الكتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق
المؤلف: الذهبي
الجزء: ١
الوفاة: ٧٤٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: مصطفى أبو الغيط عبد الحي عجيب
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٢١ - ٢٠٠٠م
المطبعة: الرياض - دار الوطن
الناشر: دار الوطن
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله - عز وجل - والصلاة على نبيه أبي القاسم الكبير المحل، هذا
تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق بنكت أولها: قلت، ومضمون الكتاب
الأحاديث الخلافيات.
الطهارة
1 - مسألة:
الطهور هو المطهر، وقال الحنفية: هو بمعنى الطاهر فهو لازم.
(خ) من حديث يزيد الفقير، عن جابر مرفوعا: ' أعطيت خمسا لم
يعطهن أحد قبلي... ' ومنها: ' جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا '.
(م) من حديث أبي هريرة: ' فضلت على الأنبياء بست ' فذكر:
' وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا '.
(م) من حديث أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعا:
' فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا [كصفوف] الملائكة، وجعلت لنا
الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها طهورا إذا لم نجد الماء '.
فلو أراد طاهرا لم يكن في ذلك فضيلة؛ لأنها طاهرة في حق كل الأنبياء.
(ت س) مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة - من
آل
11

الأزرق - أن المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: ' سأل رجل رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من
ماء البحر؟ فقال رسول الله: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته '.
صححه (ت).
أحمد، أخبرنا أبو القاسم بن أبي الزناد، أخبرني إسحاق بن حازم، عن
عبيد الله بن مقسم، عن جابر مرفوعا في البحر: ' هو الطهور ماؤه، الحل ميتته '.
وفي الباب عن أبي بكر، وعلي، وابن عباس، وغيرهم.
وأبو القاسم: صدوق.
2 - مسألة:
القلتين.
لنا حديث ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن
عبد الله بن عمر، عن ابن عمر: ' سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يسأل عن الماء
يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب فقال: إذا كان الماء قلتين
لم يحمل الخبث '.
رواه أحمد في ' مسنده ' والترمذي، وغيرهما، من حديث عبدة بن
سليمان، عنه.
وفي ' مسند عبد ': ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن
جعفر بن الزبير، عن (عبيد الله)، عن أبيه مثله.
12

تابعه جماعة عن أبي أسامة.
وقال جماعة: ثنا أبو أسامة، نا الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن
عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه.
قال الدارقطني: فالقولان صحيحان عن أبي أسامة.
قال عبد الحق: المحمدان ثقتان.
وفي ' المسند ' نا وكيع، نا حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر /، [ق 2 - ب] عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه مرفوعا: ' إذا كان الماء قلتين - أو ثلاثا - لم
ينجسه شيء '.
قال وكيع: القلة: الجرة.
عاصم: صالح.
ورواه الزعفراني، عن يزيد، عن حماد كذلك.
تابعهما هدبة وإبراهيم بن الحجاج، وكامل بن طلحة مثله، فقالوا: ' قلتين -
أو ثلاثا '.
وقال عفان ويعقوب الحضرمي، والتبوذكي وعبيد الله بن موسى وآخرون،
عن حماد بإسناده: إذا كان الماء قلتين ' ولم يشكوا.
سويد، ثنا القاسم بن عبد الله العمري، عن ابن المنكدر، عن جابر مرفوعا:
إذا بلغ الماء أربعين قلة، فإنه لا يحمل الخبث '.
فهذا خير ساقط؛ لأن القاسم قال أحمد وغيره: كان يكذب.
وقد رواه الثقات عن ابن المنكدر، عن عبد الله بن عمرو قوله.
13

وروي عن أبي هريرة، قال: ' إذا كان الماء أربعين دلوا ' وقيل: ' أربعين
غربا.
وتمسك مالك وغيره بخبر: ' الماء طهور ' رواه الدارقطني من حديث
محمد بن موسى الحرشي - صدوق - ثنا فضيل بن سليمان - وفيه مقال - عن
أبي حازم، عن سهل مرفوعا: ' الماء لا ينجسه شيء '.
وهذا حديث منكر، لكن يأتي هذا بسند صحيح.
رشدين بن سعد - واه - نا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن
ثوبان: ' الماء طهور، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه '.
أخرجه الدارقطني.
وأخرجه من وجه آخر عن رشدين، فقال: عوض ' عن ثوبان ': ' عن
أبي أمامة '.
وقد رواه الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قوله.
أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن
عبيد الله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد ' قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر
بضاعة - وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن -؟ فقال: إن الماء
طهور، لا ينجسه شيء '.
أخرجه (ت) وكذا رواه (د) عن جماعة عن أبي أسامة، وله طرق
أخر واهية.
14

ويروى عن أحمد تصحيح خبر بئر بضاعة، وسنده حسن، وعبيد الله راويه
مقل جدا.
معمر، عن همام، عن أبي هريرة بخبر: ' لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم
يتوضأ منه ' (خ) وفي لفظ له: ' ثم يغتسل فيه ' و (م): ' ثم يغتسل منه '.
3 - مسألة:
تغير الماء.
هشام بن حسان، عن حفصة، عن أم عطية خبر: ' اغسلنها بماء وسدر '.
متفق عليه.
أحمد، نا العقدي، نا إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن
مجاهد، عن أم هانئ قالت: ' اغتسل النبي [صلى الله عليه وسلم] وميمونة من إناء واحد، قصعة
فيها أثر العجين '.
قلت: مجاهد لم يسمع من أم هانئ:
معمر، عن ابن طاوس، عن / المطلب بن عبد الله، عن أم هانئ قالت: [ق 3 - أ]
' جيء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بجفنة فيها ماء، فيها أثر العجين، فاغتسل '.
فيه انقطاع.
وقد روي الدارقطني ' أن أم هانئ كرهت أن يتوضأ بالماء الذي يبل فيه
الخبز ' ثم ما في خبر القصعة أن الماء تغير.
4 - مسألة:
المستعمل طاهر خلافا للحنفية.
15

نا وكيع، نا سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت النبي
[صلى الله عليه وسلم] بالأبطح، وهو في قبة له، فخرج بلال بفضل وضوئه، فبين ناضح ونائل '.
شعبة، عن الحكم، سمع أبا جحيفة يقول: ' توضأ رسولث الله [صلى الله عليه وسلم]، فجعل
الناس يأخذون فضل وضوئه ويتمسحون به '.
متفق عليه.
قلت: كلاهما لم يدلا على المسألة.
5 - مسألة:
فضل المرأة.
شعبة، عن عاصم الأحول، سمعت أبا حاجب يحدث عن الحكم بن عمرو
الغفاري ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة '.
حسنه (ت) وأبو حاجب سوادة بن عاصم: صالح الحديث.
أحمد، نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، نا زهير، عن داود بن عبد الله
الأودي، عن حميد الحميري، عن صحابي، قال رسول الله: ' لا يغتسل الرجل
من فضل امرأته، ولا تغتسل بفضله '.
قلت: منكر، وزهير هو ابن محمد فيه شيء، وقيل: بل زهير هو ابن
معاوية الجعفي أحد الثقات الأثبات.
عبد العزيز بن المختار، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن
يشرعان جميعا '.
16

سنده جيد؛ قد أخرجه ابن ماجة، لكن المحفوظ لعاصم حديثه عن أبي
حاجب كما مر مختصرا، ثم لا نعلم أحدا كره للمرأة أن تتوضأ بفضل الرجل.
وحجه من ترخص في الأمرين:
الثوري وأبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن امرأة
من أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] اغتسلت من جنابة، فاغتسل النبي [صلى الله عليه وسلم] أو توضأ من فضلها '.
وفي لفظ: ' من جفنة '.
ولفظ أحمد عن عبد الرزاق، عن الثوري سماعا: ' فجاء النبي [صلى الله عليه وسلم]
يتوضأ من فضلها، فقالت: إني اغتسلت منه. فقال: إن الماء لا ينجسه شيء '.
أحمد، نا أبو النضر، نا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن
عباس، عن ميمونة: ' أجنبت أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاغتسلت من جفنة، ففضلت
فضلة، فجاء رسول الله ليغتسل منها، فقلت: إني قد اغتسلت [منها]. قال:
إن الماء أوليس
عليه جنابة - أو لا ينجسه شيء - فاغتسل منه '.
أخرجه (عو) وصححه (ت).
6 - / مسألة:
يجوز عند الحنفية إزالة النجاسة بالمائعات.
17

عكرمة بن عمار، ثنا إسحاق بن عبد الله، عن أنس عمه قال: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قاعدا في المسجد، فبال أعرابي في المسجد، فقال رسول الله
لرجل: قم فائتنا بدلو من الماء (فسنه) عليه. فأتى بدلو (فسنه) عليه '.
سنده حسن، لكنه لا يدل.
هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء: ' أتت امرأة رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فقالت: يا رسول الله، المرأة يصيبها من دم حيضتها، فقال: لتحته ثم لتقرصه
بماء، ثم لتصل فيه '.
صحيح.
7 - مسألة:
الوضوء بالنبيذ جائز عند أبي حنيفة.
صحح الترمذي من حديث الثوري، عن خالد، عن أبي قلابة، عن عمرو بن
بجدان، عن أبي ذر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الصعيد الطيب طهور المسلم،
وإن لم يجد الماء عشر سنين ' رواه (د ت س).
وحجتهم: ' المسند ' نا عبد الرزاق، نا سفيان، عن أبي فزارة العبسي،
ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن [مسعود قال: ' لما] كان ليلة الجن
قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: أمعك ماء؟. قلت: أوليس
معي ماء، ولكن مع إداوة فيها نبيذ.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: تمرة طيبة، وماء طهور '.
18

ورواه أحمد، عن يحيى بن زكريا، عن إسرائيل، عن أبي فزارة، وزاد:
' فتوضأ منها، ثم صلى بنا '.
وأخرجه (د ت ق) من حديث شريك وغيره، عن أبي فزارة، وهو
صالح، لكن أبو زيد مجهول.
أحمد، نا يحيى بن إسحاق، أنا ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن
حنش الصنعاني، عن ابن عباس، عن ابن مسعود ' أنه كان مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلة
الجن، فقال: يا عبد الله، أمعك ماء؟. قال: معي نبيذ. قال: اصبب علي.
فتوضأ، وقال: يا عبد الله شراب وطهور '.
هذا ضعيف.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال له ليلة الجن: أمعك ماء؟ قال: لا. قال: معك نبيذ؟ قال. نعم.
فتوضأ به '.
لم يسمع أبو رافع من ابن مسعود.
أخرجه الدارقطني، وسنده مقارب، لكن أساء بإخراج حديث الحسين بن
عبيد الله العجلي - كذاب - نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن
عبد الله: ' كنت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلة الجن، فأتاهم... ' الحديث.
ثم ساقه من حديث محمد بن عيسى المدائني - واه - نا الحسن بن قتيبة -
19

واه - نا يونس، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: ' مر بي النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: خذ معك إداوة من ماء. ثم انطلق وأنا معه، فلما
فرغت عليه من الإداوة [ق 4 - أ] / إذا هو نبيذ، فقلت: يا رسول الله، أخطأت بالنبيذ.
فقال: تمرة حلوة، وماء عذب '.
وخرج الدارقطني عن الصواف، عن إسحاق بن أبي حسان، عن
(هشام) بن خالد الأزرق، ثنا الوليد، ثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن
جده أبي سلام، عن فلان بن غيلان، الثقفي أنه سمع ابن مسعود يقول: ' دعاني
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة الجن بوضوء، فجئته بإداوة، فإذا فيها نبيذ، فتوضأ '.
سنده نظيف، وفلان لا يعرف.
وخرج للمسيب بن واضح - وفيه ضعف - ثنا مبشر، عن الأوزاعي، عن
يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: ' النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء '.
هذا منكر.
ويروى عن أبان - وهو تالف - عن عكرمة نحوه.
ومما يوهي الخبر؛ أن في الصحيح عن ابن مسعود ' أنه سئل: أكنت مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة الجن؟ قال: لا '.
وعن الحارث الأعور، عن علي جواز الوضوء بالنبيذ.
20

8 - مسألة:
الماء المشمس.
الهيثم بن عدي، وخالد بن إسماعيل - واللفظ له، وهما متهمان - عن
هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ' أسخنت ماء في الشمس، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
لا تفعلي يا حميراء؛ فإنه يورث البرص '.
عمرو بن محمد الأعسم - واه، وكذبه ابن حبان - ثنا فليح، عن الزهري،
عن عروة، عن عائشة: نهى رسول الله أن يتوضأ بالماء المشمس، وقال: إنه يورث
البرص '.
وعن وهب بن وهب - متهم عن هشام به مثله.
ويروى عن علي بن هشام الكوفي، ثنا سوادة - مجهول - عن أنس مرفوعا:
لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس؛ فإنه يعدي من البرص '.
9 - مسألة:
ما لا نفس له سائلة:
(خ) من حديث إسماعيل بن جعفر، عن عتبة بن مسلم، عن عبيد بن
حنين، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه... '
الحديث. تفرد به (خ).
وخرج الدارقطني لبقية، نا سعيد بن أبي سعيد الزبيدي - ضعفه
الدارقطني - عن بشر بن منصور، عن ابن جدعان، عن ابن المسيب، عن
سلمان، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يا سلمان، كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس
لها دم، فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوء '.
21

وهذا خبر واه لأمور.
10 - مسألة:
أسئار السباع:
على روايتين لأحمد: إحداهما طاهرة، كقول مالك والشافعي؛ لقوله [صلى الله عليه وسلم]:
' الماء طهور، لا ينجسه شيء '.
وروي عن أيوب بن خالد الحراني - وهو منكر الحديث - عن محمد بن
علوان - وليس بعمدة - عن نافع، عن ابن عمر، قال: ' خرج رسول الله [ق 4 - ب] / [صلى الله عليه وسلم]
في بعض أسفاره، فسار ليلا، فمروا على رجل جالس عند مقراة له، فقال عمر:
يا صاحب المقراة، أولغت السباع في مقراتك؟ فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: يا صاحب
المقراة، لا تخبره، هذا تكلف، لها ما حملت في بطونها، ولنا ما بقي شراب
وطهور '.
وهذا لم يصح.
ابن وهب، ثنا عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة،
' سئل رسول الله عن الحياض تكون فيما بين مكة والمدينة، فقيل له: إن الكلاب
والسباع ترد عليها، فقال: لها ما أخذت في بطونها، ولنا ما بقي شراب
وطهور '.
عبد الرحمن ضعفوه.
الشافعي، أنا سعيد بن سالم، عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن
أبيه، عن جابر، قيل: ' يا رسول الله، أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: وبما أفضلت
السباع '.
ابن أبي حبيبة - هو إبراهيم، واه - وتابعه إبراهيم بن أبي يحيى، وهو
22

(ضعيف). وداود له مناكير، وأبوه مجهول.
11 - مسألة:
البغل والحمار وجوارح الطير نجس خلافا لمالك والشافعي.
لحديث جابر ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية،
ورخص في الخيل ' أخرجه (خ).
وأيوب، عن محمد، عن أنس قال: ' أتانا منادي رسول الله فقال: إن
الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر؛ فإنها رجس '.
أخرجه (خ س ق).
وعن جويبر - وهو متروك - عن الضحاك، عن ابن عباس: ' كنت ردف
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على حمار له، فأصاب ثوبي من عرقه، فأمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن
أغسله '.
12 - مسألة:
الكلب والخنزير وسؤرهما نجس.
لخبر أبي هريرة أن رسول الله قال: ' إذا شرب الكلب في إناء أحدكم
فليغسله سبعا '.
متفق عليه.
23

ولمسلم: ' إذا ولغ ' وزاد: ' أولاهن بالتراب '.
إسماعيل بن الخليل، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي صالح
وأبي رزين، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه
وليغسله سبع مرات '.
أخرجه الدارقطني، وقوى سنده.
(خ) شعبة، عن أبي التياح، عن مطرف، عن عبد الله بن مغفل، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه قال في الإناء إذا ولغ فيه الكلب اغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة
في التراب ' (خ).
الجارود - واه - عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي
مرفوعا: ' إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مرات إحداهن
بالبطحاء '.
13 - مسألة:
وجوب [ق 5 - أ] / السبع خلافا للحنفية.
واحتجوا بخبر لعبد الوهاب بن الضحاك - متروك - ثنا إسماعيل بن
عياش، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' في الكلب يلغ في الإناء، أنه يغسله ثلاثا، أو خمسا أو سبعا '.
ضعفه الدارقطني، وقال: روى عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة
24

قوله: ' يغسله ثلاثا ' والصحيح سبع مرات.
14 - مسألة:
يجب غسل النجاسة سبعا.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا
وذكروا: حديث أيوب بن جابر، عن عبد الله بن عصمة، عن ابن
عمر قال: ' كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبعا، والغسل من
البول سبع مرار، فلم يزل [صلى الله عليه وسلم] يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا، والغسل من
الجنابة ومن البول مرة '.
ابن عصمة واه، وأيوب فيه ضعف، وقيل: أيوب أضعف من ابن
عصمة.
15 - مسألة:
غسالة النجاسة إذا انفصلت بعد طهارة المحل غير متغيرة، فهي طاهرة،
وكذلك البول على الأرض إذا كوثر بالماء ولم يتغير الماء. وهو قول مالك
والشافعي، وقال أبو حنيفة: نجس.
لنا حديث الأعرابي: ' صبوا على بوله ذنوبا من ماء '.
ثم لو كان لم يطهر المكان لكان آمرا بزيادة تنجيس المسجد.
فذكر جرير بن حازم، سمع عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن معقل بن
مقرن قال: ' قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد، فبال فيها، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء '.
25

وهذا مرسل غريب، يعارضه ما في ' الصحيحين '.
أبو هشام الرفاعي، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا سمعان بن مالك، عن أبي وائل،
عن عبد الله: ' جاء أعرابي فبال في المسجد، فأمر رسول الله بمكانه فاحتفر، وصب
عليه دلو من ماء '.
قال أبو زرعة: هذا منكر، وسمعان أوليس
بالقوي.
قلت: وأبو هشام ذو مناكير.
عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس،
بالحديث، وفيه: ' احفروا مكانه '.
قال الدارقطني: وهم عبد الجبار على سفيان؛ فإن الحفاظ من أصحاب ابن
عيينة إنما رووه عنه، عن عمرو بن دينار، عن طاوس مرسلا.
16 - مسألة:
سؤر الهرة.
كرهه أبو حنيفة.
ولنا: حديث مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت
عبيد بن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة -
' أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها
الإناء حتى شربت، قالت: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت:
نعم. فقال: إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 5 - ب] / قال: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين
عليكم والطوافات '.
26

أخرجه (عو) وصححه (ت).
تفرد به مالك.
وروى الدارقطني، عن المحاملي، عن أبي حاتم، ثنا محمد بن عبد الله
ابن أبي جعفر الرازي، ثنا سليمان بن مسافع الحجبي، عن منصور بن صفية، عن
أمه، عن عائشة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل
البيت ' يعني الهرة.
غريب، وسليمان لا أعرفه.
وقال الواقدي: ثنا عبد الحميد بن عمران، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه كان يصغي إلى الهرة الإناء حتى تشرب، ثم يتوضأ بفضلها '.
الواقدي ترك.
واحتجوا ' ب ' الترمذي.
ثنا سوار بن عبد الله، نا المعتمر، سمع أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' يغسل الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات، وإذا ولغت الهر غسل
مرة '.
27

قلت: يعلق ابن الجوزي على هذا بأن الثوري قال: سوار أوليس
بشيء.
وهذا وهم فاحش؛ فإن كلام سفيان في جد شيخ الترمذي.
وهذا الخبر رواته ثقات، لكن علته أن مسددا رواه عن معتمر، فوقفه.
رواه عنه (د).
أبو عاصم النبيل، ثنا قرة، عن محمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' طهور الإناء إذا ولغ فيه الكلب يغسل سبع مرار؛ الأولى بالتراب، والهر مرة
أو مرتين ' قرة شك.
قال الدارقطني: وقفه غير النبيل.
وثنا علي بن محمد، ثنا روح بن الفرج، نا سعيد بن عفير، ثنا يحيى بن
أيوب، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب '.
هذا الإسناد نظيف، لكن قال الدارقطني: لا يصح، فلعله وهاه من جهة
يحيى؛ فإنه قد ضعف، وإن كان من رجال ' الصحيحين '.
وكيع، نا عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة ' أن رسول الله
ذكر الهر، فقال: هي سبع '.
28

عيسى، قال ابن معين: أوليس
بشيء.
قلت: يمكن الجمع بين الأحاديث بأن الغسل على الندب.
17 - مسألة:
جلود الميتة.
قال أبو حنيفة والشافعي: تطهر بالدباغ.
ولنا: أحمد، ثنا خلف بن الوليد، نا عباد بن عباد، نا خالد الحذاء، عن
الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم قال: ' أتانا كتاب رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] وأنا غلام شاب قبل موته بشهر أو شهرين: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا
عصب '.
ابن علية، نا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن جلود السباع '.
ولهم:
أحمد، ثنا محمد بن مصعب، نا الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله،
عن ابن عباس: ' مر رسول الله بشاة ميتة، فقال: ألا استمتعتم بجلدها. قالوا:
يا رسول الله، إنها ميتة! قال: إنما حرم أكلها '.
[ق 6 - أ] / متفق عليه من وجوه عن الزهري.
الدارقطني، ثنا ابن زياد، ثنا إبراهيم بن هانئ، ثنا عمرو بن الربيع، ثنا
يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، وفيه: إنما
حرم أكلها، أو أوليس
في الماء والقرظ ما يطهرها '.
29

قلت: هذا مما انفرد به يحيى، وقد لين.
قال: وأنا المحاملي، نا أبو عتبة الحمصي، نا بقية، حدثني الزبيدي، عن
الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر بشاة قد نفقت، فقال:
ألا استمتعتم بجلدها. قالوا: إنها ميتة! قال: إن دباغها ذكاتها '.
وثنا ابن صاعد، ثنا أحمد المقدمي، ثنا محمد بن كثير العبدي، ثنا سليمان
بن كثير، نا الزهري بالخبر، وفيه قال: ' دباغ إهابها طهورها '. ثم ساق من
حديث إسحاق بن راشد، عن الزهري مثله، وفيه: ' إنما حرم عليكم لحمها،
ورخص لكم في مسكها '.
ثم قال الدارقطني: هذه أسانيد صحاح.
زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقول: ' أيما إهاب دبغ فقد طهر '.
أخرجه (م).
ورواه فليح، عن زيد، عن عبد الرحمن بن وعلة، عن ابن عباس مرفوعا:
' دباغ كل إهاب طهوره ' لفظ الدارقطني.
وفي ' المسند ' من حديث قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن
سلمة بن المحبق ' أنه كان مع رسول الله في غزوة تبوك، فأتى على بيت قدامه قربة
معلقة، قال: ألشراب؟ فقيل: إنها ميتة. قال: ذكاتها دباغها '.
وأخرجه (س).
قال أحمد: جون لا يعرف.
30

حفص بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن
عمر، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' أيما إهاب دبغ فقد طهر '.
أخرجه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري؛ نا محمد بن عقيل بن خويلد
عنه، وقال: إسناده حسن.
الدارقطني، ثنا ابن مخلد، نا إبراهيم بن الهيثم، نا علي بن عياش، ثنا
محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' طهور كل أديم دباغه '.
قال: إسناده ثقات.
قلت: ابن الهيثم أوليس
بحجة، والمحفوظ لزيد حديثه عن ابن وعلة.
المسند، ثنا إسحاق بن عيسى، أنا مالك، عن يزيد بن قسيط، عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أمه، عن عائشة ' أن رسول الله أمر أن ينتفع
بجلود الميتة إذا دبغت '.
لم يتعرض ابن الجوزي إلى الأحاديث، بل قال: أصحابنا يقولون: حديثنا
متأخر، يعني فهو ناسخ.
18 - مسألة:
صوف الميتة وشعرها طاهر خلافا للشافعي.
ولنا حديث: ' إنما حرم أكلها '.
متفق عليه.
وللدارقطني من حديث الوليد بن مسلم، عن أخيه عبد الجبار، عن
31

الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس مرفوعا: ' إنما حرم من الميتة [ق 6 - أ] / أكلها، فأما
الجلد والشعر والصوف فلا بأس به '.
ضعف الدارقطني عبد الجبار.
زافر بن سليمان، عن أبي بكر الهذلي، حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن
ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ألا كل شيء من الميتة حلال، إلا ما أكل منها،
فأما الجلد والشعر والصوف والسن والعظم، فكل هذا حلال، لأنه لا يذكى '.
قال الدارقطني: الهذلي متروك.
عثمان ابن بنت شرحبيل، ثنا يوسف بن السفر، ثنا الأوزاعي، عن
يحيى، عن أبي سلمة، عن أم سلمة، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا بأس
بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بصوفها وشعرها وقرنها إذا غسل بالماء '.
يوسف متهم.
- ولهم خبر في ' كامل بن عدي ' عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد،
نا أبي، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: ' ادفنوا الأظفار والدم والشعر؛ فإنه
ميتة '.
عبد الله واه.
19 - مسألة:
عظم الميتة نجس، خلافا لأبي حنيفة.
لنا: ' لا تنتفعوا من الميتة بشيء '.
ولهم: خبر يوسف بن السفر، وهو ساقط.
وخبر عبد الوارث بن سعيد، عن ابن جحادة، عن حميد الشامي، عن
32

سليمان المنبهي، عن ثوبان، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' اشتر لفاطمة قلادة من
عصب، وسوارين من عاج '.
فحميد وشيخه مجهولان.
وقال ابن قتيبة: أوليس
العاج هنا الذي تعرفه العامة؛ ذاك ميتة منهي عنه، إنما
هو الذبل، قاله الأصمعي.
20 - مسألة:
جلد ما لا يؤكل لا يطهر بالذبح خلافا لأبي حنيفة.
واحتج له ب: ' دباغ الأديم ذكاته '.
21 - مسألة:
بول ما يؤكل طاهر في رواية خلافا للشافعي.
ووافقنا أبو حنيفة في الحمام والعصافير.
لنا: البخاري ومسلم، من حديث أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس
' أن رهطا من عكل - أو قال: عرينة - قدموا المدينة، فأمر لهم النبي [صلى الله عليه وسلم] بلقاح،
وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها، فشربوا، حتى إذا برئوا قتلوا الراعي،
واستاقوا النعم، فبلغ النبي [صلى الله عليه وسلم] غدوة، فبعث الطلب في أثرهم، فما ارتفع النهار
حتى جيء بهم، فأمر بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وألقوا بالحرة
يستسقون فلا يسقون '. قال أبو قلابة: هؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا وحاربوا الله
ورسوله.
يحيى بن أبي بكير، ثنا سوار، عن مطرف بن طريف، عن أبي الجهم، عن
البراء مرفوعا: ' لا بأس ببول ما أكل لحمه '.
33

وسوار متروك [ق 7 - أ] / وقد رواه عبد الله بن رجاء عنه، فلم يقل ببوله، بل قال بسؤره.
وروى يحيى بن العلاء - وقد كذب - عن مطرف، عن محارب بن دثار،
عن جابر مرفوعا: ' ما أكل لحمه فلا بأس ببوله '.
22 - مسألة:
بول الغلام.
قال أبو حنيفة ومالك: يغسل.
ولنا: الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أم قيس بنت محصن قالت:
' دخلت بابن لي على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يأكل الطعام فبال، فدعا بماء فرشه '.
متفق عليه.
هشام، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' بول الغلام ينضح عليه، وبول الجارية يغسل '.
قال قتادة: هذا ما لم يطعما.
أخرجه أحمد.
وهيب، ثنا أيوب، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن
أم الفضل قالت: ' أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقلت: إني رأيت في منامي أن في بيتي - أو
حجري - عضوا من أعضائك. قال: تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فتكفلينه.
فولدت فاطمة (حسنا) فدفعه إليها، فأرضعته بلبن قثم، قالت: فأتيت به النبي
[صلى الله عليه وسلم] أزوره، فأخذه فوضعه على صدره، فبال فأصاب إزاره، فقلت: بيدي بين
كتفيه، فقال: أوجعت ابني أصلحك الله - أو قال: رحمك الله - فقلت: أعطني
34

إزارك أغسله. قال: إنما يغسل بول الجارية، ويصب على بول الغلام.
أخرجه أحمد.
وأخرج نحوه (د ق) من حديث أبي الأحوص، عن سماك، عن
قابوس بن أبي المخارق، عن أم الفضل. وتابعه علي بن صالح، عن سماك.
أحمد، نا أبو بكر الحنفي، نا أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب،
عن أم كرز الخزاعية، قالت: ' أتي النبي [صلى الله عليه وسلم] بغلام، فبال عليه، فأمر به فنضح،
وأتي بجارية، فبالت عليه، فأمر به فغسل '.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة.
23 - مسألة:
المني طاهر خلافا لأبي حنيفة.
مسلم من حديث حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن
الأسود، عن عائشة: ' كنت أفرك المني من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم يصلي فيه '.
عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عائشة: ' كان
رسول الله يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابسا
ثم يصلي فيه '.
أخرجه أحمد.
35

إسحاق الأزرق، ثنا شريك، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن
ابن عباس: ' سئل رسول الله عن المني يصيب الثوب، قال: إنما هو بمنزلة المخاط
والبزاق، يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة '.
تفرد برفعه الأزرق.
وذكروا حديثين:
أحدهما أنه [صلى الله عليه وسلم] قال لعائشة: ' إذا وجدت [ق 7 - ب] / المني رطبا فاغسليه، وإذا
وجدتيه يابسا فحتيه '.
وهذا لا شيء؛ لأنه بلا سند، والمعروف أنها كانت تفعل ذلك من غير أن
يأمرها.
كما روى الحميدي؛ ثنا بشر بن بكر، نا الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد،
عن عمرة، عن عائشة: ' كنت أفرك المني من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا كان يابسا،
وأغسله إذا كان رطبا '.
سنده قوي.
الأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال: ' ضاف عائشة ضيف، فأمرت له
بملحفة صفراء ينام فيها، فاحتلم، فاستحيا أن يرسل بها، فغمسها في الماء، ثم
أرسل بها، فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟! إنما كان يكفيه أن يفركه
بأصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بأصابعي '.
لفظ الترمذي، وصححه.
وكذا رواه منصور والحكم، عن إبراهيم، وقال حفص بن غياث، عن
الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، والأسود عنها.
أخرجه مسلم وغيره.
36

عمرو بن ميمون بن مهران، عن سليمان بن يسار، أخبرتني عائشة ' أنها
كانت تغسل المني من ثوب رسول الله، فيخرج فيصلي وأنا انظر إلى [البقع]
في ثوبه من أثر الغسل '.
متفق عليه، وغسلته للتنظف.
ثابت بن حماد - ضعفوه - عن ابن جدعان، عن ابن المسيب، عن
عمار: ' مر بي رسول الله، وقد تنخمت فأصابت نخامتي ثوبي، قال: فأقبلت
أغسل ثوبي، فقال لي: يا عمار، ما نخامتك ودموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في
ركوتك، إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء '.
رواه ابن عدي في ' كامله '.
24 - مسألة:
تخليل الخمر.
لا يجوز خلافا لأبي حنيفة.
لنا: مسلم من حديث الثوري، عن السدي، عن أبي هبيرة يحيى بن
عباد، عن أنس ' أن أبا طلحة سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن أيتام ورثوا خمرا، قال: أهرقها.
قال: أولا نجعلها خلا؟ قال: لا ' ز
وقال معتمر بن سليمان، عن ليث، عن يحيى بن عباد، عن أنس قال
أبو طلحة للنبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إني اشتريت لأيتام خمرا. فقال: أهرق الخمر، وكسر
الدنان. فأعاد ذلك عليه ثلاثا '.
37

أحمد، نا القطان، عن مجالد، حدثني أبو الوداك، عن أبي سعيد قال:
' قلنا لرسول الله لما حرمت الخمر: إن عندنا خمرا ليتيم لنا، فأمرنا فأهرقناها '.
مجالد ضعف.
فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن أم سلمة ' أنها كانت
لها شاة تحلبها، ففقدها النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: ما فعلت الشاة؟! قالوا: ماتت. قال: أفلا
انتفعتم بإهابها. فقلنا: إنها ميتة! فقال: إن [ق 8 - أ] / إن دباغها يحل كما يحل خل الخمر '.
خرجه الدارقطني، ووهى فرجا.
وذكروا بلا سند: ' خير خلكم خل خمركم '.
ومنها: ' يطهر الدباغ الجلد، كما تخلل الخمرة [فتطهر] '.
وهذا لا شيء.
25 - مسألة:
إناء الفضة.
قال أبو حنيفة: يجوز المطعم بكثير الفضة.
وقال الشافعي: يكره إن احتيج إليه، وإلا فيحرم.
لنا: ما خرج الدارقطني في ' كتابه ': ثنا الفاكهي، نا [ابن أبي مسرة]،
نا يحيى بن محمد الجاري، ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، عن أبيه،
عن ابن عمر، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من شرب في إناء ذهب أو فضة، أو إناء فيه
شيء من ذلك؛ فإنما يجرجر في بطنه نار جنهم '.
38

قلت: الجاري أوليس
بعمدة، ولا أدري من شيخه.
أحمد، ثنا محمد بن عبيد، ثنا داود الأودي، عن شهر، عن أسماء بنت
يزيد، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: لا يصلح من الذهب شيء، ولا (خربصيصة).
قلت: هي حقير الحلي، وداود ضعيف.
26 - مسألة:
لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها للحاجة، وفي البنيان رواية.
ومنع أبو حنيفة مطلقا، وأجاز داود مطلقا.
ففي ' الصحيحين ' للزهري، عن عطاء بن يزيد، سمع أبا أيوب يحدث
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا '.
وفي مسلم لسهيل، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا جلس أحدكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها '.
فحملناه على الصحراء؛ لأجل حديث محمد بن يحيى بن (حبان) عن
عمه واسع، عن ابن عمر قال: ' رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي [صلى الله عليه وسلم]
على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة '.
أخرجه الستة من حديث جماعة، وفي الباب عن أبي قتادة وعمار بن ياسر.
39

27 - مسألة:
وجوب الاستجمار.
وقال أبو حنيفة: مستحب، واختلف المالكية.
عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن مسلم بن قرط، عن عروة، عن
عائشة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا ذهب أحدكم لحاجته، فليستطب بثلاثة
أحجار، فإنها تجزئه '.
تابعه يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، أخرجه (د س) وصححه
الدارقطني.
زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس مرسلا: ' إذا قضى
أحدكم حاجته، فليستنج بثلاثة أعواد، أو ثلاثة أحجار، أو ثلاثة حثيات من
تراب '.
زمعة: فيه لين.
ورواه ابن عيينة، عن سلمة، عن طاوس قوله، ورواه كذاب، عن طاوس،
عن ابن عباس مرفوعا.
الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس ' أن رسول الله [ق 8 - ب] [صلى الله عليه وسلم]
مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستبرئ
من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة '.
متفق عليه.
صالح بن محمد الترمذي - ساقط - ثنا القاسم بن عباد الترمذي، ثنا صالح
40

ابن عبد الله الترمذي، عن أبي عامر، عن نوح بن أبي مريم، عن يزيد الهاشمي،
عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ' الدم مقدار الدرهم يغسل
وتعاد منه الصلاة '.
نوح أوليس
بثقة.
قال ابن حبان: هذا موضوع.
28 - مسألة:
وجوب الاستجمار ثلاثا.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب عدد.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم] من حديث عائشة: ' فليستطب بثلاثة أحجار '.
وخرج مسلم للأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن
سلمان ' وقال له بعض المشركين وهم يستهزئون: إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى
الخراءة. قال سلمان: أجل، أمرنا أن لا نستقبل القبلة، ولا نستنجي بأيماننا، ولا
نكتفي بدون ثلاثة أحجار، أوليس
فيها رجيع ولا عظم '.
ولهم أحمد، نا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة،
عن عبد الله قال: ' خرج النبي [صلى الله عليه وسلم] لحاجته، فقال: التمس لي ثلاثة أحجار. فأتيته
بحجرين [وروثة] فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: إنها ركس '.
(ت) فيه اضطراب، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
ثم لا دليل فيه، بالجواز أن يكون أخذ حجرا ثالثا بدل الروثة.
41

29 - مسألة:
لا يجوز الاستنجاء بالعظم والروث.
وقال أبو حنيفة ومالك: يجزئ.
لنا: (م) من حديث داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن
عبد الله، قال رسول الله: ' لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من
الجن '.
وللدارقطي من حديث يعقوب بن كاسب، ثنا سلمة بن رجاء، عن
الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
نهى أن يستنجى بروث أو بعظم وقال: إنهما لا يطهران '.
قال الدارقطني: إسناده صحيح.
قلت: ابن كاسب ذو مناكير، وسلمة ضعفه النسائي، ومشاه غيره.
42

الوضوء
30 - مسألة:
غسل اليدين.
واجب عندنا؛ لحديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله: ' إذا قام أحدكم من نوم الليل، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها
ثلاث مرات؛ فإنه لا يدري أين باتت يده '.
رواه (م) وفي الباب عن ابن عمر، وعائشة، وجابر.
31 - مسألة:
وجوب النية.
وقال أبو حنيفة: لا تجب [ق 9 - أ] إلا في التيمم.
وقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إنما الأعمال بالنيات '.
ولمسلم من حديث أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الطهور شطر الإيمان '.
أبو عتبة الحمصي، نا بقية، نا إسماعيل بن عبد الله، عن إياس، عن أنس
مرفوعا: ' لا يقبل الله قولا إلا بعمل، ولا يقبل قولا وعملا إلا بنية، ولا يقبل قولا
وعملا ونية إلا بإصابة السنة '.
قلت: هذا خبر منكر، وسنده مظلم، وأبو عتبة واه.
وذكروا (م) من حديث المقبري، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة
43

' قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه عند الغسل من الجنابة؟
فقال: إنما يكفيك ثلاث حفنات تصبينها على رأسك '.
فهذ جواب لسؤالها عن حل شعرها.
32 - مسألة:
وجوب التسمية.
في رواية (د ق) كثير بن زيد، حدثني ربيح بن عبد الرحمن بن
أبي سعيد، عن أبيه، عن جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا وضوء لمن لم يذكر
اسم الله عليه '.
تابعه أربعة عن ربيح (وربيح صويلح ما ضعف).
ابن أبي فديك، حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، سمع
رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، يقول: أخبرتني جدتي، عن أبيها
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم
الله عليه '. أبوها سعيد بن زيد.
بينة يزيد بن عياض - وهو واه - عن أبي ثفال.
رواه عبد الله بن أحمد في ' زيادات المسند ': ثنا شيبان، نا يزيد.
وأخرجه (ت) عن اثنين، عن بشر بن المفضل، عن ابن حرملة.
44

ويشهد له أحمد، وأبو داود؛ ثنا قتيبة، نا محمد بن موسى المخزومي،
عن يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا صلاة
لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه '.
سلمة لا يعرف.
الدارقطني، نا ابن صاعد، نا محمود بن محمد الظفري، نا أيوب بن
النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلى من لم يتوضأ '.
قلت: هذا منكر.
وقال الدارقطني؛ محمود بن محمد أوليس
بالقوي، فيه نظر.
قلت: أيوب من رجال ' الصحيحين ' صدوق، لا يحتمل مثل هذا أصلا،
فالآفة من محمود.
ثم ساق الدارقطني بسنده إلى مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبي بردة،
ثنا محمد بن أبان، عن أيوب بن عائذ، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: من توضأ [ق 9 - ب] / وذكر اسم الله تطهر جسده كله، ومن توضأ ولم
يذكر اسم الله، لم يتطهر إلا موضع الوضوء '.
قلت: [...].
سعيد في ' سننه ': ثنا عتاب، ثنا خصيف، قال: ' توضأ رجل عند
رسول الله ولم يسم، فقال: أعد وضوءك... ' الحديث، وهو منقطع.
45

قال الأثرم: سمعت أحمد يقول: أوليس
في هذا حديث يثبت، وأحسنها
حديث كثير بن زيد. وضعف حديث ابن حرملة، وقال: أرجو أن يجزئه الوضوء،
ولا آمر بالإعادة.
33 - مسألة:
المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين.
وقال أبو حنيفة: واجبان في الغسل.
وقال مالك والشافعي: لا.
لنا: عصام بن يوسف، نا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن سليمان بن
موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله قال: ' المضمضة
والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه '.
قال الدارقطني في ' سننه ': وهم فيه عصام، الصواب عن سليمان بن
موسى، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] منقطعا.
قلت: قال (خ): عند سليمان بن موسى مناكير.
وللدراقطني بسند إلى جابر الجعفي - وليس بشيء - عن عطاء، عن ابن
عباس مرفوعا: ' المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما '.
هدبة، نا حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة قال: ' أمر رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] بالمضمضة والاستنشاق '.
قال: لم يسنده عن حماد غير هدبة، والغير لم يذكر فيه أبا هريرة.
تناكد المؤلف فقال: الزيادة من الثقة مقبولة.
46

معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا توضأ أحدكم
فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينثر '.
وفي الباب عن ابن عباس وعثمان وسلمة بن قيس ووائل بن حجر وغيرهم
قالوا: روى أبو هريرة مرفوعا: ' من توضأ فليستنثر، من فعل فقد أحسن، ومن لا
فلا حرج '. قلنا: إنما احتججنا بقوله: ' فليستنشق ' والاستنثار لا يجب.
قلت: صح أنه [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من توضأ فليستنثر '.
وقد احتج من لا يعي بحديث باطل عن أبي هريرة، مداره على بركة الحلبي
الكذاب ' أنه [صلى الله عليه وسلم] جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة '.
فذكروا عموم قوله لأم سلمة: ' إنما يكفيك ثلاث حثيات ' وحديثا أخرجه
الدارقطني لسويد، نا القاسم بن غصن، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء،
عن ابن عباس قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' المضمضة والاستنشاق سنة '.
وإسماعيل واه.
قلت: والقاسم [ق 10 - أ] / وسويد ضعيفان.
34 - مسألة:
وجوب غسل المرفق.
وقال زفر وابن داود: لا يجب.
ولنا: خبر القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جده، عن
جابر: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه '.
القاسم متروك.
47

35 - مسألة:
مسح الرأس واجب.
وقال أبو حنيفة: يجب مقدار الربع. وقال أبو عبد الله الشافعي: يجب
اليسير.
وذكروا ما في ' الصحيحين ' من حديث المغيرة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
توضأ، فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة '.
قلنا: لو جاز الاقتصار على الناصية لما مسح على العمامة.
36 - مسألة:
يستحب تثليث المسح.
وفي رواية: لا، كقول مالك وأبي حنيفة.
مسلم من حديث أبي وائل عن عثمان ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] توضأ ثلاثا
ثلاثا '.
والثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي حية، عن علي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] توضأ
ثلاثا ثلاثا '.
قال فيه الترمذي: هو أحسن شيء في الباب وأصح.
قال الخصم: ففي الصحيح عن عثمان أنه وصف وضوء رسول الله
ثلاثا ثلاثا ' وفيه: ' ومسح برأسه ' وما ذكر عددا، ثم قال: ' وغسل رجليه
ثلاثا '.
48

وعن علي، أنه صرح بالمسح مرة؛ فقال (ت): نا هناد وقتيبة، نا
أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي حية: ' رأيت عليا توضأ فغسل كفيه، ثم
تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة، ثم
غسل قدميه ثلاثا، ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
صححه (ت).
حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يمسح [رأسه] مرة واحدة ' أخرجه أحمد.
وروي نحوه من حديث معاذ والبراء بسنده وأبي عباس وعبد الله بن عمرو.
قلنا روى الدارقطني بسدنه عن عبد الله بن جعفر وشقيق وحمران وابن
دارة والبيلماني، كلهم عن عثمان ' أنه وصف وضوء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومسح
ثلاثا '.
أحمد، نا صفوان بن عيسى، عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم قال:
' دخلت على ابن دارة فقال: رأيت عثمان دعا بوضوء، فمضمض... ' الحديث.
وفيه: ' ومسح برأسه ثلاثا '.
وروى الدارقطني، عن عبد خير، عن علي ' أنه توضأ ومسح برأسه وأذنيه
ثلاثا ' وهو مرفوع.
قلت: الكل لا يصح.
أحمد، نا مروان بن معاوية، نا ربيعة بن عتبة، عن المنهال بن عمرو، عن
49

زر قال: مسح علي رأسه في الوضوء حتى أراد أن يقطر، وقال: هكذا رأيت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يتوضأ '.
أحمد، نا علي بن بحر، نا الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء،
عن أبي الأزهر [ق 10 - ب] / عن معاوية ' أنه ذكر لهم وضوء رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وأنه مسح رأسه
بغرفة من ماء حتى قطر الماء من رأسه - أو كاد يقطر '.
37 - مسألة:
الأذنان من الرأس. وقال الشافعي: لا. وسن لهما ماء جديدا.
أحمد، نا يحيى بن إسحاق، نا حماد، عن سنان بن ربيعة، عن
شهر، عن أبي أمامة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الأذنان من الرأس '.
فيه سنان، أوليس
بحجة كشهر.
وقيل: الأصح وقفه.
الدارقطني ليحيى بن العريان، نا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد،
عن [نافع]، عن ابن عمر مرفوعا: ' الأذنان من الرأس '.
قال الدارقطني: وهم، والصواب موقوف.
أبو كامل الجحدري، حدثنا غندر، عن ابن جرير، عن عطاء، عن ابن
عباس، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الأذنان من الرأس '.
رواه الدارقطني، وقال: تفرد به أبو كامل، وهو وهم، وتابعه الربيع بن
50

بدر - وهو متروك - والصواب: ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن رسول الله
مرسلا.
قال المؤلف: رفعهما زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة.
قلت: هذا كلام من لا شم العلل.
وذكر الدارقطني من حديث علي بن عاصم، عن ابن جريج، عن
سليمان بن موسى، عن أبي هريرة مرفوعا: ' الأذنان من الرأس '.
قال: وهم علي في قوله: عن أبي هريرة.
قلت: وعلي واه.
الدارقطني، ثنا علي بن الفضل البلخي، ثنا حماد بن محمد بن حفص،
ثنا محمد بن الأزهر الجوزجاني، ثنا الفضل السيناني، عن ابن جريج، عن سليمان
ابن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
الأذنان من الرأس '.
قال الدارقطني: المرسل أصح.
الدارقطني، من حديث جابر الجعفي، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا:
' الأذنان من الرأس '.
وروي عن عطاء مرسلا.
(ت) نا قتيبة، نا بكر بن مضر، عن ابن عجلان، عن عبد الله بن محمد
ابن عقيل، عن الربيع بنت معوذ ' أنها رأت النبي [صلى الله عليه وسلم] يتوضأ، قالت: فمسح رأسه
وصدغيه وأذنيه مرة واحدة '.
51

قالوا: روى ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أخذ ماء جديدا لأذنيه '.
قلنا: هو أولى، والآخر جائز.
38 - مسألة:
مسح العمامة خلافا لجماعة.
قد مر من حديث المغيرة ' أنه [صلى الله عليه وسلم] توضأ فمسح بناصيته ومسح على
العمامة '.
ولمسلم من حديث الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن
عجرة، عن بلال: ' مسح رسول الله على الخفين والخمار '.
أحمد، ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا محمد بن راشد، ثنا مكحول،
عن نعيم بن (حمار) عن بلال، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: امسحوا على الخفين
والخمار '.
الليث، عن معاوية بن صالح، عن عتبة أبي أمية [ق 11 - أ] / عن أبي سلام الأسود، عن
ثوبان: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] توضأ ومسح على الخفين وعلى الخمار '.
أحمد، نا عبد الصمد، نا داود بن الفرات، نا محمد بن زيد، عن أبي
شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال: ' كنت مع سلمان، فرأى رجلا
قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه، فأمره سلمان أن يمسح على خفيه وعلى
عمامته، وقال: رأيت رسول الله يمسح على خفيه وعلى خماره '.
52

أحمد، نا أبو المغيرة، نا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة،
عن جفعر بن عمرو بن أمية، عن أبيه قال: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يمسح على الخفين
والعمامة '.
فالمسح على العمامة مذهب أبي بكر، وعمر، وعلي، وسعد، وابن عوف.
وسلمان، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وأنس.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: المسح على العمامة قد روي من
خمسة أوجه، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قلت: فإذا مسح عليها ثم خلعها أعاد وضوءه؟
قال: نعم.
39 - مسألة: غسل الرجلين.
وقال ابن جرير بالمسح.
ففي ' الصحيحين ' من حديث أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن ابن
[عمرو]، قال: ' تخلف عنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفرة، فأدركنا وقد أرهقتنا
الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته مرتين أو ثلاثا:
ويل للأعقاب من النار '.
وفي ' الصحيحين ' من حديث محمد بن زياد، عن أبي هريرة ' أنه مر
بقوم يتوضئون، فقال: أسبغوا الوضوء؛ فإني سمعت أبا القاسم [صلى الله عليه وسلم] وهو يقول:
ويل للأعقاب من النار '.
وفي الباب نحوه من حديث جابر وعائشة، وقد مر من حديث عثمان،
وعلي ' أنه عليه [صلى الله عليه وسلم] كان يغسل رجليه في الوضوء... '.
53

فذكروا حديث شعبة؛ حدثني يعلى، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس قال:
' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] توضأ ومسح على نعليه، ثم قام إلى الصلاة '.
ولفظ أبي داود: ' على نعليه وقدميه '.
قلنا: لعل نعليه عمت قدميه، فمسح عليهما كالخف.
قالوا: رواه هشيم عن يعلى، وفيه: ' توضأ ومسح على رجليه '.
قلنا: قال أحمد: لم يسمع هشيم هذا من يعلى.
قلت: وكان يدلس.
وقيل: المعنى مسح على رجليه، وهما في الخفين.
40 - مسألة:
وجوب الترتيب.
قال أبو حنيفة ومالك: بل يستحب.
ولنا أنه [صلى الله عليه وسلم] توضأ مرتبا، وداوم عليه.
ومر من حديث عكرمة بن عمار، ثنا شداد بن عبد الله [ق 11 - ب] / عن عمرو بن
عبسة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ما منكم أحد يقرب وضوءه، ثم يتمضمض
ويستنشق وينتثر، إلا خرت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء، ثم يغسل وجهه إلا
خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت
خطايا يديه من أطراف أنامله، ثم يمسح رأسه كما أمره الله، إلا خرت خطايا رأسه
من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرت
خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء '.
الدارقطني، نا علي بن محمد، نا يحيى بن عثمان، ثنا إسماعيل بن
مسلمة بن قعنب، ثنا عبد الله بن عرادة، عن زيد بن أبي الحواري، عن معاوية بن
قرة، عن عبيد بن عمير، عن أبي بن كعب ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دعا بماء، فتوضأ
54

مرة مرة، وقال: [هذه] وظيفة الوضوء [و] وضوء من لم (يتوضأ) لم
تقبل له صلاة. ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين
من الأجر. ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، وقال: هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي '.
زيد ضعيف، وابن عرادة قال (خ): منكر الحديث.
المسيب بن واضح، نا حفص بن ميسرة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر
قال: ' توضأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرة مرة، وقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة
إلا به. ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين.
ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، وقال: هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي '.
المسيب ضعف.
قالوا: روت الربيع بنت معوذ ' أن رسول الله مسح رأسه بما فضل من وضوئه '.
قلنا: إنما هو أحمد، نا وكيع، نا سفيان، عن ابن عقيل، حدثتني
الربيع، قالت: ' كان رسول الله يأتينا فيكثر، فأتانا فوضعنا له الميضأة فتوضأ:
فغسل كفيه ثلاثا، ومضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ومسح رأسه بما
بقي في يديه من وضوئه، وغسل رجليه '.
ورووا عن ابن عباس ما لا يصح ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] غسل وجهه، ثم يديه، ثم
رجليه، ثم مسح برأسه.
ورووا عن علي أنه قال: ' ما أبالي بأي أعضائي بدأت '.
41 - مسألة
الموالاة.
قال أبو حنيفة: ليست شرطا.
55

قد ذكرنا حديث أبي، وابن عمر.
أحمد، نا موسى بن داود، نا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، أن
عمر أخبره ' أنه رأى رجلا توضأ، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه، فأبصره النبي
[صلى الله عليه وسلم] فقال: ارجع فأحسن وضوءك. فرجع فتوضأ ثم صلى '.
(ق) عن حرملة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، وفيه: ' فأمره أن يعيد
الوضوء والصلاة '.
[ق 12 - أ] / بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن بعض (أزواج) النبي [صلى الله عليه وسلم]
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها
الماء، فأمره أن يعيد الوضوء '.
رواه أحمد في ' مسنده ' عن إبراهيم بن أبي العباس، عنه.
الدارقطني، نا النيسابوري، نا ابن أخي ابن وهب، نا عمي، نا جرير أنه
سمع قتادة، نا أنس ' أن رجلا جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد توضأ وترك على قدمه مثل
الظفر، فقال له رسول الله: ارجع فأحسن وضوءك '.
قال الدارقطني: تفرد به جرير، وهو ثقة.
وروي عن الوازع بن نافع - وهو واه - وفيه: فأتم وضوءك '.
42 - مسألة:
قال داود: يجوز للجنب والحائض مس المصحف.
الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن سلميان بن داود، نا الزهري،
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده ' أن رسول الله كتب
إلى أهل اليمن كتابا فيه: ' لا يمس القرآن إلا طاهر '.
56

43 - مسألة:
قال داود: يجوز للجنب أن يقرأ.
وقال مالك: يقرأ آيات للتعوذ.
وقال أحمد وغيره: بعض آية.
إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال
رسول الله: ' لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن '.
تابعه أبو معشر وغيره، وهم ضعفاء.
ابن عيينة، عن مسعر، وشعتة عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن
علي قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء، إلا أن يكون
جنبا '.
قال النسائي وغيره: عبد الله بن سلمة: تعرف وتنكر.
44 - مسألة:
النوم اليسير في الصلاة لا يبطلها.
وعن أحمد: ينقض في حق الراكع والساجد. وبه يقول مالك.
وقال أبو حنيفة وداود: لا ينقض إلا في حال الاضطجاع.
وقال الشافعي: ينقض إلا في حال الجلوس.
أحمد، نا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن
قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أوليس
على من نام
ساجدا وضوء حتى يضطجع، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله '.
57

يزيد ضعف.
وقد رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة موقوفا.
بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن
عائذ، عن علي قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' العين وكاء السه؛ فمن نام
فليتوضأ '.
السه: حلقة الدبر.
والوضين لين، وابن عائذ لم يلق عليا.
الوليد بن مسلم [ق 12 - ب] / عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية
مرفوعأ: ' العين وكاء السه؛ فإذا نامت العين استطلق الوكاء '.
أبو بكر ضعيف.
عمر بن هارون - متهم - عن يعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده مرفوعا: ' من نام جالسا فلا وضوء عليه، ومن نام على جنبه فعليه
الوضوء '.
ويروى عن ابن عباس وجوب الوضوء من النوم، إلا من خفق برأسه خفقة أو
خفقتين. ولا يصح.
45 - مسألة:
لمس النساء ينقض، كالشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا
وعن أحمد: ينقض مع شهوة.
جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن
58

أبي ليلى، عن معاذ ' أنه كان قاعدا عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فجاءه رجل فقال: يا
رسول الله، ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا
يصيبه الرجل من امرأة إلا قد أصابه منها، غير أنه لم يجامعها؟ فقال له النبي
[صلى الله عليه وسلم]: توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل '.
الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ '.
أخرجه (ت) وسنده جيد، لكن يقال: لم يلق حبيب عروة.
حجاج بن أرطاة وغيره، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السهمية، عن
عائشة: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يتوضأ ثم يقبل، ثم يصلي ولا يتوضأ '.
هشام بن عمار، نا عبد الحميد، نا الأوزاعي، حدثني عمرو بن شعيب، عن
زينب ' أنها سألت عائشة عن الرجل يقبل امرأته ويلمسها، أيجب عليه الوضوء؟
فقالت: لربما توضأ النبي [صلى الله عليه وسلم] فيقبلني، ثم يمضي فيصلي ولا يتوضأ '.
زينب لا تعرف.
ابن مهدي، ثنا سفيان، عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة:
' كان [صلى الله عليه وسلم] يتوضأ ثم يقبل، ثم يصلي ولا يتوضأ '.
جندل بن والق، نا عبيد الله بن عمرو، عن غالب، عن عطاء، عن عائشة
بنحوه.
ويروى عن ركن، عن مكحول، عن أبي أمامة مرفوعا، ولم يصح، وغالب
ابن عبد الله متروك كركن.
46 - مسألة:
مس الذكر ينقض الوضوء خلافا لأبي حنيفة.
59

أحمد، نا القطان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من مس ذكره، فلا يصل حتى يتوضأ '.
قال (خ): هذا أصح شيء في الباب.
أحمد، نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني
الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من مس فرجه فليتوضأ '.
أحمد، نا عبد الجبار [ق 13 - أ] / بن محمد الخطابي، نا بقية، نا الزبيدي، عن
عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أيما رجل مس فرجه
فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ '.
إسناده قوي، رواه جماعة عن بقية.
إسحاق الفروي، ثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من مس ذكره فليتوضأ '.
أخرجه الدارقطني، وسنده لين.
يزيد بن عبد الملك النوفلي - ضعفوه - عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا:
إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ
وضوءه للصلاة '.
أخرجه الدارقطني.
عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر - تركوه - عن هشام، عن أبيه، عن عائشة
مرفوعا: ' ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون.... ' الحديث.
60

مروان الطاطري، ثنا الهيثم بن جميل، نا الأوزاعي، نا العلاء بن الحارث،
عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة مرفوعا: ' من مس ذكره
فليتوضأ '
الهيثم حافظ له مناكير، ومكحول عن عنبسة منقطع.
(ق)، ثنا إبراهيم بن المنذر نا معن، عن ابن أبي ذئب، عن عقبة بن
عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء '.
هذا حديث صالح الإس ناد فرد.
قال (خ): إنما روى عقبة هذا عن ابن ثوبان مرسلا، وقال بعضهم: عن
جابر، ولا يصح.
(ق) نا سفيان بن وكيع، نا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن أبي
فروة عن الزهري، عن ابن عبد القاري، عن أبي أيوب، سمعت رسول الله يقول:
' من مس فرجه، فليتوضأ '.
إسحاق واه، وابن وكيع أوليس
بعمدة.
قالوا: الأول معلول. قلنا: علته غير مؤثرة وهي.
جماعة، عن هشام، عن أبيه، عن مروان، عن بشرة. وعن هشام، عن
أبيه، عن شرطي لمروان، عنها.
قال أحمد: نا ابن عليه، نا عبد الله بن أبي بكر، قال: سمعت عروة
يحدث أبي، قال: ' ذاكرني مروان مس الذكر، فقلت: أوليس
فيه وضوء. فقال:
إن بسرة بنت صفوان تحدث فيه، فأرسل إليها رسولا، فذكر الرسول أنها تحدث أن
رسول الله قال: من مس ذكره فليتوضأ '.
61

