الكتاب: الإنصاف
المؤلف: المرداوي
الجزء: ٧
الوفاة: ٨٨٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد حامد الفقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٧ شعبان ١٣٧٦ هـ - ١٩ مارس ١٩٥٧ م
المطبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
ردمك:
ملاحظات: الطبعة الأولى على نسخة بخط المؤلف / اعادة طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان / مطبعة السنة المحمدية / ١٧ شارع شريف باشا الكبير - القاهرة - ت ٧٩٠١٧

الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل
تأليف شيخ الإسلام العلامة الفقيه المحقق
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي
الحنبلي تغمده الله برحمته
صححه وحققه
محمد حامد الفقي
الجزء السابع
الطبعة الأولى
على نسخة بخط المؤلف
حقوق الطبع محفوظة
17 شعبان 1376 ه‍ - 19 مارس 1957 م
إعادة طبعة
دار احياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

مطبعة السنة المحمدية
17 شارع شريف باشا الكبير - القاهرة
ت 79017
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الوقف
قوله (وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة).
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والفائق وغيرهم.
قال الزركشي وأراد من حد بهذا الحد مع شروطه المعتبرة وأدخل غيرهم الشروط في الحد انتهى.
وقال في المطلع وحد المصنف لم يجمع شروط الوقف وحده غيره فقال تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف في رقبته يصرف ريعه إلى جهة بر تقربا إلى الله تعالى انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وأقرب الحدود في الوقف أنه كل عين تجوز عاريتها.
فأدخل في حده أشياء كثيرة لا يجوز وقفها عند الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب يأتي حكمها.
قوله (وفيه روايتان إحداهما أنه يحصل بالقول والفعل الدال عليه).
كما مثل به المصنف وهذا المذهب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
قال الحارثي مذهب أبي عبد الله رحمه الله انعقاد الوقف به وعليه الأصحاب انتهى.
وجزم به في الجامع الصغير ورؤوس المسائل للقاضي ورؤوس المسائل
3

لأبي الخطاب والكافي والعمدة والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
والرواية الأخرى لا يصح إلا بالقول وحده كما مثل المصنف ذكرها القاضي في المجرد واختاره أبو محمد الجوزي.
ومنع المصنف دلالتها وجعل المذهب رواية واحدة وكذلك الحارثي.
فائدة قال في المطلع السقاية بكسر السين الذي يتخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها عن بن عباد قال والمراد هنا بالسقاية البيت المبني لقضاء حاجة الإنسان سمي بذلك تشبيها بذلك.
قال ولم أره منصوصا عليه في شيء من كتب اللغة والغريب إلا بمعنى موضع الشراب وبمعنى الصواع انتهى.
قال الحارثي أراد بالسقاية موضع التطهر وقضاء الحاجة بقيد وجود الماء قال ولم أجد ذلك في كتب اللغويين وإنما هي عندهم مقولة بالاشتراك على الإناء الذي يسقى به وعلى موضع السقي أي المكان المتخذ به الماء غير أن هذا يقرب ما أراد المصنف بقوله وشرعها أي فتح بابها وقد يريد به معنى الورود انتهى.
قلت لعله أراد أعم مما قالا فيدخل في كلامه لو وقف خابية للماء على الطريق ونحوه وبنى عليها ويكون ذلك تسبيلا له وقد صرح بذلك المصنف في المغنى وغيره.
قال الزركشي لو وقف سقاية ملك الشرب منها لكن يرد على ذلك قوله ويشرعها لهم.
تنبيه قوله (مثل أن يبني مسجدا).
أي يبنى بنيانا على هيئة المسجد.
(ويأذن للناس في الصلاة فيه.
4

أي إذنا عاما لأن الإذن الخاص قد يقع على غير الموقوف فلا يفيد دلالة الوقف قاله الحارثي.
قوله (وصريحه وقفت وحبست وسبلت).
وقفت وحبست صريح في الوقف بلا نزاع وهما مترادفان على معنى الاشتراك في الرقبة عن التصرفات المزيلة للملك.
وأما سبلت فصريحة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الحارثي والصحيح أنه ليس صريحا لقوله عليه الصلاة والسلام حبس الأصل وسبل الثمرة.
غاير بين معنى التحبيس والتسبيل فامتنع كون أحدهما صريحا في الآخر.
وقد علم كون الوقف هو الإمساك في الرقبة عن أسباب التملكات والتسبيل إطلاق التمليك فكيف يكون صريحا في الوقف انتهى.
قوله (وكنايته تصدقت وحرمت وأبدت).
أما تصدقت وحرمت فكناية فيه بلا خلاف أعلمه.
وأما أبدت فالصحيح من المذهب أنها من ألفاظ الكناية وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الأكثر.
وذكر أبو الفرج أن أبدت صريح فيه.
قوله (فلا يصح الوقف بالكناية إلا أن ينويه) بلا نزاع.
(أو يقرن بها أحد الألفاظ الباقية).
يعني الألفاظ الخمسة من الصريح والكناية.
أو حكم الوقف فيقول تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة
5

أو مسبلة أو محرمة أو مؤبدة أو لاتباع ولا توهب ولا تورث.
وهذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وذكر أبو الفرج أن قوله صدقة موقوفة أو مؤبدة أو لا يباع كناية.
وقال الحارثي إضافة التسبيل بمجرده إلى الصدقة لا يفيد زوال الاشتراك فإن التسبيل إنما يفيد ما تفيده الصدقة أو بعضه فلا يفيد معنى زائدا.
وكذا لو اقتصر على إضافة التأبيد إلى التحريم لا يفيد الوقف لأن التأبيد قد يريد به دوام التحريم فلا يخلص اللفظ عن الاشتراك قال وهذا الصحيح انتهى.
وقد قال المصنف والشارح وغيرهما لو جعل علو بيته أو سفله مسجدا صح وكذا لو جعل وسط داره مسجدا ولم يذكر الاستطراق صح كالبيع.
قال في الفروع فيتوجه منه الاكتفاء بلفظ يشعر بالمقصود وهو أظهر على أصلنا فيصح جعلت هذا للمسجد أو في المسجد ونحوه وهو ظاهر نصوصه.
وصحح في رواية يعقوب وقف من قال قريتي التي بالثغر لموالي الذين به ولأولادهم قاله شيخنا.
وقال إذا قال واحد أو جماعة جعلنا هذا المكان مسجدا أو وقفا صار مسجدا ووقفا بذلك وإن لم يكملوا عمارته.
وإذا قال كل منهم جعلت ملكي للمسجد أو في المسجد ونحو ذلك صار بذلك حقا للمسجد انتهى
6

فائدتان
إحداهما إذا قال تصدقت بأرضي على فلانا وذكر معينا أو معينين والنظر لي أيام حياتي أو لفلان ثم من بعده لفلان كان مفيدا للوقف وكذا لو قال تصدقت به على فلان ثم من بعده على ولده أو على فلان أو تصدقت به على قبيلة كذا أو طائفة كذا كان مفيدا للوقف لأن ذلك لا يستعمل فيما عداه فالشركة منتفية.
الثانية لو قال تصدقت بداري على فلان ثم قال بعد ذلك أردت الوقف ولم يصدقه فلان لم يقبل قول المتصدق في الحكم لأنه مخالف للظاهر.
قلت فيعايي بها.
قوله (ولا يصح إلا بشروط أربعة أحدها أن يكون في عين يجوز بيعها ويمكن الانتفاع بها دائما مع بقاء عينها).
يعني في العرف كالإجارة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
واعتبر أبو محمد الجوزي بقاء متطاولا أدناه عمر الحيوان.
قوله (كالعقار والحيوان والأثاث والسلاح).
أما وقف غير المنقول فيصح بلا نزاع.
وأما وقف المنقول كالحيوان والأثاث والسلاح ونحوها.
فالصحيح من المذهب صحة وقفها وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه لا يصح وقف غير العقار نص عليه في رواية الأثرم وحنبل.
ومنع الحارثي دلالة هذه الرواية وجعل المذهب رواية واحدة.
ونقل المروذي لا يجوز وقف السلاح ذكره أبو بكر.
وقال في الإرشاد لا يصح وقف الثياب
7

قوله (ويصح وقف المشاع).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة.
وفي طريقة بعض الأصحاب ويتوجه من عدم صحة إجارة المشاع عدم صحة وقفه.
فائدة قال في الفروع يتوجه أن المشاع لو وقفه مسجدا ثبت فيه حكم المسجد في الحال فيمنع من الجنب ثم القسمة متعينة هنا لتعينها طريقا للانتفاع بالموقوف انتهى.
وكذا ذكره بن الصلاح.
قوله (ويصح وقف الحلى للبس والعارية).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف وغيره هذا المذهب.
قال الحارثي هذا الصحيح.
وذكره صاحب التلخيص عن عامة الأصحاب.
واختاره القاضي وأبو الخطاب وبن عقيل والمصنف والشارح في آخرين ونقلها الخرقي وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع في الحلى وغيره.
وعنه لا يصح اختاره بن أبي موسى ذكره الحارثي وتأولها القاضي وبن عقيل.
قال في التلخيص وهذه الرواية مبنية على ما حكيناه عنه في المنع في وقف المنقول وأطلقهما في الرعاية.
فائدة لو أطلق وقف الحلى لم يصح قطع به في الفائق.
قلت لو قيل بالصحة ويصرف إلى اللبس والعارية لكان متجها وله نظائر
8

قوله (ولا يصح وقف غير معين كأحد هذين).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقال في التلخيص ويحتمل أن يصح كالعتق.
ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله فيمن وقف دارا ولم يحدها قال يصح وإن لم يحدها إذا كانت معروفة اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فعلى الصحة يخرج المبهم بالقرعة قاله الحارثي وصاحب الرعاية وغيرهما.
قوله (ولا يصح وقف مالا يجوز بيعه كأم الولد والكلب).
أما أم الولد فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أنه لا يصح وقفها قطع به في المغنى والشرح وشرح الحارثي والفروع وغيرهم.
وقيل يصح قاله في الفائق.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قلت فلعل مراد القائل بذلك إذا قيل بجواز بيعها أو أنه يصح ما دام سيدها حيا على قول يأتي.
ثم وجدت صاحب الرعاية الكبرى قال وفي أم الولد وجهان.
قلت إن صح بيعها صح وقفها وإلا فلا انتهى.
لكن ينبغي على هذا أن يصح وقفها قولا واحدا.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يصح وقف منافع أم الولد في حياته.
فائدتان
إحداها قال الحارثي المكاتب إن قيل بمنع بيعه فكأم الولد.
وإن قيل بالجواز كما هو المذهب فمقتضى ذلك صحة وقفه ولكن إذا أدى هل يبطل الوقف يحتاج إلى نظر انتهى.
الثانية حكم وقف المدبر حكم بيعه على ما يأتي في بابه ذكره في الرعايتين والزركشي وغيرهم.
9

وأما الكلب فالصحيح من المذهب أنه لا يصح وقفه وعليه الأصحاب لأنه لا يصح بيعه.
وقال الحارثي في شرحه وقد تخرج الصحة من جواز إعارة الكلب المعلم كما خرج جواز الإجارة لحصول نقل المنفعة والمنفعة مستحقة بغير إشكال فجاز أن تنقل.
قال والصحيح اختصاص النهى عن البيع بما عدا كلب الصيد بدليل رواية حماد بن سلمة عن بن الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب الصيد والإسناد جيد فيصح وقف المعلم لأن بيعه جائز.
وفي معناه جوارح الطير وسباع البهائم الصيادة يصح وقفها ويجوز بيعها بخلاف غير الصيادة.
ومر في المذهب رواية بامتناع بيعها أعنى الصيادة فيمتنع وقفها والأول أصح انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يصح وقف الكلب المعلم والجوارح المعلمة وما لا يقدر على تسليمه.
قوله (ولا مالا ينتفع به مع بقائه دائما كالأثمان).
إذا وقف الأثمان فلا يخلو إما أن يقفها للتحلي والوزن أو غير ذلك.
فإن وقفها للتحلي والوزن فالصحيح من المذهب أنه لا يصح ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وهو ظاهر ما قدمه في المغنى والشرح.
قال الحارثي وعدم الصحة أصح.
وقيل يصح قياسا على الإجارة.
قال في التلخيص إن وقفها للزينة بها فقياس قولنا في الإجارة أنه يصح.
فعلى هذا إن وقفها وأطلق بطل الوقف على الصحيح.
10

وقيل يصح ويحمل عليهما.
وإن وقفها لغير ذلك لم يصح على الصحيح من المذهب.
وقال في الفائق وعنه يصح وقف الدراهم فينتفع بها في القرض ونحوه اختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في الاختبارات ولو وقف الدراهم على المحتاجين لم يكن جواز هذا بعيدا.
فائدتان
إحداهما لو وقف قنديل ذهب أو فضة على مسجد لم يصح وهو باق على ملك ربه فيزكيه على الصحيح من المذهب.
وقيل يصح فيكسر ويصرف في مصالحه اختاره المصنف.
قلت وهذا هو الصواب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو وقف قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيرانه صلى الله عليه وسلم قيمته.
وقال في موضع آخر النذر للقبور هو للمصالح ما لم يعلم ربه وفي الكفارة الخلاف وإن من الحسن صرفه في نظيره من المشروع.
ولو وقف فرسا بسرج ولجام مفضض صح نص عليه تبعا.
وعنه تباع الفضة وتصرف في وقف مثله وعنه ينفق عليه.
الثانية قال في الفائق ويجوز وقف الماء نص عليه.
قال في الفروع وفي الجامع يصح وقف الماء قال الفضل سألته عن وقف الماء فقال إن كان شيئا استجازوه بينهم جاز.
وحمله القاضي وغيره على وقف مكانه.
قال الحارثي هذا النص يقتضي تصحيح الوقف لنفس الماء كما يفعله أهل دمشق يقف أحدهم حصة أو بعضها من ماء النهر وهو مشكل من وجهين.
11

أحدهما إثبات الوقف فيما لم يملكه بعد فإن الماء يتحدد شيئا فشيئا.
الثاني ذهاب العين بالانتفاع.
ولكن قد يقال بقاء مادة الحصول من غير تأثر بالانتفاع يتنزل منزلة بقاء أصل العين مع الانتفاع.
ويؤيد هذا صحة وقف البئر فإن الوقف وارد على مجموع الماء والحفيرة فالماء أصل في الوقف وهو المقصود من البئر ثم لا أثر لذهاب الماء بالاستعمال لتجدد بدله فهنا كذلك فيجوز وقف الماء كذلك انتهى.
قوله (والمطعوم والرياحين).
يعني لا يصح وقفها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو تصدق بدهن على مسجد ليوقد فيه جاز وهو من باب الوقف وتسميته وقفا بمعنى أنه وقف على تلك الجهة لا ينتفع به في غيرها لا تأباه اللغة وهو جار في الشرع.
وقال أيضا يصح وقف الريحان ليشمه أهل المسجد.
قال وطيب الكعبة حكمه حكم كسوتها فعلم أن التطييب منفعة مقصودة لكن قد تطول مدة التطيب وقد تقصر ولا أثر لذلك.
قال الحارثي وما يبقى أثره من الطيب كالند والصندل وقطع الكافور لشم المريض وغيره فيصح وقفه على ذلك لبقائه مع الانتفاع وقد صحت إجارته لذلك فصح وقفه انتهى.
وهذا ليس داخلا في كلام المصنف.
والظاهر أن هذا من المتفق على صحته لوجود شروط الوقف.
قوله (الثاني أن يكون على بر).
12

وسواء كان الواقف مسلما أو ذميا نص عليه الإمام أحمد رحمه الله كالمساكين والمساجد والقناطر والأقارب وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يصح الوقف على مباح أيضا وقيل يصح على مباح ومكروه.
قال في التلخيص وقيل المشترط أن لا يكون على جهة معصية سواء كان قربة وثوابا أو لم يكن انتهى.
فعلى هذا يصح الوقف على الأغنياء.
فعلى المذهب اشتراط العزوبة باطل لأن الوصف ليس قربة ولتمييز الغنى عليه.
وعلى هذا هل يلغو الوصف ويعم أو يلغو الوقف أو يفرق بين أن يقف ويشترط أو يذكر الوصف ابتداء فيلغى في الاشتراط ويصح الوقف.
يحتمل أوجها قاله في الفائق.
فائدتان
إحداهما أبطل بن عقيل وقف الستور لغير الكعبة لأنه بدعة وصححه بن الزاغوني فيصرف لمصلحة نقله بن الصيرفي عنهما.
وفي فتاوى بن الزاغوني المعصية لا تنعقد.
وأفتى أبو الخطاب بصحته وينفق ثمنها على عمارته ولا يستر لأن الكعبة خصت بذلك كالطواف.
الثانية يصح وقف عبده على حجرة النبي صلى الله عليه وسلم لإخراج ترابها وإشعال قناديلها وإصلاحها لا لإشعالها وحده وتعليق ستورها الحرير والتعليق وكنس الحائط ونحو ذلك ذكره في الرعاية.
13

قوله (مسلمين كانوا أو من أهل الذمة).
يعني إذا وقف على أقاربه من أهل الذمة صح وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة.
تنبيهان
أحدهما قد يقال مفهوم كلام المصنف أنه لا يصح الوقف على ذمي غير قرابته وهذا أحد الوجهين وهو مفهوم كلام جماعة منهم صاحب الوجيز والتلخيص وقدمه في الرعايتين ومال إليه الزركشي.
وقيل يصح على الذمي وإن كان أجنبيا من الواقف وهو الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والكافي والمحرر والشرح والمنتخب وعيون المسائل وغيرهم.
قال في الفائق ويصح على ذمي من أقاربه نص عليه وعلى غيره من معين في أصح الوجهين دون الجهة انتهى.
وهو ظاهر ما قطع به الحارثي.
وأطلق الوجهين في الحاوي الصغير.
وقال الحلواني يصح على الفقراء منهم دون غيرهم.
وصحح في الواضح صحة الوقف من ذمي عليه دون غيره.
الثاني قال الحارثي قال الأصحاب إن وقف على من ينزل الكنائس والبيع من المارة والمجتازين صح.
قالوا لأن هذا الوقف عليهم لا على البقعة والصدقة عليهم جائزة وصالحة للقربة وجزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
قال الحارثي إن خص أهل الذمة فوقف على المارة منهم لم يصح انتهى.
وقال في الفروع وفي المنتخب والرعاية يصح على المارة بها منهم يعنى من أهل الذمة.
14

وقاله في المغنى في بناء بيت يسكنه المجتاز منهم.
ولم أر ما قال عنه صاحب الرعاية فيهما في مظنته بل قال ويصح منها على ذمي بهما أو ينزلهما أو يجتاز راجلا أو راكبا.
قوله (ولا يصح على الكنائس وبيوت النار).
وكذا البيع وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه في الكنائس والبيع.
وفي الموجز رواية على الكنيسة والبيعة كمار بهما.
فوائد
الأولى الذمي كالمسلم في عدم الصحة في ذلك على الصحيح من المذهب فلا يصح وقف الذمي على الكنائس والبيع وبيوت المنار ونحوها ولا على مصالح شيء من ذلك كالمسلم نص عليه وقطع به الحارثي وغيره.
قال المصنف لا نعلم فيه خلافا.
وصحح في الواضح وقف الذمي على البيعة والكنيسة.
وتقدم كلامه في وقف الذمي على الذمي.
الثانية الوصية كالوقف في ذلك كله على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل من كافر.
وقال في الانتصار لو نذر الصدقة على ذمية لزمه.
وذكر في المذهب وغيره يصح للكل وذكره جماعة رواية.
وذكر القاضي صحتها بحصير وقناديل.
قال في التبصرة إن وصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح وعنه يصح.
15

الثالثة لو وقف على ذمي وشرط استحقاقه ما دام كذلك فأسلم استحق ما كان يستحقه قبل الإسلام ولغى الشرط على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب وصحح بن عقيل في الفنون هذا الشرط.
وقال لأنه إذا وقفه على الذمي من أهله دون المسلم لا يجوز شرط لهم حال الكفر فأي فرق.
قوله (ولا على حربي أو مرتد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وأكثرهم قطع به منهم صاحب المغنى والرعاية والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وقال الحارثي هذا أحد الوجهين.
قال في المجرد في كتاب الوصايا إذا أوصى مسلم لأهل قريته أو قرابته لم يتناول كافرهم إلا بتسميته.
قال في المحرر والوقف كالوصية في ذلك كله.
قال الحارثي فصححه على الكافر القريب والمعين قال وهو الصحيح لكن بشرط أن لا يكون مقاتلا ولا مخرجا للمسلمين من ديارهم ولا مظاهرا للأعداء على الإخراج انتهى.
وقواه بأدلة كثيرة.
قوله (ولا يصح على نفسه في إحدى الروايتين).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال في الفصول هذه الرواية أصح.
قال الشارح هذا أقيس.
قال في الرعايتين ولا يصح على نفسه على الأصح.
16

قال الحارثي وهذا الأصح عند أبي الخطاب وبن عقيل والمصنف وقطع به بن أبي موسى في الإرشاد وأبو الفرج الشيرازي في المبهج وصاحب الوجيز وغيرهم نقل حنبل وأبو طالب ما سمعت بهذا ولا أعرف الوقف إلا ما أخرجه الله تعالى.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع وشرح بن رزين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يصح نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم ويوسف بن أبي موسى والفضل بن زياد.
قال في المذهب ومسبوك الذهب صح في ظاهر المذهب.
قال الحارثي هذا هو الصحيح.
قال أبو المعالي في النهاية والخلاصة يصح على الأصح.
قال الناظم يجوز على المنصور من نص الإمام أحمد رحمه الله.
وصححه في التصحيح وإدراك الغاية.
قال في الفائق وهو المختار واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ومال إليه صاحب التلخيص وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى.
وقدمه في الهداية والمستوعب والهادي والفائق وغيرهم.
وقدمه المجد في مسودته على الهداية وقال نص عليه.
قال المصنف وتبعه الشارح وصاحب الفروع اختاره بن أبي موسى وقال بن عقيل هي أصح.
قلت الذي رأيته في الإرشاد والفصول ما ذكرته آنفا ولم يذكر المسألة في التذكرة فلعلهما اختاراه في غير ذلك لكن عبارته في الفصول موهمة.
17

قلت وهذه الرواية عليها العمل في زماننا وقبله عند حكامنا من أزمنة متطاولة وهو الصواب وفيه مصلحة عظيمة وترغيب في فعل الخير وهو من محاسن المذهب.
وأطلقهما في المغنى والكافي والمحرر وشرح بن منجا والبلغة وتجريد العناية.
فعلى المذهب هل يصح على من بعده على وجهين بناء على الوقف المنقطع الابتداء على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
قال الحارثي ويحسن بناؤه على الوقف المعلق.
فائدة إذا حكم به حاكم حيث يجوز له الحكم.
فقال في الفروع ظاهر كلامهم ينفذ الحكم ظاهرا وفيه في الباطن الخلاف.
وفي فتاوي بن الصلاح إذا حكم به حنفي وأنفذه شافعي للواقف نقضه إذا لم يكن الصحيح من مذهب أبي حنيفة وإلا جاز نقضه في الباطن فقط بخلاف صلاته في المسجد وحده حياته لعدم القربة والفائدة فيه ذكرها بن شهاب وغيره.
قوله (وإن وقف على غيره واستثنى الأكل منه مدة حياته صح).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وشرح الحارثي وبن منجا والمحرر والوجيز والقواعد وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية.
وهو من مفردات المذهب وقيل لا يصح.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو استثنى الأكل مدة معينة.
وكذا لو استثنى الأكل والانتفاع لأهله أو يطعم صديقه قاله المصنف والشارح والحارثي وغيرهم.
18

قال في الفروع ويصح شرط غلته له أو لولده مدة حياته في المنصوص.
قال في المستوعب وكذلك إن شرط لأولاده أو لبعضهم سكنى الوقف مدة حياتهم جاز.
وقيل لا يصح إذا شرط الانتفاع لأهله أو شرط السكنى لأولاده أو لبعضهم ذكره في الفائق وغيره.
فعلى المذهب لو استثنى الانتفاع مدة معينة فمات في أثنائها فقال في المغنى ينبغي أن يكون ذلك لورثته كما لو باع دارا واستثنى لنفسه السكنى مدة فمات في أثنائها واقتصر عليه الحارثي.
وعلى المذهب أيضا يجوز إيجارها للموقوف عليه ولغيره.
الثانية لو وقف على الفقراء ثم افتقر أبيح له التناول منه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية المروذي.
قال في التلخيص هذا ظاهر كلام أصحابنا.
قال الحارثي هذا الصحيح.
قال في الفروع والرعاية شمله في الأصح.
قال في القواعد الأصولية والفقهية يدخل على الأصح في المذهب.
وقيل لا يباح ذلك وهو احتمال في التلخيص.
قال في القواعد الأصولية والظاهر أن محل الخلاف في دخوله إذا افتقر على قولنا فإن الوقف على النفس يصح.
وأما على القول بأنه لا يصح فلا يدخل في العموم إذا افتقر جزما لأنه لا يتناول بالخصوص فلا يتناول بالعموم بطريق الأولى.
وأما إذا وقف داره مسجدا أو أرضه مقبرة أو بئره ليستقى منها المسلمون
19

أو بنى مدرسة لعموم الفقهاء أو لطائفة منهم أو رباطا للصوفية ونحو ذلك مما يعم فله الانتفاع كغيره.
قال الحارثي له ذلك من غير خلاف.
قوله (الثالث أن يقف على معين يملك ولا يصح على مجهول كرجل ومسجد) بلا نزاع.
وكذا لا يصح لو كان مبهما كأحد هذين الرجلين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يصح ذكره في الرعاية احتمالا.
وقيل يصح إن قلنا لا يفتقر الوقف إلى قبول مخرج من وقف إحدى الدارين وهو احتمال في التلخيص.
فعلى الصحة يخرج المبهم بالقرعة قاله في الرعاية.
قلت وهو مراد من يقول بذلك.
وتقدم نظيره فيما إذا وقف أحد هذين.
قوله (ولا على حيوان لا يملك كالعبد).
لا يصح الوقف على العبد على الصحيح من المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال في القواعد الفقهية الأكثرون على أنه لا يصح الوقف على العبد على الروايتين لضعف ملكه.
وجزم به في المغنى وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يصح إن قلنا يملك وهو ظاهر كلام المصنف هنا حيث اشترط لعدم الصحة عدم الملك.
قال في الرعاية ويكون لسيده.
20

وقيل يصح الوقف عليه سواء قلنا يملك أو لا ويكون لسيده واختاره الحارثي.
فائدتان
إحداهما لا يصح الوقف على أم الولد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الحارثي الصحة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يصح الوقف على أم ولده بعد موته.
وإن وقف على غيرها على أن ينفق عليها مدة حياته أو يكون الريع لها مدة حياته صح فإن استثناء المنفعة لأم ولده كاستثنائها لنفسه.
وإن وقف عليها مطلقا فينبغي أن يقال إن صححنا الوقف على النفس صح لأن ملك أم ولده أكثر ما يكون بمنزلة ملكه.
وإن لم نصححه فيتوجه أن يقال هو كالوقف على العبد القن.
ويتوجه الفرق بأن أم الولد لا تملك بحال وفيه نظر.
وقد يخرج على ملك العبد بالتمليك فإن هذا نوع تمليك لأم ولده بخلاف العبد القن فإنه قد يخرج عن ملكه فيكون ملكا لعبد الغير.
وإذا مات السيد فقد تخرج هذه المسألة على مسألة تفريق الصفقة لأن الوقف على أم الولد يعم حال رقها وعتقها فإذا لم يصح في إحدى الحالين خرج في الحال الأخرى وجهان.
فإن قلنا إن الوقف المنقطع الابتداء يصح فيجب أن يقال ذلك.
وإن قلنا لا يصح فهذا كذلك انتهى.
الثانية لا يصح الوقف على المكاتب على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به في المغنى والشرح والتلخيص والبلغة والمستوعب وشرح بن رزين وغيرهم.
21

وقيل يصح ويحتمله مفهوم كلام المصنف وقد يشمله قوله أن يقف على معين يملك.
واختاره الحارثي وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والفائق والحاوي الصغير وغيرهم.
قوله (والحمل).
يعني لا يصح الوقف على الحمل وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
منهم بن حمدان وصاحب الفائق والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وصحح بن عقيل جواز الوقف على الحمل ابتداء واختاره الحارثي.
قال في الفروع ولا يصح على حمل بناء على أنه تمليك إذا وأنه لا يملك وفيهما نزاع.
تنبيه إيراد المصنف في منع الوقف على الحمل يختص بما إذا كان الحمل أصلا في الوقف.
أما إذا كان تبعا بأن وقف على أولاده أو أولاد فلان وفيهم حمل أو انتقل إلى بطن وفيهم حمل فيصح بلا نزاع لكن لا يشاركهم قبل ولادته على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في القاعدة الرابعة والثمانين هو قول القاضي والأكثرين وجزم به الحارثي وغيره.
وقال بن عقيل يثبت له استحقاق الوقف في حال كونه حملا حتى صحح الوقف على الحمل ابتداء كما تقدم.
وأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله باستحقاق الحمل من الوقف أيضا.
22

فائدة لو قال وقفت على من سيولد لي أو من سيولد لفلان لم يصح على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به القاضي في خلافه وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه المصنف في المغنى وغيره.
وذكره المصنف في مسألة الوصية لمن تحمل هذه المرأة.
وقال المجد ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله صحته ورده بن رجب قوله (والبهيمة).
يعني لا يصح الوقف عليها وهو المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الحارثي الصحة وقال وهو الأظهر عندي كما في الوقف على القنطرة والسقاية وينفق عليها.
قوله (الرابع أن يقف ناجزا فإن علقه على شرط لم يصح).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يصح واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق والحارثي وقال الصحة أظهر ونصره.
وقال بن حمدان من عنده إن قيل الملك لله تعالى صح التعليق وإلا فلا.
قوله (إلا أن يقول هو وقف من بعد موتي).
فيصح في قول الخرقي وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب في خلافة الصغير والمصنف والشارح والحارثي والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وغيرهم.
قال المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
23

وجزم به في الكافي والخلاصة والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم وقدمه في المحرر والفروع والنظم وغيرهم.
قال في القواعد وهو أصح لأنها وصية والوصايا تقبل التعليق.
وقال أبو الخطاب في الهداية لا تصح.
واختاره بن البنا والقاضي وحمل كلام الخرقي على أنه قال قفوا بعد موتي فيكون وصية بالوقف وأطلقهما في المذهب.
فعلى المذهب يعتبر من الثلث.
فوائد
منها قال الحارثي كلام الأصحاب يقتضي أن الوقف المعلق على الموت أو على شرط في الحياة لا يقع لازما قبل وجود المعلق عليه لأن ما هو معلق بالموت وصية والوصية في قولهم لا تلزم قبل الموت والمعلق على شرط في الحياة في معناها فيثبت فيه مثل حكمها في ذلك.
قال والمنصوص عن الإمام احمد رحمه الله في المعلق على الموت هو اللزوم.
قال الميموني في كتابه سألته عن الرجل يوقف على أهل بيته أو على المساكين بعده فاحتاج إليها أيبيع على قصة المدبر فابتدأني أبو عبد الله بالكراهة لذلك فقال الوقوف إنما كانت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يبيعوا ولا يهبوا.
قلت فمن شبهه وتأول المدبر عليه والمدبر قد يأتي عليه وقت يكون فيه حرا والموقوف إنما هو شيء وقفه بعده وهو ملك الساعة.
قال لي إذا كان يتأول.
قال الميموني وإنما ناظرته بهذا لأنه قال المدبر ليس لأحد فيه شيء وهو ملك الساعة وهذا شيء وقفه على قوم مساكين فكيف يحدث به شيئا.
فقلت هكذا الوقوف ليس لأحد فيها شيء الساعة هو ملك وإنما
24

استحق بعد الوفاة كما أن المدبر الساعة ليس بحر ثم يأتي عليه وقت يكون فيه حرا انتهى.
فنص الإمام أحمد رحمه الله على الفرق بين الوقف بعد الموت وبين المدبر قال الحارثي والفرق عسر جدا.
وتابع في التلخيص المنصوص فقال أحكام الوقف خمسة.
منها لزومه في الحال أخرجه مخرج الوصية أم لم يخرجه وعند ذلك ينقطع تصرفه فيه.
وشيخنا رحمه الله في حواشي المحرر لما لم يطلع على نص الإمام أحمد رد كلام صاحب التلخيص وتأوله اعتمادا على أن المسألة ليس فيها منقول مع أنه وافق الحارثي على أن ظاهر كلام الأصحاب لا يقع الوقف والحالة هذه لازما.
قلت كلامه في القواعد يشعر أن فيه خلافا هل هو لازم أم لا.
قاله في القاعدة الثانية والثمانين في تبعية الولد.
ومنها المعلق وقفها بالموت إن قلنا هو لازم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية الميموني انتهى.
فظاهر قوله إن قلنا هو لازم يشعر بالخلاف.
ومنها لو شرط في الوقف أن يبيعه أو يهبه أو يرجع فيه متى شاء بطل الشرط والوقف في أحد الأوجه وهو الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع وشرح الحارثي والفائق والرعايتين والحاوي الصغير قال المصنف في المغنى لا نعلم فيه خلافا.
وقيل يبطل الشرط دون الوقف وهو تخريج من البيع وما هو ببعيد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يصح في الكل نقله عنه في الفائق.
ومنها لو شرط الخيار في الوقف فسد نص عليه وهو المذهب وحرج فساد الشرط وحده من البيع.
25

قال الحارثي وهو أشبه.
ومنها لو شرط البيع عند خرابه وصرف الثمن في مثله أو شرطه للمتولى بعده فقال القاضي وبن عقيل وبن البنا وغيرهم يبطل الوقف.
قلت وفيه نظر.
وذكر القاضي وبن عقيل وجها بصحة الوقف وإلغاء الشرط ذكر ذلك الحارثي.
قلت وهو الصواب.
قال في الفروع وشرط بيعه إذا خرب فاسد في المنصوص نقله حرب وعلل بأنه ضرورة ومنفعة لهم.
قال في الفروع ويتوجه على تعليله لو شرط عدمه عند تعطيله.
وقيل الشرط صحيح.
قوله (ولا يشترط القبول إلا أن يكون على آدمي معين ففيه وجهان).
إذا وقف وقفا فلا يخلو إما أن يكون على آدمي معين أو غيره.
فإن كان على غير معين فقطع المصنف هنا أنه لا يشترط القبول وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر الناظم احتمالا أن نائب الإمام يقبله.
وإن كان الموقوف عليه آدميا معينا زاد في الرعايتين أو جمعا محصورا فهل يشترط قبوله أم لا يشترط.
فيه وجهان أطلقهما المصنف هنا.
أحدهما لا يشترط وهو المذهب.
قال في الكافي هذا ظاهر المذهب قال الشارح هذا أولى.
26

قال الحارثي هذا أقوى وقطع به القاضي وبن عقيل.
قال في الفائق لا يشترط في أصح الوجهين وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الكافي والمحرر والفروع.
والوجه الثاني يشترط.
قال في المذهب والخلاصة يشترط في الأصح.
قال الناظم هذا أقوى.
وقدمه في الهداية والمستوعب والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وأطلقهما في مسبوك الذهب والتلخيص وشرح بن منجا والرعاية الكبرى والزركشي وتجريد العناية.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وأخذ الريع قبول.
تنبيه أكثر الأصحاب يحكي الخلاف من غير بناء.
وقال بن منجا في شرحه بعد تعليل الوجهين والأشبه أن ينبني ذلك على أن الملك هل ينتقل إلى الموقوف عليه أم لا.
فإن قيل بالانتقال قيل باشتراط القبول وإلا فلا.
قال الحارثي وبناه بعض أصحابنا المتأخرين على ذلك.
قال في الرعايتين قلت إن قلنا هو لله تعالى لم يعتبر القبول وإن قلنا هو للمعين والجمع المحصور أعتبر فيه القبول.
قال الحارثي وفي ذلك نظر فإن القبول إن أنيط بالتمليك فالوقف لا يخلو من تمليك سواء قيل بالامتناع أو عدمه انتهى.
قال الزركشي والظاهر أن الخلاف على القول بالانتقال إذ لا نزاع بين الأصحاب أن الانتقال إلى الموقوف عليه هو المذهب مع اختلافهم في المختار هنا.
فعلى المذهب لا يبطل برده فرده وقبوله وعدمهما واحد كالعتق.
27

جزم به في المغنى والشرح.
وقال أبو المعالي في النهاية إنه يرتد برده كالوكيل إذا رد الوكالة وإن لم يشترط لها القبول.
قال الحارثي وهذا أصح.
وعلى القول بالاشتراط قال الحارثي يشترط اتصال القبول بالإيجاب فإن تراخى عنه بطل كما يبطل في البيع والهبة.
وعلله ثم قال وإذا علم هذا فيتفرع عليه عدم اشتراط القبول من المستحق الثاني والثالث ومن بعد تراخى استحقاقهم عن الإيجاب ذكره بعض الأصحاب.
قال وهذا يشكل بقبول الوصية متراخيا عن الإيجاب انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا اشترط القبول على المعين فلا ينبغي أن يشترط المجلس بل يلحق بالوصية والوكالة فيصح معجلا ومؤجلا بالقول والفعل فأخذ ريعه قبول.
وقطع واختار في القاعدة الخامسة والخمسين أن تصرف الموقوف عليه المعين يقوم مقام القبول بالقول.
قوله (فإن لم يقبله أو رده بطل في حقه دون من بعده).
وهذا مفرع على القول باشتراط القبول.
فجزم المصنف هنا أنه كالمنقطع الابتداء على ما يأتي بعد ذلك فيأتي فيه وجه بالبطلان وهذا أحد الوجهين.
أعني كونه كالمنقطع الابتداء.
وجزم به في المغنى والشرح.
وقيل يصح هذا وإن لم تصحح في الوقف المنقطع وهو الصحيح.
قال في الفروع وهو أصح كتعذر استحقاقه لفوت وصف فيه.
28

قال الحارثي هذا الصحيح.
فعلى هذا يصح هنا قولا واحدا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس كالوقف المنقطع الابتداء بل الوقف هنا صحيح قولا واحدا.
قوله (وكان كما لو وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز).
هذا الوقف المنقطع الابتداء وهو صحيح على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الحارثي جزم به أكثر الأصحاب.
وبناه في المغنى ومن تابعه على تفريق الصفقة فأجرى وجها بالبطلان قال وفيه بعد.
فعلى المذهب يصرف في الحال إلى من بعده كما قال المصنف وهذا الصحيح من المذهب.
قال الحارثي وهو الأقوى.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
وفيه وجه آخر أنه إن كان من لا يجوز الوقف عليه يعرف انقراضه كرجل معين صرف إلى مصرف الوقف المنقطع يعني المنقطع الانتهاء على ما يأتي.
صرح به الحارثي إلى أن ينقرض ثم يصرف إلى من بعده.
واختاره بن عقيل والقاضي وقال هو قياس المذهب.
وقيل يصرف إلى أقارب الواقف قاله في الفائق.
قوله (وإن وقف على جهة تنقطع ولم يذكر له مالا أو على من يجوز ثم على من لا يجوز) انصرف بعد انقراض من يجوز (الوقف عليه إلى ورثة الواقف وقفا عليهم في إحدى الروايتين).
29

وهو المذهب قال في الكافي هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير فعليها يقسم على قدر إرثهم جزم به في الفروع وغيره.
قال الحارثي قاله الأصحاب.
قال القاضي فللبنت مع الابن الثلث وله الباقي وللأخ من الأم مع الأخ للأب السدس وله ما بقي.
وإن كان جد وأخ قاسمه وإن كان أخ وعم انفرد به الأخ وإن كان عم وبن عم انفرد به العم.
وقال الحارثي وهذا تخصيص بمن يرث من الأقارب في حال دون حال وتفضيل لبعض على بعض.
وهو لو وقف على أقاربه لما قالوا فيه بهذا التخصيص والتفضيل.
وكذا لو وقف على أولاده أو أولاد زيد لا يفضل فيه الذكر على الأنثى وقد قالوا هنا إنما ينتقل إلى الأقارب وقفا انتهى.
فظاهر كلامه أنه مال إلى عدم المفاضلة وما هو ببعيد.
قال في الفائق وعنه في أقاربه ذكرهم وأنثاهم بالسوية ويختص به الوارث انتهى.
والرواية الأخرى يصرف إلى أقرب عصبته.
قال في الفروع وعنه يصرف إلى عصبته ولم يذكر أقرب وأطلقهما بن منجا في شرحه.
فعليهما يكون وقفا على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقطع به القاضي وأبو الخطاب والمجد وغيرهم.
وقدمه في النظم والفروع والزركشي والفائق وغيرهم.
30

وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في المغنى نص عليه.
قال الحارثي وإنما حذف ذكر الوقف في الرواية الثانية اختصارا واكتفاء بذكره المتقدم في رواية العود إلى الورثة انتهى.
وقال بن منجا في شرحه مفهوم قوله في الورثة يكون وقفا عليهم على أنه إذا انصرف إلى أقرب العصبة لا يكون وقفا.
ورده الحارثي فقال من الناس من حمل رواية العود إلى أقرب العصبة في كلام المصنف على العود ملكا.
قال لأنه قيد رواية العود إلى الورثة بالوقف وأطلق هنا وأثبت بذلك وجها.
قال وليس كذلك فإن العود إلى الأقرب ملكا إنما يكون بسبب الإرث ومعلوم أن الإرث لا يختص بأقرب العصبة.
وأيضا فقد حكى خلافا في اختصاص العود بالفقراء بهم ولو كان إرثا لما اختص بالفقراء مع أن المصنف صرح بالوقف في ذلك في كتابيه وكذلك الذين نقل من كتبهم كالقاضي وأبي الخطاب انتهى.
وعنه يكون ملكا.
قال في الفائق وقيل يكون ملكا اختاره الخرقي.
قال في المغنى ويحتمله كلام الخرقي.
قال في الفائق وقال بن أبي موسى إن رجع إلى الورثة كان ملكا بخلاف العصبة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا أصح وأشبه بكلام الإمام أحمد رحمه الله.
وعلى الروايتين أيضا (هل يختص به فقراؤهم على وجهين).
31

وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الكبرى وغيرهم.
أحدهما عدم الاختصاص وهو المذهب.
قال الحارثي هذا الأصح في المذهب.
قال الناظم هذا الأقوى وجزم به في المحرر وغيره.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي.
وقدمه في الخلاصة والفروع والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والوجه الثاني يختص به فقراؤهم اختاره القاضي في كتاب الروايتين.
فائدة متى قلنا برجوعه إلى أقارب الواقف وكان الواقف حيا ففي رجوعه إليه أو إلى عصبته وذريته روايتان.
حكاهما بن الزاغوني في الإقناع رواية.
إحداهما يدخل قطع به بن عقيل في مفرداته قاله في القاعدة السبعين.
وكذا لو وقف على أولاده وأنسالهم على أن من توفي منهم عن غير ولد رجع نصيبه إلى أقرب الناس إليه فتوفي أحد أولاد الواقف عن غير ولد والأب الواقف حي فهل يعود نصيبه إليه لكونه أقرب الناس إليه أم لا تخرج على ما قبلها قاله بن رجب.
والمسألة ملتفتة إلى دخول المخاطب في خطابه.
تنبيه لو لم يكن للواقف أقارب رجع على الفقراء والمساكين على الصحيح جزم به بن عقيل في التذكرة والمصنف والشارح وصاحب التلخيص وغيرهم وقدمه في الفائق.
وقال بن أبي موسى يباع ويجعل ثمنه في المساكين.
وقيل يصرف إلى بيت المال لمصالح المسلمين نص عليه في رواية بن إبراهيم وأبي طالب وغيرهما.
32

وقطع به أبو الخطاب وصاحب المحرر وغيرهما.
وقدمه الزركشي.
وفي أصل المسألة ما قاله القاضي في موضع من كلامه أنه يكون وقفا على المساكين.
والموضع الذي قاله القاضي فيه هو في كتابه الجامع الصغير قاله الحارثي وهو رواية ثالثة عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختارها جماعة من الأصحاب منهم الشريفان أبو جعفر والزيدي والقاضي أبو الحسين قاله الحارثي.
واختاره المصنف أيضا وصححه في التصحيح.
قال الناظم هي أولى الروايات.
قال الحارثي وهذا لا أعلمه نصا عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف إن كان في أقارب الواقف فقراء فهم أولى به لا على الوجوب وعنه رواية رابعة يصرف في المصالح جزم به في المنور وقدمه في المحرر والفائق وقال نص عليه قال ونصره القاضي وأبو جعفر.
قال الزركشي أنص الروايات أن يكون في بيت المال يصرف في مصالحهم فعلى هاتين الروايتين يكون وقفا أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وعنه يرجع إلى ملك واقفه الحي.
ونقل حرب أنه قبل ورثته لورثه الموقوف عليه.
ونقل المروذي إن وقف على عبيده لم يستقم قلت فيعتقهم قال جائز.
فإن ماتوا ولهم أولاد فهو لهم وإلا فللعصبة فإن لم يكن عصبة بيع وفرق على الفقراء.
فائدة للوقف صفات.
33

إحداها متصل الابتداء والوسط والانتهاء.
الثانية منقطع الابتداء متصل الانتهاء.
الثالثة متصل الابتداء منقطع الانتهاء عكس الذي قبله.
الرابعة متصل الابتداء والانتهاء منقطع الوسط.
الخامسة عكس الذي قبله منقطع الطرفين صحيح الوسط وأمثلتها واضحة وكلها صحيحة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج وجه بالبطلان في الوقف المنقطع من تفريق الصفقة على ما تقدم ورواية بأنه يصرف في المصالح.
قال في الرعاية في منقطع الآخر صح في الأصح.
السادسة منقطع الأول والوسط والأخير مثل أن يقف على من لا يصح الوقف عليه ويسكت أو يذكر ما لا يصح الوقف عليه أيضا فهذا باطل بلا نزاع بين الأصحاب.
فالصفة الأولى هي الأصل في كلام المصنف وغيره.
والصفة الثانية تؤخذ من كلام المصنف حيث قال وكان كما لو وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز.
والصفة الثالثة تؤخذ من كلامه أيضا حيث قال وإن وقف على جهة تنقطع ولم يذكر له مآلا أو على من يجوز ثم على من لا يجوز.
والرابعة والخامسة لم يذكرهما المصنف لكن الحكم واحد.
قوله (أو قال وقفت وسكت).
يعنى أن قوله وقفت ويسكت حكمه حكم الوقف المنقطع الانتهاء فالوقف صحيح عند الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الروضة على الصحيح عندنا انتهى.
34

فظاهره أن في الصحة خلافا.
فعلى المذهب حكمه حكم الوقف المنقطع الانتهاء في مصرفه على الصحيح من المذهب كما قاله المصنف هنا.
وقطع به القاضي في المجرد وبن عقيل واختاره صاحب التلخيص وغيره وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقال نص عليه.
وقال القاضي وأصحابه يصرف في وجوه البر.
قال الحارثي الوجه الثاني يصرف في وجوه البر والخير قطع به القاضي في التعليق الكبير والجامع الصغير وأبو علي بن شهاب وأبو الخطاب في الخلاف الصغير والشريفان أبو جعفر والزيدي وأبو الحسين القاضي والعكبري في آخرين.
وفي عبارة بعضهم وكان لجماعة المسلمين.
وفي بعضها صرف في مصالح المسلمين والمعنى متحد.
قال في عيون المسائل في هذه المسألة وفي قوله تصدقت تكون لجماعة المسلمين.
قوله (وإن قال وقفته سنة لم يصح) هذا المذهب.
قال بن منجا هذا المذهب وصححه في النظم والتلخيص وقدمه في الفروع وشرح الحارثي والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
ويحتمل أن يصح ويصرف بعدها مصرف المنقطع يعنى منقطع الانتهاء وهو وجه ذكره أبو الخطاب وغيره.
وأطلقهما في المحرر والشرح والهداية والمذهب والمستوعب.
وقيل يصح ويلغو توقيته.
35

فائدة لو وقفه على ولده سنة ثم على زيد سنة ثم على عمرو سنة ثم على المساكين صح لاتصاله ابتداء وانتهاء.
وكذا لو قال وقفته على ولدى مدة حياتي ثم على زيد ثم على المساكين صح.
قوله (ولا يشترط إخراج الوقف عن يده في إحدى الروايتين).
وهو المذهب وعليه الجمهور.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب واختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال في التلخيص وهو الأشبه واختيار أكثر الأصحاب والمنصور عندهم في الخلاف.
قال الزركشي هو المشهور والمختار المعمول به من الروايتين.
وعنه يشترط أن يخرجه عن يده قطع به أبو بكر وبن أبي موسى في كتابيهما وقدمه الحارثي في شرحه واختاره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والقواعد الفقهية.
ويأتي التنبيه على هذا أيضا عند قول المصنف والوقف عقد لازم.
قال في الفرع ورأيت بعضهم قال قال القاضي في خلافه لا يختلف مذهبه أنه إذا لم يكن يصرفه في مصارفه ولم يخرجه عن يده أنه بقع باطلا انتهى.
فعلى القول بالاشتراط فالمعتبر عند الإمام أحمد رحمه الله التسليم إلى ناظر يقوم به قاله الحارثي.
وقال وبالجملة فالمساجد والقناطر والآبار ونحوها يكفي التخلية بين الناس وبينها من غير خلاف.
36

قال والقياس يقتضي التسليم إلى المعين الموقوف عليه إذا قيل بالانتقال إليه وإلا فإلى الناظر أو الحاكم انتهى.
وعلى القول بالاشتراط أيضا لو شرط نظره لنفسه سلمه لغيره ثم ارتجعه منه قاله في الفروع.
قال الحارثي وأما التسليم إلى من ينصبه هو فالمنصوب إما غير ناظر فوكيل محض يده كيده وإما ناظر فالنظر لا يجب شرطه لأجنبي فالتسليم إلى الغير غير واجب انتهى.
قلت وهذا هو الصواب.
فائدة إذا قلنا بالاشتراط فهل هو شرط لصحة الوقف أو للزومه.
ظاهر كلام جماعة منهم صاحب الكافي والمحرر والفروع وغيرهم أنه شرط للزوم لا شرط للصحة ويحتمله كلام المصنف.
وصرح به الحارثي فقال وليس شرطا في الصحة بل شرط للزوم.
وجزم به في المغنى والشرح.
وصرح به أبو الخطاب في انتصاره وصاحب التلخيص وغيرهم قاله في القاعدة التاسعة والأربعين.
فعلى هذا قال بن أبي موسى والسامري وصاحب التلخيص والفائق وغيرهم إن مات قبل إخراجه وحيازته بطل وكان ميراثا.
قاله الحارثي وغيره.
قلت وفيه نظر بل الأولى هنا اللزوم بعد الموت.
وظاهر كلام المصنف هنا أن الخلاف في صحة الوقف وصرح به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم فقالوا هل يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يد الواقف على روايتين.
قال في الخلاصة لا يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يده.
37

قوله (ويملك الموقوف عليه الوقف).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب.
وقطع به القاضي وابنه والشريفان أبو جعفر والزيدي وبن عقيل والشيرازي وبن بكروس وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يملكه بل هو ملك لله وهو ظاهر اختيار بن أبي موسى قياسا على العتق قاله الحارثي.
قال الحارثي وبه أقول.
وعنه ملك للواقف ذكرها أبو الخطاب والمصنف.
قال الحارثي ولم يوافقهما على ذلك أحد من متقدمي أهل المذهب ولا متأخريهم انتهى.
وقد ذكرها من بعدهم من الأصحاب كصاحب الفروع والزركشي وغيرهم.
قال بن رجب في فوائده وعلى رواية أنه لا يملكه فهل هو ملك للواقف أو لله فيه خلاف.
تنبيه لهذا الخلاف فوائد كثيرة.
منها ما ذكره المصنف هنا.
فمنها لو وطئ الجارية الموقوفة فلا حد عليه ولا مهر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الحارثي ويتجه أن ينبني على الملك أن جعلناه له فلا حد وإلا فعليه الحد.
قال وفي المغنى وجه بوجوب الحد في وطء الموضي له بالمنفعة.
قال لأنه لا يملك إلا المنفعة فلزمه كالمستأجر.
38

قال الحارثي فيطرد الحد هنا على القول بعدم الملك إلا أن يدعي الجهل ومثله يجهله.
ومنها قوله (وإن أتت بولد فهو حر وعليه قيمته يشتري بها ما يقوم مقامه وتصير أم ولده تعتق بموته).
يعنى تصير أم ولد إن قلنا هي ملك له وإن قلنا لا يملكها لم تصر أم ولد وهي وقف بحالها.
قوله (وعليه قيمته).
يعنى قيمة الولد وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ويحتمل أن لا يلزمه قيمة الولد إذا أولدها.
وعزاه في المستوعب والتلخيص إلى اختيار أبي الخطاب.
قوله (وتجب قيمتها في تركته يشتري بها مثلها تكون وقفا).
هذا المذهب قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل تصرف قيمتها للبطن الثاني إن تلقى الوقف من واقفه ذكره في الرعاية والفروع وقال فدل على خلاف.
وقال في المجرد والفصول والمغنى والقواعد الفقهية وغيرهم البطن الثاني يتلقونه من واقفه لا من البطن الأول.
وصححه الطوفي في قواعده.
فلهم اليمين مع شاهدهم لثبوت الوقف مع امتناع بعض البطن الأول منها.
قال في الفائق وهل يتلقى البطن الثاني الوقف من البطن الذي قبله أو من الواقف فيه وجهان.
قوله (وإن وطئها أجنبي بشبهة فأتت بولد فالولد حر وعليه
39

المهر لأهل الوقف وقيمة الولد وإن تلفت فعليه قيمتها يشتري بهما مثلهما).
يعني يشتري بقيمة الولد وقيمة أمه إذا تلفت.
الصحيح من المذهب أنه يشتري بهما مثلهما إن بلغ أو شقصا إن لم يبلغ وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وبن عقيل والمصنف.
ويحتمل أن يملك قيمة الولد ها هنا.
يعنى يملك الموقوف عليه قيمة الولد هنا على هذا الاحتمال.
واختاره أبو الخطاب قاله في المستوعب والتلخيص وهو احتمال في الهداية.
فائدة لو أتلفها إنسان لزمه قيمتها يشتري بها مثلها.
وإن حصل الإتلاف في جزء بها كقطع طرف مثلا فالصحيح أنه يشترى بأرشها شقص يكون وقفا قاله الحارثي وجزم به المصنف والشارح.
وقيل يكون للموقوف عليه وهما احتمالان مطلقان في التلخيص.
وإن جنى عليها من غير إتلاف فالأرش للموقوف عليه قاله في التلخيص وغيره.
فائدة أخرى لو قتل الموقوف عبد مكافئ.
فقال في المغنى الظاهر أنه لا يجب القصاص لأنه محل لا يختص به الموقوف عليه فلم يجز أن يقتص منه قاتله كالعبد المشترك انتهى.
قال الحارثي وتحرير قوله في المغنى أن العبد الموقوف مشترك بين الملاك ومن شرط استيفاء القصاص مطالبة كل الشركاء وهو متعذر.
قال وفيه بحث وذكره ومال إلى وجوب القصاص.
تنبيه ظاهر كلام المصنف هنا وقفية البدل بنفس الشراء لاستدعاء
40

البدلية ثبوت حكم الأصل لا البدل وهو الصحيح من الوجهين وقطع به في التلخيص والرعاية.
وظاهر كلام الخرقي وغيره أنه لا بد من إنشاء عقد الوقف.
فإنه قال وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا بيع واشترى بثمنه ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفا كالأول.
قال الحارثي وكذا نص أبو عبد الله رحمه الله في رواية بكر بن محمد قال وبهذا أقول.
ويأتي في آخر بيع الوقف بأتم من هذا وكلام الزركشي وغيره.
ومن فوائد الخلاف قول المصنف وله تزويج الجارية.
يعني إذا قلنا يملك الموقوف عليه الوقف.
وعلى الرواية الثانية يزوجها الحاكم.
وعلى الثالثة يزوجها الواقف قاله الزركشي وبن رجب في قواعده والحارثي لكن إذا زوج الحاكم اشترط إذن الموقوف عليه قاله في التلخيص وغيره وهو واضح وكذا إذا زوجها الواقف قاله الزركشي من عنده.
قلت هو مراد من لم يذكره قطعا.
وقد طرده الحارثي في الواقف والناظر إذا قيل بولايتهما.
وقيل لا يجوز تزويجها بحال إلا إذا طلبته وهو وجه في المغنى.
قال في الرعاية ويحتمل منع تزويجها إن لم تطلبه.
قوله (وولدها وقف معها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
(ويحتمل أن يملكه) الموقوف عليه.
وهو اختيار لأبي الخطاب كما تقدم في نظيره.
قال الحارثي وهذا أشبه بالصواب ونسب الأول إلى الأصحاب.
41

ويأتي هل يجوز للموقوف عليه أن يتزوج الأمة الموقوفة عليه في الفوائد قريبا.
ومن الفوائد قول المصنف (وإن جنى الوقف خطأ فالأرش على الموقوف عليه).
يعنى إذا قلنا إنه يملك الموقوف عليه وهو المذهب.
وعلى الرواية الثانية تكون جنايته في كسبه على الصحيح قدمه في الفروع والقواعد والمحرر.
وقيل في بيت المال وهو رواية في التبصرة وضعفه المصنف وقدمه في الرعاية وأطلقهما الزركشي.
وقيل لا يلزم الموقوف عليه الأرش على القولين قاله في القواعد.
وأما على الرواية الثالثة فيحتمل أن يجب على الواقف.
ويحتمل أن يجب في كسبه قاله الزركشي من عنده.
وقال الحارثي بعد أن حكى الوجهين المتقدمين ولهم وجه ثالث وهو الوجوب على الواقف قال وفيه بحث.
تنبيه هذا كله إذا كان الموقوف عليه معينا.
أما إن كان غير معين كالمساكين ونحوهم فقال في المغنى ينبغي أن يكون الأرش في كسبه لأنه ليس له مستحق معين يمكن إيجاب الأرش عليه ولا يمكن تعلقها برقبته فتعين في كسبه.
قال ويحتمل أن تجب في بيت المال.
فائدة حيث أوجبنا الفداء فهو أقل الأمرين من القيمة أو أرش الجناية اعتبارا بأم الولد.
تنبيه فهذه ثلاث مسائل من فوائد الخلاف ذكرها المصنف.
42

ومنها لو كان الموقوف ماشية لم تجب زكاتها على الثانية والثالثة لضعف الملك وتجب على الموقوف عليه على الأولى على ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله واختيار القاضي في التعليق والمجد وغيرهما وقدمه الزركشي.
قال الناظم * ولكن ليخرج من سواها ويمدد.
قلت فيعايي بها.
وقيل لا تجب مطلقا لضعف الملك اختاره صاحب التلخيص وغيره وقاله القاضي وبن عقيل.
فأما الشجر الموقوف فتجب الزكاة في ثمره على الموقوف عليه وجها واحدا لأن ثمرته للموقوف عليه قاله في الفوائد قال الشيرازي لا زكاة فيه مطلقا ونقله غيره رواية.
وتقدم الكلام على ذلك في كتاب الزكاة عند قوله ولا زكاة في السائمة الموقوفة بأتم من هذا فليراجع.
ومنها النظر على الموقوف عليه إن قلنا يملكه ملك النظر عليه على ما يأتي في كلام المصنف فينظر فيه هو مطلقا أو وليه إن لم يكن أهلا.
وقيل يضم إلى الفاسق أمين.
وعلى الرواية الثانية يكون النظر للحاكم.
وعلى الثالثة للواقف قاله الزركشي من عنده.
ومنها هل يستحق الشفعة بشركة الوقف فيه طريقان.
أحدهما البناء فإن قيل يملكه استحق به الشفعة وإلا فلا.
والطريق الثاني الوجهان بناء على قولنا يملكه قاله المجد.
وهذا كله مفرع على المذهب في جواز قسمة الوقف من الطلق.
43

أما على الوجه الآخر بمنع القسمة فلا شفعة وكذلك بنى صاحب التلخيص الوجهين هنا على الخلاف في قبول القسمة.
وتقدم ذلك في باب الشفعة عند قول المصنف ولا شفعة بشركة الوقف.
ومنها نفقة الحيوان الموقوف فتجب حيث شرطت ومع عدم الشرط تجب في كسبه ومع عدمه تجب على من الملك له قاله في التلخيص.
وقال الزركشي من عنده وعلى الثانية تجب في بيت المال وهو وجه ذكره في الفروع وغيره.
قال في القواعد وإن لم تكن له غلة فوجهان.
أحدهما نفقته على الموقوف عليه.
والثاني في بيت المال.
فقيل هما مبنيان على انتقال الملك وعدمه.
وقد يقال بالوجوب عليه وإن كان الملك لغيره كما نقول بوجوبها على الموصى له بالمنفعة على وجه انتهى.
ومنها لا يجوز للموقوف عليه أن يتزوج الأمة الموقوفة عليه على الأولى ويجوز على الثانية.
قلت وعلى الثالثة.
قال في القواعد هذا البناء ذكره في التلخيص وغيره.
قال وفيه نظر فإنه يملك منفعة البضع على كلا القوالين ولهذا يكون المهر له انتهى.
قال الحارثي فعلى الأولى لو وقفت عليه زوجته انفسخ النكاح لوجود الملك.
ومنها لو سرق الوقف أو نماءه فعلى الأولى يقطع على الصحيح وقيل لا يقطع وإن قلنا لا يملكه لم يقطع على الصحيح وقيل يقطع.
44

ومحل ذلك كله إذا كان الوقف على معين.
ومنها وجوب إخراج زكاة الفطر على الموقوف عليه على الأولى على الصحيح وقيل لا تجب عليه.
وأما إذا اشترى عبد من غلة الوقف لخدمة الوقف فإن الفطرة تجب قولا واحدا لتمام التصرف فيه قاله أبو المعالي.
ويعايى بمملوك لا مالك له وهو عبد وقف على خدمة الكعبة قاله بن عقيل في المنثور.
ومنها لو زرع الغاضب الوقف فعلى الأولى للموقوف عليه التملك بالنفقة وإلا فهو كالمستأجر ومالك المنفعة فيه تردد ذكره في الفوائد من القواعد.
قوله (وإن وقف على ثلاثة ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه على الآخرين).
وكذا لو رد وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر الحارثي في شرحه وجهين آخرين.
أحدهما الصرف مدة بقاء الآخرين مصرف الوقف المنقطع لسكوته عن المصرف في هذه الحالة.
والوجه الثاني الانتقال إلى المساكين لاقتضاء اللفظ له فإن مقتضاه الصرف إلى المساكين بعد انقراض من عين فصرف نصيب كل منهم عند انقراضه إلى المساكين داخل تحت دلالة اللفظ ورجحه على الذي قبله.
فوائد
إحداها لو وقف على ثلاثة ولم يذكر له مآلا فمن مات منهم فحكم نصيبه حكم المنقطع كما لو ماتوا جميعا قاله الحارثي.
45

وقال على ما في الكتاب يصرف إلى من بقي.
وقطع به في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة وكذا الحكم لو رد بعضهم قاله فيها أيضا.
الثانية لو وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على الفقراء فالصحيح من المذهب أن هذا ترتيب جملة على مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض الأول قدمه في الفروع والفائق.
وقال في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة هذا المعروف عند الأصحاب وهو الذي ذكره القاضي وأصحابه ومن اتبعهم فيكون من باب توزيع الجملة.
وقيل ترتيب أفراد فيستحق الولد نصيب أبيه بعده فهو من ترتيب الأفراد بين كل شخص وأبيه اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق.
قال في الانتصار عند شهادة الواحد بالهلال إذا قوبل جمع بجمع اقتضى مقابله الفرد منه بالفرد لغة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فعلى هذا الأظهر استحقاق الولد وإن لم يستحق أبوه.
وقال الأظهر أيضا فيمن وقف على ولديه نصفين ثم على أولادهما وأولاد أولادهما وعقبهما بعدهما بطنا بعد بطن أنه ينتقل نصيب كل واحد إلى ولده ثم ولد ولده.
وقال من ظن أن الوقف كالإرث فإن لم يكن أبوه أخذ شيئا لم يأخذ هو فلم يقله أحد من الأئمة ولم يدر ما يقول.
ولهذا لو انتفت الشروط في الطبقة الأولى أو بعضهم لم تحرم الثانية مع وجود الشروط فيهم إجماعا ولا فرق انتهى.
قال في الفروع وقول الواقف من مات فنصيبه لولده يعم ما استحقه وما يستحقه مع صفة الاستحقاق استحقه أو لا تكثيرا للفائدة ولصدق الإضافة
46

بأدنى ملابسه ولأنه بعد موته لا يستحقه ولأنه المفهوم عند العامة الشارطين ويقصدونه لأنه يتيم لم يرث هو وأبوه من الجد ولأن في صورة الإجماع ينتقل مع وجود المانع إلى ولده لكن هنا هل يعتبر موت الوالد يتوجه الخلاف وإن لم يتناول إلا ما استحقه فمفهوم خرج مخرج الغالب وقد تناوله الوقف على أولاده ثم أولادهم.
قال في الفروع فعلى قول شيخنا أن قال بطنا بعد بطن ونحوه فترتيب جملة مع أنه محتمل.
فإن زاد الواقف على أنه إن توفى أحد من أولاد الموقوف عليه ابتداء في حياة والده وله ولد ثم مات الأب عن أولاد لصلبه وعن ولد ولده الذي مات أبوه قبل استحقاقه فله معهم ما لأبيه لو كان حيا فهو صريح في ترتيب الأفراد.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا فيما إذا قال بطنا بعد بطن ولم يزد شيئا هذه المسألة فيها نزاع والأظهر أن نصيب كل واحد ينتقل إلى ولده ثم إلى ولد ولده ولا مشاركة انتهى.
الثالثة لو كان له ثلاث بنين فقال وقفت على ولدى فلان وفلان وعلى ولد ولدى كان الوقف على المسمين وأولادهما وأولاد الثالث ولا شيء للثالث.
ذكره المصنف مختارا له وقدمه في الفروع والمغنى والشرح ونصراه وهو ظاهر ما قدمه في الفائق وقواه شيخنا في حواشيه وصححه الحارثي.
وقال القاضي وبن عقيل يدخل الابن الثالث.
ونقله حرب وقدمه الحارثي فقال فالمنصوص دخول الجميع.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين بعد المائة ويتخرج وجه بالإختصاص بولد من وقف عليهم اعتبارا بآبائهم.
وكذا الحكم والخلاف والمذهب لو قال وقفت على ولدي فلان وفلان ثم على الفقراء هل يشمل ولد ولده أم لا.
47

وقيل يشمله هنا ذكره المصنف احتمالا من عنده.
الرابعة لو وقف على فلان فإذا انقرض أولاده فعلى المساكين كان بعد موت فلان لأولاده ثم من بعدهم للمساكين اختاره القاضي وبن عقيل وقدمه في الكافي.
وقيل يصرف بعد موت فلان مصرف المنقطع حتى ينقرض أولاده ثم يصرف على المساكين.
الخامسة لو وقف على أولاده وأولاد أولاده اشتركوا حالا ولو قال فيه على أن من توفى عن غير ولد فنصيبه لذوي طبقته كان للاشتراك أيضا في أحد الوجهين.
قلت وهو أولى.
قال في القواعد وقد زعم المجد أن كلام القاضي في المجرد يدل على أنه يكون مشتركا بين الأولاد وأولادهم ثم يضاف إلى كل ولد نصيب والده بعد موته.
قال وليس في كلام القاضي ما يدل على ذلك لمن راجعه وتأمله.
والوجه الثاني يكون للترتيب بين كل ولد وأبيه.
قال في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وذكره وأطلقهما في الفائق.
ولو رتب بقوله الأعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب أو البطن الأول ثم الثاني فهذا ترتيب جملة على مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض الأول قاله في المغنى والشرح والحارثي والفائق وغيرهم.
قال في التلخيص وكذا قوله قرنا بعد قرن.
ولو قال بعد الترتيب بين أولاده ثم على أنسالهم وأعقابهم فهل يستحقه أهل العقب مرتبا أو مشتركا فيه وجهان وأطلقهما في الفائق.
48

قلت الصواب الترتيب.
ولو رتب بين أولاده وأولادهم ب ثم ثم قال ومن توفى عن ولد فنصيبه لولده استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه.
ولو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي على أنه من توفى منهم عن غير ولد فنصيبه لأهل درجته استحق كل ولد نصيب أبيه بعده كالتي قبلها.
قال في الفائق ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره انتهى.
وهما ينزعان إلى أصل المسألة المتقدمة.
وقد تقدم كلام الشيخ تقي الدين فيها.
قلت هذه المسألة أولى بالصحة.
وقد وافق الشيخ تقي الدين رحمه الله على ذلك كثير من العلماء من أرباب المذهب وجعلوه من تخصيص العموم بالمفهوم وهو أظهر.
وصنف الشيخ تقي الدين في ذلك مصنفا حافلا خمس كراريس.
ولو قال ومن مات عن ولد فنصيبه لولده فالصحيح من المذهب أنه يشمل النصيب الأصلي والعائد مثل أن يكون ثلاث أخوة فيموت أحدهم عن ولد ويموت الثاني عن غير ولد فنصيبه لأخيه الثالث.
فإذا مات الثالث عن ولد استحق جميع ما كان في يد أبيه من الأصلي والعائد إليه من أخيه وقدمه في الفروع.
وقال الشيخ تقى الدين رحمه الله يشمل النصيب الأصلي ويشترك ولد الميت الأول وولد الميت الثالث في النصيب العائد إلى أخيه لأن والديهما لو كانا حيين لاشتركا في العائد فكذا ولدهما.
قلت وهو الصواب.
ولو قال ومن توفى عن غير ولد فنصيبه لأهل درجته وكان الوقف مرتبا بالبطون كان نصيب الميت عن غير ولد لأهل البطن الذي هو منه.
49

ولو كان مشتركا بين أهل البطون عاد إلى جميع أهل الوقف في أحد الوجهين قلت وهو الصواب فوجود هذا الشرط كعدمه.
والوجه الثاني يختص البطن الذي هو منه فيستوي فيه إخوته وبنو عمه وبنو بني عم أبيه لأنهم في القرب سواء قدمه في النظم.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفائق والفروع والحاوي الصغير.
فإن لم يوجد في درجته أحد فالحكم كما لو لم يذكر الشرط قاله في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
ولو كان الوقف على البطن الأول على أن من مات عن ولد فنصيبه لولده وإن مات عن غير ولد انتقل نصيبه إلى من في درجته فمات أحدهم عن غير ولد فقيل يعود نصيبه إلى أهل الوقف كلهم وإن كانوا بطونا وحكم به التقى سليمان وهو الصواب.
وقيل يختص أهل بطنه سواء كانوا من أهل الوقف حالا أو قوة مثل أن يكون البطن الأول ثلاثة فمات أحدهم عن بن ثم مات الثاني عن ابنين فمات أحد الابنين وترك أخاه وبن عمه وعمه وابنا لعمه الحي فيكون نصيبه بين أخيه وبن عمه الميت وبن عمه الحي ولا يستحق العم شيئا.
وقيل يختص أهل بطنه في أهل الوقف المتناولين له في الحال.
فعلى هذا يكون لأخيه وبن عمه الذي مات أبوه ولا شيء لعمه الحي ولا لولده.
وأطلقهن في المغنى والشرح والفروع والفائق والحاوي الصغير.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذوو طبقته إخوته وبنو عمه ونحوهم ومن هو أعلى منه عمومته ونحوهم ومن هو أسفل منه ولده وولد أخوته وطبقتهم.
ولا يستحق من في درجته من غير أهل الوقف بحال كمن له أربع بنين.
50

وقف على ثلاثة وترك الرابع فمات أحد الثلاثة عن غير ولد لم يكن للرابع فيه شيء لأنه ليس من أهل الاستحقاق قاله الأصحاب.
وإذا شرطه لمن في درجة المتوفى عند عدم ولده استحقه أهل الدرجة حالة وفاته وكذا من سيوجد منهم في أصح الاحتمالين.
قال في الفائق هذا أقوى الاحتمالين.
قال ورأيت المشاركة بخط الشيخ شمس الدين يعنى الشارح والنووي قال بن رجب في قواعده يخرج فيه وجهان قال والدخول هنا أولى وبه أفتى الشيخ شمس الدين.
قال وعلى هذا لو حدث من هو أعلى من الموجودين وكان في الوقف استحقاق الأعلى فالأعلى فإنه ينتزعه منهم قاله في القاعدة السابعة بعد المائة.
السادسة لو قال على أولادي ثم أولادهم الذكور والإناث ثم أولادهم الذكور من ولد الظهر فقط ثم نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مات منهم وترك ولدا وإن سفل فنصيبه له فمات أحد الطبقة الأولة وترك بنتا فماتت ولها أولاد.
فقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ما استحقته قبل موتها فهو لهم.
قال في الفروع ويتوجه لا انتهى.
ولو قال ومن مات عن غير ولد وإن سفل فنصيبه لأخوته ثم نسلهم وعقبهم عم من لم يعقب ومن أعقب ثم انقطع عقبه لأنه لا يقصد غيره واللفظ يحتمله فوجب الحمل عليه قطعا قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفروع ويتوجه نفوذ حكمه بخلافه.
السابعة لو اجتمع صفتان أو صفات في شخص واحد فهو كاجتماع شخصين أو أشخاص على المشهور من المذهب فيتعدد الاستحقاق بها كالأعيان قاله في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
51

وله نظائر في الوصايا والفرائض والزكاة فكذلك الوقف.
وأفتى به العلامة بن رجب أيضا ورد قول المخالف في ذلك.
وقيل لا يتعدد الاستحقاق بذلك.
ويأتي قريبا من ذلك في الفائدة السادسة من الفوائد الآتية قريبا.
الثامنة إذا تعقب الشرط جملا عاد إلى الكل على الصحيح من المذهب.
وقد ذكر المصنف في المغنى وجهين في قوله أنت حرام والله لا أكلمك إن شاء الله تعالى انتهى.
والاستثناء كالشرط على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل لا وقيل والجمل من جنس كالشرط.
وكذا مخصص من صفة وعطف بيان وتوكيد وبدل ونحوه والجار والمجرور نحو على أنه أو بشرط أنه ونحو ذلك كالشرط لتعلقه بفعل لا باسم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وعموم كلامهم لا فرق بين العطف بواو وفاء وثم وذلك لما تقدم ذكر ذلك بن عقيل وغيره.
التاسعة لو وجد في كتاب وقف أن رجلا وقف على فلان وعلى بنى بنيه واشتبه هل المراد ببني بنيه جمع بن أو بنى بنته واحدة البنات.
فقال بن عقيل في الفنون يكون بينهما عندنا لتساويهما كما في تعارض البينات.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس هذا من تعارض البينتين بل هو بمنزلة تردد البينة الواحدة ولو كان من تعارض البينتين فالقسمة عند التعارض رواية مرجوحة وإلا فالصحيح إما التساقط وإما القرعة فيحتمل أن يقرع هنا ويحتمل أن يرجح بنو البنين لأن العادة أن الإنسان إذا وقف على ولد بنتيه لا يخص منهما الذكور بل يعم أولادهما بخلاف الوقف على ولد الذكور فإنه
52

يخص ذكورهم كثيرا كآبائهم ولأنه لو أراد ولد البنت لسماها باسمها أو لشرك بين ولدها وولد سائر بناته.
قال وهذا أقرب إلى الصواب.
وأفتى أيضا رحمه الله فيمن وقف على أحد أولاده وله عدة أولاد وجهل اسمه أنه يميز بالقرعة.
قوله (ويرجع إلى شرط الواقف في قسمه على الموقوف عليه وفي التقديم والتأخير والجمع والترتيب والتسوية والتفضيل وإخراج من شاء بصفة وإدخاله بصفة وفي الناظر فيه والإنفاق عليه وسائر أحواله).
وكذا لو شرط عدم إيجاره أو قدر مدة قاله الأصحاب.
وقال الحارثي وعن بعضهم جواز زيادة مدة الإجارة على ما شرطه الناظر بحسب المصلحة.
قال وهو يحتاج عندي إلى شيء من تفصيل.
فقوله يرجع في قسمه أي في تقدير الاستحقاق.
والتقديم البداءة ببعض أهل الوقف دون بعض كوقفت على زيد وعمرو وبكر ويبدأ بالدفع إلى زيد أو وقفت على طائفة كذا ويبدأ بالأصلح أو الأفقه.
والتأخير عكس ذلك وإذا أضيف تقدير الاستحقاق كان للمؤخر ما فضل وإن لم يفضل شيء سقط.
والجمع جمع الاستحقاق مشتركا في حالة واحدة.
والترتيب جعل استحقاق بطن مرتبا على آخر كما تقدم.
والترتيب مع التقديم والتأخير متحد معنى لكن المراد في صورة
53

التقديم بقاء أصل الاستحقاق للمؤخر على صفة أن له ما فضل وإلا سقط وفي صورة الترتيب عدم استحقاق المؤخر مع وجود المقدم.
والتسوية جعل الريع بين أهل الوقف متساويا.
والتفضيل جعله متفاوتا.
ومعنى الإخراج بصفة والإدخال بصفة جعل الاستحقاق والحرمان مرتبا على وصف مشترط.
فترتب الاستحقاق كالوقف على قوم بشرط كونهم فقراء أو صلحاء.
وترتب الحرمان أن يقول ومن فسق منهم أو استغنى فلا شيء له.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن الشرط المباح الذي لا يظهر قصد القربة منه يجب اعتباره في كلام الواقف.
قال الحارثي وهو ظاهر كلام الأصحاب والمعروف في المذهب الوجوب قال وهو الصحيح.
وقال في الفائق وقال شيخنا يعنى به الشيخ تقي الدين رحمه الله يخرج من شرط كونه قربة اشتراط القربة في الأصل يلزم الشروط المباحة انتهى.
وقال في الفروع واختار شيخنا يعنى به الشيخ تقي الدين لزوم العمل بشرط مستحب خاصة.
وذكره صاحب المذهب لأنه لا ينفعه ويعذر عليه فبذل المال فيه سفه ولا يجوز انتهى.
قال الحارثي ومن متأخري الأصحاب من قال لا يصح اشتراطه يعنى المباح في ظاهر المذهب وعلله قال وهذا له قوة على القول باعتبار القربة في أصل الجهة كما هو ظاهر المذهب.
وإياه أراد بقوله في ظاهر المذهب فيما أرى.
54

ويؤيده من نص الإمام أحمد وذكر النص في الوصية انتهى.
والظاهر أنه أراد بقوله من متأخري الأصحاب الشيخ تقي الدين رحمه الله وكان في زمنه.
وفي كلام صاحب الفروع إيماء إلى ذلك.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا من قدر له الواقف شيئا فله أكثر منه إن استحقه بموجب الشرع.
وقال أيضا الشرط المكروه باطل اتفاقا.
فائدة لو خصص المدرسة بأهل مذهب أو بلد أو قبيلة تخصصت وكذلك الرباط والخانقاة والمقبرة وهذا المذهب جزم به في التلخيص وغيره وصححه الحارثي وغيره.
قال الحارثي وذكر بعض شيوخنا في كتابه احتمالا بعدم الاختصاص.
وأما المسجد فإن عين لإمامته شخصا تعين وإن خصص الإمامة بمذهب تخصصت به ما لم يكن في شيء من أحكام الصلاة مخالفا لصريح السنة أو ظاهرها سواء كان لعدم الاطلاع أو لتأويل ضعيف.
وإن خصص المصلين فيه بمذهب فقال في التلخيص يختص بهم على الأشبه لاختلاف المذاهب في أحكام الصلاة.
قال الحارثي وقال غير صاحب التلخيص من متأخري الأصحاب يحتمل وجهين وقوى الحارثي عدم الاختصاص.
قلت وهو الصواب.
قال في الفائق قلت واختار بن هبيرة عدم الاختصاص في المسجد بمذهب في الإمام.
قال في الفروع وقيل لا تتعين طائفة وقف عليها مسجد أو مقبرة كالصلاة فيه.
55

وقال أبو الخطاب يحتمل إن عين من يصلي فيه من أهل الحديث أو تدريس العلم اختص وإن سلم فلأنه لا يقع التزاحم بإشاعته ولو وقع فهو أفضل لأن الجماعة تراد له.
وقيل تمنع التسوية بين فقهاء كمسابقة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول الفقهاء نصوص الواقف كنصوص الشارع يعنى في الفهم والدلالة لا في وجوب العمل مع أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصى والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافقت لغة العرب أو لغة الشارع أم لا.
قال والشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تفض إلى الإخلال بالمقصود الشرعي ولا تجوز المحافظة على بعضها مع فوات المقصود بها.
قال ومن شرط في القربات أن يقدم فيها الصنف المفضول فقد شرط خلاف شرط الله كشرطه في الإمامة تقديم غير الأعلم والناظر منفذ لما شرطه الواقف انتهى.
وإن شرط أن لا ينزل فاسق ولا شرير ولا متجوه ونحوه عمل به وإلا توجه أن لا يعتبر في فقهاء ونحوهم.
وفي إمام ومؤذن الخلاف.
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم وكلام شيخنا في موضع.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا لا يجوز أن ينزل فاسق في جهة دينية كمدرسة وغيرها مطلقا لأنه يجب الإنكار عليه وعقوبته فكيف ينزل.
وقال أيضا إن نزل مستحق تنزيلا شرعيا لم يجز صرفه بلا موجب شرعي انتهى.
فائدة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو حكم حاكم بمحضر كوقف فيه شروط ثم ظهر كتاب الوقف غير ثابت وجب ثبوته والعمل به إن أمكن.
56

وقال أيضا لو أقر الموقوف عليه أنه لا يستحق في هذا الوقف إلا مقدارا معلوما ثم ظهر شرط الواقف بأنه يستحق أكثر حكم له بمقتضى شرط الواقف ولا يمنع من ذلك الإقرار المتقدم انتهى.
تنبيه ظاهر قوله (وإخراج من شاء بصفة وإدخاله بصفة).
أن الواقف لو شرط للناظر إخراج من شاء بصفة من أهل الوقف وإدخال غيره بصفة منهم جاز لأنه ليس بإخراج للموقوف عليه من الوقف وإنما هو تعليق الاستحقاق بصفة فكأنه جعل له حقا في الوقف إذا اتصف بإرادة الناظر ليعطيه ولم يجعل له حقا إذا انتفت تلك الصفة فيه.
وإن شرط له أن يخرج من شاء من أهل الوقف ويدخل من شاء من غيرهم لم يصح لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده كما لو شرط أن لا ينتفع به.
قال ذلك المصنف ومن تابعه وقدمه في الفروع.
وقال الحارثي فرق المصنف بين المسألتين قال والفرق لا يتجه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كل متصرف بولاية إذا قيل له يفعل ما يشاء فإنما هو لمصلحة شرعية حتى لو صرح الواقف بفعل ما يهواه وما يراه مطلقا فشرط باطل لمخالفته الشرع وغايته أن يكون شرطا مباحا وهو باطل على الصحيح المشهور حتى لو تساوى فعلان عمل بالقرعة.
وإذا قيل هنا بالتخيير فله وجه.
فوائد
الأولى يتعين مصرف الوقف إلى الجهة المعينة له على الصحيح من المذهب ونقله الجماعة قدمه في الفروع وغيره وقطع به أكثرهم وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح
57

منه وإن اختلف ذلك باختلاف الأزمان حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند.
وقيل إن سبل ماء للشرب جاز الوضوء منه.
قال في الفروع فشرب ماء موقوف للوضوء يتوجه عليه وأولى.
وقال الأحرى في الفرس الحبيس لا يعيره ولا يؤجره إلا لنفع الفرس ولا ينبغي أن يركبه في حاجة إلا لتأديبه وجمال المسلمين ورفعة لهم أو غيظ للعدو.
وتقدم وجه بتحريم الوضوء من ماء زمزم.
قال في الفروع فعلى نجاسة المنفصل واضح.
وقيل لمخالفة شرط الواقف أنه لو سبل ماء للشرب في كراهة الوضوء منه وتحريمه وجهان في فتاوى بن الزاغوني وغيرها.
وعنه يجوز إخراج بسط المسجد وحصره لمن ينتظر الجنازة.
وأما ركوب الدابة لعلفها وسقيها فيجوز نقله الشالنجي وجزم به في الفروع وغيره.
الثانية إذا شرط الواقف لناظره أجرة فكلفته عليه حتى تبقى أجره مثله على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع.
وقال المصنف ومن تبعه كلفته من غلة الوقف.
قيل للشيخ تقي الدين رحمه الله فله العادة بلا شرط فقال ليس له إلا ما يقابل عمله.
وتقدم في باب الحجر إذا لم يشرط الواقف للناظر أجره هل له الأخذ أم لا.
الثالثة قال الحارثي إذا أسند النظر إلى اثنين لم يتصرف أحدهما بدون شرط.
وكذا إن جعله الحاكم أو الناظر إليهما.
58

