوقظكم فاضطجعوا وأسند بلال
ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس
فقال يا بلال أين ما قلت قال ما ألقيت على نومة مثلها قط قال إن الله قبض
أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة
فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابيضت قام فصلى انتهى وليس كل من اللفظين
صريحا في المسألة بل فيه احتمال يظهر بالتأمل
الحديث العاشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا
394

وميده عرضا قلت أخرجه أبو داود عن شداد عن بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
له لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يديه عرضا انتهى وسكت
عنه وأعله البيهقي بالانقطاع قال المعرفة وشداد مولى عياض لم يدرك
بلالا انتهى وقال بن القطان وشداد أيضا مجهول لا يعرف بغير رواية جعفر بن
برقان عنه انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن سوادة بن حنظلة
القشيري قال سمعت سمرة بن جندب يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغرنك
أذان بلال فإن في بصره سوء انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وهذا رواه
جماعة لم يقولوا في بصره سوء قلنا سوادة بن حنظلة ذكره بن حبان في الثقات
وزيادة من الثقة مقبولة وأخرجه الطحاوي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس
مرفوعا نحوه سواء
حديث آخر مرسل أخرجه الدارقطني عن عبد الحميد بن بيان ثنا هيثم ثنا يونس
بن عبيد عن حميد بن هلال أن بلالا أذن ليلة بسواد فأمره عليه السلام أن يرجع
فينادي إن العبد نام فرجع قال البيهقي هذا مرسل قال في الامام لكنه
مرسل جيد ليس في رجاله مطعون فيه
حديث آخر أخرجه الطحاوي ثم البيهقي عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن
بن عمر عن حفصة بنت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام فصلى
ركعتي الفجر ثم خرج إلى المسجد فحرم الطعام وكا لا يؤذن حتى يصبح
انتهى قال في الامام واعترضه الأثرم فقال وحديث حفص رواه الناس عن
نافع فلم يذكروا فيه ما ذكر عبد الكريم قال الشيخ وعبد الكريم الجزري قال فيه
بن معين وابن المديني ثبت ثقة وقال الثوري ما رأيت مثله وقال بن عيينة كان
لا يقول إلا حدثنا أو سمعت قال البيهقي وهذا محمول على الاذان الثاني
حديث آخر روى الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالاذان من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قال الأثرم
395

سمعت أحمد بن حنبل يضعف حديث الأوزاعي عن الزهري قال الشيخ في
الامام ليس هذا بتعليل جيد فالأوزاعي من أئمة المسلمين وقد روى عن عائشة
أنها قالت ما كان المؤذن يؤذن حتى يطلع الفجر أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني عن
وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عنها انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن بن عمر
أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام
ثلاث مرات فرجع فنادى الا إن العبد نام انتهى قال أبو داود ورواه الدراوردي
عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال كان لعمر مؤذن يقال له مسعود فذكر
نحوه وقال هذا أصح من ذاك وذكر الترمذي لفظ الحديث وقال هذا حديث
غير محفوظ ولعل حماد بن سلمة أراد حديث عمر والصحيح حديث بن عمر ان
النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل الحديث ثم نقل عن علي بن المديني أنه قال
هو حديث غير محفوظ انتهى قال البيهقي وقد تابعه سعيد بن زربي عن
أيوب ثم أخرجه كذلك قال وسعيد بن زربي ضعيف قال بن الجوزي في
التحقيق وقد تابع حماد بن سلمة عليه سعيد بن زربي عن أيوب وكان ضعيفا
قال يحيى ليس بشئ وقال البخاري عنده عجائب وقال النسائي ليس بثقة
وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات وقال الحاكم أخبرنا أبو بكر بن
إسحاق الفقيه سمعت أبا بكر المطرز يقول سمعت محمد بن يحيى يقول حديث
حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر شاذ غير
واقع على القلب وهو خلاف ما رواه الناس عن بن عمر وقال أحمد بن حنبل
حدثنا شعيب بن حرب قال قلت لمالك بن أنس إن الصبح ينادي لها قبل الفجر
396

فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا قلت أليس قد
أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الاذان قال لالم يزل الاذان عندنا بليل وقال بن بكير
قال مالك لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادي
لها إلا بعد أن يحل وقتها انتهى كلام بن الجوزي وقال الترمذي لو كان حديث
حماد بن سلمة صحيحا لم يكن في قوله إن بلالا يؤذن بليل فائدة وكيف يأمره ان
يعيد الاذان وهو يقول إن بلالا يؤذن بليل وقال الأثرم وأما حديث حماد بن
سلمة فإنه خطأ منه وأصل الحديث عن نافع عن بن عمر أن مؤذنا يقال له مسروح
وقال بعضهم مسعود أذن بليل فأمره عمر أن يرجع فينادي إن العبد نام وقال
البيهقي في الخلافيات بعد إخراجه حديث حماد هذا وحماد بن سلمة أحد أئمة
المسلمين قال أحمد بن حنبل أرأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على
الاسلام إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه
وأما مسلم فإنه اجتهد في امره وأخرج من أحاديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره
وما سوى حديثه عن ثابت فلا يبلغ أكثر من اثنى عشر حديثا أخرجها في الشواهد
دون الاحتجاج وإذا كان الامر كذلك فالاحتياط ان لا يحتج بما يخالف فيه الثقات
وهذا الحديث من جملتها انتهى كلامه
الرب عز وجل حديث آخر رواه الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث
حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية أنبأ أبو سفيان السعدي عن
الحسن انه سمع مؤذنا أذن بليل فقال علوج تباري الديوك وهل كان الاذن
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يطلع الفجر ولقد أذن بلال بليل فأمره النبي
صلى الله عليه وسلم فصعد فنادى إن العبد قد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عامر بن مدرك ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن
نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ان ينادي إن
العبد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى قال الدارقطني وهم فيه عامر بن
مدرك والصواب ما رواه شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن
مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر أن يرجع فينادي انتهى
397

حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن أنس أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم
أن يصعد فينادي إن العبد نام ففعل وقال ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه انتهى
قال الدارقطني تفرد به أبو يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة وغيره يرسله
عن قتادة ان بلالا ولا يذكر إسنادا والمرسل أصح انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن
محمد بن القاسم الأسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال أذن
بلال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد فرقي وهو يقول ليت بلالا ثكلته أمه وابتل من
نضح دم جبينه يرددها حتى صعد ثم قال إن العبد نام مرتين ثم أذن حين أضاء
الفجر انتهى قال بن الجوزي في التحقيق ومحمد بن القاسم مجروح
قال:: أحمد بن حنبل أحاديثه موضوعة ليس بشئ رمينا حديثه وقال النسائي
متروك الحديث وقال الدارقطني يكذب وفي إسناده أيضا الربيع بن صبيح قال
عفان: أحاديثه كلها مقلوبة وقال بن معين ضعيف الحديث وقال في رواية ليس
به بأس، وقال بن حبان كان رجلا صالحا ليس الحديث من صناعته فوقع في حديثه
المناكير.
حديث آخر روى الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا الحسن بن علي بن
خلف الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عباس عن عبد العزيز بن
عبيد الله عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن بلالا قال: كنا لا نؤذن
لصلاة الفجر حتى نرى الفجر وكان يضع إصبعيه في أذنيه انتهى. وبه عن
عبد العزيز عن محمد بن المنكدر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بلال نحوه.
حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول
المسجد، وكان بلال يأتي بسحر فيجلس عليه ينظر إلى الفجر فإذا رآه أذن قال
عبد الحق: والصحيح ان بلالا كان يؤذن بليل قال بن القطان وهذا أيضا صحيح
398

على أصله فان بن إسحاق عنده ثقة ولم يعرض له الضعف إلا من جهة معارضة غيره
له، قال الشيخ في الإمام والتعارض بينهما لا يتحقق إلا بتقدير أن يكون قوله إن
بلالا يؤذن بليل في سائر العام وليس كذلك إنما كان ذلك في رمضان والذي
يقال في هذا الخبر: إنه حسن، انتهى.
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم وفي الصحيحين
أيضا عن بن عمر وعائشة قالا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم
مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم
مكتوم انتهى.
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أبي عثمان النهدي عن بن مسعود ان
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو قال ينادي
بليل ليرجع قائمكم وينتبه نائمكم وليس الفجر أن يقول وقال بإصبعيه فرفعها إلى
فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا وقال زهير بسبابتيه إحداهما فوق
الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله انتهى وقد تأول الطحاوي أحاديث إن بلالا
يؤذن بليل فان ذلك كان منه خطأ على ظن طلوع الفجر واستدل عليه بحديث لا
يغرنكم أذان بلال فإن في بصره سوءا وقد تقدم وحديث أخرجه هو عن بن
لهيعة عن سالم عن سليمان بن أبي عثمان انه حدثه عن عدي بن حاتم عن أبي ذر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال إنك تؤذن إذا كان الفجر ساطعا وليس ذلك الصبح إنما
الصبح هكذا: معترضا انتهى قال الطحاوي فأخبر عليه السلام أنه كان يؤذن
بطلوع ما يرى أنه الفجر وليس في الحقيقة بفجر قال: وقد روينا عن عائشة أنه عليه
السلام قال: إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم
قالت ولم يكن بينهما إلا مقدار ما ينزل هذا ويصعد هذا فلما كان بين أذانهما من
القرب ما ذكرنا ثبت أنهما كانا يقصدان وقتا واحدا وهو طلوع الفجر لكن بلال
يخطئه ويصيبه بن أم مكتوم لأنه لم يكن يفعل حتى يقول له الجماعة أصبحت
أصبحت.
399

واستدل الشيخ تقي الدين في الإمام لهذا التأويل بحديث رواه البيهقي في
سننه عن الحاكم بسنده عن محمد بن بكر بن خالد النيسابوري ثنا إبراهيم بن
عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن بن
عمر أن بلالا أذن قبل الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك قال
استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر طلع فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي بالمدينة ثلاثا:
إن العبد قد نام ثم أقعده إلى جنبه حتى طلع الفجر انتهى وبحديث أخرجه
الطبراني عن أشعث بن سوار عن أبي هبيرة يحيى بن عباد عن جده شيبان قال:
يتسحر ثم أتيت المسجد فاستندت إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يتسحر فقال صلى الله عليه وسلم
أبو يحيى قلت: نعم قال: هلم إلى الغداء قلت: إني أريد الصيام قال: وأنا أريد
الصيام ولكن مؤذننا هذا في بصره سوء أو قال: شئ وأنه أذن قبل طلوع الفجر
انتهى.
حديث آخر أخرجه مسلم عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في
الأفق، انتهى.
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن زياد
الأفريقي عن زياد بن نعيم انه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال: لما كان أول أذان
الصبح أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله فجعل ينظر إلى
ناحية المشرق إلى الفجر فيقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرز ثم انصرف
فتوضأ فأراد بلال أن يقيم فقال له إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم
انتهى وزياد بن نعيم هو زياد بن ربيعة بن نعيم وثقه العجلي وابن حبان
قالوا فعبد الرحمن ضعيف قلنا قد قوى أمره البخاري وقال هو مقارب الحديث
قال الترمذي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن
400

سعيد القطان وغيره ورأيت محمد بن إسماعيل يقوي أمره ويقول هو مقارب
الحديث وقال احمد ليس بشئ نحن لا نروي عنه شيئا وقال الدارقطني ليس
بالقوي وقال بن حبان يروي الموضوعات.
فائدة اخرج بن خزيمة في صحيحه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ان بن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال وكان بلال لا يؤذن
حتى يرى الفجر انتهى وأخرج أيضا وابن حبان في صحيحه وأحمد في
مسنده عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن بن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا
تشربوا وأخرج البيهقي من طريق الواقدي عن زيد بن ثابت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن بن أم مكتوم
يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قال بن
خزيمة وهذا الخبر لا يضاد بخبر بن عمر لجواز أن يكون عليه السلام جعل الأذان بين
بلال. وابن أم مكتوم نوائب فأمر في بعض الليالي بلالا أن يؤذن بليل فإذا نزل بلال
صعد بن أم مكتوم فأذن في الوقت فإذا جاءت نوبة أم مكتوم بدأ فأذن بليل فإذا
نزل صعد بلال فأذن في الوقت فكانت مقالة النبي صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل في
وقت نوبة بلال وكانت مقالته إن بن أم مكتوم يؤذن بليل في وقت نوبة بن أم
مكتوم والله أعلم.
الحديث الحادي عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لابني أبي مليكة إذا سافرتما فأذنا
وأقيما قلت: أخرجه الأئمة الستة في كتبهم مختصرا ومطولا عن مالك بن
401

الحويرث قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي وفي
رواية وابن عم لي وفي رواية للنسائي وابن عمر قال: فلما أردنا الانصراف قال: لنا إذا حضرت الصلاة
فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما انتهى أخرجه البخاري في باب الاثنان فما
فوقهما جماعة ومسلم في الإمامة وكذلك أبو داود وابن ماجة وأخرجه
الترمذي. والنسائي في الأذان وقول المصنف فيه لابني أبي مليكة غلط
وصوابه مالك بن الحويرث وصاحب له أو بن عم له أو بن عمر على الروايات
الثلاث وذكره في كتاب الصرف على الصواب فقال في مسألة السيف المحلى
لأن الاثنين قد يراد بهما الواحد قال الله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان
والمراد أحدهما وقال عليه السلام لمالك بن الحويرث وابن عمر إذا سافرتما فأذنا
وأقيما والمراد أحدهما انتهى لفظه ما جاء في حي على خير العمل أخرجه
البيهقي عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمار وعمر ابني أبي سعد بن عمر بن سعد
عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال أنه كان ينادي بالصبح فيقول حي على خير العمل
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم وترك حي على خير العمل
انتهى. قال البيهقي لم يثبت هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلالا وأبا محذورة
ونحن نكره الزيادة فيه والله أعلم قال: في الإمام ورجاله يحتاج إلى كشف
أحوالهم انتهى واخرج البيهقي أيضا عن عبد الوهاب بن عطاء ثنا مالك بن أنس عن
نافع قال: كان بن عمر أحيانا إذا قال: حي على الفلاح
قال على أثرها حي على
خير العمل ثم أخرجه عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر نحوه قال ورواه
عبيد الله بن عمر عن نافع ان بن عمر ربما زاد في اذانه حي على خير العمل.
قوله روى عن بن مسعود أنه قال: أذان الحي يكفينا يعني حين صلى في دراه
بغير اذان ولا إقامة قلت: غريب وروى الطبراني في معجمه حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم أن بن مسعود.
402

وعلقمة والأسود صلوا بغير اذان ولا إقامة قال: سفيان كفتهم إقامة المصر
انتهى. حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد عن
إبراهيم عن بن مسعود انه صلى بأصحابه في داره بغير إقامة وقال إقامة المصر تكفينا
انتهى. وروى احمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن
إبراهيم ان الأسود وعلقمة كانا مع عبد الله في الدار فقال عبد الله صلى هؤلاء
قالوا نعم قال: فصلي بهم بغير اذان ولا إقامة وقام وسطهم الحديث
وسيأتي وروى بن أبي شيبة في مصنفه في الأذان حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة قالا أتينا عبد الله في داره فقال أصلى
هؤلاء خلفكم قلنا لا قال قوموا فصلوا ولم يأمر بأذان ولا إقامة انتهى.
ذكر الطهارة في الأذان أخرج الترمذي عن الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى
عن الزهري عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤذن إلا متوضئ ثم أخرجه عن
عبد الله بن وهب عن يونس عن بن شهاب قال قال أبو هريرة لا ينادي بالصلاة إلا
متوضئ قال وهذا أصح من الأول والزهري لم يسمع من أبي هريرة انتهى.
حديث آخر أخرجه أبو الشيخ الحافظ عن عبد الله بن هارون القروي حدثني
أبي عن جدي أبي علقمة عن محمد بن مالك عن علي بن عبد الله بن عباس حدثني أبي
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بن عباس إن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن
أحدكم إلا وهو طاهر انتهى.
ذكر القيام في الأذان أخذ من قوله عليه السلام قم يا بلال فناد بالصلاة
وروى أبو الشيخ الحافظ في كتاب الأذان حدثنا عبدان ثنا هلال بن بشر ثنا عمير بن
403

عمران العلاف ثنا الحارث بن عبيد عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال حق وسنة
مسنونة ان لا يؤذن إلا وهو طاهر ولا يؤذن إلا وهو راكب وقال بن المنذر أجمع
أهل العلم ان القيام في الأذان من السنة وقد ورد فيه الركوب.
أخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن زياد عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث
الصدائي قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضرت صلاة الصبح فقال لي
يا أخا صداء أذن وأنا على راحلتي فأذنت واخرج البيهقي في الخلافيات
عن عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا في سفر
فأذن على راحلته ثم نزلوا فصلوا ركعتين ثم امره فأقام فصلى بهم الصبح وقال
هذا مرسل وقال بن المنذر ثبت أن بن عمر كان يؤذن على البعير وينزل
فيقيم.
ذكر الأذان على مكان مرتفع أخذ من قوله عليه السلام لقد هممت أن آمر
رجالا فيقومون على الآطام ينادون بالصلاة رواه أبو داود وكذا قوله فقام على
حائط وقوله فقام على المسجد.
وقوله فقام على جدر حائط وأخرج أبو داود من طريق بن إسحاق عن محمد
ابن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من
أطول بيت حول المسجد فكان بلال يأتي بسحر فيجلس عليه ينظر إلى الفجر فإذا
رآه أذن وأخرج أبو الشيخ الحافظ عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن أبي
برزة الأسلمي قال من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد وأخرج أيضا عن
عبد الله بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال كان بن أم مكتوم يؤذن فوق البيت،
404

انتهى.
ما جاء في استحباب الإقامة في غير موضع الأذان اخذ من قوله في حديث
الرؤيا ثم استأخر عني غير بعيد وتقدم من السنة الأذان في المنارة والإقامة في
المسجد.
ما جاء ان الإمام لا يكون مؤذنا فيه حديثان ضعيفان:
أحدهما أخرجه بن عدي في الكامل عن سلام الطويل عن زيد العمي عن
قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكره للإمام أن يكون مؤذنا قال بن عدي
حديث منكر والبلاء فيه من سلام أو من زيد أو منهما وقال النسائي سلام
متروك.
الحديث الثاني أخرجه بن حبان البستي في الضعفاء عن المعلى بن هلال عن
محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر فيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يكون الإمام مؤذنا انتهى قال في الإمام والمعلى هذا قال فيه يحيى هو من
المعروفين بالكذب ووضع الحديث وقال احمد متروك الحديث وحديثه موضوع
انتهى.
قال في الإمام لكن رواه أبو عوانة في مسنده عن عمر بن شيبة عن عبد الصمد بن
عبد الوارث عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن عبد الله بن زيد
الأنصاري سمعت اذان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى وأخرجه
أبو حفص بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عن جماع عن عمر بن شيبة
وكذلك أبو الشيخ الأصبهاني لكن يبقى النظر في الاتصال بين الشعبي وعبد الله بن
زيد قال البيهقي في الخلافيات نقلا عن الحاكم أو من عند نفسه الروايات عن
عبد الله بن زيد في هذا الباب كلها واهية لأن عبد الله بن زيد استشهد يوم أحد فيما
بلغنا ثم أسند عن إبراهيم بن حمزة ثنا عبد العزيز عن عبيد الله بن عمر قال دخلت
ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت يا أمير المؤمنين انا ابنة
عبد الله بن زيد أبي شهد بدرا وقتل يوم أحد فقال عمر بن عبد العزيز سلي
405

ما شئت فسالت فأعطاها ما سألت قال الحاكم فهذه الرواية الصحيحة تصرح بان
أحدا من هؤلاء لم يلق عبد الله بن زيد صاحب الرؤيا ولا أدرك أيامه فتصير هذه
الروايات كلها مرسلة ولذلك تركها الشيخان في صحيحيهما قال الشيخ
والذي يظهر ان في هذه الرواية أيضا إرسالا فان أبا عثمان عبيد الله بن عمر ليس في
طبقة من يروي عن عمر بن عبد العزيز مشافهة ولقاءا إذا وقد روى محمد بن إسحاق
عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد قال حدثني أبي فصرح
فيه بسماع محمد من أبيه أخرجه أبو داود وغيره وفي علل الترمذي الكبير سألت
محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال هو عندي صحيح يعني حديث بن
إسحاق وأسند البيهقي ومحمد بن يحيى الذهلي أنه قال ليس في أخبار عبد الله
ابن زيد في قصة الأذان أصح من هذا لأن محمدا سمع من أبيه وكذلك قال بن
خزيمة بعد أن أخرجه في صحيحه إن محمدا سمع من أبيه وأيضا فالبيهقي قد
ذكر بعد ذلك أن الواقدي روى بإسناده عن محمد بن عبد الله بن زيد قال توفي أبي
بالمدينة سنة اثنين وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان.
وحديث الأسود أن بلالا كان يثني الأذان والإقامة اخرج الدارقطني نحوه عن
إبراهيم النخعي عن بلال وقال مثله لم يسق لفظه قال البيهقي وإبراهيم عن
بلال مرسل والأسود بن يزيد لم يدرك أذان بلال وأخرج الحاكم وعنه البيهقي في
الخلافيات عن شريك عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة ان بلالا كان يثني
الأذان والإقامة ورواه الطحاوي بلفظ سمعت بلالا يؤذن مثنى ويقيم مثنى
واعترض الحاكم بأن الأسود بن يزيد وسويد بن غفلة لم يدركا بلالا وأذانه في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
قال في الإمام وكون سويد بن غفلة لم يدرك اذان بلال في عهده عليه السلام
صحيح لأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أدرك الجاهلية وأدى الزكاة لمصدقه عليه
السلام وأما أبو بكر ففيه نظر إذ لا مانع منه فقد روى أن خروج بلال إلى الشام
كان في زمن عمر كما رواه حفص بن عمر بن سعد القرظ قال لما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم أتي بلال إلى أبي بكر فقال يا خليفة رسول الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إن أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله وإني أريد أن اربط نفسي في
سبيل الله حتى أموت فقال له أبو بكر أنشدك الله وحقي وحرمتي فقد كبر
سني واقترب أجلي فقام بلال مع أبي بكر حتى هلك فلما هلك أبو بكر أتى عمر
406

فقال له مثل ذلك فقال له عمر أنشدك الله وحقي وحبي أبا بكر وحبه إياي
فقال بلال ما أنا بفاعل فقال إلى من يدفع الأذان فقال إلى سعد قال وكذلك
روى بن أبي شيبة عن حسين بن علي عن شيخ يقال له الحفص عن أبيه عن جده
قال أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أذن لأبي بكر حياته ولم يؤذن في زمان عمر
فهذان الخبران يقتضيان استمرار أذان بلال حياة أبي بكر مع أن أبا داود روى في
سننه ما يخالف هذا من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن عطاء الخراساني عن سعيد بن
المسيب ان بلالا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات عليه السلام أراد أن يخرج إلى
الشام فقال أبو بكر تكون عندي فقال إن كنت أعتقتني لنفسك فاحتبسني أي وإن
كنت أعتقتني لله فذرني أذهب إلى الله فقال اذهب فذهب إلى الشام فكان بها حتى
مات وقد تقدم رواية الطحاوي وفيها التصريح بالسماع وشريك اخرج له مسلم
في المتابعة وصحح له الحاكم في المستدرك وعمران بن مسلم وثقه بن معين
وأبو حاتم انتهى كلامه في الإمام ملخصا.
باب شروط الصلاة
الحديث الأول: قال عليه السلام: لا صلاة لحائض إلا بخمار قلت: أخرجه
أبو داود والترمذي في الصلاة وابن ماجة في الحيض عن حماد بن سلمة عن
قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار انتهى قال الترمذي حديث حسن
ورواه بن خزيمة وعنه بن حبان في صحيحيهما ولفظهما لا يقبل الله صلاة
امرأة قد حاضت إلا بخمار انتهى ذكره بن حبان في أول القسم الثاني ورواه
الحاكم في المستدرك في أثناء الصلاة وقال حديث صحيح على شرط مسلم،
407

ولم يخرجاه وأظنه لخلاف فيه على قتادة ثم أخرجه عن سعيد عن قتادة عن الحسن
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لحائض إلا بخمار انتهى وإليه أشار أبو داود في
سننه فقال وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم
ورواه احمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم قال
الدارقطني في كتاب العلل حديث لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار يرويه
قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة واختلف فيه على قتادة
فرواه حماد بن سلمة عن قتادة هكذا مسندا مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه شعبة
وسعيد بن بسر فروياه عن قتادة موقوفا ورواه أيوب السختياني وهشام بن حسان
عن بن سيرين مرسلا عن عائشة أنها نزلت على صفية بنت الحارث حدثتهما بذلك
ورفعا الحديث وقول أيوب وهشام أشبه بالصواب انتهى كلامه.
وروى الطبراني في معجمه الوسط والصغير حدثنا محمد بن أبي حرملة
القلزمي بمدينة قلزم ثنا إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي ثنا عمرو بن هاشم
السروتي به ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ولا من جارية
بلغت المحيض حتى تختمر انتهى وقال لم يروه عن الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم
تفرد به إسماعيل بن إسحاق انتهى.
الحديث الثاني قال عليه السلام عورة الرجل بين سرته غلى ركبته ويروي
ما دون سرته حتى يجاوز ركبته قلت: فيه أحاديث منها ما أخرجه الدارقطني في
سننه عن سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم مروا صبيانكم بالصلاة في سبع سنين واضربوهم عليها في عشر وفرقوا
بينهم في المضاجع وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة
وفوق الركبة فان ما تحت السرة إلى الركبة من العورة ورواه أبو داود في
408

سننه لم يقل فيه فان ما تحت السرة إلى الركبة من العورة انتهى ورواه
احمد في مسنده ولفظه فان ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته ورواه
العقيلي في ضعفاءه ولين سوار بن داود قال صاحب التنقيح وسوار بن داود
أبو حمزة البصري وثقه بن معين وابن حبان وقال احمد شيخ بصري لا بأس به
انتهى وله طريق آخر عند بن عدي في الكامل أخرجه عن الخليل بن مرة عن ليث
ابن أبي سليم عن عمرو بن شعيب به ولين الخليل بن مرة ونقل عن البخاري أنه قال
فيه نظر قال بن عدي وهو ممن يكتب حديثه فإنه ليس بمنكر الحديث انتهى.
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن أبي
الأشعث أحمد بن المقدام ثنا أصرم بن حوشب ثنا إسحاق بن واصل الضبي عن أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين قال قلنا لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب حدثنا بما
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا عن غيرك وإن كان ثقة قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين السرة إلى الركبة عورة مختصر وسكت عنه قال
الذهبي في مختصره أظنه موضوعا فان إسحاق بن واصل متروك وأصرم بن
حوشب متهم بالكذب انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن سعيد بن راشد عن عباد بن
كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل السرة من العورة انتهى وقوله
ويروى ما دون سرته حتى يجاوز ركبتيه غريب.
الحديث الثالث وقال عليه السلام الركبة من العورة قلت: أخرجه
الدارقطني في سننه عن النضر بن المنصور الفزاري عن عقبة بن علقمة سمعت عليا
يقول قال عليه السلام الركبة من العورة انتهى أخرجه في أول الصلاة،
409

قال شيخنا الذهبي في ميزانه النضر بن منصور واه قال بن حبان لا يحتج به
وعقبة بن علقمة هذا ضعفه الدارقطني وأبو حاتم الرازي وأعاده المصنف في
الكراهية عن أبي هريرة ولم نجده عنه وفي الإمام قال أبو حاتم الرازي عقبة
ضعيف الحديث والنضر بن منصور مجهول انتهى قال وأخرج البيهقي في
الخلافيات من جهة إبراهيم بن إسحاق القاضي عن قبيصة عن سفيان عن بن جريج
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السرة من العورة قال وهذا معضل مرسل.
أحاديث الخصوم واستدل من قال إنها ليست من العورة بما أخرجه البخاري
ومسلم عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزا خيبر قال فصلينا عندها صلاة الغداة
بغلس وركب النبي صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديفه فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في
زقاق خيبر ثم حسر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فلما
دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح
المنذرين قالها ثلاثا انتهى وفي رواية فانحسر الإزار عن فخذ النبي.
حديث آخر أخرجه مسلم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في
بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال
فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثم استأذن عثمان
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوي ثيابه قال فدخل فتحدث فلما خرج قالت
عائشة دخل أبو بكر فلم تباله ثم دخل عمر فلم تباله ثم دخل عثمان فجلست
وسويت عليك ثيابك فقال الا استحي من رجل تستحي منه الملائكة انتهى
ويحتمل انه عليه السلام غطى فخذه بسرعة لما انكشف والثاني لم يجزم الراوي به.
حديث آخر استدل به الشيخ تقي الدين في الامام أخرجه البخاري عن أبي
إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ اقبل أبو بكر
اخذ بطرف ثوبه حتى ابدى عن ركبتيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما صاحبكم فقد غامر
انتهى. قال الشيخ وذكر البخاري تعليقا قال حماد بن سلمة ثنا عاصم الأحول
وعلي بن الحكم سمعنا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى بنحوه وزاد فيه عاصم ان
النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان قد انكشف عن ركبتيه فدخل عثمان فغطاها انتهى.
حديث آخر أخرجه أبو داود عن سوار بن داود الصيرفي عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده مرفوعا مروا أولادكم بالصلاة لسبع وفيه وإذا زوج أحدكم
410

خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة قال الشيخ وسوار
ابن داود روى عن يحيى بن معين انه قال فيه ثقة.
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما فوق
الركبتين من العورة وما أسفل السرة من العروة انتهى وقال الشيخ وسعيد
وعباد قيل في كل مهما متروك انتهى.
الحديث الرابع قال عليه السلام المرأة عورة مستورة قلت: أخرجه
الترمذي في آخر الرضاع عن همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عوف
بن مالك عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال المرأة عورة فإذا خرجت
استشرفها الشيطان انتهى وقال حديث حسن صحيح غريب انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث عن
ابن خزيمة بسنده إلى مورق وأخرجه بسنده إلى مورق وأخرجه أيضا عن سليمان التيمي عن قتادة عن أبي
الأحوص به وزاد وانها لا تكون إلى الله تعالى أقرب منها في قعر بيتها انتهى
وبالسندين أيضا رواه البزار في مسنده ولفظ مستورة لم أجده عند أحد منهم
والله أعلم.
وفي الباب حديث أخرجه أبو داود في سننه في كتاب اللباس عن خالد بن
دريك عن عائشة ان أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق
فاعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أسماء ان المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح ان
يرى منها الا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفه انتهى قال أبو داود هذا مرسل،
411

خالد بن دريك لم يدرك عائشة قال بن القطان ومع هذا فخالد مجهول الحال قال
المنذري: وفيه أيضا سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن البصري نزيل دمشق مولى بني، نضر تكلم فيه غير واحد وقال بن عدي في الكامل: هذا حديث لا اعلم رواه
عن قتادة غير سعيد بن بشير وقال فيه مرة عن خالد بن دريك عن أم سلمة بدل
عائشة انتهى كلامه.
حديث آخر أخرجه أبو داود في المراسيل عن قتادة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن
الجارية إذا حاضت لم تصلح ان يرى منها الا وجهها ويداها إلى المفصل
انتهى. واخرج البيهقي عن عقبة الأصم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة في قوله
تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها قالت ما ظهر منها الوجه والكفان
انتهى. قال الشيخ في الامام وعقبة الأصم تكلم فيه واستدل الشيخ في
الامام على أن الصغير ليس له عورة بحديث رواه الطبراني في معجمه الكبير
أخبرنا الحسن بن علي عن خالد بن يزيد عن جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن
ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرج ما بين فخذي الحسن وقبل زبيبته
انتهى وسكت عنه.
حديث استدل به من جعل قدمي المرأة عورة أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن
412

بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد بن مهاجر عن أمه عن أم سلمة انها سألت النبي
صلى الله عليه وسلم ان تصلي المرأة في درع وخمار ليس لها ازار قال إذا كان الدرع سابغا يغطي
ظهور قدميها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال إنه على شرط
البخاري قال بن الجوزي في التحقيق وهذا الحديث فيه مقال وهو ان
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ضعفه يحيى وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج
به والظاهر أنه غلط في رفع هذا الحديث فان أبا داود أخرجه أيضا عن طريق
مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه انها سألت أم سلمة الحديث ولم يرفعه قال
أبو داود: هكذا رواه مالك. وابن أبي ذئب وبكر بن مضر وحفص بن غياث
وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة من
قولها: لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم وسئل الدارقطني في العلل عن هذا الحديث
فقال يرويه محمد بن زيد بن المهاجرين قنفذ عن أمه عن أم سلمة واختلف عنه في
رفعه فرواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه هشام
ابن سعد، وخالفه بن وهب فرواه عن هشام بن سعد موقوفا وكذلك رواه
مالك وابن أبي ذئب وابن لهيعة وأبو عسال محمد بن مطرف وإسماعيل بن
جعفر والدراوردي عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة موقوفا وهو الصواب
قال صاحب التنقيح وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار روى له البخاري في
صحيحه ووثقه بعضهم لكنه غلط في رفع هذا الحديث والله أعلم انتهى. قوله روى عن عمر رضي الله عنه انه قال ألقي عنك الخمار يا دفار أتشبهين
413

بالحرائر قلت غريب وبمعناه روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن
قتادة عن أنس ان عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة فقال اكشفي
رأسك لا تشبهي بالحرائر انتهى أخبرنا بن جريج عن عطاء ان عمر بن الخطاب كان
ينهى الإماء عن الجلابيب ان يتشبهن بالحرائر قال بن جريج وحديث بن عمر
ضرب عقيلة أمة أبي موسى الأشعري في الجلباب ان تتجلبب انتهى أخبرنا بن
جريج عن نافع ان صفية بنت أبي عبيد حدثته قالت خرجت امرأة مختمرة متجلببة
فقال عمر من هذه المرأة فقيل له جارية لفلان رجل من بيته فأرسل إلى حفصة
فقال ما حملك على أن تخمري هذه الأمة وتجلببيها حتى هممت ان أقع بها لا
أحسبها الا من المحصنات لا تشبهوا الإماء بالمحصنات انتهى ورواه البيهقي
وقال الآثار بذلك عن عمر صحيحة انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا علي بن مسهر عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال دخلت على عمر بن
الخطاب أمة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار وعليها جلباب متقنعة به
فسألها عتقت قالت لا قال فما بال الجلباب ضعيه على رأسك انما الجلباب
على الجرائر من نساء المؤمنين فتلكأت فقام إليها بذلك بالدرة فضرب بها رأسها
حتى ألقته انتهى وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن
حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ان عمر بن الخطاب كان يضرب الإماء ان
يتقنعن ويقول لا تتشبهن بالحرائر انتهى.
قوله روى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرجوا من البحر عراة صلوا قعودا
بإيماء قلت غريب وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن
داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال الذي يصلي في السفينة والذي
414

يصلى عريانا يصلى جالسا انتهى أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله
عن ميمون بن مهران قال سئل علي عن صلاة العريان فقال إن كان حيث يراه
الناس صلى جالسا وان كان حيث لا يراه الناس صلى قائما انتهى أخبرنا معمر عن
قتادة قال إذا خرج ناس من البحر عراة فأمهم أحدهم صلوا قعودا وكان امامهم
معهم في الصف يومئون ايماءا.
الحديث الخامس قال النبي صلى الله وسلم الأعمال بالنيات قلت رواه الأئمة الستة
في كتبهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما الأعمال بالنيات
رواه البخاري في سبعة مواضع من كتابه في أوله وفي آخر الإيمان وفي أول
415

العتق وفي أول الهجرة وفي أول النكاح وفي أواخر الإيمان وفي أول الحيل
ورواه مسلم والترمذي في الجهاد وأبو داود في الطلاق والنسائي في
الطهارة - وفي الإيمان - وفي الطلاق وابن ماجة في الزهد كلهم بلفظ انما
مسلم ذكره في آخر الجهاد ومطابقته للجهاد انه اخرج بعده حديث سهل بن
حنيف انه عليه السلام قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء
وان مات على فراشه انتهى وحديث أبي هريرة مرفوعا من مات ولم يغز ولم
يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق انتهى.
قال بن المبارك نرى ان ذلك كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى انفرد بهما
مسلم دون البخاري ورواه بلفظ الكتاب بن حبان في صحيحه في ثلاثة مواضع
منه: في النوع الحادي عشر من القسم الثالث ثم في النوع الرابع والعشرون ثم
في أول النوع السادس والستين منه لم يذكر فيه انما في المواضع الثلاثة وكذلك
رواه البيهقي في المعرفة بدون انما وعزاه البخاري ومسلم وهذا منه تساهل
والله أعلم.
ورأيت في كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف ثم من أحوال
الناس للمعرفة للحافظ بن مندة قال فيه ومن روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم غير
عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري
وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومعاوية بن أبي
سفيان وعتبة بن عبد السلمي وهلال بن سويد وعبادة بن الصامت وجابر بن
عبد الله وعقبة بن عامر وأبو ذر وعتبة بن مسلم قال ورواه عن عمر غير علقمة
416

عبد الله بن عامر بن ربيعة وذو الكلاع ومحمد بن المنكدر وواصل بن عمر
الجذامي وعطاء بن يسار وباشرة عبد بن سمير وسعيد بن المسيب قال ورواه عن
علقمة غير محمد بن إبراهيم التيمي سعيد بن المسيب ونافع مولى بن عمر قال
وتابع يحيى بن سعيد على روايته عن التيمي محمد بن محمد بن علقمة ومحمد بن
إسحاق وذكر ثلاثمائة وثلاثين رجلا كلهم رووه عن يحيى بن سعيد يطول ذكرهم
ورواه البزار في مسنده كما تقدم ثم قال ولا نعلمه يروي الا عن عمر بن
الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد انتهى وقال في مسند الخدري حديث
روى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال الأعمال بالنية أخطأ فيه نوح بن حبيب ولم يتابع عليه وليس له أصل
عن أبي سعيد انتهى قلت رواه كذلك أبو نعيم في الحلية في ترجمة مالك بن
أنس حدثنا أبو بكر الطلحي عبد الله بن يحيى بن معاوية ثنا عبد الله بن إبراهيم بن
عبد الرحمن الباوردي ثنا نوح بن حبيب القوسي أنه ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد
عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى إلى آخره ثم قال
غريب من حديث مالك عن زيد بن أسلم تفرد به عنه عبد المجيد وصححه
ومشهوره مالك عن يحيى بن سعيد انتهى قال الدارقطني في كتاب العلل وقد
روى هذا الحديث عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مالك عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ولم يتابع عليه وانما رواه الحفاظ عن مالك عن
يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر وهو
الصواب انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سئل أبي عن حديث رواه
نوح بن حبيب عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مالك بن أنس عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انما الأعمال بالنيات
قال أبي هذا حديث باطل لا أصل له انما هو مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن
محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.
قوله ثم من كان بمكة ففرضه إصابة عينها ومن كان غائبا ففرضه إصابة جهتها،
417

