الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية
شرح بداية المبتدي
1

الهداية
شرح بداية المبتدي
2

كافة حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1415 ه‍ - 1995 م
طبع - نشر - توزيع
3

الهداية
شرح بداية المبتدي
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع
نصب الراية
تخريج أحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء
الثاني
دار الحديث
القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
4

فصل في القراءة
قوله ويجهز بالقراءة في الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن
كان إماما ويخفي في الأخريين هذا هو التوارث قلت فيه حدثان مرسلان
أخرجهما أبو داود في مراسيله أحدهما عن الحسن والآخر عن الزهري
قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهر القراءة في الفجر في الركعتين كليهما ويقرأ في
الركعتين الأوليين في صلاة الظهر بأم القرآن وسورة في كل ركعة سرا في نفسه
ويقرأ في الركعتين الأخريين من صلاة الظهر بأم القرآن في كل ركعة سرا في نفسه
ويفعل في العصر مثل ما يفعل في الظهر ويجهر الامام بالقراءة في الأوليين من المغرب
ويقرأ في كل واحدة منهما بأم القرآن وسورة ويقرأ في الركعة الآخرة من صلاة
المغرب بأم القرآن سرا في نفسه ثم يجهر بالقراءة في الركعتين الأوليين من صلاة
العشاء ويقرأ في الأخريين في نفسه بأم القرآن وينصت من وراء الامام ويستمع لما
جهر به الامام لا يقرأ معه أحد والتشهد في الصلوات حين يجلس الامام والناس
خلفه في الركعتين انتهى ومرسل الحسن نحوه وذكرهما عبد الحق في أحكامه
من جهة أبي داود وقال إن مرسل الحسن أصح
وتقدم في مواقيت الصلاة في إمامة جبريل من حديث أنس أنه أسر في
5

الظهر والعصر والثالثة من المغرب والاخريين من العشاء وينبغي أن يكتب هنا
الحديث الثالث والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النهار عجماء قلت
غريب ورواه عبد الرزاق في مصنفه من قول مجاهد وأبي عبيدة فقال أخبرنا
معمر عن عبد الكريم الجزري قال سمعت أبا عبيدة يقول صلاة النهار عجماء
انتهى أخبرنا بن جريج قال قال مجاهد صلاة النهار عجماء انتهى وقال
النووي في الخلاصة حديث صلاة النهار عجماء باطل لا أصل له انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن سخبرة قال
قلنا لخباب هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال نعم قلنا بم
كنتم تعرفون ذلك قال باضطراب لحيته انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الأخريين على النصف من ذلك وحزرنا
قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك انتهى
ورواه بن ماجة في سننه من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد قال اجتمع
ثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لم يجهر فيه من الصلاة فما اختلف منهم رجلان فقاسوا قراءة في الركعة
الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آية وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك
قاسوا ذلك في العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر انتهى
6

قوله ويجهر في الجمعة والعيدين لورود النقل المستفيض بالجهر قلت استدل
البيهقي على الجهر في الجمعة والعيدين بما رواه الجماعة إلا البخاري من حديث
حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين
ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية انتهى
واستدل أيضا بما أخرجه مسلم عن أبي واقد الليثي قال سألت عمر ما كان
يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر فقال كان يقرأ ب ق والقرآن المجيد
واقتربت الساعة وفي هذا الاستدلال نظر ففي الصحيحين عن أبي قتادة قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب
وسورتين يطول في الأولى ويقصر في الثانية يسمع الآية أحيانا وفي النسائي كنا
نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فيسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان
والذاريات وفيه أيضا عن أبي بكر بن النضر قال كنا بالطائف عند أنس
فصلى بهم الظهر فلما فرغ قال إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فقرأ
لنا بهاتين السورتين في الركعتين سبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث
الغاشية انتهى وأخرج البيهقي عن الحارث عن علي قال الجهر في صلاة
العيدين من السنة والخروج في العيدين إلى الجبانة من السنة انتهى والحارث
روى له الأربعة كذبه الشعبي وابن المديني وضعفه الدارقطني وقال النسائي
ليس بالقوي والحديث معلول به
الحديث الرابع والخمسون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الفجر غداة ليلة التعريس
7