ثم ذكروا عن ابن معين، قال: ثلاثة أحاديث لا تصح: ' مس الذكر '
و ' لا نكاح إلا بولي ' و ' كل مسكر حرام '. وهذا لا يثبت عن ابن معين.
قلت: وفي ' مسند الطيالسي ': ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي بكر بن
محمد، عن عروة ' أن مروان أرسل إلى بسرة... ' بالحديث. رواه مالك، وابن
عيينة، وغير واحد، عن عبد الله نحوه.
أخرجه أرباب السنن الأربعة.
ورواه عثمان بن سعيد، عن شعيب، عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر،
عن عروة، عن مروان، وقال النسائي: هذا لم يسمعه هشام بن عروة من أبيه.
قلت: وبسرة هي خالة [ق 13 - ب] / مروان.
قال إبراهيم الحربي: حديث بسرة يرويه شرطي عن شرطي، وقال الدارقطني
بسنده أن عروة قال - بعد أن حدثه مروان -: ' فسألت بسرة بعد ذلك
فصدقته '.
وحجتهم:
أيوب بن عتبة اليمامي ومحمد بن جابر وغيرهما، عن قيس بن طلق، عن
أبيه - وهذا لفظ ابن جابر - قال: ' كنت جالسا عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله رجل فقال:
مسست ذكري - أو قال: الرجل يمس ذكره في الصلاة - عليه الوضوء؟ قال: لا؛
إنما هو منك '.
خرجه أحمد.
وقال هشام بن عمار: ثنا سعيد بن يحيى، نا عبد الحميد بن جعفر، عن
62

أيوب بن محمد العجلي، عن قيس بن طلق - أو طلق بن قيس - الحنفي، عن
أبيه ' أنه سأل رسول الله عن مس فرجه، فقال: إنما هو بضعة منك '.
وقال (ت): ثنا هناد، ثنا ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن
قيس بن طلق، عن أبيه بنحو ما قبله، أخرجه (عو).
وجاء عن جعفر بن الزبير - وهو واه - عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعأ في
ذلك، والجواب أنه منسوخ بتقدير صحته؛ فإن محمد بن جابر، روى عن قيس بن
طلق، عن أبيه، قال: ' أتيت رسول الله وهم يؤسسون مسجد المدينة، فقال لي
النبي [صلى الله عليه وسلم]: اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة؛ فأنت أعلم به '.
وقد ضعف أحمد ويحيى قيسا. وقال أبو زرعة وغيره: لا تقوم به حجة.
47 - مسألة:
خروج النجاسة من غير السبيلين ينقض إذا فحش، خلافا لمالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة في القيء كقولنا، وفي الدود كقولهم.
لنا: هشام، عن أبيه، عن عائشة: ' جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي
[صلى الله عليه وسلم] فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا؛ إنما ذلك
عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي
عنك الدم، وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ' لفظ الترمذي.
وأخرجاه.
فذكروا قول اللالكائي: ' أن توضئي لكل صلاة ' من قول عروة.
63

وهكذا جاء في (خ م).
قال هشام: قال أبي: ' ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت '
قلنا: قد حكم بصحة ما سقنا الترمذي، فلعل عروة أفتى [...].
عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني الأوزاعي،
عن [يعيش بن الوليد المخزومي] عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن
أبي الدرداء ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قاء [فتوضأ، فلقيت ثوبان] في مسجد دمشق،
فذكرت له ذلك فقال: صدق، أنا صببت له [وضوءه] '.
أخرجه (د س ت) جوده عبد الوارث، وقال (ت): رواه معمر، عن
يحيى فأخطأ، قال: عن يعيش، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، فأسقط
منه الأوزاعي، وخبط في باقي سنده.
قال الأثرم: قلت لأحمد: [ق 14 - أ] / قد اضطربوا في هذا. فقال: حسين المعلم
جوده. وقال (ت): حديث حسين أصح شيء في هذا الباب.
إسماعيل بن عياش، حدثني ابن جريج عن أبيه، وعن ابن أبي مليكة، عن
عائشة مرفوعا: ' إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن
على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم '.
قال الدارقطني: الحفاظ رووه عن ابن جريج، عن أبيه، مرسلا.
تحامل هنا المؤلف، فقال: قد قال ابن معين: إسماعيل ثقة. والزيادة من
الثقة مقبولة.
أخرجه الدارقطني، وخرج لمحمد بن الفضل بن عطية - المتروك عن
64

أبيه، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا: ' ليس
في القطرة، ولا القطرتين من الدم وضوء، إلا أن يكون دما سائلا '.
وخرج لعمرو بن عون، عن أبي الداهري - وتركوه - عن حجاج،
عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد مرفوعا: ' من رعف في صلاته
فليرجع فليتوضأ، وليبن على صلاته '.
وخرج لهريم، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان:
' رآني النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد سال من أنفي دم، فقال: أحدث لما حدث وضوءا '.
عمرو كذاب.
وخرج لعمر بن رياح - وهو متهم - عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن
عباس مرفوعا في معنى ذلك.
وخرج لسليمان بن أرقم - وهو متروك - عن عطاء، عن ابن عباس
مرفوعا: ' إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم، ثم ليعد وضوءه
وليستقبل صلاته '.
وخرج لبقية، عن يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد - وهما مجهولان
- عن عمر بن عبد العزيز، قال تميم الداري: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الوضوء
من كل دم سائل '.
وخرج لسوار بن مصعب - متروك - عن زيد بن علي، عن أبيه، عن
جده مرفوعا: ' القلس حدث ' ساقه بسنده إلى حفص الفراء عنه.
ولهم ما في الدارقطني أيضا، عن سليمان بن داود القرشي - مجهول -
65

عن حميد، عن أنس ' احتجم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى ولم يتوضأ، لم يزد على غسل
محاجمه '.
قلت: هذا لا يثبت.
وفي الدارقطني، عن عتبة بن السكن - متروك - نا الأوزاعي، عن عبادة
ابن نسي وهبيرة بن عبد الرحمن قالا: نا أبو أسماء الرحبي، نا ثوبان ' أن رسول الله
قاء فدعاني بوضوء فتوضأ، فقلت: يا رسول الله، أفريضة الوضوء من القيء؟ قال:
لو كان فريضة لوجدته في القرآن '.
الوليد بن مسلم، أخبرني بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن
عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رخص في دم الحبون - يعني الدماميل '.
قال الدارقطني: هذا باطل عن ابن جريج، لعل بقية دلسه عن ضعيف.
قال المؤلف: قلنا: بقية قد أخرج عنه مسلم. واستدل أصحابنا بآثار منها:
' أن عمر عصر بثرة في وجهه، فخرج منها شيء من دم وقيح، فمسحه بيده وصلى
ولم يتوضأ '.
وعن ابن أبي [ق 14 - ب] / أوفى ' أنه تنخم دما عبيطا وهو يصلي '.
وعن جابر ' أنه سئل عن رجل صلى فامتخط، فخرج مع المخاط شيء من
دم، فقال: لا بأس؛ يتم صلاته '.
قالوا: القياس استواء الناقض، لكنا تركناه في القيء؛ لما روي عن علي ' أنه
ذكر الأحداث، فقال في جملتها: أو دسعة من قيء تملأ الفم '.
وعن ابن عباس، قال: ' إذا كان القيء يملأ الفم أوجب الوضوء '.
66

48 - مسألة:
القهقهة لا تبطل الوضوء.
وقال أبو حنيفة: تبطله في الصلاة.
ابن قانع، ثنا محمد بن بشر، نا المنذر بن عمار، ثنا أبو شيبة، عن يزيد أبي
خالد، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعا: ' الضحك ينقض الصلاة، ولا ينقض
الوضوء '.
أبو شيبة واه، ويزيد ضعيف.
ورواه إسحاق بن بهلول، عن أبيه، عن أبي شيبة.
ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' [الضاحك] في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة
واحدة '.
أخرجه أحمد في ' مسنده '.
ولهم: عطية بن يقية، ثنا أبي، ثنا عمرو بن قيس السكوني، عن عطاء، عن
عمر مرفوعا: ' من ضحك في صلاة فقهقه فليعد الوضوء والصلاة '.
عمرو تكلم فيه.
عبد العزيز بن حصين، عن عبد الكريم أبي أمية، عن الحسن، عن
أبي هريرة مرفوعا: ' من ضحك في الصلاة، فليعد الوضوء والصلاة '.
عبد العزيز واه، والحسن لم يسمع من أبي هريرة، وعبد الكريم تالف.
سفيان بن محمد - واه - ثنا ابن وهب، ثنا يونس، عن الزهري، عن أبي معاذ،
67

عن الحسن، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي بالناس، فدخل أعمى المسجد،
فتردى في بئر - أو حفرة - فضحك القوم، فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] من ضحك أن يعيد الوضوء
والصلاة '.
أبو معاذ سليمان بن أرقم متروك.
بقية، عن محمد الخزاعي، عن الحسن، عن عمران بن حصين ' أنه [صلى الله عليه وسلم]
قال لرجل ضحك: أعد وضوءك '.
محمد لا شيء.
وروى محمد بن عيسى المدائني - واه - عن الحسن بن قتيبة، عن
[عمرو] بن قيس - متروك - عن عمرو بن عبيد - ذاك المعتزلي - عن الحسن
عن عمران بنحو منه.
ابن إسحاق، حدثني ابن دينار، عن الحسن البصري، عن أبي المليح الهذلي،
عن أبيه قال: ' بينا نحن نصلي خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذ أقبل رجل ضرير البصر
فوقع في حفرة قريبا منا فضحك بعضنا، فأمرنا رسول الله [بإعادة] الوضوء
والصلاة من أولها '.
فابن دينار هو الحسن، ساقط.
ورواه الحسن بن عمارة - واه - عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، عن أبيه.
وفي الدارقطني: النيسابوري أبو بكر، نا إبراهيم بن هانئ، ثنا محمد بن
68

يزيد بن سنان، نا أبي، نا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: قال لنا
رسول الله: ' من ضحك [ق 15 - أ] / فليتوضأ وليعد الصلاة '.
يزيد واه.
قال الدارقطني: الصحيح موقوف، ولفظه: ' ومن ضحك في الصلاة أعاد
الصلاة ولم يعد الوضوء '.
كذلك رواه الثوري وأبو معاوية ووكيع وغيرهم، عن الأعمش.
وقال إسحاق بن بهلول: نا المسيب بن شريك - تالف - عن الأعمش،
عن أبي سفيان، عن جابر، قال: ' أوليس
على من ضحك في الصلاة إعادة وضوء،
إنما كان ذلك لهم حين ضحكوا خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
سعيد في ' سننه ': نا خالد بن عبد الله، عن هشام بن حسان، عن حفصة
عن أبي العالية، عن رجل من الأنصار ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي بأصحابه
فمر رجل في بصره سوء فتردى في بئر، فضحك طوائف من القوم، فأمر رسول الله
من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة '.
قال الدارقطني: لم يصنع خالد شيئا قد خالفه معمر، وأبو عوانة، وسعيد
ابن أبي عروبة، وغيرهم، فرووه عن قتادة، عن أبي العالية، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
مرسلا.
ابن وهب، أنا يونس، عن ابن شهاب، عن الحسن قال: ' بينا رسول الله
يصلي إذا رجل فوقع... ' الحديث.
مكي بن إبراهيم، نا أبو حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن عن
معبد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه بينما هو في الصلاة إذ أقبل أعمى، موقع في زبية،
فاستضحك القوم حتى قهقهوا، فلما انصرف النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من كان منكم قهقه
فليعد الوضوء والصلاة '.
69

معبد لا صحبة له، وإنما يرويه منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، عن
معبد - يعني: الجهني.
أحمد بن يونس، ثنا زائدة، عن هشام، عن حفصة، عن أبي العالية قال:
' جاء رجل في بصره سوء، فدخل المسجد، ورسول الله يصلي، فتردى في حفرة
كانت في المسجد، فضحك طوائف منهم، فلما قضى صلاته أمر من كان ضحك
أن يعيد الوضوء والصلاة '.
فهذا مرسل جيد.
استوفى الطرق الدارقطني.
قال ابن المديني: قال لي ابن مهدي: هذا الحديث يدور على أبي العالية.
فقلت: قد رواه الحسن مرسلا. فقال: حدثني حماد بن زيد، عن حفص [بن
سليمان] المنقري، قال: أنا حدثت به الحسن عن حفصة، عن أبي العالية،
فقلت: فقد رواه إبراهيم مرسلا [فقال]: حدثني شريك، عن أبي هاشم،
قال: أنا حدثت إبراهيم، عن أبي العالية، فقلت قد [رواه الزهري] مرسلا.
فقال: قد رأيته في كتاب ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سليمان بن أرقم،
عن الحسن.
سمع هذا الكلام كله إسماعيل القاضي من علي.
وقال ابن عدي: كل طرقه ترجع إلى أبي العالية، ومن أجل هذا الحديث
تكلم فيه.
قلت: [ق 15 - ب] / ما بأبي العالية بأس.
70

قال أحمد بن حنبل: أوليس
في الضحك حديث صحيح.
49 - مسألة:
لحم الجزور ينقض الوضوء خلافا لهم.
(م) من حديث سماك بن حرب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن
سمرة، ' أن رجلا سأل النبي [صلى الله عليه وسلم]: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا. قال: أنتوضأ
من لحوم الإبل. قال: نعم '.
أحمد، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، قال: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن لحوم
الإبل، فقال: توضئوا منها '.
وهذا صحيح، خرجه (د ت ق).
حماد بن سلمة، نا حجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' توضئوا من لحوم الإبل... '
الحديث.
قال (ت): أخطأ حماد، والصحيح: عن عبد الله بن عبد الله الرازي،
وقال عباد بن العوام: نا حجاج، عن عبد الله مولى بني هاشم - ثقة - عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد، نحوه.
قال عبد الله في ' زيادات المسند ': نا عمرو الناقد، نا عبيدة بن حميد،
عن عبيدة الضبي، عن عبد الله بن عبد الله القاضي عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى، عن ذي الغرة، قال: ' عرض أعرابي لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يسير، فقال:
71

تدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل، فنصلي فيها؟ فقال رسول الله: لا. قال:
أنتوضأ من لحومها؟ قال: نعم '.
قالوا: روى إدريس بن يحيى الخولاني، ثنا الفضل بن المختار، عن ابن أبي
ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الوضوء مما يخرج، وليس مما يدخل '.
شعبة فيه ضعف، والفضل واه، وصوابه موقوف.
ورووا بلا سند: ' لا وضوء من طعام أحله الله '.
50 - مسألة:
الردة تنقض الوضوء خلافا لهم.
ولنا حديث واه رواه بقية، عن عمرو بن أبي عمرو، عن طاوس، عن ابن
عباس، قال رسول الله: ' الحدث حدثان '؛ حدث اللسان، وحدث الفرج؛ فحدث
اللسان أشد من حدث الفرج، وفيهما الوضوء '.
ولهم: شعبة، والدراوردي، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا وضوء إلا من صوت أو ريح ' صححه (ت).
وفي لفظ الدراوردي، عن سهيل: ' إذا كان أحدكم في المسجد، فوجد
ريحا بين أليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا '.
51 - مسألة:
غسل الميت ينقض الوضوء؛ لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل
الميت أن يتوضأ.
ولهم: الدارقطني، نا ابن عقدة، نا إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، نا
خالد ابن مخلد، نا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة / ق 16 - أ] / عن
72

ابن عباس مرفوعا: ' أوليس
عليكم في ميتم غسل إذا غسلتموه؛ فإن ميتكم ليس
بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم '.
فهذا من مناكير خالد، فلعله موقوف قد رفعه.
ورووا ' أن عبد الرحمن بن عوف غسل إبراهيم ابن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وذهب
ليتوضأ، فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]: أحدثت؟ قال: لا. قال: فلم تتوضأ؟! '.
وهذا لا يعرف.
قلت: في الباب حديث جيد الإسناد، أخرجه (د) من حديث
ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة؛ أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ '.
وعمرو لا ندري من هو.
وأخرج (د) من حديث ابن عيينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن
[أبيه عن] إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة - يرفعه - قال: ' من حمل
الجنازة الوضوء، ومن غسل الميت الغسل '.
قال أبو داود: وهذا منسوخ.
قلت: ورواه يحيى الحماني، عن خالد بن عبد الله، عن سهيل.
وروى علي بن المبارك، ومعاوية بن سلام، عن يحيى، عن رجل من بني
ليث، حدثني أبو إسحاق، أنه سمع أبا هريرة يحدث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من
غسل ميتا فليغتسل '.
وروى نحوه ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن أبي هريرة
مرفوعا، هكذا رواه عنه شبابة، وابن أبي فديك، ثم قال ابن أبي فديك: وحدثني
ابن أبي ذئب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' من غسل
73

الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ '.
وقال روح: نا ابن جريج، أنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة بهذا.
وقال حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
أن رسول الله قال: ' الغسل على من غسل، والوضوء على من حمل '.
وقال وهيب: نا أبو واقد، عن إسحاق مولى زائدة، عن محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة مرفوعا، قال: ' من غسله الغسل،
ومن حمله الوضوء '.
وهذه الطرق في ' مسند ' بقي بن مخلد.
وقال حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد، قال: كنت مع عبد الله بن
عتبة بن مسعود في جنازة، فلما جئنا دخلت المسجد، ودخل عبد الله بيته، فتوضأ،
ثم خرج إلى المسجد، فقال لي: أما توضأت؟ قلت: لا. فقال: كان عمر، ومن
دونه من الخلفاء، إذا صلى أحدهم على الجنازة، ثم أراد أن يصلي المكتوبة توضأ؛
حتى إن أحدهم كان يكون في المسجد، فيدعو بالطست فيتوضأ فيها.
52 - [مسألة].
مسح الخفين.
منعت منه الإمامية وأبو بكر بن داود.
وعن مالك رواية في المنع في الحضر.
ففي ' الصحيحين ' للأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال: ' بال
جرير، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت
رسول الله... '.
74

[ق 16 - ب] / ولهم الدراوردي، أخبرني هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة غسل يديه، ومضمض، وتوضأ، ويدلك
بأصابعه أصول شعره، فإذا خيل إليه أنه قد استبرأ البشرة، أفاض على جلده من الماء '
صحيح.
الحارث بن وجيه - واه - عن مالك بن دينار، عن محمد، عن أبي هريرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر '.
وإنما يروى من قول أبي هريرة.
أحمد، نا الأشيب، نا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن
زاذان، عن علي قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من ترك موضع شعرة
من جنابة لم يصبها الماء، فعل الله به كذا وكذا من النار '.
قال علي: فمن ثم عاديت شعري.
قلت: خرجه (د ق) وفيه انقطاع، وما في ذلك لهم دليل.
53 - مسألة:
لمالك رواية لا يجب إيصال الماء في الجنابة إلى باطن اللحية.
أحمد، نا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر،
عن أبي ذر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه قال: ' إن الصعيد الطيب طهور، ما لم تجد الماء،
ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فامسس بشرتك '.
فذكروا: أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات.
54 - مسألة:
أوجب غسل الجمعة داود، وروي عن مالك.
75

ففي ' الصحيحين ' لصفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي
سعيد، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم '.
وعبيد الله بن عمر وغيره، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: ' إذا جاء أحدكم
إلى الجمعة، فليغتسل '.
فقيل: معنى واجب: لازم الاستحباب، كما تقول: حقك علي واجب.
ذكره الخطابي، قال: ولأنه قرنه بما لا يجب.
فقال الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد، عن أبي بكر بن المنكدر، أن
عمرو بن سليم أخبره عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أنه قال: ' إن الغسل يوم الجمعة على كل محتلم، والسواك، وأن يمس من الطيب
ما يقدر عليه '.
وفي ' الصحيحين ' ليحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة: ' كان
الناس عمال أنفسهم، فكانوا يروحون كهيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم '.
وللبخاري من حديث جويرية، عن مالك، عن الزهري، عن سالم، عن
أبيه ' أن عمر بينا هو يخطب يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين،
فناداه عمر: أية ساعة هذه؟! قال: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت
التأذين، فلم أزد على أن توضأت، فقال: والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] [ق 17 - أ] / كان يأمر بالغسل '.
ولمسلم بنحوه.
همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من
توضأ فيهما ونعمت، ومن اغتسل فذاك أفضل '.
76

لفظ أحمد.
ورواه شعبة هكذا.
خرجه (د ت س) حسنه (ت).
77

التيمم
55 - مسألة:
هو بالتراب خلافا لأبي حنيفة ومالك.
لنا: حديث ربعي، عن حذيفة مرفوعا: ' جعلت لنا الأرض كلها مسجدا،
وترابها طهورا ' صحيح.
وهذا في الدارقطني.
وقال أحمد: نا ابن مهدي، نا زهير، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن
محمد بن (علي) أنه سمع عليا يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' جعل التراب لي
طهورا '.
ولهم: سعيد في ' سننه ' نا عيسى بن يونس، ثنا المثنى بن الصباح، عن
عمرو بن شعيب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة ' أن ناسا من أهل البادية أتوا
رسول الله، فقالوا: إنا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة، ويكون فينا الجنب والنفساء
والحائض، ولسنا نجد الماء! فقال: عليكم بالأرض. ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه
ضربة واحدة، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح بها على يديه إلى المرفقين '.
المثنى واه.
وقال أحمد: نا عبد الرزاق، نا المثنى بن الصباح، أخبرني عمرو، عن
سعيد، عن أبي هريرة، ولفظه: ' قال: عليك بالتراب '.
56 - مسألة:
يقتصر على وجهه وكفيه فيجزئه.
78

وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا بد إلى المرفقين.
شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه،
عن عمار: ' كنت في سرية فأجنبت، فتمعكت في التراب، فلما أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم]
ذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك: وضرب [صلى الله عليه وسلم] بيده إلى الأرض، ثم نفخ
فيها، ومسح بها وجهه وكفيه ' أخرجاه.
أبان، نا قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه،
عن عمار، أن نبي الله - [صلى الله عليه وسلم] - قال: ' التيمم ضربة للوجه والكفين '.
قالوا: روى أبو داود من حديث عمار أنه قال: ' إلى المرفقين '.
قلنا: تلك الطريق يقول فيها قتادة: حدثني محدث، عن الشعبي، عن ابن
أبزى، عن أبيه، فحديثنا أصح.
صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله، عن
ابن عباس، عن عمار ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عرس بأولات الجيش، ومعه عائشة،
فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر،
وليس مع الناس ماء، فأنزل الله على رسوله رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام
المسلمون، فضربوا الأرض، ثم رفعوا [ق 17 - ب] / أيديهم، ولم يقبضوا من التراب شيئا،
فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط '.
لفظ أحمد.
قلنا: فعلوه برأيهم، ثم عرفهم النبي [صلى الله عليه وسلم] حد ذلك.
79

أبو عصمة، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم قال: ' أقبل
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من بئر جمل، إما من غائط وإما من بول، فسلمت عليه فلم يرد!
السلام، وضرب الحائط بيده ضربة، فمسح بها وجهه، ثم ضرب أخرى، فمسح
بها ذراعيه إلى المرفقين، ثم رد علي السلام '.
خرجه الدارقطني.
قلت: أبو عصمة متروك، ورواه خارجة - وهو واه - عن عبد الله بن
عطاء، عن موسى.
محمد بن ثابت العبدي - ضعيف - نا نافع، عن ابن عمر ' أن رجلا مر
برسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسلم، فلم يرد عليه حتى ضرب بيديه على الحائط، فمسح
وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد علي الرجل السلام '.
خرجه ابن حبان.
ثم قال: ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا عبد الله بن الحسين بن جابر، ثنا
عبد الرحمن بن مطرف، نا علي بن ظبيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا: ' التيمم ضربتان؛ ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين '.
قلت: ابن جابر رماه ابن حبان بسرقة الأخبار، وعلي بن ظبيان وهوه.
حرمي بن عمارة، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا مثل
الذي قبله.
أخرجه الدارقطني، عن محمد بن [مخلد، نا] إبراهيم الحربي، ثنا
عثمان بن محمد الأنماطي، عنه.
قال المؤلف: قد تكلم في عثمان.
80

الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع قال: ' أراني رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
كيف أمسح؛ فضرب بكفيه الأرض، ثم رفعهما لوجهه، ثم ضرب ضربة أخرى
فمسح ذراعيه - باطنهما وظاهرهما - حتى مس بيده المرفقين '.
الربيع ترك، وصواب حديث أبي جهيم:
(خ) نا يحيى بن بكير، نا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج،
قال: سمعت عميرا مولى ابن عباس قال: ' دخلنا على أبي جهيم فقال: أقبل
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد حتى أقبل
على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه '.
57 - مسألة:
قال داود: التيمم يرفع الحدث.
عوف، حدثني أبو رجاء، ثنا عمران بن حصين قال: ' كنا في سفر مع رسول الله
فصلى بالناس، فإذا هو برجل معتزل فقال: ما منعك أن تصلي؟! قال: أصابتني
جنابة، ولا ماء، قال: عليك بالصعيد. واشتكى إليه [ق 18 - أ] / الناس العطش، فدعا عليا
وآخر، فقال: ابغيانا الماء. فذهبا، فجاءا بامرأة معها مزادتان، فأفرغ من أفواه
المزادتين، ونودي في الناس، فسقى من شاء واستقى، وكان آخر ذلك أن أعطى
الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، فقال: اذهب، فأفرغه [عليك] '.
متفق عليه.
جرير بن حازم، نا يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن
أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، قال: ' احتلمت في
ليلة باردة وأنا في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت،
ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكر ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا عمرو، صليت
81

بأصحابك وأنت جنب؟! فقال: إني سمعت الله يقول: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * فضحك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولم يقل شيئا '.
ولهم حديث حذيفة: ' وجعل تربتها لنا طهورا '.
خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر
سنين، فإذا وجد الماء، فليمسه بشرته، فإن ذلك خير '.
صححه (ت).
58 - مسألة:
ويتيمم لكل وقت صلاة.
وقال أبو حنيفة: يصلي به ما لم يحدث، واحتج بقوله: ' الصعيد وضوء
المسلم '.
ولنا: شعيب الصريفيني، نا أبو يحيى الحماني، عن الحسن بن عمارة، عن
الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: ' من السنة أن لا يصلى بالتيمم أكثر من
صلاة واحدة '.
الحسن متروك.
59 - مسألة:
فإن لم يجد ترابا صلى.
وقال أبو حنيفة: لا يصلي.
لنا: ابن نمير، ثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أنها استعارت من أسماء قلادة
فهلكت، فبعث رسول الله رجالا في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم
ماء، فصلوا بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فأنزل الله آية التيمم '.
متفق عليه.
82

ولهم: إسرائيل، عن سماك، عن مصعب بن سعد، عن ابن عمر، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يقبل الله صلاة وإلا بطهور '.
وحديث آخر؛ قال [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع
الوضوء مواضعه '.
قلنا: ذا محمول على من يقدر.
60 - مسألة:
ويتيمم للبرد حضرا.
وفي الإعادة روايتان؛ لحديث عمرو بن العاص، قال: ' احتلمت في ليلة
باردة، فأشفقت، فتيممن... ' الحديث، وقد مر.
61 - مسألة:
ويغسل الصحيح، ويتيمم عن الجريح.
وقال أبو حنيفة ومالك: الاعتبار [ق 18 - ب] / بالأكثر، فيغسله ويسقط الأقل.
الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر قال: ' خرجنا في سفر، فأصاب
رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه، هل تجدون لي رخصة
في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات،
فلما قدمنا على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخبر بذلك، فقال: قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ
لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم (ويعصر) - أو
(يعصب) - على جرحه، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده '.
رواه الدارقطني، والزبير فيه ضعف.
62 - مسألة:
إذا كان معه من الماء ما يكفي بعض أعضائه لزمه استعماله في الجنابة،
83

وهل يلزمه في الوضوء؟ أصح الوجهين يلزمه.
وهما قولان للشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يلزمه.
(خ م) لأبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا نهيتكم
عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم '.
63 - مسألة:
إذا اشتبه إناء نجس بطاهر، لم يتحر، خلافا للشافعي.
لنا: البخاري من حديث الشعبي، عن عدي، قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا
أرسلت كلبك المعلم، فقتل فكل، فإذا أكل فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه.
قلت: أرسل كلبي، فأجد معه كلبا آخر؟ قال: فلا تأكل؛ فإنما سميت على
كلبك، ولم تسم على كلب آخر '.
شعبة، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه كان يقول: ' دع ما يريبك إلى ما لا يريبك '.
64 - مسألة:
لا يتيمم للجنازة والعيد مع وجود الماء خلافا لأبي حنيفة.
وعن أحمد: يتيمم للجنازة.
مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: ' إذا فجئتك الجنازة،
وأنت على غير وضوء فتيمم '.
قال ابن عدي: صوابه موقوف، ومغيرة ضعيف.
84

الحيض
65 - مسألة:
يجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج خلافا لهم.
لنا: حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس ' أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة
منهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي النبي [صلى الله عليه وسلم]
فأنزل الله: * (ويسألونك عن المحيض) فقال [صلى الله عليه وسلم]: اصنعوا كل شيء إلا
الن كاح '.
تفرد به (م).
[ق 19 - أ] / (د) نا موسى، نا حماد، عن أيوب، عن عكرمة، عن بعض أزواج
النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا أراد من الحائض شيئا، ألقى على فرجها شيئا '.
قالوا: ففي ' الصحيحين ' من حديث الأسود، عن عائشة: ' كان
رسول الله يباشر [نساءه] فوق الإزار، وهن حيض '.
وسعيد في ' سننه ' نا عبد العزيز، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن
يسار: ' قال رجل: يا رسول الله، ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟! قال:
تشد إزارها، ثم شأنك بأعلاها '.
85

فهذا مرسل، والذي قبله يدل على التورع.
66 - مسألة:
وإن أتى حائضا تصدق بدينار أو نصفه.
وعنه: يستغفر الله، كقولهم.
وللشافعي في القديم: إن كان في إقبال الدم، تصدق بدينار، وفي إدباره بنصف
دينار.
شعبة، عن الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن
عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: ' يتصدق بدينار، أو
بنصف دينار '.
رواه أحمد، عن القطان عنه، ثم قال: لم يرفعه عبد الرحمن، ولا بهز.
وثنا يونس، نا حماد بن سلمة، عن عطاء العطار، عن عكرمة، عن
ابن عباس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يتصدق بدينار فإن لم يجد فنصف دينار '.
يعني: الذي يغشى امرأته حائضا.
الفضل السيناني، عن أبي حمزة السكري، عن عبد الكريم، عن مقسم، عن
ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كان دما أحمر فدينار، وإذا كان دما أصفر
فنصف دينار '.
خرجه (ت) وعبد الكريم ضعف.
وذكر أبو داود هذا عن ابن عباس قوله.
86

67 - مسألة:
المستحاضة إذا كانت لها عادة، ترد إليها لا إلى التمييز.
وقال الشافعي: يقدم التمييز على العادة.
وهيب، نا أيوب، عن سليمان بن يسار ' أن فاطمة بنت أبي حبيش
استحيضت فأمرت أم سلمة أن تسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: تدع الصلاة أيام أقرائها
ثم تغتسل، وتستذفر بثوب وتصلي '.
قالوا: محمد بن عمرو بن علقمة، نا الزهري، عن عروة، عن فاطمة بنت أبي
حبيش ' أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي [صلى الله عليه وسلم]: إذا كان دم الحيض فإنه أسود
يعرف؛ فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر، فتوضئي وصلي '.
68 - مسألة:
والناسية التي لا تمييز لها تحيض ستا أو سبعا.
وقال الشافعي: لا تحيض شيئا.
أحمد، نا العقدي، نا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل،
عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة،
قالت: ' كنت أستحاض [ق 19 - ب] / حيضة شديدة كثيرة، فجئت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أستفتيه
وأخبره [فوجدته] في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إن
لي إليك حاجة [فقال]: ما هي؟ قلت: إني أستحاض حيضة شديدة كثيرة،
فما ترى فيها؟! قد منعتني الصلاة والصيام، فقال: أنعت لك الكرسف، فإنه
يذهب الدم. قلت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتخذي ثوبا. قلت: هو أكثر من
ذلك، قال: فتلجمي. قالت: إنما أثج ثجا. فقال لها: سآمرك بأمرين، أيهما
87

فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم فقال لها: إنما هذه
ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام، في علم الله، ثم
اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت، فصلي أربعا وعشرين ليلة، أو
ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل شهر
كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن
تؤخري الظهر [وتعجلي] العصر، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي،
وتغتسلين مع الفجر وتصلين، وكذلك فافعلي، وصلي وصومي إن قويت على
ذلك. قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: وهذا أعجب الأمرين إلي '.
صححه (ت) وقال: رواه عبيد الله بن عمرو، وشريك، عن ابن عقيل،
وسألت محمدا عنه، فقال: هو حديث حسن، وهكذا قال أحمد: هو حديث
حسن صحيح، قال: وقال أحمد وإسحاق: إذا كانت تعرف حيضها بإقبال الدم
وإدباره، وإقباله أن يكون أسود، وإدباره أن يتغير إلى الصفرة، فالحكم فيها على
حديث فاطمة بنت أبي حبيش.
69 - مسألة:
إذا رأت الدم قبل أيامها أو بعد أيامها، ولم تجاوز أكثر الحيض، فما رأته
في أيامها فهو حيض، وما رأته قبل أو بعد فهو مشكوك فيه حتى يتكرر ثلاثا،
فيكون حيضا.
وقال أبو حنيفة: ما رأته قبل أيامها فهو استحاضة حتى تراه في الشهر الثاني،
وما رأته بعد أيامها، فهو حيض.
وقال الشافعي: ما رأته قبل أيامها أو بعد أيامها فهو حيض.
ولنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل '.
88

70 - مسألة:
أقل الحيض يوم وليلة.
وقال أبو حنيفة: ثلاث.
وقال مالك: لا حد لأقله.
وللشافعي كقولنا، وقول: يوم.
ولنا أن المرجع إلى العرف.
محمد بن مصعب، نا الأوزاعي، قال: عندنا امرأة تحيض غدوة، وتطهر
عشية.
وقال عطاء: رأيت من النساء من تحيض يوما، ومن كانت تحيض خمسة
عشر يوما.
وقال الشافعي: أثبت لي عن امرأة لم تزل تحيض يوما، فقلت لمالك:
ما عرف حيض أقل من يوم. [والحنفية فقالوا]: قال [صلى الله عليه وسلم] لفاطمة بنت
أبي حبيش: ' دعي الصلاة أيام أقرائك ' وأقل الأيام ثلاثة.
قال الدارقطني: نا ابن السماك، نا إبراهيم بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن
مهدي المصيصي، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، ثنا عبد الملك - مجهول -
سمعت العلاء، سمعت مكحولا يحدث، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' [ق 20 - أ] / أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب ثلاث، وأكثر ما يكون: عشرة
أيام، وإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام، فهي مستحاضة '.
ورواه سليمان بن عمرو، عن يزيد بن جابر، عن مكحول.
فسليمان هو أبو داود النخعي، كذبه أحمد وغيره.
89

قال: وثنا أبو حامد الحضرمي، ثنا محمد بن أحمد بن أنس، ثنا حماد بن
المنهال، عن محمد بن راشد، عن مكحول، عن واثلة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة '.
حماد مجهول، ويروى بسند ضعيف عن أنس مرفوعا: ' الحيض ثلاثة أيام،
وأربعة، وخمسة، وستة، وسبعة، وثمانية، وتسعة، فإذا جاوزت العشرة فهي
مستحاضة '.
فيه الحسن بن دينار: متروك.
وفي كتاب ' الضعفاء ' للعقيلي، عن محمد بن حسن الصدفي - واه -
عن عبادة بن نسي، عن ابن غنم، عن معاذ مرفوعا: ' لا حيض أقل من ثلاث، ولا
فوق عشر '.
حسين بن علوان - متهم - عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا: ' أكثر
الحيض عشر، وأقله ثلاث '.
قلنا: إنما قال لفاطمة: ' أيام أقرائك ' على الأغلب. وباقي الأحاديث
واهية.
71 - مسألة:
أكثر الحيض خمسة عشر.
وقال أبو حنيفة: عشرة، واستدل بما مر أعلاه.
ولنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي '.
90

72 - مسألة:
الحامل لا تحيض خلافا لمالك، وللشافعي في قول.
أحمد، نا أسود بن عامر، نا شريك، عن أبي إسحاق وقيس بن
وهب، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد ' أن رسول الله قال في سبي أوطاس: لا
توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة '.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله، ما ترى في الحامل ترى الدم، تمسك عن
الصلاة؟ قال: لا. قلت: أي شيء أثبت في هذا؟ فقال: أنا أذهب في هذا إلى
حديث محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن سالم، عن أبيه ' أنه طلق امرأته
وهي حائض، فسأل عمر النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: مره فليراجعها، ثم يطلقها طاهرا أو
حاملا، فأقام الطهر مقام الحمل، فقلت له: كأنك ذهبت في هذا الحديث إلى أن
الحامل لا تكون إلا طاهرا، قال: نعم.
73 - مسألة:
ينقطع الحيض لخمسين سنة ولستين.
وقال الشافعية: لا غاية له.
واستدل أصحابنا بقول عائشة: ' لن ترى المرأة ولدا في بطنها بعد خمسين
سنة '.
74 - مسألة:
أكثر النفاس أربعون.
وقال الشافعية: ستون.
(ت) نا نصر بن علي، نا أبو بدر، عن علي بن عبد الأعلى، عن
أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة، قالت: ' كانت تجلس النفساء
على عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] أربعين يوما، وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف '.
91

سنده جيد، وأبو سهل وثق.
المحاربي، عن سلام بن سلم، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' وقت النفساء أربعون يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك '.
سلام ضعف.
أبو بلال الأشعري [ق 20 - ب] / ضعيف - ثنا أبو شهاب، عن هشام بن حسان، عن
الحسن، عن عثمان بن أبي العاص: ' وقت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للنساء في نفاسهن أربعين
يوما '.
قال أبو بلال: وثنا حبان، عن عطاء، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة،
عن رسول الله مثله.
وبسند واه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: ' تنتظر النفساء أربعين ليلة، فإن
رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر، وإن جاوزت الأربعين، فهي بمنزلة المستحاضة؛
تغتسل وتصلي، فإن غلبها الدم توضأت لكل صلاة '.
فيه عمرو بن الحصين - تركوه - عن ابن علاثة.
حسين بن علوان - كذاب - عن هشام، عن أبيه، عن عائشة بنحوه.
92

الصلاة المواقيت
75 - مسألة:
تجب بأول الوقت وجوبا موسعا.
وقال الحنفية: بآخره.
الدارقطني: وجدت بخط أحمد بن عمرو بن جابر، أبنا علي بن
عبد الصمد الطيالسي، ثنا هارون بن سفيان، ثنا عتيق بن يعقوب، ثنا مالك، عن
نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الشفق: الحمرة؛ فإذا غاب وجبت
الصلاة '.
قلت: فيه نكارة.
76 - مسألة:
آخر الظهر مصير ظل الشيء مثله من موضع الزوال.
وقال أبو حنيفة: بل مثليه.
وقال مالك: يمتد وقت الإدراك إلى الغروب.
الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث عن عياش، عن حكيم بن حكيم،
أخبرني نافع بن جبير، أخبرني ابن عباس، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أمني جبريل عند
93

البيت؛ فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى
العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر
الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم
الطعام على الصائم، وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب
لوقته الأول، والعشاء الآخر حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت
الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك،
والوقت ما بين هذين '.
خرجه (ت) وحسنه.
وقال (خ): أصح ما في المواقيت حديث جابر.
ابن المبارك، عن حسين بن علي بن حسين، حدثني وهب بن كيسان، عن
جابر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جاءه جبريل، فقال: قم فصل. فصلى الظهر حين زالت
الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله. فصلى العصر حين صار ظل كل شيء
مثله، ثم جاءه المغرب، فقال: قم فصلى حين وجبت الشمس، ثم جاءه [ق 21 - أ] /
العشاء، فقال: قم فصله. فصلى حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر، فقال: قم
فصله. فصلى حين برق الفجر - أو قال: حين سطع الفجر - ثم جاءه من الغد
الظهر، فقال: قم فصله. فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه
العصر، فقال: قم فصله. فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه
المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل - أو قال:
ثلث الليل - فصلى العشاء، ثم جاءه الفجر حين أسفر جدا، فقال: قم فصله.
فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين وقت '.
قلت: (ت) قد رواه عطاء، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، عن جابر
نحوه.
94

77 - مسألة:
للمغرب وقتان الثاني إلى غيبوبة الشفق.
وقال مالك والشافعي: وقت واحد.
لنا: أحمد، ثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،
قال رسول الله: ' إن للصلاة أولا وآخرا، وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول
الشمس، وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت العصر حين يدخل
وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب
الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت عشاء الآخرة حين يغيب
الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر،
وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس '.
خرجه (ت) وقال: سمعت محمدا يقول: أخطأ فيه ابن فضيل،
وحديث الأعمش عن مجاهد أصح.
وقال الدارقطني: لا يصح حديث ابن فضيل مسندا.
قلت: (ت) ثنا هناد، نا أبو أسامة، عن أبي إسحاق الفزاري، عن
الأعمش، عن مجاهد، قال: ' كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا... ' فذكر
نحو حديث ابن فضيل.
قلت: قال المؤلف: ابن فضيل ثقة؛ فيجوز أن يكون عند الأعمش
بسندين.
وصحح (ت) لعلقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال:
' أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] رجل، وسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: أقم معنا. فأمر بلالا،
فأقام، فصلى حين طلع الفجر، ثم أمره، فأقام حين زالت، ثم أمره فصلى العصر
95

والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس ثم أمره بالعشاء
فأقام حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد، فنور بالفجر، ثم أمره بالظهر و (أنعم)
أن يبرد ثم أمره بالعصر، فأقام والشمس آخر وقتها؛ ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن
يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء حين ذهب ثلث الليل، ثم قال: أين السائل عن
مواقيت الصلاة؟ قال الرجل: أنا. فقال: مواقيت الصلاة بين هذين '.
صححه (ت) وخرجه (م ت س ق).
[ق 21 - ب] / جماعة، نا بدر بن عثمان، نا أبو بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] [أنه]: ' أتاه سائل فسأله عن مواقيت الصلاة، فأمر بلالا، فأقام... '
وذكر نحو حديث بريدة، وقال: ' الوقت ما بين هذين '.
خرجه (م د س).
همام، نا قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه
قال: ' وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل كل شيء كطوله، ما لم يحضر
العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يغرب الشفق،
ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع
الشمس '.
رواه (م).
سفيان عن الزهري، عن أنس مرفوعا: ' إذا حضر العشاء فأقيمت الصلاة؛
فابدؤا بالعشاء '
96

أخرجاه.
وعقيل، عن الزهري، عن أنس؛ ولفظه: ' إذا قدم العشاء، فابدءوا به قبل
أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم '.
لفظ (خ).
عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله: ' إذا وضع عشاء
أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه '.
وكان ابن عمر يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه
يسمع قراءة الإمام '.
أخرجاه.
فذكروا حديث ابن عباس؛ وفيه ' أنه صلى المغرب لوقته الأول ' وحديث
جابر بنحو منه.
وفيه: ' ثم جاءه المغرب في المرة الثانية وقتا واحدا '.
وحديث حميد بن الربيع - واه - نا محبوب بن الجهم، ثنا عبيد الله بن
عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' أتاني جبريل حين طلع
الفجر... ' الحديث.
وفيه، في المغرب: ' ثم أتاني حين سقط القرص فقال: قم فصل، ثم أتاني
في الغد حين سقط القرص، فقال: قم فصل '.
خرجه الدارقطني.
ومحبوب أوليس
بحجة.
97

أيوب بن عتبة، ثنا أبو بكر بن حزم، عن عروة، عن ابن أبي مسعود، عن
أبيه - إن شاء الله - ' أن جبريل أتى النبي [صلى الله عليه وسلم]: فذكر المواقيت، ثم أتاه من الغد
حين غابت الشمس وقتا واحدا '.
وأيوب ضعيف.
السيناني، نا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' هذا جبريل يعلمكم دينكم... ' فذكر حديث المواقيت، وفيه:
' ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، وكذلك صلاها في اليوم الثاني '.
خرجه الدارقطني، ومحمد أوليس
بقوي.
ابن لهيعة، ثنا بكير بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الساعدي،
عن أبي سعيد مرفوعا: ' أمني جبريل... ' فذكر الحديث، وفيه: ' أنه صلى المغرب
حين غابت في اليومين '.
رواه أحمد.
ابن لهيعة أيضا، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم [ق 22 - أ] / أبي عمران، عن
أبي أيوب الأنصاري سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' بادروا بصلاة المغرب قبل
طلوع النجوم '.
رواه أيضا أحمد، وله شاهد.
أحمد، نا إسماعيل، نا ابن إسحاق، عن يزيد، عن مرثد بن عبد الله
اليزني، قال: ' قدم علينا أبو أيوب غازيا، وعقبة بن عامر يومئذ على مصر، فأخر
المغرب، فقام إليه أبو أيوب فقال: ما هذه الصلاة يا عقبة؟ قال: شغلنا. قال: أما
والله ما بي إلا أن يظن الناس أنك رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصنع هذا، أما سمعت
98

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: لا تزال أمتي بخير - أو على الفطرة - ما لم يؤخروا المغرب
إلى أن تشتبك النجوم '.
فهذه الأحاديث لا تقاوم ما تقدم، وأجاب أصحابنا بأن جبريل إنما أم بمكة،
وفعل النبي [صلى الله عليه وسلم] كان بعد بالمدينة.
قلت: ثم فعل المغرب في وقت واحد هو الأفضل، ويبقى وقت الجواز.
78 - مسألة:
الشفق هو الحمرة.
وقال أبو حنيفة: هو البياض.
ومر من حديث ابن عمر: ' الشفق: الحمرة '.
وفي الأحاديث الماضية أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى العشاء حين غاب الشفق، والمراد
الحمرة.
قالوا: ففي بعض الأحاديث أنه [صلى الله عليه وسلم] صلى العشاء حين اسود الأفق.
قلت: ذاك عند غيبوبة الحمرة، وهو أول الاسوداد.
79 - مسألة:
التغليس أفضل إذا اجتمعوا.
وقال أبو حنيفة: الإسفار أفضل.
ففي ' الصحيحين ': شعبة، عن الوليد بن العيزار، سمع أبا عمرو
الشيباني، ثنا صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار ابن مسعود - قال: ' سألت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم
أي؟ قال: ثم بر الوالدين '.
99

أحمد، ثنا يونس، ثنا الليث، عن عبد الله بن عمر، عن القاسم بن
غنام، عن جدته أم أبيه، عن جدته أم فروة، أنها سمعت رسول الله يقول: ' إن
أحب العمل إلى الله تعجيل الصلاة لأول وقتها '.
إسناده لين.
(ت) نا ابن منيع، نا يعقوب بن الوليد - متهم - عن عبد الله بن
عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: ' الوقت الأول رضوان الله، والوقت
الأخير عفو الله '.
الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إسحاق بن عمر،
عن عائشة قالت: ' ما صلى رسول الله صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله '.
رواه أحمد، ورواه الدارقطني، فقال: ' إلا مرتين '.
وإسحاق متروك.
قال الدارقطني: أوليس
سنده بمتصل.
وعن جرير مرفوعا: ' أول الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله '.
في سنده كذاب، أخرجه الدارقطني.
وخرج لإبراهيم بن زكريا - وهو هالك - عن إبراهيم بن عبد الملك
ابن أبي محذورة، حدثني أبي، عن جدي، قال رسول الله: ' أول الوقت رضوان
الله، ووسط الوقت رحمة الله، وآخر الوقت عفو الله '.
قال أحمد: من روى؟! هذا أوليس
هذا يثبت.
100

ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة ' أن نساء من المؤمنات كن يصلين مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى [ق 22 - ب] / أهلهن، ما يعرفهن أحد من
الغلس '.
متفق عليه.
عوف، عن أبي المنهال، عن أبي برزة: ' كان رسول الله ينفتل من صلاة
الغداة حين يعرف أحدنا جليسه '.
متفق عليه.
قلت: وفيه دليل على أنهم كانوا يصلون في الظ لمة بلا قناديل.
ابن وهب، نا أسامة بن زيد، أن ابن شهاب أخبره ' أن عمر بن عبد العزيز
كان قاعدا على المنبر، فأخر صلاة العصر شيئا، فقال عروة، أما إن جبريل قد أخبر
محمدا [صلى الله عليه وسلم] بوقت الصلاة. سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود
يقول: سمعت رسول الله يقول: نزل جبريل، فأخبرني بوقت الصلاة، فصليت
معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه - فحسب بأصابعه خمس صلوات - فرأيت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي الظهر حين تزول الشمس، وربما أخرها حين يشتد الحر،
ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء، فينصرف الرجل من الصلاة، فيأتي ذا
الحليفة قبل غروب الشمس، ويصلي المغرب حين تسقط الشمس، ويصلي العشاء
حين يسود الأفق، ويصلي الصبح مرة؛ فأسفر، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس
حتى مات، ثم لم يعد إلى أن يسفر '.
خرجه الدارقطني، وسنده جيد.
101

قالوا: محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن
رافع بن خديج، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم
للأجر '.
تابعه ابن عجلان، عن عاصم، وصححه (ت) وأخرجه (عو).
قلنا: هو محمول على ما إذا تأخر الجيران.
وروى سعيد بن يحيى الأموي في ' المغازي ' بإسناده ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما
بعث معاذا إلى اليمن، قال له: إذا كان الشتاء فصل الفجر في أول وقتها، ثم أطل
القراءة، وإذا كان الصيف فأسفر، فإن الليل قصير، والناس ينامون '.
قلت: مثل هذا لا يصح.
80 - مسألة:
تعجيل الظهر.
قال مالك: يستحب أن يؤخر حتى يصير الفيء ذراعا.
عوف، عن أبي المنهال، سمع أبا برزة، وسأله أبي: ' كيف كان رسول الله
يصلي المكتوبة؟ قال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض
الشمس، وكان يصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حية '.
أخرجاه.
الثوري، عن حكيم بن جبير - وضعف - عن إبراهيم، عن الأسود، عن
عائشة قالت: ' ما رأيت أحدا كان أشد تعجيلا للظهر من رسول الله وأبي بكر
وعمر '.
102

81 - مسألة:
وتعجيل العصر أفضل.
وقال أبو حنيفة: تأخيرها أفضل ما لم تصفر الشمس.
ولنا: حديث أبي برزة، وقد مر.
وفي ' الصحيحين ' للزهري، عن أنس ' أن رسول الله كان يصلي
العصر، فيذهب أحدنا إلى العوالي والشمس مرتفعة '.
قال الزهري: العوالي على ميلين أو ثلاثة من المدينة.
الدارقطني: نا المحاملي [ق 23 - أ] / وأبو عمر القاضي قالا: نا عبد الله بن شبيب -
واه - نا أيوب بن سليمان، نا أبو بكر بن أبي أويس، حدثني سليمان بن بلال، نا
صالح بن كيسان، عن حفص بن عبيد الله، عن أنس: ' صليت مع رسول الله
العصر، فلما انصرف، قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، إن عندي جزورا
أريد أن أنحرها، فأحب أن تحضر، فانصرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وانصرفنا، فنحرت
الجزور، وصنع لنا منها وطعمنا منها قبل أن تغيب الشمس... ' الحديث.
الأوزاعي، حدثني أبو النجاشي، نا رافع بن خديج، قال: ' كنا نصلي مع
رسول الله صلاة العصر، ثم تنحر الجزور، فتقسم عشر قسم، ثم تطبخ، فنأكل
لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس '.
أبو النجاشي: هو عطاء بن صهيب، مولى لرافع بن خديج.
أخرجاه.
الدارقطني، حدثني أبي، ثنا محمد بن أبي بكر، نا عبد السلام بن
103

عبد الحميد، ثنا موسى بن أعين، عن الأوزاعي، عن أبي النجاشي، سمع رافع بن
خديج يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ألا أخبركم بصلاة المنافق؟ أن يؤخر العصر
حتى إذا كانت (كثرب) البقرة صلاها '.
فذكروا: أبو عاصم، نا عبد الواحد بن نافع، قال: ' دخلت مسجد المدينة،
فأذن مؤذن العصر، وشيخ جالس فلامه، وقال: إن أبي أخبرني أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
كان يأمر بتأخير هذه الصلاة. فسألت عنه، فقالوا: هذا عبد الله بن رافع بن خديج '.
عبد الواحد واه، وشيخه أوليس
بقوي.
معلى بن منصور، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، ثنا الشيباني عن العباس بن
ذريح، عن زياد بن عبد الله النخعي، قال: ' كنا جلوسا مع علي في المسجد
الأعظم، فجاءه المؤذن، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين. فقال: اجلس. فجلس، ثم
عاد فقال ذلك له، فقال علي: هذا الكلب يعلمنا السنة!! فقام علي فصلى بنا
العصر، ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه [جلوسا] فجثونا للركب
لنزول الشمس للمغيب نتراءاها '.
زياد، قال الدارقطني: مجهول.
قلت: ولا يدل على استحباب التأخير.
82 - مسألة:
الصلاة الوسطى: العصر.
وهو قول علي، وأبي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد،
وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وسمرة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة،
104

وجمهور التابعين.
وقال مالك والشافعي: الفجر.
همام، نا قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة، عن علي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال
يوم الأحزاب: ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى
غابت الشمس '.
أخرجاه.
الأعمش، عن مسلم، عن شتير بن شكل، عن علي: قال رسول الله يوم
الأحزاب: ' شغلونا [ق 23 - ب] / عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم
نارا، وصلاها بين العشاءين '.
خرجه (م).
الثوري، عن عاصم، عن زر ' أن عبيدة سأل عليا عن الصلاة الوسطى،
فقال: كنا نعدها الفجر حتى سمعنا النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول يوم الأحزاب: شغلونا عن
الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا '.
أخرجه الدارقطني، وسنده قوي.
محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود قال: ' حبس
المشركون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن صلاة العصر حتى اصفارت أو احمارت الشمس،
فقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى، ملأ الله أجوافهم وقبورهم - أو حشا الله
أجوافهم وقبورهم - نارا '.
رواه (م).
ولهم: مالك، عن زيد بن أسلم، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس
105

مولى عائشة قال: ' أمرتني عائشة أن أكتب مصحفا ثم قالت: إذا بلغت هذه الآية
فآذني. فلما بلغتها آذنتها، فأملت. حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة
العصر. وقالت: سمعتها من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
رواه (م).
فضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء، قال: ' نزلت هذه الآية:
' حافظوا على الصلوات وصلاة العصر ' فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها فنزلت
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) * فقال رجل كان جالسا عند
شقيق: فهي إذا صلاة العصر، فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف
نسخها الله '.
تفرد به (م).
قلنا: هي الوسطى، وهي العصر.
83 - مسألة:
ويستحب تأخير العشاء خلافا لأحد قولي الشافعي.
ابن عيينة، عن عمرو وابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس ' أن رسول الله
أخر العشاء حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فقال له عمر: يا رسول الله، نام
النساء والولدان، فخرج فقال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هذه
الساعة ' (خ م).
عوف، عن أبي المنهال، عن أبي برزة: ' كان رسول الله يستحب أن تؤخر
العشاء التي يدعونها: العتمة ' (خ م).
106

أيوب بن جابر، عن سماك، عن جابر بن سمرة: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يؤخر العتمة ' (م).
داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: ' انتظرنا رسول الله ليلة لصلاة العشاء،
حتى ذهب نحو من شطر الليل، فجاء فصلى وقال: لولا ضعف الضعيف، وسقم
السقيم، وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل '.
قلت: صحيح، خرجه (د س).
[ق 24 - أ] / عبيد الله بن عمر، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه '.
صححه (ت).
فذكروا حديث أبي مسعود المذكور: ' كان يصلي العشاء حين يسود
الأفق '.
وحديث أبي عوانة، عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم،
عن النعمان بن بشير قال: ' أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة - يعني العشاء -
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصليها لسقوط القمر لثالثة '.
قلت: خرجه (د ت س).
وقد رواه جرير عن رقبة، عن أبي بشر، عن حبيب، فأسقط رجلا. تابعه
هشيم، عن أبي بشر.
قلنا: أحاديثنا أصح وأكثر.
107

الأذان
84 - مسألة:
هو فرض كفاية خلافا لأكثرهم.
لنا: أيوب عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، قال: ' أتينا رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]، فأقمنا عنده عشرين ليلة [وكان رحيما] رفيقا، فظن أنا قد اشتقنا إلى
أهلنا فقال: ارجعوا إلى أهليكم، وليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم '.
أخرجاه.
85 - مسألة.
لا يستحب الترجيع.
وقال الشافعي: بل يستحب.
أحمد، نا يعقوب، نا أبي، نا ابن إسحاق، ذكر الزهري، عن سعيد،
عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: ' لما أجمع رسول الله أن يضرب بالناقوس
لجمع الناس للصلاة، وهو كاره؛ لموافقة النصارى، طاف بي من الليل طائف وأنا
نائم رجل عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوس يحمله، فقلت له: يا عبد الله، ألا
تبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك
على خير من ذلك؟ فقلت: بلى. قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله
أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله،
أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على
الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني
108

غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله،
أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة
قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: فلما أصبحت أتيت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخبرته بما رأيت، فقال: إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله. ثم أمر
بالتأذين، فكان بلال يؤذن بذلك، ويدعو رسول الله إلى الصلاة، فدعاه ذات غداة
إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله نائم، فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير
من النوم. قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر،
فهذا لا ترجيع فيه '.
قلت: وقد أخرجه (د ت ق) من حديث ابن إسحاق، عن التيمي
محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه.
اختصره الترمذي وصححه.
عيسى بن يونس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: ' كان [ق 24 - ب] الأذان
على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرتين مرتين والإقامة مرة مرة '.
رواه الدارقطني.
ولهم: أحمد، نا روح، نا ابن جريج، أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك
ابن أبي محذورة؛ أن عبد الله بن محيريز أخبره - وكان يتيما في حجر أبي محذورة -
قال: ' قلت لأبي محذورة: أخبرني عن تأذينك، قال: نعم، خرجت في نفر،
فكنت في بعض طريق حنين مقفل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فلقينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فأذن
موذنه، فسمعناه، فصرخنا نحكيه، ونستهزئ به، فسمع النبي [صلى الله عليه وسلم] الصوت،
فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال: أيكم الذي سمعت صوته وارتفع؟ فأشار
القوم كلهم إلي - وصدقوا - فأرسلهم كلهم وحبسني، قال: قم فأذن بالصلاة.
109