قلت استدل الشيخ في الامام على أن الفرض إصابة العين بحديث بن عباس
أخبرني أسامة بن زيد ان النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه
حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل القبلة ثم قال هذه القبلة أخرجه
البخاري ومسلم واستدل على أن الفرض إصابة الجهة بحديث ما بين المشرق
والمغرب قبلة وهذا رواه من الصحابة أبو هريرة وابن عمر فحديث أبي هريرة
أخرجه الترمذي عن عثمان بن محمد الأخنس عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ما بين المشرق والمغرب قبلة انتهى وقال حديث حسن صحيح وتكلم فيه
احمد وقواه البخاري وحديث بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك عن
شعيب بن أيوب ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال ما بين المشرف والمغرب قبلة انتهى وقال حديث صحيح على شرط
الشيخين وشعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن
مجبر عن نافع عن بن عمر مرفوعا نحوه ثم أخرجه كذلك قال ومحمد بن
عبد الرحمن بن مجبر ثقة وقد وثقه جماعة انتهى وهذا الحديث له معنيان
أحدهما ان المراد صحة الصلاة في جميع الأرض والثاني ان تكون القبلة متوسطة
بين المشرق والمغرب ويؤيده ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إذا جعلت
المشرق عن يسارك والمغرب عن يمينك فما بينهما قبلة انتهى.
الحديث الخامس: روى الصحابة تحروا وصلوا ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت روى من حديث عامر بن ربيعة ومن حديث جابر فحديث عامر بن ربيعة أخرجه
418

الترمذي وابن ماجة عن أشعث بن سعيد السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن
عامر بن ربيعة عن أبيه عامر بن ربيعة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر زاد
الترمذي في ليلة مظلمة قال فتغيمت السماء وأشكلت علينا القبلة فصلينا
وأعلمنا فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا لغير القبلة فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فانزل الله فأينما تولوا فثم وجه الله الآية انتهى قال الترمذي هذا حديث
ليس إسناده بذلك ولا نعرفه الا من حديث أشعث السمان وهو يضعف في الحديث
انتهى ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده وزاد فيه فقال قد مضت
صلاتكم وانزل الله الآية قال بن القطان في كتابه الحديث معلول بأشعث
وعاصم فأشعث مضطرب الحديث ينكر عليه أحاديث وأشعث السمان سئ
الحفظ يروى المنكرات عن الثقات وقال فيه عمرو بن علي متروك انتهى كلامه.
واما حديث جابر فله ثلاثة طرق:
أحدها: عند الحاكم في المستدرك عن محمد بن سالم عن عطاء بن أبي رباح
عن جابر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فأظل لنا غيم فتحيرنا فاختلفنا في
القبلة فصلى كل واحد منا على حدة فجعل كل واحد منا يخط بين يديه ليعلم
مكانه فذكرنا للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا بالإعادة وقال لنا قد أجزأت صلاتكم
انتهى قال الحاكم هذا حديث صحيح برواته كلهم غير محمد بن سالم فأني لا
اعرفه بعدالة ولا جرح وقد تأملت كتابي الشيخين فلم يخرجا في هذا الباب شيئا
انتهى قال الذهبي في مختصره محمد بن سالم يكنى أبا سهيل وهو واه انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وقال محمد بن سالم
ضعيف انتهى.
419

الطريق الثاني أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن أحمد بن عبيد الله بن الحسن
العنبري قال وجدت في كتاب أبي ثنا عبد الملك العرزمي عن عطاء بن أبي رباح
عن جابر بن عبد الله قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فاصابتنا ظلمة
فلم نعرف القبلة فصلوا وخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت
تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت
فانزل الله تعالى ولله المشرق والمغرب الآية ثم اخرج الدارقطني عن سعيد بن
جبير عن بن عمر قال إنها نزلت في التطوع خاصة حيث توجه بك بعيرك
انتهى قال بن القطان في كتابه وعلة هذا الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله
وأبيه والجهل بحال احمد المذكور وما مس به أيضا عبيد الله بن الحسن العنبري من
المذهب على ما ذكره بن أبي خيثمة وغيره انتهى
الطريق الثالث عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء عن جابر نحوه قال
البيهقي وبالجملة فلا نعلم لهذا الحديث إسنادا صحيحا وذلك لان عاصم بن
عبيد الله بن عمر العمري ومحمد بن عبيد الله العرزمي ومحمد بن سالم كلهم
ضعفاء والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها
انتهى وقال بن القطان في كتابه محمد بن عبيد الله العرزمي ومحمد بن سالم
ضعيفان وهما حديثان مختلفان يرويهما جابر أحدهما كان في غزوة كان فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلة أحدهما غير علة الآخر
قال وأخطأ أبو محمد عبد الحق حيث جعلهما حديثا واحدا قال ويمكن الجمع بين
الروايتين لو صحتا بان السرية كانت جريدة جردها رسول الله صلى الله عليه وسلم من العسكر فمر
فيها جابر واعتراهم فيه ما ذكر ولما قفلوا منها إلى عسكر النبي صلى الله عليه وسلم سألوه أو تكون
الجريدة لم تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم الا في المدينة حتى يكون قوله كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقوله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية صادقين انتهى كلامه وقال العقيلي في
متابه: هذا حديث لا يروى من وجه يثبت انتهى.
الحديث السادس: روى أن أهل قباء لما سمعوا بتحول القبلة استداروا كهيئتهم،
420

واستحسنه النبي صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن مالك
عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذا جاءهم آت فقال إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انزل عليه الليلة وقد أمر ان يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت
وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة انتهى وأخرجا أيضا عن البراء بن عازب
قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا حتى نزلت (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره فنزلت بعد ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق وجل
من القوم فمر بناس من الأنصار وهم يصلون فحدثهم بالحديث فولوا وجوههم قبل
البيت انتهى وفي لفظ لهما ستة عشر شهرا وسبعة عشر شهرا واخرج مسلم
عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت قد نرى تقلب
وجهك في أسماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فمر
رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى الا ان القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو
القبلة انتهى انفرد به مسلم واخرج البخاري
عن أبي إسحاق عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ستة
عشر أو سبعة عشر شهرا وكان عليه السلام يعجبه ان يكون قبلته قبل البيت وانه
صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه
فمر على أهل مسجد وهم ركوع فقال اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت مختصر وفي لفظ آخر فانحرفوا وهم
ركوع في صلاة العصر انفرد به البخاري في كتاب الإيمان باب الإيمان من
الصلاة وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر هو الواقدي ثنا
عمر بن صالح عن صالح مولى التوءمة قال سمعت محمد بن عبد الله بن سعد
يقول صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفت القلبة إلى البيت ونحن في صلاة
421

الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم واستدرنا معه انتهى.
باب صفة الصلاة
الحديث الأول: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لابن مسعود حين علمه التشهد: إذا
قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك قلت أخرجه أبو داود في سننه
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير ثنا الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة
قال اخذ علقمة بيدي فحدثني ان عبد الله بن مسعود اخذ بيده وان رسول الله صلى الله عليه وسلم
اخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد في الصلاة فذكر مثل دعاء حديث الأعمش إذا
قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك ان شئت ان تقوم فقم وان شئت ان
تقعد فاقعد انتهى وكذلك رواه احمد في مسنده وابن حبان في صحيحه،
422

وفيه كلام سيأتي في مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن المصنف استدل به هنا على فرضية
القعدة الأخيرة واستدل به هناك على عدم فرضية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكره أيضا
في مسألة السلام هل هو فرض أو لا قبل مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورواه
إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا الفضل بن دكين اللائي ويحيى بن آدم
قالا: ثنا زهير بن معاوية بن خديج به فذكر التشهد بحروفه وفي آخره فإذا قلت
هذا فقد قضيت ما عليك ان شئت ان تقوم فقم انتهى
الحديث الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم تحريمها التكبير وتحليلها التسليم قلت روى
من حديث علي بن أبي طالب ومن حديث الخدري ومن حديث عبد الله بن زيد
ومن حديث بن عباس.
اما حديث علي فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن وكيع عن سفيان
عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب عن النبي
صلى الله عليه وسلم انه قال مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم انتهى
قال الترمذي هذا الحديث أصح شئ في هذا الباب وأحسن وعبد الله بن محمد بن
عقيل صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه وسمعت محمد بن
إسماعيل يقول كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه قال
محمد وهو مقارب الحديث وفي الباب عن جابر وأبي سعيد انتهى ورواه
احمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم قال النووي
في الخلاصة هو حديث حسن قال في الامام ورواه الطبراني ثم البيهقي
من جهة أبي نعيم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن بن الحنفية
423

يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال مفتاح الصلاة الطهور الحديث قال وهذا على
هذا الوجه مرسل انتهى.
واما حديث أبي سعيد فرواه الترمذي وابن ماجة من حديث طريف بن
شهاب أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم انتهى أخرجه
الترمذي في الصلاة وقال حديث على أجود إسناد أو أصح من حديث أبي
سعيد وقد كتبناه في الوضوء انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال
حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وحديث عبد الله بن عقيل عن
ابن الحنفية عن علي أشهر إسنادا لكن الشيخين أعرضا عن حديث بن عقيل أصلا
انتهى.
ورواه العقيلي في كتابه واعله بابي سفيان ثم قال وحديث بن عقيل عن بن
الحنفية عن علي أصح من هذا على أن في الآخر لينا انتهى.
واما حديث عبد الله بن زيد فأخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في
معجمه الوسط عن محمد بن عمر الواقدي ثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة
عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد عن
النبي صلى الله عليه وسلم نحوه سواء قال الطبراني لا يروي هذا عن عبد الله بن زيد الا بهذا
الإسناد تفرد به الواقدي ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث
محمد بن موسى بن مسكين قاضي المدينة عن فليح بن سليمان عن عبد الله بن أبي بكر
عن عباد بن تميم به واعله بابن مسكين وقال إنه يسرق ويروى الموضوعات عن
الاثبات انتهى.
424

واما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا أبو عبد الملك
أحمد بن إبراهيم القرشي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا سعدان بن يحيى ثنا نافع مولى
يوسف السلمي عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه سواء.
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على رفع يديه عند تكبيرة الافتتاح
قلت هذا معروف في أحاديث صفة صلاته عليه السلام منها حديث بن عمر
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر قال رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد ان يركع
وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين انتهى.
وحديث أبي حميد الساعدي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة
رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه وسيأتي قريبا بتمامه أخرجه الجماعة الا مسلما حديث.
آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار من طريق موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن
عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن
أبي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه انتهى
وقال الشيخ تقي الدين في الإمام قال بن المنذر لم يختلف أهل العلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة انتهى.
حديث في الجهر بالتكبير اخرج البيهقي عن يونس بن محمد ثنا فليح عن سعيد
ابن الحارث قال اشتكى أبو هريرة أو غاب فصلى أبو سعيد الخدري فجهر
بالتكبير حين افتتح وحين ركع وبعد ان قال سمع الله لمن حمده وحين رفع
425

رأسه من السجود وحين سجد وحين رفع وحين قام من الركعتين حتى قضى
صلاته على ذلك فلما انصرف قيل له قد اختلف الناس على صلاتك فقال ما
أبالي اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يصلي انتهى قال البيهقي رواه
البخاري قال الشيخ في الامام لم يخرجه البخاري هكذا وانما أراد البيهقي
إخراج الحديث في الجملة انتهى كلامه ولفظه عن سعيد بن الحارث قال صلى لنا
أبو سعيد الخدري فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود وحين سجد وحين رفع
وحين قام من الركعتين وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي انتهى.
قال النووي في الخلاصة وزاد البيهقي فيه بإسناد حسن انه جهر بالتكبير
حين افتتح وحين ركع وبعد ان قال سمع الله لمن حمده انتهى أخرجه البخاري
في باب يكبر وهو ينهض من السجدتين.
الحديث الرابع: روى أبو حميد الساعدي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر رفع يديه
إلى منكبيه قلت رواه الجماعة الا مسلما من حديث محمد بن عمرو بن عطاء قال
سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة
قال أبو حميد انا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ولم فوالله ما كنت
بأكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له صحبة قال بلى قالوا فاعرض قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم كبر حتى يقر كل
عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم
يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع ثم يرفع رأسه
فيقول سمع الله لم حمده ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول الله
أكبر ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ويثني رجله
اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ثم يقول الله أكبر ويرفع
ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ثم يصنع في
الأخرى مثل ذلك ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه،
426

كما كبر عند افتتاح الصلاة ثم يصنع ذلك في بقية صلاته حتى إذا كانت السجدة
التي فيها التسليم اخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر قالوا صدقت
هكذا كان يصلي انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا وضعفه بما سيأتي في
حديث رفع اليدين وفي الجلوس.
ومن أحاديث الباب: ما أخرجه الأئمة الستة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه،
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد
ان يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع من السجدتين انتهى قال في
الكتاب وهذا محمول على حالة العذر قال الطحاوي في شرح الآثار: انما
كان رفعهم الأيدي إلى المناكب لعلة البرد بدليل ان وائل بن حجر لما روى الرفع إلى
الأذنين قال في حديثه ثم اتيته من العام المقبل وعليهم الأكسية والبرانس فكانوا
يرفعون أيديهم إلى المناكب قال فتحمل أحاديث المناكب على حالة العذر وتتفق
الآثار بذلك والله أعلم.
الحديث الخامس روى وائل والبراء وأنس رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان
إذا كبر رفع يديه حذا اذنيه قلت اما حديث وائل فأخرجه مسلم في صحيحه
عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم انهما حدثاه عن أبيه وائل بن
حجر انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر وصفتهما حيال اذنيه ثم
التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد ان يركع اخرج يديه من
الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما
سجد، بين كفيه انتهى.
427

واما حديث البراء فرواه احمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما
والدارقطني في سننه والطحاوي في شرح الآثار كلهم من حديث يزيد بن أبي
زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
صلى رفع يديه حتى تكون إبهاماه حذا اذنيه انتهى زاد الدارقطني فيه ثم لم يعد
وفيه كلام سيأتي في رفع اليدين.
واما حديث أنس فرواه الحاكم في المستدرك والدارقطني ثم البيهقي في
سننهما من حديث العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول
عن أنس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر فحاذى بإبهاميه اذنيه ثم ركع حتى استقر
كل مفصل منه وانحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه انتهى قال الحاكم
إسناده صحيح على شرط الشيخين ولا اعلم له علة ولم يخرجاه انتهى وقال
الدارقطني: تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد ثم أخرجه عن محمد
ابن الصلت ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
افتتح الصلاة كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه اذنيه ثم يقول سبحانك اللهم
وبحمدك إلى آخرها وقال إسناده كلهم ثقات وسيأتي قريبا.
قوله وقال مالك لا يجوز الا بقوله الله أكبر يعني تكبيرة الافتتاح لأنه هو
المعقول قلت فيه أحاديث منها ما رواه الترمذي في جامعه حدثنا محمد بن المثنى
ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد
الساعدي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم
قال الله أكبر انتهى وطوله في باب وصف الصلاة فرواه بالإسناد
429

المذكور قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى
يحاذي منكبيه ثم قال الله أكبر وركع ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم يقنع
ووضع يديه على ركبتيه ثم قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه واعتدل حتى
رجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم يهوي إلى الأرض ساجدا ثم قال الله أكبر
ثم جافى عضديه عن إبطيه وفتح أصابع رجليه ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها
ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم هوى ساجدا ثم قال الله
أكبر ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى رجع كل عضو في موضعه ثم نهض فصنع
في الركعة الثانية مثل ذلك حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي
بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة ثم صنع كذلك ثم ذكر انه يقعد متوركا
ثم يسلم انتهى وقال حديث حسن صحيح وينظر لفظ البخاري فان بن
الجوزي عزاه في التحقيق إليه بهذا اللفظ.
حديث آخر، روى الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج
ثنا حماد حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه
عن عمه رفاعة بن رافع ان رجلا دخل المسجد فصلى فأخف صلاته ثم انصرف
فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل حتى
فعل ذلك ثلاث مرات فقال الرجل والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني فقال
النبي صلى الله عليه وسلم إنه لا يتم صلاة لاحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم
يقول: الله أكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه ويقرأ بما شاء من القرآن ثم يكبر
ثم يركع حتى تطمئن مفاصله ثم يقول سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائما ثم
يكبر ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر ويرفع رأسه حتى يستوي ثم يكبر
ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يرفع رأسه فيكبر فإذا فعل ذلك فقد تمت
صلاته انتهى وهذا الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة لكن بلفظ ثم يكبر
ويحمد الله في الأول وقالوا في الباقي ثم يقول الله أكبر وهذا
عكس لفظ الطبراني فيه والله أعلم.
430

حديث آخر رواه الطبراني أيضا في معجمه حدثنا محمد بن إدريس
المصيصي والحسين بن إسحاق التستري قالا ثنا أحمد بن النعمان الفراء المصيصي
ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الثمالي
رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا قمتم إلى الصلاة فارفعوا
أيديكم ولا تخالف آذانكم ثم قولوا الله أكبر سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك
اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وان لم تزيدوا على التكبير أجزاكم حدثنا انتهى.
حديث آخر روى البزار في مسنده حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي ثنا
يوسف بن أبي سلمة الماجشون ثنا أبي عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي ان
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر وجهت وجهي للذي فطر
السماوات والأرض حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي إلى
آخر الآية وصحح البزار إسناده قال: بن القطان في كتابه وتعيين لفظ الله
أكبر في الافتتاح شئ عزيز في الحديث لا يكاد يوجد حتى أن بن حزم أنكره وقال إنه
ما عرف قط قال: وقد رواه البزار في مسنده ثم ذكر حديث البزار
المذكور بسنده ومتنه وسكت عنه وقد قدمنا نحوه عند الترمذي والطبراني والله أعلم.
حديث آخر أخرجه البيهقي عن سفيان عن عبد الله بن أبي بكر عي سعيد بن
المسيب عن أبي سعيد الخدري قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: الامام الله أكبر
فقولوا الله أكبر وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا
ولك الحمد.
حديث آخر أخرجه البيهقي عن سفيان عن عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن
المسيب عن أبي سعيد الخدري قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال: الإمام: الله أكبر،
فقولوا الله أكبر وإذا ركع فاركعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا
ولك الحمد.
حديث آخر، أخرجه البيهقي أيضا عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن
431

المسيب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا قمتم إلى الصلاة
فاعدلوا صفوفكم، وأقيموها، وسدوا الفرج، فإني أراكم من وراء ظهري، فإذا قال:
إمامكم: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن
حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن خير صفوف الرجال المقدم، وشرها المؤخر،
وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدم مختصر.
الحديث السادس قال: عليه السلام ان من السنة وضع اليمين على الشمال
تحت السرة قلت: رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن إسحاق
الواسطي عن زياد بن زيد السوائي عن أبي جحيفة عن علي انه قال: السنة وضع الكف
على الكف تحت السرة انتهى والله أعلم ان هذا الحديث لا يوجد في غالب نسخ
أبي داود وانما وجدناه في النسخة التي هي من رواية بن داسة ولذلك لم يعزه بن
عساكر في الأطراف إليه ولا ذكره المنذري في مختصره ولم يعزه بن تيمة
في المنتقى الا لمسند احمد فقط والنووي في شرح مسلم لم يعزه الا
للدارقطني والبيهقي في سننه لم يروه الا من جهة الدارقطني ولم أر من عزاه لأبي
داود الا عبد الحق في احكامه ولم يتعقبه بن القطان في كتابه من جهة العزو
على عادته في ذلك وانما تعقبه من جهة التضعيف فقال عبد الرحمن بن إسحاق
هو بن الحارث أبو شيبة الواسطي قال: فيه بن حنبل وأبو حاتم منكر الحديث وقال
432

بن معين ليس بشئ وقال البخاري فيه نظر وزياد بن زيد هذا لا يعرف وليس
بالأعسم إلا انتهى ورواه احمد في مسنده والدارقطني ثم البيهقي من جهته في
سننهما قال: البيهقي في المعرفة لا يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن
إسحاق الواسطي وهو متروك انتهى وقال النووي في الخلاصة وفي شرح
مسلم هو حديث متفق على تضعيفه فان عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف بالاتفاق
انتهى.
واعلم أن لفظة السنة يدخل في المرفوع عندهم قال: بن عبد البر في التقصي
واعلم أن الصحابي إذا أطلق اسم السنة فالمراد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك إذا أطلقها
غيره ما لم يضف إلى صاحبها كقولهم سنة العمرين وما أشبه ذلك انتهى كلامه.
أحاديث الخصوم روى بن خزيمة في صحيحه من حديث وائل بن حجر
قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره
انتهى لم يذكر النووي في الباب غيره في الخلاصة، وكذلك الشيخ تقى
الدين في الإمام.
أحاديث وضع اليمين على الشمال اخرج البخاري في صحيحه عن أبي
حازم عن سهل بن سعد قال: كان الناس يأمرون ان يضع الرجل اليد اليمنى على
ذراعه اليسرى في الصلاة قال: أبو حاتم لا أعلمه الا ينمى ذلك إلى النبي
حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن وائل بن حجر انه رأى رسول الله
صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر وصفهما حيال اذنيه ثم التحف بثوبه ثم
وضع يده اليمنى على اليسرى مختصر.
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث الحجاج
ابن أبي زينب سمعت أبا عثمان يحدث عن بن مسعود عبد الله بن مسعود انه كان
يصلى فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى.
433

انتهى وفي إسناده حجاج بن أبي زينب فيه لين قال: بن المديني ضعيف وقال
النسائي ليس بالقوي وقال بن معين ليس به بأس وقال بن عدي أرجو انه لا
باس به وقال النووي في الخلاصة إسناده صحيح على شرط مسلم.
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي عن عطاء
عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انا معاشر الأنبياء أمرنا ان نمسك بأيماننا على
شمائلنا في الصلاة انتهى وطلحة هذا قال: فيه احمد متروك الحديث وقال
ابن معين ضعيف ليس بشئ وتكلم فيه البخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم
وأبو زرعة وابن حبان والدارقطني وابن عدي.
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن النضر بن إسماعيل عن أبي ليلى عن
عطاء عن أبي هريرة مرفوعا نحو حديث بن عباس والنضر بن إسماعيل قال: فيه
ابن معين ليس بشئ وقال النسائي وأبو زرعة ليس بالقوي وابن أبي ليلى أيضا
ضعيف.
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن سماك بن حرب عن قبيصة بن
هلب عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه انتهى قال:
الترمذي حديث حسن انتهى.
الحديث السابع روى عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع في أول
434

صلاته بين قوله سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره وقوله وجهت وجهي
إلى آخره قلت: غريب من حديث علي وقد روى من حديث بن عمر
ومن حديث جابر.
اما حديث بن عمر فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق
التستري ثنا عبد الوهاب بن فليح المكي ثنا المعافى بن عمران عن عبد الله بن عامر
الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
افتتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما
انا من المشركين سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله
غيرك ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك
أمرت وانا من المسلمين انتهى والحديث معلول بعبد الله بن عامر نقل
شيخنا الذهبي في ميزانه تضعيفه عن جماعة كثيرة وقال بن حبان في كتاب
الضعفاء كان يقلب الأسانيد والمتون ويرفع المراسيل والموقوفات ثم أسند عن بن
نعين انه قال: فيه ليس بشئ انتهى.
واما حديث جابر فرواه البيهقي أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد
الصفار ثنا بن ناجية ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ثنا عبد السلام بن محمد الحمصي
ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة ان أباه حدثه ان محمد بن المنكدر أخبره ان جابر بن
عبد الله أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم
وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وجهت وجهي إلى
آخرها قال البيهقي في المعرفة وقد روى في الجمع بينهما عن محمد بن
المنكدر مرة عن بن عمر ومرة عن جابر وليس بالقوي انتهى ووجدت في
كتاب العلل لابن أبي حاتم قال: سأل أحمد بن سلمة أبيا عن حديث رواه إسحاق
ابن راهويه في أول كتاب الجامع عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد عن الأعرج
435

عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يجمع في أول
صلاته بين سبحانك اللهم وبحمدك وبين وجهت وجهي إلى آخرهما قال:
إسحاق والجمع بينهما أحب إلى فقال أبي هذا حديث باطل موضوع لا أصل له
أرى ان هذا من رواية خالد بن القاسم المدائني وقد كان خرج إلى مصر فسمع من
الليث فرجع إلى المدائن فسمع منه الناس وكان يوصل المراسيل ويضع لها أسانيد
فخرج رجل من أهل الحديث إلى مصر فكتب كتب الليث هناك ثم قدم بها بغداد
فعارضوا بتلك الأحاديث فبان لهم ان أحاديث خالد مفتعلة انتهى كلامه.
وقد روى مسلم حديث علي منفردا بقوله وجهت وجهي فقط أخرجه في
التهجد من رواية عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له
وبذلك أمرت وانا من المسلمين وفي رواية لمسلم وانا أول المسلمين اللهم أنت
الملك لا اله الا أنت الحديث وهو عند الدارقطني فيه كان إذا ابتدأ الصلاة
المكتوبة قال: وجهت وجهي إلى آخره وجهل بعض الناس ففهم من قول
المصنف وعن أبي يوسف انه يضم إليه قوله وجهت وجهي إلى آخره لرواية
علي انه عليه السلام كان يقول ذلك انتهى انه أراد مجرد قوله وجهت
وجهي فاستشهد له بحديث مسلم المتقدم عن علي وهذا فهم فاسد وانما أراد
المصنف الجمع بين الذكرين أعني قوله وجهت وجهي للذي إلى آخره
وسبحانك اللهم إلى آخره يدل عليه سياق اللفظ مع أن الطحاوي في شرح
الآثار لم يستدل للقائلين بالجمع بين الذكرين الا بحديث علي كما رواه مسلم
وبحديث سبحانك اللهم وبحمدك من رواية الخدري وغيره قال: فلما جاءت
436

الرواية بهذا استحسن أبو يوسف ان يقولهما المصلي جميعا انتهى وكأن
الطحاوي لم يقع له شئ من الأحاديث التي رويناها في الجمع والله أعلم.
الحديث الثامن روى أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة كبر وقرأ
سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره ولا يزيد على هذا قلت: رواه الدارقطني في
سننه حدثنا أبو محمد بن صاعد ثنا الحسين بن علي بن الأسود ثنا محمد بن الصلت
ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة
كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه اذنيه ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك
وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك انتهى ثم قال: إسناده كلهم ثقات
انتهى والحسين بن علي الأسود قال: المروزي سئل عنه أحمد بن حنبل فقال
لا اعرفه وقال أبو حاتم صدوق وقال بن عدي يسرق الحديث وأحاديثه لا يتابع
عليها وقال الأزدي ضعيف جدا يتكلمون في حديثه وذكره بن حبان في
الثقات وقال ربما أخطأ انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سمعت أبي
وذكر حديثا رواه محمد بن الصلت عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس عن النبي
صلى الله عليه وسلم في افتتاح الصلاة سبحانك اللهم وبحمدك وانه كان يرفع يديه إلى حذو اذنيه
فقال هذا حديث كذب لا أصل له ومحمد بن الصلت لا باس به كتبت عنه
وله طريق آخر رواه الطبراني في كتابه المفرد في الدعاء وهو مجلد لطيف،
437

فقال حدثنا أبو عقيل أنس بن مسلم الخولاني ثنا أبو الأصبع عبد العزيز بن يحيى ثنا
مخلد بن يزيد عن عائذ بن شريح عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح
الصلاة يكبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك
ولا اله غيرك انتهى.
طريق آخر رواه الطبراني أيضا في الكتاب المذكور حدثنا محمود بن محمد
الواسطي ثنا زكريا بن يحيى رحمويه ثنا الفضل بن موسى الشيباني عن حميد الطويل
عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك انتهى.
أحاديث الباب روى أصحاب السنن الأربعة من حديث جعفر بن سليمان
الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري ان النبي
صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل كبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك
وتعالى جدك ولا اله غيرك ثم يقول لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول الله أكبر كبيرا
ثلاثا أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ
انتهى بلفظ أبي داود والترمذي ولفظ النسائي وابن ماجة قال: كان إذا استفتح
الصلاة يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك
انتهى لم يقولا فيه ثم يقول إلى آخره قال أبو داود هذا الحديث يقولون هو
عن علي بن علي عن الحسن مرسلا الوهم من جعفر انتهى وقال الترمذي هذا
أشهر حديث في الباب وقد تكلم في إسناده كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن
علي وقال احمد لا يصح هذا الحديث انتهى وقال المنذري علي بن علي هذا هو
ابن نجاد بن رفاعة البصري كنيته أبو إسماعيل وثقه غير واحد وتكلم فيه غير
واحد.
حديث آخر أخرجه أبو داود عن طلق بن غنام ثنا عبد السلام بن حرب عن بديل
ابن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة،
438

قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك قال:
أبو داود ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه الا طلق بن غنام وقد
روى قصة الصلاة جماعة عن بديل لم يذكروا فيه شيئا من هذا انتهى.
وأخرجه الترمذي وابن ماجة عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة بنحوه سواء قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه الا من هذا الوجه وحارثة قد تكلم فيه
من قبل حفظه انتهى وبالاسنادين رسول أعني سند أبي داود وسند الترمذي رواه
الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولا احفظ في قوله
سبحانك اللهم وبحمدك في الصلاة أصح من هذا الحديث وقد صح عن عمر بن
الخطاب انه كان يقوله ثم أخرجه عن الأعمش عن الأسود عن عمر قال: وقد أسنده
بعضهم عن عمر ولا يصح انتهى والعجب من شيخنا علاء الدين كيف عزا
هذا الحديث للحاكم والبيهقي فقط وهو في السنن كما بيناه وكم يقلد غيره في
ذلك وأبو الجوزاء هذا بجيم وزاي أوس بن عبد الله الربعي يروي عن بن
عباس وعائشة وهو يشتبه بابي الحوراء بمهملتين ربيعة بن شيبان يروي عن
الحسن بن علي بن أبي طالب.
حديث آخر موقوف أخرجه مسلم في صحيحه عن عبدة وهو بن أبي لبابة
ان عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول سبحانك اللهم وبحمدك
وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك انتهى قال: المنذري وعبدة لا
يعرف له سماع من عمر وانما سمع من ابنه عبد الله ويقال انه رأى عمر رؤية
انتهى قال: صاحب التنقيح وانما أخرجه مسلم في صحيحه لأنه سمعه مع
غيره انتهى وقال الدارقطني في كتابه العلل وقد رواه إسماعيل بن عياش عن
عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عمر عن النبي
صلى الله عليه وسلم وخالفه إبراهيم النخعي فرواه عن الأسود عن عمر قوله وهو الصحيح
انتهى.
439

حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا
أبو كريب ثنا فردوس الأشعري ثنا مسعود بن سليمان قال: سمعت الحكم يحدث
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال:
سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره.
حديث آخر رواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن إدريس المصيصي والحسين
ابن إسحاق التستري قالا ثنا أحمد بن النعمان الفراء المصيصي ثنا يحيى بن يعلى
الأسلمي عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير الثمالي قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا قمتم إلى الصلاة فارفعوا أيديكم ولا تخالف آذانكم ثم قولوا الله
أكبر سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وان
لم تزيدوا على التكبير أجزاكم انتهى وقد تقدم في مسألة التكبير.
حديث آخر رواه الطبراني أيضا عن مكحول عن واثلة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يقول إذا استفتح الصلاة نحوه سواء.
واما الاستعاذة فقال النووي في الخلاصة يستحب التعوذ عندنا في كل ركعة
قبل القراءة والمعتمد في ذلك قوله تعالى فإذا قرأت فاستعذ بالله من
الشيطان الرجيم وفيه حديث أبي سعيد المتقدم وقد ضعفه احمد والترمذي
440

انتهى قلت:: ويعارضه حديث أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح
الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين انتهى الحديث رواه مسلم.
وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية استفتح
القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت انتهى ورواه مسلم أيضا وحديث
أنس أيضا أخرجه البخاري ومسلم عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون
الصلاة بالحمد لله رب العالمين انتهى.
الحديث التاسع نقل في المشاهير قراءة بسم الله الرحمن الرحيم قلت فيه
أحاديث منها حديث نعيم المجمر قال: صليت خلف أبي هريرة فقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن فلما سلم قال: والذي نفسي بيده اني لأشبهكم
صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما
والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وسيأتي.
حديث آخر رواه الترمذي حدثنا أحمد بن عبدة ثنا المعتمر بن سليمان حدثني
إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن بن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته
ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى قال: الترمذي ليس إسناده بذاك وأبو خالد
قيل: هو الوالبي الكوفي واسمه هرمز ويقال هرم قال: أبو حاتم صالح
الحديث وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال بن أبي حاتم في الكنى
أبو خالد روى عن بن عباس روى عنه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان سمعت
أبي يقول ذلك وسئل أبو زرعة عن أبي خالد الذي روى عن بن عباس حديث
441

البسملة روى عنه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان قال لا أدري من هو لا اعرفه
كذا ذكر بن أبي حاتم في الكنى ترجمة أبي خالد هذا وذكر في الأسماء
ترجمة أبي خالد الوالبي وسماه هرمز وقال العقيلي في إسماعيل حديثه ضعيف
ويحكيه عن مجهول حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ثنا
معتمر بن سليمان عن إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان
يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وقال بن عدي حدثنا خالد بن النضر
القرشي ثنا يحيى بن أبي حبيب بن عربي ثنا معتمر بن سليمان حدثني إسماعيل بن
حماد بن أبي سليمان عن أبي خالد عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح
الصلاة: ببسم الله الرحمن الرحيم قال: بن عدي هذا الحديث لا يرويه غير معتمر
وهو غير محفوظ وأبو خالد مجهول انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن سليمان بن عبد العزيز بن أبي
ثابت ثنا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده عبد الله بن حسن بن
الحسن عن أبيه عن الحسن بن علي عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته انتهى قال: الدارقطني إسناد علوي لا
باس به وقال شيخنا أبو الحجاج المزي هذا إسناد لا يقوم به حجة وسليمان هذا
لا اعرفه انتهى.
حديث آخر أخرجه بن خزيمة في صحيحه عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ
بسم الله الرحمن الرحيم في الفاتحة في الصلاة وعدها آية انتهى ذكره النووي
في الخلاصة وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عمر بن هارون عن بن جريج عن
ابن أبي مليكة عن أم سلمة فذكره وسيأتي في أحاديث الجهر إن شاء الله تعالى.
442

حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه أيضا عن عبد الرحمن بن
عبد الله العمري عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان إذا افتتح الصلاة يبدأ
ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى قال بن معين عبد الرحمن وأبوه
ضعيفان.
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سلمة بن صالح الأحمر عن يزيد أبي
خالد عن عبد الكريم أبي أمية عن بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
اخرج من المسجد حتى أخبرك بأية أو بسورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري
فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد فاخرج رجله وبقيت الأخرى فقلت
انسى فاقبل على بوجهه فقال بأي شئ يفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة قلت:
ببسم الله الرحمن الرحيم قال: هي هي ثم خرج انتهى قال: بن الجوزي اما
سلمة وعبد الكريم فقال احمد ويحيى ليسا بشئ قال: النسائي ويزيد متروك
الحديث انتهى كلامه.
قوله روى عن بن مسعود انه قال: أربع يخفيهن الامام فذكر منها التعوذ
والتسمية وآمين وربنا لك الحمد قلت: غريب وبمعناه ما رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا هشيم عن سعيد بن المرزبان ثنا أبو وائل عن بن مسعود انه كان يخفي
بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة وربنا لك الحمد انتهى.
وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار حدثنا أبو حنيفة حدثنا حماد بن أبي سليمان عن
إبراهيم النخعي قال: أربع يخفيهن الامام التعوذ وبسم الله الرحمن الرحيم
وسبحانك اللهم وبحمدك وآمين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
معمر عن حماد به بذكره الا انه قال: عوض قوله سبحانك اللهم واللهم ربنا لك
الحمد ثم قال: أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: خمس يخفيهن الامام
فذكرها وزاد سبحانك اللهم وبحمدك.
443

الحديث العاشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاته بالتسمية قلت: فيه
أحاديث منها ما أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن محمد
ابن أبي السري قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان من الصلاة مالا أحصيها
الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها
وقال المعتمر ما آلو ان اقتدى بصلاة أبي قال: أبي ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس وقال
أنس ما آلوا أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن أبي الطفيل عن علي وعمار ان النبي صلى الله عليه وسلم
كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وقال صحيح الإسناد.
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بن أبي ذئب عن نافع عن بن عمر
قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن
الرحيم انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سعيد بن جبير عن بن عبسا قال: كان
النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن
أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم
انتهى وسيأتي الكلام على هذه الأحاديث وبيان عللها وجميع طرقها مستوفي
إن شاء الله تعالى.
444

الحديث الحادي عشر روى أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجهر بالتسمية قلت:
أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: صليت
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر عثمان فلم اسمع أحدا منهم يقرأ
ببسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ لمسلم فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله
رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها
انتهى ورواه النسائي في سننه وأحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه في النوع الرابع من القسم الخامس والدارقطني في سننه وقالوا فيه
فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وزاد بن حبان ويجهرون بالحمد لله
رب العالمين وفي لفظ للنسائي وابن حبان أيضا فلم اسمع أحدا منهم يجهر ببسم
الله الرحمن الرحيم وفي لفظ لأبي يعلى الموصلي في مسنده فكانوا يستفتحون
القراءة فيما يجهر به بالحمد لله رب العالمين وفي لفظ للطبراني في معجمه وأبو
نعيم في الحلية وابن خزيمة في مختصر المختصر وكانوا يسرون ببسم الله
الرحمن الرحيم ورجال هذه الروايات كلهم ثقات مخرج لهم في الصحيح
جمع.
أقوال العلماء في البسملة والمذاهب في كونها من القرآن ثلاثة طرفان
ووسط فالطرف الأول قول من يقول إنها ليست من القرآن الا في سورة النمل
كما قاله مالك وطائفة من الحنفية وقاله بعض أصحاب احمد مدعيا انه مذهبه أو
ناقلا لذلك رواية عنه والطرف الثاني المقابل له قول من يقول إنها آية من كل سورة
أو بعض آية كما هو المشهور عن الشافعي ومن وافقه فقد نقل عن الشافعي انها
445