بجماعة فجهر فيها قلت روى محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو
حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال من يحرسنا الليلة فقال رجل من الأنصار شاب أنا يا رسول الله
أحرسكم فحرسهم حتى إذا كان من الصبح غلبته عيناه فما استيقظوا إلا بحر
8

الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ أصحابه وأمر المؤذن فأذن وصلى
ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الفجر بأصحابه وجهر فيها بالقراءة كما كان
يصلي بها في وقتها انتهى
حديث آخر ولكن فيه احتمال أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة
قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن
شاء الله غدا فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد إلى أن قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ
رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا وسرنا
حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء ثم قال
لأبي قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم
مختصر قال النووي في شرح مسلم فيه دليل على أن صفة الفائتة تكون
كصفة أدائها فيقنت فيها ويجهر وهو أحد قولي الشافعي وقيل لا يجهر
وحمل الصنع فيه على استيفاء الأركان
حديث آخر نحوه رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم قال عرس رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة فذكر الحديث في نومهم وقيامهم وصلاتهم ثم قال
عليه السلام يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها فإذا رقد أحدكم عن
الصلاة أو نسيها ثم فرغ إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها ومن طريق
مالك رواه البيهقي في المعرفة ولم يعله بغير الارسال فيمكن حمل هذا أيضا
على الجهر ويمكن على استيفاء الأركان
9

الحديث الخامس والخمسون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الفجر في سفره
بالمعوذتين
قلت رواه أبو داود في سننه في فضائل القرآن والنسائي في الاستعاذة من
حديث القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر قال كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته
في السفر فقال لي يا عقبة الا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قل أعوذ
برب الفلق وقل أعوذ برب الناس قال فلم يرني سررت بهما جدا فلما نزل
لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة التفت
إلي فقال يا عقبة كيف رأيت انتهى والقاسم هذا هو أبو عبد الرحمن
القاسم بن عبد الرحمن القرشي الأموي مولاهم الشامي وثقه بن معين وغيره
وتكلم فيه غير واحد قاله المنذري ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع
والثلاثين من القسم الخامس من حديث معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن
نفير عن ابنه عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهم بالمعوذتين في صلاة الصبح
انتهى ورواه الحاكم في مستدركه كذلك ولفظه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المعوذتين أمن القرآن هما فأمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر بهما انتهى
وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه أخرجه في الصلاة وفي
فضائل القرآن ثم أخرجه بسند السنن ومتنه وسكت عنه ورواه أحمد في
مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه
10

قوله ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين سوى فاتحة
الكتاب ويروى من أربعين إلى ستين إلى مائة وبكل ذلك ورد الأثر
قلت روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في
الفجر ب ق ونحوها وأخرجا عن أبي برزة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في
الفجر ما بين الستين إلى المائة آية وفي لفظ بن حبان كان يقرأ بالستين إلى المائة
وأخرج عن بن عمر قال أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنا في الفجر بالصافات
انتهى وأخرج عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة
ونحوها من السور ذكر ذلك كله في النوع الرابع والثلاثين من القسم
الخامس
قوله روى أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن اقرأ في
الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب
بقصار المفصل قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
11

سفيان الثوري عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن وغيره قال كتب عمر إلى
أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسط المفصل وفي
الصبح بطوال المفصل انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا شريك
عن علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى قال أقرأني أبو موسى كتاب عمر أن اقرأ
بالناس في المغرب بآخر المفصل انتهى وروى البيهقي في المعرفة من طريق
مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى
الأشعري ان اقرأ في ركعتي الفجر بسورتين طويلتين من المفصل مختصر وقال
الترمذي في كتابه في باب القراءة في الصبح وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي
موسى أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل ثم قال في الباب الذي يليه وروى عن
عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ثم قال في الباب
الذي يليه وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار
المفصل انتهى
وفي الباب حديث مرفوع رواه النسائي وابن ماجة في سننهما من حديث
الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال ما
صليت ورواء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان قال سليمان كان يطيل
الركعتين الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر وكان يقرأ في
المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسط المفصل وفي الغداة بطوال المفصل
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم
الخامس عن بن خزيمة بسنده ومتنه ورواه بن سعد في الطبقات عن الضحاك
بن عثمان عن شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال ما رأيت أحدا أشبه
صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز قال الضحاك
12