وأما إذا شرطه لكل واحد من اثنين استقل كل منهما بالتصرف لاستقلال كل منهما بالنظر.
وقال في المغنى إذا كان الموقوف عليه ناظرا إما بالشرط وإما لانتفاء ناظر مشروط وكان واحدا استقل به وإن كانوا جماعة فالنظر للجميع كل إنسان في حصته انتهى.
قال الحارثي والأظهر أن الواحد منهم في حالة الشرط لا يستقل بحصته لأن النظر مسند إلى الجميع فوجب الشركة في مطلق النظر فما من نظر إلا وهو مشترك.
وإن أسنده إلى عدلين من ولده فلم يوجد إلا واحد أو أبى أحدهما أو مات أقام الحاكم مقامه آخر لأن الواقف لم يرض بواحد.
وإن جعل كلا منهما مستقلا لم يحتج إلى إقامة آخر لأن البدل مستغنى عنه واللفظ لا يدل عليه.
وإن أسنده إلى الأفضل فالأفضل من ولده وأبى الأفضل القبول فهل ينتقل إلى الحاكم مدة بقائه أو إلى من يليه فيه الخلاف الذي فيما إذا رد البطن الأول على ما تقدم قاله الحارثي.
قلت وهي قريبة مما إذا عضل الولي الأقرب هل تنتقل الولاية إلى الحاكم أو إلى من يليه من الأولياء على ما يأتي في كلام المصنف في أركان النكاح وإن تعين أحدهم لفضله ثم صار فيهم من هو أفضل منه انتقل إليه لوجود الشرط فيه.
الرابعة لو تنازع ناظران في نصب إمامة نصب أحدهما زيدا والآخر عمرا إن لم يستقلا لم تتعقد الولاية لانتفاء شرطها وإن استقلا وتعاقبا انعقدت للأسبق وإن اتحدا واستوى المنصوبان قدم أحدهما بالقزعة.
59

الخامسة يشتمل على أحكام جمة من أحكام الناظر.
إذا عزل الواقف من شرط النظر له لم ينعزل إلا أن يشرط لنفسه ولاية العزل قطع به الحارثي وصاحب الفروع.
ولو مات هذا الناظر في حياة الواقف لم يملك الواقف نصب ناظر بدون شرط وانتقل الأمر إلى الحاكم.
وإن مات بعد وفاة الواقف فكذلك بلا نزاع.
وإن شرط الواقف النظر لنفسه ثم جعله لغيره أو فوضه إليه أو أسنده فهل له عزله فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما له عزله قدمه في الرعاية الكبرى فقال وإن قال وقفت كذا بشرط أن ينظر فيه زيد أو على أن ينظر فيه أو قال عقبه جعلته ناظرا فيه أو جعل النظر له صح ولم يملك عزله.
وإن شرطه لنفسه ثم جعله لزيد أو قال جعلت نظري له أو فوضت إليه ما أملكه من النظر أو أسندته إليه فله عزله ويحتمل عدمه انتهى.
قال الحارثي إذا كان الوقف على جهة لا تنحصر كالفقراء والمساكين أو على مسجد أو مدرسة أو قنطرة أو رباط ونحو ذلك فالنظر للحاكم وجها واحدا.
وللشافعية وجه أنه للواقف.
وبه قال هلال الرأي من الحنفية.
قال الحارثي وهو الأقوى.
فعليه له نصب ناظر من جهته ويكون نائبا عنه يملك عزله متى شاء لأصالة ولايته.
فكان منصوبه نائبا عنه كما في الملك المطلق.
60

وله الوصية بالنظر لأصالة الولاية إذا قيل بنظره له أن ينصب ويعزل أيضا كذلك انتهى.
والوجه الثاني ليس له عزله وهو الاحتمال الذي في الرعاية.
وللناظر بالأصالة أن يعزل وينصب أيضا بشرطه والمراد بالناظر بالأصالة الموقوف عليه أو الحاكم قاله القاضي محب الدين بن نصر الله.
وأما الناظر المشروط فليس له نصب ناظر لأن نظره مستفاد بالشرط ولم يشرط النصب له.
وإن قيل برواية توكيل الوكيل كان له بالأولى لتأكد ولايته من جهة انتفاء عزله بالعزل.
وليس له الوصية بالنظر أيضا نص عليه في رواية الأثرم لأنه إنما ينظر بالشرط ولم يشرط الإيصاء له خلافا للحنفية.
ومن شرط لغيره النظر إن مات فعزل نفسه أو فسق فهو كموته لأن تخصيصه للغالب ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفروع ويتوجه لا.
وقال ولو قال النظر بعده له فهل هو كذلك أو المراد بعد نظره يتوجه وجهان انتهى.
وللناظر التقرير في الوظائف.
قال في الفروع قاله الأصحاب في ناظر المسجد.
قال الحارثي المشروط له نظر المسجد له نصب من يقوم بوظائفه من إمام ومؤذن وقيم وغيرهم كما أن لناظر الموقوف عليه نصب من يقوم بمصلحته من جاب ونحوه.
61

وإن لم يشرط ناظر لم يكن للواقف ولاية النصب نص عليه في رواية وبن بختان.
قال الحارثي ويحتمل خلافة على ما تقدم.
فعلى الأول للإمام ولاية النصب لأنه من المصالح العامة.
وقال في الأحكام السلطانية إن كان المسجد كبيرا كالجوامع وما عظم وكثر أهله فلا يؤم فيها إلا من ندبة السلطان وإن كان من المساجد التي يبنيها أهل الشوارع والقبائل فلا اعتراض عليهم والإمامة فيها لمن اتفقوا عليه وليس لهم بعد الرضى به عزله عن إمامته إلا أن يتغير.
قال الحارثي والأصح أن للإمام النصب أيضا لكن لا ينصب من لا يرضاه الجيران وكلك الناظر الخاص لا ينصب من لا يرضونه.
وقال الحارثي أيضا وهل لأهل المسجد نصب ناظر في مصالحه ووقفه ظاهر المذهب ليس لهم ذلك كما في نصب الإمام والمؤذن.
هذا إذا وجد نائب من جهة الإمام.
فأما إذا لم يوجد كما في القرى الصغار أو الأماكن النائية أو وجد وكان غير مأمون أو يغلب عليه نصب من ليس مأمونا فلا إشكال في أن لهم النصب تحصيلا للغرض ودفعا للمفسدة.
وكذا ما عداه من الأوقاف لأهل ذلك الوقف أو الجهة نصب ناظر فيه كذلك.
وإن تعذر النصب من جهة هؤلاء فلرئيس القرية أو المكان النظر والتصرف لأنه محل حاجة ونص الإمام أحمد رحمه الله على مثله انتهى.
قال في الفروع وذكر في الأحكام السلطانية أن الإمام يقرر في الجوامع الكبار كما تقدم ولا يتوقف الاستحقاق على نصبه إلا بشرط.
ولا نظر لغير الناظر معه.
62

قال في الفروع أطلقه الأصحاب وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويتوجه مع حضوره فيقرر حاكم في وظيفة خلت في وظيفة خلت في غيبته لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه فالظاهر أنه يريده.
ولا حجة في تولية الأئمة مع البعد لمنعهم غيرهم التولية.
فنظيره منع الواقف التولية لغيبة الناظر.
ولو سبق تولية ناظر غائب قدمت.
وللحاكم النظر العام فيفترض عليه إن فعل ما لا يسوغ.
وله ضم أمين مع تفريطه أو تهمته يحصل به المقصود قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
وقال أيضا ومن ثبت فسقه أو أصر متصرفا بخلاف الشرط الصحيح عالما بتحريمه قدح فيه.
فإما أن ينعزل أو يعزل أو يضم إليه أمين على الخلاف المشهور.
ثم إن صار هو أو الوصي أهلا عاد كما لو صرح به وكالموصوف.
وقال أيضا متى فرط سقط مما له بقدر ما فوته من الواجب انتهى.
وقال في التلخيص لو عزل عن وظيفته للفسق مثلا ثم تاب وأظهر العدالة يتوجه أن يقال فيها ما قيل في مسألة الشهادة أو أولى لأن تهمة الإنسان في حق نفسه ومصلحته أبلغ منها في حق الغير.
والظاهر أن مراده بالخلاف المشهور ما ذكره الأصحاب في الموصى إليه إذا فسق ينعزل أو يضم أمين على ما يأتي.
ويأتي بيان ذلك أيضا قريبا في الفائدة السابعة.
وقال في الأحكام السلطانية يستحق ماله إن كان معلوما فإن قصر فترك بعض العمل لم يستحق ما قابله وإن كان بجناية منه استحقه ولا يستحق الزيادة.
63

وإن كان مجهولا فأجره مثله فإن كان مقدرا في الديوان وعمل به جماعة فهو أجر المثل.
وإن لم يسم له شيئا فقال في الفروع قياس المذهب إن كان مشهورا بأخذ الجاري على عمله فله جارى مثله وإلا فلا شيء له.
وله الأجر من وقت نظره فيه قاله الأصحاب والشيخ تقي الدين.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن أطلق النظر لحاكم شمل أي حاكم كان سواء كان مذهبه مذهب حاكم البلد زمن الوقف أولا وإلا لم يكن له نظر إذا انفرد وهو باطل اتفاقا.
وقد أفتى الشيخ نصر الله الحنبلي والشيخ برهان الدين ولد صاحب الفروع في وقف شرط واقفه أن النظر فيه لحاكم المسلمين كائنا من كان بأن الحكام إذا تعددوا يكون النظر فيه للسلطان يوليه من شاء من المتأهلين لذلك.
ووافق على ذلك القاضي سراج الدين بن البلقيني وشهاب الدين الباعوني وبن الهائم والتفهنى الحنفي والبساطي المالكي.
وقال القاضي نجم الدين بن حجي نقلا وموافقة للمتأخرين إن كان صادرا من الواقف قبل حدوث القضاة الثلاثة فالمراد الشافعي وإلا فهو الشافعي أيضا على الراجح.
ولو فوضه حاكم لم يجز لآخر نقضه.
ولو ولى كل واحد منهما شخصا قدم ولي الأمر أحقهما.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يجوز لواقف شرط النظر لذي مذهب معين دائما.
وقال أيضا ومن وقف على مدرس وفقهاء فللناظر ثم الحاكم تقدير أعطيتهم فلو زاد النماء فهو لهم.
والحكم بتقديم مدرس أو غيره باطل لم نعلم أحدا يعتد به قال به ولا بما
64

يشبهه ولو نفذه حكام وبطلانه لمخالفته مقتضى الشرط والعرف أيضا.
وليس تقدير الناظر أمرا حتما كتقدير الحاكم بحيث لا يجوز له ولا لغيره زيادته ونقصه للمصلحة.
وإن قيل إن المدرس لا يزاد ولا ينقص بزيادة النماء ونقصه كان باطلا لأنه لهم.
والقياس أنه يسوى بينهم ولو تفاوتوا في المنفعة كالإمام والجيش في المغنم لكن دل العرف على التفضيل وإنما قدم القيم ونحوه لأن ما يأخذه أجرة ولهذا يحرم أخذه فوق أجرة مثله بلا شرط انتهى كلامه ملخصا.
ويأتي في كلام المصنف إذا وقف على من يمكن حصره.
قال في الفروع وجعل الإمام والمؤذن كالقيم بخلاف المدرس والمعيد والفقهاء فإنهم من جنس واحد.
وذكر بعضهم في مدرس وفقهاء ومتفقهة وإمام وقيم ونحو ذلك يقسم بينهم بالسوية.
قال في الفروع ويتوجه روايتا عامل زكاة الثمن أو الأجرة انتهى.
قال في الفائق ولو شرط على مدرس وفقهاء وإمام فلكل جهة الثلث ذكره بن الصيرفي في لفظ المنافع.
قال صاحب الفائق قلت يحتمل وجهين أخذا من روايتي مدفوع العامل هل هو الثمن اعتبارا بالقسمة أو أجرة مثله بالنسبة انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو عطل مغل وقف مسجد سنة تقسطت الأجرة المستقبلة عليها وعلى السنة الأخرى لتقوم الوظيفة فيهما لأنه خير من التعطيل ولا ينقص الإمام بسبب تعطل الزرع بعض العام.
قال في الفروع فقد أدخل مغل سنة في سنة.
65

وقد أفتى غير واحد منا في زمننا فيما نقص عما قدره الواقف كل شهر أنه يتمم مما بعده وحكم به بعضهم بعد سنين.
وقال ورأيت غير واحد لا يراه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن لم يقم بوظيفته عزله من له الولاية بمن يقوم بها إذا لم يتب الأول ويلتزم بالواجب.
ويجب أن يولي في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا وأن يعمل بما يقدر عليه من عمل واجب.
وقال في الأحكام السلطانية ولاية الإمامة بالناس طريقها الأولى لا الوجوب بخلاف ولاية القضاء والنقابة لأنه لو تراضى الناس بإمام يصلي لهم صح.
ولا يجوز أن يؤم في المساجد السلطانية وهي الجوامع إلا من ولاه السلطان لئلا يفتات عليه فيما وكل إليه.
وقال في الرعاية إن رضوا بغيره بلا عذر كره وصح في المذهب ذكره في آخر الأذان.
السادسة لو شرط الواقف ناظرا ومدرسا ومعيدا وإماما فهل يجوز لشخص أن يقوم بالوظائف كلها وتنحصر فيه صرح القاضي في خلافه الكبير بعدم الجواز في الفيء بعد قول الإمام أحمد رحمه الله لا يتمول الرجل من السواد وأطال في ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الفتاوى المصرية وإن أمكن أن يجمع بين الوظائف لواحد فعل انتهى.
وتقدم لابن رجب قريب من ذلك في القاعدة السابعة قريبا.
السابعة يشترط في الناظر الإسلام والتكليف والكفاية في التصرف والخبرة به والقوة عليه.
ويضم إلى الضعيف قوى أمين.
66

ثم إن كان النظر لغير الموقوف عليه وكانت توليته من الحاكم أو الناظر فلا بد من شرط العدالة فيه.
قال الحارثي بغير خلاف علمته.
وإن كانت توليته من الواقف وهو فاسق أو كان عدلا ففسق قال المصنف وجماعة يصح ويضم إليه أمين.
ويحتمل أن يصح تولية الفاسق وينعزل إذا فسق.
وقال الحارثي ومن متأخري الأصحاب من قال بما ذكرنا في الفسق الطارئ دون المقارن للولاية والعكس أنسب فإن في حال المقارنة مسامحة لما يتوقع منه بخلاف حالة الطريان انتهى.
وإن كان النظر للموقوف عليه إما بجعل الواقف النظر له أو لكونه أحق بذلك عند عدم ناظر فهو أحق بذلك رجلا كان أو امرأة عدلا كان أو فاسقا لأنه ينظر لنفسه قدمه في المغنى والشرح.
وقيل يضم إلى الفاسق أمين.
قال الحارثي أما العدالة فلا تشترط ولكن يضم إلى الفاسق عدل ذكره بن أبي موسى والسامري وغيرهما لما فيه من العمل بالشرط وحفظ الوقف انتهى.
قلت وهو الصواب.
وتقدم إذا كان النظر للموقوف عليه وكان غير أهل لصغر أو سفه أو جنون فإن وليه يقوم مقامه في النظر إن قلنا الوقف يملكه الموقوف عليه وإلا الحاكم.
الثامنة وظيفة الناظر حفظ الوقف والعمارة والإيجار والزراعة والمخاصمة فيه وتحصيل ريعه من تأجيره أو زرعه أو ثمره والاجتهاد في تنميته وصرفه في جهاته من عمارة وإصلاح وإعطاء مستحق ونحو ذلك.
67

وله وضع يده عليه وعلى الأصل.
ولكن إذا شرط التصرف له واليد لغيره أو عمارته إلى واحد وتحصيل ريعه إلى آخر فعلى ما شرط قاله الحارثي.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ونصب المستوفى الجامع للعمال المتفرقين وهو بحسب الحاجة والمصلحة فإن لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه إلا به وجب وقد يستغنى عنه لقلة العمال.
قال ومباشرة الإمام المحاسبة بنفسه كنصب الإمام الحاكم ولهذا كان عليه أفضل الصلاة والسلام يباشر الحكم في المدينة بنفسه ويولى مع البعد انتهى.
التاسعة قال الأصحاب لا اعتراض لأهل الوقف على من ولاه الواقف إذا كان أمينا ولهم مسألته عما يحتاجون إلى عمله من أمر وقفهم حتى يستوي علمهم وعلمه فيه.
قال في الفروع ونصه إذا كان متهما انتهى.
ولهم مطالبته بانتساخ كتاب الوقف ليكون في أيديهم وثيقة لهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتسجيل كتاب الوقف كالعادة.
العاشرة ما يأخذه الفقهاء من الوقف هل هو كإجارة أو جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يوجب العقد عرفا وهو كالرزق من بيت المال.
فيه ثلاثة أقوال ذكرها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختار الأخير.
فقال وما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة بل رزق للإعانة على الطاعة وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به أو المنذور له ليس كالأجرة والجعل انتهى.
قال القاضي في خلافه ولا يقال إن منه ما يؤخذ أجرة عن عمل كالتدريس ونحوه لأنا نقول أولا لا نسلم أن ذلك أجرة محضة بل هو رزق وإعانة على طلب العلم بهذه الأموال وهذا موافق لما قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
68

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا ممن أكل المال بالباطل قوم لهم رواتب أضعاف حاجتهم وقوم لهم جهات معلومها كثير يأخذونه ويستنيبون بيسير.
وقال أيضا النيابة في مثل هذه الأعمال المشروطة جائزة ولو عينه الواقف إذا كان النائب مثل مستنيبه وقد يكون في ذلك مفسدة راجحة كالأعمال المشروطة في الإجارة على عمل في الذمة انتهى.
قوله (فإن لم يشترط ناظرا فالنظر للموقوف عليه).
هذا المذهب بلا ريب بشرطه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل للحاكم قطع به بن أبي موسى.
واختاره الحارثي وقال فمن الأصحاب من بني هذا الوجه على القول بانفكاك الموقوف عن ملك الآدمي وليس هو عندي كذلك ولا بد إذ يجوز أن يكون لحق من يأتي بعد انتهى.
وأطلقهما في الكافي.
وقال المصنف ومن تبعه ويحتمل أن يكون ذلك مبنيا على أن الملك فيه هل ينتقل إلى الموقوف عليه أو إلى الله.
فإن قلنا هو للموقوف عليه فالنظر فيه له.
3 وإن قلنا هو لله تعالى فالنظر للحاكم انتهى.
قلت قد تقدم أن الخلاف هنا مبني على الخلاف هناك وعليه الأصحاب.
قال الحارثي هنا إذا قلنا النظر للموقوف عليه فيكون بناء على القول بملكه كما هو المشهور عندهم انتهى.
فلعل المصنف ما اطلع على ذلك فوافق احتماله ما قالوه أو تكون طريقة أخرى في المسلم وهو أقرب.
تنبيه محل الخلاف إذا كان الموقوف عليه معينا أو جمعا محصورا.
فأما إن كان الموقوف عليهم غير محصورين كالفقراء والمساكين أو على
69

مسجد أو مدرسة أو قنطرة أو رباط ونحو ذلك فالنظر فيه للحاكم قولا واحدا.
وسأله المروذي عن دار موقوفة على المسلمين إن تبرع رجل فقام بأمرها وتصدق بغلتها على الفقراء فقال ما أحسن هذا.
قال الحارثي وفيه وجه للشافعية أن النظر يكون للواقف قال وهو الأقوى.
قال وعلى هذا له نصيب ناظر من جهته ويكون نائبا عنه يملك عزله متى شاء.
وله أيضا الوصية بالنظر لأصالة الولاية.
وتقدم ذلك وغيره بأتم من هذا قريبا.
قوله (وينفق عليه من غلته).
مراده إذا لم يعين الواقف النفقة من غيره وهو واضح.
فإن لم يعينه من غيره فهو من غلته.
وإن عينه من غيره فهو منه بلا نزاع بين الأصحاب.
وقال الحارثي وخالف المالكية في شيء منه فقالوا لو شرط المرمة على الموقوف لم يجز ووجبت في الغلة.
وعن بعضهم يرد للوقف ما لم يقبض لأن ذلك بمثابة العوض فنافى موضوع الصدقة.
قال الحارثي وهذا أقوى انتهى.
وإذا قلنا هو من غلته فلم تكن له غلة.
فلا يخلو إما أن يكون فيه روح أو لا.
فإن كان فيه روح فلا يخلو إما أن يكون الوقف على معين أو معينين أو غيرهم.
70

فإن كان على معينين فالصحيح من المذهب وجوب نفقته على الموقوف عليهم وعليه أكثر الأصحاب منهم المصنف والشارح وصاحب التلخيص والحارثي وغيرهم.
قال الحارثي بناء على أنه ملكهم.
وذكر المصنف وجها بوجوبها في بيت المال.
قال الحارثي ويحسن بناؤه على انتفاء ملك الآدمي للموقوف قال وبه أقول.
ثم إن تعذر الإنفاق من بيت المال أو من الموقوف عليه على القول بوجوبها عليه بيع وصرف الثمن في عين أخرى تكون وقفا لمحل الضرورة قاله الحارثي.
قلت فيعايى بها.
وإن كان عدم الغلة لأجل أنه ليس من شأنه أن يستغل كالعبد يخدمه والفرس يغزو عليه أو يركبه أوجر بقدر نفقته قاله الحارثي وغيره.
وهو داخل في عموم كلام المصنف.
وإن كان الوقف الذي له روح على غير معين كالمساكين والغزاة ونحوهم فنفقته في بيت المال ذكره القاضي وبن عقيل وغيرهما قاله الحارثي.
ويتجه إيجاره بقدر النفقة حيث أمكن ما لم يتعطل النفع الموقوف لأجله.
ثم إن تعذر ففي بيت المال وإن تعذر الإنفاق من بيت المال بيع ولا بد قاله الحارثي.
قلت فيعايى بها أيضا.
وإن مات العبد فمؤنة تجهيزه على ما قلنا في نفقته على ما تقدم.
وإن كان الوقف لا روح فيه كالعقار ونحوه لم تجب عمارته على أحد مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به الحارثي وغيره
71

قال في الفروع وهو قول غير الشيخ تقي الدين كالطلق.
قال في التلخيص إلا من يريد الانتفاع به فيعمره باختياره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب عمارة الوقف بحسب البطون.
فوائد
الأولى لو احتاج الخان المسبل أو الدار الموقوفة لسكنى الحاج أو الغزاة إلى مرمة أوجر جزء منه بقدر ذلك.
الثانية قال في الفروع وتقدم عمارة الوقف على أرباب الوظائف.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الجمع بينهما حسب الإمكان أولى بل قد يجب انتهى.
وقال الحارثي عمارته لا تخلو من أحوال.
أحدها أن يشرط البداءة بها كما هو المعتاد فلا إشكال في تقديمها.
الثاني اشتراط تقديم الجهة عليها فيجب العمل بموجبه ما لم يؤد إلى التعطيل فإن أدى إليه قدمت العمارة فيكون عقد الوقف مخصصا للشرط.
وهذا على القول ببطلان تأقيت الوقف.
أما على صحته فتقدم الجهة كيف كان.
الثالث اشتراط الصرف إلى الجهة في كل شهر كذا فهو في معنى اشتراط تقديمه على العمارة فيترتب ما قلنا في الثاني.
الرابع إيقاع الوقف على فلان أو جهة كذا وبيض له انتهى.
الثالثة يجوز للناظر الاستدانة على الوقف بدون إذن الحاكم لمصلحة كشرائه للوقف نسيئة أو بنقد لم يعينه قطع به الحارثي وغيره.
وقدمه في الفروع وقال ويتوجه في قرضه مالا كولى.
72

الرابعة لو أجر الموقوف عليه الوقف ثم طلب بزيادة فلا فسخ بلا نزاع.
ولو أجر المتولي ما هو على سبيل الخيرات ثم طلب بزيادة أيضا فلا فسخ أيضا على الصحيح من المذهب.
وقيل يحتمل أن يفسخ ذكره في التلخيص.
الخامسة إذا أجره بدون أجرة المثل صح وضمن النقص كبيع الوكيل بأنقص من ثمن المثل قاله في القاعدة الخامسة والأربعين.
وقال في الفائق وهل للموقوف عليه إجارة الموقوف بدون أجرة المثل يحتمل وجهين.
السادسة يجوز صرف الموقوف على عمارة المسجد كبناء منارته وإصلاحها وكذا بناء منبره وأن يشتري منه سلما للسطح وأن يبني منه ظلته.
ولا يجوز في بناء مرحاض ولا في زخرفة المسجد ولا في شراء مكانس ومجارف قاله الحارثي.
وأما إذا وقف على مصالح المسجد أو على المسجد بهذه الصيغة فجائز صرفه في نوع العمارة وفي مكانس ومجارف ومساحي وقناديل وفرش ووقود ورزق إمام ومؤذن وقيم.
وفي نوادر المذهب لابن الصيرفي منع الصرف منه في إمام أو بواري.
قال لأن ذلك مصلحة للمصلين لا للمسجد ورده الحارثي.
السابعة قال في نوادر المذهب لو وقف داره على مسجد وعلى إمام يصلي فيه كان للإمام نصف الريع كما لو وقفها على زيد وعمرو.
قال ولو وقفها على مساجد القرية وعلى إمام يصلي في واحد منها كان الريع بينه وبين كل المساجد نصفين انتهى وتابعه الحارثي.
73

قلت يحتمل أن يكون له بقدر ما يحصل لمسجد واحد وله نظائر.
قوله (وإن وقف على أولاده ثم على المساكين فهو لولده الذكور والإناث بالسوية).
نص عليه ولا أعلم فيه خلافا.
لكن لو حدث للواقف ولد بعد وقفه ففي دخوله روايتان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الفقهية في القاعدة السابعة بعد المائة.
إحداهما يدخل معهم اختاره بن أبي موسى وأفتى به بن الزاغوني وهو ظاهر كلام القاضي وبن عقيل.
والرواية الثانية لا يدخل معهم وهو المذهب قدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره والوصية كذلك.
قوله (ولا يدخل ولد البنات).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
قال المصنف والشارح لا يدخلون بغير خلاف.
وقدمه في الفروع والفائق وغيرهم.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقيل يدخلون اختاره أبو بكر بن حامد.
قال الحارثي وإذا قيل بدخول ولد الولد هل يدخل ولد البنات جزم المصنف وغيره هنا بعدم الدخول مع إيرادهم الخلاف فيه فيما إذا قال على أولاد الأولاد كما في الكتاب.
74

قال والصواب التسوية بين الصورتين فيطرد في هذه ما في الأخرى لتناول الولد والأولاد للبطن الأول فما بعده.
قوله (وهل يدخل فيه ولد البنين على روايتين).
ظاهر كلامه أنهم سواء كانوا موجودين حالة الوقف أو لا ولا شك أن الخلاف جار فيهم.
إحداهما يدخلون مطلقا وهو المذهب نص عليه في رواية المروذي ويوسف بن موسى ومحمد بن عبد الله المنادي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الحارثي المذهب دخولهم.
قال الناظم وهو أولى.
وقدمه في التلخيص والحارثي وصاحب القواعد الفقهية في القاعدة الثالثة والخمسين بعد المائة وشرح بن رزين.
واختاره الخلال وأبو بكر عبد العزيز وبن أبي موسى وأبو الفرج الشيرازي والقاضي فيما علقه بخطه على ظهر خلافه وغيرهم.
والرواية الثانية لا يدخلون مطلقا.
قال المصنف في باب الوصايا والقاضي وبن عقيل لا يدخلون بدون قرينه.
قال المصنف والشارح اختاره القاضي وأصحابه.
وعنه يدخلون إن كانوا موجودين حالة الوقف وإلا فلا.
قدمه في الرعايتين والفائق وقال نص عليه والحاوي الصغير.
وذكر القاضي في أحكام القرآن إن كان ثم ولد لم يدخل ولد الولد وإن لم يكن ولد دخل واستشهد بآية المواريث.
75

وأطلق الخلاف في الفروع في الموجودين حالة الوقف وقدم عدم الدخول في غير الموجودين.
وهذا مستثنى مما اصطلحنا عليه في أول الكتاب.
فعلى القول بعدم الدخول قال القاضي والمصنف والشارح وبن حمدان وغيرهم إن قال على ولدى وولد ولدى ثم على المساكين دخل البطن الأول والثاني ولم يدخل البطن الثالث.
وإن قال على ولدى وولد ولد ولدى دخل ثلاث بطون دون من بعدهم.
قال الحارثي وهو وفق رواية أبي طالب.
تنبيهان
الأول حيث قلنا بدخولهم فلا يستحقون إلا بعد آبائهم مرتبا على الصحيح من المذهب لقوله بطنا بعد بطن أو الأقرب فالأقرب.
قدمه في الفائق وقال هو ظاهر كلامه.
قال في الفروع والأصح مرتبا.
وصححه في النظم أيضا.
وقيل يستحقون معهم.
وأطلقهما في القواعد.
وقال وفي الترتيب فهل هو ترتيب بطن على بطن فلا يستحق أحد من ولد الولد شيئا مع وجود فرد من الأولاد أو ترتيب فرد على فرد فيستحق كل ولد نصيب والده بعد فقده على وجهين.
والثاني منصوص الإمام أحمد رحمه الله انتهى.
الثاني حكم ما إذا أوصى لولده في دخول ولد بنيه حكم الوقف قاله في الفروع وغيره.
76

وحكاه في القواعد عن الأصحاب.
قال وذكر أبو الخطاب أن الإمام أحمد رحمه الله نص على دخولهم.
والمعروف عن الإمام أحمد إنما هو في الوقف.
وأشار الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى دخولهم في الوقف دون الوصية لأن الوقف يتأيد والوصية تمليك للموجودين فيختص بالطبقة العليا الموجودة.
فوائد
إحداهما لو قال على ولد فلان وهم قبيلة أو قال على أولادي وأولادهم فلا ترتيب.
وسأله بن هانئ عمن وقف شيئا على فلان مدة حياته ولولده قال هو له حياته فإذا مات فلولده.
وإذا قال على ولدى فإذا انقرضوا فللفقراء شمله على الصحيح وقيل لا يشمله.
الثانية لو اقترن باللفظ ما يقتضي الدخول دخلوا بلا خلاف كقوله على أولادي وهم قبيله أو على أولاد أولاد أولادي أبدا ما تعاقبوا وتناسلوا أو على أولادي وليس له إلا أولاد أولاد أو على أولادي الأعلى فالأعلى أو تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى وما أشبه هذا.
وإن اقتضى عدم الدخول لم يدخلوا بلا خلاف ك على ولدى لصلبي أو الذين يلونني ونحو ذلك على ما يأتي في قوله ولدى لصلبي.
الثالثة لو قال على أولادي فإذا انقرض أولادي وأولاد أولادي فعلى المساكين.
فقال في المجرد والكافي يدخل أولاد الأولاد لأن اشتراط انقراضهم دليل إرادتهم بالوقف وقدمه في الرعايتين.
77

وفي الكافي وجه بعدم الدخول لأن اللفظ لا يتناولهم فهو منقطع الوسط.
يصرف بعد انقراض أولاده مصرف المنقطع فإذا انقرض أولادهم صرف إلى المساكين.
وأطلقهما في الحاوي الصغير.
الرابعة قال في التلخيص إذا جهل شرط الواقف وتعذر العثور عليه قسم على أربابه بالسوية.
فإن لم يعرفوا جعل كوقف مطلق لم يذكر مصرفه انتهى.
وقال في الكافي لو اختلف أرباب الوقف فيه رجع إلى الواقف.
فإن لم يكن تساووا فيه لأن الشركة ثبتت ولم يثبت التفضيل فوجبت التسوية كما لو شرك بينهم بلفظه انتهى.
وقال الحارثي إن تعذر الوقوف على شرط الواقف وأمكن التأنس بتصرف من تقدم ممن يوثق به رجع إليه لأنه أرجح مما عداه والظاهر صحة تصرفه ووقوعه على الوفق.
وإن تعذر وكان الوقف على عمارة أو إصلاح صرف بقدر الحاجة.
وإن كان على قوم وثم عرف في مقادير الصرف كفقهاء المدارس رجع إلى العرف لأن الغالب وقوع الشرط على وفقه.
وأيضا فالأصل عدم تقييد الواقف فيكون مطلقا والمطلق منه يثبت له حكم العرف.
وإن لم يكن عرف سوى بينهم لأن التشريك ثابت والتفضيل لم يثبت انتهى.
وقال وذكر المصنف نحوه.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه يرجع في ذلك إلى العرف والعادة وهو الصواب.
78

وقال بن رزين في شرحه إذا ضاع كتاب الوقف وشرطه واختلفوا في التفضيل وعدمه أحتمل أن يسوى بينهم لأن الأصل عدم التفصيل واحتمل أن يفضل بينهم لأن الظاهر أنه يجعله على حسب إرثهم منه.
وإن كانوا أجانب قدم قول من يدعى التسوية وينكر التفاوت انتهى.
تنبيه يأتي في باب الهبة في كلام المصنف هل تجوز التسوية بين الأولاد أم لا وهل تستحب التسوية أم المستحب أن تكون على حسب الميراث.
قوله (وإن وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين) بلا نزاع في عقبه أو ذريته.
وأما إذا وقف على ولده وولد ولده فهل يشمل أولاد الولد الثاني والثالث وهلم جرا.
تقدم عن القاضي والمصنف والشارح وغيرهم أنه لا يشمل غير المذكورين.
وقوله (ونقل عنه لا يدخل فيه ولد البنات).
إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي وإن سفلوا.
فنص الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي أن أولاد البنات لا يدخلون وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب وإن وصى لولد ولده فقال أصحابنا لا يدخل فيه ولد البنات لأنه قال في الوقف على ولد ولده لا يدخل فيه ولد البنات.
قال الزركشي مفهوم كلام الخرقي أنه لا يدخل ولد البنات وهو أشهر الروايات.
واختاره القاضي في التعليق والجامع والشيرازي وأبو الخطاب في خلافه الصغير انتهى.
قال في الفروع لم يشمل ولد بناته إلا بقرينه اختاره الأكثر.
79

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والفروع.
وصححه في تجريد العناية.
قال في الفائق اختاره الخرقي والقاضي وبن عقيل والشيخان يعني بهما المصنف والشيخ تقي الدين وهو ظاهر ما قدمه الحارثي.
ونقل عنه في الوصية يدخلون.
وذهب إليه بعض أصحابنا وهذا مثله.
قلت بل هي هنا رواية منصوصة من رواية حرب.
قال في القواعد ومال إليه صاحب المغنى.
وهي طريقة بن أبي موسى والشيرازي.
قال الشارح القول بأنهم يدخلون أصح وأقوى دليلا وصححه الناظم.
واختاره أبو الخطاب في الهداية في الوصية وصاحب الفائق.
وجزم به في منتخب الأدمى.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في القواعد الفقهية.
وقال أبو بكر وبن حامد يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدى لصلبي فلا يدخلون.
وهي رواية ثالثة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المذهب فإن قال لصلبي لم يدخلوا وجها واحدا.
قال في المستوعب والتلخيص فإن قيد فقال لصلبي أو قال من ينتسب إلى منهم فلا خلاف في المذهب أنهم لا يدخلون.
وحكى القاضي عن أبي بكر وبن حامد إذا قال ولد ولدي لصلبي أنه يدخل فيه ولد بناته لصلبه لأن بنت صلبه ولده حقيقة بخلاف ولد ولدها.
80

قال الحارثي وقول الإمام أحمد رحمه الله لصلبه قد يريد به ولد البنين كما هو المراد من إيراد المصنف عن أبي بكر فلا يدخلون جعلا لولد البنين ولد الظهر وولد البنات ولد البطن فلا يكون نصا في المسألة.
وقد يريد به ولد البنت التي تليه فيكون نصا وهو الظاهر انتهى.
وفي المسألة قول رابع بدخول ولد بناته لصلبه دون ولد ولدهن.
تنبيه ما تقدم من الخلاف إنما هو فيما إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي.
وكذا الحكم والخلاف والمذهب إذا وقف على عقبه أو ذريته كما قال المصنف عند جماهير الأصحاب.
وممن قال بعدم الدخول هنا أبو الخطاب والقاضي أبو الحسين وبن بكروس قاله الحارثي.
وقال قال مالك بالدخول في الذرية دون العقب وبه أقول.
وكذلك القاضي في باب الوصايا من المجرد وبن أبي موسى والشريفان أبو جعفر والزيدي وأبو الفرج الشيرازي قالوا بعدم الدخول في العقب انتهى.
قال في الفروع بعد أن ذكر ولد ولده وعقبه وذريته وعنه يشملهم غير ولد ولده.
وقال في التبصرة يشمل الذرية وأن الخلاف في ولد ولده.
تنبيهان
الأول حكى المصنف هنا عن أبي بكر وبن حامد أنهما قالا يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي.
وكذا حكاه عنهما أبو الخطاب في الهداية.
وكذا حكاه القاضي عنهما فيما حكاه صاحب المستوعب والتلخيص.
81

وحكى المصنف في المغنى والشارح والقاضي في الروايتين أن أبا بكر وبن حامد اختارا دخولهم مطلقا كالرواية الثانية.
وقال بن البنا في الخصال اختار بن حامد أنهم يدخلون مطلقا واختار أبو بكر يدخلون إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي.
قال الزركشي وكذا في المغنى القديم فيما أظن.
الثاني محل الخلاف مع عدم القرينة.
أما إن كان معه ما يقتضي الإخراج فلا دخول بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلي ونحو ذلك.
وكذا إن كان في اللفظ ما يقتضي الدخول فإنهم يدخلون بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد الإناث سهما ولولد الذكور سهمين أو على أولادي فلان وفلان وفلانة وأولادهم وإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم فللمساكين أو على أن من مات منهم فنصيبه لولده ونحو ذلك.
ولو قال على البطن الأول من أولادي ثم على الثاني والثالث وأولادهم والبطن الأول بنات فكذلك يدخلون بلا خلاف.
فوائد
الأولى لفظ النسل كلفظ العقب والذرية في إفادة ولد الولد قريبهم وبعيدهم.
وكذا دخول ولد البنات وعدمه عند أكثر الأصحاب.
قال القاضي في المجرد لا يدخل ولد البنات كما قال في العقب وهو اختيار السامري.
وذكر أبو الخطاب خلافه أورده في الوصايا.
82

الثانية لو قال على بنى بنى أو بنى بنى فلان فك أولاد أولادي وأولاد أولاد فلان.
وأما ولد البنات فقال الحارثي ظاهر كلام الأصحاب هنا أنهم لا يدخلون مطلقا.
الثالثة الحفيد يقع على ولد الابن والبنت وكذلك السبط ولد الابن والبنت.
الرابعة لو قال الهاشمي على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل من أولاد بنته من ليس هاشميا والهاشمي منهم في دخوله وجهان ذكرهما المصنف وغيره.
وبناهما القاضي على الخلاف في أصل المسألة.
ثم قال المصنف أولاهما الدخول معللا بوجود الشرطين وصف كونه من أولاد أولاده ووصف كونه هاشميا.
والوجه الثاني عدم الدخول وأطلقهما الحارثي وصاحب الفائق.
قال الحارثي ولو قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلى قبيلتي فكذلك.
الخامسة تجدد حق الحمل بوضعه من ثمر وزرع كمشتر نقله المروذي وجزم به في المغنى والشرح والحارثي.
وقال ذكره الأصحاب في الأولاد وقدمه في الفروع.
ونقل جعفر يستحق من زرع قبل بلوغه الحصاد ومن نخل لم يؤبر.
فإن بلغ الزرع الحصاد أو أبر النخل لم يستحق منه شيء.
وقطع به في المبهج والقواعد.
وقال وكذلك الأصحاب صرحوا بالفرق بين المؤبر وغيره هنا منهم بن
83

أبي موسى والقاضي وأصحابه معللين بتبعية غير المؤبر في العقد فكذا في الاستحقاق.
وقال في المستوعب يستحق قبل حصاده.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح.
قال في الفروع ويشبه الحمل إن قدم إلى ثغر موقوف عليه أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه نقله يعقوب.
وقياسه من نزل في مدرسة ونحوه.
وقال بن عبد القوي ولقائل أن يقول ليس كذلك لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عاما فينبغي أن يستحق بقدر عمله من السنة من ريع الوقف في السنة لئلا يفضى إلى أن يحضر الإنسان شهرا مثلا فيأخذ مغل جميع الوقف ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور العشرة فلا يستحق شيئا وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحق بحصته من مغله.
وقال من جعله كالولد فقد أخطأ.
قوله (وإن وقف على بنيه أو بنى فلان فهو للذكور خاصة إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم).
إذا لم يكونوا قبيلة وقال ذلك اختص به الذكور بلا نزاع.
وإن كانوا قبيلة فجزم المصنف بعدم دخول أولاد النساء من غيرهم وهو أحد الوجهين.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز.
وقيل بدخولهم قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
84

قوله (وإن وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه).
يعنى بالسوية بين كبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم وغنيهم وفقيرهم بشرط أن يكون مسلما وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الحارثي هذا المذهب عند كثير من الأصحاب الخرقي والقاضي وأبي الخطاب وبن عقيل والشريفين أبي جعفر والزيدي وغيرهم.
قال الزركشي هذا اختيار الخرقي والقاضي وعامة أصحابه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يختص بولده وقرابة أبيه وإن علا مطلقا اختاره الحارثي.
وقدمه في المحرر والنظم.
قال المصنف والشارح فعلى هذه الرواية يعطي من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى انتهى.
ومثاله لو وقف على أقارب المصنف وهو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر رحمهم الله فالمستحقون هم المنتسبون إلى قدامة لأنه الأب الذي اشتهر انتساب المصنف إليه.
وقال في الهداية مثل أن يكون من ولد المهدي فيعطي كل من ينتسب إلى المهدي.
ومثل في المذهب بما إذا كان من ولد المتوكل.
ومثل في المستوعب بما إذا كان من ولد العباس.
وعنه يختص بثلاثة آباء فقط.
فعليها لا يعطى الولد شيئا.
85

قال القاضي أولاد الرجل لا يدخلون في اسم القرابة.
قال المصنف وغيره وليس بشيء.
وعنه يختص منهم من يصله نقله بن هانئ وغيره وصححه القاضي وجماعة.
ونقل صالح إن وصل أغنياءهم أعطوا وإلا فالفقراء أولى.
وأخذ منه الحارثي عدم دخولهم في كل لفظ عام.
واختار أبو محمد الجوزي أن القرابة مختصة بقرابة أبيه إلى أربعة آباء.
قال الزركشي وشذ بن الزاغوني في وجيزه بأن أعطى أربعة آباء الواقف فأدخل جد الجد.
فعلى هذا لا يدفع إلى الولد.
قال وهو مخالف للأصحاب انتهى.
قلت نقل صالح القرابة يعطي أربعة آباء.
وقد قال في الخلاصة وإن وصى لأقاربه دخل في الوصية الأب والجد وأبو الجد وجد الجد وأولادهم.
قال في الرعاية لو وقف على قرابته شمل أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه وعنه وجد جده.
فكلام الزركشي فيه شيء وهو أنه شذذ من قال ذلك.
وقد نقله صالح عن الإمام أحمد رحمه الله.
وحكم على القول بذلك بأن لا يدفع إلى الولد شيء.
وليس ذلك في كلام بن الزاغوني بل المصرح به في كلام من قال بقوله خلاف ذلك وهو صاحب الخلاصة وظاهر الرواية التي في الرعاية.
وقيل قرابته كآله على ما يأتي.
وعنه إن كان يصل قرابته من قبل أمه في حياته صرف إليه وإلا فلا قال الحارثي وهذه عنه أشهر.
86

واختارها القاضي أبو الحسين وغيره وقالا هي أصح.
وقيل تدخل قرابة أمه سواء كان يصلهم أولا.
قال الزركشي وكلام بن الزاغوني في الوجيز يقتضي أنه رواية.
فعلى هذا والذي قبله يدخل أخوته وأخواته وأولادهم وأخواله وخالاته وأولادهم.
وهل يتقيد بأربعة آباء أيضا فيه روايتان وأطلقهما الحارثي.
وفي الكافي احتمال بدخول كل من عرف بقرابته من جهة أبيه وأمه من غير تقييد بأربعة آباء ونحوه في المغنى والشرح وكذلك القاضي في المجرد.
قال الحارثي وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
قال ناظم المفردات.
من يوصي للقريب قل لا يدخل * منهم سوى من في الحياة يصل.
فإن تكن صلاته منقطعة * قرابة الأم إذن ممتنعة.
وعمم الباقي من الأقارب * من جهة الآبا ولا توارب.
وفي القريب كافر لا يدخل * وعن أهيل قرية ينعزل.
تنبيه الوصية كالوقف في هذه المسائل كما قال المصنف بعد ذلك.
ويأتي في كلام المصنف في باب الموصى له إذا أوصى لأقرب قرابته والوقف كذلك فانقل ما يأتي هناك إلى هنا.
قوله (وأهل بيته بمنزلة قرابته).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الخلاصة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
وقال الخرقي يعطى من قبل أبيه وأمه.
87

واختار أبو محمد الجوزي إن أهل بيته كقرابة أبويه.
واختار الشيرازي أنه يعطى من كان يصله في حياته من قبل أبيه وأمه ولو جاوز أربعة آباء ونقله صالح.
وقيل أهل بيته كذوي رحمه على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
وعنه أزواجه من أهل بيته ومن أهله ذكرها الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في دخولهن في آله وأهل بيته روايتان أصحهما دخولهن وإنه قول الشريف أبي جعفر وغيره.
وتقدم ذلك في صفة الصلاة عند قوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وقال في الفروع وظاهر الوسيلة أن لفظ الأهل كالقرابة وظاهر الواضح أنهم نسباؤه.
وذكر القاضي أن أولاد الرجل لا يدخلون في أهل بيته.
قال المصنف وغيره وليس بشيء.
فائدة آله كأهل بيته خلافا ومذهبا.
وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره في الآل في صفة الصلاة فليعاود.
وأهله من غير إضافة إلى البيت وكإضافته إليه قاله المجد.
وذكر عن القاضي في دخول الزوجات هنا وجهين.
واختار الحارثي الدخول وهو الصواب والسنة طافحة بذلك.
قوله (وقومه ونسباؤه كقرابته).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الخلاصة والوجيز وغيرهما.
وقدمه فيهما في الفروع والرعاية الكبرى والشرح وغيرهم.
وقيل هما كذوي رحمه.
88

وقيل قومه كقرابته ونسباؤه كذوي رحمه جزم به في منتخب الأزجي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والنظم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير ونسباؤه كأهل بيته وقومه وقدما أن قومه كقرابته.
وقال أبو بكر هما كأهل بيته.
واقتصر عليه في الهداية وقطع به في المذهب.
قال في المستوعب بعد أن ذكر ما حكاه أبو الخطاب عن أبي بكر وذكر أبو بكر في التنبيه أنه إذا قال لأهل بيتي أو قومي فهو من قبل الأب.
وإن قال أنسبائي فمن قبل الأب والأم انتهى.
ويأتي كلام القاضي في الأنسباء عند الكلام على ذوي الرحم.
واختار أبو محمد الجوزي أن قومه كقرابة أبويه.
وقال بن الجوزي القوم للرجال دون النساء وفاقا للشافعي رحمه الله لقوله تعالى (49 11 * (لا يسخر قوم من قوم) *.
قوله والعترة هم العشيرة.
هذا المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم وقاله القاضي وغيره.
قال المصنف في الكافي والشارح العترة العشيرة الأدنون في عرف الناس وولده الذكور والإناث وإن سفلوا وصححاه.
قال في الوجيز العترة تختص العشيرة والولد.
وقيل العترة الذرية وقدمه في النظم واختاره المجد.
وقيل هي العشيرة الأدنون.
وقيل ولده وقيل ولده وولد ولده.
وقيل ذوو قرابته اختاره بن أبي موسى.
89

قال في الهداية إذا أوصى لعترته فقد توقف الإمام أحمد رحمه الله.
فيحتمل أن يدخل في ذلك عشيرته وأولاده.
ويحتمل أن يختص من كان من ولده.
فائدة العشيرة هي القبيلة قاله الجوهري.
وقال القاضي عياض هي أهله الأدنون وهم بنو أبيه.
قوله (وذوو رحمه كل قرابة له من جهة الآباء والأمهات).
هذا المذهب جزم به في الشرح والوجيز والفائق والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وهم قرابته لأبويه وولده.
وقال في الفروع والرعاية الكبرى هم قرابة أبويه أو ولده بزيادة ألف.
وقال القاضي إذا قال لرحمي أو لأرحامي أو لنسبائي أو لمناسبي صرف إلى قرابته من قبل أبيه وأمه ويتعدى ولد الأب الخامس.
قال المصنف والشارح فعلى هذا يصرف إلى كل من يرث بفرض أو تعصيب أو بالرحم في حال من الأحوال.
ونقل صالح يختص من يصله من أهل أبيه وأمه ولو جاوز أربعة آباء.
قوله (والأيامى والعزاب من الأزواج له من الرجال والنساء).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الشارح ذكره أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يختص الأيامى بالنساء والعزاب بالرجال.
قال الشارح وهذا أولى واختاره في المغنى.
90

وقال في التبصرة الأيامى النساء البلغ.
قال القاضي في التعليق الصغير لا يسمى أيما عرفا وإنما ذلك صفة للبالغ.
قوله (فأما الأرامل فهن النساء اللاتي فارقهن أزواجهن).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
قال الحارثي هذا المذهب.
وقيل هو للرجال والنساء واختاره بن عقيل.
قال بن الجوزي في اللغة رجل أرمل وامرأة أرملة.
وقال القاضي في التعليق الصغيرة لا تسمى أرملة عرفا وإنما ذلك للبالغ كما قال في الأيم.
فائدتان
إحداهما البكر والثيب والعانس يشمل الذكر والأنثى وكذا أخوته وعمومته يشمل الذكر والأنثى.
وقال في الفروع ويتوجه وجه وتناوله لبعيد كولد ولد.
قال بن الجوزي يقال في اللغة رجل أيم وامرأة أيم ورجل بكر وامرأة بكر إذا لم يتزوجا ورجل ثيب وامرأة ثيبة إذا كانا قد تزوجا انتهى.
وأما الثيوبة فزوال البكارة قاله المصنف ومن تبعه وأطلق.
وقال بن عقيل زوال البكارة بزوجية من رجل وامرأة.
الثانية الرهط ما دون العشرة من الرجال خاصة لغة.
وذكر بن الجوزي أن الرهط ما بين الثلاثة والعشرة.
وكذا قال في النفر أنه ما بين الثلاثة والعشرة.
91

وتقدم ذكر النفر في الفوات والإحصار فيما إذا وقف نفر.
قوله (وإن وقف على أهل قريته أو قرابته) وكذا لو وصى لهم (لم يدخل فيهم من يخالف دينه).
وكذا لو وقف على إخوته ونحوهم لم يدخل فيهم من يخالف دينه وهذا المذهب في ذلك كله جزم به في الوجيز.
وقدمه في الشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وفيه وجه آخر أن المسلم يدخل وإن كان الواقف كافرا ولا عكس وأطلقهما في المحرر والفائق.
تنبيهان
أحدهما محل الخلاف إذا لم توجد قرينة قولية أو حالية.
فإن وجدت دخلوا مثل أن لا يكون في القرية إلا مسلمون أو لا يكون فيها إلا كافر واحد وباقي أهلها مسلمون قاله الأصحاب.
قال في الفائق ولو كان أكثر أقاربه كفارا اختص المسلمون في أحد الوجهين.
وقال في القاعدة السادسة والعشرين بعد المائة لو وقف المسلم على قرابته أو أهل قريته أو أوصى لهم وفيهم مسلمون وكفار لم يتناول الكفار حتى يصرح بدخولهم نص عليه في رواية حرب وأبي طالب.
ولو كان فيهم مسلم واحد والباقي كفار ففي الاقتصار عليه وجهان لأن حمل اللفظ العام على واحد بعيد جدا انتهى.
قلت الصواب الدخول في هذه الصورة.
قال الزركشي ومال إليه أبو محمد.
الثاني شمل قوله لم يدخل فيهم من يخالف دينه لو كان فهم كافر على
92

غير دين الواقف الكافر فلا يدخل ولا يستحق شيئا ولو قلنا بدخول المسلم إذا كان الواقف كافرا وهو كذلك.
قدمه في المغنى والشرح.
ويحتمل أن يدخل بناء على توريث الكفار بعضهم من بعض مع اختلاف دينهم قاله المصنف والشارح.
وجعله في الفروع محل وفاق على القول بأن بعضهم يرث بعضا.
قوله (وإن وقف على مواليه وله موال من فوق وموال من أسفل تناول جميعهم)).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب اختاره المصنف وغيره.
وصححه في الفائق وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال بن حامد يختص الموالي من فوق وهم معتقوه.
واختار الحارثي أنه للعتيق قال لأن العادة جارية بإحسان المعتقين إلى العتقاء.
فائدتان
إحداهما لو عدم الموالي كان لموالي العصبة.
قدمه في الفائق والحاوي الصغير.
وقال الشريف أبو جعفر يكون لموالي أبيه واقتصر عليه الشارح.
وقيل لعصبة مواليه قدمه في الرعايتين.
وقيل لوارثه بولاء.
وقيل كمنقطع الآخر.
93

قطع به في الرعاية بعد عصبة الموالي.
وأطلق الثلاثة الأخيرة في الفروع.
الثانية لا شيء لموالي عصبته إلا مع عدم مواليه قاله في الفروع.
قال المصنف والشارح لو كان له موالي أب حين الوقف ثم انقرض مواليه لم يكن لموالي الأب شيء.
فوائد
الأولى العلماء هم حملة الشرع على الصحيح من المذهب.
جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع والحارثي وغيرهم.
وقيل من تفسير وحديث وفقه ولو كانوا أغنياء على القولين.
لكن هل يختص به من كان يصله حكمه حكم قرابته على ما تقدم.
الثانية أهل الحديث من عرفه.
وذكر بن رزين أن الفقهاء والمتفقهة كالعلماء ولو حفظ أربعين حديثا لا بمجرد السماع.
فأهل القرآن الآن حفاظه وفي الصدر الأول هم الفقهاء.
الثالثة الصبي والغلام من لم يبلغ وكذا اليتيم من لم يبلغ وهو بلا أب.
ولو جهل بقاء أبيه فالأصل بقاؤه في ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يعطى من ليس له أب يعرف ببلاد الإسلام قال ولا يعطى كافر.
قال في الفروع فدل أنه لا يعطى من وقف عام.
94

وهو ظاهر كلامهم في مواضع.
قال ويتوجه وجه وليس ولد الزنى يتيما لأن اليتم انكسار يدخل على القلب بفقد الأب.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن بلغ خرج عن حد اليتم.
الرابعة الشاب والفتى هما من البلوغ إلى الثلاثين على الصحيح من المذهب.
وقيل إلى خمس وثلاثين.
والكهل من حد الشاب إلى خمسين.
والشيخ منها إلى السبعين على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وجزم به في الرعاية الكبرى.
وقال في الكافي إلى آخر العمر.
وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق فإنهم قالوا ثم الشيخ بعد الخمسين.
قال الحارثي لا يزال كهلا حتى يبلغ خمسين سنة ثم هو شيخ حتى يموت واقتصر عليه.
فعلى المذهب يكون الهرم منها إلى الموت.
الخامسة أبواب البر وهي القرب كلها على الصحيح من المذهب وأفضلها الغزو ويبدأ به نص عليه.
قال في الفروع ويتوجه يبدأ بما تقدم في أفضل الأعمال.
يعنى الذي تقدم في أول صلاة التطوع.
ويأتي في باب الموصى له إذا أوصى في أبواب البر في كلام المصنف والكلام عليه مستوفى
95

السادسة لو وقف على سبيل الخير استحق من أخذ من الزكاة ذكره في المجرد وقدمه في الفروع.
وقال أبو الوفاء يعم فيدخل فيه الغارم للإصلاح.
قال القاضي وبن عقيل ويجوز لغنى قريب.
السابعة جمع المذكر السالم وضميره يشمل الأنثى على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وعليه أكثر الأصحاب.
وقد ذكرها أصحابنا في أصول الفقه ونصروا أن النساء يدخلن تبعا.
وقيل لا يشملها كعكسه لا يشمل الذكر.
الثامنة الأشراف وهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واقتصر عليه في الفروع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وأهل العراق كانوا لا يسمون شريفا إلا من كان من بني العباس وكثير من أهل الشام وغيرهم لا يسمونه إلا إذا كان علويا.
قال ولم يعلق عليه الشارع حكما في الكتاب والسنة ليتلقى حده من جهته والشريف في اللغة خلاف الوضيع والضعيف وهو الرياسة والسلطان ولما كان أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أحق البيوت بالتشريف صار من كان من أهل البيت شريفا.
التاسعة لو وقف على بني هاشم أو وصى لهم لم تدخل مواليهم نص عليه في رواية بن منصور وحنبل.
قال القاضي في الخلاف لأن الوصية يعتبر فيها لفظ الموصى ولفظ صاحب الشريعة يعتبر فيه المعنى.
ولهذا لو حلف لا أكلت سكرا لأنه حلو لم يعم غيره من الحلاوات.
96

وكذا لو قال عبدي حر لأنه أسود لم يعتق غيره من العبيد ولو قال الله حرمت المسكر لأنه حلو عم جميع الحلاوات وكذا إذا قال أعتق عبدك لأنه أسود عم انتهى.
وقد تقدم في آخر إخراج الزكاة أنه لا يجوز أخذها لموالي بني هاشم والظاهر أن العلة ما قاله القاضي هنا.
قوله (وإن وقف على جماعة يمكن حصرهم واستيعابهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الفائق ويحتمل جواز المفاضلة فيما يقصد فيه تمييز كالوقف على الفقهاء.
قلت وهذا أقرب إلى الصواب.
وعنه إن وصى في سكته وهم أهل دربه جاز التفضيل لحاجة.
قال الحارثي والأولى جواز التفضيل للحاجة فيما قصد به سد الخلة كالموقوف على فقراء أهله انتهى.
قال بن عقيل وقياسه الاكتفاء بواحد.
وعنه فيمن أوصى في فقراء مكة ينظر أحوجهم.
وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا وقف على مدارس وفقهاء هل يسوي بينهم أو يتفاضلون في أحكام الناظر.
تنبيه الذي يظهر أن محل هذا إذا لم يكن قرينه فإن كان قرينه جاز التفاضل بلا نزاع ولها نظائر تقدم حكمها.
فائدة لو كان الوقف في ابتدائه على من يمكن استيعابه فصار مما لا يمكن استيعابه كوقف على رضى الله عنه على ولده ونسله فإنه يجب تعميم من أمكن منهم والتسوية بينهم قاله المصنف والشارح وغيرهما.
97

قوله (وإلا جاز تفضيل بعضهم على بعض والاقتصار على واحد منهم).
يعني إذا لم يمكن حصرهم واستيعابهم كما لو وقف على أصناف الزكاة أو على الفقراء والمساكين ونحو ذلك.
فالصحيح من المذهب جواز الاقتصار على واحد كما جزم به المصنف وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وغيره.
(ويحتمل ألا يجزيه أقل من ثلاثة).
وهو وجه في الهداية وغيرها بناء على قولنا في الزكاة وأطلقهما في المحرر وقيل في إجزاء الواحد روايتان.
فائدتان
إحداهما لو وقف على أصناف الزكاة أو على الفقراء والمساكين جاز الاقتصار على صنف منهم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى ذكره في الوصية والمغنى والشرح في المسألة الثانية.
وقالا في الثانية لا بد من الصرف إلى الفريقين كليهما.
قال الحارثي قياس المذهب عند القاضي وبن عقيل جواز الاقتصار على أحد الصنفين من الفقراء والمساكين وقطع به في التلخيص.
وعند المصنف يجب الجمع وحكى عن القاضي.
وقيل لا يجزئ الاقتصار على صنف بناء على الزكاة.
قال القاضي في الخلاف هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل لكل صنف منهم الثمن وأطلقهما في الفائق.
98

الثانية لو وقف على الفقراء أو على المساكين فقط جاز إعطاء الصنف الآخر على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
وفيه وجه أخر لا يجوز ذكره القاضي.
ويأتي ذلك أيضا في باب الموصى له.
ولو افتقر الواقف استحق من الوقف على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع شمله في الأصح.
قال في القواعد نص عليه في رواية المروذي.
وقيل لا يشمله فلا يستحق شيئا منه.
وتقدم ذلك في أول الباب قبيل قوله الثالث أن يقف على معين يملك.
قوله (ولا يدفع إلى واحد أكثر من القدر الذي يدفع إليه من الزكاة إذا كان الوقف على صنف من أصناف الزكاة).
وهو المذهب نص عليه قدمه في المغنى والشرح والفروع.
واختار أبو الخطاب في الهداية وبن عقيل زيادة المسكين والفقير على خمسين درهما وإن منعناه منها في الزكاة.
قوله (والوصية كالوقف في هذا الفصل).
هذا صحيح لكن الوصية أعم من الوقف على ما يأتي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا وقف على أقرب قرابته استواء الأخ من الأب والأخ من الأبوين.
ذكره في القاعدة العشرين بعد المائة.
وذكر في القاعدة الثالثة والخمسين بعد المائة أن الشيخ تقي الدين رحمه الله اختار فيما إذا وقف على ولده دخول ولد الولد في الوقف دون الوصية وفرق بينهما.
99

وتقدم كلام ناظم المفردات إذا أوصى لقرابته.
قوله (والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه بإقالة ولا غيرها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا وقف في صحته ثم ظهر عليه دين فهل يباع لوفاء الدين.
فيه خلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره ومنعه قوى.
قال جامع اختياراته وظاهر كلام أبى العباس ولو كان الدين حادثا بعد الموت انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وليس هذا بأبلغ من التدبير وقد ثبت أنه عليه أفضل الصلاة والسلام باعه في الدين.
وتقدم إذا وقف بعد موته وصححناه هل يقع لازما فلا يجوز بيعه أو لا يقع لازما ويجوز بيعه فليعاود.
فائدة ظاهر كلام المصنف أن الوقف يلزم بمجرد القول وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الوقف عن يده.
واختاره أبو بكر وبن أبى موسى والحارثي.
وتقدم الكلام على ذلك عند قول المصنف ولا يشترط إخراج الوقف عن يده في إحدى الروايتين فليعاود.
قوله (ولا يجوز بيعه إلا أن تتعطل منافعه فيباع ويصرف ثمنه في مثله وكذلك الفرس الحبيس إذا لم يصلح
للغزو بيع واشترى بثمنه ما يصلح للجهاد وكذلك المسجد إذا لم ينتفع به في موضعه
100

وعنه لا تباع المساجد لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته).
اعلم أن الوقف لا يخلو إما أن تتعطل منافعه أو لا.
فإن لم تتعطل منافعه لم يجز بيعه ولا المناقلة به مطلقا نص عليه في رواية علي بن سعيد قال لا يستبدل به ولا يبيعه إلا أن يكون بحال لا ينتفع به.
ونقل أبو طالب لا يغير عن حاله ولا يباع إلا أن لا ينتفع منه بشيء وعليه الأصحاب.
وجوز الشيخ تقي الدين رحمه الله ذلك لمصلحة وقال هو قياس الهدى وذكره وجها في المناقلة.
وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله.
ونقل صالح يجوز نقل المسجد لمصلحة الناس وهو من المفردات.
واختاره صاحب الفائق وحكم به نائبا عن القاضي جمال الدين المسلاتي.
فعارضه القاضي جمال المرداوي صاحب الانتصار وقال حكمه باطل على قواعد المذهب وصنف في ذلك مصنفا رد فيه على الحاكم سماه الواضح الجلي في نقض حكم بن قاضي الجبل الحنبلي ووافقه صاحب الفروع على ذلك.
وصنف صاحب الفائق مصنفا في جواز المناقلة للمصلحة سماه المناقلة بالأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف وأجاد فيه.
ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين بن بن القيم والشيخ عز الدين حمزة بن شيخ السلامية وصنف فيه مصنفا سماه رفع المثاقلة في منع المناقلة.
ووافقه أيضا جماعة في عصره.
وكلهم تبع للشيخ تقي الدين رحمه الله في ذلك.
وأطلق في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة في جواز إبدال الوقف مع عمارته روايتين.
101

فائدة نص الإمام أحمد رحمه الله على جواز تجديد بناء المسجد لمصلحته وعنه يجوز برضى جيرانه.
وعنه يجوز شراء دور مكة لمصلحة عامة.
قال في الفروع فيتوجه هنا مثله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله جوز جمهور العلماء تغيير صورته لمصلحة كجعل الدور حوانيت والحكورة المشهورة فلا فرق بين بناء ببناء وعرصة بعرصة هذا صريح لفظه.
وقال أيضا فيمن وقف كروما على الفقراء يحصل على جيرانها به ضرر يعوض عنه بما لا ضرر فيه على الجيران ويعود الأول ملكا والثاني وقفا انتهى.
ويجوز نقض منارته وجعلها في حائطه نص عليه.
ونقل أبو داود وقد سئل عن مسجد فيه خشبتان لهما ثمن تشعث وخافوا سقوطه أيباعان وينفقان على المسجد ويبدل مكانهما جذعين قال ما أرى به بأسا انتهى.
وأما إذا تعطلت منافعه فالصحيح من المذهب أنه يباع والحالة هذه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا تباع المساجد لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر.
اختاره أبو محمد الجوزي والحارثي وقال هو ظاهر كلام بن أبي موسى.
وعنه لا تباع المساجد ولا غيرها لكن تنقل آلتها.
نقل جعفر فيمن جعل خانا للسبيل وبنى بجانبه مسجدا فضاق المسجد أيزاد منه في المسجد قال لا.
قيل فإنه إن ترك ليس ينزل فيه أحد قد عطل قال يترك على ما صير له واختار هذه الرواية الشريف وأبو الخطاب قال في الفروع.
102

قال الزركشي وحكى في التلخيص عن أبي الخطاب لا يجوز بيع الوقف مطلقا وهو غريب لا يعرف في كتبه انتهى.
ذكره في التلخيص عنه في كتاب البيع وحكاه عنه قبل صاحب التلخيص تلميذ أبي الخطاب وهو الحلواني في كتابه.
قلت وظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية في كتاب البيع عدم الجواز فإنه قال ولا يجوز بيع الوقف إلا أن أصحابنا قالوا إذا إذا خرب أو كان فرسا فعطب جاز بيعه وصرف ثمنه في مثله انتهى.
وكلامه في الهداية في كتاب الوقف صريح بالصحة.
واختار أيضا هذه الرواية بن عقيل وصنف فيها جزءا حكاه عنه بن رجب في طبقاته.
واختار أيضا هذه الرواية وهي عدم البيع الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وبن عقيل.
تنبيه فعلى المذهب المراد بتعطل منافعه المنافع المقصودة بخراب أو غيره ولو بضيق المسجد عن أهله نص عليه.
أو بخراب محلته نقله عبد الله وهذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
ونقل جماعة لا يباع إلا أن لا ينتفع منه بشيء أصلا بحيث لا يرد شيئا.
قال المصنف في الكافي كل وقف خرب ولم يرد شيئا بيع.
وقال في المغنى ومن تايعه لا يباع إلا أن يقل ريعه فلا يعد نفعا.
وقيل أو يتعطل أكثر نفعه نقله مهنا في فرس كبر وضعف أو ذهبت عينه.
فقلت له دار أو ضيعة ضعف أهلها أن يقوموا عليها قال لا بأس ببيعها إذا كان أنفع لمن ينفق عليه منها.
103

وقيل أو خيف تعطل نفعه قريبا جزم به في الرعاية.
قلت وهو قوي جدا إذا غلب على ظنه ذلك.
وقيل أو خيف تعطل أكثر نفعه قريبا.
سأله الميموني يباع إذا عطب أو فسد قال إي والله يباع إذا كان يخاف عليه التلف والفساد والنقص باعوه وردوه في مثله.
وسأله الشالنجي إن أخذ من الوقف شيئا فعتق في يده وتغير عن حاله قال يحول إلى مثله.
وكذا قال في التلخيص والترغيب والبلغة لو أشرف على كسر أو هدم وعلم أنه إن أخر لم ينتفع به بيع.
قلت وهذا مما لا شك فيه.
قال في الفروع وقولهم بيع أي يجوز بيعه نقله جماعة وذكره جماعة.
قال في الفروع ويتوجه إنما قالوه الاستثناء مما لا يجوز بيعه وإنما يجب لأن الولي يلزمه فعل المصلحة وهو ظاهر رواية الميموني وغيرها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب بيعه بمثله مع الحاجة وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة ولا يجوز بمثله لفوات التعيين بلا حاجة.
قال في الفائق وبيعه حالة تعطله أمر جائز عند البعض.
وظاهر كلامه في المغنى وجوبه.
وكذلك إطلاق كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وذكره في التلخيص رعاية للأصلح انتهى.
فوائد
الأولى قال المصنف ومن تابعه لو أمكن بيع بعضه ليعمر به بقيته بيع وإلا بيع جميعه.
قال في الفروع ولم أجد ما قاله لأحد قبله.
104

قال والمراد مع اتحاد الواقف كالجهة ثم إن أراد عينين كدارين فظاهر.
وكذا إن أراد عينا واحدة ولم تنقص القيمة بالتشقيص فإن نقصت توجه البيع في قياس المذهب كبيع وصي لدين أو حاجة صغير بل هذا أسهل لجواز تغيير صفاته لمصلحة وبيعه على قول انتهى.
وقول صاحب الفروع والمراد مع اتحاد الواقف ظاهر في أنه لا يجوز عمارة وقف من ريع وقف آخر ولو اتحدتا الجهة.
وقد أفتى الشيخ عبادة من أئمة أصحابنا بجواز عمارة وقف من وقف آخر على جهته ذكره بن رجب في طبقاته في ترجمته.
قلت وهو قوى بل عمل الناس عليه.
لكن قال شيخنا في حواشي الفروع إن كلامه في الفروع أظهر.
وقال الحارثي وما عدا المسجد من الأوقاف يباع بعضه لإصلاح ما بقي.
وقال يجوز اختصار الآنية إلى أصغر منها إذا تعطلت وإنفاق الفضل على الإصلاح وإن تعذر الاختصار احتمل جعلها نوعا آخر مما هو أقرب إلى الأول واحتمل أن يباع ويصرف في آنية مثلها وهو الأقرب انتهى.
قلت وهو الصواب.
الثانية حيث جوزنا بيع الوقف فمن يلي بيعه.
لا يخلو إما أن يكون الوقف على سبل الخيرات كالمساجد والقناطر والمدارس والفقراء والمساكين ونحو ذلك أو غير ذلك.
فإن كان على سبل الخيرات ونحوها فالصحيح من المذهب أن الذي يلي البيع الحاكم وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به.
منهم صاحب الرعاية في كتاب الوقف والحارثي والزركشي في كتاب الجهاد وقال نص عليه.
105

وقيل يليه الناظر الخاص عليه إن كان جزم به في الرعاية الكبرى في كتاب البيع.
قلت وهو الصواب.
وإن كان على غير ذلك فهل يليه الناظر الخاص أو الموقوف عليه أو الحاكم على ثلاثة أقوال.
أحدها يليه الناظر الخاص وهو الصحيح.
قال الزركشي إذا تعطل الوقف فإن الناظر فيه يبيعه ويشتري بثمنه ما فيه منفعة ترد على أهل الوقف نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الفائق ويتولى البيع ناظره الخاص حكاه غير واحد.
وجزم به في التلخيص والمحرر فقال يبيعه الناظر فيه.
قال في التلخيص ويكون البائع الإمام أو نائبة نص عليه.
وكذلك المشتري بثمنه وهذا إذا لم يكن للوقف ناظر انتهى.
وقدمه في النظم فقال.
وناظره شرعا يلي عقد بيعه * وقيل إن يعين مالك النفع يعقد.
وقدمه في الرعاية الكبرى فقال فلناظره الخاص بيعه ومع عدمه يفعل ذلك الموقوف عليه.
قلت إن قلنا يملكه وإلا فلا.
وقيل بل يفعله مطلقا الإمام أو نائبة كالوقف على سبل الخيرات انتهى.
وقدمه الحارثي وقال حكاه غير واحد.
القول الثاني يليه الموقوف عليه وهو ظاهر ما جزم به في الهداية.
فقال فإن تعطلت منفعته فالموقوف عليه بالخيار بين النفقة عليه وبين بيعه وصرف ثمنه في مثله.
وكذا قال بن عقيل في الفصول وبن البنا في عقوده وبن الجوزي في
106

المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب وأبو المعالي بن منجا في الخلاصة وبن أبي المجد في مصنفه.
وقدمه في الرعاية الصغرى فقال وما بطل نفعه فلمن وقف عليه بيعه.
قلت إن ملكه.
وقيل بل لناظره بيعه بشرطه انتهى.
وقدمه في الحاوي الصغير.
والقول الثالث يليه الحاكم.
جزم به الحلواني في التبصرة فقال وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا أو خرب المسجد وما حوله ولم ينتفع به فللإمام بيعه وصرف ثمنه في مثله انتهى.
وقدم هذا في الفروع.
ونصره شيخنا في حواشي الفروع وقواه بأدلة وأقيسة وعمل الناس عليه واختاره الحارثي وهذا مما خالف المصطلح المتقدم.
فعلى الصحيح من المذهب لو عدم الناظر الخاص فقيل يليه الحاكم جزم به في التلخيص والحارثي.
وقدمه في الرعاية الكبرى في كتاب العدد وذكره نص الإمام أحمد رحمه الله وصاحب الفروع وهذا الصحيح من المذهب.
وقيل يليه الموقوف عليه مطلقا.
قدمه في الرعاية الكبرى أيضا في كتاب الوقف وهو ظاهر ما قطع به الزركشي وحكاه عن الأصحاب.
وكذا ما حكيناه عنهم وأطلقهما في الفائق.
وقيل يليه الموقوف عليه إن قلنا يملكه وإلا فلا اختاره في الرعايتين وجزم به في الفائق.
قلت ولعله مراد من أطلق.
107

تنبيه تلخص لنا مما تقدم فيمن يلي البيع طرق لأن الوقف لا يخلو إما أن يكون على سبل الخيرات أولا.
فإن كان على سبل الخيرات ونحوه فللأصحاب فيه طريقان.
أحدهما يليه الحاكم قولا واحدا وهو قول أكثر الأصحاب منهم صاحب الرعاية الكبرى في كتاب الوقف.
والطريق الثاني يليه الناظر إن كان ثم الحاكم وهي طريقته في الرعاية الكبرى في كتاب البيع وهو الصواب.
وإن لم يكن الوقف على سبل الخيرات ففيه طرق للأصحاب.
أحدها يليه الناظر قولا واحدا وهي طريقة المجد في محرره والزركشي وعزاه إلى نص الإمام أحمد واختيار الأصحاب.
والطريق الثاني يليه الموقوف عليه قولا واحدا.
وهو ظاهر ما قطع به في الهداية والفصول وعقود بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة ومصنف بن أبي المجد كما تقدم.
الطريق الثالث يليه الحاكم قولا واحدا وهي طريقة الحلواني في التبصرة.
الطريق الرابع يليه الناظر الخاص إن كان فإن لم يكن فيليه الحاكم قولا واحدا وهي طريقة صاحب التلخيص.
الطريق الخامس هل يليه الناظر الخاص وهو المقدم أو الموقوف عليه فيه وجهان وهي طريقة الناظم.
الطريق السادس طريقة صاحب الرعاية الصغرى وهي هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم أو إن قلنا يملكه واختاره أو الناظر على ثلاثة أقوال هي.
108

الطريق السابع هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم أو الناظر فيه وجهان وهي طريقته في الحاوي الصغير.
الطريق الثامن طريقته في الرعاية الكبرى وهي هل يليه الناظر الخاص إن كان هو المقدم أو الحاكم حكاه في كتاب الوقف فيه قولان.
وإن لم يكن له ناظر خاص فهل يليه الحاكم وهو المقدم في كتاب البيع وذكره نص الإمام أحمد رحمه الله أو الموقوف عليه وهو المقدم في كتاب الوقف وإن قلنا يملكه واختاره على ثلاثة أقوال.
الطريق التاسع هل يليه الحاكم مطلقا وهو المقدم أو الموقوف عليه على وجهين وهي طريقة صاحب الفروع.
الطريق العاشر يليه الناظر الخاص إن كان فإن لم يكن فهل يليه الحاكم أو الموقوف عليه إن قلنا يملكه على وجهين مطلقين وهي طريقة صاحب الفائق.
فهذه اثنتا عشر طريقة اثنتان فيما هو على سبل الخيرات ونحوه وعشرة في غيره.
الفائدة الثالثة إذا بيع الوقف واشترى بدله فهل يصير وقفا بمجرد الشراء أم لا بد من تجديد وقفية فيه وجهان.
ذكرهما بن رجب في قواعده عن بعضهم فيما إذا أتلف الوقف متلف وأخذت قيمته فاشترى بها بدله وأطلقهما.
أحدهما يصير وقفا بمجرد الشراء.
قال الحارثي عند قول المصنف في وطء الأمة الموقوفة إذا أولدها فعليه القيمة يشترى بها مثلها يكون وقفا ظاهره أن البدل يصير وقفا بنفس الشراء انتهى.
109

قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب هنا لاقتصارهم على بيعه وشراء بدله.
وصرح به في التلخيص فقال في كتاب البيع ويصرف ثمنه في مثله ويصير وقفا كالأول.
وصرح به أيضا في الرعاية في موضعين فقال فلناظره الخاص بيعه وصرف ثمنه في مثله أو بعض مثله ويكون ما اشتراه وقفا كالأول.
وقال في أثناء الوقف فإن وطئ فلا حد ولا مهر.
ثم قال وفي أم ولده تعتق بموته وتؤخذ قيمتها من تركته يصرف في مثله يكون بالشراء وقفا مكانها وهذا صريح بلا شك.
وقال الحلواني في كفاية المبتدئ وإذا تخرب الوقف وانعدمت منفعته بيع واشترى بثمنه ما يرد على أهل الوقف وكان وقفا كالأول.
وقال في المبهج ويشتري بثمنه ما يكون وقفا.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي في حواشيه على المحرر الذي يظهر أنه متى وقع الشراء لجهة الوقف على الوجه الشرعي ولزم العقد أنه يصير وقفا لأنه كالوكيل في الشراء والوكيل يقع شراؤه للموكل فكذا
هذا يقع شراؤه للجهة المشتري لها ولا يكون ذلك إلا وقفا انتهى وهو الصواب.
والوجه الثاني لا بد من تجديد الوقفية وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا بيع واشترى بثمنه ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفا كالأول.
وهو ظاهر كلامه في المجرد أيضا فإنه قال بيعت وصرف ثمنها إلى شراء دار وتجعل وقفا مكانها.
قال الحارثي وبه أقول لأن الشراء لا يصلح سببا لإفادة الوقف فلا بد للوقف من سبب يفيده انتهى.
110

وأما الزركشي فإنه قال ومقتضى كلام الخرقي أنه لا يصير وقفا بمجرد الشراء بل لا بد من إيقاف الناظر له ولم أر المسألة مصرحا بها.
وقيل أن فيها وجهين انتهى.
الفائدة الرابعة اقتصر المصنف والشارح والزركشي وجماعة على ظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط أن يشترى من جنس الوقف الذي بيع بل أي شيء اشترى بثمنه مما يرد على أهل الوقف جاز.
والذي قدمه في الفروع أنه يصرفه في مثله أو بعض مثله فقال ويصرفه في مثله أو بعض مثله قاله الإمام أحمد رحمه الله.
وقاله في التلخيص وغيره كجهته.
وقدمه الحارثي وقال هو المذهب كما قال في الكتاب ومن غداه من الأصحاب.
ونقل أبو داود في الحبيس يشترى مثله أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس.
الخامسة إذا بيع المسجد واشترى به مكانا يجعل مسجدا فالحكم للمسجد الثاني ويبطل حكم الأول.
السادسة لا يجوز نقل المسجد مع إمكان عمارته دون العمارة الأولى قاله في الفنون وقال أفتى جماعة بخلافه وغلطهم السابعة يجوز رفع المسجد إذا أراد أكثر أهله ذلك وجعل تحت أسفله سقاية وحوانيت في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وأخذ به القاضي.
قال الزركشي في كتاب الجهاد وقيل لا يجوز.
وأطلق وجهين في الفروع.
وقال في الرعاية الكبرى فإن أراد أهل مسجد رفعه عن الأرض وجعل سفله سقاية وحوانيت روعى أكثرهم نص عليه.
وقيل هذا في مسجد أراد أهله إنشاءه كذلك وهو أولى انتهى.
111

واختار هذا بن حامد وأول كلام الإمام أحمد رحمه الله عليه.
وصححه المصنف والشارح.
ورد هذا التأويل بعض محققي الأصحاب من وجوه كثيرة وهو كما قال.
قوله (وما فضل من حصره وزيته عن حاجته جاز صرفه إلى مسجد آخر والصدقة به على فقراء المسلمين).
هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجوز صرفه في مثله دون الصدقة به.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال أيضا يجوز صرفه في سائر المصالح وبناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته.
قال وإن علم أن ريعه يفضل عنه دائما وجب صرفه ولا يجوز لغير الناظر صرف الفاضل انتهى.
وقال في الفائق وما فضل من حصر المسجد أو زيته ساغ صرفه إلى مسجد آخر والصدقة به على جيرانه نص عليه.
وعنه على الفقراء وحكى القاضي في صرفه ومنعه روايتين.
وكذا الفاضل من جميع ريعه ويصرف في مسجد آخر.
ذكره القاضي في المجرد قال القاضي أبو الحسين وهو أصح.
فائدة قال الحارثي فضله غلة الموقوف على معين يتعين إرصادها ذكره القاضي أبو الحسين.
112

قال الحارثي وإنما يتأتى فيما إذا كان الصرف مقدرا وهو واضح.
قوله (ولا يجوز غرس شجرة في المسجد).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغنى والشرح والفائق وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والفروع والرعاية الكبرى وغيرهم.
وذكر في الإرشاد والمبهج أنه يكره.
قال في الرعاية الصغرى إن غرست بعد وقفه قلعت إن ضيقت موضع الصلاة.
قال في الرعاية الكبرى ويحرم غرسها مطلقا.
وقيل إن ضيقت حرم وإلا كره.
فعلى المذهب تقلع نص عليه وجزم به في الفروع وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير وإن غرست بعد وقفه قلعت وقيل إن ضيقت موضع الصلاة وإلا فلا.
وتقدم كلامه في الرعاية الصغرى.
وعلى المذهب أيضا يكون ثمرها لمساكين أهل المسجد.
قال في الإرشاد قال الحارثي وهو المذهب.
قال والأقرب حله لغيرهم من المساكين أيضا.
وقال كثير من الأصحاب هي لمالك الأرض المغروس بها غصبا انتهى.
قوله (فإن كانت مغروسة فيه جاز الأكل منها).
يعنى إذا كانت مغروسة قبل بنائه أو وقفها معه.
فإذا وقفها معه وعين مصرفها عمل به وإن لم يعين مصرفها كان حكمها حكم الوقف المنقطع قدمه في الفروع.
113