ليست من أوائل السور غير الفاتحة وانما يستفتح بها في السور تبركا بها والقول
الوسط انها من القرآن حيث كتبت وانها مع ذلك ليست من السور بل كتبت آية
في كل سورة وكذلك تتلى آية مفردة في أول كل سورة كما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم حين
أنزلت عليه انا أعطيناك الكوثر رواه مسلم من حديث المختار بن فلفل عن أنس انه
عليه السلام أغفا اغفاءة ثم استيقظ فقال نزلت على سورة آنفا ثم قرأ
بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها وكما في قوله
ان سورة من القرآن هي ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي
بيده الملك وهذا قول بن المبارك وداود واتباعه وهو المنصوص عن أحمد
ابن حنبل وبه قال: جماعة من الحنفية وذكر أبو بكر الرازي انه مقتضى مذهب أبي
حنيفة وهذا قول المحققين من أهل العلم فان في هذا القول الجمع بين الأدلة وكتابتها
سطرا مفصلا عن السورة يؤيد ذلك وعن بن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل
السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم وفي رواية لا يعرف انقضاء
السورة رواه أبو داود والحاكم وقال إنه صحيح على شرط الشيخين ثم
لأصحاب هذا القول في الفاتحة قولان هما روايتان عن أحمد أحدهما انها
من الفاتحة دون غيرها تجب قراءتها حيث تجب قراءة الفاتحة والثاني وهو الأصح
انه لافرق بين الفاتحة وغيرها في ذلك وان قراءتها في أول الفاتحة كقراءتها في أول
السور والأحاديث الصحيحة توافق هذا القول وحينئذ الأقوال في قراءتها في الصلاة
أيضا ثلاثة أحدها انها واجبة وجوب الفاتحة كمذهب الشافعي وإحدى الروايتين
عن أحمد وطائفة من أهل الحديث بناءا على انها من الفاتحة والثاني انها مكروهة
سرا وجهرا وهو المشهور عن مالك والثالث انها جائزة بل مستحبة وهو مذهب
أبي حنيفة والمشهور عن أحمد وأكثر أهل الحديث ثم مع قراءتها هل يسن الجهر
بها أو لا فيه ثالثة أقوال أحدها يسن الجهر وبه قال الشافعي ومن وافقه
والثاني لا يسن وبه قال أبو حنيفة وجمهور أهل الحديث والرأي وفقهاء
446

الأمصار وجماعة من أصحاب الشافعي وقيل يخير بينهما وهو قول إسحاق بن
راهويه وابن حزم وكان بعض العلماء يقول بالجهر سدا للذريعة قال: ويسوغ
للإنسان ان يترك الأفضل لأجل تأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفا من التنفير كما
ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية
وخشي تنفيرهم بذلك ورأى تقديم مصلحة الاجتماع على ذلك ولما أنكر الربيع على
ابن مسعود اكماله الصلاة خلف عثمان قال: الخلاف شر وقد نص احمد وغيره
على ذلك في البسملة وفي وصل الوتر وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى
الجائز المفضول مراعاة لائتلاف المأمومين أو لتعريفهم السنة وأمثال ذلك وهذا أصل
كبير في سد الذرائع.
هذا تحرير أقوال العلماء في هذه المسألة والله أعلم وقد اعتمد غير واحد من
المصنفين على وجوب قراءتها وكونها من القرآن بكتابة الصحابة لها في المصحف بعلم
القرآن قال النووي في الخلاصة قال: أصحابنا وهذا أقوى الأدلة فيه فإن
الصحابة جردوا القرآن عما ليس منه والذين نازعوهم دفعوا هذه الحجة بغير حق
فقالوا ان القرآن لا يثبت الا بقاطع ولو كان هذا قاطعا لكفر مخالفه وقد سلك
أبو بكر الباقلاني وغيره هذا المسلك وادعوا انهم يقطعون بخطأ الشافعي في جعله
البسملة من القرآن معتمدين على هذه الحجة وانه لا يجوز اثبات القرآن الا بالتواتر
ولا تواتر هاهنا فيجب القطع بنفي كونها من القرآن والتحقيق ان هذه حجة مقابلة
بمثلها فيقال لهم بل يقطع بكونها وقال من القرآن حيث كتبت كما قطعتم بنفي كونها
منه ومثل هذا النقل المتواتر عن الصحابة بان ما بين اللوحين قرآن فان التفريق بين آية
وآية يرفع الثقة بكون القرآن المكتوب بين لوحي المصحف كلام الله ونحن نعلم
بالضرورة ان الصحابة الذين كتبوا المصاحف نقلوا إلينا ان ما كتبوه بين لوحي
المصحف كلام الله الذي أنزله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم لم يكتبوا فيه ما ليس من كلام الله فان قال:
المنازع ان قطعتم بان البسملة من القرآن حيث كتبت فكفروا النافي قيل لهم هذا
معارض بمثله إذا قطعتم بنفي كونها من القرآن فكفروا منازعكم وقد اتفقت الأمة
على نفي التكفير في هذا الباب مع دعوى كثير من الطائفتين القطع بمذهبه وذلك
لأنه ليس كل ما كان قطعيا عند شخص يجب ان يكون قطعيا عند غيره وليس كل ما
447

ادعت طائفة انه قطعي عندها يجب ان يكون قطعيا في نفس الأمر بل قد يقع الغلط في
دعوى المدعي القطع في غير محل القطع كما يغلط في سمعه وفهمه ونقله وغير
ذلك من أحواله بل كما يغلط الحس الطاهر في مواضع وحينئذ فيقال الأقوال في
كونها من القرآن ثلاثة طرفان ووسط كما تقدم والذي اجتمع عليه الأدلة هو
القول الوسط وهو انها من القرآن حيث كتبت وانها ليست من السور بل تكتب
قبل السورة وتقرأ كما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم وقال النووي في شرح مسلم في حديث
بدء الوحي في قوله: فجاءه الملك فقال له اقرأ فقال ما انا بقارئ ثلاث
مرات ثم قال: له اقرأ باسم ربك الذي خلق استدل بهذا الحديث من يقول إن
البسملة ليست آية في أوائل السور لكونها لم تذكر هنا قال: وأجيب عنه ان
البسملة أنزلت في وقت آخر كما نزل باقي السورة في وقت آخر انتهى وحجة
الخصوم المانعين من الجهر بالبسملة في الصلاة أحاديث أقواها حديث أنس رواه
البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث شعبة سمعت قتادة يحدث عن
أنس قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فلم
اسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ لمسلم فكانوا يستفتحون
القراءة بالحمد لله رب العالمين ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول
قراءة ولا في آخرها انتهى ورواه النسائي في سننه وأحمد في مسنده وابن
حبان في صحيحه والدارقطني في سننه وقالوا فيه وكانوا لا يجهرون ببسم الله
الرحمن الرحيم وزاد بن حبان ويجهرون بالحمد لله رب العالمين وفي لفظ لابن
حبان والنسائي أيضا لم اسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وفي
لفظ لأبي يعلى الموصلي في مسنده فكانوا يفتتحون القراءة فيما يجهر به بالحمد
لله رب العالمين وفي لفظ للطبراني في معجمه وأبي نعيم في الحلية
وابن خزيمة في مختصر المختصر والطحاوي في شرح الآثار فكانوا يسرون
ببسم الله الرحمن الرحيم ورجال هذه الروايات كلهم ثقات مخرج لهم في
الصحيحين.
ولحديث أنس طرق أخرى دون ذلك في الصحة وفيها مالا يحتج به وفيما
448

ذكرناه كفاية وكل ألفاظه ترجع إلى معنى واحد يصدق بعضها بعضا وهي سبعة
ألفاظ فالأول كانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم
والثاني فلم اسمع أحدا يقول أو يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم والثالث
فلم يكونوا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم والرابع فلم اسمع أحدا منهم
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والخامس فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن
الرحيم والسادس فكانوا يسرون ببسم الله الرحمن الرحيم والسابع
فكانوا يستفتحون القرآن بالحمد لله رب العالمين وهذا اللفظ هو الذي صححه
الخطيب وضعف ما سواه لرواية الحفاظ له عن قتادة ولمتابعة فإن غير قتادة له عن أنس فيه
وجعله اللفظ المحكم عن أنس وجعل غيره متشابها وحمله على الافتتاح بالسورة لا
بالآية وهو غير مخالف للألفاظ المنافية بوجه فكيف يجعل مناقضا لها فان حقيقة
هذا اللفظ الافتتاح بالآية من غير ذكر التسمية جهرا أو سرا فكيف يجوز العدول عنه
بغير موجب ويؤكده قوله: في رواية مسلم لا يذكرون بسم الله الرحمن
الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها لكنه محمول على نفي الجهر لان أنسا انما
ينفي ما يمكنه العلم بانتفائه فإنه إذا لم يسمع مع القرب علم أنهم لم يجهروا واما
كون الامام لم يقرأها فهذا لا يمكن ادراكه الا إذا لم يكن بين التكبير والقراءة سكوت
يمكن فيه القراءة سرا ولهذا استدل بحديث أنس هذا على عدم قراءتها من لم ير هنا
سكوتا كمالك وغيره لكن ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة انه قال: يا رسول
الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال: أقول كذا وكذا إلى
آخره وفي السنن عن سمرة وأبي وغيرهما انه كان يسكت قبل القراءة وانه
449

كان يستعيذ وإذا كان له سكوت لم يمكن أنسا ان ينفي قراءتها في ذلك السكوت
فيكون نفيه للذكر والاستفتاح والسماع مرادا به الجهر بذلك يدل عليه قوله:
فكانوا لا يجهرون وقوله فلم اسمع أحدا منهم يجهر ولا تعرض فيه للقراءة سرا
ولا على نفيها إذ لا علم لانس بها حتى يثبتها أو ينفيها وكذلك قال: لمن سأله انك
لتسألني عن شئ ما أحفظه فان العلم بالقراءة السرية انما يحصل بأخبار أو سماع عن
قرب وليس في الحديث شئ منهما ورواية من روى فكانوا يسرون كأنها مروية
بالمعنى من لفظ لا يجهرون والله أعلم وأيضا فحمل الافتتاح بالحمد لله رب العالمين
على السورة لا الآية مما تستبعده القريحة وتمجه الأفهام الصحيحة لأن هذا من العلم
الظاهر الذي يعرفه العام والخاص كما يعلمون ان الفجر ركعتان وان الظهر أربع
وان الركوع قبل السجود والتشهد بعد الجلوس إلى غير ذلك فليس في نقل مثل هذا
فائدة فكيف يجوز ان يظن أن أنسا قصد تعريفهم بهذا وأنهم سألوه عنه وانما مثل
هذا مثل من يقول فكانوا يركعون قبل السجود أو فكانوا يجهرون في العشاءين
والفجر ويخافتون في صلاة الظهر والعصر والله أعلم وأيضا فلو أريد الافتتاح
بسورة الحمد لقيل كانوا يفتتحون القراءة بأم القرآن أو بفاتحة الكتاب أو بسورة
الحمد هذا هو المعروف في تسميتها عندهم وأما تسميتها بالحمد لله رب العالمين
فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين ولا عن أحد يحتج بقوله واما
تسميتها بالحمد فقط فعرف متأخر يقولون فلان قرأ الحمد وأين هذا من قوله:
فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين فان هذا لا يجوز ان يراد به
السورة الا بدليل صحيح واني للمخالف ذلك فان قيل فقد روى الوليد بن
مسلم عن الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس الاستفتاح بأم القرآن
وهذا يدل على إرادة السورة قلنا هذا مروي بالمعنى والصحيح عن الأوزاعي ما رواه
مسلم عن الوليد بن مسلم عنه عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف أبي بكر وعمر
وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن
الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها ثم أخرجه مسلم عن الوليد بن مسلم عن
الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة انه سمع أنس بن مالك يذكر
ذلك هكذا رواه مسلم في صحيحه عاطفا له على حديث قتادة وهذا اللفظ المخرج
في الصحيح هو الثابت عن الأوزاعي واللفظ الآخر ان كان محفوظا فهو مروى
450

بالمعنى فيجب حمله على الافتتاح بأم القرآن رواه الطبراني في معجمه بهذا
الإسناد ان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يجهرون ببسم الله
الرحمن الرحيم.
حديث آخر، رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث أبي نعامة الحنفي
واسمه قيس بن عباية ثنا بن عبد الله بن مغفل قال: سمعني أبي وانا أقول
بسم الله الرحمن الرحيم فقال أي بني إياك والحدث قال ولم أر أحدا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام يعني منه قال:
وصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم اسمع أحدا منهم
يقولها فلا تقلها أنت إذا صليت فقل الحمد لله رب العالمين انتهى قال الترمذي
حديث حسن والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو
بكر، وعمر، وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان
الثوري، وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
في الصلاة، ويقولها في نفسه انتهى قال: النووي في الخلاصة وقد ضعف
الحفاظ هذا الحديث وأنكروا على الترمذي تحسينه كابن خزيمة وابن عبد البر
والخطيب، وقالوا ان مداره على بن عبد الله بن مغفل وهو مجهول انتهى.
ورواه احمد في مسنده من حديث أبي نعامة عن بني عبد الله بن مغفل قالوا كان
أبونا إذا سمع أحدا منا يقول بسم الله الرحمن الرحيم يقول أي بني صليت مع
النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم اسمع أحدا منهم يقول بسم الله الرحمن
الرحيم، انتهى ورواه الطبراني في معجمه عن عبد الله بن بريدة عن بن
عبد الله بن مغفل عن أبيه مثله ثم أخرجه عن أبي سفيان طريف بن شهاب عن يزيد بن
عبد الله بن مغفل عن أبيه قال: صليت خلف امام فجهر بسم الله الرحمن
الرحيم فلما فرغ من صلاته قلت ما هذا غيب عنا هذه التي أراك تجهر بها
فاني قد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر فلم يجهروا بها انتهى.
فهؤلاء ثلاثة رووا هذا الحديث عن بن عبد الله بن مغفل عن أبيه وهم أبو نعامة
451

الحنفي قيس بن عباية وقد وثقه بن معين وغيره وقال بن عبد البر هو ثقة عند
جميعهم وقال الخطيب لا اعلم أحدا رماه ببدعة في دينه ولا كذب في روايته
وعبد الله بن بريدة وهو أشهر من أن يثني عليه وأبو سفيان السعدي وهو ان تكلم
فيه ولكنه يعتبر به ما تابعه عليه غيره من الثقات وهو الذي سمى بن عبد الله بن
مغفل يزيد كما هو عند الطبراني فقط فقد ارتفعت الجهالة عن بن عبد الله بن
مغفل برواية هؤلاء الثلاثة عنه وقد تقدم في مسند الإمام أحمد عن أبي نعامة عن
بني عبد الله بن مغفل وبنوه الذي يروي عنهم يزيد وزياد ومحمد والنسائي
وابن حبان وغيرهما يحتجون بمثل هؤلاء مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية ولم يرو
واحد منهم حديثا منكرا ليس له شاهد ولا متابع حتى يجرح بسببه وانما رووا ما رواه
غيرهم من الثقات فاما يزيد فهو الذي سمى في هذا الحديث واما محمد فروى له
الطبراني عنه عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من امام يبيت غاشا لرعيته الا
حرم الله عليه الجنة وزياد أيضا روى له الطبراني عنه عن أبيه مرفوعا لا تحذفوا
فإنه لا يصاد به صيد ولا ينكأ العدو ولكنه يكسر السن ويفقأ العين انتهى.
وبالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالتسمية وهو وان لم يكن من أقسام
الصحيح فلا ينزل عن درجة الحسن وقد حسنه الترمذي والحديث الحسن يحتج
به لا سيما إذا تعددت شواهده وكثرت متابعاته والذين تكلموا فيه وتركوا الاحتجاج
به لجهالة بن عبد الله بن مغفل قد احتجوا في هذه المسألة بما هو أضعف منه بل احتج
الخطيب بما يعلم هو انه موضوع ولم يحسن البيهقي في تضعيف هذا الحديث إذ قال:
بعد أن رواه في كتاب المعرفة من حديث أبي نعامة بسنده المتقدم ومتن السنن هذا
حديث تفرد به أبو نعامة قيس بن عباية وأبو نعامة وابن عبد الله بن مغفل فلم يحتج
بهما صاحبا الصحيح فقوله تفرد به أبو نعامة ليس بصحيح فقد تابعه عبد الله بن
452

بريدة وأبو سفيان كما قدمناه وقوله وأبو نعامة وابن عبد الله بن مغفل لم يحتج
بهما صاحبا الصحيح ليس هذا لازما في صحة الإسناد ولئن سلمنا فقد قلنا انه
حسن والحسن يحتج به وهذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثا
عن نبيهم صلى الله عليه وسلم يتوارثه خلفهم عن سلفهم وهذا وحده كاف في المسألة لان الصلوات
الجهرية دائمة صباحا ومساءا فلو كان عليه السلام يجهر بها دائما لما وقع فيه اختلاف
ولا اشتباه ولكان معلوما بالاضطرار ولما قال: أنس لم يجهر بها عليه السلام ولا
خلفاؤه الراشدون ولا قال: عبد الله بن مغفل ذلك أيضا وسماه حدثا ولما استمر
عمل أهل المدينة في محراب النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه على ترك الجهر يتوارثه آخرهم عن
أولهم وذلك جار عندهم مجري الصاع والمد بل أبلغ من ذلك لاشتراك جميع
المسلمين في الصلاة ولأن الصلاة تتكرر كل يوم وليلة وكم من انسان لا يحتاج إلى
صاع ولا مد ومن يحتاجه يمكث مدة لا يحتاج إليه ولا يظن عاقل ان أكابر
الصحابة والتابعين وأكثر أهل العلم كانوا يواظبون على خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفعله.
حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن بدليل بن ميسرة عن أبي الجوزاء
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله
رب العالمين انتهى وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة وتأويله على إرادة اسم
السورة يتوقف على أن السورة كانت تسمى عندهم بهذه الجملة فلا يعدل عن حقيقة
اللفظ وظاهره إلى مجازه الا بدليل واعترض على هذا الحديث بأمرين أحدهما ان
أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة والثاني انه روى عن عائشة انه عليه السلام
كان يجهر قلنا يكفينا انه حديث أودعه مسلم صحيحه وأبو الجوزاء اسمه
أوس بن عبد الله الربعي ثقة كبير لا ينكر سماعه من عائشة وقد احتج به الجماعة
وبديل بن ميسرة تابعي صغير مجمع على عدالته وثقته وقد حدث بهذا الحديث عنه
الأئمة الكبار وتلقاه العلماء بالقبول ولم يتكلم فيه أحد منهم وما روى عن عائشة
من الجهر فكذب بلا شك فيه الحكم بن عبد الله بن سعد وهو كذاب دجال لا
453

يحل الاحتجاج به ومن العجب القدح في الحديث الصحيح والاحتجاج
بالباطل.
حديث آخر مما يدل على أن البسملة ليست آية من السورة فلا يجهر بها ما رواه
البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في
المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه فقلت يا رسول الله اني كنت أصلي
فقال ألم يقل الله عز وجل استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ثم قال:
لأعلمنك سورة في القرآن قلت ما هي قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع
المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته فأخبر انها السبع المثاني ولو كانت البسملة آية
منها لكانت ثمانيا لأنها سبع آيات بدون البسملة ومن جعل البسملة منها اما ان
يقول هي بعض آية أو يجعل قوله: صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخرها آية
واحدة.
حديث آخر ومما يدل أيضا على أن البسملة ليست من السورة ما أخرجه أصحاب
السنن الأربعة عن شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ان سورة من القرآن شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك
انتهى. قال: الترمذي حديث حسن ورواه احمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه والحاكم في مستدركه وصححه وعباس الجشمي يقال انه عباس
ابن عبد الله ذكره بن حبان في الثقات ولم يتكلم فيه أحد فيما علمنا
ووجه الحجة منه ان هذه السورة ثلاثون آية بدون البسملة بلا خلاف بين العادين
وأيضا فافتتاحه هو بقوله تبارك الذي بيده الملك دليل على أن البسملة ليست
منها.
حديث آخر قال الإمام أبو بكر الرازي في احكام القرآن أخبرنا أبو الحسن
الكرخي ثنا الحضرمي ثنا محمد بن العلاء ثنا معاوية بن هشام عن محمد بن جابر عن
454

حماد عن إبراهيم عن عبد الله قال: ما جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة مكتوبة ببسم
الله الرحمن الرحيم ولا أبو بكر ولا عمر انتهى وهذا حديث لا تقوم به
حجة لكنه شاهد لغيره من الأحاديث فان محمد بن جابر تكلم فيه غير واحد من
الأئمة وإبراهيم لم يلق عبد الله بن مسعود فهو ضعيف ومنقطع والحضرمي هو
محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين وشيخه بن العلاء هو أبو كريب
الحافظ روى عنه الأئمة الستة بلا واسطة والله أعلم.
ملخص ما ذكره بن عبد الهادي في الجهر بالبسملة مستدركا على الخطيب
قال وقد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة منهم بن خزيمة وابن حبان
والدارقطني والبيهقي وابن عبد البر وآخرون وللقائلين بالجهر أحاديث أجودها
حديث نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
ثم قرأ بأم القرآن حتى قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال: آمين
وفي آخره فلما سلم قال إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم رواه النسائي في
سننه فقال باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا محمد بن عبد الله بن
عبد الحكيم ثنا شعيب ثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن
نعيم المجمر فذكره ورواه بن خزيمة في صحيحه وابن حبان في صحيحه
والحاكم في مستدركه وقال إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه والدارقطني
في سننه وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات والبيهقي في سننه
وقال إسناده صحيح وله شواهد وقال في الخلافيات رواته كلهم ثقات
مجمع على عدالتهم محتج بهم في الصحيح انتهى والجواب عنه
وجوه:
أحدها: انه حديث معلول فان ذكر البسملة فيه مما تفرد به نعيم المجمر من بين
أصحاب أبي هريرة وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع ولا يثبت عن ثقة من أصحاب
أبي هريرة انه حدث عن أبي هريرة انه عليه السلام كان يجهر بالبسملة في الصلاة وقد
اعرض عن ذكر البسملة في حديث أبي هريرة صاحبا الصحيح فرواه البخاري من
455

حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن ان أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة
وغيرها فيكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده ثم
يقول ربنا لك الحمد ثم يقول الله أكبر حين يهوي ساجدا ثم يكبر حين يرفع
رأسه من السجود ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين
وذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة ثم يقول حين ينصرف والذي نفسي بيده
اني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا
ورواه مسلم بنحو ذلك هذا هو الصحيح الثابت عن أبي هريرة قال: بن عبد البر
وكأنه كان ينكر على من ترك التكبير في رفعه وخفضه قال: ويدل على أنهم كانوا
يفعلون ذلك ما رواه النسائي من طريق بن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي
هريرة انه قال: ثلاث كان يفعلهن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركهن الناس كان إذا قام إلى
الصلاة رفع يديه مدا وكان يقف قبل القراءة هنيهة وكان يكبر في كل خفض ورفع
ورواه بن أبي ذئب في موطئه كذلك باللفظ المذكور ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام
وأبو داود الطيالسي في مسنده وهذا حديث حسن ورواته
ثقات وسعيد بن سمعان الأنصاري صدوق وثقه النسائي وابن حبان ولا
التفات إلى قول أبي الفتح الأزدي فيه ضعيف فان الأزدي متكلم فيه والنسائي اعلم
منه وليس للتسمية في هذا الحديث ولا في الأحاديث ولا في الأحاديث الصحيحة عن أبي هريرة عن أبي هريرة ذكر
وهذا مما يغلب على الظن أنه وهم على أبي هريرة فان قيل قد رواها نعيم المجمر وهو
ثقة والزيادة من الثقة مقبولة قلنا ليس ذلك مجمعا عليه بل فيه خلاف مشهور
فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقا ومنهم من لا يقبلها والصحيح التفصيل وهو
انها تقبل في موضع دون موضع فتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظا ثبتا
والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله
من المسلمين في صدقه الفطر واحتج بها أكثر العلماء وتقبل في موضع آخر
لقرائن تخصها ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط بل كل زيادة لها حكم
يخصها ففي موضع يجزم بصحتها كزيادة مالك وفي موضع يغلب على الظن
456

صحتها كزيادة سعد بن طارق في حديث جعلت الأرض مسجدا وجعلت تربتها
لنا طهورا وكزيادة سليمان التيمي في حديث أبي موسى وإذا قرأ فانصتوا
وفي موضع يجزم بخطأ الزيادة كزيادة معمر ومن وافقه قوله: وان كان مائعا فلا
تقربوه وكزيادة عبد الله بن زياد ذكر البسملة في حديث قسمت الصلاة بيني
وبين عبدي نصفين وان كان معمر ثقة وعبد الله بن زياد ضعيفا فان الثقة قد
يغلط وفي موضع يغلب على الظن خطأها كزيادة معمر في حديث ماعز الصلاة
عليه رواها البخاري في صحيحه وسئل هل رواها غير معمر فقال لا وقد
رواه أصحاب السنن الأربعة عن معمر وقال فيه ولم يصل عليه فقد اختلف على
معمر في ذلك والراوي عن معمر هو عبد الرزاق وقد اختلف عليه أيضا والصواب
انه قال ولم يصل عليه وفي موضع يتوقف في الزيادة كما في أحاديث كثيرة
وزيادة نعيم المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه بل يغلب على الظن ضعفه
وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها لمن قال: بالجهر لأنه قال: فقرأوا فقال بسم
الله الرحمن الرحيم وذلك أعم من قراءتها سرا أو جهرا وانما هو حجة على من لا
يرى قراءتها فان قيل لو كان أبو هريرة أسر بالبسملة ثم جهر بالفاتحة لم يعبر عن
ذلك نعم بعبارة واحدة متناولة للفاتحة والبسملة تناولا واحدا ولقال فأسر بالبسملة
ثم جهر بالفاتحة والصلاة كانت جهرية بدليل تأمينه وتأمين المأمومين قلنا ليس
للجهر فيه تصريح ولا ظاهر يوجب الحجة ومثل هذا لا يقدم على النص الصريح
المقتضى للإسرار ولو اخذ الجهر من هذا الإطلاق لاخذ منه انها ليست من أم القرآن
فإنه قال: فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ أم القرآن والعطف يقتضي
المغايرة.
الوجه الثاني: ان قوله فقرأوا قال: ليس بصريح انه سمع منه إذ يجوز ان
يكون أبو هريرة أخبر نعيما بأنه قرأها سرا ويجوز ان يكون سمعها منه في مخافته
لقربه منه كما روى عنه من أنواع الاستفتاح وألفاظ الذكر في قيامه وقعوده وركوعه
وسجوده فلمسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب انه عليه السلام كان يقول
إذا قام في الصلاة وجهت وجهي إلى آخرها وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك
آمنت ولك أسلمت ويقول في سجوده نحو ذلك وإذا تشهد قال: اللهم اغفر لي
457

ما قدمت وما أخرت إلى آخره ولم يكن سماع الصحابة ذلك منه دليلا على
الجهر وكان يسمعنا الآية أحيانا وأيضا فلو ساغ التمسك على الجهر بمجرد قوله:
فقرأ لساغ لمن لا يرى قراءتها بالكلية الاعتماد على ما أخرجه مسلم في صحيحه
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة
بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت قال الطحاوي في هذا الحديث دليل على أن
بسم الله الرحمن الرحيم ليست من فاتحة الكتاب ولو كانت من فاتحة الكتاب
لقرأها فقال في الثانية كما قرأ فاتحة الكتاب والذين استحبوا الجهر بها في الركعة الأولى
لأنها عندهم من فاتحة الكتاب استحبوا ذلك أيضا في الثانية فلما انتفى بهذا ان يكون
قرأها في الثانية انتفى ان يكون قرأها في الأولى وعارض هذا حديث نعيم المجمر بل
هو أولى لاستقامة طريقه وفضل صحته على حديث نعيم فان قيل انما أراد أبو
هريرة الاستفتاح بالسورة لا بالآية قلنا هذا فيه صرف اللفظ عن حقيقته وظاهره
وذلك لا يسوغ الا لموجب وأيضا فلو أراد اسم السورة لقال بفاتحة الكتاب أو
بسورة الحمد أو بأم القرآن هذا هو المعروف في تسميتها عندهم كما في البخاري
عن أبي هريرة مرفوعا أم القرآن هي السبع المثاني وفي الصحيحين عن عبادة بن
الصامت مرفوعا لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن وفي رواية بفاتحة الكتاب
واما تسميتها بجملة الحمد لله رب العالمين فلا يعرف ذلك عندهم فدل على أنه
أراد استفتاحه بهذا الآية دون البسملة وهذا الحديث إسناده أصرح دلالة من حديث
نعيم والله أعلم.
الوجه الثالث: ان قوله: اني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم انما أراد به أصل
الصلاة ومقاديرها وهيئتها وتشبيه الشئ بالشئ لا يقتضي ان يكون مثله من كل
وجه بل يكفي في غالب الأفعال وذلك متحقق في التكبير وغيره دون البسملة
فان التكبير وغيره من أفعال الصلاة ثابت صحيح عن أبي هريرة وكان مقصوده الرد
458

على من تركه واما التسمية ففي صحتها عنه نظر فلينصرف إلى الصحيح الثابت
دون غيره ومما يلزمهم على القول بالتشبيه عن كل وجه ما في الصحيحين عن
ثابت عن أنس قال: اني لا آلو ان أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكان أنس
يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول
القائل: قد نسي وإذا رفع من السجود مكث حتى يقول القائل قد نسي فهذا
أنس قد أخبر بشبه صلاته بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان يطيل ركعتي الاعتدال والفصل
إلى غاية يظن به النسيان ومع ذلك فالشافعية يكرهون إطالتهما صلى الله عليه وسلم وعندهم وجهان في
بطلان الصلاة بها فهلا كان حديث أنس هذا دليلا علو وجوب إطالتهما مع صحته
وموافقته للأحاديث الصحيحة كما كان حديث أبي هريرة دليلا على وجوب قراءة
البسملة والجهر بها مع علة مخالفته للأحاديث الصحيحة وأيضا فيلزمهم ان
يقولوا بالجهر بالتعوذ لان الشافعي روى أخبرنا بن محمد الأسلمي عن ربيعة بن
عثمان عن صالح بن أبي صالح انه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته في المكتوبة
إذا فرغ من أم القرآن ربنا انا نعوذ بك من الشيطان الرجيم فهلا أخذوا بهذا كما
أخذوا بجهر البسملة مستدلين بما في الصحيح عنه فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسمعناكم وما اخفى عنا أخفينا عنكم وان لم تزد على أم القرآن أجزأت وان زدت
فهو خير وكيف يظن بابي هريرة انه يريد التشبيه في الجهر بالبسملة وهو الراوي عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها
لي. ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال: العبد الحمد لله رب العالمين
قال الله: حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله اثنى علي عبدي
وإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجدني عبدي وإذا قال: إياك نعبد وإياك
نستعين قال الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال اهدنا
الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل انتهى أخرجه مسلم في صحيحه عن
سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره وعن مالك
459

بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب عن أبي هريرة وعن بن جريج عن
العلاء بن عبد الرحمن به وهذا الحديث ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة والا
لابتدأ بها لان هذا محل بيان واستقصاء لآيات السورة حتى أنه لم يخل منهما
بحرف والحاجة إلى قراءة البسملة أمس ليرتفع الاشكال قال: بن عبد البر: حديث
العلاء هذا قاطع تعلق المتنازعين وهو نص لا يحتمل التأويل ولا اعلم حديثا في
سقوط البسملة أبين منه واعترض بعض المتأخرين على هذا الحديث بأمرين أحدهما
قال لا يعبأ بكون هذا الحديث في مسلم فان العلاء بن عبد الرحمن تكلم فيه بن
معين فقال: الناس يتقون حديثه ليس حديثه بحجة مضطرب الحديث ليس بذاك
هو ضعيف روى عنه جميع هذه الألفاظ وقال بن عدي ليس بالقوي وقد انفرد
بهذا الحديث فلا يحتج الثاني قال وعلى تقدير صحته فقد جاء في بعض
الروايات عنه ذكر التسمية كما أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى
صلاة لم يقرأ فيه أم القرآن فهي خداج غير تام فقلت يا أبا هريرة اني ربما كنت
مع الإمام قال: فغمز ذراعي فقال اقرأ بها في نفسك فاني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول قال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها له يقول
عبدي إذا افتتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي ثم يقول
الحمد لله رب العالمين فأقول حمدني عبدي إلى آخره وهذه الرواية وان كان
فيها ضعف ولكنها مفسرة لحديث مسلم انه أراد السورة لا الآية وهذا القائل حمله
الجهل وفرط التعصب على أن ترك الحديث الصحيح وضعفه لكونه غير موافق لمذهبه
وقال: لا يعبأ بكونه في مسلم مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الاثبات
كمالك وسفيان بن عيينة وابن جريج وشعبة وعبد العزيز الدراوردي وإسماعيل
ابن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم والعلاء نفسه ثقة
صدوق كما سيأتي ثناء الأئمة عليه وهذه الرواية انفرد بها عنه بن سمعان وهو
كذاب ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة ولا في المصنفات المشهورة
ولا المسانيد المعروفة وانما رواه الدارقطني في سننه التي يروى فيها غرائب
الحديث وقال عقيبه وعبد الله بن زياد بن سمعان متروك الحديث وذكره في علله
وأطال فيه الكلام وملخصه انه رواه عن العلاء جماعة اثبات يزيدون على العشرة
460

ولم يذكر أحد منهم فيه البسملة وزادها بن سمعان وهو ضعيف الحديث وحسبك
بالأول قد أودعه مسلم في صحيحه والاختلاف الذي فيه ليس بعلة فان بعضهم
يقول: عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة ومنهم من يقول عن العلاء عن أبي السائب
عن أبي هريرة فان العلاء سمعه من أبيه ومن أبي السائب ولهذا يجمعهما تارة
ويفرد أباه تارة ويفرد أبا السائب تارة وكل ذلك عند مسلم وزيادة البسملة في
حديث العلاء باطلة قطعا زادها بن سمعان خطأ أو عمدا فإنه متهم بالكذب مجمع
على ضعفه قال عمر بن عبد الواحد سألت مالكا عنه فقال كان كذابا وقال
يحيى بن بكير قال هشام بن عروة فيه لقد كذب على وحدث عني بأحاديث لم
أحدثه بها وعن أحمد بن حنبل متروك الحديث وسئل يحيى بن معين عنه فقال
كان كذابا وقيل لابن إسحاق ان بن سمعان يقول سمعت مجاهدا فقال لا إله إلا الله
انا والله أكبر منه ما رأيت مجاهدا ولا سمعت منه وقال بن حبان كان
يروى عمن لم يره ويحدث بما لم يسمع وقال أبو داود متروك الحديث كان من
الكذابين وقال النسائي متروك وقال البخاري سكتوا عنه وقال أبو زرعة
لا شئ وأيضا فلا ريب ان الخلفاء الراشدين وغيرهم من أئمة الصحابة كانوا
اعلم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشد تحريا لها من أبي هريرة وقد كان أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم من أئمة الصحابة لا يرون الجهر بالبسملة في
الصلاة قال الترمذي في جامعه بعد ذكره ترك الجهر والعمل عليه عند أكثر أهل
العلم من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من
التابعين.
وكيف يعلل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه بالحديث الضعيف
الذي رواه الدارقطني وهلا جعلوا الحديث الصحيح علة للضعيف ومخالفة
أصحاب أبي هريرة الثقات الاثبات لنعيم موجبا لرده إذ مقتضى العلم ان يعلل
الحديث الضعيف بالحديث الصحيح كما فعلنا نحن.
الأحاديث التي استدل بها الخطيب فمنها حديث أخرجه عن بن أبي أويس واسمه
عبد الله بن أويس قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ان النبي
461

صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وهذا الحديث رواه الدارقطني
في سننه وابن عدي في الكامل فقالا فيه قرأ عوض جهر وكأنه
رواه بالمعنى ولو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به لان أبا أويس لا يحتج
بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشئ وخالفه فيه من هو أوثق منه مع أنه متكلم فيه
فوثقه جماعة وضعفه آخرون وممن ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم
الرازي وممن وثقه الدارقطني وأبو زرعة وقال بن عدي يكتب حديثه وروى له
مسلم في صحيحه ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه ولو اعتبرنا ذلك
لذهب معظم السنة إذ لم يسلم من كلام الناس الا من عصمه الله بل خرج في
الصحيح لخلق ممن تكلم فيهم:
ومنهم جعفر بن سليمان الضبعي
والحارث بن عبد الأيادي.
وأيمن بن نابل الحبشي.
وخالد بن مخلد القطواني.
وسويد بن سعيد الحرثاني.
ويونس بن أبي إسحاق السبيعي. وغيرهم.
ولكن صاحبا الصحيح رحمهما الله إذا أخرجا لمن تكلم فيه فإنهم ينتقون من
حديثه ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلم أن له أصلا ولا يروون ما تفرد به
سيما إذا خالفه الثقات كما اخرج مسلم لأبي أويس حديث قسمت الصلاة
بيني وبين عبدي لأنه لم يتفرد به بل رواه غيره من الاثبات كمالك وشعبة وابن
عيينة فصار حديثه متابعة وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على
462

الصحيحين فتساهلوا وسلم في استدراكهم ومن أكثرهم تساهلا الحاكم أبو عبد الله في
كتابه المستدرك فإنه يقول هذا حديث على شرط الشيخين أو أحدهما وفيه
هذه العلة إذ لا يلزم من كون الراوي محتجا به في الصحيح انه إذا وجد في أي
حديث كان ذلك الحديث على شرطه لما بيناه بل الحاكم كثيرا ما يجئ إلى حديث
لم يخرج لغالب رواية في الصحيح كحديث روى عن عكرمة عن بن عباس فيقول
فيه: هذا حديث على شرط البخاري يعني لكون البخاري أخرجه لعكرمة وهذا أيضا تساهل
وكثيرا ما يخرج حديثا بعض رجاله للبخاري وبعضهم لمسلم فيقول هذا على شرط
الشيخين وهذا أيضا تساهل وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد اخرج له صاحبا
الصحيح عن شيخ معين لضبطه حديثه وخصوصيته به ولم يخرجا حديثه عن غيره
لضعفه فيه أو لعدم ضبطه حديثه أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه أو لغير ذلك
فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ ثم يقول هذا على شرط الشيخين أبو البخاري أو
مسلم وهذا أيضا تساهل لان صاحبي الصحيح لم يحتجا به الا في شيخ
معين لا في غيره فلا يكون على شرطهما وهذا كما اخرج البخاري ومسلم
حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال وغيره ولم يخرجا حديثه عن
عبد الله بن المثنى فإن خالد غير معروف بالرواية عن بن المثنى فإذا قال: قائل في
حديث يرويه خالد بن مخلد عن بن المثنى هذا على شرط البخاري ومسلم كان
متساهلا وكثيرا ما يجئ إلى حديث فيه رجل ضعيف أو متهم بالكذب وغالب
رجاله رجال الصحيح فيقول هذا على شرط الشيخين أو البخاري أو مسلم وهذا
أيضا تساهل فاحش ومن تأمل كتابه المستدرك تبين له ما ذكرناه قال: بن دحية في
كتابه العلم المشهور ويجب على أهل الحديث ان يتحفظوا من قول الحاكم أبي
عبد الله فإنه كثير الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده وقلده
في ذلك.
والمقصود من ذلك أن حديث أبي أويس هذا لم يترك لكلام الناس فيه بل لتفرده
به ومخالفة الثقات له وعدم إخراج أصحاب المسانيد والكتب المشهورة والسنن
المعروفة ورواية مسلم الحديث في صحيحه من طريقه وليس فيه ذكر البسملة
والله أعلم.
463

