الكتاب: الإنصاف
المؤلف: المرداوي
الجزء: ٨
الوفاة: ٨٨٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد حامد الفقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ٢٥ رمضان ١٣٧٦ هـ - ٢٥ ابريل ١٩٥٧م
المطبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
ردمك:
ملاحظات: الطبعة الأولى على نسخ محققة ، منها نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، ومقروأة على المؤلف / اعادة طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان / مطبعة السنة المحمدية / ١٧ شارع شريف باشا الكبير - القاهرة - ت ٧٩٠١٧

الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل
تأليف شيخ الإسلام العلامة الفقيه المحقق
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي
الحنبلي تغمده الله برحمته
صححه وحققه
محمد حامد الفقي
الجزء الثامن
الطبعة الأولى
على نسخة محققة، مكتوبة في حياة المؤلف، ومقروأة على المؤلف
حق الطبع محفوظ
25 رمضان 1376 ه‍ - 25 ابريل 1957 م
أعاده طبعة
دار احياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

مطبعة السنة المحمدية
17 شارع شريف باشا الكبير - القاهرة
ت 79017
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
فائدتان
إحداهما النكاح له معنيان معنى في اللغة ومعنى في الشرع.
فمعناه في اللغة الوطء قاله الأزهري وقيل للتزويج نكاح لأنه سبب الوطء.
قال أبو عمرو غلام ثعلب الذي حصلناه عن ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين أن النكاح في أصل اللغة هو اسم للجمع بين الشيئين قال الشاعر.
أيها المنكح الثريا سهيلا * عمرك الله كيف يجتمعان.
وقال الجوهري النكاح الوطء وقد يكون العقد ونكحتها ونكحت هي أي تزوجت.
وعن الزجاج النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعا وموضع نكح في كلامهم لزوم الشيء الشيء راكبا عليه.
قال ابن جنى سألت أبا على الفارسي عن قولهم نكحها.
فقال فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء فإذا قالوا نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا تزويجها والعقد عليها.
وإذا قالوا نكح امرأته لم يريدوا إلا المجامعة لأن بذكر امرأته وزوجته تستغنى عن العقد.
قال الزركشي فظاهره الاشتراك كالذي قبله وأن القرينة تعين.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله معناه في اللغة الجمع والضم على أتم الوجوه
3

فإن كان اجتماعا بالأبدان فهو الإيلاج الذي ليس بعده غاية في اجتماع البدنين وإن كان اجتماعا بالعقود فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم ولهذا يقال استنكحه المذي إذا لازمه وداومه انتهى.
ومعناه في الشرع عقد التزويج فهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح اختاره المصنف والشارح وابن عقيل وابن البنا.
والقاضي في التعليق في كون المحرم لا ينكح لما قيل له إن النكاح حقيقة في الوطء قال إن كان في اللغة حقيقة في الوطء فهو في عرف الشرع للعقد.
قاله الزركشي وجزم به الحلواني وأبو يعلى الصغير قاله في الفروع.
قال الحلواني هو في الشريعة عبارة عن العقد بأوصافه وفي اللغة عبارة عن الجمع وهو الوطء.
قال ابن عقيل الصحيح انه موضوع للجمع وهو في الشريعة في العقد أظهر استكمالا ولا نقول إنه منقول نقله بن خطيب السلامية في تعليقه على المحرر وقدمه بن منجا في شرحه وصاحب الرعاية الكبرى والفروع.
وذلك لأنه أشهر في الكتاب والسنة.
وليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلا قوله تعالى * (حتى تنكح زوجا غيره) * على المشهور.
ولصحة نفيه عن الوطء فيقال هذا سفاح وليس بنكاح وصحة النفي دليل المجاز.
وقيل هو حقيقة في الوطء مجاز في العقد.
اختاره القاضي في أحكام القرآن وشرح الخرقي والعمدة وأبو الخطاب في الانتصار وصاحب عيون المسائل وأبو يعلى الصغير.
قاله الزركشي وابن خطيب السلامية لما تقدم عن الأزهري وغلام ثعلب والأصل عدم النقل.
4

قال أبو الخطاب وتحريم من عقد عليها الأب استفدناه من الإجماع والسنة وهو بالإجماع القطعي في الجملة.
وقيل هو مشترك يعنى أنه حقيقة في كل واحد منهما بانفراده وعليه الأكثر.
قال في الفروع والأشهر أنه مشترك.
قال القاضي في المحرر قاله الزركشي والجامع الكبير.
قال ابن خطيب السلامية الأشبه بأصولنا ومذهبنا أنه حقيقة في العقد والوطء جميعا في الشريعة لقولنا بتحريم موطأة الأب من غير تزويج لدخولها في قوله تعالى * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * وذلك لورودها
في الكتاب العزيز والأصل في الإطلاق الحقيقة.
قال ابن خطيب السلامية قال أبو الحسين النكاح عند الإمام أحمد رحمه الله حقيقة في الوطء والعقد جميعا وقاله أبو حكيم.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وقيل هو حقيقة فيهما معا فلا يقال هو حقيقة على أحدهما بانفراده بل على مجموعهما فهو من الألفاظ المتواطئة.
قال ابن رزين والأشبه أنه حقيقة في كل واحد باعتبار مطلق الضم لأن التواطؤ خير من الاشتراك والمجاز لأنهما على خلاف الأصل انتهى.
وقال ابن هبيرة وقال مالك وأحمد رحمهما الله هو حقيقة في العقد والوطء جميعا وليس أحدهما أخص منه بالآخر انتهى.
مع أن هذا اللفظ محتمل أن يريد به الاشتراك.
وقال في الوسيلة كما قال ابن هبيرة وذكر أنه عند الإمام أحمد رحمه الله كذلك انتهى.
والفرق بين الاشتراك والتواطؤ أن الاشتراك يقال على كل واحد منهما
5

بانفراده حقيقة بخلاف المتواطئ فإنه لا يقال حقيقة إلا عليهما مجتمعين لا غير والله أعلم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو في الإثبات لهما وفي النهي لكل منهما بناء على أنه إذا نهى عن شيء نهى عن بعضه والأمر به أمر بكله في الكتاب والسنة والكلام فإذا قيل مثلا انكح ابنة عمك كان المراد العقد والوطء.
وإذا قيل لا تنكحها تناول كل واحد منهما.
الثانية قال القاضي المعقود عليه في النكاح المنفعة أي الانتفاع بها لا ملكها وجزم به في الفروع.
قال القاضي أبو الحسين في فروعه والذي يقتضيه مذهبنا أن المعقود عليه في النكاح منفعة الاستمتاع وأنه في حكم منفعة الاستخدام.
قال صاحب الوسيلة المعقود عليه منفعة الاستمتاع.
وقال القاضي في أحكام القرآن المعقود عليه الحل لا ملك المنفعة.
قال في القاعدة السادسة والثمانين ترددت عبارات الأصحاب في مورد عقد النكاح هل هو الملك أو الاستباحة فمن قائل هو الملك.
ثم ترددوا هل هو ملك منفعة البضع أو ملك الانتفاع بها.
وقيل بل هو الحل لا الملك ولهذا يقع الاستمتاع من جهة الزوجة مع أنه لا ملك لها.
وقيل بل المعقود عليه الازدواج كالمشاركة ولهذا فرق الله سبحانه وتعالى بين الازدواج وملك اليمين.
وإليه ميل الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فيكون من باب المشاركات لا المعاوضات.
قوله (النكاح سنة).
6

اعلم أن للأصحاب في ضبط أقسام النكاح طرقا.
أشهرها وأصحها أن الناس في النكاح على ثلاثة أقسام.
القسم الأول من له شهوة ولا يخاف الزنى فهذا النكاح في حقه مستحب على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين.
قال الشارح وغيره هذا المشهور في المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه أنه واجب على الإطلاق.
اختاره أبو بكر وأبو حفص البرمكي وابن أبي موسى.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وحمل القاضي الرواية الثانية على من يخشى على نفسه مواقعة المحظور بترك النكاح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا فرق في ذلك بين الغنى والفقير وهو صحيح وهو المذهب نص عليه.
نقل صالح يقترض ويتزوج.
وجزم به بن رزين في شرحه وقدمه في الفروع والفائق.
قال الآمدي يستحب في حق الغني والفقير والعاجز والواجد والراغب والزاهد فإن الإمام أحمد رحمه الله تزوج وهو لا يجد القوت.
وقيل لا يتزوج فقير إلا عند الضرورة.
وقيده بن رزين في مختصره بموسر وجزم به في النظم.
قلت وهو الصواب في هذه الأزمنة واختاره صاحب المبهج.
7

ويأتي كلامه في تعداد الطرق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيه نزاع في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
القسم الثاني من ليس له شهوة كالعنين ومن ذهبت شهوته لمرض أو كبر أو غيره.
فعموم كلام المصنف هنا أنه سنة في حقه أيضا.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وهو إحدى الروايتين والوجهين.
واختاره القاضي في المجرد في باب الطلاق والخصال وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في البلغة وغيره.
والقول الثاني هو في حقهم مباح وهو الصحيح من المذهب.
اختاره القاضي في المجرد في باب النكاح وابن عقيل في التذكرة وابن البنا وابن بطة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين وتجريد العناية وجزم به في المنور.
قال في منتخبه يسن للتائق وأطلقهما في المغنى والكافي والشرح والنظم والمستوعب وشرح بن منجا والفروع والفائق.
وقيل يكره وما هو ببعيد في هذه الأزمنة.
وحكى عنه يجب وهو وجه في الترغيب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام صاحب المحرر يدل على أن رواية وجوب النكاح منتفية في حق من لا شهوة له.
وكذلك قال القاضي وابن عقيل والأكثرون.
ومن الأصحاب من طرد فيه رواية الوجوب أيضا.
8

نقله صاحب الترغيب وهو مقتضى إطلاق الأكثرين.
ويأتي التنبيه على ذلك في تعداد الطرق.
القسم الثالث من خاف العنت.
فالنكاح في حق هذا واجب قولا واحدا إلا أن بن عقيل ذكر رواية أنه غير واجب.
ويأتي كلامه في تعداد الطرق.
قال الزركشي ولعله أراد بخوف العنت خوف المرض والمشقة لا خوف الزنى فإن العنت يفسر بكل واحد من هذه.
تنبيهات.
أحدها العنت هنا هو الزنى على الصحيح.
وقيل هو الهلاك بالزنى ذكره في المستوعب.
الثاني مراده بقوله إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور إذا علم وقوع ذلك أو ظنه قاله الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه إذا علم وقوعه فقط.
الثالث هذه الأقسام الثلاثة هي أصح الطرق وهي طريقة المصنف والشارح وغيرهما.
قال الزركشي هي الطريقة المشهورة.
وقال ابن شيخ السلامية في نكته على المحرر ذكر غير واحد من أصحابنا في وجوب النكاح روايتين واختلفوا في محل الوجوب.
فمنهم من أطلقه ولم يقيده بحال وهذه طريقة أبي بكر وأبي حفص وابن الزاغوني.
قال في مفرداته النكاح واجب في إحدى الروايتين.
9

وكذلك أطلقه القاضي أبو يعلى الصغير في مفرداته وأبو الحسين وصاحب الوسيلة.
وقد وقع ذلك في كلام الإمام أحمد رحمه الله لما سئل عن التزويج فقال أراه واجبا.
وأشار إلى هذا أبو البركات حيث قال وعنه الوجوب مطلقا.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قلت وهو ضعيف جدا فيمن لا شهوة له.
قال ومنهم من خص الوجوب بمن يجد الطول ويخاف العنت.
قال في المستوعب فهذا يجب عليه النكاح رواية واحدة.
وكذا قال في الترغيب وابن الجوزي وأبو البركات.
وعليها حمل القاضي إطلاق الإمام أحمد رحمه الله وأبي بكر.
قلت وقيده بن عقيل بذلك أيضا وأن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال وظاهر كلام أحمد والأكثرين أن ذلك غير معتبر.
واختار بن حامد عدم الوجوب حتى في هذه الحالة.
قلت الذي يظهر أن هذا خطأ من الناقل عنه.
ومن أصحابنا من أجرى الخلاف فيه.
فحكى بن عقيل في التذكرة في وجوب النكاح على من يخاف العنت ويجد الطول روايتين.
ومنهم من جعل محل الوجوب في الصورة الأولى وهذه الصورة.
ومنهم من جعل الخلاف في الصورة الثانية وهو من يجد الطول ولا يخاف العنت وله شهوة.
فها هنا جعل محل الخلاف غير واحد وحكوا فيه روايتين وهذه طريقة القاضي وأبي البركات.
10

وقطع الشيخ موفق الدين رحمه الله بعدم الوجوب من غير خلاف وكذلك القاضي في الجامع الكبير وابن عقيل في التذكرة.
واختاره بن حامد والشريف أبو جعفر.
قالوا ويدل على رجحانها في المذهب أن الإمام أحمد رحمه الله لم يتزوج حتى صار له أربعون سنة مع أنه كان له شهوة.
ومنهم من جعل محل الوجوب في الصورتين المتقدمتين وفي صورة ثالثة وهو من يجد الطول ولا شهوة له حكاه في الترغيب.
قال أبو العباس وكلام القاضي وتعليله يقتضي أن الخلاف في الوجوب ثابت وإن لم يكن له شهوة.
ومنهم من جعل محل الوجوب القدرة على النفقة والصداق.
قال في المبهج النكاح مستحب وهل هو واجب أم لا ينظر فيه.
فإن كان فقيرا لا يقدر على الصداق ولا على ما يقوم بأود الزوجة لم يجب رواية واحدة.
وإن كان قادرا مستطيعا ففيه روايتان لا يجب وهي المنصورة والوجوب.
قال قلت ونازعه في ذلك كثير من الأصحاب.
ومنهم من أضاف قيدا آخر فجعل الوجوب مختصا بالقدرة على نكاح الحرة.
قال أبو العباس إذا خشي العنت جاز له التزوج بالأمة مع أن تركه أفضل أو مع الكراهة وهو يخاف العنت فيكون الوجوب مشروطا بالقدرة على نكاح الحرة.
قلت قدم في الفروع أنه لا يجب عليه نكاح الحرة.
قال القاضي وابن الجوزي والمصنف وغيرهم يباح ذلك والصبر عنه أولى.
وقال في الفصول في وجوبه خلاف.
واختار أبو يعلى الصغير الوجوب.
11

قلت الصواب أنه يجب إذا لم يجد حرة.
ومنهم من جعل الوجوب من باب وجوب الكفاية لا العين.
قال أبو العباس ذكر أبو يعلى الصغير في ضمن مسألة التخلي لنوافل العبادة إنا إذا لم نوجبه على كل واحد فهو فرض على الكفاية.
قلت وذكر أبو الفتح بن المنى أيضا أن النكاح فرض كفاية فكان الاشتغال به أولى كالجهاد.
قال وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان تركناه للحرج والمشقة انتهى.
وانتهى كلام بن خطيب السلامية مع ما زدنا عليه فيه.
فوائد.
الأولى حيث قلنا بالوجوب فإن المرأة كالرجل في ذلك أشار إليه أبو الحسين وأبو حكيم النهرواني وصاحب الوسيلة قاله بن خطيب السلامية.
الثانية على القول بالوجوب لا يكتفي بمرة واحدة في العمر على الصحيح من المذهب.
قال ابن خطيب السلامية في النكت جمهور الأصحاب أنه لا يكتفي بمرة واحدة بل يكون النكاح في مجموع العمر لقول الإمام أحمد رحمه الله ليست العزوبة في شيء من أمر الإسلام.
وقدم في الفروع أنه لا يكتفي بمرة واحدة.
وقال أبو الحسين في فروعه إذا قلنا بالوجوب فهل يسقط الأمر به في حق الرجل والمرأة بمرة واحدة أم لا.
ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يسقط لقول الإمام أحمد في رواية المروذي ليست العزوبة من الإسلام وهذا الاسم لا يزول بمرة وكذا قاله صاحب الوسيلة وأبو حكيم النهرواني.
12

وفي المذهب لابن الجوزي وغيره يكتفي بالمرة الواحدة لرجل وامرأة وجزم به في عيون المسائل وقال هذا على رواية وجوبه.
ونقل بن الحكم أن الإمام أحمد رحمه الله قال المتبتل هو الذي لم يتزوج قط.
قلت وينبغي أن يتمشى هذا الخلاف على القول بالاستحباب أيضا.
وهو ظاهر كلامه في الفروع بخلاف صاحب النكت.
الثالثة وعلى القول بوجوبه إذا زاحمه الحج الواجب.
فقد تقدم لو خاف العنت من وجب عليه الحج في كتاب الحج.
وذكرنا هناك الحكم والتفصيل فليراجع.
الرابعة في الاكتفاء بالعقد استغناء بالباعث الطبعي عن الشرعي وجهان ذكرهما في الواضح وأطلقهما في الفروع والفائق.
قال ابن عقيل في المفردات قياس المذهب عندي يقتضي إيجابه شرعا كما يجب على المضطر تملك الطعام والشراب وتناولهما.
قال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر وحيث قلنا بالوجوب فالواجب هو العقد وأما نفس الاستمتاع فقال القاضي لا يجب بل يكتفي فيه بداعية الوطء وحيث أوجبنا الوطء فإنما هو لإيفاء حق الزوجة لا غير انتهى.
الخامسة ما قاله أبو الحسين هل يكتفي عنه بالتسري فيه وجهان.
وتابعه في الفروع وأطلقهما في الفائق والزركشي.
قال ابن أبي المجد في مصنفه ويجزئ عنه التسري في الأصح.
قال في القواعد الأصولية والذي يظهر الاكتفاء.
قال ابن نصر الله في حواشي الزركشي أصحهما لا يندفع فليتزوج فأمر بالتزوج.
قال ابن خطيب السلامية فيه احتمالان ذكرهما بن عقيل في المفردات وابن الزاغوني.
13

ثم قال ويشهد لسقوط النكاح قوله تعالى * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) * انتهى.
قلت وهو الصواب.
وقال بعض الأصحاب الأظهر أن الوجوب يسقط به مع خوف العنت وإن لم يسقط مع غيره.
السادسة على القول باستحبابه هل يجب بأمر الأبوين أو بأمر أحدهما به.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح وأبي داود إن كان له أبوان يأمرانه بالتزويج أمرته أن يتزوج أو كان شابا يخاف على نفسه العنت أمرته أن يتزوج.
فجعل أمر الأبوين له بذلك بمنزلة خوفه على نفسه العنت.
قال الإمام أحمد رحمه الله والذي يحلف بالطلاق لا يتزوج أبدا إن أمره أبوه تزوج.
السابعة وعلى القول أيضا بعدم وجوبه هل يجب بالنذر.
صرح أبو يعلى الصغير في مفرداته أنه يلزمه بالنذر.
قلت وهو داخل في عمومات كلامهم في نذر التبرر.
الثامنة يجوز له النكاح بدار الحرب للضرورة على الصحيح من المذهب.
ونقل بن هانئ لا يتزوج وإن خاف.
وإن لم تكن به ضرورة للنكاح فليس له ذلك على الصحيح.
قال ابن خطيب السلامية في نكته ليس له النكاح سواء كان به ضرورة أو لا.
قال الزركشي فعلى تعليل الإمام أحمد رحمه الله لا يتزوج ولا مسلمة ونص عليه في رواية حنبل ولا يطأ زوجته إن كانت معه ونص عليه في رواية الأثرم وغيره.
14

وعلى مقتضى تعليله له أن يتزوج آيسة أو صغيرة فإنه علل وقال من أجل الولد لئلا يستعبد.
وقال في المغني في آخر الجهاد وأما الأسير فظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا يحل له التزوج ما دام أسيرا.
وأما الذي يدخل إليهم بأمان كالتاجر ونحوه فلا ينبغي له التزوج.
فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح المسلمة وليعزل عنها ولا يتزوج منهم انتهى.
وقيل يباح له النكاح مع عدم الضرورة.
وأطلقهما في الفروع فقال وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان وكرهه الإمام أحمد رحمه الله وقال لا يتزوج ولا يتسرى إلا أن يخاف عليه.
وقال أيضا ولا يطلب الولد.
ويأتي هل يباح نكاح الحربيات أم لا في باب المحرمات في النكاح.
تنبيه حيث حرم نكاحه بلا ضرورة وفعل وجب عزله وإلا استحب عزله ذكره في الفصول.
قلت فيعايى بها.
قوله (والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة).
يعني حيث قلنا يستحب وكان له شهوة وهذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال أبو يعلى الصغير لا يكون أفضل من التخلي إلا إذا قصد به المصالح المعلومة أما إذا لم يقصدها فلا يكون أفضل.
وعنه التخلي لنوافل العبادة أفضل كما لو كان معدوم الشهوة حكاها
15

أبو الحسين في التمام وابن الزاغوني واختارها بن عقيل في المفردات وهي احتمال في الهداية ومن تابعه.
وذكر أبو الفتح بن المنى أن النكاح فرض كفاية فكان الاشتغال به أولى كالجهاد كما تقدم.
قوله (ويستحب تخير ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية بلا نزاع).
ويستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الهداية والمستوعب وإدراك الغاية والفائق والأولى أن لا يزيد على نكاح واحدة.
قال الناظم وواحدة أقرب إلى العدل.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
قال ابن خطيب السلامية جمهور الأصحاب استحبوا أن لا يزيد على واحدة.
قال ابن الجوزي إلا أن لا تعفه واحدة انتهى.
وقيل المستحب اثنان كما لو لم تعفه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال يقترض ويتزوج ليته إذا تزوج اثنتين يفلت.
وهو ظاهر كلام بن عقيل في مفرداته.
قال ابن رزين في النهاية يستحب أن يزيد على واحدة وأطلقهما في الفروع.
قوله (ويجوز لمن أراد خطبة امرأة النظر).
هذا المذهب أعني أنه يباح.
16

جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وتجريد العناية.
وقيل يستحب له النظر.
جزم به أبو الفتح الحلواني وابن عقيل وصاحب الترغيب وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
قال الزركشي وجعله بن عقيل وابن الجوزي مستحبا وهو ظاهر الحديث.
فزاد بن الجوزي.
قال ابن رزين في شرحه يسن إجماعا كذا قال.
وأطلق الوجهين بن خطيب السلامية.
وقال قلت ويتعين تقييد ذلك بمن إذا خطبها غلب على ظنه إجابته إلى نكاحها.
وقاله بن رجب في تعليقه على المحرر ذكره عنه في القواعد الأصولية.
قلت وهو كما قال وهو مراد الإمام والأصحاب قطعا.
قوله (النظر إلى وجهها).
يعني فقط من غير خلوة بها هذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله جزم به في البلغة والوجيز ونظم المفردات.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وشرح بن رزين وتجريد العناية.
قال الزركشي صححها القاضي في المجرد وابن عقيل.
17

وهو من مفردات المذهب.
وعنه له النظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة واليدين والقدمين وهو المذهب.
قال في تجريد العناية هذا الأصح ونصره الناظم.
وإليه ميل المصنف والشارح.
وحمل كلام الخرقي وأبي بكر الآتي على ذلك وجزم به في العمدة.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وأطلقهما في الكافي.
وقيل له النظر إلى الرقبة والقدم والرأس والساق.
وعنه له النظر إلى الوجه والكفين فقط حكاها بن عقيل وحكاه بعضهم قولا بناء على أن اليدين ليستا من العورة.
قال الزركشي وهي اختيار من زعم ذلك.
قال القاضي في التعليق المذهب المعول عليه إلى المنع من النظر ما هو عورة ونحوه.
قال الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وجوز أبو بكر النظر إليها في حال كونها حاسرة.
وحكى بن عقيل رواية بأن له النظر إلى ما عدا العورة المغلظة ذكرها في المفردات.
والعورة المغلظة هي الفرجان وهذا مشهور عن داود الظاهري.
تنبيه حيث أبحنا له النظر إلى شيء من بدنها فله تكرار النظر إليه وتأمل المحاسن كل ذلك إذا أمن الشهوة قيده بذلك الأصحاب.
تنبيه آخر مقتضى قوله ويجوز لمن أراد خطبة امرأة أن محل النظر قبل الخطبة وهو صحيح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وينبغي أن يكون النظر بعد العزم على نكاحها وقبل الخطبة.
18

فائدتان
إحداهما قال الإمام أحمد رحمه الله إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا فإن حمد سأل عن دينها فإن حمد تزوج وإن لم يحمد يكون رده لأجل الدين ولا يسأل أولا عن الدين فإن حمد سأل عن الجمال فإن لم يحمد ردها فيكون رده للجمال لا للدين.
الثانية قال ابن الجوزي ومن ابتلى بالهوى فأراد التزوج فليجتهد في نكاح التي ابتلى بها إن صح ذلك وجاز وإلا فليتخير ما يظنه مثلها.
قوله (وله النظر إلى ذلك وإلى الرأس والساقين من الأمة المستامة).
يعني له النظر إلى ما يظهر غالبا وإلى الرأس والساقين منها وهو المذهب جزم به في الوجيز والهداية والمذهب والخلاصة.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمستوعب.
وعنه ينظر سوى عورة الصلاة جزم به في الكافي فقال ويجوز لمن أراد شراء جارية النظر منها إلى ما عدا عورتها.
وقيل ينظر غير ما بين السرة والركبة.
قال الناظم هذا المقدم.
وقيل حكمها في النظر كالمخطوبة.
ونقل حنبل لا بأس أن يقلبها إذا أراد شراءها من فوق ثيابها لأنها لا حرمة لها.
قال القاضي أجاز تقليب الظهر والصدر بمعنى لمسه من فوق الثياب.
قوله (ومن ذوات محارمه).
19

يعني يجوز له النظر من ذوات محارمه إلى ما لا يظهر غالبا وإلى الرأس والساقين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
واعلم أن حكم ذوات محارمه حكم الأمة المستامة في النظر خلافا ومذهبا على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
وعنه لا ينظر من ذوات محارمه إلى غير الوجه ذكرها في الرعاية وغيرها.
وعنه لا ينظر منهن إلا إلى الوجه والكفين.
فائدتان
إحداهما حكم المرأة في النظر إلى محارمها حكمهم في النظر إليها قاله في الفروع وغيره.
الثانية ذوات محارمه من يحرم نكاحها عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح فلا ينظر إلى أم المزني بها ولا إلى ابنتها ولا إلى بنت الموطوأة بشبهة.
قاله المصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
قوله (وللعبد النظر إليهما من مولاته).
يعني إلى الوجه والكفين وهذا أحد القولين.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وتجريد العناية وغيرهم.
وصححه في النظم واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والشرح والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
والصحيح من المذهب أن للعبد النظر من مولاته إلى ما ينظر إليه الرجل من ذوات محارمه على ما تقدم خلافا ومذهبا قدمه في الفروع وجزم به في الكافي.
وعنه المنع من النظر للعبد مطلقا نقله بن هانئ وهو قول في الرعاية الكبرى.
20

قال الشارح وهو قول بعض أصحابنا وما هو ببعيد.
فائدة قال في الفروع وظاهر كلامهم لا ينظر عبد مشترك ولا ينظر الرجل أمة مشتركة لعموم منع النظر إلا من عبدها وأمته انتهى.
وقال بعض الأصحاب للعبد المشترك بين النساء النظر إلى جميعهن لوجود الحاجة بالنسبة إلى الجميع.
وجزم به في تجريد العناية فقال ولعبد ولو مبعضا نظر وجه سيدته وكفيها.
وذكر المصنف في فتاويه أنه يجوز لهن جميعهن النظر إليه لحاجتهن إلى ذلك بخلاف الأمة المشتركة بين رجال ليس لأحد منهم النظر إلى عورتها.
قوله (ولغير أولي الإربة من الرجال كالكبير والعنين ونحوهما النظر إلى ذلك).
يعني إلى الوجه والكفين وهذا أحد الوجهين صححه في النظم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل حكمهم حكم العبد مع سيدته في النظر وهو المذهب قدمه في الفروع.
قال في الكافي والمغني حكمهم حكم ذي المحارم في النظر وقطع به.
وقيل لا يباح لهم النظر مطلقا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب أن الخصي والمجبوب لا يجوز لهما النظر إلى الأجنبية وهو صحيح وهو المذهب.
قال الأثرم استعظم الإمام أحمد رحمه الله إدخال الخصيان على النساء.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
21

قال ابن عقيل لا تباح خلوة النساء بالخصيان ولا بالمجبوبين لأن العضو وإن تعطل أو عدم فشهوة الرجال لا تزول من قلوبهم ولا يؤمن التمتع بالقبل وغيرها وكذلك لا يباح خلوة الفحل بالرتقاء من النساء لهذه العلة انتهى.
وقيل هما كذي محرم وهو احتمال في الهداية.
قال في الفروع ونصه لا.
وقال في الانتصار الخصي يكسر النشاط ولهذا يؤمن على الحرم.
قوله (وللشاهد والمبتاع النظر إلى وجه المشهود عليها ومن تعامله).
هذا أحد الوجهين وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه ينظر إلى وجهها وكفيها إذا كانت تعامله.
وذكر بن رزين أن الشاهد والمبتاع ينظران إلى ما يظهر غالبا.
فائدة ألحق في الرعايتين والحاوي الصغير المستأجر بالشاهد والمبتاع.
زاد في الرعاية الكبرى والمؤجر والبائع.
ونقل حرب ومحمد بن أبي حرب في البائع ينظر كفها ووجهها إن كانت عجوزا رجوت وإن كانت شابة تشتهي أكره ذلك.
تنبيه إباحة نظر هؤلاء مقيد بحاجتهما.
فائدة من ابتلى بخدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء أو غيرهما فحكمه حكم الطبيب في النظر والمس نص عليه.
وكذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته نص عليه وقاله أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير.
22

قوله (وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه هو كالمحرم وأطلق في الكافي في المميز روايتين.
قوله (فإن كان ذا شهوة فهو كذي المحرم).
وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه أنه كالأجنبي وأطلقهما في الكافي والفائق والقواعد الأصولية.
وقيل كالطفل ذكره في الرعاية الكبرى.
قلت وهو ضعيف جدا.
وقال في الرعاية الصغرى فهو كذي محرم.
وعنه كأجنبي بالغ.
فائدتان
إحداهما حكم بنت تسع حكم المميز ذي الشهوة على الصحيح من المذهب.
وذكر أبو بكر قول الإمام أحمد في رواية عبد الله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغت المحيض فلا تكشف إلا وجهها ويديها.
ونقل جعفر في الرجل عنده الأرملة واليتيمة لا ينظر وأنه لا بأس بنظر الوجه بلا شهوة.
الثانية لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع ولا لمسها نص عليه.
23

ونقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها إن لم يجد شهوة فلا بأس.
ولا يجب سترهما مع أمن الشهوة جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال في الفائق ولا بأس بالنظر إلى طفلة غير صالحة للنكاح بغير شهوة.
وهل هو محدود بدون السبع أو بدون ما تشتهي غالبا على وجهين.
قوله (وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة).
يجوز للمرأة المسلمة النظر من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وصاحب الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وشرح بن منجا وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
والصحيح من المذهب أنها لا تنظر منها إلا إلى غير العورة.
وجزم به في المحرر والنظم والفروع والفائق والمنور.
ولعل من قطع أولا أراد هذا.
لكن صاحب الرعاية غاير بين القولين وهو الظاهر.
ومرادهم بعورة المرأة هنا كعورة الرجل على الخلاف صرح به الزركشي في شرح الوجيز.
وأما الكافرة مع المسلمة فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسلمة مع المسلمة جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح ونصراه وصححه في الكافي وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا تنظر الكافرة من المسلمة ما لا يظهر غالبا.
24

وعنه هي معها كالأجنبي قدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وقالوا نص عليه.
وقطع به الحلواني في التبصرة.
واستثنى القاضي أبو يعلى على هذه الرواية الكافرة المملوكة لمسلمة فإنه يجوز أن تظهر على مولاتها كالمسلمة وأطلقهما في المذهب.
فائدة يجوز أن تكون الكافرة قابلة للمسلمة للضرورة وإلا فلا نص عليه.
وأما الرجل مع الرجل ولو كان أمرد فالمذهب أنه لا ينظر منه إلا ما بين السرة والركبة وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى وقال وقيل ينظر غير العورة.
فيحتمل أنه كالأول لكن عند صاحب الرعاية أنه أعم من الأول.
قوله (ويباح للمرأة النظر من الرجل إلى غير العورة).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والفائق والمحرر.
وقال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه يباح لها النظر منه إلى ما يظهر غالبا.
وعنه لا يباح النظر إليه وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وقطع به بن البنا واختاره أبو بكر قاله القاضي نقله الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح المحرر.
25

وقال ابن عقيل أيضا يحرم النظر.
ونقل القاضي أيضا عن أبي بكر الكراهة.
وقال الشيخ تقي الدين في شرح المحرر ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والقاضي كراهة نظرها إلى وجهه وبدنه وقدميه واختار الكراهة.
وقيل لا يحرم النظر إلى ما يظهر غالبا وقت مهنة وغفلة.
تنبيه قال في الفروع أطلق الأصحاب إباحة النظر للمرأة إلى غير العورة من الرجل.
ونقل الأثرم يحرم النظر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عقيل في الفنون قال أبو بكر لا تختلف الرواية أنه لا يجوز لهن.
قال في الفروع ويؤيد الأول أن الإمام أحمد رحمه الله لم يجب بالتخصيص في الأخبار التي في المسألة.
وقال القاضي في الروايتين يجوز لهن رواية واحدة لأنهن في حكم الأمهات في الحرمة والتحريم فجاز مفارقتهن في هذا القدر بقية النساء.
قلت وهذا أولى.
فوائد.
منها يجوز النظر من الأمة وممن لا تشتهى كالعجوز والبرزة والقبيحة ونحوهم إلى غير عورة الصلاة على الصحيح من المذهب.
واختار المصنف والشارح جواز النظر من ذلك إلى ما لا يظهر غالبا.
وقال في الرعاية الكبرى ويباح نظر وجه كل عجوز برزة همة ومن لا يشتهي مثلها غالبا وما ليس بعورة منها ولمسه ومصافحتها والسلام عليها إن أمن على نفسه ومعناه في الرعاية الصغرى والحاوي.
ونقل حنبل إن لم تختمر الأمة فلا بأس.
وقيل الأمة القبيحة كالحرة والجميلة.
26

ونقل المروذي لا ينظر إلى المملوكة كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل.
ونقل بن منصور لا تنتقب الأمة ونقل أيضا تنتقب الجميلة.
وكذا نقل أبو حامد الخفاف.
قال القاضي لكن يمكن حمل ما أطلقه على ما قيده.
قلت الصواب أن الجميلة تنتقب وأنه يحرم النظر إليها كما يحرم النظر إلى الحرة الأجنبية.
تنبيه حيث قلنا يباح ففي تحريم تكرار نظر وجه مستحسن وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب التحريم.
ومنها الخنثى المشكل في النظر إليه كالمرأة تغليبا لجانب الحظر ذكره بن عقيل.
قال في الفروع ويخرج وجه من ستر العورة في الصلاة أنه كالرجل.
وقال في الرعاية وإن تشبه خنثى مشكل بذكر أو أنثى أو مال إلى أحدهما فله حكمه في ذلك.
وقال قلت لا يزوج بحال فإن خاف الزنى صام أو استمنى وإلا فهو مع امرأة كالرجل ومع رجل كامرأة.
ومنها ظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدا وهو صحيح وهو المذهب.
وجوز جماعة من الأصحاب نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة.
وجزم به في المستوعب في آدابه وذكره الشيخ تقي الدين رواية.
27

قال القاضي المحرم ما عدا الوجه والكفين.
وصرح القاضي في الجامع أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة.
ثم قال النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة مكروه.
وهكذا ذكر بن عقيل وأبو الحسين.
وقال أبو الخطاب لا يجوز النظر لغير من ذكرنا إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة وحكى الكراهة في غير العورة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة رواية عن الإمام أحمد يكره ولا يحرم.
وقال ابن عقيل لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة انتهى.
قلت وهذا الذي لا يسع الناس غيره خصوصا للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم وهو مذهب الشافعي.
ويأتي في آخر العدد هل يجوز أن يخلو بمطلقته أو أجنبية أم لا.
قوله (ويجوز النظر إلي الغلام لغير شهوة).
النظر إلى الأمرد لغير شهوة على قسمين.
أحدهما أن يأمن ثوران الشهوة.
فهذا يجوز له النظر من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم وقاله أبو حكيم وغيره ولكن تركه أولى صرح به بن عقيل.
قال وأما تكرار النظر فمكروه.
وقال أيضا في كتاب القضاء تكرار النظر إلى الأمرد محرم لأنه لا يمكن بغير شهوة.
28

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن كرر النظر إلى الأمرد أو داومه وقال إني لا أنظر بشهوة فقد كذب في ذلك.
وقال القاضي نظر الرجل إلى وجه الأمرد مكروه.
وقال ابن البنا النظر إلى الغلام الأمرد الجميل مكروه نص عليه وكذا قال أبو الحسين.
القسم الثاني أن يخاف من النظر ثوران الشهوة.
فقال الحلواني يكره وهل يحرم على وجهين.
وحكى صاحب الترغيب ثلاثة أوجه التحريم وهو مفهوم كلام صاحب المحرر فإنه قال يجوز لغير شهوة إذا أمن ثورانها.
واختاره الشيخ تقي الدين فقال أصح الوجهين لا يجوز كما أن الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية لكن يخاف ثورانها.
وقال المصنف في المغني إذا كان الأمرد جميلا يخاف الفتنة بالنظر إليه لم يجز تعمد النظر إليه.
قال في الفروع ونصه يحرم النظر خوف الشهوة.
والوجه الثاني الكراهة وهو الذي ذكره القاضي في الجامع وجزم به الناظم.
والوجه الثالث الإباحة وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكثير من الأصحاب.
والمنقول عن الإمام أحمد رحمه الله كراهة مجالسة الغلام الحسن الوجه.
وقال في الرعاية الكبرى ويحرم النظر إلى الأمرد لشهوة ويجوز بدونها مع منها.
وقيل وخوفها.
29

وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وإن خاف ثورانها فوجهان.
فائدة قال ابن عقيل يحرم النظر مع شهوة تخنيث وسحاق وإلى دابة يشتهيها ولا يعف عنه وكذا الخلوة بها.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.
فوائد.
منها قوله ولا يجوز النظر إلي أحد ممن ذكرنا لشهوة.
وهذا بلا نزاع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن استحله كفر إجماعا.
وكذا لا يجوز النظر إلى أحد ممن تقدم ذكره إذا خاف ثوران الشهوة نص عليه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
ومنها معنى الشهوة التلذذ بالنظر.
ومنها لمس من تقدم ذكره كالنظر إليه على قول.
وعلى قول آخر هو أولى بالمنع من النظر واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.
ومنها صوت الأجنبية ليس بعورة على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ليس بعورة على الأصح.
قال ابن خطيب السلامية قال القاضي الزريرانى الحنبلي في حواشيه على المغني هل صوت الأجنبية عورة فيه روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد رحمه الله ظاهر المذهب ليس بعورة انتهى.
وعنه أنه عورة اختاره بن عقيل فقال يجب تجنب الأجانب الاستماع من صوت النساء زيادة على ما تدعو الحاجة إليه لأن صوتها عورة انتهى.
30

قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح يسلم على المرأة الكبيرة فأما الشابة فلا تنطق.
قال القاضي إنما قال ذلك من خوف الافتتان بصوتها وأطلقهما في المذهب.
وعلى كلا الروايتين يحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة جزم به في المستوعب والرعاية والفروع وغيرهم.
قال القاضي يمنع من سماع صوتها.
وقال ابن عقيل في الفصول يكره سماع صوتها بلا حاجة.
قال ابن الجوزي في كتاب النساء له سماع صوت المرأة مكروه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها إذا كانت في قراءتها إذا قرأت بالليل.
ومنها إذا منعنا المرأة من النظر إلى الرجل فهل تمنع من سماع صوته ويكون حكمه حكم سماع صوتها.
قال القاضي في الجامع الكبير قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا لا يعجبني أن يؤم الرجل النساء إلا أن يكون في بيته يؤم أهله أكره أن تسمع المرأة صوت الرجل.
قال ابن خطيب السلامية في نكته وهذا صحيح لأن الصوت يتبع الصورة ألا ترى أنه لما منع من النظر إلى الأجنبية منع من سماع صوتها.
كذلك المرأة لما منعت من النظر إلى الرجل منعت من سماع صوته.
قال ابن خطيب السلامية في نكتة لم تزل النساء تسمع أصوات الرجال والفرق بين النساء والرجال ظاهر.
ومنها تحرم الخلوة لغير محرم للكل مطلقا ولو بحيوان يشتهي المرأة وتشتهيه هي كالقرد ونحوه.
31

ذكره بن عقيل وابن الجوزي والشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال الخلوة بأمرد حسن ومضاجعته كامرأة ولو كان لمصلحة تعليم وتأديب ومن يقر موليه عند من يعاشره كذلك ملعون ديوث ومن عرف بمحبتهم أو معاشرة بينهم منع من تعليمهم.
وقال ابن الجوزي كان السلف يقولون الأمرد أشد فتنة من العذارى.
قال ابن عقيل الأمرد ينفق على الرجال والنساء فهو شبكة الشيطان في حق النوعين.
ومنها كره الإمام أحمد رحمه الله مصافحة النساء وشدد أيضا حتى لمحرم وجوزه لوالد.
قال في الفروع ويتوجه ولمحرم.
وجوز الإمام أحمد رحمه الله أخذ يد عجوز وفي الرعاية وشوهاء.
وسأله بن منصور يقبل ذات المحارم منه قال إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه لكن لا يفعله على الفم أبدا الجبهة والرأس.
ونقل حرب فيمن تضع يدها على بطن رجل لا تحل له قال لا ينبغي إلا لضرورة.
ونقل المروذي أتضع يدها على صدره قال ضرورة.
قوله (ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن الآخر ولمسه من غير كراهة).
هذا المذهب مطلقا حتى الفرج وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم والحاوي الصغير والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يكره لهما نظر الفرج جزم به في الكافي وقدمه في الرعايتين.
32

وقال الآمدي في فصوله وليس للزوج النظر إلى فرج امرأته في إحدى الروايتين نقله بن خطيب السلامية.
وقيل يكره لهما عند الجماع خاصة.
وجزم في المستوعب بأنه يكره النظر إلى فرجها حال الطمث فقط وجزم به في الرعايتين وزاد في الكبرى وحال الوطء.
فائدتان
إحداهما قال القاضي في الجامع يجوز تقبيل فرج المرأة قبل الجماع ويكره بعده وذكره عن عطاء.
الثانية ليس لها استدخال ذكر زوجها وهو نائم بلا إذنه ولها لمسه وتقبيله بشهوة وجزم به في الرعاية وتبعه في الفروع وصرح به بن عقيل.
وقال لأن الزوج يملك العقد وحبسها ذكراه في عشرة النساء.
ومر بي في بعض التعاليق قول إن لها ذلك ولم أستحضر الآن في أي كتاب هو.
قوله (وكذلك السيد مع أمته).
حكم السيد مع أمته المباحة له حكم الرجل مع زوجته في النظر واللمس خلافا ومذهبا.
تنبيه في قول المصنف مع أمته نظر لأنه يدخل في عمومه أمته المزوجة والمجوسية والوثنية ونحوهن وليس له النظر إلى واحدة منهن ولا لمسها لما سيذكر في موضعه.
وجعل كثير من الأصحاب مكان أمته سريته.
قال ابن منجا وفيه نظر أيضا لأنه يحرم عليه أمته التي ليست سرية والحال أن له النظر إليها ولمسها فلذلك قال بعض الأصحاب منهم المصنف
33

في الكافي والناظم وصاحب المنور وغيرهم أمته المباحة وهو أجود مما تقدم انتهى.
قلت وهو مراد المصنف وغيره.
فائدتان
إحداهما لو زوج أمته جاز له النظر منها إلى غير العورة على الصحيح من المذهب جزم به في الفائق وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال في الترغيب هو كمحرم ونقل حنبل كأمة غيره.
الثانية يكره النظر إلى عورة نفسه قاله في الترغيب وغيره.
وقال في المستوعب وغيره يستحب أن لا يديمه.
وقال الأزجى في نهايته يعرض ببصره عنها لأنه يدل على الدناءة انتهى.
وتقدم في باب الاستنجاء هل يكره مس فرجه مطلقا أو في حال التخلي.
قوله (ولا يجوز التصريح).
وهو ما لا يحتمل غير النكاح.
بخطبة المعتدة ولا التعريض.
وهو ما يفهم منه النكاح مع احتمال غيره.
بخطبة الرجعية بلا نزاع.
قوله (ويجوز في عدة الوفاة يعني التعريض).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الانتصار والمفردات إن دلت على اقترانهما كمتحابين قبل موت الزوج منعنا من تعريضه في العدة.
34

قوله (ويجوز في عدة البائن بطلاق ثلاث بلا نزاع).
وهل يجوز في عدة البائن بغير الثلاث على وجهين.
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والبلغة والشرح وشرح بن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما لا يجوز جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في المحرر.
الثاني يجوز وهو المذهب جزم به في العمدة.
وصححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
تنبيه محل الخلاف إذا كان المعرض أجنبيا.
فأما من كانت في عصمته فإنه يباح له التعريض والتصريح بلا نزاع.
قوله (ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب).
هذا المذهب يعني يحرم وعليه جماهير الأصحاب.
قال ابن خطيب السلامية قاله أصحابنا.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والشرح والنظم والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل يكره اختاره أبو حفص.
قال ابن خطيب السلامية في نكته والشريف أبو جعفر قاله في الفائق والزركشي.
فعلى المذهب يصح العقد على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه لا يصح اختاره أبو بكر قاله بن خطيب السلامية.
وقال الزركشي قال أبو بكر البيع على بيع أخيه باطل نص عليه.
35

فخرج بن عقيل وغيره بطلان النكاح للنهي.
قوله (ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إن أجيب).
واعلم أنه إذا أجيب تصريحا فلا كلام.
وإن أجيب تعريضا فظاهر كلام المصنف هنا أنه لا يحل له أيضا كالتصريح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي وصححه الناظم.
واختاره المصنف في المغني والشارح وجزم به في الوجيز.
وعنه يجوز.
قال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله إباحة خطبتها.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن له أن يخطب على خطبة الذمي مطلقا لأنه ليس بأخيه وهو صحيح نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية علي بن سعيد.
فائدة قوله وإن رد حل بلا نزاع.
وكذا إن ترك الخطبة أو أذن له.
وكذا إن سكت عنه عند القاضي في المجرد وابن عقيل وقدمه الزركشي وعن القاضي سكوت البكر رضى.
قوله (وإن لم يعلم بالحال فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن منجا والفروع والفائق وتجريد العناية والزركشي.
36

إحداهما يجوز وهو الصحيح وهو ظاهر ما نقله الميموني.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور.
والثاني لا يجوز وهو ظاهر كلامه في العمدة.
فائدة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو خطبت المرأة أو وليها لرجل ابتداء فأجابها فينبغي أن لا يحل لرجل آخر خطبتها إلا أنه أضعف من أن يكون هو الخاطب.
ونظير الأولى أن تخطبه امرأة أو وليها بعد أن يخطب هو امرأة فإن هذا إيذاء للمخطوب في الموضعين كما أن ذاك إيذاء للخاطب وهذا بمنزلة البائع على بيع أخيه قبل انعقاد العقد وذلك كله ينبغي أن يكون حراما.
فائدة أخرى لو أذنت لوليها أن يزوجها من رجل بعينه احتمل أن يحرم على غيره خطبتها كما لو خطب فأجابت ويحتمل أن لا يحرم لأنه لم يخطبها أحد قال ذلك القاضي أبو يعلى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا دليل من القاضي على أن سكوت المرأة عند الخطبة ليس بإجابة بحال.
قوله (والتعويل في الرد والإجابة عليها إن لم تكن مجبرة).
بلا نزاع وإن كانت مجبرة فعلى الولي.
هذا المذهب سواء رضيت أو كرهت جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والزركشي.
صرح به القاضي وابن عقيل.
وقال المصنف والشارح لو أجاب ولي المرأة فكرهت المجاب واختارت
37

غيره سقط حكم إجابة وليها وإن كرهته ولم تختر سواه فينبغي أن يسقط حكم الإجابة وإن أجابت ثم رجعت زال حكم الإجابة.
قوله (ويستحب عقد النكاح مساء يوم الجمعة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يستحب عقده يوم الجمعة أو الخميس والمساء أولى.
قوله (وأن يخطب قبل العقد بخطبة بن مسعود).
وهذا المذهب أيضا وعليه الأصحاب والعمل عليه قديما وحديثا.
وقال الشيخ عبد القادر إن أخر الخطبة عن العقد جاز انتهى.
قلت ينبغي أن يقال مع النسيان بعد العقد.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يزيد على خطبة بن مسعود رضي الله عنه وهو المذهب وعليه الأصحاب وقاله في العمدة ويقرأ ثلاث آيات وذكرها.
وقال في عيون المسائل يأتي بخطبة بن مسعود رضي الله عنه بالآيات الثلاث وإن الله أمر بالنكاح ونهى عن السفاح فقال مخبرا وآمرا * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) *.
وقال الشيخ عبد القادر ويستحب أن يزيد هذه الآية أيضا.
فائدتان
إحداهما كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى إذا حضر العقد ولم يسمع الخطبة انصرف.
والمجزئ منها أن يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانية قال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر وقع في كلام القاضي في الجامع ما يقتضي أنه يستحب أن يتزوج في شوال.
38

فائدة في خصائصه صلى الله عليه وسلم.
كان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بأي عدد شاء فيكون قوله تعالى * (يا أيها النبي إنا أحللنا لك) * ناسخا لقوله * (لا يحل لك النساء من بعد) * قاله في الفروع.
وقال في الرعاية كان له أن يتزوج بأي عدد شاء إلى أن نزل قوله تعالى * (لا يحل لك النساء من بعد) * فتكون هذه الآية ناسخة للآية الأولى.
وقال القاضي الآية الأولى تدل على أن من لم تهاجر معه من النساء لم تحل له.
قال في الفروع فيتوجه احتمال أنه شرط في قراباته في الآية لا الأجنبيات انتهى.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلا ولي ولا شهود وفي زمن الإحرام أيضا قدمه في الفروع.
قال القاضي في الجامع الكبير ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني جواز النكاح له بلا ولي ولا شهود وفي زمن الإحرام.
وأطلق أبو الحسين ووالده وغيرهما وجهين.
وقال ابن حامد لم يكن له النكاح بلا ولي ولا شهود ولا زمن الإحرام مباحا.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلفظ الهبة جزم به في الفصول والمستوعب والرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
وقد جزم بن الجوزي بجوازه عن الإمام أحمد رحمه الله وعنه الوقف.
وكان له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بلا مهر جزم به الأصحاب وجزم به بن الجوزي عن العلماء.
وكان صلى الله عليه وسلم واجبا عليه السواك والأضحية والوتر على الصحيح
39

من المذهب جزم به في المستوعب والرعاية الكبرى وخصال بن البنا والعدة للشيخ عبد الله كتيلة وقدمه في الفصول.
قال الزركشي وجوب السواك اختيار القاضي وابن عقيل.
وقيل ليس بواجب عليه ذلك اختاره بن حامد ذكره عنه في الفصول.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى في السواك في بابه.
وقال في الفصول وكان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر.
وقال في الرعاية وكان واجبا عليه الضحى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا غلط ولم يكن صلى الله عليه وسلم يواظب على الضحى باتفاق العلماء بسنته.
وكان صلى الله عليه وسلم واجبا عليه قيام الليل ولم ينسخ على الصحيح من المذهب ذكره أبو بكر وغيره.
وقال القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل نسخ جزم به في الفصول والمستوعب.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لو ادعى عليه كان القول قوله من غير يمين وإن ادعى هو بحق كان القول قوله من غير يمين قاله أبو البقاء العكبري نقله عنه بن خطيب السلامية في نكته على المحرر.
وأوجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين فراقه والإقامة معه.
قال في الفروع وظاهر كلامهم أنه صلى الله عليه وسلم في وجوب التسوية في القسم كغيره وذكره في المجرد والفنون والفصول.
وظاهر كلام بن الجوزي أنه غير واجب.
وفي المنتقى احتمالان.
قال أصحابنا القاضي وغيره وفرض عليه صلى الله عليه وسلم إنكار المنكر إذا رآه على كل حال.
40

قال في الرعاية فرض عليه إنكار المنكر إذا رآه على كل حال وغيره في حال دون حال.
قلت حكى ذلك قولا بن البناء في خصاله واقتصر عليه.
قال في المستوعب وقيل فرض عليه إنكار المنكر واقتصر عليه.
ومنع صلى الله عليه وسلم من الرمز بالعين والإشارة بها وإذا لبس لأمة الحرب أن لا ينزعها حتى يلقى العدو.
ومنع صلى الله عليه وسلم أيضا من الشعر والخط وتعلمهما.
واختار بن عقيل انه صرف عن الشعر كما أعجز عن الكتابة قال ويحتمل أن يجتمع الصرف والمنع.
ومنع صلى الله عليه وسلم من نكاح الكتابية كالأمة مطلقا على الصحيح من المذهب وقاله بن شاقلا وابن حامد والقاضي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وجزم به في المستوعب والرعاية الكبرى والفصول.
وعنه لم يمنع واختاره الشريف.
وقال في عيون المسائل يباح له صلى الله عليه وسلم ملك اليمين مسلمة كانت أو مشركة.
وتقدم في أواخر باب ذكر أهل الزكاة حكم الصدقة.
وأبيح له صلى الله عليه وسلم الوصال وخمس خمس الغنيمة.
قال المصنف وإن لم يحضر.
وأبيح له صلى الله عليه وسلم الصفي من الغنم ودخول مكة محلا ساعة.
وجعلت تركته صلى الله عليه وسلم صدقة.
قال في الفروع وظاهر كلامهم لا يمنع من الإرث.
وقال في عيون المسائل لا يرث ولا يعقل بالإجماع.
41

وله صلى الله عليه وسلم أخذ الماء من العطشان.
ويلزم كل واحد أن يقيه بنفسه وماله فله طلب ذلك.
وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط.
وجوز بن حامد وغيره نكاح من فارقها في حياته.
وهن أزواجه في الدنيا والآخرة.
وهن أمهات المؤمنين يعني في تحريم النكاح.
والنجس منا طاهر منه ذكره في الفنون وغيره وقدمه في الفروع.
وفي النهاية لأبي المعالي وغيرها ليس بطاهر.
وهو صلى الله عليه وسلم طاهر بعد موته بلا نزاع بين العلماء بخلاف غيره فإن فيه خلافا على ما تقدم في باب إزالة النجاسة.
ولم يذكر الأصحاب هذه المسألة هنا.
42

وذكر بن عقيل أنه لم يكن له فيئ في شمس ولا قمر لأنه نوراني والظل نوع ظلمة.
وكانت تجتذب الأرض أثفاله انتهى.
وساوى الأنبياء في معجزاتهم وانفرد بالقرآن والغنائم وجعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا والنصر بالرعب مسيرة شهر.
وبعث إلى الناس كافة وكل نبي إلى قومه.
ومعجزاته صلى الله عليه وسلم باقية إلى يوم القيامة وانقطعت معجزات الأنبياء بموتهم.
وتنام عينه ولا ينام قلبه فلا نقض بنومه مضطجعا.
وتقدم ذلك في نواقض الوضوء.
ويرى من خلفه كما يرى من أمامه.
قال الإمام أحمد رحمه الله وجمهور العلماء هذه الرؤية رؤية العين حقيقة.
ولم يكن لغيره أن يقتل إلا بإحدى ثلاث وكان له ذلك صلوات الله وسلامه عليه نص عليه في رواية أبي داود والدفن بالبنيان مختص به قالت عائشة لئلا يتخذ قبره مسجدا.
وقال جماعة لوجهين.
أحدهما قوله ويدفن الأنبياء حيث يموتون رواه الإمام أحمد رحمه الله.
والثاني لئلا تمسه أيدي العصاة والمنافقين.
وقال أبو المعالي وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحبة للرجال والنساء قال في الفروع وهو ظاهر كلام غيره.
43

قلت فيعايى بها.
وقال ابن الجوزي على قول أكثر المفسرين في قوله * (ولا تمنن تستكثر) * لا تهد لتعطى أكثر هذا الأدب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وأنه لا إثم على أمته في ذلك.
قال الإمام أحمد رحمه الله خص النبي صلى الله عليه وسلم بواجبات ومحظورات ومباحات وكرامات.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه خص بصلاة ركعتين بعد العصر واختاره بن عقيل.
قال ابن بطة كان خاصا به وكذا أجاب القاضي.
قال في الفروع ويتوجه أن صلاته قاعدا بلا عذر كصلاته قائما خاص به.
قال وظاهر كلامهم أنه لو كان لنبي مال أنه تلزمه الزكاة.
وقيل للقاضي الزكاة طهرة والنبي مطهر قال باطل بزكاة الفطر ثم بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بأنهم مطهرون ولو كان لهم مال لزمتهم الزكاة
44

باب أركان النكاح وشروطه.
قوله (ولا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ النكاح والتزويج).
والقبول أن يقول قبلت هذا النكاح أو هذا التزويج.
ومن ألفاظ صيغ القبول تزوجتها.
قال في الفروع أو رضيت هذا النكاح.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن النكاح لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول بهذه الألفاظ لا غير وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يصح وينعقد بالكناية أيضا.
وخرجه بن عقيل في عمد الأدلة من جعله عتق الأمة صداقها.
وخرجه بعضهم من قول الخاطب والولي نعم فإنه لم يقع من المتخاطبين لفظ صريح.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينعقد بما عده الناس نكاحا بأي لغة ولفظ وفعل كان قال ومثله كل عقد.
وقال الشرط بين الناس ما عدوه شرطا فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع وتارة باللغة وتارة بالعرف وكذلك العقود انتهى نقله صاحب الفروع.
وقال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن خطه نقلت الذي عليه أكثر العلماء أن النكاح ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج قال وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وقياس مذهبه وعليه قدماء أصحابه فإن الإمام أحمد رحمه الله نص في غير موضع على أنه ينعقد بقوله جعلت عتقك صداقك وليس في هذا اللفظ
45

إنكاح ولا تزويج ولم ينقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه خصه بهذين اللفظين وأول من قال من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله فيما علمت أنه يختص بلفظ الإنكاح والتزويج بن حامد وتبعه على ذلك القاضي ومن جاء بعده لسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه انتهى.
وقال في الفائق وقال شيخنا قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحا من هبة وتمليك ونحوهما أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله أعتقتك وجعلت عتقك صداقك.
قال في الفائق وهو المختار.
ثم قال قلت ليس في كلام الإمام أحمد تخصيص ما ذكره الأصحاب إلا قوله إذا وهبت نفسها فليس بنكاح.
ثم قال والأظهر أن في صحته بلفظ الهبة ونحوها روايتين أخذا من قول بن عقيل في الفصول في الخصائص من كتاب النكاح واختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله هل النكاح بلفظ الهبة من خصائصه صلى الله عليه وسلم أم لا انتهى كلام صاحب الفائق.
وسئل الشيخ تقي الدين رحمه الله عن رجل لم يقدر أن يقول إلا قبلت تجويزها بتقديم الجيم فأجاب بالصحة بدليل قوله جوزتى طالق فإنها تطلق انتهى.
قلت يكتفي منه بقوله قبلت على ما يأتي ويكون هذا قول الأصحاب وهو المذهب.
فائدة لو قال الولي للزوج زوجتك فلانة بفتح التاء هل ينعقد النكاح.
توقف فيها ناصح الإسلام بن أبي الفهم.
وبعض الأصحاب فرق بين العارف باللغة والجاهل كقوله أنت طالق
46

إن دخلت الدار بفتح الهمزة وكسرها منهم الشيخ محيي الدين يوسف بن الجوزي وأفتى المصنف بصحته مطلقا.
وقال في الرعاية يصح جهلا أو عجزا وإلا احتمل وجهين.
وقال في الفروع في أوائل باب صريح الطلاق وكنايته يتوجه أن هذه المسألة كمثل ما لو قال لامرأته كلما قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق ثلاثا على ما يأتي في أوائل باب صريح الطلاق وكنايته.
ويأتي هناك لو قال لها أنت طالق بفتح التاء.
وهذه حادثة وقعت بحران زمن بن الصيرفي فسأل عنها العلماء ذكرها في النوادر.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن النكاح ينعقد إذا وجد الإيجاب والقبول سواء وقع من هازل أو ملجأ أو غيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
فائدة لا يصح تعليق النكاح على شرط مستقبل قاله الأصحاب على ما يأتي في كلام المصنف في باب الشروط في النكاح فيما إذا علق ابتداء النكاح على شرط.
قال ابن رجب إنما قال الأصحاب ذلك ليخرجوا الشروط الحاضرة والماضية مثل قوله زوجتك هذا المولود إن كان أنثى أو زوجتك ابنتي إن كانت عدتها قد انقضت أو إن كنت وليها وهما يعلمان ذلك فإنه يصح وكذلك تعليقه بمشيئة الله تعالى فإنه يصح.
قال ابن شاقلا لا نعلم فيه خلافا لأنه شرط موجود إذا الله شاءه حيث استجمعت أركانه وشروطه.
وكذلك لو قال زوجتك ابنتي إن شئت فقال قد شئت وقبلت
47

فإنه يصح لأنه شرط موجب العقد ومقتضاه لأن الإيجاب إذا صدر كان القبول إلى مشيئة القابل مقارنة للقبول ولا يتم العقد بدونه انتهى.
قوله (بالعربية لمن يحسنها).
الصحيح من المذهب أنه لا ينعقد إلا بالعربية لمن يحسنها جزم به في الوجيز والفائق والمنور ومنتخب الأزجى وقدمه في المحرر والفروع.
واختار المصنف انعقاده بغيرها.
واختاره الشارح أيضا وقال هو أقيس.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق وغيرهم.
وجزم به في التبصرة.
قوله (فإن قدر على تعلمهما بالعربية لم يلزمه في أحد الوجهين).
يعني إذا قلنا لا ينعقد النكاح إلا بالعربية لمن يحسنها وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والنظم.
أحدهما لا يلزمه تعلمهما وينعقد بلسانه بمعناهما الخاص لهما وهو المذهب اختاره القاضي وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الفصول والوجيز والمنور وغيرهم.
ونصره المصنف والشارح وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين والفروع والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني يلزمه.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قدر أن يتعلم ذلك بالعربية لزمه في أصح الوجهين.
وقدمه في الهداية والمستوعب.
قوله (فإن اقتصر على قول قبلت أو قال الخاطب للولي
48

أزوجت قال نعم وللمتزوج أقبلت قال نعم صح ذكره الخرقي).
نص عليه وهو المذهب.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله قطع به الجمهور ونصره الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
ويحتمل أن لا يصح فيهما.
قال ابن عقيل وهو الأشبه بالمذهب لعدم لفظ الإنكاح والتزويج.
واختار الصحة في اقتصاره على قول قبلت دون اقتصاره على قوله نعم في الإيجاب أو القبول.
فائدتان
إحداهما لو أوجب النكاح ثم جن قبل القبول بطل العقد كموته نص عليه.
ولو أوجبه ثم أغمي عليه قبل القبول فهل يبطل العقد فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يبطل وهو الصحيح جزم به في المغني والكافي والشرح والرعاية والفائق وشرح بن رزين.
والوجه الثاني لا يبطل قال القاضي في الجامع هذا قياس المذهب.
قلت ويتوجه الصحة إذا قال في المجلس.
الثانية ينعقد نكاح الأخرس بإشارة مفهومة نص عليه وكذا بكتابة ذكره الأصحاب.
49

وكلام المصنف وغيره ممن لم يذكر المسألة وأطلق في قولهم لا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ الإنكاح مرادهم القادر على النطق فأما مع العجز المطلق فيصح وأما الكتابة في حق القادر على النطق فلا ينعقد بها النكاح مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل ينعقد ذكرهما في المحرر وغيره وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال في الرعاية الكبرى الأظهر المنع مع حضوره والصحة مع غيبته.
قوله (وإن تقدم القبول الإيجاب لم يصح).
هذا المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والبلغة والمنور والمحرر وقال رواية واحدة.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وذكر بن عقيل وجماعة رواية بالصحة منهم صاحب الفائق إذا تقدم بلفظ الماضي أو الأمر قال الناظم.
وإن يتقدم لم نصححه بتة * ولو صححوا تقديمه لم أبعد.
وقال في الرعاية من عنده لو قال زوجني فقال زوجتك أو قال له الولي تزوجت فقال تزوجت صح.
وقال المصنف ويحتمل أن يصح إذا تقدم بلفظ الطلب.
تنبيه قوله وإن تراخى عنه صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه يعني في العرف.
قوله (فإن تفرقا قبله بطل الإيجاب).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
50

وعنه لا يبطل وعنه لا يبطل مع غيبة الزوج.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أخذت هذه الرواية من قوله في رواية أبي طالب في رجل مشى إليه قوم فقالوا زوج فلانا فقال قد زوجته على ألف فرجعوا إلى الزوج فأخبروه فقال قد قبلت هل يكون هذا نكاحا قال نعم فأشكل هذا النص على الأصحاب.
فقال القاضي هذا حكم بصحته بعد التفرق عن مجلس العقد.
قال وهو محمول على أنه قد كان وكل من قبل العقد عنه ثم أخبر بذلك فأمضاه.
ورده بن عقيل وقال رواية أبي طالب تعطى أن النكاح الموقوف صحيح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد أحسن بن عقيل وهو طريقة أبي بكر فإن هذا ليس تراخيا للقبول وإنما هو تراخ للإجازة.
تنبيه ظاهر قوله وشروطه خمسة أحدها تعيين الزوجين.
لو خطب امرأة فأوجب له النكاح في غيرها فقبل يظنها مخطوبته أنه لا يصح وهو صحيح نص عليه.
فائدة قوله فإذا قال زوجتك بنتي وله بنات لم يصح حتى يشير إليها أو يسميها أو يصفها بما تتميز به وإن لم يكن له إلا ابنة واحدة صح.
بلا نزاع في ذلك في الجملة لكن لو عينا في الباطن واحدة وعقدا عليها العقد باسم غير متميز نحو أن يقول بنتي وله بنات أو يسميها باسم وينويها في الباطن غير مسماة ففي الصحة وجهان اختار القاضي في موضع الصحة.
واختار أبو الخطاب والقاضي أيضا في موضع آخر البطلان.
ومأخذه أن النكاح يشترط له الشهادة ويتعذر الإشهاد على النية.
51

وعن أبي حفص العكبري إن كانت المسماة غلطا لم يحل نكاحها لكونها مزوجة أو غير ذلك صح النكاح وإلا فلا.
ذكر ذلك في القاعدة الخامسة بعد المائة.
قوله (الثاني رضا الزوجين فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح إلا الأب له تزويج أولاده الصغار والمجانين وبناته الأبكار بغير إذنهم).
اعلم أن في تزويج الأب أولاده الصغار عشر مسائل.
إحداها أولاده الذكور العقلاء الذين هم دون البلوغ والكبار المجانين فله تزويجهم سواء أذنوا أو لا وسواء رضوا أم لا بمهر المثل أو بزيادة عليه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في كل واحد منهما وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر القاضي في إجبار مراهق عاقل نظر.
قلت الصواب عدم إجباره.
وقيل له تزويج الصغير إن احتاج إليه قاله القاضي في المجرد.
وحمله بن عقيل على المراهق والأكثر على الحاجة مطلقا على ما يأتي قريبا.
وقال في الانتصار يحتمل في بن تسع يزوج بإذنه سواء كان أبوه أو ولى غيره.
وقال صاحب الفروع يتوجه أنه كأنثى أو كعبد.
وقال أبو يعلى الصغير يحتمل أنه كثيب وإن سلمناه فلا مصلحة له وإذنه ضيق لا يكفي صمته.
وقيل لا يزوج لهما بأكثر من مهر المثل اختاره القاضي.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الصداق.
وقيل لا يجبر المجنون البالغ بحال اختاره أبو بكر.
52

وقيل يجبره مع الشهوة وإلا فلا اختاره القاضي.
وقيل لا يزوجه إلا الحاكم ذكره في الرعاية.
قلت تقديم الحاكم على الأب قول ساقط.
ويأتي هل لوصي الصغير الإجبار عند قوله ووصيه في النكاح بمنزلته.
فوائد.
منها ما قاله القاضي في الجامع الكبير إن تزويج الطفل والمعتوه ليس بإجبار إنما الإجبار في حق من له إذن واختيار انتهى.
ومنها لو كان يخنق في الأحيان لم يجز تزويجه إلا بإذنه.
ومنها ليس للابن الصغير إذا زوجه الأب خيار إذا بلغ على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيرها وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وظاهر كلام بن الجوزي أن له الخيار.
ومنها للأب قبول النكاح للمجنون والصغير وله أن يفوضه إلى الصغير.
قال في الفروع إن صح بيعه وطلاقه.
وقال في الرعاية ويصح قبول المميز بإذن وليه نص عليه.
قال في المغني والشرح فإن كان الغلام بن عشر وهو مميز فقياس المذهب جواز تفويض القبول إليه.
ومنها حيث قلنا يزوج الصغير والمجنون فيكون بواحدة وفي أربع وجهان وأطلقهما في الفروع.
وظاهر المغني والشرح الإطلاق.
قال القاضي في المجرد قياس المذهب أنه لا يزوجه أكثر من واحدة.
قلت وهو الصواب وجزم به في المذهب.
53

وقال القاضي في الجامع الكبير له تزويج ابنه الصغير بأربع.
قال ابن نصر الله في حواشيه وهو أظهر.
وجزم به بن رزين في شرحه وقال إذا رأى فيه مصلحة.
وهو مراد من أطلق ويأتي حكم سائر الأولياء في تزويجهم لهما.
المسألة الثانية أولاده الذكور العاقلين البالغين ليس له تزويجهم.
يعني بغير إذنهم بلا نزاع إلا أن يكون سفيها ففي إجباره وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والفروع والبلغة والحاوي الصغير في هذا الباب.
قلت الأولى الإجبار إن كان أصلح له.
وتقدم ذلك أيضا في باب الحجر بأتم من هذا فليراجع.
المسألة الثالثة ابنته البكر التي لها دون تسع سنين فله تزويجها بغير إذنها ورضاها بلا نزاع وحكاه بن المنذر إجماعا.
المسألة الرابعة البكر التي لها تسع سنين فأزيد إلى ما قبل البلوغ له تزويجها بغير إذنها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به الخرقي والمصنف في العمدة وصاحب الوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقالا هذا المشهور.
وقدمه أيضا في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا يجوز تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها.
قال الشريف أبو جعفر هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي وهي أظهر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والقواعد الأصولية وغيرهم.
54

واختار أبو بكر والشيخ تقي الدين رحمهما الله عدم إجبار بنت تسع سنين بكرا كانت أو ثيبا.
قال في رواية عبد الله إذا بلغت الجارية تسع سنين فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنها.
قال بعض المتأخرين من الأصحاب وهو الأقوى.
المسألة الخامسة البكر البالغة له إجبارها أيضا على الصحيح من المذهب مطلقا وهو ظاهر ما قدمه المصنف هنا حيث قال وبناته الأبكار.
وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وابنه أبو الحسين وأبو الخطاب في خلافه والشريف وابن البنا والمصنف والشارح وغيرهم.
وصححه في المذهب والخلاصة وجزم به في العمدة والوجيز.
قال في الإفصاح هذا أظهر الروايتين.
وقدمه في الهداية والمستوعب والبلغة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وقال وتجبر عند الأكثر بكر بالغة.
وعنه لا يجبرها اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفائق وهو الأصح.
قال الزركشي هي أظهر.
وقدمه بن رزين في شرحه وأطلقهما في المحرر والشرح.
فعلى المذهب يستحب إذنها وكذا إذن أمها قاله في النظم غيره.
السادسة البكر المجنونة له إجبارها مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل له إجبارها إن كان يملك إجبارها وهي عاقلة وإلا فلا وهو ظاهر الخلاف لأبي بكر.
55

فائدة لو كان وليها الحاكم فله تزويجها في وجه إذا اشتهته.
قاله في الرعاية وقال وإن كان وليها غير الحاكم والأب زوجها الحاكم.
وقيل بل يزوجها وليها.
قلت وهو الصواب.
وقد قال المصنف رحمه الله هنا لسائر الأولياء تزويج المجنونة إذا ظهر منها الميل إلى الرجال.
السابعة الثيب المجنونة الكبيرة له إجبارها على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع له إجبارها في الأصح.
وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى والمغني والشرح وصححاه.
وقيل لا تجبر البتة اختاره أبو بكر.
الثامنة الثيب العاقلة التي لها دون تسع سنين له إجبارها على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب منهم صاحب الانتصار والمحرر والرعاية وقدمه في الفروع.
وقيل ليس له إجبارها.
قلت فعلى هذا لا تزوج البتة حتى تبلغ تسع سنين فيثبت لها إذن معتبرة.
التاسعة الثيب العاقلة التي لها تسع سنين فأكثر ولم تبلغ فأطلق المصنف في جواز إجبارها وجهين وهما كذلك عند الأكثرين.
وعند أبي الخطاب في الانتصار والمجد ومن تابعهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والقواعد الأصولية.
أحدهما ليس له إجبارها وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
56

منهم بن بطة وصاحبه أبو جعفر بن المسلم وابن حامد والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه له إجبارها اختاره أبو بكر.
وقدمه في النظم والرعاية الصغرى والفائق.
العاشرة الثيب البالغة العاقلة ليس له إجبارها بلا نزاع.
تنبيه ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في قوله فإن لم يرضيا أو أحدهما لم يصح إلا الأب له تزويج أولاده الصغار والمجانين وبناته الأبكار بغير إذنهم أن الجد ليس له الإجبار وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر في الواضح رواية أن الجد يجبر كالأب.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقدمه بن رزين في شرحه.
فائدتان
إحداهما للصغيرة بعد تسع سنين إذن صحيحة معتبرة حيث قلنا لا تجبر أو تجبر لأجل استحباب إذنها على الصحيح من المذهب نص عليه.
ونقله عبد الله وابن منصور وأبو طالب وأبو الحارث وابن هانئ والميموني والأثرم وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به القاضي في تعليقه وجامعه ومجرده وابن عقيل في فصوله وتذكرته وأبو الخطاب في خلافه والشريف أبو جعفر وابن البنا ونصبهما الشيرازي للخلاف.
57

وهو ظاهر كلام أبي بكر وجزم به ناظم المفردات.
وقال في القواعد الأصولية وهو الذي ذكره أبو بكر وابن حامد وابن أبي موسى والقاضي ولم يذكروا فيه خلافا.
وكذا أكثر أصحاب القاضي انتهى.
واختاره بن شهاب في عيون المسائل وابن بكروس وابن الجوزي في التحقيق.
نقله في تصحيح المحرر عن جده وقدمه في الفروع وقال نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هي أنصهما وأشهرهما عن الإمام أحمد.
قال في التسهيل وإذن بنت تسع سنين معتبر في الأظهر.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وهو من مفردات المذهب.
وذكر أبو الخطاب وغيره رواية لا إذن لها وصححه في النظم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أعلم أحدا ذكرها قبله مع أنه لم يذكرها في رؤوس المسائل.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
الثانية حيث قلنا بإجبار المرأة ولها إذن أخذ بتعينها كفؤا على الصحيح من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين هذا ظاهر المذهب.
قلت وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
نقل أبو طالب إن أرادت الجارية رجلا وأراد الولي غيره اتبع هواها.
وجزم به في المغني والبلغة والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفائق زاد في الرعاية الكبرى إن كانت رشيدة غير مجبرة.
58

وقيل يؤخذ بتعيين الولي وأطلقهما في الفروع.
وتقدم ما يشابه ذلك في أواخر الباب الذي قبله عند قوله والتعويل في الرد والإجابة عليها إن لم تكن مجبرة.
قوله (والسيد له تزويج إمائه الأبكار والثيب).
وهذا بلا نزاع بين الأصحاب.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا تجبر الأمة الكبيرة.
قال الشيخ تقي الدين ظاهر هذا أنه لا تجبر الأمة الكبيرة بناء على أن منفعة البضع ليس بمال.
لكن مراد المصنف وغيره ممن أطلق هنا غير المكاتبة فإنه ليس له إجبارها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وفي مختصر بن رزين وجه له إجبارها.
فائدتان
إحداهما لو كان نصف الأمة حرا ونصفها رقيقا لم يملك مالك الرق إجبارها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وذكر القاضي في موضع من كلامه أن للسيد إجبارها وتبعه بن عقيل والحلواني وابنه.
وهو ضعيف جدا قال بعضهم وهو وهم.
الثانية لو كان بعضها معتقا اعتبر إذنها وإذن مالك البقية كما لو كانت لاثنين ويقول كل واحد منهما زوجتكها ولا يقول زوجتك بعضها.
قاله بن عقيل في الفصول وابن الجوزي في المذهب والفخر في الترغيب واقتصر عليه في الفروع لأن النكاح لا يقبل التبعيض والتجزيئ بخلاف البيع والإجارة.
59

قوله (وعبيده الصغار يعني له تزويجهم بغير إذنهم).
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
ويحتمل أن لا يملك إجبارهم وهو لأبي الخطاب.
وحكاه في عيون المسائل رواية وهو في الانتصار وجه.
والحكم في العبد المجنون الكبير كذلك.
قوله (ولا يملك إجبار عبده الكبير).
يعني العاقل هذا هو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يملكه.
قوله (ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها إلا المجنونة لهم تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال).
وهذا المذهب جزم به في المحرر والنظم واختاره أبو الخطاب وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل ليس لهم ذلك مطلقا وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقال القاضي لا يزوجها إلا الحاكم قاله المصنف والشارح.
وقال في الفروع وذكر القاضي وغيره وجها يجبرها الحاكم.
وأطلقهن الزركشي وأطلق الأول والأخير في الرعاية.
فوائد.
إحداها لو لم يكن لها ولي إلا الحاكم زوجها على الصحيح من المذهب.
واختاره بن حامد وأبو الخطاب.
قال في الفروع يجبر حاكم في الأصح.
وقيل ليس له ذلك وأطلقهما في المغني والشرح.
60

وقال في المغني وتبعه في الشرح وكذلك ينبغي أن يملك تزويجها إن قال أهل الطب إن علتها تزول بتزويجها لأن ذلك من أعظم مصالحها.
الثانية تعرف شهوتها من كلامها ومن قرائن أحوالها كتتبعها الرجال وميلها إليهم وأشباه ذلك.
الثالثة إن احتاج الصغير العاقل والمجنون المطبق البالغ إلى النكاح زوجهما الحاكم بعد الأب والوصي على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع فيهما وجزم به في الرعاية في المجنون.
وظاهر الإيضاح لا يزوجهما أيضا وإن لم يحتاجا إليه فليس له تزويجهما على الصحيح من الوجهين.
قدمه في المغني والكافي والشرح وشرح بن رزين.
قال في الرعاية عن المجنون وهو الأظهر.
وقيل يزوجهما الحاكم.
وقال القاضي في المجرد تزويج الصغير العاقل لأنه يلي ماله.
وأطلقهما في الفروع فيهما وأطلقهما في الرعاية في المجنون.
تنبيهان.
أحدهما ألحق في الترغيب والرعاية جميع الأولياء غير الأب والوصي بالحاكم في جواز تزويجهما عند الحاجة والخلاف مع عدمها.
والصحيح من المذهب أن هذه الأحكام مخصوصة بالحاكم قدمه في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح إلا أنهما قالا ينبغي أن يجوز تزويجه إذا قال أهل الطب إن في ذلك ذهاب علته لأنه من أعظم مصالحه.
الثاني المراد هنا مطلق الحاجة سواء كانت الحاجة للنكاح أو غيره.
وكذلك أطلق الحاجة كثير من الأصحاب وصرح به في المغني وغيره.
61

قال في الفروع وهو أظهر.
وقال ابن عقيل في الفصول وغيره الحاجة هنا هي الحاجة إلى النكاح لا غير.
قوله (وليس لهم تزويج صغيرة بحال).
هذا إحدى الروايات جزم به في العمدة وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال الزركشي ولا عبرة بما قاله بن منجا في شرحه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لهم ذلك ولها الخيار إذا بلغت ولو كان قبل تسع سنين.
فعليها يفيد الحل والإرث وبقية أحكام النكاح على الصحيح جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع.
وقال في الفصول لا يفيد الإرث.
وقال الزركشي ظاهر كلام بن أبي موسى لا يفيدهما لأنه جعله موقوفا.
ومال إليه الزركشي.
وعنه رواية ثالثة لهم تزويج ابنة تسع سنين بإذنها.
اعلم أن هذه الرواية مفرعة على ما تقدم من كون ابنة تسع هل لها إذن معتبرة أم لا.
وتقدم أن الصحيح من المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله الذي عليه أكثر الأصحاب أن لها إذن معتبرة فتكون هذه الرواية هي المذهب وهو كذلك.
قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وناظم المفردات.
62