وقال المصنف هنا جاز الأكل منها وهذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب.
وقدمه في المستوعب والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقال في الهداية يعد أن قدم المنصوص وعندي أن هذه الرواية محمولة على ما إذا لم يكن بالمسجد حاجة إلى ثمن ذلك لأن الجيران يعمرونه ويكسونه وقطع بما حمله عليه أبو الخطاب في المذهب والخلاصة والفائق.
وأعلم أن جماعة من الأصحاب قالوا يصرف في مصالحه وإن استغنى عنها فلجاره أكل ثمره نص عليه وجزم به في الفائق وغيره.
وقال جماعة إذا استغنى عنها المسجد فلجاره ولغيره الأكل منها.
وقيل يجوز الأكل للجار الفقير.
وقيل يجوز للفقير مطلقا قدمه في الرعاية الكبرى فقال وثمرها لفقراء الدرب.
وتقدم في آخر الاعتكاف هل يجوز البيع والشراء في المسجد أم يحرم وهل يصح أو لا.
فائدة يحرم حفر بئر في المسجد فإن فعل طم نص عليه في رواية المروذي وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية الكبرى في إحياء الموات لم يكره الإمام أحمد رحمه الله حفرها فيه.
ثم قال قلت بلى إن كره الوضوء فيه انتهى.
وقال الحارثي في الغصب وإن حفر بئرا في المسجد للمصلحة العامة فعليه ضمان ما تلف بها لأنه ممنوع منه إذ المنفعة مستحقة للصلاة فتعطيلها عدوان.
114

ونص على المنع من رواية المروذي.
ويحتمل أنه كالحفر في السابلة لاشتراك المسلمين في كل منهما فالحفر في إحداهما كالحفر في الأخرى فتجري فيه رواية بن ثواب بعدم الضمان انتهى.
فائدة قال في الفروع وإن بنى أو غرس ناظر في وقف توجه أنه له إن أشهد وإلا للوقف ويتوجه في أجنبي بنى أو غرس أنه للوقف بنيته.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يد الواقف ثابتة على المتصل به ما لم تأت حجة تدفع موجبها كمعرفة كون الغارس غرسه بماله بحكم إجارة أو إعارة أو غصب.
ويد المستأجر على المنفعة فليس له دعوى البناء بلا حجة.
ويد أهل العرصة المشتركة ثابتة على ما فيها بحكم الاشتراك إلا مع بينه باختصاصه ببناء ونحوه.
115

باب الهبة والعطية.
قوله (وهي تمليك في حياته بغير عوض).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وقيل الهبة تقتضي عوضا.
وقيل مع عرف.
فلو أعطاه ليعاوضه أو ليقضي له به حاجة فلم يف فكالشرط.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله (فإن شرط فيها عوضا معلوما صارت بيعا).
حكمها حكم البيع في ثبوت الخيار والشفعة وغيرهما هذا المذهب.
قال الحارثي قاله القاضي وأصحابه.
وليس منصوصا عنه ولا عن متقدمي أصحابه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الخلاصة وتجريد العناية وقدمه في الشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والمذهب والهداية.
وقيل هي بيع مع التقابض.
(وعنه يغلب فيها حكم الهبة) ذكرها أبو الخطاب.
قال الحارثي هذا المذهب وهو الصحيح وهو متين جدا.
وقال عن الأول هو ضعيف جدا انتهى.
قال القاضي ليست بيعا وإنما الهبة تارة تكون تبرعا وتارة تكون بعوض وكذلك العتق ولا يخرجان عن موضوعهما.
قال في الفروع وإن شرطه وكان معلوما صحت كالعارية.
وقيل بقيمتها بيعا وعنه هبة انتهى.
116

تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله صحة شرط العوض فيها وهو صحيح وهو المذهب.
وقيل لا تصح مطلقا.
قوله (وإن شرط ثوابا مجهولا لم تصح).
يعني الهبة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي وبن البنا وبن عقيل والمصنف.
قال في الخلاصة لم يصح في الأصح.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والشرح والنظم وغيرهم.
وعنه أنه قال يرضيه بشيء فيصح وذكرها الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر المذهب.
قال الحارثي هذا المذهب نص عليه من رواية بن الحكم وإسماعيل بن سعيد وإليه ميل أبي الخطاب.
وصحح هذه الرواية في الرعاية الصغرى فقال فإن شرطه مجهولا صحت في الأصح.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
فعلى هذه الرواية يرضيه فإن لم يرض فله الرجوع فيها فيردها بزيادة ونقص نص عليه.
(فإن تلفت) فقيمتها يوم التلف.
وهذا البناء على هذه الرواية هو الصحيح صححه المصنف وغيره.
وقيل يرضيه بقيمة ما وهبه وأطلقهما في المذهب.
قال الحارثي ويحتمل وجها بالبناء وهو ما يعد ثوابا لمثله عادة.
117

فائدة لو ادعى شرط العوض فأنكر المتهب أو قال وهبتني هذا قال بل بعتكه ففي أيهما يقبل قوله وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
أحدهما يقبل قول المتهب وجزم به في الكافي في المسألة الأولى.
وقدمه الحارثي وصححه وقال حكاه في الكافي وغير واحد.
الوجه الثاني القول قول الواهب وأطلقهما في التلخيص في المسألة الأولى.
قوله (وتحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة من الإيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها).
هذا المذهب اختاره بن عقيل والمجد في شرح الهداية وغيرهما.
حتى إن بن عقيل وغيره صححوا الهبة بالمعاطاة ولم يذكروا فيها الخلاف الذي في بيع المعاطاة.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي الصغير والمنور وغيرهم.
وقدمه في الشرح والحارثي والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
قال في التلخيص وهل يقوم الفعل مقام اللفظ يخرج على الرواية في البيع بالمعاطاة وأولى بالصحة.
قال في الحاوي الصغير وتنعقد بالمعاطاة.
وفي المستوعب والمغنى في الصداق لا تصح إلا بلفظ الهبة والعفو والتمليك.
وقال في الرعاية الكبرى وفي العفو وجهان.
وقال في المذهب ومسبوك الذهب وألفاظها وهبت وأعطيت وملكت.
والقبول قبلت أو تملكت أو اتهبت.
118

فإن لم يكن إيجاب ولا قبول بل إعطاء وأخذ كانت هدية أو صدقة تطوع على مقدار العرف انتهى.
وقال في الانتصار في غذاء المساكين في الظهار أطعمتكه كوهبتكه.
وذكر القاضي في المجرد وأبو الخطاب وأبو الفرج الشيرازي أن الهبة والعطية لا بد فيهما من الإيجاب والقبول ولا تصح بدونه سواء وجد القبض أو لم يوجد قاله المصنف وغيره.
قال في الفائق وهو ضعيف.
وقدم في الرعايتين أنه لا يصح بالمعاطاة.
وتقدم التنبيه على هذه المسألة في كتاب البيع.
فائدتان
إحداهما لو تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه قاله في الرعاية الكبرى والفائق.
وقال في الصغرى والحاوي الصغير وتنعقد بالإيجاب والقبول عرفا.
وقال الزركشي لو تقدم القبول على الإيجاب ففي صحة الهبة روايتان انتهى.
قلت هي مشابهة للبيع فيأتي هنا ما في البيع على ما تقدم.
ثم وجدت الحارثي صرح بذلك ولم يحك فيه خلافا وكذلك صاحب التلخيص.
الثانية يصح أن يهبه شيئا ويستثنى نفعه مدة معلومة وبذلك أجاب المصنف واقتصر عليه في القاعدة الثانية والثلاثين.
قوله (وتلزم بالقبض).
يعني ولا تلزم قبله وهذا إحدى الروايتين وهو المذهب مطلقا جزم به في الوجيز وغيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته والقاضي.
119

قال بن منجا في شرحه هذا أصح وقدمه في المحرر والخلاصة والنظم والحارثي والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الكبرى تلزم الهبة وتملك بالقبض إن اعتبر وهو المذهب عند بن أبي موسى وغيره.
وعنه تلزم في غير المكيل والموزون بمجرد الهبة.
قال الشارح وعلى قياسه المعدود والمذروع.
قال في الفروع وعنه تلزم في متميز بالعقد اختاره الأكثر.
قال في الفائق والحارثي اختاره القاضي وأصحابه.
قال بن عقيل هذا المذهب.
قال الزركشي لا يفتقر المعين إلى القبض عند القاضي وعامة أصحابه وقدمه في المغنى وبن رزين في شرحه.
وأطلقهما في الكافي والشرح والتلخيص والهداية والمستوعب.
وعنه لا تلزم إلا بإذن الواهب في القبض.
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف صحة الهبة بمجرد العقد وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وظاهر كلام الخرقي وطائفة أن ما يكال ويوزن لا يصح إلا مقبوضا قال الخرقي ولا تصح الهبة والصدقة فيما
يكال ويوزن إلا بقبضه.
قال في الانتصار في البيع بالصفة القبض ركن في غير المتعين لا يلزم العقد بدونه نقله الزركشي وصححه الحارثي.
ويأتي كلام بن عقيل قريبا.
الثانية قوله (في المكيل والموزون لا تلزم فيه إلا بالقبض) محمول على عمومه في كل ما يكال ويوزن.
120

قال الشارح والمصنف وخصه أصحابنا المتأخرون بما ليس بمتعين فيه كقفيز من صبرة ورطل من زبرة.
قال وقد ذكرنا ذلك في البيع ورجحنا العموم.
قال في الفروع كما تقدم وعنه تلزم في متميز بالعقد.
قال الزركشي هبة غير المتعين كقفيز من صبرة ورطل من زبرة تفتقر إلى القبض بلا نزاع.
فائدة تملك الهبة بالعقد أيضا قاله المصنف ومن تابعه.
ونقله في التلخيص وقدمه في الفائق وقاله أبو الخطاب في انتصاره في موضع.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين قاله كثير من الأصحاب ومنهم أبو الخطاب في انتصاره وصاحب المغنى والتلخيص وغيرهم.
وقيل يتوقف الملك على القبض وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم وجزم به في المحرر.
قال في الكافي لا يثبت الملك للموهوب له في المكيل والموزون إلا بقبضه وفيما عداهما روايتان.
وقال في شرح الهداية مذهبنا أن الملك في الموهوب لا يثبت بدون القبض وفرع عليه إذا دخل وقت الغروب من ليلة الفطر والعبد موهوب لم يقبض ثم قبض وقلنا يعتبر في هبته القبض ففطرته على الواهب.
وكذا صرح بن عقيل أن القبض ركن من أركان الهبة كالإيجاب في غيرها وكلام الخرقي يدل عليه أيضا.
قال ذلك في القاعدة التاسعة والأربعين.
وقيل يفع الملك مراعي فإن وجد القبض تبينا أنه كان للموهوب بقبوله وإلا فهو للواهب.
121

وحكى عن بن حامد وفرع عليه حكم الفطرة.
وأطلقهما في الفروع وهما روايتان في الانتصار في نقل الملك بعقد فاسد.
قال في الفروع وعليهما يخرج النماء.
وذكر جماعة إن اتصل القبض.
قوله (ولا يصح القبض إلا بإذن الواهب).
يعني إذا قلنا إن الهبة لا تلزم إلا بالقبض وهذا المذهب بشرطه الآتي وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الترغيب والبلغة والتلخيص وفي صحة قبضه بدون إذنه روايتان والإذن لا يتوقف على اللفظ بل المناولة والتخلية إذن.
وظاهر كلام القاضي اعتبار اللفظ فيه.
قال الحارثي وعنه يصح القبض بغير إذنه.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (إلا ما كان في يد المتهب فيكفي مضي زمن يتأتى قبضه فيه).
هذا إحدى الروايات اختاره القاضي وأبو الخطاب والسامري.
وجزم به في البلغة والتلخيص وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه ما كان في يد المتهب يلزم بالعقد وهو المذهب.
قال الشارح هذا الصحيح إن شاء الله تعالى.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والنظم وبن رزين في شرحه.
قال في الرعايتين وهو أولى وكذا قال الحارثي.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وعنه لا يصح القبض حتى يأذن فيه أيضا ويمضي زمن يتأتى قبضه فيه.
122

جزم به في الخلاصة واختاره القاضي أيضا.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى ومن اتهب شيئا في يده يعتبر قبضه فقبله اعتبر إذن الواهب فيه على الأشهر ثم مضي زمن يمكن قبضه فيه ليملكه.
وقيل يعتبر مضى الزمن دون إذنه.
وأطلق الأولى والثالثة في الهداية والمذهب والمستوعب.
وأطلق الثانية والثالثة في الكافي.
تنبيه الاستثناء الثاني في كلام المصنف من قوله وتلزم بالقبض لا من قوله ولا يصح القبض إلا بإذن الواهب.
فائدتان
إحداهما صفة القبض هنا كقبض المبيع.
وعلى القول بأنه لا بد من مضي مدة يتأتى قبضه فيها فإن كان منقولا فبمضي مدة نقله فيها.
وإن كان مكيلا أو موزونا فبمضي مدة يمكن اكتياله واتزانه فيها.
وإن كان غير منقول فبمضي مدة التخلية.
وإن كان غائبا لم يصر مقبوضا حتى يوافيه هو أو وكيله ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها.
ذكر معنى ذلك في الشرح وغيره في باب الرهن وكذا حكم قبض الرهن.
الثانية له أن يرجع في الإذن قبل القبض وله أن يرجع في نفس الهبة قبل القبض على الصحيح من المذهب فيهما.
وقيل لا يصح الرجوع فيهما.
قوله (وإن مات الواهب قام وارثه مقامه في الإذن والرجوع).
123

هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
واختاره صاحب التلخيص وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي في المجرد يبطل عقد الهبة.
جزم به في الفصول وقدمه في المغنى والشرح والنظم والفائق.
قال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة وهو المنصوص في رواية بن منصور واختيار بن أبي موسى.
وقاله القاضي وبن عقيل في الهبة في الصحة.
وأما في المرض إذا مات قبل إقباضها فجعلا الورثة بالخيار لشبهها بالوصية انتهى.
فائدة لو وهب الغائب هبة وأنفذها مع رسول الموهوب له أو وكيله ثم مات الواهب أو الموهوب له قبل وصولها لزم حكمها وكانت للموهوب له لأن قبض الرسول والوكيل كقبضه.
وإن أنفذها الواهب مع رسول نفسه ثم مات قبل وصولها إلى الموهوب له أو مات الموهوب له بطلت وكانت للواهب ولورثته لعدم القبض.
وكذلك الحكم في الهدية نص على ذلك.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله تعالى بقوله (قام وارثه مقامه) أن إذن الواهب يبطل بموته وهو صحيح وكذلك يبطل إذنه بموت المتهب.
فوائد
الأولى لو مات المتهب قبل قبوله بطل العقد على الصحيح من المذهب وقيل لا يبطل.
124

الثانية يقبض الأب للطفل من نفسه بلا نزاع ولا يحتاج إلى قبول من نفسه على الصحيح من المذهب ويكتفي بقوله وهبته وقبضته له.
وقال القاضي لا بد في هبة الولد أن يقول قبلته.
وهو مبنى على اشتراط القبول على ما تقدم قريبا والمذهب خلافه.
وقال بعض الأصحاب يكتفى بأحد لفظين أما أن يقول قد قبلته أو قبضته.
وإن وهب ولى غير الأب فقال أكثر الأصحاب لابد أن يوكل الواهب من يقبل للصبي ويقبض له ليكون الإيجاب من الولي والقبول والقبض من غيره كما في البيع بخلاف الأب فإنه يجوز أن يوجب ويقبل ويقبض.
قال المصنف والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء.
قال في الفروع وفى قبض ولى غير الأب من نفسه روايتا شرائه وبيعه له من نفسه.
الثالثة لا يصح قبض الطفل والمجنون لنفسه ولا قبوله ووليه يقوم مقامه فيهما.
فإن لم يكن له أب فوصيه فإن لم يكن فالحاكم الأمين أو من يقيموه مقامهم ولا يقوم غير هؤلاء الثلاثة مقامهم.
وقال المصنف في المغنى ويحتمل أن يصح القبول والقبض من غيرهم عند عدمهم.
الرابعة لا يصح من المميز قبض الهبة ولا قبولها على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية بن منصور.
وقال في القواعد الأصولية تبعا للحارثي هذا أشهر الروايتين وعليه معظم الأصحاب.
وعنه يصح قبضه وقبوله اختاره المصنف في المغنى والحارثي.
125

وقال في المغنى ويحتمل أن تقف صحة قبضه على إذن وليه دون القبول وفرق بينهما.
وتقدم في الحجر هل تصح هبته.
والسفيه كالمميز في ذلك وأولى بالصحة.
والوصية كالهبة في ذلك.
الخامسة قال القاضي في المجرد يعتبر لقبض المشاع إذن الشريك فيه فيكون نصفه مقبوضا تملكا ونصف الشريك أمانة بيده انتهى.
وجزم به في الحاوي الصغير والرعايتين.
قال في القاعدة الثالثة والأربعين في المجرد والفصول يكون نصف الشريك وديعة عنده.
وقال بن عقيل في الفنون يكون قبض نصف الشريك عارية مضمونة انتهى.
قلت لو قيل إن جاز له أن يتصرف وتصرف كان عارية وإن لم يتصرف فوديعة لكان متجها.
ثم وجدته في القاعدة الثالثة والأربعين حكى كلامه في الفنون فقال قال بن عقيل في فنونه هو عارية حيث قبضه لينتفع به بلا عوض.
قال صاحب القواعد وهو صحيح إن كان أذن له في الانتفاع مجانا أما إن طلب منه أجرة فهي إجازة.
وإن لم يأذن في الانتفاع بل في الحفظ فوديعة انتهى وفيه نظر.
السادسة لو قال أحد الشريكين للعبد المشترك أنت حبيس على آخرنا موتا لم يعتق بموت الأول منهما ويكون في يد الثاني عارية فإذا مات عتق ذكره القاضي في المجرد.
وذكره في القاعدة الثالثة والأربعين.
126

قوله (وإن أبرأ الغريم غريمه من دينه أو وهبه له أو أحله منه برئت ذمته).
وكذا إن أسقطه عنه أو تركه له أو ملكه له أو تصدق به عليه أو عفا عنه برئت ذمته (وإن رد ذلك ولم يقبله).
أعلم أنه إذا أبرأه من دينه أو وهبه له أو أحله منه أو نحو ذلك وكان المبرئ والمبرأ يعلمان الدين صح ذلك وبرئ وإن رده ولم يقبله على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يشترط القبول.
قال في الفروع وفي المغنى في إبرائها له من المهر هل هو إسقاط أو تمليك فيتوجه منه احتمال لا يصح به وإن صح اعتبر قبوله.
وفي الموجز والإيضاح لا تصح هبة في عين.
وقال في المغنى إن حلف لا يهبه فأبرأه لم يحنث لأن الهبة تمليك عين.
قال الحارثي تصح بلفظ الهبة والعطية مع اقتضائهما وجود معين وهو منتف لإفادتهما لمعنى الإسقاط هنا.
قال ولهذا لو وهبه دينه هبة حقيقة لم يصح لانتفاء معنى الإسقاط وانتفاء شرط الهبة.
ومن هنا امتنع هبته لغير من هو عليه وامتنع إجزاؤه عن الزكاة لانتفاء حقيقة الملك انتهى.
وقال في الانتصار إن أبرأ مريض من دينه وهو كل ماله ففي براءته من ثلثه قبل دفع ثلثيه منع وتسليم انتهى.
وأما إن علمه المبرأ بفتح الراء أو جهله وكان المبرئ بكسرها يجهله صح سواء جهل قدره أو وصفه أو هما على الصحيح من المذهب.
127

جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم.
قال في القواعد هذا أشهر الروايات.
وعنه يصح مع جهل المبرأ بفتح الراء دون علمه.
وأطلق فيما إذا عرفه المديون فيه الروايتين في الرعايتين والحاوي الصغير وعنه لا يصح ولو جهلاه إلا إذا تعذر علمه.
وقال في المحرر ويتخرج أن يصح بكل حال إلا إذا عرفه المبرأ وظن المبرئ جهله به فلا يصح انتهى.
وعنه لا تصح البراءة من المجهول كالبراءة من العيب.
ذكرها أبو الخطاب وأبو الوفاء كما لو كتمه المبرأ خوفا من أنه لو علمه المبرئ لم يبرئه قاله في الفروع.
وقال المصنف والشارح فأما إن كان من عليه الحق يعلمه ويكتمه المستحق خوفا من أنه إذا علمه لم يسمح بإبرائه منه فينبغي أن لا تصح البراءة فيه لأن فيه تغريرا بالمبرئ وقد أمكن التحرز منه انتهيا.
وتابعهما الحارثي وقال ظاهر كلام أبي الخطاب الصحة مطلقا.
قال وهذا أقرب.
فوائد
الأولى من صور البراءة من المجهول لو أبرأه من أحدهما أو أبرأه أحدهما قاله الحلواني والحارثي.
وقالا يصح ويؤخذ بالبيان كطلاقه إحداهما وعتقه أحدهما.
قال في الفروع يعني ثم يقرع على المذهب.
الثانية قال المصنف وغيره قال أصحابنا لو أبرأه من مائة وهو يعتقد أن لا شيء عليه فكان له عليه مائة ففي صحة الإبراء وجهان.
128

صحح الناظم أن البراءة لا تصح قال الحارثي وهذا أظهر وأطلقهما في الفروع.
أصلهما لو باع مالا لموروثه يعتقد أنه حي وكان قد مات وانتقل ملكه إليه فهل يصح البيع فيه وجهان.
وتقدم الصحيح منهما في كتاب البيع بعد تصرف الفضولي فكذا هنا.
وقال القاضي أصل الوجهين من واجه امرأة بالطلاق يظنها أجنبية فبانت امرأته أو واجه بالعتق من يعتقدها حرة فبانت أمته.
ويأتي ذلك في آخر باب الشك في الطلاق.
الثالثة لا تصح هبة الدين لغير من هو في ذمته على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
ويحتمل الصحة كالأعيان ذكره المصنف ومن بعده.
قال في الفائق والمختار الصحة.
قال الحارثي وهو أصح وهو المنصوص في رواية حرب فذكره إن اتصل القبض به.
وتقدم حكم هبة دين السلم في بابه محررا فليعاود.
الرابعة لا تصح البراءة بشرط نص عليه فيمن قال إن مت فأنت في حل فإن ضم التاء فقال إن مت فأنت في حل فهو وصية.
وجعل الإمام أحمد رحمه الله تعالى رجلا في حل من غيبته بشرط أن لا يعود وقال ما أحسن الشرط.
فقال في الفروع فيتوجه فيهما روايتان.
وأخذ صاحب النوادر من شرطه أن لا يعود رواية في صحة الإبراء بشرط وذكر الحلواني صحة الإبراء بشرط واحتج بنصه المذكور هنا أنه وصية.
129

وأن بن شهاب والقاضي قالا لا يصح على غير موت المبرئ وأن الأول أصح لأنه إسقاط.
وقدم الحارثي ما قاله الحلواني وقال إنه أصح.
الخامسة لا يصح الإبراء من الدين قبل وجوبه ذكره الأصحاب نقله الحلواني عنه.
وجزم جماعة بأنه تمليك.
ومنع بعضهم أنه إسقاط وأنه لا يصح بلفظ الإسقاط وإن سلمناه فكأنه ملكه إياه ثم سقط.
ومنع أيضا أنه لا يعتبر قبوله وإن سلمناه فلأنه ليس مالا بالنسبة إلى من هو عليه.
وقال العفو عن دم العمد تمليك أيضا.
وفي صحيح مسلم أن أبا اليسر الصحابي رضي الله عنه قال لغريمه إذا وجدت قضاء فاقض وإلا فأنت في حل.
وأعلم به الوليد بن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وابنه وهما تابعيان فلم ينكراه.
قال في الفروع وهذا متجه واختاره شيخنا.
السادسة لو تبارآ وكان لأحدهما على الآخر دين مكتوب فادعى استثناءه بقلبه ولم يبرئه منه قبل قوله ولخصمه تحليفه.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفروع وتتوجه الروايتان في مخالفة النية للعام بأيهما يعمل.
السابعة قال القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشي الفروع الإبراء من المجهول عندنا صحيح لكن هل هو
عام في جميع الحقوق أو خاص بالأموال ظاهر كلامهم أنه عام.
130

قلت صرح به في الفروع في آخر القذف وقدمه.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية لا يكفي الاستحلال المبهم.
ويأتي ذلك محررا هناك.
قوله (وتصح هبة المشاع) هذا المذهب المقطوع به عند الأصحاب قاطبة وفي طريقة بعض الأصحاب ويتخرج لنا من عدم إجارة المشاع أنه لا يصح رهنه ولا هبته.
قوله (وكل ما يجوز بيعه).
يعني تصح هبته وهذا صحيح ونص عليه.
ومفهومه أن مالا يجوز بيعه لا تجوز هبته وهو المذهب.
وقدمه في الفروع واختاره القاضي.
وقيل تصح هبة ما يباح الانتفاع به من النجاسات جزم به الحارثي.
وتصح هبة الكلب جزم به في المغنى والكافي والشرح واختاره الحارثي.
قال في القاعدة السابعة والثمانين وليس بين القاضي وصاحب المغنى خلاف في الحقيقة لأن نقل اليد في هذه الأعيان جائز كالوصية وقد صرح به القاضي في خلافه انتهى.
نقل حنبل فيمن أهدى إلى رجل كلب صيد ترى ان يثيب عليه قال هذا خلاف الثمن هذا عوض من شيء فأما الثمن فلا.
وأطلق في الكلب المعلم وجهين في الرعايتين والقواعد الفقهية.
وقيل وتصح أيضا هبة جلد الميتة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويظهر لي صحة هبة الصوف على الظهر قولا واحدا.
131

تنبيه مفهوم كلام المصنف أيضا أنه لا تصح هبة أم الولد إن قلنا لا يجوز بيعها وهو صحيح وهو المذهب.
وقيل يصح هنا مع القول بعدم صحة بيعها.
وأطلقهما في الرعايتين والفائق.
قلت ينبغي أن يقيد القول بالصحة بأن يكون حكمها حكم الإماء في الخدمة ونحوها إلى أن يموت الواهب فتعتق وتخرج من الهبة.
قوله (ولا تصح هبة المجهول).
أعلم أن الموهوب المجهول تارة يتعذر علمه وتارة لا يتعذر علمه.
فإن تعذر علمه فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم الصلح على المجهول المتعذر علمه كما تقدم وهو الصحة.
قطع به في المحرر والنظم والفروع والمنور وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
وظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أنه لا يصح لإطلاقهم عدم الصحة في هبة المجهول من غير تفصيل.
وهو ظاهر رواية أبي داود وحرب الآتيتين.
وإن لم يتعذر علمه فالصحيح من المذهب أنها لا تصح وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به.
نقل حرب لا تصح هبة المجهول.
وقال في رواية حرب أيضا إذا قال شاة من غنمي يعني وهبتها له لم يجز.
وقال المصنف ويحتمل أن الجهل إذا كان من الواهب منع الصحة وإن كان من الموهوب له لم يمنعها.
132

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتصح هبة المجهول كقوله ما أخذت من مالي فهو لك أو من وجد شيئا من مالي فهو له.
واختار الحارثي صحة هبة المجهول.
فائدة لو قال خذ من هذا الكيس ما شئت كان له أخذ ما فيه جميعا.
ولو قال خذ من هذه الدراهم ما شئت لم يملك أخذها كلها إذ الكيس ظرفا فإذا أخذ المظروف حسن أن يقول أخذت من الكيس ما فيه ولا يحسن أن يقول أخذت من الدراهم كلها نقله الحارثي عن نوادر بن الصيرفي.
قوله (ولا ما لا يقدر على تسليمه).
يعني لا تصح هبته وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل تصح هبته.
قال في الفروع ويتوجه من هذا القول جواز هبة المعدوم وغيره.
قلت اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة هبة المعدوم كالثمر واللبن بالسنة.
قال واشتراط القدرة على التسليم هنا فيه نظر بخلاف البيع.
قوله (ولا يجوز تعليقها على شرط).
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما استثناه وقطع به أكثرهم.
وذكر الحارثي جواز تعليقها على شرط.
قلت واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكره عنه في الفائق.
تنبيه قوله (ولا شرط ما ينافي مقتضاها نحو أن لا يبيعها ولا يهبها).
هذا الشرط باطل بلا نزاع.
133

لكن هل تصح الهبة أم لا فيه وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع على ما تقدم.
والصحيح من المذهب الصحة.
قوله ولا توقيتها كقوله وهبتك هذا سنة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما استثناه المصنف.
وذكر الحارثي الجواز.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله إلا في العمرى وهو أن يقول أعمرتك هذه الدار أو أرقبتكها أو جعلتها لك عمرك أو حياتك.
وكذا قوله أعطيتكها أو جعلتها لك عمرى أو رقبى أو ما بقيت فإنه يصح وتكون للمعمر بفتح الميم ولورثته من بعده.
هذه العمرى والرقبى وهي صحيحة بهذه الألفاظ وتكون للمعمر ولورثته من بعده وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الحارثي العمرى المشروعة أن يقول هي لك ولعقبك من بعدك لا غير.
ونقل يعقوب وبن هانئ من يعمر الجارية هل يطؤها قال لا أراه وحمله القاضي على الورع لأن بعضهم جعلها تمليك المنافع.
قال في القاعدة الخامسة والثلاثين بعد المائة وهو بعيد والصواب تحريمه وحمله على أن الملك بالعمرى قاصر.
فائدة لو لم يكن له ورثة كان لبيت المال.
قوله (وإن شرط رجوعها إلى المعمر بكسر الميم عند موته أو قال هي لآخرنا موتا صح الشرط).
134

هذا إحدى الروايتين اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعنه لا يصح الشرط وتكون للمعمر بفتح الميم ولورثته من بعده وهو المذهب.
قال المصنف هذا ظاهر المذهب نص عليه في رواية أبي طالب.
قال في الفائق هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والفروع والرعاية الكبرى.
وأطلقهما في التلخيص والشرح.
قال الحارثي عن الرواية الأولى هو المذهب.
وقال عن الثانية لا تصح الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله بصحة الشرط.
تنبيه من لازم صحة الشرط صحة العقد ولا عكس.
والصحيح من المذهب أن العقد في هذه المسألة صحيح.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الفائق وغيره هذا المذهب.
وعنه لا يصح العقد أيضا.
قال الحارثي وذكر بن عقيل وغيره وجها ببطلان العقد لبطلان الشرط كالبيع ولا يصح انتهى.
فائدة لا يصح إعماره المنفعة ولا إرقابها.
فلو قال سكنى هذه الدار لك عمرك أو غلة هذا البستان أو خدمة.
135

هذا العبد لك عمرك أو منحتكه عمرك أو هو لك عمرك فذلك عارية له الرجوع فيها متى شاء في حياته أو بعد موته.
نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
ونقل أبو طالب إذا قال هو وقف على فلان فإذا مات فلولدي أو لفلان فكما لو قال إذا مات فهو لولده أو لمن أوصى له الواقف ليس يملك منه شيئا إنما هو لمن وقفه يضعه حيث شاء مثل السكنى والسكنى متى شاء رجع فيه.
ونقل حنبل في الرقبى والوقف إذا مات فهو لورثته بخلاف السكنى.
ونقل حنبل أيضا العمري والرقبي والوقف معنى واحد إذا لم يكن فيه شرط لم يرجع إلى ورثة المعمر وإن شرط في وقفه أنه له حياته رجع وإن جعله له حياته وبعد موته فهو لورثة الذي أعمره وإلا رجع إلى ورثة الأول.
وتقدم حكم الوقف المؤقت.
قوله (والمشروع في عطية الأولاد القسمة بينهم على قدر ميراثهم).
هذا المذهب نص عليه في رواية أبي داود وحرب ومحمد بن الحكم والمروذي والكوسج وإسحاق بن إبراهيم وأبي طالب وبن القاسم وسندي وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والتلخيص والزركشي.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق والرعاية والحارثي وغيرهم.
وعنه المشروع أن يكون الذكر كالأنثى كما في النفقة.
اختاره بن عقيل في الفنون والحارثي.
وفي الواضح وجه تستحب التسوية بين أب وأم وأخ وأخت.
136

قال في رواية أبي طالب لا ينبغي أن يفضل أحدا من ولده في طعام ولا غيره كان يقال يعدل بينهم في القبل.
قال في الفروع فدخل فيه نظر وقف.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولا يجب على المسلم التسوية بين أولاده الذمة.
تنبيهات.
الأول يحتمل قوله في عطية الأولاد دخول أولاد الأولاد.
يقويه قوله القسمة بينهم على قدر إرثهم فقد يكون في ولد الولد من يرث.
وهذا المذهب وهو ظاهر كلام الأصحاب وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن هذا الحكم مخصوص بأولاده لصلبه وهو وجه.
وذكر الحارثي لا ولد بنيه وبناته.
الثاني قوة كلام المصنف تعطى أن فعل ذلك على سبيل الاستحباب وهو قول القاضي في شرحه.
وتقدم كلامه في الواضح.
والصحيح من المذهب أنه إذا فعل ذلك يجب عليه ولا يأباه كلام المصنف هنا.
وجزم به في المحرر والتلخيص والنظم والوجيز والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والحارثي.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هو المذهب.
الثالث مفهوم قوله والمشروع في عطية الأولاد أن الأقارب الوارثين غير الأولاد ليس عليه التسوية بينهم وهو اختيار المصنف والشارح.
137

قال في الحاوي الصغير وهو أصح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه قال يجب التعديل في عطية أولاده بقدر إرثهم منه.
قال الحارثي هو المذهب وعليه المتقدمون كالخرقي وأبي بكر وبن أبي موسى.
قال في الفروع وهو سهو انتهى.
والصحيح أن حكم الأقارب الوراث في العطية كالأولاد نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والنظم والفائق والفروع وقال اختاره الأكثر.
وأما الزوج والزوجة فلا يدخلان في لفظ الأولاد والأقارب بلا نزاع بين الأصحاب فهم خارجون من هذه الأحكام.
صرح به في الرعاية وغيرها وهو ظاهر كلام الباقين.
الرابع ظاهر كلام المصنف مشروعية التسوية في الإعطاء سواء كان قليلا أو كثيرا وسواء كانوا كلهم فقراء أو بعضهم.
وأعلم أن الإمام أحمد رحمه الله نص على أنه يعفى عن الشيء التافه.
وقال القاضي أبو يعلى الصغير يعفى عن الشيء اليسير.
وعنه يجب التسوية أيضا فيه إذا تساووا في الفقر أو الغنى.
قوله (فإن خص بعضهم أو فضله فعليه التسوية بالرجوع أو إعطاء الآخر حتى يستووا).
هذا المذهب مطلقا وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم.
138

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم.
قال الزركشي نص عليه في رواية يوسف بن موسى وهو ظاهر كلام الأكثرين انتهى.
قال الحارثي وهو ظاهر إيراد الكتاب ونصره.
وتحريم فعل ذلك في الأولاد وغيرهم من الأقارب من المفردات.
وقيل إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانه أو عمى أو كثرة عائلة أو لاشتغاله بالعلم ونحوه أو منع بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص.
واختاره المصنف واقتصر عليه بن رزين في شرحه إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وقطع به الناظم وقدمه في الفائق وقال هو ظاهر كلامه.
قلت قد روي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على ذلك.
فإنه قال في تخصيص بعضهم بالوقف لا باس إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الإثرة والعطية في معنى الوقف.
قلت وهذا قوي جدا.
قوله (فعليه التسوية بالرجوع أو إعطاء الآخر).
هذا المذهب أعني أن التسوية إما بالرجوع وإما بالإعطاء.
قال في الفروع هذا الأشهر نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم.
ولم يذكر الإمام أحمد رحمه الله في رواية إلا الرجوع فقط وقاله الخرقي وأبو بكر.
139

قال الحارثي والأظهر أن المنقول عن الإمام أحمد رحمه الله ليس قولين مختلفين إنما هو اختلاف حالين.
تنبيه ظاهر قوله أو إعطاء الآخر ولو كان إعطاؤه في مرض الموت وهو صحيح وهو المذهب.
قال الشارح وهو الصحيح وصححه في الفائق.
قال الزركشي أولى القولين الجواز واختاره المصنف وغيره وقدمه في الفروع.
وعنه لا يعطى في مرضه وهو قول قدمه في الرعايتين.
قال الحارثي أشهر الروايتين لا يصح.
نص عليه في رواية المروذي ويوسف بن موسى والفضل بن زياد وعبد الكريم بن الهيثم وإسحاق بن إبراهيم.
ونقل الميموني وغيره لا ينفذ.
وقال أبو الفرج وغيره يؤمر برده.
فائدتان
إحداهما يجوز التخصيص بإذن الباقي ذكره الحارثي واقتصر عليه في الفروع.
الثانية يجوز للأب تملكه بلا حيلة قدمه الحارثي وتابعه في الفروع ونقل بن هانئ لا يعجبني أن يأكل منه شيئا.
قوله (فإن مات قبل ذلك ثبت للمعطى).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم الخلال وصاحبه أبو بكر والخرقي وبن أبي موسى والقاضي وأصحابه ومن بعدهم قاله الحارثي.
قال بن منجا هذا المذهب.
140

قال في الرعايتين لم يرجع الباقون على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الفروع وشرح بن رزين والحاوي الصغير والحارثي وغيرهم وعنه لا يثبت وللباقين الرجوع.
اختاره أبو عبد الله بن بطة وصاحبه أبو جعفر العكبريان وبن عقيل والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر والنظم والفائق وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وأما الولد المفضل فينبغي له الرد بعد الموت قولا واحدا.
قال في المغنى والشرح يستحب للمعطى أن يساوي أخاه في عطيته.
وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله بطلان العطية.
واختاره الحارثي وذكر أن بعضهم نقله عن الإمام أحمد رحمه الله.
وذكر بن عقيل في الصحة روايتين.
فوائد
إحداها قال في الرعايتين والحاوي الصغير حكم ما إذا ولد له ولد بعد موته حكم موته قبل التعديل المذكور بالإعطاء أو الرجوع.
واختار الحارثي هنا عدم الوجوب.
وقال إن حدث بعد الموت فلا رجوع للحادث على إخوته وقاله الأصحاب أيضا.
وفي المغنى تستحب التسوية بينهم وبينه.
الثانية محل ما تقدم إذا فعله في غير مرض الموت.
فأما إن فعله في مرض الموت فإنهم يرجعون.
141

قال في الرعاية فإن فعل ذلك في مرض موته فلهم الرجوع فيه.
الثالثة لا تجوز الشهادة على التخصيص لا تحملا ولا آداء قاله في الفائق وغيره.
قال الحارثي قاله الأصحاب ونص عليه.
قال في الرعاية إن علم الشهود جوره وكذبه لم يتحملوا الشهادة وإن تحملوها ثم علموا لم يؤدوها في حياته ولا بعد موته ولا إثم عليهم بعدم الأداء وكذا إن جهلوا أن له ولدا آخر ثم علموه قلت بلى إن قلنا قد ثبت الموهوب لمن وهب له وإلا فلا انتهى.
قال الحارثي والعلم بالتفضيل أو التخصيص يمنع تحمل الشهادة وأداءها مطلقا حكاه الأصحاب ونص عليه.
الرابعة لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال نقله الأكثر.
وعنه يكره.
قال في الرعاية الكبرى يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا أمكن أن يولد له وقطع به وأطلقهما الحارثي.
ونقلي بن الحكم لا يعجبني.
فلو حدث له ولد سوى بينهم ندبا.
قال في الفروع وقدمه بعضهم.
وقيل وجوبا.
قال الإمام أحمد رحمه الله أعجب إلي أن يسوى بينهم.
واقتصر على كلام الإمام أحمد رحمه الله في المغنى والشرح.
قلت يتعين عليه أن يسوى بينهم.
142

قوله (وإن سوى بينهم في الوقف أو وقف ثلثه في مرضه على بعضهم جاز نص عليه).
ذكر المصنف رحمه الله هنا مسألتين.
إحداهما إذا سوى بينهم في الوقف جاز على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وصححه في الخلاصة وغيره.
قال الحارثي المذهب الجواز.
قال القاضي لا بأس به.
ونقل بن الحكم لا بأس قيل فإن فضل قال لا يعجبني على وجه الأثرة إلا لعيال بقدرهم.
وقياس المذهب لا يجوز.
وهو احتمال في المحرر وغيره.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار والمصنف والحارثي.
وقيل إن قلنا أنه ملك من وقف عليه بطل وإلا صح.
فعلى المذهب يستحب التسوية أيضا على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والتلخيص وقال هذا المذهب.
وقيل المستحب القسمة على حسب الميراث كالعطية.
143

اختاره المصنف والشارح وقالا ما قاله القاضي لا أصل له وهو ملغى بالميراث والعطية.
المسألة الثانية إذا وقف ثلثه في مرضه على بعضهم وكذا لو أوصى بوقف ثلثه على بعضهم جاز على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع هذه الرواية أشهر.
قال بن منجا والحارثي في شرحهما هذا المذهب.
قال الزركشي هو أشهر الروايتين وأنصهما.
واختيار القاضي في التعليق وغيره وأكثر الأصحاب انتهى.
وجزم به في المنور وناظم المفردات وهو منها.
وقدمه في الفائق وغيره والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
قال المصنف هنا وقياس المذهب أنه لا يجوز.
فاختار عدم الجواز.
واختاره أبو حفص العكبري.
قال القاضي فيما وجدته معلقا عنه بقلم الزركشي واختاره بن عقيل أيضا.
قال في الفروع فعنه كهبة فيصح بالإجازة.
وعنه لا يصح بالإجازة إن قلنا إن الإجازة ابتداء هبة انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى إن وقف الثلث في مرضه على وارث أو أوصى أن يوقف عليه صح ولزم نص عليه.
وعنه لا يصح.
وعنه إن أجيز صح وإلا بطل كالزائد على الثلث.
ثم قال قلت إن قلنا هو لله صح وإلا فلا.
وقيل يجوز لدين أو علم أو حاجة انتهى.
144

فعلى المذهب لو سوى بين ابنه وابنته في دار لا يملك غيرها فردا فثلثها بينهما وقف بالسوية وثلثاها ميراث.
وإن رد ابنه وحده فله ثلثا الثلثين إرثا ولبنته ثلثهما وقفا.
وإن ردت ابنته وحدها فلها ثلث الثلثين إرثا ولابنه نصفهما وقفا وسدسهما إرثا لرد الموقوف عليه ذكره في الرعاية والمحرر والفروع قال في الرعاية وكذا له إن رد هو الوقف إلى قدر الثلث وللبنت ثلثهما وقفا.
وقيل لها ربعهما وقفا ونصف سدسهما إرثا وهو لأبي الخطاب.
قال في المحرر وهو سهو ورده شارحه وهو كما قال.
وقيل نصف الدار وقف عليه وربعها وقف عليها والباقي إرث لهما أثلاثا انتهى.
وعلى الثانية عملك في الدار كثلثيها على الثالثة.
فائدة لو وقف على أجنبي زائدا على الثلث لم يصح وقف الزائد على الصحيح من المذهب.
جزم به المصنف وغيره.
وقدمه في الفروع وقال وأطلق بعضهم وجهين.
قلت قال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن وقف ثلثه على أجنبي صح وفيما زاد وجهان.
قوله (ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته إلا الأب).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وصححه في الرعاية الكبرى.
قال الزركشي هذا المشهور.
وعنه ليس له الرجوع قدمه في الرعايتين.
145

وعنه له الرجوع إلا ان يتعلق به حق أو رغبة نحو أن يتزوج الولد أو يفلس.
وكذا لو فعل الولد ما يمنع التصرف مؤبدا أو مؤقتا.
وجزم بهذه الرواية في الوجيز.
واختاره الشارح وبن عبدوس في تذكرته وبن عقيل وبن البنا والمصنف.
ذكره الحارثي والشيخ تقي الدين وقال يرجع فيما زاد على قدر الدين أو الرغبة.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
وأطلق الأولى والثالثة في المغنى والمحرر والشرح والنظم.
وقيل إن وهب ولديه شيئا فاشترى أحدهما من الآخر نصيبه ففي رجوعه في الكل وجهان.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس للأب الكافر أن يرجع في عطيته إذا كان وهبه في حال الكفر وأسلم الولد.
فأما إذا وهبه حال إسلام الولد فقياس المذهب الجواز ولا يقر في يده وفيه نظر انتهى.
وقال أبو حفص العكبري تحصيل المذهب أنه يرجع فيما وهب لابنه ولا يرجع فيما كان على وجه الصدقة واختاره بن أبي موسى.
وقد صرح القاضي والمصنف وغيرهما بأنه لا فرق بين الصدقة وغيرها وهو ظاهر كلام جماعة انتهى.
تنبيه قوله (أو يفلس).
وكذا قال أبو الخطاب وغيره.
قال الحارثي والصواب أنه مانع من غير خلاف كما في الرهن ونحوه وبه صرح في المغنى وصاحب المحرر وغيرهما انتهى.
146

وعن الإمام أحمد رحمه الله في المرأة تهب زوجها مهرها إن كان سألها ذلك رده إليها رضيت أو كرهت لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضراره بها بأن يتزوج عليها.
نص عليه في رواية عبد الله.
وجزم به في المنور ومنتخب الادمى.
قال في الرعاية الصغرى وترجع المرأة فيما وهبت لزوجها بمسألته على الأصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في القواعد الفقهية في القاعدة الخمسين بعد المائة.
فالمصنف قدم هنا عدم رجوعها إذا سألها وهو ظاهر كلام الخرقي وكثير من الأصحاب.
جزم به في الكافي والجامع الصغير وبن أبي موسى وأبو الخطاب.
واختاره الحارثي وهو اختيار أبي بكر وغيره.
وقدمه في الحاوي الصغير والنظم وفصول بن عقيل.
قلت الصواب عدم الرجوع إن لم يحصل فيه ضرر من طلاق وغيره وإلا فلها الرجوع.
وأطلقهما في المغنى والمحرر والرعاية الكبرى والفروع.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنها لا ترجع إذا وهبته من غير سؤال منه وهو صحيح.
وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره.
واختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقاله القاضي في كتاب الوجهين وصاحب التلخيص وغيرهما.
147

وقيل لها الرجوع وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية الكبرى.
وقيل إن وهبته لدفع ضرر فلم يندفع أو عوض أو شرط فلم يحصل رجعت وإلا فلا.
فوائد
إحداها ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره أنه لو قال لها أنت طالق إن لم تبرئيني فأبرأته صح.
وهل ترجع فيه ثلاث روايات.
ثالثها ترجع إن طلقها وإلا فلا انتهى.
قلت هذه المسألة داخلة في الأحكام المتقدمة ولكن هنا آكد في الرجوع.
الثانية يحصل رجوع الأب بقوله علم الولد أو لم يعلم على الصحيح من المذهب.
ونقل أبو طالب رحمه الله لا يجوز عتقها حتى يرجع فيها أو يردها إليه فإذا قبضها أعتقها حينئذ.
قال في الفروع فظاهره اعتبار قبضه وأنه يكفي.
وقال جماعة من الأصحاب في قبضه مع قرينه وجهان.
الثالثة لو أسقط الأب حقه من الرجوع ففي سقوطه احتمالان في الانتصار قاله في الفروع.
قال بن نصر الله في حواشي الفروع أظهرهما لا يسقط لثبوته له بالشرع كإسقاط الولي حقه من ولاية النكاح.
وقد يترجح سقوطه لأن الحق فيه مجرد حقه بخلاف ولاية النكاح فإنه حق عليه لله تعالى وللمرأة فلهذا يأثم بعضله وهذا أوجه انتهى.
148

ويأتي نظير ذلك في الحضانة.
الرابعة تصرف الأب ليس برجوع على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وخرج أبو حفص البرمكي في كتاب حكم الوالدين في مال ولدهما رواية أخرى أن العتق من الأب صحيح ويكون رجوعا.
قال في التلخيص والفروع وغيرهما لا يكون وطؤه رجوعا.
وهل يكون بيعه وعتقه ونحوها رجوعا على وجهين.
وعليهما لا ينفذ لأنه لم يلاق الملك.
ويتخرج وجه بنفوذه لاقتران الملك قاله في القاعدة الخامسة والخمسين.
قال في المغنى الأخذ المجرد إن قصد به رجوعا فرجوع وإلا فلا مع عدم القرينة ويدين في قصده وإن اقترن به ما يدل على الرجوع فوجهان أظهرهما أنه رجوع اختاره بن عقيل وغيره قاله الحارثي.
الخامسة حكم الصدقة حكم الهبة فيما تقدم على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
قال في الفروع هذا أصح الوجهين.
وقال في الإرشاد لا يجوز الرجوع في الصدقة بحال وقدمه الحارثي وقال هذا المذهب ونص عليه في رواية حنبل.
تنبيه ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح أن الأم ليس لها الرجوع إذا وهبت ولدها وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
149

وقيل هي كالأب في ذلك.
وجزم به في المبهج والإيضاح.
واختاره المصنف والشارح والقاضي يعقوب والحارثي وصاحب الفائق وقاله في الإفصاح والواضح وغيرهما.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير [السادسة لو ادعى اثنان مولودا فوهباه أو أحدهما فلا رجوع لانتفاء ثبوت الدعوى وإن ثبت اللحاق بأحدهما ثبت الرجوع].
وظاهر كلام المصنف أيضا أن الجد ليس له الرجوع فيما وهبه لولد ولده وهو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل هو كالأب وأطلقهما في الفائق.
قوله (وإن نقصت العين أو زادت زيادة منفصلة لم يمنع الرجوع).
إذا نقصت العين لم يمنع من الرجوع بلا نزاع.
وكذا إذا زادت زيادة منفصلة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا.
وفي الموجز رواية أنها تمنع.
تنبيه يستثنى من كلام المصنف لو كانت الزيادة المنفصلة ولد أمة لا يجوز التفريق بينه وبين أمه منع الرجوع إلا أن نقول الزيادة المنفصلة للأب قاله المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
150

قلت فيعايي بها.
وتقدم في آخر الجهاد شيء من ذلك.
قوله (والزيادة للابن).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
ويحتمل أنها للأب وهو رواية في الفائق وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
واستثنوا ولد الأمة فإنها للولد عندهم بلا نزاع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم وتقدم نظيرها في الحجر واللقطة.
قوله (وهل تمنع الزيادة المتصلة الرجوع على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والكافي والمحرر والشرح والفروع وتجريد العناية والحاوي الصغير والنظم والقواعد.
قال في الرعايتين والفائق وفي منع المتصلة صورة ومعنى روايتان.
زاد في الكبرى كسمن وكبر وحبل وتعلم صنعة.
إحداهما تمنع صححه في التصحيح ونصره المصنف والشارح.
قال في القاعدة الحادية والثمانين بعد إطلاق الروايتين والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن منصور امتناع الرجوع.
وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
والرواية الثانية لا تمنع نص عليه في رواية حنبل.
وهو اختيار القاضي وأصحابه.
151

قاله الحارثي واختاره بن عبدوس في تذكرته وقال ويشارك بالمتصلة.
قال في القواعد وعلى القول بجواز الرجوع لا شيء على الأب للزيادة.
فائدة لو اختلف الأب وولده في حدوث زيادة في الموهوب فالقول قول الأب على الصحيح من المذهب.
وقيل قول الولد وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن باعه المتهب ثم رجع إليه بفسخ أو إقالة فهل له الرجوع على وجهين).
وكذا لو رجع إليه بفلس المشتري.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والمصنف والفروع والفائق والقواعد الفقهية والحارثي وتجريد العناية والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما يرجع وهو المذهب.
جزم به في الكافي والوجيز والمنور.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والوجه الثاني يرجع صححه في التصحيح.
وقطع به القاضي وبن عقيل قاله الحارثي.
وهذا في الإقالة إذا قلنا هي فسخ.
أما إذا قلنا هي بيع فقال في فوائد القواعد يمتنع رجوع الأب.
وتقدم ذلك في فوائد الإقالة وهل هي فسخ أو بيع.
وقيل إن رجع بخيار رجع وإلا فلا وأطلقهن الزركشي.
قوله (وإن رجع إليه ببيع أو هبة لم يملك الرجوع) بلا نزاع.
152

وكذا لو رجع إليه بإرث أو وصية.
قوله (وإن وهبه المتهب لابنه لم يملك أبوه الرجوع إلا أن يرجع هو).
إذا وهبه المتهب لابنه ولم يرجع هو لم يملك الجد الرجوع على الصحيح من المذهب جزم به بن منجا في شرحه والشارح والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وفيه احتمال له الرجوع ذكره أبو الخطاب.
قال في التلخيص وهو بعيد.
قال الحارثي وهو كما قال وأبو الخطاب وهم انتهى.
وأطلقهما في الفروع.
وإن رجع ملك الواهب الأول الرجوع على الصحيح من المذهب وجزم به المصنف هنا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحارثي والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
ويحتمل أن لا يملك الرجوع.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قوله (وإن كاتبه لم يملك الرجوع إلا ان يفسخ الكتابة).
هذا مبني على القول بعدم جواز بيع المكاتب.
أما على القول بجواز بيعه وهو المذهب فحكمه حكم العين المستأجرة قاله الشارح.
153

وقد صرح قبل ذلك بجواز الرجوع في العين المستأجرة فكذا هنا لكن المستأجر مستحق للمنافع مدة الإجارة
والكتابة باقية على حكمها إذا رجع أيضا.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن كاتبه ومنع بيع المكاتب وزالت بفسخ أو عجز رجع وإلا فلا كما لو باعه.
وما أخذه الابن من دين الكتابة لم يأخذه منه أبوه بل يأخذ ما يؤديه وقت رجوعه وبعده فإن عجز عاد إليه.
قال الزركشي وشرط الرجوع أن لا يتعلق بالعين حق يمنع تصرف الابن كالرهن وحجر الفلس والكتابة وإن لم يجز بيع المكاتب.
فائدة لا يمنع التدبير الرجوع على الصحيح من المذهب.
وقيل يمنع.
وهذا الحكم مفرع على القول بجواز بيعه.
فأما على القول بمنع البيع فإن الرجوع يمتنع كالاستيلاء قاله الشارح وغيره.
فائدة إجارة الولد له وتزويجه والوصية به والهبة قبل القبض والمزارعة والمضاربة والشركة وتعليق عتقه بصفة لا يمنع الرجوع.
وكذا وطء الولد لا يمنع الرجوع.
وكذا إباق العبد ورده الولد لا يمنع إن قيل ببقاء الملك.
وإن قيل مراعى فكذلك الرجوع وإن قيل بجوازه منعت.
قوله (وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء).
هذا المذهب بشرطه وعليه جماهير الأصحاب.
وقطع به كثير منهم.
ومنع من ذلك بن عقيل ذكره في مسألة الإعفاف.
154

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس للأب الكافر أن يتملك من مال ولده المسلم لا سيما إذا كان الولد كافرا ثم أسلم.
قلت وهذا عين الصواب.
وقال أيضا والأشبه ان الأب المسلم ليس له أن يأخذ من مال ولده الكافر شيئا.
فعلى المذهب قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستثنى مما للأب أن يأخذه من مال ولده سرية للابن وإن لم تكن أم ولد فإنها ملحقة بالزوجة ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في أكثر الروايات.
ويأتي كلامه أيضا قريبا إذا تملك في مرض موته أو مرض موت الابن قوله (مع الحاجة وعدمها).
يعني مع حاجة الأب وعدمها وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل لا يتملك من مال ولده إلا ما احتاج إليه.
وسأله بن منصور وغيره عن الأب يأكل من مال ابنه قال نعم إلا أن يفسده فله القوت فقط.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن الأم ليس لها أن تأخذ من مال ولدها كالأب وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لها ذلك كالأب.
قوله (إذا لم تتعلق حاجة الابن به).
155

يشترط في جواز أخذ الأب من مال ولده أن لا يضر الأخذ به كما إذا تعلقت حاجتة به نص عليه.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وعنه له الأخذ ما لم يجحف به.
وجزم به الكافي والمغنى والشرح وتذكرة بن عبدوس وناظم المفردات قال في المغنى والشرح وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء مع غناه وحاجته بشرطين.
أحدهما أن لا يجحف بالابن ولا يأخذ ما تعلقت به حاجته.
الثاني أن لا يأخذ من أحد ولديه ويعطيه الآخر نص عليه في رواية إسماعيل بن سعيد انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المذهب أنه ليس للأب أن يتملك من مال ابنه في مرض موت الأب ما يخلف تركة لأنه بمرضه قد انعقد السبب القاطع لتملكه فهو كما لو تملك في مرض موت الابن انتهى.
وقال أيضا لو أخذ من مال ولده شيئا ثم انفسخ سبب استحقاقه بحيث وجب رده إلى الذي كان مالكه مثل أن يأخذ الأب صداق ابنته ثم يطلق الزوج أو يأخذ الزوج ثمن السلعة التي باعها الولد ثم يرد السلعة بعيب أو يأخذ المبيع الذي اشتراه الولد ثم يفلس بالثمن ونحو ذلك فالأقوى في جميع الصور أن للمالك الأول الرجوع على الأب انتهى.
وعنه للأب تملكه كله بظاهر قوله عليه أفضل الصلاة والسلام أنت ومالك لأبيك.
قوله (وإن تصرف قبل تملكه ببيع أو عتق أو إبراء من دين لم يصح تصرفه).
156

هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في الفروع ولا يصح تصرفه فيه قبل تملكه على الأصح.
قال في القواعد الفقهية هذا المعروف من المذهب.
وعنه يصح وخرج أبو حفص البرمكي رواية بصحة تصرفه بالعتق قبل القبض.
وقال أبو بكر في التنبيه بيع الأب على ابنه وعتقه وصدقته ووطء إمائه ما لم يكن الابن قد وطئ جائز ويجوز له بيع عبيده وإمائه وعتقهم.
فعلى المذهب قال الشيخ تقي الدين يقدح في أهليته لأجل الأذى لا سيما بالحبس انتهى.
وقال في الموجز لا يملك إحضاره في مجلس الحكم فإن أحضره فادعى فأقر أو قامت بينه لم يحبس.
فائدة يحصل تملكه بالقبض نص عليه مع القول أو النية.
قال في الفروع ويتوجه أو قرينه.
وقال في المبهج في تصرفه في غير مكيل أو موزون روايتان بناء على حصول ملكه قبل قبضه.
قوله (وإن وطئ جارية ابنه فأحبلها صارت أم ولد له).
إن كان الابن لم يكن وطئها صارت أم ولد لأبيه إذا أحبلها بلا نزاع وإن كان الابن يطؤها فظاهر كلام المصنف هنا أنها تصير أم ولد له أيضا إذا أحبلها وهو أحد الوجهين.
ورجحه المصنف في المغنى.
وهو كالصريح فيما قطع به صاحب المحرر والشارح وبن منجا في شرحه وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم.
157

وقطع به في الرعاية الكبرى.
والصحيح من المذهب أنها لا تصير أم ولد للأب إذا كان الابن يطؤها نص عليه.
قال في الفروع وإن كان ابنه يطؤها لم تصر أم ولد في المنصوص.
تنبيه هذا إذا لم يكن الابن قد استولدها.
فإن كان الابن قد استولدها لم ينتقل الملك فيها باستيلاده كما لا ينتقل بالعقود.
وذكر بن عقيل في فنونه أنها تصير مستولدة لهما جميعا كما لو وطئ الشريكان أمتهما في طهر واحد وأتت بولد وألحقته القافة بهما قاله في القاعدة الخامسة والخمسين.
قوله (وولده حر لا تلزمه قيمته).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تلزمه قيمته.
قوله (ولا مهر).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يلزمه المهر.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الأب لا يلزمه قيمة جارية ابنه إذا أحبلها.
قال في الفروع وقد ذكر جماعة هنا لا يثبت للولد في ذمة أبيه شيء.
قال في المحرر وغيره وهو ظاهر كلامه وهذا منه.
والصحيح من المذهب أنه تلزمه قيمتها قدمه في المحرر والفروع.
قوله (ولا حد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يحد.
158

قال جماعة ما لم ينو تملكها منهم بن حمدان في باب حد الزنى.
تنبيه محل هذا إذا كان الابن لم يطأها.
فأما إن كان الابن يطؤها ففي وجوب الحد عليه روايتان منصوصتان وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع.
قلت ظاهر ما قطع به المصنف هنا وفي باب حد الزنى وفي الكافي والمغنى وغيره أنه لا حد عليه سواء كان الولد يطؤها أو لا.
وقطع بالإطلاق هناك الجمهور.
قال الحارثي هنا ولا فرق في انتفاء الحد بين كون الابن وطئها أو لا ذكره أبو بكر والسامري وصاحب التلخيص انتهى.
قلت الأولى وجوب الحد.
قوله (وفي التعزير وجهان).
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
أحدهما يعزر وهو الصحيح من المذهب.
قال الشارح هذا أولى.
قال في الفروع ويعزر في الأصح.
وصححه في التصحيح وشرح الحارثي والنظم.
وقدمه في الرعاية في باب حد الزنى.
والوجه الثاني لا يعزر.
وقيل يعزر وإن لم تحبل.
قوله (وليس للابن مطالبة أبيه بدين ولا قيمة متلف ولا أرش جناية ولا غير ذلك).
159

هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقال في الرعاية قلت ويحتمل أن يطالبه بما له في ذمته مع حاجته إليه وغنى والده عنه.
قال في الرعاية الصغرى ولا يطالب أباه بما ثبت له في ذمته في الأصح بقرض وإرث وبيع وجناية وإتلاف.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن ذلك يثبت في ذمته ولكن يمنع من المطالبة به وهو أحد الوجهين والمذهب منهما قدمه في المغني وهو ظاهر كلامه في المحرر والرعاية والحاوي.
قال الحارثي وهو الأصح.
وبه جزم أبو بكر وبن البنا وهو من المفردات.
قال الحارثي ومن الأصحاب من يقول بثبوت الدين وانتفاء المطالبة منهم القاضي وأبو الخطاب وبن عقيل
والمصنف انتهى.
واختاره المجد في شرحه.
وقدم في الفروع إذا أولد أمة ابنه أنه تثبت قيمتها في ذمته ذكره في باب أمهات الأولاد.
والوجه الثاني لا يثبت في ذمة الأب شيء لولده.
وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
وتأول بعض الأصحاب النص.
قال المصنف ويحتمل أن يحمل المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وهو قوله إذا مات الأب بطل دين الابن وقوله فيمن أخذ من مهر ابنته شيئا فأنفقه ليس عليه شيء ولا يؤخذ من بعده على أن أخذه له وإنفاقه إياه دليل على قصد التملك.
160

قال الحارثي محل هذا في غير المتلف.
أما المتلف فإنه لا يثبت في ذمته وهو المذهب بلا إشكال.
ولم يحك القاضي في رؤوس مسائله فيه خلافا انتهى.
وأطلقهما في الشرح والرعاية الكبرى والفائق والفروع.
فعلى الوجه الأول هل يملك الأب إبراء نفسه من الدين.
قال القاضي فيه نظر.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يملك الأب إسقاط دين الابن عن نفسه.
قال في الفروع وذكر غير القاضي أنه لا يملكه كإبرائه غريم الابن وقبضه منه انتهى.
ويأتي قريبا في القاعدة الثالثة هل يسقط الدين بموت الأب وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لو وجد عين ماله الذي باعه أو أقرضه بعد موت أبيه أن له أخذه إن لم يكن انتقد ثمنه وهو إحدى الروايتين.
وقدم في المغنى كما تقدم أن الأب إذا مات يرجع الابن في تركته بدينه لأنه لم يسقط عن الأب وإنما تأخرت المطالبة به انتهى.
قلت هذا في الدين ففي العين بطريق أولى.
والرواية الثانية ليس له أخذه.
وأطلقهما في المبهج والرعاية الكبرى والفروع والفائق وشرح الحارثي.
قال في المبهج والحارثي وكذا لو وجد بعضه.
فوائد
الأولى ليس لورثة الابن مطالبة أبيه بما للابن عليه من الدين وغيره كالابن نفسه على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والحارثي.
161

وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لهم المطالبة وإن منعنا الابن منها وأطلقهما في الفائق.
وقال في الانتصار فيمن قتل ابنه إن قلنا الدية للوارث طالبه وإلا فلا.
الثانية لو أقر الأب بقبض دين ابنه فأنكر الابن رجع على الغريم ويرجع الغريم على الأب نقله مهنا.
قال في الفروع وظاهره لا يرجع مع إقراره.
الثالثة لو قضى الأب الدين الذي عليه لابنه في مرضه أو أوصى له بقضائه كان من رأس المال قاله الأصحاب.
وإن لم يقضه ولم يوص به لم يسقط بموته على أحد الوجهين اختاره بعضهم.
وقدمه في الفروع والمغنى.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يسقط كحبسه به في الأجرة فلا يثبت كجناية.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الشرح.
وقيل ما أخذه ليملكه يسقط بموته ومالا فلا.
وتقدم إذا وجد عين ماله الذي باعه بعد موت الأب.
وتقدم هل يثبت له في ذمة أبيه دين أم لا.
الرابعة للابن مطالبة أبيه بنفقته الواجبة عليه قاله الأصحاب.
قال في الوجيز له مطالبة بها وحبسه عليها.
وهو مستثنى من عموم كلام من أطلق ويعايي بها.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم للابن مطالبة أبيه بعين له في يده.
162

قلت وهو ظاهر كلام المصنف.
الخامسة هل لولد ولده مطالبته بماله في ذمته.
قال في الرعاية قلت يحتمل وجهين.
وإن قلنا لا يثبت في ذمته شيء فهدر انتهى.
قلت ظاهر كلام أكثر الأصحاب أن له مطالبته.
قوله (والهدية والصدقة نوعان من الهبة).
يعنى في الأحكام وهذا المذهب.
جزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال في الفائق والهدية والصدقة نوعان من الهبة يكفي الفعل فيهما إيجابا وقبولا على أصح الوجهين.
وقال في الرعاية الصغرى هما نوعا هبة.
وقيل يكفي الفعل قبولا.
وقيل وإيجابا.
وقال في الكبرى ويكفي الفعل فيهما قبولا في الأصح كالقبض وقيل وإيجابا كالدفع.
وقالا ويصح قبضهما بلا إذن ولا مضى مدة إمكانه ولا يرجع فيهما أحد.
وقيل إلا الأب.
وقيل بل يرجع في الصدقة فقط على ولده الرشيد إن كان قبضها وعلى الصغير فيما له بيده منها انتهى.
ونقل حنبل والمروذي لا رجوع في الصدقة.
163

وقال في المستوعب وعيون المسائل وغيرهما لا يعتبر في الهدية قبول للعرف بخلاف الهبة.
وقال بن عبدوس في تذكرته ولا رجوع فيهما لأحد سوى أب.
فوائد
إحداها وعاء الهدية كالهدية مع العرف.
فإن لم يكن عرف رده قاله في الفروع.
قال الحارثي لا يدخل الوعاء إلا ما جرت العادة به كقوصرة التمر ونحوها.
الثانية قال في الرعاية الكبرى إن قصد بفعله ثواب الآخرة فقط فهو صدقة.
وقيل مع حاجة المتهب.
وإن قصد بفعله إكراما وتوددا وتحببا ومكافأة فهو هدية.
قال الحارثي ومن هنا اختصت بالمنقولات لأنها تحمل إليه فلا يقال أهدى أرضا ولا دارا انتهى وغيرهما هبة وعطية ونحلة.
وقيل الكل عطية والكل مندوب انتهى.
وقال في الحاوي الصغير الهبة والصدقة والنحلة والهدية والعطية معانيها متقاربة واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة.
والصدقة والهدية متغايران فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الهدية دون الصدقة.
فالظاهر أن من أعطى شيئا يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه والمحبة له فهو هدية.
وجميع ذلك مندوب إليه محثوث عليه انتهى.
الثالثة لو أعطى شيئا من غير سؤال ولا استشراف وكان ممن يجوز له أخذه وجب عليه الأخذ في إحدى الروايتين.
164

اختاره أبو بكر في التنبيه والمستوعب للحديث في ذلك.
والرواية الثانية لا يجب.
قال الحارثي وهو مقتضى كلام المصنف وغيره من الأصحاب.
قالوا في الحج لا يكون مستطيعا ببذل غيره له وفي الصلاة لا يلزمه قبول السترة.
قلت وهو الصواب.
وذكر الروايتين الخلال في جامعه والمجد في شرحه وأطلقهما الحارثي.
قوله (أما المريض غير مرض الموت أو مرضا غير مخوف فعطاياه كعطايا الصحيح سواء تصح في جميع ماله).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ولو مات به.
وقال أبو الخطاب في الانتصار في التيمم حكمه حكم مرض الموت المخوف.
فائدة لو لم يكن مرضه مخوفا حال التبرع ثم صار مخوفا فمن رأس المال حكاه السامري واقتصر عليه الحارثي اعتبارا بحال العطية.
تنبيه مفهوم قوله (وما قال عدلان من أهل الطب إنه مخوف فعطاياه كالوصية).
أنه لا يقبل في ذلك عدل واحد مطلقا وهو صحيح وهو المذهب.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والفائق والرعاية والحاوي الصغير وغيرهم.
165

وقدمه في الشرح والفروع.
وقيل يقبل واحد عند العدم وهو قياس قول الخرقي.
وذكر بن رزين المخوف عرفا أو بقول عدلين.
قوله (فعطاياه كالوصية في أنها لا تجوز لوارث ولا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة مثل الهبة والعتق والكتابة والمحاباة).
يعنى إذا مات من ذلك.
أما إذا عوفي فهذه العطايا كعطايا الصحيح.
تنبيه تمثيله بالعتق مع غيره يدل على أنه كغيره في أنه يعتبر من الثلث وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج بن عقيل والحلواني من مفلس رواية هنا بنفاذ عتقه من كل المال.
فائدتان
إحداهما لو علق صحيح عتق عبده على شرط فوجد الشرط في مرضه فالصحيح من المذهب أن يكون من الثلث.
قدمه في الفروع وغيره.
واختاره أبو بكر وبن أبي موسى وغيرهما.
وقيل يكون من كل المال.
وحكاهما القاضي في خلافه روايتين.
ذكره في القاعدة السابعة عشر بعد المائة.
ومحل الخلاف إذا لم تكن الصفة واقعة باختيار المعلق فإن كانت من فعله فهو من الثلث بغير خلاف.
الثانية المحاباة لغير وارث من الثلث كما قال المصنف.
166

لكن لو حاباه في الكتابة جاز وكان من رأس المال على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وذكره القاضي في موضع من كلامه وأبو الخطاب في رؤوس المسائل قال الحارثي هذا المذهب عند جماعة منهم القاضي أبو الحسين وأبو يعلى الصغير والمجد وهو أصح انتهى.
وقيل من الثلث.
اختاره المصنف هنا والقاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية والسامري في المستوعب.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
واختلف فيها كلام أبي الخطاب.
وكذا حكم وصيته بكتابته وإطلاقها يقتضي أن تكون بقيمته.
قوله (فأما الأمراض الممتدة كالسل والجذام والفالج في دوامه فإن صار صاحبه صاحب فراش فهي مخوفة) بلا نزاع.
(وإلا فلا).
يعنى وإن لم يصر صاحبها صاحب فراش فعطاياه كعطايا الصحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وغيرهم.
وصححه الزركشي وغيره.
وقال أبو بكر في الشافي فيه وجه آخر أن عطيته من الثلث وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
167

قوله (ومن كان بين الصفين عند التحام الحرب وفي لجة البحر عند هيجانه أو وقع الطاعون في بلده أو قدم ليقتص منه والحامل عند المخاض فهو كالمريض).
يعنى المريض المرض المخوف وهذا المذهب وعليه الأصحاب في الجملة.
وجزم به في الوجيز وغيره من الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أن عطايا هؤلاء من المال كله وذكر كثير من الأصحاب هذه الرواية من غير صيغة تمريض.
وقال الشارح وغيره ويحتمل أن الطاعون إذا وقع ببلده أنه ليس بمخوف فإنه ليس بمريض وإنما يخاف المرض وما هو ببعيد.
وقال القاضي في المجرد إن كان الغالب من الولي الاقتصاص فمخوف وإن كان الغالب منه العفو فغير مخوف.
تنبيه قوله (ومن كان بين الصفين عند التحام الحرب).
قال المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم إذا التحم الحرب واختلطت الطائفتان للقتال وكانت كل واحدة منهما مكافئة للأخرى أو مقهورة فأما القاهرة منهما بعد ظهورها فليست خائفة.
قوله (قال الخرقي وكذلك الحامل إذا صار لها ستة أشهر).
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه الحارثي وقال هذا المذهب انتهى.
والمذهب الأول عند الأصحاب ونص عليه.
ولو قال المصنف وقال الخرقي بالواو لكان أولى.
وعنه إذا أثقلت الحامل كان مخوفا وإلا فلا.
168

قال في الرعاية وعند ثقل الحمل وعند الطلق.
قوله (والحامل عند المخاض).
يعنى حتى تنجو من نفاسها بلا نزاع.
قيل سواء كان بها ألم في هذه المدة أو لا.
قدمه في الفروع والفائق والرعاية الكبرى.
وهو ظاهر كلامه في الصغرى والحاوي الصغير.
قال الحارثي وهو المنصوص.
وقيل إنما يكون مخوفا في هذه المدة إذا كان بها ألم.
قال في الفروع هذا أشهر.
قال في الكافي ولو وضعت وبقيت معها المشيمة أو حصل مرض أو ضربان فمخوف وإلا فلا.
قال الحارثي الأقوى أنه إن لم يكن وجع فغير مخوف واختاره المصنف.
فوائد
منها حكم السقط حكم الولد التام قاله المصنف في المغنى وغيره.
قال في الرعاية الكبرى وإن ولدت صغيرا أو بقي مرض أو وجع وضربان شديد أو رأت دما كثيرا أو مات الولد معها أو قتل وقيل أو أسقطت ولدا تاما فهو مخوف انتهى.
وأن وضعت مضغة فعطاياها كعطايا الصحيح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
قال في المغنى والشرح فعطاياها كعطايا الصحيح إلا مع ألم.
قال في الرعاية الكبرى بعد أن قدم عطاياها كعطايا الصحيح وقيل أو وضعت مضغة أو علقة مع ألم أو مرض.
وقيل لا حكم لهما بلا ألم ولا مرض.
169

ومنها حكم من حبس للقتل حكم من قدم ليقتص منه.
ومنها الأسير فإن كان عادتهم القتل فحكمه حكم من قدم ليقتص منه على الصحيح من المذهب.
وعنه عطاياه من كل المال.
وإن لم تكن عادتهم القتل فعطاياه من كل المال على الصحيح من المذهب.
وعنه من الثلث نص عليه.
واختاره أبو بكر وتأولها القاضي على من عادتهم القتل.
ومنها لو جرح جرحا موحيا فهو كالمريض مع ثبات عقله وفهمه على الصحيح من المذهب.
جزم به في الفائق وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الرعاية إن فسد عقله وقيل أو لا لم تصح وصيته.
ومنها حكم من ذبح أو أبينت حشوته وهي أمعاؤه لا خرقها وقطعها فقط ذكره المصنف وغيره حكم الميت.
ذكره المصنف وغيره في الحركة في الطفل وفي الجناية.
قال الحارثي ذكره الأصحاب.
وقال المصنف هنا لا حكم لعطيته ولا لكلامه.
قال في الفروع ومراده أنه كميت.
وذكر المصنف أيضا في فتاويه إن خرجت حشوته ولم تبن ثم مات ولده ورثه.
وإن أبينت فالظاهر أنه يرثه لأن الموت زهوق النفس وخروج الروح ولم يوجد ولأن الطفل يرث ويورث بمجرد استهلاله وإن كان لا يدل على حياة أثبت من حياة هذا انتهى.
170

قال في الفروع وظاهر هذا من الشيخ أن من ذبح ليس كميت مع بقاء روحه انتهى.
قال في الرعاية ومن ذبح أو أبينت حشوته فقوله لغو.
وإن خرجت حشوته أو اشتد مرضه وعقله ثابت كعمر وعلي رضي الله عنهما صح تصرفه وتبرعه ووصيته.
قوله (وإن عجز الثلث عن التبرعات المنجزة بدئ بالأول فالأول).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم العتق.
وعنه يقسم بين الكل بالحصص كالوصايا وهو وجه في المحرر.
قال الحارثي وليس بشيء.
قوله (فإن تساوت قسم بين الجميع بالحصص).
إن لم يكن فيها عتق ووقعت دفعة واحدة قسم الثلث بينهم بالحصص بلا نزاع.
وإن كان فيها عتق فكذلك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الحارثي في العتق يقرع بينهم فيكمل العتق في بعضهم كما في حال الوصية.
وعنه يقدم العتق قدمه في الهداية والمستوعب وأطلقهما في المذهب والشرح.
قوله (وأما معاوضة المريض بثمن المثل فتصح من رأس المال وإن كانت مع وارث).
171

إن كانت المعاوضة في المرض مع غير الوارث بثمن المثل صحت من رأس المال بلا نزاع.
وإن كانت مع وارث والحالة هذه فكذلك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والحارثي وغيرهم.
ويحتمل أن لا يصح لوارث لأنه خصه بعين المال وهو لأبي الخطاب في الهداية في الوصية.
قال في الفروع وعنه تصح مع وارث بإجازة.
واختاره في الانتصار في مسألة إقرار المريض لوارث بمال.
فائدة لو قضى بعض الغرماء دينه وتركته تفي ببقية دينه صح على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والهداية والمذهب والخلاصة.
قال في الفروع ونصه يصح مطلقا وصححه في النظم.
وقال أبو الخطاب وبن البنا لا يصح إلا قضاؤهم بالسوية إذا ضاق ماله ذكره في المستوعب.
قوله (وإن حابى وارثه فقال القاضي يبطل في قدر ما حاباه ويصح فيما عداه).
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغنى والشرح وشرح بن منجا والوجيز وغيرهم.
172

وقدمه في المحرر والفروع والحارثي وقال وهذا المذهب.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يصح البيع مطلقا اختاره في المحرر.
وعنه يدفع قيمة باقية أو يفسخ البيع.
قال الحارثي ويأتي في باب الوصايا أن الأشهر للأصحاب انتفاء النفوذ عند عدم الإجازة فيفيد ما قال هنا من البطلان بعدم الإجازة انتهى.
ويأتي في أواخر فصل وتفارق العطية الوصية حكم ما إذا حابى أجنبيا.
قوله (وإن باع المريض أجنبيا وحاباه وكان شفيعه وارثا فله الأخذ بالشفعة لأن المحاباة لغيره).
وهذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز وشرح بن منجا.
قال في الفروع أخذ شفيعه الوارث بالشفعة في الأصح وقدمه في الشرح والمغني والحارثي وقال هذا الأشهر.
وقيل لا يملك الوارث الشفعة هنا.
وهو احتمال في المغنى والشرح.
قال الحارثي والمغنى في الشفعة وجه لا شفعة له.
قوله (ويعتبر الثلث عند الموت فلو أعتق عبدا لا يملك غيره ثم ملك مالا يخرج من ثلثه تبينا أنه عتق كله وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال الحارثي في اعتبار الثلث في الوصية بحال الوصية خلاف فيجري مثله في العطية على القول به وأولى.
قال وهذا الوجه أظهر.
173

قال ومن الأصحاب من أورد رواية أو وجها يعتق ثلث العبد فيما إذا كان عليه دين يستغرق العبد.
فائدة قوله (وتفارق العطية الوصية في أربعة أشياء أحدها أنه يبدأ بالأول فالأول منها والوصايا يسوى بين المتقدم والمتأخر منها).
هذا صحيح لكن لو اجتمعت العطية والوصية وضاق الثلث عنهما فالصحيح من المذهب أن العطية تقدم وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والنظم وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في المحرر وغيره.
وعنه التساوي قدمه في المحرر لكن صحح الأول كما تقدم.
وعنه يقدم العتق.
قال في الرعاية الكبرى قلت إن كانت الوصية فقط مما يخرج من أصل المال قدمت وأخرجت العطية من ثلث الباقي.
فإن أعتق عبده ولم يخرج من الثلث فقال الورثة أعتقه في مرضه وقال العبد بل في صحته صدق الورثة انتهى.
فائدة قوله (وإن باع مريض قفيزا لا يملك غيره يساوي ثلاثين بقفيز يساوى عشرة فأسقط قيمة الردئ من قيمة الجيد ثم أنسب الثلث إلى الباقي وهو عشرة من عشرين تجده نصفها فيصح البيع في نصف الجيد بنصف الردئ ويبطل فيما بقي) وهذا بلا نزاع.
وإن شئت في عملها أيضا فأنسب ثلث الأكثر من المحاباة فيصح البيع فيهما بالنسبة وهو هنا نصف الجيد بنصف الردئ.
174

وإن شئت فاضرب ما حاباه في ثلاثة يبلغ ستين ثم أنسب قيمة الجيد إليه فهو نصفها فيصح بيع نصف الجيد بنصف الردئ.
وإن شئت فقل قدر المحاباة الثلثان ومخرجهما ثلاثة فخذ للمشتري سهمين منه وللورثة أربعة ثم أنسب المخرج إلى الكل بالنصف فيصح بيع أحدهما بنصف الآخر.
وبالجبر يصح بيع شيء من الأعلى بشيء من الأدنى قيمته ثلث شيء من الأعلى فتكون المحاباة بثلثي شيء منه فألقها منه فيبقى قفيز إلا ثلثي شيء يعدل مثلي المحاباة منه وهو شيء وثلث شيء فإذا جبرت وقابلت عدل شيئين فالشئ نصف قفيز.
وإنما فعل هذا لئلا يفضى إلى ربا الفضل.
فلو كان لا يحصل في ذلك ربا مثل ما لو باعه عبدا يساوي ثلاثين لا يملك غيره بعشرة ولم تجز الورثة فالصحيح من المذهب صحة بيع ثلثه بالعشرة والثلثان كالهبة فيرد الأجنبي نصفهما وهو عشرة ويأخذ عشرة بالمحاباة لنسبتها من قيمته.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الحارثي اختاره القاضي ومن وافقه.
وعنه يصح في نصفه بنصف ثمنه كالأولى لنسبة الثلث من المحاباة فصح بقدر النسبة ولا شيء للمشتري سوى الخيار.
اختاره في المغنى والمحرر.
ولك عملها بالجبر فتقول يصح البيع في شيء بثلث شيء فيبقى العبد إلا ثلثي شيء يعدله شيئا وثلثا فأجبر وقابل يبقى عبد يعدل شيئين فالشئ نصفه فيصح بيع نصف العبد بنصف الثمن.
175

لأن المسألة تدور بأن ما نفذ البيع فيه خارج من التركة وما قابله من الثمن داخل فيها.
ومعلوم أن ما ينفذ فيه البيع يزيد بقدر زيادة التركة وينقص بقدر نقصانها وتزيد التركة بقدر زيادة المقابل الداخل ويزيد المقابل بقدر زيادة المبيع وذلك دور.
وعنه يصح البيع ويدفع بقية قيمته عشرة أو يفسخ.
قال الحارثي وهو ضعيف وأطلقهن.
فعلى المذهب لو كانت المحاباة مع وارث صح البيع على الأصح في ثلثه ولا محاباة.
وعلى الرواية الثالثة يدفع بقية قيمته عشرين أو يفسخ.
وإذا أفضى إلى إقالة بزيادة أو ربا فضل تعينت الرواية الوسطى كالمسألة التي ذكرت أولا أو نحوها.
قوله (وإن أصدق امرأة عشرة لا مال له غيرها وصداق مثلها خمسة فماتت قبله ثم مات فلها بالصداق خمسة وشئ بالمحاباة رجع إليه نصف ذلك بموتها صار له سبعة ونصف إلا نصف شيء يعدل شيئين أجبرها بنصف شيء وقابل يخرج الشيء ثلاثة فلورثته ستة ولورثتها أربعة).
وهذا بلا نزاع.
وقوله (وإن مات قبلها ورثته وسقطت المحاباة نص عليه).
وهذا الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المغنى والشرح والفائق وشرح بن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وصححه الناظم.
176