فقمت ولا شيء أكره إلي من النبي [صلى الله عليه وسلم] وما يأمرني به، فقمت بين يديه، فألقى
علي التأذين هو بنفسه: ' الله أكبر الله أكبر - كذلك قال روح مرتين - أشهد أن
لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن
محمدا رسول الله. ثم قال لي: ارجع فامدد من صوتك. ثم قال لي: قل: أشهد
أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن
محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي
على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم دعاني حين قضيت التأذين،
فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرها
على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، وقال: بارك الله فيك، وبارك عليك.
فقلت: يا رسول الله، مرني بالتأذين بمكة، قال: قد أمرتك به. وذهب كل شيء
كان لرسول الله من كراهية، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
وثنا عفان، نا همام، نا عامر الأحول، حدثه مكحول؛ أن عبد الله بن
محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] علمه الأذان تسع عشرة
كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة... ' الحديث.
وفيه: ' أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا
رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. ثم رجع ذلك ' وفيه: ' والإقامة مثنى
مثنى، الله أكبر، الله أكبر، [الله أكبر، الله أكبر] أشهد أن لا إله إلا الله،
أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله،
حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد
قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله '.
تابعه هشام الدستوائي، صححه (ت).
110

قلت: وهو في (م عو).
ورواه الحارث بن عبيد، عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه،
عن جده.
ورواه (د) عن محمد بن داود، عن زياد بن يونس، عن نافع بن عمر،
عن عبد الملك، عن [عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة].
ورواه ابن جريج، عن عثمان بن السائب، عن أبيه وأم عبد الملك معا،
عن أبي محذورة.
ورواه إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك وجده، عن أبي محذورة.
خرج الدارقطني من حديث سعد القرظ أنه وصف أذان بلال، وفيه الترجيع.
قال المؤلف: إنما كرر النبي [صلى الله عليه وسلم] على أبي محذورة الشهادتين لتثبت عنده
ويحفظها.
وحديث سعد القرظ لم يثبت.
86 - مسألة:
الله أكبر في أول الأذان أربع.
وقال مالك: مرتان.
واحتجوا بخبر روح الماضي، وتابعه البرساني كذلك.
وأحمد، نا سريج بن النعمان، عن الحارث بن عبيد، عن محمد بن
111

عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده؛ أن نبي الله علمه الأذان، فذكر
التكبير فيه مثنى.
قالوا: وروى أبو داود من حديث معاذ ' أن عبد الله بن زيد جاء إلى
رسول الله فاستقبل القبلة، وقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله. فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: لقنها بلالا '.
قلنا: رواة الزيادة ثقات، وهم أحفظ، وكان بلال يفعله.
وكذا جاء في حديث أبي محذورة وسعد القرظ.
87 - مسألة:
وتفرد الإقامة.
وقال أبو حنيفة: مثنى.
وفي ' الصحيحين ' لأيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: ' أمر بلال أن
يشفع الأذان، ويوتر الإقامة '.
ابن مهدي، عن شعبة، عن أبي جعفر، سمع أبا المثنى يحدث عن ابن عمر،
قال: ' كان الأذان على عهد رسول الله مرتين مرتين، والإقامة واحدة، غير أن
المؤذن كان إذا قال: قد قامت الصلاة. قالها مرتين '.
عبد الله بن عبد الوهاب، ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن
أبي محذورة، حدثني جدي ' أنه سمع أباه أبا محذورة يحدث أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
أمره أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة '.
أخرجهما الدارقطني.
فذكروا: ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن
112

عبد الله بن زيد قال: ' كان أذان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شفعا شفعا في الأذان والإقامة '.
أخرجه (ت).
وقال الدارقطني: ثنا ابن صاعد، ثنا الحسن بن يونس الزيات، ثنا أسود
ابن عامر، نا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن
ابن أبي ليلى، عن معاذ قال: ' قام عبد الله بن زيد، فقال: يا رسول الله، رأيت
في النوم كأن رجلا نزل من السماء، فأذن مثنى مثنى، ثم جلس، ثم قام فقال:
مثنى مثنى، فقال: علمها بلالا. قال عمر: قد رأيت مثل الذي رأى، ولكنه
سبقني '.
ثم ساق الدارقطني بسند ضعيف عن أبي جحيفة ' أن بلالا أذن لرسول الله
بمنى صوتين صوتين [ق 25 - ب] / وأقام بمثل ذلك.
قالوا: وقد روى الدارقطني أن الأسود وسويد بن غفلة قالا: ' كان بلال
يثني الإقامة '.
وقال مجاهد: كان الأذان والإقامة مثنى مثنى، فلما قام بنو أمية أفردوا
الإقامة.
وقال النخعي: أول من نقص الإقامة معاوية.
قلنا: أحاديثنا أصح، وقد روينا عن النخعي موافقتنا.
قال بكير بن الأشج: أدركت أهل المدينة في الأذان مثنى، وفي الإقامة مرة.
ثم إن مذهبنا مروي عن الخلفاء الأربعة، وابن عمر وابن عباس وأنس،
والفقهاء السبعة والحسن وسالم، وعمر بن عبد العزيز والزهري والقرظي وخلق.
ونقل التثنية عن الثوري، وابن المبارك.
113

88 - مسألة:
قد قامت الصلاة مرتين؛ للنصوص.
وقال مالك: مرة.
ولهم: الحميدي، ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ
القرظ، حدثني عمار وعمر ابنا حفص بن سعد، عن عمر بن سعد، عن أبيه، أنه
سمعه يقول: ' هذا الأذان أذان بلال... ' فذكره، ثم قال: ' والإقامة واحدة
واحدة؛ تقول: قد قامت الصلاة مرة واحدة '.
رواه الدارقطني.
89 - مسألة:
يؤذن للفجر بليل.
وقال أبو حنيفة: لا.
الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا: ' إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا
حتى يؤذن ابن أم مكتوم '.
أخرجاه.
عبدة، نا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.
وعن القاسم، عن عائشة قالا: ' كان للني [صلى الله عليه وسلم] مؤذنان: بلال وابن
أم مكتوم، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن
ابن أم مكتوم '.
أخرجاه.
114

أبو هلال، عن سوادة بن حنظلة، عن سمرة، قال رسول الله: ' لا يمنعكم
من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق '.
رواه (م).
(د) نا القعنبي، نا عبد الله بن عمر بن غانم، عن عبد الرحمن بن زياد،
عن زياد بن نعيم، أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال: ' لما كان أول أذان
الصبح، أمرني النبي [صلى الله عليه وسلم] فأذنت، فجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر
إلى ناحية المشرق إلى الفجر؛ فيقول: لا. حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف
فتوضأ، فأراد بلال أن يقيم، فقال له: إن أخا صداء أذن، ومن أذن فهو يقيم.
فأقمت '.
ابن زياد الأفريقي ضعيف.
أحمد، نا عفان، نا همام، حدثني سوادة، سمعت سمرة يقول: إن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يغرنكم نداء بلال؛ فإن في بصره سوءا '.
صحيح.
[ق 26 - أ] / حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر (أن بلالا أذن قبل
طلوع الفجر، فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام - ثلاث مرات -
فرجع فنادى: ألا إن العبد نام '.
صحيح.
الدارقطني، نا محمد بن نوح، نا معمر بن سهل، نا عامر بن مدرك، نا
115

عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر ' أن بلالا أذن قبل الفجر، فغضب
النبي [صلى الله عليه وسلم] فأمره أن ينادي: إن العبد نام. فوجد بلال وجدا شديدا '.
الدارقطني، نا العباس بن عبد السميع، نا محمد بن سعد العوفي، نا
أبي، نا أبو يوسف القاضي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس ' أن بلالا أذن قبل
الفجر، فأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يصعد فينادي: إن العبد نام. ففعل، وقال: ليت
بلالا لم تلده أمه، وابتل من نضح دم جبينه '.
محمد بن القاسم الأسدي - كذاب - نا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن
أنس قال: ' أذن بلال، فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يعيد، فرقي وهو يقول: ليت بلالا
ثكلته أمه، وابتل من نضح دم جبينه. يرددها حتى صعد، ثم قال: إن العبد - نام
مرتين - ثم أذن حين أضاء الفجر '.
وقد روي هذا عن الحسن، وحميد بن هلال وغيرهما، عن بلال.
وقد خرج (د) من حديث شداد مولى عياض، عن بلال، أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا - ومد يديه عرضا '.
والجواب: قد روى حديث سمرة جماعة عن سوادة، فلم يقولوا: ' في
بصره سوء '.
قلت: زيادة الثقة مقبولة.
قال: وحديث حماد بن سلمة، قال (ت): قال ابن المديني: هو غير
محفوظ، أخطأ فيه حماد.
قال المؤلف: تابعه سعيد بن زربي أحد الضعفاء.
116

قال الدارقطني: الصواب ما روى شعيب بن حرب، عن عبد العزيز بن
أبي رواد، عن نافع ' عن (مؤذن) لعمر كان يقال له: مسروح، أذن قبل
الصبح، فأمره عمر أن يرجع فينادي ' وقد وهم فيه عامر بن مدرك. وقد مر.
قال: وتفرد أبو يوسف بخبره عن ابن أبي عروبة وغيره، رواه عن قتادة
مرسلا، وهو أصح، وشداد لم يلق بلالا.
قال ابن خزيمة: كان الأذان نوبا بين بلال وابن أم مكتوم؛ فكان يتقدم بلال
مرة، ويتأخر ابن أم مكتوم، ويتقدم ابن أم مكتوم، ويتأخر بلال؛ فيجوز أن يكون
قال هذا في اليوم الذي كانت نوبته التأخر.
90 - مسألة:
يثوب في الفجر.
وقال الشافعي: لا يثوب.
ولنا: أحمد، نا حسن بن الربيع، نا أبو إسرائيل، نا الحكم، عن
ابن أبي ليلى، عن بلال: ' أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن لا أثوب في شيء من
الصلاة، إلا في صلاة الفجر '.
[ق 26 - ب] / فيه أبو إسرائيل الملائي إسماعيل، ضعفوه.
وقيل: لم يسمعه من الحكم، بل من الحسن بن عمارة عنه.
ابن جريج، نا عثمان بن السائب، عن أبيه، عن أبي محذورة ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] علمه الأذان، وقال: إذا أذنت من الصبح، فقل: الصلاة خير من النوم '.
رواه الدارقطني بلفظه.
117

أبو أسامة، نا ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس قال: ' من السنة إذا
قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح. قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة
خير من النوم '.
وهذا ثابت.
وقالت الحنفية: بل يقول ذلك بين الأذان والإقامة، وذكروا أن بلالا أذن،
ودعا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى الصلاة، فقالوا: إنه نائم. فقال: الصلاة خير من النوم '.
91 - مسألة:
يستحب أن يقيم من أذن.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا.
ولنا: حديث الصدائي المذكور.
ولهم: أحمد، نا زيد بن الحباب، أنا أبو سهل محمد بن عمرو،
أخبرني محمد بن عبد الله بن زيد، عن عمه عبد الله بن زيد ' أنه أري الأذان،
قال: فجئت إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: ألقه على بلال. فألقيته، فأذن، قال: فأراد
أن يقيم، فقلت: يا رسول الله، أنا رأيت، أريد أن أقيم. قال: فأقم أنت. قال:
فأقام هو، وأذن بلال.
قلنا: أراد تطييب قلبه.
قلت: حديث الصدائي لا يثبت، والاستحباب يدل عليه عمل بلال
وغيره.
118

92 - مسألة:
يجوز أن يدور المؤذن في المنارة.
وعنه: يكره - كقول الشافعي:
سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: ' أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] بالأبطح،
وهو في قبة له حمراء، فخرج بلال بفضل وضوئه [صلى الله عليه وسلم]، فبين ناضح ونائل، قال:
فأذن بلال، فكنت أتبع فاه هكذا وهكذا - يعني يمينا وشمالا '.
أخرجاه.
93 - مسألة:
يسن الجلوس بين أذان المغرب وإقامتها خلافا لأبي حنيفة والشافعي.
خرج (ت) من حديث عبد المنعم صاحب السقاء - مجهول - نا يحيى
ابن مسلم، عن الحسن وعطاء، عن جابر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لبلال: يا بلال،
إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ
الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته '.
قال (ت): إسناده مجهول.
94 - مسألة:
لا يسن للمرأة إقامة، خلافا للشافعي.
وقد حكى أصحابنا - مرفوعا -: ' ليس على النساء أذان ولا إقامة '.
وهذا لا نعرفه، إنما أورده سعيد في ' سننه '، عن الحسن، وإبراهيم،
والشعبي، وسليمان بن يسار، وقد حكي عن عطاء قال: يقمن.
وخرج الدارقطني من حديث الوليد بن جميع، عن أمه، عن أم ورقة ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] أذن لها أن يؤذن [ق 27 - أ] / لها ويقام، وتؤم نساءها '.
119

وهذا لم يصح.
95 - مسألة:
إذا فاتته صلوات أذن للأولى، ويقيم للصلوات.
وقال أبو حنيفة: يؤذن ويقيم لهن.
وقال مالك: لا يؤذن.
وعن الشافعي كقولنا وقول مالك.
أحمد، نا هشيم، نا أبو الزبير، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي عبيدة
ابن عبد الله قال: قال عبد الله: ' إن المشركين شغلوا رسول الله عن أربع صلوات
يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى
الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلي العشاء '.
سنده صالح.
96 - مسألة:
وكذلك يفعل في صلاتي الجمع.
وقال أبو حنيفة: يجمع بأذان وإقامتين بعرفة، وأذان وإقامة بمزدلفة.
الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مالك ' أن ابن عمر صلى بجمع،
فجمع بين الصلاتين بإقامة وقال: ' رأيت رسول الله فعل مثل هذا هنا '.
أخرجه (ت).
وروى نحوه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] علي وابن مسعود، وجابر وأسامة.
97 - مسألة:
لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان.
120

وقال مالك والشافعي: [يجوز].
أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص قال: ' إن من آخر ما عهد
إلي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا '.
(ق ت) وحسنه.
121

موضع الصلاة والقبلة
98 - مسألة:
إذا تحرى القبلة فأخطأ فلا إعادة عليه؛ خلافا للشافعي.
(ت) نا محمود، نا وكيع، نا أشعث بن سعيد، عن عاصم بن
عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه: ' كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في سفر
في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حاله، فلما أصبحنا
ذكرنا ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فنزل: * (فأينما تولوا فثم وجه الله) *.
(ت): ليس إسناده بذاك، وأشعث يضعف.
قال المؤلف: وعاصم ضعيف.
محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر قال:
' كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في مسير، فأصابنا غيم، فاختلفنا في القبلة، فصلى كل رجل
منا على حدة، وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم]
فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: قد أجزأت صلاتكم '.
ابن سالم واه.
ويروى عن محمد بن عبيد الله العرزمي - تالف - عن عطاء نحوه.
99 - مسألة:
لا تصح الصلاة في مواضع النهي.
وعنه: تصح وتكره - كقولهم.
122

أحمد، نا وكيع، عن أبي سفيان بن العلاء، عن الحسن، عن عبد الله
ابن مغفل، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا حضرت الصلاة وأنتم في مرابض الغنم،
فصلوا، وإذا حضرت الصلاة وأنتم في أعطان [ق 27 - ب] / الإبل، فلا تصلوا؛ فإنها خلقت من
الشياطين '.
وخرجه (س ق) من حديث أشعث، ويونس، عن الحسن، لم يقل
أشعث: ' فإنها خلقت من الشياطين '. وسنده صحيح.
أحمد، نا عبد الله بن الوليد، نا سفيان، عن سماك، عن جعفر بن أبي
ثور، عن جابر بن سمرة ' أن رجلا سأل رسول الله: أأصلي في مراح الغنم؟ قال:
نعم. قال: أفأصلي في أعطان الإبل؟ قال: لا '.
ابن وهب، حدثني عاصم بن حكيم، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني،
عن أبيه، عن عقبة بن عامر، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' صلوا في مرابض الغنم
ولا تصلوا في أعطان الإبل - أو مبارك الإبل '.
أحمد، ثنا أبو معاوية، نا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء قال: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة في
مبارك الإبل، فقال: ' لا تصلوا فيها؛ فإنها من الشياطين '.
أحمد، نا يعقوب، نا عبد الملك بن الربيع بن سبرة، عن أبيه، عن جده
123

' أن رسول الله نهى أن يصلى في أعطان الإبل، ورخص أن يصلى في مراح
الغنم '.
ومر في الوضوء حديث أسيد بن حضير وغيره.
المقرئ، نا يحيى بن أيوب، عن زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن
نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يصلى في سبعة مواطن: في
المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق
ظهر بيت الله '.
خرجه (ت ق) وزيد واه.
أبو صالح، نا الليث، حدثني نافع، عن ابن عمر، عن عمر؛ أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' سبعة مواطن لا تجوز فيها الصلاة؛ ظهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة،
والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق '.
خرجه ابن ماجة، وأبو صالح أوليس
بعمدة.
الدراوردي عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام '.
وكان الدراوردي تارة يسقط أبا سعيد منه.
100 - مسألة:
لا تصح الفريضة في الكعبة، ولا على ظهرها.
وقال أبو حنيفة: تجوز إذا [كان] بين يديه شيء.
وعن مالك كالمذهبين.
124

وقال الشافعي: لا تصح، إلا أن يستقبل سترة مثبتة، أو خشبة شاخصة
متصلة بالبناء.
وحجتنا الحديث المذكور.
101 - مسألة:
إذا صلى في دار غصب أو ثوب غصب، لم تصح.
وعنه: تصح كالباقين.
أحمد، نا شاذان، نا بقية، عن عثمان، بن زفر، عن هاشم، عن ابن
عمر: ' من اشترى ثوبا بعشرة فيها درهم حرام، لم يقبل له صلاته ثم أدخل
أصبعيه في أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقوله '.
هاشم لا ندري من هو.
125

ستر العورة
102 - [ق 28 - أ] / مسألة:
العورة من السرة إلى الركبة.
وعنه: القبل والدبر - كقول داود.
ولنا:
[يزيد] أبو خالد القرشي - وليس بحجة - نا ابن جريج، أخبرني حبيب
ابن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعا: ' لا تبرز فخذك، ولا تنظر
إلى فخذ حي، ولا ميت '.
قلت: تابعه روح، ورواه حجاج بن محمد - وهو الثبت - عن ابن
جريج، قال: أخبرت عن حبيب رواه (د ق) وعاصم ليس بذاك.
إسرائيل، عن أبي يحيى القتات (عن) مجاهد، عن ابن عباس قال: ' مر
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على رجل فخذه خارجة، فقال: غط فخذك؛ فإن فخذ الرجل من
عورته '.
أبو يحيى ضعيف.
ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن زرعة بن عبد الله بن جرهد، عن جرهد،
أن رسول الله مر عليه وفخذه مكشوفة في المسجد، فقال له: ' يا جرهد، غط
فخذك؛ فإن الفخذ عورة '.
126

قلت: ابن أبي الزناد فيه لين يسير.
أحمد، نا هشيم، نا حفص بن ميسرة، عن العلاء، عن أبي كثير مولى
محمد ابن جحش، عن محمد بن جحش، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه مر على معمر
محتبيا كاشفا طرف فخذه، فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]: خمر فخذك يا معمر؛ فإن الفخذ
عورة '.
سنده صالح.
سعيد بن راشد - متروك - عن عباد بن كثير - واه - عن زيد بن أسلم،
عن عطاء، عن أبي أيوب مرفوعا: ' ما فوق الركبة من العورة، وما تحت السرة '.
سوار أبو حمزة - لين - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا:
إذا زوج الرجل منكم عبده، فلا يرين ما بين ركبته وسرته؛ فإنه عورة '.
قلت: لهم أحاديث قوية لم يوردها المؤلف.
103 - [مسألة]:
والركبة غير عورة.
وقال أبو حنيفة: عورة.
ولهم: التبوذكي، نا النضر بن منصور، ثنا أبو الجنوب عقبة بن علقمة،
سمع عليا يقول: سمعت رسول الله يقول: ' الركبة من العورة '.
عقبة لين، والنضر مجهول.
104 - مسألة:
قدم المرأة عورة، وفي يديها روايتان.
127

وقال أبو حنيفة: ليسا عورة.
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد بن مهاجر، عن
أمه، عن أم سلمة: ' سألت النبي [صلى الله عليه وسلم]: أتصلي المرأة في درع وخمار، أوليس
لها
إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها '.
رواه مالك وابن أبي ذئب، وبكر بن مضر وحفص بن غياث وآخرون عن
محمد موقوفا، فرفعه غلط.
105 - مسألة:
يجب ستر المنكبين في الفريضة خلافا لهم.
أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يصل أحدكم في الثوب الواحد، ليس على منكبيه منه شيء '.
عند (خ): ' عاتقه ' وعند (م): ' عاتقيه '.
والأول لفظ أحمد، عن سفيان، عنه.
106 - مسألة:
إذا كان عليه نجاسة، لم تصح الصلاة إلا يسير الدم والقيح.
وقال أبو حنيفة: تصح مع قدر الدرهم من النجاسة. واختلفوا: هل [ق 28 - ب] / يعتبر
الدرهم بالمساحة أو بالوزن. وقال الشافعي: لا تصح إلا مع يسير دم البراغيث.
وبقية الدماء على قولين.
128

لنا: ما في ' الصحيحين ' من حديث ابن عباس: ' إنهما يعذبان؛ أما
أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله '.
وأما خبر: ' تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم ' فواه.
علي بن الجعد، عن أبي جعفر الرازي، عن قتادة، عن أنس، قال رسول الله:
' تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه '.
سنده وسط.
129

القيام في الصلاة
107 - مسألة:
يجب القيام في المركب.
وقال أبو حنيفة: لا يجب في السير.
وخرج الدارقطني حديثا فيه حسين بن علوان - كذاب -: ' لما بعث
النبي [صلى الله عليه وسلم] جعفر إلى الحبشة، قال يا رسول [الله] كيف أصلي في السفينة؟
قال: قائما، إلا أن تخشى الغرق '.
وخرج من حديث الخريبي، عن رجل كوفي، عن جعفر بن برقان، عن
ميمون، عن ابن عباس نحوه.
ثم قال: وثنا محمد بن موسى البربهاري، ثنا بشر بن فافا، ثنا أبو نعيم،
نا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر قال: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
عن الصلاة في السفينة، فقال: قائما إلا أن تخاف الغرق '.
بشر ضعف.
108 - مسألة:
من لا يقدر على الركوع والسجود لا يسقط عنه القيام.
وقال أبو حنيفة: يسقط.
130

إبراهيم بن طهمان، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن عمران قال:
' كان بي الناصور، فسألت النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة، فقال: صل قائما، فإن لم
تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب '. (خ).
109 - مسألة:
والعاجز يصلي على جنب، فإن استلقى ورجلاه إلى القبلة جاز.
وقال أبو حنيفة: لا يجزئه إلا أن يستلقي.
وعن الشافعي كالمذهبين.
الحسين بن الحكم الحيري، نا حسن بن حسين العرني، ثنا حسين بن
زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن أبيه،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يصلي المريض قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع
أن يسجد أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي
قاعدا، صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقيا؛ رجليه
مما يلي القبلة '.
قلت: حسين فيه مقال، والعرني ضعف.
110 - [مسألة]:
فإن عجز عن الإيماء برأسه أومأ بطرفه، فإن عجز فبقلبه.
وقال أبو حنيفة: تسقط عنه الصلاة.
131

صفة الصلاة
111 - مسألة:
يقومون إليها عند ذكر الإقامة، ويكبرون إذا فرغ (منها).
وقال أبو حنيفة: يقومون عند الحيعلة، ويكبرون عند ذكر الإقامة.
وقال الشافعي: يقومون إذا فرغ منها.
[ق 29 - أ] / ويروى عن ابن أبي أوفى، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا قال بلال: قد قامت
الصلاة، نهض.
ذكره أصحابنا.
112 - مسألة:
لا تنعقد الصلاة إلا بقول: الله أكبر.
وقال أبو حنيفة: تنعقد بكل لفظ قصد به التعظيم.
الثوري، عن ابن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن أبيه قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم '.
(ت): هذا أصح شيء في الباب.
كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بابن عقيل.
113 - مسألة:
ولا تنعقد بالله الأكبر.
132

وقال الشافعي وداود: تنعقد.
القطان، نا عبد الحميد بن جعفر، نا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد
الساعدي، كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه، ثم قال:
' الله أكبر '.
وروى أصحابنا من حديث رفاعة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' لا يقبل الله
صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه، ثم يستقبل القبلة ويقول: ' الله أكبر '.
114 - مسألة:
والتكبير من الصلاة، خلافا للحنفية.
حجاج الصواف، عن يحيى، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن
يسار، عن معاوية بن الحكم، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن هذه الصلاة لا يصلح فيها
شيء من كلام الناس، إنما (هي) التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن '.
رواه (م).
قالوا: فقال [صلى الله عليه وسلم]: وتحريمها التكبير ' والشيء لا يضاف إلى نفسه.
قلنا: قد يضاف الجزء إلى الجملة، كدهليز الدار.
115 - مسألة:
يسن رفع اليدين، خلافا للحنفي.
وعن مالك كالمذهبين.
الزهري، عن سالم، عن أبيه: ' رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة رفع يديه
حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع
بين السجدتين '.
133

أخرجاه.
شعبة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث ' كان النبي
[صلى الله عليه وسلم] إذا كبر رفع يديه، وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع '.
أخرجاه.
أحمد [ثنا يونس بن محمد] نا عبد الواحد، نا عاصم بن كليب، عن
أبيه، عن وائل بن حجر قال: ' استقبل رسول الله القبلة، فكبر ورفع يديه حتى كانتا
حذو منكبيه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، حتى كانتا حذو منكبيه، فلما ركع وضع
يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه '.
روى هذه السنة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: عمر، وعلي، وأبو موسى، ومحمد بن
مسلمة، وأبو قتادة، وابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وأبو سعيد، وأبو أسيد،
وجابر، وأنس، وأبو هريرة، وسهل، وابن الزبير، ووائل، ومالك بن الحويرث.
ولم يصح عن صحابي أنه لم يرفع؛ بل كان ابن عمر إذا [رأى] رجلا لا
يرفع يديه كلما خفض ورفع حصبه.
يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: ' كان أصحاب
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كأنما أيديهم المراوح؛ يرفعونها إذا ركعوا وإذا رفعوا رءوسهم '.
وقال [ق 29 - ب] / عبد الرزاق: أخذ أهل مكة - رفع اليدين في الافتتاح والركوع والرفع
منه - عن ابن جريج، وأخذه عن عطاء، وأخذه عطاء عن ابن الزبير، وأخذه ابن
الزبير عن أبي بكر، وأخذه أبو بكر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قالوا: أحاديثكم منسوخة بخبر ابن عباس: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرفع يديه
134

كلما ركع وكلما رفع، ثم صار إلى افتتاح الصلاة، وترك ما سوى ذلك '.
وبخبر ابن الزبير ' أنه رأى رجلا يرفع يديه من الركوع، فقال: مه، فإن هذا
شيء فعله رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم تركه '.
وهذان منكر من القول، ومن شرط الناسخ أن يكون في قوة المنسوخ، ثم
المحفوظ عن ابن عباس، وابن الزبير الرفع.
قالوا: ولنا:
أحمد، نا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن
ابن الأسود، عن علقمة قال: قال عبد الله: ' ألا أصلي بكم صلاة رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]؟ فصلى، فلم يرفع يديه إلا مرة '.
وروى إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا محمد بن جابر، عن حماد، عن
إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: ' صليت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومع أبي بكر
وعمر، فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة '.
محمد بن جابر ضعيف، وغير حماد يروونه عن إبراهيم، عن عبد الله من
قوله، والأول فقيل: إن عبد الرحمن لم يسمع من علقمة.
وقال ابن المبارك: لا يثبت هذا الحديث، ثم يجوز أن يخفى هذا على
عبد الله، كما خفي نسخ التطبيق وغير ذلك.
إسماعيل بن زكريا، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن البراء ' أنه
رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] حين افتتح الصلاة رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، ثم لم يعد إلى
شيء من ذلك حتى فرغ من صلاته '.
135

يزيد ضعيف.
وقال النسائي: متروك.
وقال الدارقطني: إنما لقن يزيد في آخر عمره: ' ثم لم يعد... ' فتلقنه،
وكان قد اختلط.
وكذا قال ابن عيينة: لقن يزيد هذا لما كبر.
قال (خ): رواه الحفاظ الذين سمعوه من يزيد قديما؛ منهم الثوري وشعبة
وزهير، أوليس
فيه: ' ثم لم يعد '.
وقال (د): رواه هشيم وخالد وابن إدريس، عن يزيد، ولم يذكروا فيه:
' ثم (لا) يعود '.
وقد روى ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى، عن البراء قال: رأيت رسول الله رفع يديه حين افتتح الصلاة، ثم لم
يرفعهما حتى انصرف.
قال: (د): وهذا أوليس
بصحيح.
وقال الدارقطني: ثنا أبو بكر الأدمي، ثنا عبد الله بن محمد بن أيوب، نا
علي بن عاصم، نا ابن أبي ليلى، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى، عن البراء قال: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين قام إلى الصلاة فكبر ورفع
يديه حتى ساوى بهما أذنيه، ثم لم يعد '.
قال علي: فلما قدمت الكوفة قيل [ق 30 - أ] / لي: إن يزيد حي، فأتيته فحدثني بهذا،
قال: حدثني عبد الرحمن، عن البراء قال: ' رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] حين قام إلى الصلاة،
فكبر ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه، فقلت: أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلت: ثم
لم يعد، قال: لا أحفظ هذا. فعاودته، فقال: لا أحفظ هذا '.
136

قلت: ابن عاصم متكلم فيه من قبل حفظه أيضا.
شعبة، عن سليمان، سمعت المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر
ابن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه دخل المسجد، فأبصر قوما قد رفعوا أيديهم، فقال:
قد رفعوها كأنها أذناب الخيل الشمس، اسكنوا في الصلاة '.
خرجه (م).
محمد بن عكاشة - متهم - نا المسيب بن واضح، نا ابن المبارك، عن
يونس، عن الزهري، عن أنس مرفوعا قال: ' من رفع يديه في التكبير، فلا صلاة
له '.
قلت: هذا باطل.
ويروى عن مأمون بن أحمد الهروي - كذاب - عن المسيب نحوه.
ورووا عن ابن عباس مرفوعا: ' لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن: عند
افتتاح الصلاة، وعند استقبال البيت، وعند الصفا والمروة، وعند الجمرتين، وعند
الموقف '.
والمعروف موقوف، ولفظه: ' ترفع الأيدي ' وجاءوا نحوا من ذلك عن
عمر، وعلي، ولا يصح.
وعن مجاهد: ' صليت خلف ابن عمر سنتين فلم يرفع يده إلا في التكبيرة
الأولى '.
وهذا منكر.
وقد روى أبو داود من حديث ميمون المكي ' أنه رأى ابن الزبير - وصلى
بهم - يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد، فذهبت إلى ابن عباس
137

فأخبرته بذلك، فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاقتد بصلاة
ابن الزبير '.
وروى طاوس عن ابن عباس ' أنه كان يرفع يديه في المواطن الثلاثة '.
فهذا يبطل ما رووا عن ابن عباس وابن الزبير.
وأما حديث جابر بن سمرة فصحيح، لكن يوضحه:
أحمد، نا محمد بن عبيد، نا مسعر، عن عبيد الله بن القبطية قال:
سمعت جابر بن سمرة قال: ' كنا نقول خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سلمنا: السلام
عليكم، السلام عليكم، يشير أحدنا بيده عن يمينه وشماله، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس، ألا يكفي
أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وشماله؟! '.
خرجه (م).
116 - مسألة:
الرفع إلى حذو المنكب.
وقال أبو حنيفة: إلى حيال الأذنين.
وعن أحمد التخيير.
117 - مسألة:
يسن وضع اليمين على الشمال، خلافا لرواية عن مالك.
عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر [ق 30 - ب] /: ' أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فقلت: لأنظرن كيف يصلي. فاستقبل القبلة ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه،
ثم أخذ شماله بيمينه '.
138

ابن جحادة، نا عبد الجبار بن وائل، عن أخيه علقمة، عن وائل بن حجر
' أنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] حين دخل في الصلاة، وضع يده اليمنى على اليسرى '.
خرجه (م).
الثوري وغيره، نا سماك، عن قبيصة بن هلب، عن أبيه: ' رأيت رسول الله
يضع هذه على صدره - ووصف يحيى القطان اليمنى على اليسرى فوق المفصل '.
(ت): ثنا قتيبة، نا أبو الأحوص، عن سماك بهذا، ولفظه: ' فيأخذ
شماله بيمينه '.
وفي ' سنن الدارقطني ' في ذلك عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس
مرفوعا: ' إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصلاة '.
قلت: طلحة واه.
النضر بن إسماعيل، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعا:
إنا معاشر الأنبياء.... ' الحديث.
والنضر ليس بالقوي كشيخه.
رواه الدارقطني عن ابن صاعد، عن زياد بن أيوب عنه، وهو يصلح
للاعتبار.
118 - مسألة:
وتوضع تحت الصدر أو تحت السرة؛ مخير.
والأول قول الشافعي:
وفي خبر وائل بن حجر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه كان يضعهما فوق السرة '.
139

وفي زيادات ' المسند ': نا لوين، نا يحيى بن أبي زائدة، نا عبد الرحمن
ابن إسحاق، عن زياد بن زيد السوائي، عن أبي جحيفة، عن علي قال: ' إن من
السنة وضع الأكف على الأكف تحت السرة '.
وهذا لا يصح، عبد الرحمن واه.
119 - مسألة:
يسن الافتتاح خلافا لمالك.
ولنا أحاديث؛ فنستفتح بسبحانك اللهم وبحمدك.
وقال الشافعي: وجهت وجهي.
عبد الله بن شبيب - واه - نا إسحاق بن محمد، عن عبد الرحمن بن عمرو
ابن شيبة، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا
كبر للصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك... ' الحديث.
قال الدارقطني: رفعه عبد الرحمن، والمحفوظ عن عمر قوله.
الحسين بن علي بن الأسود - وهاه ابن عدي - ثنا محمد بن الصلت، ثنا
أبو خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس: ' كان رسول الله إذا افتتح الصلاة كبر ثم
رفع يديه، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك... ' الحديث.
خرجه الدارقطني.
قال المؤلف: إسناده ثقات.
قلت: قال ابن عدي: الحسين كان يسرق الحديث.
(ت) ثنا محمد بن موسى، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا علي بن علي
140

الرفاعي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد [ق 31 - أ] / قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا قام
إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك،
وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم '.
قلت: علي فيه لين، ووثقه أبو زرعة.
طلق بن غنام، نا عبد السلام بن حرب، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء،
عن عائشة قالت: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم
وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك '.
تفرد به طلق.
وقد خرجه الترمذي من طريق حارثة بن أبي الرجال - وهو واه - عن
عمرة، عن عائشة.
فاحتجوا بابن الماجشون، نا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الأعرج، عن
عبيد الله بن أبي رافع، عن علي ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا كبر استفتح ثم قال:
وجهت وجهي للذي فطر السماوات - إلى قوله -: وأنا أول المسلمين ' مختصر.
وهو لفظ أحمد في ' مسنده '.
يزيد بن عبد ربه الحمصي، ثنا شريح بن يزيد، عن شعيب بن أبي حمزة،
عن ابن المنكدر، عن جابر ' أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال: إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول
المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدي لأحسنها إلا
أنت، وقني سيئ الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت '.
141

سنده قوي، خرجه الدارقطني.
قلنا: قد كان المصطفى يقول ذلك في وقت، أو في أول الأمر، أو في
النافلة، أو بعد الاستفتاح، وإنما الكلام فيما داوم عليه.
وقد قال أحمد: نا أبو سعيد مولى بني هاشم، نا ابن الماجشون بالحديث
المذكور بسنده ولفظه إلى أن قال: ' وأنا من المسلمين، لا إله إلا أنت، أنت
ربي وأنا أعبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، لا يغفر
الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت،
واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب
إليك '.
وإذا ركع قال: ' اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك
سمعي وبصري، ومخي وعظامي وعصبي '. وإذا رفع قال: ' سمع الله لمن حمده،
ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد '.
وإذا سجد قال: ' اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت سجد وجهي
للذي خلقه وصوره فأحسن صوره، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن
الخالقين '.
رواه (م).
[ق 31 - ب] / وقد اتفقنا على أنه لا يسن قول هذا كله في الاستفتاح.
قلت: هذا اتفاق عجيب.
120 - مسألة:
ثم يتعوذ.
142

وقال مالك: لا يتعوذ في الفريضة.
قلنا: مر حديث أبي سعيد ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يتعوذ... '.
فذكروا خبرا للوليد؛ نا الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس: ' كنا
نصلي خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بأم القرآن فيما
يجهر به '.
وفي لفظ (خ م): ' كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين '.
قلنا: المراد: القراءة.
أحمد، نا إسماعيل، نا ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين '.
صححه الترمذي.
121 - مسألة:
وبعد التعوذ يبسمل سرا.
وقال مالك: لا يبسمل.
ولهم: حديث أنس المار.
الدارقطني، ثنا إبراهيم بن حماد، نا أخي محمد، نا سليمان بن
عبد العزيز بن أبي ثابت، نا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن، عن أبيه عن
جده الحسن بن علي، عن علي قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ: بسم الله الرحمن
الرحيم '.
143

قلت: إن صح هذا فلا حجة فيه؛ لأنه ما قال في الصلاة؛ بل سكت.
122 - مسألة:
البسملة ليست آية في كل سورة، وهل هي من آي الفاتحة؟ على روايتين.
وللشافعي في غيرها قولان:
قد مر حديث: ' كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله '.
ومالك، عن العلاء، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول:
سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' قال الله: قسمت الصلاة بيني وبين
عبدي نصفين ' قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يقول العبد: الحمد لله رب العالمين. يقول
الله: حمدني عبدي '.
رواه (م).
أحمد، نا محمد، نا شعبة، عن قتادة، عن عباس الجشمي، عن أبي
هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى
غفر له، وهي تبارك '.
ولا يختلف العادون أنها ثلاثون من غير البسملة.
ولهم:
عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا قرأتم الحمد، فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم؛
فإنها أحد آياتها '.
وهذا، الصحيح وقفه إن صح.
وفي لفظ: ' بسم الله الرحمن الرحيم أم القرآن، وهي أم الكتاب، وهي
144

السبع المثاني ' رواه الدارقطني.
حديث: ' قسمت الصلاة بيني وبين عبدي؛ يقول عبدي إذا افتتح الصلاة:
بسم الله الرحمن الرحيم. فيذكرني عبدي... ' الحديث.
تفرد به عبد الله بن زياد بن سمعان - متروك - عن العلاء بن عبد الرحمن،
[ق 32 - أ] / وبسند واه عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' من ترك بسم الله الرحمن
الرحيم؛ فقد ترك آية من كتاب الله '.
فيه سليم بن مسلم المكي، قال ابن معين: أوليس
بثقة.
وبسند لين عن ابن عباس: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفتتح الصلاة ببسم الله
الرحمن الرحيم، يقول: ' من تركها فقد ترك آية من كتاب الله من أفضلها '.
وفي لفظ لبحر السقاء - المتروك - عن من سماه نحوه.
وروى عبد الرحمن بن عبد الله العمري - وهو متهم - عن أبيه، عمن
ذكره، عن ابن عمر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا افتتح الصلاة يبدأ بسم الله
الرحمن الرحيم '.
وعن بريدة مرفوعا قال: ' لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية - أو
سورة - لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري. فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب
المسجد، فأخرج رجله وبقيت الأخرى، فأقبل علي فقال: أي شيء تفتتح القرآن إذا
افتتحت الصلاة؟ قلت: ببسم الله الرحمن الرحيم. قال: هي هي. ثم خرج '.
رواه الدارقطني، في سنده سلمة بن صالح الأحمر - واه - وله عن يزيد
أبي خالد - لين - عن عبد الكريم أبي أمية.
وعن أم سلمة: ' كان رسول الله يقرأ: * (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) * قطعها آية آية، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية '.
فيه عمر بن هارون، متروك، عن ابن جريج.
145

123 - مسألة:
لا يسن الجهر بها، خلافا للشافعي.
شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: ' صليت خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر
وعمر وعثمان، فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ' لفظ أحمد.
ولفظ (م): ' فلم أسمع أحدا منهم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم '.
وفي لفظ (خ م): ' كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله '.
الجريري، عن قيس بن عباية، حدثني ابن عبد الله بن مغفل قال: ' سمعني
أبي وأنا أقرأ: * (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) *، فلما
انصرفت، قال: يا بني، إياك والحدث في الإسلام؛ فإني صليت خلف رسول الله
وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم.
ولم أر رجلا قط أبغض إليه الحدث منه ' لفظ أحمد.
رواه جماعة عن الجريري.
ورواه أبو حنيفة، عن أبي سفيان، عن يزيد بن عبد الله بن مغفل.
خرجه (ت س ق).
ولفظ (ت): ' فلم أسمع أحدا منهم يقولها '.
وجاء الجهر عن معاوية وعطاء ومجاهد وطاوس.
واعترض على ما سقنا بأنه قد جاء عن أنس خلاف ذلك، الثاني: أنه روي
عنه إنكار هذا في الجملة.
146

أحمد، نا غسان بن مضر، نا سعيد بن يزيد أبو مسلمة، قال: ' سألت
أنسا: أكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، أو الحمد لله رب
العالمين؟ [ق 32 - ب] / قال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه - أو ما سألني أحد قبلك '.
وسنده صحيح، ثم إن ابن مغفل مجهول، وقيس: غيره أقوى منه.
وتأولوا قوله: ' فكانوا لا يجهرون ' أي: ما كانوا يجهرون بها جهرا،
كجهرهم بباقي السورة؛ لأن القارئ يبتدئ القراءة ضعيف الصوت.
ثم قوله: فلم أسمع. لا ينفي أن [غيره] قد يكون سمع لقربه من الإمام،
وإنما كان يتقدم الأكابر.
وقوله: ' يفتتحون بالحمد ' أي بالسورة المسماة بذلك.
ثم احتجوا بتسعة أحاديث:
نعيم المجمر: ' صليت خلف أبي هريرة فقال: بسم الله الرحمن الرحيم.
ثم قرأ بأم القرآن، فلما سلم قال: والذي نفسي بيده، إني لأشبهكم صلاة
برسول الله '.
سنده قوي، لكن لم يصرح بأنه جهر بها أبو هريرة، فلعله سمعها منه لقربه
منه، وقد خافت بها.
قلت: ثم الحديث يدل على أنها غير أم القرآن.
عثمان بن خرزاذ، حدثني منصور بن أبي مزاحم، من كتابه - ثم مكة بعد
147

من كتابه - نا أبو أويس، أنا العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان
إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم '.
قلت: ما حكه من خير، وأبو أويس ضعفه أحمد، وقال ابن عدي: كان
يسرق الحديث.
وعن النعمان بن بشير في ذلك.
وعن علي: وعمار ' أنهما صليا خلف رسول الله، فجهر بها '.
وعن ابن عباس: ' لم يزل رسول الله يجهر بها '.
وعن علي: ' كان رسول الله يجهر بها في السورتين جميعا '.
وعن أنس نحوه.
وعن سمرة: ' كان لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] سكتتان: سكتة إذا قرأ بسم الله
الرحمن الرحيم، وسكتة إذا فرغ من القراءة '.
وعن الحكم بن عمير قال: ' صليت خلف النبي فجهر '.
وعن مجالد بن ثور، وبشر بن معاوية ' أنهما وفدا على رسول الله فعلمهما
الابتداء ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها في الصلاة '.
والكل لا يثبت.
عبيد بن رفاعة ' أن معاوية قدم المدينة فصلى بالناس صلاة جهر فيها
بالقراءة، وأنه قرأ أم الكتاب ولم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم ركع حينئذ
ولم يكبر، ثم قام في الثانية فلم يكبر، فلما صلى وسلم ناداه المهاجرون والأنصار
من كل ناحية: يا معاوية، أسرقت صلاتك، أم نسيت؟! أين بسم الله الرحمن
الرحيم حين افتتحت أم القرآن؟ وأين الله أكبر حين وضعت جبينك وحين قمت؟
فلما صلى بهم الصلاة الأخرى قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وكبر حين سجد
وحين قام '.
148

قلت: رواه جماعة [ق 33 - أ] / عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، وتفرد به عن
إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه.
ورواه الشافعي: عن يحيى بن سليم، وإبراهيم بن محمد، عن ابن خثيم.
قالوا: وروى ابن المسيب ' أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا كانوا يجهرون
ببسم الله الرحمن الرحيم '.
عثمان بن عبد الرحمن - واه - عن الزهري، عنه.
وروى عطاء الخراساني، قال: ' صليت خلف علي وعدة من الصحابة،
كلهم يجهرون ببسم الله '.
وروى ضميرة، عن علي قال: ' من لم يجهر في صلاته بها، فقد خدج
صلاته '.
وقال صالح بن نبهان: ' صليت خلف أبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة وابن
عباس، فكانوا يجهرون '.
وكذلك جاء عن ابن عمر.
قالوا: وأحاديثكم رواها صحابيان، وأحاديثنا رواها أربعة عشر صحابيا، ثم
أحاديثكم محتملة وأحاديثنا صريحة، وأحاديثكم شهادة على نفي، وأخبارنا مثبتة،
وأحاديثنا تقتضي زيادة، والأخذ بالزائد أولى، ثم يمكننا الجمع بين الأحاديث؛
فنقول: كان يفتتح بالحمد أي بسورة الحمد، ولم يسمع منه الجهر من أنكره،
وسمعه من رواه.
قلنا: أجود ما لكم خبر أبي مسلمة، وجوابه أن حديثنا أصح منه. الثاني:
يحتمل أن أنسا نسي لما كبر. الثالث: أن يكون مراد السائل: أكان يذكرها في
الصلاة، أو يتركها فلا يسرها؟ فقال: لا أعلم، أو ما سألني عن هذا أحد.
149

وأما حديث ابن مغفل فرجاله ثقات، وقيس قال الخطيب: لا أعلم أحدا رماه
ببدعة، ولا بكذب في روايته، وابن عبد الله فاسمه يزيد.
ثم كيف يتصور أن يصلي أنس خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] عشر سنين فلا يسمعه يوما
ما يجهر بها، ثم يتمادى على ذلك زمان الخلفاء الثلاثة، وقد كان عمر جهوري
الصوت، ما كان ممن يخفى صوته على أنس لو جهر بها، ثم رواية عطاء الخراساني
منقطعة، وتفرد بها ابنه يعقوب - واه.
وخبر علي فيه حسين بن عبد الله بن ضميرة - هالك.
قال المؤلف: وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسن لمن له علم بالنقل أن
يعارض بها الصحاح، ويكفي في هجرانها إعراض أصحاب المسانيد والسنن عن
جمهورها.
وقد حكى لنا مشايخنا أن الدارقطني لما ورد مصر، سأله بعض أهلها أن
يصنف شيئا في الجهر فصنف فيه جزءا، فأتاه بعض المالكية، فأقسم عليه أن يخبره
بالصحيح من ذلك، فقال: كل ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الجهر فليس بصحيح،
فأما عن الصحابة فبعضه صحيح.
ثم تجرد أبو بكر الخطيب لجمع أحاديث الجهر، فأزرى على علمه بتغطيته ما
ظن أنه لا ينكشف.
ثم [ق 33 - ب] / تحمل أحاديثهم على أنه جهر بها إن جهر للتعليم، أو كما يتفق له من
إسماعهم الآية أحيانا في الظهر.
ثم قد روى أبو داود بإسناده، عن سعيد بن جبير ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان
150

يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان مسيلمة يدعى: رحمان اليمامة، فقال أهل
مكة: إنما يدعو إله اليمامة، فأمر الله رسوله فإخفائها، فما جهر بها حتى مات '.
فهذا يدل على نسخ الجهر.
124 - مسألة:
الجهر بآمين للإمام والمأموم.
وقال أبو حنيفة: لا يجهران.
الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن (حجر بن عنبس) عن وائل بن
حجر: ' سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ: * (ولا الضالين) * فقال: آمين - مد بها صوته '.
رواه (ت) وصححه الدارقطني.
قالوا: رواه شعبة، فقال بدل ' مد ': وأخفى بها صوته '.
قال الدارقطني: يقال: وهم فيه شعبة؛ لأن سفيان ومحمد بن سلمة بن
كهيل وغيرهما رووه عن سلمة، فقالوا: ' ورفع صوته بآمين ' وهو الصواب.
الدارقطني، نا الفارسي، نا يحيى بن عثمان بن صالح، نا إسحاق بن
إبراهيم، حدثني عمرو بن الحارث، نا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، عن الزهري،
عن أبي سلمة، وسعيد عن أبي هريرة قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا فرغ من قراءة
القرآن، رفع صوته وقال: آمين '.
قال الدارقطني: إسناده حسن.
151

قلت: فيه إسحاق بن زبريق، وقد اختلف فيه حتى إن محمد بن عوف قد
كذبه.
ويروى عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لكن من طريق بحر بن كنيز - متروك.
125 - مسألة:
وجوب الفاتحة.
وعنه: تجزئه آية، كقول أبي حنيفة.
ففي ' الصحيحين ' لمحمود بن الربيع، عن عبادة مرفوعا: ' لا صلاة لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب '.
وللدارقطني: ' لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ' وصحح
إسناده.
ورواه بلفظ آخر: ' لا تقرءوا إذا جهرت إلا بأم القرآن ' وإسناده ثقات.
ولمسلم: العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائب قال: سمعت
أبا هريرة يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من صلى صلاة، لم يقرأ فيها بأم القرآن،
فهي خداج، فهي خداج، غير تمام. فقلت: يا أبا هريرة، إني أحيانا أكون وراء
الإمام. فقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي '.
قالوا: هذا محمول على الكمال، وذكروا أحمد، نا يحيى بن سعيد، عن
جعفر بن ميمون، نا أبو عثمان النهدي، عن أبي هريرة ' أن رسول الله [أمره]
أن يخرج فينادي: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، فما زاد '.
نعيم بن حماد، أنا ابن المبارك، حدثنا أبو حنيفة، عن عطاء، عن أبي هريرة،
152

قال: ' نادى منادي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: لا صلاة إلا بقراءة، ولو بفاتحة الكتاب '.
تفرد به أحمد بن عبد الله بن محمد الكوفي، ولا يعرف عن نعيم، وفيه
مقال، وكذا جعفر بن ميمون؛ قال ابن معين: أوليس
بثقة. وقال غيره: ليس بقوي.
جبارة - لين - نا شبيب بن شيبة - واه - عن هشام، عن أبيه، عن عائشة
مرفوعا [ق 34 - أ] /: ' كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين، فهي خداج '.
واحتجوا بحديث أبي هريرة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] علم رجلا الصلاة فقال:
كبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن '.
أخرجاه.
ويروى عن أبي سعيد - ما أدري من أين أتوا به؟! - مرفوعا: ' لا صلاة إلا
بالفاتحة أو غيرها '.
فقوله للرجل، لعله قبل نزول الفاتحة، أو قد ضاق الوقت عليه أن يحفظها، أو
كانت معلومة عنده، وأنها واجبة، فعلم النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه يعرف ذلك، فما ذكرها له.
126 - مسألة:
لا تجب على المأموم.
وقال الشافعي: تجب في السر، وإن جهر فقولان.
لنا: (جابر الجعفي) - واه - عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: ' من
كان له إمام فقراءته له قراءة '.
أخرجه أحمد.
إسحاق الأزرق، عن أبي حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن
شداد، عن جابر مرفوعا مثله.
153

الدارقطني، ثنا الخلدي، ثنا محمود بن محمد المروذي، ثنا سهل بن
العباس الترمذي - متروك - قال ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر بهذا.
الدارقطني، نا النيسابوري، نا بحر بن نصر، نا يحيى بن سلام - واه -
نا مالك، نا وهب بن كيسان، عن جابر، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: كل صلاة لا
يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، إلا أن تكون وراء الإمام '.
محمد بن الفضل بن عطية - متروك - عن أبيه، عن سالم، عن ابن عمر
مرفوعا: ' من كان له إمام... ' الحديث.
قيس بن الربيع، عن محمد بن سالم، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي،
قال رجل للنبي [صلى الله عليه وسلم]: أقرأ خلف الإمام؟ قال: بل أنصت '. فيه ثلاثة ضعفاء.
عاصم بن عبد العزيز - لين - عن أبي سهيل، عن عون، عن ابن عباس
مرفوعا: ' تكفيك قراءة الإمام؛ خافت أو جاهر '.
حجاج بن أرطأة، عن قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين قال: ' كان
النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي بالناس ورجل يقرأ خلفه، فلما فرغ قال: من ذا الذي خالجني
سورتي؟!. فنهاهم عن القرآن خلف الإمام '.
تفرد به سلمة الأبرش عن حجاج، ولا يثبت.
معاوية بن صالح، نا أبو الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن أبي الدرداء قال:
' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أفي كل صلاة قلراءة؟ قال: نعم. فقال رجل: وجبت
هذه؟ فقال رسول الله لي - وكنت أقرب القوم إليه -: ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا
قد كفاهم ' رواه شعيب بن أيوب، عن زيد بن الحباب، عنه.
154

أبو يحيى التيمي - ضعيف - عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا:
' من كان له إمام فقراءته له قراءة '.
والجميع من الدارقطني واهية، أمثلها خبر أبي الدرداء، وقد رواه ابن وهب،
عن معاوية، وآخر الخبر موقوف.
ثم أخذ المؤلف (ينكس) على بعض الأحاديث.
واحتجوا بخبر ابن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن
عبادة، قال: [ق 34 - ب] / صلى النبي [صلى الله عليه وسلم] صلاة جهر فيها، فقرأ رجل خلفه، فقال: ' لا
يقرأن أحدكم والإمام يقرأ إلا بأم القرآن '.
خرجه (خ) في كتاب ' القراءة وراء الإمام ' ثنا أحمد بن خالد، نا ابن
إسحاق.
محمد بن عبد [الوهاب] نا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن
عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' من صلى صلاة مع إمام، فجهر،
فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاته؛ فإن لم يفعل فصلاته خداج '.
محمد بن عبد الله هو المحرم واه.
الربيع بن بدر - واه - عن أيوب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: ' صلى
بنا رسول الله، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ' أتقرءون خلف الإمام؟ فقلنا: إن فينا
من يقرأ. قال: فبفاتحة الكتاب '.
يحيى بن يوسف الزمي - ثقة - نا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن أيوب،
عن أبي قلابة، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته
155

أقبل عليهم فقال: ' أتقرءون في صلاتكم والإمام يقرأ؟ فسكتوا - قالها ثلاثا -
فقال قائل: إنا لنفعل. قال: فلا تفعلوا وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في
نفسه '.
والثلاثة من ' سنن الدارقطني ' فقال أحمد في الأول: تفرد برفعه ابن
إسحاق.
فإن قيل: قال (خ): نا هشام، نا صدقة بن خالد، نا زيد بن واقد، عن
(حزام) بن حكيم، ومكحول عن ابن ربعية الأنصاري، عن عبادة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' لا يقرأن أحدكم إذا جهرت إلا بأم القرآن '.
قلنا: زيد بن واقد، قال أبو زرعة: أوليس
بشئ، وقواه غيره. قيل: فرواه
إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبادة
ابن الصامت. قلنا: فيه انقطاع، وإسماعيل أوليس
بحجة، قيل: فرواه الدارقطني من
وجوه.
قلنا: الكل فيه مقال.
156

127 - مسألة:
يسن للمأموم أن يقرأ بسورة مع الحمد في المخافتة.
وقال أبو حنيفة: لا تسن القراءة خلف الإمام.
محمد بن المبارك الصوري، ثنا صدقة بن خالد، نا زيد بن واقد، عن
حزام بن حكيم ومكحول، عن نافع بن محمود، أنه سمع عبادة يقول: قال
رسول الله: ' لا يقرأن أحد منكم شيئا إذا جهرت إلا بأم القرآن '.
قال الدارقطني: رجاله ثقات.
ثم روى عن عمر بن علك، ثنا أحمد بن سيار، ثنا زكريا الوقار، ثنا بشر
ابن بكر، ثنا الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا
أسررت بقراءتي فاقرءوا، وإذا جهرت فلا يقرأن معي أحد '.
زكريا وضاع.
وذكروا خبر عمران بن حصين ' أن رسول الله نهاهم عن القراءة خلف
الإمام '.
قلت: محمول على جهره. فإن الله أمرنا بالإنصات.
128 - مسألة:
تجب (الفاتحة) في كل ركعة.
وقال أبو حنيفة: تجب في ركعتين.
قلنا: علم الرسول ذاك الأعرابي، فأمره بالقراءة، ثم قال: ' افعل ذلك في
صلاتك كلها '.
157

متفق عليه.
[ق 35 - أ] / وسيأتي ذلك، ويأتي حديث رفاعة الزرقي.
يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان
يصلي، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، وفي
الركعتين الأخريين بأم الكتاب، وكان يطيل أول ركعة من صلاة الفجر، وأول ركعة
من صلاة الظهر ' أخرجاه.
أحمد، نا عبد الرحمن، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن
كثير بن مرة، عن أبي الدرداء، أن رجلا قال: ' يا رسول الله، أفي كل صلاة
قرآن؟ فقال: نعم. فقال رجل من الأنصار: وجبت هذه '.
وقد روى أصحابنا من حديث أبي عبادة، وأبي سعيد؛ أمرنا رسول الله أن
نقرأ بالفاتحة في كل ركعة.
ورووا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة '.
وما عرفت هذين الحديثين.
فذكروا أن الأشعريين قالوا لأبي لأبي مالك الأشعري: صل بنا صلاة رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]. فقرأ في الأوليين، ولم يقرأ في الأخريين.
قلنا: أين سنده؟
وعن علي، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' القراءة في الأوليين ' وهذا صنعه الحارث -
وهو مجروح - عن علي، ووقفه بعضهم.
محمد بن مهاجر - كذاب - ثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن أبي يزيد
158

المدني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ' ليس في الظهر والعصر قراءة '.
129 - مسألة:
لا تسن قراءة السورة في الأخريين خلافا لأحد قولي الشافعي.
لنا: حديث أبي قتادة المذكور.
قلت: وللشافعي حديث صحيح في قراءة الأخريين من الظهر على النصف
من الأوليين، وأن قراءة الأوليين من العصر على نحو الأخريين من الظهر.
130 - مسألة:
يستحب تطويل الأولى من كل صلاة.
وقال أبو حنيفة: في الفجر فقط.
وقال الشافعي: لا يطيل في الكل.
لنا: خبر أبي قتادة.
131 - مسألة:
لا يكره عد الآي في الصلاة.
وقال أبو حنيفة: يكره.
وذكر أصحابنا عن أنس قال: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعد الآي في
الصلاة '.
ولم يصح، إنما ذا عن الحسن، وإبراهيم، وعروة، وعطاء، وطاوس ' أنهم
كانوا لا يرون بعد الآي في الصلاة بأسا '.
132 - مسألة والجاهل يسبح بقدر الفاتحة.
159