طريق آخر أخرجه الدارقطني عن خالد بن الياس عن سعيد بن أبي سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني جبرائيل الصلاة فقام فكبر لنا
ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر به في كل ركعة انتهى وهذا
إسناد ساقط فان خالد بن الياس مجمع على ضعفه قال البخاري عن الإمام أحمد
انه منكر الحديث وقال بن معين ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال بن أبي حاتم
عن أبيه: منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وقال البخاري ليس بشئ
وقال بن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات وقال الحاكم روى عن المقبري
ومحمد بن المنكدر وهشام بن عروة أحاديث موضوعة وتكلم الدارقطني في
العلل على هذا الحديث وصوب وقفه.
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن جعفر بن مكرم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا
عبد الحميد بن جعفر أخبرني نوح بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم انها أم
القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم أحد آياتها قال
أبو بكر الحنفي ثم لقيت نوحا فحدثني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم
يرفعه قال عبد الحق في احكامه الكبرى رفع هذا الحديث عبد الحميد بن
جعفر هو ثقة وثقه احمد وابن معين وكان سفيان الثوري يضعفه ويحمل عليه
ونوح ثقة مشهور انتهى وهذا ليس فيه دلالة على الجهر ولئن سلم فالصواب فيه
الوقف كما هو في متن الحديث وقال الدارقطني في علله هذا حديث يرويه
نوح بن أبي بلال واختلف عليه فيه فرواه عبد الحميد بن جعفر عنه واختلف عنه
فرواه المعافى بن عمران عن عبد الحميد عن نوح بن أبي بلال عن المقبري عن أبي هريرة
مرفوعا ورواه أسامة بن زيد وأبو بكر الحنفي عن نوح بن أبي بلال عن المقبري عن أبي هريرة موقوفا وهو
الصواب فان قيل إن هذا موقوف في حكم المرفوع إذ لا يقول الصحابي ان
البسملة أحد آيات الفاتحة الا عن توقيف أو دليل قوي ظهر له وحينئذ يكون لها
حكم سائر آيات الفاتحة من الجهر والاسرار قلت: لعل أبا هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها
فظنها من الفاتحة وقال إنها إحدى آياتها ونحن لا ننكر انها من القرآن ولكن
464

النزاع وقع في مسألتين إحداهما انها آية من الفاتحة والثانية ان لها حكم سائر
آيات الفاتحة جهرا وسرا ونحن نقول انها آية مستقلة قبل السورة وليست منها
جمعا بين الأدلة وأبو هريرة لم يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: هي إحدى آياتها وقراءتها
قبل الفاتحة لا يدل على ذلك وإذا جاز ان يكون مسند أبي هريرة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لها
وقد ظهر ان ذلك ليس بدليل على محل النزاع فلا يعارض به أدلتنا الصحيحة الثابتة
وأيضا فالمحفوظ الثابت عن سعيد المقبري عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر
البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من حديث بن أبي ذئب عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله هي أم القرآن وهي السبع المثاني
والقرآن العظيم ورواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح هذا مع أن عبد
الحميد بن جعفر ممن تكلم فيه ولكن وثقه أكثر العلماء واحتج به مسلم في
صحيحه وليس تضعيف من ضعفه مما يوجب رد حديثه ولكن الثقة قد يغلط
والظاهر أنه غلط في هذا الحديث والله أعلم قال: الخطيب وقول الخصم ان
الجهر بالبسملة انفرد به عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة غير صحيح بل رواه غيره من
الصحابة.
حديث آخر عن علي بن أبي طالب وله طريقان:
أحدهما: رواه الحاكم في مستدركه عن سعيد بن عثمان الخراز ثنا عبد الرحمن
ابن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار ان النبي صلى الله عليه وسلم كان
يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وقال صحيح الإسناد لا اعلم في
رواته منسوبا إلى الجرح وتعقبه الذهبي في مختصره فقال هذا خبر واه كأنه
موضوع لان عبد الرحمن صاحب مناكير ضعفه بن معين وسعيد ان كان
الكريزي فهو ضعيف والا فهو مجهول انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في
المعرفة بسنده ومتنه وقال إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من حديث جابر الجعفي
قلت وفطر بن خليفة قال السعدي غير ثقة روى له البخاري مقرونا بغيره.
465

والأربعة وتصحيح الحاكم لا يعتد به سيما في هذا الموضع فقد عرف تساهله في
ذلك وقال بن عبد الهادي هذا حديث باطل ولعله ادخل عليه.
الطريق الثاني: رواه الدارقطني في سننه عن أسيد بن زيد عن عمرو بن شمر
عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار نحوه وعمرو بن شمر وجابر الجعفيان ثنا
كلاهما لا يجوز الاحتجاج به لكن عمرو أضعف من جابر قال الحاكم عمرو
ابن شمر كثير الموضوعات عن جابر وغيره وان كان جابر مجروحا فليس يروي
تلك الموضوعات الفاحشة عنه غير عمرو بن شمر فوجب ان يكون الحمل فيها عليه
وقال الجوزجاني عمرو بن شمر زائغ كذاب وقال البخاري منكر الحديث وقال
النسائي والدارقطني والأزدي متروك الحديث وقال بن حبان كان رافضيا يسب
الصحابة وكان يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتب حديثه الا على جهة
التعجب واما جابر الجعفي فقال فيه الإمام أبو حنيفة ما رأيت اكذب من جابر
الجعفي ما اتيته بشئ من رأى الا أتاني فيه بأثر وكذبه أيضا أيوب وزائدة وليث بن
أبي سليم والجوزجاني وغيرهم وقال بن عدي هو إلى الضعف أقرب وقد احتمله
الناس ورووا عنه عامة ما جرحوا به انه كان يؤمن بالرجعة كان يقول إن عليا يرجع
إلى الدنيا ولم يختلف أحد في الرواية عنه انتهى وأسيد بن زيد أيضا كذبه بن
معين وتركه النسائي وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال الدارقطني
ضعيف وقال بن ماكولا ضعفوه وقال بن حبان يروى عن الثقات المناكير
ويسرق الحديث ويحدث به.
وله طريق آخر عند الدارقطني أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن
علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي قال كان عليه السلام يجهر
ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعا الفاتحة والتي بعدها وعيسى
هذا والد أحمد بن عيسى المتهم بوضع حديث بن عمر هو وضاع قال: بن حبان.
466

والحاكم روى عن آبائه أحاديث موضوعة لا يحل الاحتجاج.
حديث آخر عن بن عباس وله ثلاث طرق:
أحدها: عند الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا شريك
عن سالم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله
الرحمن الرحيم انتهى قال الحاكم إسناده صحيح وليس له علة وقد احتج
البخاري لسالم هذا وهو بن عجلان الأفطس واحتج مسلم بشريك انتهى.
وهذا الحديث غير صريح ولا صحيح فاما كونه غير صريح فإنه ليس فيه انه في
الصلاة واما غير صحيح فان عبد الله بن عمرو بن حسان الواقعي كان يضع
الحديث قاله امام الصنعة على بن المديني وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبي
عنه فقال ليس بشئ كان يكذب وقال بن عدي أحاديثه مقلوبات وفي
قول الحاكم احتج مسلم بشريك نظر فإنه انما روى له في المتابعات لا في
الأصول.
الطريق الثاني: عند الدارقطني عن أبي الصلت الهروي واسمه عبد السلام بن
صالح ثنا عباد بن العوام ثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وهذا أضعف من
الأول فان أبا الصلت متروك قال: بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال ليس عندي
بصدوق ولم يحدثني عنه واما أبو زرعة فإنه ضرب على حديثه وقال لا أحدث
عنه ولا أرضاه وقال الدارقطني رافضي خبيث اتهم بوضع الإيمان اقرار
باللسان وعمل بالأركان انتهى وكأن هذا الحديث والله أعلم مما سرقه
أبو الصلت من غيره وألزقه بعباد بن العوام وزاد فيه ان الجهر في الصلاة فان
غير أبي الصلت رواه عن عباد فأرسله وليس فيه انه في الصلاة قال أبو داود في
مراسيله حدثنا عباد بن موسى ثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم عن سعيد بن
467

جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة وكان أهل
مكة يدعون مسيلمة الرحمن فقالوا ان محمدا يدعو إلى اله اليمامة فأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخفاها فما جهر بها حتى مات انتهى وقال إسحاق بن راهويه في
مسنده أنبأ يحيى بن آدم أنبأ شريك عن سالم الأفطس عن سعيد قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم يمد بها صوته وكان المشركون يهزءون
مكاءا وقد وتصدية ويقولون يذكر اله اليمامة يعنون مسيلمة ويسمونه الرحمن
فانزل الله تعالى ولا تجهر بصلاتك الآية قال البيهقي وزاد فيه غير يحيى بن
آدم قال فخفض النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم وقد أسند هذا الطبراني في
معجمه الوسط فقال حدثنا عبد الرحمن بن الحسين الصابوني ثنا يحيى بن طلحة
اليربوع ثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن بن
عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم هزأ منه
المشركون ويقولون محمد يذكر اله اليمامة إلى آخره مع أنه ورد في الصحيح
ان هذه الآية نزلت في قراءة القرآن جهرا لا في البسملة أخرجه البخاري في
صحيحه عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: نزلت هذه الآية ولا
تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة كان إذا صلى
بأصحابه رفع صوته بالقرآن فان سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به
فقال الله لنبيه ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسب المشركون فيسبوا القرآن
ولا تخافت بها عن أصحابك وابتغ بين ذلك سبيلا وورد في الصحيح
أيضا انها نزلت في الدعاء أخرجه البخاري أيضا عن زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت في هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها نزلت في
الدعاء انتهى.
وله طريق رابع عند البزار في مسنده عن المعتمر بن سليمان ثنا إسماعيل عن
أبي خالد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في
الصلاة انتهى قال البزار: وإسماعيل لم يكن بالقوي في الحديث وأبو خالد أحسبه
468

الوالبي انتهى وهذا الحديث رواه أبو داود في سننه والترمذي في جامعه بهذا
السند والدارقطني في سننه وكلهم قالوا فيه كان يفتتح صلاته ببسم الله
الرحمن الرحيم قال الترمذي ليس إسناده بذاك وقال أبو داود حديث ضعيف
ورواه العقيلي في كتابه واعله بإسماعيل هذا وقال حديثه غير محفوظ ويرويه
عن مجهول ولا يصح في الجهر بالبسملة حديث مسند انتهى ورواه بن عدي
وقال حديث غير محفوظ وأبو خالد مجهول انتهى وأبو خالد هذا سئل عنه
أبو زرعة فقال لا اعرفه ولا أدري من هو وقيل هو الوالبي واسمه هرمز
ذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال أبو حاتم صالح الحديث وقد روى هذا
الحديث البيهقي في سننه من طريق إسحاق بن راهويه عن معتمر بن سليمان قال:
سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان يحدث عن أبي خالد عن بن عباس ان النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة يعني يجهر بها انتهى.
وهكذا رواه بهذا اللفظ وهذا التفسير ليس من قول بن عباس انما هو قول غيره من
الرواة وكل من روى هذا الحديث بلفظ الجهر فإنما رواه بالمعنى مع أنه حديث لا
يحتج به على كل حال.
وله طريق خامس: عند الدارقطني عن عمر بن حفص المكي عن بن جريج عن
عطاء عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن
الرحيم حتى قبض انتهى وهذا لا يجوز الاحتجاج به فإن عمر بن حفص ضعيف
قال بن الجوزي في التحقيق اجمعوا على ترك حديثه وروى البيهقي له حديثا
عنه عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البيت قبلة لأهل
المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض ثم قال: البيهقي تفرد به
عمر بن حفص المكي وهو ضعيف لا يحتج به والحمل فيه عليه انتهى ثم
ذكر الخطيب لحديث بن عباس طرقا أخرى ليست صحيحة ولا صريحة وقال بن
عبد الهادي: الجواب عن حديث بن عباس يتوجه من وجوه.
أحدها: الطعن في صحته فان مثل هذه الأسانيد لا يقوم بها حجة لو سلمت من
469

المعارض فكيف وقد عارضها الأحاديث الصحيحة وصحة الإسناد يتوقف على ثقة
الرجال ولو فرض ثقة الرجال لم يلزم منه صحة الحديث حتى ينتفي منه الشذوذ والعلة.
الثاني: ان المشهور في متنه لفظ الاستفتاح لا لفظ الجهر
الثالث: ان قوله: جهر انما يدل على وقوعه مرة لان كان يدل على وقوع
الفعل واما استمراره فيفتقر إلى دليل من خارج وما روى من أنه لم يزل يجهر بها
فباطل كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الرابع: انه روى عن بن عباس ما يعارض ذلك قال: الإمام أحمد حدثنا وكيع
عن سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عباس قال: الجهر ببسم الله
الرحمن الرحيم قراءة الاعراب وكذلك رواه الطحاوي ويقوى هذه الرواية عن
ابن عباس ما رواه الأثرم بإسناد ثابت عن عكرمة تلميذ بن عباس انه قال: انا أعرابي ان
جهرت ببسم الله الرحمن الرحيم وكأنه اخذه عن شيخه بن عباس والله أعلم.
طريق سادس: لحديث بن عباس قال الدارقطني حدثنا أحمد بن محمد بن
سعيد ثنا أحمد بن رشد بن خيثم عن سعيد بن خيثم ثنا سفيان الثوري عن عاصم عن
سعيد بن جبير انه كان يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم وقال حدثنا
ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بها فيهما انتهى وهذا أيضا لا يصح وسعيد
ابن خيثم تكلم فيه بن عدي وغيره والحمل فيه على بن أخيه أحمد بن رشد بن
خيثم فإنه متهم وله أحاديث أباطيل ذكرها الطبراني وغيره وروى له الخطيب
في أول تاريخه حديثا موضوعا هو الذي صنعه بسنده إلى العباس انه عليه السلام
قال له: أنت عمي وصنو أبي وابنك هذا أبو الخلفاء من بعدي منهم السفاح
ومنهم المنصور ومنهم المهدي مختصر والراوي عنه هو بن عقدة الحافظ وهو
كثير الغرائب والمناكير روى في الجهر أحاديث كثيرة عن ضعفاء وكذابين
ومجاهيل والحمل فيهما عليهم لا عليه.
حديث آخر عن بن عمر قال الدارقطني: حدثنا عمر بن الحسن بن علي
الشيباني ثنا جعفر بن محمد بن مروان ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى ثنا بن أبي فديك
470

عن بن أبي ذئب عن نافع عن بن عمر قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر
وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى وهذا باطل من هذا
الوجه لم يحدث به بن أبي فديك قط والمتهم به أحمد بن عيسى بن عبد الله بن
محمد أبو طاهر الهاشمي وقد كذبه الدارقطني وهو كما قال: فان من روى مثل
هذا الحديث عن مثل محمد بن إسماعيل بن أبي فديك الثقة المشهور المخرج له في
الصحيحين عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب الامام المشهور عن نافع عن بن
عمر فإنه يكون كاذبا في روايته وعمر بن الحسن الشيباني شيخ الدارقطني تكلم فيه
الدارقطني أيضا وقال هو ضعيف وقال الخطيب سألت الحسن بن محمد الخلال
عنه فقال ضعيف واما جعفر بن محمد بن مروان من أهل الكوفة فليس مشهورا
بالعدالة وقد تكلم فيه الدارقطني أيضا وقال لا يحتج به وقد روى الحافظ
أبو محمد الرامهرمزي في أول كتاب المحدث الفاصل حديثا موضوعا لأحمد بن
عيسى هو المتهم به فقال حدثنا أبو حصين الوادعي ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى
العلوي ثنا بن أبي فديك ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن بن عباس عن
علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم خلفائي قلنا من خلفاؤك قال:
الذين يروون أحاديثي ويعلمونها الناس انتهى وأبو عيسى بن عبد الله بن محمد بن
عمر بن علي بن أبي طالب وضاع أيضا وقد تقدم ذكره في حديث علي بن أبي
طالب وله طريق آخر عند الخطيب عن عبادة بن زياد الأسدي عن أبي يونس بن أبي
يعفور العبدي عن المعتمر بن سليمان عن أبي عبيدة عن مسلم بن حبان قال: صليت
خلف بن عمر فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين فقيل له فقال
صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض وخلف أبي بكر
حتى قبض وخلف عمر حتى قبض فكانوا يجهرون بها في السورتين فلا ادع الجهر بها حتى أموت انتهى.
وهذا أيضا باطل وعبادة بن زياد الأسدي بفتح العين قال أبو حاتم كان من رؤساء
الشيعة وقال الحافظ محمد النيسابوري هو مجمع على كذبه وشيخه يونس بن أبي
يعفور العبدي فيه مقال فوثقه بعضهم وروى له مسلم في صحيحه وضعفه
النسائي وابن معين وقال بن حبان يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الاثبات لا
يجوز الاحتجاج عندي بما انفرد به ومسلم بن حبان فغير معروف والصواب في
حديث بن عمر الوقف عليه كما ذكره البيهقي وغيره انه كان يقرأ البسملة للفاتحة
وللسورة وقد يجهر بها أحيانا أو لتعليم المأمومين أو لغير ذلك من الأسباب والله أعلم.
471

حديث آخر عن النعمان بن بشير أخرجه الدارقطني في سننه عن يعقوب بن
يوسف بن زياد الضبي ثنا أحمد بن حماد الهمداني عن فطر بن خليفة عن أبي الضحى
عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبرائيل عند الكعبة فجهر
ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى وهذا حديث منكر بل موضوع ويعقوب
ابن يوسف الضبي ليس بمشهور وقد فتشت عليه في عدة كتب من الجرح والتعديل
فلم أر له ذكرا أصلا ويحتمل ان يكون هذا الحديث مما عملته يداه وأحمد بن حماد
ضعفه الدارقطني وسكوت الدارقطني والخطيب وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا
الحديث بعد روايتهم له قبيح جدا ولم يتعلق بن الجوزي في هذا الحديث الا على فطر
ابن خليفة وهو تقصير منه إذ لو نسب إليه لكان حديثا حسنا وكأنه اعتمد على
قول السعدي فيه هو زائغ غير ثقة وليس هذا بطائل فان فطر بن خليفة روى له
البخاري في صحيحه ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى القطان وابن معين
حديث آخر عن الحكم بن عمير قال الدارقطني: حدثنا أبو القاسم الحسن بن
محمد بن بشر الكوفي ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار ثنا إبراهيم بن حبيب ثنا
موسى بن أبي حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير وكان بدريا قال: صليت خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل
وصلاة الغداة وصلاة الجمعة انتهى وهذا من الأحاديث الغريبة المنكرة بل هو حديث باطل
لوجوه أحدها ان الحكم بن عمير ليس بدريا ولا في البدريين أحد اسمه الحكم بن
عمير بل لا يعرف له صحبة فان موسى بن حبيب الراوي عنه لم يلق صحابيا بل
هو مجهول لا يحتج بحديثه قال: بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل الحكم
ابن عمير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة لا تذكر سماعا ولا لقاءا بعد روى عنه بن
أخيه موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف الحديث سمعت أبي يذكر ذلك وقال
الدارقطني: موسى بن أبي حبيب شيخ ضعيف الحديث وقد ذكر الطبراني في معجمه
الكبير الحكم بن عمير وقال في نسبته الثمالي ثم روى له بضعة عشر حديثا
472

منكرا وكلها من رواية موسى بن أبي حبيب عنه وروى له بن عدي في الكامل
قريبا من عشرين حديثا ولم يذكر فيها هذا الحديث والراوي عن موسى هو إبراهيم غير
ابن إسحاق الصيني الكوفي قال الدارقطني متروك الحديث وقال الأزدي
يتكلمون فيه ويحتمل ان يكون هذا الحديث صنعه فان الذين رووا نسخة موسى عن
الحكم لم يذكروا هذا الحديث فيها كبقى بن مخلد وابن عدي والطبراني
وانما رواه فيما علمنا الدارقطني ثم الخطيب ووهم الدارقطني فقال إبراهيم بن
حبيب وانما هو إبراهيم بن إسحاق وتبعه الخطيب وزاد وهما ثانيا فقال الضبي
بالضاد والباء وانما هو الصيني بصاد مهملة ونون.
حديث آخر عن أم سلمة رواه الحاكم في المستدرك عن عمر بن هارون عن
ابن جريج عن بن أبي مليكة عن أم سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله
الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين الرحمن الرحيم
ثلاث آيات إلى آخره قال الحاكم وعمر بن هارون أصل في السنة وانما أخرجته
شاهدا انتهى وهذا ليس بحجة لوجوه أحدها انه ليس بصريح في الجهر
ويمكن انها سمعته سرا في بيتها لقربها منه الثاني ان مقصودها الاخبار بأنه كان يرتل
قراءته حرفا حرفا ولا يسردها وقد رواه هو أعني الحاكم من حديث همام ثنا بن
جريج عن بن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فوصفت بسم
الله الرحمن الرحيم حرفا حرفا قراءة بطيئة وقال على شرط الشيخين وقال
الدارقطني: إسناده صحيح ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث يعلى بن
مملك انه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا
حرفا قال الترمذي: حديث حسن صحيح الثالث ان المحفوظ فيه والمشهور
انه ليس في الصلاة وانما قوله: في الصلاة زيادة من عمر بن هارون وهو مجروح
تكلم فيه غير واحد من الأئمة قال أحمد بن حنبل لا أروي عنه شيئا وقال بن
معين: ليس بشئ وكذبه بن المبارك وقال قدم عمر بن هارون مكة بعد موت
473

جعفر بن محمد فزعم أنه رآه وحدث عنه وقال النسائي متروك الحديث وقال
صالح: جزرة كان كذابا وسئل عنه بن المديني فضعفه جدا وقال بن حبان:
يروي عن الثقات المعضلات ويدعى شيوخا لم يرهم وقد رواه الطحاوي من
حديث حفص بن غياث ثنا أبي عن بن جريج به بمثل حديث عمر بن هارون ثم
أخرجه عن بن أبي مليكة به بلفظ السنن ثم قال: فقد اختلف الذين رووه في لفظه
فانتفى ان يكون حجة وكأنه لم يعتد بمتابعة غياث لعمر بن هارون لشدة ضعف بن
هارون الرابع ان يقال غاية ما فيه انه عليه السلام جهر بها مرة أو نحو ذلك وليس
فيه دليل على أن كل امام يجهر بها في صلاة الجهر دائما ولو كان ذلك معلوما عندهم
لم يختلف فيه ولم يقع فيه شك ولم يحتج أحد إلى أن يسأل عنه ولكان من جنس
جهره عليه السلام بغيرها ولما أنكره عبد الله بن المغفل وعده حدثا ولكان الرجال
اعلم به من النساء والله أعلم.
حديث آخر رواه الحاكم في مستدركه والدارقطني في سننه من حديث
محمد بن أبي المتوكل بن أبي السري قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان من
الصلوات مالا أحصيها الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
قبل فاتحة الكتاب وبعدها وقال المعتمر ما آلو ان اقتدي بصلاة أبي وقال أبي ما آلو
ان اقتدى بصلاة أنس وقال أنس: ما آلو ان اقتدى بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.
قال الحاكم رواته كلهم ثقات وهو معارض بما رواه بن خزيمة في مختصره
والطبراني في معجمه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة وأبو بكر وعمر انتهى.
وفي الصلاة زادها بن خزيمة وله طريق آخر عند الحاكم أيضا أخرجه عن محمد بن
أبي السري ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا مالك عن حميد عن أنس قال صليت خلف
النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فكلهم كانوا يجهرون ببسم الله
الرحمن الرحيم قال الحاكم وانما ذكر به شاهدا قال: الذهبي في مختصره: اما
474

استحى الحاكم يورد في كتابه مثل هذا الحديث والموضوع فانا اشهد بالله والله انه
لكذب وقال بن عبد الهادي سقط منه لا ومحمد بن أبي السري قال بن أبي
حاتم: سئل أبي عنه فقال لين الحديث مع أنه قد اختلف عليه فيه فقيل عنه كما
تقدم وقيل عنه عن المعتمر عن أبيه عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله
الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر هكذا أخرجه الطبراني وقيل عنه بهذا
الإسناد وفيه الجهر كما رواه الحاكم وقال رجاله ثقات وتوثيق الحاكم لا يعارض
ما يثبت في الصحيح خلافه لما عرف من تساهله حتى قيل إن تصحيحه دون
تصحيح الترمذي والدارقطني بل تصحيحه كتحسين الترمذي وأحيانا يكون دونه
واما بن خزيمة وابن حبان فتصحيحهما لأنه أرجح من تصحيح الحاكم بلا نزاع فكيف
تصحيح البخاري ومسلم كيف وأصحاب أنس الثقات الاثبات يروون عنه خلاف
ذلك حتى أن شعبة سأل قتادة عن هذا فقال أنت سمعت أنسا يذكر ذلك فقال
نعم وأخبره باللفظ الصريح المنافي للجهر ونقل شعبة عن قتادة ما سمعه من أنس
في غاية الصحة وارفع درجات الصحيح عند أهله فان قتادة احفظ أهل زمانه واتقان
شعبة وضبطه هو الغاية عندهم وهذا مما يرد به قول من يزعم أن بعض الرواة روى
حديث أنس بالمعنى الذي فهمه قوله: كانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب
العالمين ففهم من هذا نفي قراءتها فرواه من عنده فان هذا قول من هو أبعد الناس
علما برواية هذا الحديث وألفاظهم الصريحة التي لا تقبل التأويل وبأنهم من العدالة
والضبط من الغاية التي لا تحتمل المجازفة أو انه مكابر صاحب هوى فيتبع هواه ويدع
موجب الدليل والله أعلم.
وله طريق آخر عند الخطيب عن بن أبي داود عن بن أخي بن وهب عن عمه عن
العمري ومالك وابن عيينة عن حميد عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر
ببسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة انتهى. قال بن عبد الهادي سقط منه لا
كما رواه الباغندي وغيره عن بن أخي بن وهب هذا هو الصحيح واما الجهر فلم
يحدث به بن وهب قط ويوضحه ان مالكا رواه في الموطأ عن حميد عن أنس
قال قمت وراء أبي بكر الصديق وعمر وعثمان فكلهم لا يقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم إذا افتتحوا الصلاة قال بن عبد البر في التقصي هكذا رواه عن
جماعة موقوفا ورواه بن أخي بن وهب عن مالك وابن عيينة والعمري عن حميد
475

عن أنس مرفوعا فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا
يقرءون قال: وهذا خطأ من ابن أخي بن وهب في رفعه ذلك عن عمه مالك
فصار هذا الذي رواه الخطيب خطأ على خطأ والصواب فيه عدم الرفع وعدم الجهر
والله أعلم وذكر الخطيب وغيره لحديث أنس طرقا أخرى فيها الجهر الا انه ليس
فيها قوله: في الصلاة فلا حجة فيها وهو الصحيح عن أنس كما رواه البخاري
عن أنس انه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن
الرحيم بمد بسم الله وبمد الرحمن وبمد الرحيم وروى مسلم عنه أيضا
قال نزلت على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم انا أعطيناك الكوثر
إلى آخرها وهذا هو الصحيح عن أنس انه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة البسملة وليس
فيه ذكر الصلاة أصلا ونظيره حديث أم سلمة انه عليه السلام كان يقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين يقطعهما حرفا حرفا وقد تقدم ويؤيد هذا
المعنى حديث سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم بمكة وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن فقالوا ان محمدا يدعو اله
اليمامة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخفائها فما جهر بها حتى مات رواه أبو داود في
مراسيله والمرسل إذا وجد له ما يوافقه فهو حجة باتفاق.
حديث آخر موقوف ولكنه في حكم المرفوع أخرجه الحاكم في المستدرك
عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ان أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره ان أنس بن مالك
قال صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم
لام القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك الصلاة ولم يكبر حين
يهوى حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذاك من المهاجرين
والأنصار ومن كان على مكانه يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت أين بسم
الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت فلما صلى بعد ذلك
قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا
انتهى. قال الحاكم صحيح على شرط مسلم ورواه الدارقطني وقال رواته
كلهم ثقات وقد اعتمد الشافعي رحمه الله على حديث معاوية هذا في اثبات الجهر
476

وقال الخطيب هو أجود ما يعتمد عليه في هذا الباب والجواب عنه من وجوه:
أحدها: ان مداره على عبد الله بن عثمان بن خيثم وهو وان كان من رجال مسلم
لكنه متكلم فيه أسند عدي إلى بن معين انه قال: أحاديثه غير قوية وقال النسائي
لين الحديث ليس بالقوي فيه وقال الدارقطني ضعيف لينوه الذي وقال بن المديني
منكر الحديث.
وبالجملة فهو مختلف فيه فلا يقبل ما تفرد به مع أنه قد اضطرب في إسناده
ومتنه وهو أيضا من أسباب الضعف اما في إسناده فان بن خيثم تارة يرويه عن أبي
بكر بن حفص عن أنس وتارة يرويه عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه
وقد رجح الأولى البيهقي في كتاب المعرفة لجلالة راويها وهو بن جريج ومال
الشافعي إلى ترجيح الثانية ورواه بن خيثم أيضا عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن
أبيه عن جده فزاد ذكر الجد كذلك رواه عنه إسماعيل بن عياش وهي عند
الدارقطني والأولى عنده وعند الحاكم والثانية عند الشافعي واما الاضطراب في
متنه فتارة يقول صلى فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم لام القرآن ولم يقرأ بها
للسورة التي بعدها كما تقدم عند الحاكم وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن
الرحيم حين افتتح القرآن وقرأ بأم الكتاب كما هو عند الدارقطني في رواية
إسماعيل بن عياش وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لام القرآن ولا
للسورة التي بعدها كما هو عند الدارقطني في رواية بن جريج ومثل هذا الاضطراب
في السند والمتن مما يوجب ضعف الحديث لأنه مشعر بعدم ضبطه.
الوجه الثاني: ان شرط الحديث الثابت ان لا يكون شاذا ولا معللا وهذا شاذ
معلل فإنه مخالف لما رواه الثقات الاثبات عن أنس وكيف يروي أنس مثل حديث
معاوية هذا محتجا به وهو مخالف لما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن خلفائه الراشدين ولم
يعرف عن أحد من أصحاب أنس المعروفين بصحبته انه نقل عنه مثل ذلك ومما يرد
حديث معاوية هذا ان أنسا كان مقيما بالبصرة ومعاوية لما قدم المدينة لم يذكر أحد
علمناه ان أنسا كان معه بل الظاهر أنه لم يكن معه والله أعلم.
الوجه الثالث: ان مذهب أهل المدينة قديما وحديثا ترك الجهر بها ومنهم من لا
477

يرى قراءتها أصلا قال: عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة أدركت الأئمة وما
يستفتحون القراءة الا بالحمد لله رب العالمين وقال عبد الرحمن بن القاسم ما
سمعت القاسم يقرأ بها وقال عبد الرحمن الأعرج أدركت الأئمة وما يستفتحون
القراءة الا بالحمد لله رب العالمين ولا يحفظ عن أحد من أهل المدينة بإسناد
صحيح انه كان يجهر بها الا شئ يسير وله محمل وهذا عملهم يتوارثه آخرهم عن
أولهم فكيف ينكرون على معاوية ما هو شبههم هذا باطل الوجه الرابع ان
معاوية لو رجع إلى الجهر بالبسملة كما نقلوه لكان هذا معروفا من امره عند أهل
الشام الذين صحبوه ولم ينقل ذلك عنهم بل الشاميون كلهم خلفاءهم وعلماءهم
كان مذهبهم ترك الجهر بها وما روى عن عمر بن عبد العزيز من الجهر بها فباطل لا
أصل له. والأوزاعي امام الشام ومذهبه في ذلك مذهب مالك لا يقرأها سرا ولا
جهرا ومن المستبعد ان يكون هذا حال معاوية ومعلوم ان معاوية قد صلى مع النبي
صلى الله عليه وسلم فلو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالبسملة لما تركها حتى ينكر عليه رعيته انه لا
يحسن يصلى وهذه الوجوه من تدبرها علم أن حديث معاوية هذا باطل أو مغير عن
وجهه وقد يتمحل فيه ويقال ان كان هذا الإنكار على معاوية محفوظا فإنما هو
إنكار لترك إتمام التكبير لا لترك الجهر بالبسملة ومعلوم ان ترك إتمام التكبير كان
مذهب الخلفاء من بني أمية وأمرائهم حتى على البلاد حتى أنه كان مذهب عمر بن
عبد العزيز وهو عدم التكبير حين يهوى ساجدا بعد الركوع وحين يسجد بعد
القعود والا فلا وجه لانكارهم عليه ترك الجهر بالبسملة وهو مذهب الخلفاء الراشدين
وغيرهم من أكابر الصحابة ومذهب أهل المدينة أيضا.
وبالجملة فهذه الأحاديث كلها ليس فيها صريح صحيح بل فيها عدمهما أو
عدم أحدهما وكيف تكون صحيحه وليست مخرجة في شئ من الصحيح ولا
المسانيد ولا السنن المشهورة وفي روايتها الكذابون والضعفاء والمجاهيل الذين
لا يوجدون في التواريخ ولا في كتب الجرح والتعديل كعمرو بن شمر وجابر
الجعفي وحصين بن مخارق وعمرو بن حفص المكي وعبد الله بن عمرو بن
حسان وأبي الصلت الهروي وعبد الكريم بن أبي المخارق وابن أبي علي الأصبهاني
الملقب بجراب الكذب وعمر بن هارون البلخي لو وعيسى بن ميمون المدني
وآخرون أضربنا عن ذكرهم وكيف يجوز ان تعارض برواية هؤلاء ما رواه البخاري
478

ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس الذي رواه عنه غير واحد من الأئمة
الاثبات: ومنهم قتادة الذي كان احفظ أهل زمانه ويرويه عنه شعبة الملقب بأمير
المؤمنين في الحديث وتلقاه الأئمة بالقبول ولم يضعفه أحد بحجة الا من ركب هواه
وحمله فرط التعصب على أن علله ورد باختلاف ألفاظه مع أنها ليست مختلفة بل
يصدق بعضها بعضا كما بينا وعارضه بمثل حديث بن عمر الموضوع أو بمثل
حديث معاوية الضعيف ومتى وصل الأمر إلى مثل هذا فجعل الصحيح ضعيفا
والضعيف صحيحا والمعلل سالما من التعليل والسالم من التعليل معللا سقط الكلام
وهذا ليس بعدل والله يأمر بالعدل وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك
التعصب ويكفينا في تضعيف أحاديث الجهر اعراض أصحاب الجوامع الصحيحة
والسنن المعروفة والمسانيد المشهورة المعتمد عليها في حجج العلم ومسائل الدين
فالبخاري رحمه الله مع شدة تعصبه وفرط تحمله على مذهب أبي حنيفة لم يودع
صحيحه منها حديثا واحدا ولا كذلك مسلم رحمه الله فإنهما لم يذكرا في هذا
الباب الا حديث أنس الدال على الإخفاء ولا يقال في دفع ذلك انهما لم يلتزما ان
يودعا في صحيحيهما كل حديث صحيح يعني فيكونان قد تركا أحاديث الجهر
في جملة ما تركاه من الأحاديث الصحيحة وهذا لا يقوله الا سخيف أو مكابر فان
مسألة الجهر بالبسملة من اعلام المسائل ومعضلات الفقه ومن أكثرها دورانا في
المناظرة وجولانا وفي في المصنفات والبخاري كثير التتبع لما يرد على أبي حنيفة من
السنة فيذكر الحديث ثم يعرض بذكره فيقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا
وقال بعض الناس كذا وكذا يشير ببعض الناس إليه ويشنع لمخالفة الحديث عليه
وكيف يخلى كتابه أحاديث الجهر بالبسملة وهو يقول في أول كتابه باب
الصلاة من الإيمان ثم يسوق أحاديث الباب ويقصد الرد على أبي حنيفة قوله:
إن الأعمال ليست من الإيمان مع غموض ذلك على كثير من الفقهاء ومسألة الجهر
يعرفها عوام الناس ورعاعهم هذا مما لا يمكن بل يستحيل وانا احلف بالله وبالله
لو اطلع البخاري على حديث منها موافق بشرطه أو قريبا من شرطه لم يخل منه كتابه
ولا كذلك مسلم رحمه الله ولئن سلمنا فهذا أبو داود والترمذي وابن ماجة مع
اشتمال كتبهم على الأحاديث السقيمة والأسانيد الضعيفة لم يخرجوا منها شيئا
فلولا انها عندهم واهية بالكلية لما تركوها وقد تفرد النسائي منها بحديث أبي هريرة
479

وهو أقوى ما فيها عندهم وقد بينا ضعفه والجواب عنه من وجوه متعددة واخرج
الحاكم منها: حديث على ومعاوية وقد عرف تساهله وباقيها عند الدارقطني في
سننه التي مجمع الأحاديث المعلولة ومنبع الأحاديث الغريبة وقد بيناها حديثا
حديثا والله أعلم.
الآثار في ذلك: فمنها ما رواه البيهقي في الخلافيات والطحاوي في كتابه
من حديث عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال:
صليت خلف عمر رضي الله عنه فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان أبي
يجهر بها انتهى. وهذا الأثر مخالف للصحيح الثابت عن عمر انه كان لا يجهر
كما رواه أنس وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن أبيه أيضا
عدم الجهر وروى الطحاوي بإسناده عن أبي وائل قال: كان عمر وعلي لا يجهران
ببسم الله الرحمن الرحيم فان ثبت هذا عن عمر فيحمل على أنه فعله مرة أو
بعض أحيان عنه لاحد الأسباب المتقدمة والله أعلم.
ومنها ما أخرجه الخطيب من طريق الدارقطني بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن
عن الزهري عن سعيد بن المسيب ان أبا بكر وعمر وعثمان وعليا كانوا يجهرون
ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى. وهذا باطل وعثمان بن عبد الرحمن هو
الوقاصي اجمعوا على ترك الاحتجاج به قال: بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال
كذاب ذاهب الحديث وقال بن حبان يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات لا يحل
الاحتجاج به وقال النسائي متروك الحديث.
ومنها ما أخرجه الخطيب أيضا عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه قال:
صليت خلف علي بن أبي طالب وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يجهرون
ببسم الله الرحمن الرحيم وهذا أيضا لا يثبت وعطاء بن أبي رباح لم يلحق عليا
ولا صلى خلفه قط والحمل فيه على ابنه يعقوب فقد ضعفه غير واحد من الأئمة
قال أحمد بن حنبل منكر الحديث وقال أبو زرعة وابن معين ضعيف ومشاه بن
عدي فقال يكتب حديثه واما شيخ الخطيب فيه فهو أبو الحسين محمد بن
480