وكنت أصلي خلفه فكان يطيل الأوليين من الظهر إلى آخره
الحديث السادس والخمسون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الأولى على
غيرها في الصلوات كلها قلت روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من
حديث أبي قتادة واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين
الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ويطول في
الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح ورواه بن
أبي شيبة في مصنفه ولم يقل فيه في الظهر
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر
والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ألم تنزيل
السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الركعتين
13

الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على
النصف من ذلك وفي رواية بدل تنزيل السجدة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين
قدر خمس عشرة آية والعصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة
آية وفي الأخريين قدر نصف ذلك انتهى
قوله ويكره أن يوقت بشئ من القرآن في شئ من الصلوات لما فيه من هجر
الباقي وإيهام التفضيل قلت وللخصوم القائلين بأن السنة في فجر الجمعة أن يقرأ
بتنزيل السجدة وهل أتى على الانسان حديث أخرجه البخاري ومسلم عن سعد
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن الأعرج عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة وهل أتى على
الانسان انتهى
وهذا على طريقه إن كان يقتضي الدوام ولكن وقع في بعض طرقه أنه كان يديم
ذلك رواه الطبراني في معجمه الصغير فقال حدثنا محمد بن بشر بن يوسف
الأموي الدمشقي ثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم حدثني ثور بن يزيد
عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن عبد الله بن
مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة ألم تنزيل السجدة
وهل أتى على الانسان يديم ذلك انتهى
الحديث السابع والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له
قراءة قلت روى من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث بن عمر ومن حديث
الخدري ومن حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس
14

فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة
انتهى وجابر الجعفي مجروح روى عن أبي حنيفة أنه قال ما رأيت أكذب من
جابر الجعفي ولكن له طرق أخرى وهي وإن كانت مدخولة ولكن يشد بعضها بعضا
فمنها ما رواه محمد بن الحسن في موطئه أخبرنا الإمام أبو حنيفة ثنا أبو الحسن موسى
بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى خلف
الامام فإن قراءة الإمام له قراءة انتهى ورواه الدارقطني في سننه وأخرجه هو
ثم البيهقي عن أبي حنيفة مقرونا بالحسن بن عمارة وعن الحسن بن عماره وحده
بالاسناد المذكور قال الدارقطني وهذا الحديث لم يسنده عن جابر بن عبد الله غير أبي
حنيفة والحسن بن عمارة وهما ضعيفان وقد رواه سفيان الثوري وأبو الأحوص
وشعبة وإسرائيل وشريك وأبو خالد الدالاني وسفيان بن عيينة وجرير بن
عبد الحميد وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا وهو الصواب انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد روى السفيانان
هذا الحديث وأبو عوانة وشعبة وجماعة من الحفاظ عن موسى بن أبي عائشة فلم
يسندوه عن جابر ورواه عبد الله بن المبارك أيضا عن أبي حنيفة مرسلا وقد رواه
جابر الجعفي وهو متروك وليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن أبي الزبير عن جابر
مرفوعا ولم يتابعهما عليه إلا من هو أضعف منهما ثم قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال سمعت سلمة بن محمد الفقيه يقول سألت أبا موسى الرازي الحافظ عن حديث
من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة فقال لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شئ إنما
اعتمد مشايخنا فيه على الروايات عن علي وابن مسعود وغيرهما من الصحابة قال أبو
عبد الله الحافظ أعجبني هذا لما سمعته فان أبا موسى أحفظ من رأينا من أصحاب الرأي
على أديم الأرض انتهى وأخرجه بن عدي والدارقطني عن الحسن بن صالح عن ليث بن
15