وقال أبو حنيفة ومالك: لا يلزمه الذكر.
(ت) نا ابن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، عن يحيى بن علي بن يحيى
ابن خلاد بن رافع، عن جده، عن رفاعة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] علم رجلا،
فقال: إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع '.
قلت: حسنه (ت) وأخرجه (عو).
رواه همام وحماد وابن إسحاق، عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن
يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة، لكن أسقط حماد منه: عن أبيه.
ورواه (س د) من حديث إسماعيل بن جعفر، عن يحيى بن علي، عن
أبيه، عن جده، عن رفاعة. وهذا أصح
[ق 35 - ب] / ورواه بطوله.
الفضل السيناني، نا مسعر، عن إبراهيم السكسكي، عن ابن أبي أوفى،
قال: ' جاء رجل إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن، فعلمني
شيئا يجزئني من القرآن. فقال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله،
والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله '.
رواه (س).
عبد الرزاق، أنا الثوري، عن أبي خالد الدالاني، عن إبراهيم السكسكي،
عن ابن أبي أوفى؛ ' أن رجلا قال: يا رسول الله، إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن،
فما يجزئني في صلاتي؟ قال: تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة
160

إلا بالله، والله أكبر، ولا إله إلا الله. قال: هذا لله، فما لي؟ قال: تقول: اللهم
اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني وعافني '.
لفظ الدارقطني.
قلت: خرجه (د) من حديث وكيع، عن سفيان. والسكسكي:
صالح الحديث.
133 - مسألة:
الطمأنينة فرض، خلافا لمالك وأبي حنيفة؛ لحديث:
المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: ' دخل رجل المسجد، فصلى، ثم
جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فسلم، فرد عليه السلام وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل.
يفعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا، ما أحسن غير هذا
فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم
اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن
ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها '.
أخرجاه.
أحمد، نا يزيد، أنا محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي
(عن أبيه) عن رفاعة بن رافع قال: ' جاء رجل ورسول الله جالس في المسجد،
161

فصلى قريبا منه، ثم انصرف إلى رسول الله فسلم عليه، فقال: أعد صلاتك، فإنك
لم تصل. فرجع فصلى كنحو ما صلى، ثم انصرف إلى رسول الله، فقال: أعد
صلاتك، فإنك لم تصل. فقال: يا رسول الله، علمني. قال: إذا استقبلت القبلة
فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على
ركبتيك، وامدد ظهرك، ومكن لركوعك، فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى
ترجع العظام إلى مفاصلها، فإذا سجدت فمكن لسجودك، فإذا رفعت رأسك
فاجلس على فخذك اليسرى، ثم اصنع ذلك في كل ركعة '.
إسناده جيد.
همام، نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى، عن أبيه،
عن عمه رفاعة قال: دخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله [صلى الله عليه وسلم]،
فقال: وعليك، ارجع فصل فإنك لم تصل. فجعل الرجل يصلي، وجعلنا نرمق
صلاته، لا ندري ما يعيب عليه منها، فلما صلى جاء فسلم، فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
وعليك، ارجع فصل فإنك لم تصل. فقال الرجل: ما آلوت، وما [ق 36 - أ] / أدري ما عبت
علي من صلاتي، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ
الوضوء كما أمره الله؛ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى
الكعبين، ثم يكبر الله ويثني عليه، ثم يقرأ أم القرآن وما إذ ن له فيه وتيسر، ثم يكبر
فيركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله، ويقول: سمع الله لمن
حمده، ويستوي قائما حتى يقيم صلبه، ويأخذ كل عضو مأخذه، يم يكبر، ويسجد
فيمكن وجهه - وربما قال: جبهته - من الأرض حتى تطمئن مفاصله، ثم يكبر
ويستوي قاعدا، ويقيم صلبه... ' ووصف (الصلاة).
خرجه (عو).
162

الأعمش، عن عمارة بن عمير الليثي، عن أبي معمر الأزدي، عن أبي مسعود،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها ظهره في الركوع
والسجود '.
صححه (ت) وخرجه (عو).
ملازم بن عمرو وغيره، عن عبد الله بن بدر، حدثني عبد الرحمن بن علي
ابن شيبان، حدثني أبي مرفوعا: ' لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع
والسجود '.
رواه أحمد (ق).
عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن بدر الحنفي،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم
صلبه من ركوعه وسجوده '.
رواه أحمد، وعامر صدوق.
أبو وائل، عن حذيفة ' أنه رأى رجلا لا يتم ركوعا ولا سجودا، فلما
انصرف من صلاته، دعاه حذيفة، فقال: منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال: منذ
كذا وكذا، فقال حذيفة: ما صليت، أو: ما صليت لله صلاة. وأحسبه قال: ولو
مت، مت على غير سنة محمد [صلى الله عليه وسلم] '.
أخرجه البخاري.
عبد الحميد بن جعفر، نا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد
الساعدي قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه
163

حتى يحاذي منكبيه، ثم قال: الله أكبر. وركع، ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم
يقنع... ' الحديث بطوله.
أخرجه (خ).
قلت: فما صلى [صلى الله عليه وسلم] إلا مطمئنا.
وصح عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' صلوا
كما رأيتموني أصلي '.
فذكروا (شيئا) يروى عن ابن أبزى قال: ' صليت خلف رسول الله،
فلم يكبر بين السجدتين '.
قال أحمد: هو حديث منكر.
134 - مسألة:
يجمع الإمام والمنفرد بين التسميع والتحميد، ويقتصر المأموم على
التحميد.
ووافقنا [ق 36 - ب] / أبو حنيفة، ومالك في المأموم؛ قالا: فأما الإمام والمنفرد فيقتصران
على التسميع.
وقال الشافعي: يجمعهما المأموم.
ففي ' الصحيحين ' للزهري، عن أنس مرفوعا: ' إذا قال الإمام: سمع
الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد '.
الأعمش، عن عبيد بن الحسن المزني، سمع ابن أبي أوفى يقول: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك
164

الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد '.
قلت: ورواه شعبة عن عبيد.
خرجه (م د ق).
بريدة؛ قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا رفعت رأسك من الركوع فقل: سمع الله
لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد '.
رواه الدارقطني بسند ساقط.
عبد العزيز الماجشون، عن (عمه) عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،
عن علي قال: ' كان رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده،
ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد '.
صححه (ت).
سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا قال
الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد، فمن وافق قوله قول
الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه '.
وصححه (ت).
المقبري، عن أبي هريرة: ' كان رسول الله إذا قال: سمع الله لمن حمده،
قال: ربنا ولك الحمد '.
رواه (خ).
وعن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده؛ فليقل من
وراءه: ربنا ولك الحمد '.
165

رواه الدارقطني بسند مقارب.
135 - مسألة:
التكبير والتسبيح والتحميد، ورب اغفر لي، والتشهد الأول واجب خلافا
لأكثرهم.
قلنا: ثبتت مداومته [صلى الله عليه وسلم] على ذلك، وقد قال: ' صلوا كما رأيتموني
أصلي '.
وقد مر حديث علي وبريدة آنفا.
وعقيل، عن ابن شهاب، أنا أبو بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة
يقول: ' كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة، يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع،
ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا
لك الحمد. ثم يكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ويفعل ذاك في
الصلاة كلها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس.
أخرجاه.
أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة والأسود، عن عبد الله:
' كان رسول الله يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود، وأبو بكر وعمر '.
صححه (ت).
الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد، عن صلة بن زفر، عن حذيفة
' أنه صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] وكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وفي
سجوده: سبحان ربي الأعلى '.
166

صححه (ت).
أحمد، نا المقرئ، نا موسى بن أيوب، حدثني عمي إياس بن عامر،
سمعت عقبة بن عامر قال: ' لما نزلت: * (فسبح باسم ربك العظيم) * قال
رسول الله [ق 37 - أ] / [صلى الله عليه وسلم]: اجعلوها في ركوعكم. فلما نزلت: * (سبح اسم ربك الأعلى) * قال: اجعلوها في سجودكم '.
قلت: تابعه ابن المبارك.
خرجه (د ق) وموسى: شيخ.
معمر، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله، عن
أبي موسى، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده.
فقولوا: ربنا ولك الحمد '.
قلت: رواه جماعة عن قتادة، وأخرجه (م د س ق).
136 - مسألة:
السنة أن يضع ركبتيه قبل يديه، وفي رواية: ' يديه قبل ' كمالك.
شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر: ' رأيت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] إذا سجد، يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه '.
حسنه (ت) ورواه همام، عن عاصم مرسلا.
167

الدارقطني، نا الصفار، نا عباس الدوري، نا العلاء بن إسماعيل، نا
حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس قال: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
انحط بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه '.
ولهم الدارقطني، ثنا الحسين بن الحسين القاضي، نا محمد بن أصبغ بن
الفرج، نا أبي، نا الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] كان إذا سجد يضع يديه قبل ركبتيه '.
وروى مروان الطاطري، عن الدراوردي - وهذا المعروف - ثنا محمد بن
عبد الله ابن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا سجد
أحدكم، فليضع يديه قبل ركبتيه (ولا يبرك) بروك الجمل '.
قلت: خرجه (د س ت) تفرد به محمد.
وقد رواه أحمد في ' مسنده ' عن سعيد بن منصور، عن الدراوردي.
137 - مسألة:
لا يجزئ الاقتصار على الأنف في السجود، وفي الجبهة روايتان.
وقال أبو حنيفة: يجزئ.
لنا حديث رفاعة: ' لا يقبل الله صلاة أحدكم... ' وفيه: ' ثم يسجد
ويمكن وجهه ' وربما قال: ' وجبهته من الأرض '.
168

وصحح (ت) من حديث فليح، عن عباس بن سهل، عن أبي حميد
الساعدي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض '.
ناشب بن عمرو - واه - نا مقاتل بن حيان، عن عروة، عن عائشة قالت:
أبصر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] امرأة من أهله تصلي، ولا تضع أنفها بالأرض، فقال: ' ضعي
أنفك بالأرض؛ فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في الصلاة '.
فإن قالوا: فالدارقطني ضعف ناشبا. قلنا: ما قدح فيه غيره، ولا يقبل
التضعيف حتى يبين سببه.
قلت: هذا الكلام يدل على هوى المؤلف وقلة علمه بالدارقطني؛ فإنه ما
يضعف إلا من لا خير فيه.
ثم ساق المؤلف من ' كامل ' ابن عدي.
نا الباغندي، نا يحيى بن عثمان، نا محمد بن حمير، عن الضحاك بن
(حمرة) عن منصور بن زاذان [ق 37 - ب] / عن عاصم البجلي، عن عكرمة، عن ابن عباس
مرفوعا: ' من لم يلصق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد، لم تجز صلاته '.
الضحاك ليس بثقة.
نا أبو قتيبة، نا شعبة، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس
مرفوعا: ' لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض '.
تفرد برفعه أبو قتيبة. قاله ابن أبي داود، وأبو قتيبة ثقة.
169

قالوا: الحسن بن عرفة، نا إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله:
' قلت لوهب بن كيسان: ما لك لا تمكن جبهتك وأنفك من الأرض؟ قال: ذلك
أني سمعت جابرا يقول: رأيت رسول الله يسجد على جبهته على قصاص الشعر.
عبد العزيز ضعيف.
وبإسناد فيه كذاب، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' السجود على
الجبهة فريضة، وعلى الأنف تطوع '.
138 - مسألة:
لا يجزئ السجود على كور العمامة.
وعنه: يجزئ.
فرووا أنه [صلى الله عليه وسلم] كان يسجد على كور العمامة.
قلت: لم يصح.
139 - مسألة:
لا يجب كشف اليدين في السجود، خلافا لأحد قولي الشافعي.
ابن المبارك، نا زائدة، نا عاصم بن كليب، ثنا أبي، أن وائل بن حجر أخبره
قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؛ فنظرت، فقام فكبر، فرفع يديه،
ثم لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها، ثم رفع رأسه، فرفع يديه مثلها، ثم جئت بعد
ذلك في زمان فيه برد، عليهم جل الثياب، تحرك أيديهم من تحت الثياب.
رواه (خ) في كتاب ' رفع اليدين ' نا محمد بن مقاتل عنه.
140 - مسألة:
يجب السجود على سبعة أعضاء.
وقال أبو حنيفة: لا يجب إلا على الجبهة.
170

وعن الشافعي كالمذهبين.
عامر بن سعد، عن العباس، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا سجد الرجل، سجد
معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه ' رواه (م).
عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: ' أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يسجد
على سبعة أعضاء - ولا يكف شعرا ولا ثوبا -: الجبهة، واليدين، والركبتين،
والرجلين '.
رواه (خ م).
141 - مسألة:
المستحب أن ينهض من السجود على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه.
وعنه أنه يجلس جلسة الاستراحة على قدميه وأليتيه.
وبه قال الشافعي، إلا أنه قال: صفة الجلسة كالتي بين السجدتين. وقال
مالك: بل ينهض.
خالد بن إلياس - واه - عن صالح مولى التوءمة - ضعيف - عن أبي هريرة
قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] ينهض في الصلاة على صدور قدميه. خرجه (ت).
وصح من حديث أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، أنه رأى رسول الله [ق 38 - أ] /
[صلى الله عليه وسلم] يصلي، فكان إذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي جالسا.
142 - مسألة:
التشهد الأخير فرض.
171

وقال أبو حنيفة ومالك: تجب الجلسة دون الذكر.
لنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] علمهم التشهد، وأمرهم به فقال: ' قولوا: التحيات لله... '.
زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ
علقمة بيدي، وزعم أن ابن مسعود أخذ بيده وزعم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذ بيده،
فعلمه التشهد إلى قوله: ' عبده ورسوله '. قال: ' فإذا قضيت هذا - أو فعلت هذا
- فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تجلس فاجلس '.
رواه الدارقطني، وقال: الصحيح أن قوله: ' فإذا قضيت هذا، فقد
قضيت صلاتك '. من كلام ابن مسعود. فصله شبابة عن زهير.
وقد اتفق من روى تشهد ابن مسعود على حذفه.
أحمد بن يونس، نا زهير، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - ضعيف -
عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة، عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا قضي الإمام الصلاة وقعد، فأحدث قبل أن يسلم، فقد تمت صلاته
ومن كان خلفه ممن ائتم به '.
143 - مسألة:
الأفضل تشهد ابن مسعود.
وقال مالك: تشهد ابن عمر.
وقال الشافعي: تشهد ابن عباس.
شقيق، عن عبد الله - قال: ' كنا إذا جلسنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة قلنا:
السلام على الله قبل عباده (السلام على جبريل) السلام على ميكائيل، السلام
على فلان، السلام على فلان. فسمعنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن الله هو
172

السلام، فإذا جلس أحدكم في الصلاة، فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات،
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير بعد من الدعاء '.
أخرجاه وقال (ت): العمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة
والتابعين:
أحمد، نا يحيى بن آدم، ثنا شريك، عن جامع بن أبي راشد، عن
أبي وائل، عن عبد الله قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعلمنا التشهد كما يعلمنا
السورة من القرآن '.
تشهد ابن عباس:
الليث، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير وطاوس، عن ابن عباس قال:
' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 38 - ب] / يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: التحيات
المباركات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله '.
(ت): صحيح غريب. رواه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، عن
أبي الزبير.
خارجة بن مصعب، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن
عمر قال: ' كان رسول الله يعلمنا التشهد: التحيات الطيبات الزاكيات لله، السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله '.
173

وهذا ضعيف عن ضعيف.
144 - مسألة:
الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] فرض كالشافعي
وعن أحمد سنة، كمالك وأبي حنيفة.
شعبة، عن الحكم، سمعت ابن أبي ليلى قال: ' لقيني كعب بن عجرة،
فقال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلنا: يا رسول الله، قد
علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: (اللهم) صل على
محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم
بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد
مجيد '.
أخرجاه، وصححه (ت) ولفظه: ' اللهم صل على محمد، وعلى
آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد،
وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد '.
عبد المهيمن بن عباس - واه - عن أبيه، عن جده، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا
صلاة لمن لم يصل على نبيه ' خرجه الدارقطني.
وخرج بسند ضعيف، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود،
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من صلى صلاة لم يصل فيها علي ولا على أهل بيتي، لم تقبل
منه '.
174

وعن ابن مسعود قال: ' إذا صليتم على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقولوا: اللهم صل
على محمد وعلى آل محمد... ' الحديث، رواه (ق).
145 - مسألة:
يجلس في التشهد الأول مفترشا، وفي الثاني متوركا.
وقال مالك: يتورك فيهما. وقال أبو حنيفة: يفترش.
ولنا: الليث، عن خالد، عن سعيد، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن
محمد بن عمرو بن عطاء ' أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]،
فذكرنا صلاته، فقال أبو حميد الساعدي: أناكنت أحفظكم لصلاة رسول الله؛
رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه،, وإذا ركع [ق 39 - أ] / أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر
ظهره، وإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير
مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، وإذا جلس في
الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة
قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته. تفرد به (خ).
عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال: ' قدمت المدينة،
فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله، فلما جلس افترش رجله اليسرى، ووضع يده
اليسرى على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى ' صححه (ت).
عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: ' سنة الصلاة أن يفترش اليسرى،
وينصب اليمنى '.
146 - مسألة:
التسليم فرض. وقال أبو حنيفة: لا يجب؛ بل يخرج بكل ما ينافيها.
175

ولنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' وتحليلها التسليم ' ولهم حديث عبد الله بن عمرو
الذي مر، وفي سنده، الأفريقي ضعيف.
ورواه (ت) نا أحمد بن محمد، نا ابن المبارك، أنا عبد الرحمن بن
زياد، عن عبد الرحمن بن رافع، وبكر بن سوادة، أخبراه عن عبد الله مرفوعا قال:
' إذا أحدث وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم، فقد جازت صلاته '.
ومر خبر ابن مسعود، وفيه: ' فإذا قلت ذلك، فقد تمت صلاتك '.
147 - مسألة:
التسليمة الثانية تجب في المكتوبة.
وعنه: أنها سنة - كقول أبي حنيفة، والشافعي في الجديد.
وقال مالك: السنة واحدة.
ولنا خبر جابر بن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' ألا يكفي أحدكم أن يضع يده
على فخذه، ثم يسلم عن يمينه وشماله '.
أبو سعيد المؤدب، عن زكريا، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله قال:
' ما نسيت من الأشياء، فلم أنس تسليم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة، عن يمينه وعن
شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله '.
سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
بنحوه.
الحسن بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال:
كان رسول الله يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده.
176

ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الله بن مالك، عن سهل بن سعد ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] كان يسلم في صلاته عن يمينه ويساره حتى يرى بياض خده '.
[ق 39 - ب] / (م) من حديث عامر بن سعد، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه كان
يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده '.
ملازم بن عمرو، حدثني هوذة بن قيس بن طلق، عن أبيه، عن جده: ' كان
رسول الله يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيمن، وبياض خده
الأيسر '.
رواه أحمد.
أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سلم عن يمينه يرى بياض خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يرى
بياض خده الأيمن (والأيسر) وكان تسليمه: السلام عليكم ورحمة الله '.
رواه الدارقطني.
الخريبي، عن حريث، عن الشعبي، عن البراء ' أن النبي - [صلى الله عليه وسلم] -
كان يسلم تسليمتين '.
حريث ضعف.
فذكروا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن زهير بن محمد، عن هشام، عن
أبيه، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء
وجهه، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا ' خرجه (ت) وهو من مناكير زهير.
177

عتيق بن يعقوب، ثنا عبد المهيمن بن عباس، عن أبيه، عن جده. ' أنه سمع
رسول الله يسلم تسليمة واحدة لا يزيد عليها '.
عبد المهيمن ضعيف.
(ق) ثنا محمد بن الحارث المصري، ثنا يحيى بن راشد - ضعيف -
عن يزيد مولى سلمة، عن سلمة بن الأكوع قال: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى
فسلم مرة واحدة '.
نعيم بن حماد، ثنا روح بن عطاء، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة: ' كان
رسول الله يسلم واحدة قبل وجهه، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره '.
روح واه.
148 - مسألة:
وينوي بالسلام الخروج من الصلاة.
وقال الحنفية والشافعية: ينوي السلام على الملائكة والمأمومين.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' وتحليلها التسليم '.
178

ما يجوز في الصلاة وما يحرم
149 - مسألة:
لا يجوز أن يدعو فيها بما أوليس
فيه قربة ولا ورد، كارزقني جارية حسناء
وبستانا.
وقال مالك والشافعي: يجوز.
لنا قوله: ' إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي
التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن '.
150 - مسألة:
الإغماء لا يسقط فرض الصلاة، قل أو كثر.
وقال أبو حنيفة: إن كان يوما وليلة لم تسقط.
وقال مالك والشافعي: تسقط.
فأصحابنا استدلوا بما روي عن علي وعمار ' أنهما قضيا ما فات حال
الإغماء.
وكذلك قال [ق 41 - أ] / عمران وسمرة.
وقال عطاء: يقضي صلاته كلها.
وروى نافع، عن عمر، أنه أغمي عليه ثلاثة أيام فلم يقض شيئا، وأعاد صلاة
يومه الذي أفاق فيه حسب.
وأغمي على محمد بن سيرين ستة أيام، فلم يقض.
وقال النخعي: يعيد صلاة يومه وليلته فقط.
179

وقال الحسن: إذا أغمي على رجل صلاتين فلا إعادة، فإن أغمي عليه صلاة
واحدة، أعادها.
وفي الدارقطني من حديث الحكم بن عبد الله الأيلي - تركوه - نا القاسم
' أن عائشة سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة، فقال: ليس
لشيء من ذلك قضاء، إلا أن يغمى عليه في وقت صلاة، فيفيق، وهو في وقتها،
فيصليها '.
151 - مسألة:
إذا سلم [على] المصلي، رد بالإشارة.
وقال أبو حنيفة: لا.
الليث، حدثني بكير، عن نابل صاحب العباء، عن ابن عمر، عن صهيب،
قال: ' مررت برسول الله وهو يصلي فسلمت، فرد إلي إشارة، ولا أعلم إلا أنه
قال: أشار بإصبعه '.
قلت: (د ت س) عن قتيبة عنه.
هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر: قلت لبلال: ' كيف كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يرد (عليهم) حين كانوا يسلمون عليه في الصلاة؟ قال: كان يشير
بيده '.
صححه الترمذي، وهو غير الأول.
معمر، عن الزهري، عن أنس [أن] النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يشير في الصلاة '.
180

قلت: خرجه (د).
ولهم ابن بكير، عن ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن أبي غطفان،
عن أبي هريرة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أشار في الصلاة إشارة تفقه - أو تفهم -
فقد قطع الصلاة '.
أبو غطفان مجهول، ومحمد فيه مقال.
152 - مسألة:
تنبيه الساهي بالتسبيح، والقرآن لا يبطل.
وعنه: يبطلها - كأبي حنيفة.
حماد بن زيد، ثنا أبو حازم، عن سهل، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا نابكم شيء
في صلاتكم، فليسبح الرجال، وليصفح النساء '.
خرجه (خ).
ولمسلم بنحوه.
الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: ' التسبيح للرجال،
والتصفيق للنساء '.
صححه (ت).
قلت: و (م).
153 - مسألة:
وتسبح المرأة.
قاله مالك، والحديث عليه.
181

154 - مسألة:
إن تكلم عمدا بطلت.
وقال مالك: إن كان لمصلحة الصلاة جاز.
ووافقه الخرقي في مكالمة الإمام فقط.
أحمد، نا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله: ' كنا نسلم
على النبي [صلى الله عليه وسلم] إذ كنا بمكة، فلما قدمنا من الحبشة أتيناه، فسلمنا عليه، فلم يرد،
فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة، فسألته، فقال: ' إن الله [ق 41 - ب] / يحدث من
أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا تتكلموا في الصلاة '. صحيح.
155 - مسألة:
وكلام الناسي لا يبطل، وكذا المكره، والجاهل بالنهي.
وقال أبو حنيفة: يبطل.
وعن أحمد مثله.
ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة: ' صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إحدى
صلاتي العشي، فصلى ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد،
فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه،
ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرج السرعان من أبواب المسجد،
فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم
رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، نسيت أم قصرت
الصلاة؟ فقال: لم أنس، ولم تقصر ' فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم.
فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع
رأسه، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه، ثم
سلم '.
182

فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم (خ م).
خالد الحذاء، عن أبي قلابه، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] سلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل، فقام إليه رجل يقال
له: الخرباق، وكان في يديه طول فقال: يا رسول الله، فخرج إليه، فذكر له
صنيعه، فجاء فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم. فصلى الركعة التي ترك ثم سلم، ثم
سجد سجدتين، ثم سلم '.
تفرد به (م).
قلنا: تكلم معتقدا أن [صلاته] تمت، وأنه أوليس
فيها، وكذلك ذو اليدين
تكلم معتقدا للنسخ.
قالوا: أبو هريرة إنما أسلم سنة سبع، وذو اليدين قتل يوم بدر.
قلنا: إنما المقتول ذو الشمالين، عمير، وذو اليدين عاش بعد النبي [صلى الله عليه وسلم].
قالوا: فألفاظ الخبرين مختلفة في أماكن، أو لعل ذلك كان قبل تحريم الكلام
في الصلاة. ويأتي اعتراضهم على لفظ الزهري، فإنه قال: فقام ذو الشمالين.
قال أبو داود: وهم الزهري، وظن أن ذا الشمالين ذو اليدين.
قال ابن حبان: وكان تحريم الكلام بمكة، فلما بلغ المسلمون المدينة سكتوا.
فقال زيد بن أرقم - يحكي الحال -: ' كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت:
* (وقوموا لله قانتين) * فأمرنا بالسكوت.
وقال الخطابي، نسخ الكلام بعد الهجرة بيسير. ثم ذكر في كلام أبي بكر
وعمر والناس وجهين؛ أحدهما، أن في رواية حماد، عن أيوب، أنهم أومئوا - أي
183

نعم - الثاني، أن يكونوا قالوا بألسنتهم [ق 42 - أ] / ويكون ذلك مما لم ينسخ، لكونه
(جوابا) للنبي [صلى الله عليه وسلم] قال تعالى: * (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) *.
ففي ' البخاري ' من حديث أبي سعيد بن المعلى، قال: كنت أصلي في
المسجد، فدعاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم أجبه، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله، إني
كنت أصلي فقال: ألم يقل الله: * (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) *.
ولهم: يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار،
عن معاوية بن الحكم قال: ' بينا نحن نصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذ عطس رجل من
القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما
شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم
يصمتوني، لكني سكت فلما صلى رسول الله، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما
قبله ولا بعده أحسن تعليما منه والله ما كهرني ولا شتمني ولا ضربني، قال: إن
هذه الصلاة، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هي التسبيح والتكبير
وقراءة القرآن ' (م).
قلنا: ذا عليكم، فإنه لم يأمره بالإعادة، بل علمه، ولا فرق بين من تكلم
جاهلا بحظر الكلام، وبين من تكلم ناسيا.
وذكروا لجابر مرفوعا: قال: ' الكلام ينقض الصلاة، ولا ينقض الضوء '
وهذا واه، مر في مسألة القهقهة.
156 - مسألة:
إذا سبقه الحدث توضأ، وأعاد.
184

وعنه: بيني - كقول أبي حنيفة.
وعنه إن كان من السبيلين، أعاد، ومن غيرهما بنى.
وللشافعي كالروايتين الأوليين.
جرير، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن
علي بن طلق، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا فسا أحدكم في الصلاة، فلينصرف
فليتوضأ، وليعد صلاته ' ز
خرجه (د).
ومر في نواقض الوضوء خبر أبي سعيد وعائشة: ' إذا [قاء] أحدكم في
صلاته، فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على ما مضى من صلاته '.
157 - مسألة:
إذا سبق الإمام الحدث، فليستخلف، في رواية.
والأخرى: لا - كالقديم للشافعي.
لنا: أنه [صلى الله عليه وسلم] خرج وأبو بكر يصلي بالناس تمام صلاة أبي بكر.
الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ' وجد رسول الله
من نفسه خفة، فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي
بالناس قاعدا، وأبو بكر قائما؛ يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله، والناس يقتدون
بصلاة أبي بكر ' أخرجاه.
185

158 - مسألة:
إذا تعمد سبق إمامه بركن، بطلت صلاته.
وقال الشافعي: لا.
[ق 42 - ب] / ولنا حديث أنس مرفوعا: ' إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا
ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا ' أخرجاه.
قلت: وحديث: ' أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام، أن يحول الله
رأسه رأس حمار ' أخرجاه.
159 - مسألة:
ويقطعها الكلب الأسود، وفي المرأة والحمار روايتان.
(ت) قال أحمد: الذي لا أشك فيه، أن الكلب الأسود يقطع الصلاة،
وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء.
والجمهور: لا يقطعها شيء.
شعبة، نا حميد بن هلال، سمع عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل،
المرأة والحمار والكلب الأسود. قلت: ما بال الأسود من الأحمر؟ قال: ابن
أخي، سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان '
(م).
هشام، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن أبي هريرة، أن نبي
الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ' (م).
186

أحمد، ثنا عبد الأعلى، نا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله
ابن مغفل، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار '.
قلت: صحيح. ورواه (ق).
قيل: فالحديث واحد، فما وجه توقف أحمد؟ قلنا: ثبت أن عائشة قالت:
' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة '.
وصح عن ابن عباس قال: ' أتيت رسول الله وهو يصلي، فنزلت عن
الحمار، وتركته أمام الصف، فما بالاه '.
ولهم من الدارقطني حديث يحيى بن المتوكل، ثنا إبراهيم بن يزيد، عن
سالم بن عبد الله، عن أبيه ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبا بكر وعمر قالوا: لا يقطع صلاة
المسلم شيء، وادرأ ما استطعت '.
فإبراهيم هو الخوزي: متروك.
إسماعيل بن عياش، عن إسحاق بن أبي فروة - واه - عن زيد بن أسلم،
عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعا: ' لا يقطع صلاة المرء امرأة ولا كلب ولا حمار '.
أبو أسامة، نا مجالد - لين - عن أبي الوداك، عن أبي سعيد مرفوعا:
' لا يقطع الصلاة شيء '.
عفير بن معدان - واه - عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة مرفوعا مثله.
إدريس بن يحيى الخولاني، عن بكر بن مضر، عن صخر بن عبد الله بن
187

حرملة - واه - عن عمر بن عبد العزيز، عن أنس مرفوعا: ' لا يقطع الصلاة
شيء '.
والخمسة في الدارقطني.
188

سجود التلاوة
160 - مسألة:
سنة، وأوجبه أبو حنيفة.
ففي ' الصحيحين ' ابن أبي ذئب، عن يزيد بن قسيط، عن عطاء بن
يسار، عن زيد بن ثابت [ق 43 - أ] / قال: ' قرأت على النبي [صلى الله عليه وسلم] النجم فلم يسجد '.
قيل: ما سجد؛ لأن زيدا لم يسجد.
قلنا: لو كان واجبا لأمره به.
161 - مسألة:
في الحج سجدتان.
وقال أبو حنيفة ومالك: بل الأولى.
أحمد، نا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا ابن لهيعة، عن مشرح بن
هاعان، عن عقبة: ' قلت: يا رسول الله، أفضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين؟
قال: نعم، ومن لم يسجدهما، فلا يقرأهما ' وفي ابن لهيعة: لين.
162 - مسألة:
سجدة ' ص ' للشكر.
وعنه أنها للتلاوة، كمالك وأبي حنيفة.
أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسجد في
' ص ' وقال ابن عباس: وليست من عزائم السجود ' صححه (ت).
189

الليث، نا خالد بن يزيد، عن سعيد، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد:
' خطبنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوما، فقرأ ' ص ' فلما مر بالسجود، نزل فسجد، وسجدنا
معه، وقرأها مرة أخرى، فلما بلغ السجدة، نشزنا للسجود، فلما رآنا قال: إنما هي توبة
نبي، ولكني أراكم قد استعددتم للسجود، فنزل فسجد وسجدنا '.
قلت: خرج نحوه (د) من حديث سعيد بن أبي هلال به.
ولهم حفص بن غياث، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد في ' ص '.
قلنا: سجد وترك.
وحديث عبد الله بن بزيع - لين - عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' سجد بها نبي الله داود،
وسجدناها شكرا - يعني (ص) '.
163 - مسألة:
في المفصل ثلاث.
وقال مالك في رواية: لا سجود في المفصل.
مسلم من حديث أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد في: ' إذا السماء
انشقت ' و ' اقرأ '.
أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء [عن أبي هريرة]: ' سجدنا مع
رسول الله في: ' اقرأ ' و ' إذا السماء انشقت '
صححه (ت).
190

أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' سجد رسول الله في النجم،
والمسلمون والمشركون ' (خ).
أبو داود، ثنا محمد بن رافع، نا أزهر بن القاسم، نا أبو قدامة، عن مطر
الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يسجد في شيء من المفصل
منذ تحول إلى المدينة.
أبو قدامة الحارث بن عبيد ضعف.
الدارقطني، ثنا محمد بن أحمد بن [عمرو] ثنا أحمد بن محمد بن
رشدين - متهم - ثنا ابن أبي مريم [نا] نافع بن يزيد، عن الحارث بن
سعيد، عن عبد الله بن [منين] عن عمرو بن العاص ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقرأه
خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج
سجدتين '.
فهذا لم يصح.
164 - مسألة:
سجود الشكر سنة.
191

وقال أبو حنيفة ومالك: أوليس
بسنة، ويكره.
سليمان بن بلال، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الواحد بن محمد بن
عبد الرحمن بن عوف، عن جده [ق 43 - ب] / قال: ' خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتوجه نحو
صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخر ساجدا، فأطال حتى ظننت أن الله قبض نفسه
فيها، فدنوت [منه] ثم جلست، فرفع رأسه، فقال: من هذا؟ قلت:
عبد الرحمن. قال: ما شأنك؟ قلت: يا رسول الله، سجدت سجدة، خشيت أن
يكون الله - عز وجل - قد قبض نفسك فيها. فقال: إن جبريل أتاني فبشرني،
فقال: إن الله يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت
عليه. فسجدت لله - عز وجل - شكرا '.
خرجه أحمد في ' مسنده ' وعبد الواحد أوليس
بالمشهور، وقد روى عنه
أيضا عاصم بن عمر بن قتادة.
أبو عاصم، ثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة،
قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا أتاه الشيء يسره خر ساجدا شكرا لله '.
قلت: خرجه (د ت ق) وبكار فيه لين.
وفي الدارقطني، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
رأى رجلا من النغاشيين، فخر ساجدا '.
منقطع، وفيه جابر. والنغاشي: قصير جدا.
ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد [بن] عبدة السهمي
192

عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بشر بحاجة، فخر ساجدا ' (ق) وسنده ضعيف.
165 - مسألة:
إذا مر المصلي بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ.
وعنه: يجوز ذلك في النفل، ويكره في الفرض.
وبه قال أبو حنيفة.
وكان شيخنا أبو بكر الدينوري يقول: المراد بالحديث أنه يعيد الآية،
شعبة، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد، عن صلة، عن
حذيفة قال: ' صليت مع رسول الله، فما مر بآية رحمة إلا وقف عندها، ولا آية
عذاب إلا تعوذ منها '.
قلت: خرجه (م عو) من حديث جماعة عن الأعمش.
166 - مسألة:
من شك في عدد الركعات بنى على الأقل. وعنه: يتحرى إن أمكنه.
وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك أول مرة، بطلت صلاته، وإن تكرر منه
تحرى، فإن لم يكن له ظن بنى على اليقين.
صحح (ت) من حديث ابن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن
ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' إذا سها
أحدكم في صلاته، فلم يدر، أواحدة صلى أو اثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم
يدر اثنتين صلى أو ثلاثا، فليبن على اثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا، فليبن
على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم '.
193

قلت: ورواه (ق) وقد رواه الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس،
عن عبد الرحمن.
فليح، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد مرفوعا: ' إذا [ق 44 - أ] /
شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى، فليبن على اليقين حتى إذا استيقن أن قد
أتم، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كانت صلاته وترا شفعها، وإن كانت
شفعا، كانت ذينك ترغيما للشيطان '.
رواه (م).
ودليل التحري: جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فإذا سلم فليسجد
سجدتين ' أخرجاه '.
قلت: ما ذكروا دليلا على البطلان.
167 - مسألة:
سجود السهو قبل السلام، إلا في موضعين، إذا سلم من نقصان، وإذا
شك الإمام.
وقلنا: يتحرى.
وعنه: أن الكل قبل - كمذهب الشافعي، وعنه: إن كان من نقصان فقبل،
وإن كان من زيادة فبعده.
وهو قول مالك.
194

وقال أبو حنيفة وداود: كله بعد السلام.
الزهري، عن الأعرج، عن ابن بحينة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قام في صلاة الظهر
وعليه جلوس، فلما أتم صلاته سجد سجدتين، فكبر في كل سجدة وهو جالس
قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس '.
(خ م).
وقد مر حديث ابن عوف. وحديث أبي سعيد. وحديث ابن مسعود.
(ت) نا الذهلي، نا الأنصاري، أخبرني أشعث، عن ابن سيرين، عن
خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] صلى بهم، فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم '.
ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إن الشيطان يأتي
أحدكم في صلاته، فيلبس عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك
أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس '.
(م ت) وصححه.
وعن المنذر بن عمرو ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد سجدتي السهو قبل التسليم '.
سنده واه.
أما بعد التسليم، ففيه قصة ذي اليدين، وقد مر فيه خبر أبي هريرة،
وعمران.
وروى شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله ' أن النبي
195

[صلى الله عليه وسلم] صلى الظهر خمسا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فسجد سجدتين بعدما
سلم '.
(خ م).
وفي لفظ لهما: سجد بعد السلام والكلام.
مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان، عن أبي هريرة: ' سجد
رسول الله سجدتي السهو بعد السلام '
ابن جريج، أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة
ابن محمد بن الحارث، عن عبد الله بن جعفر، أن رسول الله قال: ' من شك في
صلاته، فليسجد سجدتين بعدما يسلم '.
إسماعيل بن عياش [ق 44 - ب] / عن عبيد الله بن (عبد الله) الكلاعي، عن زهير،
عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن ثوبان، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لكل
سهو سجدتان بعدما يسلم '.
الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة ' أنه قام في
الركعتين الأوليين، فسبحوا به، فلم يجلس، فلما قضى صلاته، سجد سجدتين بعد
التسليم، ثم قال: هكذا فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
وهذه الأحاديث الخمسة في ' المسند ' وفي بعضها لين.
196

قال الأثرم: لا يثبت حديث ابن جعفر ولا ثوبان، وحديث المغيرة رواه ابن
عون موقوفا، وهو أصح، وقيل: ذلك منسوخ، قال الزهري: كان آخر الأمرين من
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] السجود قبل السلام.
168 - مسألة:
إذا سبح بالإمام مأمومان، لزمه الرجوع إليهما.
وقال الشافعي: لا يرجع، ويبني على يقين نفسه. وقال أبو حنيفة: يرجع إلى
قول واحد.
قلنا: ما رجع النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى قول ذي اليدين وحده، بل سأل غيره.
169 - مسألة:
إذا قام إلى خامسة سهوا؛ جلس.
وقال أبو حنيفة: إن سجد في الخامسة أتمها، وأضاف إليها أخرى، فإن كان
بعد الرابعة، فقد تم ظهره، والركعتان نافلة، وإن لم يكن قد قعد، فالجميع ينقلب
نفلا.
لنا: خبر ابن مسعود ' أن النبي - [صلى الله عليه وسلم] - صلى خمسا، فقيل له،
فسجد للسهو، وما أضاف سادسة ولا أعاد '
170 - مسألة:
إذا سها عن واجب، سجد للسهو.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يسجد إلا للتشهد الأول والقنوت.
لنا حديث ثوبان: ' لكل سهو سجدتان '.
171 - مسألة:
إذا قرأ في الركعتين الأخريين بالحمد وسورة، أو صلى على النبي [صلى الله عليه وسلم] في
197

التشهد الأول، أو قرأ في موضع تشهد، أو تشهد في قيام؛ سجد في الكل للسهو.
وعنه: لا - كالجمهور.
ولنا: حديث ثوبان المذكور.
172 - مسألة:
إذا تعمد ترك ما يسجد لأجله، لم يسجد.
وقال الشافعي: يسجد.
لنا: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جعل سجود السهو ترغيما للشيطان، على ما مر في
حديث أبي سعيد، وذلك يختص بالسهو.
173 - مسألة:
سجود السهو واجب.
ووافقنا مالك إذا كان عن نقص، وقال الشافعي: سنة.
لنا: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر به، كما مر في حديث ابن عوف، وابن مسعود.
174 - مسألة:
إذا نسي السجود وقام، سجد ما لم يتطاول الزمان، أو يخرج من
المسجد.
وعنه: يسجد وإن خرج وتباعد.
وقال أبو حنيفة: لا يسجد بعد الخروج [ق 45 - أ] / والكلام.
وقال الشافعي: إن ذكر قريبا سجد، وإن تباعد فعلى قولين.
وفي خبر ابن مسعود؛ [أنه] [صلى الله عليه وسلم] سجد بعد السلام والكلام.
198

أوقات النهي
175 - مسألة:
يجوز قضاء الفوائت في أوقات النهي.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز عند الطلوع والغروب والزوال.
لنا: في ' الصحيحين ' قتادة، عن أنس مرفوعا: ' من نسي صلاة، أو
نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها '.
(م) من حديث يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة
مرفوعا: ' من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها '.
وصحح (ت) من حديث عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، قال رسول
الله: ' إذا نسي أحدكم صلاة، أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها '.
فذكروا ما في ' الصحيحين ' لقتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس،
قال: ' شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عمر، أن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] كان
يقول: لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح
حتى تطلع الشمس '.
وفي ' الصحيحين ' أخرجوه عن ابن عمر مرفوعا: ' لا تتحروا بصلاتكم
199

طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا طلع حاجب الشمس،
فلا تصلوا حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس، فلا تصلوا حتى تغيب '.
ولمسلم عن موسى بن علي، عن أبيه، سمع عقبة بن عامر يقول: ' ثلاث
ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، أو نقبر فيهن موتانا، حين تطلع
الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب '.
ولمسلم من حديث عمرو بن عبسة، أن رسول الله قال له: ' صل
الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس فإنها [تطلع] بين قرني
شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار ' وقال نحو ذلك في الغروب.
ولمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا: ' نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى
تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب '.
قلنا: هذا محمول على النافلة جمعا بين النصوص.
176 - مسألة:
لا تجوز النافلة وقت النهي وإن كان لها سبب.
وعنه: الجواز لسبب - كقول الشافعي.
لنا: النصوص المذكورة؛ عمرو بن عاصم، نا همام، عن قتادة، عن النضر
ابن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من لم
يصل ركعتي الفجر، فليصلها بعد ما تطلع الشمس '.
200

(ت): تفرد به عمرو.
[ق 45 - ب] / الدراوردي، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن
جده قيس - وهو ابن عمرو - قال: ' خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأقيمت الصلاة،
فصليت معه الصبح، ثم انصرف فوجدني أصلي، فقال: مهلا يا قيس، أصلاتان
معا؟. قلت: لم أكن ركعت ركعتي الفجر. قال: فلا إذا '.
سعد فيه ضعف، ومحمد لم يسمع من قيس.
خرجه الترمذي.
177 - مسألة:
يكره التنفل وقت النهي بمكة، إلا ركعتي الطواف.
وقال الشافعي: لا يكره.
لنا: عموم النهي.
فذكروا حديث سعيد بن سالم القداح، عن عبد الله بن المؤمل - وضعف -
عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: ' قدم أبو ذر،
فأخذ بعضادة باب الكعبة، ثم قال: سمعت رسول الله يقول: لا يصلين أحد بعد
الصبح إلى طلوع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب إلا بمكة. يقول ذلك
ثلاثا '.
وقال أبو حنيفة: تكره ركعتا الطواف في وقت النهي.
ابن عيينة، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم، أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت، وصلى أية
ساعة شاء من ليل أو نهار '.
201

رواه (س ت) وصححه.
178 - مسألة:
يكره التنفل يوم الجمعة عند الزوال، خلافا للشافعي.
لنا: عموم النهي.
حسان بن إبراهيم، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال إن جهنم
تسجر إلا يوم الجمعة '.
خرجه (د) وقال: مرسل، أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة.
قلت: وليث ضعف.
179 - مسألة:
تحرم النوافل بطلوع الفجر، إلا ركعتين، خلافا لأكثرهم، فقالوا: لا تحرم إلا
بعد صلاة الصبح.
لنا: الدراوردي، عن قدامة بن موسى، عن محمد بن الحصين، عن أبي علقمة،
عن يسار مولى ابن عمر، عن ابن عمر، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا صلاة بعد الفجر
إلا سجدتين '.
خرجه (ت) وقال: لا نعرفه إلا من حديث قدامة.
وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم - واه - عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله
ابن عمرو مرفوعا: ' لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين '.
قلت: لا ينهضان بالتحريم.
202

180 - مسألة:
إذا بزغت وهو في الصلاة، أتمها.
وقال أبو حنيفة: تبطل الفريضة بطلوع الشمس.
ولنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من
أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة
قبل أن تطلع [ق 46 - أ] / الشمس فقد أدركها، ومن أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة '.
أخرجاه لمعمر عنه.
وأخرج مسلم من حديث يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة،
قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس '
زاد غير مسلم بسند صحيح: ' ومن الفجر قبل أن تطلع، فقد [أدركها] '.
معاذ بن هشام، نا أبي، عن قتادة، عن (عزرة) بن (نعيم) عن
أبي هريرة، أن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا صلى أحدكم ركعة من صلاة الصبح، ثم
طلعت الشمس، فليصل إليها أخرى ' أخرجه الدارقطني.
203

قلت: والنسائي.
فقالوا: همام، نا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة
مرفوعا: ' من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس، فليصل الصبح '.
قلنا: لا حجة فيه على الإعادة؛ لأن معناه: فليتم صلاة الصبح، ويفسره ما
سقناه.
وقد روى قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس، فليتم صلاته '.
181 - مسألة:
إذا صلى فريضة، ثم أدركها في جماعة، استحب له إعادتها إلا المغرب.
وعنه: يفعل المغرب، ويشفعها برابعة.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد إلا الظهر، والعشاء الآخرة.
وقال الشافعي: يعيد الكل.
أحمد: نا هشيم، أبنا يعلى بن عطاء، حدثني جابر بن يزيد بن الأسود
العامري، عن أبيه قال: ' شهدت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجته، فصليت معه صلاة
الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته، إذا هو برجلين في آخر المسجد لم
يصليا معه، فقال: علي بهما، فأتي بهما ترعد فرائصهما، قال ما منعكما أن
تصليا معنا؟. قالا: يا رسول الله، قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا
صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة '
صححه (ت).
204

قلت: ورواه (د ت س) من حديث شعبة وهشيم، وفي بعض الطرق
أنه صلى مع رسول الله وهو غلام.
قال: وقد روى قوم الحديث، وفيه: ' وليجعل التي صلى في بيته نافلة '
والصحيح جعل هذه نافلة '.
كذلك رواه المتقنون.
حسين المعلم، نا عمرو بن شعيب، نا سليمان مولى ميمونة قال: أتيت على
ابن عمر وهو بالبلاط، والناس يصلون في المسجد، فقلت: ما يمنعك أني تصلي
مع الناس؟ قال: إن صليت، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا تصلى صلاة في
يوم مرتين '.
قلنا: لا نعتقد وجوب فريضتين، بل تقع الثانية نافلة.
205

التطوع
182 - مسألة:
والرواتب تقضى.
وقال مالك: لا. وللشافعي كالمذهبين.
قال أبو حنيفة: لا تقضى إلا إذا فاتت مع الفرائض.
قلنا: مر حديث أبي هريرة: ' من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعدما
تطلع الشمس '.
وحديث قيس، وقد مر.
أحمد، نا يزيد، أنا هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال:
' سرينا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فلما كان آخر الليل عرسنا، فلم نستيقظ إلا بحر
الشمس، فجعل الرجل منا يقوم دهشا إلى طهوره، فأمرهم النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يسكنوا،
ثم ارتحلنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس نزلنا، ثم أمر بلالا فأذن، ثم صلى
الركعتين، ثم أقام فصلينا، فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟
فقال: أينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم!! '.
قلت: (د) من حديث يونس عن الحسن.
حماد بن سلمة، نا عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن أبيه قال: ' كان
النبي [صلى الله عليه وسلم] في سفر فقال: من يكلؤنا الليلة؟. فقال بلال: أنا. فاستقبل مطلع
الشمس، فما أيقظهم إلا حر الشمس، فقاموا فأذن بلال، وصلوا الركعتين، ثم
صلوا الفجر '.
206

قلت: خرجه أحمد و (س).
183 - مسألة:
إذا أدرك الإمام، دخل معه وأخر سنة الصبح.
وقال أبو حنيفة: إن كان خارج المسجد ولم يخش فوات الركوع في الثانية،
صلى ركعتي الفجر.
قلنا: روى مسلم، من حديث ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار،
عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة '.
184 - مسألة:
أفضل التطوع السلام من كل ركعتين.
وقال أبو حنيفة: من أربع.
قلنا: في ' الصحيحين ' لنافع، عن ابن عمر، قال رجل: ' يا رسول الله،
كيف تأمرنا أن نصلي من الليل؟ قال: يصلي أحدكم مثنى مثنى، فإذا خشي
الصبح صلى واحدة، فأوترت له ما صلى من الليل '.
شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي الأزدي، عن ابن عمر مرفوعا: ' صلاة
الليل والنهار مثنى مثنى ' لفظ أحمد.
قلت: خرجه (عو) ومنهم من وقفه، قال (س): هذا الحديث (خطأ).
شعبة، سمعت عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله (بن
نافع بن أبي العمياء) عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن ربيعة، عن النبي
207

[صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين '.
[ق 47 - أ] / قلت: رواه (د س ق).
ورواه الليث وابن لهيعة، عن عبد ربه فقال: عن عمران بن أبي أنس، عن
عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن العباس.
وهذا أصح.
قال (خ): أخطأ فيه شعبة في مواضع.
فذكروا: أبو معاوية، عن عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن
قزعة، [عن القرثع] عن أبي أيوب قال: ' أدمن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أربع ركعات
عند زوال الشمس، فقلت: يا رسول الله ما هذه الركعات التي أراك قد أدمنتها؟
قال: إن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس، فلا ترتج حتى يصلى الظهر،
فأحب أن يصعد لي فيها خير قلت: يا رسول الله، تقرأ فيهن كلهن؟ قال: نعم.
قلت: ففيها سلام فاصل؟ قال: لا '.
عبيدة بن معتب ضعفوه.
قلت: رواه (د ق) من حديث شعبة ووكيع عنه، فقالا: ' قرثع ' بدل
' قزعة '.
208

قال أحمد بن حازم: رأيت أحمد بن حنبل، وإسحاق بن أبي إسرائيل أتيا
الجامع قبل الصلاة، فصلى أبو عبد الله قبل الصلاة عشر ركعات؛ ركعتين ركعتين،
وصلى إسحاق ثماني ركعات؛ أربعا أربعا، لم يفصل بينهن بسلام، فقلت
لإسحاق: صليت أربعا؟ فقال: حديث أبي أيوب. فجئت إلى أبي عبد الله،
فقلت له: صليت مثنى مثنى؟ فقال: حديث ابن عمر. فقلت له: حديث أبي أيوب؟
فقال: رواه قزعة، وقرثع من قزعة ومن قرثع، ثم نحمله على الجواز لا على
الفضل
185 - مسألة:
الوتر سنة، خلافا لأبي حنيفة؛ أوجبه.
أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يا أهل
القرآن أوتروا؛ فإن الله يحب الوتر '.
ومن حديث ابن مسعود، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه، وقال فيه: ' فقال أعرابي،
ما تقول؟ قال: ليست لك ولا لأصحابك '.
رواه (د).
الثوري (عن) أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: ' الوتر
ليس بحتم كهيئة الصلاة، ولكنه سنة سنها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز أن المخدجي - رجل من بني
كنانة - أخبره أن رجلا من الأنصار بالشام يكنى أبا محمد أخبره أن الوتر واجب،
فذكر المخدجي أنه راح إلى عبادة بن الصامت، فذكر له أن أبا محمد يقول: الوتر
واجب، فقال: كذب أبو محمد، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' خمس صلوات
كتبهن الله على العباد، من أتى بهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم
يأت بهن فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذبه وإن شاء غفر له '.
209

قلت: رواه (د س ق) من حديث مالك، عن يحيى بن سعيد، عن
محمد، وشعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن محمد.
والمخدجي هو أبو رفيع.
[ق 47 - ب] / مالك، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن، عن سعيد بن يسار قال:
' كنت مع ابن عمر في سفر، فتخلفت عنه، فقال: أين كنت؟ قلت: أوترت.
فقال: أليس لك في رسول الله أسوة، رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوتر على راحلته '
أخرجاه.
أحمد، نا أبو بدر، عن أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس:
سمعت رسول الله يقول: ' ثلاث هن علي فرائض، ولكم تطوع: الوتر، والنحر،
وصلاة الضحى '.
فبمثل هذا ضعفوا أبا جناب.
أحمد، نا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس،
قال رسول الله: ' أمرت [بركعتي] الضحى والوتر، ولم تكتب '
وجابر ضعيف.
وضاح بن يحيى - لين - ثنا مندل - ضعيف - عن يحيى بن سعيد، عن
عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: ' ثلاث علي فريضة، وهن لكم تطوع: الوتر،
وركعتا الفجر، وركعتا الضحى '.
عبد الله بن محرر - متروك - عن قتادة، عن أنس مرفوعا: ' أمرت بالضحى
والوتر، ولم يفرض علي '.
وهذه أخبار ساقطة، وفي الصحاح كفاية.
210

فاحتجوا بالفضل السيناني، عن عبيد الله العتكي، عن ابن بريدة، عن أبيه،
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا '.
العتكي: فيه لين.
وكيع، نا خليل بن مرة، عن معاوية بن قرة، عن أبي هريرة مرفوعا: ' من لم
يوتر، فليس منا '.
خليل: ضعفوه.
الدارقطني، ثنا إسماعيل الوراق، ثنا محمد بن حسان الأزرق، ثنا سفيان،
عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الوتر حق
واجب، فمن شاء أن يوتر بثلاث فليوتر، ومن شاء أن يوتر بواحدة فليوتر بواحدة '.
قال الدارقطني، قوله: واجب ليس بمحفوظ، لا أعلم أحدا تابع محمد بن
حسان عليه، إنما المروي: ' الوتر حق '.
عبدان، نا أبو حمزة، سمعت محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده ': ' مكثنا زمانا لا نزيد على الخمس، فأمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاجتمعنا،
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله قد زادكم صلاة فأمرنا بالوتر '. محمد: واه.
يزيد بن هارون، نا حجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده مرفوعا: ' إن الله زادكم صلاة؛ وهي الوتر '. فحجاج ضعيف.
ورواه النضر أبو عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: ' إن الله قد
أمدكم بصلاة؛ وهي الوتر '. والنضر تالف.
أحمد، نا يزيد، نا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله
ابن راشد، عن عبد الله بن أبي مرة، عن خارجة بن حذافة قال: ' خرج علينا رسول الله
211

[ق 48 - أ] / [صلى الله عليه وسلم] ذات غداة، فقال: لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم ' قلنا:
وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر '.
عبد الله بن راشد: ضعفه الدارقطني. وقال البخاري: لا يعرف إلا بحديث
الوتر، ولا يعرف سماعه من ابن أبي مرة.
أحمد، نا يحيى بن إسحاق، نا ابن لهيعة، نا عبد الله بن هبيرة، سمعت
أبا تميم الجيشاني، سمعت عمرو بن العاص يقول: أخبرني رجل من أصحاب النبي
[صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله قال: إن الله زادكم صلاة، فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة
الصبح؛ الوتر الوتر. ألا وإنه أبو بصرة الغفاري. قال أبو تميم: فكنت أنا وأبو ذر
قاعدين، فأخذ بيدي أبو ذر، فانطلقنا إلى أبي بصرة، فقال أبو ذر: يا أبو بصرة،
أنت سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: إن الله زادكم صلاة، فصلوها ما بين صلاة العشاء
إلى صلاة الصبح، الوتر الوتر؟ قال: نعم. قال: أنت سمعته؟ قال: نعم '.
ابن لهيعة فيه.
ابن وهب، أنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر - ضعيف - عن
عبد الرحمن بن رافع التنوخي ' أن معاذ بن جبل قدم الشام، وأهل الشام
لا يوترون، فقال لمعاوية: مالي أرى أهل الشام لا يوترون؟ فقال معاوية: وواجب
ذلك عليهم؟ قال: نعم، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: زادني ربي صلاة؛ وهي
الوتر، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر '.
212

عبد الرحمن منكر الحديث، ولم يدركمعاذا.
أحمد بن عبد الرحمن، عن عمه ابن وهب، عن مالك، عن نافع، عن ابن
عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم؛ وهي الوتر '.
قال ابن حبان: لا يخفى على من كتب حديث ابن وهب أن هذا موضوع.
186 - مسألة:
ويجوز الوتر بركعة، فإن أوتر بثلاث فصل بسلام.
وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث بسلام واحد، لا يزيد ولا ينقص.
وقال مالك: بل يسلم عقيب الثانية.
أنس بن سيرين، عن ابن عمر قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي من الليل
مثنى مثنى، ويوتر بركعة '.
أخرجه (خ) و (م).
القاسم، عن عائشة: ' كان رسول الله يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة؛
منها الوتر، وركعتا الفجر '.
أخرجاه.
قتادة، عن أبي مجلز: ' سألت ابن عباس عن الوتر، فقال: سمعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يقول: ركعة من آخر الليل '.
أخرجه أحمد '.
وفي ' الصحيح ' من حديث ابن عمر مرفوعا: ' فإذا خشي الصبح صلى
213

واحدة، فأوترت له ما صلى من الليل '.
همام، نا قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر ' أن رجلا سأل رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] عن صلاة الليل، قال: مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل '.
أخرجه (س). [ق 48 - ب] / (س)، نا قتيبة، نا خالد بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة '.
قلت: خالد صدوق، كان قاضي ترمذ.
أحمد، نا أبو المغيرة، نا الأوزاعي، حدثني أسامة بن زيد، حدثني زيان
ابن عبد العزيز، حدثني عمر بن عبد العزيز، عن عائشة قالت: ' كان رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يصلي في الحجرة وأنا في البيت، فيفصل بين الشفع والوتر بتسليم يسمعناه '.
منقطع.
أحمد، نا عتاب بن زياد، نا أبو حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ،
(عن نافع)، عن ابن عمر ' كان رسول الله يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة
يسمعناها.
سنده جيد.
ويدل على الوتر بثلاث وبخمس وأكثر:
أحمد، نا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن أم سلمة:
' كان رسول الله يوتر بسبع، وبخمس، لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام '.
214