قال في تجريد العناية ولغيرهما تزويج بنت تسع سنين على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الفروع وشرح بن رزين.
قال الزركشي في شرح المحرر والوجيز هذا هو المذهب.
وجزم به القاضي أبو الحسين في فروعه.
وأطلقهن في الكافي والمحرر والبلغة.
وقد بنى في المحرر والنظم والفروع والزركشي وغيرهم هذا الخلاف هنا على الخلاف في ابنة تسع هل لها إذن معتبرة أم لا كما تقدم.
وظاهر كلامه في الرعايتين والحاوي الصغير عدم البناء حيث أطلقوا الخلاف هناك وقدموا هنا عدم تزويجهم مطلقا.
تنبيه قال في الفروع وعنه لهم تزويجها كالحاكم.
فظاهر هذا أن للحاكم تزويج الصغيرة وإن منعنا غيره من الأولياء بلا خلاف.
ولا أعلم له على ذلك موافقا بل صرح في المستوعب والرعاية وغيرهما بغير ذلك ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
ومع ذلك له وجه لأنه أعلم بالمصالح من غيره من الأولياء لكن يحتاج إلى موافق ولعله كالأب فسبق القلم.
وكذا قال شيخنا نصر الله في حواشيهما.
وذكر شيخنا أنه ظاهر كلام القاضي في المجرد.
تنبيه آخر المراد بقوله في الرواية الثانية ولها الخيار إذا بلغت البلوغ المعتاد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلامه.
وقيل إنه بلوغ تسع سنين قطع به بن أبي موسى والشيرازي.
63

قوله (وإذن الثيب الكلام بلا نزاع في الجملة).
وإذن البكر الصمات.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم ولكن نطقها أبلغ.
وقيل يعتبر النطق في غير الأب.
واختاره القاضي في التعليق في مسألة إجبار البالغة وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
فائدتان
إحداهما قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع المعرفة به ولا يشترط تسمية المهر على الصحيح نقله الزركشي.
الثانية قال في الترغيب وغيره لا يشترط الإشهاد على إذنها.
وكذا قال ابن المنى في تعليقه لا تعتبر الشهادة على رضى المرأة.
وقدمه في الفروع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفي المذهب خلاف شاذ يشترط الإشهاد على إذنها انتهى.
وإن ادعت الإذن فأنكر ورثته صدقت.
وقال في الفروع ولا تشترط الشهادة بخلوها عن الموانع الشرعية واقتصر عليه.
قوله (ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم).
أما الوطء المباح فلا خلاف في أنها ثيب به.
وأما الوطء بالزنى وذهاب البكارة به فالصحيح من المذهب أنه كالوطء المباح في اعتبار الكلام في إذنها وعليه الأصحاب.
قال الزركشي صرح به الأصحاب.
قلت بل أولى إن كانت مطاوعة.
64

قال في الفروع والأصح ولو بزنا.
وقيل حكمها حكم الأبكار.
قلت لعل صاحب هذا القول أراد إذا كانت مكرهة وإلا فلا وجه له.
قوله (فأما زوال البكارة بإصبع أو وثبة فلا تغير صفة الإذن).
وكذا الوطء في الدبر على الصحيح من المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
وعنه تغير صفة الإذن فيعتبر النطق في الكل.
قلت لو قيل بالفرق بين من ذهبت بكارتها بإصبع أو وثبة وبين من وطئت في دبرها مطاوعة فيكفي الصمت في الأولى دون الثانية لكان له وجه قوي.
فائدتان
إحداهما حيث حكمنا بالثيوبة لو عادت البكارة لم يزل حكم الثيوبة ذكره القاضي في الحاكم وذكره غيره أيضا لأن المقصود من الثيوبة حاصل لها وذكره أبو الخطاب محل وفاق.
الثانية لو ضحكت البكر أو بكت كان كسكوتها قاله الأصحاب.
وقال في الرعاية قلت فإن بكت كارهة فلا إلا أن تكون مجبرة انتهى.
قلت وهو الصواب فإن البكاء تارة يكون من شدة الفرح وتارة يكون لشدة الغضب وعدم الرضى بالواقع.
فإن اشتبه في ذلك نظرنا إلى دمعها فإن كان من السرور كان باردا وإن كان من الحزن كان حارا ذكره البغوي عن بعض أهل العلم في تفسير قوله تعالى في مريم * (وقري عينا) *.
فإن قيل كان يمكنها النطق إذا كرهت.
65

قلنا وكان يمكنها النطق بالإذن إذا رضيت ولكنها لما كانت مطبوعة على الحياء في النطق عم الرضى والكراهة.
قوله (الثالث الولي فلا نكاح إلا بولي).
هذا المذهب أعنى الولي شرط في صحة النكاح وعليه الأصحاب ونص عليه قال الزركشي لا يختلف الأصحاب في ذلك.
وعنه ليس الولي بشرط مطلقا.
وخصها المصنف وجماعة بالعذر لعدم الولي والسلطان.
فعلى المذهب لو زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجوز لها تزويج نفسها ذكرها جماعة من الأصحاب.
وعنه أن لها أن تأمر رجلا يزوجها.
وعنه لها تزويج أمتها ومعتقتها.
وهذه الرواية لم يثبتها القاضي ومنعها.
وذكر الزركشي لفظ الإمام أحمد رحمه الله في ذلك ثم قال وفي أخذ رواية من هذا نظر لكن عامة المتأخرين على إثباتها.
قوله (فيخرج منه صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة).
يعني على رواية أن لها تزويج أمتها ومعتقتها.
وخرجه أبو الخطاب في الهداية والمجد والمحرر وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا التخريج غلط.
قال الزركشي وصاحب تجريد العناية عن هذا التخريج ليس بشيء.
وفرق القاضي وعامة الأصحاب على رواية تزويج أمتها ومعتقتها بين تزويج
66

أمتها وتزويج نفسها وغيرها بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية بدليل تزويج الفاسق مملوكته.
تنبيه فعلى المذهب يزوج أمتها بإذنها من يزوجها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يزوجها أي رجل أذنت له هذا إذا كانت رشيدة.
فأما المحجور عليها فيزوج أمتها وليها في مالها خاصة قاله في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم وقطعوا به.
وعلى المذهب إذا زوجها وليها بإذنها فلا بد من نطقها بالإذن ثيبا كانت أو بكرا.
وعلى المذهب أيضا لو زوجت بغير إذن وليها فهو نكاح الفضولي وفيه طريقان.
أحدهما فيه الخلاف الذي في تصرف الفضولي على ما تقدم في كتاب البيع.
وتقدم أن الصحيح من المذهب البطلان وهذه طريقة القاضي والأكثرين وهي الصحيحة من المذهب.
والطريق الثاني القطع ببطلانه.
وهي طريقة أبي بكر وابن أبي موسى.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على التفريق بين البيع والنكاح في رواية بن القاسم.
فعلى القول بفساد النكاح وهو المذهب لا يحل الوطء فيه وعليه فراقها فإن أبى فسخه الحاكم فإن وطئ فلا حد عليه على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
67

وقدمه في الكافي والمغني والشرح ونصراه.
وعنه عليه الحد وحكى عن بن حامد وأطلقهما في الفائق.
فائدة لو حكم بصحته حاكم لم ينقض على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين وصححه المجد في شرحه.
وقيل ينقض خرجه القاضي.
وهو قول الإصطخري من الشافعية.
وأطلقهما في الفائق والفروع فقال وهل يثبت بنص فينتقض حكم من حكم بصحته فيه وجهان وفي الوسيلة روايتان.
تنبيه ظاهر كلام المصنف في قوله وعنه لها تزويج أمتها ومعتقتها أن المعتقة كالأمة وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال المصنف والشارح وهو أصح واختاره بن أبي الحجر من أصحابنا والشيخ تقي الدين رحمه الله.
وعنه لا تلي نكاح المعتقة وأطلقهما في الفروع.
فعلى الأولى إن طلبت وأذنت زوجتها فلو عضلت زوج وليها.
لكن في إذن السلطان وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قلت قاعدة المذهب تقتضي عدم إذنه.
وعلى الثانية يزوجها بدون إذنها أقرب عصبتها ثم السلطان ويجبرها من يجبر سيدتها.
قلت الأولى على هذه الرواية أن لا تجبر المعتقة الكبيرة.
وقال في الترغيب المعتقة في المرض هل يزوجها قريبها فيه وجهان.
قال الزركشي وقيل يملك إجبارها من يملك إجبار سيدتها التي أعتقتها.
قال وهو بعيد وهو كما قال في الكبيرة.
68

وظاهر كلامه في المغني والشرح أنه ليس له ولاية إجبار في تزويج المعتقة مطلقا.
قوله (وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها ثم ابنه وإن سفل).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم الابن وابنه على الأب والجد.
ذكره بن المنى في تعليقه وأخذه أبو الخطاب في انتصاره من قول الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل العصبة فيه من أحرز المال.
وخرجه الشيخ تقي الدين رحمه الله من رواية تقديم الأخ على الجد لاشتراكهما في المعنى.
وعنه يقدم الابن على الجد اختاره بن أبي موسى والشيرازي.
قال في الفروع وعنه عليها تقديم الأخ على الجد.
وعنه سواء وذكر الزركشي رواية ثالثة بتقديم الجد على الأخ على هذه الرواية وأطلقهن.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها بتساوي الابن والأب والجد وابن الابن.
وخرجه بعضهم من رواية استواء الأخ والجد.
قوله (ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها).
هذا إحدى الروايتين وهو المذهب عند المتأخرين اختاره جماعة منهم أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في العمدة وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه هما سواء وهو المذهب عند المتقدمين جزم به الخرقي وابن عبدوس في تذكرته وصاحب الوجيز وغيرهم.
69

قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي وهو المذهب عند الجمهور والخرقي وابن أبي موسى والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
وقدمه في المستوعب وشرح بن رزين وناظم المفردات وهو منها.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم في أولاد الإخوة من الأبوين والأب والأعمام من الأبوين والأب وأولادهم وهلم جرا.
الثانية لو كانا ابني عم أحدهما أخ لأم فحكمهما حكم الأخ من الأبوين والأخ من الأب على ما تقدم عند القاضي وجماعة من الأصحاب وقدمه في الرعاية.
وقال المصنف والشارح هما سواء ولا مزية للأخوة من الأم لانفرادها بالإرث.
وزاد قول القاضي وهو كما قالا.
قوله (ثم المولى المنعم ثم عصباته الأقرب فالأقرب).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقدم أبو المعتقة على ابنها في تزويج أمتها وعتيقتها وهو ظاهر كلام الخرقي.
قوله (ثم السلطان).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه من أسلمت على يد إنسان فهو أحق بتزويجها من السلطان.
70

فوائد.
منها السلطان هنا هو الإمام أو الحاكم أو من فوض إليه ذكره المصنف والشارح والزركشي وغيرهم.
وإذا استولى أهل البغي على بلد جرى حكم سلطانهم وقاضيهم في ذلك مجرى الإمام وقاضيه قاله المصنف والشارح وغيرهم.
ومنها قال الزركشي المشهور أنه لا يزوج والي البلد وهو إحدى الروايتين واختاره القاضي وغيره.
وعنه يزوج عند عدم القاضي.
لكن القاضي أبو يعلى حمل هذه الرواية على أنه إذا أذن له في التزويج والشيخ تقي الدين رحمه الله حملها على ظاهرها.
ومنها قال الزركشي أيضا إذا لم يكن للمرأة ولي فعنه وهو ظاهر كلام الأصحاب لا بد من الولي مطلقا.
حتى قال القاضي أبو يعلى الصغير في رجل وامرأة في سفر ليس معهما ولي ولا شهود لا يجوز أن يتزوج بها وإن خاف الزنى بها.
قلت وليس بظاهر مع خوف الزنى.
وعنه والي البلد أو كبيره يزوج اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في النظم.
قال في الفروع والصحيح ما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله وغيره يزوجها ذو السلطان في ذلك المكان كالعضل فإن تعذر وكلت.
وعنه ثم عدل قدمه في الرعاية.
تنبيه قوله فأما الأمة فوليها سيدها.
هذا بلا نزاع ولو كان فاسقا أو مكاتبا.
71

وتقدم أن لسيدها أن يجبرها إلا أن تكون مكاتبة على الصحيح من المذهب.
قوله (فإن كانت لامرأة فوليها ولي سيدتها).
هذا مبني على الصحيح من المذهب أن المرأة لا عبارة لها في النكاح.
وتقدم الخلاف في ذلك قريبا.
قوله (ويشترط في الولي الحرية).
هذا المذهب نص عليه في رواية عبد الله وصالح وإسحاق بن هانئ وعليه الأصحاب.
وقال في الانتصار ويحتمل أن يلي على ابنته ثم جوزه بإذن سيده.
وذكر في عيون المسائل احتمالا بالصحة.
وقال في الروضة هل للعبد ولاية على قرابته فيه روايتان.
قال في القواعد الأصولية والأظهر أنه يكون وليا.
قوله (والذكورية).
وهو أيضا مبني على الصحيح من المذهب.
وتقدم في أول الفصل هل لها تزويج نفسها أم لا.
قوله (واتفاق الدين).
يأتي بيان ذلك في كلام المصنف قريبا عند قوله ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال وعكسه.
قوله (وهل يشترط بلوغه وعدالته على روايتين).
أما اشتراط البلوغ فأطلق المصنف فيه الخلاف وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي.
72

إحداهما يشترط بلوغه نص عليه في رواية بن منصور والأثرم وعلى بن سعيد وحرب وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في المذهب يشترط بلوغه في أصح الروايتين.
قال الزركشي هذه الرواية هي المشهورة نقلا واختيارا ويحتمله كلام الخرقي.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب نص عليه واختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين والفروع وغيرهم.
قال في الكافي وهو أولى.
والرواية الثانية لا يشترط بلوغه.
فعليها يصح تزويج بن عشر.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا بلغ عشرا زوج وتزوج قدمه في القواعد الأصولية وعنه اثني عشر.
وأما اشتراط العدالة فأطلق المصنف فيها روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما يشترط عدالته وهو المذهب.
قال في المذهب يشترط في أصح الروايتين وصححه بن أبي موسى والأزجي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر وشرح بن رزين والفروع.
73

والرواية الثانية لا تشترط العدالة فيصح تزويج الفاسق وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه ذكر الطفل والعبد والكافر ولم يذكر الفاسق.
فعلى المذهب يكفي مستور الحال على الصحيح من المذهب.
وحمل صاحب التصحيح كلام المصنف عليه.
وجزم به في الكافي والمحرر والمنور وغيرهم.
قلت وهو الصواب.
وقيل تشترط العدالة ظاهرا وباطنا وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
تنبيه محل الخلاف في اشتراط العدالة في غير السلطان.
أما السلطان فلا يشترط في تزويجه العدالة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع وأجرى أبو الخطاب الخلاف فيه أيضا.
فائدتان
إحداهما اشترط في المحرر والوجيز والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم الرشد في الولي.
واشترط في الواضح كونه عارفا بالمصالح لا شيخا كبيرا جاهلا بالمصلحة.
وقاله القاضي وابن عقيل وغيرهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الرشد هنا هو المعرفة بالكفء ومصالح النكاح ليس هو حفظ المال فإن رشد كل مقام بحسبه.
واشترط في الرعاية أن لا يكون مفرطا فيها ولا مقصرا ومعناه في الفصول فإنه جعل العضل مانعا وإن لم يفسق لعدم الشفقة وشرط الولي الإشفاق.
74

الثانية لا تزول الولاية بالإغماء والعمى على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمغني والشرح في العمى وقدمه في الرعاية.
قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقيل تزول بذلك.
ولا تزول بالسفه بلا خلاف أعلمه.
وإن جن أحيانا أو أغمي عليه أو نقص عقله بنحو مرض أو أحرم انتظر زوال ذلك نقله بن الحكم في المجنون.
ولا ينعزل وكيلهم بطريان ذلك.
وكذا إن أحرم وكيل ثم حل قاله في الفروع.
وقال في الرعاية فإن أغمي عليه ثلاثة أيام أو جن متفرقا أو نقص عقله بمرض أو غيره أو أحرم فهل الأبعد أولى أو الحاكم أو هو فينتظر فيبقى وكيله يحتمل أوجها وكذا يخرج لو توكل المحل ثم أحرم ثم حل انتهى.
قوله (وإن عضل الأقرب زوج الأبعد).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يزوج الحاكم اختاره أبو بكر.
فائدة العضل منع المرأة التزوج بكفؤها إذا طلبت ذلك ورغب كل منهما في صاحبه سواء طلبت ذلك بمهر مثلها أو دونه قاله الأصحاب.
وتقدم إذا اختارت كفؤا واختار الولي غيره أنه يقدم الذي اختارته فإن امتنع من تزويجه كان عاضلا عند قوله وللسيد تزويج إمائه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله من صور العضل إذا امتنع الخطاب من خطبتها لشدة الولي.
75

قوله (وإن غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يزوج الحاكم ذكرها في الرعايتين والحاوي.
وخرجها أبو الخطاب من عضل الولي وتابعه في المحرر.
تنبيه محل الخلاف إذا كانت المرأة حرة.
فأما إن كانت أمة فإن الحاكم هو الذي يزوجها.
قاله القاضي في التعليق مدعيا أنه قياس المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي حيث قال زوجها من هو أبعد منه من عصبتها.
قوله (وهي ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة في ظاهر كلامه).
وهذا المذهب نص عليه في رواية عبد الله.
واختاره المصنف والمجد والشارح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال الخرقي ما لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه كمن هو في أقصى الهند بالنسبة إلى الشام ومصر ونحوهما.
قال الزركشي وهذا يحتمل لبعده وهو الظاهر.
ويحتمل وإن كان قريبا فيكون في معنى العاضل.
وبالجملة فقد أومأ الإمام أحمد رحمه الله إلى هذا في رواية الأثرم انتهى.
وقال القاضي ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة واحدة كسفر الحجاز.
وتبعه أبو الخطاب في خلافه وجزم به بن هبيرة في الإفصاح.
وعن الإمام أحمد رحمه الله إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأبعد.
قال المصنف هنا فيحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة وكذا قال أبو الخطاب.
76

قال في المستوعب وحدها أبو الخطاب بما جعله الشرع بعيدا.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأخ.
قال الزركشي وقيل يكتفي بمسافة القصر لأن الإمام أحمد رحمه الله اعتبر البعد في رواية أبي الحارث وأطلق انتهى.
وقيل ما تستضر به الزوجة اختاره بن عقيل قاله في المستوعب.
قلت وهو الصواب.
وقيل ما يفوت به كفء راغب.
قلت وهو قوي أيضا.
فائدة من تعذرت مراجعته كالمأسور والمحبوس أو لم يعلم مكانه فحكمه حكم البعيد قاله في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال في الكافي إن لم يعلم وجود الأقرب بالكلية حتى زوج الأبعد يخرج على وجهين من انعزال الوكيل قبل علمه.
قال بعض الأصحاب وفيه نظر لأن الوكيل تثبت له ولاية التصرف قبل العزل ظاهرا وباطنا بخلاف هذا.
وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي أن شرط تزويج الأبعد الغيبة المذكورة فلو لم يعلم أقريب هو أم بعيد لم يزوج الأبعد وهو ظاهر إطلاق غيره.
وقال أبو محمد في المغني يزوج الأبعد والحال هذه.
وكذلك إذا علم أنه قريب ولكن لا يعلم مكانه وهو حسن مع أن كلام الخرقي لا يأباه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذلك لو كان الولي مجهولا لا يعلم أنه عصبة ثم عرف بعد العقد.
وكذا قال ابن رجب لو زوجت بنت الملاعنة ثم استلحقها الأب.
77

قال في القواعد الأصولية لو لم يعلم وجود الأقرب حتى زوج الأبعد خرجها في الكافي على روايتي انعزال الوكيل قبل علمه بالعزل.
ورجح أبو العباس وشيخنا يعني به بن رجب الصحة هنا.
وقد يقال كلام صاحب الكافي ليس في هذه الصورة لأنه لم يذكر الخلاف إلا فيما إذا كان الأقرب فاسقا أو مجنونا وعادت ولايته بزوال المانع.
فزوج الأبعد من غير علم بعود ولاية الأقرب.
وإذا لم يعلم الولي بالأقرب بالكلية لم يتعرض لها.
وقد يفرق بينهما بأن النسيب الأقرب إذا لم يعلم لم ينسب الأبعد إلى تفريط فهو غير مقدور على استئذانه فسقط الاستئذان بعدم العلم.
فالأبعد حينئذ غير منسوب إلى تفريط بخلاف ما إذا كان الأقرب فيه مانع وزال فإن الأبعد ينسب إلى تفريط إذا كان يمكنه حال العقد معرفة حال الأقرب انتهى.
قوله (ولا يلي كافر نكاح مسلمة بحال).
يعني لا يكون وليا لها إلا إذا أسلمت أم ولده في وجه.
وهذا الوجه هو المذهب جزم به في الإيضاح والوجيز والنظم وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار وابن البنا في خصاله وهو ظاهر ما جزم به في الفروع فإنه قال ولا يلي كافر نكاح مسلمة غير نحو أم ولد.
وقيل لا يليه اختاره الخرقي والمصنف والشارح وابن نصر الله في حواشيه وغيرهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
78

تنبيه ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في ذلك أن الذمي لا يلي نكاح مكاتبته ومدبرته وهو أحد الوجهين.
والخلاف هنا كالخلاف في أم الولد ذكره في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في الفروع وقد تقدم لفظه.
وظاهر كلام المصنف الفرق بين أم الولد وبين المكاتبة والمدبرة.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم لكن لم أر قولا صريحا بالفرق.
وظاهر كلام المصنف أيضا أو صريحه أنه لا يلي نكاح ابنته المسلمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره وذكره بن عقيل في ولاية فاسق يليه عليها وذكره بن رزين وأطلقهما في الرعاية الصغرى.
فعلى القول بأنه يليه فهل يباشره ويعقده بنفسه أو يباشره مسلم بإذنه أو يباشره حاكم بإذنه فيه ثلاثة أوجه.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
إحداهن يباشره بنفسه وهو الصحيح صححه في المغني والشرح والنظم وقاله الأزجي وهو كالصريح في كلام المصنف هنا وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر كلام بن رزين في شرحه.
الثاني يعقده مسلم بإذنه.
والثالث يعقده الحاكم بإذنه.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
نقل حنبل لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح مسلمة.
وقيل يعقده الحاكم بغير إذنه ذكره في الرعاية الصغرى.
79

قوله (ويلي الذمي نكاح موليته الذمية من الذمي).
هذا المذهب المقطوع به عند الأصحاب ولم يفرقوا بين اتحاد دينهم أو تباينه.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله في جواز كون النصراني يلي نكاح اليهودية وعكسه وجهين من توارثهما وقبول شهادة بعضهم على بعض بناء على ان الكفر هل هو ملة واحدة أو ملل مختلفة فيه الخلاف المتقدم في باب ميراث أهل الملل.
قوله (وهل يليه من مسلم على وجهين).
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
أحدهما يليه أعنى يكون وليا وهو المذهب اختاره أبو الخطاب والمصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع والرعاية الصغرى.
والوجه الثاني لا يليه نص عليه في رواية حنبل.
واختاره بن أبي موسى والقاضي في التعليق والجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي بل اختاره القاضي وأصحابه.
قاله ناظم المفردات.
وقدمه في الرعاية الكبرى وناظم المفردات وهو منها.
قلت ينبغي أن يكون هذا المذهب للنص عن الإمام.
فعلى المذهب له أن يباشر التزويج ويعقد النكاح بنفسه على الصحيح كما تقدم صححه في المغني والنظم والشرح.
وهو كالصريح في كلام المصنف هنا.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين.
وقيل يباشره ويعقده مسلم بإذنه.
80

وقيل يباشره الحاكم بإذنه.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يعقده الحاكم بغير إذنه كما تقدم في التي قبلها فإنهما في الحكم سواء.
وعلى الوجه الثاني لا يلي مالها على قياسه قاله القاضي.
وقال في الانتصار في شهادتهم يلي مالها على قياسه.
وفي تعليق بن المنى في ولاية الفاسق لا يلي على مالها كافر إلا عدل في دينه ولو سلمناه فلئلا يؤدي إلى القدح في نسب نبي أو ولي ويدل عليه ولاية المال.
فائدة يشترط في الذمي إذا كان وليا الشروط المعتبرة في المسلم.
قوله (وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو زوج أجنبي لم يصح).
هذا المذهب بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره وقدمه في المغني والشرح وغيرهما.
وعنه يصح ويقف على إجازة الولي ولا نظر للحاكم على الصحيح من المذهب.
وقيل إن كان الزوج كفؤا أمر الحاكم الولي بالإجازة فإن أجازه وإلا صار عاضلا فيجيزه الحاكم.
أجاب به المصنف قال الزركشي وفيه نظر.
واعلم أن هاتين المسألتين وأشباههما حكمهما حكم بيع الفضولي على ما تقدم في باب البيع ذكره الأصحاب.
فائدتان
إحداهما لو تزوج الأجنبي لغيره بغير إذنه فقيل هو كفضولى فيه الخلاف المتقدم.
81

وقيل لا يصح هنا قولا واحدا كذمته.
قلت وهي بمسألة الفضولي أقرب فتلحق بها.
وأطلقهما في المستوعب والفروع.
وعلى كلا الطريقين لا يصح النكاح على الصحيح.
الثانية لو زوج الولي موليته التي يعتبر إذنها بغير إذنها فهو كزواج الأجنبي بغير إذن الولي قاله في المستوعب وغيره.
قوله (ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا).
الصحيح من المذهب جواز الوكالة في النكاح وجواز توكيل الولي سواء كان مجبرا أو غير مجبر أبا كان أو غيره بإذن الزوجة وبغير إذنها وهو ظاهر المصنف هنا.
وقدمه في المغني والشرح والكافي ونصراه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع في هذا الباب.
وقدمه في المحرر في باب الوكالة والنظم والفائق.
قال الزركشي هذا اختيار الشيخين وغيرهما.
وقيل لا يوكل غير مجبر بلا إذنها إلا الحاكم وقدمه في الفروع في باب الوكالة فتناقض.
وخرج القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول هذه على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وقالا من لا يجوز له الإجبار يكون كالوكيل في التوكيل ورده المصنف والشارح.
وقال في الترغيب لو منعت الولي من التوكيل امتنع ورده المصنف أيضا وغيره.
82

وقيل لا يوكل مجبر أيضا بلا إذنها إن كان لها إذن معتبرة ذكره في الرعايتين.
فوائد.
الأولى يجوز التوكيل مطلقا ومقيدا.
فالمطلق مثل أن يوكله في تزويج من يرضاه أو من يشاء ونحوهما.
والمقيد مثل أن يوكله في تزويج رجل بعينه ونحوه.
وهذا المذهب نص عليه وجزم به في المغني والشرح والكافي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل يعتبر التعيين لغير المجبر.
وقيل يعتبر التعيين للمجبر وغيره.
الثانية ما قاله المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم أنه يثبت للوكيل مثل ما يثبت للموكل فإن كان له الإجبار ثبت لوكيله وإن كانت ولايته ولاية مراجعة احتاج الوكيل إلى إذنها ومراجعتها في زواجها لأنه نائب عنه فيثبت له مثل ما يثبت لمن ينوب عنه.
وكذا الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج فيكون المأذون له قائما مقامه.
وقال المصنف والشارح في باب الوكالة والذي يعتبر إذنها فيه للوكيل هو غير ما يوكل فيه الموكل بدليل أن الوكيل لا يستغني عن إذنها في التزويج فهو كالموكل في ذلك.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب الوكالة.
الثالثة يشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي نفسه على الصحيح من المذهب فلا يصح أن يكون الوكيل فاسقا ونحوه وهو من مفردات المذهب.
83

وقيل يصح توكيل فاسق وعبد وصبي مميز.
ولا يشترط في وكيل الزوج عدالته على الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب وابن عقيل وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقالا هو أولى وهو القياس وهو ظاهر كلام طائفة من الأصحاب وقدمه في الكافي.
وقيل تشترط عدالته اختاره القاضي وقدمه بن رزين في شرحه والرعاية الكبرى.
قال في التلخيص اختاره أصحابنا إلا بن عقيل.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين والفروع والفائق.
وقد تقدم ذلك في أوائل باب الوكالة.
الرابعة يتقيد الولي ووكيله المطلق بالكفء إن اشترطت الكفاءة.
ذكره في الترغيب.
الخامسة ليس للوكيل المطلق أن يتزوجها لنفسه فإن فعل فهو كتزويج الفضولي على ما تقدم.
قال في القاعدة السبعين ليس له ذلك على المعروف من المذهب.
وحكى بن أبي موسى أنه إن أذن له الولي في التوكل فوكل غيره فزوجه صح وكذا إن لم يأذن له وقلنا للوكيل أن يوكل مطلقا.
وأما من ولايته بالشرع كالولي والحاكم وأمينه فله أن يزوج نفسه ولو قلنا ليس لهم أن يشتروا من المال.
ذكره القاضي في خلافه وألحق الوصي بذلك.
قال في القواعد الأصولية والفقهية وفيه نظر فإن الوصي يشبه الوكيل لتصرفه بالإذن.
84

قال وسواء في ذلك اليتيمة وغيرها صرح به القاضي في ذلك وذلك حيث يكون لها إذن معتبر انتهى.
ويجوز تزويج الوكيل لولده.
السادسة يعتبر أن يقول الولي أو وكيله لوكيل الزوج زوجت فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول زوجتها منك ويقول الولي قبلت تزويجها أو نكاحها لفلان فإن لم يقل لفلان فوجهان في الترغيب وتابعه في الفروع.
وقال في الرعاية إن قال قبلت هذا النكاح ونوى أنه قبله لموكله ولم يذكره صح.
قلت يحتمل ضده بخلاف البيع انتهى.
وتقدم ذلك أيضا في أوائل باب الوكالة.
قوله (ووصيه في النكاح بمنزلته).
فتستفاد ولاية النكاح بالوصية إذا نص على التزويج كالأب صرح به في الكافي وغيره.
ويجبر من يجبره الموصى وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وابنه أبو الحسين وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وابن البنا والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع والزركشي والنظم وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب فيهما.
وقيل ليس له أن يجبر فلا يزوج من لا إذن لها اختاره أبو بكر وابن أبي موسى قاله في الفروع.
85

وعنه لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية اختاره أبو بكر قاله الزركشي كالحضانة قاله في المغني والكافي.
ومال بن نصر الله في حواشي الفروع إلى صحة الوصية بالحضانة.
وأخذ من تعليل المصنف أيضا.
وعنه لا تستفاد بالوصية إذا كان للموصى عصبة حكاها القاضي في الجامع الكبير واختاره بن حامد.
وتقدم التنبيه على ذلك في أثناء باب الموصى إليه.
فائدتان
إحداهما هل يسوغ للموصى الوصية به أو يوكل فيه.
قال في الترغيب فيه الروايتان المتقدمتان.
وقال في النوادر ظاهر المذهب جوازه.
وتقدم في باب الموصى إليه هل للوصي أن يوصي أم لا وفي باب الوكالة هل له أن يوكل أم لا.
الثانية حكم تزويج صبي صغير بالوصية حكم تزويج الأنثى بها على الصحيح من المذهب جزم به في النوادر وقاله في المغني والشرح وغيرهما.
أعني إذا أوصى إليه أن يزوجه هل له أن يجبره.
قال الخرقي ومن زوج غلاما غير بالغ أو معتوها لم يجز إلا أن يزوجه والده أو وصى ناظر له في التزويج وجزم به الزركشي.
قال في الفروع وظاهر كلام القاضي وصاحب المحرر للوصي مطلقا تزويجه.
يعني سواء كان وصيا في التزويج أو في غيره.
وجزم به الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه قولهما أن وصي المال يزوج الصغير.
قال في الفروع والأول أظهر كما لا يزوج الصغيرة.
86

وقال في الرعاية الكبرى يزوجه ويجبره بعد أبيه وصيه.
وقيل ثم الحاكم.
قلت بل بعد الأب وهو أظهر انتهى.
وتقدم هل لسائر الأولياء غير الأب والوصي تزويجه أم لا بعد قوله ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا خيار للصبي إذا بلغ وهو كذلك.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وقال القاضي وجدت في رقعة بخط أبي عبد الله جواب مسألة إذا زوج الصغير وصيه ثبت نكاحه وتوارثا فإن بلغ فله الخيار انتهى.
قوله (وإذا استوى الأولياء في الدرجة صح التزويج من كل واحد منهم بلا نزاع).
والأولى تقديم أفضلهم ثم أسنهم ثم يقرع.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الرعاية قدم الأفضل في العلم والدين والورع والخبرة بذلك ثم الأسن ثم من قرع انتهى.
وقال ابن رزين في مختصره يقدم الأعلم ثم الأسن ثم الأفضل ثم القرعة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي أنه لا أثر للسن هنا وأصحابنا قد اعتبروه.
قوله (فإن تشاحوا أقرع بينهم فإن سبق غير من وقعت له القرعة فزوج صح في أقوى الوجهين).
87

وكذا قال في الهداية والمستوعب والحاوي وهو المذهب.
قال في المذهب ومسبوك الذهب صح في أصح الوجهين.
قال في الخلاصة والرعايتين والفروع صح في الأصح.
قال الناظم هذا أظهر الوجهين.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني لا يصح ذكره أبو الخطاب ومن بعده.
تنبيه محل الخلاف إذا أذنت لهم.
فأما إن أذنت لواحد منهم تعين ولم يصح نكاح غيره.
جزم به في الفروع وغيره من الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى وعنه إن أجازه من عينته صح وإلا فلا.
فائدة قال الأزجى في النهاية وإذا استوت درجة الأولياء فالولاية ثابتة لكل واحد منهم على الكمال والاستقلال.
فعلى هذا لو عضل الكل أثموا ولو عضل واحد منهم دعى إلى النكاح فإن لم يجب فهل يعصى ينبني هذا على الشاهد الذي لم يتعين هل يعصى بالامتناع والأصح أنه لا يحكم بالعصيان لأن امتناعه لا تأثير له في توقف النكاح بحال إذ غيره يقوم مقامه.
قوله (وإن زوج اثنان ولم يعلم السابق فسخ النكاحان).
هذا إحدى الروايتين وهو المذهب جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
88

واختاره أبو بكر في خلافه والمصنف في المغني.
فعلى هذا يفسخه الحاكم على الصحيح من المذهب.
وقاله القاضي في المجرد والتعليق والجامع الصغير وابن الزاغوني وأبو الخطاب والمصنف والمجد والشارح والناظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال ابن خطيب السلامية في نكته هذا المشهور.
وقال القاضي أيضا في المجرد وابن عقيل في الفصول يفسخه كل واحد من الزوجين أو من جهة الحاكم.
وهو صريح في أن للزوجين الفسخ بأنفسهما.
وقاله في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ويحتمله كلام المصنف هنا.
قال الزركشي ولعلهم أرادوا بإذن الحاكم.
وعن أبي بكر يطلقانها حكاه عنه بن شاقلا.
قلت هذا أحوط.
قال ابن خطيب السلامية في نكته فعلى هذا هل ينقص هذا الطلاق العدد لو تزوجها بعد ذلك ينبغي أن لا يكون كذلك لأنه لا يتيقن وقوع الطلاق به.
وعنه النكاح مفسوخ بنفسه فلا يحتاج إلى فاسخ ذكره في النوادر.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن منصور ما أرى لواحد منهما نكاحا وقدمه في التبصرة.
وقال ابن أبي موسى يبطل النكاحان وهو أظهر وأصح.
والرواية الثانية من أصل المسألة يقرع بينهما اختارها النجاد والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والشيرازي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والزركشي.
89

فعلى هذه الرواية من قرع منهما جدد نكاحه بإذنها كما قاله المصنف هنا وهو الصحيح.
جزم به في الكافي والمحرر والنظم وغيرهم.
قال الزركشي قال أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد من خرجت له القرعة جدد نكاحه.
وعنه هي للقارع من غير تجديد عقد اختاره أبو بكر النجاد ونقله بن منصور قاله في الفروع.
قال الزركشي هذا ظاهر كلام الجمهور بن أبي موسى والقاضي وأصحابه.
وصرح به القاضي في الروايتين وابن عقيل.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والقواعد.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ومال إليه في القواعد الفقهية.
لكن اختلف نقل الزركشي وصاحب الفروع عن أبي بكر النجاد كما ترى.
وأطلق الروايتين في الفروع والمذهب.
فعلى القول بأنه يجدد نكاحه قال المصنف ينبغي أن لا تجبر المرأة على نكاح من خرجت له القرعة بل لها أن تتزوج من شاءت منهما ومن غيرهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وليس هذا بالجيد فإنا على هذا القول إذا أمرنا المقروع بالفرقة وقلنا لها أن لا تزوج القارع خلت منهما فلا يبقى بين الروايتين فرق ولا يبقى للقرعة أثر أصلا بل تكون لغوا وهذا تخليط.
وإنما على هذا القول يجب أن يقال هي زوجة القارع بحيث يجب عليه نفقتها وسكناها ولو مات ورثته لكن لا يطؤها حتى يجدد العقد فيكون تجديد العقد لحل الوطء فقط هذا قياس المذهب.
أو يقال إنه لا يحكم بالزوجية إلا بالتجديد ويكون التجديد واجبا عليه وعليها كما كان الطلاق واجبا على الآخر وليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله
90

تعرض للطلاق ولا لتجديد الآخر النكاح فإن القرعة جعلها الشارع حجة وبينة تفيد الحل ظاهرا كالشهادة والنكول ونحوهما انتهى.
وعلى رواية أنه يقرع بينهما أيضا يعتبر طلاق صاحبه على الصحيح كما قاله المصنف فإن أبى طلق الحاكم عليه.
قال في الفروع وعلى الأصح ويعتبر طلاق صاحبه فإن أبى فحاكم.
واختاره النجاد والقاضي في الروايتين والجامع والخلاف وأبو الخطاب والمصنف والمجد وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم.
قال ابن خطيب السلامية في نكته وهذا أقرب.
قال في القواعد وفي هذا ضعف.
فإن طلق قبل الدخول فهل يجب لها نصف المهر على أحدهما ويعين بالقرعة أم لا يجب لها شيء على وجهين.
وحكى عن أبي بكر أنه اختار أنه لا شيء لها وبه أفتى أبو علي النجاد ذكره في آخر القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة.
وعنه لا يؤمر بالطلاق ولا يحتاج إليه حكاها بن البناء وغيره.
وقدمه في القواعد وقال هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل وابن منصور انتهى.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل.
وهو ظاهر كلام بن أبي موسى.
وقدمه الزركشي وأطلقهما في المستوعب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وعنه من قرع فهو الزوج وفي اعتبار طلاق الآخر وجهان.
وقيل روايتان.
91

وقيل من قرع جدد عقدا بإذنها وطلق الآخر مجانا فإن أبى طلق عليه الحاكم قال في الكبرى في الأصح.
قال في القواعد قال طائفة من الأصحاب يجدد الذي خرجت له القرعة النكاح لتحل له بيقين.
وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبي بكر أحمد بن سليمان النجاد ثم رده بأنه لا يبقى حينئذ معنى للقرعة.
فوائد.
الأولى إذا جهل أسبق العقدين ففيه مسائل.
منها إذا علم عين السابق ثم جهل فهذه محل الخلاف السابق.
ومنها لو علم السبق ونسي السابق فالصحيح من المذهب إجراء الخلاف فيها كالتي قبلها وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي لا إشكال في جريان الروايتين في هذه الصورة.
وكذلك قال في المستوعب والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يقف الأمر حتى يتبين اختاره أبو بكر وابن حمدان في الرعاية الكبرى.
فرع لو أقرت المرأة لأحدهما لم يقبل على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والنظم لم يقبل على الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم وعنه يقبل ومنها لو جهل كيف وقعا.
فقيل هي على الروايتين وهو الصحيح واختاره أبو الخطاب والمصنف والمجد وصاحب المستوعب وغيرهم.
92

قال الزركشي واختاره القاضي فيما أظن.
وعند القاضي في التعليق الكبير يبطلان على كل حال.
وكذا قال ابن حمدان في الرعايتين إلا أنه حكى في الكبرى قولا بالبطلان ظاهرا وباطنا.
ومنها لو جهل وقوعهما معا فهي على الروايتين على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع.
وقيل يبطلان.
ومنها لو علم وقوعهما معا بطل على الصحيح من المذهب.
وقطع به أبو الخطاب وابن البناء والمصنف والمجد وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم من الأصحاب.
وذكر القاضي في كتاب الروايتين أنه يقرع بينهما على رواية الإقراع وذكره في خلافه احتمالا.
قال المجد في شرح الهداية ولا أظن هذا الاحتمال إلا خلاف الإجماع انتهى.
قال ابن بردس شيخ شيخنا قال شيخنا أبو الفرج فيمن تزوج أختين في عقد يختار إحداهما وهذا يعضد ما قاله القاضي انتهى.
الثانية إذا أمر غير القارع بالطلاق فطلق فلا صداق عليه جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
الثالثة لو فسخ النكاح أو طلقها فقال أبو بكر لا مهر لها عليهما حكاها عنه بن شاقلا والمصنف والشارح وغيرهم.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل.
وأفتى به النجاد حكاه عنه أبو الحسن الخرزي.
وحكاه رواية في الفروع وغيره.
ونقل مهنا لها نصف الصداق يقترعان عليه وهو المذهب نص عليه.
93

وقدمه في الفروع فقال ونصه لها نصف المهر يقترعان عليه.
وعنه لا انتهى.
وظاهر المغني والشرح إطلاق الروايتين.
وحكى في القواعد في وجوب نصف المهر على من خرجت له القرعة وجهين.
الرابعة لو ماتت المرأة قبل الفسخ والطلاق فلأحدهما نصف ميراثها فيوقف الأمر حتى يصطلحا قدمه في الشرح.
وقيل يقرع بينهما فمن قرع حلف وورث.
قلت هذا أقرب وهما احتمالان في المغني.
لكن ذكر على الثاني أنه يحلف.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكلا الوجهين لا يخرج على المذهب.
أما الأول فلأنا لا نقف الخصومات قط.
وأما الثاني فكيف يحلف من قال لا أعرف الحلل.
وإنما المذهب على رواية القرعة أيهما قرع فله الميراث بلا يمين.
وأما على قولنا لا يقرع فإذا قلنا إنها تأخذ من أحدهما نصف المهر بالقرعة فكذلك يرثها أحدهما بالقرعة بطريق الأولى.
وأما إن قلنا لا مهر لها فهنا قد يقال بالقرعة أيضا انتهى.
الخامسة لو مات الزوجان كان لها ربع ميراث أحدهما فإن كانت قد أقرت بسبق أحدهما فلا ميراث لها من الآخر وهي تدعى ربع ميراث من أقرت له.
فإن كان قد ادعى ذلك أيضا دفع إليها ربع ميراثها.
وإن لم يكن ادعى ذلك وأنكر الورثة فالقول قولهم مع أيمانهم فإن نكلوا قضى عليهم.
وإن لم تكن أقرت بسبق أحدهما احتمل ان يحلف ورثة كل واحد منهما
94

وتبرأ واحتمل أن يقرع بينهما فمن خرجت قرعته فلها ربع ميراثه.
وأطلقهما في المغني والشرح.
ونقل حنبل في رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن من رجل ثم مات الأب ولم يعلم أيتهن زوج يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة فهي زوجته وإن مات الزوج كانت هي الوارثة.
قال في القواعد عن الوجه بالقرعة يتعين القول به فيما إذا أنكر الورثة العلم بالحال ويشهد له نص الإمام أحمد في رواية حنبل وغيره وذكره.
السادسة لو ادعى كل واحد منهما أنه السابق فأقرت لأحدهما ثم فرق بينهما وقلنا بوجوب المهر وجب على المقر له دون صاحبه لإقراره لها به وإقرارها ببراءة صاحبه.
وإن ماتا ورثت المقر له دون صاحبه لذلك.
وإن ماتت هي قبلهما احتمل ان يرثها المقر له كما ترثه واحتمل أن لا يقبل إقرارها له كما لم تقبله في نفسها وأطلقهما في المغني والشرح.
وإن لم تقر لأحدهما إلا بعد موته فهو كما لو أقرت له في حياته وليس لورثة واحد منهما الإنكار لاستحقاقها.
وإن لم تقر لواحد منهما أقرع بينهما وكان لها ميراث من تقع القرعة عليه.
وإن كان أحدهما قد أصابها وكان هو المقر له أو كانت لم تقر لواحد منهما فلها المسمى لأنه مقر لها به وهي لا تدعى سواه.
وإن كانت مقرة لآخر فهي تدعى مهر المثل وهو يقر لها بالمسمى فإن استويا أو اصطلحا فلا كلام.
وإن كان مهر المثل أكثر حلف على الزائد وسقط.
وإن كان المسمى لها أكثر فهو مقر لها بالزيادة وهي تنكرها فلا تستحقها.
95

فائدة قوله وإذا زوج السيد عبده الصغير من أمته جاز له أن يتولى طرفي العقد بلا نزاع.
وكذا أيضا لو زوج بنته المجبرة بعبده الصغير وقلنا يصح وهو الصحيح من المذهب.
وقيل لا يصح تزويج عبده بابنته.
وكذا لو زوج وصى في نكاح صغير بصغيرة تحت حجره.
وقيل يختص الجواز بما إذا زوج عبده بأمته.
قوله (وكذلك ولي المرأة مثل بن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها).
يعني أنه يجوز له أن يتولى طرفي العقد وهذا المذهب.
اختاره القاضي في المجرد والجامع الصغير والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يجوز حتى يوكل غيره في أحد الطرفين بإذنها قاله في المنور.
اختاره الخرقي وأبو حفص البرمكي وابن أبي موسى والقاضي في تعليقه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه بن عقيل في الفصول.
قال في المذهب لم يصح في أصح الروايتين.
قال الزركشي هذه الرواية أشهرهما وأنصهما نص عليه في رواية ثمانية من أصحابه وجزم به في المنور.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والبلغة.
وقيل يجوز تولي طرفيه لغير زوج.
96

وقيل لا يجوز إلا إذا كان الولي هو الإمام ذكره أبو حفص البرمكي.
قال ابن عقيل متى قلنا لا يصح من الولي تولي طرفي العقد لم يصح عقد وكيله له إلا الإمام إذا أراد أن يتزوج امرأة ليس لها ولي فإنه يتزوجها بولاية أحد نوابه لأنهم نواب عن المسلمين لا عنه انتهى.
وأطلق في الترغيب روايتين في تولي طرفيه ثم قال وقيل تولي طرفيه يختص بالمجبر.
فائدتان
إحداهما من صور تولي الطرفين لو وكل الزوج الولي أو الولي الزوج أو وكلا واحدا.
فعلى المذهب وهو جواز تولى الطرفين يكفي قوله زوجت فلانا فلانة أو تزوجتها إن كان هو الزوج على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع والزركشي وقال هو المشهور من الوجهين.
وقيل يعتبر إيجاب وقبول جزم به في البلغة فيقول زوجت نفسي فلانة وقبلت هذا النكاح ونحوه وأطلقهما في المغني والشرح.
الثانية لا يجوز لولي المجبرة كبنت عمه المجنونة وعتيقته المجنونة نكاحها بلا ولي غيره أو حاكم ذكره في المحرر وغيره.
قال الزركشي لا يجوز بلا نزاع.
وقال في الرعاية كبنت عمه المجنونة.
وقيل وعتيقته المجنونة.
قوله (وإذا قال السيد لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح).
97

هذا المذهب نص عليه.
قال الزركشي هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله والمشهور عنه رواه عنه اثني عشر رجلا من أصحابه منهم ابناه عبد الله وصالح ومنهم الميموني والمروذى وابن القاسم وحرب.
وهو المختار لجمهور الأصحاب الخرقي وأبو بكر والشريف أبو جعفر والقاضي في موضع.
قال في التعليق هو المشهور من قول الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الإرشاد والوجيز والعمدة والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والفروع والقواعد الفقهية والرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها فإن أبت ذلك فعليها قيمتها.
اختاره بن حامد والقاضي في خلافه وروايتيه وأبو الخطاب في كتبه الثلاثة وابن عقيل في الفصول وقال إنه الأشبه بالمذهب.
وصححه في المذهب والخلاصة.
قال ابن رجب في قواعده فمنهم من مأخذه انتفاء لفظ النكاح الصريح وهو بن حامد ومنهم من مأخذه انتفاء تقدم الشرط.
فعلى الرواية الثانية يكون مهرها العتق.
وقيل بل مهر المثل ذكره في الرعاية.
فعلى المذهب يصح عقد النكاح منه وحده.
وقال ابن أبي موسى إحدى الروايتين أنه يستأنف العقد عليها بإذنه دون
98

إذنها ورضاها لأن العقد وقع على هذا الشرط فيوكل من يعقد له النكاح بأمره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو حسن.
وكلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي يدل عليه لمن تأمله.
فوائد.
الأولى لهذه المسألة صور.
منها ما ذكره المصنف هنا ونقله صالح وغيره.
ومنها لو قال جعلت عتق أمتي صداقها أو جعلت صداق أمتي عتقها أو قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها أو أعتقتها على أن عتقها صداقها أو أعتقتك على أن أتزوجك وعتقك صداقك نص عليهما وهذا المذهب في ذلك كله لكن يشترط أن يكون متصلا بذلك نص عليه وأن يكون بحضرة شاهدين إن اشترطناهما.
وقال ابن حامد لا يصح ذلك إلا مع قوله أيضا وتزوجتها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه أن لا يصح العتق إذا قال جعلت عتقك صداقك فلم تقبل لأن العتق لم يصر صداقا وهو لم يوقع غير ذلك.
ويتوجه أن لا يصح وإن قبلت لأن هذا القبول لا يصير به العتق صداقا فلم يتحقق ما قال.
ويتوجه في قوله قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها أنها إن قبلت صارت زوجة وإلا عتقت مجانا أو لم تعتق بحال انتهى.
الثانية قوله فإن طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف قيمتها بلا نزاع.
ونقله الجماعة لكن إذا لم تكن قادرة فهل ينتظر القدرة أو يستسعى فيه روايتان منصوصتان.
99

وأطلقهما في الفروع وشرح بن رزين.
قال القاضي والمصنف في المغني والشارح أصلهما المفلس إذا كان له حرفة هل يجبر على الاكتساب على الروايتين فيه.
وتقدم في باب الحجر أن الصحيح من المذهب أنه يجبر فيكون الصحيح هنا أنها تستسعى.
الثالثة لو أعتقت المرأة عبدها على أن يتزوجها بسؤاله أولا عتق مجانا.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في الفصل الأول من كتاب الصداق.
وإن قال أعتق عبدك عني على أن أزوجك ابنتي أو أمتي ففعل عتق ولزمه قيمته لأن الأموال لا يستحق العقد عليها بالشرط.
قال القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم لأنه سلف في نكاح.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه صحة السلف في العقود كما يصح في غيره ويصير العقد مستحقا على المستسلف إن فعل وإلا قام الحاكم مقامه ولأن هذا بمنزلة الهبة المشروط فيها الثواب.
الرابعة المكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالقن في جعل عتقهن صداقهن.
ذكره القاضي وابن عقيل وغيرهما من الأصحاب لأن أحكام الرق ثابتة فيهن كالقن.
وذكر أبو الحسين احتمالا في المكاتبة أنه لا يصح بدون إذنها.
قال العلامة بن رجب وهو الصحيح لأن الإمام أحمد رحمه الله نص في رواية المروذي أنها لا تجبر على النكاح.
وأما المعتق بعضها فصرح القاضي في المجرد بأنها كالقن في ذلك وتبعه بن عقيل والحلواني.
100

وأما أم الولد فقطع القاضي في المجرد والجامع وابن عقيل والأكثرون أنها كالقن وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية الأثرم فإنه قال في رجل يعتقها ويتزوجها فقال نعم يعتقها ويتزوجها لأن أحكامها أحكام الإماء.
وهذا العتق المعجل ليس هو المستحق بالموت.
ولهذا يصح كتابتها على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يصح جعل عتقها صداقها.
وصرح به القاضي على ظهر خلافه معللا بأن عتقها مستحق عليه فيكون الصداق هو تعجيله وذلك لا يكون صداقا.
قال الخلال قال هارون المستملي لأحمد أم ولد أعتقها مولاها وأشهد على تزويجها ولم يعلمها قال لا حتى يعلمها قلت فإن كان قد فعل قال يستأنف التزويج الآن وإلا فإنه لا تحل له حتى يعلمها فلعلها لا تريد أن تتزوج وهي أملك بنفسها فيحتمل ذلك ويحتمل أنه أعتقها منجزا ثم عقد عليها النكاح وهو ظاهر لفظه.
الخامسة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو أعتقها وزوجها لغيره وجعل عتقها صداقها فقياس المذهب صحته ويحتمل أن يكون ذلك مخصوصا بالسيد.
السادسة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو قال أعتقت أمتي وزوجتكها على ألف فقياس المذهب جوازه فإنه مثل قوله أعتقتها وأكريتها منك سنة بألف وهذا بمنزلة استثناء الخدمة.
السابعة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا قال أعتقتك وتزوجتك على ألف فينبغي أن يصح النكاح هنا إذا قيل به في إصداق العتق بطريق أولى وعلله.
101

الثامنة قال الأزجي في النهاية إذا قال السيد لأمته أعتقتك على أن تتزوجي بي فقالت رضيت بذلك نفذ العتق ولم يلزمها الشرط بل هي بالخيار في الزواج وعدمه.
وقال ابن عقيل يحتمل عندي أن يلزمها والأول أصح.
التاسعة قال القاضي لو قال الأب ابتداء زوجتك ابنتي على عتق أمتك فقال قبلت لم يمتنع أن يصح.
قوله (الرابع الشهادة فلا ينعقد إلا بشاهدين).
احتياطا للنسب خوف الإنكار وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أن الشهادة ليست من شروط النكاح ذكرها أبو بكر في المقنع وجماعة وأطلقهما أكثرهم.
وقيد المجد وجماعة من الأصحاب بما إذا لم يكتموه فمع الكتم تشترط الشهادة رواية واحدة وذكره بعضهم إجماعا.
وقال الزركشي وهو والله أعلم من تصرف المجد ولذلك جعله بن حمدان قولا انتهى.
قوله (عدلين ذكرين بالغين عاقلين وإن كانا ضريرين).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح بن رزين وغيرهم.
وعنه ينعقد بحضور فاسقين ورجل وامرأتين ومراهقين عاقلين.
قال في الفروع وأسقط رواية الفسق أكثرهم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هي ظاهر كلام الخرقي.
وأخذها في الانتصار من رواية مثنى.
102

وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله إذا تزوج بولي وشهود غير عدول يفسد من النكاح شيء فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء.
وقيل ينعقد بحضور كافرين مع كفر الزوجة وقبول شهادة بعضهم على بعض ويأتي نحوه قريبا.
وأطلق الروايتين في الشرح.
تنبيه يحتمل أن يريد المصنف بقوله عدلين ظاهرا وباطنا وهو أحد الوجهين واحتمال في التعليق للقاضي وقدمه في الرعايتين.
ويحتمل أن يريد عدلين ظاهرا لا باطنا فيصح بحضور مستوري الحال وإن لم نقبلهما في الأموال وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي وهو المشهور من الوجهين.
قال ابن رزين ويصح من مستوري الحال رواية واحدة لأن الأصل العدالة وصححه في البلغة.
وجزم به القاضي في المجرد والتعليق في الرجعة منه والشيرازي وابن البنا وابن عقيل حاكيا له عن الأصحاب والمصنف في الكافي والمغني والشارح وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والفروع.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقيل يكفي مستوري الحال إن ثبت النكاح بهما.
وقال في المنتخب يثبت بهما مع اعتراف متقدم.
وقال في الترغيب لو تاب في مجلس العقد فكمستور الحال.
فعلى المذهب لو عقد بمستوري الحال ثم تبين بعد العقد أنهما كانا فاسقين حالة العقد فقال القاضي وابن عقيل تبين أن النكاح لم ينعقد.
وقال المصنف والشارح ينعقد لوجود شرط النكاح ظاهرا.
103

قال ابن البنا ولا يكفي في إثبات العقد عند الحاكم إلا من عرفت عدالته ظاهرا وباطنا انتهى.
وهو صحيح بناء على اشتراط ذلك في الشهادة.
قوله (ولا ينعقد نكاح مسلم بشهادة ذميين).
هذا المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله المشهور عند الأصحاب.
واختاره جماهيرهم.
ويتخرج أن ينعقد إذا كانت المرأة ذمية وهو لأبي الخطاب.
قال في الرعاية وفيه بعد.
وهو مخرج من رواية قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض على ما يأتي.
قال ابن رزين وإن قلنا تقبل شهادة بعضهم على بعض صح النكاح بشهادة ذميين إذا كانت المرأة ذمية.
قوله (وهل ينعقد بحضور عدوين أو ابني الزوجين أو أحدهما على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والهادي والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح بن رزين وابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم.
أحدهما ينعقد بحضور عدوين وهو المذهب اختاره بن بطة وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال في تجريد العناية لا ينعقد في رواية.
والوجه الثاني لا ينعقد بحضور عدوين.
104

وأما عدم انعقاده بحضور ابني الزوجين أو أحدهما فهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم في كتاب الشهادات.
وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم هناك.
والوجه الثاني ينعقد بهما وبأحدهما اختاره بن بطة وابن عبدوس في تذكرته والأدمى في منتخبه.
قال في تجريد العناية لا ينعقد في رواية.
قال في الفروع وفي شهادة عدوى الزوجين أو أحدهما أو الولي وجهان وفي متهم لرحم روايتان.
وقال في الرعاية وفي عدوى الزوج أو الزوجة أو عدوهما أو عدوى الولي أو بابني الزوجين أو ابني أحدهما أو أبويهما أو أبوي أحدهما أو عدوهما وأجنبي وكل ذي رحم محرم من أحد الزوجين أو من الولي.
وقيل في العدوين وابني الزوجين أو أحدهما روايتان انتهى.
قوله (الخامس كون الرجل كفؤا لها في إحدى الروايتين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة والشرح.
إحداهما هي شرط لصحة النكاح وهي المذهب عند أكثر المتقدمين.
قال الزركشي هذا المنصوص المشهور والمختار لعامة الأصحاب من الروايتين.
وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقطع به الخرقي.
وقدمه في الهادي والرعايتين والحاوي الصغير.
وهو من مفردات المذهب.
105

وعنه ليست بشرط يعني للصحة بل شرط في اللزوم.
قال المصنف هنا وهي أصح وهو المذهب عند أكثر المتأخرين.
واختاره أبو الخطاب في خلافه والمصنف وابن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور.
قال في الرعايتين وهي أولى للآثار وقدمه في المحرر والفروع.
قلت وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
فعلى الأولى الكفاءة حق لله تعالى وللمرأة والأولياء حتى من يحدث.
وعلى الثانية حق للمرأة والأولياء فقط.
قوله (لكن إن لم ترض المرأة والأولياء جميعهم فلمن لم يرض الفسخ فلو زوج الأب بغير كفء برضاها فللإخوة الفسخ).
هذا كله مفرع على الرواية الثانية وهو الصحيح نص عليه.
جزم به القاضي في الجامع الكبير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وناظم المفردات.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع.
قال الزركشي هذا الأشهر.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يملك إلا بعد الفسخ مع رضى المرأة والأقرب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
فعلى الأول له الفسخ في الحال ومتراخيا ذكره القاضي وغيره.
106

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يكون على التراخي في ظاهر المذهب لأنه خيار لنقص في المعقود عليه.
فعلى هذا يسقط خيارها بما يدل على الرضى من قول أو فعل وأما الأولياء فلا يثبت إلا بالقول.
فائدة قال الزركشي لو عقده بعضهم ولم يرض الباقون فهل يقع العقد باطلا من أصله أو صحيحا على روايتين حكاهما القاضي في الجامع الكبير أشهرهما الصحة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا من قوله فلمن لم يرض الفسخ ولا يكون الفسخ إلا بعد الانعقاد وهو ظاهر كلام غيره أيضا.
وقال الزركشي في موضع آخر إذا زوجها الأب بغير كفء وقلنا الكفء ليس بشرط ففي بطلان النكاح روايتان البطلان كنكاح المحرمة والمعتدة والصحة كتلقي الركبان.
وقيل إن علم بفقد الكفاءة لم يصح وإلا صح.
وقيل يصح إن كانت الزوجة كبيرة لاستدراك الضرر.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله طريقة المجد في المحرر أن الصفات الخمس معتبرة في الكفاءة قولا واحدا ثم هل يبطل النكاح فقدها أو لا يبطله لكن يثبت الفسخ أو يبطله فقد الدين والمنصب ويثبت الفسخ فقد الثلاثة على ثلاث روايات وهي طريقته انتهى.
قوله (والكفاءة الدين والمنصب).
يعني لا غير وهذا إحدى الروايتين جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
واختاره بن أبي موسى وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
107

وعنه أن الحرية والصناعة واليسار من شروط الكفاء أيضا وهو المذهب اختاره القاضي في تعليقه والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والبلغة والشرح والنظم.
وذكر القاضي في المجرد أن فقد الثلاثة لا يبطل النكاح قولا واحدا.
وأما فقد الدين والمنصب فقيل يبطل رواية واحدة.
وقيل فيه روايتان وقيل المبطل فقد المنصب ذكره بن خطيب السلامية في نكته.
قال ابن عقيل الذي يقوي عندي وهو الصحيح أن فقد شرط واحد مبطل وهو النسب وما عدا ذلك لا يبطل النكاح.
واختار المصنف والشارح أن الحرية من شروط الكفاءة.
واختار الشيرازي أن اليسار من شروط الكفاءة.
وقال الشيخ تقي الدين لم أجد نصا عن الإمام أحمد رحمه الله ببطلان النكاح لفقر أو رق ولم أجد أيضا عنه نصا بإقرار النكاح مع عدم الدين والمنصب خلافا واختار أن النسب لا اعتبار به في الكفاءة.
وذكر بن أبي موسى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
واستدل الشيخ تقي الدين رحمه الله بقوله تعالى * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) *.
وقيل الكفاءة النسب فقط وهو توجيه للقاضي في المجرد.
وقال بعض المتأخرين من الأصحاب إذا قلنا الكفاءة حق لله تعالى اعتبر الدين فقط قال وكلام الأصحاب فيه تساهل وعدم تحقيق.
قال في الفروع كذا قال.
108

قلت هذا كلام ساقط ولم يفهم معنى كلام الأصحاب.
فائدتان
إحداهما المنصب هو النسب وأما اليسار فهو بحسب ما يجب للمرأة.
وقيل تساويهما فيه.
قال الزركشي معنى الكفاءة في المال أن يكون بقدر المهر والنفقة.
قال القاضي وأبو محمد في المغني لأنه الذي يحتاج إليه في النكاح.
ولم يعتبر في الكافي إلا النفقة فقط.
واعتبر بن عقيل أن يكون بحيث لا يغير عليها عادتها عند أبيها في بيته.
الثانية لا تعتبر هذه الصفات في المرأة وليست الكفاءة شرط في حقها للرجل.
وفي الانتصار احتمال يخير معتق تحته أمة.
وفي الواضح احتمال يبطل النكاح بعتق الزوج الذي تحته أمة بناء على الرواية فيما إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة فإنه يبطل.
ويأتي ذلك في أوائل الفصل الثالث من باب الشروط في النكاح.
قوله (والعرب بعضهم لبعض أكفاء).
هذا المذهب صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهما وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وعنه لا تزوج قرشية بغير قرشي ولا هاشمية بغير هاشمي.
قدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الفروع هذه الرواية مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
ورد الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الرواية وقال ليس في كلام الإمام
109

أحمد رضي الله عنه ما يدل عليها وإنما المنصوص عنه في رواية الجماعة أن قريشا بعضهم لبعض أكفاء قال وذكر ذلك بن أبي موسى والقاضي في خلافه وروايتيه وصححها فيه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا ومن قال إن الهاشمية لا تزوج بغير هاشمي بمعنى أنه لا يجوز ذلك فهذا مارق من دين الإسلام إذ قصة تزويج الهاشميات من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن بغير الهاشميين ثابت في السنة ثبوتا لا يخفى فلا يجوز أن يحكى هذا خلافا في مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه وليس في لفظه ما يدل عليه انتهى.
وعنه ليس ولد الزنى كفؤا لذات نسب كعربية واقتصر عليه الزركشي وأضافه إلى المصنف.
فائدة ليس مولى القوم كفؤا لهم على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الروايتين والمصنف والشارح وغيرهم.
وعنه أنه كفء لهم وأطلقهما الزركشي.
تنبيه قوله على رواية أن الحرية من شروط الكفاءة لا تزوج حرة بعبد.
قال الزركشي قلت ولا لمن بعضه رقيق انتهى.
فلو وجدت الكفاءة في النكاح حال العقد بأن يقول سيد العبد بعد إيجاب النكاح له قبلت له هذا النكاح وأعتقته فقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المذهب صحته.
قال ويتخرج فيه وجه آخر بمنعها.
ويأتي ما يتعلق بذلك عند قوله إذا عتقت الأمة وزوجها حر.
أما إن كان قد مسه رق أو أباه فالصحيح من المذهب جواز تزويجه بحرة الأصل اختاره بن أبي موسى والمصنف والشارح وغيرهم.
110

وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية فلا تزوج به في رواية انتهى.
وعنه لا تزوج به اختاره بن عقيل.
فائدة التانئ في قوله ولا بنت تانىء.
هو صاحب العقار.
وقيل الكثير المال قاله الزركشي والبزاز بياع البز.
تنبيه ظاهر قوله على رواية أن الحرية والصناعة واليسار من شروط الكفاءة فلا تزوج حرة بعبد ولا بنت بزاز بحجام ولا بنت تانىء بحائك ولا موسرة بمعسر.
أنه يشمل كل صناعة رديئة وهو قول القاضي في الجامع والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الرعاية ومال إليه الزركشي.
واقتصر بعضهم على هذه الثلاثة.
وقيل نساج كحائك.
فائدة لو زالت البكارة المذكورة بعد العقد فلها الفسخ على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره كعتقها تحت عبد.
111

وقيل ليس لها الفسخ كطول حرة من نكاح أمة وكوليها.
وفيه خلاف في الانتصار.
قال الزركشي يعزى لأبي الخطاب أن للولي الفسخ أيضا.
ويحتمله كلام شيخه في التعليق.
وقدم في الانتصار أن مثل الولي من ولد من الأولياء في ذلك وأنه إن طرأ نسب فاستلحق شريف مجهولة أو طرأ صلاح فاحتمالان.
وتقدم عند قوله وإذن الثيب الكلام لا يشترط الإشهاد على إذنها ولا الشهادة بخلوها من الموانع.
112

باب المحرمات في النكاح.
فائدة قوله والبنات من حلال أو حرام.
وكذا ابنته المنفية بلعان ومن شبهة.
ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنته ظاهرا وإن كان النسب لغيره قاله القاضي في التعليق.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في استدلاله أن الشبه كاف في ذلك قاله الزركشي.
تنبيهات.
الأول شمل قوله والعمات.
عمة أبيه وأمه لدخولها في عماته وعمة العم لأب لأنها عمة أبيه لا عمة العم لأم لأنها أجنبية منه.
وتحرم خالة العمة لأم ولا تحرم خالة العمة لأب لأنها أجنبية.
وتحرم عمة الخالة لأب لأنها عمة الأم ولا تحرم عمة الخالة لأم لأنها أجنبية.
الثاني قوله القسم الثاني المحرمات بالرضاع ويحرم ما يحرم بالنسب سواء.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال ابن البنا في خصاله والوجيز وغيرهما إلا أم أخيه وأخت ابنه فإنهما يحرمان من النسب ولا يحرمان بالرضاع وقاله الأصحاب.
لكن أم أخيه إنما حرمت من غير الرضاع من جهة أخرى لكونها زوجة أبيه وذلك من جهة تحريم المصاهرة لا من جهة تحريم النسب.
113

وكذلك أخت ابنه إنما حرمت لكونها ربيبة فلا حاجة إلى استثنائهما.
وقد قال الزركشي وغيره من الأصحاب والصواب عند الجمهور عدم استثنائهما.
وقال في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يثبت به تحريم المصاهرة فلا يحرم على الرجل نكاح أم زوجته وابنتها من الرضاع ولا على المرأة نكاح أبي زوجها وابنه من الرضاع.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن بدينا في حليلة الابن من الرضاع لا يعجبني أن يتزوجها يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
وليس على هذا الضابط إيراد صحيح سوى المرتضعة بلبن الزنى.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابنه عبد الله أنها محرمة كالبنت من الزنى فلا إيراد إذن انتهى.
الثالث قوله القسم الثالث المحرمات بالمصاهرة وهن أربع أمهات نسائه فيحرمن بمجرد العقد على البنت.
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وعنه أمهات النساء كالربائب لا يحرمن إلا بالدخول ببناتهن ذكرها الزركشي.
الرابع دخل في قوله وحلائل آبائه.
كل من تزوجها أبوه أو جده لأبيه أو لأمه من نسب أو رضاع وإن علا سواء دخل بها أو لم يدخل طلقها أو مات عنها أو افترقا بغير ذلك.
ودخل في قوله وأبنائه يعني وحلائل أبنائه كل من تزوجها أحد من
114

أولاده أو أولاد أولاده وإن نزلوا سواء كانوا من أولاد البنين أو البنات من نسب أو رضاع.
الخامس ظاهر قوله والربائب وهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن.
أنه سواء كانت الربيبة في حجره أو لا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل لا تحرم إلا إذا كانت في حجره.
اختاره بن عقيل وهو ظاهر القرآن.
فائدة يحرم عليه بنت بن زوجته نقله صالح وغيره.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يعلم فيه نزاعا.
ذكره في القاعدة الثانية والخمسين بعد المائة.
ولا تحرم زوجة ربيبه ذكره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفنون ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن مشيش.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أعلم فيه نزاعا.
ويباح للمرأة بن زوجة ابنها وابن زوج ابنتها وابن زوج أمها وزوج زوجة أبيها وزوج زوجة أبيها ذكره في الرعايتين والوجيز.
قوله (فإن متن قبل الدخول فهل تحرم بناتهن على روايتين).
يعني إذا ماتت المعقود عليها قبل الدخول ولها بنت وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
إحداهما لا يحرمن وهو المذهب صححه في التصحيح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
115

وقدمه في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما وحكاه بن المنذر إجماعا.
والرواية الثانية يحرمن اختاره أبو بكر في المقنع.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم لو أبانها بعد الخلوة وقبل الدخول خلافا ومذهبا قاله في المحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفروع والوجيز وغيرهم.
قال الزركشي إذا طلق بعد الخلوة وقبل الوطء فروايتان أنصهما وهو الذي قطع به القاضي في الجامع الكبير وفي موضع في الخصال وابن البنا والشيرازي ثبوت حكم الربيبة.
والثانية وهي اختيار أبي محمد وابن عقيل والقاضي في المجرد وفي الجامع في موضع لا يثبت.
وقدم في المغني أنها لا تحرم وصححه في موضع آخر.
قلت وصححه في المستوعب والشرح في كتاب الصداق وهو المذهب.
الثانية قطع المصنف وغيره من الأصحاب في المباشرة ونظر الفرج بعدم التحريم.
قال الزركشي وقد يقال بعدم التحريم بناء على تقرر الصداق.
ويأتي أيضا التنبيه على الخلوة فيما يقرر الصداق في بابه.
ولا يثبت التحريم باستدخال ماء الرجل نص عليه في التعليق في اللعان.
قوله (ويثبت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال والحرام).
أما ثبوت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال فإجماع.
116

ويثبت بوطء الشبهة على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وحكاها بن المنذر إجماعا وقدمه في الفروع وقيل لا يثبت وأطلقهما في المذهب.
وحكاية هذا الوجه منه عجيب فإنه جزم بأن الوطء في الزنى كالنكاح الصحيح وأطلق وجهين في الوطء بشبهة.
فائدة
ظاهر كلام الخرقي أن وطء الشبهة ليس بحلال ولا حرام فقال وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة وصرح القاضي في تعليقه أنه حرام وأما ثبوته بالوطء الحرام فهو المذهب نص عليه في رواية جماعة وذكر القاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار أنه يثبت تحريم المصاهرة بوطء الدبر بالاتفاق جزم به في الهداية والخلاصة والمستوعب والمغني والترغيب والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم قال في المذهب إذا وطئ امرأة بزنا كان كالوطء في النكاح وقيل لا يثبت تحريم المصاهرة بوطء الدبر ونقل بشر بن محمد لا يعجبني ونقل الميموني إنما حرم الله بالحلال على ظاهر الآية والحرام مباين للحلال وقال الشيخ تقي الدين الوطء الحرام لا ينشر تحريم المصاهرة واعتبر في موضع آخر التوبة حتى في اللواط وحرم بنته من الزنى وقال إن وطء بنته غلطا لا ينشر لكونه لم يتخذها زوجة ولم يعلن نكاحا.
تنبيه شمل قوله الحرام الوطء في قبلها ودبرها وهو كذلك قاله الأصحاب كما تقدم.
117

فلو زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها كوطء الحلال والشبهة.
ولو وطئ أم امرأته أو بنتها حرمت عليه امرأته نص عليه ولكن لا تثبت محرمية ولا إباحة النظر.
قوله (فإن كانت الموطوأة ميتة أو صغيرة فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
أحدهما لا يثبت التحريم بذلك وهو المذهب.
اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه بن رزين في شرحه.
وقاله القاضي في خلافه في وطء الصغيرة وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وصححه الزركشي في الصغيرة.
والوجه الثاني يثبت به التحريم وقاله القاضي في الجامع في الصغيرة.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور فيها.
تنبيه مراده بالصغيرة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها قاله الأصحاب.
قوله (وإن باشر امرأة أو نظر إلى فرجها أو خلا بها بشهوة).
يعني في الحرام أو لمسها بشهوة فعلى روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
118

وأطلقهما في المغني والشرح فيما إذا باشر الأمة بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة.
وأطلقهما في الكافي في القبلة واللمس بشهوة والنظر إلى الفرج.
وقطع في المغني والشرح بعدم التحريم فيما إذا باشر حرة.
وقالا وذكر أصحابنا في جميع الصور الروايتين من غير تفصيل.
والتفصيل أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى.
إحداهما لا ينشر الحرمة وهو المذهب.
قال في المذهب ومسبوك الذهب لم ينشر في أصح الروايتين.
وصححه في التصحيح والزركشي وجزم به في الوجيز.
وقال المصنف والشارح والصحيح أن الخلوة بالمرأة لا تنشر الحرمة.
والرواية الثانية تنتشر الحرمة بذلك.
تنبيه مفهوم قوله أو نظر إلى فرجها أنه لو نظر إلي غيره من بدنها لشهوة لا ينشر الحرمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه ينشر ذكره أبو الحسين ونقله الميموني وابن هانئ.
قال المصنف والشارح وقال بعض أصحابنا لا فرق بين النظر إلى الفرج وسائر البدن لشهوة.
والصحيح خلاف ذلك ثم قالا لا خلاف نعلمه في ان النظر إلى الوجه لا يثبت الحرمة.
فائدة حكم مباشرة المرأة للرجل أو نظرها إلى فرجه أو خلوتها به لشهوة حكم الرجل على ما تقدم خلافا ومذهبا
.
قوله (وإن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وبنته).
119

يعني أنه يحرم باللواط ما يحرم بوطء المرأة وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب هذا قول أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح بن رزين.
وهو من مفردات المذهب.
وعند أبي الخطاب هو كالوطء دون الفرج يعني كالمباشرة دون الفرج على ما تقدم من الخلاف.
قال المصنف والشارح وهو الصحيح.
قال في الفروع اختاره جماعة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في مسألة التلوط أن الفاعل لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه.
قال وهو قياس جيد.
قال فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل ففيه نظر ولم ينص عليه.
4 قال ابن رزين في شرحه وقيل لا ينشر الحرمة البتة وهو أشبه انتهى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن دواعي اللواط ليست كاللواط وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع.
وذكر بن عقيل وابن البنا أنه كاللواط وأطلقهما في الرعاية.
فائدة السحاق بين النساء لا ينشر الحرمة ذكره بن عقيل في مفرداته محل وفاق.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المنصوص في اللواط أنه يخرج على الروايتين في مباشرة الرجل الرجل بشهوة.
120

قوله (القسم الرابع الملاعنة تحرم على الملاعن على التأبيد إلا أن يكذب نفسه فهل تحل على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
إحداهما لا تحل بل تحرم على التأبيد وهو المذهب.
نقلها الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه جماهير الأصحاب.
وصححه في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه المصنف في هذا الكتاب في باب اللعان.
قال الشارح المشهور في المذهب أنها باقية على التحريم المؤبد والعمل عليه وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير في باب اللعان.
وقدمه في الفروع أيضا.
والرواية الثانية تباح له قاله بن رزين وهو أظهر.
قال الشارح وهنا في باب اللعان وهذه الرواية شذ بها حنبل عن أصحابه.
قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره.
قال المصنف ينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم بينهما.
فأما إن فرق بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحاله انتهى.
وعنه تباح بنكاح جديد أو ملك يمين إن كانت أمة.
ويأتي هذا في اللعان أيضا مستوفى فليراجع.
فعلى المذهب لو وقع اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد فهل يفيد التحريم المؤبد أم لا فيه وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم ذكروه في اللعان.
أحدهما تحرم أيضا على التأبيد وهو الصحيح قدمه في الكافي.
121

والوجه الثاني لا يتأبد التحريم في المسألتين قدمه بن رزين في شرحه.
فائدة ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في كتاب التحليل أن الرجل إذا قتل رجلا ليتزوج امرأته أنها لا تحل له أبدا.
وسئل عن رجل خبث امرأة على زوجها حتى طلقت ثم تزوجها.
أجاب يعاقب مثل هذا عقوبة بليغة والنكاح باطل في أحد قولي العلماء في مذهب الإمام مالك والإمام أحمد وغيرهما رحمهم الله ويجب التفريق فيه.
فوائد.
إحداها إذا فسخ الحاكم نكاحه لعنة أو عيب فيه يوجب الفسخ لم تحرم على التأبيد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وقدمه في الفروع ذكره في باب العيوب.
وعنه تحرم على التأبيد كاللعان.
الثانية قوله فيحرم الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها أو خالتها.
بلا نزاع وسواء كانت العمة والخالة حقيقة أو مجازا كعمات آبائها وخالاتهم وعمات أمهاتها وخالاتهن وإن علت درجتهن ولو رضيتا من نسب أو رضاع.
وخالف الشيخ تقي الدين رحمه الله في الرضاع فلم يحرم الجمع مع الرضاع.
فعلى المذهب كل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لأجل القرابة لا يجوز الجمع بينهما قاله الأصحاب.
قال الإمام أحمد رحمه الله خال ابنها بمنزلة خالها.
وكذا يحرم عليه الجمع بين عمة وخالة بأن ينكح امرأة وينكح ابنة أمها فيولد لكل واحد منهما بنت.
122

ويحرم أيضا الجمع بين خالتين بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فتولد لكل واحد منهما بنت.
ويحرم أيضا الجمع بين عمتين بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فيولد لكل واحد منهما بنت.
الثالثة لا يكره الجمع بين بنتي عميه أو عمتيه أو ابنتي خاليه أو خالتيه أو بنت عمه وبنت عمته على الصحيح من المذهب.
جزم به في المستوعب والوجيز وغيرهما.
وقدمه في الرعاية وغيرها.
كما لا يكره جمعه بين من كانت زوجة رجل وبنته من غيرها.
وعنه يكره جزم به في الكافي فيكون هذا المذهب.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي.
وحرمه في الروضة قال لأنه لا نص فيه ولكن يكره قياسا.
يعني على الأختين قاله في الفروع.
الرابعة لو تزوج أخت زيد من أبيه وأخته من أمه في عقد واحد صح ذكره في الرعاية وغيره.
الخامسة لو كان لكل رجل بنت ووطئا أمة فألحق ولدها بهما فتزوج رجل بالأمة وبالبنتين فقد تزوج أم رجل وأختيه ذكره بن عقيل واقتصر عليه في الفروع.
قلت فيعايى بها وقد نظمها بعضهم لغزا.
قوله (وإن تزوجهما في عقد لم يصح).
وكذا لو تزوج خمسا في عقد واحد وهذا المذهب فيهما وعليه الأصحاب.
ونص عليه في رواية صالح وأبي الحارث.
123