وعنه (تعتبر المحاباة من الثلث قال أبو بكر هذا قول قديم رجع عنه).
قال الحارثي قول أبي بكر إنه مرجوع عنه لا دليل عليه من تاريخ ولا غيره.
وفيه وجه إن ورثته فوصية لوارث.
قال في الفروع وزيادة مريض على مهر المثل من ثلثه نص عليه.
وعنه لا يستحقها صححها بن عقيل وغيره.
قال الإمام أحمد رحمه الله هي كوصية لوارث.
فائدتان
إحداهما لو وهبها كل ماله فماتت قبله فلورثته أربعة أخماسه ولورثتها خمسة.
ويأتي في باب الخلع إذا خالعها أو حاباها أو خالعته في مرض موتها.
الثانية قال في الانتصار له لبس الناعم وأكل الطيب لحاجته وإن فعله لتفويت الورثة منع من ذلك وقاله المصنف وتبعه الحارثي.
وفي الانتصار أيضا يمنع إلا بقدر حاجته وعادته وسلمه أيضا لأنه لا يستدرك كإتلافه.
وجزم به الحلواني في الحجر.
وجزم به غير الحلواني أيضا وبن شهاب.
وقال لأن حق الورثة لم يتعلق بعين ماله.
قوله (ولو ملك بن عمه فأقر في مرضه أنه أعتقه في صحته) عتق (ولم يرثه ذكره أبو الخطاب) والسامري وغيرهما (لأنه لو ورثه كان إقراره لوارث).
177

قال في الرعاية الكبرى هذا أقيس وقدمه في الشرح.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يعتق ويرث وهو المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو احتمال في الشرح.
قال الحارثي هذا المذهب.
فعلى المذهب يعتق من رأس ماله على الصحيح نص عليه.
وقيل من الثلث.
فعلى الصحيح المنصوص لو اشترى ابنه بخمسمائة وهو يساوي ألفا فقدر المحاباة من رأس ماله.
فوائد
الأولى لو اشترى من يعتق على وارثه صح وعتق على وارثه.
وإن دبر بن عمه عتق والمنصوص لا يرث.
وقيل يرث.
الثانية لو قال أنت حر في آخر حياتي عتق.
قال في الفروع والأشهر أنه يرث وليس عتقه وصية له فهو وصية لوارث.
الثالثة لو علق عتق عبده بموت قريبه لم يرثه ذكره جماعة وقدمه في الفروع.
قال القاضي لأنه لا حق له فيه.
قال في الفروع ويتوجه الخلاف.
الرابعة لو علق عتق عبده على شيء فوجد وهو مريض عتق من ثلث ماله على الصحيح من المذهب.
وقيل من كله.
178

ويأتي في آخر كتاب العتق لو أعتق بعض عبد أو دبره في مرض موته وأحكام أخر.
قوله (وكذلك على قياسه لو اشترى ذا رحمه المحرم في مرضه وهو وارثه أو وصى له به أو وهب له فقبله في مرضه).
يعني أنه يعتق ولا يرث على قول أبي الخطاب ومن تبعه.
قال في الرعاية فيما إذا قبل الهبة أو الوصية هذا أقيس.
(وقال القاضي يرثه).
وهو المذهب نص عليه وصححه الشارح.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وعنه لا يصح الشراء إذا كان عليه دين.
وقيل يصح الشراء ويباع ذكره في الرعاية.
فعلى المذهب إذا ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية فإنهم يعتقون من رأس المال على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع فمن رأس ماله في المنصوص.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وجزم به في المحرر وغيره واختاره المصنف وغيره.
وقيل من الثلث ذكره في الفروع والرعاية وغيرهما.
قلت اختاره القاضي وبن عقيل قاله الحارثي.
وعلى المذهب أيضا لو اشترى من يعتق عليه بالرحم فإنه يعتق من الثلث على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم.
واختاره القاضي وبن عقيل.
وعنه يعتق من رأس ماله اختاره المصنف والحارثي وغيرهما.
179

ويرث أيضا اختاره جماعة منهم القاضي وابنه وأبو الحسين وبن بكروس والمجد والحارثي وغيرهم.
قال في المحرر وغيره فإذا أعتقناه من الثلث وورثناه فاشترى مريض أباه بثمن لا يملك غيره وترك ابنا عتق ثلث الأب على الميت وله ولاؤه وورث بثلثه الحر من نفسه ثلث سدس باقيها الموقوف ولم يكن لأحد ولاء على هذا الجزء وبقية الثلثين إرث للابن يعتق عليه وله ولاؤه.
وإذا لم تورثه فولاؤه بين ابنه وبن ابنه أثلاثا.
قال في القاعدة السابعة والخمسين لو اشترى مريض أباه بثمن لا يملك غيره وهو تسعة دنانير وقيمة الأب ستة فقد حصل منه عطيتان من عطايا المريض محاباة البائع بثلث المال وعتق الأب إذا قلنا إن عتقه من الثلث وفيه وجهان.
أحدهما وهو قول القاضي في المجرد وبن عقيل في الفصول يتحاصان.
والثاني تنفذ المحاباة ولا يعتق الأب وهو اختيار صاحب المحرر.
قوله (ولو أعتق أمته وتزوجها في مرضه لم ترثه على قياس الأول).
وهو أحد الوجهين.
واختاره بن شاقلا في تعاليقه وصاحب التلخيص.
قلت فيعايي بها وبأشباهها مما تقدم لكونهم ليس فيهم من موانع الإرث شيء ولا يرثون.
وقال القاضي ترثه وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في الشرح وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم وغيرهم
180

قال الحارثي هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وبن عقيل والشريف أبو جعفر.
فائدة عتقها يكون من الثلث إن خرجت من الثلث عتقت وصح النكاح وإن لم تخرج عتق قدرة وبطل النكاح لانتفاء شرطه.
قوله (ولو أعتقها وقيمتها مائة ثم تزوجها وأصدقها مائتين لا مال له سواهما وهي مهر مثلها ثم مات صح العتق ولم تستحق الصداق لئلا يفضي إلى بطلان عتقها ثم يبطل صداقها).
قال المصنف هذا أولى.
وقال القاضي يستحق المائتين ويعتق.
فائدتان
إحداهما لو تزوج في مرض الموت بمهر يزيد على مهر المثل ففي المحاباة روايتان.
إحداهما هي موقوفة على إجازة الورثة لأنها عطية لوارث.
والثانية تنفذ من الثلث نقلها المروذي والأثرم وصالح وبن منصور والفضل بن زياد.
قاله في القاعدة السابعة والخمسين.
الثانية لو أصدق المائتين أجنبية والحالة ما ذكر صح وبطل العتق في ثلثي الأمة لأن الخروج من الثلث معتبر بحالة الموت.
وهكذا لو تلفت المائتان قبل موته.
قوله (وإن تبرع بثلث ماله ثم اشترى أباه من الثلثين فقال القاضي يصح الشراء)
181

ولا يعتق لأنه جعل الشراء وصية لأن تبرع المريض إنما ينفذ في الثلث ويقدم الأول فالأول.
وجزم بهذا بن منجا في شرحه وهو المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعلى قول من قال ليس الشراء بوصية يعتق الأب وينفذ من التبرع قدر ثلث المال حال الموت وما بقي فللأب سدسه وباقيه للابن وأطلقهما في الشرح.
قال الحارثي في هذه المسألة قال الأصحاب يصح الشراء وهل يعتق ويرث.
إن قيل بعتق ذي الرحم المحرم من الثلث فلا عتق ولا إرث.
وإن قيل بعتقه من رأس المال عتق ونفذ التبرع من ثلث المال وكذا فيما زاد
182

كتاب الوصايا.
قوله (وهي الأمر بالتصرف بعد الموت والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت).
هذا الحد هو الصحيح جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الشرح وغيره.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقال أبو الخطاب هي التبرع بما يقف نفوذه على خروجه من الثلث.
فعلى قوله تكون العطية في مرض الموت وصية والصحيح خلافه.
قال في المستوعب وفي حده اختلاف من وجوه.
أحدها أنه يدخل فيه تبرعه بهباته وعطاياه المنجزة في مرض موته وذلك لا يسمى وصية.
ويخرج منه وصية بما زاد على الثلث فإنها وصية صحيحة موقوفة على إجازة الورثة.
ويخرج منه أيضا وصية بفعل العبادات وقضاء الواجبات والنظر في أمر الأصاغر من أولاده وتزويج بناته ونحو ذلك.
تنبيه قوله (وتصح من البالغ الرشيد عدلا كان أو فاسقا رجلا أو امرأة مسلما أو كافرا).
هذا صحيح بلا نزاع في الجملة.
وقد شمل العبد وهو صحيح ذكره الأصحاب منهم المصنف وغيره فإن كان فيما عدا المال فصحيح.
وإن كان في المال فإن مات قبل العتق فلا وصية على المذهب لانتفاء ملكه
183

وإن قيل يملك بالتمليك صحت ذكره بعض الأصحاب.
والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن.
وشمل كلامه أيضا المحجور عليه لفلس فتصح حتى لو كانت الوصية بعين من ماله لأنه قد يتحول ما بقي من الدين فلا يتعين المال الأول إذن للغرماء.
وإن مات قبل ذلك لغت الوصية.
قال في الكافي وغيره هذا إذا لم يعاين الموت.
فأما إذا عاين الموت لم تصح وصيته لأن الوصية قول ولا قول له والحالة هذه.
وتقدم في آخر الباب الذي قبله قبل قوله والحامل عند المخاض ما يتعلق بذلك فليراجع.
قوله مسلما كان أو كافرا تصح وصية المسلم بلا نزاع.
وكذا تصح وصية الكافر مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به في الفروع وغيره.
وقيل لا تصح من مرتد.
وأطلق الوجهين في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه شمل كلام المصنف صحة وصية العبد وهو صحيح صرح به المصنف وغيره من الأصحاب فينفذ فيما عدا المال.
وأما المال فإن مات قبل العتق فلا وصية على المذهب.
وإن قيل يملك صحت ذكره بعض الأصحاب نقله الحارثي.
قلت وهو ضعيف.
وإن مات بعد العتق نفذت بلا خلاف.
والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن.
فلو قال متى عتقت ثم مت فثلثي لفلان نفذ نقله الحارثي
184

قوله (ومن السفيه في أصح الوجهين).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الفائق والحارثي وغيرهما.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا تصح منه حكاه أبو الخطاب.
وذكر المجد في شرحه أنه المنصوص.
قلت وهو ضعيف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه محل الخلاف فيما إذا أوصى بمال.
أما وصيته على أولاده فلا تصح قولا واحدا لأنه لا يملك التصرف بنفسه فوصيته أحق وأولى قاله في المطلع.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب في باب الموصى إليه صحة وصيته بذلك وهو أولى بالصحة من الوصية بالمال.
والظاهر أن الذي حداه إلى ذلك تعليل الأصحاب بكونه محجورا عليه في تصرفاته أو لكونه محتاجا إلى الثواب وتصرفه في هذه محض مصلحة من غير ضرر لأنه إن عاش لم يذهب من ماله شيء.
ولا يلزم من ذلك أن الوصية على أولاده لا تصح.
اللهم إلا أن يكون في المسألة نقل خاص.
قوله (ومن الصبي العاقل إذا جاوز العشر).
إذا جاوز الصبي العشر صحت وصيته على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب
185

حتى قال أبو بكر لا يختلف المذهب أن من له عشر سنين تصح وصيته انتهى.
وعنه تصح إذا بلغ اثني عشرة سنة نقلها بن المنذر.
ونقل الأثرم لا تصح من بن اثني عشرة سنة فلم يطلع أبو بكر على ذلك وقيل لا تصح حتى يبلغ وهو احتمال في الكافي.
قوله (ولا تصح ممن له دون السبع).
يعني ممن لم يميز على ما تقدم في كتاب الصلاة.
(وفيما بينهما روايتان) يعني فيما بين السبع والعشر.
وأطلقهما أبو بكر عبد العزيز وصاحب المستوعب والفروع والفائق والحاوي الصغير وتجريد العناية.
إحداهما لا تصح وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الوجيز وصححه في التصحيح.
قال بن أبي موسى لا تصح وصية الغلام لدون عشر ولا إجازته قولا واحدا واختاره أبو بكر.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم وشرح بن رزين.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى.
وأختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقال في القواعد الأصولية هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الحارثي هذا الأشهر عنه.
والرواية الثانية تصح وهو المذهب.
وقال القاضي وأبو الخطاب تصح وصية الصبي إذا عقل.
قال المصنف في العمدة وتصح الوصية من الصبي إذا عقل
186

وجزم به في التسهيل وصححه في الخلاصة.
وقدمه في الكافي والمذهب وإدراك الغاية.
قال الحارثي لم أجد هذه منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل تصح وصية بنت تسع اختاره أبو بكر وبن أبي موسى.
وقيل تصح لسبع منهما.
قوله (وفي السكران وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا تصح وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمغنى والشرح والنظم والفائق والحارثي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي وغيره.
والوجه الثاني تصح وصيته.
ويأتي في أول كتاب الطلاق أن في أقوال السكران وأفعاله خمس روايات أو ستا.
قوله (ولا تصح وصية من اعتقل لسانه بها).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وبن عقيل وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وعنه التوقف ويحتمل أن تصح.
يعني إذا اتصل بالموت وفهمت إشارته
187

ذكره بن عقيل وأبو الخطاب في الهداية واختاره في الفائق.
قلت وهو الصواب.
قال الحارثي وهو الأولى.
واستدل له بحديث رض اليهودي رأس الجارية وإيمائها إليه.
قوله (وإن وجدت وصية بخطه صحت).
هذا المذهب مطلقا.
قال الزركشي نص عليه الإمام أحمد رحمه الله واعتمده الأصحاب وقاله الخرقي.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقال القاضي في شرح المختصر ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة لأن الكتابة عمل والشهادة على العمل طريقها الرواية نقله الحارثي.
ويحتمل أن لا تصح حتى يشهد عليها.
وقد خرج بن عقيل ومن بعده رواية بعدم الصحة أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله فيمن كتب وصيته وختمها وقال اشهدوا بما فيها أنه لا تصح أي شهادتهم على ذلك.
فنص الإمام أحمد في الأولى بالصحة وفي الثانية بعدمها حتى يسمعوا ما فيه أو يقرأ عليه فيقر بما فيه.
فخرج جماعة منهم المجد في محرره وغيره في كل منهما رواية من الأخرى وقد خرج المصنف في باب كتاب القاضي إلى القاضي من الأولى في الثانية وقال هنا يحتمل أن لا يصح حتى يشهد عليها فهو كالتخريج من الثانية في الأولى.
والصحيح من المذهب التفرقة
188

فتصح في الأولى ولا تصح في الثانية وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل تصح في الثانية أيضا اختاره المصنف والشارح وصاحب الفائق ويأتي النصان في كلام المصنف في باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي.
تنبيه معنى قول الإمام أحمد رحمه الله فيمن كتب وصيته وختمها وقال اشهدوا بما فيها أنها لا تصح أي لا تصح شهادتهم على ذلك.
قلنا العمل بخطه في هذه الوصية فحيث علم خطه إما بإقرار أو ببينة فإنه يعمل بها كالأولى بل هي من أفراد العمل بالخط في الوصية.
نبه على ذلك شيخنا في حواشي الفروع وهو واضح.
قلت في كلام الزركشي إيماء إلى ذلك.
فإنه قال وقد يفرق بأن شرط الشهادة العلم وما في الوصية والحال هذه غير معلوم.
أما لو وقعت الوصية على أنه لو وصى فليس في نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى ما يمنعه.
ثم بعد ذلك يعمل بالخط بشرطه انتهى.
قوله (والوصية مستحبة).
هذا المذهب في الجملة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه تجب لقريب غير وارث اختاره أبو بكر.
ونقل في التبصرة عن أبي بكر وجوبها للمساكين ووجوه البر.
قوله (لمن ترك خيرا وهو المال الكثير).
يعنى في عرف الناس على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقطع به بن عبدوس في تذكرته
189

وقال المصنف والذي يقوى عندي أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غني الورثة لا تستحب الوصية واختاره في الفائق.
وقيل هو من كان له أكثر من ثلاثة آلاف.
وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب.
وقال في الوجيز تسن لمن ترك ورثة وألف درهم فصاعدا لا دونها وقاله أبو الخطاب وغيره.
فائدة المتوسط في المال هو المعروف في عرف الناس بذلك على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الصغرى وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل المتوسط من له ثلاثة آلاف درهم والفقير من له دونها.
وجزم جماعة من الأصحاب أن المتوسط من ملك من ألف إلى ثلاثة آلاف ومنهم صاحب الهداية والمذهب
والمستوعب.
وقيل الفقير من له دون ألف ونقله بن منصور.
قال في الفروع قال أصحابنا هو فقير.
قوله (بخمس ماله).
يعنى يستحب لمن ترك خيرا الوصية بخمس ماله.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح بن منجا والشرح.
وقدمه في الفروع والفائق.
وقال الناظم يستحب لمن له مال كثير ووارثه غني الوصية بخمس ماله.
وقيل بثلث ماله عند كثرته اختاره القاضي وأبو الخطاب وبن عقيل قاله في الفائق.
قال الحارثي وهو المنصوص.
وقال في الإفصاح تسن الوصية بدون الثلث
190

وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين وغيرهم يستحب للغني الوصية بثلث ماله والمتوسط بالخمس.
ونقل أبو طالب إن لم يكن له مال كثير ألفان أو ثلاثة أوصى بالخمس ولم يضيق على ورثته وإن كان له مال كثير فالربع أو الثلث.
وأطلق في الغنية استحباب الوصية بالثلث لقريب فقير فإن كان القريب غنيا فللمساكين وعالم ودين قطعه عن السبب القدر وضيق عليهم الورع الحركة فيه وانقلب السبب عندهم فتركوه ووقفوا بالحق انتهى.
وكذا قيد المصنف في المغنى استحباب الوصية بالثلث لقريب فقير قال في الفروع مع أن دليله عام.
قوله (ويكره لغيره إن كان له ورثة).
أي تكره الوصية لغير من ترك خيرا.
فتكره للفقير الوصية مطلقا على الصحيح من المذهب.
نقل بن منصور لا يوصى بشيء.
قال في الوجيز لا يسن لمن ترك أقل من ألف درهم وقدمه في الفروع وقيل تكره إذا كان ورثته محتاجين وإلا فلا.
قال في التبصرة رواه بن منصور وقاله في المغنى وغيره.
وجزم به في الرعايتين والنظم والوجيز والفائق والحاوي الصغير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قلت وهو الصواب.
وتقدم إطلاقه في الغنية استحباب الوصية بالثلث.
وتقدم ما اختاره المصنف
191

قوله (فأما من لا وارث له فتجوز وصيته بجميع ماله).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وعنه لا تجوز إلا بالثلث نص عليه في رواية بن منصور.
قال أبو الخطاب في الانتصار هذه الرواية صريحة في منع الرد وتوريث ذوي الأرحام.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
وقيل تجوز بماله كله إذا كان وارثه ذا رحم.
قال الشارح وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلق في الفائق في ذوي الأرحام وجهين.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين بعد المائة بناهما بعض الأصحاب على أن الحق لغير معين.
وبناهما القاضي على أن بيت المال هل هو جهة ومصلحة أو وارث.
فإن قيل هو جهة ومصلحة جازت الوصية بجميع ماله.
وإن قيل هو وارث فلا تجوز إلا بالثلث وتابعه في الفروع وغيره ويأتي الكلام في ذلك مستوفى في آخر باب أصول المسائل فعلى المذهب لو مات وترك زوجا أو زوجة لا غير وأوصى بجميع ماله ورد بطلت في قدر فرضه من الثلثين فيأخذ الموصي له الثلث ثم يأخذ أحد الزوجين فرضه من الباقي وهو الثلثان فيأخذ الربع إن كان زوجة ويأخذ النصف إن كان زوجا ثم يأخذ الموصى له الباقي من الثلثين وهذا هو الصحيح من المذهب
192

اختاره الشارح وصاحب الفائق.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وجزم به في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقيل لا يأخذ الموصى له مع أحد الزوجين سوى الثلث.
وقدمه في الشرح والفائق.
قلت هو ظاهر كلام المصنف وصاحب الوجيز وغيرهما حيث قالوا ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو كان الوارث واحدا من أهل الفروض وقلنا بعدم الرد قاله في الرعاية وغيرها.
الثانية لو أوصى أحد الزوجين للآخر فله على الرواية الأولى المال كله إرثا ووصية على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تصح.
وله على الرواية الثانية الثلث بالوصية ثم فرضه من الباقي والبقية لبيت المال.
قوله (ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث لأجنبي ولا لوارثه بشيء إلا بإجازة الورثة).
يحرم عليه فعل ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز وشرح بن منجا وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل يكره له ذلك.
قال في الفروع وقال في التبصرة يكره
193

قلت وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وجزم به في الرعاية الكبرى في الثانية وقدمه في الأولى.
وعنه يكره في صحته من كل ماله نقله حنبل.
قلت الأولى الكراهة.
ولو قيل بالإباحة لكان له وجه.
قوله (إلا بإجازة الورثة).
يعنى أنها تصح بإجازة الورثة فتكون موقوفة عليها.
وهذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب صححه في الفروع وغيره وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هو المشهور والمنصوص في المذهب.
حتى إن القاضي في التعليق وأبا الخطاب في خلافه والمجد وجماعة لم يحكوا فيه خلافا.
وعنه الوصية باطلة وإن أجازها الورثة إلا أن يعطوه عطية مبتدأه واختاره بعض الأصحاب.
وهو وجه في الفائق في الأجنبي ورواية في الوارث.
تنبيه يستثنى من كلام المصنف إذا أوصى بثلثه يكون وقفا على بعض ورثته فإنه يصح على الصحيح من المذهب على ما تقدم في الهبة.
وفيه قول اختاره المصنف بعدم الصحة.
فيكون ظاهر كلام المصنف موافقا لما اختاره.
قوله (إلا أن يوصى لكل وارث بمعين بقدر ميراثه فهل تصح على وجهين)
194

وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا والفائق.
أحدهما تصح وهو الصحيح.
قال في الفروع وتصح معاوضة مريض بثمن مثله.
وعنه مع وارث بإجازة اختاره في الانتصار لفوات حقه من المعين.
ثم قال ومثلها وصية لكل وارث بمعين بقدر حقه.
صححه في التصحيح والحارثي.
وقدمه في المحرر وإدراك الغاية والرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني لا تصح إلا بإجازة الورثة صححه في المذهب والنظم.
قوله (وإن لم يف الثلث بالوصايا تحاصوا فيه وأدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم العتق ولو استوعب الثلث.
فعليهما هل يبدأ بالكتابة لأنه المقصود بها أو لأن العتق تغليبا ليس للكتابة فيه وجهان ذكرهما القاضي والمصنف والحارثي وغيرهم.
قوله (وإجازتهم تنفيذ في الصحيح من المذهب) وهو كما قال.
قال في القواعد الفقهية أشهر الروايتين أنها تنفيذ.
قال الزركشي هذا المشهور والمنصور في المذهب وجزم به جماعة منهم القاضي في التعليق وأبو الخطاب في خلافة الصغير والمجد وغيرهم انتهى.
قال في الفائق وغيره والإجازة تنفيذ في أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الشارح لأن ظاهر المذهب أن الوصية للوارث والأجنبي بالزيادة على الثلث صحيحه موقوفة على إجازة الورثة
195

فعلى هذا تكون إجازتهم تنفيذا وإجازة محضة يكفي فيها قول الوارث أجزت أو أمضيت أو نفذت انتهى.
وعنه ما يدل على أن الإجازة هبة مبتدأة قال في الفروع وخصها في الانتصار بالوارث.
قال الشارح وقال بعض أصحابنا الوصية باطلة.
فعلى هذا تكون هبة انتهى وأطلقهما أبو الفرج.
تنبيهان
أحدهما قيل هذا الخلاف مبني على أن الوصية بالزائد على الثلث هل هي باطلة أو موقوفة على الإجازة كما تقدم.
وتقدم كلام الشارح قريبا عن بعض الأصحاب وهو الذي قطع به الزركشي وغيره.
وقيل بل هو مبني على القول بالوقف.
أما على البطلان فلا وجه للتنفيذ.
قال في القواعد وهذا أشبه.
قلت وهو الصواب.
الثاني لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها بن رجب في قواعده وغيره من الأصحاب.
فمنها على المذهب لا يفتقر إلى شروط الهبة من الإيجاب والقبول والقبض ونحوه بل يصح بقوله أجزت وأنفذت وأمضيت ونحو ذلك.
وعلى الثانية تفتقر إلى الإيجاب والقبول ذكره بن عقيل وغيره وكلام القاضي يقتضي أن في صحتها بلفظ الإجازة وجهين.
قال المجد والصحة ظاهر المذهب
196

ومنها لا تثبت أحكام الهبة على المذهب فلو كان المجيز أبا للمجاز له لم يكن له الرجوع فيه.
وعلى الثانية له الرجوع.
ومنها هل يعتبر أن يكون المجاز معلوما للمجيز.
ففي الخلاف للقاضي والمحرر والفروع وغيرهم هو مبنى على الخلاف وطريقة المصنف في المغنى أن الإجازة لا تصح بالمجهول ولكن هل يصدق في دعوى الجهالة على وجهين.
ومن الأصحاب من قال إن قلنا الإجازة تنفيذ صحت بالمجهول ولا رجوع وإن قلنا هي هبة فوجهان.
ومنها لو كان للمجاز عتقاء كان الولاء للموصى تختص به عصبته على المذهب.
وعلى الثانية الولاء لمن أجاز ولو كان أنثى.
فائدة لو كسب الموصى بعتقه بعد الموت وقبل الإعتاق فهو له على الصحيح من المذهب.
وذكره القاضي وبن عقيل وصاحب المحرر وغيرهم.
وقدمه في القاعدة الثانية والثمانين.
وقال المصنف في المغنى في آخر باب العتق كسبه للورثة كأم الولد انتهى.
ولو كان الموصى بعتقه أمة فولدت قبل العتق وبعد الموت تبعها الولد كأم الولد وقدمه في القواعد وقال هذا هو الظاهر.
وقال القاضي في تعليقه لا تعتق.
ومنها لو كان وقفا على المجيزين فإن قلنا الإجازة تنفيذ صح الوقف ولزم وإن قلنا هبة فهو كوقف الإنسان على نفسه
197

ومنها لو حلف لا يهب فأجاز لم يحنث على المذهب وعلى الثانية يحنث.
ومنها لو قبل الوصية المفتقرة إلى الإجازة قبل الإجازة ثم أجيزت.
فإن قلنا الإجازة تنفيذ فالملك ثابت له من حين قبوله.
وإن قلنا هي هبة لم يثبت الملك إلا بعد الإجازة ذكره القاضي في خلافه ومنها أن ما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز هل يزاحم بالزائد الذي لم يجاوزه أولا مبني على الخلاف.
ذكره في المحرر ومن تابعه.
قال في القواعد واستشكل توجيهه على الأصحاب وهو واضح فإنه إذا كان معنا وصيتان إحداهما مجاوزة للثلث والأخرى لا تجاوزه كنصف وثلث وأجاز الورثة الوصية المجاوزة للثلث خاصة.
فأن قلنا الإجازة تنفيذ زاحم صاحب النصف صاحب الثلث بنصف كامل فيقسم الثلث بينهما على خمسه لصاحب النصف ثلاثة أخماسه وللآخر خمساه ثم يكمل لصاحب النصف نصفه بالإجازة.
وإن قلنا الإجازة ابتداء عطية فإنما يزاحم بثلث خاص إذ الزيادة عليه عطية محضة من الورثة لم تتلق من الميت فلا يزاحم بها الوصايا فيقسم الثلث بينهما نصفين ثم يكمل لصاحب النصف ثلثه بالإجازة أي يعطى ثلثا زائدا على السدس الذي أخذه من الوصية.
قال وهذا مبنى على القول بأن الإجازة عطية أو تنفيذ.
فيفرع على هذا القول بإبطال الوصية بالزائد على الثلث وصحتها كما سبق انتهى
198

وقد تكلم القاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي على هذه المسألة في كراسة بما لا طائل تحته.
وما قاله بن رجب صحيح واضح.
وقال الزركشي وقد يقال إن عدم المزاحمة إنما هو في الثلثين ولأن الهبة تختص بهما والمجيز يشرك بينهما فيهما.
أما الثلث فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما انتهى.
قلت الذي يظهر [أن هذا أقوى وأولى وهو موافق لقواعد المذهب في أن الثلث يقسم على قدر أنصبائهم مطلقا.
وقد ذكر المصنف مسائل من ذلك في باب الوصية بالأنصباء والأجزاء كما لو أوصى لواحد بثلث ماله ولآخر بربعه أو له بكل ماله ولآخر بنصفه.
فقد قطع هو وغيره أنهم إذا ردوا الزائد على الثلث يكون الثلث على قدر أنصبائهم.
الثلث ويأخذ من الثلث بمقدار ما يأخذه لوردوا فعلى هذا المزاحمة في الثلث بالزائد على.
البناء الذي ذكره صاحب المحرر وغيره طريقة في المسألة وصاحب القواعد إنما.
لكن يمكن أن يقال ليس في كلام المحرر البناء على القول بأنها ابتداء عطية.
مسكوت عنه أو يقال بناؤه على أنه تنفيذ يدل على خلاف ذلك على خلافه ينبني عليه ولذلك قال في شرح المحرر كلامه يقتضي انعكاس] ومنها لو أجاز المريض في مرض موته وصية موروثة
199

فإن قلنا إجازته عطية فهي معتبرة من ثلثه.
وإن قلنا هي تنفيذ فللأصحاب طريقان.
أحدهما القطع بأنها من الثلث أيضا قاله القاضي في خلافه والمجد.
والطريق الثاني المسألة على وجهين وهي طريقة أبي الخطاب في انتصاره وهما منزلان على أصل الخلاف في حكم الإجازة.
قال في القواعد وقد ينزلان على أن الملك هل ينتقل إلى الورثة في الموصى به أم تمنع الوصية الانتقال وفيه وجهان.
فإن قلنا تنتقل إليهم فالإجازة من الثلث وإلا فهي من رأس ماله.
ومنها إجازة المفلس قال في المغنى هي نافذة وهو منزل على القول بالتنفيذ وجزم به في الفروع.
قال في القواعد ولا يبعد على القاضي في التي قبلها أن لا ينفذ.
وقاله المصنف في المغنى في الشفعة.
ومنها إجازة السفيه نافذة على المذهب لا على الثانية ذكره في الفروع وقال المصنف والشارح لا تصح إجازته مطلقا وكذا صاحب الفائق.
قوله (ومن أوصى له وهو في الظاهر وارث فصار عند الموت غير وارث صحت الوصية له وإن أوصى له وهو غير وارث فصار عند الموت وارثا بطلت لأن اعتبار الوصية بالموت).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وأكثرهم لم يحك فيه خلافا أن الاعتبار في الوصية بحال الموت.
قال في القاعدة السابعة عشر بعد المائة وحكى بعضهم خلافا ضعيفا أن الاعتبار بحال الوصية كما حكى أبو بكر وأبو الخطاب رواية أن الوصية في حال
200

الصحة من رأس المال ولا تصح عن الإمام أحمد رحمه الله وإنما أراد العطية المنجزة كذلك قال القاضي انتهى.
وقال في الرعايتين وقيل تبطل الوصية فيهما.
قوله (ولا تصح إجازتهم وردهم إلا بعد موت الموصى وما قبل ذلك لا عبرة به).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تصح إجازتهم قبل الموت في مرضه.
خرجها القاضي أبو حازم من إذن الشفيع في الشراء.
قال في القاعدة الرابعة الإمام أحمد رحمه الله شبهه في موضع بالعفو عن الشفعة فخرجه المجد في شرحه على روايتين.
واختارها صاحب الرعاية والشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله (ومن أجاز الوصية) يعنى إذا كانت جزءا مشاعا.
(ثم قال إنما أجزت لأنني ظننت المال قليلا فالقول قوله مع يمينه وله الرجوع بما زاد على ظنه في أظهر الوجهين).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والوجه الثاني ليس له الرجوع.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
وهو احتمال في الهداية.
وتقدم في الفوائد هل يشترط أن يكون المجاز معلوما
201

تنبيه قوله (إلا أن تقوم عليه بينة).
يعنى تشهد بأنه كان عالما بزيادته فلا يقبل قوله.
وكذا لو كان المال ظاهرا لا يخفى عليه لا يقبل قوله.
وكلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيد بذلك وهذا إذا قلنا الإجازة تنفيذ.
فأما إذا قلنا هي هبة مبتدأة فله الرجوع فيما يجوز الرجوع في مثله في الهبة.
وقد تقدم قريبا في الفوائد
قوله (وإن كان المجاز عينا) وكذا لو كان مبلغا مقدرا.
(فقال ظننت باقي المال كثيرا لم يقبل قوله في أظهر الوجهين).
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني يقبل قوله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو قال ظننت قيمته ألفا فبان أكثر قبل قوله وليس نقضا للحكم بصحة الإجازة ببينة أو إقرار.
قال وإن أجاز وقال أردت أصل الوصية قبل انتهى.
قوله (ولا يثبت الملك للموصى له إلا بالقبول بعد الموت فأما قبوله ورده قبل الموت فلا عبرة به).
أعلم أن حكم قبول الوصية كقبول الهبة على ما تقدم في بابه.
قال الإمام أحمد رحمه الله الهبة والوصية واحد قاله في الفروع والزركشي وغيرهما.
202

وقال في القواعد الفقهية نص الإمام أحمد رحمه الله في مواضع على أنه لا يعتبر للوصية قبول فيملكه قهرا كالميراث.
وهو وجه للأصحاب حكاه غير واحد انتهى.
وذكر الحلواني عن أصحابنا أنه يملك الوصية بلا قبوله كالميراث.
وقال في المغنى ومن تابعه وطؤه الأمة الموصى بها قبول كرجعة وبيع خيار.
وقال في الرعاية وقيل يكفي الفعل قبولا.
وقال في القاعدة التاسعة والأربعين واختار القاضي وبن عقيل أنها لا تلزم في المبهم بدون قبض.
وخرج المصنف في المغنى وجها ثالثا أنها لا تلزم بدون القبض سواء كان مبهما أو لا كالهبة.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين والأظهر أن تصرف الموصى له في الوصية بعد الموت يقوم مقام القبول لأن سبب الملك قد استقر له استقرارا لا يملك إبطاله واقتصر عليه.
فائدة لا يصح بيع الموصى به قبل قبوله من وارثه ذكره في الفروع في باب التدبير.
ويجوز التصرف في الموصى به بعد ثبوت الملك وقبل القبض باتفاق من الأصحاب فيما نعلمه قاله في القاعدة الثانية والخمسين.
وتقدم في آخر باب الخيار في البيع.
تنبيه مراده إذا كان الموصى له واحدا أو جمعا محصورا.
فأما إذا كانوا غير محصورين كالفقراء أو المساكين مثلا أو لغير آدمي كالمساجد والقناطر ونحوهما فلا يشترط القبول قولا واحدا.
203

وسيأتي قريبا متى يثبت الملك له إذا قبل.
فوائد
إحداها يستقر الضمان على الورثة بمجرد موت موروثهم إذا كان المال عينا حاضرة يتمكن من قبضها على الصحيح من المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن منصور في رجل ترك مائتي دينار وعبدا قيمته مائة وأوصى لرجل بالعبد فسرقت الدنانير بعد موت الرجل وجب العبد للموصى له وذهبت دنانير الورثة.
وهكذا ذكره الخرقي وأكثر الأصحاب.
وقال القاضي وبن عقيل في كتاب العتق لا يدخل في ضمانهم بدون القبض لأنه لم يحصل في أيديهم ولم ينتفعوا به أشبه الدين والغائب ونحوهما مما لم يتمكنوا من قبضه.
فعلى هذا إن زادت التركة قبل القبض فالزيادة للورثة وإن نقصت لم يحسب النقص عليهم وكانت التركة ما بقي.
ذكره في القاعدة الحادية والخمسين وعلله.
الثانية قوله (فإن مات الموصى له قبل موت الموصى بطلت الوصية) بلا نزع.
لكن لو مات الموصى له بقضاء دينه قبل موت الموصى لم تبطل الوصية بلا نزاع لأن تفريغ ذمه المدين بعد موته كتفريغها قبله لوجود الشغل في الحالين كما لو كان حيا ذكره الحارثي.
الثالثة لا تنعقد الوصية إلا بقوله فوضت أو وصيت إليك أو إلى زيد بكذا أو أنت أو هو أو جعلته أو جعلتك وصيي أو أعطوه
204

من مالي بعد موتي كذا أو ادفعوه إليه أو جعلته له أو هو له بعد موتي أو هو له من مالي بعد موتي ونحو ذلك تنبيه قوله (وإن ردها بعد موته بطلت أيضا) بلا نزاع.
لكن لو ردها بعد قبوله وقبل القبض لم يصح الرد مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والفائق والزركشي وصححه الحارثي قال في المجد هذا المذهب.
وقيل يصح رده مطلقا اختاره القاضي وبن عقيل.
وقيل يصح رده في المكيل والموزون بعد قبوله وقبل قبضه.
جزم به المصنف والشارح.
قال الزركشي إن كان الرد بعد القبول والقبض لم يصح الرد وكذا لو كان بعد القبول وقبل القبض على ظاهر كلام جماعة.
وأورده المجد مذهبا.
فائدة إذا لم يقبل بعد موته ولا رد فحكمه حكم متحجر الموات على ما مر في بابه قاله في الفروع.
وقال في القاعدة العاشرة بعد المائة لو امتنع من القبول أو الرد حكم عليه بالرد وسقط حقه من الوصية.
وقاله في الكافي وجزم به الحارثي.
قوله (وإن مات بعده وقبل الرد والقبول قام وارثه مقامه ذكره الخرقي).
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح قاله المجد.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما.
205

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
(وقال القاضي تبطل الوصية على قياس قوله).
يعنى في خيار الشفعة وخيار الشرط وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها عبد الله وبن منصور.
واختاره بن حامد والقاضي وأصحابه.
وقدمه في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة وقال اختاره القاضي والأكثرون.
وحكى الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وجها أنها تنتقل إلى الوارث بلا قبول كالخيار.
قوله (وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول في الصحيح).
وهو المذهب قاله المصنف وغيره وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في الفروع.
قال الشارح وبن منجا هذا الصحيح من المذهب ونصره الشارح ويحتمل أن يثبت الملك حين الموت.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والخلاصة والمحرر والفائق.
قال في العمدة ولو وصى بشيء فلم يأخذه الموصي له زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ انتهى.
وقال في الوجيز ويثبت الملك بالقبول عقب الموت.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وقيل الخلاف روايتان.
206

واختار أبو بكر في الشافي أن الملك مراعي.
فإذا قبل تبينا أن الملك ثبت له من حين الموت.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وحكى الشريف عن شيخه أنه قال هذا ظاهر كلام الخرقي.
قلت ويحتمله كلام الوجيز المتقدم بل هو ظاهر في ذلك.
قال في المستوعب وهذا هو الوجه الذي قبله بعينه وهو كما قال.
وحكى وجه بأنه من حين الموت بمجرده نقله الحارثي.
فعلى الأول يكون (قبل القبول للورثة) على الصحيح من المذهب.
كما صرح به المصنف هنا.
واختاره هو وبن البنا والشيرازي والشارح.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يكون على ملك الميت وهو مقتضى قول الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما.
قال الحارثي والقول بالبقاء للميت قال به أبو الخطاب والشريف أبو جعفر والقاضي أبو الحسين وغيرهم انتهى.
وأطلقهما الزركشي وصاحب القواعد فيها.
وقال وأكثر الأصحاب قالوا يكون للموصى له وهو قول أبي بكر والخرقي ومنصوص الأمام أحمد رحمه الله تعالى انتهى.
تنبيه لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها الأصحاب.
وذكر المصنف هنا بعضها.
منها حكم نمائه بين الموت والقبول.
فإن قلنا هو على ملك الموصى له فهو له يحتسب عليه من الثلث.
إن قلنا هو على ملك الميت فتتوفر به التركة فيزداد به الثلث.
207

فعلى هذا لو وصى بعبد لا يملك غيره وثمنه عشرة فلم تجز الورثة فكسب بين الموت والقبول خمسة دخله الدور.
فتجعل الوصية شيئا فتصير التركة عشرة ونصف شيء تعدل الوصية والميراث وهما ثلاثة أشياء فيخرج الشيء أربعة بقدر خمسي العبد وهو الوصية وتزداد التركة من العبد درهمين.
فأما بقيته فزادت على ملك الورثة وجها واحدا قاله في المحرر وغيره وإن قلنا هو على ملك الورثة فهو لهم خاصة.
وذكر القاضي في خلافه أن ملك الموصى له لا يتقدم القبول وإن النماء قبله للورثة مع أن العين باقية على حكم ملك الميت فلا يتوفر الثلث.
وذكر أيضا إذا قلنا إنه مراعى وأنا نتبين بقبول الموصى له ملكه له من حين الموت فإن النماء يكون للموصى له معتبرا من الثلث.
فإن خرج من الثلث مع الأصل فهما له وإلا كان له بقدر الثلث فإن فضل شيء من الثلث كان له من النماء.
وقال في القاعدة الثانية والثمانين إذا نما الموصى بوقفه بعد الموت وقبل إيقافه فأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه يصرف مصرف الوقف لأن نماءه قبل الوقف كنمائه بعده.
وأفتى به الشيخ عماد الدين السكري الشافعي.
قال الدميري وهو الظاهر وأجاب بعضهم بأنه للورثة.
قلت قد تقدم في كتاب الزكاة عند السائمة الموقوفة ما يشابه ذلك.
وهو إذا أوصى بدراهم في وجوه البر أو ليشتري بها ما يوقف فاتجر بها الوصي فقالوا ربحه مع أصل المال فيما وصى به وإن خسر ضمن النقص نقله الجماعة.
وقيل ربحه إرث.
208

ومنها لو نقص الموصى به في سعر أو صفة.
فقال في المحرر إن قلنا يملكه بالموت اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول.
وإن قلنا يملكه من حين القبول اعتبرت قيمته يوم القبول سعرا وصفة انتهى.
قال في القواعد والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن منصور وذكره الخرقي أنه تعتبر قيمته يوم الوصية.
ولم يحك في المغنى فيه خلافا.
فظاهره أنه تعتبر قيمته بيوم الموت على الوجوه كلها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا قول الخرقي وقدماء الأصحاب.
قال وهو أوجه من كلام المجد انتهى.
قلت وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع ويقوم بسعره يوم الموت.
ذكره جماعة ثم ذكر ما في المحرر.
وقال في الترغيب وغيره وقت الموت خاصة انتهى.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الموصى به في قوله وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ.
ومنها لو كانت الوصية بأمة فوطئها الوارث قبل القبول وأولدها صارت أم ولد له ولا مهر عليه وولده حر لا يلزمه قيمته وعليه قيمتها للموصى له.
هذا إن قلنا إن الملك لا يثبت إلا من حين القبول ويملكها الورثة.
وإن قلنا لا يملكها الوارث لم تصر أم ولد.
ومنها لو وطئها الموصى له قبل القبول وبعد الموت.
209

فإن قلنا الملك له فهي أم ولده وإلا فلا.
ومنها لو وصى له بزوجته فأولدها قبل القبول لم تصر أم ولد له وولده رقيق للوارث ونكاحه باق إن قلنا لا يملكها.
وإن قلنا يملكها بالموت فولده حر وتصير أم ولده ويبطل نكاحه بالموت.
ومنها لو وصى له بأبيه فمات قبل القبول فقبل ابنه وقلنا يقوم الوارث مقامه في القبول عتق الموصى به حينئذ ولم يرث شيئا إذا قلنا إنما يملكه بعد القبول.
وإن قلنا يملكه بالموت فقد عتق به فيكون حرا عند موت أبيه فيرث منه.
ومنها لو كانت الوصية بمال في هذه الصورة.
فإن قلنا يثبت الملك بالموت فهو ملك للميت فتوفى منه ديونه ووصاياه.
وعلى الوجه الآخر هو ملك للوارث الذي قبل ذكره في المحرر.
قال في القواعد ويتخرج وجه آخر أنه يكون ملكا للموصى له على كلا الوجهين لأن التمليك حصل له فكيف يصح الملك ابتداء لغيره.
ومنها لو وصى لرجل بأرض فبنى الوارث فيها وغرس قبل القبول ثم قبل الموصى له.
ففي الإرشاد إن كان الوارث عالما بالوصية قلع بناؤه وغرسه مجانا وإن كان جاهلا فعلى وجهين.
قال في القواعد وهو متوجه على القول بالملك بالموت.
أما إن قيل هي قبل القبول على ملك الوارث فهو كبناء المشتري الشقص المشفوع وغرسه فيكون محترما يتملك بقيمته.
قلت وهو الصواب.
ومنها لو بيع شقص في شركة الورثة والموصى له قبل قبوله.
210

فإن قلنا الملك له من حين الموت فهو شريك للورثة في الشفعة وإلا فلا حق له فيها.
ومنها جريانه من حين الموت في حول الزكاة.
فإن قلنا يملكه الموصى له جرى في حوله.
وإن قلنا للورثة فهل يجري في حولهم حتى لو تأخر القبول سنة كانت زكاته عليهم أم لا لضعف ملكهم فيه وتزلزله وتعلق حق الموصى له به فهو كمال المكاتب.
قال في القواعد فيه تردد.
قلت الثاني أولى.
قوله (وإذا قال في الموصى به هذا لورثتي أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا) بلا خلاف أعلمه.
(وإن أوصى به لآخر ولم يقل ذلك فهو بينهما) هذا المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب العمدة والمحرر والوجيز والشرح والمذهب والنظم والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب والحارثي.
وقيل هو للثاني خاصة اختاره بن عقيل.
ونقل الأثرم يؤخذ بآخر الوصية.
وقال في التبصرة هو للأول.
فعلى المذهب أيهما مات أو رد قبل موت الموصى كان للآخر قاله الأصحاب فهو اشتراك تزاحم.
211

قوله (وإن باعه أو وهبه أو رهنه كان رجوعا).
إذا باعه أو وهبه كان رجوعا بلا نزاع.
وكذا إن رهنه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقطع به القاضي وبن عقيل.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل ليس برجوع.
فوائد
إحداها لو أوجبه في البيع أو الهبة فلم يقبل فيهما أو عرضه لبيع أو رهن أو وصى ببيعه أو عتقه أو هبته كان رجوعا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
واختاره القاضي وبن عقيل والمصنف نقله الحارثي.
وصححه في المحرر والنظم فيما إذا أوجبه في البيع أو وهبه ولم يقبل.
وقيل ليس برجوع كإيجاره وتزويجه ومجرد لبسه وسكناه وكوصيته بثلث ماله فيتلف أو يبيعه ثم يملك مالا غيره فإنه في ذلك لا يكون رجوعا.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما في الصغرى والحاوي الصغير فيما إذا أوجبه في بيع أو هبة أو رهن فلم يقبل.
الثانية لو قال ما أوصيت به لفلان فهو حرام عليه فرجوع ذكره في الكافي واقتصر عليه الحارثي ونصره.
الثالثة لو وصى بثلث ماله ثم باعه أو وهبه لم يكن رجوعا لأن الموصى به لا ينحصر فيما هو حاضر بل فيما عند الموت قاله الحارثي.
212

قلت فيعايي بها.
قوله (وإن كاتبه أو دبره أو جحد الوصية فعلى وجهين).
إذا كاتبه أو دبره أطلق المصنف فيهما وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما هو رجوع وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي وبن عقيل والمصنف في الكتابة وصححه الحارثي فيهما.
والوجه الثاني ليس ذلك برجوع.
وأطلق فيما إذا جحد الوصية الوجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح الحارثي.
أحدهما ليس برجوع وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الكافي.
والوجه الثاني هو رجوع وصححه في النظم.
وقيد الخلاف بما إذا علم وهو مراد من أطلق والله أعلم.
قوله (وإن خلطه بغيره على وجه لا يتميز أو أزال اسمه فطحن الحنطة أو خبز الدقيق أو جعل الخبز فتيتا أو نسج الغزل أو نجر الخشبة بابا ونحوه أو انهدمت الدار وزال اسمها فقال القاضي هو رجوع وذكر أبو الخطاب فيه وجهين).
213

اعلم أنه إذا خلطه بغيره على وجه لا يتميز أو أزال اسمه فطحن الحنطة وخبز الدقيق ونحوه.
وكذا لو زال اسمه بنفسه كانهدام الدار أو بعضها.
فقال القاضي هو رجوع وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر والنظم.
واختاره بن عقيل والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس برجوع قدمه في الهداية واختاره.
وقدمه في المذهب والمستوعب وصححه في الخلاصة.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين لو وصى له برطل من زيت معين ثم خلطه بزيت آخر فإن قلنا هو اشتراك لم تبطل الوصية.
وإن قلنا هو استهلاك بطلت.
والمنصوص في رواية عبد الله وأبي الحارث أنه اشتراك.
واختاره بن حامد والقاضي وغيرهما قاله قبل ذلك.
وأما إذا عمل الخبز فتيتا أو نسج الغزل أو عمل الثوب قميصا أو ضرب النقرة دراهم أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس ففيه وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وأطلقهما في الكافي والنظم في البناء والغراس.
أحدهما هو رجوع وهو الصحيح اختاره القاضي وبن عقيل في غير البناء والغراس والمصنف والشارح مطلقا.
وصححه في التصحيح فيما ذكره المصنف.
214

وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي في غير البناء والغراس وصححه في النظم في غير البناء والغراس وصححه الحارثي فيهما.
والوجه الثاني ليس برجوع اختاره أبو الخطاب وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب.
قال في الخلاصة لم يكن رجوعا في الأصح.
فائدتان
إحداهما لو وصى له بدار فانهدمت فأعادها فالمذهب بطلان الوصية.
قال في القواعد هذا المشهور ولا تعود بعود البناء.
ويتوجه عودها إن أعادها بآلتها القديمة.
وفيه وجه آخر لا تبطل الوصية بكل حال.
الثانية وطء الأمة ليس برجوع إذا لم تحمل على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم والكافي.
وقدمه في المغنى وشرح الحارثي.
وفي المغنى احتمال بالرجوع.
وقال في الرعاية الكبرى وإن أوصى بأمة فوطئها وعزل عنها وقيل أو لم يعزل عنها ولم تحبل فليس برجوع.
وذكر بن رزين فيه وجهين.
قوله (وإن أوصى له بقفيز من صبرة ثم خلط الصبرة بأخرى لم يكن رجوعا).
سواء خلطه بدونه أو بمثله أو بخير منه وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والكافي وشرح بن منجا.
215

قال في الهداية فإن أوصى بطعام فخلطه بغيره لم يكن رجوعا.
وقدمه في المغنى والشرح والحارثي وبن رزين في شرحه.
وقيل هو رجوع مطلقا وصححه الناظم في خلطه بمثله.
وأطلقهما في القاعدة الثانية والعشرين وقال هما مبنيان على أن الخلط هل هو استهلاك أو اشتراك.
فإن قلنا هو اشتراك لم يكن رجوعا وإلا كان رجوعا.
قلت تقدمت هذه المسألة في كتاب الغصب في كلام المصنف.
والصحيح من المذهب أنه اشتراك.
وقيل هو رجوع إن خلطه بجزء منه وإلا فلا.
وجزم به في النظم وغيره.
واختاره صاحب التلخيص وغيره.
قال الحارثي وهو مفهوم إيراد القاضي في المجرد.
وأطلق في الفروع فيما إذا خلطه بخير منه الوجهين.
قال في الرعايتين وإن أوصى بقفيز منها ثم خلطها بخير منها فقد رجع وإلا فلا.
قال في الكبرى قلت إن خلطها بأردأ منها صفة فقد رجع وإن خلطها بمثلها في الصفة فلا.
وقيل لا يرجع بحال.
فائدة لو أوصى له بصبرة طعام فخلطها بطعام غيرها ففيه وجهان مطلقان.
وأطلقهما في الرعايتين.
أحدهما لا يكون رجوعا جزم به في الحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر.
216

والوجه الثاني لا يكون رجوعا.
قال الحارثي لو خلط الحنطة المعينة بحنطة أخرى فهو رجوع.
قطع به المصنف والقاضي وبن عقيل وصاحب التلخيص وغيرهم انتهى فهذا هو المذهب صححه الحارثي.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن خلطها من الطعام بمثلها قدرا وصفة فعدم الرجوع أظهر.
وإن اختلفا قدرا أو صفة أو احتمل ذلك فالرجوع أظهر لتعذر الرجوع بالموصى به.
قوله (وإن زاد في الدار عمارة أو انهدم بعضها فهل يستحقه الموصى له على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح بن منجا والقواعد الفقهية وشرح الحارثي.
وأطلقهما في الفروع فيما إذا زاد فيها عمارة.
أحدهما يستحقه صححه في التصحيح والنظم.
والثاني يستحقه قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال في التبصرة فيما إذا زاد في الدار عمارة لا يأخذ نماء منفصلا وفي متصل وجهان.
وقال في الرعاية الكبرى وقلت الأنقاض له والعمارة إرث.
وقيل إن صارت فضاء في حياة الموصى بطلت الوصية وإن بقي اسمها أخذها إلا ما انفصل منها.
فائدتان
إحداهما لو بنى الوارث في الدار وكانت تخرج من الثلث فقيل:
217

يرجع على الموصى له بقيمة البناء قدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يرجع وعليه أرش ما نقص من الدار عما كانت عليه قبل عمارته وأطلقهما في الفروع.
وإن جهل الوصية فله قيمته غير مقلوع.
الثانية لو أوصى له بدار دخل فيها ما يدخل في البيع قاله الأصحاب.
ونقل بن صدقة فيمن أوصى بكرم وفيه حمل فهو للموصى له.
ونقل غيره إن كان يوم وصى به له فيه حمل فهو له.
قال في عيون المسائل لا يلزم الوارث سقى ثمرة موصى بها لأنه لم يضمن تسليم هذه الثمرة إلى الموصى له بخلاف البيع.
قوله (وإن وصى لرجل ثم قال إن قدم فلان فهو له فقدم في حياة الموصى فهو له) بلا نزاع.
(وإن قدم بعد موته فهو للأول في أحد الوجهين).
وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره القاضي وقدمه في الفروع والخلاصة والحاوي الصغير واختاره القاضي.
وفي الآخر هو للقادم وهو احتمال في الهداية.
وأطلقهما في المذهب والشرح.
قوله (وتخرج الواجبات من رأس المال أوصى بها أو لم يوص فإن وصى معها بتبرع اعتبر الثلث من الباقي بعد إخراج الواجب).
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل بن إبراهيم في حج لم يوص به وزكاة وكفارة من الثلث.
ونقل أيضا من رأس ماله مع علم الورثة.
218

ونقل عنه في زكاة من كله مع الصدقة.
فائدتان
إحداهما إذا لم يف ماله بالواجب الذي عليه تحاصوا على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وعنه تقدم الزكاة على الحج اختاره جماعة.
ونقل عبد الله يبدأ بالدين وذكره جماعة قولا كتقديمه بالرهينة.
وتقدم ذلك والذي قبله بأتم من هذا في أواخر كتاب الزكاة في كلام المصنف فليراجع.
وتقدم إذا وجب عليه الحج وعليه دين وضاق المال عن ذلك في أواخر كتاب الحج.
الثانية المخرج لذلك وصيه ثم وارثه ثم الحاكم على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل الحاكم بعد الوصي وهو احتمال لصاحب الرعاية.
فإن أخرجه من لا ولاية له عليه من ماله بإذن أجزأ وإلا فوجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الإجزاء.
وتقدم في حكم قضاء الصوم ما يشهد لذلك.
وأطلقهما أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال أخرجوا الواجب من ثلثي فقال القاضي يبدأ به فإن فضل من الثلث شيء فهو لصاحب التبرع وإلا بطلت الوصية).
يعني وإن لم يفضل شيء بطلت الوصية وهو المذهب.
219

جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم.
واختاره القاضي وبن عقيل قاله الحارثي.
وقال أبو الخطاب يزاحم به أصحاب الوصايا وتابعه السامري.
قال الشارح فيحتمل ما قال القاضي ويحتمل ما قاله المصنف هنا.
يعني أنه يقسم الثلث بينهما ويتمم الواجب من رأس المال فيدخله الدور.
وإنما قال المصنف فيحتمل على هذا لأن المزاحمة ليست صريحة في كلام أبي الخطاب لأن قول القاضي يصدق عليه أيضا.
قال في الفروع وقيل بل يتزاحمان فيه ويتمم الواجب من ثلثيه.
وقيل من رأس ماله.
وقال في الفائق وقيل يتقاصان ويتمم الواجب من رأس المال.
وقيل من ثلثيه.
220

باب الموصى له.
قوله (تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم وذمي ومرتد وحربي).
تصح الوصية للمسلم والذمي بلا نزاع لكن إذا كان معينا.
أما غير المعين كاليهود والنصارى ونحوهم فلا تصح صرح به الحارثي وغيره وقطع به.
وكذا الحربي نص عليه والمرتد على الصحيح من المذهب.
أما المرتد فاختار صحة الوصية له أبو الخطاب وغيره وقدمه المصنف هنا.
قال الأزجي في منتخبه والفروع تصح لمن صح تملكه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة.
وقال بن أبي موسى لا تصح لمرتد.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفائق.
واختار في الرعاية إن بقي ملكه صح الإيصاء له كالهبة له مطلقا وإن زال ملكه في الحال فلا.
قال في القاعدة السادسة عشر فيه وجهان بناء على زوال ملكه وبقائه.
فإن قيل بزوال ملكه لم تصح الوصية له وإلا صحت وصحح الحارثي عدم البناء.
وأما الحربي فقال بصحة الوصية له جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا المذهب.
221

قال في الرعاية هذا الأشهر كالهبة إجماعا.
وقيل لا تصح.
وقال في المنتخب تصح لأهل دار الحرب نقله بن منصور.
قال في الرعاية وعنه تصح لحربي في دار حرب.
قال الحارثي والصحيح من القول أنه إذا لم يتصف بالقتال والمظاهرة صحت وإلا لم تصح.
فائدة لا تصح لكافر بمصحف ولا بعبد مسلم.
فلو كان العبد كافرا أو أسلم قبل موت الموصى بطلت.
وإن أسلم بعد العتق بطلت أيضا إن قيل بتوقف الملك على القبول وإلا صحت.
ويحتمل أن تبطل قاله في المغنى.
تنبيهان
أحدهما قوله (وتصح لمكاتبه ومدبره).
هذا بلا نزاع لكن لو صحت وضاق الثلث عن المدبر بدئ بنفسه فيقدم عتقه على وصيته على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والحارثي والفائق والفروع والمغنى والشرح ونصراه.
وقال القاضي يعتق بعضه ويملك من الوصية بقدر ما عتق منه.
الثاني قوله (وتصح لأم ولده) بلا نزاع.
كوصيته أن ثلث قريته وقف عليها ما دامت على ولدها نقله المروذي رحمه الله تعالى.
فائدة لو شرط عدم تزويجها فلم تتزوج وأخذت الوصية ثم تزوجت.
222

فقيل تبطل قدمه بن رزين في شرحه بعد قول الخرقي وإذا أوصى لعبده بجزء من ماله.
قال في بدائع الفوائد قبل آخره بقريب من كراسين قال في رواية أبي الحارث ولو دفع إليها مالا يعنى إلى زوجته على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت ترد المال إلى ورثته.
قال في الفروع في باب الشروط في النكاح وإن أعطته مالا على أن لا يتزوج عليها رده إذا تزوج ولو دفع إليها
مالا على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت ردته إلى ورثته نقله الحارثي انتهى.
فقياس هذا النص أن أم ولده ترد ما أخذت من الوصية إذا تزوجت فتبطل الوصية بردها وهو ظاهر ما اختاره الحارثي.
وقيل لا تبطل كوصيته بعتق أمته على أن لا تتزوج فمات وقالت لا أتزوج عتقت.
فإذا تزوجت لم يبطل عتقها قولا واحدا عند الأكثرين.
وقال الحارثي يحتمل الرد إلى الرق وهو الأظهر ونصره.
وأطلقهما في الفروع والمغنى والشرح والرعاية الكبرى والحارثي.
قوله (وتصح لعبد غيره).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا تصح الوصية لقن زمنها ذكره بن عقيل.
تنبيهان
أحدهما يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق الوصية لعبد وارثه وقاتله فإنها لا تصح لهما ما لم يصر حرا وقت نقل الملك قاله في الفروع وغيره وهو واضح.
223

الثاني ظاهر كلام المصنف صحة الوصية له سواء قلنا يملك أو لا يملك.
وصرح به بن الزاغوني في الواضح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والذي قدمه في الفروع أنها لا تصح إلا إذا قلنا يملك.
فقال وتصح لعبد إن ملك.
وتقدم التنبيه على ذلك في كتاب الزكاة في فوائد العبد هل يملك بالتمليك قوله (فإن قبلها فهي لسيده).
مراده إذا لم يكن حرا وقت موت الموصى.
فإن كان حرا وقت موته فهي له وهو واضح.
وإن عتق بعد الموت وقبل القبول ففيه الخلاف المتقدم في الفوائد المتقدمة في الباب الذي قبله.
وإن لم يعتق فهي لسيده على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الحارثي ويتخرج أنها للعبد.
ثم قال وبالجملة فاختصاص العبد أظهر.
وقال بن رجب المال للسيد.
نص عليه في رواية حنبل.
وذكره القاضي وغيره.
وبناه بن عقيل وغيره على الخلاف في ملك السيد.
فائدة لو قبل السيد لنفسه لم يصح جزم به في الترغيب.
ولا يفتقر قبول العبد إلى إذن سيده على الصحيح من المذهب نص عليه في الهبة وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل بلى اختاره أبو الخطاب في الانتصار.
قوله (وتصح لعبده بمشاع).
224

وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا تصح لقن زمن الوصية كما تقدم.
ووجه في الفروع في صحة عتقه ووصيته لعبده بمشاع روايتين من قوله لعبده أنت حر بعد موتي بشهر في باب المدبر.
فائدتان
الأولى لو وصى له بربع ماله وقيمته مائة وله سواه ثمانمائة عتق وأخذ مائة وخمسة وعشرين هذا الصحيح.
ويتخرج أن يعطى مائتين تكميلا لعتقه بالسراية من تمام الثلث.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أن يعتق ربعه ويرث بقيته.
ويحتمل بطلان الوصية لأنها لسيده الوارث انتهى.
الثانية تصح وصيته للعبد بنفسه أو برقبته ويعتق بقبول ذلك إن خرج من الثلث وإلا عتق منه بقدر الثلث.
قوله (وإن وصى له بمعين أو بمائة لم تصح).
هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات.
قال بن رجب أشهر الروايتين عدم الصحة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
بل عليه الأصحاب.
(وحكى عنه أنها تصح).
وصرح بهذه الرواية بن أبي موسى ومن بعده.
225

قال الحارثي وهو المنصوص.
فعليها يشترى من الوصية ويعتق وما بقي فهو له.
جزم به في الكافي وغيره وقدمه في الرعاية وغيرها.
وقيل يعطى ثلث المعين إن خرجا معه من الثلث.
فإن باعه الورثة بعد ذلك فالمائة لهم إن لم يشترطها المبتاع قاله جماعة من الأصحاب.
قال في الفروع إذا وصى له بمعين فعنه كما له.
وعنه يشترى ويعتق.
وكونه كما له قطع به بن أبي موسى.
تنبيه من الأصحاب من بنى الروايتين هنا على أن العبد هل يملك أولا.
فإن قلنا يملك صحت وإلا فلا.
وهي طريقة بن أبي موسى والشيرازي وبن عقيل وغيرهم.
وأشار إلى ذلك الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح.
ومنهم من حمل الصحة على أن الوصية القدر المعين أو المقدر من التركة لا بعينه فيعود إلى الجزء المشاع.
قال بن رجب في فوائده وهو بعيد جدا.
وتقدم ذلك في كتاب الزكاة في العبد هل يملك بالتمليك أم لا.
قوله (وتصح للحمل إذا علم أنه كان موجودا حين الوصية).
هذا بلا نزاع لكن هل الوصية له تعلق على خروجه حيا وهو اختيار القاضي وبن عقيل في بعض كلامه أو يثبت الملك له من حين موت الموصي وقبول الولي له.
واختار بن عقيل أيضا في بعض كلامه فيه وجهان.
226

وصرح أبو المعالي بن منجا بالثاني وقال ينعقد الحول عليه من حين الملك إذا كان مالا زكويا وكذلك في المملوك بالإرث.
وحكى وجها آخر أنه لا يجري في حول الزكاة حتى يوضع للتردد في كونه حيا مالكا كالمكاتب.
قال في القواعد ولا يعرف هذا التفريع في المذهب.
قوله (بأن تضعه لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها أو لأقل من أربع سنين إن لم تكن كذلك في أحد الوجهين).
يعنى إن لم تكن ذات زوج ولا سيد يطؤها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح بن منجا والفروع والفائق.
أحدهما تصح الوصية له إذا وضعته لأقل من أربع سنين بالشرط المتقدم وهو المذهب.
قال في الوجيز وتصح لحمل تحقق وجوده قبلها وصححه في التصحيح.
وجزم به في الكافي والمغنى والشرح وقدمه في الخلاصة.
والوجه الثاني لا تصح الوصية لأنه مشكوك في وجوده ولا يلزم من لحوق النسب صحة الوصية.
ويأتي كلامه في المحرر وغيره.
تنبيهان
أحدهما لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها.
وكذا قال في المغنى وجماعة.
وقال القاضي في المجرد وبن عقيل في الفصول إن أتت به لدون ستة
227

أشهر من حين الوصية صحت سواء كانت فراشا أو بائنا لأنا نتحقق وجوده حال الوصية.
قال الحارثي وهو الصواب جزما وهو كما قال.
الثاني قوله أو لأقل من أربع سنين هذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين وهو المذهب على ما يأتي في كلام المصنف مصرحا به في أول كتاب العدد.
وأما إذا قلنا إن أكثر مدة الحمل سنتان فبأن تضعه لأقل من سنتين.
والشارح رحمه الله جعل الوجهين اللذين ذكرهما المصنف مبنيان على الخلاف في أكثر مدة الحمل.
والأولى أن الخلاف في صحة الوصية وعدمها وعليه شرح بن منجا وهو الصواب.
فائدة قال المصنف وغيره فإن كانت فراشا لزوج أو سيد إلا أنه لا يطؤها لكونه غائبا في بلد بعيد أو مريضا مرضا يمنع الوطء أو كان أسيرا أو محبوسا أو علم الورثة أنه لم يطأها أو أقروا بذلك فإن أصحابنا لم يفرقوا بين هذه الصورة وبين ما إذا كان يطؤها.
قال المصنف ويحتمل أنها متى أتت به في هذه الحال أو وقت يغلب على الظن أنه كان موجودا حال الوصية مثل أن تضعه لأقل من غالب مدة الحمل أو تكون أمارات الحمل ظاهرة أو أتت به على وجه يغلب على الظن أنه كان موجودا بإمارات الحمل بحيث يحكم لها بكونها حاملا صحت الوصية له انتهى.
قلت وهذا هو الصواب.
وجزم به في الكافي.
228

قال الزركشي وجزم به في المغنى.
وليس كذلك وقد تقدم لفظه.
قال في الرعاية الكبرى ولا تصح الوصية للحمل إلا أن تضعه لدون ستة أشهر من حين الوصية.
وقيل إذا ما وضعته بعدها لزوج أو سيد ولم يلحق نسبه إلا بتقدير وطء قبل الوصية صحت له أيضا انتهى.
وقال في الفروع فإن أتت به لأكثر من ستة أشهر ولا وطء فوجهان ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق ولا تصح وصية لحمل إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ وصى له.
وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل ما لم يلحق الواطئ نسبه إلا بوطء قبل الوصية صحت وإلا فلا.
وإن ولد لأكثر مدة الحمل فأقل ولا وطء إذا فوجهان.
وقال في الكبرى ولا تصح له إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ الوصية وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل إذا لم يلحق فلا تصح الوصية له وإن كانت بائنا فكذلك.
وقيل لا تصح الوصية وإن ولدته بعد أكثر مدة الحمل من حين الفرقة وأكثر من ستة أشهر من حين الوصية لم يلحقه فلا تصح الوصية له.
وإن ولدته لأقل من أربع سنين منذ الفرقة لحقه وصحت.
وإن وصى لحمل من زوج أو سيد يلحقه صحت.
وإن كان منفيا بلعان أو بدعوى الاستبراء فلا.
وإن كانت فراشا لزوج أو سيد وما يطؤها لبعد أو مرض أو أسر أو حبس لحقه وصحت الوصية.
229

وقيل وكذا إن وطئها.
ويحتمل أن يلحقه إن ظننا أنه كان موجودا حين الوصية انتهى.
تنبيه قول المصنف لأقل من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين وكذا قال الأصحاب.
قال بن منجا في شرحه ولم يذكر المصنف بأن تضعه لستة أشهر أو لأربع سنين ولا بد منها.
فإنها إذا وضعته لستة أشهر أو لأربع سنين علم أيضا أنه كان موجودا لاستحالة أن يولد ولد لأقل من ستة أشهر.
وتبع في ذلك المصنف في المغنى.
والصواب ما قاله المصنف هنا والأصحاب.
ولذلك قال الزركشي انعكس على بن منجا الأمر انتهى.
فائدتان
إحداهما لو وصى لحمل امرأة فولدت ذكرا وأنثى تساويا في ذلك.
وأما الوصية بالحمل فتأتي في كلام المصنف في أول باب الموصى به.
الثانية لو قال إن كان في بطنك ذكر فله كذا وإن كان أنثى فكذا فكان فيه ذكر وأنثى فلهما ما شرط.
ولو كان قال إن كان ما في بطنك ذكر فله كذا وإن كان ما في بطنك أنثى فله كذا فكان فيه ذكر وأنثى فلا شيء لهما قاله في الفروع.
وإن كان خنثى في المسألة الأولى فقال في الكافي له ما للأنثى حتى يتبين أمره.
قوله (وإن وصى لمن تحمل هذه المرأة لم تصح).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
230

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل تصح.
وجزم بن رزين بصحة الوصية للمجهول والمعدوم وصحتها بهما أيضا.
قال في القواعد الفقهية لا تصح لمعدوم بالأصالة ك من تحمل هذه الجارية صرح به القاضي وبن عقيل.
وفي دخول المتجدد بعد الوصية وقبل موت الموصى روايتان.
وذكر القاضي فيمن وصى لمواليه وله مدبرون وأمهات أولاد أنهم يدخلون وعلل بأنهم أموال حال الموت والوصية تعتبر بحال الموت.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله على الخلاف في المتجدد بين الوصية والموت قال بل هذا متجدد بعد الموت فمنعه أولى.
وأفتى الشيخ تقي الدين أيضا بدخول المعدوم في الوصية تبعا كمن وصى بغله ثمره للفقراء إلى أن يحدث لولده ولد.
فائدة لو وصى بثلثه لأحد هذين أو قال لجاري أو قريبي فلان باسم مشترك لم تصح الوصية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تصح كقوله أعطوا ثلثي أحدهما في أصح الوجهين.
قال في القواعد الأصولية فيما إذا قال لجاري أو قريبي فلان باسم مشترك أصح الروايتين عند الأصحاب لا تصح للإبهام.
واختار الصحة في غير الأولى القاضي وأبو بكر في الشافي وبن رجب.
وتقدم في التي قبلها كلام بن رزين.
وجزم المصنف في فتاويه بعدم الصحة في المسألة الأولى.
فعلى القول بالصحة فقيل يعينه الورثة جزم به في الرعاية الكبرى.
وقيل يعين بقرعة قطع به في القواعد الفقهية وهو الصواب.
231

وأطلقهما في الفروع وقواعد الأصول.
فعلى المذهب لو قال عبدي غانم حر بعد موتي وله مائة وله عبدان بهذا الاسم عتق أحدهما بقرعة ولا شيء له نقله يعقوب وحنبل.
وعلى الثانية هي له من ثلثه اختاره أبو بكر.
تنبيه قال في القاعدة الخامسة بعد المائة محل الخلاف فيما إذا قال لجاري فلان باسم مشترك إذا لم يكن قرينه.
فإن كان ثم قرينه أو غيرها أنه أراد معينا منهما وأشكل علينا معرفته فهنا تصح الوصية بغير تردد ويخرج المستحق منهما بالقرعة في قياس المذهب.
قوله (وإن قتل الوصي الموصى بطلت الوصية).
هذا المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وبن أبي موسى وأبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
قال في القواعد بطلت رواية واحدة على أصح الروايتين.
وعنه لا تبطل اختاره بن حامد.
قال الحارثي اختاره بن حامد وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر وبن بكروس وغيرهم.
قوله (وإن جرحه ثم أوصى له فمات من الجرح لم تبطل في ظاهر كلامه).
وهو المذهب اختاره بن حامد وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر وبن بكروس والمصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
232

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تبطل اختاره أبو بكر والقاضي.
وجزم به بن أبي موسى.
قوله (وقال أصحابنا في الوصية للقاتل روايتان).
قاله في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل في الحالين روايتان.
وقال في الفروع وقال جماعة في الوصية للقاتل روايتان سواء أوصى له قبل الجرح أو بعده.
إحداهما تصح اختارها بن حامد.
والثانية لا تصح اختارها أبو بكر.
فتلخص لنا في صحة الوصية للقاتل ثلاثة أوجه الصحة مطلقا اختاره بن حامد وعدمها مطلقا اختاره أبو بكر.
والفرق بين أن يوصى له بعد الجرح فيصح وقبله لا يصح وهو الصحيح من المذهب.
ويأتي نظير ذلك في باب العفو عن القصاص فيما إذا أبرأ من قتله من الدية أو وصى له بها.
وقال في الرعاية وقيل الوصية والتدبير كالإرث.
ويأتي في كلام المصنف في باب الموصى به إذا قتل وأخذت الدية هل تدخل في الوصية أم لا.
فائدة مثل هذه المسألة لو دبر عبده وقتل سيده أو جرحه خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
233

وقال في الرعاية الكبرى وقيل يبطل تدبير العبد دون الأمة.
وقال في الفروع فإن جعل التدبير عتقا بصفة فوجهان وأطلقهما.
ويأتي هذا آخر التدبير محررا.
قوله (وإن وصى لصنف من أصناف الزكاة أو لجميع الأصناف صح ويعطى كل واحد منهم القدر الذي يعطاه في الزكاة).
وهذا المذهب وجزم به المصنف والشارح وبن منجا في شرحه وغيرهم.
قال في الفروع في كتاب الوقف فيما إذا وقف على الفقراء لا يجوز إعطاء الفقير أكثر مما يعطى من الزكاة في المنصوص.
وقدمه في المغنى وغيره هناك وقدمه في النظم هنا.
وقال وقيل يعطى كل صنف ثمن وقيل يجوز.
فاختار أبو الخطاب وبن عقيل جواز زيادة المسكين على خمسين وإن منعناه منها في الزكاة ذكروه في الوقف وهذا مثله.
قال الحارثي هنا وهو الأقوى وتقدم ذلك.
وتقدم أيضا أنه لو وقف على الفقراء دخل المساكين وكذا عكسه يدخل الفقراء.
وتقدم هناك قول بعدم الدخول.
وحكم القدر الذي يعطى كل واحد ممن أصناف الزكاة من الوصية حكم ما يعطى من الوقف عليهم على ما تقدم فليعاود.
فائدة قال في الفائق وغيره الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وبن السبيل مصارف الزكاة.
وكذا قال في الفروع في كتاب الوقف.
فيعطى في فداء الأسرى لمن يفديهم.
234

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أو يوفى ما استدين فيهم انتهى.
قلت أما إذا أوصى لجميع أصناف الزكاة كما قال المصنف هنا فإنهم يعطون بأجمعهم.
وكذا لو أوصى لأصناف الزكاة فتعطى الأصناف الثمانية.
أعنى أنهم أهل للإعطاء لدخولهم في كلامه.
وحكم إعطائهم هنا كالزكاة.
وصرح بذلك المصنف في المغنى والشارح وصاحب الحاوي الصغير.
وقالوا ينبغي أن يعطى لكل صنف ثمن الوصية كما لو أوصى لثمان قبائل.
وفرقوا بين هذا وبين الزكاة حيث يجوز الاقتصار على صنف واحد أن آية الزكاة أريد فيها بيان من يجوز الدفع إليه والوصية أريد بها بيان من يجب الدفع إليه.
قال في الرعاية الكبرى وإن وصى لأصناف الزكاة الثمانية فلكل صنف الثمن ويكفي من كل صنف ثلاثة.
وقيل بل واحد.
ويستحب إعطاء من أمكن منهم بقدر الحاجة وتقديم أقارب الموصى ولا يعطى إلا مستحق من أهل بلده انتهى.
قال الحارثي وظاهر كلام الأصحاب جواز الاقتصار على البعض كالزكاة.
والأقوى أن لكل صنف ثمنا.
قال والمذهب جواز الاقتصار على الشخص الواحد من الصنف.
وعند أبي الخطاب لا بد من ثلاثة لكن لا تجب التسوية.
قوله (وإن أوصى لفرس حبيس ينفق عليه صح وإن مات الفرس رد الموصي به أو باقيه إلى الورثة) هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
235

وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يصرف إلى فرس آخر حبيس وهو احتمال لأبي الخطاب.
قوله (وإن أوصى في أبواب البر صرف في القرب).
هذا المذهب اختاره المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
وقيل عنه يصرف في أربع جهات في أقاربه والمساكين والحج والجهاد.
قال بن منجا في شرحه وهي المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
وقيد في الفائق وغيره الأقارب بالذين لا يرثون وهو كما قال.
وعنه فداء الأسرى مكان الحج.
ونقل المروذي فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر يجزأ ثلاثة أجزاء جزء في الحج وجزء في الجهاد وجزء يتصدق به في أقاربه.
زاد في التبصرة والمساكين.
وعنه يصرف في الجهاد والحج وفداء الأسرى.
قال المصنف عن هذه الروايات وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد بل يجوز صرفه في الجهات كلها.
قال في الفروع والأصح لا يجب ذلك.
وذكر القاضي وصاحب الترغيب أن قوله ضع ثلثي حيث أراك الله أو في سبيل البر والقربة يصرفه لفقير ومسكين وجوبا.
قلت هذا ظاهر كلام كثير من الأصحاب لحكايتهم الخلاف وإطلاقهم.
236

فعلى المذهب أفضل القرب الغزو فيبدأ به نص عليه.
قال في الفروع ويتوجه ما تقدم في أفضل الأعمال.
يعنى الذي حكاه من الخلاف في أول صلاة التطوع.
وتقدم التنبيه على ذلك في الوقف.
فائدتان
إحداهما لو قال ضع ثلثي حيث أراك الله فله صرفه في أي جهة من جهات القرب والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه.
فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع فإن لم يجد فإلى جيرانه.
وتقدم قريبا عن القاضي وصاحب الترغيب وجوب الدفع إلى الفقراء والمساكين في هذه المسألة.
الثانية لا يشترط في صحة الوصية القربة على الصحيح من المذهب خلافا للشيخ تقي الدين رحمه الله.
فلهذا قال لو جعل الكفر أو الجهل شرطا في الاستحقاق لم يصح فلو وصى لأجهل الناس لم يصح.
وعلل في المغنى الوصية لمسجد بأنه قربة.
قال في الفروع فدل على اشتراطها.
وقال في الترغيب تصح الوصية لعمارة قبور المشايخ والعلماء.
وقال في التبصرة إن أوصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح ذكر ذلك في الفروع في أوائل كتاب الوقف.
قوله (وإن وصى أن يحج عنه بألف صرف في حجة بعد أخرى حتى تنفد).
237

سواء كان راكبا أو راجلا وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والوجيز والمنور والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وعنه تصرف في حجة لا غير والباقي إرث.
ونقل بن إبراهيم بعد الحجة الأولى تصرف في الحج أو في سبيل الله.
وقال في الفصول من وصى أن يحج عنه بكذا لم يستحق ما عين زائدا على النفقة لأنه بمثابة جعالة واختاره ولا يجوز في الحج.
واختار أبو محمد الجوزي أنه إن وصى بألف يحج بها يصرف في كل حجة قدر نفقته حتى ينفد ولو قال حجوا عنى بألف فما فضل فللورثة.
وقد تقدم في باب الإجارة أن الإجارة لا تصح على الحج ونحوه على الصحيح من المذهب فيعطى هنا لأجل النفقة.
فعلى المذهب إن لم تكف الألف أو البقية بعد الإخراج حج به من حيث يبلغ على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر وقدمه في الشرح والفروع والفائق والكافي.
وقيل يعان به في حجة اختاره القاضي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال بن عبدوس في تذكرته وبقيتها لعاجزة عن حجة لمصلحتها انتهى.
وعنه يخير فإن تعذر فهو إرث قاله في الرعاية وغيره.
قال الحارثي وفيه وجه ببطلان الوصية إذا لم تكف الحج.
فائدتان
إحداهما إذا كان الحج تطوعا أجزأ أن يحج عنه من الميقات على الصحيح.
238

صححه في الحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفائق.
وقدمه في الفروع وغيره في كتاب الحج.
قال الحارثي وهو أقوى.
واختاره أبو بكر وصاحب التلخيص والمحرر.
وقيل لا تجزئ إلا من محل وصيته كحجه بنفسه.
وجزم به في الكافي وقدمه في الرعاية الكبرى.
لكن قال عن الأولى هو أولى كما تقدم.
وتقدم ذلك في كتاب الحج قبيل قوله ويشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرمها.
الثانية إن كان الموصى قد حج حجة الإسلام كانت الألف من ثلث ماله.
وإن كانت عليه حجة الإسلام فنفقتها من رأس المال والباقي من الثلث.
قوله (فإن قال يحج عنى حجة بألف دفع الكل إلى من يحج عنه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والمستوعب.
وقيل البقية من نفقة الحجة إرث جزم به في التبصرة.
وحكاه الحارثي رواية وقدمه في الهداية.
وصححه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب.
239

قوله (فإن عينه في الوصية فقال يحج عني فلان بألف فأبى الحج وقال اصرفوا لي الفضل لم يعطه وبطلت الوصية).
يعنى من أصلها إذا كان تطوعا.
وهذا أحد الوجهين وهو احتمال في المغنى والشرح والرعاية.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة فإن كلامهم ككلام المصنف.
وجزم به في المحرر والمنور وصححه الحارثي.
والوجه الثاني تبطل في حقه لا غير ويحج عنه بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة والبقية للورثة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وفي بعض نسخ المقنع (لم يعطه وبطلت الوصية في حقه) وعليها شرح الشارح.
وذكرها بن منجا في المتن ولم يشرحها بل علل البطلان فقط.
فعلى هذه النسخة مع أن النسخة الأولى لا تأبى ذلك يكون المصنف قد جزم بهذا الوجه هنا.
وجزم به في الكافي والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق والمغنى والشرح ونصراه.
واختاره بن عقيل وأطلقهما في الفروع.
وذكر الناظم قولا أن بقية الألف للذي حج.
تنبيه محل هذا الخلاف إذا كان الموصى قد حج حجة الإسلام.
أما إذا لم يكن حج حجة الإسلام وأبى من عينه فإنه يقام غيره بنفقة المثل والفضل للورثة ولا تبطل قولا واحدا وهو واضح ويحسب الفاضل في الثلث عن نفقة مثله أو أجرة مثله للفرض.
240

فوائد
منها لو قال يحج عنى زيد بألف فما فضل فهو وصية له إن حج.
ولا يعطى إلى أيام الحج قاله الإمام أحمد رحمه الله ويحتمل أن الفضل للوارث.
ومنها لا يصح أن يحج وصى بإخراجها.
نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود وأبي الحارث وجعفر النسائي وحرب رحمهم الله.
قال لأنه منفذ فهو كقوله تصدق عنى به لا يأخذ منه.
ومنها لا يحج وارث على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود رحمه الله.
وقدمه في الفروع وشرح الحارثي.
واختار جماعة من الأصحاب بلى يحج عنه إن عينه ولم يزد على نفقته منهم الحارثي.
وجزم به المصنف في المغني والشارح وشرح بن رزين.
وفي الفصول إن لم يعينه جاز.
ومنها لو أوصى أن يحج عنه بالنفقة صح.
ومنها لو وصى بثلاث حجج إلى ثلاثة في عام واحد صح وأحرم النائب بالفرض أولا إن كان عليه فرض.
ومنها لو وصى بثلاث حجج لم يكن له أن يصرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في عام واحد قاله في الرعايتين.
قال ويحتمل أن تصح إن كانت نفلا.
وتقدم في حكم قضاء رمضان وكتاب الحج أيضا هل يصح حج الأجنبي عن الميت حجة الإسلام بدون إذن وليه أم لا.
241