قلت: خرجه (س ق) من حديث جرير وسفيان وزهير، عن منصور.
ابن نمير، نا هشام، عن أبيه، عن عائشة: ' كان يصلي من الليل ثلاث عشرة
ركعة؛ يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس إلا في آخرهن '
قلت: رواه (م).
فذكروا:
أبو إسحاق، عن الحارث، عن علي: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوتر بثلاث '.
خرجه (ت) والحارث ضعف.
يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب - واه - نا الأعمش، عن مالك بن
الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' وتر الليل كوتر النهار؛ صلاة المغرب '.
إسماعيل بن مسلم - واه - عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة
مرفوعا: ' الوتر ثلاث كصلاة المغرب '.
وذكروا في كتبهم: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن البتيراء ' فأين إسناده؟ ثم
المروي عن ابن عمر أنه فسر البتيراء أن يصلي الرجل بركوع ناقص وسجود ناقص،
وما في هذه الأحاديث منع من الوتر بأكثر من ثلاث، فاسمعوا أصح منها:
الدارقطني، أنا أبو بكر النيسابوري، نا موهب بن يزيد بن خالد، نا ابن
وهب، حدثني سليمان بن بلال، عن صالح بن كيسان، عن عبد الله بن الفضل
215

عن أبي سلمة، (عن) الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو سبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب '.
قال الدارقطني، كلهم ثقات.
شجاع بن الوليد، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن
سعد بن هشام، عن عائشة: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يسلم في ركعتي الوتر.
قلنا: يجوز هذا أن يوتر بسلام واحد، لكن يتشهد بينهم [ق 49 - أ] / كالمغرب '.
187 - مسألة:
يتنفل بركعة.
وعنه: لا يجوز - كقول أبي حنيفة.
وقد كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يوتر بركعة.
188 - مسألة:
وفي الثلاث يقرأ ب ' سبح ' وفي الثانية ب ' الكافرون ' وفي الثالثة ب ' قل
هو '.
وقال مالك: يضم إليها المعوذتين.
لنا: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:
' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الوتر ب ' سبح اسم ربك الأعلى ' و ' قل يا أيها
الكافرون ' و ' قل هو الله أحد '.
قلت: رواه (ت س ق).
216

وكذا رواه زكريا، ويونس بن أبي إسحاق، وشريك.
ورواه زهير، عن أبي إسحاق موقوفا.
الثوري، عن زبيد، عن ذر بن عبد الله، عن سعيد بن عبد الرحمن بن
أبزى، عن أبيه قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يوتر ب ' سبح ' و ' قل يا أيها ' و ' قل هو '
وإذا أراد أن ينصرف من الوتر قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، يرفع صوته
في الثالثة '.
قلت: رواه (س) من حديث شعبة والثوري، وبعضهم يرسله.
ولهم الدارقطني، من حديث سعيد بن عفير، نا يحيى بن أيوب، عن
يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ في الركعتين
اللتين يوتر بعدهما ب ' سبح اسم ربك الأعلى ' و ' قل يا أيها الكافرون ' ويقرأ في
الوتر: ' قل هو الله أحد ' و ' قل أعوذ برب الفلق ' و ' قل أعوذ برب الناس '.
ولا يصح؛ فإن يحيى بن أيوب، قال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقد أنكر أحمد وابن معين زيادة المعوذتين.
قلت: هذا تعنت؛ فإن يحيى بن أيوب من رجال ' الصحيحين '.
217

القنوت
189 - مسألة:
سنة في الوتر.
وقال مالك والشافعي: لا يسن إلا في النصف الأخير من رمضان.
أحمد، نا يزيد، أنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عمرو الفزاري، عن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن علي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقول في آخر
وتره: ' اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ
بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك '.
قلت: رواه (عو) من حديث حماد، وحسنه (ت) ولم يورد حديث
الحسن بن علي: ' علمني النبي [صلى الله عليه وسلم] كلمات أقولهن في قنوت الوتر: ' اللهم
اهدني في من هديت... ' إلخ.
فذكروا:
هشيم، أنا يونس، عن الحسن ' أن عمر جمع الناس على أبي، فكان
يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر، ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني، فإذا كان
العشر الأواخر، تخلف في بيته '.
فيه انقطاع.
190 - مسألة:
لا يسن القنوت في الفجر، خلافا [ق 49 - ب] / لمالك والشافعي.
218

لنا: جماعة، عن أبي مالك الأشجعي، قال: ' قلت لأبي: يا أبه، إنك قد
صليت خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر وعثمان، وعلي هاهنا بالكوفة قريبا
من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ فقال: أي بني، محدث '.
قلت: أبو مالك هو سعد بن طارق. صححه (ت) وخرجه (ت س
ق).
(س) أنا قتيبة، عن خلف بن خليفة، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبيه
قال: ' صليت خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت،
وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف
علي فلم يقنت. ثم قال: يا بني، إنها بدعة '.
قلت: قد علم يقينا أنهم قنتوا في النوازل.
فهذا الحديث ما فيه أنهم ما قنتوا قط، بل اتفق أن طارقا صلى خلف كل
منهم، وأخبر بما رأى، فحديثه في الجملة يدل على أنهم ما كانوا يحافظون على
قنوت راتب.
محمد بن مرزوق، نا محمد بن عبد الله الأنصاري، نا سعيد بن أبي عروبة،
عن قتادة، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على
قوم '.
قلت: سنده صحيح رواه الخطيب في كتاب ' القنوت ' له، وهو نص في
أن القنوت مختص بالنازلة.
الحسن بن علي بن عفان، نا عبد الحميد الحماني، عن سفيان، عن عاصم،
عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يقنت إلا شهرا واحدا حتى مات '.
219

قيل: فأحمد ضعف الحماني. قلنا: وثقه ابن معين.
قلت: واحتج به البخاري.
عمر بن عبد الواحد الدمشقي، عن ابن ثوبان، عن الحسن بن الحر، عن
إبراهيم، عن الأسود، عن عمر ' أنه لم يكن يقنت إلا أن يستنصر، ولا رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] ولا أبو بكر '.
قالوا: ابن ثوبان لين.
قلت: قواه ابن معين.
شبابة، ثنا قيس، عن عاصم الأحول: ' قلنا لأنس: إن قوما يزعمون أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] لم يزل يقنت بالفجر. قال: كذبوا، إنما قنت شهرا... ' الحديث.
قيس: ضعيف.
(خ م) من حديث قتادة، عن أنس: ' قنت رسول الله شهرا بعد
الركوع؛ يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه '.
شريك، عن أبي حمزة عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم]: ' أنه لم يقنت في شيء من الصلوات إلا الوتر، وكان إذا حارب قنت في
الصلوات كلها؛ يدعو على المشركين '.
أبو حمزة ميمون، ضعفوه.
أبو حاتم الرازي، ثنا هشام بن عبيد لله، ثنا ابن جابر، عن حماد، عن
إبراهيم [ق 50 - أ] / عن علقمة والأسود قالا: قال عبد الله: ' ما قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في
شيء إلا في الوتر، وأنه كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلها؛ يدعو على
المشركين، وما قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان حتى ماتوا، ولا قنت علي حتى
حارب أهل الشام '.
220

ابن جابر محمد؛ ضعفوه.
ورواه مجالد - وفيه لين - عن إبراهيم، عنهما قالا: ما قنت رسول الله إلا
إذا حارب.
محمد بن يعلى السلمي - متروك - عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن ابن
نافع، عن أبيه، عن أم سلمة قالت: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن القنوت في
الفجر '.
ورواه هياج بن بسطام - هالك - عن عنبسة، لكن قال: صفية بنت
أبي عبيد بدل: أم سلمة.
وابن نافع عبد الله واه.
قلت: أخرج ابن حبان من حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن
سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان لا يقنت إلا أن يدعو
لأحد، أو يدعو على أحد ' رواته ثقات.
(خ م) من حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين،
قال: ' سئل أنس: أقنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قبل الركوع أو بعده؟ قال: بعد الركوع
يسيرا '.
وبهذا اللفظ رواه ابن علية، عن أيوب، وعنه الإمام أحمد.
221

(خ م) من حديث عاصم الأحول، عن أنس قال: ' سألته عن القنوت؛
قبل الركوع أو بعد الركوع؟ فقال: قبل الركوع. قلت: فإن ناسا يزعمون أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت بعد الركوع. فقال: إنما قنت شهرا يدعو على أناس قتلوا ناسا
من أصحابه؛ يقال لهم: القراء '.
و (خ) في باب الجهاد، عن عاصم قال: ' سألت أنسا عن القنوت،
فقال: قبل الركوع. فقلت: إن فلانا يزعم أنك قلت: بعد الركوع. قال: كذاب.
ثم حدث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم
... ' الحديث.
(م خ) عن أنس قال: ' قنت رسول اله [صلى الله عليه وسلم] بعد الركوع شهرا في
الصبح يدعو على رعل وذكوان، ويقول: عصية عصت الله ورسوله '.
وفي لفظ: ' وعصية ' لم يذكر ' ويقول ':
(خ) عن أنس: ' بعث النبي [صلى الله عليه وسلم] سبعين رجلا لحاجة؛ يقال لهم القراء،
فعرض لهم حيان من سليم: رعل وذكوان، عند بئر معونة، فقال القوم: والله ما
إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة النبي [صلى الله عليه وسلم] فقتلوهم، فدعا النبي [صلى الله عليه وسلم]
عليهم شهرا في صلاة الغداة؛ وذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت '.
(خ) عن عبد العزيز بن صهيب ' وسأل رجل أنسا عن القنوت بعد
الركوع، أو عند [ق 50 - ب] / فراغ من القراءة؟ قال: لا، بل عند فراغ من القراءة '.
(خ) عن أنس قال: ' كان القنوت في المغرب والفجر '.
222

(م) عن البراء ' أن رسول الله كان يقنت في المغرب والفجر '.
قلت: هذا محمول على قنوت النوازل.
(م) عن خفاف بن إيماء قال: ' ركع رسول الله، ثم رفع رأسه وقال:
غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله، اللهم العن بني
لحيان، والعن رعلا وذكوان. ثم وقع ساجدا '.
(خ) عن أبي هريرة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا أراد أن يدعو على
أحد، أو يدعو لأحد، قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قال: سمع الله لمن حمده:
اللهم ربنا لك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن
أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها
عليهم سنين كسني يوسف. يجهر بذلك.. ' وذكر الحديث؛ وفيه: ' وأن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله '.
قال أبو الزناد: هذا كله في الصبح.
وروى مسلم نحوه ثم قال أبو هريرة: ' ثم رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد ترك
الدعاء لهم، فقيل: أو ما تراهم قد قدموا '.
(خ) عن ابن عمر ' أنه سمع رسول الله إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة
من الفجر يقول: اللهم العن فلانا وفلانا. بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا
ولك الحمد، فأنزل الله: * (أوليس
لك من الأمر شيء... ' ".
(خ م) عن أبي هريرة قال: والله لأقربن بكم صلاة رسول الله. فكان
أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة والصبح؛ يدعو للمسلمين، ويلعن
الكفار '.
223

زاد (خ): ' في الركعة الآخرة ' ولكن (خ) قال: العن فلانا
وفلانا ' ولم يسمهم.
وهذا كله نص على قنوت النوازل خاصة، فأما أن يكون راتبا دائما في
الصبح بعد الركوع، وأن يكون جهرا، وأن يكون ب: ' اللهم اهدنا فيمن هديت... '
فلا، فإن مثل هذا - والحالة هذه - لو لازمه النبي [صلى الله عليه وسلم] لنقل نقل كافة، ولتوفرت
الهمم والدواعي على نقله، ولاستحال كتمانه عادة.
وقد قال أبو الشعثاء، أحد أئمة التابعين: ' سألت ابن عمر عن القنوت في
الفجر، فقال: ما شعرت أن أحدا يفعله '.
أفيظن عاقل عارف بحال ابن عمر ومتابعته للرسول في الدق والجل،
وملازمته له، يخفى عليه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يجهر ب: ' اللهم اهدنا فيمن هديت '.
ويديم ذلك في الفجر جهرا لو كان يديم ذلك، وهذا القول من ابن عمر، ما شعرت
أن أحدا يفعله، من أصح شيء يكون.
ورواه سليمان، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبي الشعثاء، فكأنك تسمع
ابن عمر ينطق به.
وقال مالك، عن نافع: ' كان ابن عمر لا يقنت في الفجر '.
وقال عبد الله بن أبي نجيح: ' سألت سالم بن عبد الله: هل كان عمر يقنت
في الصبح؟ قال: لا، إنما هو شيء أحدثه الناس '.
قلت: يريد المداومة والجهر به، وإلا فما كان يخفى على مثل سالم وأبيه،
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت في النوازل.
بل كان ابن عمر قد سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] في الصبح حين رفع رأسه من الركوع،
224

قال: رأيت ذلك في الركعة الآخرة، ثم قال: اللهم العن فلانا وفلانا. على ناس من
المنافقين، فأنزل الله: * (ليس لك من الأمر شيء....) * الآية.
أخرجاه من حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه وكذا قال
معمر: كان الزهري يقول: من أين أخذ الناس القنوت - وتعجب - إنما قنت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أياما، ثم ترك ذلك.
قال أبو محمد بن حزم: صح عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعن أصحابه أنهم قنتوا
وتركوا، وكل مباح. فأما قول طارق الأشجعي أنه بدعة، فمراده الراتب، أو أخبر
بما رأى من الترك وجهل الفعل في وقت. والعجب من المالكية يحتجون بابن عمر
قولا وفعلا، ثم سهل عليهم هنا مخالفته، ومخالفة أبيه وابنه.
قال: والقنوت يمكن أن يخفى؛ لأنه سكوت متصل بقيام.
قلت: وقد قنت نبي الله [صلى الله عليه وسلم] مرات في أوقات مختلفة؛ قنت للقراء،
وقنت يدعو بالنجاة للمستضعفين بمكة، وقنت يوم أحد.
قال زكريا الساجي وابن شبيب المعمري وغيرهما: نا سلم بن جنادة، ثنا
أحمد بن بشير، ثنا عمر بن حمزة، عن سالم، عن ابن عمر قال: ' صلى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة الصبح يوم أحد، فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قال: سمع
الله لمن حمده. قال: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم
العن صفوان بن أمية. فنزلت: * (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب
عليهم) * '.
قال: فتاب عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم.
صححه الحاكم، ورواه أبو النضر هاشم، نا أبو عقيل، حدثني عمر بن حمزة
مختصرا، لم يذكر قنوتا.
225

وفي (خ) قال ثابت وحميد، عن أنس: ' شج النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم أحد،
فقال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم. فنزلت: * (ليس لك من الأمر شيء) * '.
قلت: ففي سبب نزول الآية أقوال. فالله أعلم.
أحمد، نا عفان، وعبد الصمد قالا: نا ثابت بن يزيد، ثنا هلال بن
خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا متتابعا في
الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، في دبر كل صلاة؛ إذا قال: سمع الله لمن
حمده من الركعة الأخيرة، يدعو على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه.
أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام، فقتلوهم، فقال عفان في حديثه: قال
عكرمة: هذا كان مفتاح القنوت '.
وخرجه (د).
[ق 510 ب] / أحمد، نا أبو معاوية، نا عاصم الأحول، عن أنس قال: ' سألته عن
القنوت، أقبل الركوع؟ قال: نعم. قلت: فإنهم يزعمون أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت
بعد الركوع، فقال: كذبوا، إنما قنت شهرا يدعو على ناس قتلوا ناسا من أصحابه
يقال لهم القراء '.
خرجه (خ م) وقد مر، وفيه: ' إنما قنت بعد الركوع شهرا '.
هكذا خرجه (خ) عن موسى بن إسماعيل؛ نا عبد الواحد، نا عاصم.
226

قال الأثرم: قلت لأحمد: يقول أحد في حديث أنس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت قبل
الركوع غير عاصم الأحول. فقال: ما علمت أحدا يقول غيره.
قال الحافظ أبو موسى: خالفهم كلهم.
هشام، عن قتادة والتيمي، عن أبي مجلز وأيوب، عن ابن سيرين وغير
واحد، عن حنظلة السدوسي - كلهم عن أنس - ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت بعد
الركوع '.
قيل لأحمد بن حنبل: سائر الأحاديث أليس: إنما هي بعد الركوع؟ قال:
بلى، خفاف بن إيماء، وأبو هريرة.
قلت لأبي عبد الله: فلم ترخص إذا في القنوت قبل الركوع، وإنما صح
بعده؟
فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوتر يختار بعد الركوع، ومن
قنت قبل الركوع فلا بأس؛ لفعل الصحابة واختلافهم، فأما في الفجر فبعد
الركوع.
الطبراني، نا الدبري، عن عبد الرزاق، عن أبي جعفر الرازي، عن عاصم،
عن أنس قال: ' قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصبح بعد الركوع يدعو على أحياء من
أحياء العرب، وكان قنوته قبل ذلك وبعده قبل الركوع '.
فيه بيان أنه قنت قبل الركوع في الصبح قبل قتل القراء.
النعمان بن عبد السلام، عن سفيان، عن عاصم، عن أنس قال: ' إنما قنت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا بعد الركعة، ثم قنت بعد ذلك قبل الركعة '.
قبيصة، نا سفيان، عن عاصم، عن أنس: ' إنما قنت النبي - [صلى الله عليه وسلم] 0
بعد الركعة شهرا '.
بشر بن المفضل، عن يونس، عن ابن سيرين قال: حدثني من صلى مع النبي
227

[صلى الله عليه وسلم]: ' فلما رفع رأسه من الركعة الثانية، قام هنيهة '.
خالد الحذاء، عن محمد: ' سألت أنسا: أقنت عمر في الصبح؟ قال: قنت
من هو خير من عمر، النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
سنده صحيح.
عارم، نا حماد بن زيد، عن بشر بن حرب، سمعت ابن عمر يقول:
' أرأيتم قيامكم عند فراغ الإمام من السورة، هذا القنوت والله إنه لبدعة، ما فعله
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غير شهر ثم تركه، أرأيتم رفعكم أيديكم في [ق 52 - أ] / الصلاة - ورفع يده
- والله إنه لبدعة، ما زاد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هذا - ورفع يديه حيال منكبيه '.
بشر ضعيف.
وقد قيل: إن ابن عمر نسي القنوت.
قلت: أما قنوت راتب جهري فيستحيل أن ينساه، بلى قد ينسى القنوت
للنوازل.
جماعة قالوا: نا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: ' سأل رجل ابن
عمر عن القنوت، فقال: وما ذاك؟ وما هو؟ قال ابن عون: فحدثت به ابن
سيرين، فقال: قال سعيد بن المسيب: أما إنه قد شهده من أبيه، ولكنه نسيه '.
قال المؤلف: وأحاديثهم منها ما هو مطلق؛ بأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت. وهذا
لا نزاع فيه. ومنها أنه قنت في الفجر. وهذا حق، فعل ذلك شهرا. ومنها ما لفظه
محتمل: ' كان يقنت في الصبح ' فنحمله على مدة؛ جمعا بين النصوص.
كما صح من حديث البراء ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقنت في الصبح
والمغرب '.
ومنها عمر بن حبيب، عن هشام، عن الحسن، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان يقنت بعد الركوع في الصبح '.
228

عمر واه.
أحمد، نا عبد الرزاق، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن
أنس، قال: ' ما زال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا '.
يحيى بن بشر - ثقة - ثنا جعفر الأحمر، عن عيسى بن ماهان هو
أبو جعفر، عن الربيع بن أنس قال: ' كنت عند أنس، فجاء رجل فقال: ما تقول
في القنوت؟ فبدره رجل فقال: قنت رسول الله أربعين يوما. فقال أنس: ليس كما
تقول، قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى قبضه الله '.
أبو حمة محمد بن يوسف، نا عبد الرزاق، نا سفيان، عن أبي جعفر
الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس: ' ما زال رسول الله يقنت حتى فارق الدنيا.
أبو بكر النيسابوري، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا عبيد الله بن موسى،
نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت شهرا يدعو
عليهم، ثم تركه، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا '.
وبسند واه عن أبي حصين ' قلت لأنس: أكان رسول الله ترك القنوت؟
قال: والله ما زال يقنت حتى لحق بالله '.
عبد الوارث، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن قال: ' قيل لأنس: إنما قنت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا؟ قال: ما زال رسول الله يقنت حتى مات، وأبو بكر حتى
مات [ق 52 - ب] / وعمر حتى مات '.
عمرو واه.
وذكر الخطيب بسند ظلمات إلى حسين بن حكيم، نا السري بن
عبد الرحمن، عن أيوب، عن الحسن ومحمد، عن أنس: ' ما زال رسول الله يقنت
حتى مات '.
229

و [أزرى] الخطيب نفسه باحتجاجه بهذا؛ فقال: أنا ابن رزقويه،
نا أحمد بن كامل، نا أحمد بن محمد بن غالب، نا دينار، عن أنس: ' ما زال
رسول الله يقنت في صلاة الصبح حتى مات '.
فابن غالب كذاب، وشيخه عدم.
قلت: أصلح ما في ذلك حديث أبي جعفر، والحديث محمول على أنه
ما زال يطول صلاة الفجر؛ فإن القنوت لفظ مشترك بين القنوت العرفي والقنوت
اللغوي، قال الله تعالى: * (أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) * فالمراد
هنا بالقنوت العبادة بلا ريب.
ومثله: * (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) *.
وفي الحديث ' أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الصلاة أفضل؟ قال:
طول القنوت '.
وفي لفظ: ' طول القيام '.
فالمراد بهذا القنوت العبادة؛ قال الله تعالى: * (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين) *.
ولخبر أبي جعفر الرازي طرق عدة في كتاب ' القنوت ' للحافظ أبي
موسى المديني.
قال المحاملي: نا أحمد بن منصور وأحمد بن عيسى قالا: ثنا أبو نعيم، ثنا
أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: ' كنت جالسا عند أنس، فقيل له:
إنما قنت رسول الله شهرا. فقال: ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا '.
230

قال: أنا الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا فاروق، ثنا أبو مسلم، ثنا أبو عمر
الضرير، ثنا النعمان بن عبد السلام، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن
أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت حتى مات '.
ابن المقرئ، نا أيو يعلى، نا زهير، نا وكيع، نا أبو جعفر الرازي، عن
الربيع، عن أنس ' أن رسول الله قنت في الفجر '.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح سنده، ثقة رواته، ذاكرت في بعض
الحفاظ، فقال: غير الربيع بن أنس. فما زلت أتأمل التواريخ، وأقاويل الأئمة في
الجرح والتعديل، فلم أجد أحدا طعن فيه، وهو بصري، ورد خراسان.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: صدوق ثقة.
وقال ابن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن أبي جعفر الرازي، فقال:
صالح.
وروى الكوسج عن ابن معين توثيقه، وكذا روى الغلابي عن يحيى.
وقال عباس: سمعت ابن معين يقول: أبو جعفر الرازي ثقة، يغلط فيما
يروى عن مغيرة.
وقال حنبل: سئل أبو عبد الله عن أبي جعفر الرازي فقال: صالح
الحديث.
وقال ابن خراش: سيئ الحفظ صدوق.
وقال زكريا الساجي: صدوق [ق 53 - أ] / أوليس
بمقتن.
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: أوليس
بقوي، وقد أورده ابن
عدي في ' كامله '، ثم قال: ولأبي جعفر أحاديث صالحة يرويها.
وقد روى الناس عنه، وأرجو أنه لا بأس به.
وروي عن الربيع بن بدر - واه - عن عوف، عن الحسن، عن أنس قال:
231

' قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات،
وعثمان حتى مات '.
الحسن بن سفيان في ' مسنده ' ثنا جعفر بن مهران السباك، ثنا
عبد الوارث بن سعيد، ثنا عوف، عن الحسن، عن أنس قال: ' صليت مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته، وخلف عمر فلم
يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته '.
رواه أبو سعيد النقاش، عن بشر بن أحمد، ومنصور بن العباس، ومحمد بن
أحمد العمري، ومحمد بن أحمد بن القاسم الدهستاني، قالوا: ثنا الحسن بهذا.
قال أبو موسى: وجعفر بن مهران من جملة الثقات.
قال الحافظ أبو موسى: فلم يبق في هذا الإسناد إشكال يطعن به عليه.
وقال أبو خليفة: ثنا أبو معمر، نا عبد الوارث، عن عمور - عن الحسن،
عن أنس قال: ' صليت مع رسول الله، فلم يزل يقنت بعد الركوع حتى فارقته،
وصليت مع أبي بكر وعمر، فلم يزالا يقنتان بعد الركوع في صلاة الغداة حتى
فارقتهما '.
وكذا رواه أبو عمر الحوضي، عن عبد الوارث، فقال عن عمرو، وهو
ابن عبيد رأس الاعتزال - فهذا هو المحفوظ عن عبد الوارث، وهو علة حديث
السباك. ولعله عن عبد الوارث، عن هذا وعن هذا، لكن هذا بعيد، بل معدوم؛
فلو كان عند أبي معمر، عن عبد الوارث، عن عوف، لما تأخر البخاري عن
إخراجه، والسباك فثقة، ولكن الثقة يغلط.
وقال أبو موسى: مما يدل على أن له أصلا عند الحسن تدين الحسن به.
الطبراني، نا الدبري، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن ' في رجل
فاتته من الصبح ركعة، فصلى مع الإمام ركعة، فقنت معه، قال إذا صلى الركعة
الأخيرة، قنت أيضا '.
232

صفوان بن صالح، نا الوليد، أخبرني خليد (أن الحسن كان إذا قنت في
الوتر والصبح يسمع من خلفه '.
عثمان الدارمي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن حميد؛
' أن الحسن كان يقنت في الفجر بعد الركوع، ويجهر بصوته '.
محمد بن أسلم الطوسي، نا عبد الله بن رجاء، عن السري بن يحيى،
عن الحسن ' أنه سئل: أقنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في صلاة الفجر؟ قال: نعم، والله
بعد الركوع '.
وهيب، عن الحسن، قال: ' إذا أدركت مع الإمام ركعة في صلاة
الصبح، فقنت معه، أجزأك من القنوت في الثانية '.
أبو عاصم، عن عمران القطان، عن الحسن ' فيمن نسي القنوت في [ق 53 - ب] /
الصبح: عليه سجدتا السهو '.
يوسف القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا أبو هلال، ثنا حنظلة إمام
مسجد قتادة، قال: ' اختلفت أنا وقتادة في القنوت في صلاة الصبح، فقال
قتادة: قبل الركوع. وقلت أنا: بعد الركوع. فأتينا أنسا، فذكرنا له ذلك،
فقال: أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] في صلاة الفجر، فكبر وركع، ورفع رأسه وسجد، ثم
قام في الثانية، فكبر وركع، ثم رفع رأسه فقام ساعة، ثم وقع ساجدا '.
مسدد، نا حماد، عن حنظلة السدوسي، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قنت بعد الركوع في الصبح '.
رواه غير واحد عن حنظلة، وهو صويلح.
أحمد بن إسحاق الوزان، نا عمر بن موسى عم الكديمي - ضعيف -
نا أبو هلال، ثنا قتادة وحنظلة، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رفع رأسه، فدعا بعد
الركوع... ' الحديث.
233

عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن مروان الأصفر: سألت أنس بن مالك:
أقنت عمر؟ قال: ومن هو خير من عمر '.
ورواه عفان عن شعبة.
أبو همام السكوني، نا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس ' وسئل
عن القنوت في صلاة الصبح؛ أقبل الركوع أم بعد؟ فقال: كلا قد كنا نفعل قبل
وبعد '.
قال أبو موسى المديني: هذا إسناد صحيح؛ لا مطعن على أحد من رواته
بوجه.
البغوي، نا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن أنس قال: قنت بعض
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قبل الركوع، وبعضهم بعد الركوع.
وهذا أيضا صحيح.
(خ) نا أبو نعيم، نا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، (عن
أبي هريرة)، قال: ' والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فكان
أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده.
فيدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار '.
قال أبو موسى المديني: قوله: فكان أبو هريرة يقنت. يدل على مداومته
على القنوت؛ لأنه لا حاجة بالناس إلى أن يريهم شيئا متروكا، فأخبر بما ترك،
وعمل بما يداوم عليه فأراه الناس.
234

قلت: فهو على هذا التقدير دال على أنه يلعن الكفار في القنوت الراتب؛
فهو قدر زائد على تلك الثمان كلمات: ' اللهم اهدنا فيمن هديت...
.
وقوله: فأخبر بما ترك. يعني بما في خبر يونس، عن الزهري، عن سعيد
وأبي سلمة، أنهما سمعا أبا هريرة يقول: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول حين يفرغ
من صلاة الفجر [ق 54 - أ] / من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا
لك الحمد. ثم يقول وهو قائم: اللهم انج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام،
وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر،
واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيانا ورعل وذكوان، وعصية عصت
الله ورسوله '.
قال الزهري (م): بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت: * (ليس لك من الأمر
شيء...) * الآية.
قلت: أو لعل أبا هريرة لما أراهم ذلك، كان وقت حروب، فما أكثر ما
كانت في صدر الإسلام.
يعقوب الدورقي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي بحديث أنس ' أن
رسول الله قنت شهرا يدعو على أحياء، ثم تركه '.
قال ابن مهدي: يعني ثم ترك الدعاء على الأحياء.
وقال أبو قدامة السرخسي، عن ابن مهدي؛ إنما ترك اللعن.
191 - مسألة:
الأفضل في القنوت أنه بعد الركوع.
وقال أبو حنيفة ومالك: قبله.
وقد مر خبر أنس الذي في ' الصحيحين ': ' قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد
الركوع شهرا '.
235

وأحمد، ثنا يحيى، نا التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس: ' قنت رسول الله
شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان ' خرجه (م).
وفي خبر أبي هريرة ' قنت بعد الركوع '.
فذكروا خبر عاصم عن أنس ' وسأله عن القنوت: أقبل الركوع أو بعده؟
فقال: قبل الركوع... ' الحديث أخرجاه.
وعن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] كان يقنت في الوتر قبل الركوع '.
وقال أبو بكر الخطيب: الأحاديث التي فيها قبل الركوع كلها معلولة.
قلت: خبر عاصم في ' الصحيحين ' وهو محمول على طول القيام
وتطويل الصبح. وله خبر عبد العزيز بن صهيب عن أنس ' قبل الركوع '
وأخرجه البخاري.
قلت: علي بن بحر، وإبراهيم بن موسى الفراء قالا: نا محمد بن أنس،
ثنا مطرف بن طريف، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان
لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها '.
تفرد به محمد؛ فإن صح فمراد البراء يعني في النوازل.
وروى القطان عن شعبة وسفيان، عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى؛
عن البراء ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقنت في الصبح والمغرب '.
236

وكذا قال ابن المبارك عن سفيان.
وقد قال أحمد بن حنبل: أوليس
يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قنت في المغرب
إلا في هذا الحديث، وعن علي من قوله.
[ق 54 - ب] / وكيع وعفان وأبو الوليد، والحوضي وسليمان عن شعبة بهذا، وذكر
الصبح فقط.
العقدي، ثنا سفيان، عن محارب، عن عبيد بن البراء، عن البراء ' أنه
كان يقنت في الفجر '.
زاد ابن المبارك عن سفيان فيه: يقنت في مسجد داره.
قال أبو موسى المديني: وذكر عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن مطرف،
عن أبي الجهم، عن البراء ' أنه قنت في الفجر؛ فكبر حين فرغ من القراءة، ثم
كبر حين فرغ من القنوت '.
أحمد بن أبي غرزة، نا عبيد الله بن موسى، نا ابن أبي ليلى، عن زبيد
قال: ' سألت عن القنوت، فبعثوني إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال: سألت
البراء عن القنوت، فقال: سنة ماضية '.
وابن مغيرة وغيره، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت في الفجر يدعو على حي من بني
سليم '.
عمرو ثقة يهم.
سليمان بن (كراز) - ضعفه ابن عدي - ثنا سلم بن (زرير)
237

حدثنا أبو رجاء قال: ' صلى بنا ابن عباس الغداة، فقنت بنا قبل الركوع ورفع
يديه، قلت: ما نصنع هذا في صلاتنا، فقال: هذا صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال
الله - تعالى -: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) *.
الطحاوي، نا بكار بن قتيبة، نا أبو عاصم، عن عوف، عن أبي رجاء
قال: ' صليت خلف ابن عباس الصبح، فقنت قبل الركوع فقال: هذه الصلاة
الوسطى '.
أبو نعيم، عن شريك، عن عوف، عن خلاس بن عمرو: ' رأيت ابن
عباس رافعا ضبعيه في صلاة الفجر فقال: هذه صلاة رسول الله، قال الله:
* (وقوموا لله قانتين) *.
يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب، نا سعيد وعوف، عن أبي رجاء أنه
قال: ' صلى ابن عباس صلاة الصبح، فقنت بعد الركوع، فقال: هذه الصلاة
الوسطى التي قال الله: * (وقوموا لله قانتين) *.
أبو داود، نا قرة، عن أبي رجاء، قال: ' صلى ابن عباس الفجر فقنت '.
الدارقطني، نا عبد الصمد بن علي، نا الحسين بن سعيد، حدثني
محمد بن مصبح بن هلقام، نا أبي، نا قيس، عن أبان بن تغلب، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس قال: ' ما زال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقنت حتى فارق الدنيا '.
رواه الحاكم، عن عبد الصمد، فزاد: في صلاة الصبح.
أبو غسان النهدي، ثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير، نا أبي، عن ابن
أبي ليلى، عن عطاء وسعيد بن جبير، عن ابن عباس: ' صليت خلف رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] حياته، فكان يقنت في صلاة الصبح حتى فارق [ق 55 - أ] / الدنيا '.
238

إبراهيم كذبه أبو حاتم.
الأثرم، نا أحمد بن حنبل، نا هشيم، عن أبي جمرة قال: ' صليت خلف
ابن عباس الفجر، فقنت قبل الركوع '.
قال أحمد: هذا خلاف ما يروى عنه. يعني بعد الركوع.
أبو الشيخ، ثنا جعفر بن أحمد بن سنان، ثنا محمد بن معمر، ثنا
أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن بريد بن أبي مريم،
عن أبي الحوراء، عن الحسن - أو الحسين، شك أبو عاصم - قال: ' حفظت
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دعاء كان يدعو به، وأمرني أن أقنت به: اللهم اهدني فيمن
هديت... ' الحديث.
قال بريد: وسمعت ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان: ' إن النبي
[صلى الله عليه وسلم] كان يقنت به في الصبح والوتر '.
أبو قرة الزبيدي قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الرحمن بن هرمز ' أن
بريد بن أبي مريم أخبره بهذا، وقال: سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف
من منى يقولان: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقنت بهن في صلاة الصبح '.
أخبرنا أيوب الأزدي وغيره قالا: أنا ابن رواحة، أن السفلي، أنا
أبو غالب الباقلاني وجماعة قالوا: أنبأنا عبد الملك بن بشران، ثنا الفاكهي
بمكة، أنا أبو يحيى بن أبي مسرة، أخبرني أبي، أنا عبد المجيد، عن ابن
جريج، أخبرني عبد الرحمن بن هرمز؛ أن بريد بن أبي مريم أخبره، قال:
سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقنت
في الصبح، وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات: اللهم اهدني فيمن هديت،
وعافني فيمن عافيت، وتولني فمين توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر
ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت
ربنا وتعاليت '.
239

الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: أخبرني من سمع
ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان... فذكر نحوه.
لم يجوده عبد الرزاق.
أبو عبد الله الحاكم، أنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، نا يوسف بن
موسى، نا أحمد بن صالح، نا ابن أبي فديك، عن عبد الله بن سعيد المقبري،
عن أبيه، عن أبي هريرة قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا رفع رأسه من الركوع
من صلاة الصبح في الركعة الثانية يرفع يديه، فيدعو بهذا الدعاء: اللهم اهدني
فيمن هديت.... ' الحديث.
عبد الله تركوه.
وروينا في ' جزء اللكي ': نا عبد الله بن محمد البلوي، نا إبراهيم بن
عبد الله بن العلاء، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه
علي قال: ' كلمات علمهن جبريل رسول الله يقولهن في قنوت الفجر: اللهم
اهدني فيمن هديت... '.
قلت: اللكي ضعيف، والبلوي طير غريب، وهذا مما وضع على أهل
البيت.
240

[ق 55 - ب] / الحسين بن الحكم (الحيري) ثنا أبو غسان النهدي، نا جعفر بن زياد
الأحمر، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي ' أنه
كان يقنت في الصبح بعد رفع الرأس من الركعة الثانية، ويذكر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أمره بذلك '.
جعفر محله الصدق، وأبو البختري لم يدرك عليا.
قال الحاكم: سمعت أبا جعفر محمد بن عبيد الله بن علي بن عبد الله بن
علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النقيب
بالكوفة يقول: ' صلت خلف أبي إلى أن مات، فرأيته يقنت في الصبح،
وحدثني أنه رأى أباه يفعل ذلك، وحدثه أنه رأى أباه يفعل ذلك، فذكره
مسلسلا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] كذلك '.
وسنده ظلمات.
محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي - شيعي اتهمه ابن عدي - ثنا
موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق، نا أبي، عن أبيه، عن جده
جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقنت في الركعة الثانية من صلاة الصبح حتى توفاه الله '.
محمد بن الصلت، وسعيد بن عثمان - بطريقين - أن عمرو بن شمر
حدثهما عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار ' سمعا رسول الله يجهر
في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم في الفاتحة، ويقنت في صلاة الصبح
والوتر '.
عمرو: رافضي متروك، عن جابر: هالك.
241

إسحاق بن أبي فروة - متروك - نا محمد بن المنذر، عن جابر ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقنت في الصبح '.
الحارث بن أبي أسامة في ' مسنده ' نا يحيى نب هاشم - متروك - نا
هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة: ' كان رسول الله يقنت في الفجر قبل
الركوع وقال: إنما أقنت بكم لتدعوا ربكم، وتسألوه حوائجكم '.
بندار، نا القطان، نا العوام بن حمزة قال: ' سألت أبا عثمان النهدي عن
القنوت في الصبح، فقال: بعد الركوع. قلت: عمن؟ قال: عن أبي بكر،
وعمر، وعثمان '.
قال الأثرم: قال لي أبو عبد الله: يحفظ عاصم، عن أبي عثمان، عن
أبي بكر وعمر؟ قلت: لا أعرف إلا حديث العوام بن حمزة في القنوت -
يعني. قال: فإني استغربته وافق هذا الشيخ. يعني وافق عاصما الأحول ثم
قال: ثنا يونس بن محمد، نا حماد بن زيد، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان
' أن أبا بكر وعمر قنتا في الصبح بعد الركوع '.
محمد بن كثير البصري، نا شعبة، عن عاصم، عن أبي عثمان النهدي،
قال: ' صليت خلف عمر، فقنت بعد الركوع '.
ابن عقدة، نا الحسين بن محمد الجعفي، نا ثعلب بن الضحاك، حدثني
يحيى بن إبراهيم بن المغيرة، عن أبيه، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، [ق 56 - أ] / عن سويد
ابن غفلة قال: ' صليت خلف أبي بكر وعمر، فقنتا '. وكان سويد يقنت في
الفجر.
سنده مظلم.
قال أبو موسى المديني: رواه جابر الجعفي، عن إبراهيم النخعي، عن
سويد، فذكر عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس، قال: كلهم قنت
في الفجر.
242

جابر رافضي واه.
عبيد بن الصباح - ضعيف - نا مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد،
عن أبي رافع، عن أبيه قال: ' قنت النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر وعمر وعثمان، وأئمة
العدل والجور '.
سنده واه.
الربيع، قال الشافعي: قنت بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصبح وأبو بكر وعمر
وعلي، كلهم بعد الركوع، وعثمان بعض إمارته، ثم قدم القنوت قبل الركوع،
وقال: ليدرك من سبق بالصلاة الركعة.
خالد الحذاء، عن محمد: ' سألت أنسا: هل قنت عمر؟ قال: نعم،
ومن هو خير من عمر؛ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد الركوع '.
صحيح.
ابن عيينة، حدثني مخارق، عن طارق بن شهاب قال: ' صليت خلف
عمر الصبح فقنت '.
يحيى القطان، عن جعفر، حدثني أبو عثمان قال: ' كنا نجيء وعمر يؤم
الناس، ثم يقنت بنا بعد الركوع؛ يرفع يديه حتى يبدو كفاه، ويخرج ضبعيه '.
جعفر هو ابن ميمون بياع الأنماط صالح.
رواه الثوري عن جعفر مختصرا.
أبو معمر، نا عبد الوارث، نا موسى أبو العلاء العتبي، حدثني أبو عثمان
النهدي قال: ' حججت في الجاهلية، ورجعت إلى أهلي، ثم بعث إليهم النبي
[صلى الله عليه وسلم] يصدقونني، قال: ثم ذهبت أطلب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فوجدته قد مات، ثم
كان أبو بكر قل ما لبث، ثم أتيت عمر، فمكثت عنده شهرين، فكان يقنت في
صلاة الغداة بعد الركوع '.
243

آدم وجماعة، نا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال:
' صليت خلف عمر في السفر والحضر ما لا أحصي، فكان يقنت في الركعة
الثانية من صلاة الصبح، ولا يقنت في سائر صلاته '.
سنده صحيح.
الطحاوي، ثنا بكار، نا أبو داود، ثنا همام، عن قتادة، عن أبي رافع،
قال: صليت خلف عمر الصبح فقرأ بالأحزاب، فسمعت قنوته وأنا في آخر
الصفوف '.
سقط بعد قتادة: الحسن.
يزيد بن زريع، نا سعيد، عن قتادة ' أن الحسن وبكر بن عبد الله حدثاه أن
أبا رافع كان يصلي الصبح مع عمر، فقنت فيها بعد الركوع يسمعهم الدعاء '.
الفلاس، نا سعيد بن عامر، عن هشام، عن ابن سيرين، عن معبد بن
سيرين: ' صليت خلف عمر صلاة الصبح، فقنت [ف 56 - ب] بعد الركوع بالسورتين -
يعني: اللهم إنا نستعينك '. كان بعضهم يعدونه من القرآن.
الأثرم، قال أبو عبد الله: نا إسماعيل، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين،
عن أخيه يحيى بن سيرين قال: ' سألت بالمدينة فحدثوني أن عمر قنت في الصبح
بعد الركوع، فقرأها بين السورتين: اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد '.
الأثرم، نا أحمد، نا الوليد، نا الأوزاعي، عن عبدة، عن سعيد بن
عبد الرحمن بن أبزى ' أن عمر قنت في الصبح بعد القراءة، قبل الركوع '.
قال أحمد: ما أعجب هذا؛ كل من روى من الكوفيين عن عمر في
القنوت قالوا: قبل الركوع، وكل من روى من البصريين عن عمر في القنوت،
قالوا: بعد الركوع '.
أحمد بن الفرات، ثنا أبو داود، نا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن
244

ابن عباس قال: ' صليت خلف عمر، فقرأ بهاتين السورتين: اللهم إياك نعبد،
ولك نصلي ونسجد... ' إلى قوله: ' ' إن عذابك بالكفار ملحق '.
الأثرم، أنا أحمد، نا ابن فضيل، نا حجاج بن أرطاة، عن عياش
العامري، عن ابن مغفل قال: ' اجتمع عمر وعلي وأبو موسى أن يقنتوا في
الفجر قبل الركوع '، وعجب أبو عبد الله من حديث عياش هذا، فقلت له: قد رواه حماد بن سلمة عن حجاج.
عثمان الدارمي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، أنا ثابت أن أبا رافع
وأبا عثمان قالا: ' صلينا خلف عمر، فكان يقنت في صلاة الفجر بعد الركوع،
ويجهر بصوته حتى يسمع صوته (خارقا) من المسجد '.
النفيلي، ثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس قال: ' صليت خلف
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقنت، وخلف عمر فقنت، وخلف عثمان فقنت '.
خالفه محمد بن سليمان بن أبي داود فقال: ثنا خليد، عن قتادة، عن
عكرمة، عن ابن عباس قال: ' قنت رسول الله، وأبو بكر وعمر وعثمان بعد
الركوع، ثم تباعدت الديار، ونأت المنازل، فطلبوا إلى عثمان، فجعل القنوت
قبل الركوع ليدركوا الركوع '. النفيلي أوثق
هشيم، عن حصين قال: ' صليت الغداة، فصلى خلفي زياد بن عثمان
فقنت، فلما قضيت صلاتي قال لي: ما قلت في قنوتك؟ قلت له: ذكرت الله
تعالى، وهؤلاء الكلمات: اللهم إنا نستعينك، اللهم إياك نعبد... إلى آخرهما.
فقال زياد: كان كذلك يصنع عمر وعثمان '.
شعبة، وسفيان، عن أبي حصين، عن عبد الله بن معقل قال: ' كان
علي، وأبو موسى يقنتان [ق 57 - أ] / في صلاة الغداة '.
معاذ بن معاذ، نا شعبة، عن عبيد أبي الحسن، عن عبد الله بن معقل،
245

قال: ' شهدت عليا قنت في صلاة الفجر بعد الركوع، ويدعو في قنوته على
خمسة رهط '.
يوسف بن عدي، نا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: ' كان
عبد الله لا يقنت في الفجر، وأول ما قنت فيها علي، وكانوا يرون أنه فعل
ذلك؛ لأنه كان محاربا '.
جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: ' إنما كان علي - رضي الله عنه - يقنت
هاهنا؛ لأنه كان محاربا، فكان يدعو على أعدائه في القنوت، في الفجر والمغرب '.
شريك، عن فطر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن سويد
الكاهلي قال: ' كأني أسمع عليا - رضي الله عنه - في الفجر حين يقنت، وهو
يقول: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك '.
رواه ابن مهدي، عن سفيان، عن حبيب.
سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن (عبد الرحمن بن معقل) ' أن عليا
صلى المغرب، فقنت بعد الركوع '.
أبو داود، نا شعبة، عن حصين، عن عبد الرحمن بن معقل قال: ' صليت
خلف علي المغرب، فقنت يدعو على أبي الأعور، وغير واحد '.
العقدي، ثنا سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين ' أن معاذا أبا حليمة كان
يقول في القنوت: اللهم قحط المطر، فقولوا: آمين '.
عبد الرازق، عن ابن المجالد، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة: ' كان
علي ومعاوية يقنتان في الركعة الأخيرة من الصلاة حين حاربا '.
وروى مجالد - وليس بقوي - عن إبراهيم، عن علقمة والأسود قالا:
' ما قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا إذا حارب؛ فإنه كان يقنت في الصلوات كلهن،
ولا قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، وقنت علي في الصلوات حين حارب أهل
246

الشام، وكان معاوية يقنت أيضا؛ كل واحد منهما على صاحبه '.
قلت: فهذا يوضح أنهم قنتوا، وأنهم تركوا، وأنهم كانوا لا يرون القنوت
راتبا في الصبح.
وبهذا تتوفق الأحاديث كلها، مع أن بعض الصحابة كان يدمنه، وفي
التابعين جماعة فعلوه راتبا.
مالك، عن هشام، عن أبيه عروة، أنه كان يقنت في الفجر قبل الركوع.
وقال داود بن قيس: كان أبان بن عثمان وأبو بكر بن محمد يقنتان في
الصبح.
معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: إنما القنوت طاعة الله. فكان يقنت
بأربع آيات من أول البقرة، ثم * (إن في خلق السماوات والأرض) * الآية و * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * ثم * (لله ما في السماوات وما في الأرض) *. حتى
يختم البقرة، ثم: * (قل هو الله) * والمعوذتين [ق 57 - ب] / ثم: (اللهم إياك نعبد...) إلى
آخره، ثم: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك...) إلى آخره.
ورواه ابن جريج، عن ابن طاوس، وزاد: ' كان أبي يقولها في الصبح،
وكان لا يجهر به '.
محمد بن نصر قال: قال ابن وهب: لكني أرى القنوت بعد الركوع؛
للذي جاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، وجاء عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر به.
وروى عطاء، عن عبيد بن عمير، أنه قنت في الصبح، وكذا عن مجاهد.
الأصم، نا سعيد بن سعد الحجواني، ثنا جنيد الحجام قال: خلف فينا
جعفر بن محمد، فسألته عن القنوت فقال: لو تركت القنوت، لظننت أني
تركت شيئا من صلاتي.
وعن ابن أبي ليلى القاضي قال: ما كنت لأصلي خلف من لا يقنت.
وكان يقنت في الصبح، لكن قبل الركوع، كمالك.
وعن الليث أنه كان يقنت في الصبح.
247

وعنه كراهية القنوت جملة.
وأهل مكة يقنتون؛ كابن جريج وغيره.
فأما من لم ير القنوت سنة، فالحنفية؛ فقال إبراهيم بن عبد الله السعدي،
أنا سلم أبو مقاتل السمرقندي، عن نصر بن عبد الكريم قال: سألت أبا حنيفة
عن القنوت إذا كنت خلف الإمام، قال: القنوت عندي بمنزلة التشهد؛ يقنت
من خلف الإمام في أنفسهم كما يقنت الإمام.
وروى أصبغ وجماعة، عن عبد الرحمن بن القاسم، قال: سئل مالك عن
القنوت في الصبح، قال: الذي أدركت عليه الناس، وهو أمر الناس القديم،
فالقنوت قبل الركوع، وبه آخذ. قلت: فالقنوت في الوتر؟ قال: أوليس
فيه
قنوت.
وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: الذي آخذ به في خاصة نفسي،
القنوت في الفجر قبل الركوع.
وقال ابن وهب: كان مالك والليث لا يرفعان أيديهما في القنوت.
وقال أبو نعيم: سمعت الثوري يقول: إن قنت فحسن، وإن ترك فحسن.
وقال علي بن الجعد: سمعت سفيان الثوري، وسئل عن القنوت في
الفجر، فقال: لا بأس به، وأما نحن فلا نفعله.
وقال الحسين بن حفص، عن سفيان قال: منهم من قنت، ومنهم من لم
يقنت، ولكن لا يعجبني القنوت في الفجر.
وقال إسحاق الحربي: سمعت أبا ثور يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل:
ما تقول في القنوت في الفجر؟ قال: إنما يكون القنوت في النوازل. فقال أبو
ثور: وأي نوازل أكثر من هذه النوازل التي نحن فيها.
آخره.
248

الجماعة والإمامة
192 - [ق 58 - أ] مسألة:
الجماعة واجبة.
وزاد داود؛ فجعلها شرطا والأكثر سنة.
لنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: ' لقد هممت أن آمر
المؤذن فيؤذن، ثم آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أنطلق معي رجال معهم حزم الحطب
إلى قوم يتخلفون عن الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار '.
أخرجاه.
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أمر بأناس
لا يصلون معنا، فنحرق عليهم بيوتهم '.
رواه أحمد.
قلت: رواه (م) من رواية زهير، عن أبي إسحاق، فزاد فيه:
' يتخلفون عن الجمعة '.
شيبان عن عاصم، عن أبي رزين، عن عمرو بن أم مكتوم قال: ' جئت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقلت: يا رسول الله، أنا ضرير شاسع الدار، ولي قائد
249

لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قلت:
نعم. قال: ما أجد لك رخصة '.
قلت: رواه (د ق) من حديث زائدة وغيره، عن عاصم بن أبي النجود.
ورواه (س) من حديث الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس، عن ابن
أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم.
ومن ' مسند أحمد '، عن عبد الله بن شداد، عن ابن أم مكتوم، أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أتى المسجد، فرأى في القوم رقة فقال: ' إني لأهم أن أجعل للناس
إماما، ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه،
فقلت: يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلا وشجرا، ولا أقدر على قائد كل
ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع الإقامة؟ قال: نعم. قال:
فائتها '.
وحجة داود: جرير الضبي، عن أبي جناب، عن مغراء العبدي، عن عدي
ابن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله: ' من سمع
المنادي، فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا: وما العذر؟ قال: خوف، أو مرض - لم
تقبل منه الصلاة التي صلى '.
أبو جناب يحيى بن أبي حية، تركه الفلاس.
وقال ابن معين: صدوق، لكنه يدلس.
قلنا: وفي (خ) لمالك بن الحويرث، قال: قال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا
حضرت الصلاة، فأذنا وأقيما، ثم ليؤمكما أكبركما '.
250

وبإسناد جيد عن ابن عباس مرفوعا: ' من سمع النداء، فلم يجب، فلا
صلاة له إلا من عذر '.
وقال ابن مسعود: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلوات إلا منافق معلوم
النفاق، ولو صليتم في بيوتكم، وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم
سنة نبيكم لضللتم.
وقال أبو موسى: [ق 58 - ب] / من سمع النداء، فلم يجب من غير عذر، فلا صلاة له.
وقال أيوب، عن نافع، أن ابن عمر صلى ركعتين من المكتوبة في منزله،
فسمع الإقامة، فخرج إليها، فلو أجزأته في منزله، ما قطعها.
وعن أبي هريرة قال: لأن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن
يسمع المنادي فلا يجبه.
يحيى القطان وجماعة قالوا: نا أبو حيان التيمي، حدثني أبي، عن علي:
لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. قيل: يا أمير المؤمنين، ومن جار المسجد؟
قال: من سمع الأذان.
193 - مسألة:
يكبر المأموم بعد فراغ الإمام منه.
وقال أبو حنيفة: له أن يكبر معه.
لنا حديث الزهري، عن أنس مرفوعا: ' إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا كبر
فكبروا... ' الحديث.
أخرجاه.
251

هشام، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إنما جعل الإمام ليؤتم
به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا '.
أبو إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، نا البراء قال: ' كنا إذا صلينا خلف
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فرفع رأسه من الركوع، لم يحن رجل منا ظهره حتى يسجد
رسول الله فنسجد '.
فالثلاثة في ' الصحيحين '.
هشام الدستوائي، نا قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله، عن
أبي موسى، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' أقيموا صفوفكم، وليؤمكم أقرؤكم، فإذا كبر
وركع فكبروا، واركعوا؛ فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، وإذا كبر وسجد
فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم ' (م).
194 - مسألة:
للعجوز حضور الجماعة.
وقال أبو حنيفة: يكره، إلا في الفجر والعشاء والعيد.
لنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله: ' لا تمنعوا إماء الله
مساجد الله '.
والزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا: ' إذا استأذنت أحدكم امرأته أن تأتي
المسجد، فلا يمنعها '.
والأعمش، عن مجاهد قال: قال ابن عمر: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ائذنوا
للنساء إلى المسجد بالليل '.
252

195 - مسألة:
يستحب للنساء الجماعة.
وعنه لا يستحب، كأبي حنيفة، ومالك.
لنا حديث أم ورقة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أذن لها أن تؤم نساءها '. وقد مر في
الأذان.
ويروى في حديث: ' وتصلي معهن في الصف '.
196 - مسألة:
إن صلت في صف الرجال، لم تبطل صلاتها، ولا صلاة من يليها.
وقال أبو حنيفة: تبطل صلاة من يلي جانبيها، ومن يحاذيها ومن وراءها.
وقال داود: تبطل صلاتها دونهم.
لنا: الزهري، عن عروة، عن عائشة: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي صلاته
من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة، كاعتراض الجنازة '.
(خ م).
[ق 59 - أ] / فذكروا خبر: ' يقطع الصلاة: المرأة، والكلب، والحمار '.
قلنا: إنما أراد إذا مروا بين يدي المصلي، وليس بين يديه سترة.
مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس ' أن جدته مليكة دعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: قوموا، فلأصلي لكم. قال
أنس: فقمت إلى حصير قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه
رسول الله، وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ركعتين، ثم انصرف '.
253

أخرجاه.
قلت: صلاتها وحدها في صف يدل على جواز ذلك لها، وعلى منعها من
مصافة أنس واليتيم.
197 - مسألة:
القارئ الخاتم إذا كان يعرف أحكام الصلاة أولى من الفقيه الذي لا يحسن
إلا الفاتحة، خلافا لهم.
فقد مر حديث أبي موسى: ' وليؤمكم أقرؤكم '.
وحديث الأعمش وغيره، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن
أبي مسعود قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا
في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن
كانوا في الهجرة سواء، فأكبرهم سنا، ولا تؤمن رجلا في سلطانه، ولا تجلس على
تكرمته في بيته حتى يأذن لك ' (م).
شعبة وغيره، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' إذا كان ثلاثة، فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ' (م).
أيوب السختياني، عن عمرو بن سلمة، قال: ' كان الركبان يمرون بنا
راجعون من عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأدنو منهم، فأسمع حتى حفظت قرآنا، فانطق
أبي بإسلام قومه، فقال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: قدموا أكثركم قرآنا. فنظروا، فما
وجد فيهم أحد أكثر قرآنا مني. فقدموني وأنا غلام، فصليت بهم ' (خ).
198 - مسألة:
لا تصح إمامة الفاسق.
254

وعنه: تصح - كقول أبي حنيفة والشافعي.
لنا حديث - لكنه باطل - تفرد به محمد بن إسماعيل الرازي، نا عمرو بن
تميم الطبري، ثنا هوذة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إن
سركم أن تزكوا صلاتكم، فقدموا خياركم '.
قلت: لو صح لكان دليلا على الصحة.
وبسند مظلم من الدارقطني، عن سعيد بن جببر، عن ابن عمر مرفوعا:
' اجعلوا أئمتكم خياركم؛ فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين [ق 59 - ب] / ربكم '.
قلت: واذا لو صح، لدل على الأولوية.
وحديث رواه أصحابنا، عن علي، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' لا تقدموا
صبيانكم ولا سفهاءكم في صلاتكم، فإنهم وفدكم إلى الله '.
قلت: لم يصح.
ولهم بإسناد عجيب، عن الحارث الأعور، عن علي مرفوعا قال: ' من أصل
الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر، والصلاة على من مات من أهل القبلة '.
عن عمر بن صبح - متهم - عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن
عبد الله مرفوعا: ' ثلاث من السنة: الصف خلف كل إمام؛ لك صلاتك وعليه
إثمه، والجهاد مع كل أمير، والصلاة على كل ميت من أهل التوحيد وإن كان قاتل
نفسه '.
قلت: ذا باطل. وخرجه الدارقطني.
ابن أبي فديك، ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة - واه - عن هشام بن
عروة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: ' سيليكم بعدي ولاة؛ فيليكم البر ببره،
255

والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق، وصلوا وراءهم... '
الحديث.
بقية، نا الأشعث، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أبي هريرة
مرفوعا: ' الصلاة واجبة مع كل مسلم، برا كان أو فاجرا، وإن عمل بالكبائر،
والجهاد واجب عليكم مع كل أمير، برا كان أو فاجرا '.
أشعث مجروح، ومكحول لم يدرك أبا هريرة.
معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة،
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' صلوا خلف كل بر وفاجر، وصلوا على كل بر وفاجر،
وجاهدوا مع كل بر وفاجر '.
الحارث بن نبهان، نا عتبة بن يقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة
مرفوعا قال: ' لا تكفروا أهل ملتكم وإن عملوا بالكبائر، وصلوا مع كل إمام... '
الحديث.
قلت: أبو سعيد مجهول، وعتبة والحارث لا شيء.
(الوليد بن حجاج الخراساني) عن مكرم بن حكيم الخثعمي، عن سيف
ابن منير، عن أبي الدرداء، سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا تكفروا أحدا من أهل قبلتي
بذنب وإن عملوا الكبائر، وصلوا خلف كل إمام، وجاهدوا مع كل أمير، لا تقولوا في
أبي بكر، ولا في عمر، ولا في عثمان، ولا في علي إلا خيرا، قولوا: تلك أمة قد
خلت... '.
256