ولكن نقل بن منصور إذا تزوج أختين في عقد يختار إحداهما.
وتأوله القاضي على أنه يختارها بعقد مستأنف.
وقال في آخر القواعد وهو بعيد وخرج قولا بالاقتراع.
قوله (وإن تزوجهما في عقدين أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى سواء كانت بائنا أو رجعية فنكاح الثانية باطل).
يعني إذا كان يحرم الجمع بينهما وهذا بلا نزاع.
لكن لو جهلت الأولى فسخا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح وتذكرة بن عبدوس وقالا بطلا.
قال ابن أبي موسى الصحيح بطلان النكاحين.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقرع بينهما فمن خرجت لها القرعة فهي الأولى.
قال في الرعاية من عنده قلت فمن قرعت جدد عقدها بإذنها.
فعلى المذهب يلزم أحدهما نصف المهر يقترعان عليه على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر بن عقيل رواية لا يلزمه لأنه مكره.
واختاره أبو بكر فقال اختياري أن يسقط المهر إذا كان مجبرا على الطلاق قبل الدخول.
قلت فعلى الأول يعايي بها إذا أجبر على الطلاق.
قوله (وإن اشتراهن في عقد واحد صح).
يعني لو اشترى أختين أو امرأة وعمتها أو خالتها في عقد واحد صح.
قوله (فإن وطئ إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم على نفسه الأولى).
124

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه ليس بحرام ولكن ينهى عنه.
أثبتها القاضي وجماعة من أصحابه والمصنف والمجد وابن حمدان وصاحب الفروع وغيرهم.
ومنع الشيخ تقي الدين رحمه الله أن يكون في المسألة رواية بالكراهة وقال من قال عن أحمد رحمه الله إنه قال لا يحرم بل يكره فقد غلط عليه ومأخذه الغفلة عن دلالات الألفاظ ومراتب الكلام وأحمد رحمه الله إنما قال لا أقول إنه حرام ولكن ينهى عنه وكان يهاب قول الحرام إلا فيما فيه نص وقد بين ذلك القاضي في العدة.
فائدة قال في القاعدة السادسة والثلاثين بعد المائة الجمع بين المملوكتين في الاستمتاع بمقدمات الوطء قال ابن عقيل يكره ولا يحرم ويتوجه أن يحرم.
أما إذا قلنا إن المباشرة بشهوة كالوطء في تحريم الأختين حتى تحرم الأولى فلا إشكال انتهى.
تنبيه في قوله فإن وطئ إحداهما لم تحل له الأخرى إشعار بجواز وطء إحداهما ابتداء قبل تحريم الأخرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل والمصنف بل والشارح والمجد وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال في البلغة والمحرر والفروع والأصح جوازه.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة هذا المشهور وهو أصح ومنع أبو الخطاب في الهداية من وطء واحدة منهما قبل تحريم الأخرى.
وقطع به في المذهب والخلاصة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد ونقل بن هانئ عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه وهو راجع إلى تحريم إحداهما مبهمة.
125

وقيل يكره ذلك.
فائدة حكم المباشرة من الإماء فيما دون الفرج والنظر إلى الفرج بشهوة فيما يرجع إلى تحريم أختها كحكمه في
تحريم الربيبة على ما تقدم قدمه في المغني والشرح.
وقال والصحيح أنها لا تحرم بذلك لأن الحل ثابت فلا يحرم إلا الوطء فقط.
تنبيهان.
الأول قوله فإن وطئ إحداهما لم تحل له الأخرى فلو خالف ووطئ الأخرى لزمه أن يمسك عنهما حتى يحرم إحداهما على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
قال في القواعد الفقهية هذا الأظهر فيكون الممنوع منهما واحدة مبهمة.
وأباح القاضي في المجرد وطء الأولى بعد استبراء الثانية والثانية هي المحرمة عليه.
الثاني قوله لم تحل له حتى يحرم على نفسه الأولى بإخراج عن ملكه أو تزويج ويعلم أنها ليست بحامل وهذا بلا نزاع في الجملة.
وقال ابن عقيل لا يكفي في إباحة الثانية مجرد إزالة ملكه عنها بل لا بد أن تحيض حيضة وتنقضي فتكون الحيضة كالعدة.
وتبعه على ذلك صاحب الترغيب والمحرر وغيرهما.
وجزم به الزركشي وغيره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس هذا القيد في كلام الإمام أحمد رحمه الله وعامة الأصحاب انتهى.
126

ولا يكفي استبراؤها بدون زوال الملك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال ابن عقيل ينبغي أن يكتفي بذلك إذ به يزول الفراش المحرم للجمع.
ثم في الاكتفاء بتحريمها بكتابة أو رهن أو بيع بشرط الخيار وجهان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الأصولية.
وأطلقهما في المحرر والحاوي في الكتابة.
قطع في الكافي والمغني والشرح أن الأخت لا تباح إذا رهنها أو كاتبها وهو ظاهر كلام الخرقي والمصنف هنا.
قال الزركشي هذا الأشهر في الرهن.
وقال ظاهر إطلاق الإمام أحمد رحمه الله وكثير من الأصحاب الاكتفاء بزوال الملك ولو أمكنه الاسترجاع كهبتها لولده أو بيعها بشرط الخيار.
وجزم بن رزين في شرحه أنه إذا رهنها أو كاتبها أو دبرها لا تباح أختها.
وقدم في الرعايتين أنه يكفي كتابتها واختاره القاضي وغيره.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وابن عقيل في الجميع حيث قال فإن وطئ إحداهما لم تحل الأخرى حتى يحرم الموطوأة بما لا يمكن أن يرفعه وحده وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
ولو أزال ملكه عن بعضها فقال الشيخ تقي الدين رحمه الله كفاه ذلك وهو قياس قول أصحابنا.
الثالثة شمل قوله بإخراج عن ملكه.
الإخراج بالبيع وغيره وقد صرح به الأصحاب.
فيحتمل أن يقال هذا منهم مبني على القول بجواز التفريق على ما مر في كتاب الجهاد.
127

لكن يعكر على ذلك ما قبل البلوغ فإنه ليس فيه نزاع.
ويحتمل أن يقال يجوز البيع هنا للحاجة والمصلحة وإن منعناه في غيره.
قال العلامة بن رجب أطلق الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب تحريم الثانية حتى يخرج الأولى عن ملكه ببيع أو غيره.
فإن بنيت هذه المسألة على ما ذكره الأصحاب في التفريق لزم أن لا يجوز التفريق بغير العتق فيما دون البلوغ وبعده على روايتين.
ولم يتعرضوا هنا لشيء من ذلك.
ولعله مستثنى من التفريق المحرم للحاجة وإلا لزم تحريم هذه الأمة بلا موجب انتهى.
وسبقه إلى ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
قلت فيعايى بها.
قوله (فإن عادت إلى ملكه لم يصب واحدة منهما حتى يحرم الأخرى).
سواء كان وطئ الثانية أو لا وهذا المذهب.
قال في الفروع هذا ظاهر نصوصه واختاره الخرقي.
قال في القاعدة الأربعين هذا الأشهر وهو المنصوص.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي ونظم المفردات.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الزركشي فإن عادت بعد وطء الأخرى فالمنصوص في رواية جماعة وعليه عامة الأصحاب اجتنابهما حتى يحرم إحداهما.
وإن عادت قبل وطء الأخرى فظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقي وكثير من الأصحاب أن الحكم كذلك.
128

واختار المصنف والشارح والناظم أنها إن عادت قبل وطء أختها فهي المباحة دون أختها.
واختار المجد في المحرر أنها إذا رجعت إليه بعد أن وطئ الباقية أنه يقيم على وطئها ويجتنب الراجعة وإن رجعت قبل وطء الباقية وطئ أيتهما شاء.
قال ابن نصر الله هذا إذا عادت إليه على وجه لا يجب الاستبراء عليه أما إن وجب الاستبراء لم يلزمه ترك أختها حتى يستبرئها.
قوله (وإن وطئ أمته ثم تزوج أختها لم يصح عند أبي بكر).
وهو المذهب.
قال القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وحكاه في الفروع وغيره رواية.
اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وجزم به في المنور وناظم المفردات وهو منها.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله أنه يصح ذكره أبو الخطاب في الهداية.
وحكاهما في الفروع وغيره رواية ونقلها حنبل وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وأطلقهما في المذهب والفروع.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو أعتق سريته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها.
قوله (ولا يطأ حتى يحرم الموطوأة).
يعني على القول بالصحة والموطوأة هي أمته وهذا الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به في المستوعب وغيره.
وعنه يحرمان معا حتى يحرم إحداهما.
129

فوائد.
إحداها مثل هذا الحكم لو تزوج أخت أمته بعد تحريمها ثم رجعت الأمة إليه لكن النكاح بحاله قاله في المحرر والفروع.
وقدم في المغني والشرح أن حل وطء الزوجة باق.
وإن أعتق أمته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة العقد الروايتان المتقدمتان وله نكاح أربع سواها في أصح الوجهين.
قاله في الفروع وجزم به في المحرر وغيره.
وقاله القاضي في الجامع والخلاف وابن المنى.
ونصره أبو الخطاب في خلافه الصغير كما قبل العتق.
وقيل لا يجوز التزمه القاضي في التعليق في موضع قياسا على المنع من تزوج أختها.
قلت وهو ضعيف جدا.
الثانية لو ملك أختين مسلمة ومجوسية فله وطء المسلمة.
ذكره في التبصرة واقتصر عليه في الفروع.
الثالثة لو اشترى أخت زوجته صح ولا يطؤها في عدة الزوجية فإن فعل فالوجهان المتقدمان.
وهل دواعي الوطء كالوطء فيه الوجهان وأطلقهما في الفروع.
والصحيح من المذهب أن دواعي الوطء كالوطء.
وقدم بن رزين في شرحه إباحة المباشرة والنظر إلى الفرج بشهوة.
تنبيهان.
أحدهما تقدم في آخر كتاب الطهارة إذا اشتبهت أخته بأجنبية.
130

الثاني قوله ولا يحل للحر أن يجمع بين أكثر من أربع ولا للعبد أن يتزوج بأكثر من اثنتين بلا نزاع.
ومفهوم قوله وإن طلق إحداهن لم يجز أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدتها.
أنها لو ماتت جاز تزوج غيرها في الحال وهو صحيح نص عليه.
فلو قال أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته فله نكاح أختها وبدلها في أصح الوجهين.
قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وقيل ليس له ذلك.
فعلى الأول لا تسقط السكنى والنفقة ونسب الولد بل الرجعة قاله الأصحاب.
فائدتان
إحداهما قوله ولا يحل للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين.
بلا نزاع ونص عليه في رواية الجماعة منهم صالح وابن منصور ويعقوب بن بختان.
لكن لو كان نصفه فأكثر حرا جاز له أن يتزوج ثلاثا على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في البلغة والمستوعب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
وقيل هو كالعبد.
ويأتي في آخر نفقة الأقارب والمماليك هل للعبد أن يتسرى بإذن سيده أم لا.
الثانية اختلف عن الإمام أحمد رحمه الله في جواز تسري العبد بأكثر من اثنتين فنقل عنه الميموني الجواز.
131

قلت وهو الصواب وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والنظم وغيرهم في آخر باب نفقة الأقارب والمماليك.
ونقل أبو الحارث المنع كالنكاح.
قال في القواعد الأصولية ولم يختلف عنه في أن عتق العبد وسريته يوجب تحريمها عليه.
واختلف عنه في عتق العبد وزوجته هل ينفسخ به النكاح على ما يأتي محررا في آخر الباب الآتي بعده.
قوله (وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقال في الانتصار ظاهر نقل حنبل في التوبة لا يحرم تزوجها قبل التوبة.
قال ابن رجب وأما بعد التوبة فلم أر من صرح بالبطلان فيه وكلام بن عقيل يدل على الصحة حيث خص البطلان بعد انقضاء العدة انتهى.
وقال بعض الأصحاب لا يحرم تزوجها قبل التوبة إن نكحها غير الزاني ذكره أبو يعلى الصغير.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لا يشترط توبة الزاني بها إذا نكحها وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني والشرح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يشترط توبته ذكره بن الجوزي عن أصحابنا فوائد.
132

الأولى توبة الزانية أن تراود على الزنى فتمتنع على الصحيح من المذهب نص عليه.
وروى عن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ونصره بن رجب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل توبتها كتوبة غيرها من الندم والاستغفار والعزم على أن لا تعود واختاره المصنف وغيره وقدمه في الفروع.
الثانية لو وطئ بشبهة أو زنا لم يجز في العدة نكاح أختها ولا يطؤها إن كانت زوجته نص عليه على الصحيح من المذهب.
وفي جواز وطء أربع غيرها والعقد عليهن وجهان وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي والرعاية الكبرى في موضع.
إحداهما لا يجوز وهو صحيح اختاره أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار وابن عقيل.
وقدمه في المغني والشرح والزركشي واختاره.
والوجه الثاني يجوز جزم به في المستوعب.
وقدمه في الرعاية في مكان آخر.
وهو احتمال في المغني والشرح في المسألتين.
وقال القاضي في التعليق يمنع من وطء الأربع حتى يستظهر بالزانية حمل واستبعده المجد.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة وهو كما قال المجد لأن التحريم هنا لأجل الجمع بين خمس فيكفي فيه أن يمسك عن واحدة منهن حتى يستبرئ وصرح به صاحب الترغيب.
133

ويأتي في نكاح الكفار لو أسلم على أكثر من أربع نسوة فاختار أربعا هل يعتزل المختارات حتى تنقضي عدة المفارقات أم لا.
الثالثة يجوز في مدة استبراء العتيقة نكاح أربع سواها قاله القاضي في الجامع والخلاف وابن المنى.
ونصره أبو الخطاب في خلافه الصغير كما قبل العتق وجزم به في المستوعب وزاد الأمة.
وقيل لا يجوز التزمه القاضي في التعليق في موضع قياسا على المنع من تزوج أختها.
الرابعة لو وطئت امرأة بشبهة حرم نكاحها في العدة لغير الواطئ بلا نزاع.
فلو خالف وفعل لم يصح ويباح له بعد انقضاء العدة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه إن نكح معتدة من زوج بنكاح فاسد ووطئ حرمت عليه أبدا.
وأما للواطئ فعنه تحرم عليه إن كانت قد لزمتها عدة من غيره وإلا أبيحت.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو أصح.
قال في الفروع وهي أشهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
قال الزركشي في العدد وعلى هذا الأصحاب كافة ما عدا أبا محمد.
وعنه تباح له مطلقا ذكرها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختاره هو والمصنف وصححه في النظم.
فيكون هذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة لكن الأصحاب على خلافه.
134

وعنه لا تباح له مطلقا حتى تفرغ عدتها ذكرها في المحرر وقدمه في الرعاية.
قال في الكافي ظاهر كلام الخرقي تحريمها على الواطئ.
قال المصنف وهو قياس المذهب.
قال في الفروع وفي هذا القياس نظر وأطلقهن في الفروع.
ويأتي بعض ذلك في العدة عند قوله وإن أصابها بشبهة.
قوله (ولا يحل لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب).
يشمل مسألتين.
إحداهما حرائر أهل الكتاب وهما قسمان ذميات وحربيات.
فالذميات يبحن بلا نزاع في الجملة.
وأما الحربيات فالصحيح من المذهب حل نكاحهن مطلقا جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع واختاره القاضي في المجرد وغيره.
وقيل يحرم نكاح الحربية مطلقا وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في البلغة والمحرر والحاوي الصغير.
وقيل يجوز في دار الإسلام لا في دار الحرب وإن اضطر وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله في غير رواية واختيار بن عقيل.
وقيل بالجواز في دار الحرب مع الضرورة.
قال الزركشي وهو اختيار طائفة من الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد أيضا.
وقال المصنف ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في الأسير المنع.
وتقدم في أوائل كتاب النكاح هل يتزوج بدار الحرب للضرورة أم لا.
وقال ناظم المفردات إذا كانت الكافرة أمها حربية لم يبح نكاحها.
135

فعلى المذهب الأولى تركه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل يكره واختاره القاضي والشيخ تقي الدين وقال هو قول أكثر العلماء كذبائحهم بلا حاجة.
والمسألة الثانية حرائر غير أهل الكتاب فلا يحل نكاحهن مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب جزم به في الكافي وغيره وقدمه في المغني وغيره.
وذكر القاضي وجها أن من دان بصحف شيث وإبراهيم والزبور تحل نساؤهم ويقرون بالجزية كأهل الكتابين.
قوله (فإن كان أحد أبويها غير كتابي فهل تحل على روايتين).
وأطلقهما في المحرر وشرح بن منجا.
إحداهما لا تحل وهي المذهب اختاره الخرقي وأبو بكر في الشافي والمقنع وابن أبي موسى والقاضي في المجرد والجامع والخلاف وابن عقيل في الفصول وأبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا والمصنف في الكافي والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر تحريم مناكحته وصححه في التصحيح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية تحل ذكرها كثير من الأصحاب وحكاها في المغني احتمالا.
قال الزركشي ولم أر عن الإمام أحمد بذلك نصا.
قلت لا يلزم من عدم رؤيته أن لا يكون فيها نصا فقد أثبتها الثقات.
136

وحكى بن رزين رواية ثالثة إن كان أبوها كتابيا أبيحت وإلا فلا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو خطأ.
تنبيهان.
أحدهما محل الخلاف فيما إن كان أحد أبويها غير كتابي إذا اختارت هي دين أهل الكتاب.
أما إن اختارت غيره فلا تباح قولا واحدا.
الثاني فعلى كلا الروايتين في أصل المسألة لو كان أبويها غير كتابيين واختارت هي دين أهل الكتاب فظاهر كلام المصنف هنا التحريم رواية واحدة وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل عنه لا تحرم وجزم به في المغني والشرح على الرواية الثانية.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله اعتبارا بنفسه وقال هو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في عامة أجوبته.
قلت وهو الصواب.
فائدتان
إحداهما لا ينكح مجوسي كتابية على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى.
وينكح كتابي مجوسية على الصحيح من المذهب.
وقيل لا ينكحها اختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية لو ملك كتابي مجوسية فله وطؤها على الصحيح.
قدمه في الرعايتين وقيل لا يجوز له ذلك.
قوله (أو كانت من نساء بني تغلب فهل تحل على روايتين).
137

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والخرقي.
ذكره أكثرهم في باب عقد الذمة.
إحداهما تحل وهو المذهب بلا ريب صححه في المغني والشرح والتصحيح.
قال المصنف تبعا لإبراهيم الحربي هذه الرواية آخر قوليه.
وهو ظاهر ما قطع به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية لا تحل.
قال الزركشي هذه الرواية أشهر عند الأصحاب.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن نساء العرب من اليهود والنصارى غير بني تغلب يحل نكاحهن وهو صحيح وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل حكمهن حكم نساء بني تغلب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وتقدم قريبا من ذلك في باب عقد الذمة.
قوله (وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه في رواية أكثر من عشرين نفسا قاله أبو بكر وعنه يجوز.
وردها الخلال وقال إنما توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها ولم ينفذ له قول.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين.
قوله (ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ولا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة).
138

لا يباح للحر المسلم نكاح الأمة المسلمة إلا بوجود الشرطين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في التبصرة لا يحرم على المسلم نكاح الإماء المسلمات ولو عدم الشرطان أو أحدهما.
ولم يذكر الإمام أحمد رحمه الله غير خوف العنت.
وحمل أبو يعلى الصغير رواية مهنا على أن خوف العنت ليس بشرط في صحة نكاح الأمة وإنما هو على سبيل الاختيار والاستحباب.
ويأتي في الباب الذي يلي هذا بعد قوله وإن تزوج أمة يظنها حرة هل يكون أولاد الحر من الأمة أرقاء أم لا.
تنبيه ذكر المصنف رحمه الله من الشرطين أن لا يجد ثمن أمة.
وقاله كثير من الأصحاب منهم القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب في الهداية والمجد في المحرر وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والشرح والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية وهو أظهر.
وظاهر كلام الخرقي عدم اشتراطه.
وهو ظاهر إطلاق القاضي في تعليقه وطائفة من الأصحاب.
وقدمه في الرعايتين والفروع وجزم به في المنور.
وقال في البلغة والترغيب لو كان قادرا على شراء أمة ففي جواز نكاح الأمة وجهان.
فائدة قال الزركشي فسر العنت القاضي أبو يعلى وأبو الحسين وابن عقيل والشيرازي وأبو محمد بالزنى.
139

وكذا صاحب المستوعب.
وفسره بذلك في الترغيب والبلغة وقال فلو كان يقدر على الصبر لكن يؤدي صبره إلى مرض جاز له نكاح الأمة.
وفسره المجد في محرره وصاحب الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم بعنت العزوبة إما لحاجة المتعة وإما للحاجة إلى خدمة المرأة لكبر أو سقم أو غيرهما وقالوا نص عليه.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال ولم يذكر جماعة الخدمة.
وأدخل القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما الخصي والمجبوب إذا كان له شهوة يخاف معها من التلذذ بالمباشرة حراما وهو عادم للطول وهو ظاهر كلام المصنف والخرقي وغيرهما.
وقال في الرعاية ولا يصح نكاح حر مسلم غير مجبوب أمة مسلمة إلا بشرطين.
تنبيه عموم قوله ولا يجد طولا لنكاح حرة.
يشمل الحرة المسلمة والكتابية وهو كذلك وهو المذهب وعليه الأصحاب وأطلق الإمام أحمد رحمه الله الحرة.
وصرح به القاضي في المجرد وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
وفي الانتصار احتمال حرة مؤمنة لظاهر الآية.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب.
وقال في الترغيب في حرة كتابية وجهان.
ويشمل قوله ولا ثمن أمة المسلمة والكتابية.
وهو صحيح وهو المذهب.
وقد أطلق الأمة أبو الخطاب وصاحب المذهب ومسبوك الذهب
140

والمستوعب والخلاصة والمصنف والمجد في محرره والشارح وابن حمدان وغيرهم.
وقيد القاضي وابن عقيل الأمة بالإسلام.
فوائد.
الأولى وجود الطول هو أن لا يملك مالا حاضرا على الصحيح من المذهب.
وفسر الإمام أحمد رحمه الله الطول بالسعة.
قال القاضي في المجرد عدم الطول أن لا يجد صداق حرة.
زاد بن عقيل ولا نفقتها وهو أولى إذا علم ذلك ولم يملك مالا حاضرا ووجد من يقرضه أو رضيت الحرة بتأخير صداقها أو بدون مهرها لم يلزمه وجاز له نكاح الأمة جزم به في المغني والشرح واختاره القاضي والأزجي وقدمه في الفروع.
وقيل إن رضيت بتأخير صداقها أو بدون مهرها لزمه.
وقيل إن رضيت بدون مهر مثلها لزمه وإلا فلا.
ولو وهب له الصداق لم يلزمه قبوله.
الثانية قال المصنف وتبعه الشارح وذلك بشرط أن لا يجحف بماله فإن أجحف بماله جاز له نكاح الأمة ولو كان قادرا على نكاح الحرة بهذه الصفة.
وقال في الترغيب ما لا يعد سرفا.
الثالثة لو وجد حرة لا توطأ لصغرها أو كانت زوجته غائبة جاز له نكاح الأمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية في الزوجة واختاره القاضي.
وقيل لا يجوز وهو احتمال في الرعاية الصغرى.
141

قال ابن أبي موسى ليس لحر تحته حرة أن يتزوج عليها أمة لا أعلم فيه خلافا وللعبد الذي تحته حرة أن يتزوج عليها أمة قولا واحدا.
ولو كانت زوجته مريضة جاز له أيضا نكاح الأمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وذكر في الترغيب وجهين.
الرابعة قال في الترغيب نكاح من بعضها حر أولى من نكاح الأمة لأن إرقاق بعض الولد أولى من إرقاق جميعه.
قوله (وإن تزوجها وفيه الشرطان ثم أيسر أو نكح حرة فهل يبطل نكاح الأمة على روايتين).
وأطلقهما فيهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المغني والشرح في الأخيرة.
إذا تزوج الأمة وفيه الشرطان ثم أيسر لم يبطل نكاح الأمة على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي هذا هو المذهب المنصوص المجزوم به عند عامة الأصحاب انتهى.
وصححه في التصحيح والنظم والمصنف والشارح وقالا هذا ظاهر المذهب.
وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
والرواية الثانية يبطل.
وخرجها القاضي وغيره من رواية صحة نكاح الحرة على الأمة واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين.
وإذا نكح حرة على الأمة لم يبطل نكاح الأمة أيضا على الصحيح من
142

المذهب صححه في التصحيح والنظم وابن رجب في القاعدة التاسعة بعد المائة وجزم به في الوجيز واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية يبطل.
قدمهما في الرعايتين وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وقال في المنتخب يكون ذلك طلاقا فيهما لا فسخا.
ونقله بن منصور فيما إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة لقول بن عباس رضي الله عنهما.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب أنه لو زال خوف العنت لا يبطل نكاح الأمة وجزم به في الرعاية.
وقال في الترغيب والبلغة حكمه حكم ما إذا أيسر ونكح حرة على ما تقدم قاله في القاعدة السابعة.
قوله (وإن تزوج حرة أو أمة فلم تعفه ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى على روايتين).
إذا تزوج حرة فلم تعفه فأطلق المصنف في جواز نكاح أمة عليها الروايتين.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
إحداهما يجوز له ذلك إذا كان فيه الشرطان قائمين وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم وغيرهما واختاره بن عبدوس وغيره وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية لا يجوز قطع به بن أبي موسى وغيره.
فعلى المذهب لو جمع بينهما في عقد واحد صح.
143

وعلى الثانية لا يصح.
ونقل بن منصور يصح نكاح الحرة عليها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تحرر لأصحابنا في تزويج الأمة على الحرة ثلاث طرق.
أحدها المنع رواية واحدة ذكرها بن أبي موسى والقاضي وابن عقيل وغيرهم.
قال القاضي هذا إذا كان يمكنه وطء الحرة فإن لم يمكنه جاز.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذه الطريق هي عندي مذهب الإمام أحمد رحمه الله وعليها يدل كلامه.
الطريق الثاني إذا لم تعفه فيه روايتان وهي طريقة أبي الخطاب ومن حذا حذوه.
الطريق الثالث في الجمع روايتان كما ذكر المجد انتهى.
وقال في الفائدة الأخيرة من القواعد لو تزوج حر خائف العنت غير واجد للطول حرة تعفه بانفرادها وأمة في عقد واحد صح نكاح الحرة وحدها وهو ظاهر كلام القاضي في المجرد وهو أصح.
وقيل يصح جمعهما قاله القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما انتهى.
وإذا تزوج أمة فلم تعفه فالصحيح من المذهب جواز نكاح ثانية بشرطه ثم ثالثة كذلك ثم رابعة كذلك وعليه أكثر الأصحاب.
اختاره بن عقيل في التذكرة والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
قال الزركشي هذا أنص الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقطع به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم.
144

وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية لا يجوز له ذلك.
اختاره أبو بكر والقاضي في المجرد.
فائدتان
إحداهما إذا قلنا له نكاح أربع جاز له أن ينكحهن دفعة واحدة إذا علم أنه لا يعفه إلا ذلك صرح به القاضي.
قال الزركشي وقد يقال إن كلام الخرقي يقتضيه.
وقال في الفروع والمحرر وغيرهما فإن لم تعفه واحدة فثانية ثم ثالثة ثم رابعة.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تلخص لأصحابنا في تزوج الإماء ثلاث طرق.
أحدها طريقة القاضي في الجامع والخلاف وهي أنه لا يتزوج أكثر من واحدة إلا إذا خشي العنت بأن لا يمكنه وطء التي تحته ومتى أمكنه وطؤها لم يجز.
قال ابن خطيب السلامية فهل يجعل وجود زوجة يمكن وطؤها أمنا من العنت والمسألة عنده رواية واحدة.
وكذلك عنده إذا كان تحته حرة سواء.
الطريق الثاني إذا كان فيه الشرطان فله أن يتزوج أربعا وإن كان متمكنا من وطء الأولى وهذا معنى خوف العنت وهي طريقة أبي محمد ولم يذكر الخرقي إلا ذلك.
وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي الحل وإن كان قادرا على الوطء.
145

الطريق الثالث المسألة في مثل هذا على روايتين وهي طريقة بن أبي موسى انتهى.
الثانية قوله وللعبد نكاح الأمة.
ومثله المكاتب والمعتق بعضه على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية والفروع وغيرهما.
قال في الفروع مع أن الشيخ وغيره علل مسألة العبد بالمساواة فيقتضي المنع فيهما وفي المعتق بعضه.
قوله (وهل له يعني العبد أن ينكحها على حرة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح بن منجا.
إحداهما يجوز وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المجرد والفروع والحاوي الصغير.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية لا يجوز صححه في المذهب ومسبوك الذهب والرعاية الكبرى وقدمه في الرعاية الصغرى.
قوله (فإن جمع بينهما في العقد جاز).
يعني على الرواية الأولى قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
وحمل بن منجا كلام المصنف عليه.
وعلى الرواية الثانية لا يجوز ويفسد النكاحان على الصحيح من المذهب.
وقيل يفسد نكاح الأمة وحده وقدمه في الرعايتين.
وأطلق الوجهين في المحرر والحاوي الصغير.
146

ونقل بن منصور يصح في الحرة.
وفي الموجز في العبد رواية يصح في الأمة وكذا في التبصرة لفقد الكفاءة.
وقال إن لم تعتبر الكفاءة صح فيهما وهو رواية في المذهب.
قوله (ويتخرج أن لا يجوز).
قال الشارح بناء على قوله لا يجوز نكاح الأمة على حرة.
تنبيه تقدم قول المصنف لو تزوج الحر أمة على حرة بشرطه هل يجوز أم لا.
ولكن لو طلق الحرة طلاقا بائنا جاز له نكاح الأمة في عدتها مع وجود الشرطين.
ذكره القاضي في خلافه ونص عليه في رواية مهنا.
وخرج المجد في شرح الهداية وجها بالمنع إذا منعنا من الجمع في صلب النكاح مع الغيبة ونحوها.
فائدة الحر الكتابي كالمسلم في نكاح الأمة جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
لكن قال في الترغيب والبلغة وغيرهما إن اعتبرنا إسلام الأمة في حق المسلم اعتبرنا كونها كتابية في حق الكتابي.
وقال في الوسيلة المجوسي كالكتابي في نكاح الأمة.
وقال في المجموع وكل كافر كمسلم في نكاح الأمة.
وتقدم قريبا إذا ملك كتابي مجوسية هل له وطؤها أم لا.
قوله (ولا للحر أن يتزوج أمته ولا أمة ابنه).
لا يجوز للحر نكاح أمته بلا خلاف وكذا لو كان له بعضها صرح به في الرعاية وليس له نكاح أمة ابنه على الصحيح من المذهب.
147

ذكره القاضي ومن بعده وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقيل يجوز.
تنبيه قال ابن رجب لا يجوز للأب الحر نكاح أمة ولده.
ذكره القاضي ومن بعده وذكروا أصله في المذهب وهو وجوب إعفاف الابن أباه عند حاجته إلى النكاح.
وإذا وجب عليه إعفافه كان واجدا للطول.
قال وعلى هذا المأخذ لا فرق بين أن يزوجه بأمته أو أمة غيره وصرح به القاضي في الجامع ولا فرق حينئذ بين الأب والجد من الطرفين.
وكذلك يلزم في سائر من يلزم إعفافه من الأقارب على الخلاف فيه وصرح به بن عقيل في الفصول.
ولو كان الابن معسرا لا يقدر على إعفاف أبيه فهل للأب حينئذ أن يتزوج بأمته.
ذكر أبو الخطاب في انتصاره احتمالين الجواز لانتفاء وجوب الإعفاف والمنع لشبهة الملك.
وخرج أيضا رواية بجواز نكاح الأب أمة ولده مطلقا من رواية عدم وجوب إعفافه.
وللأصحاب في المنع مأخذ آخر ذكره القاضي أيضا والأصحاب.
وهو أن الأب له شبهة الملك في مال ولده وشبهة الملك تمنع من النكاح كالأمة المشتركة وأمة المكاتب.
وعلى هذا المأخذ يختص المنع بأمة الابن وهل يدخل فيه الجد وإن علا من الطرفين فيه نظر.
قال وللمنع مأخذ ثالث وهو أن الأب إذا تزوج أمة ولده فأولدها فهل تصير بذلك مستولدة وينعقد ولده حرا أم لا تصير مستولدة وينعقد رقيقا؟
148

ذكر القاضي أن الولد ينعقد رقيقا لأن وطأه بعقد النكاح ليس تصرفا في مال ولده بحكم الأبوة بل هو تصرف بعقد يشاركه فيه الأجانب فينعقد الولد رقيقا ولا تصير مستولدة.
قال وهذا مع القول بصحة النكاح ظاهر وأما مع ظن صحته ففيه نظر.
وأما مع العلم ببطلانه فبعيد جدا.
وتردد بن عقيل في فنونه في ثبوت حرية الولد واستيلاده كتردده في حكم النكاح واستشكل القول ببطلانه مع رق الولد وعدم الاستيلاد وكان أولا أفتى بالرق وعدم ثبوت الاستيلاد مستندا إلى صحة النكاح.
قال ابن رجب وهذا يقتضي أنه إذا حكم بفساد النكاح لزم حرية الولد واستيلاد أمه.
قال وهو أظهر كما لو نكح أحد الشريكين الأمة المشتركة ثم استولدها وحينئذ يصير مأخذ المنع من النكاح معرضا للانفساخ بحصول الولد الذي هو مقصود العقد فلا يصح انتهى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره جواز تزويج الابن بأمة والده وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
وجزم به الوجيز وغيره وصححه في الفروع وغيره.
وقيل لا يجوز.
فعلى المذهب لو تزوجها ثم قال لها إذا مات أبي فأنت طالق ثم مات الأب فهل يقع الطلاق فيه وجهان.
أحدهما يقع اختاره القاضي في الجامع والخلاف وابن عقيل في عمد الأدلة وأبو الخطاب لأن الموت يترتب عليه وقوع الطلاق والملك سبق انفساخ النكاح فقد سبق نفوذ الطلاق الفسخ فنفذ.
149

والوجه الثاني لا يقع اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول لأن الطلاق قارن المانع وهو الملك فلم ينفذ.
وقدمه المصنف في باب الطلاق في الماضي والمستقبل ويأتي هناك إن شاء الله محررا.
ومثل هذه المسألة لو تزوج أمة وقال إن اشتريتك فأنت طالق فيه الوجهان وإن قلنا ينتقل الملك مع الخيار وهو الصحيح لم يقع الطلاق.
وإن قلنا لا ينتقل وقع الطلاق وجها واحدا ذكره أبو الخطاب.
فائدة لا يجوز للمرأة نكاح عبد ولدها على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يجوز.
تنبيه مفهوم قوله ولا للحر أن يتزوج أمة ابنه.
جواز تزوج الأب بأمة ولده إن كان رقيقا وهو صحيح بلا نزاع فيه.
وكذا يجوز للمرأة نكاح عبد ولدها إذا كانت رقيقة.
فائدة قوله وإن اشترى الحر زوجته وكذا بعضها انفسخ نكاحها وإن اشتراها ابنه وكذا بعضها فعلى وجهين.
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح.
أحدهما ينفسخ وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في الفروع ينفسخ على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والوجه الثاني لا ينفسخ فائدتان
150

إحداهما كذا الحكم لو اشتراها أو بعضها مكاتبة خلافا ومذهبا قاله في الرعاية والوجيز والفروع وغيرهم إلا أن الخلاف هنا وجهان.
الثانية حكم شراء الزوجة أو ولدها أو مكاتبها للزوج حكم شراء الزوج أو ولده أو مكاتبه للزوجة.
فلو بعثت إلى زوجها تخبره أني قد حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقة زوجي فهذه امرأة ملكت زوجها وتزوجت بن عمها فيعايى بها.
وتقدم جواز تزويج بنته بعبده عند تولي طرفي العقد.
ويأتي ذلك في أواخر باب التأويل في الحلف بأتم من هذا.
قوله (ومن جمع بين محرمة ومحللة في عقد واحد فهل يصح فيمن تحل على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر.
إحداهما يصح فيمن تحل وهو المذهب.
قال المصنف والشارح والمنصوص صحة نكاح الأجنبية وصححه في التصحيح وتجريد العناية.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
واختاره القاضي في تعليقه والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
والرواية الثانية لا يصح اختاره أبو بكر.
فائدة لو تزوج أما وبنتا في عقد واحد ففيه وجهان.
151

أحدهما يبطل النكاحان معا وهو المذهب.
اختاره القاضي وابن عقيل والمصنف في المغني والشارح وغيرهم.
والوجه الثاني يبطل نكاح الأم وحدها ذكره في الكافي.
وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين.
وصححه في الفائدة الأخيرة من القواعد.
وأطلقهما في الكافي والقواعد الفقهية في التاسعة بعد المائة.
قوله (ومن حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين إلا إماء أهل الكتاب).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز وطء إماء غير أهل الكتاب.
وذكره بن أبي شيبة في كتابه عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار فلا يصح ادعاء الإجماع مع مخالفة هؤلاء.
قوله (ولا يحل نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره نص عليه).
في رواية الميموني وهو المذهب اختاره أبو بكر وابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يحل نكاحه ذكره في الرعاية.
وقال الخرقي إذا قال أنا رجل لم يمنع من نكاح النساء ولم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد وإن قال أنا امرأة لم تنكح إلا رجلا.
واختاره القاضي في الروايتين.
فعلى هذا لو قال أنا رجل وقبلنا قوله في ذلك في النكاح فهل يثبت
152

في حقه سائر أحكام الرجال تبعا للنكاح ويزول بذلك إشكاله أم يقبل قوله في حقوق الله تعالى وفيما عليه من حقوق الآدميين دون ماله منها لئلا يلزم قبول قوله في استحقاقه بميراث ذكر وديته فيه وجهان.
ذكره في القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائة.
قوله (فإن تزوج امرأة ثم قال أنا امرأة انفسخ نكاحه).
هذا تفريع على قول الخرقي والصحيح أنه يقبل قوله في ذلك.
واختاره المصنف والمجد وغيرهما وقدمه الزركشي.
وقال القاضي لا يقبل قوله أنا امرأة بعد قوله أنا رجل وعلله بأنه يريد أن يسقط عنه مهر المرأة وهذا ظاهر كلام أبي الخطاب وابن عقيل قاله الزركشي.
وفي نكاحه لما يستقبل الوجهان الآتيان بعد.
فوائد.
الأولى على قول الخرقي لو لم يكن متزوجا ورجع عن قوله الأول بأن قال أنا رجل ثم قال أنا امرأة أو عكسه فظاهر كلام الخرقي والأصحاب أن له نكاح ما عاد إليه قاله في المحرر وهو الصحيح.
قال في الفروع فلو عاد عن قوله الأول فله نكاح ما عاد إليه في الأصح.
وقال في المحرر يمنع من نكاح الصنفين عندي.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد في الكافي.
الثانية قال ابن عقيل في الفنون لا يجوز الوطء في الفرج الزائد.
قلت إذا زوجناه على أنه أنثى لم يستبعد جواز وطئه فيه كما يجوز مباشرته في سائر بدنه غير دبره.
الثالثة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يحرم في الجنة زيادة العدد ولا الجمع بين المحارم وغيره والله أعلم.
153

باب الشروط في النكاح.
فائدتان
إحداهما الشروط المعتبرة في النكاح في هذا الباب محل ذكرها صلب العقد قاله في المحرر وغيره.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس والنظم.
وقاله القاضي في موضع من كلامه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكذا لو اتفقا عليه قبل العقد في ظاهر المذهب.
وقال على هذا جواب الإمام أحمد رحمه الله في مسائل الحيل لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولا واحدا.
قال الزركشي وهذا ظاهر إطلاق الخرقي وأبي الخطاب وأبي محمد وغيرهم.
قال وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في فتاويه إنه ظاهر المذهب ومنصوص الإمام أحمد رحمه الله وقول قدماء أصحابه ومحققي المتأخرين انتهى.
قلت وهو الصواب الذي لا شك فيه.
الثانية لو وقع الشرط بعد العقد ولزومه فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يلزمه.
قال ابن رجب ويتوجه صحة الشرط فيه بناء على صحة الاستثناء منفصلا بنية بعد اليمين لا سيما والنكاح تصح الزيادة فيه في المهر بعد عقده بخلاف البيع ونحوه.
قوله (وهي قسمان صحيح مثل اشتراط زيادة في المهر أو نقد
154

معين أو لا يخرجها من دارها أو بلدها أو أن لا يتزوج ولا يتسرى عليها).
فهذا صحيح لازم إن وفى به وإلا فلها الفسخ هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ظاهر الأثر والقياس يقتضي منعه من فعل ذلك الشرط الصحيح.
وحكى القاضي أبو الحسين عن شيخه أبي جعفر رواية أنه لا يصح شرط أن لا يسافر بها ولا يتزوج ولا يتسرى عليها.
ويأتي في الصداق بعد قوله وإذا تزوجها على صداقين سر وعلانية لحوق الزيادة في الصداق بعد العقد على الصحيح من المذهب.
فوائد.
إحداها اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة شرط أن لا يتزوج عليها أو إن تزوج عليها فلها أن تطلق نفسها.
الثانية ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالا على أن لا يتزوج أما الزوج فمطلقا وأما الزوجة فبعد موت زوجها ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض لأنها هبة مشروطة بشرط فتنتفي بانتفائه.
وقال المجد في شرحه لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده فالشرط باطل في قياس المذهب.
ووجهه أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة واقتصر في الفروع على ذكر رواية أبي الحارث.
وتقدم في باب الموصى له لو أوصى لأم ولده على أن لا تتزوج.
155

الثالثة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو خدعها فسافر بها ثم كرهته لم يكن له أن يكرهها بعد ذلك.
قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع هذا إذا لم تسقط حقها واضح أما لو أسقطت حقها من الشرط احتمل أن يكون لها الرجوع فيه كهبة حقها من القسم واحتمل أن لا يكون لها العودة فيه كما لو أسقطت حقها من بعض مهرها المسمى والفرق واضح فذكره انتهى.
قلت الصواب أنها إذا أسقطت حقها يسقط مطلقا.
وقال أيضا لو شرط أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات الأب فالظاهر أن الشرط يبطل.
ويحتمل أن لا يخرجها من منزل أمها إلا أن تتزوج الأم.
ولو تعذر سكنى المنزل لخراب أو غيره فهل يسقط حقها من الفسخ بنقلها عنه أفتيت بأنه إن نقلها إلى منزل ترتضيه هي فلا فسخ وإن نقلها إلى منزل لا ترتضيه فلها الفسخ ولم أقف فيه على نقل انتهى.
قلت الصواب أن له أن يسكن بها حيث أراد سواء رضيت أو لا لأنه الأصل والشرط عارض وقد زال فرجعنا إلى الأصل وهو محض حقه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن شرط لها أن يسكنها بمنزل أبيه فسكنت ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز لا يلزمه ما عجز عنه بل لو كان قادرا ليس لها على قول في مذهب الإمام أحمد رحمه الله غير ما شرطت لها.
قال في الفروع كذا قال.
قال والظاهر أن مرادهم صحة الشرط في الجملة بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه لا أنه يلزمها لأنه شرط لحقها لمصلحتها لا لحقه لمصلحته حتى يلزم في حقها ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره لزم انتهى.
156

وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى الشرط العرفي كالمشروط لفظا وأطال في ذلك.
قوله (وإن شرط لها طلاق ضرتها فقال أبو الخطاب هو صحيح).
جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير إذا شرط لها طلاق ضرتها وقلنا يصح في رواية ويحتمل أنه باطل لما ذكر المصنف من الحديث.
قال المصنف وهو الصحيح.
وقال لم أر ما قاله أبو الخطاب لغيره.
قلت قد حكاه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقال ذكره جماعة.
وصحح ما صححه المصنف في النظم وشرح بن رزين.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف فإنه قال ويصح شرط طلاق ضرتها في رواية وذكره جماعة وقيل باطل.
فوائد.
الأولى حكم شرط بيع أمته حكم شرط طلاق ضرتها على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح.
قال في الفروع وهو الأشهر ومثله بيع أمته.
الثانية حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد ونحو ذلك لم يجب
157

الوفاء به على الزوج صرح به الأصحاب لكن يستحب الوفاء به وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله.
ومال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط ويجبره الحاكم على ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي.
وصرح أبو بكر في التنبيه أنه لا يجوز للزوج مخالفة ما شرط عليه.
ونص عليه في رواية حرب فيمن تزوج امرأة وشرط لها أن لا يخرجها من قريتها ثم بدا له أن يخرجها قال ليس له أن يخرجها.
وقد ذكر الزركشي في شرح المحرر فيما إذا شرطت دارها أو بلدها وجها بأنه يجبر على المقام معها.
وذكر أيضا أنه لا يتزوج ولا يتسرى إلا بإذنها في وجه إذا شرطته.
إذا علمت ذلك فلها الفسخ بالنقلة والتزويج والتسري كما قال المصنف.
فأما إن أراد نقلها وطلب منها ذلك فقال القاضي في الجامع لها الفسخ بالعزم على الإخراج وضعفه الشيخ تقي الدين.
وقال العزم المجرد لا يوجب الفسخ إذ لا ضرر فيه وهو صحيح ما لم يقترن بالهم طلب نقلة.
الثالثة لو شرطت أن لا تسلم نفسها إلا بعد مدة معينة لم يصح ذكره بن عقيل في المفردات وأبو الخطاب في الانتصار.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس المذهب صحته كاشتراط تأخير التسليم في البيع والإجارة وكما لو اشترطت أن لا يخرجها من دارها.
الرابعة ذكر أبو بكر في التنبيه من الشروط اللازمة إذا شرط أن لا يفرق بينها وبين أبويها وأولادها أو ابنها الصغير وأن ترضعه.
وكذا ذكر بن أبي موسى أنها إذا شرطت أن لها ولدا ترضعه فلها شرطها
158

وقطع به في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال في القاعدة الثانية والسبعين ولو شرطت عليه نفقة ولدها وكسوته صح وكان من المهر.
قال ابن نصر الله في حواشيه وظاهره لا يشترط مع ذلك تعيين مدة كنفقة الزوجة وكسوتها فإنه ذكرها بعدها انتهى.
قلت ليس كذلك والفرق بين المسألتين واضح.
الخامسة هذه الشروط الصحيحة إنما تلزم في النكاح الذي شرطت فيه.
فأما إن بانت منه ثم تزوجها ثانيا لم تعد هذه الشروط في هذا العقد الثاني بل يبطل حكمها إذا لم يذكرها فيه ذكره المجد في شرحه وجزم به في الفروع.
قال ابن رجب ويتخرج عودها في النكاح الثاني إذا لم يكن استوفى عدد الطلاق لزم فيه كل ما كان ملتزما بالعقد الأول.
السادسة خيار الشرط على التراخي لا يسقط إلا بما يدل على الرضى من قول أو تمكين منها مع العلم قطع به الأصحاب منهم صاحب المحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم ذكروه في باب العيوب في النكاح.
قوله (القسم الثاني فاسد وهو ثلاثة أنواع أحدها ما يبطل النكاح وهو ثلاثة أشياء أحدها نكاح الشغار وهو أن
يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما).
هذا المذهب سواء قالا وبضع كل واحدة مهر الأخرى أولا وعليه الأصحاب.
وعنه يصح العقد ويفسد الشرط وهو تخريج في الهداية.
159

فعليه لها مهر المثل.
قوله (فإن سموا مهرا صح نص عليه).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي عليه عامة الأصحاب صححه الناظم وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال الخرقي لا يصح.
وقاله أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار.
وذكره القاضي في الجامع وابن عقيل رواية.
وقيل لا يصح إن قال مع ذلك وبضع كل واحدة مهر الأخرى وإن لم يقل ذلك صح.
واختاره في المحرر وابن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية وهو أولى.
قال في الفروع وظاهر كلام بن الجوزي يصح معه بتسمية.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها واختاره أن بطلانه لاشتراط عدم المهر.
قال وهو الذي عليه قول الإمام أحمد رحمه الله وقدماء أصحابه كالخلال وصاحبه.
تنبيه مراده بقوله فإن سموا مهرا صح أن يكون المهر مستقلا غير قليل ولا حيلة نص عليه.
وقيل يصح إن كان مهر المثل وإلا فلا.
160

فعلى المذهب لو سمى لإحداهما مهر ولم يسم للأخرى شيء فسد نكاح من لم يسم لها صداق لا غير.
قال المصنف والشارح وهذا أولى.
وقال أبو بكر يفسد النكاح فيهما.
وجزم به في الرعاية الصغرى وقدمه في الكبرى.
فائدة لو جعلا بضع كل واحدة ودراهم معلومة صداق الأخرى لم يصح على الصحيح.
وقيل يبطل الشرط وحده.
قوله (الثاني نكاح المحلل وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها طلقها).
الصحيح من المذهب أن نكاح المحلل باطل مع شرطه نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يصح العقد ويبطل الشرط ذكرها جماعة.
قال الزركشي وخرج القاضي أبو الخطاب رواية ببطلان الشرط وصحة العقد من اشتراط الخيار.
وخرجها بن عقيل من الشروط الفاسدة.
قوله (فإن نوى ذلك من غير شرط لم يصح أيضا في ظاهر المذهب).
قال الزركشي نص عليه وعليه الأصحاب وهو كما قال.
وقيل يكره ويصح وذكره القاضي.
وحكاه الشريف وأبو الخطاب ومن تبعهما رواية.
ومنع ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويؤخذ من الصحيح من المذهب أنه لا يعتبر أن يكون الشرط في العقد.
161

فلو نوى قبل العقد ولم يرجع عنها فهو نكاح محلل وإن رجع عنها ونوى عند العقد أنه نكاح رغبة صح.
قاله المصنف وغيره.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكلام غيره أن المرأة إذا نوت ذلك لا يؤثر في العقد وهو الصحيح.
وقال في الواضح نيتها كنيته.
وقال في الروضة نكاح المحلل باطل إذا اتفقا.
فإن اعتقدت ذلك باطنا ولم تظهره صح في الحكم وبطل بينها وبين الله تعالى انتهى.
ويصح النكاح إلى الممات قاله الأصحاب.
فائدة لو اشترى عبدا وزوجه بمطلقته ثلاثا ثم وهبها العبد أو بعضه ليفسخ نكاحها لم يصح.
قال الإمام أحمد رحمه الله إذا طلقها ثلاثا وأراد أن يراجعها فاشترى عبدا وزوجه بها فهذا الذي نهى عنه عمر رضي الله عنه يؤدبان جميعا وهذا فاسد ليس بكفء وهو شبه المحلل.
قال في الفروع وتزويجه المطلقة ثلاثا لعبده بنية هبته أو بيعه منها ليفسخ النكاح كنية الزوج ومن لا فرقة بيده ولا أثر لنيته.
وقال ابن عقيل في الفنون فيمن طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم اشتراها لتأسفه على طلاقها حلها بعبد في مذهبنا لأنه يقف على زوج وإصابة ومتى زوجها مع ما ظهر من تأسفه عليها لم يكن قصده بالنكاح إلا التحليل والقصد عندنا يؤثر في النكاح بدليل ما ذكره أصحابنا إذا تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج من البلد لم يصح ذكره في الفروع.
قال المصنف والشارح ويحتمل أن يصح النكاح إذا لم يقصد العبد التحليل
162

وقال العلامة بن القيم في أعلام الموقعين لو أخرجت من مالها ثمن مملوك فوهبته لبعض من تثق به فاشترى به مملوكا ثم خطبها على مملوكه فزوجها منه فدخل بها المملوك ثم وهبها إياه انفسخ النكاح ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منوي ممن تؤثر نيته وشرطه وهو الزوج فإنه لا أثر لنية الزوجة ولا الولي.
قال وقد صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها.
فقال في المغنى فإن تزوجها مملوك ووطئها أحلها انتهى.
وهذه الصورة غير التي منع منها الإمام أحمد رحمه الله فإنه منع من حلها إذا كان المطلق الزوج واشترى العبد وزوجه بإذن وليها ليحلها انتهى.
قوله (الثالث نكاح المتعة وهو أن يتزوجها إلي مدة).
الصحيح من المذهب أن نكاح المتعة لا يصح وعليه الإمام أحمد رحمه الله والأصحاب.
وعنه يكره ويصح ذكرها أبو بكر في الخلاف وأبو الخطاب وابن عقيل وقال رجع عنها الإمام أحمد رحمه الله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله توقف الإمام أحمد رحمه الله عن لفظ الحرام ولم ينفه.
قال المصنف والشارح وغير أبي بكر يمنع هذا ويقول المسألة رواية واحدة.
وقال في المحرر ويتخرج أن يصح ويلغو التوقيت.
فائدة لو نوى بقلبه فهو كما لو شرطه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وقطع الشيخ فيها بصحته مع النية ونصه والأصحاب على خلافه انتهى.
وقيل يصح وجزم به في المغنى والشرح وقالا هذا قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي كما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها.
163

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لم أر أحدا من الأصحاب قال لا بأس به.
وما قاس عليه لا ريب أنه موجب العقد بخلاف ما تقدم فإنه ينافيه لقصده التوقيت.
قوله (ونكاح شرط فيه طلاقها في وقت).
الصحيح من المذهب أنه إذا شرط في النكاح طلاقها في وقت حكمه حكم نكاح المتعة وعليه الأصحاب ونص عليه.
ويتخرج أن يصح النكاح ويبطل الشرط قاله المصنف والشارح.
قوله (أو علق ابتداءه على شرط كقوله زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها).
الصحيح من المذهب بطلان العقد في ذلك وشبهه.
قال في الفروع إذا علق ابتداءه على شرط فسد العقد على الأصح كالشرط وصححه المصنف والشارح وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في المحرر وغيره ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وعنه العقد صحيح وبعدها القاضي وأبو الخطاب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكر القاضي وغيره روايتين والأنص من كلامه جوازه.
قال ابن رجب ورواية الصحة أقوى.
قال في الفائق ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل.
وعنه يصح نصره شيخنا وهو المختار انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قوله في المحرر ولا يصح تعليقه بشرط مستقبل أظن قصد بذلك الاحتراز عن تعليقه بمشيئة الله تعالى ودخل في
164

ذلك قوله إذا قال زوجتك هذا المولود إن كان أنثى أو زوجتك بنتي إن كانت انقضت عدتها أو إن لم تكن زوجت ونحو ذلك من الشروط الحاضرة والماضية.
وكذلك ذكر الجد الأعلى أنه لا يجوز تعليقه على شرط مستقبل ولم أرها لغيرهما انتهى.
وتقدم كلام بن رجب في قواعده في أول باب أركان النكاح فليراجع.
قوله (النوع الثاني أن يشترط أن لا مهر لها ولا نفقة أو أن يقسم لها أكثر من امرأته الأخرى أو أقل فالشرط باطل ويصح النكاح).
وكذا لو شرط أحدهما عدم الوطء وهذا المذهب نص عليهما.
وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل يبطل النكاح أيضا.
وقيل يبطل إذا شرطت عليه أن لا يطأها.
قال ابن عقيل في مفرداته ذكر أبو بكر فيما إذا شرط أن لا يطأ أو أن لا ينفق أو إن فارق رجع بما أنفق روايتين يعني في صحة العقد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحتمل صحة شرط عدم النفقة.
قال لا سيما إذا قلنا إنه إذا أعسر الزوج ورضيت به أنها لا تملك المطالبة بالنفقة بعد.
واختار فيما إذا شرط أن لا مهر فساد العقد وأنه قول أكثر السلف.
165

واختار أيضا الصحة فيما إذا شرط عدم الوطء كشرط ترك ما تستحقه.
وقال أيضا لو شرطت مقام ولدها عندها ونفقته على الزوج كان مثل اشتراط الزيادة في الصداق ويرجع في ذلك إلى العرف كالأجير بطعامه وكسوته.
قوله (الثالث أن يشترط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما فالشرط باطل).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره واختاره بن عبدوس وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه صحة الشرط نقلها بن منصور وبعدها القاضي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة العقد والشرط فيما إذا شرط الخيار.
قوله (وفي صحة النكاح روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغنى في الثانية والشرح وشرح بن منجا والفروع.
إحداهما يصح وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وغيره واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا شرط الخيار كما تقدم عنه.
والرواية الثانية لا يصح وقدمه في المغنى في الأولى.
فائدة لو شرط الخيار في الصداق فقيل هو كشرط الخيار في النكاح على ما تقدم.
وقيل يصح هنا وأطلقهما في الفروع.
166

2.
وقطع المصنف والشارح بصحة النكاح على ما تقدم وهو الصواب وأطلقا في الصداق ثلاثة أوجه.
صحة الصداق مع بطلان الخيار وصحة الصداق وثبوت الخيار فيه وبطلان الصداق.
قوله (وإن شرطها كتابية فبانت مسلمة فلا خيار له).
هذا المذهب صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
واختاره بن عبدوس وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والشرح والكافي.
وقال أبو بكر له الخيار وقاله في الترغيب.
قال الناظم وهو بعيد.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
فائدة وكذا الحكم لو تزوجها يظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر فبانت كافرة قاله في المحرر والحاوي الصغير والرعايتين والفروع وغيرهم.
وأطلقوا الخلاف هنا كما أطلقوه في التي قبلها في الشرح والرعاية والفروع وغيرهم.
وجزم هنا في الكافي والمغني والشرح وغيرهم أن له الخيار.
قوله (وإن شرطها أمة فبانت حرة فلا خيار له).
هذا المذهب وعليه الجمهور.
قال في الفروع فلا فسخ في الأصح.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعاية والوجيز وغيرهم وقيل له الخيار.
167

فائدة وكذلك الحكم في كل صفة شرطها فبانت أعلا منها عند الجمهور.
وقال في المستوعب إن شرطها ثيبا فبانت بكرا فله الفسخ.
قوله (وإن شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة أو شرط نفى العيوب التي لا ينفسخ بها النكاح فبانت بخلافه فهل له الخيار علي وجهين).
وهما روايتان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والمحرر والفروع والحاوي الصغير وابن رزين في غير البكر.
إحداهما له الخيار واختاره صاحب الترغيب والبلغة والناظم وابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمه الله وقدمه في الرعايتين وهو الصواب.
والثاني ليس له الخيار جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه بن رزين في البكر وجزم به في المستوعب في النسيبة.
وقيل له الخيار في شرط النسب خاصة إذا فقد.
وقال في الفنون فيما إذا شرطها بكرا فبانت بخلافه يحتمل فساد العقد لأن لنا قولا إذا تزوجها على صفة فبانت بخلافها ببطلان العقد.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويرجع على الغار.
فائدة إذا شرطها بكرا وقلنا ليس له خيار فاختار بن عقيل في الفصول وقاله في الإيضاح إنه يرجع بما بين المهرين.
قال في الفروع ويتوجه مثله بقية الشروط.
قلت وهو الصواب في الجميع.
قوله (وإن تزوج أمة يظنها حرة).
168

وكذا لو شرطها حرة فبانت أمة.
فأصابها وولدت منه فالولد حر ويفديهم بمثلهم يوم ولادتهم ويرجع بذلك على من غره ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء وإن كان ممن يجوز له ذلك فله الخيار فإن رضي بالمقام معها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق.
اعلم أنه إذا تزوج أمة يظنها حرة أو شرطها حرة واعتبر في المستوعب مقارنة الشرط للعقد واختاره قبله القاضي فبانت أمة فلا يخلو إما أن يكون ممن يجوز له نكاح الإماء أولا.
فإن كان ممن لا يجوز له نكاح الإماء فالمذهب أن النكاح باطل كما لو علم بذلك وعليه الأصحاب وقطعوا به وقدمه في الفروع وقال وعند أبي بكر يصح فلا خيار.
واعلم أن قول أبي بكر إنما حكى عنه فيما إذا شرطها أمة فبانت حرة كما تقدم.
وذكر القاضي في الجامع أنه قياس قوله فيما إذا شرطها كتابية فبانت مسلمة ثم فرق بينهما.
فالذي نقطع به أن نقل صاحب الفروع هنا عن أبي بكر إما سهو أو يكون هنا نقص وهو أولى.
ويدل على ذلك أنه قال بعده وبناه في الواضح على الخلاف في الكفاءة فهذا لا يلائم المسألة والله أعلم.
وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء فله الخيار كما قال المصنف.
وظاهره وظاهر كلام جماعة إطلاق الظن فيدخل فيه ظنه أنها حرة الأصل أو عتيقة.
169

وقطع في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والمنور والفروع وغيرهم أنه لا خيار له إذا ظنها عتيقة وهذا المذهب ولعله مراد من أطلق.
وظاهر كلام الزركشي التنافي بين العبارتين.
وقدم في الترغيب أنه لو ظنها حرة لا خيار له.
وقيل لا خيار لعبد وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل لا فسخ مطلقا حكاه في الرعاية الصغرى.
فإذا اختار المقام تقرر عليه المهر المسمى كاملا على الصحيح من المذهب.
وقيل ينسب قدر مهر المثل إلى مهر المثل كاملا فيكون له بقدر نسبته من المسمى يرجع به على من غره.
فائدة لو أبيح للحر نكاح أمة فنكحها ولم يشترط حرية أولاده فهم أرقاء لسيدها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أن ولد العربي يكون حرا وعلى أبيه فداؤه ذكره الزركشي في آخر كتاب النفقات على الأقارب.
وإن شرط حرية الولد فقال في الروضة في إرث غرة الجنين إن شرط زوج الأمة حرية الولد كان حرا وإن لم يشرط فهو عبد انتهى.
ذكره في الفروع في أواخر باب مقادير ديات النفس.
قال ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين في الجزء الثالث في الحيل المثال الثالث والسبعون إذا شرط الزوج على السيد حرية أولاده صح وما ولدته فهم أحرار.
قوله (والولد حر).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقال ينعقد حرا باعتقاده.
قال ابن عقيل ينعقد حرا كما يعد ولد القرشي قرشيا.
وعنه الولد بدون الفداء رقيق.
170

قوله (ويفديهم).
هذا المذهب قاله في المغني وغيره.
قال الشارح وهو الصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يلزمه فداؤهم.
قال الزركشي نقل بن منصور لا فداء عليه لانعقاد الولد حرا.
وعنه أنه يقال له افتد أولادك وإلا فهم يتبعون الأم.
قال المصنف والشارح فظاهر هذا أنه خيره بين فدائهم وبين تركهم رقيقا.
فعلى المذهب يفديهم بقيمتهم على الصحيح اختاره المصنف والشارح وصاحب التلخيص وابن منجا.
وقدمه في الفروع في باب الغصب لأنه أحاله عليه وجزم به في الوجيز.
وعنه يفديهم بمثلهم في القيمة قدمه في الفائق واختاره أبو بكر.
قاله المصنف والشارح ويحتمله كلام المصنف هنا.
وعنه يضمنهم بأيهما شاء اختاره أبو بكر في المقنع.
وعنه يفديهم بمثلهم في صفاتهم تقريبا اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
والخلاف هنا كالخلاف المذكور في باب الغصب فيما إذا اشترى الجارية من الغاصب أو وهبها له ووطئها وهو غير عالم فإن الأصحاب أحالوه عليه.
قوله (يوم ولادتهم).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه وقت الخصومة.
171

فائدتان
إحداهما لا يضمن منهم إلا من ولد حيا في وقت يعيش لمثله سواء عاش أو مات بعد ذلك.
الثانية ولد المكاتبة مكاتب ويغرم أبوه قيمته على الصحيح من الروايتين.
والمعتق بعضها يجب لها البعض فيسقط وولدها يغرم أبوه قدر رقه.
تنبيه قوله فبانت أمة.
يعني بالبينة لا غير على الصحيح من المذهب.
وقيل وبإقرارها أيضا.
قوله (وإن كان عبدا فولده أحرار ويفديهم إذا عتق).
فيكون الفداء متعلقا بذمته وهو المذهب.
جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع وشرح بن منجا.
وقيل يتعلق برقبته وهو رواية في الترغيب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا هو المتوجه قولا واحدا لأنه ضمان جناية محضة.
وأطلقهما في المغني والشرح.
وقيل يتعلق بكسبه فيرجع به سيده في الحال.
قوله (ويرجع بذلك على من غره).
بلا نزاع كأمره بإتلاف مال غيره بأنه له فلم يكن له ذكره في الواضح.
لكن من شرط رجوعه على من غره أن يكون قد شرط له أنها حرة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
172

وقيل إن كان الشرط مقارنا للعقد رجع وإلا فلا.
اختاره القاضي وقطع به في المستوعب فقال الشرط الثالث أن يشترط حريتها في نفس العقد فأما إن تقدم ذلك على العقد فهو كما لو تزوجها مطلقا من غير اشتراط الحرية فلا يثبت له خيار الفسخ انتهى.
وقال في المغني والشرح ويرجع أيضا بذلك على من غره مع إيهامه بقرينة حريتها.
وفي المغني أيضا ولو كان الغار أجنبيا كوكيلها.
قال في الفروع وما ذكره في المغني هو إطلاق نصوصه وقاله أبو الخطاب.
وقاله أيضا فيما إذا دلس غير البائع.
قال الزركشي وظاهر كلام أحمد رحمه الله في رواية حرب يقتضي الرجوع مع الظن وهو اختيار أبي محمد وأبي العباس إذ الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يستفصلوا.
ويحقق ذلك أن الأصحاب لم يشترطوا ذلك في الرجوع في العيب انتهى.
فائدة لمستحق الفداء مطالبة الغار ابتداء نص عليه وجزم به في المحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الرعاية قلت كما لو مات عبدا أو عتيقا أو مفلسا.
وجعل الشيخ تقي الدين رحمه الله في المسألة روايتين.
قال ابن رجب وكذلك أشار إليه جده في تعليقه على الهداية.
قال ابن رجب رحمه الله وهو الأظهر.
ويرجع هذا إلى أن المغرور هل يطالب ابتداء بما يستقر ضمانه على الغار أم لا يطالب به سوى الغار كما نص عليه في رواية جماعة هنا.
ومتى قلنا يخير بين مطالبة الزوج والغار فلا فرق بين أن يكون أحدهما موسرا والآخر معسرا أو يكونا موسرين.
173

وإن قلنا لا يجوز سوى مطالبة الغار ابتداء وكان الغار معسرا والآخر موسرا فهل يطالب هنا فيه تردد.
وقد تشبه المسألة بما إذا كانت عاقلة القاتل خطأ ممن لا تحمل العقل فهل يحمل القاتل الدية أم لا انتهى.
تنبيهان.
الأول سكوت المصنف عن ذكر المهر يدل على أنه لا يرجع به وهو إحدى الروايتين اختاره أبو بكر.
قال القاضي الأظهر أنه لا يرجع لأن الإمام أحمد رحمه الله قال كنت أذهب إلى حديث على رضى الله عنه ثم هبته وكأني أميل إلى حديث عمر رضي الله عنه فحديث علي رضي الله عنه بالرجوع بالمهر وحديث عمر رضي الله عنه بعدمه.
والرواية الثانية يرجع به أيضا اختاره الخرقي.
قال الزركشي اختاره القاضي وأبو محمد يعني به المصنف وغيرهما.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والزركشي وغيرهم.
قلت وهو المذهب.
فعلى هذه الرواية يجب المهر المسمى على الصحيح من المذهب.
وعنه مهر المثل اختاره المصنف.
ويأتي ذلك في آخر كتاب الصداق في النكاح الفاسد.
الثاني قوله ويرجع بذلك على من غره.
إن كان الغار السيد عتقت إذا أتى بلفظ الحرية وزالت المسألة.
وإن كان بغير لفظ الحرية لم تعتق ولم يجب له شيء إذ لا فائدة في وجوب شيء له ويرجع به عليه.
174

لكن إن قلنا إن الزوج لا يرجع بالمهر وجب للسيد وإن كان الغار للأمة رجع عليها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
واختاره القاضي وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وقيل لا يرجع عليها وأطلقهما الزركشي.
نقل بن الحكم لا يرجع عليها.
قال المصنف ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا يرجع عليها.
قال الزركشي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية جماعة لا يرجع عليها.
فعلى الأول هل يتعلق بذمتها أو برقبتها فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف والشارح وابن رزين في شرحه والزركشي هل يتعلق برقبتها أو بذمتها على وجهي استدانة العبد بدون إذن سيده.
وتقدم ذلك في أواخر باب الحجر وأن الصحيح أنه يتعلق برقبته.
وقال القاضي قياس قول الخرقي أنه يتعلق بذمتها لأنه قال في الأمة إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها يتبعها به إذا عتقت فكذا هنا.
وإن كانت الغارة مكاتبة فلا مهر لها في أصح الوجهين.
قاله في الفروع وجزم به في المغني والشرح.
وإن كان الغار أجنبيا فالصحيح من المذهب أنه يرجع عليه.
ونص عليه في رواية عبد الله وصالح.
وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وظاهر كلام القاضي عدم الرجوع عليه فإنه قال الغار وكيلها أو هي نفسها قاله الزركشي.
وإن كان الغار الوكيل رجع عليه في الحال.
175

وإن كان الغرر منها ومن وكيلها فالضمان بينهما نصفان قاله في المستوعب وغيره.
ويأتي نظيرها في الغرر بالعيب.
فائدة قوله وإن تزوجت رجلا على أنه حر أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار.
بلا نزاع ونص عليه.
ولكن لو شرطت صفة غير ذلك فبان أقل منها فلا خيار لها على الصحيح من المذهب.
وقيل لو شرطته نسيبا لم يخل بكفاءة فلم تكن فلا فسخ لها.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل في النسب ولو كان مماثلا لها.
وفي الجامع الكبير وغره شرط حرية ونسب.
واختاره الشيخ تقي الدين كشروطه وأولى لملكه طلاقها.
قوله (وإن عتقت الأمة وزوجها حر فلا خيار لها في ظاهر المذهب).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المنصوص والمختار بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه المجد والناظم وغيرهما.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية وغيرهم.
176

وعنه لها الخيار وقدمه في المحرر.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور وهما وجهان مطلقان في الخلاصة.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره أن لها الخيار في الفسخ تحت حر وإن كان زوج بريرة عبدا لأنها ملكت رقبتها فلا يملك عليها إلا باختيارها.
ويأتي قريبا إذا عتق بعضها أو بعضه هل يثبت لها الخيار أم لا.
فائدة لو عتق العبد وتحته أمة فلا خيار له على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الانتصار احتمال بأن له الخيار وحكاه عن الإمام الشافعي رحمه الله.
وفي الواضح احتمال ينفسخ بناء على غناه عن أمة بحرة.
وذكر غيره وجهين إن وجد طولا.
وفي الواضح أيضا احتمال يبطل بناء على الرواية فيما إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة فإنه يبطل.
وتقدم ذلك في الكفاءة قبل قوله والعرب بعضهم لبعض أكفاء.
فعلى المذهب قال المصنف والشارح لا خيار له لأن الكفاءة تعتبر فيه لا فيها فلو تزوج امرأة مطلقا فبانت أمة فلا خيار له ولو تزوجت رجلا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار فكذلك في الاستدامة.
قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإن كان عبدا فلها الخيار).
بلا نزاع في المذهب.
وحكاه بن المنذر وابن عبد البر وغيرهما إجماعا.
فلها الفسخ بغير حكم حاكم بلا نزاع.
قوله (وإن عتق قبل فسخها أو مكنته من وطئها بطل
177

خيارها فإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله أو الجهل بملك الفسخ فالقول قولها).
إذا عتق قبل فسخها سقط خيارها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الزركشي وقيل إنه وقع للقاضي وابن عقيل ما يقتضي أنه لا يسقط.
ويأتي قريبا في كلام المصنف إذا عتقا معا.
وأما إذا مكنته من وطئها مختارة وادعت الجهل بالعتق وهي ممن يجوز خفاء ذلك عليها مثل أن يعتقها وهو في بلد آخر ونحوه أو ادعت الجهل بملك الفسخ فقدم المصنف هنا قبول قولها ولكن مع يمينها ولها الخيار وهو إحدى الروايتين.
وحكاه المصنف في المغني عن القاضي وأصحابه.
وحكاه في الكافي عن القاضي وأبي الخطاب.
وحكاه في الشرح عن القاضي وهو قول في الرعاية واختاره جماعة.
وجزم به في مسبوك الذهب والمنور.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الصغرى فلها الفسخ في الأصح.
وقال الخرقي يبطل خيارها علمت أو لم تعلم وهو المذهب نص عليه في رواية الجماعة فيهما.
قال الزركشي هذا نص الروايتين واختيار الخرقي وابن أبي موسى والقاضي في المجرد والجامع وقدمه في المغني والشرح.
وينبني عليهما وطء الصغيرة المجنونة على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يسقط خيارها على الروايتين.
178

وقيل إن ادعت جهلا بعتقه فلها الفسخ.
فإن ادعت جهلا بملك الفسخ فليس لها الفسخ وجزم به في الوجيز وجزم به في المحرر في الأولى وأطلق في الثانية الروايتين.
وقال الزركشي تقبل دعواها الجهل بالعتق فيما إذا وطئها والخيار بحاله هذا المذهب المشهور لعامة الأصحاب.
وعن القاضي في الجامع الكبير يبطل خيارها.
وقال في الرعاية الكبرى فإن لم تختر حتى عتق أو وطئ طوعا مع علمها بالخيار فلا خيار لها وكذا مع جهلها به.
وقيل لا يبطل فإن لم تعلم هي عتقها حتى وطئها فوجهان.
فإن ادعت جهلا بعتقه أو بعتقها أو بطلب الفسخ ومثلها يجهله فلها الفسخ إن حلفت.
وعنه لا فسخ انتهى.
تنبيه قوله وإن ادعت الجهل بالعتق وهو مما يجوز جهله.
هذا الصحيح.
وقيل ما لم يخالفها ظاهر.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.
فوائد.
إحداها حكم مباشرته لها حكم وطئها وكذا تقبيلها إذ مناطها ما يدل على الرضى قاله الزركشي وهو صحيح.
الثانية يجوز للزوج الإقدام على الوطء إذا كانت غير عالمة.
قال المجد في شرحه قياس مذهبنا جوازه.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين وفيما قاله نظر والأظهر تخريجه على الخلاف.
179

يعني الذي ذكره في أصل القاعدة فإنه لا يجوز الإقدام عليه.
الثالثة لو بذل الزوج لها عوضا على أنها تختاره جاز نص عليه في رواية مهنا ذكره أبو بكر في الشافي.
قال ابن رجب رحمه الله وهو راجع إلى صحة إسقاط الخيار بعوض.
وصرح الأصحاب بجوازه في خيار البيع.
الرابعة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو شرط المعتق عليها دوام النكاح تحت حر أو عبد إذا أعتقها فرضيت لزمها ذلك.
قال ويقتضيه مذهب الإمام أحمد رحمه الله فإنه يجوز العتق بشرط.
قال في القاعدة الرابعة والثلاثين إذا عتقت الأمة المزوجة لم تملك منفعة البضع إنما يثبت لها الخيار تحت العبد.
قال ومن قال بسراية العتق قال قد ملكت بضعها فلم يبق لأحد عليها ملك فصار الخيار لها في المقام وعدمه حرا كان أو عبدا.
قال وعلى هذا لو استثنى منفعة بضعها للزوج صح ولم تملك الخيار حرا كان أو عبدا ذكره الشيخ.
قال وهو مقتضى المذهب انتهى.
والظاهر أنه أراد بالشيخ الشيخ تقي الدين أو سقط ذكره في الكتابة.
قوله (وخيار المعتقة على التراخي ما لم يوجد منها ما يدل على الرضى).
بلا خلاف في ذلك.
ويأتي خيار العيب هل هو على التراخي أو على الفور في أواخر الباب الآتي بعد هذا.
180

تنبيه ظاهر قوله فإن كانت صغيرة أو مجنونة فلها الخيار إذا بلغت وعقلت.
أنه ليس لها خيار قبل البلوغ وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقيل لها الخيار إذا بلغت تسعا وهو المذهب.
قال في الفروع إذا بلغت سنا يعتبر قولها فيه خيرت.
وذكره القاضي في المجرد وجزم به في المستوعب وصرح بأنها بنت تسع.
وكذا صرح به بن البنا في العقود فقال إذا كانت صغيرة فعتقت فهي على الزوجية إلى أن تبلغ حدا يصح إذنها وهي التسع سنين فصاعدا انتهى.
وقال ابن عقيل إذا بلغت سبعا بتقديم السين.
وقال الشيخ تقي الدين اعتبار صحة إذنها بالتسع أو السبع ضعيف لأن هذا ولاية استقلال وولاية الاستقلال لا تثبت إلا بالبلوغ كالعفو عن القصاص والشفعة وكالبيع بخلاف ابتداء العقد فإنه يتولاه الولي بإذنها فتجتمع الولايتان وبينهما فرق انتهى.
قوله (فإن طلقت قبل اختيارها وقع الطلاق وبطل خيارها).
يعني إذا كان طلاقا بائنا.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال القاضي طلاقه موقوف فإن اختارت الفسخ لم يقع وإلا وقع.
وقيل هذا إن جهلت عتقها.
وأطلق في الترغيب في وقوعه وجهين.
181

قوله (وإن عتقت المعتدة الرجعية فلها الخيار).
بلا نزاع سواء عتقت ثم طلقت أو طلقت ثم عتقت في عدتها فإن رضيت بالمقام فهل يبطل خيارها على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح.
أحدهما يبطل وهو المذهب اختاره المصنف وغيره.
وصححه في التصحيح والمذهب فقال سقط خيارها في أصح الوجهين.
قال الناظم هذا أشهر الوجهين وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا يبطل خيارها.
قوله (ومتى اختارت المعتقة الفرقة بعد الدخول فالمهر للسيد).
بلا نزاع سواء كان مسمى المهر أو مهر المثل إن لم يكن مسمى.
قوله (وإن كان قبله فلا مهر).
هذا المذهب جزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي الصغير.
وقال أبو بكر لسيدها نصف المهر.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها مهنا.
وجزم به في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
فعليها إن لم يكن فرض وجبت المتعة حيث يجب لوجوبه له فلا يسقط بفعل غيره.
قوله (وإن أعتق أحد الشريكين وهو معسر فلا خيار لها).
182

هذا الصحيح من المذهب نص عليه اختاره بن أبي موسى والقاضي والمصنف وغيرهم.
قال في مسبوك الذهب لم يثبت لها خيار في ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذه الرواية هي المختارة من الروايتين.
وجزم به الخرقي وصاحب الخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم 3.
وعنه حكمها حكم عتقها كلها واختاره أبو بكر في الخلاف.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة.
فعلى المذهب لو زوج مدبرة له لا يملك غيرها قيمتها مائة بعبد على مائتين مهرا ثم مات السيد عتقت ولا فسخ لها قبل الدخول لئلا يسقط المهر أو يتنصف فلا تخرج من الثلث فيرق بعضها فيمتنع الفسخ.
ذكره في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قلت فيعايى بها.
وهي مستثناة من كلام المصنف وغيره ممن أطلق.
فائدة لو عتقت الأمة وزوجها بعضه حر معتق فلا خيار لها قدمه في الفروع.
وقيل لها الخيار جزم به في الترغيب والرعاية الكبرى.
فلو عتق بعضها والزوج بعضه معتق فلا خيار لها على الصحيح قدمه في الفروع.
وعنه لها الخيار.
وعنه لها الخيار إن كانت حريتها أكثر.
وصحح في البلغة والرعاية الكبرى عدم الخيار إذا كانا متساويين في الحرية.
183

وقدمه في الرعاية الصغرى.
وأطلق فيما إذا تساويا في العتق في الحاوي الصغير وجهين.
قوله (وإن عتق الزوجان معا فلا خيار لها).
يعني إذا قلنا لا خيار للمعتقة تحت حر وهذا المذهب.
قال القاضي في بعض كتبه هذا قياس المذهب.
واختاره أبو بكر والمصنف والمجد والشارح وغيرهم.
وصححه في التصحيح والحاوي.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه لها الخيار.
وقال الزركشي هي أنصهما.
وصححها القاضي في كتاب الروايتين وهي قول في الرعاية وقدمه في المحرر.
قال في القاعدة السابعة والخمسين فيه روايتان منصوصتان.
وعنه ينفسخ نكاحها نقلها الجماعة.
قال المصنف في المغني ومعناه والله أعلم أنه إذا وهب لعبده سرية وأذن له في التسري بها ثم أعتقهما جميعا صارا حرين وخرجت عن ملك العبد فلم يكن له إصابتها إلا بنكاح جديد.
هكذا روى جماعة من أصحابه فيمن وهب لعبده سرية أو اشترى له سرية ثم أعتقها لا يقر بها إلا بنكاح جديد.
وأما إذا كانت امرأته فعتقا لم ينفسخ نكاحه بذلك لأنه إذا لم ينفسخ باعتاقها وحدها فلئلا ينفسخ باعتاقهما معا أولى.
184

ويحتمل أن الإمام أحمد رحمه الله إنما أراد بقوله انفسخ نكاحهما أن لهما فسخ النكاح.
وهذا يخرج على الرواية التي تقول بأن لها الفسخ إذا كان زوجها حرا قبل العتق انتهى.
قال العلامة بن القيم رحمه الله وهذا تأويل بعيد جدا من لفظ الإمام أحمد رحمه الله فإن كلام الإمام أحمد في رواية بن هانئ وحرب ويعقوب بن بختان إذا زوج عبده من أمته ثم أعتقهما لا يجوز أن يجتمعا حتى يجددا النكاح.
فرواه الثلاثة بلفظ الواحد وهو أنه زوج عبده من أمته ثم قوله حتى يجدد النكاح مع قوله زوج صريح في أنه نكاح لا تسر.
قال وللبطلان وجه دقيق وهو أنه إنما زوجها بحكم الملك لهما وقد زال ملكه عنهما بخلاف تزويجها لعبد غيره.
ولهذا كان في وجوب المهر في هذه المسألة نزاع.
فقيل لا يجب المهر بحال.
وقيل يجب ويسقط.
والمنصوص أنه يجب ويتبع به بعد العتق بخلاف تزويجها لعبد غيره انتهى.
185