أبي سليم وجابر عن أبن الزبير مرفوعا نحوه قال بن عدي وهذا معروف بجابر
الجعفي ولكن الحسن بن صالح قرنه بالليث والليث ضعفه أحمد والنسائي وابن
معين والسعدي ولكنه مع ضعفه يكتب حديثه فان الثقات رووا عنه كشعبة
والثوري وغيرهما وأخرجه بن عدي أيضا عن أبي حنيفة في ترجمته بسنده
المتقدم وذكر فيه قصة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ورجل خلفه يقرأ فجعل رجل
من الصحابة ينهاه عن القراءة في الصلاة فقال له أتنهاني عن القراءة خلف نبي الله
فتنازعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام من صلى خلف إمام فإن
قراءة الإمام له قراءة انتهى قال بن عدي وهذا الحديث زاد فيه أبو حنيفة جابر بن عبد الله وقد
رواه جرير والسفيانان وأبو الأحوص وشعبة وزائدة وزهير وأبو عوانة وابن أبي
ليلى وقيس وشريك وغيرهم فأرسلوه ورواه الحسن بن عمارة كما رواه أبو
حنيفة وهو أضعف
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه الوسط عن
سهل بن العباس الترمذي ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى قال الدارقطني
هذا حديث منكر وسهل بن العبا س متروك ليس بثقة وقال الطبراني لم يرفعه أحد
عن بن علية إلا سهل بن العباس ورواه غيره موقوفا انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق مالك عن وهب بن
كيسان عن جابر بن عبد الله مرفوعا نحوه سواء قال الدارقطني هذا باطل لا يصح
عن مالك ولا عن وهب بن كيسان وفيه عاصم بن عصام لا يعرف انتهى
طريق آخر رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة ولكن في إسناده ضعف ورواه مالك عن
16

وهب بن كيسان عن جابر من كلامه ذكره بن كثير في تفسيره
وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن الفضل بن
عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
كان له إمام فقراءته له قراءة انتهى قال الدارقطني محمد بن الفضل متروك ثم
أخرجه عن خارجة عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا ثم قال رفعه وهم ثم
أخرجه عن أحمد بن حنبل ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه قال
في القراءة خلف الإمام يكفيك قراءة الإمام انتهى قال وهو الصواب انتهى
قلت وكذلك رواه مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر قال إذا صلى أحدكم
خلف الامام فحسبه قراءة الإمام وإذا صلى وحده فليقرأ قال وكان عبد الله بن
عمر لا يقرأ خلف الامام انتهى
وأما حديث الخدري فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
إبراهيم بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني حدثني أبي عن جدي عن النضر بن عبد الله ثنا
الحسن بن صالح عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان
له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى وأخرجه بن عدي في
الكامل عن إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبي إسحاق البجلي عن الحسن بن صالح به
سندا ومتنا قال بن عدي هذا لا يتابع عليه إسماعيل وهو ضعيف قلت قد تابعه
النضر بن عبد الله كما تقدم عند الطبراني
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن عباد الرازي
ثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا
نحوه سواء قال الدارقطني لا يصح هذا عن سهيل تفرد به محمد بن عباد الرازي
17

وهو ضعيف انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه الدارقطني في سننه من حديث عاصم بن
عبد العزيز ي المدني عن أبي سهيل عن عون بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكفيك قراءة الإمام خافت أو اجهر انتهى قال الدارقطني قال أبو
موسى قلت لأحمد بن حنبل في حديث بن عباس هذا فقال حديث منكر ثم أعاده
الدارقطني في موضع آخر قريب منه وقال عاصم بن عبد العزيز ليس بالقوي ورفعه
وهم انتهى
وأما حديث أنس فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن غنيم بن سالم عن أنس
بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى
وأعله بغنيم وقال إنه يخالف الثقات في الروايات لا يعجبني الرواية عنه فكيف
الاحتجاج به روى عنه المجاهيل والضعفاء ولا يوجد من رواية أحد من الاثبات
انتهى وحمل البيهقي في كتاب المعرفة أحاديث من كان له إمام فان قراءة الإمام
له قراءة على ترك الجهر بالقراءة خلف الامام وعلى قراءة الفاتحة دون السورة
واستدل بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن
مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ثم قال
لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا نعم قال فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب انتهى
قال البيهقي ورواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فذكر فيه سماع بن إسحاق
من مكحول فصار الحديث موصولا صحيحا قال فهذا الحديث مبين لتلك
الأحاديث ودال على السبب الذي ورد عليه حديث من كان له إمام فقراءة الامام له
قراءة وهو رفع الصوت بالقراءة خلف الامام وقراءة السورة مع الفاتحة انتهى
18