الحسن بن أحمد الأصبهاني الأهوازي ويعرف بابن أبي علي فقد تكلموا فيه
وذكروا انه كان يركب الأسانيد ونقل الخطيب عن أحمد بن علي الجصاص قال:
كنا نسمي بن أبي علي الأصبهاني جراب الكذب.
ومنها ما أخرجه الخطيب أيضا من طريق الدارقطني عن الحسن بن محمد بن
عبد الواحد ثنا الحسن بن الحسين ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح بن نبهان قال:
صليت خلف أبي سعيد الخدري وابن عباس وأبي قتادة وأبي هريرة فكانوا يجهرون ببسم
الله الرحمن الرحيم وهذا أيضا لا يثبت والحسن بن الحسين هو العربي إن شاء الله
وهو شيعي ضعيف أو هو حسين بن الحسن الأشفر وانقلب اسمه وهو أيضا شيعي
ضعيف أو هو مجهول وإبراهيم بن أبي يحيى فقد رمى بالرفض والكذب وصالح
ابن نبهان مولى التوءمة وقد تكلم فيه مالك وغيره من الأئمة وفي ادراكه للصلاة
خلف أبي قتادة نظر وهذا الإسناد لا يجوز الاحتجاج به وانما كثر الكذب
أحاديث الجهر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لان الشيعة ترى الجهر وهم اكذب
الطوائف فوضعوا في ذلك أحاديث وكان أبو علي بن أبي هريرة أحد أعيان
أصحاب الشافعي يرى ترك الجهر بها ويقول الجهر بها صار من شعار الروافض
وغالب أحاديث الجهر نجد في روايتها من هو منسوب إلى التشيع.
ومنها ما أخرجه الخطيب أيضا عن محمد بن أبي السري ثنا المعتمر عن حميد
الطويل عن بكر بن عبد الله المزني قال: صليت خلف عبد الله بن الزبير فكان يجهر
ببسم الله الرحمن الرحيم وقال ما يمنع أمراءكم ان يجهروا بها الا الكبر انتهى.
قال بن عبد الهادي إسناده صحيح لكنه يحمل على الاعلام بان قراءتها سنة فان
الخلفاء الراشدين كانوا يسرون بها فظن كثير من الناس ان قراءتها بدعة فجهر بها من
جهر من الصحابة ليعلموا الناس ان قراءتها سنة لا انه فعله دائما وقد ذكر بن المنذر
عن بن الزبير ترك الجهر فالله أعلم واما أقوال التابعين في ذلك فليست بحجة مع أنها
قد اختلفت فروى عن غير واحد منهم الجهر وروى عن غير واحد منهم تركه
وفي بعض الأسانيد إليهم الضعفة والاضطراب ويمكن حمل جهر من جهر منهم على
أحد الوجوه المتقدمة والواجب في مثل هذه المسألة الرجوع إلى الدليل لا إلى
481

الأقوال وقد نقل بعض من جمع في هذه المسألة الجهر عن غير واحد من الصحابة
والتابعين وغيرهم والمشهور عنهم غيره كما نقل الخطيب الجهر عن الخلفاء
الراشدين الأربعة ونقله البيهقي وابن عبد البر عن عمر وعلي المشهور عنهم تركه
كما ثبت ذلك عنهم قال الترمذي في ترك الجهر والعمل على هذا عند أكثر أهل
العلم من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من بعدهم من
التابعين وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق وكذلك قال
ابن عبد البر لم يختلف في الجهر بها عن بن عمر وهو الصحيح عن بن عباس
قال ولا اعلم أن اختلف في الجهر بها عن بن عمر وشداد بن أوس وابن الزبير
وقد ذكر الدارقطني والخطيب عن بن عمر عدم الجهر وكذلك روى الطحاوي
والخطيب وغيرهما عن بن عباس عدم الجهر وكذلك ذكر بن المنذر عن بن الزبير
عدم الجهر وذكر بن عبد البر والخطيب عن عكرمة الجهر وذكر الأثرم عنه عدمه
وذكر الخطيب وغيره عن بن المبارك وإسحاق الجهر وذكر الترمذي عنهما تركه
كما تقدم وذكر الأثرم عن إبراهيم النخعي انه قال: ما أدركت أحدا يجهر ببسم الله
الرحمن الرحيم والجهر بها بدعة وذكر الطحاوي عن عروة قال: أدركت الأئمة
وما يستفتحون القراءة الا بالحمد لله رب العالمين وقال وكيع كان الأعمش وابن
أبي خالد وابن أبي ليلى وسفيان والحسن بن صالح وعلي بن صالح ومن أدركنا
من مشيختنا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وروى سعيد بن منصور في
سننه حدثنا خالد عن حصين عن أبي وائل قال: كانوا يسرون البسملة والتعوذ في
الصلاة حدثنا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير ان الحسن سئل عن الجهر بالبسملة
فقال: انما يفعل ذلك الاعراب حدثنا عتاب بن بشير ثنا خصيف عن سعيد بن جبير
قال إذا صليت فلا تجهر ببسم الله الرحمن الرحيم واجهر منه بالحمد لله رب
العالمين.
ملخص ما قاله صاحب التنقيح ذكر الأحاديث التي استدل بها الشافعية ثم
قال وهذه الأحاديث في الجملة لا تحسن بمن له علم بالنقل ان يعارض بها الأحاديث
الصحيحة ولولا أن يعرض للتفقه شبهة عند سماعها فيظنها صحيحة لكان الاضراب
عن ذكرها أولى ويكفي في ضعفها اعراض المصنفين للمسانيد والسنن عن
جمهورها وقد ذكر الدارقطني منها طرفا في سننه فبين ضعف بعضها وسكت عن
482

بعضها وقد حكى لنا مشايخنا ان الدارقطني لما ورد مصر سأله بعض أهلها تصنيف
شئ في الجهر فصنف فيه جزاءا فاتاه بعض المالكية فاقسم عليه ان يخبره بالصحيح
من ذلك فقال كل ما روى عن النبي صلى الله عليه ويلم في الجهر فليس بصحيح واما عن
الصحابة: فمنه صحيح وضعيف ثم تجرد الإمام أبو بكر الخطيب لجمع أحاديث
الجهر فأزرى كل على علمه بتغطية ما ظن أنه لا ينكشف وقد بينا عللها وخللها ثم انا
بعد ذلك نحمل أحاديثهم على أحد أمرين اما ان يكون جهر بها للتعليم أو جهر بها
جهرا يسيرا يسمعه من قرب منه والمأموم إذا قرب من الامام أو حاذاه سمع ما يخافته ولا
يسمى ذلك جهرا كما ورد انه كان يصلى بهم الظهر فيسمعهم الآية والآيتين بعد
الفاتحة أحيانا والثاني ان يكون ذلك قبل الأمر بترك الجهر فقد روى أبو داود
بإسناده عن سعيد بن جبير ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان
مسيلمة يدعي رحمن اليمامة فقال أهل مكة انما يدعو اله اليمامة فأمر الله رسوله
باخفائها فما جهر بها حتى مات فهذا يدل على نسخ الجهر قال: ومنهم من سلك
في ذلك مسلك البحث والتأويل فقال إن أحاديث الجهر تقدم على أحاديث الإخفاء
بأشياء: أحدها بكثرة الرواة فان أحاديث الخفاء رواها اثنان من الصحابة أنس بن
مالك وعبد الله بن مغفل وأحاديث الجهر رواها أربعة عشر صحابيا والثاني ان
أحاديث الإخفاء شهادة على نفي وأحاديث الجهر شهادة على اثبات والاثبات مقدم
على النفي كما تقدم قول بلال في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في البيت على قول أسامة وغيره
انه لم يصل قالوا وبان أنسا قد روى عنه إنكار ذلك في الجملة فروى احمد
والدارقطني من حديث سعيد بن يزيد أبي مسلمة قال: سألت أنسا أكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله رب العالمين قال: انك
لتسألني عن شئ ما أحفظه أو ما سألني عنه أحد قبلك قال الدارقطني إسناده
صحيح قلنا: اما اعتراضهم بكثرة الرواة فالاعتماد على كثرة الرواة انما يكون بعد
صحة الدليلين وأحاديث الجهر ليس فيها صحيح صريح بخلافه حديث الإخفاء
فإنه صحيح صريح ثابت مخرج في الصحاح والمسانيد المعروفة والسنن المشهورة
مع أن جماعة من الحنفية لا يرون الترجيح بكثرة الرواة وهو قول ضعيف لبعد
احتمال الغلط على العدد الأكثر ولهذا جعلت الشهادة على الزنا أربعة لأنه أكبر
الحدود وأحاديث الجهر وان كثرت رواتها لكنها كلها ضعيفة وكم من حديث
483

كثرت رواته وتعددت طرقه وهو حديث ضعيف كحديث الطير وحديث
الحاجم والمحجوم وحديث من كنت مولاه فعلي مولاه بل قد لا يزيد الحديث
كثرة الطرق الا ضعفا وانما ترجح بكثرة الرواة إذا كانت الرواة محتجا بهم من
الطرفين كترجيح الأئمة رواية من روى عن الزهري حديث المجامع وذكرهم
الترتيب وتعليق الحكم على الجماع على رواية من روى عنه التخيير وترتيب الحكم
على مجرد الفطر من غير ذكر الجماع وأحاديث الجهر ليست مخرجة في الصحاح
ولا المسانيد المشهورة ولم يروها الا الحاكم والدارقطني فالحاكم عرف تساهله
وتصحيحه للأحاديث الضعيفة بل الموضوعة والدارقطني فقد ملأ كتابه من
الأحاديث الغريبة والشاذة والمعللة مع وكم فيه من حديث لا يوجد في غيره واما
الشهادة على النفي فهي وان ظهرت في صورة النفي فمعناها الاثبات بخلاف
حديث بلال مع أن المسألة مختلف فيها على ثلاثة أقوال فالأكثرون على تقديم الاثبات
قالوا: لان المثبت معه زيادة علم وأيضا فالنفي يفيد التأكيد لدليل الأصل والاثبات
يفيد التأسيس والتأسيس أولى الثاني انهما سواء قالوا لان النافي موافق للأصل
وأيضا فالظاهر تأخير النافي عن المثبت إذ لو قدر مقدما عليه لكانت فائدته التأكيد
لدليل الأصل وعلى تقدير تأخيره يكون تأسيسا فالعمل به أولى القول الثالث ان
النافي مقدم على المثبت واليه ذهب الآمدي وغيره وقد قدم جماعة من الحذاق
منهم البيهقي النفي على الاثبات في حديث ماعز وانه عليه السلام صلى عليه كما
رواه البخاري في صحيحه من حديث جابر ورواه احمد وأصحاب السنن
وقالوا فيه: ولم يصل عليه وصححه الترمذي وهو الصواب والله أعلم واما
جمعهم بين الأحاديث بأنه لم يسمعه لبعده وانه كان صبيا يومئذ فمردود لان
رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة ولأنس يومئذ عشر سنين ومات وله عشرون سنة
فكيف يتصور ان يصلى خلفه عشر سنين فلا يسمعه يوما من الدهر يجهر هذا
بعيد بل مستحيل ثم قد روى هذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وهو رجل في
زمن أبي بكر وعمر وكهل في زمان عثمان مع تقدمه في زمانهم وروايته
للحديث وقد روى أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ان يليه المهاجرون
484

والأنصار ليأخذوا عنه رواه النسائي وابن ماجة قال النووي في الخلاصة إسناده
على شرط البخاري ومسلم وأما ما روى من إنكار أنس فلا يقاوم ما يثبت عنه
خلافه في الصحيح ويحتمل أن يكون أنس نسي في تلك الحال لكبره وقد وقع مثل
ذلك كثيرا كما سئل يوما عن مسألة فقال عليكم بالحسن فاسألوه فإنه حفظ
ونسينا وكم ممن حدث ونسي ويحتمل انه سأله عن ذكرها في الصلاة أصلا لا عن
الجهر بها وإخفائها والله أعلم.
ملخص ما قاله الحازمي في الناسخ والمنسوخ اختلف أهل العلم في البسملة
هل يجهر بها في الصلاة أو لا فذهب جماعة إلى الجهر بها روى ذلك عن علي
وعمر وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس ومجاهد
وسعيد بن جبير واليه ذهب الشافعي وأصحابه.
وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم وقالوا يسر بها ولا يجهر وروى ذلك عن
أبي بكر وعمر في إحدى الروايتين وعثمان وابن مسعود وعمار بن ياسر
والحكم وحماد وبه قال احمد وإسحاق وأصحاب الحديث.
وقالت طائفة: لا يقرأها سرا ولا جهرا وبه قال مالك والأوزاعي استدل
القائلون بالإخفاء بالأحاديث الثابتة وأكثرها نصوص لا تقبل التأويل وهي وان
عارضها أحاديث أخرى فأحاديث الاسرار أولى بالتقديم لامرين أحدهما ثبوتها
وصحة سندها ولا خفاء ان أحاديث الجهر لا توازيها في الصحة والثبوت والثاني انها
وان صحت فهي منسوخة بما أخبرنا وساق من طريق أبي داود ثنا عباد بن موسى ثنا
عباد بن العوام عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة قال: وكان أهل مكة يدعون مسيلمة
الرحمن فقالوا: ان محمدا يدعوا إلى اله اليمامة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخفاها فما
جهر بها حتى مات انتهى. وهذا مرسل يتقوى بفعل الخلفاء الراشدين لأنهم
كانوا اعرف بأواخر قبل الأمور واما من ذهب إلى الجهر فقال لا سبيل إلى إنكار ورود
الأحاديث في الجانبين وكتب السنن والمسانيد ناطقة بذلك ثم يشهد بصحة
الجهر آثار الصحابة ومن بعدهم من التابعين وهلم جرا إلى عصر الأمة وحديث
485

سعيد بن جبير مرسلا لا يقوم به حجة ثم هو معارض بما أخبرنا وساق من طريق
الدارقطني ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد البزار ثنا جعفر بن عنبسة بن عمرو
الكوفي ثنا عمر بن جعفر المكي عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لم
يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قبض انتهى. قال: وطريق
الإنصاف ان يقال: اما ادعاء النسخ في كلا المذهبين فمتعذر لان من شرط الناسخ ان
يكون له مزية على المنسوخ من حيث الثبوت والصحة وقد فقدناها ههنا فلا سبيل
إلى القول به واما أحاديث الإخفاء فهي أمتن غير أن هنا شيئا وذلك أن أحاديث
الجهر وان كانت مأثورة عن جماعة من الصحابة غير أن أكثرها لم يسلم من شوائب
الجرح كما في الجانب الآخر والاعتماد في الباب على رواية أنس بن مالك لأنها
أصح وأشهر ثم الرواية قد اختلفت عن أنس من وجوه أربعة وكلها صحيحة
الأول روى عنه انه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة
بالحمد لله رب العالمين وهذا أصح الروايات عن أنس رواه يزيد بن هارون
ويحيى بن سعيد القطان والحسن بن موسى الأشيب ويحيى بن السكن أبو عمر
الحوضي وعمرو بن مرزوق وغيرهم عن شعبة عن قتادة عن أنس وكذلك روى
عن الأعمش عن شعبة عن قتادة وثابت عن أنس وكذلك رواه عامة أصحاب قتادة
عن قتادة منهم هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وأبان بن يزيد العطار
وحماد بن سلمة وحميد وأيوب السختياني والأوزاعي وسعيد بن بشير
وغيرهم وكذلك رواه معمر وهمام واختلف عنهما في لفظه قال الدارقطني وهو
المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج هذه
الرواية لسلامتها من الاضطراب وقال الشافعي معناه انهم كانوا يبدءون بقراءة
الفاتحة قبل السورة ليس معناه انهم كانوا لا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم
الثاني روى عنه انه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم اسمع
أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم رواه كذلك محمد بن جعفر ومعاذ بن
معاذ وحجاج بن محمد ومحمد بن بكر البرساني وبشر بن عمر وقراد أبو نوح
وآدم بن أبي إياس وعبيد الله بن موسى وأبو النصر هاشم بن القاسم وعلي بن
الجعد وخالد بن يزيد المرزحي عن شعبة عن قتادة وأكثرهم اضطربوا فيه فلذلك
امتنع البخاري من إخراجه وهو من مفاريد مسلم الوجه الثالث ما رواه همام
486

وجوير حديث بن حازم عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: قال كانت مدا ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد
بالرحمن ويمد بالرحيم وقال وهذا حديث صحيح لا يعرف له علة أخرجه
البخاري في صحيحه الوجه الرابع روى عنه ما أخبرنا وساق من طريق الدارقطني
ثنا أبو بكر يعقوب بن إبراهيم البزار ثنا العباس بن يزيد ثنا غسان بن مضر ثنا أبو سلمة
سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو
ببسم الله الرحمن الرحيم فقال إنك لتسألني عن شئ ما أحفظه وما سألني عنه
أحد قبلك قلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في النعلين قال: نعم انتهى. قال
الدارقطني: إسناده صحيح فهذه الروايات كلها صحيحة مخرجة في كبت الأئمة
وهي مختلفة كما ترى وغير مستبعد وقوع الاختلاف في مثل ذلك وكم من
شخص يتغافل عن أمر هو من لوازمه حتى لا يلقى إليه بالا البتة ويتنبه لأمر ليس من
لوازمه ويلقى إليه باله بكليته ومن أعجب ما اتفق لي اني دخلت جامعا في بعض
البلاد لقراءة شئ من الحديث فحضر إلى جماعة من أهل العلم وهم من المواظبين
على الجماعة في الجامع وكان امامهم صيتا يملأ الجامع صوته فسألتهم عنه هل
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم أو يخفيها فاختلفوا على في ذلك فقال بعضهم
يجهر بها وقال بعضهم يخفيها وتوقف آخرون والحق ان كل من ذهب إلى أبي
هذه الروايات فهو متمسك بالسنة والله أعلم.
الحديث الثاني عشر: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: لا صلاة الا بفاتحة الكتاب
وسورة معها قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة بمعناه عن أبي سفيان طريف
السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة
الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة
487

في فريضة أو غيرها انتهى. بلفظ الترمذي واقتصر بن ماجة منه على قوله:
لا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد إلى آخره ذكره الترمذي في باب تحريم الصلاة
وتحليلها وابن ماجة في باب القراءة خلف الإمام وسكت عنه الترمذي وهو
معلول بابي سفيان قال: عبد الحق في احكامه لا يصح هذا الحديث من أجله ورواه
ابن عدي في الكامل وضعف أبا سفيان عن بن معين وقال عن النسائي انه متروك
الحديث ولفظه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب والسورة وفي لفظ أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر وفي لفظ لا تجزي صلاة الا بفاتحة الكتاب
ومعها غيرها وفي لفظ وسورة في فريضة أو غيرها ولين هو أبا سفيان وقال
وقد روى عنه الثقات وانما أنكر عليه انه يأتي في المتون بأشياء لا يأتي بها غيره
وأسانيده مستقيمة انتهى. ورواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في
مسنديهما ورواه الطبراني في مسند الشاميين عن إسماعيل بن عياش عن
عبد العزيز بن عبيد الله عن أبي نصرة به لا صلاة الا بأم القرآن ومعها غيرها.
أحاديث الباب: اخرج أبو داود في سننه عن قتادة عن أبي نصرة عن أبي
سعيد قال: أمرنا ان نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر انتهى. ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع السادس والأربعين من القسم الأول ولفظه أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر ورواه احمد وأبو يعلى الموصلي في
مسنديهما قال الدارقطني في علله هذا يرويه قتادة وأبو سفيان السعدي عن
أبي نضرة مرفوعا ووقفه أبو مسلمة عن أبي نضرة هكذا قاله أصحاب شعبة عنه
ورواه زنبعة عن عثمان عن عمر عن شعبة عن أبي مسلمة مرفوعا ولا يصح رفعه عن
شعبة انتهى.
حديث آخر: روى الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا أحمد بن أنس بن
488

مالك ثنا محمد بن الخليل الخشني ثنا الحسن بن يحيى
الخشني ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبادة بن الصامت قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وآيتين من القرآن انتهى.
حديث آخر: رواه احمد في مسنده في حديث المسئ صلاته حدثنا يزيد
ابن هارون ثنا محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن
رافع قال: جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد فصلى قريبا منه ثم
انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد صلاتك فإنك
لم تصل فرجع فصلى كنحو ما صلى ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد صلاتك فإنك لم تصل فقال يا رسول الله صلى علمني
قال إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت فإذا ركعت فاجعل
راحتيك عل ركبتيك وامدد ظهرك ومكن لركوعك فإذا رفعت رأسك فأقم
صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن لسجودك فإذا رفعت
رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة انتهى..
ورواه أبو داود عن محمد بن عمرويه قال: بهذه القصة قال: إذا قمت فتوجهت إلى
القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله ان تقرأ.
حديث آخر: أخرجه بن عدي في الكامل عن ربيع بن بدر ويعرف
بقليله عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير عن
عمران بن حصين قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها
بفاتحة الكتاب وآيتين فصاعدا انتهى. وضعف الربيع بن بدر عن البخاري
والنسائي وابن معين.
حديث آخر: أخرجه بن عدي أيضا عن عمر بن يزيد المدائني عن عطاء عن بن
489

عمر قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزئ المكتوبة الا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات
فصاعدا انتهى. وضعف عمر بن يزيد وقال إنه منكر الحديث.
حديث آخر: أخرجه أبو نعيم الحافظ في تاريخ أصبهان في ترجمة إبراهيم بن
أيوب الفرساني عن أبي مسلم عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن
أبي مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة
الكتاب وشئ معها انتهى. والمصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث لمالك على
ركنية السورة مع الفاتحة واستدل النووي في الخلاصة على عدم وجوبها بحديث
عزاه للبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: في كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما اخفى عنا أخفينا عنكم وان لم تزد على أم القرآن أجزأت
وان زدت فهو خير انتهى. وهذا موقوف.
الحديث الثالث عشر: قال عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب قلت:
روى الأئمة الستة في كتبهم من حديث محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب انتهى. ورواه
الدارقطني بلفظ لا يجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وقال إسناده
صحيح وصححه بن القطان أيضا وقال زياد أحد الثقات انتهى. وقال صاحب
التنقيح انفرد زياد بن أيوب بكونه بلفظ لا يجزئ ورواه جماعة لا صلاة
490

لمن لم يقرأ وهو الصحيح قال: وكأن زيادا رواه بالمعنى انتهى. ولما عزا بعض
الجاهلين حديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلى الصحيحين اخذ يتعجب
من سوء فهمه فقال والعجب من بن تيمية كيف عزاه في احكامه للدارقطني
فقط وقال إسناده صحيح وهو في الصحيحين انتهى. كلامه والذي عزاه بن
تيمية انما هو لا تجزئ صلاة والله أعلم والحديث في صحيح بن حبان بهذا
اللفظ بغير هذا الإسناد قال بن حبان أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد
ابن يحيى الذهلي ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي
هريرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزئ صلاة لا يقرأ بفاتحة الكتاب قلت:
وان كنت خلف الإمام قال فأخذ بيدي وقال اقرأ في نفسك انتهى. قال:
ابن حبان لم يقل في خبر العلا هذا لا يجزئ صلاة الا شعبة ولا عنه الا
وهب بن جرير انتهى. ورواه بن خزيمة في صحيحه كما تراه قاله النووي في
الخلاصة.
ومن أحاديث أصحابنا: حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم عنه قال:
دخل رجل المسجد فصلى والنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فرد
عليه السلام وقال ارجع فصل فإنك لم تصل ففعل ذلك ثلاث مرات فقال
والذي بعثك بالحق نبيا ما أحسن غير هذا فعلمني فقال إذا قمت إلى الصلاة فكبر
ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل
قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في
صلاتك كلها انتهى. والخصم يحمل قوله: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن أي
بعد الفاتحة وهذا فيه شئ لأنه قال: ثم افعل ذلك فس صلاتك كلها وهم لا
يقولون بوجوب السورة مع الفاتحة وكيف لا يذكر له عليه السلام الفاتحة وهو في
مقام التعليم له أفعال الصلاة لكن روى أبو داود في سننه حديث المسئ صلاته
عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع قال: بهذه القصة
قال إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله ان تقرأ وإذا
ركعت فضع راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك وإذا سجدت فمكن بسجودك
وإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى انتهى. وأخرجه عن إسحاق بن عبد الله
491

بن أبي طلحة عن علي بن يحيى به انه عليه السلام قال: انه لا تتم صلاة أحد من
الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر فيحمد الله ويثني عليه ويقرأ بما
شاء من القرآن ثم يقول الله أكبر ويركع الحديث وأخرجه أيضا عن محمد بن
إسحاق عن علي بن يحيى به بهذه القصة قال: إذا أنت قمت في صلاتك فكبر الله عز
وجل ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن الحديث وأخرجه عن إسماعيل بن جعفر عن
يحيى بن علي بن يحيى به بهذه القصة قال: فيه فتوضأ كما امرك الله ثم أقم وكبر
فان كان معك قرآن فاقرأ به والا فاحمد الله وكبره وهلله وقال فيه وان
انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك انتهى.
حديث آخر: روى الطبراني في معجمه الوسط من حديث إبراهيم بن طهمان
عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الكريم عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: أمرني رسول
الله صلى الله عليه وسلم ان أنادي في أهل المدينة ان لا صلاة الا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب انتهى.
وقال لم يروه عن الحجاج بن أرطاة الا بن طهمان انتهى.
طريق آخر: أخرجه أبو محمد الحارثي في مسنده وابن عدي عن أحمد بن
عبد الله بن محمد الكوفي المعروف باللجلاج ثنا نعيم بن حماد ثنا بن المبارك ثنا أبو
حنيفة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
صلاة الا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب انتهى.
حديث آخر: أخرجه أيضا عن اللجلاج ثنا إبراهيم بن الجراح الكوفي ثنا
أبو يوسف عن أبي حنيفة عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب أو غيرها انتهى. وكلاهما ضعيف
باللجلاج قال: بن عدي حدث بمناكير لأبي حنيفة وهي أباطيل انتهى.
وذكر النووي في الخلاصة هذين الحديثين وضعفهما وذكر اثرين أحدهما عن
أبي سلمة ومحمد بن علي ان عمر بن الخطاب صلى المغرب فلم يقرأ فقيل له قال:
كيف كان الركوع والسجود قالوا حسنا قال: فلا باس انتهى. قال: وهذا
492

منقطع لأنهما لم يدركا عمر قال وفي رواية للبيهقي موصولة ان عمر أعاد الصلاة
الثاني عن الحارث عن علي ان رجلا قال له صليت ولم اقرأ فقال له أتممت
الركوع والسجود قال: نعم قال: تمت صلاتك انتهى. قال: والحارث مجمع
على ضعفه فإنه كان كذابا انتهى.
الحديث الرابع عشر: قال عليه السلام: إذا امن الامام فامنوا قلت:
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا امن الامام فامنوا فإنه من وافق تأمينه تامين الملائكة غفر
له ما تقدم من ذنبه قال: بن شهاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين انتهى.
ولفظ النسائي وابن ماجة فيه إذا امن القارئ وزاد فيه البخاري في كتاب
الدعوات فان الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه الحديث وهو عند بن حبان في
صحيحه فان الملائكة تقول آمين قال: بن حبان يريد انه إذا امن كتأمين الملائكة
من غير اعجاب ولا سمعة ولا رياء خالصا لله تعالى فإنه حينئذ يغفر له انتهى.
قلت هذا التفسير يندفع بما في الصحيحين عن مالك عن أبي الزياد عن الأعرج عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء
فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه انتهى. وزاد فيه مسلم إذا قال:
أحدكم في الصلاة ولم يقلها البخاري وغيره وهي زيادة حسنة نبه عليها
عبد الحق في الجمع بين الصحيحين وفي هذه اللفظة فائدة أخرى وهي اندراج
المنفرد فيه وغير هذا اللفظ انما هو في الامام أو في المأموم أو فيهما والله أعلم.
الحديث الخامس عشر: قال عليه السلام إذا قال الامام ولا الضالين
فقولوا: آمين وفي آخره فان الامام يقولها قلت: رواه النسائي في سننه
أخبرنا إسماعيل بن مسعود نا يزيد بن زريع حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الامام غير المغضوب
عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فان الملائكة تقول آمين وان الامام يقول:
493

آمين فمن وافق تأمينه تامين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه انتهى. ورواه عبد
الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر به ومن طريق عبد الرزاق رواه بن حبان في
صحيحه في النوع الأول من القسم الأول بسنده ومتنه والحديث في
الصحيحين ليس فيه فان الامام يقول آمين أخرجه البخاري ومسلم عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الإمام ولا الضالين
فقولوا آمين فإنه من وافق قوله: قول الملائكة غفر له انتهى. بلفظ البخاري ولفظ
مسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا يقول لا تبادروا الامام إذا كبر فكبروا
وإذا قال: ولا الضالين فقولوا آمين وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا
اللهم ربنا ولك الحمد انتهى. وأخرجه مسلم أيضا عن حطان بن عبد الله عن
أبي موسى انه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمنا صلاتنا وبين لنا سنتنا فقال إذا
صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال: غير
المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين يحبكم الله الحديث.
قوله لما روينا من حديث بن مسعود يعني قوله: أربع يخفيهن الامام وذكر
منها آمين وقد تقدم الكلام عليه.
ومن أحاديث الباب: ما رواه احمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي
في مسانيدهم والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه والحاكم في
المستدرك من حديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن
وائل عن أبيه انه صلى الله عليه وسلم صلى فلما بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال
آمين وأخفى بها صوته انتهى. أخرجه الحاكم في كتاب القراءة ولفظه وخفض
بها صوته وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه انتهى. وقال الدارقطني
هكذا قال: شعبة وأخفى بها صوته ويقال انه وهم فيه لان سفيان الثوري
ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا ورفع بها صوته وهو
الصواب انتهى. وطعن صاحب التنقيح في حديث شعبة هذا بأنه قد روى عنه
494

خلافه كما أخرجه البيهقي في سننه عن أبي الوليد الطيالسي ثنا شعبة عن سلمة بن
كهيل سمعت حجرا أبا عنبس يحدث عن وائل الحضرمي انه صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال: ولا الضالين قال آمين رافعا بها صوته قال: فهذه الرواية توافق
رواية سفيان وقال البيهقي في المعرفة إسناد هذه الرواية صحيح وكان شعبة
يقول سفيان احفظ وقال يحيى القطان ويحيى بن معين إذا خالف شعبة سفيان
فالقول قول سفيان قال: وقد أجمع الحفاظ البخاري وغيره على أن شعبة أخطأ
فقد روى من أوجه فجهر بها انتهى. وقال بن القطان في كتابه هذا الحديث فيه
أربعة أمور أحدها اختلاف سفيان وشعبة فشعبة يقول خفض وسفيان الثوري
يقول رفع الثاني اختلافهما في حجر فشعبة يقول حجر أبو العنبس والثوري
يقول حجر بن عنبس وصوب البخاري وأبو زرعة قول الثوري ولا أدري لم لم
يصوبا قولهما جميعا حتى يكون حجر بن عنبس أبا العنبس اللهم الا ان يكون
البخاري وأبو زرعة قد علما له كنية أخرى الثالث ان حجرا لا يعرف حاله فان
المستور الذي روى عنه أكثر من واحد مختلف في قبول حديثه للاختلاف في ابتغاء
مزيد العدالة بعد الإسلام والرابع اختلافهما أيضا فجعله الثوري من رواية حجر عن
وائل وجعله شعبة من رواية حجر عن علقمة بن وائل وصحح الدارقطني رواية
الثوري وكأنه عرف من حال حجر الثقة ولم يره منقطعا بزيادة شعبة علقمة بن
وائل في الوسط وهذا هو الذي حمل الترمذي على أن حسنه والحديث إلى
الضعف أقرب منه إلى الحسن انتهى. كلامه وهذا الذي قال: بن القطان تفقها قاله
ابن حبان صريحا فقال في كتاب الثقات حجر بن عنبس أبو العنبس الكوفي وهو
الذي يقال له حجر أبو العنبس يروي عن علي ووائل بن حجر روى عنه مسلمة
ابن كهيل انتهى.
واعلم أن في الحديث علة أخرى ذكرها الترمذي في علله الكبير فقال سألت
محمد بن إسماعيل هل سمع علقمة من أبيه فقال إنه ولد بعد موت أبيه لستة
أشهر انتهى.
أحاديث الخصوم: اخرج أبو داود والترمذي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن
حجر بن عنبس عن وائل بن حجر واللفظة لأبي داود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
495

قرأ: ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته انتهى. ولفظ الترمذي ومد
بها صوته وقال حديث حسن ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي
العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه وقال فيه وخفض بها صوته قال: وسمعت
محمدا يقول حديث سفيان أصح من حديث شعبة وأخطأ فيه شعبة في مواضع:
فقال عن حجر أبي العنبس وانما هو حجر بن العنبس ويكنى أبا السكن وزاد فيه
عن علقمة وليس فيه علقمة وانما هو حجر بن عنبس عن وائل وقال وخفض بها
صوته وانما هو ومد بها صوته وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فقال حديث
سفيان أصح من حديث شعبة انتهى. كلام الترمذي.
طريق آخر: أخرجه أبو داود والترمذي عن علي بن صالح ويقال العلاء بن
صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم
انه صلى فجهر بآمين وسلم عن يمينه وشماله انتهى. وسكتا عنه.
طريق آخر: رواه النسائي أخبرنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن
عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما افتتح الصلاة
كبر ورفع يديه حتى حاذيا أذينة ثم قرأ فاتحة الكتاب فلما فرغ منها قال: آمين
يرفع بها صوته انتهى.
حديث آخر: أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن
عم بن هريرة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا غير المغضوب
عليهم ولا الضالين قال: آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول انتهى. زاد بن
ماجة: فيرتج بها المسجد ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع من القسم
الخامس ولفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع بها صوته
وقال: آمين انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين،
496

وليس كما قال: رواه الدارقطني في سننه وقال إسناده حسن وينظر
أسانيدهم الثلاثة وبشر بن رافع الحارثي ضعفه البخاري والترمذي والنسائي
وأحمد وابن معين وابن حبان وقال بن القطان في كتابه بشر بن رافع أبو
الأسباط الحارثي ضعيف وهو يروى هذا لحديث عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة
وأبو عبد الله هذا لا يعرف له حال ولا روى عنه غير بشر والحديث لا يصح من
أجله انتهى. كلامه.
حديث آخر: روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل ثنا
هارون الأعور عن إسماعيل بن مسلم عن أبي إسحاق عن بن أم الحصين عن أمه انها
صلت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قال: ولا الضالين قال: آمين فسمعته وهي
في صف النساء انتهى.
الحديث السادس عشر: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يكبر مع كل خفض ورفع
قلت رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن
علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض
ورفع وقيام وقعود وأبو بكر وعمر انتهى. قال: الترمذي حديث حسن صحيح
انتهى. ورواه احمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والدارمي في
مسانيدهم والطبراني في معجمه ومعناه في الصحيحين عن أبي بكر بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة
يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم
يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد ثم يكبر حين يهوي ساجدا ثم يكبر حين يرفع
رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها
حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس انتهى. زاد البخاري في لفظ:
497

ان كانت هذه لصلاته عليه السلام حتى فارق الدنيا انتهى. وأخرجا أيضا عن أبي
سلمة عن أبي هريرة انه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع فلما انصرف قال:
اني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وأخرجا أيضا عنه انه كان يكبر في
الصلاة كلما رفع ووضع فقلنا يا أبا هريرة ما هذا التكبير فقال إنها لصلاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وفي الموطأ لمالك عن بن شهاب الزهري عن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الصلاة كلما خفض
ورفع فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله عز وجل انتهى.
الحديث السابع عشر: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لانس إذا ركعت فضع يديك
على ركبتيك وفرج بين أصابعك قلت: رواه الطبراني في معجمه الصغير
والوسط حدثنا محمد بن صالح بن وليد الترسي ثنا مسلم بن حاتم الأنصاري ثنا
محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عبد الله بن المثنى عن علي بن زيد بن جدعان عن
سعيد بن المسيب عن أنس بن مالك قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وانا يومئذ بن
ثمان سنين فذهبت بي أمي إليه فقالت يا رسول الله ان رجال الأنصار ونسائهم قد
أتحفوك قد ولم أجد ما أتحفك بين الا ابني هذا فاقبله مني يخدمك ما شئت قال: فخدمت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلم يضربني ضربة قط ولم يسبني ولم يعبس في
وجهي فذكره بطوله إلى أن قال: ثم قال لي يعني النبي صلى الله عليه وسلم يا بني إذا ركعت
فضع كفيك على ركبتيك وافرج بين أصابعك وارفع يديك عن جنبيك مختصر
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا يحيى بن أيوب ثنا محمد بن الحسن بن
أبي يزيد الصدائي ثنا عباد المنقري عن علي بن زيد.
498

طريق آخر: رواه بن عدي في الكامل والعقيلي وابن حبان في كتابه
الضعفاء من حديث كثير بن عبد الله أبي هشام الأبلي قال: سمعت أنس بن
مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني إذا تقدمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة وارفع
يديك عن جنبيك وكبر واقرأ بما بدا لك وإذا ركعت فضع يديك على ركبتيك
وافرج بين أصابعك وسبح وإذا رفعت رأسك فأقم صلبك وإذا سجدت فضع
عقبيك تحت إليتيك وأقم صلبك حتى تضع كل عضو منك مكانه ولا تنقر نقر
الديك ولا تقع اقعاء الكلب ولا تبسط ذراعيك بسط الثعلب فان الله لا ينظر إلى
من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود انتهى. وضعفه بن عدي والعقيلي بكثير
ابن عبد الله وأسندا قول عن البخاري انه قال: منكر الحديث وقال بن حبان كان يضع
الحديث على أنس قال: ويقال له كثير بن سليم لا يحل كتب حديثه انتهى..
طريق آخر: رواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي في كتابه تاريخ مكة
حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ثنا عطاف بن خالد المخزومي عن
إسماعيل بن رافع عن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد
الخيف فجاءه رجلان أحدهما أنصاري والآخر ثقفي فتقدم إليه الثقفي فقال
له عليه السلام يا أخا ثقيف سل عن حاجتك وان شئت أخبرتك عنها قال: فذاك
أعجب إلى يا رسول الله قال: جئت تسأل عن صلاتك قال: أي والذي بعثك
بالحق قال: فصل أول الليل وآخره ونم وسطه فإذا قمت إلى الصلاة فركعت
فضع يديك على ركبتيك وفرج بين أصابعك ثم ارفع رأسك حتى يرجع كل عضو
إلى مفصله وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر وصم الليالي البيض
ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة إلى آخره وروى نحو هذا الحديث بن
حبان في صحيحه من حديث بن عمر قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فذكره
في النوع الثالث والأربعين من القسم الثالث وكذا الطبراني في معجمه.
أحاديث الباب في حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
انه ركع فوضع راحتيه على ركبتيه وقد تقدم في أول الباب وفي حديث رفاعة
ابن رافع في حديث المسئ صلاته وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك رواه
أبو داود وقد تقدم أيضا.
حديث آخر: أخرجه أبو داود والنسائي عن عطاء بن السائب عن سالم البراد
499