باب حكم العيوب في النكاح.
قوله (فإن اختلفا في إمكان الجماع بالباقي فالقول قولها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الخلاصة والكافي والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الفروع قبل قولها في الأصح.
ويحتمل أن القول قوله وهو لأبي الخطاب واختاره بعض الأصحاب.
ومحله ما لم تكن بكرا صرح به في المحرر وغيره وهو واضح وأطلقهما في البلغة.
قوله (الثاني أن يكون عنينا لا يمكنه الوطء).
العنين هو الذي لا يمكنه الوطء على الصحيح من المذهب.
وقيل هو الذي له ذكر ولكنه لا ينتشر.
قوله (فإن اعترف بذلك أجل سنة منذ ترافعه فإن وطئ فيها وإلا فلها الفسخ).
إذا اعترف بالعنة أو أقامت هي بينة بها أجل سنة على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الفروع هذا المذهب.
186

قال الزركشي هذا المذهب المنصوص والمختار لعامة الأصحاب انتهى.
واختار جماعة من الأصحاب أن لها الفسخ في الحال منهم أبو بكر في التنبيه والمجد في المحرر.
تنبيه مفهوم قوله وإن اعترف بذلك أجل أنه لو أنكر لا يؤجل ما لم تقم بينة وهو صحيح وهو المذهب اختاره القاضي في التعليق.
قال في الفروع والأصح لا يؤجل.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يؤجل وقدمه في النظم.
وهو ظاهر كلام الخرقي وقاله القاضي في التعليق أيضا في موضع آخر.
وعنه يؤجل للبكر.
فعلى المذهب يحلف على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويحلف في الأصح.
قال الزركشي يحلف على الصحيح من الوجهين وجزم به في المنور.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم.
وقيل لا يحلف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال القاضي الوجهان مبنيان على دعوى الطلاق.
فعلى المذهب لو نكل أجل على الصحيح من المذهب جزم به في المنور والزركشي.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
187

وقيل ترد اليمين فيحلف ويؤجل.
فائدتان
إحداهما المراد بالسنة هنا السنة الهلالية اثنى عشر شهرا هلاليا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا هو المفهوم من كلام العلماء فإنهم حيث أطلقوا السنة أرادوا بها الهلالية.
قال ولكن تعليلهم بالفصول يوهم خلاف ذلك.
قال ابن رجب وقرأت بخط ولد أبي المعالي بن منجا يحكي عن والده أن المراد بالسنة هنا هي الشمسية الرومية وأنها هي الجامعة للفصول الأربعة التي تختلف الطباع باختلافها بخلاف الهلالية.
قال وما أظنه أخذ ذلك إلا من تعليل الأصحاب لا من تصريحهم به انتهى.
قلت الخطب في ذلك يسير والمدة متقاربة فإن زيادة السنة الشمسية على السنة الهلالية أحد عشر يوما وربع يوم أو خمس يوم.
الثانية لو اعتزلت المرأة الرجل لم تحتسب عليه من المدة ولو عزل نفسه أو سافر احتسب عليه ذلك ذكره في البلغة.
وذكر في عمد الأدلة احتمالين هل يحتسب عليه في مدة نشوزها أم لا.
ووقع للقاضي في خلافه تردد.
وذكر فيه أيضا أنه لا يحتسب عليه بمدة الرجعة.
تنبيه شمل قوله فإن اعترفت أنه وطئها مرة بطل كونه عنينا.
الوطء في الحيض والإحرام وغيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل لا يبطل كونه عنينا بوطئه في الحيض والإحرام.
188

قال القاضي هذا قياس المذهب.
قلت هذا ضعيف جدا.
فائدتان
إحداهما يكفي في زوال العنة تغييب الحشفة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يشترط إيلاجه جميعه قطع به القاضي في الجامع ونقله عنه بن عقيل.
فعلى الأول يكفي تغييب قدر الحشفة من الذكر المقطوع قدمه في الرعاية الكبرى والزركشي.
وقيل يشترط إيلاج بقيته قاله القاضي في الجامع وقدمه بن رزين في شرحه وذكر الوجهين في المجرد.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
الثانية لو وطئها في الردة لم تزل به العنة.
ذكره القاضي محل وفاق مع الشافعية.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب زوالها بذلك وهو الصواب.
قوله (وإن وطئها في الدبر أو وطئ غيرها لم تزل العنة).
وهو المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والرعايتين وغيرهم.
ويحتمل أن تزول وهو وجه.
قال في الهداية ويخرج على قول الخرقي أنها تزول.
قال في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب لم تزل العنة على قول الخرقي وجزم به في المنور.
189

وهو مقتضى قول أبي بكر واختاره بن عقيل.
وهو ظاهر ما جزم به بن عبدوس في تذكرته فإنه قال وتزول بإيلاج الحشفة في فرج.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي والفروع.
وقال لاختلاف أصحابنا في إمكان طريان العنة على ما في الترغيب وغيره.
وعلى ما في المغني وغيره ولو أمكن لأنه بمعناه ولهذا جزم بأنه لو عجز لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ضربت المدة انتهى.
قلت وهو الصواب.
قال في البلغة اختلف أصحابنا هل يمكن طريانها على وجهين.
وينبني عليها لو تعذر الوطء في إحدى الزوجتين أو كان يمكن في الدبر دون غيره.
قال في الرعايتين وإن وطئ غيرها أو وطئها في الدبر أو في نكاح آخر لم تزل عنته لأنها قد تطرأ في الأصح.
وقيل تزول كمن أقر بأنه وطئها في هذا النكاح.
قال الزركشي ولعل هذين الوجهين مبنيان على تصور طريان العنة.
وقد وقع للقاضي وابن عقيل أنها لا تطرأ وكلامهما هنا يدل على طريانهما.
قوله (وإن ادعى أنه وطئها وقالت إنها عذراء وشهدت بذلك امرأة ثقة فالقول قولها).
الصحيح من المذهب أنه يكفي شهادة امرأة ثقة كالرضاع وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هي المشهورة وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المستوعب والرعاية والزركشي وغيرهم.
190

وعنه لا يقبل إلا اثنتان وأطلقهما في المغني والشرح.
فلو قال أزلت بكارتها ثم عادت وأنكرت هي كان القول قولها بلا نزاع ويحلف على الصحيح من المذهب.
قطع به القاضي وأبو الخطاب وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب وأبو المعالي في الخلاصة والمجد وغيرهم.
وقيل لا يمين عليها ويحتمله كلام الخرقي وابن أبي موسى قاله الزركشي.
فائدة لو تزوج بكرا فادعت أنه عنين فكذبها وادعى أنه أصابها وظهرت ثيبا فادعت أن ثيوبتها بسبب آخر فالقول قول الزوج ذكره الأصحاب.
قال في القاعدة الثالثة عشر ويتخرج فيه وجه آخر.
قوله (وإن كانت ثيبا فالقول قوله).
هذا إحدى الروايات جزم به في العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم.
واختاره القاضي في كتاب الروايتين والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
وعنه القول قولها وهو المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال الخرقي يخلى معها في بيت ويقال له أخرج ماءك على شيء فإن ادعت أنه ليس بمنى جعل على النار فإن ذاب فهو منى وبطل قولها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها مهنا وأبو داود وأبو الحارث وغيرهم.
واختارها القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
191

فعلى هذا لو ادعت أنه منى غيره فقال في المبهج القول قولها.
وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود أن القول قوله.
قلت وهو الصواب.
وقال أبو بكر في التنبيه يزوج امرأة من بيت المال.
قال القاضي لها دين.
وقال المصنف لها حظ من الجمال.
فإن ذكرت أنه قربها كذبت الأولى وخيرت الثانية في الإقامة والفراق ويكون الصداق من بيت المال وإن كذبته فرق بينه وبين الأولى وكان الصداق عليه من ماله.
واعتمد في ذلك على أثر رواه عن سمرة وضعفه الأصحاب وردوه منهم المصنف.
تنبيه اعلم أن المجد ومن تابعه خص الرواية الثانية بما إذا ادعى الوطء بعد ما ثبتت عنته وأجل لأنه انضم إلى عدم الوطء وجود ما يقتضي الفسخ.
وجعلوا على هذه الرواية إذا ادعى الوطء ابتداء وأنكر العنة أن القول قوله مع يمينه وهي طريقة صاحب الفروع.
قال الزركشي وأطلق هذه الرواية جمهور الأصحاب ولفظها يشهد لهم فإنه قال إذا ادعت المرأة أن زوجها لا يصل إليها استحلفت انتهى.
فائدة لو ادعت زوجة مجنون عنته ضربت له مدة عند بن عقيل.
قلت وهو الصواب.
وعند القاضي لا تضرب وأطلقهما في الفروع.
وهل تبطل بحدوثه فلا يفسخ الولي فيه الوجهان قاله في الفروع.
قوله (القسم الثاني يختص النساء وهو شيئان الرتق وهو
192

كون الفرج مسدودا ملتصقا لا مسلك للذكر فيه وكذلك القرن والعفل وهو لحم يحدث فيه يسده).
فجعل الرتق السد وجعل القرن والعفل لحما يحدث في الفرج فهما في معنى الرتق إلا أنهما نوع آخر.
وهو قول القاضي في المجرد وتبعه أبو الخطاب وابن عقيل وصاحب الخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وجعل القاضي في الخلاف الثلاثة لحما ينبت في الفرج.
ويحتمله كلام المصنف هنا وهو ظاهر كلامه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقال أبو حفص العفل رغوة تمنع لذة الوطء وهو بعض القول الذي حكاه المصنف.
قال في الرعاية بعد هذا القول فإذن لا فسخ له في وجه.
وقال الزركشي وإذن في ثبوت الخيار به وجهان وأطلقهما في الفروع أيضا.
قلت الصواب ثبوته بذلك وهو ظاهر كلام المصنف وغيره.
وقيل القرن عظم وهو من تتمة القول الذي ذكره المصنف.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في المستوعب.
قال صاحب المطلع والزركشي هو عظم أو غدة تمنع من ولوج الذكر.
وقالا العفل شيء يخرج من فرج المرأة وحيا الناقة شبيه بالأدرة التي للرجال في الخصية وعلى كلا الأقوال يثبت به الخيار على الصحيح.
وقال في الرعاية الكبرى فإذن لا فسخ له في وجه كما قال في العفل.
قوله (والثاني الفتق وهو انخراق ما بين السبيلين وقيل انخراق ما بين مخرج البول والمنى).
193

وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقال في الخلاصة هو انخراق ما بين القبل والدبر أو ما بين مخرج البول والمنى.
وجزم في المحرر والوجيز والفروع أن الفتق انخراق ما بين السبيلين.
وقدم في الكافي أن الفتق انخراق ما بين مخرج البول والمنى.
وثبوت الخيار في الفتق من مفردات المذهب.
إذا علمت ذلك فانخراق ما بين السبيلين يثبت للزوج الخيار بلا خلاف أعلمه.
قال في الروضة أو وجد اختلاطهما لعلة لأن النفس تعافه أكثر.
وأما انخراق ما بين البول والمني فالصحيح أيضا من المذهب أنه يثبت به للزوج الخيار.
قال في الهداية والمستوعب يثبت به الخيار عند أصحابنا.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمنور وهو ظاهر ما قدمه في الكافي.
وقيل لا يثبت به خيار وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح بن منجا والمصنف.
وأطلقهما في المحرر والفروع والزركشي.
قوله (القسم الثالث مشترك بينهما وهو الجذام والبرص والجنون سواء كان مطبقا أو يخنق في الأحيان).
وقال في الواضح جنون غالب.
وقال في المغني أو إغماء لا إغماء مريض لم يدم.
قال الزركشي فإن زال العقل بمرض فهو إغماء لا يثبت خيارا.
194

فإن دام بعد المرض فهو جنون.
قوله (واختلف أصحابنا في البخر واستطلاق البول والنجو والقروح السيالة في الفرج والناسور والباسور والخصي وهو قطع الخصيتين والسل وهو سل البيضتين والوجء وهو رضهما وفي كونه خنثى وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار على وجهين).
وأطلقهما في المحرر والشرح وشرح بن منجا والفروع وتجريد العناية والحاوي الصغير والزركشي.
وأطلقهما في الرعايتين فيما سوى الخصي والسل والوجء.
وأطلقهما في البلغة في الجميع إلا فيما إذا حدث به عيب بعد العقد.
وأطلق في المستوعب وشرح بن رزين الخلاف فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله.
وأطلق في المذهب الخلاف في الخصي والسل والوجء.
وإذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله.
أحدهما يثبت الخيار في ذلك كله جزم به في الوجيز وصححه في التصحيح واختاره بن القيم.
وصححه في النظم فيما إذا حدث العيب بعد العقد.
واختاره بن عبدوس في تذكرته في غير ما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أو حدث العيب بعد العقد.
واختاره أبو البقاء في الجميع وزاد وكل عيب يرد به المبيع.
قال الزركشي وهو غريب.
195

وقال أبو بكر وأبو حفص يثبت الخيار فيما إذا كان أحدهما لا يستمسك بوله ولا نحوه.
قال أبو الخطاب فيخرج على ذلك من به باسور وناسور وقروح سيالة في الفرج.
قال أبو حفص والخصاء عيب يرد به.
وقال أيضا أبو بكر وابن حامد يثبت الخيار بالبخر.
وقال في المستوعب إذا وجد أحد الزوجين خنثى فله الخيار في أظهر الوجهين.
واختار القاضي في تعليقه الجديد قاله الزركشي وصاحب المجرد قاله الناظم والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي والمصنف والشارح ثبوت الخيار فيما إذا حدث العيب بعد العقد وهو ظاهر كلام الخرقي فيه.
وقدم في الرعايتين ثبوت الخيار بالخصي والسل والوجء وصحح في المذهب ثبوت الخيار في البخر واستطلاق البول والنجو والبخر والناسور والباسور والقروح السيالة في الفرج والخنثى المشكل وحدوث هذه العيوب بعد العقد.
والوجه الثاني لا يثبت الخيار بذلك كله وهو مفهوم كلام الخرقي لأنه ذكر العيوب التي يثبت بها الخيار في فسخ النكاح ولم يذكر شيئا من هذه.
وقدم بن رزين في شرحه غير ما تقدم إطلاق الخلاف فيه.
وإليه ميل المصنف والشارح في غير حدوث العيب بعد العقد.
وظاهر كلام أبي حفص أنه لا يثبت الخيار بالبخر مع كونه عيبا.
وذكر القاضي في المجرد لو حدث به عيب بعد العقد لا يملك به الفسخ قاله الزركشي وهو مناقض لما تقدم عنه فيه.
196

واختاره أيضا في التعليق القديم.
اختاره أبو بكر في الخلاف وابن حامد وابن البنا وصححه في البلغة وقدمه في النظم.
تنبيهات.
أحدها قوله في البخر وهو نتن الفم هو الصحيح.
قال ابن منجا هذا المذهب واختاره أبو بكر وقدمه في المغني والبلغة والشرح والرعايتين.
وقال ابن حامد نتن في الفرج يثور عند الوطء.
قال المصنف والشارح إن أراد أنه يسمى بخرا ويثبت به الخيار وإلا فلا معنى له لأن نتن الفم يمنع مقاربة صاحبه إلا على كره.
وقال في الفروع البخر يشملهما.
وقال في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيره في كل منهما وجهان في ثبوت الخيار به.
وجزم بن عبدوس في تذكرته بثبوت الخيار بهما.
وقال في المستوعب بعد أن ذكر الخلاف بين أبي بكر وابن حامد وعلى قول أبي بكر وابن حامد يثبت الخيار.
وظاهر كلام الخرقي وأبي حفص أنه عيب لا يثبت به خيار.
الثاني ظاهر قوله وفي كونه خنثى أنه سواء كان مشكلا وقلنا يجوز نكاحه أو غير مشكل وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال قاله جماعة.
وجزم به في المستوعب وتذكرة بن عبدوس.
وقال في الفروع وخصه في المغني بالمشكل وفي الرعاية عكسه.
قلت ظاهر كلامه في المغني يخالف ما قال فإنه قال وفي البخر وكون أحد الزوجين خنثى وجهان وأطلق الخنثى.
197

وقال في الرعايتين وبكون أحدهما خنثى غير مشكل أو مشكلا وصح نكاحه في وجه انتهى.
فما نقله المصنف عنهما مخالف لما هو موجود في كتابيهما والله أعلم.
وقال في المحرر والوجيز والحاوي الصغير وكون أحدهما خنثى غير مشكل فخصوا الخنثى بكونه غير مشكل وخصه في المذهب بكونه مشكلا.
الثالث كثير من الأصحاب حكوا الخلاف في ذلك كله وجهين.
وحكى بن عقيل في البخر روايتين.
وحكى في الترغيب والبلغة فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله روايتين.
الرابع ظاهر كلام المصنف ان ما عدا ما ذكره لا يثبت به خيار.
وكذا قال الشارح والزركشي.
وأطلق في الفروع في ثبوت الخيار بالاستحاضة والقرع في الرأس إذا كان له ريح منكرة الوجهين.
وأطلقهما في الاستحاضة في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يثبت بالاستحاضة الفسخ في أظهر الوجهين.
قلت الصواب ثبوت الخيار بذلك.
وألحق بن رجب بالقرع روائح الإبط المنكرة التي تثور عند الجماع.
وأجرى في الموجز الخلاف في بول الكبير في الفراش.
واختار بن عقيل في الفصول ثبوت الخيار بنضو الخلق كالرتق.
واختار بن حمدان ثبوت الخيار فيما إذا كان الذكر كبيرا والفرج صغيرا.
وعن أبي البقاء العكبري ثبوت الخيار بكل عيب يرد به المبيع كما تقدم قريبا.
198

وقال أبو البقاء أيضا لو ذهب ذاهب إلى أن الشيخوخة في أحدهما يفسخ بها لم يبعد.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى فيمن به عيب كقطع يد أو رجل أو عمى أو خرس أو طرش وكل عيب يفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة يوجب الخيار وأنه أولى من البيع وإنما ينصرف الإطلاق إلى السلامة فهو كالمشروط عرفا انتهى.
قلت وما هو ببعيد وما في معناه إن لم يكن دخل في كلامه من عرف بالسرقة.
ونقل بن منصور إذا كان عقيما أعجب إلي أن يبين لها.
ونقل حنبل إذا كان به جنون أو وسواس أو تغير في عقل وكان يعبث ويؤذى رأيت أن أفرق بينهما ولا يقيم على هذا.
الخامس مفهوم قوله وإن وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله أنه إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به من غير جنسه ثبت به الخيار وهو صحيح وهو المذهب.
قال في البلغة والفروع والأصح ثبوته إن تغايرت ولم يستثن شيئا.
ويستثنى من ذلك إذا وجد المجبوب المرأة رتقاء.
قال المصنف والشارح فينبغي أن لا يثبت لهما الخيار.
وقيل حكمه كالمماثل وقدمه في الفروع.
قوله (وإن علم بالعيب وقت العقد أو قال قد رضيت به معيبا أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء أو تمكين مع العلم بالعيب فلا خيار له).
بلا خلاف في العلم بالعيب أو الرضى به وأما التمكين فيأتي.
199

فائدة خيار العيوب على التراخي على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح والمجد وابن عبدوس وغيرهم.
قال في البلغة هذا أظهر الوجهين.
قال الناظم هذا أقوى الوجهين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل هو على الفور.
وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل وابن البنا في الخصال.
قال ابن عقيل ومعناه أن المطالبة بحق الفسخ تكون على الفور فمتى أخر ما لم تجر العادة به بطل لأن الفسخ على الفور.
فعلى المذهب لا يبطل الخيار إلا بما يدل على الرضى من الوطء والتمكين مع العلم بالعيب أو يأتي بصريح الرضى.
قال الزركشي وجزم به المصنف هنا وغيره.
قال المجد لا يسقط خيار العنة إلا بالقول فلا يسقط بالتمكين من الاستمتاع ونحوه وجزم به في الوجيز والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لم نجد هذه التفرقة لغير الجد.
قوله (ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم).
فينفسخ بنفسه أو يرده إلى من له الخيار على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وغيرها وقدمه في الفروع.
وقال في الموجز يتولاه الحاكم.
وقال الشيخ تقي الدين ليس هو الفاسخ وإنما يأذن ويحكم به فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم
200

بصحته بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو كفعله فيه الخلاف وإن عقد المستحق أو فسخ بلا حكم فأمر مختلف فيه فيحكم بصحته.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز الفسخ بلا حكم في الرضى بعاجز عن الوطء كعاجز عن النفقة.
قال في القاعدة الثالثة والستين ورجح الشيخ تقي الدين أن جميع الفسوخ لا تتوقف على حكم حاكم.
فائدة لو فسخ مع غيبته ففي الانتصار الصحة وعدمها.
وقال في الترغيب لا يطلق على عنين كمول في أصح الروايتين.
قوله (فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى).
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره ونصره المصنف والشارح وقدمه في المغني والمحرر والشرح والخلاصة والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل عنه مهر المثل وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وبنى القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول هاتين الروايتين على الروايتين في النكاح الفاسد هل الواجب فيه المسمى أو مهر المثل على ما يأتي في آخر الصداق.
وقيل يجب مهر المثل في فسخ النكاح بشرط أو عيب قديم لا بما إذا حدث العيب بعد العقد.
قلت وهو قوي وقيد المجد الرواية بهذا.
وقيل في فسخ الزوج بعيب قديم أو بشرط ينسب قدر نقص مهر المثل لأجل ذلك إلى مهر المثل كاملا فيسقط من
المسمى بنسبته فسخ أو أمضى.
201

وقاسه القاضي في الخلاف على المبيع المعيب.
وحكاه بن شاقلا في بعض تعاليقه عن أبي بكر.
واختاره بن عقيل ويحتمله كلام الشيرازي ورجحه الشيخ تقي الدين.
قلت وفيه قوة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا وكذلك إن ظهر الزوج معيبا فللزوجة الرجوع عليه بنقص مهر المثل وكذا في فوات شرطها.
قال ابن رجب وقد ذكر الأصحاب مثله في الغبن في البيع في باب الشفعة.
فائدة الخلوة هنا كالخلوة في النكاح الذي لا خيار فيه.
قوله (ويرجع به على من غره من المرأة والولي).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الخلاصة والرعايتين والفروع ويرجع على الغار على الأصح.
قال المصنف في المغني والصحيح أن المذهب رواية واحدة.
قال الشارح هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار من الروايتين.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لا يرجع اختاره أبو بكر في الخلاف وهو قول علي رضى الله عنه.
وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه رجع عن هذه الرواية.
قال في رواية بن الحكم كنت أذهب إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم هبته فملت إلى قول عمر رضي الله عنه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة قوله (ويرجع بذلك على من غره من المرأة والولي).
202

وكذلك الوكيل وهذا المذهب.
فعلى هذا أيهم انفرد بالتغرير ضمن.
فلو أنكر الولي عدم علمه بذلك ولا بينة قبل قوله مع يمينه وهو المذهب.
اختاره المصنف والشارح وابن رزين وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فإن أنكر الغار علمه به ومثله يجهله وحلف بريء.
واستثنى من ذلك إذا كان العيب جنونا.
وقيل القول قول الزوج إلا في عيوب الفرج.
وقيل إن كان الولي مما يخفى عليه أمرها كأباعد العصبات فالقول قوله وإلا فالقول قول الزوج.
اختاره القاضي وابن عقيل إلا أنه فصل بين عيوب الفرج وغيرها فسوى بين الأولياء كلهم في عيوب الفرج بخلاف غيرها وأطلقهن الزركشي.
وقال في الفروع ويقبل قول الولي في عدم علمه بالعيب فإن كان ممن له رؤيتها فوجهان.
وأما الوكيل إذا أنكر العلم بذلك فينبغي أن يكون القول قوله مع يمينه بلا خلاف.
وأما المرأة فإنها تضمن إذا غرته لكن يشترط لتضمينها أن تكون عاقلة قاله بن عقيل وشرط مع ذلك أبو عبد الله بن تيمية بلوغها.
فعلى هذا حكمها إذا ادعت عدم العلم بعيب نفسها واحتمل ذلك حكم الولي على ما تقدم قاله الزركشي.
فائدتان
إحداهما لو وجد التغرير من المرأة والولي فالضمان على الولي على قول القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم لأنه المباشر.
203

وقال المصنف فيما إذا كان الغرر من المرأة والوكيل الضمان بينهما نصفان فيكون في كل من الولي والوكيل قولان.
وتقدم نظيرها في الغرر بالأمة على أنها حرة.
الثانية مثلها في الرجوع على الغار لو زوج امرأة فأدخلوا عليه غيرها ويلحقه الولد ويجهز زوجته بالمهر الأول نص على ذلك.
قوله (وليس لولي صغيرة أو مجنونة أو سيد أمة تزويجها معيبا ولا لولي كبيرة تزويجها به بغير رضاها).
بلا نزاع من حيث الجملة لكن لو خالف وفعل فثلاثة أوجه.
أحدها الصحة مع جهله به وهو المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وشرح بن رزين.
وهو ظاهر الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
والثاني لا يصح مطلقا وهو احتمال في المغني والشرح وصححه في النظم.
والثالث يصح مطلقا.
فعلى المذهب هل له الفسخ إذن أو ينتظرها فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما له الفسخ إذا علم قدمه في المغني والشرح.
والوجه الثاني ينتظرها.
وذكر في الرعاية الخلاف إن أجبرها بغير كفء وصححه في الإيضاح مع جهله وتخير.
وذكر في الترغيب في تزويج مجنون أو مجنونة بمثله وملك الولي الفسخ وجهين.
204

قوله (فإن اختارت الكبيرة نكاح مجبوب أو عنين لم يملك منعها).
هذا المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وصححه في النظم وقدمه في الفروع.
وقيل له منعها قال المصنف هذا أولى.
قوله (فإن اختارت نكاح مجنون أو مجذوم أو أبرص فله منعها في أصح الوجهين وهو المذهب).
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والفروع فله منعها في الأصح.
قال في المغني والشرح هذا أولى الوجهين.
وقدمه بن رزين في شرحه وقال هذا أظهر وصححه في النظم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يملك منعها.
فائدتان
إحداهما الذي يملك منعها وليها العاقد للنكاح على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقيل لبقية الأولياء المنع كما قلنا في الكفاءة.
قلت وهو أولى وجزم به بن رزين في شرحه.
الثانية قوله وإن علمت العيب بعد العقد أو حدث به لم يملك إجبارها على الفسخ.
بلا نزاع لأن حق الولي في ابتدائه لا في دوامه قاله الأصحاب.
205

باب نكاح الكفار.
قوله (وحكمه حكم نكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال في الترغيب حكمه حكم نكاح المسلمين في ظاهر المذهب.
قوله (ويقرون على الأنكحة المحرمة ما اعتقدوا حلها ولم يرتفعوا إلينا).
هذا المذهب بهذين الشرطين نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه في مجوسي تزوج كتابية أو اشترى نصرانية يحول الإمام بينهما.
فيخرج من هذا أنهم لا يقرون على نكاح محرم.
وهو لأبي الخطاب في الهداية قال في المحرر وغيره لا يقرون على مالا مساغ له في الإسلام كنكاح ذات المحارم ونكاح المجوسي الكتابية ونحوه.
وتقدم في باب المحرمات في النكاح هل يجوز للمجوسي نكاح الكتابية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله والصواب أن أنكحتهم المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقا فإذا لم يسلموا عوقبوا عليها وإن أسلموا عفى لهم عنها لعدم اعتقادهم تحريمها.
وأما الصحة والفساد فالصواب أنها صحيحة من وجه فاسدة من وجه فإن أريد بالصحة إباحة التصرف فإنما يباح لهم بشرط الإسلام وإن أريد نفوذه وترتب أحكام الزوجية عليه من حصول الحل به للمطلق ثلاثا ووقوع الطلاق فيه وثبوت الإحصان به فصحيح.
206

وهذا مما يقوى طريقة من فرق بين أن يكون التحريم لعين المرأة أو لوصف لأن ترتب هذه الأحكام على نكاح المحارم بعيد جدا.
وقد أطلق أبو بكر وابن أبي موسى وغيرهما صحة أنكحتهم مع تصريحهم بأنه لا يحصل الإحصان بنكاح ذوات المحارم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى أيضا رأيت لأصحابنا في أنكحتهم أربعة أقوال.
أحدها هي صحيحة وقد يقال هي في حكم الصحة.
والثاني ما أقروا عليه فهو صحيح وما لم يقروا عليه فهو فاسد وهو قول القاضي في الجامع وابن عقيل وأبي محمد.
والثالث ما أمكن إقرارهم عليه فهو صحيح وما لا فلا.
والرابع أن كل ما فسد من مناكح المسلمين فسد من نكاحهم وهو قول القاضي في المجرد انتهى.
قوله (وإن كان في أثنائه يعني إذا أسلموا وترافعوا إلينا في أثناء العقد لم نتعرض لكيفية عقدهم بل إن كانت المرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها كذات محرمه ومن هي في عدتها أو شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو مدة هما فيها أو مطلقته ثلاثا فرق بينهما وإلا أقرا على النكاح).
إذا أسلموا أو ترافعوا إلينا في أثناء العقد والمرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها فرق بينهما مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يفسخ إلا مع مفسد مؤبد أو مجمع عليه.
فلو تزوجها وهي في عدتها وأسلما أو ترافعا إلينا فإن كان تزوجها في عدة مسلم فرق بينهما بلا نزاع.
207

وإن كان في عدة كافر فجزم المصنف هنا أنه يفرق بينهما وهو المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والبلغة والشرح وشرح بن منجا والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وعنه لا يفرق بينهما نص عليه صححه في النظم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع.
تنبيه شمل كلامه ولو كانت حبلى من زنا قبل العقد وهو أحد الوجهين أو الروايتين.
أحدهما يفرق بينهما وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
جزم به في المنور وهو الصواب.
والثاني لا يفرق بينهما وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأما إذا شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو مدة هما فيها فجزم المصنف بأن يفرق بينهما وهو المذهب.
جزم به في الخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح والوجيز وغيرهم وجزم به في المذهب في الأولى.
وقيل لا يفرق بينهما وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وأما إذا استدام مطلقته ثلاثة وهو معتقد حله فجزم المصنف أنه يفرق بينهما وهو المذهب.
قال في الفروع لم يقر على الأصح.
وجزم به في الخلاصة والمنور والوجيز وغيرهم.
208

وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يفرق بينهما واختاره في المحرر فيما إذا أسلما.
تنبيه مفهوم قوله وإن قهر حربي حربية فوطئها أو طاوعته واعتقداه نكاحا أقرا وإلا فلا.
أنه لو فعل ذلك أهل الذمة أنهم لا يقرون عليه وهو ظاهر كلام غيره وصرح به في الترغيب وجزم به البلغة.
ظاهر كلام المصنف في المغني والشارح أنهم كأهل الحرب.
قلت وهو الصواب.
قوله (وإن كان المهر مسمى صحيحا أو فاسدا قبضته استقر).
وهذا بلا نزاع لكن لو أسلما فانقلبت خمر خلا وطلق فهل يرجع بنصفه أم لا فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب رجوعه بنصفه.
ولو تلف الخل ثم طلق ففي رجوعه بنصف مثله احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب رجوعه بنصف مثله لأنه مثلي.
قوله (وإن كان فاسدا لم تقبضه فرض لها مهر المثل).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا شيء لها في خمر وخنزير معين وهو رواية مخرجة خرجها القاضي.
فائدة لو كانت قبضت بعض المسمى الفاسد وجب لها حصة ما بقي من مهر المثل ويعتبر قدر الحصة فيما يدخله الكيل والوزن وفيما يدخله العد بعده على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
209

وقيل بقيمته عند أهله وأطلقهما في الفروع.
قال المصنف الشارح لو أصدقها عشر زقاق خمر متساوية فقبضت نصفها وجب لها نصف مهر المثل.
وإن كانت مختلفة اعتبر ذلك بالكيل في أحد الوجهين.
والثاني يقسم على عددها.
وإن أصدقها عشر خنازير ففيه الوجهان.
أحدهما يقسم على عددها.
والثاني يعتبر قيمتها.
وإن أصدقها كلبا وخنزيرين وثلاث زقاق خمر فثلاثة أوجه.
أحدها يقسم على قدر قيمتها عندهم.
والثاني يقسم على عدد الأجناس فيجعل لكل جزء ثلث المهر 2.
والثالث يقسم على المعدود كله فيجعل لكل واحد سدس المهر.
تنبيه ظاهر قوله وإذا أسلم الزوجان معا فهما على نكاحهما.
أن يتلفظا بالإسلام دفعة واحدة وهو صحيح وهو المذهب من حيث الجملة.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يدخل في المعية لو شرع الثاني قبل أن يفرغ الأول.
وقيل هما على نكاحهما إن أسلما في المجلس وهو احتمال في المغني.
قلت وهو الصواب لأن تلفظهما بالإسلام دفعة واحدة فيه عسر واختاره الناظم.
قوله (وإن أسلمت الكتابية أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول انفسخ النكاح بلا نزاع).
210

فإن كانت هي المسلمة فلا مهر لها.
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال الزركشي قطع بهذا جمهور الأصحاب ونص عليه.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لها نصف المهر اختاره أبو بكر.
قلت وهو أولى وأطلقهما في تجريد العناية.
قال الزركشي وحكى أبو محمد رواية بأن لها نصف المهر وأنها اختيار أبي بكر نظرا إلى أن الفرقة جاءت من قبل الزوج بتأخره عن الإسلام.
والمنقول في رواية الأثرم التوقف انتهى.
قوله (وإن أسلم قبلها فلها نصف المهر).
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب أيضا.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال في الهداية وهي اختيار عامة أصحابنا.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار للأصحاب الخرقي وأبي بكر والقاضي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح.
وهذا من غير الأكثر الذي ذكرناه عن الفروع في الخطبة.
وعنه لا شيء لها جزم به في المنور وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
211

قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وتجريد العناية.
ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في كتاب الصداق فيما ينصف المهر.
فعلى الأول إن أسلما وقالت سبقتني وقال أنت سبقتني فالقول قولها ولها نصف المهر قاله الأصحاب.
وإن قالا سبق أحدنا ولا نعلم عينه فلها أيضا نصف المهر على الصحيح من المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وصححه في المغني والشرح والنظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي إن لم تكن قبضته لم تطالبه بشيء وإن كانت قبضته لم يرجع عليها بما فوق النصف.
قوله (وإن قال أسلمنا معا فنحن على النكاح وأنكرته فعلى وجهين).
وأطلقهما في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والفروع وشرح بن منجا والقواعد الفقهية.
وظاهر المغني والشرح إطلاق الخلاف.
أحدهما القول قولها وهو المذهب لأن الظاهر معها اختاره القاضي.
قال في الخلاصة فالقول قولها على الأصح وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
قلت وهو الصواب.
والثاني القول قوله لأن الأصل بقاء النكاح صححه في التصحيح وتصحيح المحرر واختاره بن عبدوس في تذكرته جزم به في الوجيز.
212

قوله (وإن أسلم أحدهما قبل الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات.
قال أبو بكر رواه عنه نحو من خمسين رجلا والمختار لعامة الأصحاب الخرقي والقاضي وأصحابه والشيخان وغير واحد.
قال في الرعاية الكبرى هذا أظهر وأولى وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي وغيرهم.
وعنه أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول اختاره الخلال وصاحبه أبو بكر وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وعنه رواية ثالثة الوقف بإسلام الكتابية والانفساخ بغيرها.
قال الزركشي وعنه رواية رابعة بالوقف وقال أحب إلي الوقف عندها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا أسلمت قبله بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده ما لم تنكح غيره والأمر إليها ولا حكم له عليها ولا حق لها عليه وكذا لو أسلم قبلها وليس له حبسها وأنها متى أسلمت ولو قبل الدخول وبعد العدة فهي امرأته إن اختار انتهى.
قوله (مفرعا على المذهب فإن أسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما وإلا تبينا أن الفرقة وقعت حين أسلم الأول).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
213

تنبيه مفهوم قوله وقف الأمر على انقضاء العدة أنه ليس له عليها سبيل بعد انقضائها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال الزركشي وقيل عنه ما يدل على رواية وهي الأخذ بظاهر حديث زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأنها ترد له ولو بعد العدة.
قوله (فعلى هذا يعني على القول بأن الأمر يقف على انقضاء العدة).
لو وطئها في عدتها ولم يسلم الثاني فعليه المهر وإن أسلم فلا شيء لها.
بلا نزاع على هذا البناء.
وقوله وإذا أسلمت قبله فلها نفقة العدة وإن كان هو المسلم فلا نفقة لها.
هذا المذهب مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل لها النفقة إن أسلمت بعده في العدة.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى.
وقال في الرعاية الكبرى وإن أسلمت بعده في العدة وهي غير كتابية فهل لها النفقة فيما بين إسلامهما على وجهين.
قوله (وإن اختلفا في السابق منهما فالقول قولها في أحد الوجهين).
214

وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني القول قوله وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
فوائد.
إحداها لو اتفقا على أنها أسلمت بعده وقالت أسلمت في العدة وقال بل بعدها كان القول قولها.
الثانية لو لاعن ثم أسلم صح لعانه وإلا فسد ففي الحد إذن وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع وقال هما فيمن ظن صحة نكاحه فلاعن ثم بان فساده.
الثالثة قوله وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر بلا نزاع.
لكن لو ارتدا معا فهل يتنصف المهر أو يسقط فيه وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والفروع والحاوي الصغير والزركشي.
وظاهر كلامه في المنور أنه يسقط.
وقال في الرعاية الكبرى وإن كفرا أو أحدهما قبل الدخول بطل العقد وإن سبقها وحده أو كفر وحده فلها نصف المهر وإلا يسقط.
وقيل إن كفرا معا وجب.
وقيل فيه وجهان.
فقدم السقوط وكذا قدم في الرعاية الصغرى.
وجزم به في الوجيز وصححه في تصحيح المحرر.
215

قال الزركشي في شرح الوجيز والأظهر التنصيف.
قوله (وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والمحرر والنظم والفروع والحاوي الصغير والبلغة وتجريد العناية.
إحداهما تقف على انقضاء العدة صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي واختاره الخرقي.
وقال الزركشي في شرح الوجيز وهو المذهب ونصره المصنف.
قال ابن منجا هذا المذهب ومال إليه الشارح وهو الصحيح.
والثاني تتعجل الفرقة اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الخلاصة والرعايتين والزبدة وإدراك الغاية.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله هنا مثل اختياره فيما إذا أسلم أحدهما بعد الدخول كما تقدم قريبا.
قوله (فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة).
هذا مبني على القول بأن النكاح يقف على انقضاء العدة قاله في المحرر وغيره.
فائدة لو وطئها أو طلقها وقلنا لا تتعجل الفرقة ففي وجوب المهر ووقوع الطلاق خلاف ذكره في الانتصار.
قلت جزم المصنف والشارح بوجوب المهر إذا لم يسلما حتى انقضت العدة.
قوله (وإن انتقل أحد الكتابيين إلى دين لا يقر عليه فهو كردته).
216

إن انتقل الزوجان أو أحدهما إلى دين لا يقر عليه أو تمجس كتابي تحته كتابية فكالردة بلا نزاع.
وإن تمجست المرأة تحت كتابي فظاهر كلام المصنف أنه كالردة أيضا وهو أحد الوجهين جزم به في المستوعب والمغني والشرح والمنور.
وهو الصواب لأنها لا تقر عليه وإن كانت تباح للكتابي على الصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقيل النكاح بحاله.
جزم به في الوجيز وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قلت قد تقدم في باب المحرمات في النكاح أن الكتابي يجوز له نكاح المجوسية على الصحيح من المذهب وهذا في معناه.
قوله (وإن أسلم كافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه اختار منهن أربعا وفارق سائرهن).
إن كان مكلفا اختار وإن كان صغيرا لم يصح اختياره والصحيح من المذهب لا يختار له الولي ويقف الأمر حتى يبلغ قاله الأصحاب لأنه راجع إلى الشهوة والإرادة.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن وليه يقوم مقامه في التعيين وضعف الوقف.
وخرج بعض الأصحاب صحة اختيار الأب منهن وفسخه على صحة طلاقه عليه.
قال في الرعاية الكبرى قلت فإن قلنا يصح طلاق والده عليه صح اختياره له وإلا فلا.
217

فعلى المذهب يوقف الأمر حتى يبلغ فيختار على الصحيح قاله القاضي في الجامع وجزم به في المغني والشرح.
وقال القاضي في المجرد يوقف الأمر حتى يبلغ عشر سنين فيختار.
وأطلقهما في المستوعب والرعاية الكبرى.
وقال قلت إن صح إسلامه بنفسه صح اختياره وإلا فلا.
وقال ابن عقيل يوقف الأمر حتى يراهق ويبلغ أربع عشر سنة فيختار.
فائدة لو أسلم على أكثر من أربع أو على أختين فاختار أربعا أو إحدى الأختين فقال المصنف والشارح يعتزل المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة.
فلو كن خمسا ففارق إحداهن فله وطء ثلاثا من المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة وعلى ذلك فقس وكذلك الأخت.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح المحرر وفي هذا نظر فإن ظاهر السنة يخالف ذلك.
قال وقد تأملت كلام عامة أصحابنا فوجدتهم قد ذكروا أنه يمسك أربعا ولم يشترطوا في جواز وطئه انقضاء العدة
لا في جمع العدد ولا في جمع الرحم.
ولو كان لهذا أصل عندهم لم يغفلوه فإنهم دائما ينبهون في مثل هذا على اعتزال الزوجة كما ذكره الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا وطئ أخت امرأته بنكاح فاسد أو زنا بها وقال هذا هو الصواب فإن هذه العدة تابعة لنكاحها وقد عفا الله عن جميع نكاحها فكذلك يعفو عن توابع ذلك النكاح وهذا بعد الإسلام لم يجمع عقدا ولا وطئا انتهى.
وتقدم في المحرمات في النكاح إذا زنا بامرأة وله أربع نسوة هل يعتزل الأربع حتى يستبرئ الرابعة أو واحدة.
218

تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره جواز الاختيار في حال إحرامه وهو صحيح وهو المذهب.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه بن رزين في شرحه لأنه استدامة.
وقال القاضي لا يختار والحالة هذه وأطلقهما في الفروع.
فوائد.
إحداها موت الزوجات لا يمنع اختيارهن فلو أسلم وتحته ثمان نسوة أسلم معه أربع منهن ثم متن ثم أسلم البواقي في العدة فله أن يختار الأحياء ويتبين أن الفرقة وقعت بينه وبين الموتى باختلاف الدين فلا يرثهن.
وله ان يختار الموتى فيرثهن ويتبين أن الأحياء بن لاختلاف الدين وعدتهن من ذلك الوقت.
ذكره القاضي في الجامع لأن الاختيار ليس بإنشاء عقد في الحال وإنما تبين به من كانت زوجته والتبين يصح في الموتى كما يصح في الأحياء.
وقاله المصنف والشارح وغيرهما.
الثانية لو أسلم وتحته أكثر من أربع أو من لا يجوز جمعه في الإسلام فاختار وانفسخ نكاح العدد الزائد قبل الدخول فلا مهر لهن.
ذكره القاضي في الجامع والخلاف وجزم به صاحب المغني والمحرر.
قال في القواعد ويتخرج وجه بوجوب نصف المهر.
الثالثة صفة الاختيار أن يقول اخترت نكاح هؤلاء أو أمسكتهن أو اخترت حبسهن أو إمساكهن أو نكاحهن ونحوه أو يقول تركت هؤلاء أو فسخت نكاحهن أو اخترت مفارقتهن ونحوه فيثبت نكاح الأخر وإن لم يختر أجبر عليه بحبس وتعزير.
219

وعدة ذوات الفسخ منذ اختار على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر والنظم وغيرهم.
قال في القواعد الفقهية هذا المشهور.
وقيل منذ أسلم وأطلقهما في الفروع.
ويأتي إذا اختار أربعا قد أسلمن أن عدة البواقي إن لم يسلمن من وقت إسلامه وكذا إن أسلمن على الصحيح.
قوله (فإن طلق إحداهن أو وطئها كان اختيارا لها).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والشرح والنظم والوجيز والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وجزم به الزركشي في الطلاق وقدمه في الوطء.
وقال المصنف والشارح وإن وطئ كان اختيارا في قياس المذهب وقدمه فيهما في الفروع.
وقيل ليس اختيارا فيهما.
وفي الواضح وجه أن الوطء هنا كالوطء في الرجعة.
وذكر القاضي في التعليق في باب الرجعة أن الوطء لا يكون اختيارا.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة لو أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع نسوة فأسلمن أو كن كتابيات فالأظهر أن له وطء أربع منهن ويكون اختيارا منه لأن التحريم إنما يتعلق بالزيادة على الأربع.
وكلام القاضي قد يدل على هذا.
وقد يدل على تحريم الجميع قبل الاختيار انتهى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف في الطلاق أنه سواء كان بلفظ الطلاق أو السراح أو الفراق وهو صحيح لكن يشترط أن ينوي بلفظ السراح أو
220

الفراق الطلاق وهذا المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال القاضي في الفراق عند الإطلاق وجهان.
أحدهما أنه يكون اختيارا للمفارقات لأن لفظ الفراق صريح في الطلاق.
قال المصنف والشارح والأول أولى.
وقال في الكافي والبلغة والرعاية الكبرى وفي لفظ الفراق والسراح وجهان يعنون هل يكون فسخا للنكاح أو اختيارا له.
واختار في الترغيب أن لفظ الفراق هنا ليس طلاقا ولا اختيارا للخبر.
قوله (وإن طلق الجميع ثلاثا أقرع بينهن فأخرج بالقرعة أربعا منهن وله نكاح البواقي).
يعني بعد انقضاء عدتهن صرح به الأصحاب.
وهذا المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا قرعة ويحرمن عليه ولا يبحن إلا بعد زوج وإصابة.
قال القاضي في خلافه في كتاب البيع يطلق الجميع ثلاثا.
قال في القواعد وهذا يرجع إلى أن الطلاق فسخ وليس باختيار.
ولكن يلزم منه أن يكون للرجل في الإسلام أكثر من أربع زوجات يتصرف فيهن بخصائص ملك النكاح من
الطلاق وغيره وهو بعيد.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ان الطلاق هنا فسخ ولا يحتسب به من الطلاق الثلاث وليس باختيار.
221

فائدة لو وطئ الكل تعين له الأول.
قوله (وإن ظاهر أو آلى من إحداهن فهل يكون اختيارا لها على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح بن منجا.
أحدهما لا يكون اختيارا وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
قال في البلغة لم يكن اختيارا على الأصح.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز ونهاية بن رزين.
وهو ظاهر ما جزم به الأزجي في منتخبه وقدمه في الكافي.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو الذي ذكره القاضي في الجامع والمجرد وابن عقيل.
والوجه الثاني يكون اختيارا وهو احتمال في الكافي.
قال في المنور لو ظاهر منها فمختارة.
وقال في إدراك الغاية وتجريد العناية وطلاقه ووطؤه اختيار لاظهاره وإيلاؤه في وجه.
قوله (وإن مات فعلى الجميع عدة الوفاة).
هذا أحد الوجهين اختاره القاضي في الجامع وجزم به في الوجيز والمنور.
222

وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن يلزمهن أطول الأمرين من ذلك أو ثلاثة قروء إن كن ممن يحضن أو إن كانت حاملا فبوضعه والآيسة والصغيرة عدة الوفاة وهو المذهب.
قال الشارح هذا الصحيح والأولى والقول الأول لا يصح.
وجزم به في الفصول والكافي والمغني وقدمه في تجريد العناية.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في البلغة والفروع.
وقيل يلزمهن الأطول من عدة الوفاة أو عدة الطلاق وقطع به القاضي في المجرد.
قال في الرعايتين لزمهن عدة الوفاة.
وقيل يلزم المدخول بها الأطول من عدة الوفاة أو عدة طلاق من حين الإسلام.
وقيل هذا إن كن ذوات أقراء وإلا فعدة وفاة كمن لم يدخل بها انتهى.
فوائد.
إحداها لو أسلم معه البعض دون البعض ولسن بكتابيات لم يخير في غير مسلمة وله إمساك من شاء عاجلا وتأخيره حتى يسلم من بقي أو تفرغ عدتهن هذا المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته والفروع وغيرهما.
وقيل متى نقص الكوافر عن أربع لزمه تعجيله بقدر النقص.
223

وإذا عجل اختيار أربع قد أسلمن فعدة البواقي إن لم يسلمن من وقت إسلامه وكذا إن أسلمن على الصحيح.
قدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر والنظم وغيرهما.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل تعتد من وقت اختياره.
قال في الرعايتين وهو أولى.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وإذا انقضت عدة البواقي ولم يسلم إلا أربع أو أقل فقد لزم نكاحهن.
ولو اختار أولا فسخ نكاح مسلمة صح إن تقدمه إسلام أربع سواها وإلا لم يصح بحال وهذا الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل يوقف فإن نكل بعد إسلام أربع سواها ثبت الفسخ فيها وإلا بطل.
الثانية لو أسلمت المرأة ولها زوجان أو أكثر تزوجاها في عقد واحد لم يكن لها أن تختار أحدهما ذكره القاضي محل وفاق.
الثالثة قوله وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما.
بلا نزاع لكن المهر يكون للأم.
قاله في الترغيب وغيره وجزم به في الفروع.
قوله (وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن يحل له الإماء فله الاختيار منهن وإلا فسد نكاحهن).
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره.
224

وقال أبو بكر إن كان قد دخل بهن ثم أسلم ثم أسلمن في عدتهن لا يجوز له الاختيار هنا بل يبن بمجرد إسلامه ورده المصنف وغيره.
قوله (وإن أسلم وهو موسر فلم يسلمن حتى أعسر فله الاختيار منهن).
قطع به الأصحاب.
وقال في الفروع اختار إن جاز له نكاحهن وقت اجتماع إسلامه بإسلامهن وإلا فسد.
وإن تنجزت الفرقة اعتبر عدم الطول وخوف العنت وقت إسلامه قاله في الترغيب.
تنبيه مفهوم قوله (وإن عتقت ثم أسلمت ثم أسلمن لم يكن له الاختيار من البواقي).
أنها لو عتقت ثم أسلمت بعد إسلامهن كان له الاختيار وهو أحد الوجهين.
والوجه الثاني ليس له الاختيار بل تتعين الأولى إن كانت تعفه وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم.
تنبيه قوله (وإن أسلم وتحته حرة وإماء فأسلمت الحرة في عدتها قبلهن أو بعدهن انفسخ نكاحهن).
وتعينت الحرة إن كانت تعفه.
هذا مقيد بما إذا لم تعتق الإماء ثم يسلمن في العدة فأما إن عتقن ثم أسلمن في العدة فإن حكمهن كالحرائر.
فائدة قوله (وإن أسلم عبدة وتحته إماء فأسلمن معه ثم عتق فله أن يختار منهن).
225

هذا صحيح لكن لو أسلم وتحته أربع إماء فأسلمت اثنتان ثم عتقن فأسلمت الثنتان الباقيتان كان له أن يختار من الجميع أيضا على أحد الوجهين.
وجزم به في الرعاية.
والوجه الثاني يتعين الأولتان وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن أسلم وعتق ثم أسلمن فحكمه حكم الحر لا يجوز له أن يختار منهن إلا بوجود الشرطين فيه).
بلا نزاع أعلمه.
فائدة لو كان تحته أحرار فأسلم وأسلمن معه لم يكن للحرة خيار الفسخ على الصحيح من المذهب اختاره المصنف وغيره.
قال القاضي وابن عقيل هذا قياس المذهب.
وقال القاضي في الجامع هو كالعيب الحادث.
226

كتاب الصداق.
فائدة للمسمى في العقد ثمانية أسماء الصداق والصدقة بضم الدال المهملة ومنه * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * والطول ومنه قوله تعالى * (ومن لم يستطع منكم طولا) * أي مهر حرة والنحلة والأجر والفريضة والمهر والنكاح ومنه * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا) * والعلائق والعقر بضم العين وسكون القاف والحباء ممدودا مع كسر الحاء المهملة.
قوله (ويستحب أن لا يعرى النكاح عن تسميته).
الصحيح من المذهب أن تسمية الصداق في العقد مستحبة وعليه جماهير الأصحاب رحمهم الله.
وقال في التبصرة يكره ترك التسمية فيه ويأتي ذكر الخلاف.
تنبيه قوله ويستحب أن لا يعرى النكاح عن تسميته.
هذا مبني على أصل وهو أن الصداق هل هو حق لله أو للآدمي.
قال القاضي في التعليق وأبو الخطاب وغيره من أصحابه في كتب الخلاف هو حق للآدمي لأنه يملك إسقاطه بعد ثبوته والعفو عنه.
وتردد بن عقيل فقال مرة كذلك وقال أخرى هو حق لله لأن النكاح لا يعرى عنه ثبوتا ولزوما فهو كالشهادة وقاله أبو يعلى الصغير.
قال الزركشي وهو قياس المنصوص في وجوب المهر فيما إذا زوج عبده من أمته.
فإن قيل بالأول وهو كونه حقا للآدمي فالحل مستفاد من العقد بمجرده ويستحب ذكره فيه وصرح به الأصحاب.
وهل هو عوض حقيقي أم لا.
227

للأصحاب فيه تردد ومنهم من ذكر احتمالين.
وينبني على ذلك لو أخذه بالشفعة وغير ذلك.
وإن قيل هو حق لله فالحل مرتب عليه مع العقد.
وتقدم في أول كتاب النكاح هل المعقود عليه المنفعة أو الحل.
قوله (وأن لا يزيد على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وهو خمسمائة درهم).
وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقال ابن عبدوس في تذكرته يسن أن لا يعبر خمسمائة درهم.
وقال في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم من أربعمائة إلى خمسمائة.
وقال القاضي في الجامع قول الإمام أحمد رحمه الله أربعمائة يعني من الدراهم التي وزن الدرهم منها مثقال فتكون الأربعمائة خمسمائة أو قريبا منها بضرب الإسلام.
وقدم في الترغيب أن السنة أن لا يزيد على مهر بناته صلى الله عليه وسلم وهو أربعمائة.
قال في البلغة السنة أن لا يزيد على مهر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعمائة درهم.
وقيل على مهر نسائه وهو خمسمائة درهم.
وقال في الرعاية الكبرى يستحب جعله خفيفا أربعمائة كصداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم وإلى خمسمائة كصداق زوجاته.
وقيل بناته انتهى.
قال في المستوعب وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال الذي نحبه أربعمائة درهم على فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بناته.
228

قال القاضي وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق بناته غير ما أصدقه زوجاته لأن حديث عائشة انه أصدق نساءه اثنتي عشرة أوقية ونشا والنش نصف أوقية وهو عشرون درهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم وهو الصواب مع القدرة واليسار فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه.
قال وكلام القاضي وغيره يقتضي أنه لا يستحب بل يكون بلوغه مباحا انتهى.
قوله (ولا يتقدر أقله ولا أكثره بل كل ما جاز أن يكون ثمنا أو أجرة جاز أن يكون صداقا).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
واشترط الخرقي أن يكون له نصف يحصل فلا يجوز على فلس ونحوه.
وتبعه على ذلك بن عقيل في الفصول والمصنف والشارح وفسروه بنصف يتمول عادة.
قال الزركشي وليس في كلام الإمام أحمد هذا الشرط وكذا كثير من أصحابه حتى بالغ بن عقيل في ضمن كلام له فجوز الصداق بالحبة والتمرة التي ينتبذ مثلها.
قال الزركشي ولا يعرف ذلك.
فائدة ذكر القاضي أبو يعلى الصغير والمصنف في المغني وغيرهما أنه يستحب أن لا ينقص المهر عن عشرة دراهم.
قوله (وإن تزوجها يعني الحر على منافعه مدة معلومة فعلى روايتين).
229

وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
إحداهما يصح وهو المذهب.
جزم به في تذكرة بن عقيل وشرح بن رزين والكافي والوجيز وغيرهم وصححه المصنف والشارح وصاحب البلغة والنظم والتصحيح وتجريد العناية وغيرهم واختاره بن عبدوس وغيره.
والرواية الثانية لا يصح.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا أن محل الخلاف يختص بالخدمة لما فيه من المهنة والمنافاة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وإذا لم تصح الخدمة صداقا فقياس المذهب أنه يجب قيمة المنفعة المشروطة إلا إذا علما أن هذه المنفعة لا تكون صداقا فيشبه ما لو أصدقها مالا مغصوبا في أن الواجب مهر المثل في أحد الوجهين.
تنبيه ذكر صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتبصرة والترغيب والبلغة وغيرهم الروايتين في منافعه مدة معلومة كما قال المصنف هنا.
وأطلقوا المنفعة ولم يقيدوها بالعلم لكن قيدوها بالمدة المعلومة ثم قالوا بعد ذلك وقال أبو بكر يصح في خدمة معلومة كبناء حائط وخياطة ثوب.
ولا يصح إن كانت مجهولة كرد عبدها الآبق أو خدمتها في أي شيء أرادته سنة فقيد المنفعة بالعلم ولم يذكر المدة وهو الصواب.
وقال في الفروع وفي منفعته المعلومة مدة معلومة روايتان.
ثم ذكر بعض من نقل عن أبي بكر فقيد المنفعة والمدة بالعلم.
وقال في الرعاية وفي منفعة نفسه وقيل المقدرة روايتان.
230

وقيل إن عينا العمل صح وإلا فلا.
فوائد.
إحداها لو تزوجها على منافع حر غيره مدة معلومة صح على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل هي كالأولى وقاله القاضي في التعليق وابن عقيل.
الثانية لا يضر جهل يسير ولا غرر يرجى زواله على الصحيح من المذهب.
وقيل يضر.
فعلى المذهب لو تزوجها على أن يشتري لها عبد زيد صح على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا يصح.
فعلى المنصوص لو تعذر شراؤه بقيمته فلها قيمته.
الثالثة يصح عقده أيضا على دين سلم وغيره وعلى غير مقدور له كآبق ومغتصب يحصله وعلى مبيع اشتراه ولم يقبضه نص على ذلك كله.
وجزم به في الرعايتين وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وقيل لا تصح التسمية في الجميع كثوب ودابة ورد عبدها أين كان وخدمتها سنة فيما شاءت كما تقدم وما يثمر شجره ومتاع بيته.
قوله (وإن أصدقها تعليم أبواب من الفقه أو الحديث أو قصيدة من الشعر المباح صح).
وكذا لو أصدقها تعليم شيء من الأدب أو صنعة أو كتابة وهذا المذهب وأطلقه كثير من الأصحاب هنا.
231

قال في الهداية وغيره في القصيدة يصح رواية واحدة وقدمه في الرعايتين.
قال في البلغة وتجريد العناية ويصح على تعليم حديث وفقه وشعر مباح وقطعا به.
وقيده المصنف والمجد والشارح والحاوي وغيرهم بما إذا قلنا بجواز أخذ الأجرة على تعليمها.
وجزم في المنور بعدم الصحة وقدمه في النظم في الفقه.
وأطلق في الفروع في باب الإجارة في جواز أخذ الأجرة على تعليم الفقه والحديث الوجهين كما تقدم هناك.
قوله (وإن كان لا يحفظها لم يصح).
وجزم به في الوجيز.
قال الشارح ينظر في قوله فإن قال أحصل لك تعليم هذه السورة صح لأن هذا منفعة في ذمته لا يختص بها فجاز أن يستأجر عليها من يحسنها.
وإن قال على أن أعلمك فذكر القاضي في الجامع أنه لا يصح.
وذكر في المجرد احتمالا بالصحة أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته ولو كان معسرا به.
قال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع ويصح على قصيدة لا يحسنها فيتعلمها ثم يعلمها.
وقيل لا تصح التسمية.
وقال في الرعايتين في القراءة لو شرط سورة لا يعرفها تعلم وعلم كمن شرط تعليمها.
وقيل يبطل.
وقال بعد ذلك وإن أصدقها تعليم فقه أو حديث أو أدب أو شعر مباح معلوم أو صنعة أو كتابة صح وفروعه كفروع القراءة انتهى.
232

قوله (ويحتمل أن يصح ويتعلمها ثم يعلمها).
وهذا المذهب نص عليه وهو الذي قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في تجريد العناية يصح ولو لم يحفظه نصا.
فائدة قوله وإن تعلمتها من غيره لزمه أجرة تعليمها.
وهذا بلا نزاع لكن لو ادعى الزوج أنه علمها وادعت أن غيره علمها كان القول قولها على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقيل القول قوله.
قوله (وإن طلقها قبل الدخول وقبل تعلمها فعليه نصف الأجرة).
وهو المذهب جزم به في الفصول والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقيل يلزمه نصف مهر المثل.
ويحتمل أن يعلمها نصفها بشرط أمن الفتنة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ووجه في المغني والشرح وغيرهما.
وجزم به في الهداية والخلاصة وقدمه في المستوعب والرعايتين.
وأطلقهما في المذهب والمغني والشرح.
فعلى هذا الوجه يعلمها من وراء حجاب من غير خلوة بها.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو طلقها بعد الدخول وقبل تعليمها قاله المصنف والشارح وغيرهما فعليه الأجرة كاملة.
233

وقيل يلزمه مهر المثل.
ويحتمل أنه يلزمه تعليمها كاملة لها قياسا على ما تقدم قبله.
الثانية قوله وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة.
بلا نزاع ولو حصلت الفرقة من جهتها رجع بالأجرة كاملة عليها.
قوله (وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر والمصنف والشارح وابن منجا وغيرهم.
وصححه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وتجريد العناية وغيرهم.
قال في البلغة والنظم هذا المشهور.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وعنه يصح.
قال ابن رزين هذا الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في عيون المسائل.
وأطلقهما في تذكرة بن عقيل والمستوعب والرعايتين.
وقيل يصح مطلقا.
وقيل بل يصح إن جاز أخذ الأجرة عليه ذكره في الرعايتين.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير.
قلت الذي يظهر أن هذا مراد من قال لا يصح وأطلق وأن الخلاف مبني على جواز أخذ الأجرة على ذلك على ما تقدم في باب الإجارة.
قوله (ولا يحتاج إلى ذكر قراءة من).
يعني على القول بالصحة لا يشترط أن يعين قراءة شخص من القراء وهذا هو الصحيح اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفروع.
234

وقال أبو الخطاب يحتاج إلى ذلك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وصححه في النظم والرعايتين وأطلقهما بن منجا في شرحه.
فوائد.
الأولى هل يتوقف الحكم بقبض السورة على تلقين جميعها أو تلقين كل آية قبض لها فيه احتمالان ذكرهما الأزجي.
قلت الصواب الذي لا شك فيه أن تلقين كل آية قبض لها لأن تعليم كل آية يحصل به نفع كامل فهو كقبض بعض الصداق إذا كان عينا.
الثانية أجرى في الواضح الروايتين في بقية القرب كالصلاة والصوم ونحوهما.
الثالثة لا يصح إصداق الذمية شيئا من القرآن وإن صححناه في حق المسلمة على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل يصح.
قال القاضي في المجرد وابن عقيل يصح بقصدها الاهتداء.
وقطع به في المذهب.
وتقدم في أحكام أهل الذمة أنهم يمنعون من قراءة القرآن على الصحيح من المذهب.
الرابعة لو طلقها ووجدت حافظة لما أصدقها وتنازعا هل علمها الزوج أم لا فأيهما يقبل قوله فيه وجهان.
أطلقهما في القاعدة الثالثة عشر.
قلت الصواب قبول قولها.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
235

قوله (وإذا تزوج نساء بمهر واحد وخالعهن بعوض واحد صح ويقسم بينهن على قدر مهورهن في أحد الوجهين).
وهو المذهب اختاره بن حامد والقاضي والمصنف والشارح وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وفي الآخر يقسم بينهن بالسوية.
اختاره أبو بكر وذكره بن رزين رواية.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة.
وقيل في الخلع يقسم على قدر مهورهن وفي الصداق يقسم بينهن بالسوية.
وقال الصداق يقسم بينهن بالسوية على عددهن.
وفي المحرر والفروع وغيرهما في الخلع أن العوض يقسم بينهن على قدر مهورهن المسماة لهن.
والقولان الأولان فيهما على قدر مهور مثلهن أو على عددهن بالتسوية كالقولين في الصداق ونحوه.
فائدة لو كان عقد بعضهن فاسدا ففيه الخلاف المتقدم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل للتي عقدها فاسد مهر المثل وهو احتمال في الترغيب من صحة العقود.
قوله (ويشترط أن يكون معلوما كالثمن فإن أصدقها دارا غير معينة أو دابة لم يصح).
وهذا المذهب مطلقا اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الوجيز وغيره
236

وقدمه بن منجا في شرحه وهو ظاهر ما قدمه الشارح.
وقال القاضي يصح مجهولا ما لم تزد جهالته على مهر المثل.
فعليه لو تزوجها على عبد أو أمة أو فرس أو بغل أو حيوان من جنس معلوم أو ثوب هروي أو مروي وما أشبهه مما يذكر جنسه صح ولها الوسط.
وكذا لو أصدقها قفيز حنطة أو عشرة أرطال زيت وما أشبهه.
فإن كانت الجهالة تزيد على جهالة مهر المثل كثوب أو دابة أو حيوان من غير ذكر الجنس أو على حكمها أو حكم أجنبي أو على حنطة أو زبيب أو على ما اكتسبه في العام لم يصح.
ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
ويأتي معنى هذا قريبا عند قوله وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه ونحوه.
قوله (وإن أصدقها عبدا مطلقا لم يصح).
وهو المذهب اختاره أبو بكر وأبو الخطاب والمصنف والشارح.
وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والكافي ونصره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وقال القاضي يصح ولها الوسط.
قال في الفروع وظاهر نصه صحته.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المنور وإدراك الغاية.
وقدمه في المحرر والنظم والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وقال نص عليه وإدراك الغاية.
وظاهر المستوعب والفروع الإطلاق.
237

فائدة قوله وهو السندي.
قال في المحرر والرعايتين والفروع لها في المطلق وسط رقيق البلد نوعا وقيمة كالسندى بالعراق.
زاد في الفروع فقال لأن أعلى العبيد التركي والرومي وأدناهم الزنجي والحبشي والوسط السندي والمنصوري.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية جعفر النسائي أن لها وسطا يعني فيما إذا أصدقها عبدا من عبيده على قدر ما يخدم مثلها.
وهذا تقييد للوسط بأن يكون مما يخدم مثلها انتهى.
وقال أيضا والذي ينبغي في سائر أصناف المال كالعبد والشاة والبقرة والثياب ونحوها أنه إذا أصدقها شيئا من ذلك أنه يرجع فيه إلى مسمى ذلك اللفظ في عرفها وإن كان بعض ذلك غالبا أخذته كالبيع أو كان من عادتها اقتناؤه أو لبسه فهو كالملفوظ به انتهى.
ويأتي إذا أصدقها ثوبا هرويا أو مرويا أو ثوبا مطلقا قريبا.
وتقدم ذلك أيضا.
قوله (وإن أصدقها عبدا من عبيده لم يصح ذكره أبو بكر).
واختاره هو والمصنف والشارح وقدمه في الكافي ونصره.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يصح وهو المذهب.
قال في المستوعب والفروع وظاهر نصه صحته واختاره القاضي وأبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته
وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وقال نص عليه وإدراك الغاية وغيرهم.
238

قال في القاعدة الخامسة بعد المائة إذا أصدقها مبهما من أعيان مختلفة ففي الصحة وجهان أصحهما الصحة انتهى.
وظاهر الفروع الإطلاق فإنه قال فيها وفي التي قبلها لم يصح عند أبي بكر والشيخ وظاهر نصه صحته انتهى.
فتلخص في المسألتين أن أبا بكر والمصنف وجماعة قالوا بعدم الصحة فيهما وأن القاضي وجماعة قالوا بالصحة فيهما وأن أبا الخطاب وجماعة قالوا لا يصح في الأولى ويصح في الثانية وهو المذهب كما تقدم.
فعلى المذهب لها أحدهم بالقرعة على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية مهنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع.
وعنه لها الوسط اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما في القاعدة الستين بعد المائة.
وقيل لها ما اختارت منهم.
وقيل هو كنذره عتق أحدهم ذكرهما بن عقيل.
وقيل لها ما اختار الزوج.
وأطلق الثلاثة الأول والأخير في البلغة.
واختار بن عقيل أنهم إن تساووا فلها واحد بالقرعة وإلا فلها الوسط.
قوله (وكذلك يخرج إذا أصدقها دابة من دوابه أو قميصا من قمصانه).
وكذا لو أصدقها عمامة من عمائمه أو خمارا من خمره ونحو ذلك.
239

وهذا التخريج لأبي الخطاب ومن تابعه من الأصحاب.
وقطع في المحرر وغيره أنه كذلك.
قال في الفروع والمحرر وثوب مروي ونحوه كعبد مطلق لأن أعلى الأجناس وأدناها من الثياب غير معلوم وثوب من ثيابه ونحوه كقفيز حنطة وقنطار زيت ونحوه كعبد من عبيده.
وجزم بالصحة في ذلك في الوجيز.
ومنع في الواضح في غير عبد مطلق.
ومنع أبو الخطاب في الانتصار عدم الصحة في قوس أو ثوب.
وقال كل ما جهل دون جهالة المثل صح.
وتقدم ذلك عن القاضي أيضا.
قوله (وإن أصدقها عبدا موصوفا صح).
قطع به الأصحاب وفي الرعاية الصغرى وجه بعدم الصحة وفيه نظر قاله بعضهم.
قوله (وإن جاءها بقيمته أو أصدقها عبدا وسطا أو جاءها بقيمته أو خالعته على ذلك فجاءته بقيمته لم يلزمها قبولها).
هذا أحد الوجهين وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف والشارح.
وصححه في تصحيح المحرر والخلاصة وقدمه في النظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به الشيرازي.
وقال القاضي يلزمها وقدمه في الرعايتين.
وقطع به بن عقيل في عمد الأدلة والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
240

وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
قوله (وإن أصدقها طلاق امرأة له أخرى لم يصح).
يعني لم يصح جعل الطلاق صداقا وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في النظم وتجريد العناية لم يصح في الأصح.
وجزم به في منتخب الآدمي وقدمه في الخلاصة والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يصح جزم به في الوجيز ولم أر من اختاره غيره مع أن له قوة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو قيل ببطلان النكاح لم يبعد لأن المسمى فاسد لا بدل له فهو كالخمر ونكاح الشغار.
فعلى المذهب لها مهر مثلها قاله القاضي في الجامع وأبو الخطاب وغيرهما.
وجزم به في المغني والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وحكى القاضي في المجرد عن أبي بكر أنها تستحق مهر الضرة وقاله بن عقيل.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو أجود ذكره في الاختيارات.
قوله (فإن فات طلاقها بموتها فلها مهرها في قياس المذهب).
وهكذا قال في الهداية وهو الصحيح على هذه الرواية.
جزم به في المذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم وصححه في النظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغني والشرح وفرضا المسألة فيما إذا لم يطلقها.
241

وقيل لها مهر مثلها وهو احتمال في المغني والشرح ووجه في البلغة وأطلقهما.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم لو جعل صداقها أن يجعل إليها طلاق ضرتها إلى سنة قاله في المستوعب والفروع وغيرهما.
وقيل يسقط حقها من المهر إذا مضت السنة ولم تطلق ذكره أبو بكر وأطلقهما في المغني والشرح.
الثانية لو أصدقها عتق أمته صح بلا نزاع.
قوله (وإن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيا وألفين إن كان ميتا لم يصح نص عليه).
وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
قال المصنف والشارح هذا أولى.
قال في الفروع ونصه لا يصح.
وصححه في النظم والخلاصة وغيرهما.
قال في المذهب ومسبوك الذهب بطل في المشهور.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يصح وهي مخرجة خرجها بعض الأصحاب من التي بعدها وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن تزوجها على ألف إن لم تكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة لم يصح في قياس التي قبلها).
242

واختاره أبو بكر والمصنف والشارح.
قال في الخلاصة لم يصح على الأصح.
قلت وهو الصواب وهو رواية مخرجة.
والمنصوص أنه يصح وهو المذهب.
قال في الفروع ونصه يصح وصححه في النظم.
قال في المذهب صح في المشهور.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين وأطلقهما في الفروع.
قال في الهداية والحاوي الصغير وغيرهما نص الإمام أحمد رحمه الله في الأولى على وجوب مهر المثل وفي الثانية على صحة التسمية فيخرج في المسألتين روايتان.
وقال في المستوعب قال أصحابنا تخرج المسألة على روايتين.
وقدم في البلغة عدم التخريج وهو المذهب كما تقدم قال وحمل بعض أصحابنا كل واحدة على الأخرى.
فائدة وكذا الحكم لو تزوجها على ألف إن لم يخرجها من دارها وعلى ألفين إن أخرجها ونحوه.
قوله (وإذا قال العبد لسيدته أعتقيني على أن أتزوجك فأعتقته على ذلك عتق ولم يلزمه شيء).
وهذا المذهب وجزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا والفروع وغيرهم.
وكذا لو قالت أعتقتك على أن تتزوج بي لم يلزمه ذلك ويعتق.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب أركان النكاح عند قوله إذا قال أعتقتك وجعلت عتقك صداقك.
243

قوله (وإذا فرض الصداق مؤجلا ولم يذكر محل الأجل صح في ظاهر كلامه ومحله الفرقة عند أصحابنا).
اعلم أن الصداق يجوز فرضه مؤجلا أو معجلا بطريق أولى ويجوز بعضه معجلا وبعضه مؤجلا.
ومتى فرض الصداق وأطلق اقتضى الحلول.
وإن شرطه مؤجلا إلى وقت فهو إلى أجله.
وإن شرطه مؤجلا ولم يذكر محل الأجل وهي مسألة المصنف فالصحيح أنه يصح نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي.
وقدمه في المستوعب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقال أبو الخطاب لا يصح.
يعني لا يصح فرضه مؤجلا من غير ذكر محل الأجل ولها مهر المثل.
وقال عن الأول فيه نظر وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي في الجامع الصغير.
وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
فعلى المذهب قال المصنف هنا ومحله الفرقة عند أصحابنا منهم القاضي وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الأزجي وغيرهم وقدمه في الفروع والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يكون حالا وذكرها بن أبي موسى احتمالا.
وقال ابن عقيل يحتمل عندي أن يكون الأجل إلى حين الفرقة أو حين الخلوة والدخول.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الأظهر أنهم أرادوا بالفرقة البينونة.
244

فعلى هذا الرجعية لا يحل مهرها إلا بانقضاء عدتها.
قوله (وإن أصدقها خمرا أو خنزيرا أو مالا مغصوبا صح النكاح).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وابن حامد والقاضي والشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والمصنف والشارح وابن عبدوس وغيرهم.
قال المصنف هنا والمذهب صحته.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنه يعجبه استقبال النكاح يعني أن النكاح فاسد اختاره أبو بكر.
واختاره أيضا شيخه الخلال والجوزجاني لكن يشترط أن يكونا يعلمان حالة العقد أنه خمر أو خنزير أو مغصوب.
وحملها القاضي والمصنف والشارح وغيرهم على الاستحباب.
تنبيه إلحاق المغصوب بالخمر والخنزير عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن أبي موسى وأبو الخطاب وابن عقيل وصاحب المذهب والمستوعب والخلاصة والفروع وغيرهم.
وقيل محل الخلاف فيما هو محرم لحق الله كالخمر والخنزير والحر ونحو ذلك ولا يدخل المغصوب فيصح به قولا واحدا.
قال الزركشي وهذا اختيار الشيخين حتى بالغ أبو محمد فحكى الاتفاق عليه.
قلت وهو ظاهر كلام صاحب الرعاية والحاوي.
245

قوله (ووجب مهر المثل).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعند بن أبي موسى يجب مثل المغصوب أو قيمته.
قال الزركشي واختاره أبو العباس.
وقال في الواضح إن باع المغصوب صاحبه بثمن مثله لزمه.
وعنه يجب مثل الخمر خلا.
فائدة يجب المهر هنا بمجرد العقد على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب والبلغة وعنه يجب بالعقد بشرط الدخول.
قوله (وإن تزوجها على عبد فخرج حرا أو مغصوبا أو عصيرا فبان خمرا فلها قيمته).
يعني يوم التزويج.
قال القاضي في التعليق إن خرج حرا فلها قيمته وقطع به الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وإن خرج العبد مغصوبا فلها قيمته أيضا وهو المذهب.
وقطع به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وإن بان العصير خمرا فجزم المصنف هنا أن لها قيمته وهو أحد الوجوه اختاره القاضي.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير وقالا رواية واحدة وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والنظم.
وقيل لها مثل العصير وهو المذهب واختاره المصنف والشارح وردا قول القاضي.
246

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لها مهر المثل وقدمه في الإيضاح.
قال في البلغة يرجع إلى مهر المثل في المثلى وبالقيمة في غيره.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يلزمه في هذه المسائل شيء.
وكذا قال في مهر معين تعذر حصوله.
فائدة لو تزوج على عبدين فبان أحدهما حرا فالصحيح من المذهب أن لها قيمة الحر فقط وتأخذ الرقيق نص عليه وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أن لها قيمتهما.
ولو تزوجها على عبد فبان نصفه مستحقا أو أصدقها ألف ذراع فبانت تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة التالف وبين قيمة الكل ذكره أبو بكر وقال هو معنى المنقول عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال المصنف والشارح نص عليه وقدمه في الفروع.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يلزمه شيء.
قوله (وإن وجدت به عيبا فلها الخيار بين أخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته).
وكذا لو بان ناقصا صفة شرطتها.
فأما الذي بالذمة إذا قبض مثله عنه ثم بان معيبا ونحوه فإنه يجب بدله لا أرشه ولا قيمته كما قد صرح به المحرر وغيره.
وحكم ذلك كله كالبيع كما تقدم ذكره في الفروع.
وقال الناظم لها أخذا الأرش في الأصح.
247

وقال في المحرر وغيره وعنه لا أرش لها مع إمساكه.
فائدة ذكر الزركشي عن الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه ذكر في بعض قواعده جواز فسخ المرأة النكاح إذا ظهر المعقود عليه حرا أو مغصوبا أو معيبا.
والإمام والأصحاب على خلاف ذلك.
قوله (وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صح وكانا جميعا مهرها فإن طلقها قبل الدخول بعد قبضهما رجع عليها بألف ولم يكن على الأب شيء مما أخذه).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
لكن يشترط في الأب أن يكون ممن يصح تملكه قاله الأصحاب.
وذكر في الترغيب رواية أن المسمى كله لها ويرجع به على الأب.
قال الزركشي وحكى أبو عبد الله بن تيمية رواية ببطلان الشرط وصحة التسمية.
وقيل يبطلان ويجب مهر المثل قاله الزركشي وغيره.
فائدة لو شرط أن جميع المهر له صح كشعيب صلى الله عليه وسلم.
فلو طلقها قبل الدخول رجع بنصفه عليها ولا شيء على الأب وهذا الصحيح.
وقاله القاضي وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يرجع عليه بنصف ما أخذ وهو احتمال المصنف.
قلت والنفس تميل إلى ذلك.
فعلى هذا لو كان ما شرطه الأب أكثر من النصف رجع على الأب بما زاد على النصف وببقية النصف على الزوجة.
248

تنبيه ظاهر كلام المصنف رحمه الله وغيره أنه سواء أجحف الأخذ بمال البنت أولا.
قال الزركشي وهو ظاهر إطلاق الإمام أحمد رحمه الله والقاضي في تعليقه وأبي الخطاب وطائفة.
وشرط عدم الإجحاف القاضي في المجرد وابن عقيل والمصنف والشارح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وهذا ضعيف ولا يتصور الإجحاف لعدم ملكها له.
فائدة يملك الأب ما شرطه لنفسه بنفس العقد كما تملكه هي حتى لو مات قبل القبض ورث عنه لكن يقدر فيه الانتقال إلى الزوجة أولا ثم إليه كأعتق عبدك عن كفارتي ذكر ذلك بن عقيل في عمد الأدلة وقدمه الزركشي.
وقال القاضي والمصنف والشارح لا يملكه إلا بالقبض مع النية.
قال الزركشي وضعف هذا بأنه يلزم منه بطلان خصيصة هذه المسألة.
قال ويتفرع من هذا على قول أبي محمد أنه لو وجد الطلاق قبل القبض فللأب أن يأخذ من الألف التي استقرت للبنت ما شاء والقاضي يجعل الألف بينهما نصفين كجملة الصداق.
تنبيه ظاهر قوله فإن فعل ذلك غير الأب فالكل لها.
صحة التسمية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل تبطل التسمية ويجب لها مهر المثل قاله القاضي في المجرد.
قوله (وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه.
249