قلت: هذا باطل، ورواته تلفى هلكى.
ويروى بإسناد آخر مظلم، عن مكرم هذا مختصرا.
وعن عثمان بن عبد الرحمن - واه - عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعا:
' صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله '.
عن محمد بن الفضل بن عطية - متروك - نا سالم الأفطس، عن مجاهد،
عن ابن عمر مرفوعا مثله.
والكل من الدارقطني، فهو مجمع الحشرات.
[ق 60 - أ] / عن وهب بن وهب - كذاب - عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا مثل الذي قبله.
عثمان بن عبد الله العثماني - كذاب - نا مالك، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا نحوه.
الميانجي، ثنا عثمان بن نصر الطائي، ثنا (العلاء بن سالم)، ثنا أبو الوليد
المخزومي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر بهذا.
أبو الوليد هو خالد بن إسماعيل - وضاع - قاله ابن عدي، والثلاثة من
' تاريخ الخطيب '.
سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: ' صلوا خلف كل بر وفاجر '.
فقال: ما سمعنا بهذا.
257

199 - مسألة:
لا تصح إمامة الصبي في الفرض، وفي النفل روايتان.
وقال الشافعي: تصح فيهما.
وحجته حديث عمرو بن سلمة، وقد أم قومه في حياة النبي [صلى الله عليه وسلم].
رواه (خ).
قلنا: لا حجة فيه؛ لأنه كان في أول إسلام القوم، ولم يعلموا بجميع
الواجبات؛ وما فيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أقر على ذلك.
200 - مسألة:
لا يصح اقتداء المفترض بمتنفل، ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر.
وصححه الشافعي.
وعن أحمد نحوه.
في (خ م) عن أنس: ' إنما جعل الإمام ليؤتم به '.
قلت: لا يدل.
ولهم ابن عيينة، عن عمرو، سمع جابرا قال: ' كان معاذ يصلي مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثم يرجع فيؤمنا ' وقال مرة، ' فيصلي بقومه ' (خ م).
قيل: هذه قضية عين؛ يحتمل أن يكون متنفلا بالأولى.
قالوا: فقد جاء في الحديث: ' فتكون له تطوعا '. يعني الثانية.
قلنا: ذا ظن من الراوي.
عبد الوهاب الثقفي، نا عنبسة، عن الحسن، عن جابر ' أن نبي الله [صلى الله عليه وسلم]
كان محاصرا بني محارب، ثم نودي في الناس أن الصلاة جامعة، فجعلهم
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] طائفتين؛ طائفة مقبلة على العدو، فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم،
258

فانصرفوا فكانوا مكان إخوانهم، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعتين
فكان له أربع ركعات، ولكل طائفة ركعتين '.
قلنا: لا يصح؛ عنبسة ليس بشيء.
قلت: سرد أقوال طائفة في عنبسة هكذا وما نسبه، وهم غير واحد،
بعضهم أضعف من بعض.
قلت: هذه الصلاة صحيحة من وجه آخر عن جابر، لكن ما فيه أنه عليه
السلام سلم من الثنتين، خرجه (خ م)
نعم، هشام الدستوائي، عن قتادة، عن سليمان اليشكري، عن جابر قال:
' فصلى رسول الله بالذين يلونه ركعتين، ثم سلم ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم
فوقفوا مقام أصحابهم، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين، والأخرى تحرس ثم
سلم '.
تابعه أبو بشر، عن سليمان، وهذا حديث صحيح السند، [ق 60 - ب] / اعتمد عليه ابن
حزم.
ثم روى من حديث القطان ومعاذ بن معاذ، عن أشعث الحمراني، عن
الحسن، عن أبي بكرة ' أنه صلى مع رسول الله صلاة الخوف؛ فصلى بالذين خلفه
ركعتين، وبالذين جاءوا بعد ركعتين، وكانت له أربعا، ولهم ركعتين ركعتين '.
وساق ابن حزم أحاديث في هذا، ثم قال: فيه دليل على أنه صلى تطوعا بقوم.
وهذا قول جمهور الصحابة، وطاوس، وعطاء والشافعي وأبي ثور وداود؛
لأنهم صلح عندهم جواز صلاة الإمام الفرض بجماعة، ثم يصلي تلك الصلاة
بطائفة أخرى في حال الأمن، وبغير ضرورة.
259

الحديث الثالث: رووه عن أبي بكرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بقوم المغرب، ثم
جاء آخرون فصلى بهم '.
وهذا لا يعرف.
201 - مسألة:
لا يصح أن يأتم القادر على القيام بالعاجز، إلا إذا كان إمام الحي، وكان
يرجى برؤه.
وقال أبو حنيفة: يجوز بكل حال. وعن مالك كذلك، وعنه المنع.
زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وجد خفة، فخرج فجلس إلى جنب أبي بكر، فجعل أبو بكر
يصلي قائما، ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي قاعدا '.
الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ' وجد رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] من نفسه خفة، فجاء وأبو بكر يصلي بالناس، فجلس عن يسار أبي بكر؛
فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي بالناس قاعدا، وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة
رسول الله، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر '.
متفق عليهما.
202 - مسألة:
فإن صلى جالسا، صلوا جلوسا، خلافا للأكثر.
لنا: معمر، عن الزهري، عن أنس: ' سقط رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من فرس،
فجحش شقه الأيمن، فدخلوا عليه، فصلى بهم قاعدا، وأشار إليهم أن اقعدوا، فلما
260

سلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا
قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا، وإذا
صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون '.
(خ م).
هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل عليه الناس في مرضه
يعودونه، فصلى بهم جالسا، فجعلوا يصلون قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما
فرغ قال: ' إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا
صلى جالسا فصلوا جلوسا '.
(خ م).
الأعمش [ق 61 - أ] / عن أبي سفيان، عن جابر: ' صرع النبي [صلى الله عليه وسلم] من فرس على جذع
نخلة، فانفكت قدمه، فدخلنا عيه نعوده، فوجدناه يصلي، فصلينا بصلاته ونحن
قيام، فلما صلى قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى جالسا فلا تقوموا وهو جالس، كما تفعل أهل فارس بعظمائها ' (م).
وقد حكى البخاري، عن الحميدي؛ أنه [صلى الله عليه وسلم] قال هذا في مرضه
القديم، ثم صلى بعد جالسا والناس خلفه قيام، لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ
بالآخر فالآخر من فعل النبي [صلى الله عليه وسلم].
203 - مسألة:
يجوز أن ينفرد المأموم لعذر، وفي غير عذر على روايتين.
وقال أبو حنيفة: إن فعل، بطلت صلاته.
لنا: أنه [صلى الله عليه وسلم] صلى بهم ركعة في الخوف، ثم انتظرهم حتى أتموا
لأنفسهم.
261

204 - مسألة:
يكره له أن يكون أعلى من المأموم.
وقال الشافعي: إن كان يعلمهم الصلاة، استحب ذلك.
ففي الدارقطني من حديث زكريا زحمويه، ثنا زياد بن عبد الله، عن
الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، عن أبي مسعود الأنصاري قال: ' نهى رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه - يعني أسفل منه '.
تفرد به زياد، وهو مختلف في توثيقه.
ابن جريج، أخبرني أبو خالد، عن عدي بن ثابت، حدثني رجل: ' أنه كان
مع عمار بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم حذيفة عمار، فقام على دكان يصلي
والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة،
فلما فرغ عمار من صلاته، قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: إذا أم
الرجل القوم، فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم ' - أو نحو ذلك - قال عمار:
لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي '.
أخرجه أبو داود، وفيه مجهولان.
205 - مسألة:
صلاة الفذ خلف الصف باطلة، خلافا لأكثرهم.
أنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن
وابصة بن معبد: ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا صلى وحده خلف الصف، فأمره
أن يعيد صلاته '.
قلت: رواه (د ت ق) وحسنه (ت).
262

ورواه جماعة عن حصين، عن هلال قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي
بالرقة، فقام بي على وابصة، فقال: حدثني هذا الشيخ - والشيخ يسمع...
فذكره.
أحمد، ثنا عبد الصمد، ثنا ملازم بن عمرو، ثنا عبد الله بن بدر، أن
عبد الرحمن بن علي بن شيبان حدثه أن أباه حدثه ' أنه خرج وافدا إلى رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] [ق 61 - ب] / قال: فصلينا خلف رسول الله، فرأى رجلا يصلي خلف الصف، فوقف
حتى انصرف الرجل، وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: استقبل صلاتك، فلا صلاة لفرد
خلف الصف '.
قلت: سنده قوي، ولم أره في كتب السنن.
206 - مسألة:
إذا أحس الإمام بداخل، استحب له انتظاره قليلا.
وقال أبو حنيفة ومالك: يكره
ولنا أنه [صلى الله عليه وسلم] انتظرهم في صلاة الخوف.
207 - مسألة:
إذا صلى الكافر حكم بإسلامه.
وقال أبو حنيفة: إذا صلى في جماعة.
وقال مالك والشافعي وداود: لا.
263

ولنا حديث - قلت لا ينهض - وهو ابن المبارك، ثنا حميد، عن أنس، أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، واستقبلوا
قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، وصلوا صلاتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا
بحقها؛ لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم (خ).
رووه: ' من صلى صلاتنا... ' الحديث. وأوله بتمامه يمنع أن يحتج به على
المسألة.
208 - مسألة:
إذا صلى بقوم وهو محدث، فإن كان عالما أعاد وأعادوا، وإن كان ناسيا
فذكر فيها أعاد، وفي المأموم روايتان، وإن ذكر بعد الفراغ أعاد وحده.
وقال الشافعي: يعيد، ولا يعيدون بحال.
وقال أبو حنيفة: يعيد، ويعيدون بكل حال.
جحدر بن الحارث، نا بقية، عن عيسى بن إبراهيم، عن جويبر، عن
الضحاك، عن البراء مرفوعا: ' أيما إمام سها، فصلى بالقوم وهو جنب، فقد
مضت صلاتهم، ثم ليغتسل ويعيد، فإن صلى بغير وضوء، فمثل ذلك '.
أبو عتبة الحمصي، نا بقية، نا عيسى بن عبد الله، عن جويبر بهذا، وجويبر
متروك، وعيسى واه.
ابن أبي ذئب، عن أبي جابر البياضي - متروك - عن ابن المسيب: ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بالناس وهو جنب، فأعاد وأعادوا '.
264

ويروى عن علي ' أنه صلى [صلى الله عليه وسلم] بهم، ثم انصرف، ثم جاء رأسه تقطر،
فأعاد '.
ورووا عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا فسدت صلاة الإمام، فسدت صلاة من
خلفه '.
وهذان خبران لا يعرفان بحال.
ونحتج على الشافعي بالدراوردي، عن سهيل، ن أبيه، عن أبي هريرة أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الإمام ضامن '.
209 - مسألة:
ما يدركه المأموم آخر صلاته.
وعنه: أولها - كالشافعي.
الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ما أدركتم
فصلوا، وما فاتكم فاقضوا ' [ق 62 - أ] / (خ م).
وفي لفظ لمسلم: ' واقض ما سبقك '.
وكذا روى أبو سلمة وابن سيرين وأبو رافع عنه، بلفظ: ' فاقضوا '.
وكذا في حديث أبي ذر وأنس.
وقال طائفة عن الزهري: ' فأتموا '.
210 - مسألة:
يجوز تكرار الجماعة في المسجد.
وقال أبو حنيفة: لا.
265

وقال أبو يوسف: يجوز، لكن لا يجوز إعادة الإقامة.
وقال الشافعية: لا يجوز ذلك في المسجد الذي لا تتكرر فيه الجماعة، مثل
مساجد الدروب ويجوز ذلك في مساجد الأسواق التي تتكرر فيها.
ولنا ابن أبي عروبة، حدثني سليمان الناجي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد
' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بأصحابه، ثم جاء رجل، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: من يتجر على هذا
- أو من يتصدق على هذا - فيصلي معه؟ قال: فصلى معه رجل '.
قلت: رواه (د ت) وحسنه، ورواه وهيب، عن الناجي.
الفضل بن المختار - هالك - عن عبيد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك،
قال: ' كان رسول الله قد صلى الظهر وقعد؛ إذ دخل رجل فقال: ألا رجل يقوم
فيتصدق على هذا؛ فيصلي معه؟ '.
وعن محجن أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال له: ' صل وإن كنت قد صليت '.
وهذا مر في أوقات النهي؛ فذكروا: ' لا تصلوا صلاة في يوم مرتين '.
ومر هذا أيضا، أي لا تفعلوها، ترون وجوب ذلك.
211 - مسألة:
الترتيب مستحق في قضاء الفوائت وإن كثرت.
وقال الشافعي: لا يستحق.
وقال أبو حنيفة ومالك: في الخمس فأقل، كقولنا.
يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر ' أن عمر جاء يوم الخندق
بعدما غربت الشمس، يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كدت أصلي
حتى كادت الشمس تغرب. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' ما صليتها. فنزلنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم]
266

بطحان، فتوضأ وتوضأنا، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها
المغرب.
أخرحاه.
أحمد، نا موسى بن داود، نا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن
محمد بن يزيد، أن عبد الله بن عوف حدثه أن أبا جمعة حبيب بن سباع حدثه أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: ' هل علم أحد منكم أني
صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسول الله، ما صليتها. فأمر المؤذن فأقام، فصلى
العصر، ثم أعاد المغرب.
قلت: فيه ابن لهيعة. وروى مالك، عن نافع، عن ابن عمر فيمن نسي
صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، قال: ' إذا [فرغ منها] فليعد التي
نسي، ثم ليعد التي صلاها مع الإمام '. موقوف.
267

[ق 62 - ب] / القصر
212 - مسألة:
يجوز القصر في ستة عشر فرسخا.
وقال أبو حنيفة: في مسافة ثلاثة أيام سير الإبل.
وقال داود: يجوز في السفر القصير.
إسماعيل بن عياش، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، وعطاء، عن ابن
عباس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يا أهل مكة، لا تقصروا الصلاة في أدنى من
أربعة برد، من مكة إلى عسفان '.
عبد الوهاب تركوه، وإسماعيل ضعيف.
213 - مسألة:
القصر رخصة.
وقال أبو حنيفة: عزيمة.
ولمالك كالمذهبين.
لنا: ابن جريج، عن أن أبي عمار، عن عبد الله بن باباه، عن يعلى بن
أمية: ' سألت عمر، قلت: * (أوليس
عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم) * وقد أمن الناس. فقال عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
عن ذلك، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته ' (م).
268

وكيع، نا أبو هلال، عن عبد الله بن سوادة، عن أنس بن مالك الكعبي،
قال: ' أغارت علينا خيل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فوجدته يتغدى
فقال: ادن فكل فقلت: إني صائم. فقال: ادن أحدثك عن الصوم؛ إن الله وضع
عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم. فيا لهف نفسي ألا
أكون طعمت من طعام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
قلت: له عدة طرق، وأخرجه (عو).
قال المؤلف: هو دال على أن فرض المسافر أربع. هكذا قال.
أبو عاصم، ثنا (عمر بن سعيد)، عن عطاء، عن عائشة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان يقصر في السفر ويتم، ويفطر ويصوم '.
قال الدارقطني: إسناده صحيح.
وقد اعترض بعضهم على هذا الحديث، فقال: يرويه مغيرة بن زياد وقد
لين
فهذا آخر عن عطاء، وهو ثقة.
قلت: رواه الدراقطني، عن المحاملي، ثنا سعيد بن محمد بن ثواب، نا
أبو عاصم.
269

الفريابي، نا العلاء بن زهير، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن
عائشة قالت: ' خرجت مع رسول الله في عمرة في رمضان، فأفطر وصمت،
وقصر، وأتممت، فقلت: بأبي وأمي، أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت، قال:
أحسنت يا عائشة '.
خرجه الدارقطني، وقال: إسناد حسن.
قلت: العلاء وهاه ابن حبان، والخبر منكر، وقوله: في عمرة في رمضان
باطل، ما اعتمر نبي الله [صلى الله عليه وسلم] في رمضان أبدا.
[ق 63 - أ] / وذكر الأثرم من حديث أنس قال: ' كنا نسافر [فمنا] المتم، ومنا
المقصر، لا يعيب بعضنا على بعض '.
فيه زيد العمي واه، وإنما المحفوظ: ' فمنا الصائم، ومنا المفطر '.
فذكروا: بقية، عن أبي حيي المدني، عن عمرو بن شعيب، عن أبي
سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ' المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر '.
قلت: راويه مجهول.
وقد روى العقيلي في ' الضعفاء ' ثنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا إبراهيم
ابن موسى الفراء، ثنا بقية، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن عمر بن سعيد، عن
أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا مثله. وعبد العزيز متروك.
قلت: وفي المسألة نصوص تدل على أولوية القصر، وذهب إلى وجوبه
بعض العلماء.
270

الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته '.
وفي ' الصحيحين ' عن عائشة قالت: ' رخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أمر
فتنزه عنه ناس، فبلغ ذلك النبي [صلى الله عليه وسلم] فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال:
ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه، فوالله لأنا أعلمهم بالله، وأشدهم له
خشية '.
214 - مسألة:
سفر المعصية لا يبيح الترخص، خلافا لأبي حنيفة وداود.
لنا: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) *.
النقاش المقرئ - وليس بثقة - ثنا عبد الرحمن بن يحيى الزبيدي، نا عبد الله
ابن عبد الجبار الخبائري، ثنا الحكم بن عبد الله - واه - حدثني الزهري، عن
سعيد، عن عائشة: ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ثلاثة لا يقصرون الصلاة؛ الفاجر في أفقه
الفقه، والمرأة تزور غير أهلها، والراعي '.
كذا قال: ' أفقه الفقه ' - وهذا من تخبيط النقاش.
وصوابه: ابن عدي، ثنا هنبل بن محمد، نا عبد الله بن عبد الجبار، نا
الحكم بسنده، وقال: ' التاجر في أفقه، والمرأة تزور [غير] أهلها، والراعي '.
قال أحمد بن حنبل: كل أحاديث الحكم موضوعة.
وقال أبو حاتم: كذاب.
271

215 - مسألة:
إذا قام لحاجة ولم ينو الإقامة قصر أبدا.
وقال الشافعي: يقصر إلى سبعة عشر أو ثمانية عشر يوما.
معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن
جابر قال: ' أقام رسول الله بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة '.
قلت: رواه (د) وقال: غير معمر لا يسنده.
عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس [ق 63 - ب] / قال: ' سافر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
سفرا، فصلى سبعة عشر يوما: ركعتين ركعتين، قال ابن عباس: فنحن نصلي فيما
بيننا وبين سبعة عشر ركعتين ركعتين، فإن أقمنا أكثر صلينا أربعا '.
صححه (ت).
قلت: وخرجه (خ د).
272

الجمع
216 - مسألة:
يجوز الجمع في السفر، خلافا لأبي حنيفة.
أحمد بن حنبل، ثنا يحيى بن غيلان، نا المفضل بن فضالة، نا عقيل، عن
ابن شهاب، عن أنس: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا أراد أن يرتحل قبل أن تزيغ
الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم ينزل فيجمع بينهما، وإذا زاغت الشمس
قبل أن يرتحل، صلى الظهر، ثم ركب ' (خ م).
عطاء، عن ابن عباس: ' كان رسول الله يجمع بين صلاتين في السفر:
المغرب والعشاء، والظهر والعصر ' (خ م).
أحمد، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني حسين بن عبد الله بن
عبيد الله بن عباس، عن عكرمة وكريب: أن ابن عباس قال: ' ألا أحدثكم عن
صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في السفر؟ قلنا: بلى. قال: كان إذا زاغت الشمس في
منزله، جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ في منزله، سار حتى
حانت العصر، نزل فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت المغرب في منزله جمع
بينها وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب، حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع
بينهما '.
قلت: حسين واه.
273

(م)، ثنا يحيى بن حبيب، ثنا خالد بن الحارث، نا قرة، نا أبو الزبير، ثنا
أبو الطفيل، ثنا معاذ قال: ' جمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غزوة تبوك بين الظهر
والعصر وبين المغرب والعشاء، فقلت له: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا
يحرج أمته '.
(د ت) نا قتيبة، نا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل،
عن معاذ: (أن النبي [صلى الله عليه وسلم]) كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس،
أخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر، فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ
الشمس، عجل العصر إلى الظهر، وصلى الظهر والعصر جميعا، وإذا ارتحل قبل
المغرب، أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب، عجل العشاء
فصلاها مع المغرب '.
وقد روي الجمع عن علي، وابن عمر، وعائشة.
قلت: حديث قتيبة منكر، تفرد به.
[ق 64 - أ] / ولهم (ت) نا يحيى بن خلف، نا المعتمر، عن أبيه، عن حنش،
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من جمع بين صلاتين من غير
عذر، فقد أتى بابا من أبواب الكبائر '.
حنش هو أبو علي الرحبي، ترك.
217 - مسألة:
يجمع للمطر، خلافا لأبي حنيفة.
274

أحمد، نا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن حبيب [عن سعيد بن
جبير] عن ابن عباس، قال: ' جمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين الظهر والعصر، والمغرب
والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر '.
ومفهومه: أن الجمع يكون بالمطر، وقد روى أصحابنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جمع بين
العشاءين في ليلة مطيرة.
فهذا الجمع يخص العشاءين.
وجوزه الشافعي أيضا في الظهر والعصر.
218 - مسألة:
ويجمع للمرض، خلافا للشافعية.
لنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أجاز لحمنة لما استحيضت أن تجمع، وقد مر.
275

الجمعة
219 - مسألة:
تجب على من سمع النداء من المصر، إذا كان المؤذن صيتا، والريح
ساكنة.
وحده مالك بفرسخ، ولم يحده الشافعي.
وعن أحمد كقولهما.
وقال أبو حنيفة: لا تجب على من بينه وبين المصر فرجة.
الوليد، ثنا زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
مرفوعا: ' إنما الجمعة على من سمع النداء '.
قبيصة، نا سفيان، عن محمد بن سعيد، عن أبي سلمة بن نبيه، عن
عبد الله بن هارون، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الجمعة على من
سمع النداء '.
خرجه (د) وقال: رووه عن سفيان موقوفا.
الترمذي، سمعت أحمد بن الحسن يقول: كنا عند أحمد بن حنبل،
فذكروا على من تجب الجمعة، فلم يذكر فيه أحمد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا، فقلت
لأحمد: فيه عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: عن النبي [صلى الله عليه وسلم]؟ قلت: نعم. ثنا
حجاج بن نصير، ثنا معارك بن عبد الله، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة مرفوعا: ' الجمعة على من آواه الليل إلى أهله '. فغضب علي أحمد،
276

وقال: استغفر ربك، استغفر ربك.
معارك واه، وعبد الله ساقط متهم، وحجاج ترك.
220 - مسألة:
ولا تنعقد بأقل من أربعين. وعنه: خمسون، وعنه: ثلاثة.
وقال أبو حنيفة: ثلاثة والإمام.
وقال مالك: يعتبر عدد يقرى بهم قرية في العادة.
عبد العزيز بن عبد الرحمن - تركوه - نا خصيف، عن عطاء، عن جابر،
قال: ' مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطر '.
مسلمة [ق 64 - ب] / بن علي، عن محمد بن مطرف، عن الحكم بن عبد الله، عن
الزهري، عن أم عبد الله الدوسية، سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' الجمعة واجبة على
أهل كل قرية، وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم إمامهم '.
فيه متروكان، رواه الدارقطني. ثم قال: ونا الأيلي، نا (عبيد الله بن
محمد)، ثنا موسى بن محمد بن عطاء، نا الوليد بن محمد، نا الزهري بهذا.
موسى متهم، والحكم تالف، قال الدارقطني: لا يصح عن الزهري، كل من
رواه متروك.
221 - مسألة:
ولا تجب على العبيد.
وعنه: تجب - كقول داود.
277

ابن لهيعة، نا معاذ بن محمد الأنصاري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا:
' من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فعليه الجمعة إلا مريض أو مسافر، أو امرأة أو
صبي أو مملوك '.
لم يصح.
وروى (د) من حديث طارق بن شهاب، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الجمعة حق على كل مسلم إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو
مريض '.
رواه إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم عنه، وله رؤية.
222 مسألة:
وتجب على الأعمى إذا وجد قائدا، خلافا لأبي حنيفة.
لنا الحديث الذي مر قبل.
223 - مسألة:
وتجوز قبل الزوال، خلافا للأكثر.
لنا: يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل قال: ' ما كنا
نتغدى ولا نقيل إلا بعد الجمعة ' (خ م).
يعلى بن الحارث، عن إياس بن سلمة، عن أبيه: ' كنا نصلي مع رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] الجمعة، ثم نرجع فلا نجد للحيطان فيئا نستظل به ' (خ م).
وعن أنس: ' كنا نصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة
فنقيل '.
278

سنده جيد، رواه أحمد.
ولهم: فليح، عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس '.
صححه (ت).
جعفر بن محمد، عن أبيه ' أنه سأل جابرا: متى كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي
الجمعة؟ قال: كان يصلي، ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس '
(م).
ابن عيينة، عن عمرو بن يوسف بن ماهك قال: ' قدم معاذ بن جبل على
أهل مكة وهم يصلون الجمعة، والفيء في الحجر فقال: لا تصلوا حتى تفيء الكعبة
من وجهها '.
رواه الشافعي في مسنده عنه.
224 - مسألة:
إذا وقع العيد يوم الجمعة، أجزأ عن حضور الجمعة، خلافا للأكثر.
لنا: إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن إياس بن أبي رملة قال: ' شهدت
معاوية سأل زيد بن أرقم: شهدت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عيدين اجتمعا؟ [ق 65 - أ] / قال: نعم،
صلى العيد أول النهار، ثم رخص في الجمعة، ثم قال: من شاء أن يجمع فليجمع '.
قلت: رواه (د س ق).
279

بقية، ثنا شعبة، عن مغيرة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' قد اجتمع في يومكم هذا عيدان؛ فمن
شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله '.
قلت: رواه (د س) عن جماعة، عنه.
(ق) نا جبارة، نا مندل، عن عبد العزيز بن عمر، عن نافع، عن ابن
عمر: ' اجتمع عيدان على عهد رسول الله، فصلى بالناس ثم قال: من شاء أن يأتي
الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف '.
قال المؤلف: فحديث أبي هريرة غريب، قال الدارقطني: لم يرفعه غير
شعبة، تفرد به عنه بقية، وقد رواه زياد البكائي، وصالح بن موسى الطلحي، عن
عبد العزيز متصلا، ورواه جماعة عن عبد العزيز، لم يذكروا أبا هريرة.
قال أحمد: إنما رواه الناس عن أبي صالح مرسلا. وتعجب من بقية كيف
رفعه.
ومندل وجبارة ضعيفان.
225 - مسألة:
إذا صلى الظهر من عليه الجمعة قبل الفراغ من الجمعة، لم تصح صلاته.
وقال أبو حنيفة: تصح؛ فإن خرج يريد الجمعة انتقضت صلاته.
وقال مالك: إن صلى في وقت لو سعى إلى الجمعة لأدرك منها ركعة، لم
تجزه.
وقال الشافعي في الجديد كقولنا، وفي القديم تجزئه بكل حال.
280

والمسألة مبنية على أن فرض الوقت الجمعة، وعندهم الظهر، وله إسقاطها
بالجمعة.
ولنا خبر جابر: ' من كان يؤمن بالله، فعليه الجمعة '.
226 - مسألة:
الخطبة شرط فيها.
وقال داود: مستحبة.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' صلوا كما رأيتموني أصلي '.
227 - مسألة:
لا تجب القعدة بين الخطبتين، خلافا للشافعي.
لخبر زهير، ثنا سماك، أنبأني جابر بن سمرة ' أنه رأى رسول الله قائما
يخطب على المنبر، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائما. قال جابر: فمن نبأك أنه
كان يخطب قاعدا، فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة '.
(م).
عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب يوم الجمعة
مرتين بينهما جلسة '. (خ م).
فهذا على الاستحباب.
وأصحابنا رووا عن ابن عباس أنه قال: ' لما ثقل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جلس '.
228 - مسألة:
يسن له إذا صعد يسلم.
281

وقال أبو حنيفة ومالك: لا يسلم.
ابن لهيعة، عن محمد بن زيد، عن ابن المنكدر، عن جابر قال: ' كان النبي
[صلى الله عليه وسلم] إذا صعد المنبر سلم '.
رواه الأثرم في ' سننه ' عن عمرو بن خالد عنه، ثم قال: أنا أبو بكر بن أبي
شيبة، نا أبو أسامة، ثنا مجالد عن الشعبي: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا صعد المنبر
يوم الجمعة [ق 65 - ب] / استقبل الناس، فقال: السلام عليكم. ويحمد الله، ويثني عليه، ويقرأ
سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل. وكان أبو بكر وعمر يفعلانه '.
مجالد لين، وهو مرسل.
229 - مسألة:
ويحرم الكلام. وعنه: لا.
وعن الشافعية قولان.
الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا قلت لصاحبك والإمام
يخطب يوم الجمعة: أنصت. فقد لغوت ' (خ م).
أحمد، نا ابن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من تكلم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل
أسفارا '.
قلت: لم يخرجوه.
230 - مسألة:
ولا يحرم الكلام على الخاطب، خلافا لأكثرهم.
282

لنا حديث جابر: أن سليكا جاء والنبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب، فجلس، فأمره النبي
[صلى الله عليه وسلم] أن يصلي ركعتين، ثم أقبل على الناس، فقال: إذا جاء أحدكم والإمام
يخطب، فليصل ركعتين يتجوز فيهما ' (خ م).
ولفظه لأحمد بن حنبل من حديث الوليد أبي بشر، عن طلحة، عن
جابر.
حسين بن واقد، نا ابن بريدة، سمعت أبي يقول: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يخطبنا، فجاء الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل
من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثم قال: ' صدق الله: * (أنما أموالكم وأولادكم فتنة) * نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى
قطعت حديثي ورفعتهما '.
قلت: خرجه (عو).
(د) نا يعقوب بن كعب، نا مخلد بن يزيد، أنا ابن جريج، عن عطاء،
عن جابر قال: ' لما استوى رسول الله يوم الجمعة قال: اجلسوا. فسمع ابن
مسعود، فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: تعال يا عبد الله بن
مسعود '.
قلت: قال (د): هذا نعرفه مرسلا، ومخلد شيخ.
283

231 - مسألة:
لا يكره الكلام قبل الخطبة، ولا بعدها.
وقال أبو حنيفة: يكره.
عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: ' أقيمت الصلاة والنبي [صلى الله عليه وسلم] يناجي
رجلا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم ' (خ م).
جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس: ' كان رسول الله ينزل من المنبر يوم
الجمعة، فيكلم الرجل في الحاجة فيكلمه، ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي '.
غريب، رواه أحمد.
232 - مسألة:
السنة أن يقرأ بالجمعة والمنافقين.
وقال مالك: بسبح والغاشية.
وقال أبو حنيفة: بما شاء.
جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: ' استخلف
مروان أبا هريرة على المدينة، وخرج إلى مكة، وصلى لنا أبو هريرة يوم الجمعة، فقرأ
بسورة الجمعة في السجدة الأولى [ق 66 - أ] / وفي الأخيرة: ' إذا جاءك المنافقون ' قال:
فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت، إنك قرأت بسورتين كان علي يقرأ بهما
بالكوفة، فقال أبو هريرة: فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ بهما يوم الجمعة '
(م).
284

' مالك، عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد الله بن عبد الله ' أن الضحاك بن
قيس سأل النعمان بن بشير: ما كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الجمعة مع سورة
الجمعة؟ قال: ' هل أتاك حديث الغاشية ' (خ م).
ابن عيينة، عن إبراهيم، بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن
أبيه، عن النعمان بن بشير ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ في العيدين ب ' سبح اسم ربك الأعلى '
و ' هل أتاك حديث الغاشية ' وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا '. (م).
233 - مسألة:
إذا لحق دون ركعة، صلى ظهرا.
وقال أبو حنيفة: يصلي ركعتين.
لنا حديث أبي هريرة: ' من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك الصلاة '.
وعن عائشة نحوه.
عبد الرزاق بن عمر - واه - عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أدرك من الجمعة ركعة، فليضف إليها أخرى ' رواه الدارقطني
عن إبراهيم بن عطية - واه - عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن سالم،
عن أبيه مرفوعا: ' من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى '.
285

العيد
234 - مسألة:
التكبيرات الزوائد؛ في الأولى ست، وفي الثانية خمس.
وقال الشافعي: في الأولى سبع، وفي الثانية خمس.
وقال أبو حنيفة: ثلاث ثلاث.
أحمد، ثنا وكيع، نا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كبر في عيد سبعا في الأولى،
وخمسا في الآخرة، ولم يصل قبلها ولا بعدها '.
قال أحمد: أذهب إلى هذا.
قلت: خرجه (د ق) وعبد الله الطائفي من رجال مسلم.
قال النسائي: أوليس
بالقوي.
أحمد، نا يحيى، نا ابن لهيعة، نا الأعرج، عن أبي هريرة، قال رسول
الله: ' التكبير في العيدين سبع قبل القراءة وخمس بعد القراءة '.
قال: وثنا أبو سعيد، نا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن
عروة، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يكبر في العيدين سبعا وخمسا قبل
القراءة '.
286

وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] كبر في العيدين؛ في الأولى سبعا قبل القراءة [ق 66 - ب] / وفي الآخرة خمسا قبل
القراءة '.
سنده ضعيف بمرة.
فرج بن فضالة - لين - عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا: ' التكبير في العيدين؛ في الأولى سبع، وفي الآخرة خمس '.
أحمد بن الحجاج، نا عبد الرحمن بن سعد بن عمار، عن عبد الله بن
محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكبر في
العيدين؛ في الأولى سبعا، وفي الآخرة خمسا '.
عبد الله ضعف.
قالت الشافعية: إنما السبع سوى تكبيرة الإحرام.
الدارقطني، نا أبو بكر النيسابوري، نا محمد بن إسحاق، نا إسحاق بن
عيسى، حدثني ابن لهيعة، نا خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة
قالت: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة
الافتتاح، ويقرأ ب ' ق ' و ' اقتربت '.
ثم روى الدارقطني حديث عمرو بن شعيب من طريق أبي نعيم، عن
الطائفي، فزاد فيه: ' سوى تكبيرة الصلاة '.
وخالد بن يزيد ضعف كابن لهيعة.
287

ثم يحتمل قوله: سوى تكبيرة الصلاة. يعني التي للركوع؛ بدليل ما ساق
الدارقطني من حديث أبي الطاهر؛ أنا ابن وهب، أنا ابن لهيعة، عن خالد بن
يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كبر في الفطر
والأضحى سبعا وخمسا سوى تكبيرتي الركوع '.
وللحنفية: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، أخبرني
أبو عائشة - جليس لأبي هريرة - ' أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة:
كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر
أربعا، تكبيره على الجنائز. فقال حذيفة: صدق '.
خرجه (د)، وابن ثوبان أوليس
بقوي.
235 - مسألة:
القراءة بعد التكبيرات في الركعتين.
وعنه: يوالي بين القراءتين؛ فيكبر في الأولى أولا، وفي الثانية بعد القراءة،
كقول أبي حنيفة.
لنا خبر عائشة: ' أنه كان يكبر قبل القراءة '.
236 - مسألة:
يقرأ في الأولى ب ' سبح ' وفي الثانية ب ' الغاشية '.
وعنه: ما شاء - كأبي حنيفة.
وقال مالك: ب ' سبح ' و ' الشمس '.
288

وقال الشافعي: ب ' ق ' و ' اقتربت '.
لنا حديث النعمان؛ مر.
وشعبة، سمعت معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة ' أن رسول
الله كان يقرأ في العيدين ب ' سبح ' و ' الغاشية '.
قلت خرجه (د س)، ورواه مسعر.
ولهم [ق 67 - أ] / حديث عائشة؛ تقدم.
ومالك، عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد الله بن عبد الله ' أن عمر سأل
أبا واقد الليثي: بم كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في العيد؟ قال: ب ' ق ' و اقتربت '.
(م).
237 - مسألة:
لا يسن التطوع قبلها ولا بعدها.
وقال الشافعي: يسن.
وقال مالك: في المصلى، واختلف قوله في المسجد.
وقال أبو حنيفة: يتنفل بعد.
لنا حديث عبد الله بن عمرو، وقد مر قريبا.
الطيالسي، نا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها '.
289

وكيع، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن عمر:
' أنه خرج يوم عيد، ولم يصل قبلها ولا بعدها. وذكر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يفعله '.
صححهما الترمذي.
قلت: هو نص في الإمام، أما المأموم، فيتنفل إن شاء.
238 - مسألة:
يبتدئ التكبير في الأضحى من فجر يوم عرفة؛ فإن كان محرما، فمن
صلاة الظهر يوم النحر، ويقطعه آخر أيام التشريق '.
ووافق أبو حنيفة في الابتداء، وقال: يقطع العصر يوم النحر.
وقال مالك: يكبر من الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق.
وللشافعي كقولنا، ولم يفرق بين المحرم والمحل، وقول كقول مالك، الثالث:
من صلاة المغرب ليلة النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق.
الدارقطني من حديث محمد بن جنيد، نا مصعب بن سلام، عن عمرو،
عن جابر، عن أبي جعفر، عن علي بن حسين، عن جابر: ' كان رسول الله
يكبر في صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم
من المكتوبات '.
قال: ونا ابن السماك، ثنا أبو قلابة، حدثني نائل بن [نجيح]، نا
عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر، وعبد الرحمن بن سابط، عن جابر
290

قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا صلى الصبح من غداة عرفة، أقبل على أصحابه،
فيقول: على مكانكم، ويقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر،
الله أكبر، ولله الحمد. فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام
التشريق '.
عمرو تركوه، وجابر الجعفي واه.
239 - مسألة:
والسنة أن يكبر شفعا.
وقال الشافعي: يكبر ثلاثا في آخره.
وقال أبو حنيفة: واحدة.
قلت: ما ثبت في العدد شيء، ولا ذكر التكبير في عيد الفطر، وهو
سنة، والآية دالة عليه؛ وهي: * (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) *.
240 - مسألة:
إذا غم هلال الفطر، ثم علم به بعد الزوال [ق 67 - ب] / صلوا من الغد، وكذلك في
الأضحى.
' وقال مالك: لا يصلي العيد في غير يومه.
وعن الشافعي كالمذهبين.
شعبة، عن أبي بشر، عن أبي عمير بن أنس، عن عمومته من أصحاب النبي
[صلى الله عليه وسلم] ' أنه جاء ركب إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فشهدوا أنهم رأوه بالأمس - يعني: الهلال -
فأمرهم فأفطروا، وأن يخرجوا من الغد '.
291

صلاة الخوف
241 - مسألة:
إذا كان العدو في غير جهة القبلة، فرق الإمام الناس طائفتين؛ طائفة بإزاء
العدو، وطائفة خلفه؛ فيصلي بها ركعة، ويثبت قائما حتى تتم لأنفسها وتسلم،
وتنصرف إلى وجاهة العدو، ثم تجيء الطائفة الأخرى فتحرم خلفه، فيصلي بها
الركعة الثانية، ويجلس للتشهد، وتقومون؛ فيصلون ركعة ثانية، ثم يجلسون
يتشهدون ويسلم بهم.
وقال أبو حنيفة: يصلي بالأولى ركعة وتنصرف، وتجيء الأخرى فتحرم
معه، فيصلي بها ركعة ويتشهد ويسلم، فتنصرف هي إلى مقامها، وتجيء الأولى،
فتصلي ركعة بغير قراءة، وتنصرف إلى مقامها، وتجيء الثانية، فتصلي ركعة بقراءة
وتشهد، وتسلم.
وعن مالك كأحمد، وعنه أن الإمام يسلم ولا ينتظر الثانية.
وقال داود: جميع ما ورد جائز.
ولنا بنحو ما سقنا حديث سهل بن أبي حثمة مخرج في (خ م).
وقد روي عن ابن عمر كما وصفوا، لكنه فيه عمل كثير كما ترى بلا
ضرورة.
242 - مسألة:
فإذا كان العدو في جهة القبلة أحرم بهم أجمعين، وركعوا معه، فإذا
سجد سجدوا إلا الصف الذي يلي الإمام؛ فإنهم يقفون يحرسون، فإذا قام
الناس من الركعة، سجد الذين حرسوا، ثم لحقوا بهم، ثم يركعون ويرفعون،
292

ويسجد معه الذين حرسوا أولا، ويقف الآخرون يحرسون، فإذا جلس بهم
للتشهد سجد الآخرون ولحقوا في التشهد، ثم يسلم بالجميع.
وقال أبو حنيفة: لا يصلي إلا كصلاته والعدو في غير جهة القبلة.
لنا: ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بعسفان ' كما وصفنا.
شعبة وجرير عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي قال: ' كنا
مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعسفان، وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلينا الظهر، فقال
المشركون: لقد أصبنا غرة، لقد أصبنا غفلة لو أنا حملنا عليهم [ق 68 - أ] / وهم في الصلاة.
فنزلت الآية، فلما حضرت العصر قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مستقبل القبلة، والمشركون
أمامه، فصف خلفه صف، وبعد ذلك الصف صف، فركع رسول الله وركعوا
جميعا، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه، وقام الآخرون يحرسونهم، فلما صلى
هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون، ثم تأخر الصف الأول إلى مقام الآخرين،
وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول، ثم ركع رسول الله وركعوا جميعا،
ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] والصف الذي يليه سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعا، فسلم عليهم
جميعا ' فصلاها بعسفان، وصلاها يوم بني سليم.
قلت: كتبته من كتبي.
خرجه (د س).
243 - مسألة:
وتصلى حال المسايفة، ولا تؤخر.
وقال أبو حنيفة: يجوز تأخيرها، فإن فعلها لم تصح.
293

مالك، عن نافع، عن ابن عمر ' أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها،
ثم قال: وإن كان خوف أشد من ذلك، صلوا رجالا قياما على أقدامهم، أو
ركبانا، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها. قال نافع: لا أري ابن عمر ذكر ذلك إلا
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' (خ).
244 - مسألة:
افتراش الحرير والاستناد إليه يحرم، خلافا لأبي حنيفة.
شعبة، نا قتادة، سمع أبا عثمان النهدي قال: ' أتانا كتاب عمر ونحن مع
عتبة بن فرقد: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الحرير إلا هكذا. وأشار بإصبعيه اللتين
تليان الإبهام ' (خ م).
فهذا النهي يعم لبسه والجلوس عليه والاستناد إليه.
وروى أصحابنا عن حذيفة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن لبس الحرير، وأن يجلس
عليه '.
قلت: رواه البخاري.
245 - مسألة:
ويجوز لبسه في الحرب، والركوب عليه في إحدى الروايتين، كقول أبي
حنيفة، والشافعي.
والنهي عنه مطلق.
294

الكسوف
246 - مسألة:
وصلاة الكسوف ركعتان؛ في الركعة ركوعان.
وعنه في كل ركعة أربع ركوعات.
وقال أبو حنيفة: تصلى ركعتين، ويدعى حتى تنجلي.
مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء [ق 68 - ب] / بن يسار، عن ابن عباس قال:
' خسفت الشمس، فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والناس معه، فقام قياما طويلا نحوا من
سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع فقام قياما طويلا هو دون القيام الأول،
ثم ركع طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام فقام قياما طويلا وهو
دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا (وهو دون الركوع الأول)، ثم
سجد، ثم انصرف '.
(خ م).
شعيب، عن الزهري، عن عروة؛ أن عائشة قالت: ' كسفت الشمس في
حياة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخرج إلى المسجد، فقام فكبر وصف الناس وراءه، فكبروا،
فقرأ قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعا طويلا، ثم قال: سمع الله لمن حمده. فقام
ولم يسجد، فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر وركع ركوعا
طويلا هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك
الحمد. ثم سجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات،
وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف '.
وكان كثير بن عباس يحدث ' أن ابن عباس كان يحدث عن صلاة
295

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم كسفت الشمس مثل ما حدث عروة عن عائشة، فقلت لعروة:
إن أخاك لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصبح؟ فقال: أخطأ السنة '.
(خ م).
ولهم أحمد، نا عبد الوهاب الثقفي نا أيوب، عن أبي قلابة، عن
النعمان بن بشير، قال: ' انكسفت الشمس في عهد رسول الله، فخرج فكان
يصلي ركعتين ويسلم، ويصلي ركعتين ويسلم حتى انجلت '.
أحمد، نا حجاج، أنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة، عن
النعمان قال: ' انكسفت الشمس على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى، وكان يركع
ويسجد. قال حجاج: مثل صلاتنا '.
قلنا: قول حجاج: مثل صلاتنا. ظن منه.
قلت: ثم حديثهم مجمل، وحديثنا مفصل مبين، وهو أصح.
قلت: وأبو قلابة، عن النعمان ليس بمتصل، ولا لقيه.
أخرجه (د س ق) بطرق عنه؛ في بعضها عبد الوارث، عن أيوب، عن
أبي قلابة، عن رجل، عن النعمان.
ومنها وهيب وغيره، عن أيوب، عن أبي قلابة [ق 69 - أ] / عن قبيصة بن مخارق.
وقيل غير ذلك.
247 - مسألة:
ويجهر فيهما.
وبه قال أبو يوسف ومحمد.
الوليد بن مزيد، نا الأوزاعي، أخبرني الزهري، عن عروة، عن عائشة: ' أن
296

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قرأ قراءة طويلة، يجهر بها. يعني في صلاة الكسوف ' رواه
(د).
لهم: أحمد، نا أبو كامل، ثنا زهير، نا الأسود بن قيس، حدثني ثعلبة
بن عباد، عن سمرة قال: ' اسودت الشمس، فقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كأطول ما قام
بنا في صلاة، لا نسمع له صوتا '.
قلت: يحتمل أنه كان بعيدا.
248 - مسألة:
ولا تسن خطبة.
وقال الشافعي: تسن كالعيد.
لنا: ابن أبي خالد، عن قيس، عن أبي مسعود، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إن
الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله،
فإذا رأيتموهما فصلوا ' (خ م).
عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن ابن عمر
مرفوعا بنحوه (خ م).
الزهري، عن عروة، عن عائشة: ' كسفت الشمس، فقال رسول الله: إنما
هما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة '. (خ م).
قالوا: ففي بعض ألفاظ ' الصحيح ' عن عائشة ' أنه خطب - قلنا: خطب
بعدها لا لها - ليحذر الناس من قولهم أنها كسفت لموت إبراهيم '.
297

الاستسقاء
249 - مسألة:
تسن الصلاة لذلك، خلافا لأبي حنيفة.
الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج فتوجه إلى
القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة '.
(خ م).
سهل بن بكار، ثنا محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن طلحة قال:
' أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة
الصلاة في العيدين، إلا أن رسول الله قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره
على يمنيه، وصلى ركعتين؛ كبر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ بسبح والغاشية،
وكبر في الثانية خمس تكبيرات '.
خرجه الدارقطني.
قلت: هذا منكر، ومحمد ضعيف.
250 - مسألة:
ولا تسن الخطبة.
وعنه: تسن - كالشافعي.
أحمد، نا وكيع، نا سفيان، عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة،
298

عن أبيه، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج متخشعا متضرعا [ق 69 - ب] / متبذلا،
فصلى بالناس ركعتين كما يصلي العيد، لم يخطب كخطبتكم هذه '.
قلت: خرجه (عو) وصححه (ت).
مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تميم قال: سمعت عبد الله
ابن زيد يقول: ' خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى المصلى واستسقى، وحول رداءه حين
استقبل القبلة، وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم استقبل القبلة فدعا '.
(خ م) وما ذكرا خطبة.
قلنا: قوله: قبل الخطبة. محمول على أنه أراد قبل أن يتشاغل بالدعاء، سمى
ذلك خطبة.
قلت: ليتك سكت.
251 - مسألة:
والإمام مخير بين الدعاء قبل الصلاة وبعدها.
وقال الشافعي: يدعو بعدها.
وعن أحمد نحوه.
وفي الحديث المذكور أنه دعا، ثم صلى. وفي لفظ: صلى ثم دعا، وفي
حديث ابن عباس كاللفظ الأول.
252 - مسألة:
تحويل الرداء وقلبه في أثناء الدعاء سنة.
299

وقال أبو حنيفة: لا.
ولنا ما تقدم من الأحاديث.
253 - مسألة:
يكفر تارك الصلاة.
وعنه: لا، لكن يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل.
وبه قال مالك، والشافعي.
وقال أبو حنيفة: يستتاب ويحبس.
لنا: الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' بين العبد
وبين الكفر ترك الصلاة '.
أحمد، ثنا زيد بن الحباب، نا حسين بن واقد، حدثني ابن بريدة،
سمعت أبي قول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها
فقد كفر '.
أحمد، نا المقرئ، نا سعيد، حدثني كعب بن علقمة، عن عيسى بن
هلال، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من
حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن
له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي ابن
خلف '.
قلت: سنده جيد، ولم يخرجوه في السنن.
300

الجنائر
254 - مسألة:
يستحب تغسيل الميت في قميص.
وقال أبو حنيفة ومالك: الأفضل أن يجرد.
لنا: ابن إسحاق، حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس
' أن عليا غسل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وسنده إلى صدره، وعليه قميصه، وكان أسامة
وصالح يصبان الماء، وعلي يغسله '.
قلت: حسين ضعيف.
255 - مسألة:
يستحب في الغسلة الأخيرة كافور.
وقال أبو حنيفة: لا يستحب.
أيوب، عن محمد، عن أم عطية، قالت: ' أتانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 70 - أ] / ونحن
نغسل بنته، فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء
وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورا، أو شيئا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني. فلما
فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، وقال: أشعرنها إياه '.
(خ م).
256 - مسألة:
ويضفر شعر المرأة ثلاثة قرون؛ تلقى خلفها.
301

وكرهه أبو حنيفة، ولكن يرسل من الجانبين، ويسدل خمارها عليه.
(خ) نا قبيصة، عن سفيان، عن هشام، عن أم الهذيل، عن أم عطية،
قالت: ' ضفرنا شعر بنت النبي ثلاثة قرون '.
أبو معاوية، عن رجل، عن همام، عن حفصة، عن أم عطية قالت: ' لما
ماتت زينت بنت رسول الله، قال لنا: اغسلنها وترا، واجعلن شعرها ضفائر '.
257 - مسألة:
وإن خرج منه شيء بعد الغسل، وجب إعادة الغسل.
وقال أبو حنيفة: بل تغسل النجاسة.
لنا حديث: ' اغسلنها ثلاثا أو خمسا '.
قلت: لا يدل.
258 - مسألة:
لا ينجس الآدمي بالموت.
وعنه: ينجس - كقول أبي حنيفة.
وعن الشافعي قولان.
لنا حديث حميد، عن بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة،
قال: ' لقيت النبي [صلى الله عليه وسلم] وأنا جنب، فانسللت فاغتسلت، فقال: أين كنت؟
فأخبرته، فقال: إن المؤمن لا ينجس ' (خ م).
302

وفي الدارقطني بسند ضعيف، عن ابن عباس مرفوعا: ' لا تنجسوا
موتاكم؛ فإن المسلم أوليس
بنجس حيا ولا ميتا '.
259 - مسألة:
لا ينقطع حكم الإحرام بالموت، خلافا لمالك، وأبي حنيفة.
أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ' أن رجلا كان مع رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فوقصته ناقته وهو محرم، فمات، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: اغسلوه بماء وسدر،
وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه طيبا، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة
ملبيا.
(خ م).
فذكروا علي بن عاصم - واه - عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' في المحرم يموت، قال: خمروهم، ولا تشبهوا باليهود '.
سعيد في ' سننه ' نا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن جريج، عن عطاء قال:
' إذا مات المحرم، خمر وجهه، فإن رسول الله قال: خمروا وجوههم، ولا تشبهوا
بأهل الكتاب '.
303

260 - مسألة:
يجوز للزوج أن يغسل زوجته، خلافا لأبي حنيفة.
ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله،
عن عائشة قالت: ' رجع إلي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذات يوم من جنازة [ق 70 - ب] / بالبقيع، وأنا
أجد صداعا في رأسي، وأنا أقول: وارأساه. فقال: بل أنا وا رأساه. ثم قال: ما
ضرك لو مت قبلي، فغسلتك، وكفنتك، ثم صليت عليك، ودفنتك. قلت:
لكأني بك لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي، فأعرست فيه ببعض نسائك،
فتبسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثم بدأ به وجعه الذي مات فيه '.
قلت: رواه أحمد (س ق) من حديث محمد بن سلمة عنه.
ورواه (س) من حديث إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن الزهري،
فقال: عن عروة، بدل عبيد الله.
فإن قيل: رواه (خ) وفيه: ' قلت: وارأساه. فقال: ذلك لو كان وأنا
حي، فأستغفر لك، وأدعو لك '. وكذا صالح لم يقل: ' وغسلتك ' (وابن
إسحاق فقد تكلم في ابن إسحاق).
قلنا: وثقه ابن معين وغيره.
304

الدارقطني، نا ابن قانع، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا عبد الله ابن
صندل، نا عبد الله بن نافع، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد، عن
أمه، عن أسماء بنت عميس ' أن فاطمة - عليها السلام - أوصت أن يغسلها
زوجها علي وأسماء، فغسلاها '.
وهذا منكر، وابن نافع واه.
قال فقيه: إن صح قلنا: إنما غسلها لأنها زوجته في الآخرة، فما انقطعت
الزوجية.
قلنا: لو بقيت الزوجية؛ لما تزوج بنت أختها أمامة بنت زينب، ثم إنه مات
عن أربع حرائر.
قيل: قد روي أنها كانت اغتسلت، وماتت، فاكتفوا بذلك.
[عاصم بن علي]، نا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عبيد الله
ابن علي ابن أبي رافع، عن أبيه، عن أمه سلمة قالت: ' اشتكت فاطمة،
فمرضتها، فقالت لي يوما - وخرج علي -: يا أمتاه، اسكبي لي غسلا فسكبت،
ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كنت أراها تغتسل، ثم قالت: هات لي ثيابي
الجدد. فأتيتها بها، فلبستها، ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه، فقالت لي:
قدمي لي الفراش إلى وسط البيت، ثم اضطجعت ووضعت يدها تحت خدها،
واستقبلت القبلة، ثم قالت: يا أمتاه، إني مقبوضة اليوم، وإني قد اغتسلت، فلا
يكشفني أحد. قالت: فقبضت مكانها، فجاء علي، فأخبرته، فقال: لا والله،
لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك '.
305

قلنا: لا يصح، علي واه، وابن إسحاق وشيخه فيهما شيء.
وقد رواه نوح بن يزيد، والحكم بن أسلم، عن إبراهيم بن سعد وكلاهما
[مستثبت].
ورواه عبد الرزاق، عن (معمر)، عن عبد الله بن محمد بن عقيل
' أن فاطمة اغتسلت.... '.
وهذا مرسل.
قالوا: فعن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وبنتها '.
قالوا: وعندكم [ق 71 - أ] / إذا ماتت الزوجة قبل الدخول، فله أن يغسلها، وله أن
يتزوج بابنتها.
قلنا: متى ماتت قبل الدخول، جرى الموت مجرى الدخول، فلا يتزوج بنتها
في رواية، ثم المراد بالخبر لو صح؛ نظر تلذذ، وذلك لا يحل بعد الموت، ثم ليس
من ضرورة الغسل النظر إلى الفرج.
261 - مسألة:
ولا يجوز أن يغسل قريبه الكافر، ولا يدفنه.
وقال أبو حفص العكبري: يجوز، وزعم أنه قول لأحمد.
أبو معشر - واه - عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن كعب بن
مالك، عن أبيه قال: ' جاء ثابت بن قيس إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن أمه توفيت
- وهي نصرانية - وهو يحب أن يحضرها، فقال: اركب دابتك، وسر أمامها،
فإنك إذا كنت أمامها، لم تكن معها '.
لم يصح.
306

ودليل الجواز: سفيان الثوري، حدثني أبو إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن
علي ' قلت للنبي [صلى الله عليه وسلم]: إن عمك الشيخ الضال مات، فمن يواريه؟ قال: اذهب
فوار أباك، ولا تحدثن حدثا حتى تأتيني. فواريته، ثم جئت، فأمرني فاغتسلت،
ودعا لي '.
رواه (س).
قلنا: كان هذا في أول الإسلام.
قلت: فأين الناسخ؟!
262 - مسألة:
يغسل السقط ويصلى عليه، إذا استكمل أربعة أشهر.
وقال أبو حنيفة، ومالك: لا يغسل، ولا يصلى عليه، إلا أن يستهل.
وقال الشافعي: يغسل، وفي الصلاة قولان.
صحح (ت) من حديث زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' السقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة '.
البختري بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: ' صلوا على أطفالكم؛
فإنهم من أفراطكم ' رواه ابن ماجة.
والبختري ضعيف، وأبوه مجهول.
فذكروا (ت) من حديث إسماعيل بن مسلم - واه - عن أبي الزبير، عن
جابر مرفوعا: ' الطفل لا يصلى عليه، ولا يورث ولا يرث حتى يستهل ' رواه
(ت).
307

263 - مسألة:
الشهيد لا يصلى عليه، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
وللشافعي قولان.
(خ) من حديث ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن
جابرا أخبره ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب
الواحد، ثم يقول: أيهما أكثر أخذا للقرآن؟. فإذا أشير له إلى أحدهما، قدمه في
اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم في ثيابهم، ولم يصل
عليهم، ولم يغسلوا '.
أحمد، نا صفوان بن عيسى، نا أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يوم أحد يكفن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد،
ودفنهم، ولم يصل عليهم '.
قلت: تبعه ابن وهب، عن أسامة. خرجه (د).
وخرج (د) من حديث عثمان بن [ق 71 - ب] / عمر، عن أسامة، عن الزهري، عن
أنس قال: ' لم يصل النبي [صلى الله عليه وسلم] على أحد منهم غير حمزة '.
فذكروا: ابن أبي عدي، ثنا شعبة، عن حصين، عن أبي مالك قال: ' كان
يجاء بقتلى أحد تسعة وعاشرهم حمزة، فيصلى عليهم النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم يدفنون
التسعة، ويدعون حمزة، ويجاء بتسعة وحمزة عاشرهم، فيصلى عليهم، فيرفعون
التسعة، ويدعون حمزة '.
قال المؤلف: حصين ضعيف.
قال يزيد بن هارون: كان قد نسي.
308