وقال في الفروع في باب حكم قضاء الصوم حكى الإمام أحمد عن طاوس جواز صوم جماعة عنه في يوم واحد ويجزئ عن عدتهم من الأيام.
قال وهو أظهر واختاره المجد.
قال فدل ذلك على أن من أوصى بثلاث حجج جاز صرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في سنة واحدة.
وجزم بن عقيل بأنه لا يجوز لأن نائبة مثله.
وذكره في الرعاية قولا ولم يذكر قبله ما يخالفه.
ذكره في فصل استنابة المعضوب من باب الإحرام وهو قياس ما ذكره القاضي في الصوم انتهى كلامه في الفروع.
ولم يستحضر تلك الحال ما ذكره في باب الموصى به أو رآه بعد ذلك وقد أطلق وجهين في صحة ذلك.
ثم وجدت الحارثي نقل عن القاضي وبن عقيل والسامري صحة صرف ثلاث حجج في عام واحد وقال وهو أولى.
قوله (فإن وصى لأهل سكته فهو لأهل دربه).
هذا المذهب جزم به في المغني والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع وغيرهما.
وقيل هما أهل المحلة الذين يكون طريقهم بدربه.
فائدة يعتبر في استحقاقه سكناه في السكة حال الوصية نص عليه.
وجزم به في المستوعب وغيره.
وقدمه في الفروع واختاره بن أبى موسى.
وقال في المغنى ويستحق أيضا لو طرأ إلى السكة بعد الوصية.
242

وقال في القاعدة السابعة بعد المائة وفي دخول المتجدد بعد الوصية وقبل موت الموصى روايتان.
ثم قال والمنصوص فيمن أوصى أن يتصدق في سكة فلان بكذا وكذا فسكنها قوم بعد موت الموصى قال إنما كانت الوصية للذين كانوا.
ثم قال ما أدري كيف هذا قيل فيشبه هذا الكورة قال لا الكورة وكثرة أهلها خلاف هذا المعنى ينزل قوم ويخرج قوم يقسم بينهم انتهى.
قوله (وإن وصى لجيرانه تناول أربعين دارا من كل جانب).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
منهم أبو حفص والقاضي وأصحابه والمصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة.
وقال أبو بكر مستدار أربعين دارا.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المستوعب وقال أبو بكر وقد قيل مستدار أربعين دارا.
قال في الفائق بعد قول أبى بكر وقيل من أربعة جوانب.
قال الشارح عن قول أبى بكر يعني من كل جانب.
وعنه جيرانه مستدار ثلاثين دارا ذكرها في الفروع.
وقال في الفائق تناول أربعين دارا من كل جانب.
وعنه ثلاثين ذكرها أبو الحسين.
فظاهر هذه الرواية مخالف للتي قبلها لكن فسرها الحارثي بالأول.
ونقل بن منصور لا ينبغي أن يعطى هنا إلا الجار الملاصق.
243

وقيل يرجع فيه إلى العرف.
قلت وهو الصواب إن لم يصح الحديث.
وقد استدل المصنف والشارح للمذهب بالحديث فيه وقال هذا نص لا يجوز العدول عنه إن صح وإن لم يثبت فالجار هو المقارب ويرجع في ذلك إلى العرف انتهيا.
قوله (وإن وصى لأقرب قرابته وله أب وبن فهما سواء والأخ والجد سواء).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
ويحتمل تقديم الابن على الأب والأخ على الجد.
وقيل يقدم الجد على الأخ.
تنبيه قوله (والأخ من الأب والأخ من الأم سواء).
بلا نزاع وهذا مبني على القول بأن الأخ من الأم يدخل في القرابة على ما تقدم في كتاب الوقف قاله في الفروع وغيره وكذا الحكم في أبنائهما.
وكذا يحمل ما قاله في المغنى والكافي أن الأب والأم سواء.
قوله (والأخ من الأبوين أحق منهما).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الفروع ويتوجه رواية أنه كأخيه لأبيه لسقوط الأمومة كالنكاح وجزم به في التبصرة.
244

قلت واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ذكره في القاعدة العشرين بعد المائة لكن ذكره في الوقف.
فائدتان
إحداهما الأب أولى من بن الابن على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والحارثي.
وقطع به في المغنى وغيره.
وقدم في الترغيب أن بن الابن أولى.
قال وكل من قدم قدم ولده إلا الجد فإنه يقدم على بني إخوته وأخاه لأبيه فإنه يقدم على بن أخيه لأبويه.
الثانية يستوي جداه وعماه كأبويه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل يقدم جده وعمه لأبيه.
قوله (ولا تصح الوصية لكنيسة ولا بيت نار).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وقطع به أكثرهم.
وذكر القاضي أنه لو أوصى بحصر البيع وقناديلها وما شاكل ذلك ولم يقصد إعظامها أن الوصية تصح لأن الوصية لأهل الذمة صحيحة.
قلت وهذا ضعيف.
ورده الشارح واقتصر عليه في الرعاية وقال فيه نظر.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على صحة الوصية من الذمي لخدمة الكنيسة.
قال في الهداية ومن تبعه وإن وصى لبناء كنيسة أو بيعة أو كتب التوراة والإنجيل لم تصح الوصية.
245

ونقل عبد الله ما يدل على صحتها.
قال في الرعايتين لم تصح على الأصح.
ثم قال قلت تحمل الصحة على وصية ذمي بما يجوز له فعله من ذلك انتهى.
قلت وحمل الرواية على غير ظاهرها متعين.
قوله (ولا لكتب التوراة والإنجيل ولا لملك ولا لميت).
بلا نزاع وقال في الرعاية ولا تصح لكتب توراة وإنجيل على الأصح.
وقيل إن كان الموصى بذلك كافرا صح وإلا فلا.
وتقدم قريبا في فائدة هل تشترط القرابة في الوصية أم لا.
تنبيه قوله (ولا لبهيمة).
إن وصى لفرس حبيس صح إذا لم يقصد تمليكه كما صرح به المصنف قبل ذلك.
وإن وصى لفرس زيد صح ولزم بدون قبول صاحبها ويصرفها في علفه.
ومراد المصنف هنا تمليك البهيمة.
قوله (وإن وصى لحي وميت يعلم موته فالكل للحي).
وهو أحد الوجهين.
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
واختاره في الهداية والكافي.
وجزم به في الوجيز وصححه في النظم.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن لا يكون له إلا النصف وهو المذهب.
جزم به في المذهب وغيره.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
246

قال الحارثي هذا المذهب وعليه عامة الأصحاب.
حتى أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
ونص عليه من رواية بن منصور.
وقال في الرعاية الكبرى وتتوجه القرعة بين الحي والميت.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يقل هو بينهما فإن قاله كان له النصف قولا واحدا.
قوله (وإن لم يعلم فللحي نصف الموصى به) بلا نزاع.
فوائد
إحداها لو وصى له ولجبريل أو له وللحائط بثلث ماله كان له الجميع على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقيل له النصف وهو احتمال للقاضي.
قلت هي شبيهة بالتي قبلها.
الثانية لو وصى له وللرسول صلى الله عليه وسلم بثلث ماله قسم بينهما نصفان على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع والفائق.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والتلخيص.
وقيل الكل له.
فعلى المذهب يصرف ما للرسول في المصالح قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق يصرف في الكراع وفي السلاح والمصالح.
247

الثالثة لو وصى له ولله قسم نصفان على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وقيل كله له كالتي قبلها جزم به في الكافي.
الرابعة لو وصى لزيد وللفقراء بثلثه قسم بين زيد والفقراء نصفين نصفه له ونصفه للفقراء على الصحيح من
المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال في الرعاية الكبرى قلت إذا أوصى لزيد وللفقراء فهو كأحدهم فيجوز أن يعطى أقل شيء انتهى.
ولو كان زيد فقيرا لم يستحق من نصيب الفقراء شيئا نص عليه في رواية بن هانئ وعلي بن سعيد وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل القاضي الاتفاق على ذلك.
مع أن بن عقيل في فنونه حكى عنه أنه خرج وجها بمشاركتهم إذا كان فقيرا ذكره في القاعدة السابعة عشر بعد المائة.
قوله وإن وصى لوارثه وأجنبي بثلث ماله فرد الورثة فللأجنبي السدس بلا نزاع أعلمه.
وإن وصى لهما بثلثي ماله فكذلك عند القاضي.
يعني إذا رد الورثة نصف الوصية وهو ما جاوز الثلث من غير تعيين فيكون للأجنبي السدس والسدس للوارث.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح بن منجا واختاره بن عقيل.
وعند أبي الخطاب له الثلث كله كما لو رد الورثة وصيته.
248

وقيل السدس للأجنبي ويبطل الباقي فلا يستحق الوارث فيه شيئا.
فوائد
إحداها لو ردوا نصيب الوارث كان للأجنبي الثلث كاملا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل له السدس ورده بعضهم.
الثانية لو أجازوا للوارث وحده فله الثلث بلا نزاع.
وكذا إن أجازوا للأجنبي وحده فله الثلث على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحارثي.
وقيل له السدس فقط.
الثالثة لو ردوا وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي فله السدس على الصحيح من المذهب وهو ينزع إلى قول القاضي.
وقدمه في الرعاية وغيرها.
وقيل له الثلث وهو ينزع إلى قول أبي الخطاب.
قوله وإن وصى بماله لابنيه وأجنبي فردا وصيته فله التسع عند القاضي.
وهو الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وعند أبي الخطاب له الثلث.
قال في الرعاية الكبرى وهو أقيس.
قال في الفائق ويحتمل أن يكون له السدس جعلا لهما صنفا.
249

قوله وإن وصى لزيد وللفقراء والمساكين بثلثه فلزيد التسع والباقي لهما.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع قلت ويحتمل أن له السدس لأنهما هنا صنف انتهى.
قلت يتخرج فيه أيضا أن يكون كأحدهم فيعطى أقل شيء كما قاله صاحب الرعاية على ما تقدم قريبا.
فوائد
الأولى لو وصى له ولإخوته بثلث ماله فهو كأحدهم قدمه في الرعاية الكبرى وقال ويحتمل أن له النصف ولهم النصف.
قال الحارثي أظهر الوجهين أن له النصف.
وقال في الفروع ولو وصى له وللفقراء بثلثه فنصفان.
وقيل هو كأحدهم كله وإخوته في وجه.
فظاهر ما قدمه أن يكون له النصف وهو احتمال في الرعاية وهو المذهب.
وتقدم قريبا إذا أوصى له وللفقراء أو له ولله أو له وللرسول وما أشبه ذلك.
الثانية لو وصى بدفن كتب العلم لم تدفن قاله الإمام أحمد رحمه الله وقال ما يعجبني.
ونقل الأثرم لا بأس.
ونقل غيره يحسب من ثلثه وعنه الوقف.
قال الخلال الأحوط دفنها.
الثالثة لو وصى بإحراق ثلث ماله صح وصرف في تجمير الكعبة وتنوير المساجد ذكره بن عقيل واقتصر عليه في الفروع.
250

قلت الذي ينبغي أن ينظر في القرائن فإن كان من أهل الخير ونحوهم صرف في ذلك وإلا فهو لغو.
الرابعة قال بن عقيل وبن الجوزي لو وصى بجعل ثلثه في التراب صرف في تكفين الموتى.
ولو وصى بجعله في الماء صرف في عمل سفن للجهاد.
قلت وهذا من جنس ما قبله.
وقال بن الجوزي إما من عنده وأما حكاية عن الإمام الشافعي رحمه الله ولم يخالفه لو أن رجلا وصى بكتبه من العلم لآخر فكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العلم وهو صحيح.
251

باب الموصى به.
قوله تصح الوصية بالمعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته أبدا أو مدة معينة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
فإن حصل شيء فهو له وإلا بطلت.
قال في الفروع ويعتبر إمكان الموصى به.
وفي الترغيب وغيره واختصاصه.
فلو وصى بمال غيره لم يصح ولو ملكه بعد.
وتصح بزوجته ووقت فسخ النكاح فيه الخلاف.
وبما تحمل شجرته أبدا أو إلى مدة ولا يلزم الوارث السقي لأنه لم يضمن تسليمها بخلاف مشتر.
ومثله بمائة لا يملكها إذن.
وفي الروضة إن وصى بما تحمل هذه الأمة أو هذه النخلة لم تصح لأنه وصية بمعدوم.
والأشهر وبحمل أمته ويأخذ قيمته نص عليه.
وقيل ويدفع أجرة حضانته انتهى كلام صاحب الفروع.
وقيل لا تصح الوصية بحمل أمته.
قوله وتصح بما فيه نفع مباح من غير المال كالكلب والزيت النجس فإن لم يكن له مال فللموصي له ثلث ذلك.
يعني إذا لم تجز الورثة وهذا بلا نزاع.
252

وإن كان له مال فجميع ذلك للموصي له وإن قل في أحد الوجهين.
وصححه في التصحيح وجزم به في الخلاصة والوجيز والحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وقدمه في الهداية والمستوعب.
قال الحارثي وهو الأظهر عند الأصحاب.
وفي الآخر له ثلثه.
وهو المذهب قدمه في الرعايتين والفروع والفائق واختاره في المحرر.
وأطلقهما في المذهب والشرح وشرح بن منجا.
قال الحارثي ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يضم إلى المال بالقيمة فتقدر المالية فيه كتقديرها في الجزء في بعض الصور ثم يعتبر من الثلث كأنه مال قال وهذا أصح.
فوائد
إحداها الكلب المباح النفع كلب الصيد والماشية والزرع لا غير على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر.
قال في الرعاية الكبرى في الصيد.
وقيل أو بستان وقاله في الرعايتين في آدابهما.
وقيل وكلب البيوت أيضا وهو احتمال للمصنف فعليه تصح الوصية أيضا وأما الجرو الصغير فيباح تربيته لمن يباح اقتناؤه له على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والرعاية الصغرى في آدابهما والمصنف والشارح وغيرهم.
253

وقدمه في الكافي فتصح الوصية به.
وقيل لا تجوز تربيته فلا تصح الوصية به.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
أما إن كان عنده ما يصيد به ولم يصد به أو يصيد به عند الحاجة إلى الصيد أو لحفظ ماشية أو زرع إن حصلا فخلاف قاله في الفروع.
وذكره في المغني والشرح احتمالين مطلقين ذكره في البيع.
قلت الذي يظهر أن ذلك كالجرو الصغير.
وقدم في الكافي الجواز.
وقدمه بن رزين وجعل في الرعاية الكلب الكبير الذي لا يصيد به لهوا كالجرو الصغير وأطلق الخلاف فيه.
وجزم بالكراهة في آداب الرعايتين.
وقال في الواضح الكلب ليس مما يملكه.
وفي طريقة بعض الأصحاب إنما يصح لملك اليد الثابت له كخمر تخلل ولو مات من في يده خمر ورث عنه فلهذا يورث الكلب نظرا إلى اليد حسا.
الثانية تقسم الكلاب المباحة بين الورثة والموصى له والموصى لهما بالعدد فإن تشاحوا فبقرعة.
ويأتي في باب الصيد تحريم اقتناء الكلب الأسود البهيم وجواز قتله وكذا الكلب العقور.
الثالثة لو أوصى له بكلب وله كلاب.
قال في الرعاية له أحدها بالقرعة وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وعنه بل ما شاء الورثة انتهى.
قلت وهذا هو الصواب وأطلقهما الحارثي.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله بقوله وتصح بما فيه نفع مباح كالزيت.
254

النجس أن ذلك على القول بجواز الاستصباح به وهو المذهب على ما تقدم في كتاب البيع.
أما على القول بعدم الجواز فما فيه نفع مباح فلا تصح الوصية به وهو صحيح صرح به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى الإطلاق وإنما جعل التقييد بما قال المصنف من عنده.
قوله وتصح الوصية بالمجهول كعبد وشاة بلا نزاع.
ويعطى ما يقع عليه الاسم فإن اختلف الاسم بالحقيقة والعرف كالشاة هي في العرف للأنثى يعني الأنثى الكبيرة والبعير والثور هو في العرف للذكر يعني الذكر الكبير وحده وفي الحقيقة للذكر والأنثى غلب العرف.
هذا اختيار المصنف وصححه الناظم.
وجزم به في الوجيز.
وقدم في الرعايتين أن الشاة للأنثى.
وجزم به في التبصرة في البعير والثور.
وقال المصنف العبد للذكر المعروف.
وقدمه في الفروع في باب الوقف والحارثي هنا.
وعند القاضي وغيره لا يشترط كونه ذكرا.
وقال في الفروع في الوقف فيما إذا أوصى بعبد في إجزاء خنثى غير مشكل وجهان جزم الحارثي أنه لا يدخل في مطلق العبد.
وقال أصحابنا تغلب الحقيقة وهو المذهب فيتناول الذكور والإناث والصغار والكبار.
255

وأطلق في الشرح في البعير وجهين.
وقال القاضي في الخلاف الشاة اسم لجنس الغنم يتناول الصغار والكبار.
قوله والدابة اسم للذكر والأنثى من الخيل والبغال والحمير.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
فتتقيد يمين من حلف لا يركب دابة بها.
وفي الترغيب وجه في وصية بدابة يرجع إلى عرف البلد.
وذكر أبو الخطاب في التمهيد في الحقيقة العرفية أن الدابة اسم للفرس عرفا وعند الإطلاق ينصرف إليه.
وذكره في الفنون عن أصولي يعني بنفسه.
قال لأن لها نوع قوة من الدبيب ولأنه ذو كر وفر.
فوائد
الحصان والجمل والحمار للذكر والناقة والبقرة والحجرة والأتان للأنثى وأما الفرس فللذكر والأنثى.
قال في الفائق قلت والبغل للذكر والبغلة تحتمل وجهين انتهى.
ولو قال عشرة من إبلي وغنمي فهو للذكر والأنثى على الصحيح.
وقال المصنف والشارح يحتمل أنه إن قال عشرة بالهاء فهو للذكور وبعدمها للإناث.
والرقيق للذكر والأنثى والخنثى.
قوله وإن وصى له بغير معين كعبد من عبيده صح ويعطيه الورثة ما شاؤوا منهم في ظاهر كلامه.
هو إحدى الروايتين ونص عليه في رواية بن منصور وهو المذهب.
256

اختاره القاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر في خلافيهما والشيرازي والمصنف وبن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم.
وقال الخرقي يعطي واحد بالقرعة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختاره بن أبي موسى وصاحب المحرر وأطلقهما في الفروع.
وقال في التبصرة هاتان الروايتان في كل لفظ احتمل معنيين قال ويحتمل حمله على ظاهرهما.
فائدة قال القاضي في هذه المسألة يعطيه الورثة ما شاؤوا من عبد أو أمة.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال المصنف الصحيح عندي أنه لا يستحق إلا ذكرا وهو المذهب كما تقدم وظاهر النظم الإطلاق.
قوله فإن لم يكن له عبيد لم تصح الوصية في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
قال الحارثي المذهب البطلان.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وتصح في الآخر ويشتري له ما يسمى عبدا.
وأطلقهما في الشرح والفائق.
فعلى المذهب لو ملك عبيدا قبل موته فهل تصح الوصية فيه وجهان.
وأطلقهما في الشرح والفروع والفائق وشرح الحارثي.
أحدهما تصح وهو الصحيح جزم به في الحاوي الصغير وقدمه في الرعايتين.
257

والثاني لا تصح كمن وصى لعمرو بعبد زيد ثم ملكه.
فائدة لو وصى بأن يعطي مائة من أحد كيسي فلم يوجد فيهما شيء استحق مائة على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع استحق مائة على المنصوص.
وجزم به في الرعايتين.
وهو ظاهر ما جزم به الحارثي.
وقيل لا يستحق شيئا.
قوله وإن كان له عبيد فماتوا إلا واحدا تعينت الوصية فيه.
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل يتعين بالقرعة قال في الرعاية الكبرى ويتوجه أن يقرع بين الحي
والميت.
فائدة لو لم يكن له إلا عبد واحد صحت وتعينت فيه على الصحيح من المذهب قاله القاضي وبن عقيل والمصنف وغيرهم.
وقال الحارثي قياس المذهب بطلان الوصية ولو تلف رقيقه كلهم قبل موت الموصي بطلت الوصية.
ولو تلفوا بعد موته من غير تفريط فكذلك.
قوله وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم على قاتله إما بالقرعة أو باختيار الورثة على الخلاف المتقدم قاله الأصحاب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قتلوا في حياته بطلت وإن قتلوا بعد موته أخذت قيمة عبد من قاتله وقاله في النظم وغيره.
258

فيحمل كلام المصنف على ذلك.
قوله وإن وصى له بقوس وله أقواس للرمي والبندق والندف فله قوس النشاب لأنه أظهرها إلا أن يقترن به قرينه تصرفه إلى غيره.
هذا المذهب صححه المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال الحارثي وهو الأصح.
وعند أبي الخطاب له واحد منها كالوصية بعبد من عبيده.
واختاره في الهداية وأطلقهما في المذهب.
وقيل له واحد منها غير قوس البندق وأطلقهن في الفائق.
وقيل له ما يرمي به عادة.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فله قوس النشاب.
وقيل والنبل قال في المذهب فيه وجهان.
أحدهما تنصرف الوصية إلى قوس النشاب والنبل على قول القاضي.
فوائد
إحداها يعطى قوسا معمولة بغير وتر على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق.
قال الحارثي وهو الأظهر.
وقيل يعطي قوسا مع وتره.
جزم به في الترغيب وبه جزم القاضي وبن عقيل قاله الحارثي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
259

الثانية قوس النشاب هو الفارسي وقوس النبل هو العربي وقوس جرخ وقوس بمجرى وهو الذي يوضع في مجراة السهم فيخرج من المجرى وقوس البندق هو قوس جلاهق.
الثالثة لو كان له أقواس من جنس أو قوس نشاب ونبل وقلنا يعطي من كل منهما أعطى أحدها بالقرعة قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل بل برضى الورثة.
قوله وإن وصى له بكلب أو طبل وله منها مباح ومحرم انصرف إلى المباح وإن لم يكن له إلا محرم لم تصح الوصية.
بلا نزاع في ذلك وتقدم حكم ما إذا تعددت الكلاب قريبا.
قوله وتنفذ الوصية فيما علم من ماله وما لم يعلم.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما ولا أعلم فيها خلافا.
قوله وإن وصى بثلثه فاستحدث مالا دخل ثلثه في الوصية.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وعنه يدخل المتجدد مع علمه به أو قوله بثلثي يوم أموت وإلا فلا.
تنبيه قد يدخل في كلامه لو نصب أحبولة قبل موته فوقع فيها صيد بعد موته فإن الصيد يكون للناصب فيدخل ثلثه في الوصية وهو صحيح وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وقال في الانتصار وغيره لا يدخل ويكون كله للورثة.
وأطلقهما في الرعاية.
260

قوله وإن قتل وأخذت ديته فهل تدخل في الوصية على روايتين.
وأطلقهما الخرقي والزركشي وبن رزين في شرحه والشرح والهداية في باب ميراث القاتل.
إحداهما تدخل فتكون من جملة التركة وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله قد قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الدية ميراث.
واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في التصحيح وشرح الحارثي وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة في باب ميراث القاتل وتؤخذ ديون المقتول ووصاياه من ديته على الأصح.
ويأتي كلامه في الرعايتين والحاوي والفائق في التي بعدها ومال إليه الزركشي.
والرواية الثانية لا تدخل فتكون للورثة خاصة.
وقيل يقضي منها الدين أيضا على الرواية الثانية.
وهو ظاهر ما قطع به المصنف في المغنى والشارح وبن رزين في شرحه.
فإنهم قالوا على الرواية الثانية وكذلك يقضي منها ديونه ويجهز منها.
وطريقة المجد وصاحب الفروع وغيرهما أن وفاء الدين مبنى على الروايتين إن قلنا له قضيت ديونه وإن قلنا للورثة فلا وهو المذهب.
وأما تجهيزه فإنه منها بلا نزاع.
ويأتي ما يشابه ذلك في أثناء باب العفو عن القصاص.
261

تنبيه مبنى الخلاف هنا على أن من تحدث على ملك الميت أو على ملك الورثة فيه روايتان.
والصحيح من المذهب أنها تحدث على ملك الميت.
قوله وإن وصى بمعين بقدر نصف الدية فهل تحسب الدية على الورثة على وجهين.
بناء على الروايتين المتقدمتين قاله الشارح وبن منجا والحارثي.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق ودية المقتول عمدا أو خطأ تركة تقضي منها ديونه وفي وصيته وجهان.
ولو وصى بمعين قدر نصف الدية فالدية محسوبة على الورثة من ثلثيه.
وقيل لا وعنه ديته لهم فلا حق فيها لوصية ولا دين.
وقيل يقضي منها الدين فقط.
قوله وتصح الوصية بالمنفعة المفردة فلو وصى لرجل بمنافع أمته أبدا أو مدة معينة صح.
بلا نزاع أعلمه وللورثة عتقها بلا نزاع ولهم بيعها مسلوبة المنفعة على الصحيح من المذهب.
قال بن منجا وغيره هذا المذهب وصححه في النظم.
وقدمه في المستوعب والمغنى والمحرر والشرح والحارثي والفروع والهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب وغيرهم.
وقطع به القاضي وبن عقيل.
وقيل لا يصح بيعها مطلقا.
وقيل يصح لمالك نفعها لا غير اختاره أبو الخطاب وغيره.
262

وأطلقهن في الفائق.
وهن في الكافي احتمالات مطلقات.
تنبيه قوله وللورثة عتقها يعني مجانا.
أما عتقها عن كفارة فلا يجزئ على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل يجزئ كعبد مؤجر.
وأطلقهما في التلخيص وشرح الحارثي.
ومتى قلنا بالجواز إما مجانا وإما عن كفارة على هذا القول فانتفاع رب الوصية به باق.
فائدة صحة كتابتها مبنى على صحة بيعها هنا.
قوله ولهم ولاية تزويجها.
يعني للورثة الذين يملكون رقبتها والصحيح من المذهب أن وليها مالك رقبتها.
جزم به في الكافي والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والحارثي وصححه وغيرهم.
وقيل وليها مالك رقبتها ومالك المنفعة جميعا.
فعلى المذهب لا يزوجها إلا بإذن مالك المنفعة.
قاله في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
قوله وأخذ مهرها في كل موضع وجب.
يعني لملاك الرقبة ذلك وهذا اختيار المصنف وبن عقيل.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
263

وقال أصحابنا مهرها للوصي.
يعني للموصى له بنفعها وهو المذهب.
جزم به في المنور وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه في النظم والحارثي وغيرهما.
قال في الفائق هذا قول الجمهور وأطلقهما في الفروع.
وهذه المسألة من غير الغالب الذي ذكرناه في الخطبة من المصطلح في معرفة المذهب.
قوله وإن وطئت بشبهة فالولد حر وللورثة قيمة ولدها عند الوضع على الواطئ يعني لأصحاب الرقبة.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يشترى بها ما يقوم مقامها.
وأطلقهما في الشرح وشرح الحارثي.
قوله وإن قتلت فلهم قيمتها في أحد الوجهين.
وتبطل الوصية وهو المذهب صححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وفي الأخرى يشتري بها ما يقوم مقامها.
قدمه في الهداية والتبصرة والمذهب والمستوعب والخلاصة.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما وأطلقهما في الشرح.
264

تنبيه ينبني على الخلاف ما إذا عفا عن قاتلها هل تلزمه القيمة أم لا قاله في الفروع.
فائدة لو قتلها الورثة لزمهم قيمة المنفعة ذكره في الانتصار عند الكلام على الخلع بمحرم.
قلت وعموم كلام المصنف وغيره من الأصحاب أن قتل الوارث كقتل غيره.
قوله وليس لواحد منهما وطؤها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في جواز وطء مالك الرقبة وجهان.
فائدة لو وطئها واحد منهما فلا حد عليه وولده حر.
فإن كان الواطئ مالك الرقبة صارت أم ولد وإلا فلا.
وفي وجوب قيمة الولد عليه الوجهان.
وكذا المهر على ما تقدم من اختيار المصنف واختيار الأصحاب.
وقيل يجب الحد على صاحب المنفعة إذا وطئ.
فعلى هذا يكون ولده مملوكا وهو احتمال في المغنى وغيره.
قال في القاعدة الخامسة والثلاثين بعد المائة لا يجوز للوارث وطؤها إذا كان موصى بمنافعها على أصح الوجهين وهو قول القاضي خلافا لابن عقيل.
قوله وإن ولدت من زوج أو زنا فحكمه حكمها.
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي وشرح بن منجا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
265

وقال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون لمالك الرقبة.
قدمه في المحرر والفروع والنظم وجزم به في المنور.
وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قال في القاعدة الحادية والعشرين الولد هل هو كالجزء أو كالكسب والأظهر أنه كجزء.
ثم قال مفرعا على ذلك لو ولدت الموصى بمنافعها.
فإن قلنا الولد كسب فكله لصاحب المنفعة.
وإن قلنا هو جزء ففيه وجهان.
أحدهما أنه بمنزلتها.
والثاني أنه للورثة لأن الأجزاء لهم دون المنافع.
قوله (وفي نفقتها ثلاثة أوجه).
وهن احتمالات في الهداية.
وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي وشرح بن منجا.
قال في الفروع وفي نفقتها وجهان انتهى.
أحدهما أنه في كسبها فإن عدم ففي بيت المال قال المصنف وتبعه الشارح فإن لم يكن لها كسب فقيل تجب في بيت المال قال الحارثي هو قول الأصحاب وقال المصنف عن القول أنه يكون في كسبها هو راجع إلى إيجابها على صاحب المنفعة وهذا الوجه للقاضي في المجرد والوجه الثاني أنها على مالكها يعني على مالك الرقبة.
وهو الذي ذكره الشريف أبو جعفر مذهبا للإمام أحمد رحمه الله.
266

وجزم به في الوجيز وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وبن بكروس وغيرهم وعند القاضي مثله.
وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي الصغير.
والوجه الثالث أنه على الموصى وهو مالك المنفعة وهو المذهب.
صححه في التصحيح واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في المنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم وتجريد العناية.
قوله (وفي اعتبارها من الثلث وجهان).
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا والفروع وشرح الحارثي.
أحدهما يعتبر جميعها من الثلث وهو الصحيح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وصححه في التصحيح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني تقوم بمنفعتها ثم تقوم مسلوبة المنفعة فيعتبر ما بينهما اختاره القاضي.
وقدمه في الخلاصة والنظم.
وقيل إن وصى بمنفعة على التأبيد اعتبرت قيمة الرقبة بمنافعها من الثلث لأن عبدا لا منفعة له لا قيمة له.
وإن كانت الوصية بمدة معلومة اعتبرت المنفعة فقط من الثلث اختاره في المستوعب.
وأطلقهما في الفروع أيضا.
فقال وهل يعتبر خروج ثمنها من ثلثه أو ما قيمتها بنفعها وبدونه
267

فيها وجهان وإن وصى بنفعها وقتا فقيل كذلك وقيل يعتبر وحده من ثلثه لإمكان تقويمه مفردا انتهى.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة لو مات الموصى له بنفعها كانت المنفعة لورثته على الصحيح من المذهب.
جزم به في الانتصار في الأجرة بالعقد.
وقال ويحتمل مثله في هبة نفع داره وسكناها شهرا تسليمها انتهى.
وقدمه في الفروع.
وقيل بل لورثة الموصى.
قلت وينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما إذا مات الموصى له برقبتها أن تكون الرقبة لوارثه.
قوله (وإن وصى لرجل بمكاتبه صح ويكون كما لو اشتراه).
على ما يأتي في باب الكتابة وهذا بلا نزاع.
(وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
إلا أن القاضي قال في الخلاف فيمن مات وعليه زكاة إن الوصية لا تصح بمال الكتابة والعقل لأنه غير مستقر.
فائدتان
إحداهما لو قال ضعوا نجما من كتابته فلهم وضع أي نجم شاؤوا.
وإن قال ضعوا ما شاء المكاتب فالكل على الصحيح من المذهب إذا شاء.
وقيل لا كما لو قال ضعوا ما شاء من مالها.
268

وإن قال ضعوا أكثر ما عليه ومثل نصفه وضع عنه فوق نصفه وفوق ربعه يعني بشرط أن يكون مثل نصف الموضوع أولا.
الثانية لو أوصى لمكاتبه بأوسط نجومه وكانت النجوم شفعا متساوية القدر تعلق الوضع بالشفع المتوسط كالأربعة المتوسطة منها الثاني والثالث.
وكالستة المتوسط منها الثالث والرابع.
قال في القواعد الأصولية ذكره أبو محمد المقدسي وغيره.
قوله (وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح).
بلا نزاع وللموصى له الاستيفاء والإبراء ويعتق بأحدهما والولاء للسيد.
فإن عجز فأراد الوارث تعجيزه وأراد الموصى له إنظاره فالقول قول الوارث.
وكذا إذا أراد الوارث إنظاره وأراد الموصى له تعجيزه فالحكم للوارث.
قوله (وإن وصى برقبته لرجل وبما عليه لآخر صح فإن أدى عتق وإن عجز فهو لصاحب الرقبة وبطلت وصية صاحب المال فيما بقي عليه).
إذا أدى لصاحب المال أو أبرأه منه عتق وبطلت الوصية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الشارح ويحتمل أن لا تبطل وصية صاحب الرقبة ويكون الولاء له لأنه أقامه مقام نفسه ومال إليه وقواه.
فإن عجز فسخ صاحب الرقبة كتابته وكان رقيقا له وبطلت وصية صاحب المال.
وإن كان قبض من مال الكتابة شيئا فهو له.
قوله (ومن أوصى له بشيء بعينه فتلف قبل موت الموصي أو بعده بطلت الوصية) بلا نزاع.
269

(وإن تلف المال كله غيره بعد موت الموصي فهو للموصي له) بلا نزاع.
قوله (وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ) يعني إذا أوصى له بشيء معين فنما وهذا المذهب مطلقا نص عليه.
في رواية بن منصور.
وقطع به الخرقي والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول الخرقي هو قول قدماء الأصحاب وهو أوجه من قول الجد يعني الآتي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المحرر إن قلنا يملكه بالموت اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول سعرا وصفة انتهى.
فبنى ذلك على أن الملك بين الموت والقبول هل هو للموصى له أو للورثة على ما تقدم في كتاب الوصايا في الفوائد المبنية على قوله وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول وذكرنا هذا هناك أيضا.
قوله (وإن لم يكن له شيء سوى المعين إلا مال غائب أو دين في ذمه موسر أو معسر فللموصي له ثلث الموصى به وكلما اقتضى من الدين شيء أو حضر من الغائب شيء ملك من الموصى به بقدر ثلثه حتى يملكه كله وكذلك الحكم في المدبر).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
270

وجزم به في الوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وذكره الخرقي في المدبر وقدمه في الفائق والحارثي.
وقال قاله الأصحاب وصححه.
وقيل لا يدفع إليه شيء بل يوقف لأن الورثة شركاؤه في التركة فلا يحصل له شيء ما لم يحصل للورثة مثلاه.
قلت وهذا بعيد جدا فإنه إذا أخذ ثلث هذا المعين يبقى ثلثاه فإن لم يحصل من المال الغائب والدين شيء البتة فللورثة الباقي من هذا الموصى به فما يحصل للموصى له شيء إلا وللورثة مثلاه.
غايته أنه غير معين ولا يضر ذلك.
فعلى المذهب تعتبر قيمة الحاصل بسعره يوم الموت على أدنى صفته من يوم الموت إلى يوم الحصول.
قوله (وإن وصى له بثلث عبد فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي).
يعني إذا خرج من ثلث التركة قاله الأصحاب.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وشرح الحارثي والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل له ثلث ثلثه لا غير.
فائدة مثل ذلك لو أوصى بثلث صبرة من مكيل أو موزون فتلف أو استحق ثلثاها خلافا ومذهبا.
قوله (وإن وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان أو ماتا فله ثلث الباقي).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
271

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والفائق والحارثي وغيرهم.
وقيل جميعه له إذا لم يجاوز ثلث قيمتها.
قوله (وإن وصى له بعبد لا يملك غيره قيمته مائة ولآخر بثلث ماله وملكه غير العبد مائتان فأجاز الورثة فللموصى له بالثلث ثلث المائتين وربع العبد وللموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه).
وهذا المذهب أعني في المزاحمة في العبد وعليه الأصحاب الخرقي فمن بعده.
قال الشارح وهو قول سائر الأصحاب.
قال بن رجب وتبع الخرقي على ذلك بن حامد والقاضي والأصحاب.
ثم قال فهذا قد يحمل على ما إذا كانت الوصيتان في وقتين مختلفين ولا إشكال على هذا.
وإن حمل على إطلاقه وهو الذي اقتضاه كلام الأكثرين فهو وجه آخر.
ثم قال ونصوص الإمام أحمد رحمه الله وأصوله مخالفة لذلك.
ثم قال وقد ذكر بن حامد أن الأصحاب استشكلوا مسألة الخرقي وأنكروها عليه ونسبوه إلى التفرد بها.
ذكر ذلك في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
قوله (وإن ردوا فقال الخرقي للموصى له بالثلث سدس المائتين وسدس العبد وللموصى له بالعبد نصفه).
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الحارثي هو قول الخرقي ومعظم الأصحاب.
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب.
272

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
قال المصنف وعندي أنه يقسم الثلث بينهما على حسب مالهما في حال الإجازة لصاحب الثلث خمس المائتين وعشر العبد ونصف عشره ولصاحب العبد ربعه وخمسه.
وهو تخريج في المحرر.
قال في القاعدة الخامسة عشر وفي تخريج صاحب المحرر نظر وذكره.
قوله (وإن كانت الوصية بالنصف مكان الثلث فردوا فلصاحب النصف ربع المائتين وسدس العبد ولصاحب العبد ثلثه).
وهذا اختيار المصنف وجزم به في الوجيز.
فوافق المصنف هنا وخالفه في التي قبلها وهو غريب.
وقال أبو الخطاب لصاحب النصف خمس المائتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وهو قياس قول الخرقي وهو الصحيح.
قال الزركشي وهو قول الجمهور.
قوله (وإن وصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام الثلث على المائة فلم يزد الثلث).
يعني الثلث الثاني.
(عن المائة بطلت وصية صاحب التمام وقسم الثلث بين الآخرين على قدر وصيتهما وإن زاد على المائة فأجاز الورثة نفذت الوصية على ما قال الموصى وإن ردوا فلكل واحد نصف وصيته عندي).
273

وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقال القاضي ليس لصاحب التمام شيء حتى تكمل المائة لصاحبها ثم يكون له ما فضل عنها ويجوز أن يزاحم به ولا يعطى كولد الأب مع ولد الأبوين في مزاحمة الجد.
قال الحارثي الأصح ما قال القاضي واختاره في المحرر إذا جاوز الثلث مائتين.
قال في الفروع وقيل إن جاوز المائتين فللموصى له بالثلث نصف وصيته له وللموصى له بالمائة مائة وللثالث نصف الزائد.
وإن جاوز مائة فللموصى له الأول نصف وصيته وللموصى له الثاني بقية الثلث مع معادلته بالثالث انتهى.
وقال في المحرر وعندي تبطل وصية التمام ها هنا ويقتسم الآخران الثلث كأن لا وصية لغيرهما كما إذا لم يجاوز الثلث مائة.
وأطلقهما في الشرح.
وقيل إن جاوز الثلث مائتين فللموصى له بثلث ماله نصف وصيته ولصاحب المائة مائة وللثالث نصف الزائد.
وأطلقهن في الفروع.
274

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء
قوله (إذا وصى بمثل نصيب وارث معين فله مثل نصيبه مضموما إلى المسألة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي الفصول احتمال ولو لم يرثه ذلك الذي أوصى بمثل نصيبه لمانع به من رق وغيره.
وقال في الفائق والمختار له مثل نصيب أحدهم غير مزاد ويقسم الباقي.
فإذا وصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث على المذهب وله النصف على ما اختاره في الفائق ويقسم النصف الباقي بين الابنين وله قوة.
قوله (وإن وصى له بنصيب ابنه فكذلك في أحد الوجهين).
يعني له مثل نصيبه في أحد الوجهين وهو المذهب.
جزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
ومال إليه المصنف والمجد والشارح وغيرهم.
قال في المذهب وغيره صحت الوصية في ظاهر المذهب.
قال الحارثي هو الصحيح عندهم.
وفي الآخر لا تصح الوصية.
وهو الذي ذكره القاضي.
قال الزركشي قاله القاضي في المجرد.
قال الحارثي لكن رجع عنه.
فائدة لو وصى له بمثل نصيب ولده وله بن وبنت فله مثل نصيب البنت نقله بن الحكم واقتصر عليه في الفروع.
275

قوله (وإن وصى له بضعف نصيب ابنه أو بضعفيه فله مثله مرتين وإن وصى له بثلاثة أضعافه فله ثلاثة أمثاله).
قال المصنف هذا هو الصحيح عندي.
واختاره الشارح وصاحب الحاوي الصغير.
وقال أصحابنا ضعفاه ثلاثة أمثاله وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مرة واحدة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قوله (وإن وصى بمثل نصيب وارث لو كان فله مثل ماله لو كانت الوصية وهو موجود فإذا كان الوراث أربعة بنين فللموصى له السدس وإن كانوا ثلاثة فله الخمس).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الحارثي وعن بعض أصحابنا إقامة الوصي مقام الابن المقدر انتهى.
قوله (ولو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب خامس لو كان إلا مثل نصيب سادس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية).
هكذا موجود في النسخ المعروفة المشهورة.
ووجد في نسخة مقروءة على المصنف وعليها خطة لو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب بن خامس لو كان.
قال الناظم وفي بعض النسخ المقروءة على المصنف وصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب بن سادس لو كان.
276

قال فعلى هذا يصح أنه وصى بالخمس إلا السدس.
قال في الفروع كذا قال.
وهو كما قال صاحب الفروع.
فإنه على ما قاله الناظم في النسخة المقروءة على المصنف إنما يكون أوصى له بالخمس إلا السبع على ما قاله الأصحاب في قواعدهم فلذلك لم يرتضه صاحب الفروع منه.
واعلم أن النسخ المعروفة المعتمد عليها ما قلناه أولا وعليها شرح الشارح وبن منجا.
لكن قوله فقد أوصى بالخمس إلا السدس مشكل على قواعد الأصحاب ومخالف لطريقتهم في ذلك وأشباهه.
بل قياس ما ذكره الأصحاب في هذه المسألة أن يكون قد أوصى له بالسدس إلا السبع فيكون له سهم من اثنين وأربعين.
وكذا قال الحارثي وصاحب الفروع وغيرهما.
لكن في الفروع سهمان من اثنين وأربعين وهو سبقة قلم والله أعلم.
وأجاب الحارثي عن ذلك فقال قولهم أوصى بالخمس إلا السدس صحيح.
باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم وأن النصيب هو المستثنى وهو طريقة الشافعية انتهى.
قلت وهو موافق لما اختاره في الفائق فيما إذا أوصى له بمثل نصيب وارث على ما تقدم.
قال في الفروع وما قاله الحارثي صحيح يؤيده أن في نسخة مقروءة على الشيخ أربعة أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب بن خامس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس.
قال ويوافق هذا قول بن رزين في ابنين ووصى بمثل نصيب بن ثالث
277

لو كان له الربع وإلا مثل نصيب رابع لو كان من واحد وعشرين انتهى.
فكأن صاحب الفروع فسر النسخة الأولى المعتمدة المشكلة على طريقة الأصحاب بهذه النسخة.
والذي يظهر بل هو كالصريح في ذلك أن معناهما مختلف وأن النسخة الأولى تابع فيها طريقة أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله.
وهذه النسخة تبع فيها طريقة الأصحاب ولعله في النسخة الأولى اختار ذلك أو يكون ذلك مجرد متابعة لغيره فلما
ظهر له ذلك اعتمد على النسخة الموافقة لقواعد المذهب والأصحاب وهو أولى.
فتلخص لنا أن المصنف وجد له ثلاث نسخ مختلفة قرئت عليه.
إحداها الأولى وهي المشكلة على قواعد الأصحاب ولذلك أجاب عنها الحارثي.
والثانية ما ذكرها الناظم وتقدم ما فسرها به.
والتفسير أيضا مشكل على قواعد الأصحاب ولذلك رده في الفروع.
وتقدم أن قواعد الأصحاب تقتضي على هذه النسخة أنه أوصى بالخمس إلا السبع وتفسيره موافق لطريقه أصحاب الإمام الشافعي وما اختاره في الفائق.
والثالثة فيها أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب بن خامس فهذه النسخة صحيحة على قياس طريقة الأصحاب ويكون قد أوصى له بالخمس إلا السدس وهو موافق لما فسر وأولى من النسخ المعروفة والله أعلم.
قوله (وإن أوصى له بسهم من ماله ففيه ثلاث روايات).
وظاهرة الهداية والمستوعب إطلاقهن.
وأطلقهن في المذهب وتجريد العناية.
إحداهن له السدس بمنزلة سدس مفروض.
إن لم تكمل فروض المسألة أو كانوا عصبة أعطى سدسا كاملا.
وإن كملت فروضها أعيلت به وإن عالت أعيل معها وهو المذهب.
278

نقلها بن منصور وحرب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب وبن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وفسر الزركشي كلام الخرقي بذلك.
قال الحارثي هذا أصح عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهما.
وقدمه في النظم والفروع والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وهو من المفردات قال ناظمها.
من قال في الإيصا لزيد سهم * فالسدس يعطى حيث كان القسم.
والرواية الثانية له سهم مما تصح منه المسألة ما لم يزد على السدس.
والرواية التي ذكرها الخرقي وغيره ليس فيها ما لم يزد على السدس بل قالوا يعطى سهما مما تصح منه الفريضة.
لكن قال القاضي معناه ما لم يزد على السدس فإن زاد عليه أعطى السدس ورد الحارثي ما قال القاضي.
قال في الفروع وعنه له سهم واحد مما تصح منه المسألة مضموما إليها اختاره الخرقي انتهى.
قلت ليس الأمر كما قال فإن الخرقي قال وإذا أوصى له بسهم من ماله أعطى السدس.
وقد روى عن أبي عبد الله رواية أخرى يعطي سهما مما تصح منه الفريضة انتهى فالظاهر أنه سبقة قلم.
والرواية الثالثة له مثل نصيب أقل الورثة ما لم يزد على السدس.
واختار الخلال وصاحبه له مثل نصيب أقل الورثة سواء كان أقل من السدس أو أكثر.
279

قال في الهداية في تتمة الرواية فإن زاد على السدس أعطى السدس وهو قول الخلال وصاحبه انتهى.
وقيل يعطى سدسا كاملا.
أطلقه الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب.
وأطلقه الخرقي وصاحب الروضة والمحرر وجماعة.
وهو كالصريح في المنور فإنه قال وإن وصى بسهم من ماله أعطى سدسه.
وقال المصنف في المغنى والشارح والذي يقتضيه القياس أنه إن صح أن السهم في لسان العرب السدس أو صح الحديث وهو أنه عليه أفضل الصلاة والسلام أعطى رجلا أوصى له بسهم من ماله السدس فهو كما لو أوصى بسدس من ماله وإلا فهو كما لو أوصى بجزء من ماله على ما اختاره الإمام الشافعي وبن المنذر رحمهما الله تعالى أن الورثة يعطوه ما شاؤوا.
تنبيه قول المصنف في الرواية الثانية والثالثة ما لم يزد على السدس.
قاله القاضي وجماعة من الأصحاب منهم المصنف.
وأطلق الباقون الروايتين وقواه الحارثي.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير على الرواية الثانية والثالثة له السدس وإن جاوزه الموصى به.
قوله (وإن وصى لرجل بجميع ماله ولآخر بنصفه فالمال بينهما على ثلاثة إن أجيز لهما والثلث على ثلاثة مع الرد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب وجه فيمن أوصى بماله لوارثه ولآخر بثلثه وأجيز فللأجنبي ثلثه ومع الرد هل الثلث بينهما على أربعة أو على ثلاثة أو هو للأجنبي فيه الخلاف.
280

قوله (فإن أجيز لصاحب المال وحده فلصاحب النصف التسع والباقي لصاحب المال في أحد الوجهين).
وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الآخر ليس له إلا ثلثا المال الذي كان له في حال الإجازة لهما ويبقى التسعان للورثة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح والفائق والقواعد.
تنبيه قوله (ليس له إلا ثلثا المال التي كانت له في حال الإجازة).
كذا وجد مخط المصنف رحمه الله.
وكان الأصل أن يقول إلا ثلثا المال اللتان كانتا له في حال الإجازة بتثنية التي وبضمير التثنية في كان لأن الصفة والضمير يشترط مطابقة كل واحد منهما لمن هو له وإنما أفردا وأنثا باعتبار المعنى أي السهام الستة التي كانت له نص على ذلك في المطع.
قوله (وإن أجازوا لصاحب النصف وحده فله النصف على الوجه الأول) وهو المذهب.
وعلى الوجه الثاني له الثلث ولصاحب المال التسعان.
والوجهان الآتيان في كلام المصنف بعد هذا مبنيان على الوجهين المتقدمين وقد علمت المذهب منهما.
قوله (إذا اخلف ابنين وأوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمثل نصيب بن ففيها وجهان).
281

وأطلقهما في المغنى والكافي والمحرر والشرح والفروع.
أحدهما (لصاحب النصيب ثلث المال عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بين الوصيين نصفين) وهو المذهب.
قال في الهداية هذا قياس المذهب عندي.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني (لصاحب النصيب مثل ما يحصل لابن وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بينهما على خمسة).
وهو احتمال في الهداية وقدمه في المستوعب.
قال الحارثي وهذا أصح بلا مرية.
قوله (وإن كان الجزء الموصي به النصف خرج فيها وجه ثالث وهو أن يكون لصاحب النصيب في حال الإجازة ثلث الثلثين وفي الرد يقسم الثلث بينهما على ثلاثة عشر لصاحب النصف تسعة ولصاحب النصيب أربعة) والمذهب الأول.
قال الحارثي عن الوجه الثالث وليس بالقوى وأطلقهن في الشرح.
والمسائل المفرعة بعد ذلك مبنية على الخلاف هنا وقد علمت المذهب هنا.
فائدة جليلة قوله (وإن خلف أما وبنتا وأختا وأوصى بمثل نصيب الأم وسبع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقي فقل مسألة الورثة من ستة وهي بقية مال ذهب ثلثه فزد عليه مثل نصفه ثلاثة ثم رد مثل نصيب البنت يكن اثنى عشر فهي بقية مال ذهب ربعه فزد عليه مثل ثلثه ومثل نصيب الأخت صارت ثمانية عشر وهي
282

بقية مال ذهب سبعه فزد عليه سدسه ومثل نصيب الأم يكن اثنين وعشرين).
هذه الطريقة تسمى طريقة المنكوس وهي غير مطردة.
ولنا فيها طريقة مطردة ولم أرها مسطورة في كلام الأصحاب ولكن أفادنيها بعض مشايخنا.
وذلك أن نقول انكسر معنا على ثلاثة وأربعة وسبعة.
وهذه الأعداد متباينة فاضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة وثمانين ثلثها ثمانية وعشرون وربعها أحد وعشرون وسبعها اثنى عشرة ومجموع ذلك أحد وستون يبقى بعد ذلك ثلاثة وعشرون وهو النصيب فاحفظه.
ثم تأتي إلى نصيب البنت وهو ثلاثة تلقى ثلثه وهو واحد يبقى اثنان وتلقى من نصيب الأخت ربعه وهو نصف سهم يبقى سهم ونصف وتلقى من نصيب الأم سبعه وهو سبع سهم يبقى ستة أسباع فتجمع الباقي بعد الذي ألقيته من أنصباء الثلاثة يكون أربعة أسهم وسبعين ونصف سبع فتضيفها إلى المسألة وهي ست يكون المجموع عشرة أسهم وسبعين ونصف سبع فاضرب ذلك في الأربعة والثمانين التي حصلت من مخرج الكسور يكون ثمانمائة وسبعين ومنها تصح.
للموصي له بمثل نصيب الأم سهم من ستة مضروب في النصيب وهو ثلاثة وعشرون يكون ذلك ثلاثة وعشرون سهما وله سبع الباقي من الثمانمائة والسبعين وهو مائة وأحد وعشرون بلغ المجموع له مائة وأربعة وأربعين وللموصى له بمثل نصيب الأخت سهمان من ستة مضروبان في النصيب تبلغ ستة وأربعين وأربعين وله ربع الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وستة يكون المجموع له مائتين واثنين وخمسين.
وللموصى له بمثل نصيب البنت ثلاثة مضروبة في ثلاثة وعشرين تبلغ
283

تسعة وستين وله ثلث الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وسبعة وستون يكون المجموع له ثلاثمائة وستة وثلاثين.
فمجموع سهام الموصى لهم سبعمائة واثنان وثلاثون سهما والباقي للورثة وقدره مائة وثمانية وثلاثون سهما.
للأم السدس من ذلك وقدره ثلاثة وعشرون سهما وللأخت الثلث وقدره ستة وأربعون سهما.
وللبنت النصف وقدره تسعة وستون سهما والله أعلم.
وإن أردت أن تعطى الموصى له بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقى أولا أو الموصى له بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى فافعل كما قلنا يصح العمل معك.
بخلاف طريقة المصنف فإنها لا تعمل إلا على طريقة واحدة وهي التي ذكرها.
فأحببت أن أذكر هذه الطريقة لتعرف وليقاس عليها ما شابهها لاطرادها والله الموفق.
واستمر بنا على هذه الطريقة مدة طويلة إلى سنة سبع وسبعين وثمانمائة ثم سافرت إلى بيت المقدس للزيارة وكان فيها رجل من الأفاضل المحررين في الفرائض والوصايا فسألته عن هذه المسألة فتردد فيها وذكر لنا طريقة حسنة موافقة لقواعد الفرضيين.
وكنت قبل ذلك قد كتبت الأولى في التنقيح كما في الأصل.
فلما تحرر عندنا أن الطريقة التي قالها هذا الفاضل أولى وأصح أضربنا عن هذه التي في الأصل.
وأثبتنا هذه وهي المعتمد عليها.
وقد تبين لي أن هذه الطريقة التي في الأصل غير صحيحة وإنما هي عمل لتصح قسمتها مطلقا من غير نظر إلى ما يحصل لكل واحد.
وقد كتبت عليها ما يبين ضعفها من صحتها في غير هذا الموضع ويعرف بالتأمل عند النظر وأثبت هذه الطريقة وضربت على الأولى التي في الأصل هنا فليحرر
284

باب الموصى إليه.
فائدة الدخول في الوصية للقوى عليها قربة.
وقال في المغنى قياس مذهبه أن ترك الدخول أولى انتهى.
قلت وهو الصواب لا سيما في هذه الأزمنة.
تنبيه شمل قوله (تصح وصية المسلم إلى كل مسلم عاقل عدل).
العدل العاجز إذا كان أمينا وهو صحيح وهو المذهب.
قطع به أكثر الأصحاب وحكاه المصنف والشارح إجماعا.
لكن قيده صاحب الرعاية بطريان العجز وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تصح واختار بن عقيل إبداله.
وقال في الكافي للحاكم إبداله.
قوله (وإن كان عبدا).
تصح الوصية إلى العبد لكن لا يقبل إلا بإذن سيده.
ذكره القاضي في التعليق ومن بعده.
وتصح إلى عبد نفسه قاله بن حامد.
وتابعه في الكافي والرعايتين والفائق وغيرهم.
وقطع به الزركشي وغيره.
قال في القواعد الأصولية هذا مذهبنا.
قال في الفروع تصح الوصية إلى رشيد عدل ولو رقيق.
قال القاضي قياس المذهب يقتضي ذلك.
تنبيهان
الأول يحتمل أن يكون مراد المصنف بالعدل العدل مطلقا فيشمل مستور الحال وهو المذهب.
285

ويحتمل أن يريد العدل ظاهرا وباطنا وهو قول في المذهب.
الثاني ظاهر كلام المصنف عدم صحة وصية المسلم إلى كافر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر المجد في شرحه أن القاضي ذكر في تعليقه ما يدل على أنه اختار صحة الوصية نقله الحارثي.
قوله (أو مراهقا).
قطع المصنف هنا بصحة الوصية إلى المراهق وهو إحدى الروايتين.
قال القاضي قياس المذهب صحة الوصية إلى المميز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا ومنتخب الأدمى.
قال في القواعد الأصولية قال هذا كثير من الأصحاب.
قال الحارثي هو قول أكثر الأصحاب.
وعنه لا تصح إليه حتى يبلغ وهو المذهب.
اختاره المصنف والشارح والمجد وغيرهم.
قال في الوجيز مكلف.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره وأطلقهما الزركشي.
قال في الكافي وفي الوصية إلى الصبي العاقل وجهان.
تنبيه ظاهر تقييد المصنف بالمراهق أنها لا تصح إلى مميز قبل أن يراهق وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيرها.
وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
286

وقدمه في الرعاية والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه تصح قاله كثير من الأصحاب.
قال القاضي هذا قياس المذهب كما تقدم.
ويأتي هل يصح أن يوصى إليه عند بلوغه قبل أن يبلغ وهو الوصي المنتظر.
فائدتان
إحداهما لا تصح الوصية إلى السفيه على الصحيح من المذهب وعنه تصح.
الثانية لا نظر لحاكم مع وصى خاص إذا كان كفؤا في ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن أوصى إليه بإخراج حجة أن ولاية إخراجها والتعيين للناظر الخاص إجماعا وإنما للولي العام الاعتراض لعدم أهليته أو فعله محرما.
قال في الفروع فظاهره لا نظر ولا ضم مع وصى متهم وهو ظاهر كلام جماعة.
وتقدم كلامه في ناظر الوقف في كتاب الوقف.
ونقل بن منصور إذا كان الوصي متهما لم تخرج من يده ويجعل معه آخر.
ونقل يوسف بن موسى إن كان الوصي متهما ضم إليه رجل يرضاه أهل الوقف يعلم ما جرى ولا تنزع الوصية منه.
ثم إن ضمه بأجرة من الوصية توجه جوازه ومن الوصي فيه نظر بخلاف ضمه مع فاسق قاله في الفروع.
قوله (ولا تصح إلي غيرهم).
قدم المصنف هنا أنها لا تصح إلى فاسق وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما
287

والشيرازي وبن عقيل في التذكرة وبن البنا وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والهداية والخلاصة والنظم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه تصح إلى الفاسق ويضم إليه الحاكم أمينا.
قاله الخرقي وبن أبي موسى.
وقدمه في الفروع والفائق.
وهذا من غير الغالب الذي قدمه في الفروع.
قال القاضي هذه الرواية محمولة على من طرأ فسقه بعد الوصية.
وقيل تصح إلى الفاسق إذا طرأ عليه ويضم إليه أمين.
اختاره جماعة من الأصحاب.
وعنه تصح إليه من غير ضم أمين حكاها أبو الخطاب في خلافة.
قلت وهو بعيد جدا.
قال في الخلاصة ويشترط في الوصي العدالة.
وعنه يضم إلى الفاسق أمين.
ويأتي هل تصح الوصية إلى الكافر في آخر الباب.
قوله (وإن كانوا على غير هذه الصفات ثم وجدت عند الموت فهل تصح على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والزركشي والقواعد الفقهية.
أعلم أن في هذه المسألة أوجها.
أحدها يشترط وجود هذه الصفات عند الوصية والموت وما بينهما.
288

وهو احتمال في الرعاية وقول في الفروع ووجه للقاضي في المجرد.
والثاني يكفي وجودها عند الموت فقط وهو أحد وجهي المصنف.
صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور.
والثالث يعتبر وجودها عند الموت والوصية فقط وهو المذهب وهو ظاهر كلام بن عبدوس في تذكرته.
ونصره المصنف والشارح.
وقدمه في النظم والفروع.
ويحتمله الوجه الثاني للمصنف.
والرابع يكفي وجودها عند الوصية فقط وهو احتمال في الرعاية وتخريج في الفائق.
وهو ظاهر ما قدمه في تجريد العناية ويضم إليه أمين.
قال في الرعاية ومن كان أهلا عند موت الموصى لا عند الوصية إليه فوجهان ومن كان أهلا عند الوصية إليه فزالت عند موت الموصى بطلت.
قلت ويحتمل أن يضم إليه أمين.
فإن كان أهلا عند الوصية ثم زالت ثم عادت عند الموت صحت وفيها احتمال كما لو زالت بعد الموت ثم عادت انتهى.
قوله (وإذا أوصي إلى واحد وبعده إلى آخر فهما وصيتان).
نص عليه.
(إلا أن يقول قد أخرجت الأول) نص عليه.
(وليس لأحدهما الانفراد بالتصرف إلا أن يجعل ذلك إليه).
نص عليه وذكر الحارثي ما يدل على رواية بالجواز.
289

وتقدم الكلام فيما إذا جعل النظر في الوقف لاثنين أو كان لهما بأصل الاستحقاق في كتاب الوقف بعد قوله ويرجع إلى شرط الواقف وهذا يشبه ذلك.
فائدة لو وصى إلى اثنين في التصرف وأريد اجتماعهما على ذلك.
قال الحارثي من الفقهاء من قال ليس المراد من الاجتماع تلفظهما بصيغ العقود بل المراد صدوره عن رأيهما ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما أو الغير بإذنهما ولم يخالف الحارثي هذا القائل.
قلت وهو الظاهر وأنه يكفي إذن أحدهما الوكيل في صدور العقد مع حضور الآخر ورضاه بذلك.
ولا يشترط توكيل الاثنين كما هو ظاهر كلامه الأول.
قوله (فإن مات أحدهما أقام الحاكم مقامة أمينا).
وكذا لو وجد ما يوجب عزلة بلا نزاع.
قال المصنف أو غاب لكن لو ماتا أو وجد منهما ما يوجب عزلهما ففي الاكتفاء بواحد وجهان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والفروع والحاوي الصغير والزركشي.
قال في الفائق ولو ماتا جاز إقامة واحد في أصح الروايتين قال في الرعاية الكبرى وإن وجد منهما ما يوجب عزلهما جاز أن يقيم الحاكم بدلهما واحدا في الأصح.
وقال في الرعاية الصغرى وإن ماتا جاز أن يقيم الحاكم واحدا في الأصح.
قال بن رزين في شرحه فإن تغير حالهما فله نصب واحد.
وقيل لا ينصب إلا اثنين.
تنبيه هذه الأحكام المتقدمة إذا لم يجعل لكل واحد منهما التصرف منفردا.
290

فأما إن جعل لكل واحد منهما التصرف منفردا كما صرح به المصنف فمات أحدهما أو خرج من أهلية الوصية لم
يكن للحاكم أن يقيم مقامه إلا أن يعجز عن التصرف وحده.
وإن ماتا معا أو خرجا من الوصية فللحاكم أن يقيم واحدا.
ولو حدث عجز لضعف أو علة أو كثرة عمل ونحوه ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا ضم إليه أمين جزم به في المغنى والشرح.
قال بن رزين ضم إليه أمين ولم ينعزل إجماعا.
وقيل له ذلك وأطلقهما في الفروع.
قوله (وكذلك إن فسق).
يعني أقام الحاكم مقامه أمينا وينعزل.
فشمل كلام المصنف صورتين.
إحداهما أن يكون وصيا منفردا.
الثانية أن يكون مضافا إلى وصى آخر.
واعلم أن هذا مبنى على الصحيح من المذهب من أن الفاسق لا تصح الوصية إليه وينعزل إذا طرأ عليه الفسق كما تقدم التنبيه عليه.
وعنه يضم إليه أمين.
قدمه في الفروع والفائق كما تقدم.
وقيل يضم إليه هنا أمين وإن أبطلنا الوصية إلى الفاسق لطريانه.
اختاره جماعة من الأصحاب كما تقدم.
فوائد
لو وصى إليه قبل أن يبلغ ليكون وصيا بعد بلوغه أو حتى يحضر فلان أو إن مات فلان ففلان وصى صح ويصير الثاني وصيا عند الشرط ذكره الأصحاب ويسمى الوصي المنتظر.
291

قال في المستوعب لو أوصى إلى المرشد من أولاده عند بلوغه فإن الوصية تصح ويسمى الوصي المنتظر انتهى.
وكذا لو قال أوصيت إليه سنة ثم إلى فلان للخبر الصحيح أميركم زيد فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله بن رواحة والوصية كالتأمير.
قال في الفروع ويتوجه لا.
يعني ليست الوصية كالتأمير لأن الوصية استنابة بعد الموت فهي كالوكالة في الحياة.
ولهذا هل للوصي أن يوصى ويعزل من وصى إليه.
ولا تصح إلا في معلوم وللوصي عزلة وغير ذلك كالوكيل.
فلهذا لا يعارض ذلك ما ذكره القاضي وجماعة من الأصحاب إذا قال الخليفة الإمام بعدي فلان فإن مات ففلان في حياتي أو إذا تغير حاله فالخليفة فلان صح.
وكذا في الثالث والرابع.
وإن قال فلان ولي عهدي فإن ولى ثم مات ففلان بعده لم يصح للثاني.
وعللوه بأنه إذا ولى وصار إماما حصل التصرف وبقي النظر والاختيار إليه فكان العهد إليه فيمن يراه.
وفي التي قبلها جعل العهد إلى غيره عند موته أو تغير صفاته في الحالة التي لم يثبت للمعهود إليه إمامه.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه لو علق ولى الأمر ولاية حكم أو وظيفة بشرط شغورها أو بشرط فوجد الشرط بعد موت ولى الأمر والقيام مقامه أن ولايته تبطل وأن النظر والاختيار لمن يقوم مقامه.
يؤيده أن الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم بالوكالة في مسائل وأنه لو علق عتقا أو غيره بشرط بطل بموته.
292

قالوا لزوال ملكة فتبطل تصرفاته.
قال في المغنى وغيره ولأن إطلاق الشرط يقتضي الحياة انتهى كلام صاحب الفروع.
وظاهر كلامه صحة ولاية الحكم والوظائف بشرط شغورها أو بشرط إذا وجد ذلك قبل موت ولى الأمر وهو ظاهر كلامه.
قوله (ويصح قبوله للوصية في حياة الموصى وبعد موته).
بلا نزاع وتقدم صفة الإيجاب والقبول.
قوله (وله عزل نفسه متى شاء).
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القاعدة الستين أطلق كثير من الأصحاب أن له الرد بعد القبول في حياة الموصى وبعده.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح الحارثي ونصره.
وقيل له ذلك إن وجد حاكم وإلا فلا ونقله الأثرم.
وقدمه في المحرر والنظم.
وعنه ليس له ذلك بعد موته بحال ولا قبله إذا لم يعلمه بذلك.
وعنه ليس له ذلك بعد موته ذكرها بن أبي موسى قاله في الفروع.
قال في القواعد وحكى بن أبي موسى رواية ليس له الرد بحال إذا قبلها.
ومن الأصحاب من حملها على ما بعد الموت.
وحكاهما القاضي في خلافه صريحا في الحالين.
قوله (وليس للوصي أن يوصى إلا أن يجعل ذلك إليه).
293

وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وبن عبدوس في تذكرته.
قال الشارح وهو الظاهر من قول الخرقي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الفائق وغيره.
قال الحارثي هذا أشهر الروايتين.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح انتهى.
قال في القواعد الأصولية أشهرهما عدم الجواز.
قال الحارثي لو غلب على الظن أن القاضي يسند إلى من ليس أهلا أو أنه ظالم اتجه جواز الإيصاء قولا واحدا بل يجب لما فيه من حفظ الأمانة وصون المال عن التلف والضياع انتهى.
وعنه له ذلك وقدمه بن رزين في شرحه.
ويكون الثاني وصيا لهما قاله جماعة منهم صاحب المستوعب.
قال الحارثي وهو مشكل.
وقال القاضي يكون الثاني وصيا عن الأول فلو طرأ للأول ما يخرجه عن الأهلية انعزل الثاني لأنه فرعه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد في القاعدة التاسعة والستين.
قال في الرعاية الكبرى فإن أطلق فروايتان.
وقيل فيما يتولاه مثله.
وقال في الرعاية الصغرى وإن أطلق فروايتان فيما يتولاه مثله.
فاختلف نقله في محل الروايتين.
294

ويأتي في أركان النكاح هل للوصي في النكاح أن يوصى به.
فائدة إن نهاه الموصى عن الإيصاء لم يكن له أن يوصى وله أن يوصى إلى غيره بإذنه فيما وصاه به على الصحيح من المذهب.
وقيل ليس له ذلك.
وقيل إن أذن له في الوصية إلى شخص معين جاز وإلا فلا.
وأما جواز توكيل الوصي فقد تقدم في كلام المصنف في باب الوكالة.
تنبيه شمل قوله (ولا تصح الوصية إلا في معلوم يملك الموصى فعله).
الإيصاء بتزويج موليته ولو كانت صغيرة وهو صحيح وله إجبارها كالأب على الصحيح من المذهب.
وذلك على ما يأتي في كلام المصنف في باب أركان النكاح والخلاف فيه.
قال المجد في شرحه بعد ذكر الخلاف في الوصية بالنكاح وعلى هذا تصح الوصية بالخلافة من الإمام وبه قال الإمام الشافعي رحمه الله.
قلت وقطع به الحارثي وغيره.
تنبيه آخر ظاهر قوله (والنظر في أمر الأطفال).
أنه لا يصح أن يجعله وصيا على البالغ الرشيد من أولاده وغيرهم من الوراث وهو صحيح.
وكذا لا يصح الإيصاء إليه باستيفاء دينه مع بلوغ الوارث رشده ولو مع غيبته.
ومفهوم قوله يملك الموصى فعله أنه لا يصح الإيصاء بما لا يملك فعله وهو صحيح.
فلا تصح وصية المرأة بالنظر في حق أولادها الأصاغر ونحو ذلك.
295

قاله في الوجيز وغيره.
قوله (وإذا أوصى بتفريق ثلثه فأبى الورثة إخراج ثلث ما في أيديهم).
وكذا لو جحدوا ما في أيديهم.
(أخرجه كله مما في يده).
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمستوعب والخلاصة وشرح بن رزين.
وعنه يخرج ثلث ما في يده ويحبس باقيه ليخرجوا ثلث ما معهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والنظم.
وذكر أبو بكر في التنبيه أنه لا يحبس الباقي بل يسلمه إليهم ويطالبهم بثلث ما في أيديهم وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأطلقهن في الفروع.
قال المصنف وتبعه الشارح ويمكن حمل الروايتين الأولتين على إختلاف حالين فالأولى محمولة على ما إذا كان المال جنسا واحدا والثانية محمولة على ما إذا كان المال أجناسا فإن الوصية تتعلق بثلث كل جنس.
وقال في الرعاية وقيل إن كانت التركة جنسا واحدا أخرج الثلث كله مما معه وإلا أخرج ثلثه فقط.
فائدة لو ظهر دين يستغرق التركة أو جهل موصى له فتصدق بجميع الثلث هو أو حاكم ثم ثبت ذلك لم يضمن على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية الكبرى قلت بل يرجع به لوفاء الدين وعنه يضمن.
296

قوله (وإن أوصاه بقضاء دين معين فأبى ذلك الورثة قضاه بغير علمهم).
يعني إذا جحدوا الدين وتعذر ثبوته أو أبوا الدفع وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال بن منجا هذا المذهب.
وعنه لا يقضيه بغير علمهم إلا ببينة.
وأطلقهما في الفروع والفائق.
وقال في الرعاية وغيره وعنه يقضيه إن أذن له فيه حاكم.
قال في المستوعب والهداية اختاره أبو بكر.
وعنه فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين أنه يقضى دين الميت إن لم يخف تبعة.
وهذه الرواية عامة في الموصى إليه وغيره.
فإن كان الذي عليه الدين غير الموصى إليه ويعلم أن الميت الذي له الدين عليه دين لآخر وجحده الورثة فقضاه مما عليه ففيه ثلاث روايات.
إحداهن هذه أعني يقضيه إن لم يخف تبعة.
والثانية لا يقضيه ولا يبرأ بذلك قدمه بن رزين في شرحه.
والثالثة يبرأ بالدافع بالقضاء باطنا.
ووهى هذه الرواية الناظم.
وأطلقهن في الفائق وأطلق الأخيرتين في الفروع.
وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير جواز قضائه مطلقا في الباطن.
فائدة لو أقام الذي له الحق بينة شهدت بحقه فهل يلزم الموصى إليه الدفع إليه بلا حضور حاكم فيه روايتان.
297

وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية والفائق والنظم والفروع.
لكن جعلهما في المغنى والشرح في جواز الدفع لا في لزوم الدفع.
قال بن أبي المجد في مصنفه لزمه قضاؤه بدون حضور حاكم على الأصح.
وقدمه بن رزين في شرحه.
فائدة يجوز لمن عليه دين لميت أن يدفع إلى من أوصى له به إذا كان معينا وإن شاء دفعه إلى وصى الميت ليدفعه إلى الموصى له به وهو أولى.
فإن لم يوص به ولا بقبضه عينا لم يبرأ إلا بدفعه إلى الموصى إليه والوارث معا.
وقيل أو الموصى إليه بقبض حقوقه.
وهو احتمال في الرعاية.
وإن صرف أجنبي الموصى به لمعين وقيل أو لغيره في جهته لم يضمنه.
وإن وصاه بإعطاء مدع دينا بيمينه نفذه من رأس ماله قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله ونقل بن هانئ ببينة ونقله عبد الله.
ونقل عبد الله أيضا يقبل مع صدق المدعى.
تنبيه قوله (وتصح وصية الكافر إلى مسلم).
بلا نزاع لكن بشرط أن لا يكون في تركته خمر ولا خنزير.
قوله (وإلى من كان عدلا في دينه).
يعني أن وصية الكافر إلى كافر تصح إذا كان عدلا في دينه وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الأزجي.
وقدمه بن منجا في شرحه وبن رزين في شرحه.
قال الحارثي الأظهر الصحة واختاره القاضي.
قال المجد وجدته بخطه وقيل لا تصح.
298

قال في المستوعب ولا تصح الوصية إلى كافر.
قال في المذهب ولا تصح إلا إلى مسلم.
وكذا هو ظاهر كلامه في الهداية.
وأطلقهما في الفصول والكافي والمغنى والبلغة والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي.
وظاهر كلام المجد وجماعة أنه لو كان غير عدل في دينه أن فيه الخلاف الذي في المسلم.
قوله (وإذا قال ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه من شئت لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقال اختاره الأكثرون في الولد.
ويحتمل جواز ذلك لتناول اللفظ له ويحتمل جواز ذلك مع القرينة فقط.
واختار المصنف والمجد جواز دفعه إلى ولده.
قال الحارثي وهو المذهب.
والصحيح من المذهب أنه لا يجوز.
قال في المحرر ومنعه أصحابنا.
تنبيه مفهوم قوله لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده جواز أخذ والده وأقاربه الوارثين سواء كانوا أغنياء أو فقراء وهذا اختيار المصنف والمجد.
قال الحارثي وهو المذهب.
299

والصحيح من المذهب أنه لا يجوز دفعه إليهم نص عليه كولده وقدمه في الفروع.
واختار جماعة من الأصحاب أنه لا يجوز دفعه إلى ابنه فقط.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا يعطي الولد ولا الوالد منهم صاحب النظم.
وذكر بن رزين في منع من يمونه وجها.
فائدة قال في الفائق وليس له دفعه إلى ورثة الموصى ذكره المجد في شرح الهداية.
ونص عليه في رواية أبي الصقر وأبي داود وقاله الحارثي.
قوله (وإن دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار لقضاء دين الميت أو حاجة الصغار وفي بيع بعضه نقص فله البيع على الكبار والصغار).
يعني إذا امتنع الكبار من البيع أو كانوا غائبين.
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وشرح الحارثي.
قال في الفائق والمنصوص الإجبار على بيع غير قابل للقسمة إذا حصل بيع بعضه نقص ولو كان الكل كبارا وامتنع البعض.
نص عليه في رواية الميموني وذكره في الشافي.
واختاره شيخنا لتعلق الحق بنصف القيمة للشريك لا بقيمة النصف.
انتهى كلام صاحب الفائق.
ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار وهو أقيس.
فاختاره المصنف والشارح.
300

قلت وهو الصواب لأنه لا يزال الضرر بالضرر.
وقيل يبيع بقدر حصة الصغار وقدر الدين والوصية إن كانت.
وقال في الرعاية قلت إن قلنا التركة لا تنتقل إليهم مع الدين جاز بيعه للدين والوصية.
فائدتان
إحداهما لو كان الكل كبارا وعلى الميت دين أو وصية باعه الموصى إليه إذا أبوا بيعه وكذا لو امتنع البعض نص عليه في رواية الميموني.
وتقدم ذلك في كلام صاحب الفائق.
الثانية لو مات شخص بمكان لا حاكم فيه ولا وصى جاز لمسلم ممن حضره أن يحوز تركته ويعمل الأصلح فيها من بيع وغيره.
على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
وقيل لا يبيع الإماء ذكره في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل يبيع ما يخاف فساده والحيوان ولا يبيع رقيقة إلا حاكم.
وعنه يلي بيع جواريه حاكم إن تعذر نقلها إلى ورثته أو مكاتبتهم ليحضروا ويأخذوها انتهى.
ويكفنه من التركة إن كانت ولم تتعذر وإلا كفنه من عنده ورجع على التركة إن كانت وإلا على من تلزمه نفقته إن نوى الرجوع ولم يوجد حاكم.
فإن تعذر إذنه أو أبى الإذن رجع على الصحيح من المذهب.
وقيل فيه وجهان كإمكانه ولم يستأذنه ولم ينو مع إذنه.
301

كتاب الفرائض.
فائدة الفرائض جمع فريضة وهي في الأصل اسم مصدر والاسم الفريضة وتسمى قسمة المواريث فرائض.
قال المصنف هنا وهي قسمة المواريث وقال في الكافي والزركشي هي العلم بقسمة المواريث.
فيحتمل أن يكون في كلام المصنف هنا حذف ليوافق ما في الكافي.
وقال في الرعاية الكبرى هي معرفة الورثة وسهامهم وقسمة التركة بينهم.
وقال في الصغرى هي قسمة الإرث.
وقلت معرفة الورثة وحقوقهم من التركة.
قوله (وأسباب التوارث ثلاثة رحم ونكاح وولاء).
ف الرحم القرابة والنكاح عقده وإن عرى عن الوطء والولاء نعمة السيد على رقيقه بعتقه فيصير بذلك وارثا موروثا.
قال في الرعاية وأسباب الإرث نسب خاص ونكاح خاص وولاء عتق خاص ونحوه انتهى.
والصحيح من المذهب أن أسباب التوارث ثلاثة لا غير وأنه لا يرث ولا يورث بغيرهم نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه (أنه يثبت بالموالاة والمعاقدة وإسلامه على يده وكونهما من أهل الديوان ولا عمل عليه).
زاد الشيخ تقي الدين رحمه الله في الرواية والتقاط الطفل.
واختار أن هؤلاء كلهم يرثون عند عدم الرحم والنكاح والولاء.
واختاره في الفائق أيضا.
وقيل يرث عبد سيده عند عدم الوارث.
303

واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في السياسة الشرعية وورث بعض أصحابنا المولى من أسفل من معتقة.
ونقل بن الحكم أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عن ذلك فقال لا أدري.
ويأتي في أول باب المعتق بعضه رواية بإرث العبد من قريبه عند عدم الوارث وقول بإرث المكاتب من عتيقه في صوره.
فائدة الموالاة هي المؤاخاة والمعاقدة هي المحالفة.
قوله (والوارث ثلاثة ذوو فرض وعصبات) بلا نزاع (وذوو رحم).
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه لا يرث ذوو الأرحام ويأتي ذلك في بابه.
304

باب ميراث ذوي الفروض.
فائدتان
إحداهما قوله في عددهم (والأخ من الأم).
قال في الوجيز والفروع وقد يعصب أخته من غير أبيه بموت أمه عنهما.
قلت في هذا نظر ظاهر فإن الأم إذا ماتت عنهما لا يرثان منها إلا بكونهما أولادا لا بكون أحدهما أخ الآخر لأمه.
غايته أنهما أخ وأخت كل واحد منهما من أب والإرث من الأم وهي واحدة والتعصيب إنما حصل لكونهم أولادا لا لكونهم إخوة لأم.
فعلى ما قالا يعايى بها.
الثانية قوله (وللزوج الربع إذا كان لها ولد أو ولد بن والنصف مع عدمهما وللمرأة الثمن إذا كان لها ولد أو ولد بن والربع مع عدمهما).
وهذا بلا نزاع ولكن يشترط أن يكون النكاح صحيحا.
فلو كان فاسدا فلا توارث بينهما على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية المروذي وجعفر بن محمد وتوقف في رواية بن منصور.
وأما إذا كان باطلا فلا توارث بلا نزاع.
قوله (وللجد حال رابع وهو مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو لأب فإنه يقاسمهم كأخ).
هذا مبنى على الصحيح من المذهب من أن الجد لا يسقط الإخوة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعليه التفريع.
وعنه يسقط الجد الإخوة اختاره بن بطة.
305

قاله في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة وأبو حفص البرمكي والآجري وذكره بن الجوزي عن أبي حفص العكبري أيضا والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وحديث أفرضكم زيد ضعفه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال بن الجوزي الآجري من أعيان أعيان أصحابنا.
قوله (فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس فهو له وسقط من معه منهم إلا في الأكدرية).
تستحق الأخت في الأكدرية جزءا من التركة وقدره أربعة أسهم من سبعة وعشرين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا ترث الأخت مع الجد فيها فتسقط كما لو كان مكانها أخ.
فائدة سميت أكدرية لتكديرها أصول زيد رضي الله عنه في الجد في الأشهر عنه.
وقيل إن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا اسمه الأكدر فنسبت إليه.
وقيل سميت أكدرية باسم السائل عنها.
وقيل لأن الميتة كان اسمها أكدرة.
وقيل لأن زيدا رضي الله عنه كدر على الأخت ميراثها وقيل لتكدر أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها وكثرة اختلافهم.
فائدة قوله (وإن لم يكن فيها زوج سميت الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها).
فكأن أقوالهم خرقتها.
306

وجملة الأقوال فيها سبعة ولهذا تسمى المسبعة وترجع إلى ستة ولهذا تسمى المسدسة.
واختلف فيها خمسة من الصحابة عثمان وعلي وبن مسعود وزيد وبن عباس رضي الله عنهم على خمسة أقوال ولهذا تسمى المخمسة.
وتسمى المربعة لأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جعل للأخت النصف والباقي بين الجد والأم نصفان وتصح من أربعة.
وتسمى المثلثة والعثمانية أيضا لأن عثمان رضي الله عنه قسمها على ثلاثة.
وتسمى أيضا الشعبية والحجاجية لأن الحجاج سأل عنها الشعبي امتحانا.
فأصاب فعفا عنه.
فائدة لو عدم الجد من الأكدرية سميت المباهلة لأن بن عباس رضي الله عنه لما سئل عنها لم يعلمها وقال من شاء باهلته فسميت المباهلة لذلك.
وتأتي قصتها في أول باب أصول المسائل.
فائدة قوله (فإن كان جد وأخت من أبوين وأخت من أب فالمال بينهم على أربعة للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم رجعت الأخت من الأبوين فأخذت ما في يد أختها كله).
فيعايى بها.
فيقال امرأة حبلى جاءت إلى قوم فقالت للورثة لا تعجلوا إن ألد أنثى لم ترث وإن ألد أنثيين أو ذكرا ورث العشر فقط وإن ألد ذكرين ورثا السدس فهي أم الأخت من الأب في هذه المسألة.
قوله (وللأم أربعة أحوال حال لها السدس وهو مع وجود الولد أو ولد الابن أو اثنين من الإخوة والأخوات).
307