قال: أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود فقلنا له حدثنا عن صلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقام بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع وضع يديه على ركبتيه الحديث
وفي آخره ثم قال: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مختصر ووهم شيخنا
علاء الدين في عزو هذا الحديث للترمذي مقلدا لغيره في ذلك.
واما حديث بن مسعود انه طبق بين كفيه وأدخلهما بين فخذيه رواه مسلم
فمنسوخ بما أخرجاه في الصحيحين عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال:
صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني أبي
وقال: كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا ان نضع أيدينا على الركب انتهى. ورواه أصحاب
السنن الأربعة أيضا.
حديث آخر دال على النسخ رواه الترمذي حدثنا أحمد بن منيع ثنا أبو بكر بن
عياش ثنا أبو حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال: لنا عمر بن الخطاب ان
الركب سنة لكم فخذوا بالركب انتهى. وقال حديث حسن صحيح وفي
الباب عن سعد وأنس وأبي حميد وأني أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن
مسلمة وأبي مسعود انتهى.
الحديث الثامن عشر: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع بسط ظهره قلت:
وروى بن ماجة في سننه أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي عن عبد الله
ابن عثمان عن طلحة بن زيد عن راشد قال: سمعت وابصة بن معبد يقول رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر
انتهى. وروى أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في مسنده حدثنا الحسين بن
علي بن يزيد حدثني أبي عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن البراء قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة انتهى.
وروى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أبو الربيع
500

الزهراني ثنا سلام الطويل عن زيد العمي عن أبي نصرة عن بن عباس بمثل حديث
وابصة سواء وروى في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا
صالح بن زياد السوسي ثنا يحيى بن سعيد القطان عن حماد بن سلمة عن سعيد بن
جمهان عن أبي برزة الأسلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث وابصة.
الحديث التاسع عشر: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع لا يصوب رأسه
ولا يقنعه قلت: رواه الترمذي حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى به سعيد القطان ثنا
عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال
سمعته وهو في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي
يقول انا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة
اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه فإذا أراد ان يركع رفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه ثم قال الله أكبر وركع ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم
يقنع ووضع يديه على ركبتيه الحديث وقال حديث حسن صحيح ورواه
ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين من القسم الخامس عن عبد الحميد
ابن جعفر به واخرج مسلم في صحيحه عن أبي الجوزاء عن عائشة في حديث
طويل وفيه وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك في
البخاري في حديث أبي حميد ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا
يصب رأسه ولا يقنع.
الحديث العشرون: قال عليه السلام إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه:
سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه قلت: أخرجه أبو داود والترمذي وابن
ماجة عن عون بن عبد الله بن عتبة عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا
501

ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وذلك أدناه وإذا سجد
فليقل: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وذلك أدناه انتهى. بلفظ أبي داود وابن
ماجة ولفظ الترمذي قال: إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي
العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده
سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه انتهى. قال
أبو داود: هذا مرسل عون لم يدرك عبد الله وقال الترمذي حديث ليس إسناده
بمتصل عون لم يلق عبد الله انتهى. وقال البيهقي أيضا انه لم يدركه ونقل عن
الشافعي انه قال: وذلك أدناه أي أدنى الكمال انتهى.
ومن أحاديث الباب: ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن المبارك عن موسى
ابن أيوب عن عمه إياس بن عامر عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت فسبح
باسم ربك العظيم قال: لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت
سبح اسم ربك الأعلى قال: لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في سجودكم
انتهى. ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك قال: وقد
اتفقا على الاحتجاج برواية غير إياس بن عامر وهو صحيح الإسناد ولم يخرجاه
انتهى. ثم أخرجه أبو داود عن الليث بن سعد عن أيوب بن موسى عن رجل من قومه
عن عقبة بنحوه وزاد فيه قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: سبحان ربي
العظيم وبحمده ثلاث مرات وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده
ثلاث مرات قال أبو داود وهذه الزيادة نخاف ان لا تكون محفوظة انتهى.
وهذه الزيادة رواها الطبراني معجمه ويراجع المعجم.
الحديث الحادي والعشرون: روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الذكرين
502

يعني سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد قلت: أخرجه البخاري ومسلم عن أبي
هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم
يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا
ولك الحمد ثم يكبر حين يهوي ساجدا الحديث وقد تقدم بتمامه في حديث
كان يكبر في كل خفض ورفع واخرج البخاري أيضا عن أبي هريرة قال: كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده قال: اللهم ربنا ولك الحمد انتهى.
واخرج البخاري عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه
حذو منكبيه وفيه وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده
ربنا ولك الحمد مختصر واخرج مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك
الحمد ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شئ بعد انتهى. واخرج مسلم
عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ثم قال: وجهت
وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين
لا اله الا أنت أنت ربي وانا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي
ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب الا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها
الا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها الا أنت تباركت وتعاليت أستغفرك
وأتوب إليك وكان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت
خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي وإذا رفع رأسه من الركعة قال:
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما وملء
ما شئت من شئ بعد وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك
أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن
الخالقين انتهى.
الحديث الثاني والعشرون: قال عليه السلام إذا قال: الامام سمع الله لمن
حمده فقولوا: ربنا لك الحمد قلت: روى من حديث أنس ومن حديث أبي
503

هريرة ومن حديث أبي موسى ومن حديث أبي سعيد الخدري.
اما حديث أنس فرواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث بن شهاب الزهري
عن أنس قال: سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا نعوده
فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا وقعدنا فلما قضى صلاته قال: انما جعل الامام
ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون انتهى.
واما حديث أبي هريرة فأخرجه الجماعة أيضا الا بن ماجة من طريق مالك عن
سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: الامام
سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله: قول الملائكة غفر له ما
تقدم من ذنبه انتهى.
واما حديث أبي موسى فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة
وأحمد عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إذا قال: الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد يسمع الله
لكم انتهى.
واما حديث الخدري فأخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن المسيب عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الامام الله أكبر فقولوا الله أكبر وإذا قال:
سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد انتهى. وقال حديث صحيح على
شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه انتهى.
الحديث الثالث والعشرون: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاعرابي أخف الصلاة قم
صلى فإنك لم تصل وفي آخره وما نقصت من هذه شيئا فقد نقصت من
504

صلاتك قلت: أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في كتبهم قال أبو داود
حدثنا القعنبي ثنا أنس بن عياض ح وحدثنا بن المثنى حدثني يحيى بن سعيد عن
عبيد الله وهذا لفظ بن المثنى حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ان
رسول الله صلى الله علي وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام وقال ارجع فصل فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث
مرار فقال الرجل والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني قال: إذا قمت
إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم
ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا
ثم افعل ذلك في صلاتك كلها قال: القعنبي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن
أبي هريرة وقال في آخره فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما انتقصت من هذا
فإنما انتقصته من صلاتك انتهى. ثم قال أبو داود حدثنا عباد بن موسى الختلي
ثنا إسماعيل يعني بن جعفر أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي
عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع ان رسول الله فقص هذا الحديث قال: فيه
فتوضأ كما امرك الله ثم تشهد فأقم ثم كبر فان كان معك قرآن فاقرأ به والا
فاحمد الله عز وجل وكبره وهلله وقال فيه وان انتقصت منه شيئا انتقصت من
صلاتك انتهى. ورواه الترمذي حدثنا علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر عن
505

يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن جده عن رفاعة بن رافع ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوما قال رفاعة ونحن معه إذ جاءه رجل
كالبدوي وصلى فأخف صلاته ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له
وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم جاء فسلم عليه فقال
وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل فعل ذلك مرتين أو ثلاثا فقال الرجل في آخر
ذلك فأرني علمني وانما انا بشر أصيب وأخطئ فقال اجل إذا قمت إلى
الصلاة فتوضأ كما امرك الله به ثم تشهد فأقم أيضا فان كان معك قرآن فاقرأ
والا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع فاطمئن راكعا ثم اعتدل قائما ثم اسجد
فاعتدل ساجدا ثم اجلس فاطمئن جالسا ثم قم فإذا فعلت ذلك فقد تمت
صلاتك وان انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك انتهى. وقال حديث حسن
وقد روى عن رفاعة من غير وجه انتهى. وقال النسائي أخبرنا سويد ين نصر
ثنا عبد الله بن المبارك عن داود بن قيس حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن
مالك الأنصاري حدثني أبي عن عم له بدري قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالسا في المسجد فدخل رجل فصلى ركعتين ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقد
كان عليه السلام في صلاته فرد عليه السلام ثم قال: له ارجع فصل فإنك لم تصل
فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال: له ارجع
فصل فإنك لم تصل حتى كان عند الثالثة أو الرابعة فقال والذي انزل عليك
الكتاب لقد جهدت فأرني وعلمني قال: إذا أردت ان تصلي فتوضأ فأحسن
وضوءك ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع
حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن قاعدا ثم
اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد تمت وما
انتقصت من هذا فإنما تنقصه من صلاتك انتهى.
والمصنف استدل بهذا الحديث على عدم فرضية الطمأنينة لأنه سماها صلاة والباطلة ليست صلاة وأولى من هذا ان يقال انه وصفها بالنقص والباطلة انما
توصف بالزوال.
506

واعلم أن أصل الحديث في الصحيحين عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ
أبي داود في المسئ صلاته وليس فيه وما انتقصت من هذا فإنما تنقصه من
صلاتك قال الترمذي فيه وسعيد المقبري سمع من أبي هريرة وروى عن أبيه
عن أبي هريرة واسم أبيه كيسان انتهى.
أحاديث الخصوم: اخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي معمر الأزدي هو
عبد الله بن سخبرة عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يجزئ صلاة لا يقيم
الرجل فيها ظهره في الركوع والسجود قال الترمذي حديث حسن صحيح
ورواه الدارقطني ثم البيهقي وقال إسناده صحيح انتهى.
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن عبد الله بن بدر ان عبد الرحمن بن علي حدثه
ان أباه علي بن شيبان حدثه انه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصلينا خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخر عينه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فلما
انصرف قال: يا معشر المسلمين انه لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع
والسجود انتهى. ورواه احمد في مسنده وعبد الله بن بدر وثقه بن
معين وأبو زرعة والعجلي وابن حبان.
حديث آخر أخرجه البخاري عن حذيفة انه رأى رجلا لا يتم ركوعا ولا
سجودا فلما انصرف من صلاة دعاه حذيفة فقال له منذ كم صليت هذه الصلاة
قال صليتها منذ كذا وكذا فقال حذيفة ما صليت لله صلاة وأحسبه قال: ولو
مت مت على غير سنة محمد صلى الله عليه وسلم انتهى.
الحديث الرابع والعشرون: روى أن وائل بن حجر وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
507

فسجد وادعم على راحتيه ورفع عجيزته قلت: غريب من حديث وائل ورواه
أبو يعلى الوصلي في مسنده من حديث البراء بن عازب فقال حدثنا محمد بن
الصباح ثنا شريك عن أبي إسحاق قال: وصف لنا البراء بن عازب السجود فسجد
فادعم على كفيه ورفع عجيزته وقال هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.
وأخرجه أبو داود والنسائي عن شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء انه وصف
فوضع يديه واعتمد على ركبتيه ورفع عجيزته وقال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسجد انتهى. رواه أبو داود عن أبي توبة عن شريك والنسائي عن علي بن حجر عن
شريك به قال النووي في الخلاصة ورواه بن حبان والبيهقي وهو حديث
حسن انتهى.
الحديث الخامس والعشرون: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سجد وضع وجهه بين كفيه
ويديه حذاء اذنيه قلت: لم أجده الا مفرقا فروى مسلم في صحيحه صدره
الأول من حديث وائل ان النبي صلى الله عليه وسلم سجد فوضع وجهه بين كفيه مختصر
وروى إسحاق بن راهويه في مسنده باقيه فقال أخبرنا الثوري عن عاصم بن
كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم فلما سجد وضع يديه حذاء
اذنيه انتهى. وكذلك رواه الطحاوي في شرح الآثار ورواه عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا الثوري به ولفظه كانت يداه حذو اذنيه ويعكر على هذا ما رواه
البخاري في حديث أبي حميد انه عليه السلام لما سجد وضع كفيه حذو منكبيه
أخرجه عن فليح عن عباس بن سهل عن أبي حميد ورواه أبو داود والترمذي
ولفظهما كان إذا سجد مكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو
منكبيه انتهى.
508

قال شيخنا الذهبي في ميزانه وفليح بن سليمان المدني وان اخرج له الأئمة الستة
وهو من كبار العلماء فقد تكلم فيه فضعفه النسائي وابن معين وأبو حاتم وأبو
داود ويحيى القطان والساجي وقال الدارقطني وابن عدي لا باس به انتهى.
ويكتب كلام الذهبي في الحديث الذي بعد هذا وحديث مسلم يرشد إلى مذهبنا
قال من وضع وجهه بين كفيه كانت يداه حذاء اذنيه واخرج الطحاوي عن حفص
ابن غياث عن الحجاج عن أبي إسحاق قال: سألت البراء بن عازب أين كان النبي
صلى الله عليه وسلم يضع جبهته إذا صلى قال: بين كفيه انتهى. قال الطحاوي من ذهب في رفع
اليدين إلى أنهما يكونان حيال المنكبين يقول به في حاله السجود ومن ذهب إلى أنهما
يكونان حيال الأذنين يقول به أيضا في السجود ولم يجب الطحاوي عن
حديث أبي حميد بشئ.
الحديث السادس والعشرون: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه واظب على السجود على
الجبهة والأنف قلت روى البخاري في صحيحه من حديث فليح عن عباس بن
سهل عن أبي حميد قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته من الأرض ونحى يديه عن
جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه مختصر ورواه أبو داود والترمذي والنسائي
ولفظهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد مكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه
ووضع كفيه حذو منكبيه انتهى. قال: الترمذي حديث حسن صحيح.
أحاديث الباب: روى أبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في معجمه
من حديث الحجاج عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع أنفه على
الأرض مع جبهته انتهى.
509

حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي قتيبة ثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول
عن عكرمة عن بن عباس قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من
الأرض ما يصيب الجبين انتهى. قال الدارقطني قال: لنا أبو بكر لم يسنده عن
سفيان وشعبة إلا أبو قتيبة والصواب عن عاصم عن عكرمة مرسل انتهى. قال:
ابن الجوزي في التحقيق وأبو قتيبة ثقة أخرج عنه البخاري والرفع زيادة وهي
من الثقة مقبولة انتهى.
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن الضحاك بن جمرة عن منصور بن
زاذان عن عاصم البجلي عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يلصق
أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لم تجز صلاته انتهى. وأعله بالضحاك بن جمرة
أسند إلى النسائي ليس بثقة وقال بن معين ليس بشئ انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن ناشب بن عمرو الشيباني ثنا مقتل بن حيان
عن عروة عن عائشة قالت أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أهله تصلي ولا تضع
أنفها بالأرض فقال يا هذه ضعي أنفك بالأرض فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه
بالأرض مع جبهته في الصلاة انتهى. قال: الدارقطني وناشب ضعيف ولا يصح
مقاتل عن عروة انتهى. ليس من أحاديث الباب إلا الأول
الحديث السابع والعشرون: قال النبي صلى الله عليه وسلم أمرت أن اسجد على سبعة أعظم:
510

وعد منها الجبهة قلت: أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن طاوس عن بن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة واليدين
والركبتين وأطراف القدمين انتهى. وفي لفظ لهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على
سبعة أعضاء فذكرها قال: في الكتاب والمذكور فيما روى الوجه في المشهور
قلت روى أصحاب السنن الأربعة من حديث العباس بن عبد المطلب أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه
وركبتاه وقدماه انتهى. ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وسكت عنه ورواه البزار في مسنده بلفظ أمر العبد أن يسجد على
سبعة آراب قال البزار وقد روى هذا الحديث سعد وابن عباس وأبو هريرة
وغيرهم لا نعلم أحدا قال: آراب إلا العباس انتهى. قلت: قالها بن عباس أيضا
كما أخرجه أبو داود في سننه عنه مرفوعا أمرت أن أسجد وربما قال: أمر نبيكم
أن يسجد على سبعة آراب انتهى. وقالها سعد أيضا كما رواه أبو يعلى الموصلي
في مسنده والطحاوي في شرح الآثار من حديث عبد الله بن جعفر عن إسماعيل
ابن محمد عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمر
العبد أن يسجد على سبعة آراب فذكرها بلفظ السنن وزاد أيها لم يضعه فقد
انتقص انتهى. وأخطأ المنذري إذ عزا في مختصره هذا الحديث للبخاري
ومسلم إذ ليس فيهما لفظة الآراب أصلا.
511

واعلم حديث العباس: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب عزاه جماعة
إلى مسلم: منهم أصحاب الأطراف والحميدي في الجمع بين الصحيحين
والبيهقي في سننه وابن الجوزي في جامع المسانيد وفي التحقيق ولم
يذكره عبد الحق في الجمع بين الصحيحين ولم يذكر القاضي عياض لفظة الآراب
في مشارق الأنوار الذي وضعه على ألفاظ البخاري ومسلم والموطأ فأنكره في
شرح مسلم فقال قال المازري قوله: عليه السلام سجد معه سبعة آراب قال
الهروي: الآراب الأعضاء واحدها أرب قال القاضي عياض وهذه اللفظة لم
تقع عند شيوخنا في مسلم ولا هي في النسخ التي رأينا والتي في كتاب مسلم
سبعة أعظم انتهى. والذي يظهر والله أعلم أن أحدهم سبق بالوهم فتبعه الباقون
وهو محل اشتباه فان العباس يشتبه بابن عباس وسبعة آراب قريب من سبعة
أعظم.
الحديث الثامن والعشرون: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور عمامته
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس ومن حديث عبد الله بن
أبي أوفى ومن حديث جابر ومن حديث بن عمر.
وأما حديث أبي هريرة فرواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن
محرر أخبرني يزيد بن الأصم أنه سمع أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد
على كور عمامته قال بن محرر وأخبرني سلمان بن موسى عن مكحول عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله انتهى. قال: بن أبي حاتم في علله قال أبي هذا حديث باطل
وعبد الله بن محرر ضعيف انتهى.
وأما حديث بن عباس فرواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة إبراهيم بن
أدهم حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الزبيري ثنا أبو الحسن عبد الله بن موسى الحافظ
512

الصوفي البغدادي ثنا لاحق بن الهيثم ثنا الحسن بن عيسى الدمشقي ثنا محمد بن فيروز
المصري ثنا بقية بن الوليد ثنا إبراهيم بن أدهم عن أبيه آدم بن منصور العجلي عن سعيد
ابن جبير عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور عمامته انتهى.
وأما حديث بن أبي أوفى فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد
ابن محمويه الجوهري الأهوازي ثنا معمر بن سهيل ثنا سعيد بن عنبسة عن فائد أبي
الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على كور العمامة
انتهى. قال الطبراني لا يروي هذا الحديث عن بن أبي أوفى إلا بهذا الإسناد تفرد
به معمر انتهى.
وأما حديث جابر فرواه بن عدي في الكامل من حديث عمرو بن شمر عن
جابر الجعفي عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسجد على كور العمامة انتهى. وضعف عمرو بن شمر الجعفي من البخاري
والنسائي وابن معين ووافقهم.
وأما حديث أنس فرواه بن أبي حاتم في كتابه العلل حدثنا أبي ثنا عبد الرحمن
ابن بكير بن الربيع بن مسلم حدثني حسان بن سياه ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك
ان النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة انتهى. ثم قال قال: أبي هذا حديث منكر
انتهى..
واما حديث بن عمر فرواه الحافظ أبو القاسم تمام بن محمد الرازي في فوائده
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أبي
الحصين الطرسوسي ثنا كثير بن عبيد ثنا سويد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن
513

عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور العمامة انتهى. قال البيهقي في المعرفة
وأما ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور عمامته فلا يثبت منه شئ انتهى.
وأخرج البيهقي في سننه عن هشام عن الحسن قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على عمامته انتهى. وذكره
البخاري في صحيحه تعليقا فقال وقال الحسن كان القوم يسجدون على
العمامة والقلنسوة ويداه في كمه انتهى.
وللخصم حديث مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله عن بن لهيعة وعمرو بن
الحارث عن بكر بن سوادة عن صالح بن حيوان السبائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا
يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته انتهى.
قال عبد الحق صالح بن حيوان لا يحتج به وهو بالحاء المهملة من قال بالخاء
المنقوطة فقد أخطأ ذكره أبو داود وليس في هذا المرسل حجة
الحديث التاسع والعشرون: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في ثوب واحد يتقى
بفضوله حر الأرض وبردها قلت: رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا شريك
عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد
يتقى بفضوله حر الأرض وبردها انتهى. ورواه احمد وإسحاق بن راهويه وأبو
يعلى الموصلي في مسانيدهم ورواه الطبراني في معجمه ورواه بن عدي
في الكامل وأعله بحسين بن عبد الله وضعفه عن بن معين والنسائي وابن
المديني ثم قال وهو عندي ممن يكتب حديثه فاني لم أجد له حديثا منكرا قد جاوز
المقدار قال: وهو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب من الهاشمي
514

مديني يكنى أبا عبد الله انتهى. وبمعناه ما أخرجه الأئمة الستة في كتبهم
عن بكر بن عبد الله المزني عن أنس قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر
فإذا لم يستطع أحد أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه انتهى. ولفظ
البخاري فيه كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في
مكان السجود انتهى.
الحديث الثلاثون: قال عليه السلام وابدأ ضبعيك قلت: قال في الكتاب:
ويروى وابد من الإبداد وهو المد والأول من الإبداء وهو الإظهار انتهى.
وهذا حديث غريب وهو في مصنف عبد الرزاق من كلام بن عمر قال: أخبرنا
سفيان الثوري عن آدم بن علي البكري قال رآني بن عمر وأنا أصلي لا أتجافى عن
الأرض بذراعي فقال يا بن أخي لا تبسط بسط السبع وادعم على راحتيك وابد
ضبعيك فإنك إذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك انتهى. ورفعه بن حبان في
صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الأول بلفظ وجاف عن ضبعيك
وكذلك الحاكم في المستدرك وصححه كلاهما بتمامه عن بن عمر مرفوعا
لا تبسط بسط السبع إلى آخره.
الحديث الحادي والثلاثون: روى أنه عليه السلام كان إذا سجد جافى حتى أن
بهمة لو أرادت أن تمر بين يديه لمرت قلت: أخرجه مسلم عن يزيد بن الأصم عن
ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافي حتى لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت
انتهى. وهو في مسند أبي يعلى الموصلي أن تمر تحت يديه ورواه الحاكم في
515

مستدركه والطبراني في معجمه وقالا فيه بهيمة بالياء ورأيت على الباء
ضمة بخط بعض الحفاظ تصغير بهمة وهو الصواب وفتح الباء فيه
خطأ ورواه البيهقي في المعرفة عن الحاكم بسنده في آخره وقال فيه بهيمة
يعنى أن الحاكم رواه بلفظ بهيمة وسكت الحاكم عنه والبهم بفتح الباء صغار
أولاد الضأن والمعز واقتصر الجوهري على أولاد الضأن وخصه القاضي عياض
بأولاد المعز قال الجوهري والبهمة تقع على المذكر والمؤنث قال: المنذري في
مختصره قوله: عليه السلام للراعي ما ولدت قال: بهمة يدل على أنها
اسم للأنثى وإلا فقد علم أنها ولدت أحدهما رواه أبو داود في باب الاستنثار من
حديث لقيط بن صبرة وفيه قصة وفي الصحيحين عن عبد الله بن بحينة أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه انتهى. ولأبي داود
عن أحمر بن جزء الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافي
عضديه عن جنبيه حتى نأوى له انتهى. قال النووي في الخلاصة وإسناده
صحيح.
الحديث الثاني والثلاثون: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سجد المؤمن
سجد كل عضو منه فليوجه من أعضائه القبلة ما استطاع قلت: غريب استدل به
المصنف على استحباب توجيه أصابع الرجل إلى القبلة وقال النسائي في سننه
أخبرنا قتيبة عن الليث عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن
أبيه قال: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمني واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس
على اليسرى انتهى. وبوب عليه باب الاستقبال بأطراف القدم القبلة عند
516

القعود للتشهد وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي حميد الساعدي كنت
أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه وإذا ركع
أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار
مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع
رجليه القبلة فإذا جلس في الركعتين جلس عل رجله اليسرى ونصب اليمنى وإذا
جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته
انتهى.
الحديث الثالث والثلاثون: قال عليه السلام إذا سجد أحدكم فليق في
سجوده: سبحان ربي الأعلى تقدم في الباب.
الحديث الرابع والثلاثون: روى أنه عليه السلام كان يختم بالوتر يعنى في
تسبيحات الركوع والسجود قلت: غريب جدا قوله: ثم يرفع رأسه ويكبر لما
روينا يشير إلى حديث كان يكبر مع كل خفض ورفع.
الحديث الخامس والثلاثون: قال عليه السلام في حديث الأعرابي ثم ارفع
517

رأسك حتى تستوي جالسا قلت: تقدم في حديث المسئ صلاته أخرجه الأئمة
الستة عن أبي هريرة ولفظهم فيه ثم اجلس حتى تطمئن جالسا وعند النسائي
ثم ارفع رأسك حتى تطمئن قاعدا وعند البيهقي حتى تطمئن جالسا.
الحديث السادس والثلاثون: حديث جلسة الاستراحة قلت أخرجه البخاري
عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى
يستوي قاعدا انتهى. وأخرجه أيضا عن أبي قلابة قال جاءنا مالك بن الحويرث
إلى مسجدنا فقال والله إني لأصلي وما أريد الصلاة ولكن أريد أن أريكم
كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من
السجدة الآخرة قال أيوب فقلت لأبي قلابة كيف كان يصلي قال: مثل شيخنا
هذا وكان الشيخ يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة
الأولى انتهى. زاد أبو داود فيه والشيخ هو إمامهم عمرو بن سلمة انتهى.
قال في الكتاب: وهو محمول على حالة الكبر.
518

الحديث السابع والثلاثون: روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض في الصلاة
على صدور قدميه قلت أخرجه الترمذي عن خالد بن إياس عن صالح مولى التوءمة
عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه انتهى. قال
الترمذي حديث أبي هريرة هذا عليه العمل عند أهل العلم وخالد بن إياس ويقال
ابن الياس ضعيف عند أهل الحديث انتهى. ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بخالد وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين قال:
وهو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى قال: بن القطان في كتابه والأمر الذي
أعل به خالد هو موجود في صالح وهو الاختلاط قال: فإذن لا معنى لتضعيف
الحديث بخالد وترك صالح قال: وقد ذكر أبو محمد عبد الحق اختلاط صالح
واعتبار قديم حديثه من حديثه وخالد لا يعرف متى أخذ عنه انتهى. كلامه وفي
التحقيق - لابن الجوزي قال أحمد خالد بن الياس متروك الحديث وقال بن
معين: ليس بشئ ولا يكتب حديثه انتهى.
الآثار في ذلك: أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عبد الله بن مسعود أنه كان
ينهض في الصلاة على صدور قدميه ولم يجلس وأخرج نحوه عن علي وكذا عن
ابن عرم وكذا عن بن الزبير وكذا عن عمر وأخرج عن الشعبي قال: كان عمر
وعلي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم وأخرج
عن النعمان بن أبي عباس قال: أدركت غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله
فكان إذا رفع أحدهم رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة نهض كما
هو ولم يجلس انتهى. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن بن مسعود وعن
519

بن عباس وعن بن عمر وأخرجه البيهق عن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى عبد الله
ابن مسعود يقوم على صدور قدميه في الصلاة ولا يجلس إذا صلى في أول ركعة حتى
يقضي السجود وأخرج أيضا عن عطية العوفي قال: رأيت بن عمر وابن عباس
وابن الزبير وأبا سعيد الخدري يقومون على صدور أقدامهم في الصلاة انتهى. وقال
هو عن بن مسعود صحيح وعطية لا يحتج به انتهى.
الحديث الثامن والثلاثون: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ترفع الأيدي إلا في
سبعة مواطن: تكبيرة الافتتاح وتكبيرة القنوت وتكبيرات العيدين وذكر
الأربع في الحج قلت: غريب بهذا اللفظ وقد روى من حديث بن عباس ومن
حديث بن عمر بنقص وتغيير وقال الطبراني في معجمه حدثنا محد بن عثمان
بن أبي شيبة ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى حدثني أبي عن بن أبي ليلى عن الحكم
عن مقسم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن
حين يفتتح الصلاة وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت وحين يقوم على
الصفا وحين يقوم على المروة وحين يقف مع الناس عشية عرفة ويجمع والمقامين
حين يرمي الجمرة انتهى. حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ثنا
عمرو بن يزيد أبو يزيد الجرمي ثنا سيف بن عبيد الله ثنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن
سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي صلى الله وسلم قال: السجود على سبعة أعضاء
اليدين والقدمين والركبتين والجبهة ورفع الأيدي إذا رأيت البيت وعلى الصفا
والمروة وبعرفة وعند رمى الجمار وإذا قمت للصلاة انتهى. وذكر البخاري
الأول معلقا في كتابه المفرد في رفع اليدين فقال وقال وكيع عن بن أبي ليلى عن
الحكم عن مقسم عن أبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترفع الأيدي إلا في سبعة
مواطن: في افتتاح الصلاة وفي استقبال الكعبة وعلى الصفا والمروة وبعرفات
520

وبجمع وفي المقامين وعند الجمرتين ثم قال قال: شعبة لم يسمع الحكم من
مقسم إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها فهو مرسل وغير محفوظ لأن أصحاب
نافع خالفوا وأيضا فهم قد خالفوا هذا الحديث ولم يعتمدوا عليه في تكبيرات
العيدين وتكبير القنوت وفي رواية وكيع ترفع الأيدي لا يمنع رفعه فيما سوى
هذه السبعة انتهى. كلامه وقال البزار في مسنده حدثنا أبو كريب محمد
ابن العلاء ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن
ابن عباس وعن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ترفع الأيدي في سبعة
مواطن افتتاح الصلاة واستقبال البيت والصفا والمروة والموقفين وعند الحجر
انتهى. قال: وهذا حديث قد رواه غير واحد موقوفا وابن أبي ليلى لم يكن
بالحافظ وإنما قال: ترفع الأيدي ولم يقل لا ترفع الأيدي إلا في هذه المواضع
انتهى. كلامه قلت: رواه موقوفا بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا بن فضيل
عن عطاء عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: ترفع الأيدي في سبعة مواطن إذا قام
إلى الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وفي جمع وفي عرفات وعند
الجمار انتهى.
حدثنا بن فضيل عن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال: لا
يرفع الأيدي إلا في سبعة مواطن إذا قمت إلى الصلاة وإذا جئت من بلد وإذا رأيت
البيت وإذا قمت على الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعند الجمار انتهى. قال
الشيخ في الإمام ورواه الحاكم ثم البيهقي عنه بإسناده عن المحاربي عن بن
أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس وعن نافع عن بن عمر قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ترفع الأيدي في سبعة مواطن عند افتتاح الصلاة واستقبال البيت
والصفا والمروة والموقفين والجمرتين وبإسناده أيضا عن بن أبي ليلى عن نافع عن
ابن عمر وعن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قالا ترفع الأيدي
في سبعة مواطن في افتتاح الصلاة واستقبال القبلة وعلى الصفاة المروة وبعرفات
وبجمع وفي المقامين عند الجمرتين قال الشيخ في الإمام واعترض على هذا
بوجوه: أحدها: تفرد بن أبي ليلى وترك الاحتجاج به وثانيها: رواية وكيع عنه
521

بالوقف على بن عباس وابن عمر قال الحاكم ووكيع أثبت من كل من روى هذا
الحديث عن بن أبي ليلى وثالثها رواية جماعة من التابعين بالأسانيد الصحيحة
المأثورة عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس أنهما كانا يرفعان أيديهما عند
الركوع وبعد رفع الرأس من الركوع وقد أسنداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورابعها أن شعبة
قال لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث وليس هذا الحديث منها
وخامسها: عن الحكم قال: إن في جميع الروايات ترفع الأيدي في سبعة مواطن
وليس في شئ منها لا ترفع الأيدي إلا فيها ويستحيل أن يكون لا ترفع الأيدي إلا
في سبعة مواطن صحيحا وقد تواترت الأخبار بالرفع في غيرها كثيرا منها
الاستسقاء ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه عليه السلام يديه في الدعاء في الصلوات وأمره
به ورفع اليدين في القنوت في صلاة الصبح والوتر وروى البيهقي من طريق الشافعي
ثنا سعيد بن سالم عن بن جريج قال حدثت عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى
الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع وعند الجمرتين وعلى الميت انتهى. قال:
البيهقي: ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن
عباس وعن نافع عن بن عمر مرة موقوفا عليهما ومرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون
ذكر الميت قال: وابن أبي ليلى هذا غير قوى انتهى.
قوله روى عن بن الزبير أنه حمل ما روى من الرفع في الصلاة على الابتداء
ولفظه في الكتاب: والذي يروى من الرفع محمول على الابتداء كذا نقل عن بن
الزبير رضي الله عنه قلت: غريب وذكره بن الجوزي في التحقيق فقال
وزعمت الحنفية أن أحاديث الرفع منسوخة بحديثين رووا أحدهما عن بن عباس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يريه كلما ركع وكلما رفع ثم صار إلى افتتاح الصلاة
وترك ما سوى ذلك والثاني رووه عن بن الزبير أنه رأى رجلا يرفع يديه من
الركوع فقال مه فان هذا شئ فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركه قال: وهذان
الحديثان لا يعرفان أصلا وإنما المحفوظ عن بن عباس وابن الزبير خلاف ذلك
فأخرج أبو داود عن ميمون المكي أنه رأى الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم
وحين يركع وحين يسجد قال فذهبت إلى بن عباس فأخبرته بذلك فقال إن
522

أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير ولو صح
ذلك لم تصح دعوى النسخ لأن من شرط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ انتهى.
كلامه.
الحديث التاسع والثلاثون: يوجد في بعض نسخ الهداية للشافعي ما روى
عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع قلت:
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم كبر فإذا
أراد أن يركع فعل مثل ذلك فإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع
رأسه من السجود انتهى. قال البخاري في كتابه المفرد في رفع اليدين وروى عن
أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد أنه لم ير بن عمر رفع يديه إلا في التكبيرة
الأولى قال بن معين إنما هو توهم لا أصل له أو هو محمول على السهو كبعض
ما يسهو الرجل في صلاته ولم يكن بن عمر يدع ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مع ما رواه عن
ابن عمر مثل طاوس وسالم ونافع ومحارب بن دثار وأبي الزبير أنه كان يرفع
يديه فلو صحت رواية مجاهد لكانت رواية هؤلاء أولى ثم أخرج روايات هؤلاء
المذكورين: أن بن عمر كان يرفع يديه في الصلاة والله أعلم.
أحاديث أصحابنا: منها حديث تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: خرج
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس
أسكنوا في الصلاة أخرجه مسلم واعترضه البخاري في كتابه الذي وضعه في رفع
اليدين فقال وأما احتجاج بعض من لا يعلم بحديث تميم بن طرفة عن جابر بن
سمرة قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نرفع أيدينا في الصلاة فقال مالي
أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس أسكنوا في الصلاة وهذا إنما
كان في التشهد لا في القيام ففسره رواية عبد الله بن القبطية قال: سمعت جابر بن
سمرة يقول كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام عليكم السلام عليكم
وأشار بيده إلى الجانبين فقال ما بال هؤلاء يومئون بأيدهم كأنها أذناب خيل
شمس وأنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم ليسلم على أخيه من عن يمينه
523

ومن عن شماله انتهى. وهذا قول معروف لا اختلاف فيه ولو كان كما ذهبوا إليه
لكان الرفع في تكبيرات العيد أيضا منهيا عنه لأنه لم يستثن رفعا دون رفع بل أطاق
انتهى. كلامه ورواية عبد الله بن القبطية هذه أخرجه مسلم أيضا وفي لفظ
النسائي قال: ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس
الحديث ولقائل أن يقول إنهما حديثان لا يفسر أحدهما بالآخر كما جاء في
لفظ الحديث الأول دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الناس رافعي أيديهم في الصلاة
فقال: مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس أسكنوا في الصلاة
والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له أسكن في الصلاة إنما يقال ذلك لمن يرفع
يديه في أثناء الصلاة وهو حالة الركوع والسجود ونحو ذلك هذا هو الظاهر
والراوي روى هذا في وقت كما شاهده وروى الآخر في وقت آخر كما شاهده
وليس في ذلك بعد والله أعلم.
حديث آخر: أخرجه أبو داود والترمذي عن وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم
ابن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود ألا
أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلم يرفع يديه إلا في أول مرة انتهى. وفي
لفظ: فكان يرفع يديه أول مرة ثم لا يعود قال الترمذي حديث حسن انتهى.
وأخرجه النسائي عن بن المبارك عن سفيان به قال الشيخ تقي الدين في الإمام
وعاصم بن كليب أخرج له مسلم وعبد الرحمن بن الأسود أيضا أخرج له مسلم
وهو تابعي وثقه بن معين وعلقمة فلا يسأل عنه للاتفاق على الاحتجاج به
انتهى.. واعترض على هذا الحديث بأمور منها ما رواه الترمذي بسنده عن بن
المبارك قال لم يثبت عندي حديث بن مسعود انه عليه السلام لم يرفع يديه إلا في
أول مرة وثبت حديث بن عمر أنه رفع عند الركوع وعند الرفع من الركوع
وعند القيام من الركعتين ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وذكره
524