قلت: هذا تعنت بين؛ حصين محتج به في الصحاح، لكن الحديث مرسل
جيد. خرجه الدارقطني.
الوركاني، نا سعيد بن ميسرة، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كبر على حمزة
سبعين تكبيرة سعيد متروك.
أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس قال:
' أتي بهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم أحد، فجعل يصلي على عشرة عشرة، وحمزة كما
هو موضوع ' خرجه (ق) ويزيد ضعف.
وقد مر أنه [صلى الله عليه وسلم] ما صلى على أحد من الشهداء غير حمزة.
قال الدارقطني: لم يقل هذه اللفظة غير عثمان، وليست محفوظة.
قلنا: عثمان مخرج عنه في الصحيحين.
264 - مسألة:
إذا استشهد الجنب غسل.
وقال مالك والشافعي: لا يغسل.
فيروى ' أن حنظلة بن أبي عامر رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] الملائكة تغسله، وكان جنبا '.
265 - مسألة:
يكره تكفين الميت في قميص وعمامة.
وقال أبو حنيفة: يستحب.
هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كفن في ثلاثة أثواب بيض
سحولية؛ أوليس
فيها قميص ولا عمامة ' (خ م).
309

ورواه (ت) عن قتيبة، عن حفص بن غياث، عن هشام، فزاد، ' قال:
فذكروا لها قولهم: في ثوبين وبرد حبرة. فقالت: قد أتي بالبرد، ولكنهم ردوه '.
صححه (ت).
266 - مسألة:
ويستحب أن يكون ثلاثة أثواب لفائف بيضاء كلها.
وقال أبو حنيفة: ثوبان وحبرة.
أحمد، نا علي بن عاصم، أنا عبد الله بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن
ابن عباس مرفوعا: ' البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها
موتاكم '.
الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن سمرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' البسوا الثياب البيض؛ فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها
موتاكم '.
صححهما (ت).
267 - مسألة:
يكره أن تكفن المرأة في المعصفر.
وقال أبو حنيفة: لا.
268 - مسألة:
المشي أمام الجنازة أفضل، وفي حق الراكب خلفها.
وقال أبو حنيفة: خلفها أفضل مطلقا.
وقال الشافعي: أمامها.
310

الزهري، عن سالم، عن أبيه [ق 72 - أ] / ' أنه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبا بكر وعمر
يمشون أمام الجنازة ' رواه أحمد، عن سفيان، عنه.
وقال (ت): رواه جماعة من الحفاظ عن الزهري مرسلا، وهو أصح.
أحمد، نا أبو كامل، نا زهير، نا يحيى الجابر، عن أبي ماجدة، عن ابن
مسعود: ' سألنا رسول الله عن المشي خلف الجنازة، فقال: الجنازة متبوعة،
ولا تتبع، أوليس
[منا] من تقدمها '.
قلت: خرجه (د ت ق) من حديث أبي عوانة، وعبد الواحد بن زياد،
عن الجابر، عن أبي ماجدة - وقيل أبو ماجد - ولا يعرف، والجابر ضعيف.
أحمد، نا عبد الواحد الحداد، نا سعيد بن عبيد الله الثقفي، عن زياد بن
جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الراكب خلف
الجنازة، والماشي حيث شاء منها '.
قلت: خرجه (عو) بطرق، وبعضهم وقفه، وبعضهم أسقط: عن
أبيه. وصححه (ت).
حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن سيار ' أن عمرو بن
حريث قال لعلي: كيف تقول في المشي مع الجنازة؟ قال: إن فضل المشي خلفها
على بين يديها كفضل المكتوبة في جماعة على الوحدة.
311

قال عمرو: فإني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان أمام الجنازة. قال: إنهما كرها
أن يحرجا الناس '.
المحاربي، نا مطرح أبو المهلب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد،
عن القاسم، عن أبي سعيد ' قلت لعلي: المشي أمام الجنازة أفضل؟ فقال: إن
[فضل] الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع. قلت:
برأيك؟ قال: بل سمعته من رسول الله غير مرة ولا مرتين حتى بلغ سبع مرات '.
سنده ساقط.
أحمد، نا أبو سعيد، ثنا حرب، نا يحيى، نا باب بن عمير، حدثني
رجل من أهل المدينة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: ' لا تتبع الجنازة بصوت،
ولا يمشى بين يديها '.
فيه مجهولان.
269 - مسألة:
الوالي أحق بالصلاة.
وقال الشافعي في الجديد: الولي أولى.
لنا حديث أبي مسعود: ' ولا يؤم الرجل في سلطانه '. (م).
270 - مسألة:
ولا يصلى عليها عند الطلوع والغروب والاستواء، خلافا للشافعي.
موسى بن علي، نا أبي، سمعت عقبة بن عامر يقول: ' ثلاث ساعات كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا؛ حين تطلع الشمس
312

بازغة حتى ترتفع، وعند قائم الظهيرة، وحين تضيف للغروب حتى تغرب '.
(م).
271 - مسألة:
لا تكره الصلاة عليها في المسجد، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
فليح، عن صالح بن عجلان، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة،
قالت: ' لما توفي سعد، وأتي بجنازته، أمرت به عائشة [ق 72 - ب] / أن يمر به عليها، فمر به
في المسجد، فدعت له، فأنكر ذلك عليها، فقالت: ما أسرع الناس إلى القول، ما
صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ابن بيضاء إلا في المسجد ' (م).
ولهم: ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن أبي هريرة، قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا من صلى على جنازة في المسجد، فليس له شيء '.
صالح واه.
272 - مسألة:
السنة أن يقف الإمام عند صدر الرجل، ووسط المرأة.
وقال أبو حنيفة: بحذاء صدرهما.
وقال مالك: عند وسط الرجل، ومنكب المرأة.
وقال الشافعي كقولنا في المرأة، واختلف أصحابه في الرجل، فقال بعضهم:
عند صدره. وقيل: عند رأسه.
سعيد بن عامر، عن همام، عن أبي غالب قال: ' صليت مع أنس على
جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاءوا بجنازة امرأة، فقام حيال وسط السرير،
فقال له العلاء بن زياد، هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قام على الجنازة مقامك منها،
ومن الرجل مكانك منه؟ قال: نعم. فلما فرغ، قال: احفظوا '.
313

قلت: وروى نحوه عبد الوارث، عن أبي غالب الباهلي - واسمه: نافع
- ليس بعمدة.
أخرجه (د ت ق).
حسين المعلم، نا ابن بريدة، سمع سمرة يقول: ' صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على
أم كعب - ماتت نفساء - فقام للصلاة عليها وسطها '.
(خ م).
273 - مسألة:
ويصلى على الغائب بالنية، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
أبو قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين؛ أن رسول الله قال: إن
أخاكم النجاشي، قد مات، فصلوا عليه. فقام، فصففنا خلفه، فصلى عليه '.
(م).
274 - مسألة:
تجب الفاتحة في الجنازة.
وقال أبو حنيفة: لا تقرأ، لكن يذكر الله ويثنى عليه في الأولى.
الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ' أن ابن
عباس صلى على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، فقلت له: فقال: إنه من السنة، أو
من تمام السنة '.
صححه (ت).
314

زيد بن الحباب، نا إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن
عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ على الجنازة بالفاتحة '.
إبراهيم هالك.
حماد بن جعفر، نا شهر بن حوشب، حدثتني أم شريك الأنصارية، قالت:
' أمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن تقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب '.
رواه (ق) وحماد. قال ابن عدي: منكر الحديث.
275 - مسألة:
يسن قضاء ما فات من التكبير.
وعنه: يجب.
وبه قال أكثرهم.
فروى أصحابنا عن عائشة؛ أنها قالت: ' يا رسول الله، إني أصلي على الجنازة
ويخفى علي بعض التكبير، فقال: ما سمعت فكبري، وما فاتك، فلا قضاء عليك '.
واحتجوا بقوله [صلى الله عليه وسلم]: ' وما فاتكم فاقضوا '.
276 - مسألة:
يجوز أن يصلى على الجنازة من لم يصل مع الإمام.
وقال أبو [ق 73 - أ] / حنيفة ومالك: لا تعاد الصلاة، إلا أن يكون الولي حاضرا،
فيصلي غيره.
لنا: ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة ' أن رجلا أسود - أو امرأة سوداء -
كان يقم المسجد، فمات فسأل عنه النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: مات. فقال: أفلا آذنتموني
به، دلوني على قبره - أو قال: قبرها - فأتى قبره، فصلى عليه ' (خ م).
315

أحمد، نا أبو معاوية، نا الشيباني، عن الشعبي، عن ابن عباس ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى على قبر بعد ما دفن '.
شريك، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: ' أبصر رسول
الله قبرا حديثا، فقال: ألا آذنتموني بهذا؟ قالوا: كنت نائما، فكرهنا أن نوقظك.
فقام فصلى عليه، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه '.
شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ثابت، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
صلى على قبر امرأة قد دفنت '.
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن المسيب ' أن أم سعد ماتت، والنبي [صلى الله عليه وسلم]
غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر '.
فذكروا خبرا لا يعرف قط ' أن عمر أتي بجنازة قد صلى عليها النبي [صلى الله عليه وسلم]
فأراد أن يصلي عليها ثانيا، فأخبر رسول الله أن الصلاة على الجنازة لا تعاد '.
277 - مسألة:
لا يصلي الإمام على الغال، وقاتل نفسه، خلافا لأكثرهم.
لنا: محمد بن يحيى بن حبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد ' أن رجلا
من أشجع توفي يوم خيبر، فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: صلوا على صاحبكم.
فتغيرت وجوه الناس من ذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله. ففتشنا متاعه
فوجدنا خرزا من خرز يهود؛ ما يساوي درهمين '.
رواه (د س ق).
شريك، عن سماك، عن جابر بن سمرة ' أن رجلا قتل نفسه، فلم يصل
عليه النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
316

تابعه إسرائيل. رواه (ت).
زهير، نا سماك، عن جابر ' أن رجلا قتل نفسه بمشاقص، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
لا أصلي عليه '.
رواه (س).
278 - مسألة:
يصلي الإمام على من قتل حدا، خلافا لمالك.
يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران ' أن امرأة
اعترفت بزنى عند النبي [صلى الله عليه وسلم]، وقالت: أنا حبلى، فدعا وليها، فقال: أحسن إليها،
فإذا وضعت فأخبرني. ففعل، فأمر بها النبي [صلى الله عليه وسلم] فشكت عليها ثيابها، ثم أمر
برجمها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال عمر: رجمتها يا رسول الله، ثم تصلي
عليها؟! فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل
وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله '. (م).
فذكروا ما روى (د) من حديث أبي بشر، حدثني نفر من أهل البصرة،
عن أبي برزة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 73 - ب] / لم يصل على ماعز، ولم ينه عن الصلاة عليه '.
قلنا: لو صح لما دل؛ فإنه قد يصلي على المرأة، وهي متأخرة لأن ماعزا أول
من رجم، ألا تراها قالت: أتريد أن تردني كما رددت ماعزا.
279 - مسألة:
السنة تسنيم القبور.
وقال الشافعي: تسطيحها.
لنا أن قبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] مسنم.
317

وفي (خ) عن سفيان التمار قال: ' رأيت قبر النبي [صلى الله عليه وسلم] مسنما '.
أبو كريب، نا أبو بكر بن عياش، ثنا صالح بن أبي صالح: ' رأيت قبر النبي
[صلى الله عليه وسلم] شبرا أو نحوا من شبر '.
وقال الثوري، عن أبي حصين، عن الشعبي قال: ' رأيت قبور الشهداء
مسنمة '.
فذكروا خبر الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن أبي الهياج
الأسدي قال: ' قال لي علي: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؛ أن
لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته '.
قلت: رواه (م د س ت).
ابن جريج، أنا أبو الزبير، عن جابر: ' سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] ينهى أن يقعد على
القبر، وأن يقصص أو يبنى عليه ' (م).
عمرو بن الحارث، نا أبو علي الهمداني، قال: ' كنا مع فضالة بن عبيد
برودس، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله
يأمر بتسويتها ' (م).
قلنا: هذا محمول على ما كانوا يفعلونه في تعلية القبور بالبناء المستحسن
العالي؛ بدليل (خ) لهشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ' لما اشتكى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذكرت له بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة - وكانت أم
سلمة، وأم حبيبة أتتا الحبشة، فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها - فقال: أولئك إذا
318

مات منهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور،
أولئك شرار الخلق عند الله '.
280 - مسألة:
يجوز تطيين القبر.
وقال أبو حنيفة: لا يطين.
لنا: الدراوردي، عن عبد الله بن محمد بن عمر، عن أبيه ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] رش على قبر إبراهيم، وأنه قال حين دفن وفرغ منه: سلام عليكم '.
كذا رواه أبو داود، عن القعنبي عنه، وهو منقطع.
وقال سعيد في ' سننه ': ثنا الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه
' أن رسول الله رش على قبره، وجعل عليه من حصباء الغابة، ورفع قدر شبر '.
قلت: والآخر منقطع، وما فيهما دليل على المسألة، وقد مر لمسلم النهي
عن البناء على القبر، فحجة أبي حنيفة أقوى وأبين.
281 - [ق 74 - أ] / مسألة:
يكره المشي في المقبرة بنعلين، خلافا لأكثرهم.
الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، عن بشير بن نهيك، عن بشير بن
الخصاصية قال: ' كنت أماشي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأتينا على قبور المشركين، فقال:
لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا - ثلاث مرات - ثم أتينا على قبور المسلمين فقال: لقد
أدرك هؤلاء خيرا كثيرا - ثلاث مرات - فبصر برجل يمشي بين المقابر في نعليه،
فقال: ويحك يا صاحب السبتيتين، ألق [سبتيتيك] - مرتين أو ثلاثا - فنظر
الرجل، فلما رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلع نعليه '.
319

قلت: رواه (د س ق)، وذكر التحريم الظاهرية.
282 - مسألة:
يكره الجلوس على القبر، والاتكاء إليه، خلافا لمالك.
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
لأن يجلس أحدكم على جمرة تحرق ثيابه، وتخلص إليه خير له من أن يطأ على
قبر '.
وفي لفظ: ' من أن يجلس على قبر '.
قلت: رواه (م د س).
أحمد، نا الوليد بن مسلم، سمعت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،
حدثني بسر بن عبيد الله أنه سمع واثلة بن الأسقع، حدثني أبو مرثد الغنوي أنه
سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها ' (م).
عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن
عمرو بن حزم: ' رآني رسول الله وأنا متكئ على قبر، فقال: لا تؤذ صاحب
القبر '.
قلت: تفرد به أحمد في ' مسنده ' وسنده صحيح.
عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي بكر بن حزم، أن النضر
320

ابن عبد الله السلمي أخبره، عن عمرو بن حزم سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' لا تقعدوا على القبور '.
قلت: هو في ' المسند ' ورواه (س) من حديث الليث، عن خالد بن
يزيد، عن سعيد.
283 - مسألة:
ويكره الجلوس قبل أن توضع الجنازة.
وقال مالك، والشافعي: لا.
يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع ' (خ م).
284 - مسألة:
لا يكره البكاء بعد الموت.
وقال الشافعي: يكره.
ابن جريج، أخبرني هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن
عمرو، أنه أخبره سلمة بن الأزرق ' أنه كان جالسا مع ابن عمر، فمر بجنازة يبكى
عليها، فعاب ذلك ابن عمر، وانتهرهن، فقال سلمة: لا تقل هذا، فإني لأشهد
على أبي هريرة لسمعته يقول - وتوفيت امرأة من كنائن [ق 74 - ب] / مروان - وشهدها، وأمر
مروان بالنساء اللاتي يبكين يطردن، فقال أبو هريرة: دعهن أبا عبد الملك؛ فإنه مر
على النبي [صلى الله عليه وسلم] بجنازة يبكى عليها وأنا معه ومعه عمر، فانتهر عمر النساء اللاتي
يبكين مع الجنازة، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: دعهن يا ابن الخطاب؛ فإن النفس
مصابة، والعين دامعة، وإن العهد حديث. قال: أنت سمعته؟ قال: نعم. قال:
فالله ورسوله أعلم '.
321

قلت: رواه أحمد، نا عبد الرزاق، نا ابن جريج، ورواته ثقات، وروى
بعضه (س ق) من حديث محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو
ابن عطاء، من حديث حماد بن سلمة، عن هشام به.
ورواه وكيع، عن هشام، فأسقط من سنده سلمة، وفيه بيان أن الجنازة كان
معها نساء.
يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: ' زار رسول الله قبر
أمه، فبكى وأبكى من حوله، ثم قال: استأذنت ربي أن أزور قبرها، فأذن لي،
واستأذنته أن أستغفر لها، فلم يأذن لي ' (م).
أحمد، نا صفوان بن عيسى، نا أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما رجع من أحد، سمع نساء الأنصار يبكين على أزواجهن،
فقال: لكن حمزة لا بواكي له. فبلغ ذلك نساء الأنصار، فجئن يبكين على حمزة،
قال: فانتبه رسول الله من الليل فسمعهن وهن يبكين، فقال: ويحهن لم يزلن يبكين
بعد منذ الليلة، مروهن فليرجعن، ولا يبكين على هالك بعد اليوم '.
أسامة فيه ضعف؛ ويدل على النهي على كثرة البكاء.
أحمد، نا ابن نمير، نا يحيى، عن عمرة، عن عائشة قالت: ' لما جاء نعي
جعفر وزيد وابن رواحة، جلس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعرف في وجهه الحزن، فأتاه
رجل، فقال: يا رسول الله، إن نساء جعفر؛ فذكر من بكائهن، فأمره رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] أن ينهاهن، فذهب ثم جاء، فقال: قد نهيتهن، أو أنه لم يطعنه حتى كان في
الثالثة، فزعمت أن رسول الله قال: احث في وجوههن التراب '.
قلنا: المراد بالبكاء المنهي عنه الذي معه ندب، لا مجرد الدمع.
322

قلت: هنا ثلاث صور: بكاء بدمع العين، فهذا مباح. وبكاء بندب الميت
ونعيه، فهذا محرم. وبكاء بصوت عال وصراخ بلا ندب، فهذا عرج عنه
المؤلف، أو دخل فيما عمم عن المباح؛ فهذا منهي عنه أيضا.
258 - مسألة:
تسن التعزية بعد الدفن وقبله.
وقال أبو حنيفة: لا تسن بعده.
خالد بن مخلد، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصار، سمعت عبد الله بن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه، عن جده، عن [ق 75 - أ] / النبي [صلى الله عليه وسلم]
أنه قال: ' ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم
القيامة '. رواه (ق).
حماد بن الوليد - واه - عن الثوري، عن محمد بن سوقة، عن إبراهيم،
عن الأسود، عن عبد الله قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من عزى مصابا، كان له
مثل أجره '.
وله طرق لا تصح.
286 - مسألة:
إذا تطوع بقربة كالصلاة والصدقة والقراءة وجعل ثوابه للميت صح وانتفع
به، خلافا للأكثر.
زكريا بن إسحاق، حدثني عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن
رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.
قال: فإن لي مخرفا، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها '.
قلت: ورواه ابن عيينة نحوه.
أخرجه (خ د ت س).
323

ابن جريح، أخبرني يعلى أنه سمع عكرمة يقول: أنبأنا ابن عباس ' أن سعد
ابن عبادة توفيت أمه وهو غائب [عنها] فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا
غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت عنها بشيء؟ قال: نعم. قال: فإني أشهدك
أن حائطي المخرف صدقة عنها ' (خ).
شعبة، عن قتادة، سمع الحسن يحدث عن سعد بن عبادة ' أن أمه
ماتت، فقال لرسول الله: إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فأي
الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة '
مرسل.
العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا مات الميت، انقطع عمله إلا
من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له '.
(م).
و (م) عن أبي هريرة في لفظ آخر: ' إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن
أتصدق عنه؟ قال: نعم '.
قلت: الأحاديث نص في الصدقة فقط.
324

الزكاة
287 - مسألة:
إذا زادت الإبل على عشرين ومائة واحدة، استقرت الفريضة؛ ففي كل
خمسين حقة، وفي أربعين بنت لبون.
وعنه: لا يتغير الفرض حتى يبلغ ثلاثين ومائة فيستقر.
وعن مالك كالروايتين.
وقال أبو حنيفة: في مائة وعشرين حقتان، ويستأنف لما بعدها فيجب في كل
خمس شاة.
الأنصاري، حدثني أبي، حدثني ثمامة أن أنسا حدثه ' أن أبا بكر الصديق لما
استخلف أنس بن مالك على [البحرين] كتب هذا الكتاب، فكتب: هذه
فريضة الصدقة التي فرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على المسلمين؛ في أربع وعشرين من
الإبل فما دونها؛ في كل خمس شاة، فإذ بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين
ففيها ابنة مخاض أنثى، فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر، فإذا بلغت
ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون [ق 75 - ب] / فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين
ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدا وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة،
فإذا بلغت ستا وسبعين إلى التسعين ففيها ابنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين
إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل
أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة -
وليست عنده جذعة - وعنده حقة فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين إن تيسرتا،
أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة، وعنده
325

جذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن
بلغت صدقته الحقة وعنده ابنة لبون؛ فإنها تقبل منه، ويعطي معها شاتين أو عشرين
درهما، ومن بلغت صدقته ابنه لبون وليست عنده وعنده حقة؛ فإنها تقبل منه،
ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ' (خ).
عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كتب كتاب الصدقة فلم يخرج إلى عماله حتى قبض [فلما
قبض] عمل به أبو بكر حتى قبض، وعمر حتى قبض، وكان فيه: فإذا زادت
على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون ' وفيه:
' ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع مخافة الصدقة، وما كان من
خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية '.
خرجه (ت) وصححه.
وقد رواه جماعة عن الزهري، عن سالم مرسلا، ما رفعه إلا سفيان.
قلنا: هو ثقة، أخرج له مسلم.
قلت: لم يخرج له أصلا، بل متابعة، وهو لين.
فذكر أبو داود في ' المراسيل ': ثنا موسى بن إسماعيل قال: قال حماد
ابن سلمة: ' قلت لقيس بن سعد: خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم،
فأعطاني كتابا أخبر أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] كتبه لجده، فقرأته، وكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل، فقص الحديث
إلى أن يبلغ عشرين ومائة، فإذا كانت أكثر من عشرين ومائة، فعد في كل خمسين
326

حقة، وما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة، وما كان أقل من خمس وعشرين، ففيه
الغنم؛ في كل خمس ذود شاة '.
قال أحمد: كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح.
288 - مسألة:
لا زكاة في الأوقاص.
وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، خلافا لأحد قولي مالك، وقول الشافعي
في أنها تتعلق بالنصاب والوقص؛ حتى إنه لو تلف من تسعة أربعة، وجب عند
الخصم خمسة أتساع شاة.
الحسن بن عمارة، نا الحكم، عن طاوس، عن ابن عباس قال: ' لما بعث
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] معاذا إلى اليمن [ق 76 - أ] / قيل له: بم أمرت؟ قال: أمرت أن آخذ من البقر؛
من ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، قيل له: أمرت في الأوقاص
بشيء؟ فقال: لا، وسأسأل النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله، فقال: لا '.
رواه الدارقطني، وابن عمارة واه.
حيوة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سلمة بن أسامة، عن يحيى بن الحكم؛
أن معاذا قال: ' بعثني رسول الله أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من
كل ثلاثين تبيعا، ومن كل أربعين مسنة، فعرضوا علي أن آخذ ما بين الأربعين
والخمسين، وبين الستين والسبعين، فأبيت وقلت: حتى أسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فأخبرت رسول الله فأمرني أن لا آخذ ما بين ذلك، وزعم أن الأوقاص لا فريضة
فيها '.
رواه أحمد.
وقد روى القاضي أبو يعلى، وأبو إسحاق الشيرازي، في ' كتابيهما ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' في خمس من الإبل شاة، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ عشرا '.
327

289 - مسألة:
إذا أخرج حاملا، أو سنا أعلى، أجزأه.
وقال داود: لا يجزئ
ابن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن يحيى بن عبد الله بن
عبد الرحمن، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن أبي بن كعب قال: ' بعثني رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] مصدقا، فمررت برجل، فلم أجد عليه في ماله إلا ابنة مخاض، فأخبرته
أنها صدقته، فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وما كنت لأقرض الله من مالي ما
لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة سمينة فخذها، فقلت ': ما أنا بآخذ ما لم أؤمر
به، فهذا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منك قريب، فخرج معي، وخرج بالناقة حتى قدمنا،
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ذلك الذي عليك، وإن تطوعت بخير قبلناه منك، وآجرك
الله فيه. قال: فخذها، فأمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بقبضها، ودعا له بالبركة '.
رواه أحمد، (د).
290 - مسألة:
لا يجب على فيما زاد على الأربعين من البقر شيء حتى تبلغ ستين.
وعن أبي حنيفة: يجب فيها بالحساب.
وعنه: لا يجب فيها شيء حتى تبلغ خمسين، فيجب مسنة وربع.
لنا: خبر معاذ، وأنه لم يأخذ من الأوقاص شيئا.
291 - [مسألة]:
المال المستفاد في أثناء الحول بابتياع أو هبة أو إرث، لا يضم إلى نصاب
الحول.
328

وقال أبو حنيفة: هو من جنس النصاب؛ يضم إليه.
وعن مالك كالمذهبين.
ولنا: (ت) نا يحيى بن موسى، نا هارون بن صالح، نا عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا: ' من استفاد مالا، فلا زكاة عليه
حتى يحول عليه الحول '.
عبد الرحمن واه، وصح عن نافع، عن ابن عمر من قوله.
بقية، عن إسماعيل، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال
رسول الله: ' لا زكاة في مال امرئ [ق 76 - ب] / حتى يحول عليه الحول '.
رواه الدارقطني، وقال: رواه معتمر وغيره موقوفا.
قلت: إسماعيل كأنه ابن عياش، واه في غير الشاميين.
لوين، ثنا حسان بن سياه، عن ثابت، عن أنس مرفوعا: ' أوليس
في مال
زكاة حتى يحول عليه الحول '.
حسان ضعيف.
وبإسناد واه عن عائشة نحو ذلك.
292 - مسألة:
تجب الزكاة في الصغار إذا انفردت وبلغت نصابا، فيخرج منها.
إلا أن مالكا وزفر قالا: تجب فيها كبيرة من جنسها.
وعن أحمد: لا يجب.
وهو قول أبي حنيفة.
329

لنا: ما في ' الصحيحين ' من حديث أبي هريرة عن الصديق: ' والله لو
منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم عليها '.
ولهم: هلال بن خباب، عن ميسرة أبي صالح، عن سويد بن غفلة: ' أتانا
مصدق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجلست إلى جنبه، فسمعته يقول: إن في عهدي أن
لا آخذ من راضع لبن شيئا، وأتاه رجل بناقة كوماء، فقال: خذ هذه، فأبى أن
يأخذها '.
قالوا: وروى الشعبي أن رسول الله قال: ' لا زكاة في السخال '.
وروى أبو عبيد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أوليس
في الكسعة شيء ' وهي صغار
الغنم.
فأما هلال فضعيف، ومرسل الشعبي تفرد به جابر الجعفي، واه.
والكسعة، فقال أبو عبيد: هي الحمير.
وقال ابن الأعرابي: الكسعة: الرقيق؛ لأنك تكسعها في طلب حاجتك.
وقال ابن قتيبة: هي عوامل الإبل.
293 - مسألة:
تجزئ الجذعة من الضأن، والثنية من المعز.
وقال أبو حنيفة: لا يجزئ إلا الثني فيهما.
وقال مالك: يجزئ الجذع فيهما.
زكريا بن إسحاق، نا عمرو بن أبي سفيان، عن مسلم بن شعبة، عن سعر،
قال: ' جاءني رجلان مرتدفان، فقالا: إنا رسولا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إليك، لتؤتينا
صدقة غنمك، قلت: وما هي؟ قالا: شاة. فعمدت إلى شاة ممتلئة مخاضا
330

وشحما، فقالا: هذه شافع، وقد نهى رسول الله أن نأخذ شافعا '.
والشافع التي في بطنها ولدها. قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا: عناقا:
جذعة أو ثنية، فأخرجت إليهما عناقا، فتناولاها '.
رواه أحمد.
294 - مسألة:
للخلطة تأثير في الزكاة.
وقال أبو حنيفة: لا تأثير لها.
لنا: حديث أنس ' أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة ' وفيه: ' وما كان من
خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ' (خ).
وحديث ابن عمر؛ وفيه ذكر التفريق والخليطين، وقد مر.
الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، عن السائب بن يزيد [ق 77 - أ] /
عن سعد، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع '.
والخليطان: ما اجتمعا على الحوض والراعي والفحل.
رواه الدارقطني.
وروى (د) من حديث سويد بن غفلة قال: ' أتانا مصدق النبي [صلى الله عليه وسلم]
فقرأت في عهده: ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة '.
295 - مسألة:
تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون، خلافا لأبي حنيفة.
331

لنا: خبر المثنى بن الصباح - واه - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قام، فخطب الناس، فقال: من ولي يتيما له مال فليتجر له،
ولا يتركه حتى تأكله الصدقة '.
عبيد بن إسحاق العطار - لين - عن مندل - كذلك - عن أبي إسحاق
الشيباني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' احفظوا اليتامى في
أموالهم، لا تأكلها الزكاة '.
وعن محمد بن عبيد الله العرزمي - واه - عن عمرو، عن أبيه، عن جده
مرفوعا: ' في مال اليتيم زكاة '.
رواه الدارقطني، وقال: الصحيح أنه من كلام (عمر).
واحتجوا بحماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن
عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ،
وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل '.
296 - مسألة:
لا يجوز إخراج القيم في الزكاة.
وهو قول مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة: يجوز.
وعن أحمد نحوه.
ولنا: حديث الصدقة: ' في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين،
ففيها بنت مخاض '.
وابن وهب، حدثني سليمان بن بلال، عن شريك، عن عطاء بن يسار،
عن معاذ بن جبل ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعثه إلى اليمن فقال: خذ الحب من الحب،
والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر '.
332

قلت: مرسل.
فذكروا حديث الصدقة المتقدم؛ وفيه: ' ومن بلغت صدقته الجذعة، وليست
عنده، فتقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين، أو عشرين درهما... ' الحديث.
قالوا: وهذا يدل على التعادل في القيمة هنا، أوليس
ذا على وجه القيمة، إنما هي أصول؛ بدليل أن القيمة تختلف بالأزمنة والأمكنة.
مجالد، عن قيس بن أبي حازم، عن الصنابحي قال: ' رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
في إبل الصدقة ناقة مسنة، فغضب وقال: ما هذه؟ فقال: يا رسول الله، ارتجعتها
ببعيرين من (حاشية) الصدقة. فسكت '.
الارتجاع: أخذ سن مكان سن.
مجالد ضعف، ثم هو مرسل، ويحمل على أنه لما قبضها اشترى بها من رب
المال، ويسمى ذلك ارتجاعا أيضا.
[ق 77 - ب] / ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة وعمرو، عن طاوس قال: ' قال معاذ
لأهل اليمن: ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم في الصدقة، فهو أهون
عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة ' فهذا مرسل ويحمل على الجزية.
فإن مذهب معاذ أنه لا يجوز نقل الزكاة إلى بلد.
أحمد، نا عبد الرزاق، نا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن
مسروق، عن معاذ قال: ' بعثه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين
بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارا، أو عدله معافر '.
333

قلت: رواه (عو).
297 - مسألة:
لا زكاة في الخيل، خلافا لأبي حنيفة.
صحح (ت) لأبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن
علي قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتوا
صدقة الرقة '.
سفيان وشعبة، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عراك، عن
أبي هريرة، قال رسول الله: ' أوليس
على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة '.
قلت: متفق عليه.
الصقر بن حبيب، سمع أبا رجاء العطاردي، عن ابن عباس، عن علي،
مرفوعا: ' أوليس
في العوامل صدقة، ولا في الجبهة صدقة '.
قال الصقر: يعني الخيل والبغال والعبيد.
الصقر ضعفه ابن حبان.
وفي الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا: ' أوليس
في الخيل والرقيق
صدقة، إلا أن في الرقيق صدقة الفطر '.
ولهم: مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ' أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] ذكر الخيل، فقال: ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها
334

ولا ظهورها، فهي له ستر ' (خ م).
قلنا: المراد إعارتها، وحمل المنقطعين عليها، فلعله كان واجبا، ثم نسخ
بقوله: ' قد عفوت لكم عن صدقة الخيل '.
وبإسناد مظلم عن (غورك بن الحضرم) - واه - عن جعفر بن محمد،
عن أبيه، عن جابر مرفوعا؛ ' في الخيل السائمة؛ في كل فرس دينار '.
298 - مسألة:
ولا زكاة في العوامل والمعلوفة.
وقال مالك: تجب.
لنا: (خ) من حديث أنس، عن أبي بكر أنه كتب له؛ فذكر فيه في
صدقة الغنم: ' في سائمتها إذا كانت أربعين... ' الحديث.
ومر من حديث علي: ' أوليس
في العوامل صدقة '.
وروى الحارث - وهو مجروح - عن علي أنه قال: ' أوليس
في العوامل شيء '.
سوار - متروك - عن ليث - لين - عن مجاهد وطاوس، عن ابن عباس
مرفوعا: ' أوليس
في البقر العوامل صدقة '.
ويروى نحوه من حديث غالب بن عبيد الله - تالف - عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا كذلك.
الدارقطني [ق 78 - أ] / ثنا الحسن بن أحمد بن صالح، نا عبد الله بن محمد بن إسحاق
ابن أبي مسلم، نا محمد بن أبي موسى، نا حجاج، عن ابن جريج، عن زياد بن
سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أوليس
في المثيرة صدقة '.
335

299 - مسألة:
ولا عشر فيما دون خمسة أوسق، خلافا للحنفية.
فعن أبي سعيد مرفوعا: ' أوليس
فيما دون خمس ذود صدقة، وليس في ما
دون خمس أواق صدقة، ولا في ما دون خمسة أوسق صدقة ' (خ م).
ولسهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
صحيح، رواه أحمد.
فذكروا: أبو مطيع البلخي - أحد المتروكين - عن أبي حنيفة، عن أبان بن
أبي عياش - واه - عن رجل، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' فيما سقت السماء العشر،
وفي ما سقي بنضح أو غرب نصف العشر، في قليله وكثيره '.
300 - مسألة:
لا عشر في الخضروات، خلافا لأبي حنيفة.
لنا أحاديث ضعاف:
(ت) نا علي بن خشرم، نا عيسى بن يونس، عن الحسن، عن محمد
بن عبد الرحمن بن عبيد، عن عيسى بن طلحة، عن معاذ ' أنه كتب إلى النبي
[صلى الله عليه وسلم] يسأله عن الخضروات وعن البقول، فقال: أوليس
فيها شىء '.
قال (ت): إسناده أوليس
بصحيح، ويروى عن موسى بن طلحة مرسلا.
الصقر بن حبيب - ضعيف - نا أبو رجاء، عن ابن عباس، عن علي
مرفوعا: ' أوليس
في الخضروات صدقة '.
قلت: وساق له طرقا من الدارقطني واهية.
336

مروان بن محمد السنجاري - هالك - نا جرير، عن عطاء بن السائب، عن
موسى بن طلحة، عن أنس، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' أوليس
في الخضروات
صدقة '.
ويروى نحوه من حديث محمد بن عبد الله بن جحش، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
بسند واه، وفيه عبد الله بن شبيب.
ابن نافع، نا إسحاق بن يحيى بن طلحة - متروك - عن عمه موسى، عن
معاذ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' مما سقت السماء والبعل والسيل العشر '.
وفيه: ' فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب والخضر فعفو '.
صالح بن موسى - ترك - عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن
عائشة مرفوعا: ' أوليس
في ما أنبتت الأرض من الخضر زكاة '.
عبد الوهاب بن عطاء، نا هشام الدستوائي، عن عطاء بن السائب، عن
موسى بن طلحة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن تؤخذ من الخضروات صدقة '.
مرسل.
قلت: الستة من سنن الدارقطني.
301 - مسألة:
لا يحتسب على صاحب الأرض بزكاة ما يأكله من الثمرة، خلافا لأبي
حنيفة والشافعي.
[ق 78 - ب] / شعبة، أنا خبيب بن عبد الرحمن، سمعت عبد الرحمن بن مسعود قال:
' جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، فحدث أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقول: إذا
خرصتم فخذوا ودعوا الثلث؛ فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع '.
337

قلت: رواه (د ت س).
302 - مسألة:
يجب العشر في أرض الخراج.
وقال أبو حنيفة: لا يجب.
يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' أنه سن
فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثريا العشور، وفي ما سقي بالنضح نصف
العشر ' (خ).
وهذا عام، والعثري الذي يؤتى بماء المطر إليه، فيجعلون في مجرى السيل
عاثورا، فيرد إلى النخل وغيره فيسقيه.
فذكروا: يحيى بن عنبسة - أحد الكذابين - نا أبو حنيفة، عن حماد، عن
إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعا: ' لا يجتمع على مؤمن خراج وعشر '.
قال الدارقطني وغيره: يحيى دجال، يضع الحديث، وإنما هذا من قول
إبراهيم.
303 - مسألة:
يجب العشر في العسل، خلافا لمالك والشافعي.
سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن أبي سيارة المتعي،
' قلت: يا رسول الله، إن لي نحلا؟ قال: أد العشور. قلت: احم لي جبلها،
338

قال: فحمى لي جبلها '.
قلت: رواه (ق) وسنده منقطع، وقد أخرجه أحمد هكذا.
أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: ' جاء هلال
إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعشور نحله، وسأله أن يحمي له واديا يقال له: سلبة، فحمى
له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذلك الوادي، فلما ولي عمر كتب سفيان بن وهب إلى عمر
يسأله، فكتب عمر؛ إن أدى إلي ما كان يؤدي إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من عشر نحله،
فاحم له سلبة، وإلا فإنما هو ذباب غيث؛ يأكله من شاء '.
قلت: رواه (د ق).
(ت) نا محمد بن يحيى، ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن صدقة
ابن عبد الله، عن موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعا: ' في العسل
في كل عشرة أزق زق '.
قال (ت): لا يصح عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذا الباب كبير شيء.
وقال النسائي: صدقة أوليس
بشيء، وهذا حديث منكر.
339

الأثمان
304 - مسألة:
ما زاد على نصاب الأثمان، يجب فيه بحسابه.
وقال أبو حنيفة: لا يجب في ما زاد على مائتي درهم حتى يبلغ أربعين،
ولا فيما زاد على عشرين دينارا حتى تبلغ أربعة مثاقيل.
إسحاق بن المنذر، نا أيوب بن جابر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن
علي قال: قال رسول الله [ق 79 - أ] / [صلى الله عليه وسلم]: ' هاتوا ربع العشور، من كل أربعين درهما
[درهما]، وليس فيما دون المائتين شيء؛ فإذا كانت مائتين، ففيها خمسة
دراهم، فما زاد على حساب ذلك '.
فيه أيوب: لين، والحارث الأعور.
ولهم: الدارقطني، ثنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الإصطخري، نا محمد بن
عبد الله بن نوفل، نا أبي، نا يونس بن بكير، نا ابن إسحاق، عن المنهال بن الجراح،
عن حبيب بن نجيح، عن عبادة بن نسي، عن معاذ بن جبل ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أمره حين وجهه إلى اليمن أن لا يأخذ من الكسر شيئا حتى يبلغ أربعين درهما؛ فإذا
بلغت أربعين درهما، فخذ منها درهما '.
قال الدارقطني: المنهال متروك، وهو أبو العطوف، ثم هو منقطع.
305 - مسألة:
يضم الذهب إلى الفضة في إكمال النصاب.
وعنه: لا يضم - كقول الشافعي.
340

وذكروا حديث أبي سعيد المجمع عليه: ' أوليس
فيما دون خمس أواق
صدقة '.
وأبو بكر بن أبي شيبة، نا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن
عبد الكريم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' أوليس
في أقل من خمس ذود صدقة، ولا في أقل من عشرين مثقالا من الذهب
شيء، ولا في أقل من مائتي درهم شيء '.
خرجه الدارقطني.
306 - مسألة:
لا تجب الزكاة في الحلي المباح.
وعنه: تجب - كقول أبي حنيفة.
وعن الشافعي كالمذهبين.
ابن جوصا، نا إبراهيم بن أيوب، نا عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير،
عن جابر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أوليس
في الحلي زكاة '.
قيل: فعافية ضعيف، والمعروف موقوف.
قلنا: ما عرفنا أحدا طعن في عافية.
قلت: هذا أوليس
بصحيح.
واحتجوا بعموم: ' أوليس
فيما دون خمس أواق صدقة ' متفق عليه
ولمسلم من حديث جابر بنحوه.
341

وقد مر في مسألة الخيل حديث: ' هاتوا صدقة الرقة ' وحديث: ' أوليس
في
أقل من عشرين مثقالا شيء '.
وأحمد، نا أبو معاوية، نا حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده قال: ' أتت النبي [صلى الله عليه وسلم] امرأتان، في أيديهما أساور من ذهب، فقال لهما النبي
[صلى الله عليه وسلم]: أتحبان أن يسوركما الله يوم القيامة أساور من نار؟ قالتا: لا. قال: فأديا حق
الله في [الذي] في أيديكما '.
تابعه المثنى بن الصباح، وابن لهيعة.
وأصح من ذلك أبو أسامة، عن حسين بن ذكوان، عن عمرو، عن أبيه، عن
جده قال: ' جاءت امرأة وابنتها من أهل اليمن إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وفي يدها
مسكتان غليظتان من ذهب، قال: هل تعطين زكاة [ق 79 - ب] / هذا؟ قالت: لا. قال:
فيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار؟ فخلعتهما، وقالت: هما لله ولرسوله '.
قلت: تابعه خالد بن الحارث، عن المعلم، ورواه عنه معتمر فأرسله.
خرجه (د س).
أحمد، نا علي بن عاصم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن شهر،
عن أسماء بنت يزيد قالت: ' دخلت أنا وخالتي على النبي [صلى الله عليه وسلم] وعلينا أسورة من
ذهب، فقال لنا: تعطيان زكاته؟ قلنا: لا. فقال: أما تخافان أن يسوركما الله
أسورة من نار؛ أديا زكاته '.
علي واه.
342

وفي الدارقطني عن محمد بن مهاجر، عن ثابت بن عجلان، حدثني
عطاء، عن أم سلمة ' أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب، فسألت نبي الله: أكنز
هو؟ قال: إذا أديت زكاته فليس بكنز '.
قال المؤلف: فيه محمد بن مهاجر.
وقال ابن حبان: كان يضع على الثقات.
قلت: هذا وهم قبيح، هذا حديث من رواية عثمان بن سعيد الحمصي،
عن ابن مهاجر الثقة الشامي؛ فأما ابن مهاجر الكذاب؛ فآخر متأخر في زمان ابن
معين، وما أرى بهذا الخبر بأسا. رواه الدارقطني من طريق أبي عتبة الحجازي،
وفيه ضعف - عن عثمان.
يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر؛ أن محمد بن عطاء أخبره عن
عبد الله بن شداد قال: ' دخلنا على عائشة فقالت: دخل علي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]،
فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: ما هذا؟ قلت: أتزين لك فيهن. قال:
أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله من ذلك. قال: هو حسبك من النار '.
خرجه الدارقطني من حديث عمرو بن الربيع بن طارق - ثبت - عن
يحيى، وليحيى مع كونه من رجال (خ م) مناكير؛ هذا منها، ومحمد مجهول.
نصر بن مزاحم - متهم - عن أبي بكر الهذلي - هالك - حدثني شعيب بن
الحبحاب، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس قالت: ' أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بطوق
فيه سبعون مثقالا من ذهب، فقلت: خذ منه الفريضة فأخذ منه مثقالا، وثلاثة
أرباع مثقال '.
قلت: أخرجه الدارقطني، فشأن سننه الإكثار من هذا النمط.
343

وعن أبي حمزة ميمون - واه - عن الشعبي، عن فاطمة؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' في الحلي زكاة '.
وعن يحيى بن أبي أنيسة - متروك - عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة،
عن عبد الله قلت: ' يا رسول الله، إن لامرأتي حليا من عشرين مثقالا. قال: فأد
زكاته نصف مثقال '.
محمد بن الأزهر، نا قبيصة، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن
علقمة، عن عبد الله ' أن امرأة أتت نبي الله، فقالت: إن لي حليا، وإن زوجي
خفيف ذات اليد، وإن لي بني أخ، أأعطيهم زكاة حليي؟ قال: نعم '.
قال الدارقطني: رفعه وهم، والصواب، عن إبراهيم، عن عبد الله قوله.
307 - مسألة:
الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهل يمنع في الظاهرة؟
على روايتين؛ أصحهما المنع، والأخرى لا يمنع.
وبها قال مالك.
وعن الشافعي: يمنع بكل حال.
وعنه: لا.
زكريا بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن
عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما بعث معاذا إلى اليمن قال: إنك تأتي قوما أهل
كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن أطاعوا لذلك
فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوا
لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم؛ تؤخذ من أغنيائهم وترد
في فقرائهم ' (خ م).
344

فمن عليه مثل ما معه، فهو فقير.
ابن عيينة، عن الزهري، عن السائب؛ سمعت عثمان يقول: ' هذا شهر
زكاتكم، فمن كان عليه دين، فليقضه، وزكوا بقية أموالكم '.
وقال أصحابنا: روى ابن نصر المالكي، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن
عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كان للرجل ألف، وعليه ألف، فلا زكاة عليه '.
قلت: هذا كأنه موضوع.
تم المجلد الأول من الأصل.
345

من الزكاة
[ق 80 - ب]
308 - [مسألة]:
تجب في عروض التجارة كل حول.
وقال مالك: إن كان ممن يتربص بسلعته النفاق والأسواق لم يجب تقويمها
حتى يبيعها بنقد، فيزكي لسنة واحدة، وإن كان مدبرا لا يعرف حول ما يشتري
ويبيع، قرر لنفسه شهرا في العام، فيقوم ما عنده ويزكي.
وقال داود: لا زكاة في [العروض] بحال.
ولنا (د) حديث جعفر بن سعد بن سمرة، نا خبيب بن سليمان بن
سمرة، عن أبيه، عن جده: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمرنا أن نخرج الصدقة من
الذي نعد للبيع '.
قلت: فيه لين.
أبو عاصم، عن موسى بن عبيدة، نا عمران بن أبي أنس، عن مالك بن أوس
بن الحدثان قال: ' بينا أنا جالس عند عثمان؛ جاءه أبو ذر فسلم، فقال له عثمان:
كيف أنت يا أبا ذر؟ قال: بخير، ثم قام إلى سارية فقام الناس إليه، فاحتوشوه وأنا
معهم؛ فقالوا: حدثنا عن رسول الله. قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: في
الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته '. قالها
بالزاي.
عبد الله بن معاوية، نا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عمران بن أبي
أنس، عن مالك، عن أبي ذر مرفوعا مثله سواء.
346

أخرجهما الدارقطني.
موسى أشد ضعفا من ابن معاوية.
309 - مسألة:
يجب في المعدن ربع العشر.
وقال أبو حنيفة: الخمس.
وعن الشافعي كالمذهبين.
وعنه: إن أصاب المال مجتمعا، فالخمس، وإن وجده بمؤنة، فربع العشر.
وعن مالك كقولنا، وعنه كتفصيل الشافعي.
لنا: حديث مالك، عن ربيعة، عن غير واحد، ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أقطع بلال
بن الحارث المعادن القبلية، وأخذ منه زكاتها، فالزكاة غير الخمس '.
فإن قيل: هذا مرسل. قلنا: ربيعة لقي الصحابة، والجهل بالصحابي
لا يضر، ثم يرويه الدراوردي، عن ربيعة، عن الحارث بن بلال، عن أبيه ' أن
رسول الله أخذ منه زكاة المعادن القبلية '. ثم قال ربيعة: وهذه المعادن تؤخذ منها
الزكاة إلى اليوم.
ورواه ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه.
347

الفطرة
310 - [مسألة].
تجب على الشخص عن غيره.
وقال داود: عليه فطرته فقط.
أخرج الدارقطني عن ابن عقدة؛ نا القاسم بن عبد الله، نا عمير بن عمار،
نا أبيض بن الأغر، نا الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر: ' أمر رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] بصدقة الفطر عن الصغير والكبير ممن تمونون '.
قلت: إسناده لا يثبت.
311 - [مسألة]:
[ق 81 - أ] / لا يلزمه فطرة عبده الكافر.
وقال أبو حنيفة: يلزمه.
ولنا (خ م) حديث ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرض زكاة الفطر
صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين '.
فذكروا حديث سلام الطويل، عن زيد العمي، عن عكرمة، عن ابن عباس
مرفوعا: ' صدقة الفطر عن كل صغير وكبير، ذكر أو أنثى، يهودي أو نصراني،
حر أو مملوك، نصف صاع من بر، أو صاع من تمر أو من شعير '.
قال الدارقطني: سلام تفرد بإسناده، وهو متروك.
عثمان الوقاصي، عن نافع، عن ابن عمر ' أنه كان يخرج عن كل كافر ومسلم '.
الوقاصي: متهم.
348

312 - [مسألة]:
لا يعتبر ملك النصاب في الفطرة.
وقال أبو حنيفة: يعتبر.
حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ابن ثعلبة بن صعير،
عن أبيه؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أدوا صاعا من قمح - أو قال: بر - عن
الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والمملوك، والغني والفقير؛ أما غنيكم
فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى '.
قال الدارقطني: وجاء من طريق آخر، عن عبد الله بن ثعلبة وهو الصحيح؛
لأن ثعلبة هو الصحابي.
313 - [مسألة]:
وتجب بغروب الشمس ليلة الفطر.
وقال أبو حنيفة: لا تجب حتى يطلع الفجر.
وعن مالك والشافعي كالمذهبين.
لنا: (خ م) حديث ابن عمر ' فرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زكاة الفطر ' وفي
لفظ (خ م): ' أمر بزكاة الفطر ' فعلق [صلى الله عليه وسلم] الوجوب بالفطر، وذلك
بالغروب.
314 - [مسألة].
يجوز إعطاؤها قبل بيومين.
وقال أبو حنيفة: يجوز من قبل رمضان.
وقال الشافعي: تجوز من أوله.
349

أسامة بن زيد (خ م) عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر
بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة '.
قلت: لا دليل فيه، أو هو دليل للجماعة.
(ق) ثنا أحمد بن الأزهر، نا مروان بن محمد، نا أبو يزيد الخولاني، عن
سيار بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' فرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زكاة
الفطر طهرة للصائم؛ فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد
الصلاة، فهي صدقة من الصدقات '.
قلت: ولو صح هذا، فلا ينهض بالدلالة.
315 - [مسألة]:
لا يجزئ أقل من صاع.
وقال أبو حنيفة: نصفه.
لنا (خ م) حديث أبي سعيد: ' كنا نخرج زكاة الفطر، صاعا من طعام،
أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب ' لفظ
(خ).
وفي لفظ: ' فلما جاء معاوية، وجاءت السمراء قال: أرى مدا من هذا يعدل
مدين '.
مبارك بن فضالة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله فرض
على الذكر والأنثى، والحر والعبد صدقة رمضان؛ صاعا من تمر، أو صاعا من
طعام '.
350

سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، نا (عبيد الله)، عن نافع بهذا، ثم غمز
المؤلف مباركا والجمحي.
[ق 81 - ب] / وساق الدارقطني من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد،
عن أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حض على صدقة رمضان؛ على كل إنسان صاع من
تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من قمح '.
سفيان بن حسين أوليس
بقوي.
عبد الوهاب الثقفي، نا هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس: ' أمرنا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن نعطي صدقة رمضان عن الصغير والكبير، والحر والمملوك؛ صاعا
من طعام، من أدى برا قبل منه، من أدى شعيرا قبل منه ومن أدى زبيبا قبل منه،
ومن أدى سلتا قبل منه '.
إسحاق الحنيني، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن
جده: ' فرض رسول الله زكاة الفطر على كل صغير كبير صاعا من تمر، أو صاعا
من طعام، أو صاعا من زبيب '.
كثير متروك.
النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ابن صعير، عن أبيه مرفوعا: ' أدوا
صدقة الفطر: صاعا من بر أو قمح، عن كل رأس صغير أو كبير '.
قال أحمد: النعمان مضطرب الحديث، روى مناكير.
وقال يحيى: أوليس
بشيء.
عمر بن محمد بن صهبان، أنا ابن شهاب، عن مالك بن أوس، عن أبيه
قال: قال رسول الله: ' أخرجوا زكاة الفطر صاعا من طعام '.
عمر تركوه.
351

ولهم: أحمد في ' مسنده ' نا عتاب بن زياد، نا ابن المبارك، أنا ابن
لهيعة، عن أبي الأسود، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء: ' كنا نؤدي زكاة الفطر
على عهد رسول الله مدين من قمح بالمد الذي يقتاتون به '.
ففيه ابن لهيعة.
أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم]: ' في صدقة الفطر نصف صاع من بر، أو صاعا من تمر '.
ففيه الحارث الأعور.
محمد بن شرحبيل الصنعاني، نا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن
نافع، عن ابن عمر ' أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عمرو بن حزم في زكاة الفطر نصف صاع
من حنطة، أو صاعا من تمر '.
سليمان؛ قال (خ): عنده مناكير.
بقية، عن داود بن الزبرقان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' صدقة الفطر صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو مدان من حنطة '.
داود؛ قال أحمد ويحيى: أوليس
بشيء.
شعيب بن أيوب، نا حسين بن علي، عن زائدة، عن عبد العزيز بن أبي رواد،
عن نافع، عن ابن عمر، قال: ' كانوا يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] صاع من شعير، أو صاع من تمر أو زبيب، فلما كان [ق 82 - أ] / عمر، وكثرت الحنطة؛
جعل نصف صاع حنطة مكانا من تلك الأشياء '.
ابن أبي رواد: متكلم فيه.
داود بن شبيب، نا يحيى بن عباد، نا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث صارخا ببطن مكة صاح: إن صدقة الفطر حق واجب؛
مدان من قمح، أو صاع من شعير أو تمر '.
352

قال العقيلي: حديث يحيى يدل على الكذب.
الواقدي، نا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي سلمة،
عن ابن عباس: ' أمر رسول الله بزكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو
مدين من قمح '.
وقد مر حديث سلام الطويل - وهو واه - عن زيد العمي.
يزيد؛ أنا حميد الطويل، عن الحسن قال: ' خطب ابن عباس الناس في آخر
رمضان؛ فقال: يا أهل البصرة، إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرض صدقة رمضان نصف
صاع من بر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر '.
قلت: سكت عنه المؤلف، وفيه إرسال؛ لم يسمع الحسن من ابن عباس،
وبالجملة فهو قوي الإسناد.
سليمان بن أرقم - واه - عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن
ثابت قال: ' خطبنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: من كان عنده [طعام]، فليتصدق
بنصف صاع من بر، أو صاع من شعير، أو صاع من تمر، أو صاع من دقيق، أو
صاع من زبيب، أو صاع من سلت '.
قال ابن معين: سليمان لا يساوي فلسا.
سالم بن نوح، عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] بعث مناديا ينادي في فجاج مكة: ألا إن زكاة الفطر واجبة على كل
مسلم؛ مدان من قمح، أو صاعا مما سواه من الطعام '.
قال ابن معين: سالم أوليس
بشيء.
إبراهيم بن مهدي، ثنا المعتمر، أنبأني علي بن صالح، عن ابن جريج بهذا.
353

وابن مهدي، نا المعتمر، أنبأني علي، عن يحيى بن جرجة، عن الزهري،
عن عبد الله بن ثعلبة أن رسول الله قال: ' إن صدقة الفطر مدان من بر عن كل
إنسان، أو صاع مما سواه من الطعام '.
إبراهيم ضعف، وعلي بن صالح ضعفوه.
الفضل بن المختار؛ حدثني عبيد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك
مرفوعا: ' في صدقة الفطر مدان من قمح، أو صاع من شعير أو تمر أو زبيب '.
الفضل أوليس
بثقة.
فأحاديثهم كلها من ' سنن الدارقطني '.
الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب: ' فرض رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] زكاة الفطر مدين من حنطة '.
مرسل قوي.
316 - [مسألة]:
[ق 82 - ب] / يجوز فيها الدقيق والسويق على أنه أصل لا قيمة، ومنع الشافعي.
لنا ابن عيينة، وابن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لهم في صدقة الفطر صاع من زبيب، صاع من تمر، صاع من أقط،
صاع من دقيق '.
أخرجه الدارقطني، عن ابن السماك، نا أحمد بن العباس بن أشرس، نا
سعيد بن الأزهر، نا ابن عيينة.
قلت: لم يصح هذا.
العباس بن يزيد، نا ابن عيينة، نا ابن عجلان، عن عياض، سمع أبا سعيد
354

يقول: ' ما أخرجنا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا صاعا من دقيق، أو صاعا من تمر،
أو صاعا من سلت، أو صاعا من أقط '.
فقال له ابن المديني: يا أبا محمد، أحد لا يذكر فيه الدقيق؟ قال: بلى، هو فيه.
أخرجهما الدارقطني.
317 - [مسألة].
يجوز الأقط.
وعن الشافعي قولان.
318 - [مسألة].
الصاع خمسة أرطال وثلث.
وقال أبو حنيفة: ثمانية.
لنا حديث (خ) كعب بن عجرة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رآه والقمل يسقط
على وجهه، قال: أتؤذيك هوامك؟ قال: نعم، فأمره أن يحلق؛ فأنزل الله الفدية،
فأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يطعم فرقا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة '.
وفي لفظ: ' أو أطعم ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع '.
متفق عليهما.
قال ثعلب: الفرق اثنا عشر مدا.
وقال ابن قتيبة: الفرق ستة عشر رطلا، والصاع ثلث الفرق.
ومن الدارقطني، نا ابن مخلد، نا أحمد بن محمد، نا عمران بن موسى
355

الطائي، نا إسماعيل بن سعيد الخراساني، نا إسحاق بن سليمان الرازي، قال:
' قلت لمالك: كم صاع النبي [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: خمسة أرطال وثلث بالعراقي؛ أنا
حزرته، قلت: يا أبا عبد الله، خالفت شيخ القوم، قال: من هو؟ قلت: أبو حنيفة
يقول: ثمانية أرطال، فغضب غضبا شديدا، وقال لبعض جلسائه: هات صاع
جدك، ويا فلان هات صاع جدك، ويا فلان هات صاع جدك، فاجتمع آصع،
فقال مالك: ما تحفظون في هذا؟ فقال هذا: حدثني أبي عن أبيه، أنه كان يؤدي
بهذا الصاع إلى رسول الله. وقال الآخر كذلك، وقال الآخر: حدثني أبي، عن
أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله، وقال الآخر: حدثني أبي، عن أمه
أنها أدت بهذا الصاع إلى رسول الله، فقال مالك: أنا حزرت هذه، فوجدتها
خمسة أرطال وثلث. قلت: يا أبا عبد الله، إنه يدعي أن الفطرة نصف صاع... '
[ق 83 - أ] / الحكاية.
فاحتجوا بحديث موسى بن نصر الحنفي، نا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل
ابن أبي خالد، عن جرير بن يزيد، عن أنس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يتوضأ برطلين،
ويغتسل بالصاع؛ ثمانية أرطال '.
فجرير؛ قال أبو زرعة: منكر الحديث.
وعن صالح بن موسى الطلحي، نا منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن
عائشة قالت: ' جرت السنة من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الغسل من الجنابة صاع،
والوضوء رطلين، والصاع ثمانية أرطال '.
صالح؛ قال النسائي: متروك.
وقد قال أصحابنا: صاع الوضوء غير صاع الزكاة.
قال ابن قتيبة: لما سمع العراقيون أنه كان يغتسل بالصاع، وسمعوا في
حديث آخر أنه كان يغتسل بثمانية أرطال؛ توهموا أن الصاع ثمانية، ولا اختلاف
بين الحجازيين أنه خمسة أرطال وثلث.
356