أما مع وجود الولد أو ولد الابن فإن لها السدس بالنص والإجماع.
وأما مع وجود الاثنين من الإخوة والأخوات فلها السدس أيضا.
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وسواء كانوا محجوبين أو لا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الإخوة لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس إلا إذا كانوا وارثين معها فإن
كانوا محجوبين بالأب ورثت السدس فلها في مثل أبوين وأخوين الثلث عنده والأصحاب على خلافة.
قوله (وحال لها ثلث ما بقي وهي مع زوج وأبوين وامرأة وأبوين).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال ظاهر القرآن لها الثلث.
وهو مذهب بن عباس رضي الله عنهما.
قال المصنف في المغنى والحجة معه لولا إجماع الصحابة انتهى.
وهاتان المسألتان تسميان العمريتين.
تنبيه ظاهر قوله (وحال رابع وهي إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو منفيا بلعان فإنه منقطع تعصيبه من جهة من نفاه).
لأنه لا ينقطع تعصيبه من غير جهة من نفاه.
مثل أن تلد توأمين فيرث أحدهما من الآخر بالأخوة من الأب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
والصحيح من المذهب أنه لا يرث بالأخوة من الأب قدمه في الفروع.
وقيل يرث بالأخوة من الأب في ولد الملاعنة دون غيره.
قوله (وعصبته عصبة أمه).
308

مراده إذا لم يكن له بن ولا بن ابن فإذا لم يكن بن ولا بن ابن فالصحيح من المذهب ما قدمه المصنف هنا.
واختاره الخرقي والقاضي وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وهو من المفردات.
وعنه أنها هي عصبته.
اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا.
فعلى المذهب يرث أخوه لأمه مع ابنته لا أخته لأمه فيعايى بها.
وعلى الثانية إن لم تكن الأم موجودة فعصبتها عصبته على الصحيح.
وعنه يرد على ذوي الفروض فإن عدموا فعصبتها عصبته.
والتفريع الآتي بعد ذلك على هذه الروايات وقد علمت المذهب منهن.
قوله (وإذا مات بن الملاعنة وخلف أمه وجدته فلأمه الثلث وباقيه للجدة).
على الرواية الثانية وهذه جدة ورثت مع أم أكثر منها فيعايى بها.
وعلى الأولى والثالثة للأم جميع المال.
قوله في الجدات (فإن كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن).
وهو المذهب اختاره الخرقي والمصنف والشارح وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
309

وعنه أن القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم فتشاركها وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قاله في الهداية وغيره.
وجزم به القاضي في جامعة.
ولم يعز في كتاب الروايتين الرواية الأولى إلا إلى الخرقي.
وصححه بن عقيل في تذكرته.
قال في إدراك الغاية تشاركها في الأشهر.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغنى والشرح وشرح بن منجا.
فعلى الرواية الثانية لا يتصور أن جدة ترث معها أمها.
مثل أن يكون للميت جدة هي أم أبيه وتكون أمها أم أم الميت.
وذلك بأن يتزوج أبو الميت بابنة خالته وجدته التي هي أم خالته موجودة.
وكذلك ابنتها التي هي أمه ثم تخلف ولدا فيموت الولد فيخلف أم أبيه وأمها التي هي أم أم أمه.
فيشتركان في الميراث على هذه الرواية فيعايى بها.
قلت ويحتمل عدم إرثها على كلا الروايتين.
وهو ظاهر كلام الأصحاب في الحجب لأنهم أسقطوا الأعلى فالأعلى من الجدات بينهما.
قوله (فأما أم أبي الأم وأم أبي الجد فلا ميراث لهما).
أما أم أبي الأم فهي من ذوي الأرحام على ما يأتي.
وأما أم أبي الجد فالصحيح من المذهب أنها من ذوي الأرحام فلا ترث بنفسها فرضا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
310

وقيل ترث وليست من ذوي الأرحام ومثلها أم جد الجد ولو علت أبوة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق.
وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال وكذلك إن كثرت.
ويأتي ذلك أيضا في أول باب ذوي الأرحام في عددهم.
قوله (وترث الجدة وابنها حي).
يعني سواء كان أبا أو جدا كما لو كان عما اتفاقا وهو المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا ترث.
فعليها لأم الأم مع الأب وأمه السدس كاملا على الصحيح.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد وهو الصحيح لزوال المزاحمة مع قيام الاستحقاق لجميعه.
وقيل لها نصف السدس معاداة بأم الأب التي لا ترث على هذه الرواية وذكر مأخذه في القواعد.
وكذلك الوجهان إذا كان معها أم أم الأب إلا أن تسقط البعدى بالقربى على القول بالمعاداة قاله في المحرر وغيره.
قوله (وإن اجتمعت جدة ذات قرابتين مع أخوين فلها ثلثا السدس في قياس قوله).
وهو المذهب اختاره التميمي والمصنف.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
وعنه ترث بأقواهما فلو تزوج بنت عمته فجدته أم أم أم ولدهما وأم أبي أبيه.
311

ولو تزوج بنت خالته فجدته أم أم أم وأم أم أب.
فائدة لو أدلت جدة بثلاث جهات ترث بها لم يمكن أن يجتمع معها جدة أخرى وارثة على الصحيح من المذهب.
وعلى الرواية الأخرى ترث معها ربع السدس أو نصفه على اختلاف الروايتين.
وتقدم في باب اللقيط أنه لو ألحق بأبوين أن لأمي أبويه اللذين ألحق بهما مع أم أم نصف السدس ولأم الأم نصفه فيعايى بها.
فائدة قوله (فإن كانت بنت وبنات بن فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين فيمكن عولها بهذا السدس كله فلو عصبها أخوها والحالة هذه فهو الأخ المشئوم لأنه ضرها وما انتفع).
ذكره في عيون المسائل والمنتخب وغيرهما.
وكذا الأخت لأب فأكثر مع الأخوة للأبوين.
فأما الأخت من الأب وهي القائلة إذا كانت حاملا مع زوج وأخت لأبوين إن ألد ذكرا فأكثر أو ذكرا وأنثى لم يرثا وإن ألد أنثى ورثت فيعايى بها.
وكذا الحكم في بنات بن الابن مع بنت الابن.
تنبيه ظاهر قوله في الحجب (ويسقط ولد الأبوين بثلاثة بالابن وابنه والأب ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة وبالأخ لأبوين لأن الجد لا يسقطهم).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب كما تقدم عند قوله (وللجد هذه الأحوال وحال رابع وهي مع الإخوة والأخوات).
312

باب العصبات.
تنبيه ظاهر قوله (ثم الجد وإن علا ثم الأخ من الأبوين).
أن الجد أولى من الإخوة من الأبوين أو الأب.
وهو صحيح في الجملة أما حمله على إطلاقه فضعيف.
فقد تقدم أن الصحيح من المذهب أن الإخوة يقاسمونه.
وأما أنه أولى في الجملة فصحيح بلا نزاع في المذهب.
ألا ترى أنه إذا لم يفضل من الميراث إلا السدس ورثه وأسقطهم.
وكذا إذا لم يبق من المال شيء أعيل بسهمه وتسقط الإخوة.
فوائد
بعد ذكر ترتيب العصبات لا يرث بنو أب أعلى مع بنى أب أقرب منه هذا صحيح بلا نزاع نص عليه.
فعلى هذا لو نكح امرأة وتزوج أبوه ابنتها فابن الأب عم وبن الابن خال فيرثه خاله دون عمه فيعايى بها.
ولو خلف الأب فيها أخا وبن ابنه وهو أخو زوجته ورثه دون أخيه فيعايى بها.
ويقال أيضا ورثت زوجة ثمنا وأخوها الباقي فيعايى بها.
فلو كان الإخوة سبعة ورثوه سواء فيعايى بها.
ولو كان الأب تزوج الأم وتزوج ابنه بنتها فابن الأب منها عم ولد الابن وخاله فيعايى بها.
ولو تزوج زيد أم عمرو وتزوج عمرو بنت زيد فابن زيد عم بن عمرو وخاله فيعايى بها.
313

ولو تزوج كل واحد منهما أخت الآخر فولد كل واحد منهما بن خال ولد الآخر فيعايى بها ولو تزوج كل واحد منهما بنت الآخر فولد كل واحد منهما خال ولد الآخر فيعايى بها.
ولو تزوج كل واحد منهما أم الآخر فهما القائلتان مرحبا بابنينا وزوجينا وابني زوجينا وولد كل واحد عم الآخر فيعايى بها.
فائدة قوله (وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المعتق ثم عصباته من بعده).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم الرد وذوو الأرحام على الإرث بالولاء.
فائدة قوله وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المعتق ثم عصباته من بعده يعني الأقرب فالأقرب كعصبات النسب.
فيقدم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وخرج بن الزاغوني في كتابه التلخيص في الفرائض من مسألة النكاح رواية أخرى باشتراك الأخ من الأب مع الأخ من الأبوين في الإرث والولاء.
فائدة قوله (ومتى كان بعض بنى الأعمام زوجا أو أخا من أم أخذ فرضه وشارك الباقين في تعصيبهم).
فلو تزوج ابنة عمه فأولدها بنتا ورثت البنت النصف وأبوها النصف بالفرض والتعصيب فيعايى بها.
ولو أولدها بنتين ورثوها أثلاثا فيعايى بها.
314

ولو كانوا ثلاث أخوة لأبوين أحدهم تزوج ابنة عمه فإذا ماتت ورث الزوج ثلثي التركة والأخوين الآخرين الثلث فيعايى بها.
ولو تزوجت رجلا فولدت ولدا ثم تزوجت بأخيه لأبيه وله خمسة أولاد ذكور ثم ولدت منه مثلهم ثم تزوجت آخر فولدت له خمس بنين أيضا ثم ماتت ثم مات ولدها الأول ورث منه خمسة إخوة نصفا وخمسة ثلثا وخمسة سدسا فيعايى بها.
قوله (فإذا استغرقت الفروض المال فلا شيء للعصبة كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأبوين أو لأب للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث وسقط سائرهم) وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل حرب أن الإخوة من الأبوين يشاركون الإخوة من الأم في الثلث.
وهو قول في الرعاية وتسمى المشركة والحمارية إذا كان فيها إخوة لأبوين.
فائدة قوله (ولو كان مكانهم أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة) بلا نزاع (وسميت ذات الفروخ).
وتسمى أيضا الشريحية لحدوثها في زمن شريح القاضي لأن الزوج سأله فأعطاه النصف فلما أعلمه بالحال أعطاه ثلاثة من عشرة فخرج وهو يقول ما أعطيت النصف ولا الثلث.
وكان شريح يقول إذا رأيتني رأيت حكما جائرا وإذا رأيتك ذكرت رجلا فاجرا لأنك تكتم القضية وتشيع الفاحشة.
315

باب أصول المسائل.
فائدة قوله (فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من ستة).
فزوج وأم وأخوان من أم من ستة.
وتسمى مسألة الإلزام لأن بن عباس رضي الله عنهما لا يعيل المسائل ولا يحجب الأم من الثلث إلى السدس إلا بثلاثة إخوة فإنه أعطى الأم الثلث هنا والباقي وهو السدس للأخوين من الأم.
فهو إنما يدخل النقص على من يصير عصبة في حال وإن أعطى الأم السدس فهو لا يحجبها إلا بثلاثة وهو لا يرى العول.
قوله (وتعول إلى عشرة).
فتسمى المسألة إذا عالت إلى تسعة الغراء لأنها حدثت بعد المباهلة فاشتهر العول فيها.
ومسألة المباهلة زوج وأم وأخت لأبوين أو لأب فشاور عمر رضي الله عنه الصحابة فأشار عليه العباس رضي الله عنه بالعول واتفقت الصحابة رضي الله عنهم على القول به إلا بن عباس رضي الله عنهما ولكنه لم يظهر ذلك في حياة عمر فلما مات عمر رضي الله عنه دعا بن عباس إلى المباهلة وقال من شاء باهلته أن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا فإذا ذهب النصفان بالمال فأين الثلث.
ثم قال وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله ما عالت فريضة قط فقيل له لم لا أظهرت هذا في زمن عمر رضي الله عنه فقال كان مهيبا فهبته انتهى.
وتقدم قبلها مسألة الإلزام ولا جواب له عنها.
316

فائدة قوله (وإذا اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فهي من اثني عشر وتعول على الأفراد إلى سبعة عشر).
كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لأبوين أو لأب فهذه تسمى أم الأرامل لأن الورثة كلهم نساء.
فإن كانت التركة سبعة عشر دينارا فلكل امرأة دينار فيعايى بها.
قوله (وإذا اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فأصلها من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر منها).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي التبصرة رواية أنها تعول إلى إحدى وثلاثين.
ولعله عنى الرواية عن بن مسعود رضي الله عنه فإنه مذهبه كما قاله في الروضة.
قوله (وإذا لم تستوعب الفروض المال ولم تكن عصبة رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا الزوج والزوجة).
وهذا المذهب نقله الجماعة وعليه الأصحاب وعليه التفريع.
وعنه يقدم الرد وذوو الأرحام على الولاء.
وتقدمت هذه الرواية في باب العصبات عند قوله وإذا انقرضت العصبة من النسب ورث المولى المعتق.
وعنه يقدم ذوو الأرحام على الرد.
وعنه لا يرث بالرد بحال.
وعنه لا يرد على ولد أم مع الأم ولا على جدة مع ذي سهم.
نقله بن منصور إلا قوله إلا مع ذي سهم.
317

فائدة إذا لم نقل بالرد كان الفاضل لبيت المال وكذلك مال من مات ولا وارث له.
لكن هل بيت المال وارث أم لا فيه روايتان.
والصحيح من المذهب والمشهور أنه ليس بوارث وإنما يحفظ فيه المال الضائع قاله في القاعدة السابعة والتسعين.
قال الزركشي في العاقلة المشهور أنه ليس بعصبة.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقاله بن البنا وغيره.
قال الحارثي في أول كتاب الوصايا والأصح أن بيت المال غير وارث لتقدم ذوي الأرحام عليه وانتفاء صرف الفاضل عن ذوي الفروض إليه.
قال المصنف ليس بعصبة.
وقال في القاعدة السادسة بعد المائة ولنا رواية أنه ينتقل إلى بيت المال إرثا.
ثم قال فإن أريد أن اشتباه الوارث بغيره يوجب الحكم بالإرث للكل فهو مخالف لقواعد المذهب.
وإن أريد أنه إرث في الباطن لمعين فيحفظ ميراثه في بيت المال ثم يصرف في المصالح للجهل بمستحقه عينا فهو والأول بمعنى واحد.
قال وينبني على ذلك مسألة اقتصاص الإمام ممن قتل من لا وارث له.
وفي المسألة وجهان منهم من بناها على أن بيت المال هل هو وارث أم لا.
ومنهم من قال لا ينبني على ذلك ثم لهم طريقان.
أحدهما أنه لا يقتص ولو قلنا بأنه وارث لأن في المسلمين الصبي والمجنون والغائب وهي طريقة أبى الخطاب.
318

والثاني يجوز الاقتصاص وإن قلنا ليس بوارث لأن ولاية الإمام ونظره في المصالح قائم مقام الوارث وهو مأخذ بن الزاغوني انتهى.
قلت قد تقدم من فوائد الخلاف في وصية من لا وارث له إن قيل إن بيت المال جهة ومصلحة جازت الوصية بجميع ماله.
وإن قيل هو وارث لم تجز إلا بالثلث قاله القاضي وتبعه في الفروع وتقدم ذلك في أول كتاب الوصايا.
وتقدم في آخر باب الفيء هل بيت المال ملك للمسلمين أم لا؟
319

باب تصحيح المسائل
فائدة قوله (فإن تباينت ضربت بعضها في بعض فما بلغ ضربته في المسألة وعولها).
كأربع نسوة وثلاث جدات وخمس أخوات لأم تسمى الصماء.
وأربع نسوة وخمس جدات وسبع بنات وتسع أخوات لأبوين أو لأب تسمى مسألة الامتحان لأنها تصح من ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين.
وذلك أنك إذا ضربت الأعداد بعضها في بعض بلغ ألفا ومائتين وستين مضروبة في أصل المسألة وهو أربعة وعشرون تبلغ ما قلنا.
فيقال أربعة أعداد وليس منهم من يبلغ عدده عشرة بلغت مسألتهم إلى ذلك فيعايى بها.
فائدة قوله (وإن كانت موافقة كأربعة وستة وعشرة) هذا يسمى الموقوف المطلق.
ذلك أن تقف أي الأعداد شئت ويصح جزء السهم من ستين.
وبقى نوع آخر ويسمى الموقوف المقيد.
مثاله لو انكسر على اثنى عشر وثمانية عشر وعشرين فهنا تقف الاثني عشر لا غير لأنها توافق الثمانية عشر بالأسداس والعشرين بالأرباع بخلاف ما إذا وقفت الثمانية عشر فإنها لا توافق العشرين إلا بالإنصاف وإن وافقت العشرين لم توافقها الثمانية عشر إلا بالأنصاف فيرتفع العمل في المسألة وهو غير مرضى عندهم.
فالأولى أن تقف الإثنى عشر وقس عليها ما شابهها.
320

باب المناسخات
فائدة قوله (ومعناها أن يموت بعض الورثة قبل قسم تركته).
وهو صحيح فلو مات شخص وترك أبوين وابنتين ثم ماتت إحدى البنتين وخلف من في المسألة فلا بد هنا من السؤال عن الميت الأول.
فإن كان رجلا فالأب في المسألة الأولى جد في الثانية أبو أب فيرثه في الثانية.
وإن كان الميت الأول أنثى فالأب في الأولى جد في الثانية أبو أم فلا يرث.
فتصح في الأولى من أربعة وخمسين.
وفي الثانية من اثنى عشر.
وتسمى المأمونية لأن المأمون سأل عنها يحيى بن أكثم لما أراد أن يوليه القضاء فقال له الميت الأول ذكر أم أنثى فعلم أنه قد عرفها.
فقال له كم سنك ففطن يحيى لذلك وظن أنه استصغره فقال سن معاذ بن جبل رضي الله عنه لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم اليمن وسن عتاب بن أسيد رضي الله عنه لما ولى مكة فاستحسن جوابه وولاه القضاء.
321

باب قسم التركات.
فائدتان
إحداهما لو قال قائل إنما يرثني أربعة بنين ولى تركة أخذ الأكبر دينارا وخمس ما بقي وأخذ الثاني دينارين وخمس ما بقي وأخذ الثالث ثلاث دنانير وخمس ما بقي وأخذ الرابع جميع ما بقي والحال أن كل واحد منهم أخذ حقه من غير زيادة ولا نقصان كم كانت التركة.
فالجواب أنها كانت ستة عشر دينارا.
وفي الفروع هنا سهو فإنه جعل للرابع أربعة وخمس ما بقي والحال أنه لم يبق شيء بعد أخذ الأربعة.
الثانية لو قال إنسان لمريض أوص فقال إنما يرثني امرأتاك وجدتاك وأختاك وعمتاك وخالتاك.
فالجواب أن كل واحد منهما تزوج بجدتي الآخر أم أمه وأم أبيه فأولد المريض كلا منهما بنتين فهما من أم الأب الصحيح عمتا الصحيح ومن أم أمه خالتاه وقد كان أبو المريض تزوج أم الصحيح فأولدها بنتين.
وتصح من ثمانية وأربعين ويعايى بها.
322

باب ذوي الأرحام.
تنبيه تقدم في آخر كتاب الفرائض رواية أن ذوي الأرحام لا يرثون البتة ولا عمل عليه.
وقوله هنا في عددهم (وكل جدة أدلت بأب بين أمين أو بأب أعلى من الجد).
أما الأولى فهي من ذوي الأرحام بلا نزاع.
وأما الجدة الثانية أعنى المدلية بأب أعلى من الجد فهي أيضا من ذوي الأرحام على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وقيل هي من ذوي الفروض.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق وقال هو ظاهر كلام الخرقي.
وتقدم ذلك أيضا في أول كتاب الفرائض في فصل الجدات.
وقوله (ويرثون بالتنزيل).
كما نقل المصنف هذا المذهب وعليه الأصحاب وعليه التفريع.
وعنه يرثون على حسب ترتيب العصبة.
قوله (والعمات والعم من الأم كالأب).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي في التعليق والمصنف وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه كالعم يعني من الأبوين قاله الأصحاب واختاره أبو بكر.
323

وقيل كل عمة كأخيها.
وعنه العمة لأبوين أو لأب كالجد.
فعليها العمة لأم والعم لأم كالجدة أمهما.
وقال في الروضة العمة كالأب وقيل كبنت.
قلت الذي يظهر أن هذا خطأ وأي جامع بين العمة والبنت.
فائدة هل عمة الأب على هذا الخلاف.
وهل عم الأب من الأم وعمة الأب لأم كالجد أو كعم الأب من الأبوين أو كأم الجد مبنى على هذا الخلاف أيضا.
وليسا كأب الجد لأنه أجنبي منهما.
قوله (فإذا أدلى جماعة بواحد واستوت منازلهم منه فنصيبه بينهم بالسوية ذكرهم وأنثاهم فيه سواء).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال أبو الخطاب اختاره عامة شيوخنا.
قال الزركشي عليه جمهور الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر والفائق وغيرهم.
وعنه للذكر مثل حظ الأنثيين إلا ولد الأم.
وقال الخرقي يسوي بينهم إلا الخال والخالة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها جماعة.
واختاره بن عقيل في التذكرة استحسانا.
واختاره أيضا الشيرازي.
324

قال المصنف في المغنى لا أعلم له وجها.
قال القاضي لم أجد هذا بعينه عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله (وإن كان بعضهم أقرب من بعض فمن سبق إلى الوارث ورث وأسقط غيره إلا أن يكونا من جهتين فينزل البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب أم لا كبنت بنت بنت وبنت أخ لأم).
فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن المال لبنت بنت البنت بالفرض والرد.
وذكر في الترغيب رواية أن الإرث للجهة القربى مطلقا.
وفي الروضة في بن بنت وبن أخ لأم له السدس ولابن البنت النصف فالمال بينهما على أربعة بالفرض والرد.
قوله (والجهات أربع الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة).
هذا أحد الوجوه اختاره المصنف أو لا.
ويلزمه عليه إسقاط بنت الأخ وبنات الأخوات وبنوهن ببنات الأعمام والعمات.
قال الشارح وهو بعيد.
قال في المحرر وإذا كان بن ابن أخت لأم وبنت بن ابن أخ لأب فله السدس ولها الباقي.
ويلزم من جعل الأخوة جهة أن يجعل المال للبنت وهو بعيد جدا حيث يجعل أجنبيتين أهل جهة واحدة ورده شارحه.
قال في الفائق وهو فاسد.
قال في الرعاية وهو بعيد وقيل خطأ.
325

وذكر أبو الخطاب العمومة جهة خامسة.
وهو مفض إلى إسقاط بنت العم من الأبوين ببنت العم من الأم وبنت العمة.
قال المصنف هنا ولا نعلم به قائلا.
وذكر في المغنى أنه قياس قول محمد بن سالم.
قال في الفائق ولم يعد قبله.
قال في الرعاية الصغرى هذا أشهر.
واعلم أن الصحيح من المذهب أن الجهات ثلاث وهم الأبوة والأمومة والبنوة اختاره المصنف أخيرا والمجد والشارح.
وجزم به في العمدة والوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويلزم عليه إسقاط بنت عمة ببنت أخ.
قال في الفائق وهو أفسد من القول الأول.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله النزاع لفظي.
ولا فرق بين جعل الأخوة والعمومة جهة وبين إدخالها في جهة الأبوة والأمومة ويجعل الجهات ثلاثا والاعتراض في الصورتين لا حقيقة له.
لأنا إذا قلنا إذا كانا من جهة قدمنا الأقرب إلى الوارث فإذا كانا من جهتين لم يقدم الأقرب إلى الوارث.
فاسم الجهة عند أبي الخطاب وغيره يعني به ما يشتركان فيه من القرابة.
ومعلوم أن بنات العم والعمة يشتركن في بنوة العمومة وبنات الإخوة يشتركن في بنوة الأخوة ولم يرد أبو الخطاب بالجهة الوارث الذي يدلى به.
ولهذا فرق بين الوارث الذي يدلى به وبين الجهة فقال إلا أن يسبقه إلى وارث آخر غيره وتجمعهما جهة واحدة.
326

وإذا نزلنا بنت العمة والعم منزلة الأب لم يمنع ذلك أن يكون جهة من جهات العمومة للمشاركة في الاسم انتهى كلامه.
فائدة البنوة جهة واحدة على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه كل ولد الصلب جهة.
قال في المحرر والحاوي وهي الصحيحة عندي.
وعنه كل وارث يدلى به جهة.
فعمة وبن خال له الثلث ولها البقية.
ولو كان معهما خالة أم كان الحكم كذلك.
والصحيح من المذهب أن بن الخال يسقط بها ولها السدس والبقية للعمة وخالة أم وخالة أب المال لهما كجدتين وتسقطهما أم أبى الأم على هذه الرواية والمذهب تسقط هي.
ولو كانت بنت بنت بنت وبنت بنت بن فالميراث على أربعة بينهما إن قيل كل ولد صلب جهة.
وإن قيل كلهم جهة اختصت به الثانية للسبق.
ولو كان معها بنت بنت بنت أخرى فالميراث لولدي بنتي الصلب على الأول ولولدي الابن على الثاني قاله في الفائق وغيره.
قوله (ومن مت بقرابتين) أي أدلى (ورث بهما).
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب كشخصين.
وحكى عنه أنه يرث بأقواهما.
قوله (وإن اتفق معهم أحد الزوجين أعطيته فرضه غير محجوب ولا معاول وقسمت الباقي بينهم كما لو انفردوا).
327

وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يقسم الفاضل عن الزوج بينهم كما يقسم بين من أدلوا به وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به القاضي في التعليق وذكره في الواضح.
والأمثلة التي ذكرها المصنف بعد ذلك مبنية على هذا الخلاف.
وقد علمت المذهب منه.
328

باب ميراث الحمل.
فائدة الحمل يرث في الجملة بلا نزاع.
لكن هل يثبت له الملك بمجرد موت موروثه ويتبين ذلك بخروجه حيا أم لا يثبت له الملك حتى ينفصل حيا فيه خلاف بين الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية وهذا الخلاف مطرد في سائر أحكامه.
الثانية هل هي معلقة بشرط انفصاله حيا فلا تثبت قبله أو هي ثابتة له في حال كونه حملا لكن ثبوتها مراعى بانفصاله حيا فإذا انفصل حيا تبينا ثبوتها من حين وجود أسبابها.
وهذا هو تحقيق معنى قول من قال هل الحمل له حكم أم لا.
قال والذي يقتضيه نص الإمام أحمد رحمه الله في الإنفاق على أمه من نصيبه أنه يثبت له الملك بالإرث من حين موت أبيه وصرح بذلك بن عقيل وغيره من الأصحاب.
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على خلافه وأنه لا يثبت له الملك إلا بالوضع.
وقال المصنف ومن تابعه في فطرة الجنين لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث في الوصية بشرط خروجه حيا انتهى.
فائدة قوله (وقفت له نصيب ذكرين إن كان نصيبهما أكثر وإلا وقفت نصيب اثنين).
وكذا لو كان إرث الذكر والأنثى أكثر قاله في الرعايتين.
وهذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب.
فمثال كون الذكرين نصيبهما أكثر لو خلف زوجة حاملا.
ومثاله في الأنثيين كزوجة حامل مع أبوين.
329

ومثاله في الذكر والأنثى لو خلف زوجة أو خلفت زوجا وأما حاملا قاله في الرعاية الكبرى وفيه نظر ظاهر.
قوله (وإذا استهل المولود صارخا ورث وورث) مخففا.
هذا المذهب نقله أبو طالب.
قال في الروضة هذا الصحيح عندي.
وجزم في الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يرث أيضا بصوت غير الصراخ.
قوله (وفي معناه العطاس والتنفس).
هذا المذهب نص عليه في العطاس.
وجزم به في الرعايتين والوجيز والحاوي الصغير والهداية والخلاصة وغيرهم.
وجزم به في المذهب في العطاس وقدمه في الفائق.
وقال القاضي وأصحابه وجماعة في التنفس.
قال في الفائق وشرط القاضي طول زمن التنفس.
وقال في الترغيب إن قامت بينة أن الجنين تنفس أو تحرك أو عطس فهو حي.
وقال في المذهب ومسبوك الذهب في هذا الباب فإن تحرك أو تنفس لم يكن كالاستهلال.
ونقل بن الحكم إذا تحرك ففيه الدية كاملة ولا يرث ولا يورث حتى يستهل.
وظاهر ما قدمه في الفروع أن مجرد التنفس كالاستهلال.
وقال في الفائق وعنه يتعين الاستهلال فقط.
قوله (والارتضاع).
330

يعني أنه في معنى الاستهلال صارخا فيرث ويورث بذلك وهو المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وقدمه في الفائق وغيره.
وقيل لا يرث بذلك ولا يورث.
وتقدمت الرواية التي ذكرها في الفائق.
قوله (وما يدل على الحياة).
كالحركة الطويلة والبكاء وغيرهما مما يعلم به حياته وهذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا الأشهر وقيل لا يرث ولا يورث بذلك.
قوله (فأما الحركة والاختلاج فلا يدل على الحياة).
مجرد الاختلاج لا يدل على الحياة.
وأما الحركة فإن كانت يسيرة فلا تدل بمجردها على الحياة.
قال المصنف ولو علم معهما حياة لأنه لا يعلم استقرارها لاحتمال كونها كحركة المذبوح فإن الحيوان يتحرك بعد ذبحه حركة شديدة وهو كميت.
وكذا التنفس اليسير لا يدل على الحياة ذكره في الرعاية.
وإن كانت الحركة طويلة فالمذهب أنها تدل على الحياة وأن حكمها حكم الاستهلال صارخا.
قال في الفروع هذا الأشهر وقيل لا يرث ولا يورث بذلك.
وتقدمت الرواية التي في الفائق فإنها تشمل ذلك كله.
قوله (وإن ظهر بعضه فاستهل ثم انفصل ميتا لم يرث).
هذا المذهب جزم به في الكافي والوجيز.
331

قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في الفروع والشرح.
وعنه يرث.
قال في الخلاصة ورث في الأصح.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح بن منجا.
تنبيه قوله (وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما وأشكل أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة فهو المستهل).
مراده إذا كان إرثهما مختلفا فلو كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكرا وأنثى أخوين لأم لم يقرع بينهما ويقرع فيما سوى ذلك وهو واضح.
فائدتان
إحداهما لو مات كافر عن حمل منه لم يرثه الحمل للحكم بإسلامه قبل وضعه على الصحيح من المذهب نص عليه ونصره في القواعد الفقهية.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يرث اختاره القاضي في بعض كتبه.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وفي المنتخب للشيرازي يحكم بإسلامه بعد وضعه ويرثه.
ثم ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله إذا مات حكم بإسلامه ولم يرثه وحمله على ولادته بعد قسم الميراث.
الثانية إذا مات كافر عن حمل من كافر غيره فأسلمت أمه قبل وضعه مثل أن يخلف أمه حاملا من غير أبيه فحكمه حكم المسألة الأولى قاله الأصحاب.
قال في الرعاية ويحتمل أن يرث حيث ثبت النسب.
332

تنبيه روى عن الإمام أحمد رحمه الله في ذلك نصوص نذكرها ونذكر ما فسره الأصحاب به فنقول.
روى جعفر عنه في نصراني مات وامرأته نصرانية وكانت حبلى فأسلمت بعد موته ثم ولدت هل يرث.
قال لا وقال إنما مات أبوه وهو لا يعلم ما هو وإنما يرث بالولادة وحكم له بحكم الإسلام.
وقال محمد بن يحيى الكحال قلت لأبى عبد الله مات نصراني وامرأته حامل فأسلمت بعد موته قال ما في بطنها مسلم.
قلت أيرث أباه إذا كان كافرا وهو مسلم قال لا يرثه.
فصرح بالمنع من إرثه لأبيه معللا بأن إرثه يتأخر إلى ما بعد الولادة وإذا تأخر توريثه إلى ما بعد الولادة فقد سبق الحكم بإسلامه زمن الولادة إما بإسلام أمه كما دل عليه كلام الإمام أحمد رحمه الله هنا أو بموت أبيه على ظاهر المذهب والحكم بالإسلام لا يتوقف على العلم به بخلاف التوريث.
وهذا يرجع إلى أن التوريث يتأخر عن موت الموروث إذا انعقد سببه في حياة الموروث وأصول الإمام أحمد رحمه الله تشهد لذلك ذكره بن رجب في قواعده.
وقال وأما القاضي والأكثرون فاضطربوا في تخريج كلام الإمام أحمد رحمه الله وللقاضي في تخريجه ثلاثة أوجه.
الأول أن إسلامه قبل قسم الميراث أوجب منعه من التوريث وهي طريقة القاضي في المجرد وبن عقيل في الفصول.
قال بن رجب وهي ظاهرة الفساد.
والوجه الثاني أن هذه الصورة من جملة صور توريث الطفل المحكوم بإسلامه بموت أبيه ونصه هذا يدل على عدم التوريث فتكون رواية ثانية في المسألة وهذه طريقة القاضي في الروايتين.
333

قال بن رجب وهي ضعيفة لأن الإمام أحمد رحمه الله صرح بالتعليل بغير ذلك ولأن توريث الطفل من أبيه الكافر وإن حكم بإسلامه بموته غير مختلف فيه حتى نقل بن المنذر وغيره الإجماع عليه فلا يصح حمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على ما يخالف الإجماع.
والوجه الثالث أن الحكم بإسلام هذا الطفل حصل بشيئين بموت أبيه وإسلام أمه.
وهذا الثاني مانع قوى لأنه متفق عليه فلذلك منع الميراث بخلاف الولد المنفصل إذا مات أحد أبويه فإنه يحكم بإسلامه ولا يمنع إرثه لأن المانع فيه ضعيف للاختلاف فيه.
وهذه طريقة القاضي في خلافه.
قال بن رجب وهي ضعيفة أيضا ومخالفة لتعليل الإمام أحمد رحمه الله.
فإنه إنما علل بسبق المانع لتوريثه لا بقوة المانع وضعفه.
وإنما ورث الإمام أحمد رحمه الله من حكم بإسلامه بموت أحد أبويه لمقارنة المانع لا لضعفه انتهى ما ذكره في القواعد.
فائدتان
إحداهما لو زوج أمته بحر فأحبلها فقال السيد إن كان حملك ذكرا فأنت وهو رقيقان وإلا فأنتما حران فهي القائلة إن ألد ذكرا لم أرث ولم يرث وإلا ورثنا فيعايى بها.
وتقدم مسائل في المعاياة فيما إذا كانت حاملا.
الثانية لو خلف ورثة وأما مزوجة فقال في المغنى ينبغي أن لا يطأها حتى تستبرأ.
وذكر غيره من الأصحاب يحرم الوطء حتى يعلم أحامل هي أم لا وهو الصواب.
334

باب ميراث المفقود.
قوله (وإذا انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة ونحوها انتظرته تمام تسعين سنة من يوم ولد).
هذا المذهب نص عليه صححه في المذهب وغيره.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الهداية وغيره هذا أشهر الروايتين.
وجزم به في الخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ينتظر أبدا.
فعليها يجتهد الحاكم فيه كغيبة بن تسعين ذكره في الترغيب.
قال في الرعايتين والحاوي في باب العدد وإن كان ظاهرها السلامة ولم يثبت موته بقيت زوجته ما رأى الحاكم ثم تعتد للوفاة.
وأطلقهما في الشرح والنظم.
وعنه ينتظر أبدا حتى تتيقن موته لأن الأصل حياته.
قدمه في باب العدد في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح وقالا هذا المذهب ونصراه.
وعنه تنتظر زمنا لا يعيش مثله غالبا اختاره أبو بكر وغيره.
وقال بن عقيل تنتظر مائة وعشرين سنة من يوم ولد.
وقال بن رزين يحتمل عندي أن ينتظر به أربع سنين لقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك.
قال في الفروع وإنما قضاؤه فيمن هو في مهلكة.
335

قال في الفائق قلت فلو فقد وله تسعون سنة فهل تنتظر عدة الوفاة أو يرجع إلى اجتهاد الحاكم أو يرتقب أربع سنين يحتمل أوجها.
أفتى الشيخ شمس الدين بالأول يعني به الشارح والمختار الأخير انتهى.
قلت قد تقدم أن صاحب الترغيب قال يجتهد الحاكم ووافقه على ذلك في الفروع وهو أولى.
قوله (وإن كان ظاهرها الهلاك) كما مثل المصنف (انتظر به تمام أربع سنين ثم يقسم ماله).
هذا المذهب.
قال المصنف وصاحب الفائق والشارح هذا المذهب نص عليه.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وجزم به في الوجيز فقال انتظر به تمام أربع سنين منذ تلف.
وتابع صاحب الرعاية الكبرى في ذلك.
والأولى منذ فقد وهو من مفردات المذهب.
وعنه ينتظر به أربع سنين وزيادة أربعة أشهر وعشر.
قال القاضي لا يقسم ماله حتى تمضي عدة الوفاة بعد الأربع سنين.
وعنه التوقف في أمره.
وقال كنت أقول ذلك وقد هبت الجواب فيها لاختلاف الناس وكأني أحب السلامة.
قال في المستوعب قال أصحابنا وهذا توقف يحتمل الرجوع عما قاله أولا وتكون المرأة على الزوجية حتى يثبت موته أو يمضي زمان لا يعيش فيه مثله.
ويحتمل التورع ويكون ما قاله أولا بحاله في الحكم.
وعنه حكمه في الانتظار حكم التي ظاهرها السلامة.
336

وقال في الواضح ينتظر زمنا لا يجوز مثله قال وحدها في بعض رواياته بتسعين سنة وقيل بسبعين.
فائدة نقل الميموني في عبد مفقود الظاهر أنه كالحر قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
ونقل مهنا وأبو طالب في الأمة أنها على النصف من الحرة.
قوله (فإن مات موروثه في مدة التربص دفع إلى كل وارث اليقين ووقف الباقي).
وطريق العمل في ذلك أن تعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت ثم تضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى واجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتدفع إلى كل وارث اليقين ومن سقط في إحداهما لم يأخذ شيئا وهذا المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والنظم.
وقيل تعمل المسألة على تقدير حياته فقط ولا تقف شيئا سوى نصيبه إن كان يرث.
قال في المحرر وهو أصح عندي.
وصححه في الحاوي الصغير والفروع.
فعلى هذا القول يؤخذ ضمين ممن معه احتمال زيادة على الصحيح.
337

قدمه في الفائق والرعايتين.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم.
وقيل لا يؤخذ منه ضمين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
قوله (فإن قدم أخذ نصيبه) بلا نزاع.
وقوله (وإن لم يأت فحكمه حكم ماله).
هذا الصحيح صححه في المحرر والنظم.
قال في الفائق هو قول غير صاحب المغنى فيه.
وقطع به في الكافي والوجيز وشرح بن منجا.
وقدمه في المحرر أيضا والحاوي الصغير.
وقيل يرد إلى ورثة الميت الذي مات في مدة التربص قطع به في المغنى.
وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الفروع وحكاهما في الشرح روايتين.
قال في الفروع والمعروف وجهان.
قلت لم نر من حكاهما روايتين غيره.
فعلى الأول يقضي منه دين المفقود بلا نزاع.
وينفق على زوجته أيضا وعبده وبهيمته وصححه في المحرر وغيره.
قال في الفائق يقضي منه تلك الحالة دينه وينفق على زوجته وغير ذلك انتهى.
وعلى الثاني لا يقضي منه دينه ولا ينفق منه على زوجته ولا عبده ولا بهيمته جزم به صاحب المحرر والتهذيب والفصول والمستوعب والمغنى وغيرهم.
وقال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة يقسم ماله بعد انتظاره.
وهل تثبت له أحكام المعدوم من حين فقده أولا تثبت إلا من حين.
338

إباحة أزواجه وقسمة ماله على وجهين ينبنى عليهما لو مات له في مدة انتظاره من يرثه فهل يحكم بتوريثه منه أم لا.
ونص الإمام أحمد رحمه الله إنه يزكي ماله بعد مدة انتظاره معللا بأنه مات وعليه زكاة.
وهذا يدل على أنه لا يحكم له بأحكام الموت إلا بعد المدة وهو الأظهر انتهى.
قوله (ولباقي الورثة أن يصطلحوا).
على ما زاد عن نصيبه فيقتسموه.
يجوز للورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيب المفقود ولهم أن يصطلحوا على كل الموقوف أيضا إن حجب
أحدا ولم يرث أو كان أخا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين وهذا كله مفرع على الصحيح من المذهب.
أما على ما اختاره صاحب المحرر وهو أنا نعمل المسألة على تقدير حياته فقط فلا يتأتي هذا.
وقد تقدم أنه يؤخذ ضمين ممن معه احتمال زيادة على الصحيح فليعاود.
فوائد
الأولي إذا قدم المفقود بعد قسم ماله أخذ ما وجده بعينه ويرجع على من أخذ الباقي على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية عبد الله واختاره أبو بكر.
قال في الفائق وهو أصح وصححه بن عقيل وغيره.
وجزم به المصنف وغيره.
وعنه لا يرجع على من أخذ نص عليه في رواية بن منصور.
وقال إنما قسم بحق لهم.
339

قال في الفروع اختاره جماعة وقدمه في الرعاية الكبرى.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف فإنه قال رجع في رواية.
ونقل بن منصور لا يرجع.
الثانية لو جعل لأسير من وقف شيء تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه بعده جميعا ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واقتصر عليه في الفروع.
وقال ويتوجه وجه يكفي وكيله.
قلت ويتوجه أن يحفظه الحاكم إذا عدم الوكيل لأنه المتكلم على أموال الغياب على ما يأتي في أواخر باب أدب القاضي.
الثالثة المشكل نسبه كالمفقود.
فلو قال رجل أحد هذين ابني ثبت نسب أحدهما فيعينه فإن مات عينه وارثه فإن تعذر أرى القافة فإن تعذر عين أحدهما بالقرعة ولا مدخل للقرعة في النسب على ما يأتي ولا يرث ولا يوقف.
ويصرف نصيب بن لبيت المال ذكره في المنتخب عن القاضي.
وذكر الأزجي عن القاضي يعزل من التركة ميراث بن يكون موقوفا في بيت المال للعلم باستحقاق أحدهما.
قال الأزجي والمذهب الصحيح لا وقف لأن الوقف إنما يكون إذا رجى زوال الإشكال.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم ومن افتقر نسبه إلى قائف فهو في مدة إشكاله كالمفقود.
الرابعة قال في الرعاية الكبرى والعمل في المفقودين أو أكثر بتنزيلهم بعدد أحوالهم لا غير دون العمل بالحالين.
340

باب ميراث الخنثى.
قوله (وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما فإن استويا فهو مشكل).
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل لا تعتبر الكثرة ونقله بن هانئ وهو ظاهر كلام أبي الفرج وغيره فإنه قال هل يعتبر السبق في الانقطاع فيه روايتان ولم يذكر الكثرة.
وقال في التبصرة يعتبر أطولهما خروجا ونقله أبو طالب لأن بوله يمتد وبولها يسيل.
وقال القاضي وبن عقيل إن خرجا معا حكم للمتأخر.
وقدم بن عقيل الكثرة على السبق.
وقيل إن انتشر بوله على كثيب رمل فذكر وإن لم ينتشر فأنثى.
قال في الرعاية وفيه بعد.
وقال بن أبى موسى تعد أضلاعه فستة عشر ضلعا للذكر وسبعة عشر للأنثى.
قال في الرعاية وفيه بعد.
قوله (وإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير أعطى هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فتظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المنى من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه).
كسقوط الثديين نص عليه وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمحرر والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
341

وقيل لا أنوثة بسقوط الثديين.
وقيل إن اشتهى النساء فذكر في كل شيء.
قال القاضي في الجامع إلا في الإرث والدية لأن للغير حقا وإن اشتهى ذكرا فأنثى.
وقال في عيون المسائل إن حاض من فرج المرأة أو احتلم منه أو أنزل من ذكر الرجل لم يحكم بالخنوثة لجواز كونه خلقة زائدة وإن حاض من فرج النساء وأنزل من ذكر الرجل فبالغ بلا إشكال.
وتقدم في باب الحجر بما يحصل به بلوغ الخنثى المشكل فليعاود فإن فيه نوع التفات إلى هذا.
قوله (وإن يئس من ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه أعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى فإذا كان مع الخنثى بنت وبن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة).
وهذا اختيار المصنف وقال هذا قول لا بأس به في هذه المسألة وفي كل.
مسألة فيها ولد إذا كان فيهم خنثى.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال أصحابنا تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى وهو المذهب.
وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات.
فيستحق على اختيار المصنف ومن تابعه في هذه المسألة ثلاثة من تسعة وهي الثلث وعلى قول الأصحاب يستحق ثلاثة عشر من أربعين وهي أقل من الثلث.
قوله (ثم تضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى إن اتفقا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا).
342

هكذا قال الأصحاب وقال في الرعاية وقيل المناسب هنا نوع من الموافق.
تنبيه مراده بقوله أعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى إذا كان يرث بهما متفاضلا كولد الميت أو ولد ابنه.
أما إذا ورث بكونه ذكرا فقط كولد أخي الميت أو عمه ونحوه فله نصف ميراث ذكر لا غير أو ورث بكونه أنثى فقط كولد أب خنثى مع زوج وأخت لأبوين ونحوه فله نصف ميراث أنثى لا غير أو يكون الذكر والأنثى لا تفاضل بينهما كولد الأم فإنه يعطي سدسا مطلقا أو كان الخنثى سيدا معتقا فإنه عصبة بلا نزاع.
قوله (وإن كانا خنثيين فأكثر نزلتهم بعدد أحوالهم).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم بن عقيل والمصنف وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والفائق والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال أبو الخطاب ينزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا وقدمه في الرعايتين.
وقال في الفروع وقال بن عقيل تقسم التركة ولا توقف مع خنثى مشكل على الأصح.
وقال في الفائق وفيه وجه ينزلون حالين فقط ذكورا وإناثا اختاره أبو الخطاب مع مزاحمتهم مع غيرهم من وجه واحد.
وفيها وجه ثالث وهو قسمة مستحقيهم بينهم على أنصبائهم منفردين.
فلو كان الوارث ابنا وولدين خنثيين صحت من مائتين وأربعين على تنزيلهم على الأحوال للابن ثمانية وتسعون ولكل خنثى أحد وسبعون.
وتصح على الحالين من أربعة وعشرين عشرة للابن ولكل خنثى سبعة وعلى الوجه الثالث تصح من عشرة للابن أربعة ولكل خنثى ثلاثة ولو كان الوارث ولدا أو ولد بن خنثيين وعما صحت المسألة من أربعة وعشرين ثمانية عشر للولد وأربعة لولد الابن وسهمان للعم.
343

وعلى العمل بالحالين يسقط ولد الابن هنا لو كان مع ولد الصلب أخته قاله في الرعاية الكبرى وفي الصغرى ولو كان بزيادة واو.
فوائد
الأولى لو أعطيت الخناثى اليقين قبل اليأس من انكشاف حالهم نزلتهم بعدد أحوالهم بلا خلاف وكذا حكم المفقود كما تقدم.
الثانية لو صالح الخنثى المشكل من معه على ما وقف له صح إن كان بعد البلوغ وإلا فلا.
الثالثة قال المصنف لقد وجدنا في عصرنا شيئا لم يذكره الفرضيون فإنا وجدنا شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج لا ذكر ولا فرج.
أما أحدهما فذكروا أنه ليس له في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا على الدوام.
والثاني ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول.
وسألت من أخبرني عن زيه فقال يلبس لبس النساء ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة.
وحدثت أن في بلاد العجم شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه.
قال المصنف فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى لكنه لا يمكن اعتباره بمباله فإن لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى في موضع ومن له ثقب واحد يخرج منه البول والمنى والدم فله حكم الخنثى.
وقال في موضع آخر وإن كان له ثقب واحد يرشح منه البول فهو خنثى مشكل كما تقدم.
344

باب ميراث الغرقى ومن عمى موتهم.
قوله (وإذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا كالغرقى والهدمى واختلف وارثهما في السابق منهما إذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا فلا يخلو إما أن يجهلوا السابق ويختلفوا فيه أو يجهلوا السابق ولا يختلفون فيه).
فإن جهلوا السابق ولم يختلفوا فيه فالصحيح من المذهب أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت لئلا يدخله الدور نص عليه.
قال المصنف هنا هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال نص عليه واختاره الأكثر وهو من مفردات المذهب.
وخرج أبو بكر ومن بعده منع توارث بعضهم من بعض.
وهذا التخريج من المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا اختلف ورثة كل ميت في السابق منهما ولا بينة في المسألة الآتية بعد هذه.
واختاره المصنف والمجد وحفيده الشيخ تقي الدين رحمهما الله وصاحب الفائق.
فائدة لو علم السابق منهما موتا ثم نسي أو جهلوا عينه فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسألة التي قبلها وعليه أكثر الأصحاب.
قال القاضي هو قياس المذهب.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والزركشي.
قال في القواعد هذا المذهب وقيل يعين بالقرعة.
وقال الأزجي إنما لم نجز القرعة هنا لعدم دخولها في النسب.
345

قال القاضي لا يمتنع أن نقول بالقرعة هنا.
وذكر البونى أنه يعمل باليقين ويقف مع الشك حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا واختاره المصنف والشارح أيضا والمسألة الثانية إذا جهلوا السابق واختلف وارثهما في السابق منهما ولا بينة أو كانت بينة وتعارضت تحالفا ولم يتوارثا على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال المصنف هنا وهذا أحسن إن شاء الله تعالى.
واختاره الخرقي وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر وقدمه في الفائق والزركشي.
وقال جماعة يتوارثان منهم أبو الخطاب.
قال القاضي في المجرد وبن عقيل هذا قياس المذهب.
وجعله المصنف هنا ظاهر المذهب.
وقيل يقرع بينهما.
قال أبن أبى موسى القرعة تعين أسبقهما وضعفه أبو بكر في كتاب الخلاف.
وقال جماعة من الأصحاب وإن تعارضت البينة وقلنا بالقسمة قسم بينهما ما اختلفا فيه نصفين قاله في القواعد.
والوجه الرابع وهو اختيار أبى بكر في كتاب الخلاف أنه يقسم القدر المتنازع فيه من الميراث بين مدعييه نصفين وعليهما اليمين في ذلك كما لو تنازعا دابة في أيديهما.
ويأتي هذا بعينه في كلام المصنف في باب تعارض البينتين.
فوائد
الأولى لو عين الورثة موت أحدهما وشكوا هل مات لآخر قبله
346

أو بعده ورث من شك في وقت موته من الآخر لأن الأصل بقاؤه وهذا المذهب قدمه في المحرر والفروع والفائق.
وقيل لا توارث بينهما.
قال في المحرر وهو بعيد.
قال في الفائق وهو ضعيف.
الثانية لو تحقق موتهما معا لم يتوارثا اتفاقا.
الثالثة وهي غريبة لو مات أخوان عند الزوال أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ورث الذي مات بالمغرب من الذي مات بالمشرق لموته قبله.
بناء على اختلاف الزوال قاله في الفائق.
وقال ذكره بعض العلماء قال وهو صحيح.
قلت فيعايى بها.
ولو ماتا عند ظهور الهلال قال في الفائق فتعارض في المذهب والمختار أنه كالزوال انتهى.
فيعايى بها أيضا على اختياره.
347

باب ميراث أهل الملل.
قوله (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يرث المسلم من قريبه الكافر الذمي لئلا يمتنع قريبه من الإسلام ولوجوب نصرتهم ولا ينصروننا.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا إرث بينهما بالولاء وهو إحدى الروايتين.
والصحيح من المذهب أنه يرث بالولاء قدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الولاء.
قوله (إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه).
وكذا لو كان مرتدا على ما يأتي في كلام المصنف وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
قال في الرعايتين هذا المذهب قال الزركشي هذا المشهور.
واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه في المحرر والفروع والفائق وهو من المفردات.
وعنه (لا يرث).
صححه جماعة واختاره في الفائق.
قال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة وحكى القاضي عن أبي بكر أن الزوجين لا يتوارثان بالإسلام قبل القسمة بحال.
قال وظاهر كلام الأصحاب خلافه وأنه لا فرق بين الزوجين وغيرهما.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه سواء كان المسلم زوجة أو غيرها ممن
348

يرث وهو صحيح وصرح به القاضي وغيره ونص عليه في رواية البرزاطى ما لم تنقض عدتها.
وقيل لا ترث الزوجة إذا أسلمت.
قال في الفائق ولو كان المسلم زوجة لم ترث في قول أبى بكر وورثها القاضي.
وهو ظاهر كلام الخرقي ذكره بن عقيل.
قال في القواعد بعد أن قطع بالأول وعلى هذا لو أسلمت المرأة أولا ثم ماتت في مدة العدة لم يرثها زوجها الكافر ولو أسلم قبل القسمة لانقطاع علق الزوجية عند موتها.
قوله (وإن عتق عبد بعد موت مورثه وقبل القسمة لم يرث وجها واحدا).
قال في الهداية وغيرها رواية واحدة وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير هذا المذهب.
وقدمه في الفائق وغيره وصححه في الفروع وغيره.
وعنه يرث ذكرها بن أبي موسى وخرجه التميمي على الإسلام.
فائدة قال في القاعدة السادسة والخمسين ولو وجدت الحرية عقب موت الموروث أو معه كتعليق العتق على ذلك أو دين بن عمه ثم مات لم يرث ذكره القاضي وصاحب المغنى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يخرج على الوجهين فيما إذا حدثت الأهلية مع الحكم هل يكتفي بها أو يشترط تقدمها.
349

قوله (ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم وهم ثلاث ملل اليهودية والنصرانية ودين سائرهم).
هذا إحدى الروايات.
قال الزركشي هذا قول القاضي وعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز.
وعنه رواية ثانية أنهم ملل شتى مختلفة وهو الصحيح من المذهب.
اختاره أبو بكر والمصنف والشارح وقدمه في المحرر والفروع.
فعلى هذا المجوسية ملة وعبدة الأوثان ملة وعباد الشمس ملة.
وعنه أن الكفر ملة واحدة اختاره الخلال وقدمه بن رزين في شرحه.
وعنه اليهودية والنصرانية ملتان والمجوسية والصابئة ملة.
وقيل الصابئة كاليهودية وقيل كالنصرانية.
وقد تقدم في أول باب عقد الذمة أن الإمام أحمد رحمه الله قال هم جنس من النصارى.
وقال في موضع آخر بلغني أنهم يسبتون.
وقيل من لا كتاب له ملة واحدة وأطلقهن في الفائق.
قوله (وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا).
هذا المذهب اختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وعنه يتوارثون جزم به في المنور واختاره الخلال.
وقدمه في المحرر فقال ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت مللهم.
وقدمه بن رزين في شرحه وهو مقتضى كلام الخرقي.
وأطلقهما في الكافي.
350

وقال القاضي يتوارثون إذا كانوا في دار الحرب.
تنبيه الخلاف هنا مبنى على الخلاف في الملل.
فإن قلنا الملل مختلفة لم يتوارثوا مع اختلافهم وإن قلنا الكفر كله ملة واحدة توارثوا.
قوله (ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا).
ذكره القاضي وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا.
قال في المحرر والفائق لا يتوارثون عند أصحابنا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
قال الزركشي منعه القاضي وكثير من الأصحاب.
ويحتمل أن يتوارثا وهو المذهب نص عليه في رواية يعقوب.
وذكره القاضي في التعليق.
وذكر أبو الخطاب في الانتصار أنه الأقوى في المذهب.
قال المصنف هو قياس المذهب وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والزركشي.
فائدة يرث الحربي المستأمن وعكسه ويرث الذمي المستأمن وعكسه على الصحيح من المذهب.
جزم به في الفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المنتخب يرث المستأمن ورثته الذين بدار الحرب لأنه حربي.
وقال في الترغيب هو في حكم ذمي وقيل حربي.
قوله (والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسم الميراث).
فإذا لم يسلم لم يرث أحدا وإن أسلم قبل قسم الميراث فحكمه حكم
351

الكافر الأصلي إذا أسلم قبل قسم الميراث على ما تقدم خلافا ومذهبا فليعاود وإرثه قبل قسم الميراث من مفردات المذهب كما تقدم في الكافر الأصلي.
قوله (وإن مات في ردته فماله فيء).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية على ذلك عامة أصحابنا قال القاضي هذا الصحيح من المذهب وكذا قال الشارح في باب المرتد.
وقال هنا هذا المشهور.
قال الزركشي اختاره القاضي وأصحابه وعامة الأصحاب.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وعنه أنه لورثته من المسلمين اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وعنه أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره.
قال الزركشي بشرط أن لا يكونوا مرتدين.
وروى بن منصور أنه رجع عن هذا القول وأطلقهن في الهداية والمذهب.
فائدتان
إحداهما الزنديق وهو المنافق كالمرتد على ما تقدم على الصحيح من المذهب خلافا ومذهبا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يرث ويورث.
الثانية كل مبتدع داعية إلى بدعة مكفرة فماله فيء نص عليه في الجهمي وغيره وسيأتي ذلك في باب موانع
الشهادة.
352

وعلى الأصح من الروايتين أو غير داعية وهما في غسله والصلاة عليه وغير ذلك.
ونقل الميموني في الجهمي إذا مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده قال أنا لا أشهده يشهده من شاء.
قال بن حامد ظاهر المذهب خلافها على نقل يعقوب وغيره وأنه بمثابة أهل الردة في وفاته وماله ونكاحه.
قال وقد يتخرج على رواية الميموني أنه إن تولاه متول فإنه يحتمل في ماله وميراثه أهله وجهان.
قوله (وإن أسلم المجوسي أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يرثون بأقواها وهي ما يرث بها مع ما يسقط الأخرى ذكرها حنبل ومنعها أبو بكر.
فائدة حكم ما إذا أولد المسلم ذات محرم وغيرها بشبهة تثبت النسب حكم المجوس في إرثهم بجميع قراباتهم قاله الأصحاب.
وقال المصنف والشارح وكذا الحكم في كل من أجرى مجرى المجوس ممن ينكح ذوات المحرم
353

باب ميراث المطلقة.
قوله (وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته أو علقه في الصحة على شرط فوجد في المرض أو طلق من لا ترث كالأمة والذمية فعتقت وأسلمت فهو كطلاق الصحيح في أصح الروايتين).
ذكر المصنف هنا مسائل.
منها إذا سألته الطلاق فأجابها إلى سؤالها أو علقه على فعل لها منه بد ففعلته عالمة فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح كما صححه المصنف هنا.
وصححه صاحب الهداية والمذهب والخلاصة والمصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع.
والرواية الثانية هو كطلاق متهم فيه اختاره صاحب المستوعب والشيخ تقي الدين وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنها لو سألته أن يطلقها طلقة فطلقها ثلاثا أنه كطلاق الصحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قال أبو محمد الجوزي إذا سألته الطلاق فطلقها ثلاثا لم ترثه.
قال في الفروع وهو معنى كلام غيره.
وقد أحسن المصنف في قوله إن لم أطلقك فأنت طالق أنه إن علقه على فعلها ولا مشقة عليها فيه فأنت ذلك لم يتوارثا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ترث لأنه متهم فيه وقدمه في الفروع.
قلت وهو الصواب.
354

فائدتان
إحداهما لو خالعته فهو كطلاق الصحيح على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل ترث منه.
الثانية لو قذفها في صحته ولا عنها في مرضه مطلقا وقيل لنفى الحد لا لنفى الولد أو علق طلاقها حالة الصحة على فعل لها لا بد لها منه ففعلته في المرض ورثته فيهما على أصح الروايتين قاله في المحرر والفروع والفائق.
وعنه لا ترث وجزم به جماعة من الأصحاب في المسألة الأولى.
ومن مسائل المصنف إذا علقه في الصحة على شرط فوجد في المرض فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح صححه المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي والمغنى والمحرر وغيرهم.
وعنه أنه كمتهم فيه وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع وإن علقه بشهر معلوم فجاء في مرضه فروايتان.
ومن مسائل المصنف أيضا إذا طلق من لا ترث كالأمة والذمية فعتقت وأسلمت فالصحيح من المذهب أنه كطلاق الصحيح.
جزم به في الكافي والمغنى والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والشرح.
وعنه أنه كطلاق متهم فيه وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فوائد
الأولى قوله (وإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث ورثته ما دامت في العدة).
فمن ذلك لو أقر في مرضه أنه أبانها في صحته فهذا متهم فيه فترثه على الصحيح من المذهب
355

وقطع به المصنف في هذا الكتاب في كتاب الإقرار.
وقال في المنتخب للشيرازي لا ترثه.
قلت وهو بعيد.
ومن ذلك لو وطئ حماته لم يقطع إرث زوجته لكن يشترط أن يكون عاقلا على الصحيح من المذهب.
وقيل لا بد أن يكون مكلفا جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية لو وكل في صحته من يبينها متى شاء فأبانها في مرضه لم يقطع ذلك إرثها منه.
الثالثة قوله (أو علقه على فعل لا بد لها منه كالصلاة ونحوها).
قال في الرعاية الكبرى وقيل وكلام أبويها أو أحدهما.
قال الأصحاب لا بد لها منه شرعا كما مثل أو عقلا كأكل وشرب ونوم ونحوه.
قوله (ورثته ما دامت في العدة ولم يرثها) هو بلا نزاع.
(وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول على روايتين).
يعني إذا فعل فعلا يتهم فيه بقصد حرمانها فإنها ترثه ما دامت في العدة بلا نزاع ولا يرثها هو بلا نزاع وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول.
أطلق المصنف فيه روايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي وأطلقهما في النظم في الأولى.
إحداهما ترثه بعد العدة ولو كانت غير مدخول بها ما لم تتزوج.
وهو الصحيح من المذهب.
356

قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المذهب هذا أصح الروايتين.
قال أبو بكر لا يختلف قول أبى عبد الله في المدخول بها أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والفائق.
والرواية الثانية لا ترثه واختاره في التبصرة في المدخول بها.
وصححه في النظم فيها وقدمه فيهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وهو ظاهر ما قدمه المصنف في آخر الباب حيث جعل الميراث للزوجات اللاتي في عصمته ولم يعط المطلقات شيئا فيما إذا طلق أربعا وانقضت عدتهن وتزوج بعدهن أربعا ومات عنهن.
قال أبو بكر إذا طلق ثلاثا قبل الدخول في المرض فيها أربع روايات.
إحداهن لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة واختاره.
قال المصنف وغيره وينبغي أن تكون العدة عدة وفاة.
قلت فيعايى بها في الصداق.
والثانية لها الميراث والصداق ولا عدة عليها.
والثالثة لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة.
والرابعة لا ترث ولا عدة عليها ولها نصف الصداق انتهى.
ويعايى بها حيث أوجبنا العدة.
وأطلق في تكميل المهر وعدمه الروايتين في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدم تكميل المهر بن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
357

وظاهر كلام أكثر الأصحاب أنه لا يكمل لما ذكروه في الصداق.
تنبيه حيث قلنا ترث فإنه يشترط أن لا ترتد فإن ارتدت لم ترث قولا واحدا.
فلو أسلمت بعده لم ترث أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والفائق وصححه.
وعنه ترث وأطلقهما في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير.
قوله (فإن أكره الابن امرأة أبيه في مرض أبيه على ما يفسخ نكاحها لم ينقطع ميراثها).
مراده إن كان الابن عاقلا.
وقوله (إلا أن يكون له امرأة سواها).
مقيد بما إذا لم يتهم فيه مع وجود امرأة سواها وهو واضح.
والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن الاعتبار بحالة الاكراه.
وذكر بعضهم إن انتفت التهمة بقصد حرمانها الإرث أو بعضه لم ترثه في الأصح.
قال في الفروع ويتوجه منه لو تزوج في مرضه مضارة لينقص إرث غيرها وأقرت به لم ترث.
ومعنى كلام شيخنا رحمه الله تعالى وهو ظاهر كلام غيره ترثه لأن له أن يوصي بالثلث.
تنبيه مفهوم قوله فإن أكره أنها لو كانت مطاوعة أنها لا ترث.
وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه ترث.
قوله (وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها لم يسقط ميراث زوجها).
358

مراده ما دامت في العدة ومراده أيضا إذا كانت متهمة في فسخه.
أما إذا كانت غير متهمة كفسخ المعتقة إذا كانت تحت عبده فالصحيح من المذهب انقطاع الإرث.
وعنه لا ينقطع وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قوله (وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه أنه للثمان).
اعلم أن الخلاف الذي ذكره المصنف هنا مبنى على الخلاف الذي تقدم في المطلقة المتهم في طلاقها إذا انقضت عدتها ولم تتزوج ولم ترتد عند جماهير الأصحاب وبنوه عليه.
وتقدم هناك أنها ترث على الصحيح من المذهب ما لم تتزوج فكذا هنا.
فعلى هذا يكون الميراث للثمان على الصحيح من المذهب.
فلو كانت المطلقة المتهم في طلاقها واحدة وتزوج أربعا سواها ولم تتزوج المطلقة بعد انقضاء عدتها حتى مات الزوج كان الميراث بين الجهتين على السواء على الصحيح من ن المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه ربعه للمطلقة وثلاثة أرباعه للأربع إن تزوجهن في عقد واحد.
وإلا فللثلاث السوابق اختاره في المحرر والفائق وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وقال في الرعاية وقيل يحتمل أن كله للبائن انتهى.
ولو كان مكان المطلقة أربعا فطلقهن وتزوج أربعا سواهن كما مثل المصنف فالميراث للثمان على الصحيح من المذهب كما تقدم وللمطلقات على اختيار صاحب المحرر والفائق.
وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
359

وللزوجات فقط على القول بأن المطلقات لا يرثن شيئا.
وهو الذي قدمه المصنف هنا واختاره هو والشارح.
ورد المصنف قول من يقول إن الإرث للثمان أو للمطلقات.
وظاهر كلام من يقول ذلك عدم البناء.
فلو ماتت إحدى المطلقات أو تزوجت فقسطها للزوجات المتجددات إن تزوجهن في عقد واحد وإلا قدمت السابقة إلى كمال أربع بالمبتوتة.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله تعالى بقوله وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه أنه بين الثمان أن نكاحهن صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يصح.
فوائد
إحداها لو طلق واحدة من أربع وتزوج واحدة بعد انقضاء عدتها ثم مات واشتبهت المطلقة أقرع بينهن فمن قرعت فلا حظ لها في الميراث ويقسم الميراث بين الأربع فتستحق الجديدة الربع نص عليه.
قال في الفروع وإن مات عن زوجات لا ترثه بعضهن لجهل عينها أخرج الوارثات بقرعة انتهى.
وهذه القرعة هنا من مفردات المذهب.
الثانية لو ادعت المرأة أن زوجها أبانها وجحد الزوج ثم مات لم ترثه المرأة إن دامت على قولها.
الثالثة لو قبلها في مرض الموت ثم مات لم ترثه لخروجها من حيز التملك والتمليك ذكره بن عقيل وغيره.
وقال في الفروع ويتوجه خلاف كمن وقع في شبكة صيد بعد موته.
وتقدم هل تدخل الدية في الوصية في باب الموصى به.
360

باب الإقرار بمشارك في الميراث.
فائدة قوله (إذا أقر الورثة كلهم).
يعني ولو كان الوارث واحدا (بوارث للميت).
سواء كان من حرة أو أمة نقله الجماعة.
(فصدقهم أو كان صغيرا).
وكذا لو كان مجنونا (ثبت نسبه).
ولكن بشرط أن يكون مجهول النسب.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الإقرار بأتم من هذا.
ويأتي أيضا هناك إذا أقر المريض لوارث وبعده إذا أقر من عليه الولاء بوارث.
فائدة قوله يعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق إذا كانا من الورثة ولو كانت بنتا صح لإرثها بفرض ورد.
قوله (سواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه).
أما إذا كان لا يحجبه مطلقا أو كان يحجبه حجب نقصان فلا خلاف في ذلك وهو واضح.
وأما إذا كان يحجبه حجب حرمان فالصحيح من المذهب أن المقر به يرث إذا ثبت النسب اختاره بن حامد والقاضي.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي والمغنى والشرح ونصراه.
وقدمه في الفروع والرعايتين.
وقد شمله كلام المصنف في قوله (ثبت نسبه وإرثه).
وقيل لا يرث مسقط اختاره أبو إسحاق.
وذكره الأزجي عن أصحابنا غير القاضي وقال إنه الصحيح.
361

فعلى هذا هل يقر نصيب المقر به بيد المقر أو ببيت المال فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والفائق والرعاية الكبرى وهو الذي خرجها.
قلت الصواب أنه يقر بيد المقر وهي شبيهة بما إذا أقر لكبير عاقل بمال فلم يصدقه على ما يأتي في آخر كتاب الإقرار.
تنبيه مراده بقوله (وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه).
إذا كان البعض الذي لم يقر وارثا أما إذا كان المنكر لا يرث لمانع به كالرق ونحوه فلا اعتبار بإنكاره ويرث قاله في الفروع وغيره.
قلت الذي يظهر أنه لم يدخل في كلام المصنف.
لأن قوله وإن أقر بعضهم يعني بعض الورثة وهذا ليس من أهل الورثة للمانع الذي به.
قوله (وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه).
يعني مطلقا بل يثبت نسبه من المقرين الوارثين على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيره.
وقيل لا يثبت جزم به الأزجي وغيره.
فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن بنى عم ورثوهم.
وعلى الأول يرثه الأخ وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب والخلاصة في كتاب الإقرار.
وظاهر ما قدمه في الرعايتين والحاوي أنه يثبت فإنهما قالا ويثبت نسبه وإرثه من المقر لو مات.
وقيل لا يثبتان انتهى.
وصححه في التلخيص وفي الانتصار خلاف مع كونه أكبر سنا من أبى المقر أو معروف النسب انتهى.
362

ولو مات المقر وخلفه والمنكر فإرثه بينهما فلو خلفه فقط ورثه.
وذكر جماعة إقراره له كوصية فيأخذ المال في وجه وثلثه في آخر.
وقيل المال لبيت المال.
قوله (وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه).
هذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به الأكثر.
وعنه إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين أو نسب ثبت في حق غيرهم إعطاء له حكم شهادة وإقرار.
وفي اعتبار عدالتهما الروايتان قاله في الفروع.
قال في الفائق في ثبوت النسب والإرث بدون لفظ الشهادة روايتان.
وهما بإقراره بدين على الميت.
قال القاضي وكذلك يخرج في عدالتهما ذكره أبو الحسين في التمام.
قوله (إلا أن يشهد منهم عدلان أنه ولد على فراشه أو أن الميت أقر به).
وكذا لو شهد أنه ولده فإنه يثبت نسبه وإرثه بلا نزاع.
فائدة لو صدقه بعض الورثة إذا بلغ أو عقل ثبت نسبه فلو مات وله وارث غير المقر اعتبر تصديقه وإلا فلا.
قوله (وإذا خلف أخا من أب وأخا من أم فأقر بأخ من أبوين ثبت نسبه وأخذ ما في يد الأخ من الأب).
جزم به في المغنى والشرح والفروع وغيرهم بناء منهم على المذهب وعليه الأصحاب.
وقال أبو الخطاب في الهداية يأخذ نصفه وقطع به.
قال في المحرر وهو سهو.
363

قوله (فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثنى عشر للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في مسألة الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه إن صدق المقر مثل سهمه وإن أنكره مثل سهم المنكر وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح وصححاه.
وقدمه أيضا في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقال أبو الخطاب لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده وصححها من ثمانين للمنكر ثلاثة وللمختلف فيه سهم ولكل واحد من الآخرين سهمان.
ورده المصنف والشارح وضعفه الناظم.
قوله (وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما وإرثهما سواء اتفقا أو اختلفا).
هذا المذهب وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في الهداية والمغنى والشرح وصححاه.
وقدمه أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
364

ويحتمل أن لا يثبت نسبهما مع اختلافهما وهو لأبي الخطاب في الهداية واختاره بعض الأصحاب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفائق.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يكونا توأمين فإن كانا توأمين فإن نسبهما يثبت بلا نزاع قوله وإن أقر بأحدهما بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده والثاني ثلث ما بقي في يده إذا كذب الأول بالثاني وثبت نسب الأول ووقف ثبوت نسب الثاني على تصديقه ولو كذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وقيل يسقط نسب الأول ويأخذ الثاني ثلثي ما في يده وثلث ما في يد المقر.
تنبيه قوله وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته.
يعني يلزمه ما يفضل في يده لها عن حصته كما ذكره في الإقرار بغيرها وهذا بلا خلاف لكن لو مات المنكر فأقر بها ابنه ففي تكميل إرث الزوجة وجهان وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع.
قلت الأولى التكميل فإن لم يخلف المنكر إلا الأخ المقر كمل الإرث على الصحيح صححه في الرعاية الكبرى قال في التلخيص فالأصح أنه يثبت الميراث وقيل لا يكمل.
365

وأما إن مات قبل إنكاره فإن إرثها يثبت جزم به في الرعاية الكبرى والفروع قوله وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي فقال هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل المال كله للمقر به وهو احتمال في الرعاية وقال ويحتمل أن المال كله للمقر.
فائدة وكذا الحكم لو قال مات أبونا ونحن أبناؤه قوله وإن قال ماتت زوجتي وأنت أخوها فقال لست بزوجها فهل يقبل إنكاره على وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمحرر والفائق والشرح وشرح بن منجا.
أحدهما يقبل إنكاره وهو المذهب.
قال في الفروع قبل إنكاره في الأصح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والثاني لا يقبل إنكاره صححه في التصحيح والنظم.
قوله يبقى سبعة لا يدعيها أحد ففيها ثلاثة أوجه وأطلقهن في المغني والشرح والمحرر وشرح بن منجا والفائق.
366

أحدهما يقر في يد المقر وهو المذهب صححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع.
والثاني يؤخذ إلى بيت المال.
والثالث يقسم بين المقرة والزوج والأختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم وإليه ميل الشارح.
فعليه يكون للمقرة النصف وللزوج والأختين من الأم النصف بينهم على خمسة لأن له النصف ولهما الثلث.
367

باب ميراث القاتل.
قوله (كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان عمدا أو خطئا بمباشرة أو سبب وسواء انفرد بقتله أو شارك).
هذا المذهب في ذلك كله حتى لو شربت دواء فأسقطت جنينها لا ترث من الغرة شيئا نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل من أدب ولده فمات بذلك لم يرثه.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق.
وقدمه في الرعاية الكبرى واختار فيها كالمذهب.
وقيل إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته لحاجته فوجهان وأن في الحافر احتمالين.
ومثله نصب سكين ووضع حجر ورش ماء وإخراج جناح وهذا كله طريقته في الرعاية الكبرى.
قال المصنف والشارح لو قصد مصلحة موليه بسقي دواء أو بط جراح فمات ورثه في ظاهر المذهب.
وذكر بن أبى موسى فيه وجهين.
وكذا لو أمره كبير عاقل ببط جراحة أو قطع سلعة قاله المصنف والشارح.
وقالا هذا ظاهر المذهب أيضا.
قوله (صغيرا كان القاتل أو كبيرا).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر أبو الوفاء بن عقيل وأبو يعلى أن أحد طريقي بعض أصحابنا توريث من لا قصد له كالصبي والمجنون.
وإنما يحرم الإرث من يتهم دون غيره والنص خلاف ذلك.
368

وحكى بن عقيل في مفرداته وعمد الأدلة وجها أن قتل الصبي والمجنون لا يمنع الإرث قال وهو أصح عندي.
قوله (وما لم يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه وقتل الباغي العادل والعادل الباغي فلا يمنع إذا كان القتل غير مضمون على قاتله فإن القاتل يرث منه).
نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
واعلم أنه إذا قتل العادل الباغي فإنه يرثه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وصححه في الفائق وغيره.
وعنه لا يرث اختاره بن حامد وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في المذهب والرعايتين والحاوي الصغير.
قال المصنف فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث.
واختار المصنف وغيره إن جرحه العادل ليصير غير ممتنع ورثه لا إن تعمد قتله ابتداء.
قال في الفروع وهو متجه.
وأما إذا قتل الباغي العادل فقدم المصنف أنه لا يمنع الإرث وهو المذهب.
قال في المحرر لا يمنعه الإرث على الصحيح.
قال في الفائق لا يمنع الإرث في الأصح.
قال في النظم هذا أولى وجزم به في الوجيز.
قال الزركشي وصححه أبو الخطاب في الهداية وكلامه محتمل.
وعنه يمنع الإرث جزم به في التبصرة والترغيب والمذهب والقاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف في المغنى في قتال أهل البغي ونصره جماعة من الأصحاب وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
369

باب ميراث المعتق بعضه.
قوله (لا يرث العبد).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه يرث عند عدم وارث ذكرها بن الجوزي في المذهب وأبو البقاء في الناهض قاله في الفروع ولم أرها في المذهب.
وتقدم قول في أول كتاب الفرائض إن العبد يرث سيده عند عدم الوارث.
وقيل في المكاتب خاصة يموت له عتيق ثم يؤدي فيعتق يأخذ إرثه بالولاء ذكره في المحرر.
يعني إن جعلنا الولاء له على ما يأتي.
قوله (فأما المعتق بعضه فما كسب بجزئه الحر فلورثته).
سواء كان بينهما مهايأة أو قاسمه السيد في حياته أو لا.
قوله (ويرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية).
وهو من مفردات المذهب.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن إرث المعتق بعضه له خاصة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال هو الصواب.
وقال بعض الأصحاب ما يرثه المعتق بعضه يكون مثل كسبه إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة كان بينهما وإن كان بينهما مهايأة فهل هو لمن الموت في نوبته أو بينهما على وجهي الأكساب النادرة.
إذا علمت ذلك فالتفريع على المذهب.
فلو كانت بنت نصفها حر وأم وعم حران كان للبنت الربع وللأم الربع بحجبها لها عن نصف السدس وللعم سهمان وهو الباقي.
370

وتصح من أربعة فلو كان مكان البنت بن نصفه حر فله هنا نصف ماله لو كان حرا فيستحق ربعا وسدسا من المال لأنه لو كان حرا كان له خمسة أسداسه وهو الصحيح من المذهب وهو الذي ذكره إبراهيم الحربي في كتاب الفرائض.
واختاره القاضي في المجرد وبن عقيل وصححه في المحرر والحاوي الصغير وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين.
وقيل له نصف الباقي بعد ربع الأم اختاره أبو بكر والقاضي في خلافه قاله في القواعد.
قال في المحرر والفروع والفائق والحاوي وفيه بعد.
قال في الرعايتين وهو بعيد وقيل له نصف المال كاملا.
قال في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة ورجحه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وذكر أنه اختيار أبيه.
وأطلقهن في المحرر والفروع والفائق والحاوي الصغير والقواعد.
وكذا الحكم والخلاف في كل عصبة نصفه حر مع ذي فرض ينقص به فإن لم ينقص به كجده وعمه مع بن نصفه حر فعلى الثالث له نصف المال وعلى الآخرين له نصف الباقي وهو الصحيح.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو أصح وقدمه في الرعايتين.
ولو كان معه من يسقطه بحريته التامة كأخت وعم حرين فللابن النصف وللأخت نصف ما بقي قرضا وللعم ما بقي.
هذا المذهب جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وقدم في المغنى أن للأخت النصف كاملا.
قلت وهو ضعيف جدا.
قلت قد يعايى بها.
371

فائدة لو كان أحد الأخوين حرا والآخر نصفه حر فالمال بينهما أرباعا على الصحيح من المذهب تنزيلا لهما بالأحوال والخطاب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل المال بينهما ثلاثا جمعا للحرية فيهما وقسمة لإرثهما كالعول.
قوله (وإذا كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما يحتمل وجهين).
وكذا قال في الهداية وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا والقواعد الفقهية والفروع.
أحدهما لا تكمل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفائق.
والوجه الثاني تكمل الحرية فلهما جميع المال.
قال في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة ورجحه القاضي والسامري وطائفة من الأصحاب وله مأخذان.
أحدهما جمع الحرية فيهما فتكمل بها حرية بن وهو مأخذ أبى الخطاب وغيره.
والثاني أن حق كل واحد منهما مع كمال حريته في جميع المال لا في نصفه وإنما أخذ نصفه لمزاحمة أخيه له وحينئذ فقد أخذ كل واحد منهما نصف المال وهو نصف حقه مع كمال حريته فلم يأخذ زيادة على قدر ما فيه من الحرية.
فعلى المذهب لهما ثلاثة أرباع المال بالأحوال والخطاب وهذا الصحيح وقاله في المستوعب وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر.
وقيل لهما نصفه بتنزيلهما حرية ورقا.
وأطلقهما في القواعد الفقهية والفروع.
372

والتفريع على هذا الخلاف وهو ثلاثة أوجه ثلاثة أرباع المال أو نصفه أو كله.
فلو كان بن وبنت نصفها حر وعم حر.
فلهما على الأول خمسة أثمان المال على ثلاثة ونصف المال على الثاني وثلاثة أرباعه على الثالث.
ولو كان معهما أم فلها السدس على الوجوه كلها.
وللابن على الأول خمسة وعشرون من أصل اثنين وسبعين وللبنت أربعة عشر.
وعلى الثاني هل لهما على ثلاثة ثلاثة أرباع المال أو ثلاثة أرباع الباقي على وجهين.
وعلى الثالث هل لهما على ثلاثة ثلاثة أرباع المال أو ثلاثة أرباع الباقي بعد السدس على وجهين.
ولو كان أحدهما يحجب الآخر كابن وبن بن نصفهما حر وهي مسألة المصنف.
فللابن النصف ولابن الابن على الأول الربع وعلى الثالث النصف واختاره أبو بكر ولا شيء له على الأوسط.
ولو كان جدة حرة وأم نصفها حر فللأم السدس وللجدة نصف السدس ولو كان الجدة نصفها حر كان لها ربع السدس على الأول ونصف السدس على الثالث ولا شيء لها على الأوسط ولو كان أم وأخوان أحدهما رق كان للأم الثلث على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وحجبها أبو الخطاب بقدر حريته فبنصفها يحجبها عن نصف السدس.
فائدة يرد على ذي فرض وعصبة لم ترث بقدر نسبة الحرية منهما لكن
373

أيهما استكمل بالرد أزيد من قدر حريته من نفسه منع من الزيادة وردت على غيره إن أمكن وإلا فهي لبيت المال.
فلبنت نصفها حر النصف بالفرض والرد.
ولابن مكانها نصفه حر النصف بالعصوبة والبقية لبيت المال.
ولا بنين نصفهما حر إن لم نورثهما المال البقية مع عدم العصبة.
أعنى لهما البقية بالرد سواء ورثناهما النصف فقط أو النصف والربع.
ولبنت وجدة نصفها حر المال نصفين بفرض ورد.
ولا يرد هنا على قدر فرضيهما لئلا يأخذ من نصفه حر فوق نصف التركة.
ومع حرية ثلاثة أرباعهما المال بينهما أرباعا بقدر فرضيهما.
ومع حرية ثلثهما الثلثان بينهما والبقية لبيت المال.
374

قوله (كل من أعتق عبدا أو عتق عليه برحم أو كتابة فله عليه الولاء).
الصحيح من المذهب أنه إذا عتق عليه بالرحم يكون له عليه الولاء وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال المصنف لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا.
وقيل حكمه حكم المعتق سائبة على ما يأتي.
والصحيح من المذهب أنه إذا عتق عليه بالكتابة يكون له عليه الولاء وكذا لو أعتقه بعوض وعليه جماهير الأصحاب ونص عليهما.
وقيل لا ولاء له عليهما.
وعنه في المكاتب (إذا أدى إلى الورثة يكون ولاؤه لهم وإن أدى إليهما يكون ولاؤه بينهما).
وفي التبصرة وجه إن أدى إليهما يكون ولاؤه للورثة.
وفي المبهج إن أعتق كل الورثة المكاتب نفذ والولاء للرجال وفي النساء روايتان.
فائدة إذا كاتب المكاتب عبدا فأدى إليه وعتق قبل أدائه أو أعتقه بمال وقلنا له ذلك.
فظاهر كلام المصنف أن ولاءه للمكاتب وهو قول القاضي في المجرد.
وقيل للسيد الأول وهو يحكى عن أبى بكر ورجحه القاضي في الخلاف.
حتى حكى عنه أنه لو عتق المكاتب الأول قبل الثاني فالولاء للسيد لانعقاد سبب الولاء حيث كان المكاتب ليس أهلا له.
ورد ما حكاه القاضي عن أبى بكر في القاعدة السادسة عشر بعد المائة.
375