قال الزركشي هذا المنصوص والمختار لعامة الأصحاب وقطع به المصنف والشارح وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وهو مقتضى كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وهو من مفردات المذهب.
وظاهر كلام بن عقيل في الفصول اختصاص هذا الحكم بالأب المجبر.
وهو قول القاضي في المجرد وهو من المفردات أيضا.
وقيل يختص ذلك بالمحجور عليها في المال ذكره بن أبي موسى في الصغيرة وفي معناها السفيهة.
وفي التعليق احتمال أن حكم الأب مع الثيب حكم غيره من الأولياء.
تنبيه حيث قلنا للأب ذلك فليس لها إلا ما وقع عليه العقد فلا يتممه الأب ولا الزوج على الصحيح من المذهب.
وقيل يتممه الأب كبيعه بعض مالها بدون ثمنه لسلطان يظن به حفظ الباقي ذكره في الانتصار.
وقيل يتممه لثيب كبيرة.
وفي الروضة بما وقع عليه العقد قبل لزوم العقد.
وقيل على الزوج بقية مهر المثل ذكره بن حمدان في رعايتيه.
تنبيه قوله وإن كرهت هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وقد يستشكل من لا يملك إجبارها إذا قالت أذنت لك أن تزوجني على مائة درهم لا أقل فكيف يصح أن يزوجها على أقل من ذلك.
وقد يقال إذنها في المهر غير معتبر فيلغى ويبقى أصل إذنها في النكاح.
قوله (وإن فعل ذلك غيره بإذنها صح ولم يكن لغيره الاعتراض).
250

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل على الزوج بقية مهر المثل ذكره بن حمدان في رعايتيه.
قلت وهو مشكل لأنها إن كانت رشيدة فكيف يلزم الزوج ذلك مع رضاها بغيره وإن كانت غير رشيدة ولها إذن وأذنت في ذلك فهذا يحتمل أن يلزم الزوج التتمة ويحتمل أن يلزم الولي لكن الأولى هنا لزوم التتمة إما على الزوج أو الولي هذا ما يظهر.
قوله (وإن فعله بغير إذنها فعليه مهر المثل).
فيكمله الزوج على الصحيح من المذهب وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يلزم الزوج إلا المسمى والباقي على الولي كالوكيل في البيع وهو لأبي الخطاب.
قلت وهو الصواب وقد نص عليه الإمام أحمد رحمه الله واختاره الشيخ تقي الدين وقدمه في القواعد في الفائدة العشرين وقال نص عليه في رواية بن منصور.
قال في الفروع وبدون إذنها يلزم الزوج تتمته ويضمنه الولي.
وعنه تتمته عليه كمن زوج بدون ما عينته له قال ويتوجه كخلع.
وفي الكافي للأب تعويضها.
قوله (وإن زوج ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح ولزم ذمة الابن هذا المذهب).
قال القاضي هذا المذهب رواية واحدة.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
251

وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وعنه على الأب ضمانا.
وعنه أصالة ذكرهما الشيخ تقي الدين.
ونقل بن هانئ يلزم ذمة الابن مع رضاه.
وقيل لا يتزوج له بأكثر من مهر المثل اختاره القاضي.
وتقدم ذلك بأبسط من هذا في أركان النكاح بعد قوله الثاني رضي الزوجين.
فعلى المذهب لو قضاه عنه أبوه ثم طلق ابنه قبل الدخول وقيل بعد البلوغ فنصف الصداق للابن دون الأب قاله في الرعاية.
قوله (فإن كان معسرا فهل يضمنه الأب يحتمل وجهين).
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح بن منجا.
أحدهما لا يضمنه الأب كثمن مبيعه وهو المذهب.
قال القاضي هذا أصح.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والثاني يضمنه للعرف اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
وعنه يلزمه أصالة ذكرها في الرعاية.
وقيل يضمن الأب الزيادة فقط.
وقال في النوادر نقل صالح كالنفقة فلا شيء على الابن.
قال في الفروع كذا قال.
وقال الشيخ تقي الدين ويتحرر لأصحابنا فيما إذا زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أزيد روايات.
252

إحداهن هو على الابن مطلقا إلا أن يضمنه الأب فيكون عليهما.
الثانية هو على الابن إلا أن يضمنه الأب فيكون عليه وحده.
الثالثة على الأب ضمانا.
الرابعة على الأب أصالة.
الخامسة إن كان الابن مقرا فهو على الأب أصالة.
السادسة فرق بين رضى الابن وعدم رضاه.
تنبيه قوله وللأب قبض صداق ابنته الصغيرة بغير إذنها وهذا بلا نزاع.
ولا يقبض صداق الثيب الكبيرة إلا بإذنها.
يعني إذا كانت رشيدة.
فأما إن كانت محجورا عليها فله قبضه بغير إذنها وهو واضح وتقدم ذلك في باب الحجر.
قوله (وفي البكر البالغ روايتان).
يعني الرشيدة وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
إحداهما لا يقبضه إلا بإذنها إذا كانت رشيدة وهو المذهب اختاره القاضي وغيره وصححه في المغني والشرح والتصحيح وقدمه في الفروع والحارثي في باب الهبة.
والثانية يقبضه بغير إذنها مطلقا زاد في المحرر ومن تابعه ما لم يمنعه.
فعلى الثانية يبرأ الزوج بقبض الأب وترجع على أبيها بما بقي لا بما أنفق منه.
253

فائدتان
إحداهما قوله وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى صح.
بلا نزاع ويجوز له نكاح أمة ولو قدر على نكاح حرة ذكره أبو الخطاب وابن عقيل وهو معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله.
الثانية متى أذن له وأطلق لم ينكح إلا واحدة نص عليه.
وزيادته على مهر المثل في رقبته على الصحيح من المذهب.
وعنه بذمته.
وفي تناول النكاح الفاسد احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه لا يتناوله.
قوله (وهل يتعلق برقبته أو بذمة سيده على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وشرح بن منجا.
إحداهما يتعلق بذمة سيده وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وصححه في التصحيح.
قال في تجريد العناية ويتعلق بذمة سيده على الأسد.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وإدراك الغاية.
والثانية يتعلق برقبته قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يتعلق بذمة السيد ورقبة العبد.
وعنه يتعلق بذمتهما ذمة العبد أصالة وذمة السيد ضمانا.
وعنه يتعلق بكسبه وأطلقهن في القواعد الأصولية.
254

فإن قيل هذه الرواية هي عين الرواية الأولى لأن السيد يملك كسبه فهو في ذمته.
قيل ليست هي بل غيرها.
وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا يتعلق بذمة السيد تجب النفقة عليه وإن لم يكن للعبد كسب وليس للمرأة الفسخ لعدم كسبه وللسيد استخدامه ومنعه من التكسب.
وإن قلنا يتعلق بكسبه فللمرأة الفسخ إذا لم يكن له كسب وليس لسيده منعه من الثلاث ذكره المصنف وغيره.
ويأتي في آخر نفقة الأقارب والمماليك هل له أن يتسرى بإذن سيده أم لا.
تنبيه إذا قلنا يتعلق المهر بذمة السيد ضمانا فقضاه عن عبده فهل يرجع عليه إذا عتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن يخرج هنا على الخلاف في مهر زوجته إذا كانت أمة للسيد فحيث رجع
هناك رجع هنا.
فائدتان
إحداهما حكم النفقة حكم الصداق خلافا ومذهبا قاله في الفروع والمصنف والشارح وغيرهم.
قال ناظم المفردات.
وزوجة العبد بإذن السيد * عليهما ينفق في المجود.
الثانية لو طلق العبد فإن كان الطلاق رجعيا فله الرجعة بدون إذن سيده ذكره القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم واقتصر عليه في القواعد الفقهية لأن الملك قائم بعد.
وإن كان الطلاق بائنا لم يملك إعادتها بغير إذنه لأنه تجديد ملك والإذن مطلق فلا يتناول أكثر من مرة واحدة قاله في القاعدة الأربعين.
255

قوله (وإن تزوج بغير إذنه لم يصح النكاح).
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم.
وعنه النكاح موقوف.
قال في الفروع بعد أن قدم الأول وقال أصحابنا كفضولى ونقله حنبل.
وإن وطئ فيه فكنكاح فاسد.
فعلى القول بالوقف على إجازة السيد لو أعتقه عقب النكاح فقال أبو الخطاب في الانتصار صح نكاحه ونفذ بخلاف ما لو اشترى شيئا بغير إذن السيد ثم أعتقه عقب الشراء لم ينفذ شراؤه.
قال في القواعد الأصولية وما قاله فيه نظر.
قوله (فإن دخل بها وجب في رقبته مهر المثل).
هذا المذهب نص عليه واختاره أبو بكر.
قال في المذهب ومسبوك الذهب وجب مهر المثل في أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية.
وقيل في ذمته وهو احتمال في المغني وغيره واختاره الشارح وغيره.
وعنه الواجب هو المسمى ويتعلق برقبته.
وقيل الواجب خمسا مهر المثل وهو احتمال في المغني أيضا وغيره.
وعنه الواجب خمسا المسمى نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
256

واختاره الخرقي والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وقال الزركشي هذه أشهر الروايات.
وقدمه في الخلاصة وإدراك الغاية وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
وعنه إن علمت أنه عبد فلها خمسا المسمى وإن لم تعلم فلها المهر في رقبته.
ونقل حنبل لا مهر لها مطلقا.
قال في المحرر وعنه إن علما فلا مهر لها بحال.
فقيدها بما إذا علما التحريم وكذا حملها القاضي أيضا وتبعه في الرعاية.
وزاد قلت إن علمت المرأة وحدها.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة أو علمته هي يعني وحدها.
قال والإخلال بهذه الزيادة سهو انتهى.
وقال المصنف يحتمل ما نقل حنبل أن يحمل على إطلاقه ويحتمل أن يحمل على ما قبل الدخول ويحتمل أن يحمل على أن المهر لا يجب في الحال بل يجب في ذمة العبد يتبع به إذا عتق.
قال في القواعد الأصولية وأولت هذه الرواية بتأويلات فيها نظر.
وعنه تعطي شيئا نقله المروذي قال قلت أتذهب إلى قول عثمان قال أذهب إلى أن تعطى شيئا.
قال أبو بكر وهو القياس.
تنبيهان.
أحدهما ظاهر قول المصنف وغيره أن خمسا المسمى تجب في رقبة العبد وقالوا اختاره الخرقي والخرقي إنما قال على سيده خمسا المهر.
257

والجواب عن ذلك أن القول بوجوبه في رقبة العبد هو على السيد لأنه ملكه غايته أنهم خصصوه برقبة العبد والخرقي جعله على السيد ولا ينفك ذلك عن مال السيد.
الثاني مراده والله أعلم بالدخول في قوله فإن دخل بها الوطء وقد صرح به في الوجيز وغيره.
فعلى هذا لا يجب بالخلوة إذا لم يطأ.
والظاهر أن هذا من الأنكحة الفاسدة يعطي حكمها في الخلوة على ما يأتي في آخر الباب والخلاف فيه.
فائدتان
إحداهما ظاهر كلام الأكثر أن الإمام أحمد رحمه الله إنما صار إلى أن الواجب خمسا المسمى توقيفا لأنه نقل عن عثمان رضي الله عنه.
ووجهها الشيخ تقي الدين رحمه الله فقال المهر في نكاح العبد يجب بخمسة أشياء النكاح وعقد الصداق وإذن السيد في النكاح وإذنه في الصداق والدخول فإذا نكح بلا إذنه فالنكاح باطل ولم يوجد إلا التسمية من العبد والدخول فيجب الخمسان.
الثانية يفديه سيده بالأقل من قيمته أو المهر الواجب.
قوله (وإن زوج السيد عبده أمته لم يجب مهر).
ذكره أبو بكر واختاره هو وجماعة منهم القاضي.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وقيل يجب ويسقط وهو رواية في التبصرة.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين وإدراك الغاية.
258

وعنه يجب المهر ويتبع به بعد عتقه نقله سندي وهو المذهب.
قال في المحرر وغيره وهو المنصوص وجزم به في الوجيز والمنور.
وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
قوله (وإن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول صداقها أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه).
يعني إذا قلنا يتعلق المهر برقبة العبد قاله الأصحاب.
فأما إن قلنا يتعلق بذمة السيد وهو المذهب كما تقدم فإن كان المهر وثمن العبد من جنس واحد واتفقا في الحلول أو التأجيل تقاصا.
وأما إن قلنا إن المهر يتعلق بذمتيهما فإنه يسقط على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم لملكها العبد والمالك لا يجب له شيء على مملوكه والسيد تبع له لأنه ضامن ويبقى الثمن للسيد عليها لسقوط مهرها.
وقيل لا يسقط لثبوته لها عليهما قبل أن تملكه.
قال في الفروع وغيره بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه فإن في سقوطه وجهين.
قال في المحرر أصلهما من ثبت له دين على عبد ثم ملكه هل يسقط على وجهين.
وقدم في المحرر وغيره السقوط وقاله في الرعايتين والحاوي.
وقيل لا يسقط لثبوته لها قبل شرائه.
فمن ثبت له على عبد دين أو أرش جناية ثم ملكه سقط.
وقيل لا يسقط.
وتقدم ذلك في أواخر باب الحجر.
259

تنبيه صرح المصنف بقوله تحول صداقها أو نصفه أن شراءها له قبل الدخول لا يسقط نصف مهرها وهو إحدى الروايتين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة هنا وقدمه في الرعايتين هنا والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يسقط لأن الفسخ إنما تم بشرائها فكأنها هي الفاسخة وهما وجهان مطلقان في المغني والشرح.
ويأتي هذا محررا في كلام المصنف فيما إذا جاءت الفرقة من جهتها.
قوله (وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يصح قبل الدخول.
وهو رواية ذكرها في الفروع والمستوعب وقال لأنها متى ملكته انفسخ النكاح قال فعلى هذا يجب أن لا يصح شراؤها لزوجها قبل الدخول لأنه مبطل مهرها لأن الفرقة بسبب من جهتها وإذا بطل المهر بطل الشراء قال وهذه إحدى مسائل الدور.
قال وعلى الأولة السيد قائم مقام الزوج في توفية المهر فصارت الفرقة مشتركة بين الزوج والزوجة وإذا كان كذلك غلب فيها حكم الزوج كالخلع.
وإذا ثبت أن الفسخ من جهة الزوج فعليه نصف المهر فيصح البيع ويغرم النصف الآخر كما لو قبضت جميع الصداق ثم طلقت قبل الدخول فإنها ترد نصفه انتهى.
260

قال في الفروع واختار ولد صاحب الترغيب أنه إن تعلق برقبته أو ذمته وسقط ما في الذمة بملك طارئ برئت ذمة السيد.
فعلى هذا يلزم الدور فيكون في الصحة بعد الدخول الروايتان قبله انتهى.
فعلى المذهب وهو الصحة في رجوعه قبل الدخول بنصفه أو بجميعه الروايتان المتقدمتان.
فائدة لو جعل السيد العبد مهرها بطل العقد كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه إذ نقدره له قبلها فيقدر الملك فيمن يعتق على الابن للابن قبل الزوجة.
وقيل عقد الزوجية إذا دخل في ملكه هو قبلها عتق عليه دونها.
قوله (وتملك المرأة الصداق المسمى بالعقد).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المعروف المجزوم به عند الأكثرين انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا تملك إلا نصفه ذكره القاضي ومن بعده.
قوله (فإن كان معينا كالعبد والدار فلها التصرف فيه ونماؤه لها وزكاته ونقصه وضمانه عليها إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه).
وهذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح وشرح بن منجا وقال هذا المذهب وغيرهم.
وعنه فيمن تزوج على عبد ففقئت عينه إن كانت قد قبضته فهو لها وإلا فهو للزوج.
فعلى هذا لا يدخل في ضمانها إلا بقبضه.
261

قال في المحرر وغيره ومن شرط تصرفها فيه ودخوله في ضمانه قبضه إلا المتميز فإنه على روايتين كما بيناه في البيع.
وقال في الفروع وتقدم الضمان والتصرف في البيع.
قوله (وإن كان غير معين كقفيز من صبرة لم يدخل في ضمانها ولم تملك التصرف فيه إلا بقبضه كالمبيع).
قاله الأصحاب وتقدم الخلاف في ذلك والصحيح من المذهب وما يحصل به القبض في آخر باب خيار البيع فإن هذا مثله عند الأصحاب.
وذكر القاضي في موضع من كلامه أن ما لم ينتقض العقد بهلاكه كالمهر وعوض الخلع يجوز التصرف فيه قبل قبضه.
قوله (وإن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إن كان باقيا ويدخل في ملكه حكما كالميراث).
هذا المذهب نص عليه.
قال المصنف في الكافي والمغني والشارح هذا قياس المذهب.
وجزم به في الخلاصة والمنور وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
ويحتمل أن لا يدخل حتى يطالب به ويختار وذكره القاضي وأبو الخطاب وهو وجه لبعضهم وأطلقهما في المستوعب.
قال في الترغيب والبلغة أصل هذين الوجهين الاختلاف فيمن بيده عقدة النكاح.
قال في القاعدة الخامسة والثمانين وليس كذلك ولا يلزم من طلب العفو من الزوج أن يكون هو المالك فإن العفو يصح عما يثبت فيه حق التملك.
262

كالشفعة وليس في قولنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب ما يستلزم أن الزوج لم يملك نصف الصداق لأنه إنما يعفو عن النصف المختص بابنته انتهى.
فعلى المذهب ما حصل من النماء قبل ذلك فهو بينهما نصفان.
وعلى الثاني يكون لها.
وعلى المذهب لو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط.
وعلى الثاني فيه وجهان قاله في الفروع.
وعلى المذهب أيضا لو طلق ثم عفا ففي صحته وجهان قاله في الفروع ويصح على الثاني ولا يتصرف.
وفي الترغيب على الثاني وجهان لتردده بين خيار البيع وخيار الواهب.
ويأتي إذا طلقها قبل الدخول وكان الصداق باقيا بعينه هل يجب رده أم لا بعد قوله وإن نقص الصداق بيدها.
قوله (وإن كان الصداق زائدا زيادة منفصلة رجع في نصف الأصل والزيادة لها).
هذا الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود وصالح.
وقال في الفروع لا يرجع في نصف زيادة منفصلة على الأصح.
قال في القاعدة الثانية والثمانين هذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وعنه له نصف الزيادة المنفصلة.
تنبيه ظاهر قوله (رجع في نصف الأصل والزيادة).
263

أن الأصل لو كان أمة وولدت عندها أن الولد لها وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب فإن الولد نماء منفصل على الصحيح على ما تقدم وصرح القاضي به في التعليق.
وقال في المجرد للزوج نصف قيمة الأم.
وقال في الخلاف يرجع بنصف الأمة قاله في القواعد.
واستثنى أبو بكر قاله في القواعد وصاحب المستوعب والمصنف والشارح وغيرهم من النماء المنفصل ولد الأمة فلا يجوز للزوج الرجوع في نصف الأمة حذرا من التفريق في بعض الزمان.
قلت وفي هذا نظر ظاهر فإن ذلك كالأمة المشتركة إذا ولدت.
وخرج بن أبي موسى أن الولد للمرأة ولها نصف قيمة الأم.
قال في القواعد وهذا ضعيف جدا وهو كما قال.
قوله (وإن كانت متصلة فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا وبين دفع نصف قيمته يوم العقد).
اعلم أن الزيادة المتصلة للزوجة على الصحيح من المذهب وليس للزوج الرجوع فيها وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
قال في القاعدة الحادية والثمانين ذكره الخرقي ولم يعلم عن أحد من الأصحاب خلافه حتى جعله القاضي في المجرد رواية واحدة.
وخرج المجد ومن تبعه رواية بوجوب دفع النصف بزيادته من الرواية التي في المنفصلة.
وهذا التخريج رواية في الترغيب وأطلق في الموجز والروايتين في النماء.
وقال في التبصرة لها نماؤه بتعيينه وعنه يقبضه.
وخرج في القواعد وجها آخر بالرجوع في النصف بزيادته وبرد قيمة الزيادة كما في الفسخ بالعيب.
264

قال وهذا الحكم إذا كانت العين يمكن فصلها وقسمتها وأما إن لم يمكن فهو شريك بقيمة النصف يوم الأصداق.
تنبيهان.
أحدهما محل الخيرة للزوجة إذا كانت غير محجور عليها.
فأما المحجور عليها فليس لها أن تعطيه إلا نصف القيمة قاله المصنف وغيره وهو واضح.
الثاني ظاهر قوله وبين دفع نصف قيمته يوم العقد.
أنه سواء كان متميزا أو لا وكذا قال الخرقي والمصنف في المغني والكافي والشارح وابن حمدان في رعايتيه وغيرهم.
وحرر في المحرر وتبعه في الفروع فقالا إن كان المهر المتميز يضمن بمجرد العقد فله نصف قيمته يوم العقد وإن كان غير متميز فله قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه.
وفي الكافي إلى وقت التمكين منه قاله الزركشي.
ويحمل كلام الخرقي وأبي محمد ومن تابعهما على ذلك قال إذ الزيادة في غير المتميز صورة نادرة.
ولذلك علل أبو محمد بأن ضمان النقص عليها فعلم أن كلامه في المتميز انتهى.
وقال في البلغة والترغيب المهر المعين قبل قبضه هل هو بيده أمانة أو مضمون فيكون مؤنة دفن العبد عليه فيه روايتان وبنى عليهما التصرف والنماء وتلفه.
وعلى القول بضمانه هل هو ضمان عقد بحيث ينفسخ في المعين ويبقى في تقدير المالية يوم الإصداق أو ضمان يد بحيث تجب القيمة يوم تلفه كعارية فيه وجهان.
265

ثم ذكر أن القاضي وجماعة قالوا ما نفتقر توفيته إلى معيار ضمنه وإلا فلا كبيع انتهى والوجهان في المستوعب.
قوله (وإن كان ناقصا خير الزوج بين أخذه ناقصا ولا شيء له غيره وبين نصف القيمة وقت العقد).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو اختيار الأكثرين.
قال في البلغة ولا أرش على الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال في المستوعب وحكى شيخنا في شرحه رواية أخرى أنه إن اختار أن يأخذ نصفه ناقصا ويرجع عليها بنصف النقصان فله ذلك واختاره القاضي في التعليق.
وقال في المحرر وخرج القاضي رواية بالأرش مع نصفه.
قال الشارح قال القاضي القياس أن له ذلك كالمبيع يمسكه ويطالب بالأرش ورده المصنف والشارح.
وفي التبصرة رواية ثالثة وقدمها له نصفه بأرشه بلا تخيير.
تنبيه محل ذلك إذا حدث ذلك عند الزوجة فأما إن كان بجناية جان فالصحيح أن له مع ذلك نصف الأرش قاله في البلغة وغيره وهو واضح وعبارتها وأما النقصان فإن تعيب في يدها تخير هو فإن شاء رجع بقيمة النصف سليما وإن شاء قنع به معيبا إلا أن يكون بحيازته جاز فالصحيح أن له مع ذلك نصف الأرش.
266

فائدة قوله وقت العقد هذا أحد الأقوال وقاله الخرقي.
واعتبر القاضي أخذ القيمة بيوم القبض.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما له نصف قيمته يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض إلا المتميز إذا قلنا إنه يضمنه بالعقد فتعتبر صفته وقت العقد كما تقدم في الزيادة المتصلة.
قوله (وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة فله نصف قيمته يوم العقد إلا أن يكون مثليا فيرجع بنصف مثله).
إذا فات ما قبضته بتلف أو انتقال أو غير ذلك فإن كان مثليا فله نصف مثله وإن كان غير مثلي فقدم المصنف أن له نصف قيمته يوم العقد وقاله الخرقي وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما إن كان متميزا وقلنا يضمنه وهو المذهب كما تقدم اعتبرت صفته وقت العقد وإن كان غير متميز فله نصف قيمته يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض كما تقدم في نظائره فإنهم قد قطعوا في المسائل الثلاث بذلك.
وقال القاضي له القيمة أقل ما كانت يوم العقد إلى يوم القبض.
قال المصنف والشارح هذا مبني على أن الصداق لا يدخل في ضمان المرأة إلا بقبضه وإن كان معينا كالمبيع في رواية.
فائدة لو طلق قبل أخذ الشفيع فقيل يقدم الشفيع وهو الصحيح قدمه بن رزين في شرحه لأن حقه أسبق.
وقيل يقدم الزوج لأن حقه آكد لثبوته بنص القرآن والإجماع.
وأطلقهما في المغني والفروع والشرح وغيرهم.
267

قوله (وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق فهل تضمن نقصه يحتمل وجهين).
فإذا كانت منعته منه بعد طلبه منها حتى نقص أو تلف فعليها الضمان لأنها غاصبة.
وإن تلف أو نقص قبل المطالبة بعد الطلاق فقال المصنف هنا يحتمل وجهين وكذا قال في الهداية.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
أحدهما تضمنه وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والثاني لا تضمنه اختاره المصنف والشارح وقالا هو قياس المذهب.
قال في الخلاصة لم تضمن في الأصح.
وقيل لا تضمن المتميز ذكره في الرعاية.
وقيل هو كتلفه في يده قبل طلبها.
فوائد.
إحداها لو زاد الصداق من وجه ونقص من وجه كعبد صغير كبر ومصوغ كسرته وأعادته على صياغة أخرى
وحمل الأمة فلكل منهما الخيار قاله في البلغة والرعايتين والفروع وغيرهم وقالوا حمل البهيمة زيادة محضة ما لم يفسد اللحم.
والزرع والغرس نقص للأرض والإجارة والنكاح نقص.
ولا أثر لمصوغ كسرته وأعادته كما كان أو أمة سمنت ثم هزلت ثم سمنت على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
268

وفي المغني والشرح وجهان.
ولا أثر أيضا لارتفاع سوق ولا لنقلها الملك فيه ثم طلق وهو بيدها.
ولا يشترط للخيار زيادة القيمة بل ما فيه غرض مقصود قاله في البلغة والترغيب وغيرهما.
قال في الفروع وظاهر كلام بعضهم خلافه.
الثانية إن كان النخل حائلا ثم أطلعت فزيادة متصلة وكذا ما أبر قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
وقال في البلغة زيادة متصلة على المشهور.
وذكر في الترغيب وجهين.
الثالثة لو أصدقها أمة حاملا فولدت لم يرجع في نصفه إن قلنا لا يقابله قسط من الثمن وإن قلنا يقابله فهو بعض مهر زاد زيادة لا تتميز ففي لزومها نصف قيمته ولزومه قبول نصف الأرض بنصف زرعها وجهان.
وأطلقهما في الفروع فيهما وأطلقهما في المغني والشرح وفي البلغة والرعايتين والحاوي الصغير في الأولى.
واختار القاضي أنه يلزمه قبول نصف الأرض بنصف زرعها.
والصحيح أنه لا يلزمه.
قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين.
الرابعة مما يمنع الرجوع البيع والهبة المقبوضة والعتق وكذا الرهن والكتابة على الصحيح من المذهب قدمه في البلغة والرعاية.
وقيل يرجع إلى نصف المكاتب إن اختار ويكون على كتابته.
ولو قال في الرهن أنا أصبر إلى فكاكه فصبر لم يلزمها دفع العين كما لو رجعت بالابتياع بعد الطلاق.
وهل يمنع التدبير الرجوع على وجهين وأطلقهما في البلغة.
269

وقدم في الرعاية أنه لا يمنع وهو المذهب.
قال المصنف في المغني والشارح هذا ظاهر المذهب لأنه وصية أو تعليق نصفه وكلاهما لا يمنع الرجوع.
قال في الفروع له الرجوع في المدبر إن رجع فيه بقول.
وفي لزوم المرأة رد نصفه قبل تقبيض هبة ورهن وفي مدة خيار بيع وجهان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح.
أحدهما لا يلزمها ذلك قدمه بن رزين في شرحه.
والثاني يلزمها.
الخامسة لو أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم فإن لم يملكه بإرث في الإحرام فله هنا نصف قيمته وإلا فهل يقدم حق الله فيرسله ويغرم لها قيمة النصف أو يقدم حق الآدمي فيمسكه ويبقى ملك المحرم ضرورة أم هما سواء فيخيران فيه الأوجه وأطلقهن في الفروع.
فعلى الوجه الثالث لو أرسله برضاها غرم لها وإلا بقيا مشتركين.
قال في الترغيب ينبني على حكم الصيد المملوك بين محل ومحرم.
السادسة لو أصدقها ثوبا فصبغته أو أرضا فبنتها فبذل الزوج قيمة زيادته لتملكه فله ذلك على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح والخرقي.
وقدمه في الرعايتين وابن رزين في شرحه.
قال في الفروع فله ذلك عند الخرقي والشيخ تقي الدين.
وقال القاضي ليس له إلا القيمة انتهى.
فلو بذلت المرأة النصف بزيادته لزم الزوج قبوله.
قال الزركشي قلت ويتخرج عدم اللزوم مما إذا وهب العامر تزويق الدار ونحوها للمغصوب منه وهو أظهر في البناء انتهى.
270

السابعة لو فات نصف الصداق مشاعا فله النصف الباقي وكذا لو فات النصف معينا من المتنصف على الصحيح من المذهب فيأخذ النصف الباقي.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال المصنف في المغني والشارح له نصف البقية ونصف قيمة الفائت أو مثله.
الثامنة إن قبضت المسمى في الذمة فهو كالمعين إلا أنه لا يرجع بنمائه مطلقا.
ويعتبر في تقويمه صفة يوم قبضه وفي وجوب رده بعينه وجهان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والنظم والفروع.
أحدهما يجب رده بعينه جزم به بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني لا يجب ذلك.
قوله (والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح).
هذا المذهب بلا ريب وهو المشهور وعليه الجمهور.
حتى قال أبو حفص رجع الإمام أحمد رحمه الله عن القول بأنه الأب.
وصححه المصنف وغيره واختاره الخرقي وأبو حفص والقاضي وأصحابه وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
وعنه أنه الأب قدمه بن رزين.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله أن عفوه صحيح لأن بيده عقدة النكاح بل لأن له أن يأخذ من مالها ما شاء.
وتعليله بالأخذ من مالها ما شاء يقتضي جواز العفو بعد الدخول عن الصداق كله وكذلك سائر الديون.
271

وأطلق الروايتين في الهداية والمستوعب والبلغة.
وقيل سيد الأمة كالأب.
فعلى المذهب إذا طلق قبل الدخول فأيهما عفى لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله بريء منه صاحبه.
وعلى الثانية للأب أن يعفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة إذا طلقت قبل الدخول كما قاله المصنف هنا.
وكلامه يشمل البكر والثيب الصغيرتين.
وهو الصحيح من المذهب.
وعبارته في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة وإدراك الغاية وغيرهم كعبارة المصنف وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والكافي والشرح ليس للأب ذلك إذا كانت بكرا صغيرة.
واشترط في المحرر والنظم وتجريد العناية البكارة لا غير.
فائدة المجنونة كالبكر الصغيرة.
تنبيهان.
الأول مفهوم قوله ابنته الصغيرة أن الأب ليس له أن يعفو عن مهر ابنته البكر البالغة وهو صحيح وهو المذهب.
اختاره أبو الخطاب وابن البناء وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمصنف والشارح وإدراك الغاية وغيرهم.
واختار جماعة أنها كالصغيرة.
وهو ظاهر كلام القاضي وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية.
272

وهو ظاهر كلامه في النظم وأطلقهما في البلغة.
وقال في الترغيب والبلغة أيضا أصل الوجهين هل ينفك الحجر بالبلوغ أم لا ولم يقيد في عيون المسائل بصغر وكبر وبكارة وثيوبة.
الثاني ظاهر قوله للأب أن يعفو أن غيره من الأولياء ليس له أن يعفو وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وذكر بن عقيل رواية في عفو الولي في حق الصغيرة.
قلت إذا رأى الولي المصلحة في ذلك فلا بأس به.
الثالث ظاهر كلام المصنف وغيره أن المعفو عنه من الصداق سواء كان دينا أو عينا وهو صحيح وهو المذهب.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في البلغة قاله جماعة من أصحابنا.
قال الزركشي هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والجمهور.
وقيل من شرطه أن يكون دينا قدمه في البلغة والترغيب.
فليس له أن يعفو عن عين.
قال الزركشي نعم يشترط أن لا يكون مقبوضا وهو مفهوم من كلامهم لأنه يكون هبة لا عفوا.
الرابع مفهوم قوله إذ طلقت قبل الدخول.
أنها إذا طلقت بعد الدخول ليس للأب العفو وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في البلغة لا يملكه في أظهر الوجهين.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل له ذلك ما لم تلد أو يمضي لها سنة في بيت الزوج.
273

وهو مبني أيضا على أنه هل ينفك الحجر عنها بالبلوغ أم لا قاله في الترغيب وقال فيه وفي البلغة وعلى هذا الوجه ينبني ملك الأب لقبض صداق ابنته البالغة الرشيدة.
فائدة إن كان العفو عن دين سقط بلفظ الهبة والتمليك والإسقاط والإبراء والعفو والصدقة والترك ولا يفتقر إلى قبول على الصحيح من المذهب وقيل يفتقر.
وإن كان العفو عن عين صح بلفظ الهبة والتمليك وغيرهما كعفوت على الصحيح من المذهب اختاره القاضي والمصنف والشارح وصاحب القواعد وغيرهم.
وقيل لا يصح بها اختاره بن عقيل.
وأطلقهما في البلغة والرعاية وقدم أنه لا يصح بالإبراء واقتصر في الترغيب على وهبت وملكت.
وقال في القواعد وإن كان عينا وقلنا لم يملكه الزوج وإنما يثبت له حق التمليك فكذلك.
يعني هو كالعفو عنه إذا كان دينا.
وهل يفتقر إلى قبوله فيه وجهان وأطلقهما في البلغة والرعايتين.
قال في القواعد قال القاضي وابن عقيل يشترط هنا الإيجاب والقبول والقبض.
والصحيح أن القبض لا يشترط في الفسوخ كالإقالة ونحوه صرح القاضي في خلافه.
وقد تقدم ذلك في أول كتاب الهبة في العين وبعده بيسير في الدين في إبراء الغريم وسواء في ذلك عفو الزوج
والزوجة.
274

قوله (وإذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه).
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يرجع بشيء لأن عقد الهبة لا يقتضي ضمانا.
وعنه لا يرجع مع الهبة ويرجع مع الإبراء.
قال في المحرر والرعايتين وهو الأصح.
قال في القواعد الفقهية هل يرجع عليها ببدل نصفها على روايتين.
فإن قلنا يرجع فهل يرجع إذا كان الصداق دينا فأبرأته منه على وجهين أصحهما لا يرجع لأن ملكه لم يزل عنه انتهى.
قال في تجريد العناية فلو وهبته بعد قبضه ثم طلق قبل مس رجع بنصفه لا إن أبرأته على الأظهر فيهما واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال المصنف والشارح فإن كان الصداق دينا فأبرأته منه فإن قلنا لا يرجع في المعين فهنا أولى.
وإن قلنا يرجع هناك خرج هنا وجهان الرجوع وعدمه وكذا قال في البلغة.
وقال فيها وفي الترغيب أصل الخلاف في الإبراء هل زكاته إذا مضى عليه أحوال وهو دين على الزوجة أو على الزوج فيه روايتان.
قال في الفروع وكلامه في المغني على أنه إسقاط أو تمليك.
فوائد.
إحداها لو وهبته أو أبرته من نصفه أو بعضه فيهما ثم تنصف رجع بالباقي على الرواية الأولى وبنصفه أو بباقيه على الرواية الأخرى.
275

قال في الرعايتين وهي أصح.
وقيل له نصف الباقي وربع بدل الكل أو نصف بدل الكل فقط.
وقيل يرجع في الإبراء من المعين دون الدين ذكرهما في الرعاية.
قال في الفروع وإن وهبته بعضه ثم تنصف رجع بنصف غير الموهوب.
ونصف الموهوب استقر ملكا له فلا يرجع به ونصفه الذي لم يستقر يرجع به على الأولى لا الثانية.
وفي المنتخب عليها احتمال.
الثانية لو وهب الثمن لمشتر فظهر المشتري على عيب فهل بعد الرد لها الأرش أم ترده وله ثمنه.
وقال في الترغيب القيمة فيه الخلاف قاله في الفروع.
وقال في القواعد فيه طريقان.
أحدهما تخريجه على الخلاف في رده.
والأخرى تمتنع المطالبة هنا وجها واحدا وهو اختيار بن عقيل.
قلت الصحيح من المذهب أن له الأرش على ما تقدم في خيار العيب وقدمه في الفروع هناك في هذه المسألة.
الثالثة لو قضى المهر أجنبي متبرعا ثم سقط أو تنصف فالراجع للزوج على الصحيح من المذهب.
اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل الراجع للأجنبي المتبرع.
ومثله خلافا ومذهبا حكما لا صورة لو باع عينا ثم وهب ثمنها للمشتري أو أبرأه منه ثم بان بها عيب يوجب الرد.
276

ومثله أيضا فيهما لو تبرع أجنبي عن المشتري بالثمن ثم فسخ بعيب خلافا ومذهبا.
قال في الفروع ومثله أداء ثمن ثم يفسخ بعيب انتهى.
وكذا لو أبرأه من بعض الثمن.
واختار القاضي في خلافه عدم الرجوع عليه مما أبرأه منه.
وكذا الحكم لو كاتب عبده ثم أبرأه من دين الكتابة وعتق فهل يستحق المكاتب الرجوع عليه بما كان له عليه من الإيتاء الواجب أم لا قدمه في الفروع.
وضعف المصنف ذلك وقال لا يرجع به المكاتب.
ذكر هذا وغيره في القاعدة السابعة والستين.
قوله (وإن ارتدت قبل الدخول فهل يرجع عليها بجميعه على روايتين).
يعني إذا أبرأته أو وهبته ثم ارتدت وأطلقهما في الشرح.
إحداهما يرجع بجميعه وهو الصحيح صححه في التصحيح والنظم وظاهر كلام بن منجا أن هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين.
والثانية لا يرجع إلا بنصفه.
وعنه يرجع بجميعه مع الهبة وبنصفه مع الإبراء.
قال في تجريد العناية على الأظهر.
قال في الرعايتين وهو أصح.
قوله (وكل فرقة جاءت من) قبل (الزوج كطلاقه وخلعه
277

وإسلامه وردته أو من أجنبي كالرضاع ونحوه قبل الدخول يتنصف بها المهر بينهما).
وكذا تعليق طلاقها على فعلها وتوكيلها فيه ففعلته فيهما على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو علق طلاقها على صفة وكانت الصفة من فعلها الذي لها منه بد وفعلته فلا مهر لها.
وقواه صاحب القواعد.
أما إذا خالعها فجزم المصنف بأنه يتنصف به لأنه من قبله وهو أحد الوجهين وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وشرح بن منجا.
وجزم به في الكافي والوجيز وقدمه في المستوعب.
قال في القواعد المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن لها نصف الصداق وهو قول القاضي وأصحابه.
والوجه الثاني يسقط الجميع وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يتنصف المهر إن كان الخلع مع غير الزوجة.
تنبيه محل الخلاف إذا قيل هو فسخ على الصحيح من المذهب.
وقيل أو طلاق أيضا ذكره في الرعاية.
قال في القواعد بعد حكايته القول الثاني في أصل المسألة ومن الأصحاب من خرجه على أنه فسخ فيكون كسائر الفسوخ من الزوج.
ومنهم من جعله مما يشترك فيه الزوجان لأنه إنما يكون بسؤال المرأة فتكون الفرقة فيه من قبلها.
وكذلك يسقط أرشها في الخلع في المرض وهذا على قولنا لا يصح مع الأجنبي أظهر.
278

أما إن وقع مع الأجنبي وصححناه فينبغي أن يتنصف وجها واحدا انتهى.
وأما إذا اسلم أو ارتد قبل الدخول فتقدم ذلك محررا في باب نكاح الكفار.
وأما إذا جاءت الفرقة من الأجنبي كالرضاع ونحوه فإنه يتنصف المهر بينهما ويرجع الزوج على من فعل ذلك.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الرضاع حيث قال وكل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليها بنصف مهرها الذي يلزمه لها.
فائدة لو أقر الزوج بنسب أو رضاع أو غير ذلك من المفسدات قبل منه في انفساخ النكاح دون سقوط النصف.
ولو وطئ أم زوجته أو ابنتها بشبهة أو زنا انفسخ النكاح ولها نصف الصداق نص عليه في رواية بن هانئ.
قوله (وكل فرقة جاءت من قبلها كإسلامها وردتها وإرضاعها من ينفسخ به نكاحها وارتضاعها منه بنفسها وفسخها لعيبه وإعساره وفسخه لعيبها يسقط به مهرها ومتعتها).
أما إذا أسلمت أو ارتدت قبل الدخول فتقدم ذلك أيضا في أول باب نكاح الكفار مستوفي فليعاود.
وأما إذا جاءت الفرقة من قبلها برضاعها أو ارتضاعها ممن ينفسخ به نكاحها فيأتي ذلك أيضا في كتاب الرضاع حيث قال فإذا أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحهما فعليه نصف مهر الصغرى يرجع به على الكبرى ولا مهر للكبرى.
279

وأما فسخها لعيبه وفسخه لعيبها فإن ذلك يسقط مهرها بلا خلاف في المذهب إلا توجيه لصاحب الفروع يأتي في الفائدة الآتية.
قال المصنف والشارح فإن قيل فهلا جعلتم فسخها لعيبه كأنه منه لحصوله بتدليسه.
قلنا العوض من الزوج في مقابلة منافعها فإذا اختارت فسخ العقد مع سلامة ما عقد عليه وهو نفع بضعها رجع العوض إلى العاقد معها وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج وإنما يثبت لها لأجل ضرر يلحقها لا لتعذر ما استحقت عليه في مقابلته عوضا فافترقا.
وقال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة هذا الفرق يرجع إلى أن الزوج غير معقود عليه في النكاح وفيه خلاف.
والأظهر في الفرق أن يقال الفسوخ الشرعية التي يملكها كل من الزوجين على الآخر إنما شرعت لإزالة ضرر حاصل.
فإذا وقعت قبل الدخول فقد رجع كل من الزوجين إلى ما بذله سليما كما خرج منه فلا حق له في غيره بخلاف الطلاق وما في معناه كالخلع ونحوهما لا كالانفساخات القهرية بأسبابها كالرضاع واللعان والردة والإسلام والرق والحرية ونحوها بشروطها وكثبوت القرابة ونحوها من موجبات الفرقة بغير ضرر ظاهر فإنه يحصل للمرأة به انكسار وضرر فجبره الشارع بإعطائها نصف المهر وبالمتعة عند فقد التسمية انتهى.
فائدة لو شرط عليه شرط صحيح حالة العقد فلم يف به وفسخت سقط به مهرها على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية والفروع.
قال في القاعدة السادسة والخمسين بعد المائة وهو قول القاضي والأكثرين.
وعنه يتنصف بفسخها قبل الدخول اختاره أبو بكر في التنبيه.
قال في الفروع فتتوجه هذه الرواية في فسخها لعيبه.
280

ولو فسخت بعد الدخول فلها المتعة إن لم يسم لها مهرا.
وأما فسخها لإعساره بالمهر أو بالنفقة وغير ذلك فهو من جهتها فلا تستحق شيئا بلا نزاع أعلمه.
قوله (وفرقة اللعان تخرج على روايتين).
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح وشرح بن منجا وتجريد العناية والفروع.
إحداهما يسقط بها المهر وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر والنظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين وشرح بن رزين والحاوي الصغير واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية ينتصف بها المهر.
وخرج القاضي إن لاعنها في مرضه تكون الفرقة منه لا منها.
قوله (وفي فرقة بيع الزوجة من الزوج وشرائها له وجهان).
وهما روايتان في الثانية.
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما يتنصف بها المهر وهو المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز.
قال في القواعد هذا أشهر الوجهين وهو اختيار أبي بكر والقاضي وأصحابه فيما إذا اشترت الزوج.
والثاني يسقط بها كله واختاره أبو بكر فيما إذا اشتراها الزوج.
281

وقيل محل الخلاف إذا اشتراها من مستحق مهرها وهي طريقته في المحرر.
وقال أبو بكر إن اشتراها سقط المهر وإن اشترته هي تنصف.
واختار في الرعاية إن طلب الزوج شراء زوجته فلها المتعة وإن طلبه سيدها فلا.
فائدة لو جعل لها الخيار بسؤالها فاختارت نفسها فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لا مهر لها قاله في القواعد.
وقيل يتنصف وأطلقهما في الفروع.
وإن جعل لها الخيار من غير سؤال منها فاختارت نفسها لم يسقط مهرها جزم به في المغني والشرح.
قوله (ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها كاملا).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه لا يجب سوى النصف.
وقال في الوجيز يتقرر المهر إن قتل نفسه أو قتله غيرهما.
قال في الفروع فظاهره لا يتقرر إن قتل أحدهما الآخر قال وهو متوجه إن قتلته هي.
فوائد جمة.
اعلم أن المهر يتقرر كاملا سواء كانت الزوجة حرة أو أمة بأشياء ذكر المصنف بعضها فذكر الموت وهو بلا خلاف.
قال في الفروع ويتقرر المسمى لحرة أو أمة بموت أحدهما انتهى.
وذكر القتل وتقدم الخلاف فيه.
282

ومما يقرر المهر كاملا وطؤه في فرج حية لا ميتة ذكره أبو المعالي وغيره ولو بوطئها في الدبر على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يقرره الوطء في الدبر.
ومنها الخلوة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات قال في الفروع وعنه أولا اختاره في عمد الأدلة بزيادة أو قبل لا.
والذي يظهر أنها سهو.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين بعد المائة من الأصحاب من حكى رواية بان المهر لا يستقر بالخلوة بمجردها بدون الوطء.
وأنكر الأكثرون هذه الرواية وحملوها على وجه آخر وذكره.
فعلى المذهب يتقرر كاملا إن لم تمنعه بشرط أن يعلم بها على الصحيح من المذهب.
وعنه يتقرر وإن لم يعلم بها.
ويشترط في الخلوة أن لا يكون عندهما مميز مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل مميز مسلم وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
ويشترط أيضا أن يكون الزوج ممن يطأ مثله.
ولا تقبل دعواه عدم علمه بها.
والصحيح من المذهب ولو كان أعمى نص عليه لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك.
وقيل تقبل دعواه عدم علمه إذا كان أعمى.
وقال في المذهب إن صدقته لم تثبت الخلوة وإن كذبته فهي خلوة.
فعلى المنصوص قدم الأصحاب هنا العادة على الأصل.
283

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فكذا دعوى إنفاقه فإن العادة هناك أقوى انتهى.
والنائم في الخلوة كالأعمى.
ويقبل قول مدعى الوطء يعني في الخلوة على الصحيح من المذهب.
وإلا فسيأتي أن القول قول الزوج فيما إذا اختلفا فيما يستقر فيه المهر من جملة الوطء بلا خلوة على الصحيح من المذهب.
وفي الواضح يقبل قول منكرة كعدمها قاله بن عقيل وجماعة.
فلا يرجع هو بمهر لا يدعيه ولا لها ما لا تدعيه.
وسيأتي أن القول قوله هو دونها فيما إذا اختلفا فيما يستقر به المهر ومنه الوطء ونحوه بلا خلوة.
قال في الانتصار والتسليم بالتسلم ولهذا لو دخلت البيت فخرج لم تكمل قاله قبيل المسألة.
وفي الانتصار أيضا يستقر به وإن لم يتسلم كبيع وإجارة.
وفي العدة والرجعة وتحريم الربيبة بالخلوة الخلاف قاله في الفروع.
ويأتي في أول باب العدد حكم الخلوة من جهة العدة.
وتقدم أحكام الربيبة إذا خلا بأمها في المحرمات في النكاح.
وقطع المصنف والشارح وغيرهما بثبوت الرجعة لها عليها إذا خلا بها في عدتها.
قال في المستوعب الخلوة تقوم مقام الدخول في أربعة أشياء تكميل الصداق ووجوب العدة وملك الرجعة إذا طلقها دون الثلاث وثبوت الرجعة إن كانت مطلقة بعد الدخول.
وقيل هذه الخلوة دون الثلاث انتهى.
284

ولا يتعلق بالخلوة بقية حكم الوطء على الصحيح من المذهب.
وقيل كمدخول بها إلا في حلها لمطلقها وإحصان قاله في الفروع.
ونقل أبو الحارث وغيره هي كمدخول بها ويجلدان إذا زنيا انتهى.
وأما لحوق النسب فقال ابن أبي موسى روى عن الإمام أحمد رحمه الله في صائم خلا بزوجته وهي نصرانية ثم طلقها قبل المسيس وأتت بولد ممكن روايتان.
إحداهما يلزمه لثبوت الفراش وهي أصح.
والأخرى قال لا يلزمه الولد إلا بالوطء انتهى.
ولو اتفقا على أنه لم يطأ في الخلوة لزم المهر والعدة نص عليه لأن كلا منهما مقر بما يلزمه.
وذكر بن عقيل وغيره في تنصيف المهر هنا روايتين.
إذا علم ذلك فالخلوة مقررة للمهر لمظنة الوطء.
ومن الأصحاب من قال إنما قررت المهر لحصول التمكين بها وهي طريقة القاضي.
وردها بن عقيل وقال إنما قررت لأحد أمرين إما لإجماع الصحابة وهو حجة وإما لأن طلاقها بعد الخلوة بها وردها زهدا منه فيها فيه ابتدال لها وكسر فوجب جبره بالمهر.
وقيل بل المقرر هو استباحة ما لا يباح إلا بالنكاح من المرأة فدخل في ذلك الخلوة واللمس بمجردهما.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب ذكره في القواعد.
فلو خلا بها ولكن بهما مانع شرعي كإحرام وحيض وصوم أو حسي كجب ورتق ونضاوة تقرر المهر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
285

قال الزركشي وهو المختار للأصحاب.
وقال اتفقوا فيما علمت أن هذا هو المذهب انتهى.
وهو من مفردات المذهب وقدمه المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه لا يقرره.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يقرره إن كان المانع به وإلا فلا وهو قول في الرعاية.
قال في المستوعب إن خلا بها وهو مدنف أو صائم أو محرم أو مجبوب استقر الصداق رواية واحدة وإن خلا بها وهي محرمة أو صائمة أو رتقاء أو حائض كمل الصداق في أشهر الروايتين.
وقال في الرعاية وعنه يكمل مع ما لا يمنع دواعي الوطء بخلاف صوم رمضان والحيض والإحرام بنسك ونحوها.
قال القاضي إن كان المانع لا يمنع دواعي الوطء كالجب والعنة والرتق والمرض والحيض والنفاس وجب الصداق وإن كان يمنع دواعيه كالإحرام وصيام الفرض فعلى روايتين.
قال المصنف والشارح وعنه رواية إن كانا صائمين صوم رمضان لم يكمل الصداق وإن كان غيره كمل انتهى.
وقيل إن خلا بها وهو مرتد أو صائم أو محرم أو مجبوب استقر الصداق وإن كانت صائمة أو محرمة أو رتقاء أو حائضا كمل الصداق على الأصح.
وتقدم كلامه في المستوعب.
تنبيه قال الزركشي وغيره بعد أن ذكر الروايتين اختلفت طرق الأصحاب في هذه المسألة فقال أبو الخطاب في خلافه والمجد والقاضي في الجامع فيما نقله عنه في القواعد محل الروايتين في المانع سواء كان من جهته أو من
286

جهتها شرعيا كان كالصوم والإحرام والحيض أو حسيا كالجب والرتق ونحوهما.
وقال القاضي في الجامع والشريف في خلافه محلهما إن كان المانع من جهتها أما إن كان من جهته فإن الصداق يتقرر بلا خلاف.
ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في خلافه.
وقال القاضي في المجرد فيما أظن وابن البناء محلهما إذا امتنع الوطء ودواعيه كالإحرام والصيام.
فأما إن كان لا يمنع الدواعي كالحيض والجب والرتق فيستقر رواية واحدة.
ونسب هذه الطريقة في القواعد إلى القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول.
وقال القاضي في الروايتين محلهما في المانع الشرعي أما المانع الحسي فيتقرر معه الصداق وهي قريبة من التي قبلها.
ويقرب منها طريقة المصنف في المغني أن المسألة على ثلاث روايات.
الثالثة إن كان المانع متأكدا كالإحرام والصيام لم يكمل وإلا كمل انتهى.
وهذه الرواية الثالثة لم يصرح الإمام أحمد رحمه الله فيها بالإحرام وإنما قاسه المصنف على الصوم الذي صرح به الإمام أحمد.
ومما يقرر المهر أيضا اللمس والنظر إلى فرجها ونحوه لشهوة حتى تقبيلها بحضرة الناس نص عليه وهي من المفردات وقدمه في الفروع.
وخرجه بن عقيل على المصاهرة وقاله القاضي مع الخلوة وقال إن كان ذلك عادته تقرر وإلا فلا هكذا نقله في الفروع.
قلت قال ابن عقيل في التذكرة إن كان ممن يقبل أو يعانق بحضرة الناس عادة كانت خلوة منه وإلا فلا.
ونقله عنه في المستوعب والبلغة والقواعد.
287

فلعل قول صاحب الفروع وقال إن كان ذلك عادته تقرر عائد إلى بن عقيل لا إلى القاضي أو يكون بن عقيل وافق القاضي ويكون لابن عقيل فيها قولان.
قال في القواعد والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا أنه إذا تعمد النظر إليها وهي عريانة تغتسل وجب لها المهر.
ولا يقرره النظر إليها على الصحيح من المذهب.
وعنه بلى إذا كانت غير عريانة فأما إن كانت عريانة وتعمد النظر إليها فالمنصوص أنه يجب لها المهر.
قال في الرعاية ويقرره النظر إليها عريانة.
وقطع ناظم المفردات أن النظر إلى فرجها يقرر المهر.
قال في القواعد أما مقدمات الجماع كاللمس لشهوة والنظر إلى الفرج أو إلى جسدها وهي عريانة فمن الأصحاب من ألحقه بالوطء وهو المذهب ومنهم من خرجه على وجهين أو روايتين من الخلاف في تحريم المصاهرة به ولم يقيده فيهما بالشهوة لأن قصد النظر إلى الفرج أو إلى جسدها وهي عريانة لا يكون إلا لشهوة بخلاف اللمس إذ الغالب فيه عدم اقترانه بالشهوة فلذلك قيده فيه بها انتهى.
فإن تحملت بماء الزوج ففي تقرير الصداق به وجهان وأطلقهما في الفروع وقال ويلحقه نسبه.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يقرره.
وقال في الرعاية ولو استدخلت مني زوج أو أجنبي بشهوة ثبت النسب والعدة والمصاهرة ولا تثبت رجعة ولا مهر المثل ولا يقرر المسمى انتهى.
288

قوله (وإن اختلف الزوجان في قدر الصداق فالقول قول الزوج مع يمينه).
وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
وعنه القول قول من يدعي مهر المثل منهما.
جزم به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وناظم المفردات ونصره القاضي وأصحابه منهم الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
قال الزركشي اختاره عامة الأصحاب.
قال في الفروع نصره القاضي وأصحابه.
وهو من مفردات المذهب بلا خلاف بينهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والشرح وشرح بن منجا.
وعنه يتحالفان حكاها الشيرازي في المبهج.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتخرج لنا قول كقول مالك رحمه الله إن كان الاختلاف قبل الدخول تحالفا وإن كان بعده فالقول قول الزوج.
فعلى الرواية الثانية وهو أن القول قول من يدعي مهر المثل منهما لو ادعى أقل منه وادعت أكثر منه ردت إليه بلا يمين عند القاضي في الأحوال كلها.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة.
وقيل يجب اليمين في الأحوال كلها.
289

اختاره أبو الخطاب في الهداية وقطع به هو والشريف أبو جعفر في خلافيهما وقدمه بن رزين في شرحه.
قال المصنف وتبعه الشارح إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه رد إلى مهر المثل ولم يذكر الأصحاب يمينا والأولى أن يتحالفا فإن ما يقوله كل واحد منهما محتمل للصحة فلا يعدل عنه إلا بيمين من صاحبه كالمنكر في سائر الدعاوي ولأنهما تساويا في عدم الظهور فشرع التحالف كما لو اختلف المتبايعان انتهيا.
وقال في المحرر وعنه يؤخذ بقول مدعي مهر المثل ولم يذكر اليمين فيخرج وجوبها على وجهين.
وقال في الهداية وعنه القول قول من يدعي مهر المثل فإن ادعى هو دونه وادعت هي زيادة رد إليه ولا يجب يمين في الأحوال كلها على قول شيخنا.
وعندي أنه يجب فيها كلها يمين لإسقاط الدعاوي.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الوجهين انتهى.
وتبعه في المستوعب وغيره.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
لكن صاحب الفروع حكى الخلاف فيما إذا ادعى مهر المثل من غير زيادة ولا نقصان تبعا لصاحب المحرر ولم يذكرا يمينا في غيرها.
وصاحب الرعايتين والحاوي قد حكيا الخلاف كذلك وأطلقاه أيضا وحكياه وجهين فيما إذا ادعى هو نقصا وادعت هي زيادة وقدما عدم اليمين.
وأبو الخطاب ومن تبعه كالسامرى والمصنف هنا أجروا الخلاف في جميع الصور وحكوه أيضا عن القاضي أبي يعلي الكبير.
290

والظاهر أن المصنف والمجد والشارح حالة التصنيف لم يطلعا على الخلاف أو ما استحضراه.
لكن المجد لم يصرح في كلامه في حكم اليمين نفيا ولا إثباتا في المسألة المذكورة.
نعم حيث رد إلى مهر المثل فإنه يكون كالمسألة قبلها على الخلاف.
وأيضا فإنه لم ينف ذكر اليمين إلا عن الرواية ولم يتعرض لثبوته في كلام الأصحاب ولا لنفيه وكيف ينفيه عنهم وهو ثابت في المقنع وقبله في الهداية والمذهب.
ويمكن أن يقال إنما جزم الشيخ في المقنع بوجوب اليمين في الأحوال أو بعدمه فيها اختيارا منه لإطلاق الحالة الأخيرة بالأحوال الأولة وهي ما يؤخذ من قوله مدعى مهر المثل في وجوب اليمين أو عدمه وأن ذلك هو ظاهر كلامهم.
والذي ذكره في المغني من أن الأصحاب لم يذكروا يمينا لا ينافي صنيعه في المقنع حينئذ فإن ذلك مختص بالحال الأخير فقط.
فائدة وكذا الحكم لو اختلف ورثتهما في قدر الصداق قاله في المستوعب والوجيز والفروع وغيرهم.
وكذا لو اختلف الزوج وولى الزوجة الصغيرة في قدره قاله القاضي وغيره واقتصر عليه في المستوعب وغيره.
ويحلف الولي على فعل نفسه.
قوله (وإن قال تزوجتك على هذا العبد فقالت بل على هذه الأمة خرج على الروايتين).
يعني اللتين فيما إذا اختلفا في قدر الصداق.
291

وكذا قال أبو الخطاب وغيره من الأصحاب.
وكذا الحكم لو اختلفا في جنسه أو صفته عند الأكثرين.
لكن على رواية من يدعى مهر المثل لو كانت الأمة تساوي مهر المثل لم تدفع إليها بل يدفع إليها القيمة لئلا يملكها ما ينكره قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال في المحرر وغيره بعد ذكر الروايتين لكن الواجب القيمة لا شيء من المعينين.
وقيل إن كان معين المرأة أعلى قيمة وهو كمهر المثل أو أقل وأخذنا بقولها أعطيته بعينه وكذا قال في الفروع وغيره.
وقال المصنف في فتاويه إن عينت المرأة أمها وعين الزوج أباها فينبغي أن يعتق أبوها لأنه مقر بملكها له وإعتاقه عليها ثم يتحالفان ولها الأقل من قيمة أمها أو مهر مثلها انتهى.
وفي الواضح يتحالفان كبيع ولها الأقل مما ادعته أو مهر مثلها.
وفي الترغيب يقبل قول مدعي جنس مهر المثل في أشهر الروايتين.
والثانية قيمة ما يدعيه هو.
وقدم في البلغة والرعاية ما قال في الترغيب إنه أشهر الروايتين.
فائدة لو ادعت تسمية الصداق وأنكر كان القول قولها في تسمية مهر المثل في إحدى الروايتين قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية القول قوله ولها مهر مثلها.
وأطلقهما في البلغة والمحرر والفروع.
فعلى الأول يتنصف المهر إذا طلق قبل الدخول.
وعلى الثانية في تنصفه أو المتعة فقط الخلاف الآتي.
292

قوله (وإن اختلفا في قبض المهر فالقول قولها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة.
وذكر في الواضح رواية أن القول قوله بناء على ما إذا قال كان له علي كذا وقضيته على ما يأتي في كلام الخرقي في باب طريق الحاكم وصفته.
قوله (وإن اختلفا فيما يستقر به المهر فالقول قوله).
بلا نزاع.
قوله (وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية أخذ بالعلانية وإن كان قد انعقد بالسر ذكره الخرقي).
وذكره في الترغيب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو منصوص عن الإمام أحمد رحمه الله لأنه قد أقر به.
نقل أبو الحارث يؤخذ بالعلانية.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المذهب والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم قاله في الخلاصة.
فإن رضيت المرأة بمهر السر وإلا لزمه العلانية.
وقال القاضي وإن تصادقا على السر لم يكن لها غيره.
وحمل كلام الإمام أحمد والخرقي على أن المرأة لم تقر بنكاح السر.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
فائدة ذكر الحلواني أن البيع مثل النكاح في ذلك.
وتقدم ذلك في كتاب البيع بأتم من هذا.
تنبيه قال المصنف في المغني ومن تابعه من الشارح وغيره وجه قول
293

الخرقي أنه إذا عقد في الظاهر عقدا بعد عقد السر فقد وجد منه بذل الزائد على مهر السر فيجب ذلك عليه كما لو زادها على صداقها.
قالوا ومقتضى ما ذكرناه من التعليل لكلام الخرقي أنه إن كان مهر السر أكثر من العلانية وجب مهر السر لأنه وجب عليه بعقده ولم تسقطه العلانية فبقي وجوبه انتهوا.
قال الزركشي قد حملنا كلام الخرقي على ما إذا كان مهر العلانية أزيد وهو متأخر بناء على الغالب انتهى.
قلت بل هذا هو الواقع ولا يتأتى في العادة غيره.
وقال في المحرر وإذا كرر العقد بمهرين سرا وعلانية أخذ بالمهر الزائد وهو العلانية وإن انعقد بغيره نص عليه وقاله الخرقي.
قال شارحه فقوله أخذ بالمهر الزائد وهو العلانية أخرجه مخرج الغالب انتهى.
وأما صاحب الفروع فجعل قول الخرقي ومن تابعه قولا غير القول بالأخذ بالزائد.
فقال ومن تزوج سرا بمهر وعلانية بغيره أخذ بأزيدهما.
وقيل بأولهما.
وفي الخرقي وغيره يؤخذ بالعلانية.
وذكره في الترغيب نص الإمام أحمد مطلقا انتهى.
قلت أما على تقدير وقوع أن مهر السر أكثر فلا نعلم أحدا صرح بأنها لا تستحق الزائد وإن كان أنقص فيأتي كلام الخرقي والقاضي.
فوائد.
الأولى لو اتفقا قبل العقد على مهر وعقداه بأكثر منه تجملا مثل أن
294

يتفقا على أن المهر ألف ويعقداه على ألفين فالصحيح من المذهب أن الألفين هي المهر.
جزم به المصنف والمجد والشارح وصاحب البلغة والرعاية والنظم والحاوي وغيرهم وقاله القاضي وغيره.
وقيل المهر ما اتفقا عليه أولا.
فعلى المذهب قال الإمام أحمد رحمه الله تفي بما وعدت به وشرطته من أنها لا تأخذ إلا مهر السر.
قال القاضي والمصنف والشارح وغيرهم هذا على سبيل الاستحباب.
وقال أبو حفص البرمكي يجب عليها الوفاء بذلك.
قلت وهو الصواب.
الثانية لو وقع مثل ذلك في البيع فهل يؤخذ بما اتفقا عليه أو بما وقع عليه العقد فيه وجهان وأطلقهما في الرعاية والفروع.
أحدهما يؤخذ بما اتفقا عليه قطع به ناظم المفردات وحكاه أبو الخطاب وأبو الحسين عن القاضي وهو من المفردات.
والثاني يؤخذ بما وقع عليه العقد قطع به القاضي في الجامع الصغير.
وتقدم التنبيه على ذلك في كتاب البيع بعد قوله فإن كان أحدهما مكرها.
الثالثة أفادنا المصنف رحمه الله بقوله وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية أخذ بالعلانية أن الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به ويبقى حكمها حكم الأصل فيما يقرره وينصفه وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا تلحق به وإنما هي هبة تفتقر إلى شروط الهبة فإن طلقها بعد هبتها لم يرجع بشيء من الزيادة.
وخرج على المذهب سقوطه بما ينصفه من وجوب المتعة لمفوضة مطلقة قبل الدخول بعد فرضه.
295

فعلى المذهب يملك الزيادة من حينها نقله مهنا في أمة عتقت فزيد مهرها.
وجعلها القاضي لمن أصل الزيادة له.
قال في المحرر وإذا ألحق بالمهر بعد العقد زيادة ألحقت به ولزمته وكانت كأصل فيما يقرره وينصفه نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
ويتخرج أن تسقط هي بما ينصفه ونحوه انتهى بما معه.
الرابعة هدية الزوجة ليست من المهر نص عليه فإن كانت قبل العقد وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غيره رجع بها قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
واقتصر عليه في الفروع.
قلت وهذا مما لا شك فيه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا ما قبض بسبب النكاح فكمهر.
وقال أيضا ما كتب فيه المهر لا يخرج منها بطلاقها.
وقال في القاعدة الخمسين بعد المائة حكى الأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله في المولى يتزوج العربية يفرق بينهما فإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها يردوه وإن كان أهدى هدية يردونها عليه.
قال القاضي في الجامع لأن في هذه الحال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد فإذا زال ملك الرجوع كالهبة بشرط الثواب انتهى.
وهذا في الفرقة القهرية لفقد الكفاءة ونحوها ظاهر.
وكذا الفرقة الاختيارية المسقطة للمهر.
فأما الفسخ المقرر للمهر أو لنصفه فتثبت معه الهدية.
وإن كانت العطية لغير المتعاقدين بسبب العقد كأجرة الدلال والخاطب ونحوهما ففي النظريات لابن عقيل إن فسخ البيع بإقالة ونحوها لم يقف على التراضي فلا ترد الأجرة وإن فسخ بخيار أو عيب ردت لأن البيع وقع مترددا بين اللزوم وعدمه.
296

وقياسه في النكاح أنه إن فسخ لفقد الكفاءة أو لعيبه ردت وإن فسخ لردة أو رضاع أو مخالعة لم ترد انتهى نقله صاحب القواعد.
تنبيهان.
أحدهما قوله والتفويض على ضربين تفويض البضع وهو أن يزوج الأب ابنته البكر.
مراده إذا كانت مجبرة وكذلك الثيب الصغيرة إذا قلنا يجبرها.
وأما إذا قلنا لا يجبرها فلابد من الإذن في تزويجها بغير مهر حتى يكون تفويض بضع.
الثاني ظاهر قوله ويجب مهر المثل بالعقد ولها المطالبة بفرضه.
أنها ليس لها المطالبة بالمهر قبل الفرض وهو أحد الوجهين لأنه لم يستقر وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال جماعة من الأصحاب لها المطالبة به منهم المصنف في المغني والشارح وابن رزين وغيرهم وهو ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى كما أن لها المطالبة بفرضه لأنه لم يستقر.
فائدة حيث فسدت التسمية كان لها المطالبة بفرض مهر المثل كما أن لها ذلك هنا.
قوله (وإن مات أحدهما قبل الإصابة ورثه صاحبه ولها مهر نسائها).
هذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وهو الصحيح.
297

قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه بن أبي موسى وغيره فما قرر المهر المسمى قرره هنا.
وقيل عنه لا مهر لها حكاها بن أبي موسى.
وقيل إنه ينتصف بالموت إلا أن يكون قد فرضه لها.
قال ابن عقيل لا وجه للتنصيف عندي.
قال الشيخ تقي الدين في القلب حزازة من هذه الرواية والمنصوص عليه في رواية الجماعة أن لها مهر المثل على حديث بروع بنت واشق نص عليه في رواية علي بن سعيد وصالح ومحمد بن الحكم والميموني وابن منصور وحمدان بن علي وحنبل.
قال ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله رواية تخالف السنة وإجماع الصحابة بل الأمة.
فإن القائل قائلان قائل بوجوب مهر المثل وقائل بسقوطه.
فعلمنا أن ناقل ذلك غالط عليه والغلط إما في النقل أو ممن دونه في السمع أو في الحفظ أو في الكتاب.
إذ من أصل الإمام أحمد الذي لا خلاف عنه فيه أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة ولا يجوز ترك الحديث الصحيح من غير معارض له من جنسه وكان رحمه الله شديد الإنكار على من يخالف ذلك فكيف يفعله هو مع إمامته من غير موافقة لأحد ومع أن هذا القول لاحظ له في الآية ولا له نظير هذا مما يعلم قطعا أنه باطل انتهى.
298

قوله (وإن طلقها قبل الدخول بها لم يكن لها عليه إلا المتعة).
إذا طلق المفوضة قبل الدخول فلا يخلو إما أن يكون قد فرض لها صداقا أولا.
فإن كان ما فرض لها صداقا وهو مراد المصنف فلا يخلو إما أن يكون تفويض بضع أو تفويض مهر.
فإن كان تفويض بضع فليس لها إلا المتعة على الصحيح من المذهب.
ونص عليه في رواية جماعة وعليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه.
قال في المحرر وهو أصح عندي وصححه في النظم وتجريد العناية.
قال في البلغة هذا أصح الروايتين.
قال في الرعايتين وهو أظهر.
واختاره الشيرازي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والكافي وقال هذا المذهب والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وعنه يجب لها نصف مهر المثل قدمه في الخلاصة والرعايتين ونهاية بن رزين وإدراك الغاية وجزم به في المنور.
قال الزركشي هذه أضعفهما.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع.
وإن كان تفويض مهر فقدم المصنف هنا أنه ليس لها إلا المتعة وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما قدمه في الكافي وقال هذا المذهب.
وصححه في المحرر والنظم وتجريد العناية وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في المحرر والفروع.
قال في الرعايتين وهو أظهر.
299

وعنه يجب لها نصف مهر المثل وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز وابن رزين في شرحه والمنور.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين ونهاية بن رزين وإدراك الغاية وأطلقهما الزركشي والفروع.
وإن كان فرض لها صداقا صحيحا فالصحيح من المذهب وجوب نصف الصداق المسمى وعليه الأصحاب.
وعنه يسقط وتجب المتعة.
فائدة لو سمى لها صداقا فاسدا وطلقها قبل الدخول لم يجب عليه سوى المتعة على إحدى الروايتين نصره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
قال الزركشي اختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
واختاره المجد وصاحب الرعايتين.
وعنه يجب عليه نصف مهر المثل وهو المذهب.
جزم به الخرقي وابن رزين في شرحه.
واختاره الشيرازي والمصنف والشارح.
وأطلقهما في الحاوي الصغير والفروع والزركشي.
فما نصف المسمى نصفه هنا إلا في هاتين المسألتين على الخلاف فيهما.
قوله (وإن طلقها قبل الدخول لم يكن لها عليه إلا المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره فأعلاها خادم وأدناها كسوة تجزيها في صلاتها).
اعلم أن الصحيح من المذهب اعتبار وجوب المتعة بحال الزوج نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
300

وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وقيل الاعتبار بحال المرأة.
وقيل الاعتبار بحالهما.
وعنه يرجع في تقديرها إلى الحاكم.
وعنه يجب لها نصف مهر المثل ذكرها القاضي في المجرد.
قال المصنف وهذه الرواية تضعف لوجهين.
أحدهما مخالفة نص الكتاب لأن نص الكتاب يقتضي تقديرها بحال الزوج وتقديرها بنصف المهر يوجب اعتبارها بحال المرأة.
الثاني أنا لو قدرناها بنصف مهر المثل لكانت نصف المهر إذ ليس الهر معينا في شيء انتهى.
قال الزركشي وهذه الرواية أخذها القاضي في روايتيه من رواية الميموني وسأله كم المتاع فقال على قدر الجدة
وعلى من قال تمتع بنصف صداق المثل لأنه لو كان فرض لها صداقا كان لها نصفه.
قال القاضي وظاهر هذا أنها غير مقدرة وأنها معتبرة بيساره وإعساره.
وقد حكى قول غيره أنه قدرها بنصف مهر المثل ولم ينكره.
فظاهر هذا أنه مذهب له انتهى.
قال الزركشي وهذا في غاية التهافت لأنه إنما حكى مذهب غيره بعد أن حكى مذهبه.
قال وإنما تكون هذه الرواية مذهبا معتمدا له إذا لم يكن الإمام أحمد قد ذكر مذهبه معها مع أنه قد ذكره هنا معها.
قال ولا تليق هذه الرواية بمذهب الإمام أحمد رحمه الله لأنه حينئذ تنفى
301

فائدة اعتبار الموسع والمقتر ولا تبقى فائدة في إيجاب نصف مهر المثل أو المتعة إلا أن غايته أن ثم الواجب من النقدين وهنا الواجب متاع.
قوله (وإن دخل بها استقر مهر المثل فإن طلقها بعد ذلك فهل تجب المتعة على روايتين أصحهما لا تجب).
وكذا قال في الهداية والمستوعب وغيرهما وهو كما قالوا وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وصححوه.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والرواية الثانية تجب لها المتعة نقل حنبل لكل مطلقة متعة.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله في موضع من كلامه.
وقد تقدم لنا أن كلام المصنف فيما إذا لم يفرض لها صداقا الرواية لا تختص بذلك كما يدل عليه سياق كلامه بل هي مطلقة فيه وفي جميع المطلقات كما هو ظاهر الفروع وغيره.
وقال أبو بكر والعمل عندي عليه التواتر الروايات بخلافه.
قال الزركشي وإليه ميل أبي بكر لذلك.
فائدتان
إحداهما إذا دخل بها وكان قد سمى لها صداقا ثم طلقها فلا متعة لها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لها المتعة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله فيما خرجه في محبسه قال ابن عمر لكل مطلقة متاع إلا التي لم يدخل بها وقد فرض لها واختار هذه الشيخ تقي الدين رحمه الله في الاعتصام بالكتاب والسنة ورجحه بعضهم على التي قبلها.
302

قال في المحرر لا متعة إلا لهذه المفارقة قبل الفرض والدخول.
وعنه تجب لكل مطلقة.
وعنه تجب للكل إلا لمن دخل بها وسمى مهرها انتهى.
وتابعه في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عن هذه الرواية الثالثة صوابه إلا من سمى مهرها ولم يدخل بها.
قال وإنما هذا زيغ حصل من قلم صاحب المحرر انتهى.
قلت رأيت في كلام بعضهم أنه قال رأيت ما يدل على كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله بخط الشيخ تقي الدين الزريرانى رحمه الله.
الثانية في سقوطه المتعة بهبة مهر المثل قبل الفرقة وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما لا تسقط بها صححه الناظم وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
والثاني تسقط قدمه في المغني والشرح.
وجزم به بن رزين في شرحه.
وذكر المصنف الأول احتمالا.
قوله (ومهر المثل معتبر بمن يساويها من نساء عصباتها كأختها وعمتها وبنت أخيها وعمها).
هذا إحدى الروايتين اختاره المصنف والشارح وصححه في البلغة.
وعنه يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها.
وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز وغيره.
303

وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والكافي والزركشي.
فائدة يعتبر في ذلك الأقرب فالأقرب من النساء على كلا الروايتين قاله في الفروع وغيره.
قوله (وإن كان عادتهم التأجيل فرض مؤجلا في أحد الوجهين).
وهو المذهب صححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والفروع.
والوجه الثاني يفرض حالا كما لو اختلفت عادتهم.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والحاوي الصغير.
فائدة لو اختلفت مهورهن أخذ بالوسط الحال.
قوله (فأما النكاح الفاسد فإذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره فلا مهر فيه).
إذا افترقا في النكاح الفاسد قبل الدخول بغير طلاق ولا موت لم يكن لها مهر بلا نزاع.
وإن كان بطلاق فجزم المصنف هنا بأنه لا مهر لها وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه وصححه في الفروع وغيره.
وقيل لها نصف المهر وحكاه بن عقيل وجها.
وإن افترقا بموت فظاهر كلامه هنا أنه لا مهر لها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
304

قال في الفروع ويتوجه أنه على الخلاف في وجوب العدة به.
قوله (وإن دخل بها استقر المسمى).
هذا المذهب نص عليه.
قال في القواعد الفقهية وهي المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهي المذهب عند أبي بكر وابن أبي موسى.
واختارها القاضي وأكثر أصحابه في كتب الخلاف.
وجزم به في المنور وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يجب مهر المثل.
قال المصنف هنا وهي أصح وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره الشارح وجزم به في الوجيز.
فعلى المذهب يفرق بين النكاح والبيع بأن المبيع في البيع الفاسد إذا تلف يضمنه بالقيمة لا بالثمن على المنصوص وبأن النكاح مع فساده منعقد ويترتب عليه أكثر أحكام الصحيح من وقوع الطلاق ولزوم عدة الوفاة بعد الموت والاعتداد منه بعد المفارقة في الحياة ووجوب المهر فيه بالعقد وتقرره بالخلوة فلذلك لزم المهر المسمى فيه كالصحيح.
يوضحه أن ضمان المهر في النكاح الفاسد ضمان عقد كضمانه في الصحيح وضمان البيع الفاسد ضمان تلف بخلاف البيع الصحيح فإن ضمانه ضمان عقد.
قوله (ولا يستقر بالخلوة).
هذا اختيار المصنف والشارح وذكره في الانتصار والمذهب رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن رزين ويحتمل أن لا يجب لظاهر الخبر وهو قول الجمهور.
ومراده والله أعلم جمهور العلماء لا جمهور الأصحاب.
305

وقال أصحابنا يستقر وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
لكن هل يجب مهر المثل أو المسمى مبني على الذي قبله وجزم به في الوجيز وغيره وأطلقهما في الرعاية.
وقيل يجب لها شيء ولا يكمل المهر.
فائدة لا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ فإن أبى الزوج الطلاق فسخه الحاكم هذا المذهب قاله في القواعد الأصولية وغيره.
قال في الفروع وظاهره ولو زوجها قبل فسخه لم يصح مطلقا ومثله نظائره.
وقال ابن رزين لا يفتقر إلى فرقة لأنه منعقد كالنكاح الباطل انتهى.
وقال في الإرشاد لو زوجت نفسها بلا شهود ففي تزويجها قبل الفرقة روايتان وهما في الرعاية إذا زوجت بلا ولي أو بدون الشهود.
وفي تعليق بن المنى في انعقاد النكاح برجل وامرأتين أنه إذا عقد عليها عقدا فاسدا لا يجوز صحيح حتى يقضي بفسخ الأول ولو سلمنا فلأنه حرام والحرام في حكم العدم.
قوله (ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وظاهر كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا يجب لها مهر لأنه قال البضع إنما يتقوم على زوج أو شبهه فيملكه.
قوله (والمكرهة على الزنى).
يعني يجب لها مهر المثل وهو المذهب مطلقا وعليه جمهور الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
306

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يجب للبكر خاصة اختاره أبو بكر.
وعنه لا يجب مطلقا ذكرها واختارها الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هو خبيث.
فائدة لو أكرهها ووطئها في الدبر فلا مهر على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الكافي والمغني وشرح بن رزين وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والشرح وغيرهم.
وقيل حكمه حكم الوطء في القبل جزم به في المحرر وأطلقهما في الفروع وتجريد العناية.
تنبيهان.
أحدهما يدخل في عموم كلام المصنف الأجنبية وذوات محارمه وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره وقدمه في الفروع والمغني والشرح ونصراه.
وعنه لا مهر لذات محرمه كاللواط بالأمرد.
قال المصنف والشارح لأن تحريمهن تحريم أصل وفارق من حرمت تحريم مصاهرة فإن تحريمها طارئ.
قال وكذلك ينبغي أن يكون الحكم فيمن حرمت بالرضاع لأنه طارئ أيضا انتهيا.
وعنه أن من تحرم ابنتها لا مهر لها كالأم والبنت والأخت ومن تحل ابنتها كالعمة والخالة لها المهر.
قال بعضهم عن رواية من تحرم ابنتها بخلاف المصاهرة لأنه طارئ.
307