قبض الصدقات وقسمتها
319 - [مسألة]:
إذا امتنع الرجل من أداء الزكاة، أخذت من ماله.
وقال أبو حنيفة: يجبر على الدفع.
قال أحمد في ' مسنده ': نا يحيى بن سعيد، نا بهز، حدثني أبي، عن
جدي، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' في كل إبل سائمة؛ في الأربعين ابنة
لبون، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله؛ عزمة من
عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء '.
قلت: هذا الحديث مما أنكر على بهز.
320 - [مسألة]:
من امتنع من أدائها، [استتيب] ثلاثا، فإن تاب وإلا قتل والجمهور:
لا يقتل.
(خ م) شعبة، عن واقد بن محمد، سمعت أبي يحدث، عن ابن عمر،
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله '.
321 - [مسألة]:
ويجوز تعجيل الزكاة قبل الحول، خلافا لمالك.
357

إسماعيل بن زكريا، عن حجاج بن دينار، عن الحكم، عن حجية بن عدي،
عن علي ' أن العباس سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في
ذلك '.
إسرائيل، عن حجاج بن دينار، عن الحكم، عن [ق 83 - ب] / حجر العدوي، عن علي
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لعمر: ' إنا قد أخذنا من العباس زكاة عام أول '.
حجية، قال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه.
322 - [مسألة]:
إن عجل زكاة عامين، جاز.
وعنه: لا يجوز، وهو قول زفر.
وعن الشافعية كالروايتين.
لنا حديثان، لم يصحا:
الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن موسى بن طلحة، عن طلحة أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' إنا كنا احتجنا إلى مال، فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين '.
محمد بن عبيد الله العرزمي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس:
' بعث رسول الله عمر ساعيا، فأتى العباس يطلب صدقته، فأغلظ له، فخرج إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم] فأخبره، فقال: إن العباس قد سلفنا زكاة العام والعام المقبل '.
الحسن والعرزمي: متروكان.
323 - [مسألة]:
يجوز صرفها إلى صنف واحد، خلافا للشافعي.
لنا حديث معاذ: ' أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة؛ تؤخذ من
أغنيائهم، وترد في فقرائهم '.
324 - [مسألة]:
لا يجوز نقلها إلى بلاد مسافة القصر.
358

وعنه: يجوز - كقول أبي حنيفة، ومالك.
وعن الشافعي قولان:
لنا عموم قوله: ' وترد في فقرائهم '.
325 - [مسألة]:
يجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة.
(خ م) الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة
عبد الله؛ أنها قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' تصدقن، ولو من حليكن. قالت:
وكان عبد الله خفيف ذات اليد، فقالت له: أيسعني أن أضع صدقتي فيك، وفي
بني أخ لي يتامى؟ ثم أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فإذا على بابه امرأة من الأنصار يقال
لها: زينب تسأل عما أسأل عنه، فخرج إلينا بلال، فقلنا: انطلق إلى رسول الله،
فاسأله ولا تخبره من نحن، فانطلق إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: من هما؟ فقال:
زينب امرأة عبد الله، وزينب الأنصارية، فقال: نعم؛ لهما أجر القرابة، وأجر
الصدقة '.
وفي لفظ: ' أيجزئ عني '.
326 - [مسألة]:
لا يجوز دفعها إلى مولى لبني هاشم، خلافا لأكثرهم.
(ت) الحكم، عن ابن أبي رافع ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بعث رجلا من بني
مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: ألا تصحبني نصب منها؟ قلت: حتى أذكر
359

ذلك لرسول الله، فذكرت ذلك له فقال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وإن
مولى القوم من أنفسهم ' صححه الترمذي.
327 - [مسألة]:
المانع من أخذها الكفاية [ق 84 - أ] / الدائمة.
وهو قول الشافعي.
وعن أحمد اعتبار الكفاية، أو أن يملك خمسين درهما، أو قيمتها من
الذهب، وقال أبو حنيفة: إذا ملك نصابا لم تحل له.
لنا (م) أيوب السختياني، عن هارون بن رياب، عن كنانة بن نعيم، عن
قبيصة بن المخارق، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة:
رجل تحمل حمالة قوم، فيسأل فيها حتى يؤديها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة
اجتاحت ماله، فيسأل فيها حتى يصيب قواما من عيش - أو سدادا من عيش - ثم
يمسك، ورجل أصابته فاقة فيسأل حتى يصيب قواما من عيش - أو سدادا من عيش
- ثم يمسك '.
أحمد في ' مسنده ': نا عبد الرحمن، نا سفيان، عن مصعب بن
محمد، عن يعلى بن أبي يحيى، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' للسائل حق وإن جاء على فرس '.
ووجه الأخرى: الثوري، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن
ابن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من سأل وله ما
يغنيه، جاءت يوم القيامة خدوشا أو كدوحا في وجهه. قالوا: يا رسول الله، وما
غناه؟ قال: خمسون درهما، أو حسابها من الذهب '.
حكيم ضعفوه؛ حتى قال السعدي: كذاب.
360

وقال أحمد: ضعيف، مضطرب الحديث.
(ت) نا محمود بن غيلان، نا يحيى بن آدم، نا سفيان، عن حكيم
بهذا، قال: فقال له عبيد الله بن عثمان صاحب شعبة: لو غير حكيم حدث بهذا،
قال: وما لحكيم لا يحدث عنه شعبة؟ قال: نعم. قال سفيان: وسمعت زبيدا
حدث به عن محمد بن عبد الرحمن
ويروى من وجه آخر عن ابن مسعود، ولم يصح، وفيه كراهية المسألة حسب.
328 - [مسألة]:
لا تجوز لمن يتكسب الزكاة.
وقال مالك وأبو حنيفة: تجوز.
أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي هريرة،
قال رسول الله: ' لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي '.
علي بن ثابت، عن الوازع بن نافع، عن أبي سلمة، عن جابر قال: ' جاءت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صدقة، فركبه الناس، فقال: إنها [ق 84 - ب] / لا تصلح لغني، ولا لصحيح
سوي، ولا لعامل قوي '.
(ت) الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله
ابن عمرو، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي '.
ريحان يجهل، لكن وثقه ابن معين.
(ت) مجالد، عن الشعبي، عن حبشي بن جنادة، سمع النبي [صلى الله عليه وسلم]
يقول: ' إن المسألة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، إلا لذي فقر مدقع، وغرم
مقطع '.
مجالد لين.
361

هشام بن عروة، نا أبي؛ أن عبيد الله بن عدي حدثه؛ أن رجلين أخبراه أنهما
أتيا النبي [صلى الله عليه وسلم] يسألانه عن الصدقة، فقلب فيهما البصر، فرآهما جلدين فقال: ' إن
شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب '.
قلت: إسناده صحيح.
329 - [مسألة]:
حكم المؤلفة باق، خلافا لأبي حنيفة والشافعي.
قال الزهري: لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة.
واحتجوا بقوله: ' تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم '.
فهذا محمول على أنه قاله في وقت لم يكن محتاجا فيه إلى التألف.
330 - [مسألة]:
ويعطى الغازي الغني.
وقال أبو حنيفة: لا.
معمر والثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد
مرفوعا: ' لا تحل المسألة إلا لخمسة: العامل عليها، والغازي في سبيل الله،
والغارم، ومن اشتراها بماله، أو مسكين تصدق عليه فأهدى لغني '.
رواته ثقات، أخرجه [د] فقال: ' الصدقة ' بدل ' المسألة '.
331 - [مسألة]:
ويجوز دفعها لمن يحج؛ لأنه من السبيل.
وعنه: لا - كالأكثر.
362

أبو عوانة، نا إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث،
قال: ' أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قالت: قلت: يا رسول الله،
إن علي حجة، وإن لأبي معقل بكرا، فقال: صدقت جعلته في سبيل الله، قال:
أعطها، فلتحج عليه؛ فإنه من سبيل الله '.
(د) ابن إسحاق، عن عيسى بن معقل، حدثني يوسف بن سلام، عن
جدته أم معقل قالت: ' لما حج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجة الوداع، وكان (لي)
جمل، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: فهلا خرجت عليه؛ فإن الحج في
سبيل الله '.
332 - [مسألة]:
من عليه زكاة لم تسقط بالموت.
وقال أبو حنيفة ومالك: تسقط، ولا يلزم الورثة إخراجها.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' دين الله أحق بالقضاء '.
363

الصوم
333 - [مسألة]:
[ق 85 - أ] / لا يجوز صوم رمضان بنية من النهار.
وقال أبو حنيفة: يجوز.
لنا عبد الله بن عباد، نا مفضل بن فضالة، نا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن
سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من لم يبيت الصيام قبل
طلوع الفجر، فلا صيام له '.
أخرجه الدارقطني، وقال: كلهم ثقات.
ابن وهب، نا يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب،
عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من لم يجمع الصيام قبل
الفجر، فلا صيام له '.
رواه جماعة عن ابن شهاب موقوفا، وعبد الله ثقة.
الواقدي، نا محمد بن هلال، عن أبيه؛ سمع ميمونة بنت سعد تقول:
سمعت رسول الله يقول: ' من أجمع الصوم من الليل، فليصم، ومن أصبح ولم
يجمعه، فلا يصم '.
أخرجهما الدارقطني.
فاحتجوا بأن أعرابيا شهد عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] برؤية الهلال، فأمر مناديا أن
ينادي: ' من أكل فليمسك، ومن لم يأكل، فليصم '.
364

وهذا لا يعرف؛ إنما المعروف أنه شهد عنده فأمر أن ينادي في الناس أن
يصوموا غدا.
(خ م) سلمة بن الأكوع قال: ' أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] رجلا من أسلم أن أذن في
الناس: أن من كان أكل، فليصم بقية يومه، ولمن لم يكن أكل، فليصم؛ فإن اليوم
يوم عاشوراء '.
قلنا: عاشوراء لم يكن واجبا، فله حكم النافلة؛ بدليل:
حديث (خ م) معمر، عن الزهري، حدثني حميد بن عبد الرحمن؛
سمع معاوية يخطب بالمدينة يقول: ' يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: هذا يوم عاشوراء، ولم يفرض علينا صيامه؛ فمن شاء منكم
أن يصوم فليصم؛ فإني صائم. فصام الناس '.
قال الذهبي: هذا سمعه معاوية سنة تسع أو عشر، بعد أن نسخ صوم
عاشوراء، فلا يدل على أنه ما فرض أبدا.
334 - [مسألة]:
يصح صوم التطوع بنية من النهار.
وقال مالك، وداود: لا يصح.
(د) وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة:
' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا. قال: إني
صائم. فدخل يوما، فقلت: يا رسول الله، أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال:
أدنيه. فأصبح صائما وأفطر '.
365

335 - [مسألة]:
إذا حال دون منظره غيم، أو قتر ليلة ثلاثين من شعبان، فعن أحمد ثلاث
روايات:
يجب صوم ثلاثين بنية من رمضان.
وهذا مذهب [ق 85 - ب] عمر، وعلي، وابن عمر، ومعاوية، وعمرو بن العاص،
وأنس، وأبي هريرة، وعائشة، وأسماء، وطاوس، ومجاهد، وسالم، وبكر بن عبد
الله، ومطرف، وميمون بن مهران. فعلى هذا لا يجوز أن يسمى يوم شك، بل هو
من رمضان، من طريق الحكم.
وهو ظاهر ما نقله مهنا، وبه قال الخلال وأكثر أصحابنا.
[والثاني] بل هو يوم شك. نقله المروذي، عن أحمد؛ فعلى هذا يرجح
جانب التعبد وإن كان شكا.
فإذا قيل: فما يوم الشك؟ قلنا: قال أحمد: يوم الشك؛ أن يتقاعد الناس
عن طلب الهلال، أو يشهد برؤيته من لا يقبل.
الرواية الثانية؛ لا يجوز صيامه من رمضان، ولا نفلا، بل يجوز قضاء
وكفارة ونذرا، ونفلا يوافق عادة.
وهذا قول الشافعي.
الثالثة؛ أن المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر.
وبه يقول الحسن وابن سيرين.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز صومه بأنه من رمضان، ويجوز صومه في
سوى ذلك.
366

(خ م) ابن عمر، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إن الشهر تسع وعشرون، فلا
تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غم عليكم فاقدروا له '.
قال نافع: كان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون، يبعث من
ينظر؛ فإن رأى فذاك، وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحاب، ولا قتر، أصبح مفطرا، وإن حال دون منظره سحاب، أو قتر، أصبح صائما.
فالصحابي أعرف بمراد الرسول - [صلى الله عليه وسلم].
وقوله: ' اقدروا له ' أي: ضيقوا له عددا يطلع في مثله؛ وذلك يكون لتسع
وعشرين؛ قال تعالى: * (ومن قدر عليه رزقه) *.
الثوري، عن عبد العزيز بن حكيم، سمعت ابن عمر يقول: لو صمت السنة
كلها، لأفطرت اليوم الذي يشك فيه.
ضعف أبو حاتم عبد العزيز.
قلت: بل قال: [أوليس
بقوي، يكتب حديثه. وقال يحيى بن معين: ثقة].
(خ) محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة؛ قال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' صوموا
لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين '.
هكذا في البخاري.
وقال الإسماعيلي في ' مستخرجه ': نا الحسن بن علوية، نا بندار، نا غندر،
نا شعبة، عن محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تصوموا حتى [ق 86 - أ] / تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غم عليكم، فعدوا
ثلاثين '.
367

قال الإسماعيلي: قد رواه (خ) عن آدم، عن شعبة فقال فيه: ' فأكملوا
عدة شعبان ثلاثين ' ثم قال: وقد رويناه عن غندر، وابن مهدي، وابن علية، وعيسى
ابن يونس، وشبابة، وعاصم بن علي، والنضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وابن
داود، وآدم؛ كلهم عن شعبة، لم يذكر أحد منهم: ' فأكملوا عدة شعبان '.
قال: وهذا يجوز أن يكون من آدم؛ رواه على التفسير من عنده، وإلا فليس
لانفراد البخاري عنه بهذا من بين من روى عنه وجه.
ورواه المقرئ، عن ورقاء، عن شعبة، على ما ذكرناه أيضا.
قال ابن الجوزي: فعلى هذا يكون المعنى: فإن غم عليكم رمضان، فعدوا
ثلاثين. وعلى هذا لا يبقى لهم حجة في الحديث.
وقيل: معناه إذا غم هلال رمضان، وهلال شوال، فإنا نحتاج إلى إكمال
شعبان ثلاثين احتياطا للصوم، وإن كلنا قد صمنا يوم الثلاثين من شعبان، فليس
بقطع منا على أنه رمضان، إنما صمناه حكما.
(م) معاذ، نا شعبة، عن محمد، سمعت أبا هريرة، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم عليكم الشهر، فعدوا ثلاثين '.
يريد: فعدوا ثلاثين وأفطروا.
والكناية تعود إلى أقرب مذكور، وهي: ' وأفطروا لرؤيته ' ثم إن ذلك جاء
مبينا.
أحمد في ' مسنده '؛ نا عبد الأعلى (م) عن معمر، عن الزهري، عن
أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا رأيتم الهلال،
فصوموا، وإذا رأيتموه، فأفطروا فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما '.
368

الدارقطني: نا محمد بن موسى بن سهل، نا يوسف بن موسى، نا جرير،
عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تقدموا الشهر
حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة قبله ثم صوموا، ثم صوموا حتى تروا الهلال، أو
تكملوا العدة '.
رواه غيره عن منصور؛ فقال: عن ربعي، عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]
مرفوعا.
ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، عن عائشة:
' كان رسول الله يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم رمضان
لرؤيته، فإن غم عليه، عد ثلاثين، ثم صام '.
قال الدارقطني: هذا إسناد صحيح. فهذه عصبية منه، كان يحيى بن سعيد
لا يرضى [ق 86 - ب] / معاوية.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
قلت: وهذه منك عصبية؛ فإن معاوية احتج به مسلم.
محمد بن زنبور، نا إسماعيل بن جعفر، نا محمد بن عمرو، عن أبي
سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته،
فإن غم عليكم، فعدوا ثلاثين، ثم أفطروا '.
رواه أبو بكر بن عياش وغيره، عن محمد، قال الدارقطني: وإسناده صحيح.
(ت) أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن
صلة بن زفر ' كنا عند عمار، فأتى بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم؛
فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا
القاسم [صلى الله عليه وسلم] '.
صححه (ت).
369

وللدارقطني
من طريق الواقدي، نا داود بن خالد، ومحمد بن مسلم، عن
المقبري، عن أبي هريرة: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن صوم ستة أيام: اليوم الذي
يشك فيه من رمضان، ويومي العيد، وأيام التشريق '.
يعلى بن الأشدق، عن عبد الله بن جراد، قال: ' أصبحنا يوم الثلاثين
صياما، وقد أغمي، فأتينا النبي [صلى الله عليه وسلم]، فأصبناه مفطرا، وقال: أفطروا... '.
الحديث.
قال الخطيب: ففي هذا كفاية.
قال ابن الجوزي - وصدق -: لا تكون عصبية أبلغ من هذا؛ فليته روى
الحديث وسكت، وما مدح؛ فنسخة يعلى موضوعة - نعوذ بالله من الخذلان.
336 - [مسألة]:
صوم يوم الشك مكروه.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يكره.
337 - [مسألة]:
صوم رمضان يجب بشاهد.
وقال مالك وداود: لا يجب.
وعن الشافعي كالمذهبين.
وقال أبو حنيفة: إن كان في السماء علة قبل، وإلا فلا بد من عدد.
لنا حديث (ت) الوليد بن أبي ثور، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن
عباس: ' جاء أعرابي إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن
لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: يا بلال، أذن في الناس أن
يصوموا غدا '.
370

فإن قيل: رواه إسرائيل وحماد بن سلمة، فأرسلاه. قلنا: اتفق الوليد وزائدة
وحازم بن إبراهيم على رفعه.
واختلف أصحاب ابن عيينة [ق 87 - أ] / عليه.
مروان بن محمد الدمشقي، نا ابن وهب، نا يحيى بن عبد الله بن سالم،
عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: ' تراءى الناس الهلال، فأخبرت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام '.
قال الدارقطني: تفرد به مروان؛ وهو ثقة.
حفص بن عمر الأيلي - واه - نا مسعر، وأبو عوانة، عن عبد الملك بن ميسرة،
عن طاوس، قال: ' شهدت المدينة وبها ابن عمر، وابن عباس، فجاء رجل إلى واليها،
فشهد عنده على رؤية الهلال لرمضان، فسأل ابن عمر، وابن عباس عن شهادته، فأمراه
أن يجيزها، وقالا: إن رسول الله أجاز شهادة واحد على رؤية هلال رمضان '.
أحمد في ' مسنده ' نا يزيد، نا ورقاء، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ' كنت مع البراء وعمر في البقيع؛ ننظر إلى الهلال،
فأقبل راكب، فتلقاه عمر فقال: من أين جئت؟ قال: من المغرب. قال: أهللت؟
قال: نعم. فقال عمر: الله أكبر، إنما يكفي المسلمين الرجل '.
فاحتجوا بسعدويه، نا عباد بن العوام، نا أبو مالك [الأشجعي]، نا
حسين بن الحارث الجدلي ' أن أمير مكة خطبنا فقال: عهد إلينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن
ننسك، فإن لم نره، وشهد شاهدان نسكنا بشهادتهما، فسألته: من أمير مكة؟
قال: لا أدري، ثم لقيني بعد فقال: هو الحارث بن حاطب '.
قال الدارقطني: إسناده متصل صحيح.
371

يزيد بن هارون، أنا حجاج بن أرطاة، عن الحسين بن الحارث؛ سمعت
عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب يقول: ' إنا صحبنا أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وتعلقنا
منهم، وإنهم حدثونا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛
فإن غم عليكم، فعدوا ثلاثين، فإن شهد ذوا عدل، فصوموا وأفطروا وأنسكوا '.
قلنا: إنما نقول بنطق الخبر لا يقتضي أن يصوموا بشهادة [ق 87 - ب] / ذوي عدل،
ودليله بنفي ذلك، ونص خبرنا يعارض هذا، والنص لا يسقط إلا بناسخ، والدليل
يسقط من غير نسخ، فصار كالقياس المعارض للنص.
338 - [مسألة]:
إذا رآه أهل بلد، لزم الأمة الصوم.
وقال الشافعي: لا يلزم إلا ما قاربه.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' فإن شهد ذوا عدل، فصوموا '.
وحجته (ت) إسماعيل بن جعفر، نا محمد بن أبي حرملة، أخبرني
كريب ' أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت،
فقضيت حاجتها، فاستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة
الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال،
فقال: متى رأيتموه؟ قلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ فقلت: رآه
الناس وصاموا، وصام معاوية، فقال: لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى
نكمل ثلاثين يوما أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا،
هكذا أمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
صححه (ت).
339 - [مسألة]:
والكفارة على من طاوعت على الوطء في رمضان.
372

وعنه: لا.
وعن الشافعي كالروايتين.
(خ م) لحديث أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر رجلا أفطر في رمضان أن
يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا '.
وجه الاحتجاج أنه علق التكفير بالإفطار.
(خ م) ابن عيينة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة:
' جاء رجل فقال: يا رسول الله، هلكت ' وفيه: ' قال: أتجد رقبة؟ قال: لا.
قال: أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: تستطيع أن تطعم ستين
مسكينا؟ قال: لا، قال: اجلس. فأتي نبي الله بعرق تمر - وهو المكتل الضخم -
فقال: تصدق بهذا. فقال: أعلى أفقر منا!! فضحك، وقال: أطعمه أهلك '.
فلم يأمر المرأة بشيء.
وجواب هذا من عشرة أوجه:
أحدها: أنه استدلال بالعدم.
[ق 88 - أ] / الثاني: يحتمل أن يكون قد ذكر حكمها، ولم ينقل.
الثالث: إنما يجب البيان للسائل عن الحكم اللازم له، وهي فلم تأته، ولا
سأله الزوج عن حكمها، فلا يجب البيان.
فإن قيل: قد بين ما لم يسأل عنه في حديث العسيف (خ) بقوله: ' واغد
يا أنيس على امرأة هذا؛ فإن اعترفت فارجمها '.
قلنا: هذا تبرع منه، ثم إن في حديث (العسيف) ما يوجب حدا،
والحدود حق لله يلزم الإمام إقامتها، بخلاف الكفارة.
373

الرابع: أن حكمهما في الكفارة واحد لا يختلف، بخلاف قصة العسيف؛
فإنها كانت محصنة والعسيف بكر، فحدهما مختلف للخلاف.
الخامس: سكوته لا يدل على سقوط الوجوب، كما سكت عن غسلها
وعن قضاء اليوم.
السادس: يجوز أن يكون سكوته لعارض أو لشغل.
السابع: يحتمل أن يكون قد علم أنها لا يلزمها كفارة لمرض أو حيض أو
جنون، أو كانت ذمية، أو دون البلوغ.
الثامن: أنه [صلى الله عليه وسلم] قبل إقراره على نفسه، ولم يقبل قوله عليها، كما في
قصة ماعز.
التاسع: أنه أمره بالعتق، فذكر فقره وفقرها، فلم يكن في ذكر كفارتها
فائدة، لفقرها.
العاشر: أنه في بعض الألفاظ: هلكت وأهلكت. ففيه بينة على أنه أكرهها،
والمكرهة لا كفارة عليها.
قال الدارقطني: نا عثمان بن السماك، ثنا عبيد بن محمد، نا أبو ثور، نا
معلى بن منصور، نا ابن عيينة، عن الزهري، أخبره حميد؛ سمع أبا هريرة يقول:
' أتى رجل النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: هلكت وأهلكت... ' الحديث.
محمد بن عزيز، حدثني سلامة، عن عقيل، عن الزهري بهذا؛ وفيه:
' هلكت وأهلكت '.
340 - [مسألة]:
كفارة الجماع على الترتيب.
374

وعنه: على التخيير - كقول مالك.
لنا قوله: ' أعتق. قال: لا أجد. قال: فصم... '.
341 - مسألة:
المتفرد برؤية الهلال؛ إذا رده الحاكم، لزمه الصوم، فإن أفطر بجماع،
كفر.
وقال أبو حنيفة: لا كفارة.
وحجتهم: الواقدي - الواهي - نا داود بن خالد وثابت بن قيس ومحمد بن
مسلم، جميعا عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] [ق 88 - ب] / قال: ' صومكم يوم
تصومون، وفطركم يوم تفطرون '.
ورواه الترمذي من طريق آخر غريب، ثم هو محمول على من لم يره.
342 - مسألة:
لا تجب الكفارة بالأكل والشرب.
وقال مالك وأبو حنيفة: تجب.
وحجتهم الحديث المذكور ' أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] أن يعتق رقبة '.
الواقدي، نا أبو بكر بن إسماعيل، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبيه
قال: ' جاء رجل فقال: يا رسول الله، أفطرت يوما في رمضان متعمدا؟! قال:
أعتق... ' الحديث.
يحيى الحماني، نا هشيم، عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد، عن أبي هريرة
وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار '.
375

أبو معشر، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة ' أن رجلا أكل في
رمضان، فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين
مسكينا.
قلنا: الحديث الأول هو حديث الأعرابي؛ وإنما فطره بجماع.
كذا رواه يحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك، وعبد الله بن أبي بكر،
وفليح وجماعة عن الزهري بلفظ: ' أن رجلا أفطر '.
وخالفهم عراك بن مالك وعبيد الله بن عمر، وإسماعيل بن أبي أمية ومحمد
ابن أبي عتيق، وموسى بن عقبة ومعمر، ويونس وعقيل، وعبد الرحمن بن خالد
والأوزاعي، وشعيب ومنصور بن المعتمر، وابن عيينة وإبراهيم بن سعد، والليث
وابن إسحاق، والنعمان بن راشد وحجاج بن أرطاة، وصالح بن أبي الأخضر
ومحمد بن أبي حفصة، وعبد الجبار بن عمر وإسحاق بن يحيى، وهناد بن عقيل
وثابت بن ثوبان، وقرة بن عبد الرحمن وزمعة بن صالح، وبحر بن كنيز والوليد بن
محمد، وشعيب بن خالد ونوح بن أبي مريم، عن الزهري؛ بأن [إفطار ذلك]
الرجل كان بجماع.
وأما يحيى الحماني؛ فكذبه أحمد.
وأبو معشر، قال ابن معين: ليس بشيء.
343 - مسألة:
من أكل ناسيا لم يبطل صومه، خلافا لمالك.
لنا (خ م) هشام [ق 89 - أ] / عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا: ' من نسي
وهو صائم؛ فأكل وشرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه '.
376

الدارقطني، وصححه: نا عبيد الله بن عبد الصمد، نا أحمد بن خليد
الكندي، ثنا محمد بن الطباع، نا ابن علية، عن هشام بهذا ولفظه: ' فإنما هو
رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه '.
الدارقطني؛ ثنا محمد بن محمود السراج، ثنا محمد بن مرزوق
البصري، ثنا الأنصاري، نا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' من أفطر في رمضان ناسيا، فلا قضاء عليه ولا كفارة '.
ثم قال: تفرد به ابن مرزوق؛ وهو ثقة.
أحمد، ثنا عبد الصمد، نا بشار بن عبد الملك، حدثتني أم حكيم بنت
دينار، عن مولاتها أم إسحاق ' أنها كانت عند رسول الله، فأتي بقصعة من ثريد،
فأكلت معه، ومعه ذو اليدين، فناولها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عرقا، فقال: يا أم إسحاق،
أصيبي من هذا. قالت: فذكرت أني صائمة، فترددت يدي؛ لا أقدمها
ولا أؤخرها، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ما لك؟. قلت: كنت صائمة؛ فنسيت. فقال ذو
اليدين: الآن بعد ما شبعت؟! فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه
الله إليك '.
344 - مسألة:
القبلة للصائم جائزة؛ مع عدم إثارة الشهوة.
وعنه: تكره - كمالك.
لنا (خ م) الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقبل وهو صائم '.
377

(خ م) يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن زينب بنت أم سلمة،
عن أمها أنها قالت: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقبلها وهو صائم '.
بكير بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري، عن جابر، عن عمر
قال: ' هششت يوما، فقبلت وأنا صائم، فأتيت النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقلت: صنعت اليوم
أمرا عظيما؛ فقبلت وأنا صائم، فقال: أرأيت لو تمضمضت وأنت صائم؟. قلت:
لا بأس بذلك. قال: ففيم؟ '.
أبو الأحوص، عن زياد بن علاقة، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة: ' كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقبل في شهر رمضان '.
صححه الدارقطني.
فذكروا حديث إسرائيل، عن زيد بن جبير، عن أبي يزيد الضبي، عن
ميمونة بنت سعد قالت: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 89 - ب] / عن رجل قبل امرأته وهما
صائمان، قال: قد أفطرا '.
أخرجه أحمد.
وقال الدارقطني: لا يثبت، والضبي غير معروف.
345 - مسألة:
السواك بعد الزوال مشروع للصائم.
وبه يقول أبو حنيفة ومالك.
وعنه: يكره - كالشافعي.
378

(ت) الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة،
عن أبيه قال: ' رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] ما لا أحصي يتسوك وهو صائم '.
فذكروا ما رواه الخطيب في ' تاريخه ': أبنا الصيمري، نا أبو بشر أحمد
ابن محمد الهروي، ثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلي [حدثنا محمد بن
عبدة الموصلي] إبراهيم بن سعيد الجوهري، نا عبد الصمد بن النعمان، ثنا
كيسان أبو عمر [القصار]، عن يزيد بن بلال، عن خباب، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي؛ فإنه أوليس
من صائم
تتيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة '.
قال ابن معين: كيسان ضعيف.
وقال ابن حبان: يزيد لا يحتج به.
قلت: ما أراه إلا باطلا.
إبراهيم بن بيطار الخوارزمي، عن عاصم الأحول: ' سألت أنسا: أيستاك
الصائم؟ قال: نعم. قلت: برطب السواك ويابسه؟ قال: نعم. قلت: في أول
النهار وآخره؟ قال: نعم. قلت له: عن من؟ قال: عن النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
قال ابن حبان: هذا لا أصل له، وإبراهيم واه.
346 - مسألة:
ويغتسل الصائم. وكرهه أبو حنيفة.
(د) مالك، عن سمي، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض الصحابة
379

قال: ' رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش، أو من
الحر '.
347 - مسألة:
إذا اكتحل بما يصل إلى جوفه أفطر.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا.
(د) عن معبد بن هوذة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إنا أمرنا بالإثمد المروح عند
النوم ' وقال: ' ليتقه الصائم '.
قال (د): قال لي ابن معين ': هذا حديث منكر، وعبد الرحمن بن
النعمان: ضعيف.
وقال أبو حاتم: صدوق.
الحسن بن عطية، عن أبي عاتكة، عن أنس، قال: ' جاء رجل إلى النبي
[صلى الله عليه وسلم] فقال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم '.
إسناده واه جدا.
348 - مسألة:
الحجامة تفطر، خلافا للأكثر؛ لقوله [صلى الله عليه وسلم]: ' أفطر الحاجم
والمحجوم '.
رواه بضعة عشر صحابيا، وأخذ به علي وابن عمر، وأبو موسى وأبو هريرة
وعائشة، إلا أن أكثرها ضعاف.
أصحها: معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ [ق 90 - أ] /
380

عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج (عن النبي [صلى الله عليه وسلم]) قال: أفطر الحاجم
والمحجوم '.
قال أحمد: هذا أصح شيء في الباب.
خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس ' أنه
[مر] مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زمن الفتح على رجل يحتجم بالبقيع؛ لثماني عشرة
خلت من رمضان، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم ' قال أحمد: نا إسماعيل، عن
خالد.
قلت: قوله: بالبقيع خطأ فاحش؛ فإن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يوم التاريخ المذكور
في مكة، اللهم إلا أن يريد بالبقيع السوق. وإسناده قوي.
قال أحمد: نا إسماعيل، نا هشام الدستوائي، عن يحيى، عن أبي قلابة،
عن أبي أسماء، عن ثوبان ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أتى على رجل يحتجم في رمضان؛
فقال: أفطر الحاجم والمحجوم '.
أحمد، نا أبو الجواب، نا عمار بن رزيق، عن عطاء بن السائب، حدثني
الحسن، عن معقل بن سنان الأشجعي؛ أنه قال: ' مر علي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا
أحتجم في ثماني عشرة ليلة خلت من رمضان؛ فقال: أفطر الحاجم والمحجوم '.
أحمد، نا يحيى بن سعيد، عن أشعث، عن الحسن، عن أسامة بن
زيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أفطر الحاجم والمستحجم '.
381

أحمد، نا يزيد، أنا أبو العلاء، عن قتادة، عن شهر، عن بلال؛ قال
رسول الله: ' أفطر الحاجم والمحجوم '.
أحمد نا علي بن عبد الله، نا عبد الوهاب الثقفي، نا يونس، عن
الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا مثله.
أحمد، نا أبو النضر، نا شيبان، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة مرفوعا
مثله.
الثمانية من ' المسند '.
قال ابن المديني والبخاري: أصح ما في الباب حديث شداد وثوبان.
ولهم: عبد الوارث، نا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' احتجم
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو محرم صائم '.
صححه (ت).
الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس ' أن رسول الله احتجم بالباحة وهو
صائم '.
خالد بن مخلد، عن عبد الله بن المثنى، عن ثابت، عن أنس قال: ' أول ما
كرهت الحجامة للصائم، أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: أفطر هذان. ثم رخص بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس
يحتجم وهو صائم '.
382

قال الدارقطني: كلهم ثقات، ولا أعلم له [ق 90 - ب] / علة.
قال المؤلف: قال أحمد: خالد له أحاديث مناكير.
قلت: وعبد الله بن المثنى ضعفه أبو داود، مع أن الرجلين احتج بهما
البخاري.
شعيب بن حرب، نا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار،
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ثلاثة لا يفطرن الصائم: القيء،
والحجامة، والاحتلام '.
ورواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه [عن] هشام.
قال النسائي: ضعيف.
قلت: روى له مسلم.
349 - مسألة:
الفطر في السفر أفضل، خلافا لأكثرهم.
شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عمرو بن الحسن؛ أنه
سمع جابرا يقول: ' بينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفر، فرأى زحاما ورجلا قد ظلل
عليه، فسأل عنه، فقيل: صائم، فقال: أوليس
من البر أن تصوموا في السفر '
أخرجاه.
الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن أم الدرداء، عن كعب بن عاصم؛ أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليس من البر الصيام في السفر '.
ابن إسحاق، حدثني بشير بن يسار، عن ابن عباس قال: ' خرج رسول الله
383

عام الفتح في رمضان، فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكديد دعا بماء
في قعب وهو على راحلته، فشرب والناس ينظرون؛ يعلمهم أنه قد أفطر، فأفطر
المسلمون '.
الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: ' صام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم الفتح حتى
أتى قديدا، فأتى بقدح من لبن، فأفطر وأمر الناس أن يفطروا '.
الليث، نا يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن منصور (الكلبي)،
عن دحية بن خليفة ' أنه خرج من قريته في رمضان، فأفطر وأفطر معه ناس، وكره
آخرون أن يفطروا، فلما رجع قال: والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أن أراه؛
إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه، يقول ذلك للذين صاموا، ثم
قال عند ذلك: اللهم ابضني إليك '.
رواهم أحمد.
350 - [مسألة]:
فإن صام في السفر صح، خلافا لداود.
لنا: إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: ' كنا مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفر، وإن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما [ق 91 - أ] منا
صائم إلا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وابن رواحة '.
هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: ' جاء حمزة الأسلمي، فقال: يا رسول
الله، إني رجل أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ قال: إن شئت فصم، وإن شئت
فأفطر '.
384

متفق عليهما.
سعيد، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ' أنه
سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصوم في السفر، فقال: إن شئت صمت، وإن شئت
أفطرت '.
(م) ابن وهب، أنا عمرو بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن، عن
عروة، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو أنه قال: ' يا رسول الله، إني أجد بي
قوة على الصيام في السفر، فهل علي جناح؟ فقال: هي رخصة من الله، فمن أخذ
بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه '.
قال الدارقطني: إسناد صحيح.
وخالفه هشام بن عروة، فرواه عن عروة، عن عائشة، ويحتمل أن يكون
القولان صحيحين.
عن عبد الله بن عمرو قال: ' رأيت رسول الله يصوم في السفر ويفطر '.
عبد الكريم الجزري، عن طاوس، عن ابن عباس قال: ' لا تعب على من
صام في السفر، قد صام رسول الله وأفطر '.
(خ م) مالك، عن حميد، عن أنس قال: ' سافرنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم '.
385

351 - مسألة:
من نوى ثم سافر، جاز له أن يفطر.
وبه قال المزني وداود.
وعنه: لا يباح - كقول أكثرهم.
لنا (خ م) الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خرج
عام الفتح، فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر '.
وإنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
(خ م) منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس قال: ' خرج
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مسافرا في رمضان حتى أتى عسفان، فدعا بإناء، فشرب ليري
الناس، ثم أفطر حتى قدم مكة '.
352 - [مسألة]:
إذا نوى بالليل، ثم أغمي عليه قبل الفجر، فلم يفق إلا بعد المغرب، لم
يصح صومه.
وقال أبو حنيفة: يصح.
(خ م) أبو صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' كل عمل ابن
آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، يقول الله:
إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه [ق 91 - ب] / وشهوته من أجلي '.
353 - [مسألة]:
من أخر قضاء رمضان لغير عذر حتى جاء رمضان، فعليه الفدية والقضاء.
وقال أبو حنيفة: لا تجب.
386

الدارقطني: ثنا محمد بن جعفر الصيرفي، ثنا بكر بن محمود الفزار، نا
إبراهيم بن نافع الجلاب، نا عمر بن وجيه، نا الحكم، عن مجاهد، عن أبي هريرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' في رجل أفطر في رمضان ثم مرض، ثم صح ولم يصم حتى أدركه
رمضان آخر، قال: يصوم الذي أدركه، ثم يصوم الشهر الذي أفطر، ويطعم عن
كل يوم مسكينا '.
إبراهيم الجلاب كذبه أبو حاتم، وابن وجيه أوليس
بثقة.
ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة ' في رجل مرض ثم صح ' فذكر نحو
الحديث.
قال الدارقطني: هذا صحيح موقوف.
354 - [مسألة]:
من مات وعليه رمضان؛ فإنه يطعم عنه، ولا يصام، ومن كان عليه نذر،
صامه الولي.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يصام، ولا يطعم في الحالين، إلا أن يوصى بذلك.
وقال الشافعي في ' القديم ' يصام فيهما. وفي ' الجديد ': يطعم فيهما.
(ت) عبثر بن القاسم، عن أشعث، عن محمد، عن نافع، عن ابن
عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه مكان كل يوم
مسكينا '.
قال الترمذي: الصحيح عن ابن عمر موقوفا.
أشعث هو ابن سوا ر، قال يحيى: لا شيء.
ومحمد هو ابن أبي ليلى: لين. وقد حمله أصحابنا على قضاء رمضان.
387

(خ م) الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس ' أن سعد بن عبادة سأل
النبي [صلى الله عليه وسلم] عن نذر كان على أمه، توفيت قبل أن تقضيه قال: اقضه عنها '.
(خ) شعبة، عن أبي بشر، سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس ' أن
امرأة نذرت أن تحج فماتت، فأتى أخوها النبي [صلى الله عليه وسلم]، فسأله عن ذلك، فقال
أرأيت لو كان على أختك دين، أكنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فاقضوا الله، فهو
أحق بالوفاء '.
أحمد، نا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد، عن ابن عباس ' أن امرأة
ركبت البحر، فنذرت، إن الله نجاها أن تصوم شهرا، فأنجاها الله، فلم تصم حتى
ماتت، فجاءت قرابة لها، فذكرت ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: صومي '.
عبد الملك بن أبي سليمان، عن عبد الله بن عطاء المكي، عن سليمان بن
بريدة، عن أبيه ' أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي كان عليها صوم شهر،
أفيجزئها [ق 92 - أ] / أن أصوم عنها؟ قال: نعم '.
وللشافعية حديث (خ م) مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس ' أتت النبي امرأة، فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضي عنها؟
قال: أرأيت لو كان على أمك دين، أما كنت تقضيه؟ قالت: بلى. قال: فدين
الله أحق '.
ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن
عروة، عن عائشة ' أنها سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن من مات وعليه صيام، قال:
يصوم عنه وليه '.
388

رواه الدارقطني من طريق يحيى بن أيوب، عن ابن أبي جعفر، وقال: هذا
إسناد حسن.
355 - [مسألة]:
لا يجب التتابع في قضاء رمضان، خلافا لداود.
سفيان بن بشر، نا علي بن مسهر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر
' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال في قضاء رمضان، إن شاء فرق، وإن شاء تابع '.
قال الدارقطني: لم يسنده غير سفيان بن بشر.
قلنا: ما عرفنا أحدا طعن فيه.
وحجة داود: حبان بن هلال، نا عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، نا العلاء
ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من كان عليه
صوم من رمضان، فليسرده ولا يقطعه '.
عبد الرحمن: ضعفه الدارقطني وغيره.
356 - [مسألة]:
إذا دخل في صوم تطوع لم يلزمه إتمامه، فإن أفطر لم يلزمه القضاء.
وقال أبو حنيفة ومالك: يلزمه، فإن أفطر وجب القضاء.
لنا شعبة (خ) عن قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] دخل عليها في يوم جمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا.
قال: تصومين غدا؟. قالت: لا. قال: فأفطري '.
سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن (عبد الله بن عمر)، ' أن
رسول الله دخل على جويرية... ' فذكر نحوه.
389

(م) طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان يأتيها وهو صائم، فيقول: أصبح عندكم شيء تطعمونيه؟ فنقول: لا.
فيقول: إني صائم. ثم جاءها بعد ذلك، فقالت: أهديت لنا هدية، فخبأنا لك.
قال: ما هي؟ قالت: حيس؟ قال: قد أصبحت صائما، فأكل '.
سليمان بن معاذ الضبي، عن سماك، عن عكرمة قال: قالت عائشة:
دخل علي النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: هل عندك شيء؟ قلت: نعم. قال: إذا
أطعم، وإن كنت قد فرضت الصوم '.
صححه [ق 92 - ب] / الدارقطني، وسليمان صدوق.
محمد [العرزمي] عن عطاء، عن أم سلمة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصبح
من الليل وهو يريد الصوم، فيقول: أعندكم شيء، أتاكم شيء؟ فنقول: أو لم
تصبح صائما؟ فيقول: بلى، ولكن لا بأس أن أفطر، ما لم يكن نذرا، أو قضاء
رمضان '.
العرزمي ضعيف، رواه الدارقطني.
(ت) أبو الأحوص، عن سماك، عن ابن أم هانيء، عن أم هانيء قالت:
' كنت قاعدة عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فأتي بشراب فشرب منه، ثم ناولني فشربت، فقلت:
إني أذنبت فاستغفر لي: قال: وما ذاك؟ قلت: كنت صائمة فأفطرت. قال: أمن
قضاء؟ قلت: لا. قال: فلا يضرك '.
أحمد، نا أبو داود، نا شعبة، عن جعدة، عن أم هانيء ' أن رسول الله
390

دخل عليها... ' بمعناه، وفيه قال: ' الصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء أفطر
قلت له: سمعته من أم هانيء؟ قال: لا، حدثنيه أبو صالح وأهلنا عنها '.
غندر، نا شعبة، عن جعدة، عن جدته أم هانيء.
حماد بن سلمة، نا سماك بن حرب، عن هارون ابن بنت أم هانيء - أو ابن
ابن أم هانيء - عن أم هانيء ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شرب شرابا؛ فناولها لتشرب... '
الحديث.
واحتجوا على القضاء:
بسفيان بن حسين، عن الزهري، عن عائشة قالت: ' أهديت لحفصة شاة
ونحن صائمتان، فأفطرتني، وكانت ابنة أبيها، فلما دخل علينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]،
ذكرنا ذلك له، فقال: أبدلا يوما مكانه '.
قلنا: محمول على الاستحباب.
(ت) كثير بن هشام، نا جعفر بن برقان، عن الزهري بنحوه، وقال:
' اقضيا ' بدل: ' أبدلا '.
قال الترمذي: رواه مالك، ومعمر، وعبيد الله بن عمر، وزياد بن سعد،
وغيرهم عن الزهري، عن عائشة بإسقاط عروة، وهو أصح؛ لأنه روي عن ابن
جريج، قال: سألت الزهري فقلت له: أحدثك عروة؟ فقال: لم أسمع من عروة
في هذا شيئا، ولكني سمعت من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث.
وفي كتاب الدارقطني، من حديث عائشة؛ أن رسول الله قال: ' إني
أريد الصوم. وأهدي له حيس، فقال: إني آكل وأصوم يوما مكانه '.
قال: لم يتابع عليه محمد بن عمرو الباهلي، ولعله شبه عليه والله أعلم؛
لكثرة من خالفه عن ابن عيينة.
391

[ق 93 - أ] / وفي الدارقطني: ثنا أحمد بن محمد بن سوادة، نا حماد بن خالد، عن
محمد بن أبي حميد، عن إبراهيم بن عبيد قال: ' صنع أبو سعيد الخدري
طعاما، فدعا النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه، فقال رجل: إني صائم. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
صنع لك أخوك وتكلف لك، أفطر وصم يوما مكانه ' مرسل، ومحمد بن أبي
حميد ضعيف.
وعن جابر قال: ' صنع رجل طعاما، ودعا النبي [صلى الله عليه وسلم].. ' فذكر نحوا منه
في [إسناده] عمرو بن خليف، قال ابن عدي: متهم بوضع الحديث.
أخرجه الدارقطني.
وعن ثوبان قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صائما في غير رمضان، فأصابه غم
آذاه فقاء، فدعا بوضوء فتوضأ ثم أفطر، فقلت: يا رسول الله، أفريضة الوضوء من
القيء؟ قال: ' لو كان فريضة لوجدته في القرآن. قال: ثم صام الغد، فسمعته
يقول: هذا مكان إفطاري أمس '.
فيه عتبة بن السكن، قال الدارقطني: متروك الحديث.
ويروى عن أم سلمة في ذلك من طريق لم يصح.
357 - [مسألة].
من نذر صوم العيد لم يصم، ثم يقضي ويكفر وعنه إن صامه أجزأه. وقال
أبو حنيفة: يفطر ويقضي؛ فإن صامه أجزأه. وقال مالك والشافعي: لم ينعقد
نذره.
(خ م) سفيان، عن الزهري، سمع أبا عبيد يقول: ' شهدت العيد مع
392

عمر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن صيام هذين
اليومين؛ أما يوم الفطر، فهو فطركم من صومكم، وأما يوم الأضحى، فكلوا من
لحم نسككم '.
(خ م) شعبة، عن عبد الملك بن عمير قال: ' سمعت قزعة مولى زياد،
سمعت أبا سعيد سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن صيام يومين: يوم النحر، ويوم الفطر '.
(خ م) محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة ' أن
رسول الله نهى عن صيام يومين؛ يوم الفطر، ويوم النحر '.
أحمد، نا أبو سعيد، مولى بني هاشم، نا سعيد بن سلمة بن أبي
الحسام، نا يزيد بن الهاد، عن عمرو بن سليم، عن أمه، قالت: ' بينما نحن [ق 93 - ب] /
بمنى، إذا علي - رضي الله عنه - [يقول]: إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: إن هذه
أيام أكل وشرب؛ فلا يصمها أحد '.
أحمد، نا محمد بن بكر، أنا محمد بن أبي حميد، أخبرني إسماعيل بن
محمد بن سعيد، عن أبيه، عن جده: ' قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: يا سعد، قم فأذن
بمنى أنها [أيام] أكل وشرب، ولا صوم فيها '.
393

358 - [مسألة]:
يكره إفراد الجمعة أو السبت بالصيام، إلا لذي عادة.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يكره.
لنا (خ م) حديث جويرية، وقد مر.
(خ) الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: ' لا تصوموا يوم
الجمعة إلا وقبله يوم، أو بعده يوم '.
عوف، عن محمد، عن أبي هريرة: ' نهى رسول الله أن يفرد يوم الجمعة
بصوم '.
(م) هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين لليالي ولا [تخصوا] يومها بصيام من بين
الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم '.
وعن أبي الدرداء، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في ذلك، رواه أحمد من طريق عاصم،
عن ابن سيرين، عن أبي الدرداء.
قلت: منقطع.
أحمد، نا سفيان، عن عبد الحميد بن جبير، سمع محمد بن عباد بن
جعفر: ' سألت جابرا: أنهى رسول الله عن صيام الجمعة؟ قال: نعم ورب هذا
البيت '.
394

الوليد بن مسلم، عن يحيى بن حسان، سمعت عبد الله بن بسر يقول: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تصوموا يوم السبت، إلا في ما افترض عليكم '.
ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني، عن حذيفة الأزدي،
عن جنادة الأزدي قال: ' دخلت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في يوم جمعة، في سبعة من
الأزد أنا ثامنهم، وهو يتغدى فقال: هلموا إلى الغداء. فقلنا: يا رسول الله، إنا
صيام. قال: أصمتم أمس؟ قلنا: لا. قال: فتصومون غدا؟. قلنا: لا. قال:
فأفطروا. قال: فأكلنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلما خرج وجلس، دعا بإناء من ماء
فشرب والناس ينظرون، يريهم أنه لا يصوم الجمعة '.
[ق 94 - أ] / أحمد، ثنا أبو عاصم، نا ثور، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن
بسر، عن أخته الصماء؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: لا تصوموا يوم السبت إلا في ما
افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب، أو لحاء شجرة، فليمضغها '.
أحمد نا إسحاق، نا ابن لهيعة، نا موسى بن وردان، عن عبيد الأعرج
قال: حدثتني جدتي - يعني: الصماء - ' أنها دخلت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم
السبت، وهو يتغدى، فقال: تعالي فكلي. قالت: إني صائمة. فقال لها: أصمت
أمس؟ قالت: لا. قال: كلي؛ فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك '.
واحتجوا: ليث بن أبي سليم، عن طاوس، عن ابن عباس ' أنه لم ير النبي
[صلى الله عليه وسلم] أفطر يوم جمعة قط '.
رواه أبو حفص الفلاس، ثنا ميون بن يزيد عنه.
وقال ابن المديني: نا حفص بن غياث، عن ليث بن أبي سليم، عن عمير،
عن ابن عمر قال: ' ما رأيت رسول الله مفطرا في يوم جمعة '.
ليث ضعيف.
395

ثم يحمل الحديث على أنه كان يصوم معه يوما.
359 - [مسألة]:
يكره إفراد رجب بالصوم، خلافا لأكثر المتأخرين.
واحتج أصحابنا بما لم يصح:
داود بن عطاء - أحد الضعفاء - عن زيد بن عبد الحميد، عن سليمان بن
علي العباسي، عن أبيه، عن ابن عباس ' أن رسول الله نهى عن صيام رجب '.
سعيد في ' سننه ': ثنا سفيان، عن مسعر، عن وبرة، عن خرشة بن الحر
' أن (عمران بن حصين) كان يضرب أيدي الرجال في رجب إذا رفعوا
أيديهم عن طعامه حتى يضعوا فيه، ويقول: إنما هو شهر كان أهل الجاهلية
يعظمونه '.
360 - [مسألة]:
آكد ليلة يلتمس فيها ليلة القدر؛ ليلة سبع وعشرين.
وقال الشافعي: ليلة إحدى وعشرين.
وقال مالك: العشر كله سواء.
شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال النبي [ق 94 - ب] / [صلى الله عليه وسلم]: ' من
كان متحريا فليتحرها ليلة سبع وعشرين - أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين، يعني
ليلة القدر '.
عبدة بن أبي لبابة وعاصم، عن زر قال: ' سألت أبيا قلت: إن أخاك ابن
مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال: يرحمه الله، لقد علم أنها
في شهر رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين. وحلف، قلت: وكيف تعلمون ذلك؟
396

قال: بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا بها؛ تطلع ذلك اليوم - يعني: الشمس -
لا شعاع لها '.
أخرجهما مسلم.
(خ م) الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: ' رأى رجل ليلة القدر؛
[ليلة] سبع وعشرين، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أرى رؤياكم قد تواطأت،
فالتمسوها في العشر البواقي؛ في الوتر منها '.
هشام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن رجلا أتى نبي الله [صلى الله عليه وسلم]
فقال: يا نبي الله، إني شيخ كبير يشق علي القيام، فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني
فيها لليلة القدر، فقال: عليك بالسابعة '.
ولهم حديث (خ) أبي سلمة، عن أبي سعيد قال: ' اعتكف رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] العشر الأول من رمضان، واعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي
تطلب أمامك. فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن
الذي تطلب أمامك، ثم قام النبي [صلى الله عليه وسلم] خطيبا صبيحة عشرين من رمضان،
فقال: من كان اعتكف مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فليرجع؛ فإني أريت ليلة القدر، إني
أنسيتها، وإنها في العشر الأواخر في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء
- وكان سقف المسجد جريد النخل، وما يرى في السماء شيء، فجاءت قزعة
فمطرنا، فصلى بنا النبي [ق 95 - أ] / [صلى الله عليه وسلم] حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] تصديق رؤياه '.
397

361 - [مسألة]:
ست من شوال تستحب.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا تستحب.
(م) سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، فذلك صيام الدهر كله '.
قالوا: فأحمد قال: سعد ضعيف الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي.
قلنا: وقال ابن معين: صالح. واحتج به مسلم.
398

الاعتكاف
362 - [مسألة]:
ولا يصح إلا في مسجد جماعة.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يصح في كل مسجد.
ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل قال: ' قال حذيفة لابن
مسعود: لقد علمت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة -
أو قال: مسجد جماعة '.
رواه سعيد عنه.
استدل أصحابنا بما روى الدارقطني، نا علي بن عبد الله بن مبشر، نا
عمار ابن خالد، نا إسحاق الأزرق، عن جويبر، عن الضحاك، عن حذيفة:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' كل مسجد له مؤذن وإمام، فالاعتكاف فيه
يصلح '.
وهذا الحديث في نهاية الضعف.
363 - [مسألة]:
ويصح بلا صوم، وبالليل وحده.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة ومالك.
(خ م) عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أنه قال: ' يا رسول الله،
399

إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة. فقال له: أوف بنذرك '.
الدارقطني، نا ابن صاعد، نا محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب، نا
محمد بن فليح، عن [عبيد الله] بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر ' أن عمر
كان نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فلما كان الإسلام سأل عنه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال له: أوف بنذرك. فاعتكف عمر ليلة '.
قال الدارقطني: إسناد ثابت.
(خ م) شعبة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر ' أنه
جعل على نفسه [ق 95 - ب] / يوما يعتكفه، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أوف بنذرك '.
فهذا الظاهر أنه نذر آخر، ثم لا ذكر هاهنا للصوم.
قالوا: قد جاء الصوم.
الدارقطني، نا أبو طالب الحافظ، نا هلال بن العلاء، نا أبي، نا الوليد بن
مسلم، عن سعيد بن بشير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر ' أن
عمر نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم، فسال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد إسلامه فقال:
أوف بنذرك '.
قلت: سعيد ضعف، ثم إن من نذر الصوم لزمه، فلم قلتم أنه شرط في
الاعتكاف؟!
وساق الدارقطني من حديث ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليس على
المعتكف صيام، إلا أن يجعله على نفسه '.
400

قال الدارقطني: لا يرفعه غير شيخنا محمد بن إسحاق السوسي.
قال المؤلف: هو ثقة. قال الخطيب: دخل بغداد وحدث أحاديث مستقيمة.
ولهم الدارقطني، أنا أحمد بن عمير بن يوسف في الإجازة، أن محمد بن
هاشم حدثهم، نا سويد بن عبد العزيز، نا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن
عروة، عن عائشة، أن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا اعتكاف إلا بصيام '.
سويد؛ قال أحمد: متروك. وسفيان بن حسين في الزهري لين.
عمرو بن محمد (العنقزي)، نا عبد الله بن بديل، عن عمرو بن دينار،
عن ابن عمر، عن عمر ' أنه سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن اعتكاف عليه، فأمره أن يعتكف
ويصوم '.
قال الدارقطني: تفرد به ابن بديل؛ وهو ضعيف، رواه نافع، عن ابن
عمر، ولم يذكر فيه الصوم؛ سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: هذا حديث منكر؛
لأن الثقات من أصحاب عمرو بن دينار لم يذكروه؛ منهم: ابن جريج، وابن
عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وغيرهم. قال: وابن بديل ضعيف.
ثم قال الدارقطني: نا الحسين بن إسماعيل، ثنا (إبراهيم بن مجشر) نا
عبيدة بن حميد، ثنا القاسم بن معن، عن عبد الملك بن جريج، عن ابن شهاب،
عن سعيد بن المسيب وعروة، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يعتكف في
العشر الأواخر من [ق 96 - أ] / رمضان، وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان،
401

ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضا، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في
مسجد جماعة، ويأمر من اعتكف أن يصوم '.
قال ابن عدي: إبراهيم بن مجشر له أحاديث مناكير.
قال الدارقطني: قوله: ' إن السنة للمعتكف... ' يقال: إنه من كلام
الزهري، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم.
364 - [مسألة]:
إذا شرط في اعتكافه الخروج إلى القرب، كعيادة المرضى، وصلاة
الجنازة، وزيارة العلماء جاز.
وقال مالك: لا يجوز اشتراط ذلك.
احتج أصحابنا بحديثين ضعيفين.
(ق) ثنا أحمد بن منصور، نا يونس بن محمد، نا الهياج الخراساني، نا
عنبسة بن عبد الرحمن، عن عبد الخالق، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' المعتكف يتبع الجنازة، ويعود المريض '.
هذا الحديث أوليس
بشيء؛ عنبسة، قال أبو حاتم: كان يضع الحديث.
وقال النسائي: متروك... والهياج، قال أحمد: متروك الحديث.
وعبد الخالق، قال النسائي: أوليس
بثقة.
(د) ثنا محمد بن عيسى، نا عبد السلام بن حرب، أنا ليث بن أبي سليم،
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يعود
المريض وهو معتكف '.
402

قال أحمد: ليث مضطرب الحديث، ولكن قد حدث عنه الناس.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة: لا يشتغل به؛ هو مضطرب الحديث.
واحتجوا بحديث عائشة المذكور في المسألة قبلها، وقد سبق.
تم الاعتكاف.
403