تنبيه شمل قوله كل من أعتق عبدا أو عتق عليه فله عليه الولاء الكافر لو أعتق مسلما أو عتق عليه وهو صحيح وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
ويأتي في كلام المصنف هل يرث به أم لا.
فائدة لو أعتق القن عبدا مما ملكه فحكى المصنف في المغنى عن طلحة العاقولي من أصحابنا أنه موقوف فإن عتق فالولاء له وإن مات قنا فهو للسيد.
وقال القاضي في المجرد الولاء للسيد مطلقا وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله قاله في القاعدة السادسة عشر.
قوله (ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه).
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح وقدمه في المحرر والفروع.
وعنه أن كانت أمه حرة الأصل وأبوه عتيق فلمولى أبيه الولاء.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين وقال نص عليه.
وحكى الأول قولا وأطلقهما في الحاوي الصغير.
فائدة لو كانت أمه عتيقة وأبوه مجهول النسب فلا ولاء عليه على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح وصححه في النظم.
وقال القاضي لموالي أمه الولاء عليه.
قال الخيري وهو قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به بن عقيل في الفصول.
376

فقال فإن تزوج حر مجهول النسب بمعتقة فأولدها ولدا كان ولاء ذلك الولد لموالي أمه.
ولو كان الأب مولى والأم مجهولة النسب فلا ولاء عليه على الصحيح من المذهب.
قال في المغنى فلا ولاء عليه في قولنا وقاله غيره.
وقياس قول القاضي أن يثبت الولاء لموالي أبيه لأنا شككنا في المانع من ثبوته.
قوله (ومن أعتق سائبة أو في زكاته أو نذره أو كفارته أو قال لا ولاء لي عليك ففيه روايتان).
وأطلقهما في الهداية والهادي.
إحداهما عليه الولاء وهو المذهب عند المتأخرين.
صححه في التصحيح والنظم.
قال في تجريد العناية له الولاء على الأظهر.
قال في المذهب أصحهما الولاء لمعتقة فيما عتقه عن كفارته أو نذره.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والرواية الثانية لا ولاء عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر منهم الخرقي والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي وبن عقيل وبن البنا.
وقطع في المذهب أنه لا ولاية له عليه إذا أعتقه سائبة أو قال لا ولاء لي عليك.
377

وقيل له الولاء في السائبة دون غيره اختاره المصنف والشارح.
وقال الزركشي المختار للأصحاب لا ولاء له على السائبة.
قوله (وما رجع من ميراثه رد في مثله).
يعني على القول بأنه لا ولاء له عليه.
(يشترى به رقابا يعتقهم).
هذا إحدى الروايتين وجزم به الخرقي وقدمه الزركشي.
والرواية الثانية أن ميراثه لبيت المال وهو الصحيح قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
ويتفرع على هذا الخلاف لو مات واحد من هؤلاء وخلف بنتا ومعتقة.
فعلى القول بأن لسيده الولاء يكون للبنت النصف والباقي له.
وعلى القول بأن ميراثه يصرف في مثله يكون للبنت النصف والباقي يصرف في العتق.
وعلى القول بأنه لبيت المال يكون للبنت الجميع بالفرض والرد إذ الرد مقدم على بيت المال.
فعلى الرواية الأولى يكون المشترى للرقاب الإمام على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه السيد وأطلقهما في المحرر والفائق والزركشي.
فائدتان
إحداهما على القول بشراء الرقاب لو قل المال عن شراء رقبة كاملة ففي الصدقة به وتركه لبيت المال وجهان ذكرهما في التبصرة واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب الذي لا شك فيه أن الصدقة به في زمننا هذا أولى.
378

الثانية لو خلف المعتق بنتا مع سيده وقلنا له الولاء فالمال بينهما نصفان.
وإن قلنا لا ولاء له فالجميع للبنت بالفرض والرد.
وإن قلنا يشتري بما خلفه رقابا فللبنت النصف والنصف الآخر يشتري به رقابا وحكم ولائه حكم ولاء أولاده.
قوله (ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق).
هذا المذهب إلا ما استثنى وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والفائق والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
ويستثنى من ذلك لو أعتق وارث عن ميت في واجب ككفارة ظهار ورمضان وقيل وله تركة فإنه يقع عن الميت والولاء له أيضا على الصحيح من المذهب وجزم به في المحرر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
واختاره القاضي وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله بناء على أن الكفارة ونحوها ليس من شرطها الدخول في ملك المكفر عنه وأطلقه الخرقي والمصنف هنا.
قال الزركشي وأكثر الأصحاب إن الولاء للمعتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله بناء على أنه يشترط دخول الكفارة ونحوها في ملك من ذلك عليه.
ويأتي كلامه في الرعايتين وإن لم يتعين المعتق أطعم أو كسا.
ويصح عتقه على الصحيح من المذهب وقيل يوصيه.
379

قال في الترغيب بناء على قولنا الولاء للمعتق عنه وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزيه كإطعام وكسوة أم لا يجزيه جزم به في الترغيب لأن مقصوده الولاء ولا يمكن إثباته بدون المعتق عنه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في المحرر ومن أعتق عبده عن غيره بغير إذنه وقع العتق والولاء عن المعتق إلا أن يعتقه عن ميت في واجب عليه فيقعان للميت.
ويأتي كلامه في الرعايتين قريبا.
وإن تبرع أجنبي عنه ففيه وجهان.
أحدهما الإجزاء مطلقا والثاني عكسه.
الثالث يجزيه في إطعام وكسوة دون غيرهما.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق ومن أعتق عبده عن ميت في واجب وقعا عن الميت وقيل لا.
وقيل ولاؤه للمعتق عنه.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله نصوص تدل على العتق للمعتق عنه وأن الولاء للمعتق.
قال أبو النضر قال الإمام أحمد رحمه الله في العتق عن الميت إن وصى به فالولاء له وإلا للمعتق.
وقال في رواية الميموني وأبى طالب في الرجل يعتق عن الرجل فالولاء لمن أعتقه والأجر للمعتق عنه.
وفي مقدمة الفرائض لأبى الخير سلامة بن صدقة الحراني إن أعتق عن غيره بلا إذنه فلأيهما الولاء فيه روايتان.
380

وقال في الروضة فإن أعتق عبدا عن كفارة غيره أجزأه وولاؤه للمعتق ولا يرجع على المعتق عنه في الصحيح من المذهب.
وكذا لو أعتق عبده عتق حيا كان المعتق عنه أو ميتا وولاؤه للمعتق.
وقال في التبصرة لو أعتقه عن غيره بلا إذنه فالعتق للمعتق كالولاء.
ويحتمل للميت المعتق عنه لأن القرب يصل ثوابها إليه.
قوله (وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه).
إذا قال أعتق عبدك عنى وعلى ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
قال المصنف عن الثانية لا نعلم فيه خلافا.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال القاضي في خلافه هو استدعاء للعتق والملك يدخل تبعا وملكا لضرورة وقوع العتق له وصرح أنه ملك قهري حتى إنه يثبت للكافر على المسلم إذا كان العبد المستدعى عتقه مسلما والمستدعى كافرا.
وذكر بن أبى موسى لا يجزئه حتى يملكه إياه فيعتقه هو ونقله مهنا.
وكذا الحكم لو قال أعتق عبدك عنى وأطلق أو أعتقه عنى مجانا خلافا ومذهبا.
فعلى المذهب يجزئه العتق عن الواجب ما لم يكن قريبه.
والصحيح من المذهب لا يلزمه عوضه إلا بالتزامه.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وعنه يلزمه عوضه ما لم ينفه.
381

وعنه العتق والولاء للمسئول لا للسائل إلا حيث التزم العوض.
وقال في الترغيب إذا قال أعتقه عن كفارتي ولك مائة فأعتقه عتق ولم يجزئه عنها وتلزمه المائة والولاء له.
وقال بن عقيل لو قال أعتقه عنى بهذا الخمر أو الخنزير ملكه وعتق عليه كالهبة والملك يقف على القبض في الهبة إذا كان ذلك بلفظها لا بلفظ العتق قال بدليل قوله أعتق عبدك عنى فإنه ينتقل الملك هنا قبل إعتاقه.
ويجوز جعله قابضا له من طريق الحكم كقولك بعتك أو وهبتك هذا العبد وقال المشتري هو حر عتق ويقدر القبول حكما انتهى.
قال في الفروع وكلام غيره في الصورة الأخيرة يقتضي عدم العتق.
فائدة لو قال أعتق عبدك عنى وعلى ثمنه لم يجب على السيد إجابته وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس القول بوجوب الكتابة إذا طلبها العبد وجوب الإجابة هنا.
قوله (وإذا قال أعتقه والثمن على و) كذا لو قال (أعتقه عنك وعلى ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق).
إذا قال ذلك لزمه الثمن بلا نزاع أعلمه.
والعتق والولاء للمعتق على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأصح أن العتق وولاءه للمعتق وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقيل هما للذي عليه الثمن وقاله القاضي في موضع.
قال في المحرر وفيه بعد.
382

فعلى المذهب يجزئه عن الواجب على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويجزئه عن الواجب في الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل لا يجزئه وهو احتمال في المحرر وقاله القاضي في موضع من كلامه.
قوله (وإن قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عني وعلى ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين).
وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق والمغنى والشرح وشرح بن منجا.
أحدهما يصح ويعتق وله عليه الولاء كالمسلم وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير واختاره القاضي في الخلاف.
وتقدم كلامه في المسألة التي قبلها.
والوجه الثاني لا يصح صححه الناظم.
تنبيه حكى الخلاف في المحرر والفروع والشرح وشرح بن منجا وجهين كالمصنف.
وحكاه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق روايتين.
قوله (ومن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه وهل يرث به على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والشرح.
إحداهما يرث به وهو المذهب.
جزم به الخرقي والقاضي في جامعه والشريف في خلافه والشيرازي في
383

مبهجه وبن عقيل في تذكرته وبن البنا في خصاله وبن الجوزي في مذهبه وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق.
والرواية الثانية لا يرث به.
قال في الخلاصة لا يرث به على الأصح وصححه في التصحيح.
واختاره المصنف وصاحب الفائق ومال إليه الشارح.
فعلى المذهب لو أعتق كافر مسلما فخلف المسلم العتيق ابنا لسيده كافرا أو عما مسلما فماله لابن سيده.
وعلى الرواية الثانية يكون المال لعمه.
وعلى المذهب أيضا عند عدم عصبة سيده من أهل دينه يرثه بيت المال.
وإن أعتق مسلم كافرا ومات المسلم ثم عتيقه ولعتيقه ابنان مسلم وكافر ورث الكافر وحده.
ولو أسلم العتيق ثم مات ورثه المسلم وحده.
وإن أسلم الكافر قبل قسمة الإرث ورثه معه على الأصح على ما تقدم في أول باب ميراث أهل الملل.
وتقدم بعض هذه الأحكام في ذلك الباب.
قوله (ولا ترث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن).
وهذا المذهب بلا ريب نص عليه.
حتى قال أبو بكر هذا المذهب رواية واحدة وقال وهم أبو طالب في نقله الرواية الثانية انتهى.
384

وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه الخرقي وصاحب الهداية والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق وغيرهم.
واختاره أبو بكر في الشافي وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وقالا هذا الصحيح.
وغالى أبو بكر فوهم أبا طالب في نقل الرواية الثانية.
قال القاضي لم أجد الرواية التي نقلها الخرقي في ابنة المعتق أنها ترث منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله انتهى.
وعنه في بنت المعتق خاصة أنها ترث.
اختاره القاضي وأصحابه منهم أبو الخطاب في خلافه.
وجزم به في الخلاصة وإليه ميل المجد في المنتقى.
وهو من مفردات المذهب.
وقدمه ناظمها وقال هو المنصور في الخلاف انتهى.
وعنه ترث مع أخيها وعنه ترث عتيق ابنها مع عدم العصبة.
تنبيه يستثنى من عموم كلام المصنف عتيق بن الملاعنة فإن الأم الملاعنة ترثه على الصحيح من المذهب نص عليه.
قلت فيعايى بها.
وقيل لا ترثه.
ومحل هذا الخلاف على القول بأنها عصبته.
فأما إن قلنا إن عصبتها عصبته كان الولاء لعصبتها لا لها.
فائدة لو تزوجت امرأة بمن أعتقته فأحبلها فهي القائلة إن ألد أنثى فلي النصف وإن ألد ذكرا فلي الثمن وإن لم ألد شيئا فالجميع لي فيعايى بها.
385

قوله (ولا يرث منه ذو فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن وابنه والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له).
وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وهي من مفردات المذهب.
واختار أبو إسحاق سقوط الأب والجد مع الابن ويجعل الجد كالإخوة وإن كثروا قال في الترغيب وهو أقيس.
قلت فيعايى بها.
وقال في الفائق وقيل لا فرض لهما بحال.
اختاره بن عقيل وشيخنا.
ويسقطان بالابن وابنه والجد مع الإخوة كالأخ وإن كثروا.
وقيل له الثلث إن كان أحظ له ولا يعاد بأخت.
قال الزركشي وعلى القول بأنه لا يفرض للأب لا يفرض للجد مع الإخوة بل يكون كأحدهم وإن كثروا ويعادونه بولد الأب ولا يعادونه بالأخوات.
قال وهذا مقتضى قول أبى محمد في الكافي والمغنى انتهى.
قلت وعلى رواية حجب الإخوة بالجد في النسب تسقط الإخوة بالجد هنا وهو المختار كإسقاط أبى الجد أولاد الإخوة وجد المولى مقدم على عمه انتهى.
وقال في الانتصار لما حملنا توريث أب سدسا بفرض مع بن على رواية توريث بنت المولى فيجئ من هذا أنه يرث قرابة المولى بالولاء.
على نحو ميراثهم قوله (والولاء لا يورث).
386

هذا المذهب وعليه الأصحاب وقدموه.
ونقل حنبل والولاء لا يورث كما يورث المال لكن يختص العصبة.
قال المصنف والشارح وشذ شريح فجعله موروثا كالمال.
ونقل حنبل ومحمد بن الحكم عن الإمام أحمد رحمه الله مثل قول شريح وغلطها أبو بكر قالا وهو كما قال.
قوله (فإذا مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن بن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق).
هذا مفرع على المذهب.
وعلى ما نقل حنبل يكون لابن المعتق النصف والنصف الآخر لابن بن المعتق.
وكذا التفريع على المذهب في قوله وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحد عشرة.
وعلى رواية حنبل لابن المعتق نصفه ولابنا بن المعتق نصفه وقيل يرث بن الابن في الأولى النصف دون هذه.
ونقل بن الحكم في هذه يرث كل فريق نصفا.
قوله (وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق) يعني الأب أو الأخ (ثم مات مولاه) يعني العبد العتيق (ورثه الرجل دون أخته).
وهذا مفرع على الصحيح من المذهب من أن النساء لا يرثن من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن.
فأما على رواية إرث بنت المعتق فترث هنا.
قاله المصنف والشارح والمجد وصاحب الفروع وغيرهم.
387

وإنما لم ترث مع أخيها على المذهب وإن كانت قد أعتقت من أعتق لأن ميراث الأخ هنا من أبيه أو أخيه بالنسب وهي مولاه المعتق وعصبة المعتق مقدم على مولاه.
ولهذا قال في الترغيب والبلغة أخطأ فيها خلق كثير.
قال بن عقيل في التذكرة.
مسألة عجيبة بن وبنت اشتريا أباهما فعتق عليهما ثم اشترى الأب عبدا فأعتقه فهلك الأب ثم هلك العبد.
فالجواب أنه لما هلك الأب كان ماله بين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين بالتعصيب لا بالولاء ولما هلك العبد وخلف بن مولاه وبنت مولاه كان ماله لابن مولاه دون بنت مولاه لأنه أقرب عصبة مولاه لا خلاف في ذلك.
وهذه المسألة يروي عن مالك رحمه الله أنه قال سألت سبعين قاضيا من قضاة العراق عنها فأخطؤا فيها.
ولو مات الابن قبل موت العتيق ورثت البنت من ماله بقدر ما أعتقت من أبيها والباقي بينها وبين معتق الأم.
فائدة قوله (وإذا ماتت امرأة) وخلفت ابنها وعصبتها ومولاها فولاؤه لابنها وكذلك الإرث وعقلة على عصبتها.
هذا صحيح لكن لو باد بنوها فولاؤه لعصبتها ونقل جعفر لعصبة بنيها.
قال في الفروع وهو موافق لقوله الولاء لا يورث ثم لعصبة بنيها وقيل لبيت المال انتهى.
388

وقال في الفائق بعد قوله ثم لعصبة بنيها قال بن عقيل في منثوره وجدت في تعاليقي قال شيخنا وجدت عن الإمام أحمد رحمه الله أن ذوي الأرحام من المعتق مثل خالته وعمته يرثون من المولي إذا لم يكن له عصبة ولا ذو فرض.
قلت وقال بن أبي موسى فإن مات العبد ولم يترك عصبة ولا ذا سهم ولا كان لمعتقه عصبة ورثه الرجال من ذوي أرحام معتقه دون نسائهم وعند عدمهم لبيت المال انتهى كلام صاحب الفائق.
تنبيه قوله فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها.
هذا مبني على أن الابن ليس من العاقلة وهو احدى الروايات وقدمه المصنف في باب العاقلة.
ومن قال الابن من العاقلة وهو المذهب يقول الولاء له والعقل عليه ومن قال الابن عاقلة الأب دون الام كمختار الجد يقيد المسألة بما إذا كان المعتق امرأة كما قيدها المصنف هنا.
فائدة لو أعتق سائبة أو في زكاة أو نذر أو كفارة أو قال لا ولاء لي عليك وقلنا لا ولاء له عليه كما تقدم ففي عقله عنه لكونه معتقا روايتان قاله أبو المعالي.
قوله وإن أعتق الجد لم يجر ولاءهم في أصح الروايتين وكذا قال في المذهب وغيره وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور والمختار للأصحاب من الروايات.
وقدمه في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وعنه يجره إلى مواليه.
389

فعليها إن عتق الأب بعد الجد انجر الولاء من مولى الجد إلى موالي الأب وكذا لو عتق من الأجداد من هو أقرب ممن عتق أولا وجر الولاء وعنه إن عتق الجد بعد موت الأب جره وإن عتق الجد والأب حي لم يجره بحال سواء عتق الأب بعد أو مات قنا حكاها الخلال.
وعنه يجره إذا عتق والأب ميت وإن عتق والأب حي لم يجره حتى يموت قنا فيجره من حين موته ويكون في حياة الأب لموالي الام.
نقلها أبو بكر في الشافي.
قوله وإذا اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه فصار كل واحد منهما مولى الآخر بلا نزاع فيعايى بها وبالتي بعدها.
فائدتان
إحداهما لو مات مولى الأب والجد لم يعد الولاء إلى موالي الام بحال بل يكون للمسلمين قاله في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو معنى قول المصنف ولا يعود إلى موالي الأب بحال.
الثانية قوله ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه فلو سبى المسلمون العتيق الأول ثم أعتقوه فولاؤه لمعتقه الأخير على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وقيل للأول وقيل لهما.
390

فعلى المذهب لا ينجر ما كان للأول قبل الرق من ولاء ولد أو عتيق إلى الأخير قاله في المحرر والرعايتين وغيرهم.
قوله (وهو الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والكافي والبلغة وشرح بن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما هو لموالي الأم.
وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز واختاره المصنف والشارح.
قال البونى هذا قياس قول الأمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في النظم والفروع وشرح بن رزين.
والوجه الثاني لبيت المال لأنه لا مستحق له.
نصره القاضي في المجرد وقدمه في الفصول والرعايتين.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقيل يرد على سهام الموالي أثلاثا لموالي أمه الثلثان ولموالي أمها الثلث وأطلقهن في المحرر والفائق.
391

كتاب العتق.
فائدة العتق عبارة عن تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
قاله المصنف والشارح.
قوله (وهو من أفضل القرب).
هكذا قال أكثر الأصحاب.
وقال في التبصرة والحاوي الصغير هو أحب القرب إلى الله تعالى.
فوائد
منها أفضل عتق الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا نقله الجماعة عن الأمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وظاهره ولو كافرة وفاقا للإمام مالك رحمه الله وخالفه أصحابه.
قال في الفروع ولعله مراد الإمام أحمد رحمه الله لكن يثاب على عتقه.
قال في الفنون لا يختلف الناس فيه.
ومنها عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية بن منصور.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى والمغنى والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه عتق الأنثى للأنثى أفضل نص عليه في رواية عبد الله.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
392

ومنها عتق الأنثى كعتق الذكر في الفكاك من النار ذكره بن أبى موسى المذهب وقدمه في الفروع والفائق وعنه عتق امرأتين كعتق رجل في الفكاك قدمه في القواعد الفقهية.
ومنها التعدد في العتق أفضل من عتق الواحد قاله القاضي وبن عقيل وغيرهما وجزم به في الفروع في باب الأضاحي.
ومال صاحب القواعد الفقهية فيها إلى أن عتق رقبة نفيسة بمال أفضل من عتق رقاب متعددة بذلك المال.
وقال عن القول الأول فيه نظر.
قوله (فأما من لا قوة له ولا كسب فلا يستحب عتقه ولا كتابته بل يكره).
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح بن منجا والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وعنه يستحب.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل الاستحباب على القول بوجوب نفقته عليه.
وعنه تكره كتابته دون عتقه اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وعنه تكره كتابة الأنثى ويأتي ذلك في أول باب الكتابة.
فوائد
الأولى لو خيف على الرقيق الزنى والفساد كره عتقه بلا نزاع أعلمه.
وإن ظن ذلك صح وحرم قاله المصنف والشارح وغيرهما.
393

واقتصر عليه في الفروع وقال ويتوجه فيه كمن باع أو اشترى بقصد الحرام.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو أعتق جارية ونيته بعتقها أن تكون مستقيمة لم يحرم عليه بيعها إذا كانت زانية.
الثانية لو أعتق عبده أو أمته واستثنى نفعه مدة معلومة صح نص عليه لحديث سفينة.
وكذا لو استثنى خدمته مدة حياته قاله في القاعدة الثانية والثلاثين.
قال وعلى هذا يتخرج أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها لأنه استثنى الانتفاع بالبضع ويملكه بعقد النكاح وجعل العتق عوضا عنه فانعقدا في آن واحد.
ويأتي بعض ذلك في هذا الباب عند قوله وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة إن شاء الله.
الثالثة قال في الرعايتين والفائق يصح العتق ممن تصح وصيته.
قال في الفائق وإن لم يبلغ نص عليه قاله في الرعاية الكبرى.
وعنه بل وهبة انتهى.
وقال في المذهب يصح عتق من يصح بيعه.
قال الناظم ولا يصح إلا ممن يصح تصرفه في ماله في المؤكد.
وقدم هذا في المستوعب.
وقال بن عقيل يصح عتق المرتد.
وقطع المصنف وغيره أنه لا عتق لمميز.
394

وقال طائفة من الأصحاب لا يصح عتق الصغير بغير خلاف منهم المصنف.
وأثبت غير واحد الخلاف فقال في الإرشاد والمبهج والترغيب في عتق بن عشر وابنة تسع روايتان.
وقال في الموجز وفي صحة عتق المميز روايتان.
وقال في الانتصار والهداية والمذهب والخلاصة والمصنف في باب الحجر وغيرهم في صحة عتق السفيه روايتان.
وقدم في التبصرة صحة عتق المميز والسفيه والمفلس.
وقال في عيون المسائل قال الإمام أحمد رحمه الله يصح عتقه انتهى.
ونقل أبو طالب وأبو الحارث وبن مشيش صحة عتقه.
وإذا قلنا بصحة عتقه فضبطه طائفة بعقله العتق وقاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابنة صالح وأبى الحارث وابن مشيش.
وضبطه طائفة بعشر في الغلام وتسع في الجارية كما ذكرناه عن صاحب المبهج والترغيب.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبى طالب في الغلام الذي لم يحتلم يطلق امرأته إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر سنين إلى ثنتي عشرة سنة وكذلك إذا أعتق جاز عتقه انتهى.
وممن اختار من الأصحاب صحة عتقه أبو بكر عبد العزيز ذكره في آخر كتاب المدبر من الخلاف.
فقال وتدبير الغلام إذا كان له عشر سنين صحيح وكذلك عتقه وطلاقه انتهى.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب البيع وباب الحجر.
تنبيه ظاهر قوله (فأما القول فصريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا).
395

أن العتق يحصل بذلك ولو تجرد عن النية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تعتبر النية مع القول الصريح.
قال في الفائق قلت نية قصد الفعل معتبرة تحرزا من النائم ونحوه ولا تعتبر نية العبادة ولا القربة فيقع عتق الهازل انتهى.
وقال بن عقيل في الفنون الإمامية يقولون لا ينفذ إلا إذا قصد به القربة.
قال وهذا يدل على اعتبار النية لوقوعه فإنهم جعلوه عبادة قال وهذا لا بأس به انتهى.
ويحتمل عدم العتق بالصريح إذا نوى به غيره قاله المصنف وغيره.
فائدة لو قصد غير العتق بقوله عبدي هذا حر يريد عفته وكرم أخلاقه أو يقول له ما أنت إلا حر يريد به عدم طاعته ونحو ذلك لم يعتق على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
قال في الترغيب وغيره هو كالطلاق فيما يتعلق باللفظ والتعليق ودعوى صرف اللفظ عن صريحه.
قال أبو بكر لا يختلف حكمهما في اللفظ والنية.
وجزم في التبصرة أنه لا يقبل في الحكم.
وعلى الأول لو أراد العبد إحلافه كان له ذلك نص عليه.
تنبيه قوله صريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا.
ليس على إطلاقه فإن الألفاظ المتصرفة منه خمسة ماض ومضارع وأمر واسم فاعل واسم مفعول والمشتق منه وهو المصدر.
فهذه ستة ألفاظ والحال أن الحكم لا يتعلق بالمضارع ولا بالأمر لأن الأول وعد والثاني لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر.
396

فيكون لفظ المصنف عاما أريد به الخصوص.
وقد ذكر مثل هذه العبارة في باب التدبير وصريح الطلاق.
وكذا ذكر غيره من الأصحاب ومرادهم ما قلناه.
قوله (وفي قوله لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك ولا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وفككت رقبتك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة روايتان).
وكذا لا خدمة لي عليك وملكتك نفسك وأطلقهما في مسبوك الذهب والكافي والهادي والمحرر والبلغة والفروع.
وأطلقهما في الشرح في قوله فككت رقبتك وأنت سائبة وأنت مولاي وملكتك رقبتك إحداهما صريح.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز.
قال بن رزين وفيه بعد.
والرواية الثانية كناية.
صححه في الهداية والمذهب والمستوعب والنظم والحاوي الصغير.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية.
وصححه بن رزين في شرحه وقدمه.
واختار المصنف أن قوله لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك كناية.
وقال القاضي في قوله لا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وأنت لله صريح نص عليه وقدمه في الفائق.
وقال ومن الكناية قوله لا سلطان لي عليك ولا سبيل لي عليك
397

وفككت رقبتك وملكتك نفسك وأنت مولاي أو سائبة في أصح الروايتين.
وقطع في الإيضاح أن قوله لا ملك لي عليك وأنت لله كناية.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي لا سبيل لي عليك ولا سلطان وأنت سائبة.
وقال بن البنا في خصاله قوله لا ملك لي عليك ولا رق لي وأنت لله صريح.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي التي ذكرها في الإيضاح.
وظاهر كلامه في الواضح أن قوله وهبتك لله صريح.
وسوى القاضي وغيره بينها وبين قوله أنت لله.
وقال في الموجز هي وقوله رفعت يدي عنك إلى الله كناية.
قوله (وفي قوله لأمته أنت طالق أو أنت حرام روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والكافي والبلغة والمحرر والفروع والفائق والحاوي الصغير.
إحداهما كناية وهو المذهب جزم به في الوجيز ونظمه والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية وقدمه بن رزين في قوله (أنت حرام).
والرواية الثانية أنه لغو وقدمه بن رزين في قوله أنت طالق.
وصحح المصنف والشارح أنه كناية في قوله أنت حرام.
وأطلق الروايتين في قوله أنت طالق وقال في الانتصار حكم قوله اعتدى حكم هذه المسألة وأنه يحتمل مثله في لفظ الظهار.
398

قوله (وإذا قال لعبده وهو أكبر منه أنت ابني لم يعتق ذكره القاضي) وهو المذهب.
قال في الفروع لم يعتق في الأصح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والمغنى والشرح ونصراه.
ويحتمل أن يعتق وهو تخريج وجه لأبى الخطاب.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الحاوي الصغير لا نص فيها إلا أن القاضي قال لا يعتق.
وقال أبو الخطاب يحتمل أن يعتق.
تنبيه قوله (وإذا قال لعبده وهو أكبر منه).
قال ذلك المصنف على سبيل ضرب المثال وإلا فحيث قال ذلك لمن لا يمكن كونه منه فإنه داخل في المسألة.
وإذا أمكن كونه منه فلا يخلو إما أن يكون للعبد نسب معروف أو لا.
فإن لم يكن له نسب معروف عتق عليه.
وإن كان له نسب معروف فالصحيح من المذهب أنه يعتق عليه أيضا لاحتمال أن يكون وطئ بشبهة.
وقدمه في الفروع وقاله القاضي في خلافه وابنه أبو الحسين والآمدي وقيل لا يعتق لكذبه شرعا.
وهو احتمال في انتصار أبى الخطاب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
تنبيه قال بن رجب وتبعه في القواعد الأصولية هذا جميعه مع إطلاق اللفظ إما إن نوى بهذا اللفظ الحرية فينبغي عتقه بهذه النية مع هذا اللفظ.
قال بن رجب ثم رأيت أبا حكيم وجه القول بالعتق وقال لجواز كونه كناية في العتق.
399

فائدة لو قال لأصغر منه أنت أبى فالحكم كما لو قال لأكبر منه أنت ابني قاله في الفروع والفائق وقاسه في الرعايتين على الأول من عنده.
فائدة أخرى لو قال أعتقتك أو أنت حر من ألف سنة لم يعتق.
وقال في الانتصار ولو قال لأمته أنت ابني أو لعبده أنت بنتي لم يعتق.
فائدة لو قال لزوجته وهي أكبر منه هذه ابنتي لم تطلق بذلك بلا نزاع.
قوله (وإن أعتق حاملا عتق جنينها إلا أن يستثنيه وإن أعتق ما في بطنها دونها عتق وحده).
في الحال هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والقول بعتق جنينها معها إلا أن يستثنيه من مفردات المذهب.
وقيل لا يعتق الحمل فيهما حتى تضعه حيا فيكون كمن علق عتقه بشرط فيجوز بيعه قبل وضعه تبعا لأمه وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نص عليها في رواية بن منصور.
وقاله في القاعدة الرابعة والثمانين.
وقال بعد ذلك وقياس ما ذكره القاضي وبن عقيل أنه لا يعتق بالكلية فيما إذا أعتق حاملا إذ هو كالمعدوم قبل الوضع قال وهو بعيد جدا.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن الحكم هل يكون الولد رقيقا إذا استثناه من العتق.
وخرج بن أبى موسى والقاضي أنه لا يصح استثناؤه على قياس استثنائه في البيع.
400

فائدة لو أعتق أمه حملها لغيره وهو موسر كالموصى به عتق الحمل أيضا وضمن قيمته ذكره القاضي وجزم به في المنور.
واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب قاله في القواعد.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يعتق جزم به في الترغيب.
واختاره في المحرر وصاحب التلخيص وقدمه في المستوعب.
قوله (فأما الملك فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه).
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
وعنه لا يعتق إلا عمودي النسب.
قال في الكافي بناء على أنه لا نفقة لغيرهم.
وقال في الانتصار ولنا فيه خلاف.
واختار الآجري لا نفقة لغيرهم.
ورجح بن عقيل لا عتق بالملك.
وعنه إن ملكه بإرث لم يعتق.
وفي إجباره على عتقه روايتان ذكره بن أبى موسى.
وعنه لا يعتق الحمل حتى يولد في ملكه حيا.
فلو زوج ابنه بأمة فحملت منه في حياته ثم ولدت بعد موت جده فهل هو موروث عنه أو حر فيه روايتان.
ذكره في المحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
فائدة لو ملك رحما غير محرم عليه أو ملك محرما برضاع أو مصاهرة لم يعتق نص عليه في رواية الجماعة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
401

وعنه أنه كره بيع أخيه من الرضاع وقال يبيع أخاه.
قوله (وإن ملك ولده من الزنى) يعني وإن نزل (لم يعتق).
في ظاهر كلامه وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم والمغنى والشرح وشرح بن منجا.
قال في مسبوك الذهب وغيره هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
ويحتمل أن يعتق واختاره بعض الأصحاب وهذا الاحتمال لأبى الخطاب.
فائدة لو ملك أباه من الزنى فحكمه حكم ما لو ملك ابنه من الزنى.
ذكره في التبصرة والرعاية واقتصر عليه في الفروع.
قلت إن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده ولد زنا منه فهذا محتمل.
وإن أرادوا أباه ولد زنا وولده الذي ملكه هو ولده من الزنى فمسلم وهو مرادهم والله أعلم.
وإن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده الذي ملكه ليس من زنا فهذا غير مسلم بل يعتق عليه هنا وهو داخل في كلامهم.
قوله (وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله).
أعلم أنه إذا ملك جزءا ممن يعتق عليه وكان ملكه له بغير الميراث فلا يخلو إما أن يكون موسرا أو معسرا.
فإن كان موسرا فلا يخلو إما أن يكون موسرا بجميعه أو موسرا ببعضه فإن كان موسرا بجميعه عتق عليه في الحال على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
402

وقيل لا يعتق عليه قبل أداء القيمة.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق ومال إليه الزركشي.
فعليه لو أعتق الشريك قبل أدائها فهل يصح عتقه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية فهل يصح عتقه يحتمل وجهين.
أحدهما يصح اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق رحمهما الله.
والثاني لا يصح.
تنبيه قوله (وعليه قيمة نصف شريكه).
بلا نزاع ويأتي في كلام المصنف قريبا متى يقوم.
فائدة قال الإمام أحمد رحمه الله له نصفه لا قيمة النصف.
قال في الفروع لا قيمة للنصف ورده بن نصر الله في حواشيه وتأول كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هل يقوم كاملا ولا عتق فيه أو قد عتق بعضه فيه قولان للعلماء أصحهما الأول.
وهو الذي قاله أبو العباس فيما أظن لظاهر الحديث ولأن حق الشريك إنما هو في نصف القيمة لا قيمة النصف بدليل ما لو أراد البيع فإن الشريك يجبر على البيع معه انتهى كلام الفروع.
وكذا الحكم لو أعتق شريكا في عبد وهو موسر على ما يأتي.
وإن كان موسرا ببعضه عتق عليه على الصحيح من المذهب بقدر ما هو موسر به نص عليه في رواية أبن منصور.
قال في الفائق عتق بقدره في أصح الوجهين.
وقدمه في الرعايتين والزركشي والفروع وغيرهم.
403

وجزم به في المستوعب والمغنى والشرح وغيرهم.
وقيل لا يعتق إلا ما ملكه والحالة هذه.
تنبيه شمل قوله عتق كله.
لو كان شقص شريكه مكاتبا أو مدبرا أو مرهونا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال القاضي يمتنع العتق في المكاتب والمدبر إلا أن يبطلا فيسرى حينئذ وحيث سرى ضمن حق الشريك بنصف قيمته مكاتبا على الصحيح قدمه في الفروع.
وعنه يضمنه بما بقي من الكتابة جزم به في الروضة وأطلقهما في المحرر.
وأما المرهون فيسرى العتق عليه وتؤخذ قيمته فتجعل مكانه رهنا قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
فائدة حد الموسر هنا أن يكون حين الإعتاق قادرا على قيمة الشقص وأن يكون فاضلا عن قوته وقوت عياله يومه وليلته كالفطرة على ما تقدم هناك نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقاله القاضي في المجرد وبن عقيل في الفصول.
قال أبو بكر في التنبيه اليسار هنا أن يكون له فضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته وما يفتقر إليه من حوائجه الأصلية من الكسوة والمسكن وسائر مالا بد منه نقله عنه في المغنى والشرح.
قال الزركشي ولم أره فيه وإنما فيه أن يكون مالكا مبلغ حصة شريكه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام غيره وأورده بن حمدان مذهبا.
وقال في المغنى مقتضى نصه لا يباع له أصل مال.
404

قال في الفائق ولا يباع له دار ولا رباع نص عليه.
وقال في الرعاية وقيل بل إن كان ما يغرمه المولى فاضلا عن قوت يومه وليلته قلت وعن قوت من تلزمه نفقته فيهما مالا بد لهما منه انتهى.
والاعتبار باليسار والإعسار حالة العتق فلو أيسر المعسر بعده لم يسر إليه ولو أعسر الموسر لم يسقط ما وجب عليه نص على ذلك.
قوله (وإن كان معسرا) يعني بجميعه.
(لم يعتق عليه إلا ما ملك).
وهذا المذهب وعليه معظم الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في بقيته نصره في الانتصار واختاره أبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين رحمهم الله.
فعلى هذه الرواية قيمة حصة الشريك في ذمة العبد وحكمه حكم الأحرار.
فلو مات وبيده مال كان لسيده ما بقي من السعاية والباقي إرث ولا يرجع العبد على أحد بشيء وهذا الصحيح قدمه في الرعاية.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الأكثرين وهو كما قال.
فإنهم قالوا يعتق العبد كله ويحتمل أن لا يعتق حتى يؤدي حق السعاية.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار وقدمه بن رزين في شرحه.
فيكون حكمه حكم عبد بعضه رقيق فلو مات كان للشريك من ماله مثل ماله عند من لم يقل بالسعاية.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والزركشي.
405

قوله (وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك موسرا كان أو معسرا).
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الجامع والكافي والوجيز وغيرهم وصححه في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنه يعتق عليه نصيب الشريك إن كان موسرا.
نص عليها في رواية المروذي.
قوله (وإن مثل بعبده فجدع أنفه أو أذنه ونحوه).
وكذا لو خرق عضوا منه.
قال في الرعاية الكبرى أو أحرقه بالنار عتق عليه نص عليه للأثر وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال القاضي القياس أنه لا يعتق.
وقال جماعة من الأصحاب لا يعتق المكاتب.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه سواء قصد التمثيل به أو لم يقصده وهو أحد الوجهين.
قال في الفائق ولم يشترط غير بن عقيل القصد وقدمه في الرعايتين.
406

وقيل يشترط القصد في ذلك اختاره بن عقيل.
وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الفروع.
فوائد
إحداها حيث قلنا يعتق بالتمثيل يكون الولاء لسيده نص عليه وقدمه في الرعايتين والفائق.
وقيل لبيت المال ذكره في الرعاية.
وقال بن عقيل يصرف في الرقاب قال وهو قياس المذهب.
قال في الفائق قلت واختاره بن الزاغوني وأطلقهما في الفروع.
وقال أيضا في الفائق ويتوجه في العمل به كقول بن عقيل وإن لم يشترط فكالمنصوص.
الثانية هل يعتق بمجرد المثلة أو يعتقه عليه السلطان.
قال في الفائق يحتمل روايتين من كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال في رواية يعتق وقال في رواية يعتقه السلطان وهما روايتان عن الإمام مالك رحمه الله.
والمعروف في المذهب أنه يعتق عليه بمجرد ذلك قاله في القواعد وظاهر رواية الميموني يعتقه السلطان عليه.
وقال في الفائق أيضا ولو مثل بعبد مشترك سرى العتق إلى باقيه وضمن للشريك ذكره بن عقيل.
الثالثة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو استكره المالك عبده على الفاحشة عتق عليه وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو مبنى على القول بالعتق بالمثلة.
ولو استكره أمة امرأته على الفاحشة عتقت وغرم مثلها لسيدتها قاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية إسحاق.
407

الرابعة مفهوم كلام المصنف أنه لو مثل بعبد غيره لا يعتق عليه وهو الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه أن يعتق واختاره.
الخامسة مفهومه أيضا أنه لو لعن عبده لا يعتق عليه بذلك وهو صحيح وهو المذهب.
وذكر بن حامد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال من لعن عبده فعليه أن يعتقه أو لعن شيئا من ماله أن عليه أن يتصدق به.
قال ويجئ في لعن زوجته أنه يلزمه أن يطلقها.
قال بن رجب في شرح حديث لبيك ويشهد لهذا في الزوجة وقوع الفرقة بين المتلاعنين لما كان أحدهما كاذبا في نفس الأمر قد حقت عليه اللعنة أو الغضب.
السادسة لو وطئ جاريته المباحة التي لا يوطأ مثلها فأفضاها عتقت وإلا فلا قاله في الرعاية الكبرى.
قوله (وإن أعتق السيد عبده فماله للسيد).
وهو المذهب وعليه الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وغيرهم وعنه للعبد.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو أعتق مكاتبه وبيده مال على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه له.
وإن فضل فضل بعد أداء الكتابة فهو للمكاتب.
تنبيه قوله (وإن أعتق جزءا من عبده معينا أو مشاعا عتق كله).
408

مراده إذا أعتق غير شعره وظفره وسنه ونحوه.
قوله (وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله).
بلا نزاع من حيث الجملة لكن لو كان موسرا ببعضه فإنه يعتق منه بقدر ما هو موسر به على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية بن منصور وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يعتق عليه إلا حصته فقط وتقدم ذلك قريبا فليعاود.
وتقدم أيضا هل يوقف العتق على أداء القيمة أم لا.
قوله (وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم ونص عليه.
قال الزركشي هذا المعروف المشهور.
وفي الإرشاد وجه أن عليه قيمته يوم تقويمه وحكاه الشيرازي أيضا.
قال الزركشي وهو قياس القول الذي لنا في الغصب.
وكذا الحكم لو عتق عليه كله.
فائدة لو عدمت البينة بقيمته فالقول قول المعتق جزم به في المغنى والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وقال في الفائق ويقبل فيها قول الشريك مع عدم البينة فلعله سبقه قلم.
قوله (وإن كان معسرا لم يعتق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه.
وتقدم ذلك كله وأحكامه وفروعه والخلاف فيه وما يتعلق بذلك من
409

الفروع قريبا عند قوله وإن ملك سهما ممن يعتق عليه فإن الحكم هنا وهناك واحد عند الأصحاب فلا حاجة إلى إعادته.
تنبيه يأتي قريبا إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم هل يسرى أم لا.
قوله (وإذا كان العبد لثلاثة لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا وهما موسران عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وصار ولاؤه بينهما أثلاثا).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والخرقي وغيرهما.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال الزركشي هو المذهب المجزوم به بلا ريب.
ويحتمل أن يضمناه على قدر ملكيهما فيه وهو لأبى الخطاب في الهداية.
وجزم به في المذهب إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
فائدتان
إحداهما يتصور عتقهما معا في صور.
منها أن يتفق لفظهما بالعتق في آن واحد.
ومنها أن يعلقاه على صفة واحدة.
ومنها أن يوكلا شخصا يعتق عنهما أو يوكل أحدهما الآخر.
قوله (وإذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر سرى إلى باقيه في أحد الوجهين).
وهو المذهب صححه في التصحيح والمصنف والشارح والناظم.
410

قال في الفائق سرى إلى سائره في أصح الوجهين.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية الصغرى وشرح بن رزين.
والوجه الثاني لا يسرى ذكره أبو الخطاب فمن بعده.
قال بن رزين وليس بشيء وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
وتقدم في كتاب البيع هل يصح شراء الكافر مسلما يعتق عليه بالرحم أم لا.
وتقدم في باب الولاء إذا قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عنى وعلى ثمنه هل يصح أم لا.
الثانية لو قال أعتقت نصيب شريكي كان لغوا ولو قال أعتقت النصف انصرف إلى ملكه ثم سرى لأن الظاهر أنه أراد نصيبه.
ونقل بن منصور في دار بينهما فقال أحدهما بعتك نصف هذه الدار لا يجوز إنما له الربع من النصف حتى يقول نصيبي.
ولو وكل أحدهما الآخر فأعتق نصفه ولا بناء ففي صرفه إلى نصيب موكله أم نصيبه أم إليهما احتمالات في المغنى واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب عتق نصيبه لا غير.
قوله (وإذا ادعى كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران فقد صار العبد حرا لاعتراف كل واحد منهما بحريته وصار مدعيا على شريكه قيمة حقه منه ولا ولاء عليه لواحد منهما وإن كانا معسرين لم يعتق على واحد منهما).
411

بلا نزاع أعلمه لكن للعبد أن يحلف مع كل واحد منهما ويعتق جميعه أو مع أحدهما ويعتق نصفه إذا قلنا إن العتق يثبت بشاهد ويمين وكان عدلا على ما يأتي ذكره الأصحاب.
وذكر بن أبى موسى لا يصدق أحدهما على الآخر.
وذكره أبو بكر في زاد المسافر وعلله بأنهما خصمان ولا شهادة لخصم على خصمه.
قوله (وإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه عتق حينئذ ولم يسر إلى نصيبه).
يعني إذا كانا معسرين وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب يعتق جميعه.
قال الناظم وليس ببعيد وأطلقهما في الفائق.
فعلى قول أبى الخطاب لا ولاء له فيما اشتراه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية.
وقيل له ولاؤه كله إن أكذب نفسه.
قوله (وإذا قال أحد الشريكين إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر فأعتق الأول وهو موسر عتق كله).
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف والشارح وغيرهما.
وقيل يعتق عليهما وهو احتمال للمصنف.
قوله (وإذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع نصيبك فأعتق نصيبه عتق عليهما موسرا كان أو معسرا) هذا المذهب.
قال في الفروع والأصح عتقه عليهما.
412

قال في المستوعب قاله أصحابنا قال الشارح وهذا أولى.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقيل يعتق كله على المعتق الأول.
فوائد
إحداها وكذا الحكم والخلاف والمذهب فيما إذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل إعتاقك قاله في الفروع.
وقيل يعتق جميعه على صاحب الشرط بالشرط ويضمن حق شريكه اختاره في المستوعب ومع إعسارهما يعتق عليهما.
الثانية لو قال لأمته إن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبله فصلت كذلك عتقت على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية الكبرى ذكره آخر الباب وقال صلاة صحيحة.
وقيل لا تعتق جزم به أبو المعالي لبطلان الصفة بتقدم المشروط.
الثالثة لو قال إن أقررت بك لزيد فأنت حر قبله فأقر له به صح إقراره فقط.
الرابعة لو قال إن أفررت بك له فأنت حر ساعة إقراري لم يصح الإقرار ولا العتق.
قوله (ويصح تعليق العتق بالصفات كدخول الدار ومجئ الأمطار ولا يملك إبطالها بالقول).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وأكثرهم قطع به.
وذكر في الإنتصار والواضح أنه يجوز له فسخة ويأتي ذلك وغيره في أول باب تعليق الطلاق بالشروط.
413

قوله (وله بيعه وهبته ووقفه وغير ذلك).
ولا يحرم عليه وطء أمته بعد تعليق عتقها على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه لا يطؤها.
فائدة لا يعتق قبل كمال الصفة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج القاضي رواية من الأيمان بالعتق.
وقال في الفائق وهو ضعيف.
قال الناظم لا يعبأ بما في المجرد ورده المصنف والشارح من خمسة أوجه.
قوله (فإن عاد إليه عادت الصفة إلا أن تكون قد وجدت منه في حال زوال ملكه فهل تعود بعوده على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وشرح بن منجا.
إحداهما تعود بعوده وهو المذهب فيهما نص عليه واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح قال في القاعدة الأربعين أشهر الروايتين أنها تعود بعود الملك إذا وجدت الصفة بعد زوال الملك.
وجزم به في الوجيز والعمدة وغيرهما وقدمه في المحرر والنظم وتجريد العناية.
وفرق القاضي بين الطلاق والعتاق فإن ملك الرقيق لا ينبنى فيه أحد الملكين على الآخر بخلاف النكاح فإنه ينبني فيه أحد الملكين على الآخر في عدد الطلاق على الصحيح.
414

قال في القواعد وهذا التفريق لا أثر له إذ لو كان معتبرا لم يشترط لعدم الحنث وجود الصفة في غير الملك انتهى.
والرواية الثانية لا تعود الصفة جزم به أبو محمد الجوزي في الطريق الأقرب قال في الفائق وهو أرجح وقدمه في الخلاصة.
وعنه لا تعود الصفة سواء وجدت حال زوال ملكه أو لا حكاها الشيخ تقي الدين رحمه الله وذكرها مرة قولا.
قوله (وتبطل الصفة بموته فإن قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر أو أنت حر بعد موتى بشهر فهل يصح ويعتق على روايتين).
ذكر المصنف مسألتين الأولى إذا قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر وأطلق فيها روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع والفائق وشرح بن منجا والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما لا يصح ولا يعتق بوجود الشرط وهو الصحيح صححه المصنف والشارح وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والنظم.
والرواية الثانية يصح ويعتق صححه في التصحيح والبلغة وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين.
فعلى هذه الرواية لا يملك الوارث بيعه قبل نقله كالموصى به قبل قبوله قاله جماعة منهم صاحب الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والمسألة الثانية إذا قال أنت حر بعد موتى بشهر فأطلق المصنف فيه الروايتين.
415

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغنى والشرح والنظم في باب التدبير والفروع والفائق وشرح بن منجا وغيرهم.
إحداهما يصح صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين صح في الأصح وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية لا يصح ولا يعتق اختاره أبو بكر وصححه في النظم في كتاب العتق وقدمه في الخلاصة في باب التدبير.
وجزم به في الحاوي الصغير واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وغالب الأصحاب يذكر هذه المسألة في باب المدبر.
تنبيهان
أحدهما قال في فوائد القواعد بنى طائفة من الأصحاب هاتين الروايتين على أن التدبير هل هو تعليق عتق بصفة أو وصية على ما يأتي في باب التدبير.
فإن قلنا التدبير وصية صح تقييدها بصفة أخرى توجد بعد الموت.
وإن قلنا عتق بصفة لم يصح ذلك.
وهؤلاء قالوا لو هو صرح بالتعليق فقال إن دخلت الدار بعد موتى بشهر فأنت حر لم يعتق رواية واحدة وهي طريقة بن عقيل في إشاراته.
قال بن رجب والصحيح أن هذا الخلاف ليس مبنيا على هذا الأصل وعلله وقال ومن الأصحاب من جعل هذا العقد تدبيرا ومنهم من ينفى ذلك.
ولهم في حكاية الخلاف فيه أربعة طرق ذكرت في غير هذا الموضع.
الثاني على القول بالصحة فكسبه بعد الموت وقبل وجود الشرط للورثة على الصحيح من المذهب قاله القاضي وبن عقيل والمصنف وغيرهم ووجه في القواعد أن كسبه له من تصريح صاحب المستوعب أن العبد باق على ملك الميت لا ينتقل إلى الورثة كالموصى بعتقه.
416

فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال أخدم زيدا سنة بعد موتى ثم أنت حر.
فعلى الصحة لو أبرأه زيد من الخدمة عتق من حينه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يعتق إلا بعد سنة فإن كانت الخدمة لبيعه وهما كافران فأسلم العبد ففي لزوم القيمة عليه لبقية الخدمة روايتان ذكرهما بن أبى موسى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
إحداهما لا تلزمه ويعتق مجانا جزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
والرواية الثانية تلزمه.
ولو قال لجاريته إذا خدمت ابني حتى يستغنى فأنت حرة لم تعتق حتى تخدمه إلى أن يكبر ويستغنى عن الرضاع على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال بن أبى موسى لا تعتق حتى يستغنى عن الرضاع وعن أن يلقم الطعام وعن التنجي من الغائط.
نقل مهنا لا تعتق حتى يستغنى قلت حتى يحتلم قال لا دون الاحتلام.
قوله (وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر فهل يصح على روايتين).
وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير والهداية والمذهب.
إحداهما يصح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله المختار لعامة الأصحاب حتى إن بعضهم لا يثبت ما يخالفه.
قال في القواعد هذا المشهور من المذهب.
417

قال القاضي وغيره اختاره أصحابنا ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الرعايتين والفائق صح في أصح الروايتين.
قال أبو بكر في الشافي لا يختلف قول أبى عبد الله فيه إلا ما روى محمد بن الحسن بن هارون في العتق أنه لا يعتق وما أراه إلا غلطا.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة والمحرر والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية لا يصح.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وصححه في التصحيح والمغنى والشرح والنظم وغيرهم.
وتقدم إذا علق عتق عبده على بيعه في أواخر باب الشروط في البيع.
فائدة لو باع أمة بعبد على أن له الخيار ثلاثا ثم قال في مدة الخيار هما حران قال في الحاوي الصغير لا أعرف فيها نصا عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقياس المذهب عندي أنه يعتق العبد خاصة لأن عتقه للأمة يترتب على فسخ البيع وعتقه للعبد لا يترتب على واسطة فيكون العتق إلى العبد أسبق فيجب أن يعتق ولا تعتق الأمة انتهى.
قلت ينبغي أن ينبنى ذلك على انتقال الملك في مدة الخيار وعدمه.
فإن قلنا ينتقل عتق العبد وإن قلنا لا ينتقل عتقت الأمة.
قوله (وإن قاله العبد لم يصح في أصح الوجهين).
يعني إذا قال العبد إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر ثم عتق وملك على القول بصحته من الحر.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في الشرح وشرح بن منجا والخلاصة والنظم.
والوجه الثاني يصح وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
418

قال في الهداية فإذا قال العبد ذلك ثم عتق وملك مماليكا فعلى الرواية التي تقول تنعقد الصفة للحر هل تنعقد له هذه الصفة على وجهين.
فائدة لو قال أول عبد أملكه فهو حر وقلنا بصحة تعليق العتق على الملك فلم يملك إلا واحدا فقط فقد عتق عليه على الصحيح من المذهب.
قطع به في المغنى والشرح ذكراه في تعليل ما إذا ملك اثنين معا.
وقيل لا يعتق وأطلقهما في الفروع ويأتي قريبا إذا ملك اثنين معا.
قوله (وإن قال آخر مملوك أشتريه فهو حر وقلنا بصحة الصفة فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من حين الشراء وكسبه له).
وقد علمت أن الصحيح من المذهب صحة الصفة عند قوله وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر.
فائدتان
إحداهما لو قال آخر مملوك أشتريه فهو حر فملك أمة ثم ملك أخرى لم يجز له وطء الثانية لاحتمال أن لا يشترى غيرها فتكون حرة من حين اشتراها ذكره الأصحاب.
الثانية لو كان آخر من اشترى مملوكين معا أو علق العتق على أول مملوك فملكهما معا أو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ولدين خرجا معا فقيل يعتقان قدمه في المغنى والشرح وقالا هذا قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل لا يعتقان.
وقيل يعتق واحد بالقرعة وهو الصحيح من المذهب صححه في النظم وغيره وقدمه في المغنى والشرح ذكراه فيما إذا علق العتق على أول مملوك يملكه فملك اثنين معا.
419

وقدمه بن رزين أيضا في شرحه وقال نص عليه.
قلت ونقله مهنا في أول غلام يطلع أو امرأة تطلع فهو حر أو طالق.
وذكر المصنف لفظ الرواية أول من يطلع من عبيدي.
وأطلقهن في الفروع وفي مختصر بن رزين في الطلاق.
ولو علقه بأول من يقوم فقمن معا طلقن وفي منفردة به وجه.
قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإن قال لأمته آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا لم يعتق الأول).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح بن منجا وقدمه في الشرح.
وقيل يعتق وهو قياس قول القاضي والشريف أبى جعفر وقدمه في الفائق وأطلقهما في المحرر والرعايتين والنظم والفروع.
فائدة وكذا الحكم والخلاف لو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر أو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ميتا ثم حيا بل جعلوا هذه أصلا لتلك.
وصحح في المغنى والشرح عدم العتق وجزم به في المذهب وغيره وهو المذهب.
وقال القاضي والشريف أبو جعفر يعتق الحي منهما وقدمه في الفائق وشرح بن رزين واقتصر عليه في المستوعب.
قوله (وإن ولدت توأمين فأشكل الآخر منهما أقرع بينهما).
هذا المذهب جزم به في الوجيز والشرح وشرح بن منجا والنظم والرعاية والحاوي وقدمه في الفروع وعنه يعتقان.
واختبار في الترغيب أن معناهما أن أمد منع السيد منهما هل هو القرعة
420

أو الانكشاف وكذا الحكم إن عينه ثم نسيه قاله في الرعاية وغيره.
فائدة لو قال أول غلام لي يطلع فهو حر فطلع عبيده كلهم أو قال لزوجاته أيتكن طلع أولا فهي طالق فطلعن كلهن فنص لإمام أحمد رحمه الله أنه يميز واحدا من العبيد وامرأة من الزوجات بالقرعة في رواية مهنا.
واختلف الأصحاب في هذا النص.
فمنهم من حمله على أن طلوعهم كان مرتبا وأشكل السابق.
ومنهم من أقر النص على ظاهره وأنهم طلعوا دفعة واحدة وقال صفة الأولية شاملة لكل واحد منهم بانفراده والمعتق إنما أراد عتق واحد منهم فيميز بالقرعة وهي طريقة القاضي في خلافه.
ومنهم من قال يعتق ويطلق الجميع لأن الأولية صفة لكل واحد منهم ولفظه صالح للعموم لأنه مفرد مضاف.
أو يقال الأولية صفة للمجموع لا للأفراد وهو الذي ذكره المصنف في المغنى في الطلاق.
ومنهم من قال لا يعتق ولا يطلق أحد منهم لأن الأول لا يكون إلا فردا لا تعدد فيه والفردية مشتبهة هنا وهو الذي ذكره القاضي وبن عقيل في الطلاق والسامري وصاحب الكافي.
قال في القواعد ويتخرج وجه آخر وهو أنه إن طلع بعدهم غيرهم من عبيده وزوجاته طلقن وعتقن وإلا فلا بناء على أن الأول هو السابق لغيره فلا يكون أولا حتى يأتي بعده غيره فتتحقق له بذلك صفة الأولية وهو وجه لنا ذكره بن عقيل وغيره ذكره في آخر القواعد.
قوله (ولا يتبع ولد المعتقة بالصفة أمه في العتق في أصح الوجهين إلا أن تكون حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها).
إذا كانت حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها فإنه يتبعها بلا خلاف أعلمه
421

وإن وجد حمل بعد التعليق ووضعته قبل وجود الصفة وهي مسألة المصنف هنا فصحح عدم التبعية وهو المذهب
صححه في النظم وشرح بن منجا وقدمه في الشرح والفروع.
والوجه الثاني يتبعها جزم به في الوجيز وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والقواعد الفقهية.
فائدة لا يتبع الولد أمه إذا كان منفصلا حال التعليق بلا خلاف أعلمه.
قوله (وإذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف أو علي ألف عتق ولا شيء عليه).
إذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف عتق ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هكذا ذكره المتأخرون من أصحابنا.
قال في الفروع يعتق ولا شيء عليه على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الادمي وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه الناظم.
وعنه لا يعتق إن لم يقبل وأطلقهما في المحرر.
وإذا قال لعبده أنت حر على ألف فقدم المصنف هنا أنه يعتق مجانا بلا قبول وهو إحدى الروايتين ونصره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات وهو منها.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وعنه إن لم يقبل العبد لم يعتق وهذا المذهب.
قال المصنف هنا وهو الصحيح وصححه في الشرح وشرح بن منجا
422

وجزم به الأدمى في منتخبه وقدمه في الفروع وأطلقهما في المحرر.
وذكر في الواضح رواية أن قوله أنت حر على ألف شرط لازم بلا قبول كبقية الشروط.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو قال له أنت حر على أن تعطيني ألفا أو قال لأمته أعتقتك على أن تزوجيني نفسك لكن إن أبت لزمها قيمة نفسها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تعتق مجانا بقبولها واختار بن عقيل أنها لا تعتق إلا بالأداء.
الثانية لو قال له أنت حر بمائة أو بعتك نفسك بمائة فقبل عتق ولزمته المائة وإلا فلا جزم به في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وإن لم يقبل لم يعتق عند الأصحاب وقطعوا به.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يعتق بغير شيء كما لو قال لها أنت طالق بألف على ما يأتي في كلام المصنف في أواخر الخلع لأن الطلاق والعتاق فيهما حق لله تعالى وليس العوض ركنا فيهما إذا لم يعلقهما عليه.
وعلى المذهب واختيار الأصحاب الفرق بينهما أن خروج البضع في النكاح غير متقوم على الصحيح من المذهب على ما يأتي في باب الرضاع بخلاف العبد فإنه مال محض قاله في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة.
قوله (وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة فكذلك).
يعني كقوله أنت حر على ألف.
فعلى إحدى الروايتين يعتق مجانا وعلى الرواية الأخرى لا يعتق حتى يقبل.
وقد علمت الصحيح من المذهب في الروايتين وهذا إحدى الطرق في المسألة
423

وقدم هذه الطريقة في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقيل يعتق هنا بلا قبول وتلزمه الخدمة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفائق واختاره بن عبدوس في تذكرته قال في المحرر هذا ظاهر كلامه.
وجزم به في القواعد وقال نص عليه وجزم به صاحب الوجيز.
وهي الطريقة الثانية وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.
وقال في المستوعب والحاوي الصغير إن لم يقبل فعلى روايتين.
إحداهما يعتق ولا يلزمه شيء.
والثانية لا يعتق.
وقدما في أنت حر على ألف أنه يعتق مجانا فخالفا الطريقتين.
وقيل إن لم يقبل لم يعتق رواية واحدة وهي الطريقة الثالثة.
وعلى كلامه في المستوعب والحاوي تكون طريقة رابعة.
وتقدم ذلك في أوائل الباب.
فوائد
الأولى مثل ذلك في الحكم لو استثنى نفعه مدة معلومة.
الثانية لو مات السيد في أثناء السنة رجع الورثة على العبد بقيمة ما بقي من الخدمة قاله المصنف والسامري وبن حمدان وغيرهم.
الثالثة يجوز للسيد بيع هذه الخدمة نص عليه.
نقل حرب لا بأس ببيعها من العبد أم ممن شاء.
وعنه لا يجوز نص عليه وهو الصواب.
ذكر هاتين الروايتين بن أبى موسى وأطلقهما في المستوعب والفروع والحاوي الصغير والقواعد الفقهية.
424

الرابعة قال في الفروع لم يذكر الأصحاب ما لو استثنى السيد خدمته مدة حياته وذكروا صحة ذلك في الوقف قال وهذا مثله.
يؤيده أن بعضهم احتج بما رواه الإمام أحمد وأبو داود أن أم سلمة رضي الله عنها أعتقت سفينة وشرطت عليه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
قال وهذا بخلاف شرط البائع خدمة المبيع مدة حياته لأنه عقد معاوضة يختلف الثمن لأجله انتهى.
قلت صرح بذلك أعني بجواز ذلك في القواعد في القاعدة الثانية والثلاثين وتقدم ذلك في أول الباب.
الخامسة لو باعه نفسه بمال في يده صح على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين والفائق صح على أصح الروايتين.
قال في المغنى والشرح في الولاء وإن اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال عتق والولاء لسيده لأنه يبيع ماله بماله فهو مثل المكاتب سواء والسيد هو المعتق لهما فكان الولاء له عليهما انتهيا.
وعنه لا يصح وأطلقهما في الفروع.
قال في الترغيب مأخذهما هل هو عقد معاوضة أو تعليق محض ويأتي في الكتابة هل تصح الكتابة حالة.
السادسة لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت حر فهو تعليق محض لا يبطل ما دام ملكه ولا يعتق بالإبراء منها بل بدفعها نص عليه وما فضل عنها فهو لسيده ولا يكفيه أن يعطيه من ملكه إذا لا ملك له على أصح الروايتين فهو كقوله لامرأته إن أعطيتيني مائة فأنت طالق فأتت بمائة مغصوبة ففي وقوعه احتمالان قاله في الترغيب.
قال في الفروع والعتق مثله وأن هذا الخلاف يجري في الفاسدة إذا صرح بالتعليق.
425

ونقل حنبل في الأولى إن قاله الصغير لم يجز لأنه لم يقدر عليه.
السابعة لو قال جعلت عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويضه إليه فأعتق نفسه في المجلس عتق ويتوجه كطلاق قاله في الفروع.
ولو قال اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني ففعل عتق ولزم مشتريه المسمى وكذا إن اشتراه بعينه إن لم تتعين النقود وإلا بطلا.
وعنه أجيز عنه.
وذكر الأزجي إن صرح الوكيل بالإضافة إلى العبد وقع عنه وعتق وإن لم يصرح احتمل ذلك واحتمل أن يقع عن الوكالة لأنه لو وقع لعتق والسيد لم يرض بالعتق.
قوله (وإن قال كل مملوك لي حر عتق عليه مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده).
وكذا عبيد عبده التاجر بلا نزاع في ذلك.
وعتق عليه (شقص يملكه) مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا يعتق الشقص بدون نية ذكره بن أبى موسى ونقله مهنا كما لو كان له شقص فقط وقال ذلك ذكره بن عقيل.
فائدة لو قال عبدي حر أو أمتي حرة أو زوجتي طالق ولم ينو معينا عتق الكل وتطلق كل نسائه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق والقواعد الأصولية وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وهذا مبنى على أن المفرد المضاف يعم والصحيح من المذهب أنه يعم.
426

وقيل يعتق واحد بالقرعة.
وقيل يعتق واحد وتطلق واحدة وتخرج بالقرعة اختاره المصنف في المغنى قال في الفائق وهو المختار.
ويأتي التنبيه على ذلك أيضا في أول باب صريح الطلاق وكنايته.
تنبيه قال في الفروع عن هذه المسألة والمراد إن كان عبد مفردا لذكر وأنثى فإن كان لذكر فقط لم يشمل أنثى إلا إن اجتمعا تغليبا.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال لخدم له رجال ونساء أنتم أحرار وكانت معهم أم ولده ولم يعلم بها إنها تعتق.
قال أبو محمد الجوزي بعد المسألة وكذا إن قال كل عبد أملكه في المستقبل.
فائدة قوله (وإن قال أحد عبدي حر أقرع بينهما).
وكذا لو قال أحد عبيدي حر أو بعضهم حر ولم ينوه يقرع بينهم وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه يعتق بتعيينه من الرواية التي في الطلاق.
وكذا لو أدى أحد مكاتبيه وجهل أقرع هو أو وارثه في الجميع.
ولو قال لأمتيه إحداكما حرة حرم وطؤها معا بدون قرعة على الصحيح من المذهب.
وفيه وجه تتميز المعتقة بتعيينه فإن وطئ واحدة لم تعتق الأخرى كما لو عينها ثم أنسيها.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أن تعتق.
قال فلو قال لإمائه الأربع إن وطئت واحدة منكن فواحدة منكن حرة ثم وطئ ثلاثا أقرع بين الأولة والرابعة فإن وطئها عتقت الأولة وإن كان وطئها ثانيا قبل وطء الرابعة عتقت الرابعة فقط ويحد إن علم قبله بعتقها.
427

ويأتي في باب الشك في الطلاق إذا قال إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر.
وكثير من الأصحاب يذكر هذه المسألة هنا.
قوله (وإن أعتق عبدا ثم أنسيه أخرج بالقرعة).
إما المعتق أو وارثه وهذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه لا يقرع هنا من الطلاق.
قال وأشار إليه بعض الأصحاب ذكره في آخر القواعد.
(فإن علم بعدها أن المعتق غيره عتق وهل يبطل عتق الأول على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والفائق.
أحدهما يبطل عتقه وهو الصحيح من المذهب كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه على الصحيح من المذهب وصححه في التصحيح والمذهب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
الوجه الثاني لا يبطل كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه قولا واحدا.
وهذا الوجه مقتضى قول بن حامد قوله (وإن أعتق جزءا من عبده في مرضه أو دبره وثلثه يحتمل جميعه عتق جميعه).
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والفائق وقال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه لا يعتق إلا ما أعتق أو دبر لا غير.
428

وعنه يعتق جميعه في المنجز دون التدبير.
وأطلق في الشرح الروايتين في تكميل العتق بالتدبير إذا كان يخرج من الثلث وقدم عتق الجميع فيما إذا نجز البعض.
فائدة لو مات العبد قبل سيده عتق منه بقدر ثلثه على الصحيح من المذهب.
وقيل يعتق كله لأن رد الورثة هنا لا فائدة لهم فيه.
قوله (وإن أعتق شركا له في عبد أو دبره وثلثه يحتمل باقيه أعطى الشريك).
يعني قيمة حصته وكان جميعه حرا في إحدى الروايتين.
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا والخرقي والزركشي.
إحداهما يعتق جميعه وهو المذهب صححه في التصحيح.
واختاره أبو الخطاب في خلافه وقدمه في المحرر والفروع.
والأخرى (لا يعتق إلا ما ملك منه).
وهو ظاهر كلامه في الوجيز واختاره الشيرازي والشريف.
وقال القاضي ما أعتقه في مرض موته سرى وما دبره أو وصى بعتقه لم يسر.
فالرواية في سراية العتق في حال الحياة أصح والرواية في وقوفه في التدبير أصح وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أعنى التفرقة.
قوله (وإن أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في دينه).
هذا المذهب جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى في باب تبرعات
429

المريض وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وقدمه في شرح بن منجا (ويحتمل أن يعتق ثلثهم).
وهو رواية ذكرها أبو الخطاب.
فإن التزم وارثه بقضاء الدين ففي نفوذ عتقهم وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والزركشي والمغنى والشرح وقالا وقيل أصل الوجهين إذا تصرف الورثة في التركة ببيع أو غيره وعلى الميت دين فقضى الدين هل ينفذ فيه وجهان.
قلت الصواب نفوذ عتقهم.
فائدتان
إحداهما لو ظهر عليه دين يستغرق بعضهم احتمل بطلان عتق الكل واحتمل أن يبطل بقدر الدين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية الكبرى.
الثانية قوله (وإن أعتقهم فأعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم).
بلا نزاع وكان كسبهم لهم من منذ عتقوا.
وقدم بن رزين أنه لا ينفذ عتقهم وحكاهما في الكافي احتمالين.
قوله (وإن أعتق واحدا من ثلاثة أعبد فمات أحدهم في حياته أقرع بينه وبين الحيين فإن وقعت على الميت رق الآخران وإن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج من الثلث).
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يقرع بين الحيين دون الميت.
430

قوله (وإن أعتق الثلاثة في مرضه فمات أحدهم في حياة السيد فكذلك في قول أبى بكر).
وحكاه عن الإمام أحمد رحمه الله يعني يقرع بينه وبين الحيين وهو المذهب قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال المصنف هنا (والأولى أن يقرع بين الحيين ويسقط حكم الميت).
وجزم به في الوجيز كعتقه أحد عبديه غير معين فمات أحدهما فإنه يتعين العتق في الثاني ذكره القاضي وغيره.
وقيل يقرع بين الحيين في هذه المسألة دون التي قبلها ذكره في الرعاية الكبرى.
ذكر هذه المسائل في الفروع في آخر باب تبرعات المريض.
وذكرها في الرعايتين والفائق والحاوي في أول باب تبرعات المريض.
فائدة وكذا الحكم إن أوصى بعتقهم فمات أحدهم بعده.
وقيل إن أعتقهم أو دبرهم أو أوصى بعتقهم أو دبر بعضهم وأوصى بعتق الباقين فمات أحدهم أقرعنا بينهم فإن خرجت القرعة الميت حسبناه من التركة وقومناه حين العتق وإن خرجت لحي.
فإن كان الموت في حياة السيد أو بعدها قبل قبض الورثة لم يحسب من التركة غير الحيين فيكمل ثلثهما ممن قرع أو يقوم به يوم العتق.
وقيل يحسب الميت من التركة ويقرع من قرع إن خرج حيا من الثلث وإلا عتق منه بقدره.
وإن كان الموت بعد قبض الورثة حسب من التركة.
وبدون الموت يعتق ثلثهم بالقرعة إن لم يجز الورثة ما زاد عليه ذكر ذلك في الرعاية الكبرى.
431

باب التدبير.
قوله (وهو تعليق العتق بالموت).
هكذا قال الأصحاب زاد في المذهب أو بشرط يوجد بعد الموت.
قوله (ويعتبر من الثلث).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونقل حنبل يعتق من كل المال.
قال في الكافي ولا عمل عليه.
قال أبو بكر هذا قول قديم رجع عنه.
قال في الفوائد وهو متخرج على أنه عتق لازم كالاستيلاد وعنه يعتق من كل المال إذا دبره في الصحة دون المرض.
فائدة يصح تعليقه بالموت مطلقا نحو إن مت فأنت حر ومقيدا نحو إن مت من مرضى هذا أو عامي أو بهذا البلد فأنت حر.
وإن قالا لعبدهما إن متنا فأنت حر فهو تعليق للحرية بموتهما جميعا ذكره القاضي وجماعة واقتصر عليه في الفروع ولا يعتق بموت أحدهما شيء منه ولا يبيع وارثه حقه.
قدمه في الفروع وقاله الإمام أحمد رحمه الله.
واختار المصنف وغيره إذا مات أحدهما فنصيبه حر.
قلت وهذا المذهب.
قال في الفروع فإذا أراد أنه حر بعد آخرهما موتا فإن جاز تعليق الحرية على صفة بعد الموت عتق بعد موت لآخر منهما عليهما وإلا عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير.
وفي سرايته إن احتمله ثلثه الروايتان.
قوله (ويصح من كل من تصح وصيته).
432

هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الخرقي يصح تدبير الغلام إذا جاوز العشر والجارية إذا جاوزت التسع.
تنبيه قوله (وصريحه لفظ العتق والحرية المعلقين بالموت ولفظ التدبير وما تصرف منها).
مراده غير لفظ الأمر والمضارع.
كما تقدم التنبيه عليه في أول كتاب العتق فليراجع.
فائدة كنايات العتق المنجز تكون للتدبير إذا أضاف إليه ذكر الموت قاله الأصحاب.
فائدة قوله (ويصح مطلقا ومقيدا بأن يقول إن مت في مرضى هذا أو عامي هذا فأنت حر أو مدبر).
وكذا لو قال له إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر فأنت مدبر بلا نزاع.
ويصح مؤقتا نحو أنت مدبر اليوم نص عليه.
قوله (وإن قال متى شئت فأنت مدبر فمتى شاء في حياة السيد صار مدبرا) بلا نزاع.
أعني إذا قلنا يصح تعليق العتق على صفة على ما تقدم في كتاب العتق.
قوله (وإن قال إن شئت فأنت مدبر فقياس المذهب أنه كذلك).
يعني كمتى شئت وأنه لا يتقيد بالمجلس وهو المذهب صححه في المحرر والنظم والفائق وجزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والفروع.
وقال أبو الخطاب إن شاء في المجلس صار مدبرا وإلا فلا وقاله القاضي أيضا وعليه أكثر الأصحاب.
433

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي وإدراك الغاية واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وتجريد العناية فائدة لو قال إذا شئت فأنت مدبر فهو كقوله متى شئت فأنت مدبر على الصحيح من المذهب فلا يتقيد بالمجلس.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
وقال القاضي يختص بالمجلس وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
فائدة أخرى لو قال متى شئت بعد موتى فأنت حر أو أي وقت شئت بعد موتي فأنت حر فهو تعليق للعتق على صفة بعد الموت والصحيح من المذهب أنه لا يصح وقد تقدم ذلك في كتاب العتق.
وقال القاضي يصح.
فعلى قوله يكون ذلك على التراخي بعد موته وما كسب فهو لورثة سيده.
قوله (وإن قال قد رجعت في تدبيري أو أبطلته لم يبطل لأنه تعليق للعتق بصفة).
هذا المذهب بلا ريب قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
واختاره القاضي وقال في كتاب الروايتين هذه الرواية أجود الروايتين وصححها بن عقيل في التذكرة وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة لم يبطل على الأصح وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه يبطل كالوصية قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والفائق.
وعنه لا يبطل إلا لقضاء دينه.
434

وفي التبصرة رواية لا يبطل في الأمة فقط.
فعلى الرواية الثانية لا يصح رجوعه في حمل لم يوجد وإن رجع في حامل ففي حملها وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والقواعد الفقهية والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يكون رجوعا فيه.
تنبيهان
أحدهما قال في الترغيب وغيره محل الروايتين إذا لم يأت بصريح التعليق أو بصريح الوصية واقتصر عليه في الفروع.
الثاني قوله لأنه تعليق للعتق على صفة.
تقدم في كتاب العتق أنه يصح تعليق العتق على صفة في كلام المصنف.
فائدة اعلم أن التدبير هل هو تعليق للعتق على صفة أو هو وصية فيه روايتان الصحيح منهما وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه تعليق للعتق على صفة.
تنبيه ينبني على هذا الخلاف مسائل جمة.
منها لو قتل المدبر سيده هل يعتق أم لا على ما يأتي آخر الباب في كلام المصنف.
ومنها بيعه وهبته هل يجوز أم لا على ما يأتي قريبا في كلام المصنف أيضا.
ومنها هل اعتباره من الثلث أم من كل المال على ما تقدم في أول الباب ومنها إبطال التدبير والرجوع عنه بالقول وهي مسألة المصنف المتقدمة.
قال بن رجب بناهما الخرقي والأصحاب على هذا الأصل.
فإن قيل هو وصية جاز الرجوع عنه وإن قلنا هو عتق بصفة فلا.
قال وللقاضي وأبى الخطاب في تعليقيهما طريقة أخرى أن الروايتين هنا مبنيتان على قولنا إنه وصية تنجز بالموت من غير قبول بخلاف بقية الوصايا.
435

وهو منتقض بالوصية لجهات البر.
قال ولأبي الخطاب في الهداية طريقة ثالثة وهي بناء هاتين الروايتين على جواز الرجوع بالبيع أما إن قلنا يمتنع الرجوع بالفعل فبالقول أولى.
ومنها لو باع المدبر ثم اشتراه فهل يكون بيعه رجوعا فلا يعود تدبيره أم لا يكون رجوعا فيعود فيه روايتان أيضا بناهما القاضي والأكثرون على هذا الأصل.
فإن قلنا التدبير وصية بطلت بخروجه عن ملكه ولم تعد بعوده.
وإن قلنا هو تعليق بصفة عاد بعود الملك بناء على أصلنا في عود الصفة بعود الملك في العتق والطلاق.
وطريقة الخرقي وطائفة من الأصحاب أن التدبير يعود بعود الملك هنا رواية واحدة بخلاف ما إذا أبطل تدبيره بالقول وهو يتنزل على أحد أمرين.
إما أن الوصية لا تبطل بزوال الملك مطلقا بل تعود بعوده.
وإما أن هذا حكم الوصية بالعتق خاصة.
ويأتي أصل المسألة في كلام المصنف قريبا.
ومنها لو قال عبدي فلان حر بعد موتي بسنة فهل يصح ويعتق بعد موته بسنة أم يبطل على روايتين.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في كتاب العتق فليراجع.
ومنها لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير أم لا على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
ومنها لو وصى بعبده ثم دبره ففيه وجهان أشهرهما أنه رجوع عن الوصية والثاني ليس برجوع.
فعلى هذا فائدة الوصية به أنه لو أبطل تدبيره بالقول لا يستحقه الموصى له ذكره في المغنى.
436

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبني على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية فإن قلنا هو عتق بصفة قدم على الموصى به وإن قلنا هو وصية فقد ازدحمت وصيتان في هذا العبد فينبني على أن الوصايا المزدحمة إذا كان بعضها عتقا هل تقدم أم يتحاص العتق وغيره على روايتين.
فإن قلنا بالمحاصة فهو كما لو دبر نصفه ووصى بنصفه ويصح ذلك على المنصوص انتهى.
قال في الفوائد وقد يقال الموصى له إن قيل لا يملك حتى يقبل فقد سبق زمن العتق زمن ملكه فينفذ.
وإن قيل يملك من حين الموت فقد تقارن زمن ملكه وزمن العتق فينبغي تقديم العتق كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في مسألة من علق عتق عبده ببيعه.
ومنها الوصية بالمدبر فالمذهب أنها لا تصح ذكرها القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما لأن التدبير الطارئ إذا لم يبطل الوصية على المشهور فكيف يصح طريان الوصية على التدبير ومزاحمتها له.
وبنى المصنف هذه المسألة أيضا على الأصول السابقة.
ومنها ولد المدبرة هل يتبعها في التدبير أم لا على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
قوله (وله بيع المدبر وهبته).
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
قال في الفائق هذا المذهب.
قال في الفوائد والمذهب الجواز.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب وصححه في النظم وغيره.
437

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم لأن التدبير إما وصية أو تعليق بصفة وكلاهما لا يمنع نقل الملك قبل الصفة.
وعنه لا يجوز بيعه مطلقا بناء على أنه عتق بصفة فيكون لازما كالاستيلاد.
وعنه لا يباع إلا في الدين وهو ظاهر كلام الخرقي في العبد فقال وله بيعه في الدين ولا تباع المدبرة في إحدى الروايتين وفي الأخرى الأمة كالعبد انتهى.
وعنه لا تباع إلا في الدين أو الحاجة ذكرها القاضي في الجامع وكتاب الروايتين والمصنف في الكافي وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في الفروع اختاره الخرقي وقد تقدم لفظه.
وعنه لا تباع الأمة خاصة.
قال في الروضة وله بيع العبد في الدين وفي بيعه الأمة فيه روايتان.
ومنها لو جحد السيد التدبير فنص الإمام أحمد رحمه الله أنه ليس برجوع قدمه بن رجب.
وقال الأصحاب إن قلنا هو عتق بصفة لم يكن رجوعا وإن قلنا هو وصية فوجهان بناء على ما إذا جحد الموصى
الوصية هل هو رجوع أم لا.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع وإن أنكره لم يكن رجوعا إن قلنا تعليق وإلا فوجهان انتهى.
قلت الصحيح من المذهب أنه إذا جحد الوصية لا يكون رجوعا على ما تقدم.
وقال في الرعاية الكبرى قلت إن جوزنا الرجوع وحلف صح وإلا فلا.
ويأتي آخر الباب بما يحكم عليه إذا أنكر التدبير.
438

فائدة حكم وقف المدبر حكم بيعه قاله في الرعايتين والزركشي وغيرهم وكذا حكم هبته.
قوله (وإن عاد إليه عاد التدبير).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في الفائق وغيره.
وعنه يبطل التدبير وهما مبنيان على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية على ما تقدم.
وتقدم ذلك أيضا في الفوائد بأتم من ذلك فليراجع.
والصحيح عند المصنف وغيره رجوعه إلى التدبير مطلقا.
قوله (وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
قال في الفوائد المشهور أنه يتبعها في التدبير كما لو ولدته بعده سواء كان موجودا حال التعليق أو العتق أو حادثا بينهما.
وعنه في الحمل بعد التدبير أنه كحمل معتقة بصفة على ما تقدم في أواخر الباب الذي قبله.
وعنه لا تتبعها الأنثى إلا بشرط السيد نص عليه في رواية حنبل بخلاف الذكر قاله في الفائق.
واختار في الانتصار أنه لا يتبع قاله في الفروع.
قال في الفوائد وحكى القاضي في كتاب الروايتين في تبعية الولد روايتين وبناهما على أن التدبير هل هو عتق لازم كالاستيلاد أم لا.
439

ومن هنا قال أبو الخطاب في انتصاره تبعية الولد مبنى على لزوم التدبير وخرج أبو الخطاب وجها أنه لا يتبعها الحادث بينهما وإنما يتبعها إذا كان موجودا معها في أحدهما من حكم ولد المعلق عتقها بصفة بناء على أن التدبير تعليق بصفة.
وينبغي على هذا أن يخرج طريقة أخرى أنه لا يتبعها الولد الحادث بينهما بغير خلاف.
وأما ما كان موجودا في أحد الحالين فهل يتبعها على وجهين بناء على أن التدبير وصية وحكم ولد الموصى بها كذلك عند الأصحاب انتهى كلامه في الفوائد.
وقال في القاعدة الثانية والثمانين على القول بأنه يتبعها قال الأكثرون ويكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع بخلاف ولد المكاتبة.
وقد نص في رواية بن منصور على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
وعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا هذا قول القاضي وبن عقيل.
وقال أبو بكر في التنبيه هل هو تابع محض لها إن عتقت عتق وإن رقت رق وهو ظاهر كلام بن أبى موسى انتهى.
وقال في الانتصار هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا لأنه لا مال لهما اختلف كلامه ويظهر الحكم في ولدهما.
قوله (ولا يتبعها ولدها قبل التدبير) هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب وكذا قال غيره وعليه الأصحاب وعنه يتبعها حكاها أبو الخطاب وبن عقيل في الفصول من رواية حنبل وتأولها المصنف وقال هذه الرواية بعيدة.
440