الثاني مفهوم كلام المصنف أنه لا مهر للمطاوعة وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقال في الانتصار يجب المهر للمطاوعة ويسقط.
ويستثنى من ذلك الأمة إذا وطئت مطاوعة فإن المهر لا يسقط بذلك على الصحيح من المذهب قطع به في المغني والشرح وغيرهما بل يأخذه السيد.
وقيل لا مهر لها وأطلقهما في الفروع فقال وفي أمة أذنت وجهان.
فائدتان
إحداهما إذا كان نكاحها باطلا بالإجماع ووطئ فيه فهي كمكرهة في وجوب المهر وعدمه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الكافي والرعاية وغيرهم.
وفي الترغيب رواية يلزم المسمى.
الثانية لو وطئ ميتة لزمه المهر.
قال في الفروع لزمه المهر في ظاهر كلامهم وهو متجه.
وقال القاضي في جواب مسألة ووطء الميتة محرم ولا مهر ولا حد فيه.
قوله (ولا يجب معه أرش البكارة).
يعني مع وجوب المهر للموطوأة بشبهة أو زنا هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يجب للمكرهة.
وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره القاضي في المجرد وقاله في المستوعب وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
308

فائدة يتعدد المهر بتعدد الزنى لا بتكرر الوطء بشبهة قاله في الترغيب وغيره.
وذكر أبو يعلى الصغير أنه يتعدد بتعدد الوطء في الشبهة لا في نكاح فاسد.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويتعدد المهر بتعدد الشبهة.
وفي المغني والشرح والنهاية وغيرهم في الكتابة يتعدد المهر في نكاح فاسد.
وقالوا إن استوفت المكاتبة في النكاح الفاسد المهر عن الوطء الأول فلها مهر ثان وثالث وإلا فلا.
وقال في عيون المسائل والمغني والشرح هنا لا يتعدد في نكاح فاسد.
وقاله القاضي في التعليق كدخولها على أن لا تستحق مهرا.
وفي التعليق أيضا بكل وطء في عقد فاسد مهر إن علم فساده وإلا مهر واحد.
وفي التعليق أيضا في المكرهة لا يتعدد لعدم التنقيص كنكاح وكاستواء موضحة.
وفي التعليق أيضا لو أقر بشبهة فلها المهر ولو سكتت.
قوله (وإذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فعليه أرش بكارتها).
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح وقال هو القياس لولا ما روي عن الصحابة.
وقال القاضي يجب مهر المثل وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في المحرر.
309

قوله (وإن فعل ذلك الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يكن عليه إلا نصف المسمى).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج وجوب المهر كاملا من الرواية التي قال بها القاضي قبل.
قال في الرعاية قلت ويحتمل وجوبه.
فائدة قال المصنف في فتاويه لو مات أو طلق من دخل بها فوضعت في يومها ثم تزوجت فيه وطلق قبل دخوله ثم تزوجت في يومها من دخل بها فقد استحقت في يوم واحد بالنكاح مهرين ونصفا فيعايى بها.
قلت ويتصور أن تستحق أكثر من ذلك بأن تطلق من الثالث قبل الدخول وكذا رابع وخامس.
تنبيهان.
أحدهما قوله وللمرأة منع نفسها حتى تقبض مهرها.
مراده المهر الحال وهذا بلا نزاع بين الأصحاب.
ونقله بن المنذر اتفاقا وعلله الأصحاب بأن المنفعة المعقود عليها تتلف بالاستيفاء فإذا تعذر استيفاء المهر عليها لم يمكنها استرجاع عوضها بخلاف المبيع.
الثاني هذا إذا كانت تصلح للاستمتاع.
فأما إن كانت لا تصلح لذلك فالصحيح من المذهب أن لها المطالبة به أيضا اختاره بن حامد وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ورجح المصنف في المغني خلافه.
وخرجه صاحب المستوعب مما حكى الآمدي أنه لا يجب البداءة بتسليم المهر بل بعدل كالثمن المعين.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الأشبه عندي أن الصغيرة تستحق المطالبة
310

لها بنصف الصداق لأن النصف يستحق بإزاء الحبس وهو حاصل بالعقد والنصف الآخر بإزاء الدخول فلا يستحق إلا بالتمكين.
فوائد.
الأولى لو كان المهر مؤجلا لم تملك منع نفسها لكن لو حل قبل الدخول فهل لها منع نفسها كقبل التسليم كما هي عبارة الكافي والمحرر والفروع وغيرهم فيهما فيه وجهان وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما ليس لها ذلك وهو الصحيح صححه في النظم وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك.
الثانية حيث قلنا لها منع نفسها فلها أن تسافر بغير إذنه قطع به الجمهور.
وقال في الروضة لها ذلك في أصح الروايتين والصحيح من المذهب أن لها النفقة.
وعلل الإمام أحمد رحمه الله وجوب النفقة بأن الحبس من قبله وجزم به في المغني والشرح والنظم والرعاية الكبرى.
وقدمه في الفروع وقال وظاهر كلام جماعة لا نفقة وهو متجه.
الثالثة لو قبضت المهر ثم سلمت نفسها فبان معيبا فلها منع نفسها حتى تقبض بدله بعده أو معه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع واختاره المصنف والشارح.
وقيل ليس لها ذلك وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (فإن تبرعت بتسليم نفسها ثم أرادت المنع).
311

يعني بعد الدخول أو الخلوة.
فهل لها ذلك على وجهين.
وأطلقهما في الرعايتين والشرح والحاوي الصغير والمذهب.
أحدهما ليس لها ذلك وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر انتهى.
منهم أبو عبد الله بن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك اختاره بن حامد.
فعلى المذهب لو امتنعت لم يكن لها نفقة.
ويأتي ذلك أيضا في كتاب النفقات في أثناء الفصل الثالث.
فائدتان
إحداهما لو أبى كل واحد من الزوجين التسليم أولا أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يؤمر الزوج بجعله تحت يد عدل وهي بتسليم نفسها فإذا فعلته أخذته من العدل.
وإن بادر أحدهما فسلم أجبر الآخر فإن بادر هو فسلم الصداق فله طلب التمكين فإن أبت بلا عذر فله استرجاعه.
الثانية لو كانت محبوسة أو لها عذر يمنع التسليم وجب تسليم الصداق على الصحيح من المذهب كمهر الصغيرة التي لا توطأ مثلها كما تقدم.
وقيل لا يجب.
قوله (وإن أعسر بالمهر قبل الدخول فلها الفسخ).
312

يعني إذا كان حالا وهذا المذهب.
قال في التصحيح في كتاب النفقات هذا المشهور في المذهب واختاره أبو بكر وجزم به في المحرر والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والوجيز وشرح بن منجا وغيرهم.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فلها الفسخ في أصح الوجهين.
ورجحه في المغني وقدمه في المحرر فيما إذا كان ذلك بعد الدخول لا قبله والشرح وغيرهما.
وقيل ليس لها ذلك.
اختاره المصنف وابن حامد قاله الشارح.
والذي نقله في المحرر عن بن حامد عدم ثبوت الفسخ بعد الدخول ومقتضاه أنه لا يخالفه في ثبوته لها قبل ذلك وأطلقهما في الفروع.
قوله (فإن أعسر بعده فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والنظم والفروع.
أحدهما لها الفسخ.
قال في الرعايتين والحاوي فلها الفسخ في أصح الوجهين وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني ليس لها الفسخ بعد الدخول.
نقل بن منصور إن تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره.
قال في التصحيح في كتاب النفقات المشهور في المذهب لا فسخ لها واختاره بن حامد والمصنف.
313

وقيل إن أعسر بعد الدخول انبنى على منع نفسها لقبض صداقها بعد الدخول كما تقدم.
إن قلنا لها منع نفسها هناك فلها الفسخ هنا وإلا فلا وهي طريقته في المغني وابن منجا في شرحه.
فائدتان
إحداهما لو رضيت بالمقام معه مع عسرته ثم أرادت بعد ذلك الفسخ لم يكن لها ذلك على الصحيح من المذهب.
وقيل لها ذلك.
فعلى المذهب لها منع نفسها.
الثانية لو تزوجته عالمة بعسرته لم يكن لها الفسخ على الصحيح من المذهب.
وقيل لها ذلك.
تنبيه محل هذه الأحكام إذا كانت الزوجة حرة.
فأما إن كانت أمة فالخيرة في المنع والفسخ إلى السيد على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية والفروع وغيرهما وجزم به في المحرر والنظم وغيرهما.
وقيل لها قال في الرعاية وهو أولى كولي الصغيرة والمجنونة.
قوله (ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به.
وقيل لا يحتاج إلى حكم حاكم كخيار المعتقة تحت عبد انتهى.
314

باب الوليمة.
فائدة قال الكمال الدميري في شرحه على المنهاج في النقوط المعتاد في الأفراح قال النجم البالسي إنه كالدين
لدافعه المطالبة به ولا أثر للعرف في ذلك فإنه مضطرب فكم يدفع النقوط ثم يستحق أن يطالب به انتهى.
قوله (وهي اسم لدعوة العرس خاصة).
هذا قول أهل اللغة قاله في المطلع.
وفيه أيضا أن الوليمة اسم لطعام العرس كالقاموس وزاد أو كل طعام صنع لدعوة أو غيرها.
فقولهم اسم لدعوة العرس على حذف مضاف لطعام دعوة وإلا فالدعوة نفس الدعاء إلى الطعام وقد تضم دالها كدال الدعاء.
قال ابن عبد البر قاله ثعلب وغيره.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في النظم.
وقال بعض أصحابنا الوليمة تقع على كل طعام لسرور حادث إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر.
وقيل تطلق على كل طعام لسرور حادث إطلاقا متساويا قاله القاضي في الجامع نقله عنه الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال في المستوعب وليمة الشيء كماله وجمعه وسميت دعوة العرس وليمة لاجتماع الزوجين.
فائدة الأطعمة التي يدعى إليها الناس عشرة.
الأول الوليمة وهي طعام العرس.
315

الثاني الحذاق وهو الطعام عند حذاق الصبي أي معرفته وتمييزه وإتقانه.
الثالث العذيرة والإعذار لطعام الختان.
الرابع الخرسة والخرس لطعام الولادة.
الخامس الوكيرة لدعوة البناء.
السادس النقيعة لقدوم الغائب.
السابع العقيقة وهي الذبح لأجل الولد على ما تقدم في أواخر باب الأضحية.
الثامن المأدبة وهو كل دعوة لسبب كانت أو غيره.
التاسع الوضيمة وهو طعام المأتم.
العاشر التحفة وهو طعام القادم.
وزاد بعضهم حادي عشر وهو الشندخية وهو طعام الإملاك على الزوجة.
وثاني عشر المشداخ وهو الطعام المأكول في ختمة القارئ.
وقد نظمها بعضهم ولم يستوعبها فقال.
وليمة عرس ثم خرس ولادة * وعق لسبع والختان لإعذار.
ومأدبة أطلق نقيعة غائب * وضيمة موت والوكيرة للدار.
وزيدت لإملاك المزوج شندخ * ومشداخ المأكول في ختمة القارئ.
فأخل بالحذاق والتحفة.
قوله (وهي مستحبة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ولو بشاة فأقل قاله في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
316

وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم يستحب أن لا تنقص عن شاة.
قال المصنف والشارح وغيرهما تستحب بشاة.
وقال ابن عقيل ذكر الإمام أحمد رحمه الله أنها تجب ولو بشاة للأمر.
وقال الزركشي قوله عليه الصلاة والسلام ولو بشاة الشاة هنا والله أعلم للتقليل أي ولو بشيء قليل كشاة.
فيستفاد من هذا أنه تجوز الوليمة بدون شاة.
ويستفاد من الحديث أن الأولى الزيادة على الشاة لأنه جعل ذلك قليلا انتهى.
فائدتان
إحداهما تستحب الوليمة بالعقد قاله بن الجوزي واقتصر عليه في الفروع وقدمه في تجريد العناية.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تستحب بالدخول.
قلت الأولى أن يقال وقت الاستحباب موسع من عقد النكاح إلى انتهاء أيام العرس لصحة الأخبار في هذا وكمال السرور بعد الدخول لكن قد جرت العادة فعل ذلك قبل الدخول بيسير.
الثانية قال ابن عقيل السنة أن يكثر للبكر.
قلت الاعتبار في هذا باليسار فإنه عليه أفضل الصلاة والسلام ما أو لم على أحد ما أولم على زينب وكانت ثيبا لكن قد جرت العادة بفعل ذلك في حق البكر أكثر من الثيب.
317

قوله (والإجابة إليها واجبة).
هذا المذهب مطلقا بشروطه وعليه جماهير الأصحاب ونصروه.
قال ابن عبد البر لا خلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في الإفصاح ويجب في الأشهر عنه.
وقيل الإجابة فرض كفاية.
وقيل مستحبة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وعنه إن دعاه من يثق به فالإجابة أفضل من عدمها.
وقدم في الترغيب لا يلزم القاضي حضور وليمة عرس ذكره عنه في الفروع في باب أدب القاضي وذكره في الرعاية هناك قولا.
قوله (إذا عينه الداعي المسلم).
مقيد بما إذا لم يحرم هجره فإن حرم هجره لم يجبه ولا كرامة.
ومقيد أيضا بما إذا لم يكن كسبه خبيثا فإن كان كسبه خبيثا لم يجبه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل بلى.
ومنع بن الجوزي في المنهاج من إجابة ظالم وفاسق ومبتدع ومفاخر بها أو فيها ومبتدع يتكلم ببدعته إلا لراد عليه.
وكذا إن كان فيها مضحك بفحش أو كذب كثير فيهن وإلا أبيح إذا كان قليلا.
وقيل يشترط أن لا يخص بها الأغنياء وأن لا يخاف المدعو الداعي ولا يرجوه وأن لا يكون في المحل من يكرهه المدعو أو يكره هو المدعو.
318

قال في الترغيب والبلغة إن علم حضور الأراذل ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب إجابته.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عن هذا القول لم أره لغيره من أصحابنا.
قال وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله الوجوب واشترط الحل وعدم المنكر.
فأما هذا الشرط فلا أصل له كما أن مخالطة هؤلاء في صفوف الصلاة لا تسقط الجماعة وفي الجنازة لا تسقط حق الحضور فكذلك ها هنا.
وهذه شبهة الحجاج بن أرطاة وهو نوع من التكبر فلا يلتفت إليه.
نعم إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم وإن كان مكروها فقد اشتملت على مكروه.
وأما إن كانوا فساقا لكن لا يأتون بمحرم ولا مكروه لهيبته في المجلس فيتوجه أن يحضر إذا لم يكونوا ممن يهجرون مثل المستترين.
أما إن كان في المجلس من يهجر ففيه نظر والأشبه جواز الإجابة لا وجوبها انتهى.
قوله (فإن دعا الجفلى كقوله أيها الناس تعالوا إلى الطعام أو دعاه فيما بعد اليوم الأول أو دعاه ذمي لم تجب الإجابة).
إذا دعا الجفلى لم تجب إجابته على المذهب وعليه الأصحاب ويحتمل ان يجب قاله بن رزين في شرحه.
فعلى المذهب يكره على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والرعايتين والوجيز وغيرهم.
قال المصنف والشارح وغيرهما لم تجب ولم تستحب.
وقيل تباح وأطلقهما في الفروع.
وأما إذا دعاه فيما بعد اليوم الأول وهو اليوم الثاني والثالث فلا تجب
319

الإجابة بلا نزاع لكن تستحب إجابته في اليوم الثاني وتكره في اليوم الثالث.
ونقل حنبل إن أحب أجاب في الثاني ولا يجيب في الثالث.
وأما إذا دعاه ذمي فالصحيح من المذهب لا يجب إجابته كما قطع به المصنف هنا وعليه الأصحاب.
وقال أبو داود قيل لأحمد تجيب دعوة الذمي قال نعم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قد يحمل كلامه على الوجوب.
فعلى المذهب تكره إجابته على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز.
وقيل تجوز من غير كراهة.
قال المصنف في المغني قال أصحابنا لا تجب إجابة الذمي ولكن تجوز.
وقال في الكافي وتجوز إجابته.
قلت ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله المتقدم عدم الكراهة وهو الصواب.
قال ابن رزين في شرحه لا بأس بإجابته.
وأطلقهما في الفروع وخرج الزركشي من رواية عدم جواز تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم عدم الجواز هنا.
قوله (وسائر الدعوات والإجابة إليها مستحبة).
هذا قول أبي حفص العكبري وغيره وقطع به في الكافي والمغني والشرح وشرح بن منجا وهو ظاهر كلام بن أبي موسى قاله في المستوعب.
والصحيح من المذهب أن بقية الدعوات مباحة وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي قاله القاضي وعليه عامة أصحابه.
320

وقطع به في الهداية والفصول وخصال بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والحاوي ونظم المفردات.
وقدمه في المستوعب والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
وعنه تكره دعوة الختان وهو قول في الرعاية ويحتمله كلام الخرقي.
وأما الإجابة إلى سائر الدعوات فالصحيح من المذهب استحبابها كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح بن منجا.
قال الزركشي وهو الظاهر.
وقدمه في الرعاية والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل تباح ونص عليه وهو قول القاضي وجماعة من أصحابه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الموجز والمحرر والنظم والحاوي الصغير والمنور.
وقدمه ناظم المفردات وهو منها.
قال في الفروع وهو ظاهر.
وقال أيضا وظاهر رواية بن منصور ومثنى تجب الإجابة.
قال الزركشي لو قيل بالوجوب لكان متجها.
وكره الشيخ عبد القادر في الغنية حضور غير وليمة العرس إذا كانت كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم يمنعها المحتاج ويحضرها الغني.
فائدة قال القاضي في آخر المجرد وابن عقيل والشيخ عبد القادر يكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى إجابة الطعام والتسامح لأن فيه بذلة ودناءة وشرها لا سيما الحاكم.
قوله (وإن حضر وهو صائم صوما واجبا لم يفطر وإن كان نفلا أو كان مفطرا استحب الأكل).
321

الصحيح من المذهب استحباب الأكل لمن صومه نفل أو هو مفطر قاله القاضي وصححه في النظم وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
وقيل يستحب الأكل للصائم إن كان يجبر قلب داعيه وإلا كان إتمام الصوم أولى وجزم به في الرعاية الصغرى والوجيز وهو ظاهر تعليل المصنف والشارح.
وقيل نصه يدعو وينصرف.
وقال في الواضح ظاهر الحديث وجوب الأكل للمفطر.
وفي مناظرات بن عقيل لو غمس إصبعه في ماء ومصها حصل به إرضاء الشارع وإزالة المأثم بإجماعنا ومثله لا يعد إجابة عرفا بل استخفافا بالداعي.
فائدة في جواز الأكل من مال من في ماله حرام أقوال.
أحدها التحريم مطلقا قطع به ولد الشيرازي في المنتخب قبيل باب الصيد.
قال الأزجي في نهايته هذا قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة وهو ظاهر تعليل القاضي وقدمه أبو الخطاب في الانتصار.
قال ابن عقيل في فنونه في مسألة اشتباه الأواني وقد قال الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني أن يأكل منه.
وسأله المروزي عن الذي يعامل بالربا يأكل عنده قال لا.
قال في الرعاية الكبرى في آدابها ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة.
والقول الثاني إن زاد الحرام على الثلث حرم الأكل وإلا فلا قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.
والقول الثالث إن كان الحرام أكثر حرم الأكل وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل قطع به بن الجوزي في المنهاج.
نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد رحمه الله فيمن ورث مالا فيه حرام
322

إن عرف شيئا بعينه رده وإن كان الغالب على ماله الفساد تنزه عنه أو نحو هذا.
ونقل حرب في الرجل يخلف مالا إن كان غالبه نهبا أو ربا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون يسيرا لا يعرف.
ونقل عنه أيضا هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع.
قال إن كان غالبه الحرام فلا.
والقول الرابع عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو كثر لكن يكره وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته جزم به في المغني والشرح وقاله بن عقيل في فصوله وغيره وقدمه الأزجي وغيره.
قلت وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وأطلقهن في الفروع في باب صدقة التطوع والآداب الكبرى والقواعد الأصولية.
قال في الفروع وينبني على هذا الخلاف حكم معاملته وقبول صدقته وهبته وإجابة دعوته ونحو ذلك.
وإن لم يعلم أن في المال حراما فالأصل الإباحة ولا تحريم بالاحتمال وإن كان تركه أولى للشك.
وإن قوى سبب التحريم فظنه يتوجه فيه كآنية أهل الكتاب وطعامهم انتهى.
قلت الصواب الترك وأن ذلك ينبني على ما إذا تعارض الأصل والظاهر وله نظائر كثيرة.
323

فوائد جمة في آداب الأكل والشرب وما يتعلق بهما.
كره الإمام أحمد رحمه الله أن يتعمد القوم حين وضع الطعام أن يفجأهم وإن فجأهم بلا تعمد أكل نص عليه.
وأطلق في المستوعب وغيره الكراهة إلا من عادته السماحة.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الخبز الكبار وقال ليس فيه بركة.
وكره الإمام أحمد في رواية مهنا وضعه تحت القصعة لاستعماله له.
وقال الآمدي يحرم عليه ذلك وأنه نص الإمام أحمد وكرهه غيره وكرهه الأصحاب في الأولتين.
وجزم به في المغني في الثانية.
ذكر ذلك كله في الفروع في باب الأطعمة.
ويحرم عليه أخذ شيء من الطعام من غير إذن ربه فإن علم بقرينة رضا مالكه فقال في الترغيب يكره.
وقال في الفروع يتوجه أنه يباح وأنه يكره مع ظنه رضاه.
وقال في الرعاية الكبرى له أخذ ما علم رضي ربه به وإطعام الحاضرين معه وإلا فلا.
ويأتي هل له أن يلقم غيره وما يشابهه.
ويأتي أيضا في كلام المصنف تحريم الأكل من غير إذن ولا قرينة وأن الدعاء إلى الوليمة إذن في الأكل.
ويغسل يديه قبل الطعام وبعده على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يكره قبله اختاره القاضي قاله في الفروع قال وأطلق جماعة رواية الكراهة.
324

قلت قال في المستوعب وغيره وعنه يكره اختاره القاضي.
وقال ابن الجوزي في المذهب يستحب غسل يديه بعد الطعام إذا كان له غمر انتهى.
ولا يكره غسله في الإناء الذي أكل فيه نص عليه وعليه الأصحاب.
ويكره الغسل بطعام ولا بأس بنخالة نص عليه.
قال بعضهم يكره بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه.
وقال في الآداب ويتوجه تحريم الغسل بمطعوم كما هو ظاهر تعليل الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال المصنف والشارح لما أمر الشارع عليه أفضل الصلاة والسلام المرأة أن تجعل مع الماء ملحا ثم تغسل به الدم عن حقيبته صلى الله عليه وسلم والملح طعام ففي معناه ما يشبهه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام أبي محمد يقتضي جواز غسلها بالمطعوم وهو خلاف المشهور.
وجزم الناظم بجواز غسل يديه بالملح وهو قول في الرعاية.
وقال إسحاق تعشيت مع أبي عبد الله مرة فجعل يأكل وربما مسح يديه عند كل لقمة بالمنديل.
ويتمضمض من شرب اللبن ويلعق قبل الغسل أو المسح أصابعه أو يلعقها.
ويعرض رب الطعام الماء لغسلهما ويقدمه بقرب طعامه ولا يعرض الطعام.
ذكره في التبصرة وغيرها واقتصر عليه في الفروع.
ويسن أن يصغر اللقمة ويجيد المضغ ويطيل البلع.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلا أن يكون هناك ما هو أهم من الإطالة.
وذكر بعض الأصحاب استحباب تصغير الكسر انتهى.
ولا يأكل لقمة حتى يبلع ما قبلها.
325

وقال ابن أبي موسى وابن الجوزي ولا يمد يده إلى أخرى حتى يبتلع الأولى وكذا قال في الترغيب وغيره.
وينوي بأكله وشربه التقوى على الطاعة.
ويبدأ بهما الأكبر والأعلم جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في الآداب الكبرى.
وقال الناظم في آدابه.
ويكره سبق القوم للأكل نهمة * ولكن رب البيت إن شاء يبتدي.
وإذا أكل معه ضرير أعلمه بما بين يديه.
وتستحب التسمية عليهما والأكل باليمين.
ويكره ترك التسمية والأكل بشماله إلا من ضرورة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وذكره النووي في الشرب إجماعا.
وقيل يجبان اختاره بن أبي موسى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ينبغي أن نقول بوجوب الاستنجاء باليسرى ومس الفرج بها لأن النهى في كليهما.
وقال ابن البنا قال بعض أصحابنا في الأكل أربع فرائض أكل الحلال والرضا بما قسم الله والتسمية على الطعام والشكر لله عز وجل على ذلك.
وإن نسي التسمية في أوله قال إذا ذكر بسم الله أوله وآخره.
وقال في الفروع قال الأصحاب يقول بسم الله.
وفي الخبر فليقل بسم الله أوله وآخره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو زاد الرحمن الرحيم عند الأكل لكان حسنا فإنه أكمل بخلاف الذبح فإنه قد قيل لا يناسب ذلك انتهى
326

ويسمى المميز ويسمى عمن لا عقل له ولا تمييز غيره قاله بعضهم إن شرع الحمد عنه.
وينبغي للمسمى أن يجهر بها قاله في الآداب لينبه غيره عليها.
ويحمد الله إذا فرغ ويقول ما ورد.
وقيل يجب الحمد وقيل يحمد الشارب كل مرة.
وقال السامري يسمى الشارب عند كل ابتداء ويحمد عند كل قطع.
قال في الآداب وقد يقال مثله في أكل كل لقمة وهو ظاهر ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله.
نقل بن هانئ أنه جعل عند كل لقمة يسمى ويحمد.
وقال أكل وحمد خير من أكل وصمت.
ويسن مسح الصحفة وأكل ما تناثر والأكل عند حضور رب الطعام وإذنه ويأكل بثلاث أصابع ويكره بإصبع لأنه مقت وبإصبعين لأنه كبر وبأربع وخمس لأنه شره.
قال في الآداب ولعل المراد ما يتناول عادة وعرفا بإصبع أو إصبعين فإن العرف يقتضيه.
ويسن أن يأكل مما يليه مطلقا على الصحيح من المذهب.
قال جماعة من الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل وابن حمدان في الرعاية وغيرهم إذا كان الطعام لونا أو نوعا واحدا.
وقال الآمدي لا بأس بأكله من غير ما يليه إذا كان وحده قاله في الفروع.
وقال في الآداب نقل الآمدي عن بن حامد أنه قال إذا كان مع جماعة أكل مما يليه وإن كان وحده فلا بأس أن تجول يده انتهى.
قلت وظاهر كلامهم أن الفاكهة كغيرها.
327

وكلام القاضي ومن تابعه محتمل الفرق.
ويؤيده حديث عكراش بن ذؤيب رضي الله عنه لكن فيه مقال انتهى.
ويكره الأكل من أعلى القصعة وأوسطها.
قال ابن عقيل وكذلك الكيل.
وقال ابن حامد يسن أن يخلع نعليه.
ويكره نفخ الطعام على الصحيح من المذهب.
زاد في الرعاية والآداب وغيرهما والشراب.
وقال في المستوعب النفخ في الطعام والشراب والكتاب منهى عنه.
وقال الآمدي لا يكره النفخ في الطعام إذا كان حارا.
قلت وهو الصواب إن كان ثم حاجة إلى الأكل حينئذ.
ويكره أكل الطعام الحار.
قلت عند عدم الحاجة.
ويكره فعل ما يستقذره من غيره.
وكذا يكره الكلام بما يستقذر أو بما يضحكهم أو يحزنهم قاله الشيخ عبد القادر في الغنية.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الأكل متكئا.
قال الشيخ عبد القادر في الغنية وعلى الطريق أيضا.
ويكره أيضا الأكل مضطجعا ومنبطحا قاله في المستوعب وغيره.
328

ويسن أن يجلس للأكل على رجله اليسرى وينصب اليمنى أو يتربع قاله في الرعاية الكبرى وغيره.
وذكر بن البناء أن من آداب الأكل أن يجلس مفترشا وإن تربع فلا بأس انتهى.
وذكر في المستوعب من آداب الأكل أن يأكل مطمئنا كذا قال.
ويكره عيب الطعام على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يحرم.
ويكره قرانه في التمر مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه الناظم في آدابه وابن حمدان في آداب رعايتيه وابن مفلح في آدابه.
وقيل يكره مع شريك لم يأذن.
قال في الرعاية لا وحده ولا مع أهله ولا من أطعمهم ذلك.
وأطلقهما بن مفلح في الفروع.
وقال أبو الفرج الشيرازي في كتابه أصول الفقه لا يكره القران.
وقال ابن عقيل في الواضح الأولى تركه.
قال صاحب الترغيب والشيخ تقي الدين رحمه الله ومثله ما العادة جارية بتناوله وله أفراد.
وكذا قال الناظم في آدابه وهو الصواب.
وله قطع اللحم بالسكين والنهى عنه لا يصح قاله الإمام أحمد رحمه الله.
والسنة أن يكون البطن أثلاثا ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للنفس.
ويجوز أكله كثيرا بحيث لا يؤذيه قاله في الترغيب.
قال في الفروع وهو مراد من أطلق.
وقال في المستوعب وغيره ولو أكل كثيرا لم يكن به باس.
وذكر الناظم أنه لا بأس بالشبع وأنه يكره الإسراف.
329

وقال في الغنية يكره الأكل كثيرا مع خوف تخمة.
وكره الشيخ تقي الدين أكله حتى يتخم وحرمه أيضا.
قلت وهو الصواب.
وحرم أيضا الإسراف وهو مجاوزة الحد.
ويأتي في الأطعمة كراهة إدمان أكل اللحم.
ولا يقلل من الأكل بحيث يضره ذلك.
وليس من السنة ترك أكل الطيبات.
ولا يكره الشرب قائما على الصحيح من المذهب.
ونقله الجماعة وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يكره وجزم به في الإرشاد واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال صاحب الفروع وظاهر كلامهم لا يكره أكله قائما ويتوجه أنه كالشرب وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قلت إن قلنا إن الكراهة في الشرب قائما لما يحصل له من الضرر ولم يحصل مثل ذلك في الأكل امتنع الإلحاق.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الشرب من فم السقاء واختناث الأسقية وهو قلبها.
ويكره أيضا الشرب من ثلمة الإناء.
وقال في المستوعب ولا يشرب محاذيا العروة ويشرب مما يليها.
وظاهر كلام الأصحاب أنهما سواء وحمله في الآداب على أن العروة متصلة برأس الإناء.
وإذا شرب ناول الإناء الأيمن.
وقال في الترغيب وكذا غسل يده.
330

وقال ابن أبي المجد وكذا في رش ماء الورد.
وقال في الفروع وما جرت العادة به كإطعام سائل وسنور وتلقيم وتقديم يحتمل كلامه وجهين قال وجوازه أظهر.
وقال في آدابه الأولى جوازه.
وقال في الرعاية الكبرى ولا يلقم جليسه ولا يفسح له إلا بأذن رب الطعام.
وقال الشيخ عبد القادر يكره أن يلقم من حضر معه لأنه يأكل ويتلف بأكله على ملك صاحبه على وجه الإباحة.
وقال بعض الأصحاب من الآداب أن لا يلقم أحدا يأكل معه إلا بإذن مالك الطعام.
قال في الآداب وهذا يدل على جواز ذلك عملا بالعادة والعرف في ذلك لكن الأدب والأولى الكف عن ذلك لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صريح.
وفي معنى ذلك تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر لكن لا ينبغي لفاعل ذلك أن يسقط حق جليسه من ذلك.
والقرينة تقوم مقام الإذن في ذلك.
وتقدم كلامه في الفروع.
وقال في الفنون كنت أقول لا يجوز للقوم أن يقدم بعضهم لبعض ولا لسنور حتى وجدت في صحيح البخاري حديث أنس في الدباء انتهى.
ويسن أن يغض طرفه عن جليسه.
قال الشيخ عبد القادر من الآداب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين انتهى.
331

ويسن أن يؤثر على نفسه.
قال في الرعاية الكبرى والآداب ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة ومع الفقراء بالإيثار ومع الإخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعلم.
وقال الإمام أحمد يأكل بالسرور مع الإخوان وبالإيثار مع الفقراء وبالمروءة مع أبناء الدنيا انتهى.
ويسن أن يخلل أسنانه إن علق بها شيء.
وقال في المستوعب روى عن بن عمر ترك الخلال يوهن الأسنان.
وذكره بعضهم مرفوعا.
قال الناظم ويلقى ما أخرجه الخلال ولا يبتلعه للخبر.
ويسن الشرب ثلاثا ويتنفس دون الإناء ثلاثا فإن تنفس فيه كره.
ولا يشرب في أثناء الطعام فإنه مضر ما لم يكن عادة.
ويسن أن يجلس غلامه معه على الطعام وإن لم يجلسه أطعمه.
ويسن لمن أكل مع الجماعة أن لا يرفع يده قبلهم ما لم توجد قرينة.
ويكره مدح طعامه وتقويمه على الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يحرم عليه ذلك.
وقال الآمدي السنة أن يأكل بيده ولا يأكل بملعقة ولا غيرها ومن أكل بملعقة أو غيرها أكل بالمستحب انتهى.
وقال الشيخ عبد القادر ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله زاد الملح.
ويكره إخراج شيء من فيه ورده في القصعة.
ولا يمسح يده بالخبز ولا يستبذله ولا يخلط طعاما بطعام قاله الشيخ عبد القادر.
332

ويستحب لصاحب الطعام أن يباسط الإخوان بالحديث الطيب والحكايات التي تليق بالحالة إذا كانوا منقبضين.
وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يباسط من يأكل معه.
وذكر بن الجوزي أن من آداب الأكل أن لا يسكتوا على الطعام بل يتكلمون بالمعروف ويتكلمون بحكايات الصالحين في الأطعمة انتهى.
ولا يتصنع بالانقباض وإذا أخرج من فيه شيئا ليرمي به صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره.
قال ويستحب تقديم الطعام إليهم ويقدم ما حضر من غير تكلف ولا يستأذنهم في التقديم انتهى.
قال في الآداب كذا قال.
وقال ابن الجوزي أيضا ولا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا دعي إلى أكل دخل إلى بيته فأكل ما يكسر نهمته قبل ذهابه.
وقال ابن الجوزي ومن آداب الأكل أن لا يجمع بين النوى والتمر في طبق واحد ولا يجمعه في كفه بل يضعه من فيه على ظهر كفه.
وكذا كل ما فيه عجم وثقل وهو معنى كلام الآمدي.
وقال أبو بكر بن حماد رأيت الأمام أحمد رحمه الله يأكل التمر ويأخذ النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى.
ورأيته يكره أن يجعل النوى مع التمر في شيء واحد.
ولرب الطعام أن يخص بعض الضيفان بشيء طيب إذا لم يتأذ غيره.
ويستحب للضيف أن يفضل شيئا لا سيما إن كان ممن يتبرك بفضلته أو كان ثم حاجة.
333

وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والشيخ تقي الدين أن الخبز لا يقبل ولا بأس بالمناهدة.
نقل أبو داود لا بأس أن يتناهد في الطعام ويتصدق منه لم يزل الناس يفعلون هذا.
قال في الفروع ويتوجه رواية لا يتصدق بلا إذن ونحوه انتهى ومعنى النهد أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة ويدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه ويأكلون جميعا.
وإن أكل بعضهم أكثر من بعض فلا بأس.
قوله (فإن دعاه اثنان أجاب أسبقهما).
وهذا بلا خلاف أعلمه لكن هل السبق بالقول وهو الصواب أو بقرب الباب فيه وجهان.
قال في الفروع وحكى هل السبق بالقول أو بالباب فيه وجهان انتهى.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أن السبق بالقول وهو كالصريح في كلام المصنف وغيره خصوصا المغني والشرح.
فإن استويا في السبق فقطع المصنف هنا بتقديم الأدين ثم الأقرب جوارا وقاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي.
وقال في الخلاصة والكافي ونهاية بن رزين فإن استويا أجاب أقربهما بابا.
زاد في الخلاصة ويقدم إجابة الفقير منهما.
وزاد في الكافي فإن استويا أجاب أقربهما رحما فإن استويا أجاب أدينهما فإن استويا أقرع بينهما.
وكذا قال في المغني والشرح.
334

وقال في المحرر ومن دعاه اثنان قدم أسبقهما ثم إن أتيا معا قدم أدينهما ثم أقربهما رحما ثم جوارا ثم بالقرعة.
وجزم به في النظم والوجيز والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقال في تجريد العناية ويقدم أسبق ثم أدين ثم أقرب جوارا ثم رحما وقيل عكسه ثم قارع.
وقال في الفصول يقدم السابق فإن لم يسبق أحدهما الآخر فقال أصحابنا ينظر أقربهما دارا فيقدم في الإجابة.
وقيل الأدين بعد الأقرب جوارا.
وقال في البلغة فإن جاءا معا أجاب أقربهما جوارا فإن استويا قدم أدينهما.
قوله (وإن علم أن في الدعوة منكرا كالزمر والخمر وأمكنه الإنكار حضر وأنكر وإلا لم يحضر بلا نزاع وإن حضر وشاهد المنكر أزاله وجلس فإن لم يقدر انصرف بلا خلاف).
قوله (وإن علم به ولم يره ولم يسمعه فله الجلوس).
ظاهره الخيرة بين الجلوس وعدمه وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا بأس به.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال الناظم إن شاء يجلس ولكن عنهم البعد أجود.
وقال الإمام أحمد رحمه الله لا ينصرف.
335

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
قوله (وإن شاهد ستورا معلقة فيها صور الحيوان لم يجلس إلا أن تزال).
هكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع وفي تحريم لبثه في منزل فيه صورة حيوان على وجه محرم وجهان والمذهب لا يحرم.
وهو ظاهر ما قطع به في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وتقدم في ستر العورة هل يحرم ذلك أم لا.
فائدة إذا علم به قبل الدخول فهل يحرم الدخول أم لا فيه الوجهان المتقدمان وأطلقهما في الفروع.
وجزم في المغني والشرح أنه لا يحرم الدخول وهو المذهب.
قوله (وإن كانت مبسوطة أو على وسادة فلا بأس بها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الإرشاد الصور والتماثيل مكروهة عند الإمام أحمد رحمه الله إلا في الأسرة والجدر.
وتقدم ذلك أيضا في باب ستر العورة.
فائدة يحرم تعليق ما فيه صورة حيوان وستر الجدر به وتصويره.
وقيل لا يحرم وذكره بن عقيل والشيخ تقي الدين رحمه الله رواية كافتراشه وجعله مخدا.
وتقدم بعض ذلك في ستر العورة.
336

قوله (وإن سترت الحيطان بستور لا صور فيها أو فيها صور غير الحيوان فهل تباح على روايتين).
مراده إذا كانت غير حرير.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
إحداهما يكره وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وتصحيح المحرر واختاره المصنف.
وجزم به في المغني والشرح في موضع والوجيز وشرح بن رزين.
وقدمه في البلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية يحرم.
وقال في الخلاصة وإذا حضر فرأى ستورا معلقة لا صور عليها فهل يجلس فيه روايتان أصلهما هل هو حرام أو مكروه.
تنبيهان.
أحدهما محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فأما إن دعت الحاجة إليه من حر أو برد فلا بأس به.
ذكره المصنف والشارح وغيرهما وهو واضح.
الثاني ظاهر قوله فهل يباح أن الخلاف في الإباحة وعدمها وليس الأمر كذلك وإنما الخلاف في الكراهة والتحريم فمراده بالإباحة الجواز الذي هو ضد التحريم.
فعلى القول بالتحريم يكون وجود ذلك عذرا في ترك الإجابة.
وعلى القول بالكراهة يكون أيضا عذرا في تركها على الصحيح من المذهب.
337

جزم به في المغني والشرح وقدمه في الرعاية.
وقيل لا يكون عذرا وهو ظاهر كلامه في الخلاصة المتقدم.
قلت وهو الصواب.
والواجب لا يترك لذلك وأطلقهما في الفروع.
ونقل بن هانئ وغيره كل ما كان فيه شيء من زي الأعاجم وشبهه فلا يدخل.
ونقل بن منصور لا بأس أن لا يدخل قال لا كريحان منضد.
وذكر بن عقيل أن النهي عن التشبه بالعجم للتحريم.
ونقل جعفر لا يشهد عرسا فيه طبل أو مخنث أو غناء أو تستر الحيطان ويخرج لصورة على الجدار.
ونقل الأثرم والفضل لا لصورة على ستر لم يستر به الجدر.
قوله (ولا يباح الأكل بغير إذن أو ما يقوم مقامها بلا نزاع).
فيحرم أكله بلا إذن صريح أو قرينة ولو من بيت قريبه أو صديقه ولم يحرزه عنه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
ونقله بن القاسم وابن النضر وجزم به القاضي في الجامع.
وظاهر كلام بن الجوزي وغيره يجوز أكله من بيت قريبه وصديقه إذا لم يحرزه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفروع وهو أظهر وقدمه في آدابه وقال هذا هو المتوجه.
ويحمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على الشك في رضاه أو على الورع انتهى.
وجزم القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول في آخر الغصب فيمن يكتب من محبرة غيره يجوز في حق من ينبسط إليه ويأذن له عرفا.
338

قوله (والدعاء إلى الوليمة إذن فيه).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وكذا تقديم الطعام إليه بطريق أولى.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية لا يحتاج بعد تقديم الطعام إذنا إذا جرت العادة في ذلك البلد بالأكل بذلك فيكون العرف إذنا.
وقد تقدم أن المسنون الأكل عند حضور رب الطعام وإذنه.
وتقدم جملة صالحة في آداب الأكل والشرب.
فائدتان
إحداهما قال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب أن الدعاء ليس إذنا في الدخول.
وقال المصنف والشارح هو إذن فيه.
وقدمه في الآداب ونسبه إلى المصنف وغيره.
قلت إن دلت قرينة عليه كان إذنا وإلا فلا.
الثانية قال المجد مذهبنا لا يملك الطعام الذي قدم إليه بل يهلك بالأكل على ملك صاحبه.
قال في القاعدة السادسة والسبعين أكل الضيف إباحة محضة لا يحصل الملك به بحال على المشهور عندنا انتهى.
قال المصنف في المغني في مسألة غير المأذون له هل له الصدقة من قوته الضيف لا يملك الصدقة بما أذن له في أكله.
وقال إن حلف لا يهبه فأضافه لم يحنث لأنه لم يملكه شيئا وإنما أباحه الأكل ولهذا لم يملك التصرف فيه بغير إذنه انتهى.
قلت فيحرم عليه تصرفه فيه بدونه.
339

قال الشيخ عبد القادر والشيخ تقي الدين أيضا يأكل الضيف على ملك صاحب الطعام على وجه الإباحة وليس ذلك بتمليك انتهى.
قال في الآداب مقتضى تعليله في المغني التحريم.
قلت والأمر كذلك.
قال في الانتصار وغيره لو قدم لضيفانه طعاما لم يجز لهم قسمته لأنه إباحة نقله عنهم في الفروع في آخر الأطعمة.
وقال في القواعد وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية بإجزاء الطعام في الكفارات وتنزل على أحد قولين.
وهما أن الضيف يملك ما قدم إليه وإن كان ملكا خاصا بالنسبة إلى الأكل.
وإما أن الكفارة لا يشترط فيها تمليك انتهى.
وقال في الآداب ووجهت رواية الجواز في مسألة صدقة غير المأذون له بأنه مما جرت العادة بالمسامحة فيه والإذن عرفا فجاز كصدقة المرأة من بيت زوجها.
قال وهذا التعليل جار في مسألتي الضيف انتهى.
وللشافعية فيها أربعة أقوال يملكه بالأخذ أو بحصوله في الفم أو بالبلع أو لا يملكه بحال كمذهبنا.
قوله (والنثار والتقاطه مكروهان).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وأبو الخطاب والشريف في خلافيهما والشيرازي ونصره المصنف والشارح.
قال الناظم هذا أولى.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب الإيضاح والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور والمنتخب وغيرهم.
340

وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه إباحتهما اختاره أبو بكر كالمضحى يقول من شاء اقتطع.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والبلغة.
وقيل يكره في العرس دون غيره.
وعنه لا يعجبني هذا نهبة لا يأكله ولا يؤكله لغيره.
وعنه أنه يحرم كقول الإمام والأمير في الغزو وفي الغنيمة من أخذ شيئا فهو له ونحوه.
قوله (ومن حصل في حجره شيء منه فهو له).
وكذا من أخذ شيئا منه فهو له وهذا المذهب فيهما مطلقا جزم به في الخلاصة والكافي والمغني والبلغة والوجيز وغيرهم وصححه في النظم وقدمه في الشرح والفروع.
وقيل لا يملكه إلا بالقصد.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة يجوز للمسافرين خلط أزوادهم ليأكلوا جميعا وهو النهد على ما تقدم.
قوله (ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف).
إعلان النكاح مستحب بلا نزاع.
وكذا يستحب الضرب عليه بالدف نص عليه وعليه الأصحاب.
واستحب الإمام أحمد رحمه الله أيضا الصوت في العرس.
ونقل حنبل لا بأس بالصوت والدف فيه.
قال في الرعاية في باب بقية من تصح شهادته ويباح الدف في العرس انتهى
341

تنبيه ظاهر قوله والضرب عليه بالدف أنه سواء كان الضارب رجلا أو امرأة.
قال في الفروع وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب التسوية.
قيل له في رواية المروذي ما ترى الناس اليوم تحرك الدف في إملاك أو بناء بلا غناء فلم يكره ذلك.
وقيل له في رواية جعفر يكون فيه جرس قال لا.
وقال المصنف ضرب الدف مخصوص بالنساء.
قال في الرعاية ويكره للرجال مطلقا.
فائدتان
إحداهما ضرب الدف في نحو العرس كالختان وقدوم الغائب ونحوهما كالعرس نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل يكره.
قال المصنف وغيره أصحابنا كرهوا الدف في غير العرس.
وكرهه القاضي وغيره في غير عرس وختان.
ويكره لرجل للتشبه.
قال في الرعاية وقيل يباح في الختان.
وقيل وكل سرور حادث.
الثانية يحرم كل ملهاة سوى الدف كمزمار وطنبور ورباب وجنك وناي ومعزفة وسرناى نص على ذلك كله.
وكذا الجفانة والعود.
قال في المستوعب والترغيب سواء استعملت لحزن أو سرور.
وسأله بن الحكم عن النفخ في القصبة كالمزمار فقال أكرهه.
342

وفي تحريم الضرب بالقضيب وجهان وأطلقهما في الفروع.
وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير الكراهة.
وقال في المغني لا يكره إلا مع تصفيق أو غناء أو رقص ونحوه.
وجزم بن عبدوس في تذكرته بالتحريم.
وكره الإمام أحمد رحمه الله الطبل لغير حرب ونحوه.
واستحبه بن عقيل في الحرب وقال لتنهيض طباع الأولياء وكشف صدور الأعداء.
وكره الإمام أحمد رحمه الله التغبير ونهى عن استماعه وقال هو بدعة ومحدث.
ونقل أبو داود لا يعجبني.
ونقل يوسف لا يستمعه قيل هو بدعة قال حسبك.
قال في المستوعب فقد منع الإمام أحمد رحمه الله من إطلاق اسم البدعة عليه ومن تحريمه لأنه كشعر ملحن كالحداء للإبل ونحوه.
343

باب عشرة النساء.
قوله (وإذا تم العقد وجب تسليم المرأة في بيت الزوج إذا طلبها وكانت حرة يمكن الاستمتاع بها ولم تشترط دارها).
متى كان يمكن وطؤها وطلبها الزوج وكانت حرة لزم تسليمها إليه على الصحيح من المذهب.
جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم واختاره المصنف وغيره.
وقال الإمام أحمد رحمه الله تكون بنت تسع سنين.
وجزم به في المحرر والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم.
قال القاضي هذا عندي ليس على سبيل التحديد والتضييق وإنما هو للغالب.
فوائد.
الأولى لو كانت صغيرة نضوة الخلقة وطلبها لزم تسليمها فلو خشي عليها استمتع منها كالاستمتاع من الحائض.
ولا يلزم تسليمها مع ما يمنع الاستمتاع بالكلية ويرجى زواله كإحرام ومرض وصغر ولو قال لا أطأ وفي الحائض احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت الصواب عدم لزوم التسليم بل لو قيل بالكراهة لاتجه أو ينظر إلى قرينة الحال.
وجزم في المغني في باب الحال التي تجب فيها النفقة على الزوج باللزوم.
وكذلك بن رزين في شرحه والشارح في كتاب النفقات.
344

الثانية يقبل قول امرأة ثقة في ضيق فرجها وقروح فيه وعبالة ذكره يعني كبره ونحو ذلك وتنظرهما وقت اجتماعهما للحاجة.
ولو أنكر أن وطأه يؤذيها لزمتها البينة.
الثالثة إذا امتنعت قبل المرض ثم حدث بها المرض فلا نفقة لها.
قوله (وإن سألت الإنظار أنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها).
قال في الفروع وغيره لا لعمل جهاز وهذا هو المذهب جزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل تمهل ثلاثة أيام.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية إن استمهلت هي وأهلها استحب له إجابتهم ما يعلم به التهيؤ من شراء جهاز وتزين.
قوله (وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا بالليل).
يعني مع الإطلاق نص عليه.
فلو شرطه نهارا وجب على السيد تسليمها ليلا ونهارا وكذا لو بذله السيد بلا شرط عليه.
ولو بذله السيد وكان قد شرطه لنفسه فوجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والفروع والزركشي.
أحدهما يجب تسليمها قدمه في الرعاية الكبرى وصححه في تصحيح المحرر.
والثانية لا يجب ويأتي حكم نفقتها في كتاب النفقات.
345

فائدتان
إحداهما ليس لزوج الأمة السفر بها.
وهل يملكه السيد بلا إذن الزوج سواء صحبه الزوج أو لا فيه وجهان وهما احتمالان في المغني والشرح.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والفروع والمحرر.
أحدهما له ذلك من غير إذنه على الصحيح جزم به في المنور والمجرد للقاضي نقله المجد وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني ليس له ذلك صححه في تصحيح المحرر.
قال المجد جزم به القاضي في التعليق.
وعليها ينبني لو بوأها مسكنا ليأتيها الزوج فيه هل يلزمه قاله في الترغيب.
وأطلق في الرعايتين الوجهين إذا بذل السيد لها مسكنا ليأتيها الزوج فيه.
الثانية قوله وله الاستمتاع بها.
يعني على أي صفة كانت إذا كان في القبل ولو من جهة عجيزتها عند أكثر الأصحاب وقطعوا به.
وذكر بن الجوزي في كتاب السر المصون أن العلماء كرهوا الوطء بين الأليتين لأنه يدعو إلى الدبر وجزم به في الفصول.
قال في الفروع كذا قالا.
قوله (ما لم يشغلها عن الفرائض من غير إضرار بها).
بلا نزاع ولو كانت على التنور أو على ظهر قتب كما رواه الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
346

فائدة قال أبو حفص والقاضي إذا زاد الرجل على المرأة في الجماع صولح على شيء منه وروى بإسناده عن بن الزبير أنه جعل لرجل أربعا بالليل وأربعا بالنهار.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه صالح رجلا استعدى على امرأة على ستة.
قال القاضي لأنه غير مقدر فقدر كما أن النفقة حق لها غير مقدرة فيرجعان في التقدير إلى اجتهاد الحاكم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد انتهى.
قلت ظاهر كلام أكثر الأصحاب خلاف ذلك وأنه يطأ ما لم يشغلها عن الفرائض وما لم يضرها بذلك ويأتي كلام الناظم والشيخ تقي الدين رحمه الله عند وجوب الوطء.
تنبيه قوله وله السفر بها إلا أن تشترط بلدها.
مراده غير زوج الأمة كما تقدم قريبا.
قوله (ولا يجوز وطؤها في الحيض بلا نزاع).
وتقدم حكم وطئها وهي مستحاضة في كتاب الحيض.
347

قوله (ولا في الدبر).
وهذا أيضا بلا نزاع بين الأئمة ولو تطاوعا على ذلك فرق بينهما.
ولا يعذر العالم بالتحريم منهما ولو أكرهها الزوج عليه نهى عنه فإن أبى فرق بينهما ذكره بن أبي موسى وغيره.
وتقدم في أواخر النكاح عند قوله ولكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع البدن ولمسه هل يجوز لها استدخال ذكر زوجها من غير إذنه وهو نائم.
قوله (ولا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ولا عن الأمة إلا بإذن سيدها).
وهذا هو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في البلغة والوجيز والمنور ومنتخب الأزجي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في المغني والشرح.
ومحل هذا إذا لم يشترط حرية الأولاد فأما إذا اشترط ذلك فله العزل بلا إذن سيد الأمة.
وقيل لا يباح العزل مطلقا وقيل يباح مطلقا.
تنبيهان.
أحدهما ظاهر قوله ولا عن الأمة إلا بإذن سيدها أنه لا يعتبر إذنها هي وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل يشترط إذنها أيضا وهو احتمال في المغني والشرح.
348

قلت وهو الصواب.
الثاني أفادنا المصنف رحمه الله بقوله إلا بإذن سيدها جواز عزل السيد عن سريته بغير إذنها وإن لم يجز له العزل عن زوجته الأمة إلا بإذنها وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن عقيل يحتمل من مذهبنا أنه يعتبر إذنها.
قلت وهو متجه لأن لها فيه حقا.
وذكر في الترغيب هل يستأذن أم الولد في العزل أم لا على وجهين.
قوله (وله إجبارها على الغسل من الحيض والجنابة والنجاسة واجتناب المحرمات).
أما الحيض والجنابة إذا كانت بالغة واجتناب المحرمات فله إجبارها على ذلك إذا كانت مسلمة رواية واحدة وعليه الأصحاب.
وعنه لا تجبر على غسل الجنابة ذكرها في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
قلت وهو بعيد جدا.
وأما غسل النجاسة فله أيضا إجبارها عليه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وفي المذهب رواية يملك إجبارها عليه.
قلت وهو بعيد أيضا.
قوله (إلا الذمية فله إجبارها على غسل الحيض).
وكذا النفاس وهذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يملك إجبارها فعليها في وطئه بدون الغسل وجهان.
349

وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الجواز جزم به في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعايتين فيعايى بها.
والوجه الثاني لا يجوز.
قال في الرعاية الكبرى وهو أصح وهو ظاهر كلامه في المغني فإنه قال وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس مسلمة كانت أو ذمية لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له.
فعلى المذهب في أصل المسألة وهو إجبارها في وجوب النية للغسل منه والتسمية والتعبد به لو أسلمت وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما وجوب ذلك.
والوجه الثاني لا يجب ذلك.
قال في الرعاية الكبرى في باب صفة الغسل وفي اعتبار التسمية في غسل الذمية من الحيض وجهان ويصح منها الغسل بلا نية وخرج ضده انتهى.
وقدم صحة الغسل بلا نية بن تميم والقواعد الأصولية.
قلت الصواب ما قدمه وأن التسمية لا تجب.
وتقدم في أوائل الحيض شيء من ذلك فليراجع.
وهل المنفصل من غسلها من الحيض والنفاس طاهر لكونه أزال مانعا أو طهور لأنه لم يقع قربة فيه روايتان.
وأطلقهما في المغني والشرح وابن عبيدان والفروع وكذلك صاحب الرعايتين والحاوي وهما وجهان في الحاوي الكبير ذكروه في كتاب الطهارة.
إحداهما هو طاهر غير مطهر.
350

قال في الرعاية الكبرى الأولى جعله طاهرا غير طهور.
والثانية هو طهور قدمه بن تميم وابن رزين في شرحه في كتاب الطهارة.
وقيل إن لزمها الغسل منه بطلب الزوج قال في الرعاية قلت أو السيد فظاهر وإن لم يطلبه أحدهما أو طلبه وقلنا لا يجب فطهور.
وأما المنفصل من غسلها من الجنابة فالصحيح من المذهب أنه طهور قدمه في الرعايتين والفروع.
وصححه في الحاويين في كتاب الطهارة.
قال المصنف في المغني والشارح وابن عبيدان وابن رزين في شرحه في كتاب الطهارة فطهور قولا واحدا.
وقيل طاهر وهو احتمال للمصنف.
قال في الرعاية وهو أولى ثم قال قلت إن وجب غسلها منه في وجه فطاهر وإلا فهو طهور.
قوله (وفي سائر الأشياء روايتان).
يعني غير الحيض في حق الذمية.
فدخل في هذا الخلاف الذي حكاه غسل الجنابة والنجاسة واجتناب المحرمات وأخذ الشعر الذي تعافه النفس وإنما الروايتان في الجنابة.
وفي أخذ الشعر والظفر وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح بن منجا والفروع.
أحدهما له إجبارها على ذلك وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وصححه في تصحيح المحرر في الغسل.
وجزم به في الوجيز في ذلك كله وقدمه بن رزين.
351

وقال في الرعايتين له إجبارها على غسل الجنابة على الأصح كالحيض والنفاس والنجاسة وعلى ترك كل محرم وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره.
قال الناظم هذه الرواية أشهر وأظهر.
وجزم به في الحاوي الصغير في غير غسل الجنابة وأطلقهما في غسل الجنابة.
قال المصنف والشارح له إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة رواية واحدة ذكره القاضي وكذلك الأظفار انتهيا.
والرواية الثانية ليس له إجبارها على شيء من ذلك.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن طال الشعر والظفر وجب إزالتهما وإلا فلا.
وقيل في التنظيف والاستحداد وجهان.
فائدتان
إحداهما في منعها من أكل ما له رائحة كريهة كالبصل والثوم والكراث ونحوها وجهان وقيل روايتان وخرجهما بن عقيل.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما تمنع جزم به في المنور وصححه في النظم وتصحيح المحرر وقدمه بن رزين في شرحه.
والوجه الثاني لا تمنع من ذلك وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الثانية تمنع الذمية من شربها مسكرا إلى أن تسكر وليس له منعها من شربها منه ما لم يسكرها على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه تمنع منه مطلقا.
352

وقال في الترغيب ومثله أكل لحم خنزير ولا تمنع من دخول بيعة وكنيسة.
ولا تكره على الوطء في صومها نص عليه ولا إفساد صلاتها وسنتها.
قوله (ولها عليه أن يبيت عندها ليلة من أربع ليال).
وهو من مفردات المذهب.
وإن كانت أمة فمن كل ثمان.
يعني إذا طلبتا ذلك منه لزم مبيت الزوج عند الأمة ليلة من كل ثمان ليال.
اختيار المصنف والشارح.
وجزم به في التبصرة والعمدة.
وقال أصحابنا من كل سبع وهو المذهب وعليه الأصحاب كما قاله المصنف.
وقال القاضي وابن عقيل يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت فيجتهد الحاكم.
قلت وهو الصواب.
وعنه لا يلزم المبيت إن لم يقصد بتركه ضررا.
قوله (وله الانفراد بنفسه فيما بقي).
هذا المذهب جزم به في الفروع وغيره من الأصحاب.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا يبيت وحده ما أحب ذلك إلا أن يضطر.
وتقدم كلام القاضي وابن عقيل.
وقال في الرعايتين بعد أن حكى اختيار الأصحاب والمصنف وقيل حق الزوجة المبيت المذكور وحده وينفرد بنفسه فيما بقي إن شاء.
353

قوله (وعليه وطؤها في كل أربعة أشهر مرة إن لم يكن عذر).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ناظم المفردات هذا هو المشهور وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
وقيل يرجع فيه إلى العرف وهو من المفردات أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوب الوطء بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته من غير تقدير بمدة وهو من المفردات أيضا.
وعنه ما يدل على أن الوطء غير واجب إن لم يقصد بتركه ضررا اختاره القاضي.
ولم يعتبر بن عقيل قصد الإضرار بتركه للوطء.
قال وكلام الإمام أحمد رحمه الله غالبا ما يشهد لهذا القول.
ولا عبرة بالقصد في حق الآدمي.
وحمل كلام الإمام أحمد في قصد الإضرار على الغالب.
قال في الفروع كذا قال فيلزمه أن لا فائدة في الإيلاء.
وأما إن اعتبر قصد الإضرار فالإيلاء دل على قصد الإضرار فيكفي وإن لم يظهر منه قصده انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله خرج بن عقيل قولا أن لها الفسخ بالغيبة المضرة بها وكما لو لم يكن معقودا كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر.
وقال المصنف في المغني في امرأة من علم خبره كأسير ومحبوس لها الفسخ بتعذر النفقة من ماله وإلا فلا إجماعا.
354

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا إجماع.
وإن تعذر الوطء لعجز فهو كالنفقة وأولى للفسخ بتعذره إجماعا في الإيلاء وقاله أبو يعلى الصغير.
وقال أيضا حكمه كعنين قال الناظم.
وقيل يسن الوطء في اليوم مرة * وإلا ففي الأسبوع إن يتزيد.
وليس بمسنون عليه زيادة * سوى عند داعي شهوة أو تولد.
قوله (وإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن عذر).
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب قد يغيب الرجل عن أهله أكثر من ستة أشهر فيما لا بد له منه.
قال القاضي معنى هذا أنه قد يغيب في سفر واجب كالحج والجهاد فلا يحتسب عليه بتلك الزيادة لأنه معذور فيها لأنه سفر واجب عليه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فالقاضي جعل الزيادة على الستة الأشهر لا تجوز إلا لسفر واجب كالحج والجهاد
ونحوهما.
فشرطه أن يكون واجبا ولو كان سنة أو مباحا أو محرما كغريب زان وتشريد قاطع طريق فإن كان مكروها فاحتمالان للأصحاب.
وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي أنه مما لا بد له منه وذلك يعم الواجب الشرعي وطلب الرزق الذي هو محتاج إليه انتهى.
قلت قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال.
فقال في رواية بن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر قال إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله.
355

أرجو أن لا يكون به بأس إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها ومحرم رجل يكفيها.
قوله (فإن أبى شيئا من ذلك ولم يكن له عذر فطلبت الفرقة فرق بينهما).
ولو قبل الدخول نص عليه.
يعني حيث قلنا بوجوب المبيت والوطء والقدوم وأبى ذلك من غير عذر.
وحيث قلنا بعدم الوجوب فليس لها ذلك مع امتناعه منه.
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم ونصره المصنف والشارح.
قال في الترغيب هو صحيح المذهب وقدمه في المحرر والفروع.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يفرق بينهما.
قال في المغني والشرح فظاهر قول أصحابنا أنه لا يفرق بينهما بذلك وهو قول أكثر الفقهاء.
تنبيه ظاهر كلامه أنها لو طلبت قدومه من السفر بعد ستة أشهر وأبى من القدوم أن لها الفسخ سواء قلنا الوطء واجب عليه أم لا.
وهو أحد الوجهين قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قلت وهو الصواب.
وقيل ليس لها الفسخ إلا إذا قلنا بوجوب الوطء وهو ظاهر ما جزم به في تجريد العناية.
قلت وهو بعيد جدا وأطلقهما في الفروع.
وقال ابن عقيل في المفردات وقيل قد يباح الفسخ.
356

وطلاق الحاكم لأجل الغيبة إذا قصد بها الإضرار بناء على ما إذا ترك الاستمتاع بها من غير يمين أكثر من أربعة أشهر.
فوائد.
الأولى قوله ويستحب أن يقول عند الجماع بسم الله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني بلا نزاع.
لحديث بن عباس رضي الله عنهما الذي في الصحيحين.
قلت قد روى بن أبي شيبة في مصنفه عن بن مسعود رضي الله عنه موقوفا أنه إذا أنزل يقول اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا.
فيستحب أن يقول ذلك عند إنزاله ولم أره للأصحاب وهو حسن.
وقال القاضي في الجامع يستحب إذا فرغ من الجماع أن يقرأ * (وهو الذي خلق من الماء بشرا) *.
قال وهذا على بعض الروايات التي تجوز للجنب أن يقرأ بعض آية ذكره أبو حفص.
واستحب بعض الأصحاب أن يحمد الله عقب الجماع قاله بن رجب في تفسير الفاتحة.
قلت وهو حسن.
وقال القاضي محب الدين بن نصر الله هل التسمية مختصة بالرجل أم لا لم أجده والأظهر عدم الاختصاص بل تقوله المرأة أيضا انتهى.
قلت هو كالمصرح به في الصحيحين أن القائل هو الرجل وهو ظاهر كلام الأصحاب والذي يظهر أن المرأة تقوله أيضا.
الثانية يستحب تغطية رأسه عند الوقاع وعند الخلاء ذكره جماعة وأن لا يستقبل القبلة.
357

وقيل يكره استقبالها.
وقال القاضي في الجامع والمصنف في المغني والشارح وغيرهم يستحب للمرأة أن تتخذ خرقة تناولها للزوج بعد فراغه من جماعها.
قال أبو حفص ينبغي أن لا تظهر الخرقة بين يدي امرأة من أهل دارها فإنه يقال إن المرأة إذا أخذت الخرقة وفيها المنى فتمسحت بها كان منها الولد.
وقال الحلواني في التبصرة ويكره أن يمسح ذكره بالخرقة التي تمسح بها فرجها وعكسه.
وقال القاضي في الجامع قال أبو الحسن بن العطار في كتاب أحكام النساء ويكره نخرها عند الجماع وحال الجماع ولا نخرة وهو مستثنى من الكراهة في غيره.
وقال مالك لا بأس بالنخر عند الجماع وأراه سفها في غير ذلك يعاب على فاعله.
وقال معن بن عيسى كان بن سيرين وعطاء ومجاهد يكرهون النخر عند الجماع.
وقال عطاء من انفلتت منه نخرة فليكبر أربع تكبيرات.
وقال مجاهد لما أهبط الله إبليس إلى الأرض أن ونخر فلعن من أن ونخر إلا ما أرخص فيه عند الجماع.
وسئل نافع بن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النخر عند الجماع فقال أما النخر فلا ولكن يأخذني عند ذلك حمحمة كحمحمة الفرس.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرخص في النخر عند الجماع.
وسألت امرأة عطاء بن أبي رباح فقالت إن زوجي يأمرني أن أنخر عند الجماع فقال لها أطيعي زوجك.
358

وعن مكحول لعن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام الناخر والناخرة إلا عند الوقاع ذكر ذلك أبو بكر في أحكام الوطء.
تنبيه قوله ولا ينزع إذا فرغ قبلها حتى تفرغ.
يعني أنه يستحب ذلك فلو خالف كره له.
الثالثة يكره الجماع وهما متجردان بلا نزاع.
قال في الترغيب والبلغة لا سترة عليهما لحديث رواه بن ماجة.
تنبيه قوله ويستحب الوضوء عند معاودة الوطء.
وتقدم حكم ذلك والخلاف فيه في آخر باب الغسل.
قوله (ولا يجوز الجمع بين زوجتيه في مسكن واحد إلا برضاهما).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل يحرم مع اتحاد المرافق ولو رضيتا.
قال المصنف في المغني والشارح وصاحب الترغيب وإن أسكنهما في دار واحدة كل واحدة منهما في بيت جاز إذا كان في مسكن مثلها.
فائدة قال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب المنع من جمع الزوجة والسرية إلا برضا الزوجة كما لو كانا زوجتين لثبوت حقها كالاجتماع ونحوه والسرية لا حق لها في الاجتماع قال وهذا متجه.
قلت وهو أولى بالمنع.
قوله (ولا يجامع إحداهما بحيث تراه الأخرى).
359

يحتمل أن يكون مراده أن ذلك مكروه وهو الصحيح من المذهب جزم به في الرعايتين وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن يكون مراده أن ذلك محرم ولو رضيتا به وهو اختيار المصنف والشارح وقطعا به في المغني والشرح.
قلت وهو الصواب.
قوله (ولا يحدثها بما جرى بينهما بلا نزاع).
لكن يحتمل أن يكون مراده أن ذلك مكروه وهو المذهب.
جزم به في الرعايتين وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن يكون مراده التحريم.
وقطع به الشيخ عبد القادر في الغنية والأدمى البغدادي في كتابه.
قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب أيضا.
فائدة قال في أسباب الهداية يحرم إفشاء السر.
وقال في الرعاية يحرم إفشاء السر المضر.
قوله (وله منعها من الخروج عن منزله).
بلا نزاع من حيث الجملة.
ويحرم عليها الخروج بلا إذنه فإن فعلت فلا نفقة لها إذن.
ونقل أبو طالب إذا قام بحوائجها وإلا فلا بد لها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حبسته امرأته لحقها إن خاف خروجها بلا إذنه أسكنها حيث لا يمكنها الخروج فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه حبست معه فإن عجز أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه ومتى كان خروجها مظنة للفاحشة صار حقا لله يجب على ولي الأمر رعايته
360

قوله (فإن مرض بعض محارمها أو مات استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم صاحب البلغة والرعايتين والوجيز والحاوي الصغير وقدمه في الفروع.
وقال ابن عقيل يجب عليه أن يأذن لها لأجل العيادة.
تنبيهان.
أحدهما دل كلام المصنف بطريق التنبيه على أنها لا تزور أبويها وهو المذهب وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل لها زيارتهما ككلامهما.
الثاني مفهوم قوله فإن مرض بعض محارمها أو مات أنه لو مرض أو مات غير محارمها من أقاربها أنه لا يستحب أن يأذن لها في الخروج إليه.
وهو صحيح وهو المذهب جزم به في البلغة وقدمه في الفروع.
وقيل يستحب له أن يأذن لها أيضا.
قلت وهو حسن وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
فوائد.
الأولى لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والرعايتين ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح وجزم به في الحاوي الصغير.
وقيل له منعهما.
قلت الصواب في ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا.
361

الثانية لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها بل طاعة زوجها أحق.
الثالثة ليس عليها عجن ولا خبز ولا طبخ ونحو ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
وقدمه في الفروع.
وقال الجوزجاني عليها ذلك.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب عليها المعروف من مثلها لمثله.
قلت الصواب أن يرجع في ذلك إلى عرف البلد.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله الوجوب من نصه على نكاح الأمة لحاجة الخدمة.
قال في الفروع وفيه نظر لأنه ليس فيه وجوب الخدمة عليها.
الرابعة قوله ولا تملك المرأة ولا وليها أو سيدها إجارة نفسها للرضاع والخدمة بغير إذن زوجها بلا نزاع.
لكنه لو تزوجها بعد أن أجرت نفسها للرضاع لم يملك الفسخ مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل يملكه إن جهله.
قال في الرعاية الكبرى وإن تزوجت بآخر فله منعها من إرضاع ولدها من الأول ما لم يضطر إليها.
قلت ويكون الأول استأجرها للرضاع انتهى.
الخامسة يجوز له وطؤها بعد إجارتها نفسها مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل ليس له ذلك إن أضر الوطء باللبن.
362

قال في الرعاية الكبرى وللزوج الثاني وطؤها ما لم يفسد اللبن فإن أفسد فللمستأجر الفسخ والأشهر تحريم الوطء.
قوله (وله أن يمنعها من إرضاع ولدها إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه).
إن كان الولد لغير الزوج فله منعها من إرضاعه إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه نص عليه.
وجزم به في المغني والبلغة والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
ونقل مهنا لها ذلك إذا شرطته عليه.
وإن كان الولد منهما فظاهر كلام المصنف هنا أن له منعها إذا انتفى الشرطان وهي في حباله وهو أحد الوجهين ولفظ الخرقي يقتضيه.
وهو ظاهر كلام القاضي والوجيز هنا كخدمته نص عليها.
والوجه الثاني ليس له منعها وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ويحتمله كلام الخرقي.
وجزم به المصنف في هذا الكتاب في أول الفصل الأول من باب نفقة الأقارب والمماليك فقال وليس للأب منع المرأة من إرضاع ولدها إذا طلبت ذلك.
وجزم به هناك في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قلت يحتمل أن يحمل كلام المصنف هنا على ما إذا كان الولد لغير الزوج.
وأما إذا كان له فقد ذكره في باب نفقة الأقارب فيكون عموم كلامه هنا مقيد بما هناك وهو أولى وأطلقهما هنا في الشرح.
363

ويأتي ذلك في باب نفقة الأقارب بأتم من هذا.
تنبيهان.
أحدهما مراده بقوله وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم.
غير الزوج الطفل وهو واضح.
الثاني ظاهر قوله وعليه أن يساوي بين نسائه في القسم.
أنه لا يجب عليه التسوية في النفقة والكسوة إذا كفى الأخرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يجب عليه التسوية فيهما أيضا.
وقال لما علل القاضي عدم الوجوب بقوله لأن حقهن في النفقة والكسوة والقسم وقد سوى بينهما وما زاد على ذلك فهو متطوع فله أن يفعله إلى من شاء قال موجب هذه العلة أن له أن يقسم للواحدة ليلة من أربع لأنه الواجب ويبيت الباقي عند الأخرى انتهى.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله لا بأس بالتسوية بينهن في النفقة والكسوة.
فائدة قوله وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم.
وهذا بلا نزاع لكن يكون في المبيت ليلة وليلة فقط إلا أن يرضين بالزيادة عليها هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب منهم القاضي في الجامع.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
وقال القاضي وغيره له أن يقسم ليلتين ليلتين وثلاثا ثلاثا ولا تجوز الزيادة إلا برضاهن لأن الثلاث في حد القلة فهي كالليلة الواحدة لكن
364

الأولى ليلة وليلة قدمه بن رزين في شرحه وجزم به في المستوعب والبلغة وأطلقهما الزركشي.
تنبيه قوله وليس له البداءة بإحداهن ولا السفر بها إلا بقرعة.
يستثنى من ذلك إذا رضى الزوجات بسفر واحدة معه فإنه يجوز بلا قرعة.
نعم إذا لم يرض الزوج بها وأراد غيرها أقرع.
قوله (وليس عليه التسوية بينهن في الوطء بل يستحب).
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في الجماع لا ينبغي أن يدعه عمدا يبقى نفسه لتلك.
فائدتان
إحداهما.
قوله (ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية بلا نزاع).
ويقسم للمعتق بعضها بالحساب قاله الأصحاب.
الثانية لو عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة حرة مسبوقة فلها قسم حرة ولو عتقت في نوبة حرة سابقة فقيل يتم
للحرة على حكم الرق جزم به بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر.
وقيل يستويان بقطع أو استدراك.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
وقال في المغني والشرح إن عتقت في ابتداء مدتها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى.
365

وإن كان بعد انقضاء مدتها استأنف مدة القسم متساويا ولم يقض لها ما مضى لأن الحرية حصلت بعد استيفاء حقها.
وإن عتقت وقد قسم للحرة ليلة لم تزد على ذلك لأنهما تساويا انتهيا.
ومعناه في الترغيب وزاد إن عتقت بعد نوبتها بدأ بها أو بالحرة.
وقال في الكافي وإن عتقت الأمة في نوبتها أو قبلها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى.
وإن عتقت بعد مدتها استأنف القسم متساويا.
تنبيه هكذا عبارة صاحب الرعايتين والفروع.
أعني أن الأمة إذا عتقت في نوبة حرة مسبوقة لها قسم حرة وإذا عتقت في نوبة حرة سابقة فيها الخلاف.
وقال ابن عبدوس في تذكرته ولأمة عتقت في نوبة حرة سابقة كقسمها وفي نوبة حرة مسبوقة يتمها على الرق.
بعكس ما قال في الرعايتين والفروع.
وجعل لها إذا عتقت في نوبة حرة سابقة قسم حرة وإذا عتقت في نوبة حرة مسبوقة أن يتمها على الرق.
ورأيت بعض من تقدم صوبه.
وأصل ذلك ما قاله في المحرر.
فإنه قال وإذا عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة الحرة وهي المتقدمة فلها قسم حرة وإن عتقت في نوبة الحرة وهي المتأخرة فوجهان.
فابن حمدان وصاحب الفروع جعلا قوله وهي المتقدمة وهي المتأخرة عائدا إلى الأمة لا إلى الحرة.
وجعله بن عبدوس عائدا إلى الحرة لا إلى الأمة.
وكلامه محتمل في بادي الرأي.
366

وصوب شارح المحرر أن الضمير في ذلك عائد إلى الحرة كما قاله بن عبدوس وخطأ ما قاله في الرعايتين والفروع.
وكتب القاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي قاضي قضاة مصر كراسة في الكلام على قول المحرر ذلك.
وقال في حواشي الفروع قول الشارح أقرب إلى الصواب.
فائدة يطوف بمجنون مأمون وليه وجوبا ويحرم تخصيص بإفاقته.
وإن أفاق في نوبة واحدة ففي قضاء يوم جنونه للأخرى وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب القضاء وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قوله (ويقسم للحائض والنفساء والمريضة والمعيبة).
وكذا من آلى منها أو ظاهر والمحرمة ومن سافر بها بقرعة والزمنة والمجنونة المأمونة نص على ذلك.
وأما الصغيرة فقال المصنف والشارح إن كانت توطأ قسم لها وهو أحد الوجهين.
وقيل إن كانت مميزة قسم لها وإلا فلا.
واقتصر عليه في المحرر وتذكرة بن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
قوله (فإن دخل في ليلتها إلى غيرها لم يجز إلا لحاجة داعية فإن لم يلبث عندها لم يقض وإن لبث أو جامع لزمه أن يقضي لها مثل ذلك من حق الأخرى).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يقضي وطئا في الزمن اليسير وقدمه بن رزين في شرحه.
367

وقال في الترغيب فيمن دخل نهارا لحاجة أو لبث وجهان.
تنبيه ظاهر قوله أو جامع لزمه أن يقضي أنه لو قبل أو باشر ونحوه لا يقضي وهو أحد الوجهين وقدمه بن رزين في شرحه.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وتذكرة بن عبدوس والحاوي وغيرهم.
والوجه الثاني يقضي كما لو جامع.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في الرعايتين والنظم والفروع والمغني والشارح.
فائدتان
إحداهما يجوز له أن يقضي ليلة صيف عن ليلة شتاء وعكسه على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب والبلغة لا يقضي ليلة صيف عن شتاء انتهى.
ويقضي أول الليل عن آخره وعكسه على الصحيح من المذهب.
وقيل يتعين مثل الزمن الذي فوته في وقته.
الثانية له أن يأتي نساءه وله أن يدعوهن إلى منزله فإن امتنع أحد منهن سقط حقها وله دعاء البعض إلى منزله ويأتي إلى البعض على الصحيح من المذهب.
وقيل يدعو الكل أو يأتي الكل.
فعلى هذا ليست الممتنعة ناشزا انتهى.
والحبس كغيره إلا أنه إن دعاهن لم يلزم ما لم يكن سكن مثلهن.
قوله (ومتى سافر بقرعة لم يقض).
هذا الصحيح من المذهب مطلقا.
368

جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وجزم به في المحرر والحاوي في غير سفر النقلة وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل يقضي مطلقا.
وقيل يقضي في سفر النقلة دون غيره.
وأطلق في المحرر والحاوي الصغير في القضاء في سفر النقلة الوجهين.
وقيل يقضي في السفر القريب دون البعيد على ما يأتي.
فائدة يقضي ما تخلله السفر أو ما يعقبه من الإقامة مطلقا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والشرح والترغيب إن أقام في بلدة مدة إحدى وعشرين صلاة فما دون لم يقض وإن زاد قضى الجميع.
وقال في المغني والشرح أيضا إن أزمع على المقام قضى ما أقامه وإن قل.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن حكم السفر القصير حكم السفر الطويل وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال القاضي ويحتمل ان لا يقضي للبواقي في السفر القصير وهما وجهان مطلقان في البلغة.
قوله (وإن كان بغير قرعة لزمه القضاء للأخرى).
يعني مدة غيبته إذا لم ترض الضرة بسفرها وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
369

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
واختار المصنف والشارح أنه لا يقضي زمن سيره.
قال في تجريد العناية لا يقضي زمن سيره في الأظهر.
تنبيه مفهوم قوله وإن امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم.
أنه لا يسقط حقها من النفقة وهو قول فيما إذا كان يطؤها.
والصحيح من المذهب سقوط حقها من النفقة أيضا.
وجزم به المصنف في هذا الكتاب في أواخر الفصل الثاني من كتاب النفقات.
وجزم به الخرقي والزركشي فيما إذا كانت قد سافرت بغير إذنه.
ويأتي هذا هناك إن شاء الله تعالى.
وكلام المصنف هنا في القسم لأنه بصدده.
قوله (وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح بن منجا ومسبوك الذهب.
أحدهما سقوط حقها من القسم والنفقة وهو المذهب.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في المنور ومنتخب الأزجي والخرقي في بعض النسخ.
واختاره القاضي والمصنف.
وقدمه في المغني وشرح بن رزين.
والوجه الثاني لا يسقطان وجزم به في الوجيز ذكره في مكانين منه.
370

وقيل يسقط القسم وحده وهو احتمال في المغني والشرح.
واختاره بن عقيل وابن عبدوس في تذكرته وأطلقهن الزركشي وفي تجريد العناية.
ويأتي في كتاب النفقات في كلام المصنف هل تجب لها النفقة إذا سافرت لحاجتها بإذنه أم لا.
قوله (وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضرائرها بإذنه وله فيجعله لمن شاء منهن).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمغني والشرح.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي وغيرهم.
وذكر جماعة يشترط في الأمة إذن السيد لأن ولدها له.
قال المصنف والقاضي هذا قياس المذهب كالعزل.
وقال في الترغيب لو قالت له المرأة خص بها من شئت لأشبه أنه لا يملكه لأنه لا يورث الغيظ بخلاف تخصيصها واحدة.
فائدتان
إحداهما لا تصح هبة ذلك بمال على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والفروع وغيرهما من الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله القياس في المذهب جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره.
371

ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه.
الثانية لا يجوز له نقل ليلة الواهبة لتلي ليلة الموهوبة على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقيل له ذلك اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والزبدة.
وقيل إن وهبته له جاز ولهن لم يجز والمراد فيهما إلا بإذنهما معها أو بإذن من عليها فيه تطويل في الزمن دون غيرها وهو أظهر.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والبلغة والمحرر.
فعلى الوجه الثاني لو وهبت رابعة ليلتها لثانية فقيل يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة.
وقيل له وطء الأولى أولا ثم يوالي الثانية ليلتها وليلة الرابعة وأطلقهما في الفروع.
تنبيه ظاهر قوله فمتى رجعت في الهبة عاد حقها.
ولو كان رجوعها في بعض ليلتها وهو صحيح لكن لا يقضيها إن علم بعد تتمة الليلة قاله في الفروع وغيره.
قلت ويتخرج أنه يقضيها وله نظائر.
فوائد.
الأولى يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها ولها الرجوع لأن حقها يتجدد شيئا فشيئا.
372

وقال ابن القيم في الهدى لزم ذلك ولا مطالبة لأنها معاوضة كما لو صالح فيما عليه من الحقوق والأموال ولما فيه من العداوة ومن علامة المنافق إذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب انتهى قاله في الفروع كذا قاله.
الثانية لو قسم لاثنتين من ثلاث ثم ترتب له رابعة إما بعود في هبة أو رجوع عن نشوز أو بنكاح أو رجعة أو بلوغ زمن وطء أو زوال حيض أو نفاس أو استحاضة أو مانع من وطء حسا أو شرعا أو عرفا أو عادة وفاها حق العقد ثم جعل ربع الزمن من القدر المستقبل للرابعة منهن وثلاثة أرباعه للثالثة حتى يكمل حقها ثم يستأنف التسوية.
الثالثة لو بات ليلة عند إحدى امرأتيه ثم نكح ثالثة وفاها حق العقد ثم ليلة للمظلومة ثم نصف ليلة للثالثة ثم يبتدئ.
هذا المذهب اختاره القاضي وقدمه في الفروع.
وقال المصنف والشارح إذا قضى حق الجديدة بدأ بالثانية فوفاها ليلتها ثم يبيت عند الجديدة نصف ليلة ثم يبتدئ القسم.
وذكر القاضي أنه إذا وفى الثانية نصفها من حقها ونصفها من حق الأخرى فيثبت للجديدة في مقابلة ذلك نصف ليلة بإزاء ما حصل لكل واحدة من ضرتيها.
قال المصنف والشارح وعلى هذا القول يحتاج أن ينفرد بنفسه في نصف ليلة وفيه حرج.
قال في الفروع بعد أن قدم قول القاضي واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يبيت نصفها بل ليلة كاملة لأنه حرج.
373

وقال في الترغيب لو أبان المظلومة ثم نكحها وقد نكح جديدات تعذر القضاء.
الرابعة قوله ولا قسم عليه في ملك يمينه وله الاستمتاع بهن كيف شاء وتستحب التسوية بينهن.
وهذا بلا نزاع.
لكن قال صاحب المحرر وغيره يساوي في حرمانهن.
تنبيه ظاهر قوله فإن أحبت أن يقيم عندها سبعا فعل وقضى للبواقي.
أن الخيرة لها وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل أو أحب هو أيضا.
قوله (فعل وقضى للبواقي يعني سبعا سبعا وهو المذهب وعليه الأصحاب).
وقال في الروضة يقضي للبواقي من نسائه الفاضل عن الأيام الثلاثة.
تنبيه ظاهر كلامه وكلام غيره أنه لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة فيقسم للأمة البكر سبعا وللثيب ثلاثا كالحرة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل للأمة نصف الحرة وأطلقهما في الرعاية.
فائدة قوله وإن زفت إليه امرأتان قدم السابقة منهما.
يعني الأولى دخولا منهما وقطع به الأصحاب.
لكن فعل ذلك مكروه بلا خلاف.
374

قوله (فإن زفتا معا قدم إحداهما بالقرعة).
هذا المذهب مطلقا مع الكراهة لهذا الفعل وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في التبصرة يبدأ بالسابقة بالعقد وإلا أقرع بينهما.
قال في تجريد العناية فإن زفتا فسابقة بمجئ وقيل بعقد ثم قرعة.
فالظاهر من كلام صاحب التبصرة أنه يشمل ما إذا زفت واحدة بعد واحدة أو زفتا معا.
وهو ظاهر كلامه في تجريد العناية وهو بعيد.
فالظاهر أن مرادهما إذا زفتا معا لا غير.
قوله (وإذا أراد السفر فخرجت القرعة لإحداهما سافر بها ودخل حق العقد في قسم السفر فإذا قدم بدأ بالأحرى فوفاها حق العقد).
هذا المذهب فيهما.
قال في الفروع فيقضيه للأخرى في الأصح بعد قدومه.
قال في تجريد العناية هذا الأصح وجزم به في البلغة والوجيز وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم.
وقيل لا يقضي للأخرى شيئا إذا قدم.
وهو احتمال في الهداية وقدمه في تجريد العناية.
وقيل لا يحتسب على المسافرة معه بمدة سفرها فيوفيها إذا قدم.
قال الشارح وهذا أقرب للصواب.
375

تنبيه ظاهر قوله وإذا طلق إحدى نسائه في ليلتها أثم فإن تزوجها بعد قضى لها ليلتها.
أنه يقضي لها ليلتها ولو كان قد تزوج غيرها بعد طلاقها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الترغيب لو أبان المظلومة ثم نكحها وقد نكح جديدات تعذر القضاء كما قد تقدم آنفا.
قوله.
فصل في النشوز.
وهو معصيتها إياه فيما يجب له عليها وإذا ظهر منها أمارات النشوز بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة وعظها.
بلا نزاع في ذلك.
قوله (فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء).
هذا المذهب جزم به في الوجيز والمغني والشرح وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم في التبصرة والغنية والمحرر بأنه لا يهجرها في المضجع إلا ثلاثة أيام.
قوله (وفي الكلام فيما دون ثلاثة أيام).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح يهجرها في الفراش فإن أضاف إليه الهجر في الكلام ودخوله وخروجه عليها جاز.
تنبيه مفهوم قوله (فإن أصرت فله أن يضربها ضربا غير مبرح).
376

أنه لا يملك ضربها إلا بعد هجرها في الفراش وتركها من الكلام وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه له ضربها أو لا يعني من حين نشوزها.
قال الزركشي تقدير الآية الكريمة عند أبي محمد على الأول * (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) * فإن نشزن فاهجروهن فإن أصررن فاضربوهن وفيه تعسف.
قال ومقتضى كلام أبي البركات وأبي الخطاب أن الوعظ والهجران والضرب على ظهور أمارات النشوز على جهة الترتيب.
قال المجد إذا بانت أماراته زجرها بالقول ثم هجرها في المضجع والكلام دون ثلاث ثم يضرب غير مبرح.
قال الزركشي وهو ظاهر الآية والواو وقعت للترتيب.
فائدتان
إحداهما قوله فله أن يضربها ضربا غير مبرح.
قال الأصحاب عشرة فأقل.
قال في الانتصار وضربها حسنة.
قال الإمام أحمد رحمه الله لا ينبغي سؤاله لم ضربها.
ولا يتركه عن الصبي لإصلاحه له في القول الأول وقياسهما العبد والدابة والرعية والمتعلم فيما يظهر.
قال في الترغيب وغيره الأولى ترك السؤال إبقاء للمودة والأولى أن يتركه عن الصبي لإصلاحه انتهى.
فالضمير في تركه عائد إلى الضرب في كلامه السابق ويدل عليه قوله بعده فيه والأولى أن يتركه عن الصبي.
377

وقد جعله بعضهم عائدا إلى السؤال عن سبب الضرب وهو بعيد.
والموقع له في ذلك ذكر الفروع فيه لكلام الترغيب وغيره عقب قول الإمام أحمد رحمه الله ولا ينبغي سؤاله لم ضربها.
الثانية لا يملك الزوج تعزيرها في حق الله تعالى قدمه في الفروع.
نقل مهنا هل يضربها على ترك زكاة قال لا أدري.
قال في الفروع وفيه ضعف لأنه نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يضربها على فرائض الله قاله في الانتصار.
وذكر غيره أنه يملكه.
قلت قطع في المغني والشرح وغيرهما بجواز تأديبها على ترك الفرائض فقالا له تأديبها على ترك فرائض الله.
وسأل إسماعيل بن سعيد الإمام أحمد رحمه الله عما يجوز ضرب المرأة عليه فقال على فرائض الله.
وقال في الرجل له امرأة لا تصلي يضربها ضربا رفيقا غير مبرح.
وقال الإمام أحمد رحمه الله أخشى أنه لا يحل للرجل أن يقيم مع امرأة لا تصلي ولا تغتسل من الجنابة ولا تتعلم القرآن.
قوله (فإن ادعى كل واحد منهما ظلم صاحبه له أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة ليشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف).
قال في الترغيب واقتصر عليه في الفروع يكشف عنهما كما يكشف عن عدالة وإفلاس من خبرة باطنة انتهى.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أن الإسكان إلى جانب ثقة قبل بعث الحكمين كما قطع به المصنف هنا.
378

وقطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وتجريد العناية والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ولم يذكره الخرقي والقدماء.
ومقتضى كلامهم أنه إذا وقعت العداوة وخيف الشقاق بعث الحكمان من غير إسكان إلى جانب ثقة.
قوله (فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين ويكونان مكلفين).
اشتراط الإسلام والعدالة في الحكمين متفق عليه.
وقطع المصنف هنا باشتراط الحرية فيهما وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الرعايتين حرين على الأصح.
وصححه في النظم وتصحيح المحرر.
وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وتذكرة بن عبدوس.
وقيل لا تشترط الحرية.
وهو ظاهر الهداية والبلغة والوجيز وجماعة فإنهم لم يذكروه.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
وقال المصنف في المغني والكافي قال القاضي ويشترط كونهما حرين.
والأولى أن يقال إن كانا وكيلين لم تعتبر الحرية وإن كانا حكمين اعتبرت الحرية وقدم الذي ذكره في المغني أنه الأولى في الكافي.
379

تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط كونهما فقيهين وهو ظاهر كلامه في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم لعدم ذكره.
وهو أحد الوجهين وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني يشترط.
قال الزركشي يشترط أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق انتهى.
قلت أما اشتراط ذلك فينبغي أن يكون بلا خلاف في المذهب وأطلقهما في الفروع.
وقال في الكافي ومتى كانا حكمين اشترط كونهما فقيهين وإن كانا وكيلين جاز أن يكونا عاميين.
قلت وفي الثاني ضعف.
وقال في الترغيب لا يشترط الاجتهاد فيهما.
وظاهر كلام المصنف وغيره اشتراط كونهما ذكرين بل هو كالصريح في كلامه.
وقطع به في المغني والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
وقال الزركشي وقد يقال بجواز كونها أنثى على الرواية الثانية.
قوله (فإن امتنعا من التوكيل يعني الزوجين لم يجبرا).
واعلم أن الصحيح من المذهب أن الحكمين وكيلان عن الزوجين لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما.
فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا عليه.
قال الزركشي هذا المشهور عند الأصحاب حتى إن القاضي في الجامع الصغير والشريف أبا جعفر وابن البنا لم يذكروا فيه خلافا ورضيه أبو الخطاب.
380

قال في تجريد العناية هذا أشهر.
وقطع به في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه أن الزوج إن وكل في الطلاق بعوض أو غيره أو وكلت المرأة في بذل العوض برضاهما وإلا جعل حاكم إليهما ذلك.
فهذا يدل على أنهما حكمان يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق بعوض أو غيره من غير رضا الزوجين.
قال الزركشي وهو ظاهر الآية الكريمة انتهى.
واختاره بن هبيرة والشيخ تقي الدين رحمهما الله.
وهو ظاهر كلام الخرقي قاله في الفروع وأطلقهما في الكافي والشرح.
تنبيه لهذا الخلاف فوائد ذكرها المصنف وغيره.
منها لو غاب الزوجان أو أحدهما لم ينقطع نظر الحكمين على الرواية الأولى وينقطع على الثانية.
هذا هو الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب.
وقيل لا ينقطع نظرهما أيضا على الثانية وهو احتمال في الهداية.
ومنها لو جنا جميعا أو أحدهما انقطع نظرهما على الأولى ولم ينقطع على الثانية لأن الحاكم يحكم على المجنون هذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم المصنف في المغني والكافي بأن نظرهما ينقطع أيضا على الرواية الثانية لأنه لا يتحقق معه بقاء الشقاق وحضور المدعيين وهو شرط.
فائدة لا يصح الإبراء من الحكمين إلا في الخلع خاصة من وكيل المرأة فقط قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهما.
381

كتاب الخلع.
فائدة قال في الكافي معنى الخلع فراق الزوج امرأته بعوض على المذهب وبغيره على اختيار الخرقي بألفاظ مخصوصة.
قوله (وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدى نفسها منه).
فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب.
وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب.
واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه.
وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
فائدة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله عبارة الخرقي ومن تابعه أجود من عبارة صاحب المحرر ومن تابعه.
فإن صاحب المحرر وغيره قال الخلع لسوء العشرة بين الزوجين جائز.
فإن قولهم لسوء العشرة بين الزوجين فيه نظر فإن النشوز قد يكون من الرجل فتحتاج هي أن تقابله انتهى.
وعبارة المصنف قريبة من عبارة الخرقي.
فإن الخرقي قال وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه.
قوله (فإن خالعته لغير ذلك ووقع).
يعني إذا خالعته مع استقامة الحال وهذا المذهب وعليه الجمهور.
382

قال الزركشي والمذهب المنصوص المشهور المعروف حتى إن أبا محمد حكاه عن الأصحاب وقوع الخلع مع الكراهة كالطلاق أو بلا عوض انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هو المذهب.
وعنه لا يجوز ولا يصح.
وهو احتمال في الهداية وإليه ميل المصنف والشارح.
واختاره أبو عبد الله بن بطة وأنكر جواز الخلع مع استقامة الحال وصنف فيه مصنفا وأطلقهما في البلغة.
واعتبر الشيخ تقي الدين رحمه الله خوف قادر على القيام بالواجب أن لا يقيما حدود الله فلا يجوز انفرادها به.
قوله (فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها).
اعلم أن للمختلعة مع زوجها أحد عشر حالا.
أحدها أن تكون كارهة له مبغضة لخلقه وخلقه أو لغير ذلك من صفاته وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقوقه الواجبة عليها فالخلع في هذا الحال مباح أو مستحب على ما تقدم.
الحال الثاني كالأول ولكن للرجل ميل إليها ومحبة فهذه أدخلها القاضي في المباح كما تقدم.
ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه ينبغي لها أن لا تختلع منه وأن تصبر.
قال القاضي قول الإمام أحمد ينبغي لها أن تصبر على طريق الاستحباب والاختيار ولم يرد بهذا الكراهة لأنه قد نص على جوازه في غير موضع.
ويحتمل دخول هذه الصورة في كلام المصنف.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وكراهة الخلع في حق هذه متوجهة.
383

الحال الثالث أن يقع والحال مستقيمة فالمذهب وقوعه مع الكراهة.
وعنه يحرم ولا يقع.
وتقدم ذلك قريبا في كلام المصنف.
الحال الرابع أن يعضلها أو يظلمها لتفتدي منه فهذا حرام عليه والخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها كما قال المصنف.
الحال الخامس كالذي قبله لكنها زنت فيجوز ذلك نص عليه وقطع به الأصحاب.
ويأتي في أول كتاب الطلاق هل زني المرأة يفسخ النكاح.
الحال السادس أن يظلمها أو يعضلها لا لتفتدي فتفتدي فأكثر الأصحاب على صحة الخلع.
وجزم به القاضي في المجرد وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يحل له ولا يجوز.
الحال السابع أن يكرهها فلا يحل له نص عليه.
الحال الثامن أن يقع حيلة لحل اليمين فلا يقع.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر الباب.
الحال التاسع أن يضربها ويؤذيها لتركها فرضا أو لنشوز فتخالعه لذلك فقال في الكافي يجوز.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعليل القاضي وأبي محمد يعني به المصنف يقتضي أنها لو نشزت عليه جاز له أن يضربها لتفتدي نفسها منه وهذا صحيح.
الحال العاشر أن يتنافرا أدنى منافرة فذكرها الحاوي في قسم المكروه قال ويحتمل أن لا تصح المخالعة.
384

الحال الحادي عشر أن يمنعها كمال الاستمتاع لتختلع فذكر أبو البركات أنه يكره على هذا الحال.
تنبيه قوله فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها إلا أن يكون طلاقا.
فيقع رجعيا فإذا رد العوض وقلنا الخلع طلاق وقع الطلاق بغير عوض فهو رجعي.
وإن قلنا هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء لأن الخلع بغير عوض لا يقع على إحدى الروايتين.
وعلى الرواية الأخرى إنما رضي بالفسخ هنا بالعوض فإذا لم يحصل العوض لم يحصل المعوض.
وقيل يقع بائنا إن قلنا يصح الخلع بغير عوض وهو تخريج للمصنف والشارح من مذهب الإمام مالك رحمه الله.
تنبيه آخر قوله ويجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا بلا نزاع.
ويأتي إذا تخالع الذميان على محرم عند تخالع المسلمين عليه.
قوله (فإن كان محجورا عليه دفع المال إلى وليه وإن كان عبدا دفع إلى سيده).
هذا المذهب اختاره المصنف والشارح.
قال أبو المعالي في النهاية هذا أصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في البلغة وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين وشرح بن منجا وغيرهم.
وقال القاضي يصح القبض من كل من يصح خلعه.
385

فعلى هذا يصح قبض المحجور عليه والعبد وقاله الإمام أحمد في العبد وصححه الناظم.
قال في الفروع ومن صح خلعه قبض عوضه عند القاضي انتهى.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر وتجريد العناية.
ويأتي في أول كتاب الطلاق أحكام طلاقه.
فائدة في صحة خلع المميز وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما يصح وهو المذهب جزم به في تجريد العناية وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وهو ظاهر كلام المصنف المتقدم.
والثاني لا يصح جزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر والنظم.
والخلاف هنا مبني على طلاقه على ما يأتي.
وظاهر الهداية والمذهب والرعايتين عدم البناء لأنهم أطلقوا الخلاف هنا وقدموا هناك الوقوع.
قلت لو قيل بالعكس لكان أوجه.
قوله (وهل للأب خلع زوجة ابنه الصغير أو طلاقها على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
إحداهما ليس له ذلك وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
ذكره في أول كتاب الطلاق.
386

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية له ذلك.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك.
وذكر في الترغيب أنها أشهر في المذهب.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أنها ظاهر المذهب.
قال في الخلاصة وله ذلك على الأصح.
واختارها بن عبدوس في تذكرته ونصرها القاضي وأصحابه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
فائدتان
إحداهما وكذا الحكم في أبي المجنون وسيد الصغير والمجنون خلافا ومذهبا وصحة خلع أبي المجنون وطلاقه من المفردات.
الثانية نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال طلق بنتي وأنت بريء من مهرها ففعل بانت ولم يبرأ ويرجع على الأب قاله في الفروع.
وحمله القاضي وغيره على جهل الزوج وإلا فخلع بلا عوض.
ولو كان قوله طلقها إن برئت منه لم تطلق.
وقال في الرعاية ومن قال طلق بنتي وأنت بريء من صداقها فطلق بانت ولم يبرأ نص عليه ولا يرجع هو على الأب.
وعنه يرجع إن غره وهي وجه في الحاوي.
وقيل إن لم يرجع فطلاقه رجعي.
وإن قال إن أبرأتني أنت منه فهي طالق فأبرأه لم تطلق.
وقيل بلى إن أراد لفظ الإبراء.
387

قلت أو صح عفوه عنه لصغرها وبطلاقها قبل الدخول والإذن فيه إن قلنا عقدة النكاح بيده وإن قال قد طلقتها إن أبرأتني منه فأبرأه طلقت نص عليه.
وقيل إن علم فساد إبرائه فلا انتهى.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن غير الأب ليس له أن يطلق على الابن الصغير وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه أن يملك طلاقه إن ملك تزويجه قال وهو قول بن عقيل فيما أظن.
وتقدم هل يزوج الوصي الصغير أم لا وهل لسائر الأولياء غير الأب والوصي تزويجه أم لا في مكانين من باب أركان النكاح.
أحدهما عند قوله ووصيه في النكاح بمنزلته.
والثاني عند قوله ولا يجوز لسائر الأولياء تزويج كبيرة إلا بإذنها.
قوله (وليس له خلع ابنته الصغيرة بشيء من مالها).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
فعليه لو فعل كان الضمان عليه نص عليه في رواية محمد بن الحكم.
وقيل له ذلك وهو رواية في المبهج.
نقل أبو الصقر فيمن زوج ابنه الصغير بصغيرة وندم أبواهما هل ترى في فسخها وطلاقهما عليهما شيئا قال فيه اختلاف وأرجو ولم ير به بأسا.
قال أبو بكر والعمل عندي على جواز ذلك منهما عليهما.
388

قال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن يملك ذلك إذا رأى لها فيه المصلحة والحظ.
قلت هذا هو الصواب.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة وكذلك أشار إليه بن عقيل في الفصول.
واختار في الرعاية أن ما صح عفو الأب عنه فهو كخلعه به وما لا فلا.
قوله (وهل يصح الخلع مع الزوجة).
بلا خلاف ومع الأجنبي.
على الصحيح من المذهب إذا صح بذله.
قال في الفروع والأصح يصح من غير الزوجة واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يصح مع الأجنبي إذا قلنا إنه فسخ.
وقيل لا يصح مطلقا ذكره في الرعايتين.
فعلى المذهب يقول الأجنبي له اخلع أو خالع زوجتك على ألف أو على سلعتي هذه وكذا إن قال على مهرها أو سلعتها وأنا ضامن أو على ألف في ذمتها وأنا ضامن فيجيبه إليه فيصح منه ويلزم الأجنبي وحده بذل العوض.
فإن لم يضمن حيث سمى العوض منها لم يصح الخلع قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
389

قوله (فإن خالعت الأمة بغير إذن سيدها على شيء معلوم كان في ذمتها تتبع به بعد العتق).
جزم المصنف هنا بصحة خلع الأمة بغير إذن سيدها.
وجزم به الخرقي وصاحب الجامع الصغير والشريف وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والترغيب ومنتخب الآدمي.
قال في القواعد الأصولية وهو مشكل إذ المذهب لا يصح تصرف العبد في ذمته بغير إذن سيده.
وقيل لا يصح بدون إذن سيدها كما لو منعها فخالعت وهو المذهب صححه في النظم.
قال في تجريد العناية لا يصح في الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور.
وهو ظاهر ما جزم به في العمدة فإنه قال ولا يصح بذل العوض إلا ممن يصح تصرفه في المال.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وهذه من جملة ما جزم به المصنف في كتبه الثلاثة وما هو المذهب.
ويتخرج وجه ثالث وهو أنه إن خالعته على شيء في ذمتها صح وإن خالعته على شيء في يدها لم يصح ذكره الزركشي.
فعلى الأول تتبع بالعوض بعد عتقها قاله الخرقي.
وقطع به المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه يتعلق برقبتها وأطلقهما في الفروع.
واختار في الرعاية الكبرى تتبع بمهر المثل.
390

وقال المصنف والشارح إن وقع على شيء في الذمة تعلق بذمتها وإن وقع على عين فقياس المذهب أنه لا شيء له.
قالا ولأنه إذا علم أنها أمة فقد علم أنها لا تملك العين فيكون راضيا بغير عوض.
قال الزركشي فيلزم من هذا التعليل بطلان الخلع على المشهور لوقوعه بغير عوض.
فائدة يصح خلع الأمة بإذن سيدها بلا نزاع.
والعوض فيه كدينها بإذن سيدها على ما تقدم في آخر باب الحجر هل يتعلق بذمة السيد أو برقبتها.
قوله (وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع).
هذا المذهب سواء أذن لها الولي أو لا ولأنه لا إذن له في التبرع وصححه في الفروع وغيره.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح وشرح بن منجا والوجيز وغيرهم.
وقيل يصح إذا أذن لها الولي.
قلت إن كان فيه مصلحة صح بإذنه وإلا فلا.
قوله (وإن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع ووقع طلاقه رجعيا).
يعني إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق.
فأما إن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولم ينو به الطلاق فهو كالخلع بغير عوض وسيأتي حكمه.
وقال المصنف في المغني والشارح ويحتمل أن لا يقع الخلع هنا لأنه إنما رضي به بعوض ولم يحصل له ولا أمكن الرجوع في بدله.
391

ومراده بوقوع الطلاق رجعيا إذا كان دون الثلاث وهو واضح.
تنبيه مراده بالمحجور عليها المحجور عليها للسفه أو الصغر أو الجنون.
أما المحجور عليها للفلس فإنه يصح خلعها ويرجع عليها بالعوض إذا فك عنها الحجر وأيسرت قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
قوله (والخلع طلاق بائن إلا أن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولا ينوي به الطلاق فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق في إحدى الروايتين).
الصحيح من المذهب أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق بشرطه الآتي وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذه الرواية هي المشهورة في المذهب واختيار عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم.
قال في الخلاصة فهو فسخ في الأصح.
قال في البلغة هذا المشهور.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
قال في تجريد العناية هذا الأظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين وإدراك الغاية والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية أنه طلاق بائن بكل حال.
وقدمه في المحرر والحاوي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والهادي والشرح وغيرهم.
392

تنبيه من شرط وقوع الخلع فسخا أن لا ينوي به الطلاق كما قال المصنف.
فإن نوى به الطلاق وقع طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه هو فسخ ولو نوى به الطلاق اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ومن شرط وقوع الخلع فسخا أيضا أن لا يوقعه بصريح الطلاق.
فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل هو فسخ ولو أتى بصريح الطلاق أيضا إذا كان بعوض.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا.
وقال عليه دل كلام الإمام أحمد رحمه الله وقدمه أصحابه.
قال في الفروع ومراده ما قال عبد الله رأيت أبي كان يذهب إلى قول بن عباس رضي الله عنهما وابن عباس صح عنه انه قال ما أجازه المال فليس بطلاق.
وصح عنه أنه قال الخلع تفريق وليس بطلاق.
قال في الفروع والخلع بصريح طلاق أو بنية طلاق بائن.
وعنه مطلقا وقيل عكسه.
وعنه بصريح خلع فسخ لا ينقص عددا.
وعنه عكسه بنية طلاق انتهى.
فوائد.
إحداها للخلع ألفاظ صريحة في الخلع وألفاظ كناية فيه.
فصريحه لفظ الخلع والمفاداة بلا نزاع.
وكذا الفسخ على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
393

والمغني والكافي والهادي والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل هو كناية.
وفي الواضح وجه ليس بكناية.
وأما كناياته فالإبانة بلا نزاع نحو ابنتك والتبرئة على الصحيح من المذهب نحو بارأتك وأبرأتك جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح والزركشي والرعايتين وقدمه في الفروع.
زاد في الرعايتين والحاوي وتذكرة بن عبدوس المبارأة.
وقال في الروضة صريحه لفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة أو بارأتك.
الثانية إذا طلبت الخلع وبذلت العوض فأجابها بصريح الخلع أو كنايته صح الخلع من غير نية لأن دلالة الحال من سؤال الخلع وبذل العوض صارفة إليه فأغنى عن النية.
وإن لم تكن دلالة حال وأتى بصريح الخلع وقع من غير نية سواء قلنا هو فسخ أو طلاق.
وإن أتى بكناية لم يقع إلا بنية ممن تلفظ به منهما ككنايات الطلاق مع صريحه قاله المصنف والشارح وغيرهما.
وقال في الرعاية فإن سألته الخلع بصريح فأجابها بصريح وقع وإلا وقف على نية من أتى منهما بكناية.
الثالثة يصح ترجمة الخلع بكل لغة من أهلها قاله في الرعاية.
الرابعة قال الأزجي في نهايته يتفرع على قولنا الخلع فسخ أو طلاق مسألة ما إذا قال خالعت يدك أو رجلك على كذا فقبلت.
394

فإن قلنا الخلع فسخ لا يصح ذلك وإن قلنا هو طلاق صح كما لو أضاف الطلاق إلى يدها أو رجلها.
الخامسة نقل الجراحي في حاشيته على الفروع أن بن أبي المجد يوسف نقل عن شيخه الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه قال تصح الإقالة في الخلع وفي عوضه كالبيع وثمنه لأنهما كهما في غالب أحكامهما من عدم تعليقهما واشتراط العوض والمجلس ونحو ذلك.
وقياسه الطلاق بعوض وأنه إن أريد به أن تبطل البينونة أو الطلاق ففيه نظر ظاهر كما أنكره عليه فيه صاحب الفروع في غيره.
وقال له في بعض مناظراته إنك أخطأت في النقل عن شيخنا المذكور.
وإن أريد بقاؤهما دون الفرض وأنه يرجع إلى الزوجة أو تبرأ منه ولا تحل له إلا بعقد جديد فمسلم كعتق على مال وعقد نكاح وصلح عن دم عمد على مال ونحوها ولمن جهل خروج العوض أو البضع.
وعنه الخيار في الأول فقط في الأصح فيهما إذ لا إقالة في الطلاق للخبر فيه وقيس عليه نحوه.
ويقبل قوله فيه بيمينه إن جهله مثله لأنه مال وإلا فلا فهو حينئذ تبرع لها أو للسائل غيرها بالعوض المذكور أو بنظيره.
قوله (ولا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب لا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به إلا أن قلنا هو طلقة ويكون بلا عوض ويكون بعد الدخول أيضا وقاله في الرعاية الصغرى.
395

قوله (فإن شرط الرجعة في الخلع لم يصح الشرط في أحد الوجهين).
وهو المذهب اختاره بن حامد وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والفروع والرعايتين.
وفي الأخرى يصح الشرط ويبطل العوض فيقع رجعيا.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح وشرح بن منجا.
فعلى المذهب تستحق المسمى في الخلع على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع وهو احتمال في المغني والشرح.
وقيل يلغو المسمى ويجب مهر مثلها اختاره القاضي.
وقدمه بن منجا في شرحه.
فائدة لو شرط الخيار في الخلع صح الخلع ولغا الشرط.
قوله (ولا يصح الخلع إلا بعوض في أصح الروايتين).
وكذا قال في المستوعب وصححه في النظم وتجريد العناية وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب والشيرازي قاله الزركشي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والأخرى يصح بغير عوض اختاره الخرقي وابن عقيل في التذكرة.
وجعله الشيخ تقي الدين رحمه الله كعقد البيع حتى في الإقالة وأنه لا يجوز إذا كان فسخا بلا عوض إجماعا.
396

واختلف فيه كلامه في الانتصار.
وظاهر كلام جماعة جوازه قاله في الفروع.
قوله (فإن خالعها بغير عوض لم يقع إلا أن يكون طلاقا فيقع رجعيا).
يعني إلا أن ينوي بالخلع الطلاق أو نقول الخلع طلاق.
تنبيه فعلى الرواية الثانية التي هي اختيار الخرقي ومن تابعه لا بد من السؤال وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال ولو خالعها على غير عوض كان خلعا ولا شيء له.
قال الأصفهاني مراده ما إذا سألته فأما إذا لم تسأله وقال لها خالعتك فإنه يكون كناية في الطلاق لا غير انتهى.
قال أبو بكر لا خلاف عن أبي عبد الله أن الخلع ما كان من قبل النساء فإذا كان من قبل الرجال فلا نزاع في أنه طلاق يملك به الرجعة ولا يكون فسخا ويأتي بعد هذا ما يدل عليه.
فائدة لا يحصل الخلع بمجرد بذل المال وقبوله من غير لفظ الزوج فلا بد من الإيجاب والقبول في المجلس.
قال القاضي هذا الذي عليه شيوخنا البغداديون وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وذهب أبو حفص العكبري وابن شهاب إلى وقوع الفرقة بقبول الزوج للعوض.
وأفتى بذلك بن شهاب بعكبرا.
397

واعترض عليه أبو الحسين بن هرمز واستفتى عليه من كان ببغداد من أصحابنا قاله القاضي.
قال في الرعايتين والحاوي وقيل يتم بقبول الزوج وحده إن صح بلا عوض وهو رواية في الفروع.
قوله (ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإن فعل كره وصح).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المنصوص والمختار لعامة الأصحاب وصححه الناظم وغيره وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقال أبو بكر لا يجوز ويرد الزيادة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قوله (وإن خالعها بمحرم كالخمر والحر فهو كالخلع بغير عوض).
يعني إذا كانا يعلمان تحريم ذلك فإنهما إذا كانا لا يعلمان ذلك فلا شيء له وهو كالخلع بغير عوض على ما مر وهذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب في الهداية.
قال في القواعد هو قول أبي بكر والقاضي والأصحاب.
فإذا صححناه لم يلزم الزوج شيء بخلاف النكاح على ذلك.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله يرجع إلى المهر كالنكاح انتهى.
وقال الزركشي إذا كانا يعلمان انه حر أو مغصوب فإنه لا شيء له
398

بلا ريب لكن هل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان للأصحاب.
الأولى طريقة القاضي في الجامع الصغير وابن البناء وابن عقيل في التذكرة.
والثانية طريقة الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي والشيخين انتهى.
قلت وهذه الطريقة هي المذهب كما تقدم.
والطريقة الأولى قدمها في الرعايتين والحاوي والخلاصة.
فعليها تبين مجانا.
فائدتان
إحداهما لو جهل التحريم صح وكان له بدله قاله في الرعايتين.
الثانية إذا تخالع كافران بمحرم يعلمانه ثم أسلما أو أحدهما قبل قبضه فلا شيء له على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الجامع وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل له قيمته عند أهله اختاره المصنف وغيره.
وقيل له مهر المثل اختاره القاضي في المجرد.
قوله (وإن خالعها على عبد فبان حرا أو مستحقا فله قيمته عليها).
يعني إذا لم يكن مثليا فإن كان مثليا فله مثله ويصح الخلع على الصحيح من المذهب.
399

قال في الرعايتين يصح الخلع على الأصح وقطع به المصنف في المغني والشارح وصاحب الحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه لا يصح الخلع ذكرها في الرعايتين قوله وإن بان معيبا فله أرشه أو قيمته ويرده فهو بالخيرة في ذلك تغليبا للمعاوضة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا والوجيز وغيرهم وقدمه الزركشي وعنه لا أرش له مع الإمساك كالرواية التي في البيع والصداق.
تنبيه قوله فبان حرا أو مستحقا يحترز عما إذا كانا يعلمان ذلك فإنه لا شيء له وهل يصح الخلع أو يكون كالخلع بغير عوض فيه طريقان.
الأول طريق القاضي في الجامع الصغير وابن البنا وابن عقيل في التذكرة.
والثاني طريق الشريف وأبي الخطاب والشيرازي والمصنف والمجد وغيرهم.
قوله (وإن خالعها على رضاع ولده عامين أو سكنى دار صح فإن مات الولد أو خربت الدار رجع بأجرة باقي المدة من أجرة الرضاع والدار وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم وتذكرة بن عبدوس والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الرعايتين).
قال في المستوعب رجع عليها بأجرة رضاعة أو ما بقي منها وقيل يرجع بأجرة المثل جزم به في المغني والكافي.
قال الشارح فإذا خربت الدار رجع عليها بأجرة باقي المدة وتقدر بأجرة المثل.
400

وأطلقهما في الفروع فقال يرجع قيل ببقية حقه وقيل بأجرة المثل.
فعلى المذهب هل يرجع به دفعة واحدة أو يستحقه يوما فيوما فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يرجع يوما بيوم.
قلت وهو أولى وأقرب إلى العدل وذكره القاضي في المجرد.
قال المصنف والشارح وهو الصحيح.
والثاني يستحقه دفعة واحدة قاله القاضي في الجامع.
فائدتان
إحداهما موت المرضعة وجفاف لبنها في أثناء المدة كموت المرتضع في الحكم على ما تقدم وكذا كفالة الولد مدة معينة ونفقته.
لكن قال في الرعاية لو مات في الكفالة في أثناء المدة فإنه يرجع بقيمة كفالة مثلها لمثله.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وفي اعتبار ذكر قدر النفقة وصفتها وجهان.
قال في الرعاية الكبرى فإن صح الإطلاق فله نفقة مثله وقطع به في المغني والشرح.
الثانية لو أراد الزوج أن يقيم بدل الرضيع من ترضعه أو تكفله فأبت أو أرادته هي فأبى لم يلزما وإن أطلق الرضاع فحولان أو بقيتهما.
قوله (وإن خالع الحامل على نفقة عدتها صح).
وسقطت هذا المذهب نص عليه.
قال في الفروع ويصح بنفقتها في المنصوص.
401

وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعلى قول أبي بكر الآتي قريبا الخلع باطل.
وقيل إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح وفيه روايتان.
وجزم به في الفصول وإلا فهو خلع بمعدوم.
قال في القاعدة الرابعة عشر لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها صح وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملك.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين انتهى.
ويأتي ذلك أيضا في النفقات.
فائدتان
إحداهما لو خالع حاملا فأبرأته من نفقة حملها فلا نفقة لها ولا للولد حتى تفطمه.
نقل المروذي إذا أبرأته من مهرها ونفقتها ولها ولد فلها النفقة عليه إذا فطمته لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم الخرقي.
وقال القاضي إنما صحت المخالعة على نفقة الولد وهي للولد دونها لأنها في حكم المالكة لها وبعد الوضع تأخذ أجرة رضاعها.
فأما النفقة الزائدة على هذا من كسوة الطفل ودهنه ونحوه فلا يصح أن تعاوض به لأنه ليس لها ولا في حكم ما هو لها.
قال الزركشي وكأنه يخصص كلام الخرقي.
الثانية يعتبر في ذلك كله الصيغة فيقول خلعتك أو فسخت
402

أو فاديت على كذا فتقول قبلت أو رضيت ويكفي ذلك على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع وقيل وتذكره.
قوله (ويصح الخلع بالمجهول).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع وغيره هذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المذهب المعمول به.
وقال أبو بكر لا يصح وقال هو قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به أبو محمد الجوزي وأنه كالمهر.
والعمل والتفريع على الأول.
قوله (فإذا خالعها على ما في يدها من الدراهم أو ما في بيتها من المتاع فله ما فيهما فإن لم يكن فيهما شيء فله ثلاثة دراهم وأقل ما يسمى متاعا).
إن كان في يدها شيء من الدراهم فهي له لا يستحق غيرها.
وظاهر كلامه ولو كان دون ثلاثة دراهم وهو صحيح.
وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والفروع وقدمه الزركشي.
وقيل يستحق ثلاثة دراهم كاملة.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
وأما إذا لم يكن في يدها شيء فجزم المصنف هنا بأن له ثلاثة دراهم.
وجزم به غيره ونص عليه.
وقال الزركشي الذي يظهر أن له ما في يدها فإن لم يكن في يدها شيء فله أقل ما يتناوله الاسم انتهى.
403

ويأتي كلامه في المحرر.
وإذا لم يكن في بيتها متاع فجزم المصنف هنا أنه يلزمها أقل ما يسمى متاعا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال القاضي يرجع عليها بصداقها.
وقاله أصحاب القاضي أيضا قاله المصنف والشارح.
وقيل إذا لم تغره فلا شيء عليها.
قوله (وإن خالعها على حمل أمتها أو ما تحمل شجرتها فله ذلك فإن لم تحملا فقال الإمام أحمد رحمه الله ترضيه بشيء).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال القاضي لا شيء له.
وتأول كلام الإمام أحمد ترضيه بشيء على الاستحباب.
وفرق بين هذه المسألة ومسألة الدراهم والمتاع حيث يرجع هناك إذا لم يجد شيئا وهنا لا يرجع وصححه في النظم وقدمه في تجريد العناية.
وقال ابن عقيل له مهر المثل.
وقال أبو الخطاب له المهر المسمى لها.
وقيل يبطل الخلع هنا وإن صححناه في التي قبلها.
وقال في المحرر ومن تابعه ما معناه وإن جعلا العوض ما لا يصح مهرا لغرر أو جهالة صح الخلع به إن صححنا الخلع بغير عوض ووجب فيما لا يجهل حالا ومآلا كثوب ودار ونحوهما أدنى ما يتناوله الاسم.
وأما فيما يتبين في المال كخمل أمتها وما تحمل شجرتها وآبق منقطع
404

منقطع خبره وما في بيتها من متاع أو ما في يدها من الدراهم فله ما ينكشف ويحصل منه ولا شيء عليها لما يتبين عدمه إلا ما كان بتغريرها كمسألة المتاع والدراهم.
وأما إن قلنا باشتراط العوض في الخلع ففيه خمسة أوجه.
أحدها وهو ظاهر كلامه صحة الخلع بالمسمى كما سبق لكن يجب أدنى ما يتناوله الاسم لما يتبين عدمه وإن لم تكن غرته كحمل الأمة والشجر.
الثاني صحته بمهرها فيما يجهل حالا ومآلا وصحته بالمسمى فيما يرجى تبيينه فإن تبين عدمه رجع إلى مهرها.
وقيل إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الثالث فساد المسمى وصحة الخلع بقدر مهرها.
وقيل إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الرابع بطلان الخلع قاله أبو بكر.
الخامس بطلانه بالمعدوم وقت العقد كما يحمل شجرها وصحته مع الموجود يقينا أو ظنا.
ثم هل يجب المسمى أو قدر المهر أو يفرق بين المتبين مآلا وبين غيره مبني على ما سبق انتهى.
قوله (فإن خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا وإن قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق طلقت بأي عبد أعطته إياه طلاقا بائنا وملك العبد نص عليه).
إذا خالعها على عبد فله أقل ما يسمى عبدا على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمغني والشرح.
405

وقيل يجب مهرها.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط.
قال في المحرر والفروع والحاوي وإن خالعها على عبد مطلق فله الوسط إن قلنا به في المهر وإلا فهل له أي عبد أعطته أو قدر مهرها والخلع أباطل ينبني على ما سبق.
وأما إذا قال لها إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فالصحيح من المذهب أنها تطلق بأي عبد أعطته يصح تمليكه نص عليه وجزم في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي يلزمها عبد وسط فلو أعطته معيبا أو دون الوسط فله رده وأخذ بدله والبينونة بحالها.
فائدتان
إحداهما لو أعطته عبدا مدبرا أو معلقا عتقه بصفة وقع الطلاق قاله في المغني والشرح وغيرهما.
الثانية لو بان مغصوبا أو حرا قال في الرعايتين والحاوي وغيرهم أو مكاتبا لم تطلق كتعليقه على هروى فتعطيه
مرويا قاله في الفروع.
وجزم به في المحرر.
وجزم به في المغني والشرح في موضع وقدماه في آخر وصححه في النظم وغيره.
وعنه يقع الطلاق وله قيمته قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل يلزمها قدر مهرها.
وقيل يبطل الخلع.
قال في الرعاية الكبرى ويحتمل أن تجب قيمة الحر كأنه عبد.
406

وقال ابن عبدوس في تذكرته وغيره إن بان مكاتبا فله قيمته وإن بان حرا أو مغصوبا لم تطلق كقوله هذا العبد انتهى.
ويأتي نظيرها في كلام المصنف قريبا فيما إذا قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق.
قوله (وإن قال إن أعطيتيني هذا العبد فأنت طالق فأعطته إياه طلقت وإن خرج معيبا فلا شيء له).
تغليبا للشرط هذا المذهب نص عليه.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل له الرد وأخذ القيمة بالصفة سليما اختاره القاضي.
وقال في المستوعب بعد أن قدم ما قاله المصنف وذكر الخرقي أنه إذا خالعها على ثوب فخرج معيبا أنه مخير بين أن يأخذ أرش العيب أو قيمة الثوب ويرده فيكون في مسألتنا كذلك انتهى.
وقال في الترغيب في رجوعه بأرشه وجهان وأنه لو بان مستحق الدم فقتل فأرش عيبه وقيل قيمته نقله في الفروع.
قلت قال في المستوعب فإن خالعته على عبد فوجده مباح الدم بقصاص أو غيره فقتل رجع عليها بأرش العيب ذكره القاضي.
وذكر بن البنا أنه يرجع بقيمته.
قوله (وإن خرج مغصوبا لم يقع الطلاق).
وكذا لو بان حرا وهذا المذهب.
407

جزم به الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع وله قيمته وكذلك في التي قبلها.
يعني فيما إذا قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فأعطته عبدا مغصوبا.
وجزم بهذه الرواية في الروضة وغيرها فقال لو خالعته على عبد فبان حرا أو مغصوبا أو بعضه صح ورجع بقيمته أو قيمة ما خرج.
قوله (وإن قال إن أعطيتيني ثوبا هرويا فأنت طالق فأعطته مرويا لم تطلق بلا نزاع).
قوله (وإن خالعته على مروي).
بأن قالت اخلعني على هذا الثوب المروي فبان هرويا فله الخيار بين رده وإمساكه هذا أحد الوجهين.
جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعند أبي الخطاب ليس له غيره إن وقع الخلع منجزا على عينه.
اختاره في الهداية وهو المذهب.
بناء على أنه قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وهذا يقتضي حكاية وجهين في كل من الكتب الثلاثة في الخلع المنجز على عوض معين إذا بانت الصفة المعينة مخالفة وأن المقدم منهما في ذلك فيها أنه ليس له غيره وأن المؤخر منها فيها أنه يخير في ذلك بين رده وإمساكه وليس فيها ولا في بعضها حكايتهما في ذلك.
408

بل في المحرر والنظم في باب الصداق أنه إذا ظهر فيه على عيب أو نقص صفة شرطت فيه أنه يخير بين الأرش يعني مع الإمساك أو الرد وأخذ القيمة كاملة.
ثم حكوا رواية أخرى بأنه لا أرش مع إمساكه ولم يحكيا غيره في الباب المذكور.
ثم ذكرا في باب الخلع مسألة الصداق المعلق على عوض معين وقدما أنه لا شيء له غيره إن بان بخلاف الصفة المعينة.
ثم حكيا قولا بأن له رده وأخذ قيمته بالصفة سليما كما لو نجز الخلع عليه.
ومقتضى هذا أنه لا خلاف عندهما في الخلع المنجز وأنه يخير بين ما ذكر سواء كان بلفظ الخلع أو الطلاق.
وفي الفروع في باب الصداق أنه إن بان عوض الخلع المنجز معيبا أو ناقصا صفة شرطت فيه أن حكمه حكم المبيع واقتصر على ذلك.
ومقتضاه أنه يخير إذا وجده معيبا أو ناقصا كما ذكر بين إمساكه ورده.
ولم يتعرض للمسألة في باب الخلع اكتفاء بما ذكره في باب الصداق.
فهذا هو المجزوم به فيها في الكتب الثلاثة مع الجزم به أيضا في الوجيز والرعاية الكبرى والمقدم من الوجهين المذكورين في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والرعاية الصغرى وغيرها.
والوجه الآخر إنما هو اختيار لأبي الخطاب في الهداية كما حكاه عنه فيها جماعة من الأصحاب.
فتبين بذلك أن المذهب منهما فيها حينئذ هو الوجه الأول الذي جزم به بعض الأصحاب وقدمه بعضهم أيضا منهم
المؤلف.
لا أنه هو الوجه الثاني منهما عنده وجزم به في بعض كتبه تبعا لغيره والله أعلم.
409

قوله (إذا قال إن أعطيتيني أو إذا أعطيتيني أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق كان على التراخي أي وقت أعطته ألفا طلقت).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب لأن الشرط لازم من جهته لا يصح إبطاله.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده.
ووافق على شرط محض كقوله إن قدم زيد فأنت طالق.
وقال التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة وقول من قال التعليق لازم دعوى مجردة انتهى.
ويأتي هذا وغيره في أوائل باب تعليق الطلاق بالشروط.
تنبيه مراده بقوله أي وقت أعطته ألفا طلقت بحيث يمكنه قبضه صرح به في المنتخب والمغني والشرح وغيرهم.
ومراده أن تكون الألف وازنة بإحضاره ولو كانت ناقصة بالعدد وازنتها في قبضه وملكه.
وفي الترغيب وجهان في إن أقبضتينى فأحضرته ولم يقبضه فلو قبضه فهل يملكه فيقع الطلاق بائنا أم لا يملكه فيقع رجعيا فيه احتمالان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب أنه يكون بائنا بالشرط المتقدم.
وقيل يكفي عدد متفق برأسه بلا وزن لحصول المقصود فلا يكفي وازنة ناقصة عددا وهو احتمال في المغني والشرح.
قلت وهذا القول هو المعروف في زمننا وغيره.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في الزكاة يقويه.
والسبيكة لا تسمى دراهم.
410

قوله (وإن قالت اخلعني بألف أو على ألف أو طلقني بألف أو على ألف).
وكذا لو قالت ولك ألف إن طلقتني أو خالعتني أو إن طلقتني فلك على ألف ففعل بانت.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل يشترط من الزوج أيضا ذكر العوض ويستحق الألف.
يعني من غالب نقد البلد.
فوائد.
الأولى يشترط في ذلك أن يجيبها على الفور على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف لقوله ففعل وقدمه في الفروع.
وقيده بالمجلس في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى فقال بانت إن كان في المجلس وإلا لم يقع شيء.
وقيل إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا انتهى.
وقيده بالمجلس أيضا في الترغيب في قولها إن طلقتني فلك ألف فقال خالعتك أو طلقتك انتهى.
وقيل لا تشترط الفورية بل يكون على التراخي وجزم به في المنتخب.
الثانية لها أن ترجع قبل أن يجيبها قاله في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل يثبت خيار المجلس فيمتنع من قبض العوض ليقع رجعيا.
وقال في الترغيب في خلعتك أو اخلعني ونحوهما على كذا يعتبر
411

القبول في المجلس إن قلنا الخلع فسخ بعوض وإن قلنا هو فسخ منه مجرد فكالابراء والإسقاط لا يعتبر فيه قبول ولا عوض فتبين بقوله فسخت أو خلعت.
الثالثة لا يصح تعليقه بقوله إن بذلت لي كذا فقد خلعتك قاله في الفروع.
وقال في باب الشروط في البيع ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ لا.
قال في الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه عدم الصحة أظهر لأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاقدين فلا يصح تعليقه بشرط كالبيع انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقولها إن طلقتني فلك كذا أو أنت بريء منه ك إن طلقتني فلك علي ألف وأولى.
وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط.
أما لو التزم دينا لا على وجه المعاوضة كإن تزوجت فلك في ذمتي ألف أو جعلت لك في ذمتي ألفا لم يلزمه عند الجمهور.
قال القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشي الفروع وقوله لا يصح تعليقه بقوله إن بذلت لي كذا قد ذكر المصنف في القسم الثاني من الشروط في البيع ما نصه ويصح تعليق الفسخ بشرط ذكره في التعليق والمبهج.
وذكر أبو الخطاب والشيخ تقي الدين رحمه الله لا يصح.
قال صاحب الرعاية فيما إذا اجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ على الأصح انتهى.
412

فأقر صاحب الرعاية هناك ولم يتعقبه.
وجزم هنا بعدم الصحة وهو الأظهر كما قاله بن نصر الله وعلله بأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاوضين فلم يصح تعليقه بشرط كالبيع.
الرابعة لو قالت طلقني بألف إلى شهر فطلقها قبله فلا شيء له نص عليه وإن قالت من الآن إلى شهر فطلقها
قبله استحقه على الصحيح من المذهب وذكر القاضي أنه يستحق مهر مثلها.
الخامسة لو قالت طلقني بألف فقال خلعتك فإن قلنا هو طلاق استحقه وإلا لم يصح هذا هو الصحيح من المذهب.
وقيل هو خلع بلا عوض.
وتقدم كلامه في الرعاية الكبرى.
وقال في الروضة يصح وله العوض لأن القصد أن تملك نفسها بالطلقة وقد حصل بالخلع.
وعكس المسألة بأن قالت اخلعني بألف فقال طلقتك يستحقها إن قلنا هو طلاق وإلا فوجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
أحدهما لا يستحق شيئا وهو الصواب وقدمه بن رزين في شرحه.
قال في الرعاية الكبرى وقيل إن قالت اخلعني بألف فقال في المجلس طلقتك طلقت مجانا كما تقدم.
فإن لم يستحق ففي وقوعه رجعيا احتمالان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح.
قلت الصواب أنه يقع رجعيا.
وعلى القول الآخر لا يقع بها شيء.
413

قوله (وإن قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا استحقها).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل إن قال أنت طالق ثلاثا بألف استحق ثلث الألف فقط.
وقال ابن عبدوس في تذكرته وإن قالت طلقني واحدة بألف أو على ألف فقال أنت طالق ثلاثا بألف أخذها والأقوى إن رضيت أخذها وأن أبت لم تطلق انتهى.
تنبيه وكذا الحكم لو طلقها اثنتين قاله في الروضة.
فائدة لو قالت طلقني واحدة بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق بانت بالأولى على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته واختاره القاضي في المجرد.
قلت فيعايى بها.
وقيل تطلق ثلاثا.
قلت هذا موافق لقواعد المذهب والأول مشكل عليه.
قال في القواعد الأصولية لو قالت له زوجته التي لم يدخل بها طلقني بألف فقال أنت طالق وطالق وطالق فقال القاضي في المجرد تطلق هنا واحدة وما قاله في المجرد بعيد على قاعدة المذهب.
وخالفه في الجامع الكبير فقال تطلق هنا ثلاثا بناء على قاعدة المذهب أن الواو لمطلق الجمع.
ثم ناقض فذكر في نظيرتها أنها تطلق واحدة.
ومن الأصحاب من وافقه في بعض الصور وخالفه في بعضها.
414

ومنهم من قال ما قاله سهو على المذهب ولا فرق عندنا بين قوله أنت طالق ثلاثا وبين قوله أنت طالق وطالق وطالق.
وهو طريق صاحب المحرر في تعليقه على الهداية انتهى.
فعلى المذهب لو ذكر الألف عقيب الثانية بانت بها والأولى رجعية ولغت الثالثة.
قوله (وإن قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة لم يستحق شيئا ووقعت رجعية).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
ويحتمل أن يستحق ثلث الألف.
وهو لأبي الخطاب وهو رواية في التبصرة وتقع بائنة.
قوله (وإن لم يكن بقي من طلاقها إلا واحدة ففعل استحق الألف علمت أو لم تعلم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاله المصنف والشارح.
ويحتمل أن لا يستحق إلا ثلثه إذا لم يعلم وهو للمصنف هنا.
قوله (وإن كان له امرأتان مكلفة يعني رشيدة وغير مكلفة).
يعني وكانت مميزة فقال أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا قد شئنا لزم المكلفة نصف الألف وطلقت بائنا.
الصحيح من المذهب أنه يلزمها نصف الألف.
اختاره أبو بكر وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع وغيرهم.
415

وعند بن حامد يقسط الألف على قدر مهريهما.
وذكره المصنف والشارح ظاهر المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
قوله (ووقع الطلاق بالأخرى رجعيا ولا شيء عليها).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا مشيئة لها.
فعلى هذا لا تطلق واحدة منهما كما لو كانت غير مميزة.
قال المصنف والشارح وغيرهما وكذلك المحجور عليها للسفه حكمها حكم غير المكلفة.
فائدتان
إحداهما لو قالت له زوجتاه طلقنا بألف فطلق إحداهما بانت بقسطها من الألف.
ولو قالته إحداهما فطلاقه رجعي ولا شيء له صححه في المحرر وقدمه في الكافي.
قال في المغني قياس قول أصحابنا لا يلزم الباذلة هنا شيء.
وقال القاضي هي كالتي قبلها.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به بن رزين في شرحه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع.
الثانية لو قالت طلقني بألف على أن لا تطلق ضرتي أو على أن تطلقها صح شرطه وعوضه فإن لم يف استحق في الأصح الأقل منه أو المسمى قاله في الفروع وغيره.
416

قوله (وإن قال لامرأته أنت طالق وعليك ألف طلقت ولا شيء عليها).
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب لكن إذا قبلت فتارة تقبل في المجلس وتارة لا تقبل.
فإن قبلت في المجلس بانت منه واستحقه وله الرجوع قبل قبولها على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع.
وجعله المصنف رحمه الله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم قريبا.
وإن لم تقبل في المجلس فالصحيح من المذهب أنها تطلق مجانا رجعيا ولا شيء عليها نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم بن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور والشرح وشرح بن منجا.
بل قطع به أكثر الأصحاب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل لا تطلق حتى تختار ذكره في الرعايتين.
ولم أره في غيرهما والظاهر أنه التخريج.
وقال القاضي لا تطلق.
قال في الفروع وخرج من نظيرتها في العتق عدم الوقوع.
قوله (وإن قال على ألف أو بألف فكذلك).
يعني أن ذلك ليس بشرط ولا كالشرط على الصحيح من المذهب.
لكن إن قبلت في المجلس بانت منه واستحق الألف وله الرجوع قبل قبولها كالأولى وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والفروع.
417

وجعله في المغني كإن أعطيتيني ألفا فأنت طالق كما تقدم.
قال في المحرر في الصور الثلاث وقيل إذا جعلناه رجعيا بلا قبول فكذلك إذا قبل.
وإن لم يقبل فالصحيح من المذهب أنه يقع رجعيا ولا شيء عليها وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتجريد العناية وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وجزم به في القواعد في قوله بألف.
ويحتمل أن لا تطلق حتى تختار فيلزمها الألف.
وهو قول القاضي في المجرد نقله عنه بن منجا في شرحه وغيره.
واختاره بن عقيل نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال القاضي في موضع من كلامه لا تطلق إلا إذا قال بألف فلا تطلق حتى تختار ذلك واختاره الشارح.
ونقل المصنف في المغني والشارح وابن منجا عن القاضي أنه قال لا تطلق في قوله على ألف حتى تختار.
قال في الفروع وخرج عدم الوقوع من نظيرتهن في العتق.
وقال القاضي في موضع من كلامه أيضا إنها لا تطلق إلا في قوله لها أنت طالق بألف نقله عنه في المحرر وغيره.
وقال ابن عقيل لا تطلق في الصورتين الأولتين وتطلق في الأخيرة.
فائدة لا ينقلب الطلاق الرجعي بائنا ببذلها الألف في المجلس في الصور الثلاث على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
418

وقيل بل في الصورتين الأخيرتين فقط.
قلت فيعايى بهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مع أن علي للشرط اتفاقا وقال المصنف في المغني ليست للشرط ولا للمعاوضة لعدم صحة قوله بعتك ثوبي على دينار.
قوله (وإن خالعته في مرض موتها فله الأقل من المسمى أو ميراثه منها).
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وابن منجا والخرقي والزركشي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل إذا خالعته على مهرها فللورثة منعه ولو كان أقل من ميراثه منها.
قوله (وإن طلقها في مرض موته وأوصى لها بأكثر من ميراثها لم تستحق أكثر من ميراثها وإن خالعها في مرضه أو حاباها فهو من رأس المال).
قد تقدم في أواخر باب الهبة إذا عاوض المريض بثمن المثل للوارث وغيره وإذا حابى وارثه أو أجنبيا فليعاود.
قوله (وإذا وكل الزوج في خلع امرأته مطلقا فخالع بمهرها فما زاد صح بلا نزاع وإن نقص من المهر رجع على الوكيل بالنقص ويصح الخلع).
هذا المذهب وأحد الأقوال اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في الرعايتين وتجريد العناية وجزم به في
الوجيز.
419

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.
ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا وبين رده وله الرجعة.
وهذا الاحتمال للقاضي وأبي الخطاب.
وقيل يجب مهر مثلها وهو احتمال للقاضي أيضا.
وقيل لا يصح الخلع وقدمه الناظم وصححه وإليه ميل المصنف والشارح وهو ظاهر قول بن حامد والقاضي.
وأطلق الأول والأخير في المحرر والشرح.
وأطلق الأول والثالث والرابع في الفروع والثاني لم يذكره فيه.
فائدة لو خالع وكيله بلا مال كان الخلع لغوا مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل يصح إن صح الخلع بلا عوض وإلا وقع رجعيا.
وأما وكيلها فيصح خلعه بلا عوض.
قوله (وإن عين له العوض فنقص منه لم يصح الخلع عند بن حامد).
وهو المذهب اختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف والشارح.
وصححه في الرعايتين والنظم وقدمه في الخلاصة وجزم به في المنور.
وقال أبو بكر يصح ويرجع على الوكيل بالنقص.
قال في الفائدة العشرين هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه هذا أصح وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والحاوي الصغير والفروع.
قوله (وإن وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون صح بلا نزاع وإن زاد لم يصح).
420

هذا أحد الأقوال وجعله بن منجا في شرحه المذهب وصححه الناظم.
ويحتمل أن يصح وتبطل الزيادة.
يعني أنها لا تلزم الوكيل.
وقيل لا تصح في المعين وتصح في غيره.
وقيل تصح وتلزم الوكيل الزيادة وهو المذهب صححه في الرعايتين.
وجزم به في الهداية والمذهب والحاوي الصغير والوجيز.
وقدمه في المغني والكافي والشرح.
وقال القاضي في المجرد عليها مهر مثلها ولا شيء على وكيلها لأنه لم يقبل العقد لها لا مطلقا ولا لنفسه بخلاف الشراء.
وأطلقهن في الفروع إلا الثاني فإنه لم يذكره.
وقال في المستوعب إذا وكلته وأطلقت لا يلزمها إلا مقدار المهر المسمى فإن لم يكن فمهر المثل.
وقال فيما إذا زاد على ما عينت له يلزم الوكيل الزيادة.
وقال ابن البنا يلزمها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو المسمى.
فائدتان
إحداهما لو خالف وكيل الزوج أو الزوجة جنسا أو حلولا أو نقد بلد فقيل حكمه حكم غيره فيه الخلاف المتقدم.
قال القاضي القياس أن يلزم الوكيل الذي أذن فيه ويكون له ما خالع به ورده المصنف.
وقيل لا يصح الخلع مطلقا.
قال المصنف والشارح القياس أنه لا يصح هنا.
قال في الكافي والرعاية لا يصح وأطلقهما في الفروع.
421

الثانية لو كان وكيل الزوج والزوجة واحدا وتولى طرفي العقد كان حكمه حكم النكاح قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ولا يتولى طرفي الخلع وكيل واحد وخرج جوازه.
قوله (وإن تخالعا تراجعا بما بينهما من الحقوق).
يعني حقوق النكاح وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنها تسقط.
واستثنى الأصحاب منهم المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع وغيرهم نفقة العدة.
زاد في المحرر والفروع وغيرهما وهو مراد غيرهم وبقية ما خولع ببعضه.
تنبيهان.
أحدهما قوله وعنه أنها تسقط يعني حقوق النكاح.
أما الديون ونحوها فإنها لا تسقط قولا واحدا قاله الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهم.
الثانية مفهوم قوله وإن تخالعا أنهما لو تطالقا تراجعا بجميع الحقوق قولا واحدا وهو صحيح صرح به بن منجا في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما.
قوله (وإن اختلفا في قدر العوض أو عينه أو تأجيله فالقول قولها مع يمينها).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
422

ويتخرج أن القول قول الزوج خرجه القاضي وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله حكاها القاضي أيضا.
وقيل القول قول الزوج إن لم يجاوز مهرها.
ويحتمل أن يتحالفا إن لم يكن بلفظ طلاق ويرجعا إلى المهر المسمى إن كان وإلا إلى مهر المثل إن لم يكن مسمى وهو لأبي الخطاب.
قوله (وإن علق طلاقها بصفة ثم خالعها أو أبانها بثلاث أو دونها فوجدت الصفة ثم عاد فتزوجها فوجدت الصفة طلقت نص عليه).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم.
ويتخرج أن لا تطلق بناء على الرواية في العتق واختاره أبو الحسن التميمي.
وجزم في الروضة بالتسوية بين العتق والطلاق.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الترغيب الطلاق أولى من العتق.
وحكاه بن الجوزي رواية والشيخ تقي الدين وحكاه أيضا قولا.
وجزم به أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق الأقرب في العتق والطلاق.
فائدة وكذا الحكم إن قال إن بنت منى ثم تزوجتك فأنت طالق فبانت ثم تزوجها قاله في الفروع.
وقال في التعليق احتمالا لا يقع كتعليقه بالملك.
423

قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن طلق واحدة ثم قال إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا إن كان هذا القول تغليظا عليها في أن لا تعود إليه فمتى عادت إليه في العدة وبعدها طلقت.
قوله (وإن لم توجد الصفة حال البينونة عادت رواية واحدة).
هكذا قال الجمهور.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية أن الصفة لا تعود مطلقا.
يعني سواء وجدت حال البينونة أو لا.
قلت وهو الصحيح في منهاج الشافعية.
فوائد.
الأولى يحرم الخلع حيلة لإسقاط عين طلاق ولا يقع على الصحيح من المذهب.
جزم به بن بطة في مصنف له في هذه المسألة وذكره عن الآجري وجزم به في عيون المسائل والقاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار وقال هو محرم عند أصحابنا.
وكذا قال المصنف في المغني هذا فعل حيلة على إبطال الطلاق المعلق والحيل خدع لا تحل ما حرم الله.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله خلع الحيلة لا يصح على الأصح كما لا يصح نكاح المحلل لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما قصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده وقدمه في الفروع.
وقيل يحرم ويقع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويحرم الخلع حيلة ويقع في أصح الوجهين.
424

قال في الفروع وشذ في الرعاية فذكره.
قلت غالب الناس واقع في هذه المسألة وكثيرا ما يستعملونها في هذه الأزمنة ففي هذا القول فرج لهم.
واختاره بن القيم في أعلام الموقعين ونصره من عشرة أوجه.
وقال في الفروع ويتوجه أن هذه المسألة وقصد المحلل التحليل وقصد أحد المتعاقدين قصدا محرما كبيع عصير ممن يتخذه خمرا على حد واحد فيقال في كل منهما ما قيل في الأخرى.
الثانية لو اعتقد البينونة بذلك ثم فعل ما حلف عليه فحكمه حكم مطلق أجنبية فتبين أنها امرأته على ما يأتي في آخر باب الشك في الطلاق ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فلو لقى امرأته فظنها أجنبية فقال لها أنت طالق ففي وقوع الطلاق روايتان وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والفروع وغيرهم.
إحداهما لا يقع.
قال ابن عقيل وغيره العمل على أنه لا يصح.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر.
والرواية الثانية يقع جزم به في تذكرة بن عقيل والمنور وغيرهما.
قال في تذكرة بن عبدوس دين ولم يقبل حكما انتهى.
وقال في القواعد الأصولية قال أبو العباس لو خالع وفعل المحلوف عليه بعد الخلع معتقدا أن الفعل بعد الخلع لم يتناوله يمينه أو فعل المحلوف عليه معتقدا زوال النكاح ولم يكن كذلك فهو كما لو حلف على شيء بظنه فبان بخلافه وفيه روايتان يأتيان في كتاب الأيمان.
425

وقد جزم المصنف هناك أنه لا يحنث.
قلت ومما يشبه أصل هذا ما قاله الأصحاب في الصوم لو أكل ناسيا واعتقد الفطر به ثم جامع فإنهم قالوا حكمه حكم الناسي.
وقد اختار جماعة من الأصحاب في هذه المسألة أنه لا يكفر منهم بن بطة والآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق بل قالوا عن غير بن بطة إنه لا يقضي أيضا والله أعلم.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا رحمه الله خلع اليمين هل يقع رجعيا أو لغوا وهو أقوى فيه نزاع لأن قصده ضده كالمحلل.
الثالثة قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع قال في المغني في الكتابة قبل مسألة ما لو قبض من نجوم
كتابته شيئا استقبل به حولا.
فقال فصل وإذا دفع إليه مال كتابته ظاهرا فقال له السيد أنت حر أو قال هذا حر ثم بان العوض مستحقا لم يعتق بذلك لأن ظاهره الإخبار عما حصل له بالأداء ولو ادعى المكاتب أن سيده قصد بذلك عتقه وأنكر السيد فالقول قول السيد مع يمينه لأن الظاهر معه وهو أخبر بما نوى انتهى.
الثالثة لو أشهد على نفسه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل قوله بيمينه أن مستنده في إقراره ذلك مما يجهله مثله.
لأن حلفه على المستند دون الطلاق ولم يسلم ضمنا فهو وسيلة له يغتفر فيه ما لا يغتفر في المقصود لأنه دونه وإن كان سببا له بمعنى توقفه عليه لا أنه مؤثر فيه بنفسه وإلا لكان علة فاعلية لا سببية ووسيلة.
ودليله قصة بانت سعاد حيث أقر بذلك كعب بن زهير رضي الله عنه.
426

لاعتقاده أنها بانت منه بإسلامه دونها فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بأنها لم تبن وأن ذلك لا يضره تغليبا لحق الله تعالى على حقها وهو قريب عهد بالإسلام وذلك قرينة جهله بحكمه في ذلك ولم يقصد به إنشاءه وإلا لما ندم عليه متصلا به وإنما ندم على ما أقر به لتوهمه صحة وقوعه وقياسه الخلع وبقية حقوق الله تعالى المحضة أو الغالب له فيها حق على حق غيره تعالى لأن حقه مبني على المسامحة وحق غيره على المشاححة بدليل مسامحة النبي صلى الله عليه وسلم له بهجره له قبل إسلامه وهو حربي وهو الشاعر الصحابي كعب بن زهير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله قبله فبلغ ذلك أخاه مالك بن زهير فأتى إليه فأخبره بذلك فأسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسلم معه فامتدحه بالبردة المذكورة في القصة وحقه عليه الصلاة والسلام من حق الله بدليل سهم خمس الخمس والفئ والغنيمة وكسبهما أو أحدهما.
ذكره الشيخ تقي الدين وغيره واقتصر عليه في الفروع.
ذكره في أواخر باب صريح الطلاق وكنايته.
الرابعة قال ابن نصر الله في حاشيته قلت ومما يؤيد ذلك ويقويه ما قاله الشيخ الموفق في المغني والشارح وصاحب الفروع وغيرهم أن السيد إذا أخذ حقه من المكاتب ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا أنه لا يعتق كما تقدم نقله في باب الكناية.
الخامسة ذكر بن عقيل في واضحه أنه يستحب إعلام المستفتي بمذهب غيره إن كان أهلا للرخصة كطالب التخلص من الربا فيدله على من يرى التحيل للخلاص منه والخلع بعدم وقوع الطلاق انتهى.
ونقل القاضي أبو الحسين في فروعه في كتاب الطهارة عن الإمام أحمد
427

رحمه الله أنهم جاءوه بفتوى فلم تكن على مذهبه فقال عليكم بحلقة المدنيين.
ففي هذا دليل على أن المفتي إذا جاءه المستفتي ولم يكن له عنده رخصة فله أن يدله على صاحب مذهب له فيه رخصة.
وذكر في طبقاته قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يسأل عن الشيء في المسائل فهل عليه شيء من ذلك.
فقال إذا كان الرجل متبعا أرشده إليه فلا بأس.
قيل له فيفتى بقول مالك وهؤلاء قال لا إلا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وما روى عن الصحابة رضي الله عنهم فإن لم يكن فعن التابعين انتهى.
ويأتي التنبيه على ذلك في أواخر كتاب القضاء في أحكام المفتي.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
428

كتاب الطلاق.
فائدة قوله وهو حل قيد النكاح.
وكذا قال غيره وقال في الرعاية الكبرى حل قيد النكاح أو بعضه بوقوع ما يملكه من عدد الطلقات أو بعضها.
وقيل هو تحريم بعد تحليل كالنكاح تحليل بعد تحريم.
قوله (ويباح عند الحاجة إليه ويكره من غير حاجة وعنه أنه يحرم ويستحب إذا كان في بقاء النكاح ضررا).
اعلم أن الطلاق ينقسم إلى أحكام التكليف الخمسة وهي الإباحة والاستحباب والكراهة والوجوب والتحريم.
فالمباح يكون عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة أو لسوء عشرتها وكذا للتضرر منها من غير حصول الغرض بها فيباح الطلاق في هذه الحالة من غير خلاف أعلمه.
والمكروه إذا كان لغير حاجة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمغني والهادي والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنه يحرم وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وعنه يباح فلا يكره ولا يحرم.
والمستحب وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها وكونها غير عفيفة ولا يمكن إجبارها على فعل حقوق الله تعالى فهذه يستحب طلاقها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
429

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يجب لكونها غير عفيفة ولتفريطها في حقوق الله تعالى.
قلت وهو الصواب.
وذكر في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم أن المستحب هو فيما إذا كانت مفرطة في حق زوجها ولا تقوم بحقوقه.
قلت وفيه نظر.
فائدتان
إحداهما زنى المرأة لا يفسخ النكاح نص عليه.
ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته يحولها إليه.
وعنه أيضا يفرق بينهما قال الله المستعان.
الثانية إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه.
والمحرم وهو طلاق الحائض أو في طهر أصابها فيه على ما يأتي إن شاء الله تعالى في باب سنة الطلاق وبدعته.
والواجب وهو طلاق المولى بعد التربص إذا أبى الفيئة وطلاق الحكمين إذا رأيا ذلك قاله الأصحاب.
ذكر المصنف الثلاثة الأول هنا والرابع ذكره في باب سنة الطلاق وبدعته والخامس ذكره في باب الإيلاء.
فائدة لا يجب الطلاق في غير ذلك على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجب الطلاق إذا أمره أبوه به وقاله أبو بكر في التنبيه.
وعنه يجب بشرط أن يكون أبوه عدلا.
430

وأما إذا أمرته أمه فنص الإمام أحمد رحمه الله لا يعجبني طلاقه ومنعه الشيخ تقي الدين رحمه الله منه ونص الإمام أحمد رحمه الله في بيع السرية إن خفت على نفسك فليس لها ذلك وكذا نص فيما إذا منعاه من التزويج.
قوله (ومن الصبي العاقل يصح طلاق المميز العاقل).
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في القواعد الأصولية والأصحاب على وقوع طلاقه وهو المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية الجماعة منهم عبد الله وصالح وابن منصور والحسن بن ثواب والأثرم وإسحاق بن هانئ والفضل بن زياد وحرب والميموني.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هذا اختيار عامة الأصحاب الخرقي وأبي بكر وابن حامد والقاضي وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابن عقيل وغيرهم.
قال في المذهب يقع طلاق المميز في أصح الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو من مفردات المذهب وعنه لا يصح منه حتى يبلغ وجزم به الآدمي والبغدادي وصاحب المنور واختاره بن أبي موسى وغيره وقدمه في المحرر والنظم وإدراك الغاية قال في العمدة ولا يصح الطلاق إلا من زوج مكلف مختار وأطلقهما في مسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة وتجريد العناية.
431

وعنه يصح من بن عشر سنين.
نقل صالح إذا بلغ عشرا يتزوج ويزوج ويطلق واختاره أبو بكر.
وفي طريقة بعض الأصحاب في طلاق مميز روايتان.
وعنه يصح من بن اثنتي عشرة سنة.
قال الشارح أكثر الروايات تحديد من يقع طلاقه من الصبيان بكونه يعقل وهو اختيار القاضي.
وروى أبو الحارث عن الإمام أحمد رحمه الله إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر إلى ثنتي عشرة.
وهذا يدل على أنه لا يقع ممن له دون العشر وهو اختيار أبي بكر.
وتقدم شيء من ذلك في أول كتاب البيع.
وتقدم في أوائل الخلع في كلام المصنف هل يصح طلاق الأب لزوجة ابنه الصغير.
قوله (ومن زال عقله بسبب يعذر فيه كالمجنون والنائم والمغمى عليه والمبرسم لم يقع طلاقه).
هذا صحيح لكن لو ذكر المغمى عليه والمجنون بعد أن أفاقا أنهما طلقا وقع الطلاق نص عليه.
قال المصنف هذا فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية.
فأما المبرسم ومن به نشاف فلا يقع.
وقال في الروضة المبرسم والمسوس إن عقلا الطلاق لزمهما.
قال في الفروع ويدخل في كلامهم من غضب حتى أغمي عليه أو غشى عليه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يدخل ذلك في كلامهم بلا ريب.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا إن غيره الغضب ولم يزل عقله لم يقع الطلاق لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد
432

صحيح فهو كالمكره ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله ولا يلزمه نذر الطاعة فيه.
قوله (وإن زال بسبب لا يعذر فيه كالسكران ففي صحة طلاقه روايتان).
وأطلقهما الخرقي والحلواني في كتاب الوجهين والروايتين وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والمذهب الأحمد والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والزبدة والحاوي الصغير وشرح بن منجا وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
إحداهما يقع وهو المذهب اختاره أبو بكر الخلال والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وإدراك الغاية ونهاية بن رزين.
وجزم به في الخلاصة والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي والوجيز وقدمه في الفروع وشرح بن رزين.
قال في القاعدة الثانية بعد المائة هذا المشهور من المذهب.
قال ابن مفلح في أصوله تعتبر أقواله وأفعاله في الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وأكثر أصحابه وقدمه.
وقال الطوفي في شرح مختصره هذا المشهور بين الأصحاب.
والرواية الثانية لا يقع اختاره أبو بكر عبد العزيز في الشافي وزاد المسافر وابن عقيل ومال إليه المصنف والشارح وابن رزين في شرحه.
واختاره الناظم والشيخ تقي الدين وناظم المفردات وقدمه وهو منها وجزم به في التسهيل.
قال الزركشي ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر.
433

نقل الميموني كنت أقول يقع حتى تبينته فغلب على أنه لا يقع.
ونقل أبو طالب الذي لا يأمر بالطلاق إنما أتى خصلة واحدة والذي يأمر به أتى باثنتين حرمها عليه وأباحها لغيره
.
ولهذا قيل إنها آخر الروايات.
قال الطوفي في شرح الأصول هذا أشبه.
وعنه الوقف.
قال الزركشي وفي التحقيق لا حاجة إلى ذكر هذه الرواية لأن الإمام أحمد رحمه الله حيث توقف فللأصحاب قولان وقد نص على القولين واستغنى عن ذكر الرواية.
قلت ليس الأمر كذلك بل توقفه لقوة الأدلة من الجانبين فلم يقطع فيها بشيء.
وحيث قال بقول فقد ترجح عنده دليله على غيره فقطع به.
قوله (وكذلك تخرج في قتله وقذفه وسرقته وزناه وظهاره وإيلائه).
وكذا قال في الهداية وكذا بيعه وشراؤه وردته وإقراره ونذره وغيرها قاله المصنف وغيره.
اعلم أن في أقوال السكران وأفعاله روايات صريحات عن الإمام أحمد رحمه الله.
إحداهن أنه مؤاخذ بها فهو كالصاحي فيها وهو المذهب.
جزم به في المنور وقدمه في الفروع.
قال في القاعدة الثانية بعد المائة السكران يشرب الخمر عمدا فهو كالصاحي في أقواله وأفعاله فيما عليه في المشهور من المذهب بخلاف من سكر ببنج ونحوه انتهى.
434

وتقدم كلام بن مفلح في أصوله.
والرواية الثانية أنه ليس بمؤاخذ بها فهو كالمجنون في أقواله وأفعاله واختاره الناظم.
وقدمه المصنف في هذا الكتاب في إقراره في كتاب الإقرار.
وكذا قدمه كثير من الأصحاب في الإقرار على ما يأتي.
قال ابن عقيل هو غير مكلف.
والرواية الثالثة أنه كالصاحي في أفعاله وكالمجنون في أقواله.
والرواية الرابعة أنه في الحدود كالصاحي وفي غيرها كالمجنون.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني تلزمه الحدود ولا تلزمه الحقوق وهذا اختيار أبي بكر فيما حكاه عنه القاضي نقله الزركشي.
والرواية الخامسة أنه فيما يستقل به مثل قتله وعتقه وغيرهما كالصاحي وفيما لا يستقل به كبيعه ونكاحه ومعاوضاته كالمجنون حكاها بن حامد.
قال القاضي وقد أومأ إليها في رواية البرزاطى فقال لا أقول في طلاقه شيئا قيل له فبيعه وشراؤه فقال أما بيعه وشراؤه فغير جائز.
وأطلقهن في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال الزركشي قلت ونقل عنه إسحاق بن هانئ ما يحتمل عكس الرواية الخامسة فقال لا أقول في طلاق السكران وعتقه شيئا ولكن بيعه وشراؤه جائز.
وعنه لا تصح ردته فقط حكاها بن مفلح في أصوله.
ويأتي الخلاف في قتله في باب شروط القصاص في كلام المصنف.
فوائد.
الأولى حد السكران الذي تترتب عليه هذه الأحكام هو الذي يخلط في كلامه وقراءته ويسقط تمييزه بين الأعيان ولا يشترط فيه أن يكون بحيث
435