المنذري في مختصر السنن ثم قال وقال غير بن المبارك لم يسمع عبد الرحمن
من علقمة انتهى..
ومنها تضعيف عاصم بن كليب نقل البيهقي في سننه عن أبي عبد الله الحاكم
أنه قال عاصم بن كليب لم يخرج حديثه الصحيح وكان يختصر الأخبار فيؤديها
بالمعنى وهذه اللفظة ثم لا يعود غير محفوظة في الخبر انتهى. والجواب أما
الأول: فقال الشيخ في الإمام وعدم ثبوت الخبر عند بن المبارك لا يمنع من النظر
فيه وهو يدور على عاصم بن كليب وقد وثقه بن معين كما قدمناه قال وقول
شيخنا أبي محمد المنذري وقال غيره لم يسمع عبد الرحمن عن علقمة فغير قادح
أيضا فإنه عن رجل مجهول وقد تتبعت هذا القائل فلم أجده ولا ذكره بن أبي
حاتم في مراسيله وإنما ذكره في كتاب الجرح والتعديل فقال وعبد الرحمن
ابن الأسود دخل على عائشة وهو صغير ولم يسمع منها وروى عن أبيه
وعلقمة ولم يقل إنه مرسل وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال إنه
مات سنة تسع وتسعين وكان سنه سن إبراهيم النخعي فإذا كان سنه سن النخعي
فما المانع من سماعه عن علقمة مع الاتفاق على سماع النخعي منه ومع هذا
كله فقد صرح الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب المتفق والمفترق في ترجمة
عبد الرحمن هذا أنه سمع أباه وعلقمة انتهى. وقال بن القطان في كتابه الوهم
والإبهام: ذكر الترمذي عن بن المبارك أنه قال حديث وكيع لا يصح والذي
عندي أنه صحيح وإنما المنكر فيه على وكيع زيادة ثم لا يعود وقالوا إنه كان
يقولها من قبل نفسه وتارة لم يقلها وتارة أتبعها الحديث كأنها من كلام بن
مسعود وكذلك قال الدارقطني إنه حديث صحيح إلا هذه اللفظة وكذلك قال
أحمد بن حنبل وغيره وقد اعتنى الإمام محمد بن نصر المروزي بتضعيف هذه اللفظة
في كتاب رفع اليدين انتهى. كلامه قلت: قد تابع وكيعا على هذه اللفظة عبد الله
ابن المبارك كما رواه النسائي وقد قدمناه وأيضا فغير بن القطان ينسب الوهم
فيها لسفيان الثوري لا لوكيع قال البخاري في كتابه في رفع اليدين ويروى
عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب فذكره بسنده ومتنه قال أحمد بن حنبل عن
يحيى بن آدم نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب فلم أجد: فيه ثم لم يعد قال البخاري وهذا
أصح لأن الكتاب أثبت عند أهل العلم،
525

انتهى. فجعل الوهم فيه من سفيان لأن بن إدريس خالفه وقال بن أبي حاتم في
كتاب العلل: سألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن
عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبر فرفع يديه ثم
لم يعد فقال أبي هذا خطأ يقال وهم فيه الثوري فقد رواه جماعة عن عاصم
وقالوا كلهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه ثم ركع فطبق وجعلهما بن ركبتيه
ولم يقل أحد ما روى الثوري انتهى. فالبخاري وأبو حاتم جعلا الوهم فيه من
سفيان وابن القطان وغيره يجعلون الوهم فيه من وكيع وهذا اختلاف يؤدي إلى
طرح القولين والرجوع إلى صحة الحديث لوروده عن الثقات وأما الثاني وهو
تضعيف عاصم فقد قدمنا أنه من رجال الصحيح وأن بن معين قال فيه ثقة كما
ذكره الشيخ في الإمام قال الشيخ وقول الحاكم إن حديثه لم يخرج في
الصحيح فغير صحيح فقد أخرج له مسلم حديثه عن أبي بردة عن علي في
الهدى وحديثه عنه عن علي نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه
والتي يليها وغير ذلك وأيضا فليس من شرط الصحيح التخريج عن كل عدل وقد
أخرج هو في المستدرك عن جماعة لم يخرج لهم في الصحيح وقال هو على
شرط الشيخين وإن أراد بقوله لم يخرج حديثه في الصحيح أي هذا الحديث
فليس ذلك بعلة وإلا لفسد عليه مقصوده كله من كتابه المستدرك انتهى.
طريق آخر للحديث أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وابن عدي
في الكامل عن محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا
عند استفتاح الصلاة قال الدارقطني تفرد به محمد بن جابر وكان ضعيفا عن
حماد عن إبراهيم وغير حماد يرويه عن إبراهيم مرسلا عن عبد الله من فعله غير
مرفوع وهو الصواب وقال البيهقي في سننه وكذلك رواه حماد بن سلمة
عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن بن مسعود مرسلا وهذه الرواية أخرجها
526

البيهقي في الخلافيات بسنده عن إبراهيم أن بن مسعود كان إذا دخل في الصلاة كبر
ورفع يديه أول مرة ثم لم يرفع بعد ذلك قال الحاكم وهذا هو الصحيح
وإبراهيم لم ير بن مسعود والحديث منقطع ومحمد بن جابر تكلم فيه أئمة الحديث
وأحسن ما قيل فيه إنه يسرق الحديث من كل من يذاكره حتى كثرت المناكير
والموضوعات في حديثه قال الشيخ أما قوله: إنه كان يسرق الحديث من كل من
يذاكره فالعلم بهذه الكلية متعذر وأما إن ذلك أحسن ما قيل فيه فأحسن منه قول
ابن عدي كان إسحاق بن أبي إسرائيل يفضل محمد بن جابر على جماعة شيوخ هم
أفضل منه وأوثق وقد روى عنه من الكبار أيوب وابن عون وهشام بن حسان
والثوري. وشعبة وابن عيينة وغيرهم ولولا أنه في ذلك المحل لم يرو عنه هؤلاء
الذين هو دونهم وقد خولف في أحاديث ومع ما تكلم فيه فهو ممن يكتب حديثه
وممن تكلم فيه البخاري قال فيه ليس بالقوي وقال بن معين: ضعيف انتهى..
ومن الناس القائلين بالرفع من سلك في حديث بن مسعود هذا مسلك البحث
والمناظرة فقال يجوز أن يكون بن مسعود نسي الرفع في غير التكبيرة الأولى كما
نسي في التطبيق وغيره واستبعد أصحابنا هذا من مثل بن مسعود واحتجوا بحديث
أخرجه الدارقطني في سننه والطحاوي في شرح الآثار عن حصين بن
عبد الرحمن قال دخلنا على إبراهيم النخعي فحدثه عمرو بن مرة قال صلينا في
مسجد الحضرميين فحدثني علقمة بن وائل عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين
يفتتح وإذا ركع وإذا سجد فقال إبراهيم ما أرى أباه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
ذلك اليوم الواحد فحفظ عنه ذلك وعبد الله بن مسعود لم يحفظه إنما رفع اليدين
عند افتتاح الصلاة انتهى. ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ولفظه
أحفظ وائل ونسي بن مسعود ورواه الطحاوي في شرح الآثار وزاد فيه فإن
كان رآه مرة يرفع فقد رآه خمسين مرة لا يرفع انتهى. ذكر هذا الكلام كله بن
الجوزي في التحقيق قال صاحب التنقيح قال الفقيه أبو بكر بن إسحاق هذه
علة لا يساوي سماعها لأن رفع اليدين قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن الخلفاء
الراشدين ثم عن الصحابة والتابعين وليس في نسيان بن مسعود لذلك ما يستغرب
قد نسي بن مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعد وهي المعوذتان.
527

ونسي ما لم يختلف العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة
ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في
السجود ونسي كيف كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وما خلق الذكر والأنثى وإذا جاز
على بن مسعود أن ينسى مثل هذا / في الصلاة، كيف لا يجوز مثله في رفع
اليدين وقال البخاري في كتابه - في رفع اليدين: كلام إبراهيم هذا ظن منه، لا
يرفع به رواية وائل بل أخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وكذلك رأى أصحابه غير مرة
يرفعون أيديهم، كما بينه زائدة فقال: حدثنا عاصم ثنا أبي عن وائل بن حجر أنه رأى
النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فرفع يديه في الركوع، وفي الرفع منه قال: ثم أتيتهم بعد ذلك
فرأيت الناس في زمان برد عليهم جل الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب انتهى..
وقال البيهقي في المعرفة: قال الشافعي: الأولى أن يؤخذ بقول وائل لأنه صحابي
جليل فكيف يرد حديثه بقول رجل ممن هو دونه وخصوصا، وقد رواه معه عدد
كثير انتهى.
حديث آخر أخرجه أبو داود عن شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن البراء بن عازب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب
من أذنيه ثم لا يعود انتهى. قال أبو داود رواه هشيم وخالد وابن إدريس عن
يزيد لم يذكروا فيه ثم لا يعود انتهى. قال الشيخ في الإمام واعترض عليه
بأمور: أحدها إنكار هذه الزيادة على شريك وزعموا أن جماعة رووه عن يزيد
فلم يذكروها قال الشيخ وقد توبع شريك عليها كما أخرجه الدارقطني عن
إسماعيل بن زكريا ثنا يزيد بن أبي زياد به نحوه وأنه كان تغير بآخره وصار يتلقن
واحتجوا على ذلك بأنه أنكر الزيادة كما أخرجه الدارقطني عن علي بن عاصم
528

ثنا محمد بن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن
عازب قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حتى ساوي بهما
أذنيه فقلت أخبرني بن أبي ليلى أنك قلت: ثم لم يعد قال لا أحفظ هذا ثم
عاودته فقال لا أحفظه وقال البيهقي سمعت الحاكم أبا عبد الله يقول يزيد
ابن أبي زياد كان يذكر بالحفظ فلما كبر ساء حفظه فكان يقلب الأسانيد ويزيد في
المتون ولا يميز وقال الحاكم ثم البيهقي عنه بسنده عن أحمد بن حنبل قال هذا
حديث واه قد كان يزيد بن أبي زياد يحدث به برهة من دهره فلا يذكر فيه ثم لا
يعود فلما لقن أخذه فكان يذكره فيه قال الشيخ ويزيد بن أبي زياد معدود في
أهل الصدق كوفي يكنى أبا عبد الله ذكر أبو الحارث القروي قال أبو
الحسن: يزيد بن أبي زياد جيد الحديث وذكر مسلم في مقدمة كتابه صنفا فقال
فيهم: إن الستر والصدق وتعاطي العلم يشتملهم كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي
زياد وليث بن أبي سليم الأمر الثاني المعارضة برواية إبراهيم بن يسار عن سفيان
ثنا يزيد بن أبي زياد بمكة عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن البراء بن عازب قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من
الركوع قال سفيان فلما قدمت الكوفة سمعته يقول يرفع يديه إذا افتتح الصلاة
ثم لا يعود فظننتهم لقنوه رواه الحاكم ثم البيهقي عنه قال الحاكم لا أعلم
أحدا ساق هذا المتن بهذه الزيادة عن سفيان بن عيينة غير إبراهيم بن بشار الرمادي وهو
ثقة من الطبقة الأولى من أصحاب بن عيينة جالس بن عيينة نيفا وأربعين سنة
ورواه البخاري في كتابه في رفع اليدين حدثنا الحميدي ثنا سفيان عن يزيد بن أبي
زياد بمثل لفظ الحاكم قال البخاري وكذلك رواه الحافظ من سمع يزيد قديما منهم
شعبة والثوري وزهير وليس فيه ثم لم يعد انتهى. وقال بن حبان في
كتاب الضعفاء يزيد بن أبي زياد كان صدوقا إلا أنه لما كبر تغير فكان يلقن
فيتلقن فسماع من سمع منه قبل دخوله الكوفة في أول عمره سماع صحيح وسماع
529

من سمع منه في آخر قدومه الكوفة ليس بشئ انتهى.
طريق آخر لحديث البراء أخرجه أبو داود عن وكيع عن محمد بن عبد الرحمن
ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف
انتهى. قال أبو داود هذا الحديث ليس بصحيح وكأنه ضعفه بمحمد بن أبي ليلى
وذكره البخاري في كتابه في رفع اليدين معلقا لم يصل سنده به ثم قال وإنما
روى بن أبي ليلى هذا من حفظه فأما من روى عن بن أبي ليلى من كتابه فإنما
حدث عنه عن يزيد بن أبي زياد فرجع الحديث إلى تلقين يزيد والمحفوظ ما روى عنه
الثوري وشعبة وابن عيينة قديما ليس فيه ثم لم يرفع انتهى.
وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ الوجه التاسع عشر أن يكون أحد
الروايتين لم يضطرب لفظه فترجح خبره على خبر من اضطرب لفظه لأنه يدل على
ضبطه نحو حديث بن عمر أنه عليه السلام كان يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا
رفع فإنه يروى عن بن عمر من غير وجه ولم يختلف عليه فيه فهو أولى بالمصير
من حديث البراء بن عازب أنه عليه السلام كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا
يعود لأنه يعرف بيزيد بن أبي زياد وهو قد اضطرب فيه قال سفيان بن عيينة كان
يزيد بن أبي زياد يروى هذا الحديث ولا يقول فيه ثم لا يعود ثم دخلت الكوفة
فرأيته يرويه وقد زاد فيه ثم لا يعود لقنوه فتلقن انتهى. قال البيهقي في المعرفة
ويدل على أنه تلقنها أن أصحابه القدماء لم يؤثروها قال عنه مثل سفيان الثوري
وشعبة وهشيم وزهير وغيرهم وإنما أتى بها عنه من سمع منه بآخره وكان قد
تغير واختلط وابن أبي زياد ضعفه بن معين وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عبد الرحمن عن البراء ومحمد بن أبي ليلى أضعف عند
أهل الحديث من بن أبي زياد واختلف عليه في إسناده فقيل هكذا وقيل عنه عن
الحكم بن عتيبة عن بن أبي ليلى وقيل عنه عن يزيد بن أبي زياد عن بن أبي ليلى
فعاد الحديث إلى يزيد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل كان أبي ينكر حديث الحكم.
530

وعيسى ويقول إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد وابن أبي ليلى سئ الحفظ وابن
أبي زياد ليس بالحافظ انتهى.
حديث آخر أخرجه البيهقي في الخلافيات عن عبد الله بن عون الخراز ثنا
مالك عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة
ثم لا يعود انتهى. قال البيهقي قال الحاكم هذا باطل موضوع ولا يجوز أن
يذكر إلا على سبيل القدح فقد روينا بالأسانيد الصحيحة عن مالك بخلاف هذا ولم
يذكر الدارقطني هذا في غرائب حديث مالك قال الشيخ والخراز هذا بخاء
معجمة بعدها راء مهملة آخره زاي معجمة
حديث آخر أخرجه البيهقي في الخلافيات أيضا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن محمد بن إسحاق عن الحسن بن الربيع عن حفص
ابن غياث عن محمد بن أبي يحيى عن عباد بن الزبير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح
الصلاة رفع يديه في أول الصلاة ثم لم يرفعها في شئ حتى يفرغ انتهى. قال
الشيخ في الإمام وعباد هذا تابعي فهو مرسل انتهى.
حديث آخر حديث لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن وقد تقدم الكلام
عليه
حديث آخر ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المدخل إلى معرفة الإكليل في
ذكر المجروحين تحت ترجمة جماعة وضعوا الحديث في الوقت لحاجتهم إليه قال
وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع وبعد رفع الرأس
من الركوع فقال حدثنا المسيب بن واضح ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد
عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفع يديه في الركوع فلا صلاة
له انتهى. قال الحاكم فكل من رزقه الله فهما في نوع من العلم وتأمل هذه
الأحاديث علم أنها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وهذا الحديث رواه بن
الجوزي بإسناده في الموضوعات عن محمد بن عكاشة به ثم نقل عن الدارقطني أنه
قال محمد بن عكاشة هذا كان يضع الحديث ثم رواه بن الجوزي من حديث
531

المأمون بن أحمد السلمي ثنا المسيب بن واضح عن بن المبارك عن يونس عن الزهري عن
سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له
انتهى. وكذلك رواه في كتاب التحقيق ونقل في الكتابين عن بن حبان أنه قال
مأمون هذا كان دجالا من الدجاجلة قال بن الجوزي وما أبله من وضع هذه
الأحاديث الباطلة لتقاوم بها الأحاديث الصحيحة فقد روى الرفع من الصحابة جماعة
كثيرون وسمي ستة وعشرين رجلا قال ومن لم يكن الحديث صناعته لم ينكر
عليه الاحتجاج بالأباطيل انتهى.
الآثار في ذلك: روى الطحاوي ثم البيهقي من حديث الحسن بن عياش عن
عبد الملك بن أبحر عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن الأسود قال رأيت عمر بن
الخطاب يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود قال ورأيت إبراهيم والشعبي يفعلان
ذلك قال الطحاوي فهذا عمر لم يكن يرفع يديه أيضا إلا في التكبيرة الأولى
والحديث صحيح فان مداره على الحسن بن عياش وهو ثقة حجة ذكر ذلك
يحيى بن معين عنه انتهى. واعترضه الحاكم بأن هذه رواية شاذة لا يقوم بها
حجة ولا تعارض بها الأخبار الصحيحة عن طاوس بن كيسان عن بن عمر أن عمر
كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه وروى هذا الحديث سفيان الثوري عن
الزبير بن عدي به ولم يذكر فيه لم يعد ثم رواه الحاكم وعنه البيهقي بسنده عن
سفيان عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن الأسود أن عمر كان يرفع يديه في التكبير
انتهى. قال الشيخ وما ذكره الحاكم فهو من باب
ترجيح رواية لا من باب
التضعيف وأما قوله إن سفيان لم يذكر عن الزبير بن عدي فيه لم يعد فضعيف
532

جدا لأن الذي رواه سفيان في مقدار الرفع والذي رواه الحسن بن عياش في محل
الرفع ولا تعارض بينهما ولو كانا في محل واحد لم تعارض رواية من زاد برواية
من ترك والحسن بن عياش أبو محمد هو أخو أبي بكر بن عياش قال فيه بن معين ثقة
هكذا رواه بن أبي خيثمة عنه وقال عثمان بن سعيد الدارمي الحسن وأخوه أبو
بكر بن عياش كلاهما من أهل الصدق والأمانة وقال بن معين كلاهما عندي ثقة.
أثر آخر أخرجه الطحاوي عن أبي بكر النهشلي ثنا عاصم بن كليب عن أبيه أن
عليا رضي الله عنه كان يرفع يديه في أول تكبير من الصلاة ثم لا يعود يرفع انتهى.
وهو أثر صحيح قال البخاري في كتابه في رفع اليدين وروى أبو بكر
النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا رفع يديه في أول التكبيرة ثم لم يعد
وحديث عبيد الله بن أبي رافع أصح انتهى. فجعله دون حديث عبيد الله بن أبي رافع
في الصحة وحديث بن أبي رافع صححه الترمذي وغيره وسيأتي في أحاديث
الخصوم وقال الدارقطني في علله واختلف على أبي بكر النهشلي فيه فرواه
عبد الرحيم بن سليمان عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ووهم في
رفعه وخالفه جماعة من الثقات منهم عبد الرحمن بن مهدي وموسى بن داود
وأحمد بن يونس وغيرهم فرووه عن أبي بكر النهشلي موقوفا على علي وهو
الصواب وكذلك رواه محمد بن أبان عن عاصم موقوفا انتهى. فجعله الدارقطني
موقوفا صوابا والله أعلم.
أثر آخر أخرجه البيهقي عن سواد بن مصعب عن عطية العوفي أن أبا سعيد
الخدري وابن عمر كانا يرفعان أيديهما أول ما يكبران ثم لا يعودان انتهى. قال
الحاكم: وعطية. سيئ الحال وسوار أسوأ حالا منه، وأسند البيهقي
عن البخاري أنه قال سوار بن مصعب منكر الحديث وعن بن معين أنه غير محتج
به.
أثر آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن إبراهيم النخعي قال كان
533

عبد الله بن مسعود لا يرفع يديه في شئ من الصلوات إلا في الافتتاح انتهى.
قال الطحاوي فان قالوا إن إبراهيم عن عبد الله غير متصل قيل لهم كان إبراهيم
لا يرسل عن عبد الله إلا ما صح عنده وتواترت به الرواية عنه كما أخبرنا وأسند عن
الأعمش أنه قال لإبراهيم إذا حدثتني عن عبد الله فأسند قال إذا قلت: لك قال
عبد الله فاعلم أني لم أقله حتى حدثنيه جماعة عنه وإذا قلت: لك حدثني فلان عن
عبد الله فهو الذي حدثني وحده عنه قال ومذهبنا أيضا قوي من جهة النظر
فإنهم أجمعوا أن التكبيرة الأولى معها رفع وأن التكبيرة بين السجدتين لا رفع بينهما
واختلفوا في تكبيرة الركوع وتكبيرة الرفع منه فألحقهما قوم بالتكبيرة الأولى
وألحقهما قوم بتكبيرة السجدتين ثم أنا رأينا تكبيرة الافتتاح من صلب الصلاة لا تصح
بدونها الصلاة
والتكبيرة بين السجدتين ليست بذلك ورأينا تكبيرة الركوع
والنهوض ليستا من صلب الصلاة فألحقناهما بتكبيرة السجدتين والله أعلم انتهى.
كلامه.
أحاديث الخصوم: منها حديث بن عمر أخرجه البخاري ومسلم عن سالم عن
أبيه ولفظ البخاري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى
يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع وحين يرفع رأسه من
الركوع ولا يفعل ذلك في السجود انتهى. ولفظ مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
قام للصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم كبر وإذا أراد أن يركع فعل مثل
ذلك وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود
انتهى. وقوله فيه ثم كبر ليست عند البخاري قال بن عبد البر في التمهيد
هذا الحديث أحد الأحاديث الأربعة التي رفعها سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ووقفها نافع
عن بن عمر: فمنها ما جعله من قول بن عمر.
ومنها ما جعله عن بن عمر عن عمر والقول فيها قول سالم ولم يلتفت الناس
فيها إلى نافع فهذا أحدها.
والثاني: حديث: من باع عبدا وله مال.
534

والثالث: حديث: الناس كإبل مائة.
والرابع: حديث: فيما سقت السماء والعيون العشر قال الشيخ في
الإمام وقد جاء هذا الحديث مرفوعا من جهة حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا
رفع رأسه من الركوع ومن جهة إبراهيم بن طهمان عن أيوب السختياني عن نافع به
مرفوعا أيضا رواهما البيهقي في سننه انتهى. وأخرجه البخاري عن عبد الأعلى
ابن عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر فذكره وزاد فيه وإذا قام
من الركعتين رفع يديه قال الشيخ في الإمام قال الإسماعيلي في كتابه
هكذا يقوله عبد الأعلى وأومأ إلى أنه أخطأ وقال خالفه بن
إدريس وعبد الوهاب
والمعتمر عن عبيد الله عن نافع فذكره من فعل بن عمر انتهى. وقال أبو داود
تخريج رواية عبد الأعلى هذه والصحيح أنه من قول بن عمر وليس بمرفوع
ورواه البيهقي عن عبيد الله أيضا فوقفه على بن عمر وهو الصحيح قال الشيخ
في الإمام وعن هذا جوابان أحدهما الرجوع إلى الطريقة الفقهية والأصولية في
قبول زيادة العدل الثقة إذا تفرد بها وعبد الأعلى من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم
في الصحيح الثاني أن عبد الأعلى لم ينفرد بها فان البيهقي لما ذكره في
الخلافيات قال أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الأعلى هكذا وتابعه
معتمر عن عبيد الله بن عمر نحوه ثم أخرج رواية معتمر وأخرج النسائي رواية
معتمر في سننه نحو البيهقي ثم قال وقوله إذا قام من الركعتين لم يذكره عامة
الرواة عن الزهري وعبيد الله ثقة ولعل الخطأ من غيره انتهى..
واعلم أن حديث بن عمر هذا رواه مالك في موطأه عن الزهري عن سالم عن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من
الركوع وكان لا يفعل ذلك في السجود انتهى. لم يذكر فيه الرفع في الركوع
هكذا وقع في رواية يحيى بن يحيى وتابعه على ذلك جماعة من رواة الموطأ: منهم
535

يحيى بن بكير والقعنبي وأبو مصعب وابن أبي مريم وسعيد بن عفير ورواه بن
وهب وابن القاسم ومعن بن عيسى وابن أبي أويس عن مالك فذكروا فيه الرفع
في الركوع وكذلك رواه جماعة من أصحاب الزهري عن الزهري وهو الصواب
ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر في كتاب التقصي وقال في التمهيد وذكر
جماعة من أهل العلم أن الوهم في إسقاط الرفع من الركوع إنما وقع من جهة مالك فان
جماعة حفاظا رووا عنه الوجهين جميعا انتهى. وكذلك قال الدارقطني في غرائب
مالك: إن مالكا لم يذكر في الموطأ الرفع عند الركوع وذكره في غير الموطأ
حدث به عشرون نفرا من الثقات الحفاظ منهم محمد بن الحسن الشيباني ويحيى
ابن سعيد القطان وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وابن وهب
وغيرهم ثم أخرج أحاديثهم عن عشرين رجلا قال وخالفهم جماعة من رواة
الموطأ فرووه عن مالك وليس فيه الرفع في الركوع منهم الإمام الشافعي
والقعنبي ويحيى بن يحيى ويحيى بن بكير ومعن بن عيسى وسعيد بن أبي مريم
وإسحاق الحنيني وغيرهم والله أعلم واعترض الطحاوي في شرح الآثار حديث
بن عمر هذا فقال وقد روى عن بن عمر خلاف هذا ثم أسند عن أبي بكر بن
عياش عن حصين عن مجاهد قال صليت خلف بن عمر فلم يكن يرفع يده إلا في
التكبيرة الأولى من الصلاة قال فلا يكون هذا من بن عمر إلا وقد ثبت عنده نسخ ما
رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعله قال فان قيل فقد روى طاوس عن بن عمر خلاف ما رواه
مجاهد قلنا كان هذا قبل طهور الناسخ انتهى. وأجاب البيهقي في كتاب
المعرفة فقال وحديث أبي بكر بن عياش هذا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ فذكره
بسنده ثم أسند عن البخاري أنه قال أبو بكر بن عياش اختلط بآخره وقد رواه
الربيع وليث وطاوس وسالم ونافع وأبو الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم
قالوا: رأينا بن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا رفع وكان يرويه أبو بكر بن عياش قديما عن
حصين عن إبراهيم عن بن مسعود مرسلا موقوفا أن بن مسعود كان يرفع يديه إذا
افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما بعد وهذا هو المحفوظ عن أبي بكر بن عياش والأول
خطأ فاحش لمخالفته الثقات من أصحاب بن عمر قال الحاكم كان أبو بكر بن عياش
من الحفاظ المتقنين ثم اختلط حين نسي حفظه فروى ما خولف فيه فكيف يجوز
دعوى نسخ حديث بن عمر بمثل الحديث الضعيف أو نقول إنه ترك مرة
536

للجواز إذ لا يقول بوجوبه ففعله يدل على أنه سنة وتركه يدل على أنه غير واجب
انتهى. قال الشيخ في الإمام ويزيل هذا التوهم يعنى دعوى النسخ ما رواه
البيهقي في سننه من جهة الحسن بن عبد الله بن حمدان الرقي ثنا عصمة بن
محمد الأنصاري ثنا موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
افتتح الصلاة رفع يديه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وكان لا يفعل ذلك في
السجود فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى انتهى. رواه عن أبي عبد الله
الحافظ عن جعفر بن محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن قريش بن خزيمة الهروي
عن عبد الله بن أحمد الدمجي على عن الحسن به.
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث واللفظ لمسلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من
الركوع انتهى.
حديث آخر أخرجه البخاري عن أبي عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن محمد
ابن عمرو بن عطاء قال سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة قال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه يحاذي بهما منكبيه فإذا ركع كبر
ورفع يديه حتى يحاذي منكبيه فإذا رفع كبر ورفع يديه يحاذي بهما منكبيه وفيه
ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه الحديث وفي
آخره: فقالوا جميعا صدقت وقد تقدم بتمامه في أول الباب واعترضه الطحاوي
في شرح الآثار فقال هذا الحدث لم يسمعه محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي
حميد ولا من أحد ذكر مع أبي حميد وبينهما رجل مجهول ومحمد بن عمرو
537

ذكر في الحديث أنه حضر أبا قتادة وسنه لا يحتمل ذلك فان أبا قتادة قتل قبل ذلك
بدهر طويل لأنه قتل مع علي وصلى عليه علي وقد رواه عطاف بن خالد عن محمد
ابن عمرو فجعل بينهما رجلا ثم أخرجه عن يحيى وسعيد بن أبي مريم ثنا عطاف
ابن خالد حدثني محمد بن عمرو بن عطاء حدثني رجل أنه وجد عشرة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا فذكر نحو حديث أبي عاصم سواء قال فان ذكروا
ضعف عطاف قيل لهم وأنتم أيضا تضعفون عبد الحميد بن جعفر أكثر من تضعيفكم
لعطاف مع أنكم لا تطرحون حديث عطاف كله وإنما تصححون قديمه وتتركون
حديثه هكذا ذكره بن معين في كتابه وابن أبي مريم سماعه من عطاف قديم
جدا وليس أحد يجعل هذا الحديث سماعا لمحمد بن عمرو من أبي حميد إلا
عبد الحميد وهو عندكم أضعف ثم اخرج عن عيسى بن عبد الرحمن بن مالك عن
محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس بن سهيل الساعدي وكان في
مجلس فيه أبو سهيل بن سعد الساعدي وأبو حميد وأبو هريرة وأبو أسيد
فتذاكروا الصلاة فقال أبو حميد انا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث
وليس فيه فقالوا صدقت قال وقوله فيه فقالوا جميعا صدقت ليس أحد
يقولها إلا أبو عاصم انتهى. وأجاب البيهقي في كتاب المعرفة فقال أما
تضعيفه لعبد الحميد بن جعفر فمردود بأن يحيى بن معين وثقه في جميع الروايات
عنه وكذلك أحمد بن حنبل واحتج به مسلم في صحيحه وأما ما ذكر من
انقطاعه فليس كذلك فقد حكم البخاري في تاريخه بأنه سمع أبا حميد وأبا
قتادة وابن عباس وقوله إن أبا قتادة قتل مع علي رواية شاذة رواها الشعبي
والصحيح الذي أجمع عليه أهل التاريخ أنه بقي إلى سنة أربع وخمسين ونقله
عن الترمذي والواقدي والليث وابن مندة في الصحابة وأطال فه ثم قال وإنما
اعتمد الشافعي في حديث أبو حميد برواية إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهيل عن
538

أبي حميد ومن سماه من الصحابة وأكده برواية فليح بن سليمان عن عباس بن
سهيل عنهم فالاعراض أن عن هذا والاشتغال بغيره ليس من شأن من يريد متابعة السنة
انتهى. كلامه.
حديث آخر أخرجه مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه
حين دخل في الصلاة وحين ركع وحين رفع رأسه من الركوع أخرجه مختصرا
ومطولا قال الطحاوي في شرح الآثار وحديث وائل هذا معارض بحديث بن
مسعود: أنه عليه السلام كان يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح ثم لا يعود وابن مسعود
أقدم صحبة وأفهم بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم من وائل ثم أسند عن أنس قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه وابن مسعود كان من
أولئك الذين يقربون من النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى مما جاءه من هو أبعد منه انتهى..
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة والبخاري في كتابه في رفع
اليدين عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك
إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شئ
من صلاته وهو قاعد إذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك انتهى. قال الترمذي
حديث حسن صحيح قال الشيخ في الإمام ورأيت عن علل الخلال عن
إسماعيل بن إسحاق الثقفي قال سئل أحمد عن حديث على هذا فقال صحيح
قال الشيخ وقوله فيه وإذا قام من السجدتين يعنى الركعتين انتهى. وقال النووي
في الخلاصة وقع في لفظ أبي داود السجدتين وفي لفظ الترمذي الركعتين
والمراد بالسجدتين الركعتان يدل عليه الرواية الأخرى وغلط الخطابي قوله: المراد
السجدتان لكونه لم يقف على طرق الحديث انتهى.
قال الطحاوي في شرح الآثار وقد روى عن علي خلاف هذا ثم أخرج عن
أبي بكر النهشلي ثنا عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من
الصلاة ثم لا يرفع بعده قال الطحاوي فلم يكن علي ليرى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثم
539

يتركه إلا وقد ثبت عنده نسخه قال وتضعف هذه الرواية أيضا انه روى من وجه
آخر وليس فيه الرفع ثم أخرجه عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل
عن الأعرج به ولم يذكر فيه الرفع انتهى. وقال الشيخ في الإمام قال
عثمان بن سعيد الدارمي وقد روى من طريق واهي عن علي أنه كان يرفع يديه في أول
تكبيرة من الصلاة ثم لا يعود قال وهذا ضعيف إذ لا يظن بعلي أنه يختار فعله
على فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع عند الركوع وعند
الرفع منه قال الشيخ وما قاله الدارقطني ضعيف فإنه جعل رواية الرفع مع حسن
الظن بعلي في ترك المخالفة دليلا على ضعف هذه الرواية وخصمه يعكس الأمر
ويجعل فعل على بعد الرسول صلى الله عليه وسلم دليلا على نسخ ما تقدم والله أعلم انتهى.
حديث آخر: أخرجه أبو داود عن بن لهيعة عن أبي هيبرة عن ميمون المكي أنه
رأى عبد الله بن الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم وحين يرفع وحين
يسجد وحين ينهض للقيام فيقوم فيشير بيديه فانطلقت إلى بن عباس فقلت
إني رأيت بن الزبير يصلي صلاة لم أر أحدا يصليها ووصفت له هذه الإشارة فقال
إن أحببت إن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة بن الزبير انتهى. وابن
لهيعة معروف.
حديث آخر أخرجه بن ماجة حدثنا محمد بن يسار ثنا عبد الوهاب بن عبد
المجيد الثقفي ثنا حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة وإذا
ركع انتهى. قال الشيخ في الإمام ورجاله رجال الصحيحين قال وقد
رواه البيهقي في الخلافيات من جهة بن خزيمة عن محمد بن يحيى بن فياض عن
عبد الوهاب الثقفي به وزاد فيه وإذا رفع رأسه من الركوع ورواه البخاري في
كتابه المفرد في رفع اليدين حدثنا محمد بن عبيد الله بن حوشب ثنا عبد الوهاب
به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند الركوع انتهى. قال الطحاوي وهم يضعفون
هذا ويقولون تفرد برفعه عبد الوهاب والحفاظ يوقفونه على أنس انتهى.
540

حديث آخر رواه أبو داود أخرجه بن ماجة أيضا عن إسماعيل بن عياش عن
صالح بن كيسان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه حين يفتتح الصلاة وحين يركع وحين يسجد
انتهى. قال الطحاوي وهذا لا يحتج به لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن غير
الشاميين انتهى. وأخرجه أبو داود عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن جريج
عن الزهري عن أبي بكر بن الحارث عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وزاد فيه وإذا قام
من الركعتين لا فعل مثل ذلك قال الشيخ في الإمام وهؤلاء كلهم رجال
الصحيح وقد تابع يحيى بن أيوب على هذا المتن عثمان بن الحكم الجذامي عن بن
جريج ذكره الدارقطني في علله وكذلك تابعه صالح بن أبي الأخضر عن بن
جريج رواه بن أبي حاتم في علله أيضا لكن ضعف الدارقطني الأول وأبو حاتم
الثاني قال الدارقطني وقد خالفه عبد الرزاق فرواه عن بن جريج بلفظ التكبير دون
الرفع وهو الصحيح فقال بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه صالح بن
أبي الأخضر عن أبي بكر بن الحارث قال صلى بنا أبو هريرة فكان يرفع يديه إذا
سجد وإذا نهض من الركعتين وقال إني أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أبي: هذا خطأ إنما هو كان يكبر فقط ليس فيه رفع اليدين انتهى.
وله طريق آخر عند الدارقطني في العلل أخرجه عن عمرو بن علي عن بن أبي
عدي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه كان يرفع يديه في كل
خفض ورفع ويقول أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني لم يتابع
عمرو بن علي على ذلك وغيره يرويه بلفظ التكبير وليس فيه رفع اليدين وهو
الصحيح انتهى..
حديث آخر رواه بن ماجة أيضا حدثنا محد بن يحيى ثنا أو حذيفة ثنا إبراهيم
ابن طهمان عن أبي الزبير أن جابر بن عبد الله كان إذا افتتح الصالة رفع يديه وإذا
541

ركع وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك ويقول رأيت رسول الله صلى الله وسلم فعل
مثل ذلك انتهى. قال الشيخ في الإمام وذكر بن عبد البر في التمهيد أن
الأثرم رواه عن أبي حذيفة به فلم يذكر فيه الرفع من الركوع انتهى. وأخرجه
البيهقي في الخلافيات عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر يرفع يديه إذا كبر وإذا رفع رأسه من الركوع
ثم أخرجه عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير به وفيه إذا ركع قال هكذا رواه
بن طهمان وتابعه زياد بن سوقة وهو حديث صحيح رواته عن آخرهم ثقات
انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إسحاق بن راهويه عن النضر بن
شميل عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى
الأشعري قال هل أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر ورفع يديه ثم كبر ورفع
يديه للركوع ثم قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه ثم قال هكذا فاصنعوا
ولا ترفع بين السجدتين انتهى. وأخرجه البيهقي عن محمد بن حميد الرازي عن
زيد بن الحباب عن حماد به قال الشيخ في الإمام فهاتان الروايتان مرفوعتان
ورواه بن المبارك عن حماد بن سلمة فوقفه عن أبي موسى أنه توضأ ثم قال
هلموا أريكم فكبر ورفع يديه ثم كبر ورفع يديه ثم قال هكذا فاصنعوا ولم
يرفع في السجود أخرجه البيهقي انتهى.
حديث آخر رواه البيهقي في سننه عن الحاكم بسنده عن آدم بن أبي إياس ثنا
شعبة ثنا الحكم بن عتيبة قال رأيت طاوسا كبر فرفع يديه حذو منكبيه عند التكبير
وعند ركوعه وعند رفع رأسه من الركوع فسألت رجلا من أصحابه فقال إنه
يحدث بن عن أبي عمر عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. قال البيهقي قال
الحاكم: الحديثان محفوظان أعني حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرفع وحديث
ابن عمر عن أبيه عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال الشيخ في الإمام وفي هذا
542

نظر ففي علل الخلال عن أحمد بن أثرم قال سألت أبا عبد الله يعنى أحمد بن
حنبل عن حديث شعبة عن الحكم أن طاوسا يقول عن بن عمر عن عمر عن النبي
صلى الله عليه وسلم فقال من يقول هذا عن شعبة قلت: آدم بن أبي إياس فقال ليس هذا
بشئ إنما هو عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الدارقطني هكذا رواه آدم بن أبي
إياس وعمار بن عبد الجبار المروزي عن شعبة وهما وهما فيه والمحفوظ عن بن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ وأيضا فهذه الرواية ترع إلى مجهول وهو الذي حدث
الحكم من أصحاب طاوس فان كان روى من وجه آخر متصلا عن عمر وإلا
فالمجهول لا يقوم به الحجة وهو ما أخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق بن
وهب: أخبرني حيوة بن شريح الحضرمي عن أبي عيسى سليمان بن كيسان المدني عن
عبد الله بن القاسم قال بينما الناس يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج
عليهم عمر بن الخطاب فقال أقبلوا علي بوجوهكم أصلي بكم صلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي ويأمر بها فقام مستقبل القبلة ورفع دية حتى حاذى بهما
منكبيه ثم كبر ثم ركع وكذلك حين رفع فقال للقوم هكذا كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي بنا انتهى. قال الشيخ ورجال إسناده معروفون فسليمان بن كيسان أبو
عيسى التميمي ذكره بن أبي حاتم وسمى جماعة روى عنهم وجماعة رووا عنه
ولم يعرف من حاله بشئ ء وعبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق ذكره أيضا
وذكر أنه روى عن بن عمر وابن عباس وابن الزبير وروى عن جماعة ولم يعرف
من حاله أيضا بشئ قال البخاري في كتابه في رفع اليدين وكذلك يروى
حديث الرفع عن جماعة من الصحابة منهم أبو قتادة وأبو أسيد الساعدي ومحمد
ابن مسلمة البدري وسهيل بن سعد الساعدي وعبد الله بن عمر وابن عباس
وأنس بن مالك وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير
ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث وأبو موسى الأشعري وأبو حميد الساعدي
انتهى. يعنى أنهم رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الدارقطني في غرائب مالك من
حديث خلف بن أيوب البلخي عن مالك بن أنس عن الزهري عن سالم عن أبيه عن
عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من
الركوع انتهى. قال الدارقطني هكذا قال عن عمر ولم يتابع عليه قال الشيخ:
543