فائدتان
إحداهما لو ولدت الموصى بوقفها أو عتقها قبل موت الموصى لم يتبعها ذكره القاضي في الموصى بعتقها وقياسه الأخرى.
ويحتمل أن يتبع في الوصية بالوقف بناء على أن فيه ثبوت التحرير دون التمليك قاله في القواعد.
الثانية ولد المدبر من أمة المدبر نفسه كالمدبر نص عليه قدمه في الفروع قال المصنف والشارح فإن تسرى المدبر بإذن سيده فولد له فروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنهم يتبعونه في التدبير واقتصر عليه.
وذكر جماعة أنه لا يتبعه قاله في الفروع.
قال في الرعايتين ولا يكون ولد المدبر من أمته مثله في الأصح بل يتبع أمه وقال في الفروع أيضا وولده من غير أمته كالأم فجزم بأنه كالأم.
وقال في الفائق وولد المدبر تابع أمه لا أباه في أصح الوجهين.
قال في الحاوي الصغير ولا يكون ولد المدبر مثله في أصح الوجهين.
قال الزركشي والخرقي رحمهما الله إنما حكم على ولد المدبرة.
أما ولد المدبر فلا يتبع أباه مطلقا على المذهب.
وعنه يتبعه وظاهر كلامه في المغنى الجزم بها في ولده من أمته المأذون له في التسري بها ويكون مدبرا انتهى.
تنبيه ظاهر قوله (وله إصابة مدبرته).
أنه سواء شرطه أو لا وهو صحيح نص عليه ولا أعلم فيه خلافا.
ويجوز له وطء ابنتها إن لم يكن وطئ أمها على الصحيح من المذهب.
قال في الفائق في أصح الروايتين وقدمه في المغنى والشرح وعنه لا يجوز.
قوله (وإذا كاتب المدبر أو دبر المكاتب جاز).
441

بلا نزاع لكن لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير إن قلنا التدبير عتق بصفة لم يكن رجوعا.
وإن قلنا هو وصية انبنى على أن كتابة الموصى به هل تكون رجوعا فيه وجهان أشهرهما أنه رجوع.
والمشهور في المذهب أن كتابة المدبر ليست رجوعا عن تدبيره.
ونقل بن الحكم عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه رجوع بناء على أن التدبير وصية فتبطل بالكتابة.
قوله (فلو أدى عتق وإن مات سيده قبل الأداء عتق إن حمل الثلث ما بقي من كتابته).
وإلا عتق منه قدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وهو على الكتابة فيما بقي.
مقتضى قوله إن حمل الثلث ما بقي من الكتابة أن المعتبر في خروجه من الثلث هو ما بقي عليه من الكتابة.
وهو مقتضى كلام الخرقي وكلامه في الكافي والشرح.
ومقتضى كلامه في المغنى والمحرر والفروع وغيرهم اعتبار قيمته مدبرا وجزموا به وصححه في الرعايتين.
فائدة لو عتق بالكتابة كان ما في يده له.
ولو عتق بالتدبير مع العجز عن أداء مال الكتابة كان ما في يده للورثة وإن مات السيد قبل العجز عن جميع الكتابة عتق بالتدبير وما في يده له عند المصنف والشارح وبن حمدان وغيرهم.
وقيل للورثة وحكاه المصنف عن الأصحاب وهو المذهب.
ويأتي نظير ذلك إذا أولد المكاتبة في باب الكتابة.
442

فائدة لو أولد أمته ثم كاتبها أو كاتبها ثم أولدها جاز لكن تعتق بموته مطلقا.
ولو دبر أم ولده لم يصح إذ لا فائدة فيه وهذا المذهب.
واختار بن حمدان الصحة إن جاز بيعها وقلنا التدبير عتق بصفة.
قوله (وإذا دبر شركا له في عبد لم يسر إلى نصيب شريكه وإن أعتق شريكه سرى إلى المدبر وعنه وغرم قيمته لسيده).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يسرى في الأول دون الثاني.
فعلى هذا يصير مدبرا كله ويضمن حصة شريكه بقيمتها.
قوله (وإذا أسلم مدبر الكافر لم يقر في يده وترك في يد عدل ينفق عليه من كسبه وما فضل فلسيده وإن أعوز فعليه تمامه إلا أن يرجع في التدبير ونقول بصحة رجوعه).
اعلم أنه إذا أسلم مدبر الكافر فجزم المصنف هنا أنه لا يلزم بإزالة ملكه إذا استدام تدبيره لكن لا يقر في يده ويترك في يد عدل وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغنى والشرح.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.
وقدمه بن منجا في شرحه والرعايتين.
والوجه الثاني أنه يلزم بإزالة ملكه عنه فإن أبى بيع عليه وهو المذهب قدمه في المغنى والشرح والفائق وصححه في النظم.
وتقدم في آخر كتاب البيع إذا أسلم عبد الكافر القن وأحكامه.
443

فائدة لو أسلم مكاتب الكافر لزمه إزالة يده عنه فإن أبى بيع عليه بلا خلاف.
وإن أسلمت أم ولده لم تقر في يده وجعلت عند عدل ينفق عليها من كسبها.
وإن أعوز لزم السيد تمامه على الصحيح من المذهب وإن أسلم حلت له وعنه لا تلزمه نفقتها.
وعنه يستسعى في قيمتها ثم تعتق.
ونقل مهنا تعتق بإسلامها.
وتأتي هذه المسألة بعينها في كلام المصنف في أواخر باب أحكام أمهات الأولاد وكذا لو أسلمت مدبرته مستوفاة محررة.
قوله (ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه إلا بشاهدين وهل يحكم عليه بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين العبد على روايتين).
وأطلقهما الزركشي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما يحكم عليه بذلك وهو الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح والناظم.
وجزم به الخرقي والوجيز وناظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وكذا الحكم في الكتابة.
والرواية الثانية لا يحكم عليه إلا بشاهدين ذكرين.
ويأتي ذلك في أحكام الشهود به.
وتقدم في الفوائد هل يكون إنكاره رجوعا أم لا فإن قلنا إنه رجوع لم تسمع دعواه ولا بينته.
444

قوله (وإذا قتل المدبر سيده بطل تدبيره).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم المصنف والشارح وصاحب المستوعب وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع في باب الموصى له.
وقيل لا يبطل تدبيره فيعتق.
وهذا ما قدمه في الرعاية الكبرى في آخر أمهات الأولاد.
وقال في فوائد القواعد فيه طريقان.
أحدهما بناؤه على الروايتين إن قلنا هو عتق بصفة عتق وإن قلنا وصية لم يعتق وهي طريقة بن عقيل وغيره.
الطريقة الثانية أنه لا يعتق على الروايتين وهي طريقة القاضي لأنه لم يعلقه على موته بقتله إياه.
وقال في الفروع في باب الموصى له ولو قتل الوصي الموصى ولو خطأ بطلت ولا تبطل وصيته بعد جرحه.
وقال جماعة فيهما روايتان ومثلها التدبير فإن جعل عتقا بصفة فوجهان انتهى.
445

باب الكتابة.
قوله (وهي بيع العبد نفسه بمال في ذمته).
زاد غيره بعوض مباح معلوم مؤجل.
وليست الكتابة مخالفة للأصل لأن محلها الذمة.
قوله (وهي مستحبة).
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الكافي والمغنى والشارح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وعنه واجبة إذا ابتغاها من سيده أجبره عليها بقيمته اختاره أبو بكر في تفسيره.
قال في القواعد الأصولية وهو متجه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وعلى قياسه وجوب العتق في قوله أعتق عبدك عنك وعلي ثمنه وقدم في الروضة أنها مباحة.
فائدة لا تصح كتابة المرهون على الصحيح من المذهب قطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى قلت تجوز كعتقه وهو الصواب وتجوز كتابة المستأجر.
قوله (لمن يعلم فيه خيرا وهو الكسب والأمانة).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف والمجد وصاحب الوجيز والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
446

قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وإدراك الغاية وغيرهم المكتسب الصدوق.
وقال في الرعاية والحاوي الصغير والفائق وتستحب مع كسب العبد وأمانته وصدقه.
وقال في الواضح والوجيز والتبصرة وهي مستحبة مع كسب العبد فقط وهو ظاهر كلام بن عبدوس في تذكرته في كتاب العتق فأسقطوا الأمانة.
قوله (وهل تكره كتابة من لا كسب له على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر.
إحداهما تكره كتابته وهو المذهب.
قال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله الكراهة واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في الخلاصة والتصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والرواية الثانية لا تكره فتستحب لكن قال في الكافي لو دعا من لا كسب له سيده إلى الكتابة لم يجبر رواية واحدة.
قال المصنف وينبغي أن ينظر في المكاتب فإن كان ممن يتضرر بالكتابة ويضيع لعجزه عن الإنفاق على نفسه ولا يجد من ينفق عليه كرهت كتابته وإن كان يجد من يكفيه مؤنته لم تكره كتابته.
وعنه تكره كتابة الأنثى.
فائدة تقدم في باب الحجر صحة كتابة الولي رقيق المولى عليه والكتابة في الصحة والمرض من رأس المال على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب ومن تبعه في المرض من الثلث.
ولو كاتبه في الصحة وأسقط دينه أو أعتقه في مرضه اعتبر خروج الأقل من رقبته أو دينه من الثلث.
447

ولو وصى بعتقه أو أبرأه من الدين اعتبر أقلهما من ثلثه ولو حمل الثلث بعضه عتق وباقيه على الكتابة ولو أقر في المرض بقبض النجوم سلفا جاز.
قوله (وإن كاتب المميز عبده بإذن وليه صح).
صحة كتابة المميز لعبده بإذن وليه مبنية على صحة بيعه بإذن وليه على ما تقدم في أول كتاب البيع والصحيح صحة بيعه فكذا كتابته.
وقوله (ويحتمل أن لا يصح).
هذا الاحتمال لأبى الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى في هذا الباب.
وقيل تصح كتابته بغير إذن وليه وفي الموجز والتبصرة تصح من بن عشر.
قوله (وإن كاتب السيد عبده المميز صح).
بلا نزاع وظاهر كلامه أنه لا يصح أن يكاتب غير المميز ولا المجنون ولو فعل لم يصح ولا يعتقان بالأداء بل يتعلق العتق به إن كان التعليق صريحا وإلا فوجهان في العتق وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يعتق بتعليق العتق به لأن الكتابة تتضمن معنى الصفة اختاره القاضي.
والثاني لا يعتق وهو المذهب اختاره أبو بكر وقدمه في الرعايتين والفائق وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والحاوي الصغير ونصره المصنف والشارح.
قال في القواعد الأصولية والمذهب لا يعتق بالأداء خلافا لما قال القاضي.
قوله (ولا يصح إلا بالقول وينعقد بقوله كاتبتك على كذا وإن لم يقل فإذا أديت إلى فأنت حر).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
448

قال الزركشي وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
(ويحتمل أن يشترط قوله) ذلك (أو نيته).
وهو لأبي الخطاب في الهداية وفي الترغيب وجه هو رواية في الموجز والتبصرة يشترط قوله ذلك وقيل أو نيته.
فائدة ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يشترط قبوله للكتابة.
وقال في الموجز والتبصرة والترغيب والرعاية الكبرى يشترط ذلك واقتصر عليه في الفروع.
قوله (ولا يصح إلا على عوض معلوم).
ولو خدمة أو منفعة وغيرها.
قال الأصحاب مباح يصح السلم فيه منجم بنجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم.
الصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على نجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
(وقيل تصح على نجم واحد).
اختاره بن أبى موسى.
قال في الفائق وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل تصح أن تكون على خدمة مفردة على مدة واحدة.
449

والصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على عوض معلوم فلا تصح على عبد مطلق اختاره أبو بكر وغيره وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والخلاصة والفروع وغيرهم.
(وقال القاضي تصح على عبد مطلق) وله الوسط وقاله أصحاب القاضي.
قال في الرعايتين وإن كاتبه على عبد مطلق صح في الأصح وله الوسط وقال في الحاوي الصغير وإن كاتبه على عبد مطلق صح ووجب الوسط وقياس قول أبى بكر بطلانه.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الكتابة لا تصح حالة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وظاهر كلام المصنف في المغنى والشارح أن فيها قولا بالصحة فإنهما قالا ولا تجوز إلا مؤجلة منجمة هذا ظاهر المذهب.
فدل أن فيها خلافا وهو خلاف ظاهر المذهب واختاره في الفائق فقال والمختار صحة الكتابة حالة.
وقال في الترغيب في كتابة من نصفه حر حالة وجهان.
فعلى المذهب في جواز توقيت النجمين بساعتين وعدمه فيعتبر ماله وقع في القدرة على الكسب فيه خلاف في الانتصار.
قلت الصواب الثاني.
وإن كان ظاهر كلام الأصحاب الأول.
وتقدم في أواخر العتق هل يصح شراء العبد نفسه من سيده بمال في يده أم لا.
وعلى المذهب أيضا تكون الكتابة باطلة من أصلها على الصحيح ذكره القاضي والشريف وأبو الخطاب وغيرهم.
وصرح بن عقيل بأن الإخلال بشرط النجوم يبطل العقد.
450

وذكر صاحب التلخيص أن الكتابة تصير فاسدة ولا تبطل من أصلها ويأتي الإشكال فيما إذا كاتبه على عوض مجهول أنها تكون فاسدة لا باطلة آخر الباب.
قوله (وتصح على مال وخدمة سواء تقدمت الخدمة أو تأخرت).
يعني تصح الكتابة على مال مع خدمة ويشترط كون المال مؤجلا بخلاف الخدمة لكن لو جعل الدين بعد فراغ الخدمة بيوم أو أكثر صح وإن جعل محله في الخدمة أو عند انقضائها صح أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح وشرح بن رزين وغيرهم ونصروه.
وقال القاضي لا تصح لأنه يكون نجما واحدا وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
فائدة تصح الكتابة على منفعة مفردة منجمة كخدمة وعمل في الذمة كخياطة ونحوها قاله الأصحاب.
وللمصنف احتمال بصحتها على منفعة مفردة مدة واحدة.
قوله (وإن أدى ما كوتب عليه أو أبرئ منه عتق).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والفائق وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا ويجبر على أدائه.
فائدة لو أبرأه بعض الورثة من حق منها وكان مؤسرا عتق عليه كله على الصحيح من المذهب وقيل لا يعتق.
451

قوله (فلو مات قبل الأداء كان ما في يده لسيده في الصحيح عنه).
وهذا مفرع على الصحيح من المذهب وهو أنه إذا ملك ما يؤدي عن كتابته ولم يؤده لم يعتق فإذا مات قبل الأداء انفسخت الكتابة وكان ما في يده لسيده.
وعلى الرواية الثانية وهي أنه إذا ملك ما يؤدي يصير حرا قبل الأداء فإذا مات قبل الأداء كان لسيده بقية كتابته والباقي لورثة الميت فلا تنفسخ الكتابة اختاره هنا أبو بكر وأبو الخطاب.
لكن هل يستحقه السيد حالا أو هو على نجومه فيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت هي شبيهة بمن مات وعليه دين على ما تقدم في باب الحجر.
وتقدم في ذكر أهل الزكاة إذا عجز ورق ونحوه وكان بيده مال أخذه من الزكاة هل يكون لسيده أو لمن أخذه منه.
قوله (وإذا عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ).
فشمل القبض مع الضرر وعدمه وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله والخرقي وأبو بكر وأبو الخطاب والشيرازي والسامري وغيرهم.
قال في المذهب يلزمه مع الضرر في ظاهر المذهب.
قال الشارح وهو الصحيح وقدمه في الهداية والحاوي الصغير.
ويحتمل أن لا يلزمه ذلك إذا كان في قبضة ضرر وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال القاضي والمذهب عندي أن فيه تفصيلا على حسب ما ذكر في السلم وصححه الناظم واختاره المصنف في المغنى.
452

قال في الرعايتين وإن عجل ما عليه قبل محله لزم سيده في الأصح أخذه بلا ضرر وعتق في الحال وجزم به في الوجيز والمحرر وبن عبدوس في تذكرته وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
قال في الفائق ولو عجل ما عليه لزم قبضه وعتق حالا نص عليه وقيد بعدم الضرر.
وقدمه في الفروع ذكره في باب السلم.
ونقل حنبل وأبو بكر لا يلزمه ولو مع عدم الضرر ذكرها جماعة من الأصحاب لأنه قد يعجز فيرق ولأن بقاء المكاتب في هذه المدة حق له ولم يرض بزواله.
فهذه ثلاث روايات رواية باللزوم مطلقا وعدمه مطلقا والثالثة الفرق بين الضرر وعدمه.
واختار القاضي في كتاب الروايتين طريقة أخرى وهي إن كان في القبض ضرر لم يلزمه وإلا فروايتان وتبعه في الكافي.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا باللزوم لو امتنع السيد من قبضه جعله الإمام في بيت المال وحكم بعتق العبد جزم به الزركشي.
قال في الفروع هذا المشهور.
قال المصنف والشارح وإن أبى السيد بريء العبد ذكرناه في المكفول به.
نقل حرب إن أبى مولاه الأخذ ما أعلم ما زاده إلا خيرا.
وتقدم نظير ذلك في باب السلم.
الثانية في عتق المكاتب بالاعتياض وجهان وأطلقهما في الفروع والبلغة والرعاية الكبرى.
والصواب العتق اختاره المصنف والشارح وغيرهما وعدم العتق قاله القاضي
453

قوله (وإذا أدى وعتق فوجد السيد بالعوض عيبا فله أرشه أو قيمته ولا يرتفع العتق).
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والمنور والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصححه في النظم وهو من مفردات المذهب.
وقيل هو كالبيع.
وقيل يرتفع العتق إن رده ولم يعطه البدل وهو توجيه للقاضي.
قال المصنف وغيره فإن بان معيبا نظرت فإن رضى بذلك وأمسكه استقر العتق وإن اختار إمساكه وأخذ الأرش أو رده فله ذلك.
وقال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يبطل به العتق وليس له الرد وله الأرش.
فائدة لو أخذ السيد حقه ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا لم يعتق قاله الأصحاب.
وإن ادعى السيد تحريم العوض قبل ببينة.
وإن لم تكن بينة قبل قول العبد مع يمينه ثم يجب على السيد أخذه ويعتق به ثم يلزم السيد رده إلى مالكه إن أضافه إلى مالك.
وإن نكل العبد حلف سيده.
وله قبضة من دين غير دين الكتابة وتعجيزه وفي تعجيزه قبل أخذ ذلك من جهة الدين وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والاعتبار بقصد السيد في قبضه عن أحد الدينين وفائدته يمينه عند النزاع.
قلت قد تقدم في باب الرهن أنه لو قضى بعض دينه أو أبرئ منه
454

وببعضه رهن أو كفيل كان عما نواه الدافع أو المبرئ من القسمين والقول قوله في النية بلا نزاع فيخرج هنا مثله.
قوله (ويملك السفر).
حكم سفر المكاتب حكم سفر الغريم على ما تقدم في أول باب الحجر.
قال في الفروع وله السفر كغريم.
قال المصنف في المغنى والشارح وقد أطلق أصحابنا القول في ذلك ولم يفرقوا بين السفر الطويل وغيره.
وقياس المذهب أن له منعه من السفر الذي تحل نجوم الكتابة قبله.
قال الزركشي قلت وهو مراد الأصحاب وإنما لم يقيدوا ذلك اكتفاء بما تقدم لهم من الحر المدين بطريق الأولى.
تنبيه يستثنى من كلام المصنف السفر للجهاد فإنه لا يجوز له السفر لذلك إلا بإذنه على ما مر في كتاب الجهاد ذكره الزركشي.
قوله (فإن شرط عليه أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط على وجهين).
وهما وجهان أيضا في المغنى والشرح وشرح بن منجا.
وهما روايتان عند أبى الخطاب والشيرازي والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وصاحب الفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما يصح الشرط وهو المذهب.
قال في الفروع والرعايتين ويصح شرط تركهما على الأصح وصححه في التصحيح والفائق وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
455

وهو من مفردات المذهب فيهما.
والوجه الثاني لا يصح الشرط صححه في النظم.
واختار المصنف والشارح صحة شرط أن لا يسافر.
وقدم بن رزين بطلان شرط عدم سفره وصحة شرط عدم السؤال.
وقال أبو الخطاب يصح إذا شرط أن لا يسافر ولا يصح شرط أن لا يأخذ الصدقة.
وقال القاضي لا يصح إذا شرط أن لا يسافر.
وقال في الجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي يصح شرط أن لا يسافر.
وقال أبو بكر إذا رآه يسأل مرة في مرة عجزه كما لو حل نجم في نجم عجزه.
فاعتبر المخالفة في مرتين كحلول نجمين وصحح الشرط.
فعلى القول بصحة الشرط إذا خالف كان لسيده تعجيزه على الصحيح من المذهب.
وقيل يملك تعجيزه بسفره إذا لم يمكن رده وأطلقهما في الشرح.
وإن أمكن رده لم يملك تعجيزه جزم به في الفروع وغيره.
قوله (وليس له أن يتزوج ولا يتسرى ولا يتبرع ولا يقرض ولا يحابي ولا يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه ولا يعتق ولا يكاتب إلا بإذن سيده).
لا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هو المذهب عند عامة الأصحاب وقطع به عامتهم.
456

قلت قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل له أن يتزوج بغير إذنه بخلاف المكاتبة ذكره في الرعاية ونقله إبراهيم الحربي.
فائدة ليس للمكاتب أن يزوج رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وصححه في الكافي.
وقيل له ذلك إذا رأى المصلحة اختاره أبو الخطاب.
وقيل له أن يزوج الأمة دون العبد حكاه القاضي في خصاله.
وأطلقهن في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وليس للمكاتب أن يتسرى إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه المنع وعنه عكسه ذكرهما في الفروع ولم أرهما في غيره.
وليس له أن يتبرع ولا يقرض ولا يحابي إلا بإذن سيده بلا خلاف أعلمه.
وليس له أن يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى واختاره أبو بكر وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وبن عبدوس في تذكرته وقدمه في الشرح وشرح بن منجا.
457

وقيل يجوز له ذلك اختاره القاضي وهو ظاهر ما قدمه في الكافي.
وأطلقهما 2 في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق.
وأما العتق فلا يخلو إما أن يعتقه مجانا أو على عوض في ذمته.
فإن أعتقه مجانا لم يجز إلا بإذن سيده بلا نزاع فلو خالف وفعل فالعتق باطل اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفائق وقال أبو بكر والقاضي عتقه موقوف على انتهاء الكتابة فإن عتق عتقوا وإن رق رقوا كما لو ملك ذا رحم منه وخرج وقفه على رضا السيد قاله في الفائق وإن اعتقه بمال في ذمته فظاهر كلام المصنف أنه ليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والخلاصة وغيرهم وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني يجوز.
قلت وهو الصواب إذا رآه مصلحة له.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وأما المكاتبة فليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو أحد الوجهين وهو المذهب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والفائق.
والوجه الثاني يجوز اختاره القاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والنظم.
وقال أبو بكر هو موقوف كقوله في العتق المنجز.
فائدة قال المصنف في المغنى والكافي هنا ليس له أن يحج إن احتاج إلى الأنفاق من ماله فيه.
458

وذكر المصنف أيضا في المقنع في باب الاعتكاف له أن يحج بغير إذن سيده لأنه كالحر المدين وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى هناك.
ونقل الميموني له أن يحج من المال الذي جمعه ما لم يأت نجمه قدمه في المحرر.
قال المصنف والقاضي وبن عقيل هذه الرواية محمولة على أنه يحج بإذن سيده وأما بغير إذنه فلا يجوز انتهى.
قال في المحرر والرعاية الكبرى والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم في باب الاعتكاف ويحج بغير إذنه ما لم يحل عليه نجم في غيبته نص عليه انتهى فقطعوا بذلك.
وقال في الحاوي الصغير وفي جواز حجه بمال بإذن سيده روايتان.
قال في الرعايتين والفائق في هذا الباب في جواز حجه بماله بإذن سيده روايتان.
وعنه له الحج بلا إذنه.
وعنه ما لم يحل نجم.
قال في الفروع وله الحج بماله ما لم يحل نجم.
وقيل مطلقا وأطلقه في الترغيب وغيره وقالوا نص عليه.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب الاعتكاف.
قوله (وولاء من يعتقه ويكاتبه لسيده).
هذا المذهب مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال في الرعايتين والفروع والفائق إن كاتبه بإذن سيده.
وقيل الولاء للمكاتب إن عتق زاد في الفائق مع أمن ضرر في ماله.
459

وقال المصنف والشارح إن أدى الأول ثم أدى الثاني فولاء كل واحد لمكاتبه وإن أدى الأول وعجز الثاني صار رقيقا للأول وإن عجز الأول وأدى الثاني فولاؤه للسيد الأول وإن أدى الثاني قبل عتق الأول عتق.
قال أبو بكر وولاؤه للسيد ورجحه القاضي في الخلاف قاله في القاعدة السادسة عشر.
وقال القاضي في المجرد هو موقوف إن أدى عتق وولاؤه له وإلا فهو للسيد.
قوله (ولا يكفر بالمال).
هذا إحدى الروايات مطلقا جزم به في الخلاصة والوجيز والنظم.
وقدمه في الشرح وهو ظاهر كلام الخرقي.
وعنه له ذلك بإذن سيده وهو المذهب جزم به في الكافي والمغنى والمحرر وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والرعايتين.
وعنه يكفر بالمال مطلقا.
وقال القاضي المكاتب كالقن في التكفير فإن أذن له سيده في التكفير بالمال انبنى على ملك العبد بالتمليك فإن قلنا لا يملك لم يصح تكفيره بغير الصيام مطلقا وإن قلنا يملك صح بالإطعام إذا أذن فيه سيده وإن أذن بالتكفير بالعتق فهل يصح على روايتين.
قال المصنف والصحيح أن هذا التفصيل لا يتوجه في المكاتب لأنه يملك المال بغير خلاف وإنما ملكه ناقص لتعلق حق السيد به فإذا أذن له صح كالتبرع.
تنبيه حيث جوزنا له التكفير بالمال فإنه لا يلزمه قاله الزركشي وغيره.
460

قوله (وهل له أن يرهن أو يضارب بماله يحتمل وجهين).
وكذا قال في الهداية وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح بن منجا.
أحدهما ليس له ذلك وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي وقدمه في الشرح في موضع آخر.
والوجه الثاني له ذلك اختاره بن عبدوس في تذكرته.
فائدتان
إحداهما في جواز بيعه نساء ولو برهن وهبة بعوض وحد رقيقه وجهان وأطلقهما في الفروع.
وأطلقهما في الرعايتين والمحرر والحاوي الصغير والفائق في الأولى والأخيرة.
وأطلقهما في النظم في البيع نساء.
وقدم في المغنى والشرح أنه ليس له أن يبيع نساء وقدمه في الكافي في الجميع.
وجزم في الوجيز ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول ولا يحد.
وجزم في الرعايتين والحاوي الصغير ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول.
وجزم في المغنى والشرح أنه لا تصح الهبة بالثواب.
وقيل يجوز بيعه نساء من غير رهن ولا ضمين.
ففي البيع نساء ثلاثة أوجه الجواز وهو تخريج للقاضي من المضارب وعدمه والجواز برهن أو ضمين.
الثانية ليس له أن يقتص لنفسه ممن جنى على طرفه بغير إذن سيده على أحد الوجهين.
461

قال في الرعاية ولا يقتص لنفسه من عضو وقيل أو جروح بدون إذن سيده في الأصح وكذا قال في الفائق.
قال القاضي في خلافه وهو قياس قول أبى بكر.
قال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة وفيه نظر.
وقيل له ذلك اختاره القاضي في المجرد وبن عقيل.
قلت وهذا المذهب والقول الأول ضعيف جدا.
وقد ذكر الأصحاب قاطبة أن العبد لو وجب له قصاص أن له طلبه والعفو عنه كما ذكره المصنف في آخر باب العفو عن القصاص فها هنا بطريق أولى وأحرى اللهم إلا أن يقال له الطلب وليس له الفعل.
قلت وأطلقهما في الفروع.
قوله (وليس له شراء ذوي رحمه إلا بإذن سيده).
هذا أحد الوجهين قدمه في الهداية وجزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقال القاضي له ذلك نص عليه وهو المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وله شراء ذي رحمه بلا إذن سيده في أصح الوجهين وإليه ميل الشارح.
وقطع به الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وبن عقيل والمصنف في المغنى وهو من المفردات.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع والفائق والنظم.
قوله (وله أن يقبلهم إذا وهبوا له أو أوصى له بهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله).
462

وقطع به في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم وشرح على ذلك بن منجا.
وقيل له أن يقبلهم في الهبة والوصية ولو أضر ذلك بماله.
وأطلق الجواز من غير التقييد بالضرر في الهداية والكافي والمغنى والمحرر والفروع والفائق وهو إحدى نسختي الخرقي.
قال الشارح وله أن يقبلهم لأنه إذا ملك شراءه فلان يجوز له بغير عوض أولى وعند من لا يرى جواز شراءهم بغير إذن السيد لا يجيز قبولهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله.
فائدة هل له أن يفدي ذوي رحمه إذا جنوا فيه وجهان.
وفي المنتخب والمذهب له ذلك كالشراء قاله في الفروع.
وقال في الترغيب يفديه بقيمته.
قوله (ومتى ملكهم لم يكن له بيعهم وله كسبهم وحكمهم حكمه فإن عتق عتقوا وإن رق صاروا رقيقا للسيد).
مراده بذلك ذوو رحمه.
واعلم أن المكاتب إذا عتق فلا يخلو إما أن يكون عتقه بأداء مال الكتابة أو بعتق سيده له.
فإن كان بأداء مال الكتابة عتقوا معه بلا نزاع وإن كان عتقه لكون سيده أعتقه فظاهر كلام المصنف أنهم يعتقون معه أيضا وهذا اختيار المصنف وإليه ميل الشارح وصححه الناظم.
والصحيح من المذهب أنهم لا يعتقون إذا أعتق السيد المكاتب بل يبقون أرقاء للسيد قدمه في الفروع والنظم وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
فائدة يجوز للمكاتب شراء من يعتق على سيده ذكره في الانتصار والترغيب فإن عجز عتقوا.
463

وإن عتق كانوا أرقاء له واقتصر عليه في الفروع.
قلت فيعايى بها.
تنبيه ظاهر قوله (وكذلك الحكم في ولده من أمته).
يعني أنه يعتق بعتقه أنه لا يتبعه ولده إذا كان من أمة سيده وهو المذهب مطلقا قدمه في الفروع.
وقال جماعة من الأصحاب يتبعه إذا شرط ذلك منهم الناظم.
قوله (وولد المكاتبة الذي ولدته في الكتابة يتبعها).
نص عليه فإن عتقت بأداء أو إبراء عتق معها وإن عتقت بغيرهما لم يعتق ولدها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كموتها في الكتابة.
قال المصنف والشارح وهو مقتضى قول أصحابنا وقدمه في الفروع.
وقيل يبقى مكاتبا قال الشارح وهو مقتضى قول شيخنا.
قال في الفروع والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يعتق.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن ولد المكاتبة الذي ولدته قبل الكتابة لا يتبعها وهو صحيح قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه أنها لو كانت حاملا به حال الكتابة تبعها وهو صحيح قطع به الزركشي وغيره.
فائدتان
إحداهما لو أعتق السيد الولد دونها صح عتقه نص عليه.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح ونصراه وقيل لا يعتق.
قال القاضي قد كان يجب أن لا ينفذ عتقه لأن فيه ضررا بأمه لتفويت كسبه عليها فإنها كانت تستعين به في كتابتها ولعل الإمام أحمد رحمه الله نفذ عتقه تغليبا للعتق.
464

5.
ورده المصنف من ثلاثة أوجه وتقدم في كتاب العتق صحة عتق الجنين.
الثانية ولد بنت المكاتبة كالمكاتبة وولد ابنها وولد المعتق بعضها كالأمة.
قوله (وإن استولد أمته فهل تصير أم ولد يمتنع عليه بيعها على وجهين).
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع.
أحدهما تصير أم ولد وهو المذهب نص عليه قال المصنف هذا المذهب وصححه في التصحيح والنظم والفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني لا تصير أم ولد وقاله القاضي في موضع من كلامه وهو احتمال في الهداية.
قوله (ولا يبيعه درهما بدرهمين).
يعني أنه يجري الربا بينهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال بن أبى موسى لا ربا بينهما لأنه عبد في الأظهر من قوله لا ربا بين العبد وسيده واختاره أبو بكر قاله الزركشي وغيره وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
فعلى المذهب لو زاد الأجل والدين جاز ذلك على احتمال ذكره المصنف وغيره والمذهب عدم الجواز وعليه الأصحاب.
وتقدم ذلك في آخر باب الربا.
تنبيه يستثنى من ذلك مال الكتابة فإنه لا يجري الربا في ذلك قاله
465

الأصحاب لتجويزهم تعجيل الكتابة بشرط أن يضع عنه بعضها وتقدم قطع المصنف بذلك.
قوله (وإن حبسه مدة فعليه أرفق الأمرين به من أنظاره مثل تلك المدة أو أجره مثله).
هذا أحد الوجوه جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ونهاية بن رزين واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقيل تلزمه أجرة المدة جزم به الأدمى في منتخبه.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقيل يلزمه إنظاره مثل المدة ولا تحتسب عليه مدة حبسه صححه المصنف والشارح وقدمه بن رزين في شرحه.
وأطلقهن في الكافي والفروع والفائق وتجريد العناية.
قوله (وليس له وطء مكاتبة إلا أن يشترط).
إذا أراد وطأها فلا يخلو إما أن يشترطه أو لا فإن لم يشترطه لم يجز وطؤها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال المصنف وتبعه الشارح وقيل له وطؤها وإن لم يشترط في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عن السعي عما هي فيه.
قال الزركشي وهذا القول يحتمل أنه في المذهب ويحتمل أنه لبعض العلماء وإن شرط وطأها في العقد جاز على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
466

وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم وغيره.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين هذا المذهب المنصوص كالراهن يطأ بشرط ذكره في عيون المسائل والمنتخب وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز ذكرها أبو الخطاب وبن عقيل في المفردات وقال هذا اختياري.
قوله (وإن وطئها ولم يشترط أو وطئ أمتها فلها عليه المهر).
هذا الصحيح من المذهب وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقيل لا يلزمه إن طاوعته وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم وأطلقهما في المحرر والفائق والزركشي.
فائدة إذا تكرر وطؤه فإن كان قد أدى مهر الوطء الأول لزمه للثاني مهر أيضا وإن لم يكن أدى عنه لم يلزمه إلا مهر واحد ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
وسيأتي ذلك مستوفى في آخر كتاب الصداق.
تنبيه مراده بقوله (ويؤدب ولا يبلغ به الحد).
إذا كان عالما بالتحريم.
فأما إن كان غير عالم بالتحريم فإنه لا يعزر.
قوله (ومتى ولدت منه صارت أم ولد له وولده حر).
سواء وطئها بشرط أو بغيره.
467

(فإن أدت عتقت وإن ماتت قبل أدائها عتقت وسقط ما بقي من كتابتها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى الشيرازي رواية يلزمها بقية مال الكتابة تدفعها إلى الورثة إذا اختارت بقاءها على الكتابة ذكره عنه الزركشي.
فائدة ليس له وطء بنت مكاتبته ولا يباح ذلك بالشرط فإن فعل عزر ولا تجب عليه قيمة ولده من جارية مكاتبة أو مكاتبته على الصحيح من المذهب ويحتمل أن تجب.
قوله (وما في يدها لها إلا إن يكون قد عجزها).
إذا مات السيد قبل أدائها عتقت بكونها أم ولد وما في يدها إن كان مات سيدها بعد عجزها فهو لورثة سيدها وإن كان مات قبل عجزها فقدم المصنف هنا أنه يكون لها وهو أحد الوجهين.
واختاره بن عقيل في الفصول والمصنف والشارح والقاضي في المجرد والتعليق ذكره فيه في الظهار وقدمه في النظم.
وقال أصحابنا هو لورثة سيدها أيضا وهو المذهب جزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وأطلقهما في المحرر ولم يفرق بين عجزها وعدمه.
وأطلقهما في المستوعب وحكاهما روايتين.
وتقدم نظير ذلك إذا دبر المكاتب أو كاتب المدبر في باب التدبير.
قوله (وكذلك الحكم فيما إذا أعتق المكاتب سيده).
فيكون ما في يده له في قول القاضي وبن عقيل والمصنف والشارح.
468

وعلى قياس قول الأصحاب يكون لسيده.
قال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون للمكاتب أيضا على قول الأصحاب الخرقي وغيره لأن السيد أعتقه
برضاه فيكون قد رضى بإعطائه ماله بخلاف الأولى.
وتقدم إذا مات أو عجز أو أعتق وفي يده مال من الزكاة هل يكون لسيده أو يرد إلى ربه في باب ذكر أهل الزكاة.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو أعتق المكاتبة.
الثانية عتق المكاتب قيل هو إبراء مما بقي عليه.
وقيل بل هو فسخ كعتقه في الكفارة وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها فلها المهر على كل واحد منهما وإن ولدت من أحدهما صارت أم ولد له).
ومكاتبة كل نصف لسيده هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والنظم وغيرهما.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال القاضي لا يسرى استيلاد أحدهما إلى نصيب شريكه إلا أن يعجز فينظر حينئذ فإن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه وإلا فلا.
وقوله (ويغرم لشريكه نصف قيمتها).
هذا المذهب بلا نزاع لكن هل يغرم نصف قيمتها مكاتبة أو نصف قيمتها قنا فيه وجهان.
والصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
469

والوجه الثاني يغرم نصف قيمتها قنا جزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم.
وهل يلزمه المهر كاملا أو نصفه فيه وجهان الصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني يلزمه نصف المهر فقط جزم به في الوجيز وصححه في النظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والفائق.
قوله (وهل يغرم نصف قيمة ولدها على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
إحداهما نصف قيمته قال القاضي هذه الرواية أصح على المذهب.
وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية لا يغرمه قدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح بن رزين وهذا المذهب.
وقيل إن وضعته قيل التقويم غرم نصف قيمته وإلا فلا شيء عليه اختاره أبو بكر.
ويأتي ما يشابه ذلك في آخر باب أحكام أمهات الأولاد.
قوله (ويجوز بيع المكاتب) هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المنصوص عليه نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الأصحاب وقدموه وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز بيعه مطلقا.
وعنه لا يجوز بيعه بأكثر من كتابته حكاها بن أبى موسى.
470

فعلى المذهب يقوم المشتري مقام البائع.
فائدة حكم هبته والوصية به حكم بيعه على الصحيح من المذهب وعنه لا تجوز هبته.
وتقدم في كلام المصنف الوصية بالمكاتب وبمال الكتابة أو بنجم منها أو برقبته في باب الموصى به فليراجع.
فائدة أخرى لا يجوز بيع ما في ذمة المكاتب من نجوم الكتابة.
قوله (وإن اشترى كل واحد من المكاتبين الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الثاني سواء كانا لواحد أو اثنين).
وهذا بلا نزاع على القول بجواز بيع المكاتب.
وقوله (وإن جهل الأول منهما فسد البيعان).
وهذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقال القاضي يفسخان كما لو زوج الوليان وأشكل السابق منهما أو يقرع وجزم به في المحرر.
قوله (وإن أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فأحب سيده أخذه بما اشتراه وإلا فهو عبد مشتريه مبقى على ما بقي من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه له).
قال الناظم.
ولو قيل يعط الربع بينهما معا ويلزمه كل الفدا لم أبعد هذا الحكم مبنى على ثلاث قواعد.
471

الأولى أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر.
الثانية أن من وجد ماله من مسلم أو معاهد بيد من اشتراه منهم فهو أحق به بثمنه وهذا المذهب فيهما على ما تقدم محررا في باب قسمة الغنيمة.
الثالثة أن المكاتب يصح نقل الملك فيه وهو المذهب وعليه الأصحاب كما تقدم قريبا.
إذا علمت ذلك فلا تبطل الكتابة بالأسر لكن هل يحتسب عليه بالمدة التي كان فيها مع الكفار على وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والفائق والزركشي جزم في الكافي بالاحتساب.
قلت الأولى عدم الاحتساب ثم رأيت بن رزين في شرحه قدمه.
فإن قيل لا تحتسب وهو الصواب لغت مدة الأسر وبنى على ما مضى.
وإن قيل تحتسب عليه فحل ما يجوز تعجيزه بترك أدائه فلسيده تعجيزه وهل له ذلك بنفسه أو بحكم حاكم فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفائق والفروع والزركشي.
قلت الأولى أن له ذلك بنفسه.
قال في الفروع وله الفسخ بلا حكم وعلى كل الوجهين متى خلص فأقام بينة بوجود مال له وقت الفسخ يفي بما عليه فهل يبطل الفسخ أم لا بد مع ذلك من ثبوت أنه كان يمكنه أداؤه فيه قولان وأطلقهما الزركشي.
قدم المصنف والشارح وصاحب الفائق البطلان.
قوله (وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه).
أي بقيمته مقدما على الكتابة هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
472

قال الشارح هذا المعمول به في المذهب.
قال المصنف اتفق أصحابنا على ذلك وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والنظم وغيرهم.
(وقال أبو بكر يتحاصان).
فعلى هذا يقسم الحاكم المال بينهما على قدر حقهما.
وعلى المذهب لو أدى مبادرا وليس محجورا عليه عتق واستقر الفداء وإن كان بعد الحجر لم يصح ووجب رجوعه إلى ولى الجناية.
قوله (وإن كانت على أجنبي ففداه سيده وإلا فسخت الكتابة وبيع في الجناية قنا).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله بن منصور وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز والنظم والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونقل الأثرم جنايته في رقبته يفديه إن شاء قال أبو بكر وبه أقول.
فائدة لو قتله السيد لزمه الفداء وكذا إن أعتقه ويسقط في الأصح إن كانت الجناية على سيده قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قوله (والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يلزمه فداؤه بأرش الجناية كله كاملة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه يلزمه فداؤه بالأرش كاملا إن كانت الجناية على أجنبي.
473

قوله (وإن لزمته ديون تعلقت بذمته يتبع بها بعد العتق).
ولا يملك غريمه تعجيزه هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم بخلاف المأذون له.
وعنه تتعلق برقبته اختاره بن أبى موسى ذكره عنه في المستوعب.
وعنه تتعلق بذمته ورقبته معا قال في المحرر وهو أصح عندي.
فائدتان
إحداهما قال المصنف وتبعه الشارح إذا كان عليه ديون مع دين الكتابة ومعه مال يفي بذلك فله أن يبدأ بما شاء وإن لم يف بها ما معه وكلها حالة ولم يحجر الحاكم عليه فخص بعضهم بالقضاء صح.
وإن كان بعضها مؤجلا فعجله بإذن سيده جاز وإلا فلا.
وإن كان التعجيل للسيد فقبوله بمنزلة إذنه.
وإن حجر عليه بسؤال الغرماء فقال القاضي عندي أنه يبدأ بقضاء ثمن المبيع وعوض القرض ويسوي بينهما ويقدمهما على أرش الجناية ومال الكتابة وقال الشارح وقد اتفق الأصحاب على تقديم أرش الجناية على مال الكتابة وبنى ذلك في الفروع وغيره من الأصحاب على الروايتين في أصل المسألة.
فقال بانيا على الرواية الأولى تقدم ديون محجور عليه لعدم تعلقها برقبته.
فلهذا إن لم يكن بيده مال فليس لغريمه تعجيزه بخلاف الأرش ودين الكتابة.
وعنه يتعلق برقبته فتتساوى الأقدام ويملك تعجيزه ويشترك رب الدين والأرش بعد موته لفوت الرقبة.
وقيل يقدم دين المعاملة.
ثم قال ولغير المحجور تقديم أي دين شاء.
474

وذكر بن عقيل وجماعة أنه بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحالة الحياة أم يتحاصان فيه روايتان.
وهل يضرب سيده بدين معاملة مع غريمه فيه وجهان.
الثانية لا يجبر المكاتب على الكسب لوفاء دينه على الصحيح من المذهب.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة هذا المذهب المشهور لأنه دين ضعيف وخرج بن عقيل وجها بالوجوب كسائر الديون.
قوله (والكتابة عقد لازم من الطرفين لا يدخلها خيار).
هذا المذهب جزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب الفروع وغيره في باب الخيار.
وذكر القاضي أن العبد المكاتب له الخيار على التأبيد بخلاف سيده قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفيه نظر.
قال بن عقيل لا خيار للسيد وأما العبد فله الخيار أبدا مع القدرة على الوفاء والعجز فإذا امتنع كان الخيار للسيد هذا ظاهر كلام الخرقي.
وقال أبو بكر إن كان قادرا على الوفاء فلا خيار له وإن عجز عنه فله الخيار ذكر ذلك في النكت في باب الخيار
وقال ما قاله القاضي وبن عقيل قاله الشيرازي وبن البنا ذكره الزركشي على ما يأتي قريبا.
تنبيه ظاهر قوله (ويعتق بالأداء إلى سيده أو إلى من يقوم مقامه من الورثة).
أن الباقي من الكتابة بعد موت سيده يطالب به ويؤخذ منه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل بن هانئ إن أدى بعض كتابته ثم مات السيد يحسب من ثلثه ما بقي من كتابة العبد ويعتق.
475

وتقدم في أول باب الولاء إذا أدى المكاتب بعض الكتابة للورثة هل يكون الولاء للسيد أو للورثة.
قوله (فإن حل نجم فلم يؤده فلسيده الفسخ).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
(وعنه لا يعجز حتى يحل نجمان).
وهو ظاهر كلام الخرقي قال القاضي وهو ظاهر كلام أصحابنا.
قال في الهداية وهو اختيار أبى بكر والخرقي ونصره في المغنى.
(وعنه لا يعجز حتى يقول قد عجزت).
ذكرها بن أبى موسى وروى عنه أنه إن أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق واتبع بما بقي.
وقال في عيون المسائل ليس له الفسخ قبل حلول نجم ولا بعده مع قدرة العبد على الأداء كالبيع.
وقال في الترغيب إن غاب العبد بلا إذن سيده لم يفسخ ويرفع الأمر إلى حاكم البلد الذي هو فيه ليأمره بالأداء أو يثبت عجزه فحينئذ يملك الفسخ.
وقاله في الرعاية أيضا وقال وقيل إن لم يتفقا فسخها الحاكم.
فعلى المذهب يلزمه إنظاره ثلاثة أيام قاله الأصحاب كبيع عرض ومثله مال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه ودين حال على ملئ ومودع.
قال في الفروع وأطلق جماعة لا يلزم السيد استيفاؤه قال فيتوجه مثله في غيره.
476

فائدة حيث جوزنا له الفسخ فإنه لا يحتاج إلى حكم حاكم.
قوله (وليس للعبد فسخها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
(وعنه له ذلك).
قال في الفروع وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله للعبد فسخها.
قال الزركشي ووقع في المقنع والكافي رواية بأن للعبد فسخها.
قال والظاهر أنه وهم والذي ينبغي حمل ذلك عليه أن له الفسخ إذا امتنع من الأداء وهذا كما قال بن عقيل والشيرازي وبن البنا إنها لازمة من جهة السيد جائزة من جهة العبد.
وفسروا ذلك بأن له الامتناع من الأداء فيملك السيد الفسخ انتهى.
فائدة لو اتفقا على فسخها جاز جزم به في الكافي وغيره.
قال في الفروع ويتوجه لا يجوز كحق الله.
قوله (ولو زوج ابنته من مكاتبه ثم مات انفسخ النكاح).
يعني إذا كانت وارثة من أبيها وكان النكاح صحيحا وهذا المذهب جزم به في الشرح وغيره.
قال بن منجا هذا المذهب وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم ويحتمل أن لا يفسخ حتى يعجز.
فائدة الحكم في سائر الورثة من النساء إذا كانت زوجة له كالحكم في البنت وكذا لو تزوج رجل مكاتبة فورثها أو بعضها انفسخ نكاحه.
ويأتي إذا ملك الحر زوجته أو بعضها في باب المحرمات في النكاح.
قوله (ويجب على سيده أن يؤتيه ربع مال الكتابة إن شاء وضعه عنه وإن شاء قبضه ثم دفعه إليه).
477

الصحيح من المذهب وجوب إيتاء العبد ربع مال الكتابة وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وذكر في الروضة رواية وقدمها أنه لا يجب وأن الأمر في الآية للاستحباب.
وظاهر مختصر بن رزين أن فيه خلافا فإنه قال وعنه يعتق بملك ثلاثة أرباعها إن لزم إيتاء الربع.
قال في الفائق قلت وفي وجو به نظر للاختلاف في مدلول الآية وفي التقدير انتهى.
قلت ظاهر الآية وجوب الإيتاء لكن ذلك غير مقدر فأي شيء أعطاه فقد سقط الوجوب عنه وامتثل وقد فسرها بن عباس رضي الله عنهما بذلك.
هذا ما لم يصح الحديث فإن صح الحديث فلا كلام.
فائدة إن أعطاه السيد من جنس مال الكتابة لزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يلزمه إلا إذا كان منها لظاهر الآية.
وإن أعطاه من غير جنسها مثل أن يكاتبه على دراهم فيعطيه دنانير أو عروضا لم يلزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمه وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت والنفس تميل إلى ذلك.
قوله (وإن أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع عتق ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه).
478

واختاره أبو بكر قال في الكافي قال أصحابنا إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق.
قال في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم إذا أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع لم يجز للسيد الفسخ.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يعتق حتى يؤدي جميعها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو المذهب.
قال في المستوعب هي المشهورة وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي واختاره المصنف وغيره.
قال في المحرر وظاهر قول أبى الخطاب عدم العتق ومنع السيد من الفسخ.
وقد تقدم لفظه في الهداية وغيره.
وقال في الفروع فإن أدى ثلاثة أرباع المال وعنه أو أكثر منه وعجز عن الباقي لم يعتق ولسيده فسخها في أنص الروايتين فيهما.
وقال في الترغيب وفي عتقه بالتقاص روايتان ولم يذكر العجز.
قال ولو أبرأه من بعض النجوم أو أداه إليه لم يعتق به على الأصح وأنه لو كان على سيده مثل النجوم عتق على الأصح انتهى.
وقال في الفائق ولو أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في أحد الوجهين اختاره الشيخ.
وقال أبو بكر والقاضي يعتق وللسيد الفسخ نص عليه وقيل لا انتهى.
وقال في الرعايتين فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه وقيل لا.
وقال في الحاوي الصغير فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه.
479

وقال أبو بكر لم يجز للسيد الفسخ.
وصحح في النظم أنه لا يعتق ويملك الفسخ نص عليه.
وقال أبو الخطاب لا يملك.
قوله (وإن كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم) يوم العقد (ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية اختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه وقالا هذا أصح قال بن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال أبو بكر العوض بينهم على عددهم ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة واختاره بن أبى موسى.
قال في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة ونقل مهنا ما يشهد لذلك وذكر الاختلاف في مأخذ هذا القول.
فائدة لو شرط عليهم في العقد ضمان كل واحد منهم عن الباقين فسد الشرط وصح العقد قدمه في المغنى والشرح والرعاية.
وعنه صحة الشرط أيضا ذكرها أبو الخطاب.
وخرجه بن حامد وجها بناء على الروايتين في ضمان الحر لمال الكتابة على ما تقدم في باب الضمان.
ويذكرون المسألة هنا كثيرا.
480

قوله (وإن اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم فالقول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه).
جزم به في الفروع والنظم.
قال الشارح هذا إذا أدوا وعتقوا فقال من كثرت قيمته أدينا على قدر قيمتنا وقال الآخر أدينا على السواء فبقيت لنا على الأكثر قيمة بقية.
فمن جعل العوض بينهم على عددهم قال القول قول من يدعى التسوية ومن جعل على كل واحد قدر حصته فعنده وجهان.
أحدهما القول قول من يدعى التسوية.
والثاني القول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه.
وجزم بهذا القول في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير والنظم.
وأطلق الوجهين في الرعايتين والفائق وقالا وقيل يصدق من ادعى أداء ما عليه إذا أنكر ما زاد.
قوله (ويجوز له أن يكاتب بعض عبده فإذا أدى عتق كله).
قاله أبو بكر وجزم به في المغنى والمحرر والشرح وشرح بن منجا والوجيز والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
فإن كان كاتب نصفه أدى إلى سيده مثلي كتابته لأن نصف كسبه يستحقه سيده بما فيه من الرق إلا أن يرضى سيده بتأدية الجميع عن الكتابة فيصح.
قوله (ويجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
واختار في الرعاية أنه لا بد من إذن الشريك إذا كان معسرا.
481

فائدة قوله (فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر عتق كله).
هذا صحيح لكن يكون لسيده من كسبه بقدر ما كوتب منه على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وعنه يوما ويوما.
قوله (وإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله إن كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب).
وهذا المذهب نص عليه في رواية بكر بن محمد واختاره الخرقي وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبى بكر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والنظم.
وقال القاضي لا يسرى إلى نصف المكاتب إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ ويسرى العتق.
قال المصنف والشارح واختاره أبو بكر.
فعلى هذا إن أدى كتابته عتق الباقي بالكتابة وكان ولاؤه بينهما.
وعلى المذهب يضمن للشريك نصف قيمته مكاتبا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم وجزم به في المغنى.
وعنه يضمنه بالباقي من كتابته.
قال في المستوعب قال بن أبي موسى فعلى هذه يكون الولاء بينهما لكل واحد منهما بقدر ما عتق عليه وجزم به الزركشي.
فكأن بن أبى موسى قال يعتق على من أدى إليه المكاتب بمقدار ما أدى إليه ويعتق الباقي على من أعتق ويكون الولاء بينهما بقدر ما عتق على كل واحد منهما.
482

قوله (وإن كاتبا عبدهما جاز سواء كان على التساوي أو التفاضل ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي فإذا كمل أداءه إلى أحدهما قبل الآخر عتق كله عليه وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه لم يعتق إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ويحتمل أن لا يعتق).
قال الشارح إذا كان العبد لاثنين فكاتباه معا سواء تساويا في العوض أو اختلفا فيه وسواء اتفق نصيباهما فيه أو اختلفا وسواء كان في عقد واحد أو عقدين صح.
ثم قال ولا يجوز أن يختلفا في التنجيم ولا في أن يكون لأحدهما من النجوم قبل النجم الأخير أكثر من الآخر في أحد الوجهين لأنه لا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على السواء ولا يجوز تقديم أحدهما بالأداء على الآخر واختلافهما في ميقات النجوم وقدر المؤدي يفضي إلى ذلك.
والثاني يجوز لأنه يمكن أن يعجل لمن تأخر نجمه قبل محله ويعطى من قل نجمه أكثر من الواجب له ويمكن أن يأذن له أحدهما في الدفع إلى الآخر قبله أو أكثر منه.
ثم قال وليس للمكاتب أن يؤدي إلى أحدهما أكثر من الآخر ذكره القاضي.
قال المصنف لا أعلم فيه خلافا.
فإن قبض أحدهما دون الآخر شيئا لم يصح القبض وللآخر أن يأخذ منه حصته إذا لم يأذن له فإن أذن ففيه وجهان ذكرهما أبو بكر.
أحدهما يصح وهو أصح إن شاء الله تعالى.
483

والثاني لا يصح اختاره أبو بكر انتهى كلام الشارح.
وقال في المحرر وإن كاتب اثنان عبدهما على التساوي أو التفاضل جاز ولم يؤد إليهما إلا على قدر ملكيهما فإن خص أحدهما بالأداء لم يعتق نصيبه إلا أن يكون بإذن الآخر فإنه على وجهين انتهى.
فقول المصنف فإذا كمل أداءه إلى أحدهما قبل الآخر عتق كله عليه يعني إذا كاتباه منفردين وكان موسرا.
وقوله وإن أدى إلى أحدهما دون صاحبه إلى آخره محمول على ما إذا كاتباه كتابة واحدة بأن يوكلا من يكاتبه أو يوكل أحدهما الآخر فيكاتبه صفقة واحدة.
فكلام المصنف فيه إيهام.
وتحرير المسألة ما قاله في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم أنهما إذا كاتباه منفردين فأدى إلى أحدهما ما كاتبه عليه أو أبرأه من حصته عتق نصيبه خاصة إن كان معسرا وإن كان موسرا عتق عليه جميعه ويكون ولاؤه له ويضمن حصة شريكه.
وإن كاتباه كتابة واحدة فأدى إلى أحدهما مقدار حقه بغير إذن شريكه لم يعتق منه شيء فإن أدى بإذن شريكه فهل يعتق نصيب المؤدي إليه على وجهين.
ويحمل كلام المصنف الأخير هنا على ذلك.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
فقدم المصنف هنا أنه يعتق نصيب المؤدي إليه وهو المذهب وقدمه في الخلاصة والفروع والفائق وغيرهم وصححه المصنف والشارح والناظم.
484

قال بن منجا هذا المذهب.
ويحتمل أن لا يعتق ولو أذن له الآخر وهو الوجه الثاني واختاره أبو بكر.
فعلى المذهب إذا أدى ما عليه من مال الكتابة بإذن الآخر عتق نصيبه.
ويسرى إلى باقيه إن كان موسرا وعليه قيمة حصة شريكه وهذا قول الخرقي وغيره ويضمنه في الحال بنصف قيمته مكاتبا مبقى على ما بقي من كتابته وولاؤه كله له.
وقال أبو بكر والقاضي لا يسرى العتق في الحال وإنما يسرى عند عجزه.
فعلى قولهما يكون باقيا على الكتابة فإن أدى إلى الآخر عتق عليهما وولاؤه لهما وما يبقى في يده من كسبه فهو له وإن عجز وفسخت كتابته قوم على الذي أدى إليه وكان ولاؤه كله له.
فائدتان
إحداهما قال القاضي ويطرد قول أبى بكر في دين بين اثنين أذن أحدهما للآخر في قبض نصيبه لا يقبض إلا بقسط حقه منه.
وقال أبو الخطاب لا يرجع الشريك في الأصح كمسألتنا.
الثانية لو كاتب ثلاثة عبدا فادعى الأداء إليهم فأنكره أحدهم شاركهما فيما أقرا بقبضه قاله الأصحاب الخرقي فمن بعده ونص الإمام أحمد رحمه الله تقبل شهادتهما عليه وقطع به الخرقي وغيره وهو المذهب.
وقال في المغنى والشرح والمحرر وغيرهم قياس المذهب لا تقبل شهادتهما عليه واختاره بن أبى موسى وصاحب الروضة.
قلت وهو الصواب.
قوله (وإن اختلفا في الكتابة فالقول قول من ينكرها) بلا نزاع.
485

وقوله (وإن اختلفا في قدر عوضها فالقول قول السيد).
في إحدى الروايتين وهو المذهب.
قال القاضي هذا المذهب نص عليه في رواية الكوسج.
وجزم به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره وهو من مفردات المذهب.
وعنه القول قول المكاتب اختارها جماعة منهم الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وصححها بن عقيل في التذكرة.
وعنه يتحالفان اختارها أبو بكر وقال اتفق الشافعي وأحمد رحمهما الله على أنهما يتحالفان ويترادان وأطلقهن في الفائق والزركشي.
فعلى رواية التحالف إن تحالفا قبل العتق فسخ العقد إلا أن يرضى أحدهما بما قال صاحبه وإن تحالفا بعد العتق رجع السيد بقيمته ورجع العبد بما أداه.
قوله (وإن اختلفا في وفاء مالهما فالقول قول السيد) بلا نزاع.
قوله (فإن أقام العبد شاهدا وحلف معه أو شاهدا وامرأتين ثبت الأداء وعتق).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب بناء على أن المال وما يقصد به المال يقبل فيه شاهد ويمين على ما يأتي والخلاف بينهما هنا في أداء المال.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يقبل في النجم الأخير إلا رجلان لترتب العتق على شهادتهما وبناء على أن العتق لا يقبل فيه إلا رجلان ذكره في الترغيب وغيره.
486

قوله (والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير يغلب فيها حكم الصفة).
وكذا لو كان العوض مجهولا أو شرط فيها ما ينافيها وقلنا تفسد بفساد الشرط في وجه على ما تقدم يغلب حكم الصفة في كل ذلك في أنه إذا أدى عتق ولكل واحد منهما الفسخ فهي جائزة من الطرفين.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه قاله في القواعد الأصولية.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وجزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والرعاية والحاوي وغيرهم.
وعنه بطلان الكتابة مع تحريم العوض اختاره أبو بكر وبن عقيل.
قال في القاعدة السابعة والأربعين وهو الأظهر.
قال في القواعد الأصولية المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن العقد يبطل من أصله وأول القاضي وأبو الخطاب النص.
وقال القاضي في الخلاف الكبير المغلب في الكتابة على عوض مجهول المعاوضة بدليل أنه يعتق بالأداء إلى الوارث.
فائدتان
إحداهما قال في القواعد الأصولية قول الأكثرين إن الكتابة إذا لم تكن منجمة باطلة من أصلها مع قولهم في الكتابة على عوض مجهول (يغلب فيها حكم الصفة) مشكل جدا وكان الأولى إذا كان العوض معلوما أن يغلب فيها حكم الصفة أيضا.
الثانية قال المصنف وتبعه الشارح وغيره إذا كانت الكتابة الفاسدة بعوض محرم فإنها تساوي الصحيحة في أربعة أحكام.
487

أحدها أنه يعتق بأداء ما كوتب عليه مطلقا.
الثاني إذا أعتقه بالأداء لم يلزمه قيمة نفسه ولم يرجع على سيده.
الثالث يملك المكاتب التصرف في كسبه وله أخذ الصدقات والزكوات.
الرابع إذا كاتب جماعة كتابة فاسدة فأدى أحدهم حصته عتق على قول من قال إنه يعتق في الكتابة الصحيحة بأداء حصته ومن لا فلا هنا وتفارق الصحيحة في ثلاثة أحكام.
أحدها إذا أبرأه لم يصح ولم يعتق على الصحيح من المذهب واختار في الانتصار إن أتى بالتعليق لم يعتق بالإبراء وإلا عتق.
الثاني لكل واحد منهما فسخها.
الثالث لا يلزم السيد أن يؤدي إليه شيئا من الكتابة على الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز.
والوجه الثاني يلزمه وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قوله (وتنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر للسفه).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والخلاصة.
قال بن منجا في شرحه هذا المذهب وقاله القاضي وأصحابه في الانفساخ بالموت.
وقال أبو بكر لا تنفسخ بالموت ولا بالجنون ولا بالحجر ويعتق بالأداء إلى الوارث.
قال المصنف والأولى أنها لا تبطل بالحجر والجنون وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
488

قوله وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده يعنى في الكتابة الفاسدة وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وبن عبدوس في تذكرته وأبو الخطاب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وقدمه في الشرح وقال القاضي ما في يد المكاتب وما يكسبه وما يفضل في يده بعد الأداء فهو له وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق.
وأطلق في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفائق الوجهين فيما يكسبه.
وكلامه في الرعايتين والحاوي كالمتناقض فإنهما جزما بأن لسيده أخذ ما معه قبل الأداء وما فضل بعده وقالا قبل ذلك وفي تبعية الكسب وجهان.
قوله (وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح بن منجا.
أحدهما لا يتبعها قال المصنف في المغنى والشارح هذا أقيس وأصح وكذا قال بن رزين في شرحه.
الثاني يتبعها قدمه في الكافي.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
قال في القاعدة الحادية والعشرين إن قلنا هو جزء منها تبعها وإن قلنا هو كسب ففيه وجهان بناء على سلامة الأكساب في الكتابة الفاسدة.
فائدة هل تصير أم ولد إذا أولدها فيها أم لا على وجهين.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وفي الصحة هنا وجه ذكره القاضي وإن منعناها في غيره.
489

باب أحكام أمهات الأولاد.
تنبيه عموم قوله (وإذا علقت الأمة من سيدها).
يشمل سواء كانت فراشا أو مزوجة وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
ونقل حرب وبن أبى حرب فيمن أولد أمته المزوجة أنه لا يلحقه الولد.
فائدة في إثم واطئ أمته المزوجة جهلا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب عدم الإثم وتأثيمه ضعيف.
قوله (فوضعت منه ما تبين فيه بعض خلق الإنسان صارت بذلك أم ولد).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمبهج والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفائق والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه لا بد أن يكون له أربعة أشهر واحتج بحديث بن مسعود رضي الله عنه في عشرين ومائة يوم ينفخ فيه الروح وتنقضي به العدة وتعتق الأمة إذا دخل في الخلق الرابع.
وقدم في الإيضاح ستة أشهر.
ونقل الميموني إن لم تضع وتبين حملها في بطنها عتقت وأنه يمنع من نقل الملك لما في بطنها حتى يعلم.
قوله (فإذا مات عتقت وإن لم يملك غيرها) هذا بلا نزاع.
ومحل هذا إذا لم يجز بيعها على المذهب.
490

أما إن جاز بيعها فقطع المصنف وغيره بأنها لا تعتق بموته.
قال الزركشي وظاهر إطلاق غيره يقتضي العتق ولهذا قدمه بن حمدان فقال وقيل إن جاز بيعها لم تعتق عليه بموته.
ويأتي بعض ذلك عند ذكر الخلاف في جواز بيعها.
قوله (وإن وضعت جسما لا تخطيط فيه مثل المضغة فعلى روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والمحرر والشرح والفائق والحاوي الصغير.
إحداهما لا تصير بذلك أم ولد وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في النظم وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية تصير به أم ولد صححه في التصحيح وقدمه في الرعاية الصغرى والخلاصة وقال لا تنقضي به العدة وجزم به في الوجيز.
قال في المذهب فإن وضعت جسما لا تخطيط فيه فقال الثقات من القوابل هو مبدأ خلق الإنسان ففيه ثلاث روايات.
إحداهن لا تصير أم ولد والثانية تصير والثالثة تصير أم ولد إلا في العدة فإنها لا تنقضي بذلك.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن وضعت قطعة لحم لم يبن فيها خلق آدمي فثلاث روايات.
الثالثة تعتق ولا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل ما تجب فيه عدة تصير به أم ولد وإن كان علقة.
وقيل تصير أم ولد بما لا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل لا تصير أم ولد بما لا تنقضي به عدتها ذكره أيضا.
قال المصنف والشارح إذا وضعت مضغة لم يظهر فيها شيء من خلق
491

الآدمي فشهدت ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية تعلقت بها الأحكام وجزم به الزركشي وإن لم يشهدن بذلك لكن علم أنه مبدأ خلق آدمي بشهادتهن أو غيرها ففيه روايتان.
فهذه الصورة محل الروايتين وكذا قيد بن منجا كلام المصنف بذلك.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنها لا تصير أم ولد بوضع علقة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تصير أم ولد بوضعها أيضا ونص عليه في رواية مهنا ويوسف بن موسى.
وقدم الأول في الرعاية الكبرى وتقدم كلامه في العلقة.
قوله (وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها حاملا عتق الجنين ولم تصر أم ولد).
هذا المذهب قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في الفائق هذا المذهب ورواه إسحاق بن منصور عن الإمام أحمد رحمه الله وكلام الخرقي يقتضي ذلك.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وبن عقيل في التذكرة والشيرازي في المبهج وصاحب الوجيز وغيرهم.
واختاره المصنف وغيره وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفروع والفائق.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تصير أم ولد ولو كان قد ملكها بعد وضعها منه نقلها بن أبى موسى.
قال المصنف ولم أجد هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله إنما نقل مهنا عنه الوقف.
492

وعنه تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها فيه واختارها أبو الخطاب.
وقال القاضي إن ملكها حاملا ولم يطأها حتى وضعت لم تصر أم ولد وإن وطئها حال حملها فإن كان بعد أن كمل الولد وصار له خمسة أشهر لم تصر بذلك أم ولد أيضا.
وإن وطئها قبل ذلك صارت أم ولد وجزم به في الفصول.
وقال بن حامد تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها في ابتداء الحمل أو بوسطه.
وقيل إنه روى عن الإمام أحمد رحمه الله وهو قريب من قول القاضي.
فعلى الرواية الأولى والثانية لو أقر بولد من أمته أنه ولده ثم مات ولم يبين هل استولده في ملكه أو قبله وأمكنا ففي كونها أم ولد وجهان.
وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق والنظم هنا.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح بن منجا في آخر كتاب الإقرار وهما احتمالان في الهداية والمذهب.
أحدهما تكون أم ولد وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه أيضا في الرعاية في آخر الباب وإدراك الغاية.
والثاني لا تكون أم ولد صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز في آخر كتاب الإقرار.
فعلى هذا يكون له عليه الولاء وفيه نظر قاله في المغنى.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر كتاب الإقرار.
فائدة حسنة لو قال لجاريته يدك أم ولدى أو قال لولدها يدك ابني صح ذكره في الانتصار في طلاق جزء واقتصر عليه في الفروع.
493

تنبيه ظاهر قوله (أو غيره).
أن الخلاف شامل لما لو وطئها بزنا ثم ملكها.
وقد صرح به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال الشريف وأبو الخطاب والمصنف والشارح إذا أصابها بذلك فإنها لا تصير أم ولد بذلك قولا واحدا.
فائدة نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن اشترى جارية حاملا من غيره فوطئها أن الولد لا يلحق بالواطئ ولكن يعتق عليه لأن الماء يزيد في الولد وجزم به في المغنى والشرح والفائق والروضة وغيرهم ونقله الأثرم ومحمد بن حبيب ونقل صالح وغيره يلزمه عتقه فيعايى بها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحب ذلك وفي وجوبه خلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
وقال أيضا يعتق ويحكم بإسلامه وأنه يسرى كالعتق ولا يثبت نسبه.
تنبيه تقدم في آخر باب قسمة الغنائم إذا وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده فأولدها ما حكمه.
وتقدم في باب الوقف إذا وطئ الجارية الموقوفة عليه فأحبلها وحكمها.
وتقدم في باب الهبة إذا أحبل جارية ولده في فصل وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء.
قوله (وأحكام أم الولد أحكام الأمة في الإجارة والاستخدام والوطء وسائر أمورها إلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع والهبة والوقف أو ما تراد له كالرهن).
الصحيح من المذهب أنه لا يجوز ولا يصح بيع أم الولد وعليه جماهير
494

الأصحاب ونص عليه وقطع به كثير منهم وحكى جماعة الإجماع على ذلك.
وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة ولا عمل عليه.
قلت قال في الفنون يجوز بيعها لأنه قول علي بن أبى طالب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم وإجماع التابعين لا يرفعه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفائق وهو الأظهر.
قال فتعتق بوفاة سيدها من نصيب ولدها إن كان لها ولد أو بعضها مع عدم سعته ولو لم يكن لها ولدا فكسائر رقيقه وكذا قال في المغنى والشرح وشرح بن رزين والفائق.
قال في الفروع بعد ذكر الرواية فقيل لا تعتق بموته.
ونفى هذه الرواية في الحاوي الصغير ولم يثبتها وتأولها.
وحكى بعضهم هذا القول إجماع الصحابة.
وتقدم في أواخر التدبير أنه لا يصح تدبيرها على الصحيح من المذهب وتقدم في أوائل كتاب الوقف هل يصح وقف أم الولد أم لا.
وتقدم أيضا في أواخر باب الهبة هل يصح هبة أم الولد أم لا فليراجعا.
فائدة هل لهذا الخلاف شبهة فيه نزاع والأقوى فيه شبهة.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه ينبنى عليه لو وطئ معتقدا تحريمه هل يلحقه نسبه أو يرجم المحصن أما التعزير فواجب انتهى وتابعه في الفروع.
قوله (ثم إن ولدت من غير سيدها فلولدها حكمها في العتق بموت سيدها سواء عتقت أو ماتت قبله).
يعني إذا ولدت من زوج أو غيره بعد أن صارت أم ولد من سيدها وسواء عتقت أمه قبل موت السيد أو ماتت في حياة السيد فإن حكم الولد:
495

حكمها إن مات سيدها عتق معها ويجوز فيه من التصرفات ما يجوز فيها ويمتنع فيه ما يمتنع فيها.
وكذا ولد المدبرة لا يبطل الحكم فيه بموت أمه جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وقال في الانتصار هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا لأنه لا مال لهما.
اختلف كلامه فيه ويظهر الحكم في ولدهما.
وقال في القاعدة الثانية والثلاثين على القول بأن ولد المدبرة يتبعها قال الأكثرون يكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع وقد نص على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
فعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا وهذا قول القاضي وبن عقيل.
وقال أبو بكر هو تابع محض إن عتقت عتق وإن رقت رق وهو ظاهر كلام بن أبى موسى انتهى.
وتقدم ذلك في باب المدبر عند قوله وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها.
أما ولد المكاتبة إذا ماتت فإنه يعود رقيقا.
تنبيه ظاهر قوله (ثم إن ولدت).
أن الولد لو كان موجودا قبل إيلادها من سيدها لا يعتق بموت السيد وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع لا يعتق على الأصح وقدمه في المغنى والشرح وغيرهما.
وعنه يعتق خرجها المصنف والشارح من ولد المدبرة الذي كان قبل التدبير على ما تقدم في بابه.
496

قوله (وإن مات سيدها وهي حامل منه فهل تستحق النفقة لمدة حملها على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح وشرح بن منجا والفائق وغيرهم.
إحداهما تستحق النفقة صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير لها النفقة على أصح الروايتين وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية لا تستحقها هذا يشبه ما إذا مات عن امرأة حامل هل تستحق النفقة لمدة حملها على روايتين.
ومبنى الخلاف على الخلاف في نفقة الحامل هل هي للحمل أو للحامل.
فإن قلنا هي للحمل فلا نفقة لها ولا للأمة الحامل لأن الحمل له نصيب في الميراث.
وإن قلنا للحامل فالنفقة على الزوج أو السيد انتهى.
قلت ويأتي في كلام المصنف في كتاب النفقات هل تجب النفقة لحملها أو لها من أجله على روايتين والصحيح من المذهب أنها تجب للحمل.
قوله (وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها).
يعني إذا كان ذلك قدر أرش جنايتها وهذا المذهب.
قال الزركشي وبن منجا هذا المذهب وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وقدمه في الهداية والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه عليه فداؤها بأرش الجناية كله حكاها أبو بكر وقدمه في النظم والفائق وأطلقهما في المحرر.
497

فعلى المذهب يفديها بقيمتها يوم الفداء قاله الأصحاب وتجب قيمتها معيبة بعيب الاستيلاد.
قوله (وإن عادت فجنت فداها أيضا).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب أبى بكر والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم حتى قال أبو بكر ولو جنت ألف مرة وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه.
قال بن منجا هذا المذهب.
وعنه يتعلق الفداء الثاني وما بعده بذمتها حكاها أبو الخطاب وقدمه في المستوعب والترغيب وأطلقهما في المذهب.
وقال في الفائق قلت المختار عدم إلزامه جنايتها.
فعلى الرواية الثانية قال في الرعاية قلت يرجع الثاني على الأول بما يخصه مما أخذه.
تنبيه أطلق المصنف هذه الرواية وكذا أطلقها أبو الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وغيرهم.
وقيدها القاضي في كتاب الروايتين والمصنف والمغني والشارح حاكين ذلك عن أبى الخطاب وبن حمدان في رعايتيه بما إذا فداها أولا بقيمتها.
قال الزركشي ومقتضى ذلك أنه لو فداها أولا بأقل من قيمتها لزمه فداؤها ثانيا بما بقي من القيمة بلا خلاف.
فائدة قال المصنف والشارح وإن جنت جنايات وكانت كلها قبل
498

فداء شيء منها تعلق أرش الجميع برقبتها ولم يكن على السيد في الجنايات كلها إلا قيمتها أو أرش جميعها وعليه الأقل منهما.
ويشترك المجنى عليهم في الواجب لهم فإن لم يف بها تحاصوا فيها بقدر أروش جناياتهم.
تنبيه قوله (وإن قتلت سيدها عمدا فعليها القصاص).
مقيد بما إذا لم يكن لها منه ولد فإن كان لها منه ولد لم يجب القصاص على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقد صرحوا به في باب شروط القصاص بقولهم ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه سقط القصاص فلو قتل امرأته وله منها ولد سقط عنه القصاص.
ونقل مهنا يقتلها أولاده من غيرها.
قال المصنف والشارح وهي مخالفة لأصول مذهبه والصحيح لا قصاص عليها.
قال في الرعاية ولوليه مع فقد ابنهما القود وقيل مطلقا.
قوله (فإن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ فعليها قيمة نفسها).
هذا إحدى الروايتين وهو قول الخرقي والمصنف في كتبه والقاضي وجماعة من أصحابه.
والصحيح من المذهب أنه يلزمها الأقل من قيمتها أو ديته نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والوجيز والقواعد الفقهية وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال ناظم المفردات:
499

إن قتلت في الحكم أم الولد * سيدها في خطأ للرشد.
أو كان عمدا فعفوا للمال * قيمتها تلزم في المقال.
أو دية فأنقص الأمرين * يلزمها إذ ذاك في الحالين.
قال الزركشي ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر انتهى.
قال الأصحاب سواء قلنا الدية تحدث على ملك الورثة أو لا.
وفي الروضة دية الخطأ على عاقلتها لأن عند آخر جزء مات من السيد عتقت ووجب الضمان.
فائدة وكذا إن قتلته المدبرة وقلنا تعتق على ما تقدم في آخر باب المدبر.
قوله (وتعتق في الموضعين).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي فيما عللوه به نظر لأن الاستيلاد كما أنه سبب للعتق بعد الموت كذلك النسب سبب للإرث فكما جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه لأنه مثله.
وقد قيل في وجه الفرق إن الحق وهو الحرية لغيرها فلا تسقط بفعلها بخلاف الإرث فإنه محض حقها وأورد عليه المدبرة يبطل تدبيرها إذا قتلت سيدها وإن كان الحق لغيرها وأجيب بضعف السبب في المدبرة.
قوله (ولا حد على قاذفها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه عليه الحد وعنه عليه الحد إن كان لها بن لأنه أراده.
قال الزركشي وينبغي إجراء الروايتين فيما إذا كان لها زوج حر وكذلك ينبغي إجراؤهما في الأمة القن.
500

ونظير ذلك لو قذف أمه أو ذمية لها بن أو زوج مسلمان فهل يحد على روايتين ذكرهما المجد وغيره.
وينبغي أن يقيد الابن والزوج بأن يكونا حرين انتهى.
قوله (وإذا أسلمت أم ولد الكافر أو مدبرته منع من غشيانها وحيل بينه وبينها) بلا نزاع.
ومقتضى ذلك أن ملكه باق عليهما وأنهما لم يعتقا.
أما في أم الولد فهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المختار لأبي بكر والقاضي وأبى الخطاب والشريف والشيرازي وغيرهم.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
قال بن منجا هذا المذهب.
وقدمه في المذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه تعتق في الحال بمجرد إسلامها نقلها مهنا قاله المصنف في الكافي.
قال الزركشي ولا أعلم له سلفا في ذلك.
وعنه أنها تستسعى في حياته وتعتق نقلها مهنا قاله القاضي ولم يثبتها أبو بكر فقال أظن أن أبا عبد الله أطلق ذلك لمهنا على سبيل المناظرة للوقت.
وأما المدبرة فحكمها حكم المدبر إذا أسلم وقد ذكره المصنف في باب التدبير وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فليراجع.
وظاهر كلام المصنف أن رواية الاستسعاء عائدة إلى أم الولد والمدبرة.
والمنقول أنها في أم الولد وحملها بن منجا على ظاهرها وجعلها على القول بعدم جواز بيع المدبرة.
501

قوله (وأجبر على نفقتها إن لم يكن لها كسب).
هذا المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال المصنف والصحيح أن نفقتها على سيدها والكسب له يصنع به ما شاء وعليه نفقتها على التمام سواء كان لها كسب أو لم يكن وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي قاله الزركشي.
قلت وهو الصواب.
وعنه لا تلزمه نفقتها بحال وتستسعى في قيمتها ثم تعتق كما تقدم.
وذكر القاضي أن نفقتها في كبسها والفاضل منه لسيدها.
فإن عجز كبسها عن نفقتها فهل يلزم السيد تمام نفقتها على روايتين وتبع القاضي جماعة من الأصحاب.
قوله (وإذا وطئ أحد الشريكين الجارية فأولدها صارت أم ولد له وولده حر وعليه قيمة نصيب شريكه).
لا يلزمه إلا قيمة نصيب الشريك فقط على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه يلزمه مع ذلك نصف مهرها.
وعنه يلزمه مع نصف المهر نصف قيمة الولد.
وقال القاضي إن وضعته بعد التقويم فلا شيء فيه لأنها وضعته في ملكه وإن وضعته قبل ذلك فالروايتان واختار اللزوم قاله الزركشي.
502

قوله (وإن كان معسرا كان في ذمته).
هذا المذهب نص عليه واختاره الخرقي وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح وغيرهم.
وعند القاضي في الجامع الصغير وأبى الخطاب في الهداية إن كان معسرا لم يسر استيلاده فلا يقوم عليه نصيب شريكه بل يصير نصفها أم ولد ونصفها قن باق على ملك الشريك.
فعلى هذا القول هل ولده حر أو نصفه فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه حر كله.
ثم وجدت الزركشي قال ذلك قال بن رزين في شرحه وهو أصح قوله (فإن وطئها الثاني بعد ذلك فأولدها فعليه مهرها فإن كان عالما فولده رقيق وإن جهل إيلاد شريكه أو أنها صارت أم ولد له فولده حر وعليه فداؤه يوم الولادة ذكره الخرقي).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وهذا مبني على الصحيح من المذهب في المسألة التي قبلها.
وعلى قول القاضي وأبى الخطاب تكون أم ولد لهما من مات منهما عتق حقه ويتكمل عتقها بموت الآخر.
وتقدم في باب الكتابة ما يشابه ذلك في قول المصنف وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها وما يشابهها أيضا ما إذا كاتب حصته وأعتق الشريك قبل أدائه فليراجع.
قوله (وإن أعتق أحدهما نصيبه بعد ذلك).
503

يعني بعد حكمنا بأنها صارت أم ولد لهما على قول القاضي وأبى الخطاب.
(وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه على وجهين).
أحدهما يقوم عليه وهو المذهب.
قال في الفروع مضمونا عليه على الأصح.
قال المصنف والشارح وهو أولى وأصح إن شاء الله تعالى.
قال بن منجا في شرحه وهو أصح وأقوى.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني لا يقوم عليه بل يعتق مجانا.
وقيل لا يعتق إلا ما أعتقه ولا يسرى إلى نصيب شريكه والله سبحانه وتعالى أعلم.
قد تم بحمد الله وحسن توفيقه ومعونته، الطبع الجزء السابع من كتاب الإنصاف، وبعد أن فرغ الجزء الثالث من الأصل المخطوط بخط المصنف يسر الله تعالى وأعان على العثور على نسخة قيمة جدا مكتوبة في حياة المصنف، على النسخة التي بخط المصنف، وقد ساعد على تصويرها الأخ الصالح خادم العلم وطلبته الأستاذ الحاج فؤاد السيد، أمين قسم المخطوطات بدار الكتب المصرية بارك الله فيه، وأدام توفيقه.
ويليه إن شاء الله الجزء الثامن، وأوله " كتاب النكاح " والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على إمام المهتدين وخاتم المرسلين محمد وعلى آله أجمعين.
في يوم الاثنين 15 رمضان سنة 1376 ه‍ - 15 إبريل سنة 157 م.
قاله
فقير عفو الله ورحمته
محمد حامد الفقي
504