لا يميز بين السماء والأرض ولا بين الذكر والأنثى قاله القاضي وغيره في رواية حنبل فقال السكران الذي إذا وضع ثيابه في ثياب غيره فلم يعرفها أو وضع نعله في نعالهم فلم يعرفه وإذا هذي في أكثر كلامه وكان معروفا بغير ذلك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل يكفي تخليط كلامه ذكره أكثرهم في باب حد السكر.
وضبطه بعضهم فقال هو الذي يختل في كلامه المنظوم ويبيح بسره المكتوم.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وزعم طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله أن النزاع في وقوع طلاقه إنما هو في النشوان فأما الذي تم سكره بحيث لا يفهم ما يقول فإنه لا يقع به قولا واحدا.
قال والأئمة الكبار جعلوا النزاع في الجميع.
الثانية قال جماعة من الأصحاب لا تصح عبادة السكران.
قال الإمام أحمد رحمه الله ولا تقبل صلاته أربعين يوما حتى يتوب للخبر وقاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
الثالثة محل الخلاف في السكران عند جمهور الأصحاب إذا كان آثما في سكره وهو ظاهر كلام المصنف هنا فإن قوله فإن زال عقله بسبب لا يعذر فيه يدل عليه.
436

فأما إن أكره على السكر فحكمه حكم المجنون هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال ابن مفلح في أصوله والمعذور بالسكر كالمغمى عليه.
وقال القاضي في الجامع الكبير في كتاب الطلاق فأما إن أكره على شربها احتمل أن يكون حكمه حكم المختار لما فيه من اللذة واحتمل أن لا يكون حكمه حكم المختار لسقوط المأثم عنه والحد.
قال وإنما يخرج هذا على الرواية التي تقول إن الإكراه يؤثر في شربها.
فأما إن قلنا لا يؤثر الإكراه في شربها فحكمه حكم المختار انتهى.
قوله (ومن شرب ما يزيل عقله لغير حاجة ففي صحة طلاقه روايتان).
اعلم أن كثيرا من الأصحاب ألحقوا بالسكران من شرب أو أكل ما يزيل عقله لغير حاجة كالمزيلات للعقل غير الخمر من المحرمات والبنج ونحوه فجعلوا فيه الخلاف الذي في السكران منهم بن حامد وأبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وفي الكافي والمغني والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب التصحيح وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والزبدة.
ومن أطلق الخلاف في السكران أطلقه هنا إلا صاحب الخلاصة فإنه جزم بالوقوع من السكران.
وأطلق الخلاف هنا وصحح في التصحيح الوقوع فيهما.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه كالسكران.
قال لأنه قصد إزالة العقل بسبب محرم.
وقال في الواضح إن تداوى ببنج فسكر لم يقع.
437

وصححه في القاعدة الثانية بعد المائة.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة.
قال في الجامع الكبير إن زال عقله بالبنج نظرت فإن تداوى به فهو معذور ويكون الحكم فيه كالمجنون.
وإن تناول ما يزيل عقله لغير حاجة كان حكمه كالسكران والتداوي حاجة انتهى.
قلت ظاهر كلام المصنف أنه إذا تناوله لحاجة أنه لا يقع.
وصرح به المصنف في المغني وغيره.
واعلم أن الصحيح من المذهب أن تناول البنج ونحوه لغير حاجة إذا زال العقل به كالمجنون لا يقع طلاق من تناوله نص عليه لأنه لا لذة فيه.
وفرق الإمام أحمد رحمه الله بينه وبين السكران فألحقه بالمجنون.
وقدمه في النظم والفروع وهو ظاهر ما قدمه في المحرر ومال إليه.
قال في المنور لا يقع من زائل العقل إلا بمسكر محرم.
وهو الظاهر من كلام الخرقي فإنه قال وطلاق الزائل العقل بلا سكر لا يقع.
قال الزركشي قد يدخل ذلك في كلام الخرقي.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن أثم بسكر ونحوه فروايتان ثم ذكر حكم البنج ونحوه.
فائدتان
إحداهما قال الزركشي ومما يلحق بالبنج الحشيشة الخبيثة.
وأبو العباس يرى أن حكمها حكم الشراب المسكر حتى في إيجاب الحد.
وهو الصحيح إن أسكرت أو كثيرها وإلا حرمت وعزر فقط فيها في الأظهر ولو طهرت.
438

وفرق أبو العباس بينها وبين البنج بأنها تشتهي وتطلب فهي كالخمر بخلاف البنج.
فالحكم عنده منوط باشتهاء النفس لها وطلبها.
الثانية قال في القاعدة الثانية بعد المائة لو ضرب برأسه فجن لم يقع طلاقه على المنصوص وعلله.
قوله (ومن أكره على الطلاق بغير حق لم يقع طلاقه).
هذا المذهب مطلقا نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب.
وعنه يشترط في الوقوع أن يكون المكره بكسر الراء ذا سلطان.
قوله (وإن هدده بالقتل أو أخذ المال ونحوه قادر يغلب على ظنه وقوع ما هدده به فهو إكراه).
هذا المذهب صححه في النظم وغيره.
واختاره بن عقيل في التذكرة وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه لا يكون مكرها حتى ينال بشيء من العذاب كالضرب والخنق وعصر الساق نص عليه في رواية الجماعة.
واختاره الخرقي والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
وجزم به في الإرشاد وقدمه في الخلاصة وهو من المفردات.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح.
439

وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير في تهديده بغير القتل والقطع.
وقطع في المحرر والحاوي أن الطلاق لا يقع إذا هدده بالقتل أو القطع.
وقدم في الرعايتين أنه يقع إذا هدد بهما.
وعنه إن هدده بقتل أو قطع عضو فإكراه وإلا فلا.
قال القاضي في كتاب الروايتين التهديد بالقتل إكراه رواية واحدة.
وتبعه المجد في المحرر والحاوي الصغير وزاد وقطع طرف كما تقدم عنهما.
فوائد.
الأولى يشترط للإكراه شروط.
أحدها أن يكون المكره بكسر الراء قادرا بسلطان أو تغلب كاللص ونحوه.
الثاني أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه مع عجزه عن دفعه وهربه واختفائه.
الثالث أن يكون ما يستضر به ضررا كثيرا كالقتل والضرب الشديد والحبس والقيد الطويلين وأخذ المال الكثير.
زاد في الكافي والإخراج من الديار.
وأطلق جماعة الحبس وقدمه في الرعاية الصغرى.
وقال المصنف والشارح وأما الضرب اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه وإن كان في ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه وغضا له وشهرة له في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره انتهيا.
فأما السب والشتم والإخراق فلا يكون إكراها رواية واحدة.
قاله المصنف والشارح وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل إخراق من يؤلمه ذلك إكراه وهو ظاهر كلامه في الواضح.
440

قال القاضي في الجامع الكبير الإكراه يختلف فلا يكون إكراها رواية واحدة في حق كل أحد ممن يتألم بالشتم أو لا يتألم.
قال ابن عقيل وهو قول حسن.
وقال ابن رزين في مختصره لا يقع الطلاق من مكره لا بشتم وتوعد لسوقة.
الثانية ضرب ولده وحبسه ونحوهما إكراه لوالده على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والقواعد الأصولية وغيرهما.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما فلا يقع طلاق الوالد.
وقيل ليس بإكراه له.
قال في الفروع ويتوجه أن ضرب والده ونحوه وحبسه كضرب ولده.
قال في القواعد الأصولية ويتوجه تعديته إلى كل من يشق عليه تعديته مشقة عظيمة من والد وزوجة وصديق.
الثالثة لو سحر ليطلق كان إكراها قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قلت بل هو منه أعظم الإكراهات.
ذكره بن القيم والشيخ تقي الدين وابن نصر الله وغيرهم وهو واضح وهو المذهب الصحيح.
الرابعة ينبغي للمكره بفتح الراء إذا أكره على الطلاق وطلق أن يتأول فإن ترك التأويل بلا عذر لم يقع الطلاق على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح ونصراه.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقيل تطلق وأطلقهما في الفروع والقواعد الأصولية.
قال في الرعاية الكبرى وقيل إن نوى المكره ظلما غير الظاهر نفعه
441

تأويله وإن ترك ذلك جهلا أو دهشة لم يضره وإن تركه بلا عذر احتمل وجهين انتهى.
وقال الزركشي ولا نزاع عند العامة أنه إذا لم ينو الطلاق ولم يتأول بلا عذر أنه لا يقع.
ولابن حمدان احتمال بالوقوع والحالة هذه انتهى.
وكذا الحكم لو أكره على طلاق مبهمة فطلق معينة.
وقال في الانتصار هل يقع لغوا أو يقع بنية الطلاق فيه روايتان.
يعني أن طلاق المكره هل هو لغو لا حكم له أو هو بمنزلة الكناية إن نوى الطلاق وقع وإلا فلا.
وفيه الخلاف كما سيأتي ذلك في الفائدة السادسة والخمسين صريحا فيهما.
الخامسة لو قصد إيقاع الطلاق دون دفع الإكراه وقع الطلاق على الصحيح من المذهب صححه القاضي وجماعة من المتأخرين.
ويحتمل أن لا يقع وهما احتمالان في الجامع الكبير.
قال الزركشي لو أكره فطلق ونوى به الطلاق فقيل لا يقع وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل إن نوى وقع وإلا فلا كالكناية حكاهما في الانتصار.
وحكى شيخه عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على روايتين وجعل الأشبه الوقوع أورده أبو محمد مذهبا.
السادسة الإكراه على العتق واليمين ونحوهما كالإكراه على الطلاق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تنعقد يمينه.
442

قال في الفروع ويتوجه غيرها مثلها.
قوله (ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا).
قلت ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله وهو المذهب.
واختار أبو الخطاب أنه لا يقع حتى يعتقد صحته.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المذهب وهو الصحيح عندي واختاره صاحب التلخيص.
قال في الحاوي الصغير حمله أصحابنا على أن طلاقه يقع وإن اعتقد فساد النكاح.
وقال أبو الخطاب كلام الإمام أحمد رحمه الله محمول على من اعتقد صحة النكاح إما باجتهاد أو تقليد.
فأما من اعتقد بطلانه فلا يقع طلاقه انتهى.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا بالوقوع فيه فإنه يكون طلاقا بائنا.
قاله في الرعاية والفروع والنظم والمحرر وغيرهم.
قلت فيعايى بها.
الثانية يجوز الطلاق في النكاح المختلف فيه في الحيض ولا يسمى طلاق بدعة.
قلت فيعايى بها.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يقع الطلاق في نكاح مجمع على بطلانه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يقع اختاره أبو بكر في التنبيه.
443

فائدة الصحيح من المذهب أنه لا يقع الطلاق في نكاح فضولي قبل إجازته وإن بعد بها وعليه الأصحاب وفيه احتمال بالوقوع.
ذكره صاحب الرعاية الكبرى من عنده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن طلاق الفضولي كبيعه.
ذكره في الفروع في باب أركان النكاح.
قوله (وإذا وكل في الطلاق من يصح توكيله صح طلاقه).
قال في الفروع وإن صح طلاق مميز صح توكيله.
وذكر بن عقيل رواية اختارها أبو بكر يعني ولو صح طلاقه لم يصح توكيله نص عليهما.
ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
قوله (وله أن يطلق متى شاء إلا أن يحد له الزوج حدا).
أو يفسخ أو يطأ.
الصحيح من المذهب أن الوطء عزل للوكيل وعليه الأصحاب.
وقيل لا ينعزل به وهو رواية في الفروع.
ذكره في باب الوكالة وقال في بطلانها بقبلة خلاف.
قوله (ولا يطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل إليه).
جزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا والوجيز.
وقيل له أن يطلق أكثر من واحدة إن لم يحد له حدا.
قال في الهداية والمستوعب فله أن يطلق متى شاء وما شاء إلا أن يحد في ذلك حدا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في النظم.
444

فائدة لو وكله في ثلاث فطلق واحدة أو وكله في واحدة فطلق ثلاثا طلقت واحدة بلا خلاف أعلمه ونص عليه.
وإن خيره من ثلاث ملك اثنتين فأقل ولا يملك بالإطلاق تعليقا.
ذكره في الفروع في باب صريح الطلاق وكنايته.
ويأتي في آخره أيضا هل يقع من الوكيل بالكناية إذا وكله بالصريح أم لا.
قوله (وإن وكل اثنين فيه فليس لأحدهما الانفراد به إلا بإذنه).
وهذا بلا نزاع.
قوله (فإن وكلهما في ثلاث فطلق أحدهما أكثر من الآخر وقع ما اجتمعا عليه).
فلو طلق أحدهما واحدة والآخر أكثر فواحدة نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى وفيه نظر.
فائدتان
إحداهما ليس للوكيل المطلق الطلاق وقت بدعة فإن فعل حرم ولم يقع صححه الناظم.
وقيل يحرم ويقع قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف حيث قال وله أن يطلق متى شاء.
وهو ظاهر كلامه في الهداية والمستوعب كما تقدم قريبا.
وأطلقهما في المحرر والفروع.
445

الثانية تقبل دعوى الزوج أنه رجع عن الوكالة قبل إيقاع الوكيل الطلاق عند أصحابنا قاله في المحرر وغيره وقدمه في الفروع.
وذكر في المجرد والفصول في تعليق الوكالة أن الإمام أحمد رحمه الله نص في رواية أبي الحارث أنه لا يقبل إلا ببينة.
وجزم به في الترغيب والأزجي في عزل الموكل.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال وكذا دعوى عتقه ورهنه ونحوه.
وعادة كثير من المصنفين ذكر الوكالة في الطلاق في آخر باب صريح الطلاق وكنايته عند قوله أمرك بيدك ونحوه.
قوله (وإن قال لامرأته طلقي نفسك فلها ذلك كالوكيل).
إذا قال لها طلقي نفسك صح ذلك كتوكيل الأجنبي فيه بلا نزاع.
فإن نوى عددا فهو على ما نوى وإن أطلق من غير نية لم تملك إلا واحدة على ما يأتي في كلام المصنف في آخر باب صريح الطلاق وكنايته.
ويأتي في كلام المصنف هناك لو قال لها طلقي نفسك فقالت اخترت نفسي.
ويأتي هناك ما تملك بقوله لها طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق وصفة طلاقها وفروع أخر مستوفاة محررة.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن لها أن تطلق نفسها في مجلس الوكالة وبعده ما لم يبطل حكم الوكالة كالوكيل الأجنبي وك أمرك بيدك وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر ما في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه ورجحه في الكافي.
446

قال في الرعايتين وهو أولى وجزم به بن منجا في شرحه.
وقال القاضي إذا قال لامرأته طلقي نفسك تقيد بالمجلس.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين وجزم به في المنور.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع.
ويأتي في آخر باب صريح الطلاق وكنايته في كلام المصنف إذا قال لها أمرك بيدك أو اختاري نفسك هل يتقيد بالمجلس أو لا.
وتأتي أيضا هذه المسألة هناك.
447

باب سنة الطلاق وبدعته
قوله (السنة أن يطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضي عدتها) وهذا بلا نزاع.
ولو طلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار كان حكم ذلك حكم جمع الثلاث في طهر واحد.
قال الإمام أحمد رحمه الله طلاق السنة واحدة ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض.
قوله (وإن طلق المدخول بها في حيضتها أو طهر أصابها فيه فهو طلاق بدعة محرم ويقع).
الصحيح من المذهب أن طلاقها في حيضها أو طهر أصابها فيه محرم ويقع نص عليهما وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين وتلميذه بن القيم رحمهما الله لا يقع الطلاق فيهما.
قال الشيخ تقي الدين اختار طائفة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله عدم الوقوع في الطلاق المحرم.
وقال أيضا ظاهر كلام بن أبي موسى أن طلاق المجامعة مكروه وطلاق الحائض محرم.
تنبيه مراده بقوله أو طهر أصابها فيه إذا لم يستبن حملها فإن استبان حملها فلا سنة لطلاقها ولا بدعة على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
والعلة في ذلك احتمال أن تكون حاملا فيحصل الندم فإن كان الحمل مستبينا فقد طلق وهو على بصيرة فلا يخاف أمرا يتجدد معه الندم.
448

فوائد.
الأولى قال في المحرر وكذا الحكم لو طلقها في آخر طهر لم يصبها فيه.
يعني أنه طلاق بدعة ومحرم ويقع.
وتبعه شارحه على ذلك وصاحب الحاوي الصغير.
وسبقهم إليه القاضي في المجرد.
وجماهير الأصحاب على أنه مباح والحالة هذه إلا على رواية أن القروء الأطهار.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا.
الثانية أكثر الأصحاب على أن العلة في منع الطلاق من الحيض هي تطويل العدة.
وخالفهم أبو الخطاب فقال لكونه في زمن رغبته عنها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقد يقال إن الأصل في الطلاق النهي عنه فلا يباح إلا وقت الحاجة وهو الطلاق الذي تتعقبه العدة لأنه بدعة.
الثالثة اختلف الأصحاب في الطلاق في الحيض هل هو محرم لحق الله فلا يباح وإن سألته إياه أو لحقها فيباح بسؤالها فيه وجهان.
قال الزركشي والأول ظاهر إطلاق الكتاب والسنة.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره.
لكن الذي جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم أن خلع الحائض زاد في المحرر وغيره وطلاقها بسؤالها غير محرم ولا بدعة ذكره أكثرهم في كتاب الخلع.
وقال ابن عبدوس في تذكرته ولا سنة لخلع ولا بدعة بل لطلاق بعوض.
449

وتقدم ذلك أيضا في باب الحيض عند قوله ويمنع سنة الطلاق.
الرابعة العلة في تحريم جمع الثلاث سد الباب على نفسه وعدم المخرج.
وقال بعضهم هل العلة في النهي عن جمع الثلاث التحريم المستفاد منها أو تضييع الطلاق لا فائدة له وينبني على ذلك تحريم جمع الطلقتين.
الخامسة قال في الترغيب تحمل المرأة بماء الرجل في معنى الوطء قال وكذا وطؤها في غير القبل لوجوب العدة.
قلت وفيه نظر ظاهر.
قوله (وتستحب رجعتها).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنها واجبة ذكرها في الموجز والتبصرة والترغيب وهو قول في الرعايتين فيما إذا وطئ في طهر طلقها فيه.
وعنه أنها واجبة في الحيض اختارها في الإرشاد والمبهج.
فائدتان
إحداهما لو علق طلاقها بقيامها فقامت حائضا فقال في الانتصار هو طلاق مباح.
وقال في الترغيب هو طلاق بدعي.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
وذكر المصنف إن علق الطلاق بقدوم زيد فقدم في حيضها فبدعة ولا إثم.
450

قلت مقتضى كلام أبي الخطاب في الانتصار أنه مباح بل أولى بالإباحة وهو أولى.
وجزم في الرعاية الصغرى بأنه إذا وقع ما كان علقه وهي حائض أنه يحرم ويقع.
الثانية طلاقها في الطهر المتعقب للرجعة بدعة في ظاهر المذهب واختاره الأكثر قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقدمه في الفروع وصححه في الرعاية والقواعد وغيرهما.
قلت فيعايى بها.
وعنه يجوز زاد في الترغيب ويلزمه وطؤها.
قوله (وإن طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه كره وفي تحريمه روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والهادي والكافي.
إحداهما يحرم وهو المذهب نص عليه في رواية بن هانئ وأبي داود والمروذى وأبي بكر بن صدقة وأبي الحارث وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في العمدة والوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
قال الشيخ تقي الدين وصاحب الفروع اختاره الأكثر.
قلت منهم أبو بكر وأبو حفص والقاضي والشريف وأبو الخطاب والقاضي أبو الحسين والمصنف والشارح وابن منجا في شرحه وابن رزين في شرحه.
قال في المذهب ومسبوك الذهب أصح الروايتين أنه يحرم.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع.
451

والرواية الثانية ليس بحرام اختارها الخرقي وقدمها في الروضة والمحرر والنظم والحاوي الصغير وجزم به في المنور.
قال الطوفي ظاهر المذهب أنه ليس ببدعة قلت ليس كما قال.
وعنه الجمع في الطهر بدعة والتفريق في الأطهار من غير مراجعة سنة.
فعلى الرواية الثانية يكون الطلاق على هذه الصفة مكروها.
ذكره جماعة من الأصحاب منهم المصنف هنا وقدمه في الفروع.
ونقل أبو طالب هو طلاق السنة وقدمه في الرعايتين.
وعلى المذهب ليس له أن يطلق ثانية وثالثة قبل الرجعة على الصحيح من المذهب.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله اختارها أكثر الأصحاب كأبي بكر والقاضي وأصحابه قال وهو أصح.
وعنه له ذلك قبل الرجعة.
فائدة لو طلق ثانية وثالثة في طهر واحد بعد رجعة أو عقد لم يكن بدعة بحال على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية وقدمه في الفروع.
وقدم في الانتصار رواية تحريمه حتى تفرغ العدة.
وجزم به في الروضة فيما إذا رجع.
قال لأنه طول العدة وأنه معنى نهيه تعالى بقوله * (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) *.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن طلاقها اثنتين ليس كطلاقها ثلاثا وهو صحيح اختاره المصنف والشارح وقدمه في الفروع.
وقيل حكمه حكم الطلاق الثلاث جزم به في المحرر وتذكرة بن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير.
452

وأطلقهما في القواعد الأصولية.
وقال وقد يحسن بناء روايتي تحريم الطلاق من غير حاجة على أصل قاله أبو يعلي في تعليقه الصغير وأبو الفتح بن المنى وهو أن النكاح لا يقع إلا فرض كفاية وإن كان ابتداء الدخول فيه سنة انتهى.
وقال بعض الأصحاب مأخذ الخلاف أن العلة في النهي عن جمع الثلاث هل هي التحريم المستفاد منها أو تضييع الطلاق لا فائدة له فينبني على ذلك جمع الطلقتين.
فائدة إذا طلقها ثلاثا متفرقة بعد أن راجعها طلقت ثلاثا بلا نزاع في المذهب وعليه الأصحاب منهم الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وإن طلقها ثلاثا مجموعة قبل رجعة واحدة طلقت ثلاثا وإن لم ينوها على الصحيح من المذهب نص عليه مرارا وعليه الأصحاب بل الأئمة الأربعة رحمهم الله وأصحابهم في الجملة.
وأوقع الشيخ تقي الدين رحمه الله من ثلاث مجموعة أو متفرقة قبل رجعة طلقة واحدة وقال لا نعلم أحدا فرق بين الصورتين.
وحكى عدم وقوع الطلاق الثلاث جملة بل واحدة في المجموعة أو المتفرقة عن جده المجد وأنه كان يفتي به أحيانا سرا.
ذكره عنه في الطبقات لأنه محجور عليه إذن فلا يصح كالعقود المحرمة لحق الله تعالى.
وظاهره ولو وجب عليه فراقها لإمكان حصوله بخلع بعوض يعارض لفظ الطلاق ونيته فضلا عن حصوله بنفس طلقة واحدة أو طلقات.
وقال عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إيقاع الثلاث إنما جعله
453

لإكثارهم منه فعاقبهم على الإكثار منه لما عصوا بجمع الثلاث فيكون عقوبة من لم يتق الله من التعزير الذي يرجع فيه إلى اجتهاد الأئمة كالزيادة على الأربعين في حد الخمر لما أكثر الناس منها وأظهروه ساغت الزيادة عقوبة انتهى.
واختاره الحلي وغيره من المالكية لحديث صحيح في مسلم يقتضي أن المراد بالثلاث في ذلك ثلاث مرات لا أن المراد بذلك ثلاث تطليقات.
فعليه لو أراد به الإقرار لزمته الثلاث اتفاقا إن امتنع صدقه وإلا فظاهرا فقط.
واختاره أيضا بن القيم وغيره في الهدى وغيره وكثير من أتباعه.
قال ابن المنذر هو مذهب أصحاب بن عباس رضي الله عنهما كعطاء وطاوس وعمرو بن دينار رحمهم الله نقله الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر في فتح الباري شرح البخاري.
وحكى المصنف عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وعمرو بن دينار أنهم كانوا يقولون من طلق البكر ثلاثا فهي واحدة.
وقال القرطبي في تفسيره على قوله تعالى * (الطلاق مرتان) * اتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الثلاث وهو قول جمهور السلف وشذ طاوس وبعض أهل الظاهر فذهبوا إلى أن الطلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة
ويروى هذا عن محمد بن إسحاق والحجاج بن أرطأة.
454

وقال بعد ذلك ولا فرق بين أن يوقع ثلاثا مجتمعة في كلمة أو متفرقة في كلمات ثلاث.
وقال بعد ذلك ذكر محمد بن أحمد بن مغيث في وثائقه أن الطلاق ينقسم إلى طلاق سنة وطلاق بدعة فطلاق البدعة أن يطلقها في حيض أو ثلاثا في كلمة واحدة فإن فعل لزمه الطلاق.
ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق كم يلزمه من الطلاق فقال علي وابن مسعود رضي الله عنهما يلزمه طلقة واحدة وقاله بن عباس رضي الله عنهما وقال قوله ثلاثا لا معنى له لأنه لم يطلق ثلاث مرات.
وقاله الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما ورويناه عن بن وضاح.
وقال به من شيوخ قرطبة بن زنباع ومحمد بن بقي بن مخلد ومحمد بن عبد السلام الخشني فقيه عصره وأصبغ بن الحباب وجماعة سواهم.
وقد يخرج بقياس من غير ما مسألة من المدونة ما يدل على ذلك وذكره وعلل ذلك بتعاليل جيدة انتهى.
فوقوع الواحدة في الطلاق الثلاث الذي ذكرناه هنا لكونه طلاق بدعة لا لكون الثلاث واحدة.
قوله (وإن كانت المرأة صغيرة أو آيسة أو غير مدخول بها أو حاملا قد استبان حملها فلا سنة لطلاقها ولا بدعة إلا في العدد).
هذا إحدى الروايات.
قال الشارح فهؤلاء كلهن ليس لطلاقهن سنة ولا بدعة من جهة الوقت في قول أصحابنا انتهى وقدمه في النظم.
وعنه لا سنة لهن ولا بدعة لا في العدد ولا في غيره وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وصححه في الهداية والمذهب.
455

وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المستوعب.
وعنه سنة الوقت تثبت للحامل وهو قول الخرقي.
فلو قال لها أنت طالق للبدعة طلقت بالوضع لأن النفاس زمن بدعة كالحيض.
ونقل بن منصور ولا يعجبني أن يطلق حائضا لم يدخل بها.
فعلى الرواية الثانية وهي المذهب لو قال لمن اتصفت ببعض هذه الصفات أنت طالق للسنة طلقة وللبدعة طلقة وقع طلقتان إلا أن ينوي في غير الآيسة إذا صارت من أهل ذلك الوصف فيدين على الصحيح من المذهب.
وذكر في الواضح وجها أنه لا يدين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على وجهين ذكرهما القاضي.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والمغني والشرح.
وظاهر كلامه في المنور أنه لا يقبل في الحكم.
والوجه الثاني يقبل.
قال المصنف والشارح هذا أشبه بمذهب الإمام أحمد رحمه الله لأنه فسر كلامه بما يحتمله.
فائدة لو قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق طلقة للسنة وطلقة للبدعة طلقت طلقة في الحال وطلقة في ضد حالها الراهنة قاله الأصحاب.
قوله (وإن قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق للسنة في طهر لم يصبها فيه طلقت في الحال بلا نزاع).
وظاهر قوله (وإن كانت حائضا طلقت إذا طهرت).
456

سواء اغتسلت أولا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في البلغة هذا أصح الوجهين.
قال الزركشي هذا المذهب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه والزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل لا تطلق حتى تغتسل اختاره بن أبي موسى.
قال الزركشي ولعل مبنى القولين على أن العلة في المنع من طلاق الحائض.
إن قيل تطويل العدة وهو المشهور أبيح الطلاق بمجرد الطهر.
وإن قيل الرغبة عنها لم تبح رجعتها حتى تغتسل لمنعها منها قبل الاغتسال انتهى.
ويأتي في باب الرجعة ما يقرب من ذلك وهو ما إذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل هل له رجعتها أم لا.
قوله (وإن قال لها أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه طلقت في الحال وإن كانت في طهر لم يصبها فيه طلقت إذا أصابها أو حاضت).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
لكن ينزع في الحال بعد إيلاج الحشفة لوقوع طلاق ثلاث عقيب ذلك.
فإن استدام ذلك حد العالم وعذر الجاهل قاله الأصحاب.
وقال في المحرر وعندي أنها تطلق طلقتين في الحال إذا كان زمن السنة وقلنا الجمع بدعة بناء على اختياره من أن جمع طلقتين بدعة.
قوله (وإن قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة طلقت ثلاثا في طهر لم يصبها فيه في إحدى الروايتين).
457

قال المصنف والشارح هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
وفي الأخرى تطلق في الحال واحدة وتطلق الثانية والثالثة في طهرين في نكاحين إن أمكن.
واختارها جماعة.
وعنه تطلق ثلاثا في ثلاثة أطهار لم يصبها فيهن وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير.
تنبيه قال القاضي وأبو الخطاب في الهداية وابن الجوزي في المذهب والسامري في المستوعب وغيرهم وقوع الثلاث في طهر لم يصبها فيه مبنى على الرواية التي قال فيها إن جمع الثلاث يكون سنة.
فأما على الرواية الأخرى فإذا طهرت طلقت واحدة وتطلق الثانية والثالثة في نكاحين آخرين أو بعد رجعتين.
وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله هذا القول فقال في رواية مهنا إذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة قد اختلفوا فيه.
فمنهم من يقول يقع عليها الساعة واحدة فلو راجعها تقع عليها تطليقة أخرى وتكون عنده على أخرى وما يعجبني قولهم هذا.
قال القاضي وأبو الخطاب فيحتمل أن الإمام أحمد رحمه الله أوقع الثلاث لأن ذلك عنده سنة ويحتمل أنه أوقعها لوصفه الثلاث بما لا تتصف به فألغى الصفة وأوقع الثلاث كما لو قال لحائض أنت طالق في الحال للسنة.
وقال في رواية أبي الحارث ما يدل على هذا.
فإنه قال يقع عليها الثلاث ولا معنى لقوله للسنة.
قال ابن منجا في شرحه وفي هذا الاحتمال نظر لأنه لو ألغى قوله للسنة.
458

وجب أن تطلق في الحال حائضا كانت أو طاهرا مجامعة أو غير مجامعة لأنه إذا ألغى قوله للسنة بقي أنت طالق وهو موجب لما ذكره.
ولقائل أن يقول إن وقوع الثلاث يمكن تخريجه على غير ذلك وهو أنه لما كانت البدعة على ضربين أحدهما من جهة العدد والأخرى من جهة الوقت فحيث جمع الزوج بين الثلاث وبين السنة كان ذلك قرينة في إرادته السنة من حيث الوقت لا من حيث العدد فلا تلحظ في الثلاث السنة لعدم إرادته له ويصير كما لو قال أنت طالق ثلاثا ويلحظ السنة في الوقت لإرادته له فلا تطلق إلا في طهر لم يصبها فيه انتهى.
فائدة لو قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق ثلاثا نصفها للسنة ونصفها للبدعة طلقت طلقتين في الحال وطلقت الثالثة في ضد حالها الراهنة وهذا الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع هذا الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الرعايتين والنظم.
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وقال ابن أبي موسى تطلق الثلاث في الحال لتبعيض كل طلقة انتهى.
وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا للسنة والبدعة وأطلق.
ولو قال طلقتان للسنة وواحدة للبدعة أو عكسه فهو على ما قال.
فإن أطلق ثم قال نويت ذلك إن فسر نيته بما يقع في الحال طلقت وقبل قوله لأنه يقتضي الإطلاق لأنه غير متهم فيه.
وإن فسرها بما يوقع طلقة واحدة ويؤخر اثنتين دين ويقبل في الحكم على الصحيح.
قال المصنف والشارح هذا أظهر.
459

وقيل لا يقبل في الحكم لأنه فسر كلامه بأخف مما يلزمه حالة الإطلاق وأطلقهما في الفروع.
ولو قال أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت في الحال طلقتين على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والرعاية.
ويحتمل أن يقع طلقة ويتأخر اثنتان إلى الحال الأخرى.
قوله (وإن قال لها أنت طالق في كل قرء وهي من اللائي لم يحضن لم تطلق حتى تحيض فتطلق في كل حيضة طلقة).
بلا نزاع لكن تستثنى الحائض التي لم يدخل بها.
والصحيح من المذهب أن القرء هو الحيض على ما يأتي في باب العدة.
قوله (وإن قلنا القرء الأطهار).
وهي مسألة المصنف فهل تطلق في الحال طلقة.
أطلق المصنف فيه وجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح بن منجا والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما تطلق في الحال طلقة وهو المذهب.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة.
والوجه الثاني لا تطلق إلا في طهر بعد حيض متجدد.
فوائد.
إحداها حكم الحامل كحكم اللائي لم يحضن على ما تقدم.
460

وأما الآيسة فتطلق طلقة واحدة على كل حال قاله القاضي واقتصر عليه المصنف والشارح وغيرهما.
الثانية قوله وإن قال أنت طالق أحسن الطلاق وأجمله فهو كقوله أنت طالق للسنة.
وكذا قوله أقرب الطلاق وأعدله وأكمله وأفضله وأتمه وأسنة ونحوه.
وكذا قوله طلقة جليلة أو سنية ونحوه.
وإن قال أقبح الطلاق وأسمجه وكذا أفحش الطلاق وأردأه أو أنتنه ونحوه.
فهو كقوله للبدعة إلا أن ينوي أحسن أحوالك أو أقبحها أن تكوني مطلقة فيقع في الحال بلا نزاع.
لكن لو نوى بأحسنه زمن البدعة لشبهه بخلقها القبيح أو بأقبحه زمن السنة لقبح عشرتها ونحوه ففي الحكم وجهان.
وأطلقهما في الفروع وأطلقهما أيضا في المغني والشرح.
قال في الرعاية الكبرى وقيل إن قال في أحسن الطلاق ونحوه أردت طلاق البدعة وفي أقبح الطلاق ونحوه أردت طلاق السنة قبل قوله في الأغلظ عليه ودين في الأخف.
وهل يقبل حكما خرج فيه وجهان انتهى.
الثالثة قوله وإن قال أنت طالق طلقة حسنة قبيحة طلقت في الحال.
وكذلك لو قال أنت طالق في الحال للسنة وهي حائض أو قال أنت طالق للبدعة في الحال وهي في طهر لم يصبها فيه بلا نزاع فيهما.
461

باب صريح الطلاق وكنايته.
فائدة لو قال امرأتي طالق وأطلق النية أو قال عبدي حر أو أمتي حرة وأطلق النية طلق جميع نسائه وعتق جميع عبيده وإمائه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وهو من مفردات المذهب.
واختار المصنف وصاحب الفائق أنه لا تطلق إلا واحدة ولا يعتق إلا واحدة وتخرج بالقرعة.
وتقدم هذا أيضا في أواخر كتاب العتق بعد قوله وإن قال كل مملوك لي حر.
قوله (وصريحه لفظ الطلاق وما يتصرف منه).
يعني أن صريح الطلاق هو لفظ الطلاق وما تصرف منه لا غير.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وصححه المصنف والشارح وابن منجا في شرحه والناظم.
واختاره بن حامد.
قال في الهداية وهو الأقوى عندي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
وقال الخرقي صريحه ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح وما تصرف منهن.
وقال أبو بكر ونصره القاضي واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البناء.
462

قال في الواضح اختاره الأكثر.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير وابن عقيل في التذكرة.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والبلغة وإدراك الغاية.
وأطلقهما في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والهادي والرعاية الكبرى.
وعنه أنت مطلقة ليست صريحة ذكرها أبو بكر لاحتمال أن يكون طلاقا ماضيا.
قال الزركشي ويلزمه ذلك في طلقتك.
وقيل طلقتك ليست صريحة أيضا بل كناية.
قال في الفروع فيتوجه عليه أنه يحتمل الإنشاء والخبر وعلى الأول هو إنشاء.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الصيغ إنشاء من حيث إنها هي التي أثبتت الحكم وبها تم وهي إخبار لدلالتها على المعني الذي في النفس.
وفي الكافي احتمال في أنت الطلاق أنها ليست بصريحة.
وقيل إن لفظ الإطلاق نحو قوله أطلقتك صريح وهو احتمال للقاضي ورده المصنف والشارح.
وأطلق في المستوعب والبلغة فيه وجهين.
فوائد.
إحداها لو قال لها أنت طالق بفتح التاء طلقت على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر وابن عقيل لا تطلق.
قال في الفروع ويتوجه الخلاف على المسألة الآتية.
الثانية لو قال لزوجته كلما قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق
463

ثلاثا فهذه وقعت زمن بن جرير الطبري رحمه الله تعالى فأفتى فيها بأنه لا يقع إذا علقه بأن قال لها أنت طالق ثلاثا إن أنا طلقتك.
وقال في الفروع طلقت ولو علقه وجزم في المستوعب بأنها تطلق إذا قال بكسر التاء وقاله.
وقال في موضع إذا قاله وعلقه بشرط تطلق.
وإن فتح التاء مذكرا فحكى بن عقيل عن القاضي أنها تطلق لأنه واجهها بالإشارة والتعيين فسقط حكم اللفظ.
نقله في المستوعب وقال حكى عن أبي بكر أنه قال في التنبيه إنها لا تطلق قال ولم أجدها في التنبيه.
وذكر كلام بن جرير لابن عقيل فاستحسنه وقال لو فتح التاء تخلص.
وقال في الفروع ولو كسر التاء تخلص وبقي معلقا ذكره بن عقيل.
قال ابن الجوزي وله التمادي إلى قبيل الموت.
وقيل لا يقع عليه شيء لأن استثناء ذلك معلوم بالقرينة.
قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد وفيه وجه آخر أحسن من وجهي بن جرير وابن عقيل وهو جار على أصول المذهب وهو تخصيص اللفظ العام بالنية كما لو حلف لا يتغدى ونيته غداء يومه قصر عليه ولو حلف لا يكلمه ونيته تخصيص الكلام بما يكرهه لم يحنث إذا كلمه بما يحبه ونظائره كثيرة وعلله بتعاليل جيدة.
قلت وهو الصواب.
الثالثة من صريح الطلاق أيضا إذا قيل له أطلقت امرأتك قال نعم على الصحيح من المذهب كما يأتي في كلام المصنف قريبا.
جزم به في الكافي هنا وغيره وقدمه الزركشي وغيره.
ويحتمل أن لا يكون صريحا قاله الزركشي.
464

تنبيه قوله وما تصرف منه.
يستثنى من ذلك الأمر والمضارع.
وقد تقدم نظيره في أول كتاب العتق والتدبير.
وكذا قوله أنت مطلقة بكسر اللام اسم فاعل.
قوله (فمتى أتى بصريح الطلاق وقع نواه أو لم ينوه).
أما إذا نواه فلا نزاع في الوقوع.
وأما إذا لم ينوه فالصحيح من المذهب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب أنه يقع مطلقا.
وعنه لا يقع إلا بنية أو قرينة غضب أو سؤالها ونحوه.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب وقوع الطلاق من الهازل واللاعب كالجاد وهو صحيح نص عليه الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب وصرحوا به وكذلك المخطئ قاله الناظم وغيره.
فائدة لا يقع من النائم كما تقدم في كلام المصنف في كتاب الطلاق ولا من الحاكي عن نفسه ولا من الفقيه الذي يكرره ولا من الزائل العقل إلا ما تقدم من السكران ونحوه على الخلاف.
قوله (وإن نوى بقوله أنت طالق من وثاق أو أراد أن يقول طاهر فسبق لسانه أو أراد بقوله مطلقة من زوج كان قبله لم تطلق وإن ادعى ذلك دين).
الصحيح من المذهب أنه إذا ادعى ذلك يدين فيما بينه وبين الله تعالى وعليه الأصحاب.
وعنه لا يدين حكاها بن عقيل في بعض كتبه والحلواني كالهازل على أصح الروايتين.
465

قوله (وهل يقبل في الحكم على روايتين إلا أن يكون في حال الغضب أو بعد سؤالها الطلاق فلا يقبل).
قولا واحدا وأطلق الروايتين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والبلغة والفروع وشرح بن منجا وتجريد العناية.
إحداهما يقبل وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المغني والشرح والكافي إلا في قوله أردت أنها مطلقة من زوج كان قبلي وكان كذلك فأطلق فيها وجهين.
والرواية الثانية لا يقبل في الأظهر.
قال في إدراك الغاية لم يقبل في الحكم في الأظهر.
قال في الخلاصة لم يقبل في الحكم على الأصح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وفيما إذا قال أردت أنها مطلقة من زوج كان قبلي وجه ثالث أنه يقبل إن كان وجد وإلا فلا.
قلت وهو قوي.
ويأتي ذلك أيضا في أول باب الطلاق في الماضي والمستقبل عند قوله فإن قال أردت أن زوجا قبلي طلقها.
فائدة مثل ذلك خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق وأراد أن يقول إن قمت فترك الشرط ولم يرد به طلاقا قاله في الفروع وغيره.
ويأتي في كلام المصنف في أول باب تعليق الطلاق بالشروط إذا قال أنت طالق ثم قال أردت إن قمت وقيل لا يقبل هنا.
466

قوله (ولو قيل له أطلقت امرأتك قال نعم وأراد الكذب طلقت).
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال ابن أبي موسى تطلق في الحكم فقط.
وتقدم احتمال ذكره الزركشي أن هذه الصيغة ليست بصريح في الطلاق كما لو قال كنت طلقتها.
وكذا الحكم لو قيل له امرأتك طالق فقال نعم أو ألك امرأة فقال قد طلقتها فلو قال أردت أني طلقتها في نكاح آخر دين.
وفي الحكم وجهان إن كان وجد قدم في الرعاية أنه لا يقبل.
ولو قيل له أأخليتها فقال نعم فكناية.
فائدتان
إحداهما لو أشهد عليه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل قوله بيمينه لأن مستنده في إقراره ذلك ممن يجهله مثله.
ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واقتصر عليه في الفروع.
وتقدم ذلك في آخر باب الخلع أيضا.
الثانية لو قال قائل لعالم بالنحو ألم تطلق امرأتك فقال نعم لم تطلق وإن قال بلى طلقت ذكره الناظم وغيره.
ويأتي نظير ذلك في أوائل باب ما يحصل به الإقرار ولم يفرقوا هناك بين العالم وغيره والصواب التفرقة.
467

تنبيه مفهوم قوله ولو قيل له ألك امرأة قال لا وأراد الكذب لم تطلق.
أنه لو لم يرد الكذب أنها تطلق.
ومثله قوله ليس لي امرأة أو لست لي بامرأة ونوى الطلاق وهو صحيح لأنه كناية على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال الزركشي هذا هو المشهور من الرواية.
وجزم به في الهداية والمذهب والمغني والشرح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفروع والحاوي الصغير وصححه الناظم.
ونقل أبو طالب إذا قيل ألك امرأة فقال لا ليس بشيء.
فأخذ المجد من إطلاق هذه الرواية أنه لا يلزمه طلاق ولو نوى يكون لغوا وحملها القاضي على أنه لم ينو الطلاق.
فعلى المذهب لو حلف بالله على ذلك فقد توقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا عن الجواب فيحتمل وجهين.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع والزركشي.
وقال مبناهما على أن الإنشاءات هل تؤكد فيقع الطلاق أو لا تؤكد إلا الخبر فتتعين خبرية هذا فلا يقع الطلاق.
قال ابن عبدوس ذلك كناية وإن أقسم بالله.
قوله (وإن لطم امرأته أو أطعمها أو سقاها).
وكذا لو ألبسها ثوبا أو أخرجها من دارها أو قبلها ونحو ذلك وقال هذا طلاقك طلقت إلا أن ينوي أن هذا سبب طلاقك ونحو ذلك.
اعلم أنه إذا فعل ذلك فلا يخلو إما أن ينوي به طلاقها أو لا.
فإن نوى به طلاقها طلقت وإن لم ينوه وقع أيضا لأنه صريح على الصحيح من المذهب نص عليه.
468

وقال في الفروع فنصه صريح.
وقال في الرعايتين فإن فعل ذلك وقع نص عليه.
وقال في المستوعب والبلغة منصوص الإمام أحمد رحمه الله أنه يقع نواه أو لم ينوه.
قال في الكافي فهو صريح ذكره بن حامد.
وذكر القاضي أنه منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي كلام الخرقي يقتضيه.
وقطع به في الخلاصة وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي واختاره بن حامد وغيره.
وعنه أنه كناية.
قال في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم وقيل لا يلزمه حتى ينويه.
قال القاضي يتوجه أنه لا يقع حتى ينويه نقله في البلغة.
وقدم المصنف والشارح أنه كناية ونصراه.
وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الخلاف.
قال الزركشي ويحتمله كلام الخرقي ويكون اللطم قائما مقام النية لأنه يدل على الغضب.
فعلى المذهب وهو الوقوع من غير نية لو فسره بمحتمل غيره قبل وقاله بن حمدان والزركشي.
وقال وعلى هذا فهذا قسم برأسه ليس بصريح.
قال في الترغيب والبلغة لو أطعمها أو سقاها فهل هو كالضرب فيه وجهان.
469

فعلى المذهب لو نوى أن هذا سبب طلاقك دين فيما بينه وبين الله تعالى.
وهل يقبل في الحكم على وجهين وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يقبل وهو الصحيح اختاره في الهداية وصححه في الخلاصة وجزم به في المحرر والنظم والحاوي والوجيز والمصنف وغيرهم.
والوجه الثاني لا يقبل في الحكم.
فائدة لو طلق امرأة أو ظاهر منها أو آلى ثم قال سريعا لضرتها أشركتك معها أو أنت مثلها أو أنت كهي أو أنت شريكتها فهو صريح في الضرة في الطلاق والظهار على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الظهار في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه فيهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعنه أنه فيهما كناية وأطلقهما في الفروع.
وأما الإيلاء فلا يصير بذلك موليا من الضرة مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المصنف.
وقدمه في المقنع في باب الإيلاء وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى في آخر باب الإيلاء.
وعنه أنه صريح في حق الضرة أيضا فيكون موليا منها أيضا نص عليه وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم واختاره القاضي.
وعنه أنه كناية فيكون موليا منها إن نواه وإلا فلا.
وأطلقهن في الفروع.
وتأتي مسألة الإيلاء في كلام المصنف في باب الإيلاء.
470

قوله (وإن قال أنت طالق لا شيء أو ليس بشيء أو لا يلزمك شيء طلقت هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم قال في الفروع وإن قال أنت طالق لا شيء وقع في الأصح).
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير أعني في قوله أنت طالق لا شيء فقط وقيل لا تطلق.
فائدة وكذا الحكم لو قال أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو طالق طلقة لا ينقص بها عدد الطلاق.
قوله (وإن قال أنت طالق أو لا أو طالق واحدة أو لا لم يقع).
أما إذا قال أنت طالق أو لا فالصحيح من المذهب أنه لا يقع وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم ويحتمل أن يقع.
وأما إذا قال أنت طالق واحدة أو لا فقدم المصنف هنا عدم الوقوع وهو أحد الوجهين قدمه في المغني والشرح ونصراه وردا قول من فرق بينهما قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وصححه في تصحيح المحرر.
471

2.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
ويحتمل أن يقع وهو الوجه الثاني وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز فإنه ذكر عدم الوقوع في الأولى ولم يذكره في هذه.
وجزم به في المنور وتذكرة بن عبدوس.
قال في الخلاصة فقيل تطلق واحدة واقتصر عليه.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله (وإن كتب طلاق امرأته).
يعني صريح الطلاق ونوى الطلاق وقع.
إذا كتب صريح الطلاق ونوى به الطلاق وقع الطلاق على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم وقع رواية واحدة.
وجزم به المصنف وصاحب الخلاصة والوجيز وغيرهم.
لأنه إما صريح أو كناية وقد نوى به الطلاق.
قال في الفروع ويتخرج أنه لغو اختاره بعض الأصحاب بناء على إقراره بخطه وفيه وجهان.
قال ويتوجه عليها صحة الولاية بالخط وصحة الحكم به انتهى.
قال في الرعاية ويتخرج أنه لا يقع بخطه شيء ولو نواه بناء على أن الخط بالحق ليس إقرارا شرعيا في الأصح انتهى.
قلت النفس تميل إلى عدم الوقوع بذلك.
واختار في الرعاية الكبرى في حد الإقرار أنه إظهار الحق لفظا أو كناية.
وفي تعليق القاضي ما تقولون في العقود والحدود والشهادات هل تثبت بالكتابة؟
472

قيل المنصوص عنه في الوصية تثبت وهي عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول فيحتمل أن تثبت جميعها لأنها في حكم الصريح ويحتمل أن لا تثبت لأنه لا كناية لها فقويت وللطلاق والعتق كناية فضعفا.
قال المجد لا أدري أراد صحتها بالكناية أو تثبيتها بالظاهر.
قال في الفروع ويتوجه أنه أرادهما.
قوله (وإن لم ينو شيئا فهل يقع على وجهين).
وهما روايتان خرجهما في الإرشاد.
وأطلقهما في المغني والبلغة والشرح وشرح بن منجا والنظم والفروع.
أحدهما هو أيضا صريح فيقع من غير نية وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال ناظم المفردات أدخله الأصحاب في الصريح ونصره القاضي وأصحابه.
وذكره الحلواني عن الأصحاب وصححه في التصحيح.
قال في تجريد العناية وقع على الأظهر.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
والثاني أنه كناية فلا يقع من غير نية جزم به في الوجيز.
قال في الرعاية وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وتقدم تخريج بأنه لغو مع النية.
قوله (وإن نوى تجويد خطه أو غم أهله لم يقع).
هذا المذهب يعني أنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى وعليه الأصحاب.
473

وقد روى أبو طالب فيمن كتب طلاق زوجته ونوى أن يغم أهله قال قد عمل في ذلك يعني أنه يؤاخذ به.
قال المصنف والشارح فظاهر هذا أنه أوقع الطلاق.
ويحتمل أن لا يقع لأنه أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته فلا يكون ناويا للطلاق.
قوله (وهل تقبل دعواه في الحكم يخرج على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما تقبل وهو المذهب.
قال في المغني والشرح هذا أصح الوجهين وصححه في التصحيح.
قال في المحرر والفروع قبل حكما على الأصح.
قال الناظم هذا أجود.
قال في تجريد العناية قبل على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
والرواية الثانية لا يقبل.
قوله (وإن كتبه بشيء لا يبين لم يقع).
هذا الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال في تجريد العناية لم يقع على الأظهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال أبو حفص يقع.
474

وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
فوائد.
الأولى لو كتبه على شيء لا يثبت عليه خط كالكتابة على الماء والهواء لم يقع بلا خلاف عند أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وذكر في المغني الوجه لأبي حفص فيما إذا كتبه بشيء لا يبين هنا.
فالصورة الأولى صفة المكتوب به والصورة الثانية صفة المكتوب عليه قاله في البلغة وغيره.
فأجرى المصنف الخلاف في المكتوب عليه كما هو في المكتوب به.
قلت الشارح مثل كلام المصنف بصفة المكتوب عليه فقال مثل أن يكتبه بإصبعه على وسادة أو في الهواء وكذا قال الناظم.
الثانية لو قرأ ما كتبه وقصد القراءة ففي قبوله حكما الخلاف المتقدم فيما إذا قصد تجويد خطه أو غم أهله ذكره في الترغيب.
الثالثة يقع الطلاق من الأخرس وحده بالإشارة.
فلو فهمها البعض فكناية وتأويله مع صريح كالنطق وكنايته طلاق.
ولا يقع الطلاق بغير لفظ إلا في الكناية والأخرس بالإشارة على ما تقدم فيهما.
قوله (وصريح الطلاق في لسان العجم بهشتم بكسر الباء والهاء وسكون الشين وفتح التاء فإن قاله العربي وهو لا يفهمه أو نطق الأعجمي بلفظ الطلاق وهو لا يفهمه لم يقع بلا نزاع وإن نوى موجبه فعلى وجهين).
وأطلقهما في الخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي.
475

أحدهما لا يقع وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي والمنور.
وقدمه في الكافي والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في القاعدة الرابعة بعد المائة والمنصوص في رواية أبي الحارث أنه لا يلزمه الطلاق وهو قول القاضي وابن عقيل والأكثرين انتهى.
والوجه الثاني يقع جزم به في المذهب وقدمه في الهداية والمستوعب.
وقال في الانتصار وعيون المسائل والمفردات من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف ويقع طلاقه.
فائدة لو قاله العجمي وقع ما نواه فإن زاد بسيار بأن قال أنت بهشتم بسيار طلقت ثلاثا.
وقدمه في الفروع وجزم به في المغني والشرح ونصراه.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم يقع ما نواه وجزم به في الرعايتين.
ونقله بن منصور وقال كل شيء بالفارسية على ما نواه لأنه ليس له حد مثل كلام عربي.
قوله (والكنايات نوعان ظاهرة وهي سبعة أنت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وأنت حرة وأنت الحرج).
هذا المذهب أعنى أنها السبعة.
وكذا أعتقتك وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ابنتك ك أنت بائن وهو ظاهر كلامه في المستوعب.
فإنه قال فإن قيل أبنتك مثل بائن ويحتمل أظهرتك كما يحتمل خلية من حيزه.
476

قلنا قد وجد في بعض الألفاظ أبنتك ولأنه أظهر في الإبانة من خلية فاستوى تصريفه.
ولأننا قد بينا أن في أطلقتك وجهين للمعنيين المختلفين فإن وجد مثله جوزناه انتهى.
وجعل أبو بكر لا حاجة لي فيك وباب الدار لك مفتوح ك أنت بائن.
وجعل الشريف أبو جعفر أنت مخلاة ك أنت خلية.
وفرق بينهما بن عقيل فقال لأن الرجعية يقع عليها اسم مخلاة بطلقة ويحسن أن يقال للزوج خلها بطلقة.
وأيضا فإن الخلية هي الخالية من زوج والرجعية ليست خالية انتهى.
وقال في المستوعب فإن قيل مخلاة وخليتك وخلية بمعنى واحد فلم ألحقتموها بالخفية.
قلنا قد كان القياس يقتضي ذلك مثل مطلقة وطلقتك وطالق ولكن تركناه للتوقيف الذي تقدم ذكره ولم نجدهم ذكروا إلا خلية انتهى.
وقال ابن عقيل في الكنايات الظاهرة أنت طالق لا رجعة لي عليك.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وقيل هي صريحة في طلقة كناية ظاهرة فيما زاد.
واختاره بن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين رحمه الله وقال هذه اللفظة صريحة في الإيقاع كناية في العدد فهي مركبة من صريح وكناية انتهى.
قلت فيعايى بها.
477

وعنه تقع بها طلقة بائنة.
وعنه أن قوله أنت حرة ليست من الكنايات الظاهرة بل من الخفية.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في المستوعب.
وعنه أن أعتقتك ليست من الكنايات الظاهرة.
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم.
قوله (وخفية نحو أخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وأنت مخلاة وأنت واحدة ولست لي بامرأة واعتدي
واستبرئي واعتزلى وما أشبهه).
ك لا حاجة لي فيك وما بقي شيء وأغناك الله والله قد أراحك مني وجرى القلم ونحوه.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وتقدم اختيار أبي جعفر في أنت مخلاة.
وعنه أن اعتدى واستبرئي ليستا من الكنايات الخفية.
وقال ابن عقيل إذا قالت له طلقني فقال إن الله قد طلقك هذا كناية خفية أسندت إلى دلالتي الحال وهي ذكر الطلاق وسؤالها إياه.
وقال ابن القيم الصواب أنه إن نوى وقع الطلاق وإلا لم يقع لأن قوله الله قد طلقك إن أراد به شرع طلاقك وأباحه لم يقع وإن أراد أن الله أوقع عليك الطلاق وأراده وشاءه فهذا يكون طلاقا فإذا احتمل الأمرين لم يقع إلا بالنية انتهى.
ونقل أبو داود إذا قال فرق الله بيني وبينك في الدنيا والآخرة قال إن كان يريد أنه دعاء يدعو به فأرجو أنه ليس بشيء.
فلم يجعله شيئا مع نية الدعاء.
478

قال في الفروع فظاهره أنه شيء مع نية الطلاق أو الإطلاق بناء على أن الفراق صريح أو للقرينة.
قال ويوافق هذا ما قاله شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين في إن أبرأتيني فأنت طالق فقالت أبرأك الله مما تدعى النساء على الرجال فظن أنه يبرأ فطلق فقال يبرأ.
فهذه المسائل الثلاث الحكم فيها سواء.
وظهر أن في كل مسألة قولين هل يعمل بالإطلاق للقرينة وهي تدل على النية أم تعتبر النية.
ونظير ذلك إن الله قد باعك أو قد أقالك ونحو ذلك انتهى.
قوله (واختلف في قوله الحقي بأهلك وحبلك على غاربك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج ولا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك هل هي ظاهرة أو خفية على روايتين).
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والنظم والحاوي.
وأطلقهما في الخمسة الأخيرة في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والفروع.
وأما ألحقي بأهلك فالصحيح من المذهب أنها من الكنايات الخفية صححه المصنف والشارح.
قال في الفروع خفية على الأصح.
وهو ظاهر كلامه في العمدة فإنه لم يذكرها في الظاهرة.
وهو ظاهر كلامه في المنور ومنتخب الآدمي البغدادي.
وقيل هي كناية ظاهرة وعليه أكثر الأصحاب.
وهو ظاهر ما جزم به الخرقي.
479

وقطع به في الجامع الصغير والمبهج والهداية والمذهب والخلاصة وإدراك الغاية وتذكرة بن عبدوس.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله والمختار لأكثر الأصحاب.
وقدمه في الرعايتين والزبدة وصححه في تصحيح المحرر وأما الخمسة الباقية فإحدى الروايتين أنها من الكنايات الظاهرة صححه في التصحيح وتصحيح المحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والزبدة وشرح بن رزين.
والرواية الثانية هي خفية وجزم به في المنور.
وهو ظاهر ما جزم به في منتخب الآدمي وقدمه في إدراك الغاية.
واختار بن عبدوس في تذكرته أن حبلك على غاربك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج من الكنايات الظاهرة وأن قوله لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك خفية.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا في قوله غط شعرك وتقنعي وفي الفراق والسراح وجهان.
وأطلقهما في الفروع يعني على القول بأنهما ليسا من الصرائح.
أحدهما هما من الكنايات الظاهرة جزم به الزركشي.
والثاني هما من الكنايات الخفية وجزم به في المغني والشرح.
قوله (ومن شرط وقوع الطلاق أن ينوي بها الطلاق).
الصحيح من المذهب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله أن من شرط وقوع الطلاق بالكنايات أن ينوي بها الطلاق إلا ما استثنى على ما يأتي بعد ذلك قريبا.
480

قال الزركشي هذا قول جمهور الأصحاب القاضي وأصحابه والشيخين وغيرهم ونص عليه انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع الطلاق بالظاهرة من غير نية اختاره أبو بكر.
وذكر القاضي أنه ظاهر كلام الخرقي.
قال في الرعاية وفي هذه الرواية بعد.
فعلى المذهب يشترط أن تكون النية مقارنة للفظ على الصحيح.
قدمه في الفروع فقال ولا يقع بكناية إلا بنية مقارنة للفظ.
وقاله المصنف والشارح وصاحب المنور.
وقيل يشترط أن يقارن أول اللفظ.
قال في تجريد العناية ومن شرطها مقارنة أول اللفظ في الأصح.
وجزم به الآدمي البغدادي في منتخبه.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال في الرعايتين ولا يقع بكناية طلاق إلا بنية قبله أو مع أول اللفظ أو جزء غيره.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
قوله (إلا أن يأتي به في حال الخصومة والغضب فعلى روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والشرح والنظم والرعايتين وشرح بن منجا.
إحداهما يقع وإن لم يأت بالنية وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته.
481

قال الزركشي طلقت على المشهور والمختار لكثير من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية لا يقع إلا بالنية صححه في التصحيح.
قال في الخلاصة لم يقع في الأصح وجزم به أبو الفرج وغيره.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وقال الشارح ويحتمل أن ما كان من الكنايات لا يستعمل في غير الفرقة إلا نادرا نحو قوله أنت حرة لوجه الله أو اعتدى أو استبرئي رحمك أو حبلك على غاربك أو أنت بائن وأشباه ذلك أنه يقع في حال الغضب.
وجواب السؤال من غير نية وما كثر استعماله لغير ذلك نحو أخرجي واذهبي وروحي وتقنعي لا يقع الطلاق به إلا بنية انتهى.
قوله (وإن جاءت جوابا لسؤالها الطلاق فقال أصحابنا يقع بها الطلاق).
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يقع إلا بنية.
واختار المصنف الفرق فقال والأولى في الألفاظ التي يكثر استعمالها لغير الطلاق نحو أخرجي واذهبي وروحي أنه لا يقع بها طلاق حتى ينويه ومال إليه الشارح.
فائدة لو ادعى أنه ما أراد الطلاق أو أراد غيره دين ولم يقبل في الحكم مع سؤالها أو خصومة وغضب على أصح الروايتين قاله في الفروع وغيره.
قوله (ومتى نوى بالكنايات الطلاق وقع بالظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة).
482

وهذا المذهب بلا ريب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
واختاره بن أبي موسى والقاضي وغيرهما.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله والمختار لأكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمستوعب والرعايتين والنظم والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يقع ما نواه اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وجزم به في العمدة والمنور وقدمه في المحرر والحاوي الصغير فيدين فيه.
فعليها إن لم ينو شيئا وقع واحدة وفي قبوله في الحكم روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والنظم.
قلت الصواب أنه يقبل في الحكم ويكون رجعيا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه ما يدل على أنه يقع بها واحدة بائنة.
وهن أوجه مطلقة في المذهب ومسبوك الذهب.
وتقدم رواية اختارها أبو بكر أنه لا تشترط النية في وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة.
فوائد.
الأولى وكذلك الروايات الثلاث في قوله أنت طالق بائن أو طالق البتة أو أنت طالق بلا رجعة قاله في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
483

وتقدم الكلام أيضا على قوله أنت طالق بلا رجعة في الكنايات الظاهرة.
الثانية لو قال أنت طالق واحدة بائنة أو واحدة بتة وقع رجعيا على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يقع طلقة بائنة وعنه يقع ثلاثا.
وقدم في الرعايتين أنه إذا قال أنت طالق طلقة بائنة أنها تقع.
ثم قال وعنه رجعية.
الثالثة لو قال أنت طالق واحدة ثلاثا وقع ثلاث على الصحيح من المذهب.
وقال في الفصول عن أبي بكر في قوله أنت طالق ثلاثا واحدة يقع واحدة لأنه وصف الواحدة بالثلاث.
قال في الفروع وليس بصحيح لأنه إنما وصف الثلاث بالواحدة فوقعت الثلاث ولغا الوصف وهو أصح.
الرابعة كره الإمام أحمد رحمه الله أن يفتى في الكنايات الظاهرة وتوقف وإنما توقف لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.
قوله (ويقع بالخفية ما نواه).
هذا المذهب مطلقا جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور والخلاصة وغيرهم.
قال الزركشي لا نزاع عندهم أن الخفية يقع بها ما نواه وليس كما قال.
وقدمه في الهداية والمستوعب والنظم وغيرهم.
وقال الناظم * وتطليقة رجعية في المجرد *
484

واستثنى القاضي والمصنف والشارح قوله أنت واحدة فإنه لا يقع بها إلا واحدة وإن نوى ثلاثا.
وعند بن أبي موسى يقع بالخفية ثلاثا وإن نوى واحدة.
ذكره عنه في الهداية والمستوعب.
تنبيه قوله فإن لم ينو عددا وقع واحدة.
يعني رجعية إن كان مدخولا بها وإلا بائنة.
قوله (فأما ما لا يدل على الطلاق نحو كلي واشربي واقعدي واقربي وبارك الله عليك وأنت مليحة أو قبيحة فلا يقع بها طلاق وإن نواه).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل هو كناية في كلي واشربي.
وتقدم إذا قال لها لست لي بامرأة أو ليست لي امرأة عند قوله ولو قيل له ألك امرأة فقال لا.
قوله (وكذا قوله أنا طالق).
يعني لا يقع به طلاق وإن نواه.
فإن زاد فقال أنا منك طالق فذلك.
على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره بن حامد وغيره.
ويحتمل أنه كناية وهو لأبي الخطاب.
قال في الرعاية عن هذا الاحتمال فيقع إذا.
ثم قال قلت إن نوى إيقاعه وقع وإلا فلا.
485

قوله (وإن قال أنا منك بائن أو حرام فهل هو كناية أو لا على وجهين).
وكذا قوله أنا منك بريء.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع وشرح بن منجا وابن رزين.
أحدهما هو لغو صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية في قوله أنا منك بريء.
والوجه الثاني هو كناية صححه في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في الرعاية الصغرى في الجميع وقدمه في الكبرى والحاوي الصغير في الأولتين.
وأصل الخلاف في ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عن ذلك فتوقف.
فائدة لو أسقط لفظ منك فقال أنا بائن أو حرام فخرج المصنف والشارح من كلام القاضي فيها وجهين هل هما كناية أو لغو.
قال في الفروع وكذا مع حذفه منك بالنية في احتمال ذكره في الانتصار انتهى.
قلت ظاهر كلام الأصحاب أنه لغو.
قوله (وإن قال أنت علي حرام أو ما أحل الله علي حرام ففيه ثلاث روايات).
وكذا قوله الحل على حرام.
إحداهن أنه ظهار وهو المذهب في الجملة.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب هذا المشهور في المذهب وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
486

وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية هو كناية ظاهرة.
حتى نقل حنبل والأثرم الحرام ثلاث حتى لو وجدت رجلا حرم امرأته عليه وهو يرى أنها واحدة فرقت بينهما.
قال في الفروع مع أن أكثر الروايات كراهة الفتيا بالكنايات الظاهرة.
قال في المستوعب لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم.
قال الزركشي الرواية الثانية أنه ظاهر في الظهار فعند الإطلاق ينصرف إليها وإن نوى يمينا أو طلاقا انصرف إليه لاحتماله لذلك انتهى.
والرواية الثانية هو يمين.
قال الزركشي الثالثة أنه ظاهر في اليمين فعند الإطلاق ينصرف إليه وإن نوى الطلاق أو الظهار انصرف إلى ذلك انتهى.
وأطلقهن في الكافي.
وعنه رواية رابعة أنه كناية خفية.
تنبيه ظاهر قوله إحداهن أنه ظهار وإن نوى الطلاق.
هذا الأشهر في المذهب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم هذا المشهور في المذهب.
487

وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
وعنه يقع ما نواه وجزم به في المنور.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الرعايتين والفروع.
ويأتي أيضا في كلام المصنف إذا قال أنت علي حرام في باب الظهار.
فائدتان
إحداهما لو قال لها أنت علي حرام ونوى في حرمتك على غيري فكطلاق.
قاله في الترغيب وغيره واقتصر عليه في الفروع.
الثانية لو قال علي الحرام أو يلزمني الحرام أو الحرام يلزمني فهو لغو لا شيء فيه مع الإطلاق وفيه مع قرينة أو نية وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قلت الصواب أنه مع النية أو القرينة كقوله أنت علي حرام.
ثم وجدت بن رزين في شرحه قدمه.
وقال في الفروع ويتوجه الوجهان إن نوى به طلاقا وأن العرف قرينة ذكره في أول باب الظهار.
قلت الصواب أنه مع النية أو القرينة كقوله أنت علي حرام.
قوله (وإن قال ما أحل الله علي حرام أعني به الطلاق فقال الإمام أحمد رحمه الله تطلق امرأته ثلاثا وعنه أنه ظهار).
488

الصحيح من المذهب أن ذلك طلاق وعليه عامة الأصحاب.
قال في الفروع والمذهب أنه طلاق بالإنشاء وعنه أنه ظهار.
فعلى المذهب قطع المصنف هنا بما قال الإمام أحمد رحمه الله أنها تطلق ثلاثا مطلقا وهو إحدى الروايتين.
وقدمه في الهداية والخلاصة والشرح والنظم والرعايتين وقال إن حرمت الرجعية وقاله بن عقيل ذكره عنه في المستوعب.
والرواية الثانية أنها تطلق واحدة إن لم ينو أكثر.
جزم به في الوجيز والمنور.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والحاوي والفروع.
قوله (وإن قال أعني به طلاقا طلقت واحدة هذا المذهب).
قال في الفروع والمذهب أنه طلاق بالإنشاء.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه أنه ظهار.
فائدتان
إحداهما لو قال أنت علي حرام أعني به الطلاق وقلنا الحرام صريح في الظهار فقال في القاعدة الثانية والثلاثين فهل يلغو تفسيره ويكون ظهارا أو يصح ويكون طلاقا على روايتين انتهى.
قلت الذي يظهر أنه طلاق قياسا على نظيرتها المتقدمة.
الثانية لو قال فراشي علي حرام فإن نوى امرأته فظهار وإن نوى فراشه فيمين.
489

نقله بن هانئ واقتصر عليه في الفروع.
وقوله وإن قال أنت علي كالميتة والدم وقع ما نواه من الطلاق والظهار واليمين.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يقع ما نواه سوى الظهار جزم به في عيون المسائل.
وقال في المغني والشرح والفروع وغيرهم وإن نوى به الظهار احتمل أن يكون ظهارا كما قلنا في قوله أنت علي حرام.
واحتمل أن لا يكون ظهارا كما لو قال أنت علي كظهر البهيمة أو كظهر أبي انتهيا.
فائدة لو نوى الطلاق ولم ينو عددا وقعت واحدة.
قطع به المصنف في المغني والشارح وقالا لأنه من الكنايات الخفية.
قوله (وإن لم ينو شيئا فهل يكون ظهارا أو يمينا على وجهين).
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما يكون ظهارا وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين هذه اشهر.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والثاني يكون يمينا قدمه في الرعايتين والخلاصة.
490

قوله (فإن قال حلفت بالطلاق وكذب لزمه إقراره في الحكم هذا المذهب).
قال في المذهب ومسبوك الذهب والفروع لزمه حكما على الأصح.
وجزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما.
وعنه لا يلزمه إقراره في الحكم.
ويأتي نظير ذلك في كتاب الإيمان قبيل حكم الكفارة.
قوله (ولا يلزمه فيما بينه وبين الله).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه يلزمه اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في المستوعب وهما وجهان في الإرشاد.
قوله (وإن قال لامرأته أمرك بيدك فلها أن تطلق نفسها ثلاثا وإن نوى واحدة).
هذا المذهب لأنه كناية ظاهرة وأفتى به الإمام أحمد رحمه الله مرارا.
وجزم به بن عقيل في تذكرته وابن عبدوس في تذكرته وصاحب الوجيز وناظم المفردات والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
491

قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ليس لها أن تطلق أكثر من واحدة ما لم ينو أكثر قاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب.
وقطع به صاحب التبصرة وأطلقهما في المحرر.
قوله (وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب.
وجزم به في الكافي والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وخرج أبو الخطاب أنه مقيد بالمجلس كما يأتي في كلام المصنف قريبا.
قوله (وإن قال لها اختاري نفسك لم يكن لها أن تطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه في اختاري غير مكرر يقع ثلاثا.
وعنه إن خيرها فقالت طلقت نفسي تطلق ثلاثا.
فائدة لو كرر لفظ الخيار بأن قال اختاري اختاري اختاري فإن نوى إفهامها وليس نيته ثلاثا فواحدة قاله الإمام أحمد رحمه الله.
492

وإن أراد ثلاثا فثلاث قاله الإمام أحمد أيضا رحمه الله.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وإن أطلق فواحدة اختاره القاضي.
وعنه ثلاثا ذكره المصنف والشارح.
قوله (وليس لها أن تطلق إلا ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه إلا أن يجعله لها أكثر من ذلك).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي والأكثرين.
وعنه أنه على الفور جوابا لكليهما وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل هو على التراخي ذكره في الرعاية وهو تخريج لأبي الخطاب ويأتي في كلام المصنف.
قوله (وإن جعل لها الخيار اليوم كله أو جعل أمرها بيدها فردته أو رجع فيه أو وطئها بطل خيارها).
هذا المذهب وهو كما قال وعليه الأصحاب.
وخرج أبو الخطاب في كل مسألة وجها مثل حكم الأخرى.
يعني من حيث التراخي والفورية لا من حيث العدد.
مع أن كلام أبي الخطاب يحتمل أن يكون في العدد أيضا قال معناه بن منجا في شرحه.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على التفرقة بينهما فلا يتجه التخريج.
وقيل الوطء لا يبطل خيارها ذكره في الرعاية.
493

قوله (ولفظه الأمر والخيار كناية في حق الزوج يفتقر إلى نية).
لفظ الأمر من الكنايات الظاهرة ولفظة الخيار من الكنايات الخفية يفتقر إلى نية وكونه بعد سؤالها الطلاق ونحوه.
وقد تقدم الخلاف في قدر ما يقع بكل واحدة منهما.
وتقدم رواية اختارها أبو بكر أن الكنايات الظاهرة لا يحتاج الوقوع فيها إلى نية.
فكذا لفظة الأمر هنا.
قوله (فإن قبلته بلفظ الكناية نحو اخترت نفسي افتقر إلى نيتها أيضا).
فإن قبلته بلفظ الصريح بأن قالت طلقت نفسي وقع من غير نية.
لو جعل ذلك لها بلفظ الكناية كقوله لها اختاري نفسك أو أمرك بيدك فهو توكيل منه لها فإن أوقعته بالصريح كقولها طلقت نفسي فجزم المصنف هنا بالوقوع وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقطع به كثير منهم منهم المصنف والمغني والشارح وصاحب الوجيز وغيرهم.
وتقدم قريبا رواية أنه لو خيرها فقالت طلقت نفسي ثلاثا أنها تطلق ثلاثا.
وحكى في الترغيب في الوقوع وجهين فيما إذا أتى الزوج بالكناية وأوقعت هي بالصريح كعكسها على ما يأتي
في كلام المصنف بعد هذا
494

فوائد
إحداها يقع الطلاق بإيقاع الوكيل بصريح أو كناية بنية.
وفي وقوعه بكناية بنية ممن وكل فيه بصريح وجهان وأطلقهما في الفروع وكذا عكسه في الترغيب وتبعه في الفروع.
وأطلقهما في الأولى في الرعايتين والحاوي.
قلت الصواب الوقوع كالمرأة.
الثانية تقدم أنه هل تقبل دعوى الموكل بأنه رجع قبل إيقاع وكيله أم لا في كتاب الطلاق.
الثالثة لا يقع الطلاق بقولها اخترت ولو نوت حتى تقول نفسي أو أبوى أو الأزواج.
ونقل بن منصور إن اختارت زوجها فواحدة وإن اختارت نفسها فثلاثة.
قوله (وإن اختلفا في نيتها فالقول قولها وإن اختلفا في رجوعه فالقول قوله).
لا أعلم في ذلك خلافا.
قوله (وإن قال طلقي نفسك فقالت اخترت نفسي ونوت الطلاق وقع).
هذا المذهب صححه في المغني والشرح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أن لا يقع وهو لأبي الخطاب ووجه اختاره بعض الأصحاب.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي وتقدم قريبا عكسها.
قوله (وليس لها أن تطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل لها أكثر منها).
495

إما بلفظه أو نيته وهذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والنظم وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تطلق ثلاثا إن نواها هو ونوتها هي.
فوائد.
الأولى لو قال لها طلقي نفسك ثلاثا طلقت ثلاثا بنيتها على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق ثلاثا ولو لم تنوها.
وقيل لا تطلق إلا واحدة ولو نوت ثلاثا.
الثانية هل قوله طلقي نفسك مختص بالمجلس كقوله اختاري نفسك أو على التراخي كأمرك بيدك فيه وجهان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما يكون على التراخي وهو الصحيح رجحه المصنف والكافي والمغني قال في الرعايتين وهو أولى.
والوجه الثاني يختص بالمجلس قدمه في الرعايتين.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور.
الثالثة قال في المحرر والرعايتين والفروع وغيرهم لو قال ذلك لأجنبي كان ذلك على التراخي في الجميع يعني في الأمر والاختيار والطلاق.
وحكم الأجنبي إذا وكل حكمها فيما تقدم خلافا ومذهبا إلا في التراخي على ما تقدم.
وتقدمت أحكام توكيل الأجنبي والمرأة في أواخر كتاب الطلاق فليعاود.
الرابعة تملك المرأة بقوله طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق
496

ما تملك بقوله لها أمرك بيدك فلا يقع بقولها أنت طالق أو أنت مني طالق أو طلقتك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل يقع بالنية.
وقال في الروضة صفة طلاقها طلقت نفسي أو أنا منك طالق وإن قالت أنا طالق لم يقع.
قوله (وإن قال وهبتك لأهلك فإن قبلوها فواحدة).
يعني رجعية نص عليه وإن ردها فلا شيء.
هذا المذهب قال الزركشي هذا المشهور في المذهب.
قال المصنف والشارح هذه المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وجزم به ناظمها.
وعنه إن قبلوها فثلاث وإن ردوها فواحدة.
يعني رجعية قدمه في الخلاصة.
وعنه إن قبلوها فثلاث وإن ردوها فواحدة بائنة.
وعند القاضي يقع ما نواه.
فوائد.
الأولى تعتبر النية من الواهب والموهوب ويقع أقلهما إذا اختلفا في النية على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
قال في البلغة وبكل حال لا بد من النية لأنه كناية فتقديره مع النية أنت طالق إن رضي أهلك أو رضى فلان انتهى.
497

وعنه لا تعتبر النية في الهبة ذكره القاضي.
الثانية لو باعها لغيره كان لغوا على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به الأكثر.
وقال في الترغيب في كونه كناية كالهبة وجهان.
الثالثة لو نوى بالهبة والأمر والخيار الطلاق في الحال وقع قاله الأصحاب.
الرابعة من شرط وقوع الطلاق مطلقا التلفظ به فلو طلق في قلبه لم يقع بلا خلاف أعلمه.
نقل بن هانئ إذا طلق في نفسه لا يلزمه ما لم يتلفظ به أو يحرك لسانه.
قال في الفروع وظاهره ولو لم يسمعه.
قال ويتوجه كقراءة صلاة على ما تقدم في باب صفة الصلاة عند قوله ويسر بالقراءة بقدر ما يسمع نفسه.
الخامسة قوله وكذلك إذا قال وهبتك لنفسك.
قاله الأصحاب وقال المصنف وابن حمدان وغيرهما وكذا الحكم لو وهبها لأجنبي.
قال الزركشي وقد ينازع في ذلك فإن الأجنبي لا حكم له عليها بخلاف نفسها أو أهلها والله أعلم بالصواب.
آخر الجزء الثالث من تجزئة أربعة أجزاء - من كتاب " الإنصاف، في معرفة الراجح من الخلاف ".
والحمد لله رب العالمين. وصلواته على خير خلقه محمد خاتم النبيين والمرسلين. وعلى آله وصحبه أجمعين.
498

وكان الفراغ منه في سادس شهر ربيع الآخر من شهور سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، بصالحية دمشق المحروسة، من نسخة المصنف أبقاه الله تعالى.
على يد العبد الفقير إلى الله تعالى، الآمل فضله وإحسانه، حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد، المرداوي، المقدسي الحنبلي، السعدي، عفا الله عنه بمنه وكرمه. آمين يا رب العالمين.
يتلوه - في الجزء الرابع - إن شاء الله تعالى " باب ما يختلف به عدد الطلاق ".
499

وكان الفراغ من طبع هذا " الجزء الثامن من الإنصاف " وتصحيحه وتحقيقه.
على هذه الصفة قدر الجهد والطاقة - بمطبعة السنة المحمدية - ولم آل - يعلم الله -.
جهدا، ولم أدخر وسعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكفى بالله شهيدا
ويتلوه بمشيئة الله تعالى وحسن توفيقه ومعونته: الجزء التاسع، وأوله " باب
ما يختلف به عدد الطلاق ".
وهو أول الجزء الرابع والأخير من تجزئة النسخة المخطوطة المحفوظة بمكتبة.
طلعت من فروع دار الكتب المصرية. وقد أعثرنا الله عليها بواسطة الأخ.
الكريم الحاج فؤاد السيد. جزاء الله خير الجزاء. وجزى كل من ساعده في تصويرها.
وهي منقولة عن نسخة المؤلف، وفي حياته، فهي بهذا نسخة قيمة بلا شك.
والله المسؤول وحده حسن الجزاء، وخير المثوبة من عظيم فضله، وواسع كرمه، فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله أجمعين،
والله أرجو أن يجعلنا من آل هذا الرسول وحز به المفلحين في الدنيا والآخرة.
وكتبه الفقير إلى عفو الله ورحمته ومغفرته.
محمد حامد الفقي.
القاهرة في = يوم الأربعاء 21 من ذي القعدة المحرم سنة 1376 ه‍ - للوافق 19 من شهر يونية سنة 1957 م
500

الصفحة الأخيرة من الجزء الثالث من نسخة مكتبة طلعت المحفوظة بدار الكتب المصرية. وهي مكتوبة عن نسخة المؤلف، وفي حياته.
وهي التي عثرنا عليها بحث الأخ الحاج فؤاد السيد. أمين المخطوطات بالدار.
501