وكان مراده لم يتابع عليه عن مالك والله أعلم انتهى.
الآثار في ذلك روى البخاري في كتابه المفرد في رفع اليدين حدثني
مسدد ثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال كان أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم في الصلاة انتهى. قال الشيخ في الإمام ورواه أبو عمر بن
عبد البر بإسناده إلى الأثرم حدثنا أحمد بن حنبل ثنا معاذ بن معاذ وابن أبي عدي
وغندر عن سيد عن قتادة عن الحسن قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون
أيديهم في الصلاة إذا ركعوا وإذا رفعوا كأنها المراوح انتهى. قال البخاري ولم
يستثن الحسن أحدا ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه لم يرفع يديه انتهى.
أثر آخر رواه مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو
منكبيه وإذا رفع من الركوع ورواه يحيى بن بكير عن مالك وفيه وإذا ركع
انتهى..
أثر أخر أخرجه البيهقي عن عبد الرزاق قال ما رأيت أحسن صلاة من بن
جريج رأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع إذا رفع رأسه من الركوع
وأخذ بن جريج صلاته عن عطاء بن أبي رباح وأخذ عطاء صلاته من عبد الله بن الزبير وأخذ بن
الزبير صلاته من أبي بكر الصديق انتهى. وأخرجه عن أيوب
السختياني عن عطاء بن أبي رباح نحوه وقد تقدم وقال رواته ثقات.
أثر آخر أخرجه البيهقي أيضا عن بن جريج عن الحسين بن مسلم بن يناق
قال سألت طاوسا عن رفع اليدين في الصلاة فقال رأيت عبد الله بن عباس
وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر يرفعون أيديهم إذا افتتحوا الصلاة
وإذا ركعوا وإذا رفعوا من الركوع.
544

أثر آخر أخرجه البيهقي أيضا عن راشد بن سعد عن محمد بن سهم عن سعيد بن
المسيب قال رأيت عمر بن الخطاب يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا
ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وفيه من يستضعف.
أثر آخر أخرجه البيهقي أيضا عن ليث عن عطاء قال رأيت جابر بن عبد الله
وابن عمر وأبا سعيد وابن عباس وابن الزبير وأبا هريرة يرفعون أيديهم إذا افتتحوا
الصلاة وإذا ركعوا وإذا رفعوا من الركوع وليث مستضعف وأخرجه
البخاري في كتابه في رفع اليدين عن بن عمر وابن عباس وابن الزبير وأبي
سعيد وجابر وأبي هريرة وأنس بن مالك أنهم كانوا يرفعون أيديهم قال ورويناه
عن عدة من التابعين وفقهاء مكة والمدينة وأهل العراق والشام والبصرة
واليمن وعدة من أهل خراسان منهم سعيد جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد
والقاسم بن محمد وسلام بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز والنعمان بن أبي
عياش والحسن وابن سيرين وطاوس ومكحول وعبد الله بن دينار ونافع
وعبيد الله بن عمر والحسن بن مسلم وقيس بن سعد وكذلك يروى عن أم الدرداء
أنها كانت ترفع يديها وكان بن المبارك يرفع يديه وهو أعلم أهل زمانه فيما يعرف
ولقد قال ابن المبارك صليت يوما إلا جنب النعمان فرفعت يدي فقال لي أما
خشيت أن تطير قال فقلت له إن لم أطر في لأولى لم أطر في الثانية قال
وكيع: رحم الله بن المبارك كان حاضر الجواب انتهى. كلامه وقال البيهقي وقد
روينا الرفع في الصلاة من حديث أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي
طالب وابن عمر ومالك بن الحويرث ووائل بن حجر وأبي حميد الساعدي في
عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة وأبو هريرة ومحمد بن مسلمة
وأبو أسد وسهيل بن سعد وعن أبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وجابر بن
عبد الله بأسانيد صحيحة يحتج بها قال وسمعت أبا عبد الله الحافظ يقول لا
نعلم سنة اتفق على روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة فمن بعدهم من
أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة انتهى. وقال الشيخ
في الإمام وجزم الحاكم برواية العشرة ليس عندي بجيد فان الجزم إنما يكون
حيث يثبت الحديث ويصح ولعله لا يصح عن جملة العشرة انتهى. قال البيهقي:
545

وهو كما قال أبو عبد الله فقد روى هذه السنة عن أبي بكر الصديق وعمر بن
الخطاب وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن
عوف وأبي عبيدة بن الجراح ومالك بن الحويرث وزيد بن ثابت وأبي بن كعب
وابن مسعود وأبي موسى وابن عباس والبراء بن عازب والحسين بن علي وزياد
ابن الحارث الصدائي وسهل بن سعد الساعدي وأبي سعيد الخدري وأبي قتادة
الأنصاري وسلمان الفارسي وعبد الله بن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر وبريدة
ابن الحصيب وأبي هريرة وعمار بن ياسر انتهى. قال الشيخ في الإمام
ورأيت بعد ذلك أسماء أتوقف في حكايتها إلى الكشف من نسخة أخرى منهم أبو
أمامة وعمير بن قتادة الليثي وأبو مسعود الأنصاري ومن النساء عائشة وروى عن
أعرابي آخر صحابي كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.
الحديث الأربعون: روى أن عائشة وصفت قعود رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة أنه
افترش رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى نصبا ووجه أصابعه ونحو القبلة
قلت غريب بهذا اللفظ وفي مسلم بعضه أخرجه عن أبي الجوزاء عن عائشة
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين
وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك وكان إذا رفع رأسه من
الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما وكان إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى
يستوي جالسا وكان يقول في كل ركعتين التحية إلى أن قال وكان يفرش رجله
اليسرى وينصب رجله اليمنى وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن يفرش
الرجل ذراعيه افتراش السبع وكان يختم الصلاة بالتسليم انتهى. وقال النسائي
في سننه أخبرنا قتيبة عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن
أبيه قال من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس
على اليسرى انتهى. وروى البخاري في صحيحه بلفظ إنما سنة الصلاة أن
546

تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى لم
يذكر في استقبال القبلة بالأصابع وفيه
قصة.
حديث آخر أخرجه الترمذي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر
قال قدمت المدينة قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جلس يعنى
للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ونصب رجله
اليمنى انتهى. وقال حديث حسن صحيح.
الحديث الحادي والأربعين قال في الكتاب ووضع يديه على فخذيه يعنى في
التشهد وبسط أصابعه وتشهد يروى ذلك في حديث وائل قلت: غريب وفي
مسلم وضع اليدين على الفخذين من رواية بن عمر إلا أن فيه أنه كان يقبض
أصابعه ولفظه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى
على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه
اليسرى على فخذه اليسرى.
الحديث الثاني والأربعون: عن عبد الله بن مسعود قال أخذ رسول الله صلى الله علي وسلم
بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني سورة من القرآن وقال قل التحيات لله
والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته إلى آخره
قلت أخرجه الأئمة الستة عنه واللفظ لمسلم قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد،
547

كفى بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن فقال إذا قعد أحدكم في الصلاة
فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في
السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله انتهى.
زادوا في رواية إلا الترمذي وابن ماجة ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه
فيدعو به قال الترمذي أصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد حديث أبن
مسعود والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين انتهى. ثم أخرج عن
معمر عن خصيف قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له إن الناس قد اختلفوا في التشهد
فقال عليك بتشهد بن مسعود وأخرج الطبراني في معجمه عن بشير بن
المهاجر عن بن بريرة عن أبيه قال ما سمعت في التشهد أحسن من حديث أبن
مسعود وذلك أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. وأخرج الطحاوي عن بن عمر أن أبا
بكر علمه الناس على المنبر ووافق بن مسعود في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا التشهد
جماعة من الصحابة:
فمنهم معاوية وحديثه عند الطبراني في معجمه أخرجه عن إسماعيل بن
عياش عن جرير بن عثمان عن راشد بن سعد عن معاوية بن أبي سفيان أنه كان يعلم
الناس التشهد وهو على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم التحيات لله والصلوات والطيبات
إلى آخره سواء.
ومنهم سلمان الفارسي وحديثه عند البزار في مسنده والطبراني في
معجمه أيضا أخرجاه عن سلمة بن الصلت عن عمر بن يزيد الأزدي عن أبي راشد
قال سألت سلمان الفارسي عن التشهد فقال أعلمكم كما علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
التحيات لله والصلوات والطيبات إلى آخره سواء.
ومنهم عائشة وحديثها عند البيهقي في سننه عن القاسم عنها قالت هذا
تشهد النبي صلى الله عليه وسلم التحيات لله إلى آخره قال النووي في الخلاصة: سنده
548

وجيد وفيه فائدة حسنة وهي أن تشهده عليه السلام بلفظ تشهدنا انتهى..
الحديث الثالث والأربعون: حديث تشهد بن عباس قلت: أخرجه الجماعة إلا
البخاري عن سعيد بن جبير وطاوس عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا
التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول التحيات المباركات الصلوات
الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله انتهى.
قال المصنف رحمه الله والأخذ بتشهد بن مسعود أولى لأن فيه الأمر وأقله
الاستحباب والألف واللام وهما الاستغراق وزيادة الواو وهي لتجريد
الكلام كما في القسم وتأكيد التعليم انتهى. فنقول أما الأمر وهو قوله إذا
قعد أحدكم في الصلاة فليقل فليس في تشهد بن عباس في ألفاظهم الجميع وهي
في تشهد بن مسعود وفي لفظ النسائي إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا وفي
لفظ له قولوا في كل جلسة وأما الألف واللام فان مسلما وأبا داود وابن
ماجة لم يذكروا تشهد بن عباس إلا معرفا بالألف واللام وذكره الترمذي
والنسائي مجردا سلام عليك أيها النبي سلام علينا الحديث وكأن المصنف
اعتمد على هذه الرواية وأما الواو فليست في تشهد بن عباس عند الجميع واما
التعليم فهو وأيضا في تشهد بن عباس عند الجميع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا
التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن هكذا لفظ مسلم وفي لفظ الباقين كما
يعلمنا القرآن.
وبالجملة فالمصنف ذكر أربعة أشياء ينهض له منها اثنان الأمر وزيادة الواو
وسكت عن تراجيح أخر منها أن الأئمة الستة اتفقوا عليه لفظا ومعنى وذلك نادر
وتشهد بن عباس معدود في أفراد مسلم وأعلى درجة الصحيح عند الحفاظ ما اتفق
549

عليه الشيخان ولو في أصله فكيف إذا اتفقا على لفظه ومنها إجماع العلماء على
أنه أصح حديث في الباب كما تقدم من كلام الترمذي ومنها أنه قال فيه علمني
التشهد كفى بين كفيه ولم يقل ذلك في غيره فدل على مزيد الاعتناء والاهتمام
به والله أعلم.
الأحاديث في التشهد: منها حديث أبي موسى أخرجه مسلم وأبو داود
والنسائي وابن ماجة عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى قال خطبنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال إذا صليتم فكان عند القعدة
فليكن من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السالم عليك أيها
النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله
إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وطوله مسلم.
ومنها حديث جابر أخرجه النسائي وابن ماجة عن أيمن بن نابل ثنا أبو الزبير عن
جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن بسم
الله وبالله التحيات لله والصلوات والطيبات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله
واشهد أن محمدا عبده ورسوله أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار انتهى.
ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال النووي في الخلاصة وهو مردود
فقد ضعفه جماعة من الحفاظ هم أجل من الحاكم وأتقن وممن ضعفه البخاري
والترمذي والنسائي والبيهقي قال الترمذي سألت البخاري عنه فقال هو
خطأ انتهى..
ومنها حديث عمر رواه مالك في الموطأ أخبرنا الزهري عن عروة بن الزبير
عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس
التشهد يقول قولوا التحيات لله الزاكيات لله الطيبات لله الصلوات لله
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله انتهى. وهذا إسناد
صحيح.
550

حديث في إخفاء التشهد أخرجه أبو داود والترمذي عن بن مسعود قال
من السنة أن يخفي التشهد انتهى. قال الترمذي حديث حسن ورواه الحاكم في
كتاب المستدرك وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم.
الحديث الرابع والأربعون: روى عن بن مسعود أنه قال علمني رسول الله
صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة وآخرها فإذا كان وسط الصلاة نهض إذا فرغ من
التشهد وإذا كان في آخر الصلاة دعا لنفسه بما شاء قلت: رواه أحمد في مسنده
من حديث بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد فكان يقول إذا جلس في
وسط وفي آخرها على وركه اليسرى التحيات لله إلى قوله: عبده
ورسوله قال ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده وإن كان
في اخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم انتهى.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا فرغ
أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر
ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال انتهى. زاد النسائي
والبيهقي في رواية لهما ثم يدعو لنفسه بما بداله انتهى. قال النووي في الخلاصة
إسنادهما صحيح.
الحديث الخامس والأربعون: روى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الركعتين
551

الأخريين بفاتحة الكتاب قلت: أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي قتادة عن
أبيه أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر
بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ويطيل
في الركعة الأولى مالا يطيل في الثانية وهكذا في الصبح انتهى. ورواه الباقون
إلا الترمذي.
حديث أخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن آدم ثنا مندل
العتري ثنا محمد بن إسحاق عن علي بن حيي بن خلاد عن عمه رفاعة بن رافع
الأنصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب
وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب انتهى.
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا النعمان بن أحمد
الواسطي ثنا عبد الله بن أحمد الزبيري ثنا عبيد الله بن نافع عن عثمان بن الضحاك عن
أبيه عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله قال سنة القراءة في الصلاة أن يقرأ
في الأوليين بأم القرآن وسورة وفي الأخريين بأم القرآن انتهى.
حديث آخر أخرجه الطبراني أيضا في الوسط حدثنا محمد بن عثمان بن أبي
شيبة ثنا عون بن سلام ثنا سنان بن هارون عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن وابن
552

سيرين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين بفاتحة الكتاب انتهى.
الحديث السادس والأربعون حديث وائل وعائشة في صفة الجلوس قلت:
تقدم الكلام عليهما في القعدة الأولى وأخذ بعض الجاهلين يعترض هنا على المصنف
وقال إن هذا سهو لأن المصنف لم يذكره فيما تقدم إلا عن عائشة وهذا إقدام منه
على تخطئة العلماء بجهل لأن المصنف هناك ذكر في الجلوس أشياء وعزا بعضها عن
عائشة وبعضها عن وائل وجمعها هنا بقوله وجلس في الأخيرة كما جلس في
الأولى لما روينا من حديث وائل وعائشة فإن قيل إنما أراد بذلك هيئة الجلوس
وهو: نصب اليمنى وافتراش اليسر وهذا لم يتقدم إلا عن عائشة ويدل على
ذلك قوله فيما بعد ولأنها أشق على البدن م التورك قلنا لا يمتنع أن يريد المصنف
بقوله كما جلس في الأولى عموم الحالات التي ذكرها ثم خصص في التعليل منها
هيئة الجلوس.
الحديث السابع والأربعون: روى أنه عليه السلام قعد متوركا قلت: رواه
الجماعة إلا مسلما في حديث أبي حميد الساعدي كنت أحفظكم لصلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى
وإذا جلس في الركعة الآخرة أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا ثم سلم
مختصر وفي لفظ للبخاري وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى
ونصب الأخرى وقعد على مقعدته.
وقوله في الكتاب: والحديث ضعفه الطحاوي أو يحمل على حالة الكبر
قلت قد تقدم في حديث رفع اليدين تضعيف الطحاوي لحديث أبي حميد وكلام
البيهقي معه وانتصار الشيخ تقي الدين للطحاوي مستوفى ولله الحمد.
الحديث الثامن والأربعون حديث إذا قلت: هذا أو فعلت هذا قلت
553

احتج به المصنف على عدم فريضة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد وقد تقدم وأن
أبا داود أخرجه في سننه قال الخطابي وقد اختلفوا في هذا الزيادة هل هي من
كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام بن مسعود وأدرجت في الحديث فإن صح مرفوعا
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففيه دلالة على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ليست بواجبة
انتهى.
وقال البيهقي: وقد بينه شبابة بن سوار في روايته عن زهير بن معاوية وفصل
كلام بن مسعود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن
الحسن بن الحر مفصلا مبينا وقال بن حبان بعد أن أخرج الحديث في صحيحه
في النوع الحادي والعشرين من القسم الأول بلفظ السنن وقد أوهم هذا الحديث
من لم يحكم الصناعة أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ليست بفرض فإن قوله:
إذا قلت: هذه زيادة أدرجها زهير بن معاوية في الخبر عن الحسن بن الحر وقال
ذكر بن ثوبان أن هذه الزيادة من قول بن مسعود لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأن زهيرا
أدرجه في الحديث ثم أخرجه عن بن ثوبان عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة
به سندا ومتنا وفي آخره قال بن مسعود فإذا فرغت من هذا فقد فرغت من
صلاتك فان شئت فأثبت وإن شئت فانصرف ثم أخرجه عن حسين بن علي
الجعفي عن الحسين بن الحر به وفي آخره قال الحسن وزادني محمد بن أبان بهذا
الإسناد قال فإذا قلت: هذا فان شيئا فقم قال ومحمد بن أبان ضعيف قد
تبرأنا من عهدته في كتاب الضعفاء انتهى..
وقال الدارقطني في سننه بعد أن أخرج الحديث هكذا: أدرجه بعضهم في
الحديث عن زهير ووصله بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وفصله شبابة عن زهير فجعله من كلام
ابن مسعود وهو أشبه بالصواب فان بن ثوبان رواه عن الحسن بن الحر كذلك،
554

وجعل آخره من قول بن مسعود ولاتفاق حسين الجعفي وابن عجلان ومحمد بن
أبان في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكره في آخر الحديث مع اتفاق كل من
روى التشهد عن علقمة وغيره عن بن مسعود على ذلك ثم ساق جميع ذلك
بالأسانيد وفي آخره قال بن مسعود إذا فرغت من هذا إلى آخره.
أحاديث الخصوم: اخرج أبو داود والترمذي والنسائي في سننهم عن حيوة
ابن شريح المصري عن أبي هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك الجنبي عن
فضالة بن عبيد قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم
يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجل هذا ثم دعاه فقال له أو
لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله عز وجل والثناء عليه ثم ليصل على
النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد الثناء انتهى. قال الترمذي هذا حديث صحيح انتهى.
ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك وقال
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه ولا أعلم له علة انتهى.
حديث آخر استدل به بعضهم على وجوبه أيضا أخرجه بن خزيمة ثم بن
حبان في صحيحيهما عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبي مسعود الأنصاري قال أقبل
رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال يا رسول الله أما
السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا قال
فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله ثم قال إذا صليتم على
فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما
باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد انتهى. ورواه
الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه بذكر النبي
صلى الله عليه وسلم في الصلاة انتهى. ورواه الدارقطني في سننه وقال إسناده حسن متصل،
555

انتهى. قال بعضهم وقوله إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا زيادة تفرد بها بن
إسحاق وهو صدوق وقد صرح بالتحديث فزال ما يخاف من تدليسه انتهى.
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه في الطهارة عن عبد المهيمن بن
عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لم يصل
على النبي صلى الله عليه وسلم ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار انتهى. ورواه الحاكم في
المستدرك وقال إنه حديث ليس على شرطهما فإنهما لم يخرجا عبد
المهيمن انتهى. ورواه الدارقطني في سننه وقال عبد المهيمن ليس
بالقوي وقال بن حبان لا يحتج به وأخرجه الطبراني عن أبي بن عباس بن
سهل بن سعد عن أبيه عن جده مرفوعا بنحوه سواء وحديث عبد المهيمن أشبه
بالصواب مع أن جماعة تكلموا في أبي بن عباس منهم الإمام أحمد والنسائي
وابن معين والعقيلي والدولابي.
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن أبي مسعود
الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يصل على فيها ولا على أهل
بيتي لم تقبل منه انتهى. قال الدارقطني جابر الجعفي ضعيف وقد اختلف عليه
فيه فوقفه تارة ورفعه أخرى وقال في العلل وقد رواه عمرو بن شمر عن
جابر الجعفي عن محمد بن علي عن جابر عن بن عبد الله من قوله: قال ولاختلاف من
الجعفي وليس بثقة انتهى. وقال في السنن جابر الجعفي ضعيف وقد اختلف
عليه فيه فرفعه مرة ووقفه أخرى ثم أخرجه عن جابر عن أبي جعفر عن أبي
مسعود من قوله: ما صليت صلاة لا أصلي فيها على محمد إلا ظننت أن صلاتي لم
تتم انتهى.
556

حديث آخر: أخرجه البيهقي عن يحيى بن السباق عن رجل من بني الحارث عن بن
مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا تشهد أحدكم فس الصلاة فليقل اللهم صل
على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد ما وعلى آل محمد وارحم محمدا
وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك
حميد مجيد انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك وقال إسناده صحيح مهمل
انتهى. وهذا فيه رجل مجهول والله أعلم قال القاضي عياض في الشفا وقد
شذ الشافعي فقال من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير فصلاته فاسدة
وعليه الإعادة ولا سلف له في هذا القول ولا سنة يتبعها وقد أنكر عليه هذه المسألة
جماعة وشنعوا عليه منهم الطبري والقشيري وخالفه من أهل مذهبه الخطابي وقال
لا أعلم له فيها قدوة وقد شنع الناس عليه هذه المسألة جدا فهذا تشهد بن مسعود الذي
علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياه ليس فيه الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك من روى التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم كأبي هريرة وبن عباس وجابر وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي
موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير لم يذكروا فيه ذلك وقد قال بن عباس وجابر
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ونحوه عن أبي سعيد
وقال بن عمر كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما يعلمون الصبيان في الكتاب
وعلمه أيضا على المنبر عمر بن الخطاب وأما ما في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن
لم يصل على فحديث ضعفه أهل الحديث كلهم وعلى تقدير صحته فقال بن
القصار معناه كاملة أو لمن لم يصل على مرة في عمره وكذلك ما جاء في حديث أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم
يصل على فيها وعلى أهل بيتي لم تقبل منه انتهى. ورأيت في بعض تصانيف الحنابلة
من أهل عصرنا وقال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ثلاثة من الصحابة
ابن مسعود وأبو مسعود وجابر بن عبد الله وعن ثلاثة من التابعين أبي جعفر الباقر
والشعبي ومقاتل بن حيان انتهى. ولم يعزه لأحد.
الحديث التاسع والأربعون قال في الكتاب ودعا بما يشبه ألفاظ القرآن والأدعية
557

المأثورة لما روينا من حديث بن مسعود وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ثم اختر من الدعاء أطيبه
وأعجبه إليك قلت: كأنه يشير إلى لا الحديث المتقدم عن أبي مسعود علمني رسول
الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة وآخرها فإذا كان وسط الصلاة نهض إذا فرغ من
التشهد وإذا كان آخر الصلاة دعا لنفسه بما شاء وقد قدمنا أن هذا الحديث عند أحمد
وقد قدمنا في تشهد بن مسعود ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به وفي رواية
ثم يتخير من المسألة ما شاء وليس في هذا كله دليل للمصنف على ما ذكره من ألفاظ
القرآن والسنة وخصوصا عند البخاري ثم ليتخير بعد من الكلام ما شاء ذكره في
الدعوات وفي الاستيذان ثم قول المصنف بعد وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ثم اختر من
الدعاء إلى آخره إن كان هذا من تتمة حديث بن مسعود فيكون أراد بحديث بن
مسعود تشهد بن مسعود وإن كان كلاما مستأنفا مقطوعا عن حديث بن مسعود
فيكون أراد بحديث بن مسعود قوله: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط
الصلاة إلى آخره وأراد بالآخر حديث التشهد وهذا يترجح بأنهما حديثان ولكن
الأول أظهر بل الحديثان حجة للشافعي في إباحة الدعاء بكلام الناس نحو اللهم
زوجني امرأة حسناء وأعطني بستانا أنيقا ولكن المانعون يحملون ذلك على الدعاء
المأثور ولو استدل صاحب الكتاب بحديث إن صلاتنا لا يصلح فيها شئ من كلام
الناس لكان أصوب ولعله سقط من النسخ.
قيل: قوله لما روينا من حديث بن مسعود إلى آخره قال الشافعي يصح الدعاء
في الصلاة لكل ما يصح خارج الصلاة وبحديث بن مسعود هذا استدل النووي لمذهبه
واستدل البيهقي بحديث بن عباس رواه مسلم في الصلاة عنه قال كشف
رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة وهو معصوب الرأس في مرضه الذي مات فيه والناس
صفوف خلف أبي بكر فقال اللهم هل بلغت ثلاث مرات أيها الناس إنه لم
يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المؤمنون أو ترى له ألا وإني قد نهيت أن
558

أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا
فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم انتهى. وبحديث حذيفة أيضا أنه صلى مع
النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه سبحان ربي الأعلى وما مر بآية رحمة إلا وقف
عندها فسأل ولا مر بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ انتهى. وعزاه لمسلم
وينظر.
حديث آخر: أخرجه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقرب ما يكون
العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم انتهى.
قال البيهقي في المعرفة وادعى الطحاوي نسخ هذه الأحاديث بحديث عقبة بن
عامر قال لما نزلت فسبح اسم ربك العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في
ركوعكم ولما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها في سجودكم وقال
يجوز أن يكون سبح اسم ربك الأعلى أنزلت عليه بعد ذلك قال وهذا كلام
بارد فان حديث بن عباس إنما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين والناس صفوف خلف
أبي بكر وهو اليوم الذي توفي فيه كما دل عليه حديث أنس ونزول سبح قبل
ذلك بدهر طويل كما دلت عليه الأحاديث منها حديث البراء بن عازب الطويل في
الهجرة وفيه فما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حفظت سبح اسم ربك الأعلى في
سور من المفصل وحديث معاذ في قصة من خرج من صلاته حين افتتح سورة البقرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ سبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحها وحديث
النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك
الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية وعن سمرة بن جندب نحوه ومن العجب أنه
في حديث معاذ في مسألة المفترض خلف المتطوع حمله على أنه كان في أول الإسلام
حين كانت الفريضة تصلى في اليوم مرتين فجعل نزول سبح اسم ربك الأعلى
هناك في أول الإسلام وهنا جعله في اليوم الذي توفى فيه عليه السلام فقد ادعى نسخ
ما ورد في حديث بن عباس بما نزل قبله بدهر طويل هذا شأن من يسوى الأحاديث
على مذهبه والمشهور بين أهل التفسير أن سورة سبح اسم ربك الأعلى وسورة
الواقعة والحاقة اللتين فيهما فسبح باسم ربك العظيم أو نزلن بمكة والله أعلم
انتهى. كلامه
قوله والفرض المروي في التشهد هو التقدير قلت: روى النسائي في باب
559

إيجاب التشهد من سننه أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن بن أبو عبيد الله المخزومي ثنا سفيان عن
الأعمش ومنصور عن شقيق بن سلمة عن بن مسعود قال كنا نقول في الصلاة قبل
أن يفرض التشهد السلام على الله السلام على جبرائيل وميكائيل فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هكذا فان الله عز وجل هو السلام ولكن قولوا التحيات لله
والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
انتهى. وهذا الحديث وإن كان في الكتب الست لكن لم يذكره بلفظ يفرض إلا
النسائي فلفظ البخاري قال كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا السلام
على الله ولفظ مسلم قال كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام على
الله ولفظ أبي داود كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظ بن ماجة ورواية
للنسائي كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله الحديث وبلفظ
النسائي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وقالا إسنادهما صحيح قال النووي
في الخلاصة وبهذه الرواية احتج أصحابنا على أن التشهد الأخير فرض انتهى.
الحديث الخمسون: روى بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه حتى يرى
بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر قلت أخرجه
أصحاب السنن الأربعة واللفظ للنسائي عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود وأبي
الأحوص قالوا ثلاثتهم ثنا بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام
عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره السلام عليكم
ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر انتهى. قال الترمذي حديث حسن
صحيح وهذا اللفظ أقرب إلى لفظ المصنف ولفظ أبي داود وابن ماجة فيه عن
560

أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمنيه وعن
شماله حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم
ورحمة الله وهو لفظ الترمذي إلا أنه ترك حتى يرى بياض خده ورواه بن
حبان في صحيحه من حديث الشعبي عن مسروق عن بن مسعود قال لم أنس
تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمنه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وكأني
أنظر إلى بياض خده صلى الله عليه وسلم انتهى.
ورواه مسلم بلفظ آخر أخرجه عن أبي معمر أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين
فقال عبد الله بن مسعود: أني علقها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله انتهى.
حديث آخر أخرجه بلفظ آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي
وقاص قال كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض
خده انتهى.
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن فضالة بن الفضل ثنا أبو بكر بن
عياش عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار بن ياسر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
سلم عن يمينه يرى بياض خده الأيمن وإذا سلم عن يسره يرى بياض خده الأيسر
وكان تسليمه السلام عليكم ورحمة الله انتهى. وفضالة بن الفضل قال فيه
أبو حاتم: صدوق ورواه بن ماجة في سننه حدثنا علي بن محمد ثنا يحيى بن آدم ثنا
أبو بكر بن عياش به وما وجدت بن عساكر ذكره في الأطراف لكن ذكره في
ترجمة صلة بن زفر عن حذيفة ووجدت صاحب التنقيح عزاه لابن ماجة من
حديث حذيفة ثم قال ويوجد في بعض النسخ عوض حذيفة عمار بن ياسر.
561

وهو وهم انتهى. وهذا الدارقطني ذكره عن عمار.
حديث آخر رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن ملازم بن
عمرو حدثني هودة بن قيس بن طلق عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم
عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيمن وبياض خده الأيسر انتهى.
حديث آخر أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا إبراهيم بن
محمد الأسلمي عن إسحاق بن عبد الله عن عبد الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمنه ويساره حتى يرى خداه انتهى.
أحاديث التسليمتين: فيه ما تقدم من الأحاديث ومنها حديث جابر بن سمرة قال
كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمنا السلام عليكم السلام عليكم يشير أحدنا
بيده عن يمينه وشماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال الذين يومئون بأيدهم في الصلاة
كأنها أذناب خيل شمس إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن
يمينه عليه وشماله انتهى. رواه مسلم.
حديث آخر أخرجه أبو داود عن وائل بن حجر قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم
فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن شماله السلام عليكم
ورحمة الله انتهى. قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح.
حديث أخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة ثنا أبو بكر
ابن عياش عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي موسى قال صلى بنا علي يوم
الجمل صلاة ذكرتنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإما أن نكون نسيناها وإما أن نكون
تركناها فسلم على يمينه وعلى شماله انتهى. وسنده صحيح.
562

حديث آخر: أخرجه الدارقطني في سننه عن حريث بن أبي مطر عن الشعبي
عن البراء بن عازب أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين انتهى. وحريث تكلم فيه
البخاري وأبو حاتم والفلاس وابن معين وتركه النسائي والأزدي.
حديث آخر: أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا مسلم بن
خالد وعبد المجيد عن بن جريج عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان
عن عمه واسع بن حبان عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره
انتهى..
أحاديث التسليمة الواحدة: أخرج الترمذي وابن ماجة عن زهير بن محمد عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة
تلقاء وجهه انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين قال
صاحب التنقيح وزهير بن محمد وإن كان من رجال الصحيحين ولكن له مناكير
وهذا الحديث منها قال أبو حاتم هو حديث منكر وقال الطحاوي في شرح الآثار
وزهير بن محمد وإن كان ثقة لكن عمرو بن أبي سلمة يضعفه قاله بن معين
والحديث أصله الوقف على عائشة هكذا رواه الحفاظ انتهى. وقال بن عبد البر
في التمهيد لم يرفعه إلا زهير بن محمد وحده وهو ضعيف عند الجميع كثير
الخطأ لا يحتج به انتهى. وقال النووي في الخلاصة هو حديث ضعيف ولا يقبل
تصحيح الحاكم له وليس في الاقتصار على تسليمة واحدة شئ ثابت انتهى.
حديث آخر: أخرجه بن ماجة عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه عن جده سهل بن
سعد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمه واحدة لا يزيد عليها انتهى. قال
الدارقطني: عبد المهيمن هذا ليس بالقوي وقال بن حبان بطل الاحتجاج به
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن يحيى بن راشد عن يزيد مولى سلمة عن
563

سلمة عن الأكوع قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسلم مرة واحدة انتهى.
ويحيى بن راشد قال بن معين ليس بشئ وقال النسائي ضعيف
حديث آخر: رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا علي
ابن حماد ثنا أبو المثنى العنبري ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الجمحي ثنا عبد الوهاب بن
عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة انتهى.
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن عطاء بن أبي ميمونة حدثني أبي
وحفص عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة قبل
وجهه وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن عدي قال وعطاء ضعيف
قدري وفيه الحسن عن سمرة.
قوله ولا ينوي الملائكة عددا محصورا لأن الأخبار في عددهم قد اختلفت
فأشبه الإيمان بالأنبياء عليهم السلام قلت: روى مسلم في صحيحه من حديث سالم
ابن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من
أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإياك يا رسول الله؟
564

قال: وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم انتهى.
حديث آخر: روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن يحيى ثنا
عثمان بن منظر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به قد مات
أفتأذن أن نصعد إلى السماء فيقول الله سمائي مملوء بها ملائكتي يسبحوني
فيقولان أفنقيم في الأرض فيقول أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني فيقولان
فأين فيقول مقوما على قبر عبدي فاحمداني وسبحاني وكبراني وهللاني واكتبا ذلك
لعبدي حتى أبعثه انتهى.
حديث آخر: أخرج البيهقي في شعب الإيمان في باب الحياء وهو الباب
الرابع والخمسون عن عبادة البصري عن جده أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يستحي أحدكم من ملكيه الذين معه كما يستحي من رجلين
من صالحي جيرانه وهما معه بالليل والنهار انتهى. ثم قال وإسناده ضعيف وله
شاهد ضعيف ثم أخرج عن ليث بن أبي سليم عن محمد بن عمرو عن أبيه عن زيد بن
ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أنهكم عن التعري إن معكم من لا يفارقكم في
نوم ولا يقظة إلا حين يأتي أحدكم أهله أو حين يأتي خلاه ألا فاستحيوهما ألا
فأكرموهما انتهى.
حديث آخر: أخرجه الطبراني في معجمه عن عفير بن معدان وهو ضعيف
عن سليم بن عامر عن أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بالمؤمن مائة وستون
ملكا يذبون عنه ما لم يقدر له من ذلك البصر عليه سبعة أملاك يذبون عنه كما
يذب عن قصعة العسل الذباب في اليوم الصائف ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين
لاختطفته الشياطين انتهى.
حديث آخر: رواه الطبراني في تفسيره عند قوله: تعالى له معقبات من بين
565

يديه حدثني المثنى ثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري ثنا على بن جرير عن
حماد بن سلمة عن عبد الحميد بن جعفر عن كنانة العدوي قال دخل عثمان بن عفان
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه ملك فقال
على يمينك ملك على حسناتك وهو أمين على الملك الذي على الشمال فإذا عملت
حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين أكتب
فيقول له: لا لعله يستغفر الله ويتوب فإذا قال ثلاثا قال نعم اكتب أراحنا الله منه
فبئس القرين ما أقل مراقبته لله وأقل استحياؤه منا يقول الله ما يلفظ من قول إلا
لديه رقيب عتيد وملكان من بين يديه ومن خلفك يقول الله له معقبات من بين
يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله
رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا
الصلاة على محمد وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان
على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل بن آدم يتبدلون ملائكة الليل على ملائكة
النهار لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي
وإبليس بالنهار وولده بالليل انتهى.
الحديث الحادي والخمسون: حديث تحريمها التكبير وتحليلها التسليم قلت:
تقدم أول الباب والمصنف هنا استدل به للشافعي على فريضة السلام ووجه الدليل منه
أنه لما قال تحريمها التكبير كان لا يصح الدخول في الصلاة إلا بالتكبير فكذلك
قوله وتحليله التسليم أي لا يخرج من الصلاة إلا به.
وأجاب الطحاوي في شرح الآثار فقال إن الدخول في الأشياء المأمور بها لا
تصح إلا من حيث أمر به وأما الخروج منها فقد يصح بغير ما أمر به كما في النكاح
والطلاق فإنه لما نهى أن يعقد على المرأة وهي في عدة الغير حتى لو عقد عليها كان
العقد فاسدا وأمر أن لا يخرج منها إلا بطلاق لا إثم فيه ولو طلقها ثلاثا أو هي
حائض صخ ولزمه مع أنه خرج من حيث نهى عنه قال وهذا علي بن أبي طالب
الذي روى حديث تحريمها التكبير روى عنه ما يدل على أن السلام غير فرض ثم
روى من طريق أبي عوانة عن الحكم عن عاصم بن ضمرة عن علي قال إذا رفع رأسه
من آخر سجدة فقد تمت صلاته انتهى. فدل ذلك على أن الصلاة عنده تتم بدون
566

التسليم قال ومما يدل لمذهبنا أن التسليم غير فرض ما أخبرنا ربيع الجيزي ثنا أبو زرعة
وهب الله بن راشد أنبأنا حيرة عن محمد بن عجلان أن زيد بن أسلم حدثه عن عطاء بن
يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا
صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على اليقين ويدع الشك فان كانت صلاته نقصت فقد أتمها
والسجدتان يرغمان الشيطان وان كانت صلاته تامة كان ما زاد والسجدتان له
نافلة انتهى.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا أبن وهب أخبرني هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم به
نحوه قال فقد جعل الركعة الزائدة مع سجدتي السهو تطوعا فدل على أن التسليم
سنة لا فرض انتهى. وحديث أبي سعيد هذا رواه مسلم في صحيحه وليس فيه
زيادة الطحاوي.
حديث آخر: فد يستأنس لمذهبنا بحديث عبد الله بن بحينة أخرجه البخاري
ومسلم عنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم
يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته وفي لفظ فلما أتم صلاته وانتظرنا
تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم انتهى. فسماه قضاءا
وتماما قبل السلام.
حديث آخر: حديث عبد الله بن عمر وإذا أحدث الإمام قبل أن يتكلم فقد تمت
صلاته وسيأتي في باب الحدث في الصلاة.
الحديث الثاني والخمسون: حديث بن مسعود إذا قلت: هذا أو فعلت هذا فقد
تمت صلاتك تقدم غير مرة.
567