قوله وعليه إجماع الصحابة أي على ترك القراءة خلف الإمام قلت روى
محمد بن الحسن في موطأه أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا سئل هل يقرأ
أحد مع الامام فقال إذا صلى أحدكم مع الامام فحسبه قراءة الإمام وكان بن عمر لا
يقرأ خلف الامام انتهى
أثر آخر رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد الله
بن وهب أخبرني حياة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبيد الله بن مقسم أنه سأل
عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله فقالوا لا يقرأ خلف الامام في
شئ من الصلوات انتهى
أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا في موطأه عن سفيان بن عيينة عن منصور
عن أبي وائل قال سئل عبد الله بن مسعود عن القراءة خلف الإمام قال أنصت فإن
في الصلاة شغلا ويكفيك الامام أخبرنا محمد بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن
إبراهيم عن علقمة بن قيس أن عبد الله بن مسعود كان لا يقرأ خلف الامام لا فيما يجهر
ولا فيما يخافت فيه وإذا صلى وحده قرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ولم
يقرأ في الأخريين بسورة انتهى
ورواه بن أبي شيبة في مصنفه أعني الأول وكذلك عبد الرزاق في مصنفه
وينظران
أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا عن داود بن قيس الفراء المديني قال
أخبرني بعض ولد سعد بن أبي وقاص أن سعدا قال وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في
فيه جمرة ورواه عبد الرزاق في مصنفه إلا أنه قال في فيه حجر وكذلك
بن أبي شيبة
أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا عن داود بن قيس عن بن عجلان أن عمر
19

بن الخطاب قال ليت في فم الذي يقرأ خلف الامام حجرا وأخرجه أيضا
عبد الرزاق
أثر آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة
قال قلت لابن عباس أقرا والامام بين يدي فقال لا انتهى
أثر آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن جابر قال لا يقرأ خلف الامام إن
جهر ولا إن خافت انتهى وينظر
أثر آخر رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما من حديث علي قال
من قرأ خلف الامام فقد أخطأ الفطرة وأخرجه الدارقطني في سننه من طرق
وقال لا يصح إسناده وقال بن حبان في كتاب الضعفاء هذا يرويه
عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري عن علي وهو باطل ويكفي في بطلانه إجماع المسلمين
على خلافه وأهل الكوفة إنما اختاروا ترك القراءة خلف الإمام فقط لا أنهم لم
يجيزوه وابن أبي ليلى هذا رجل مجهول انتهى
قوله لان الاستماع فرض بالنص قلت يريد به قوله تعالى وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا وقد وردت أخبار في أن هذه الآية نزلت في القراءة خلف الإمام
أخرج البيهقي عن مجاهد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فسمع
قراءة فتى من الأنصار فنزل وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وأخرج عن
الإمام أحمد قال أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة
أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن عامر حدثني زيد بن أسلم عن
أبيه عن أبي هريرة في هذه الآية وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
20

ترحمون قال نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة
انتهى قال وعبد الله بن عامر ضعيف انتهى
أثر آخر أخرجه بن مردويه في تفسيره عن موسى بن عبد الرحمن المسروق ثنا
أبو أسامة عن سفيان عن أبي المقدام هشام بن زياد عن معاوية بن قرة قال سألت بعض
أشياخنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسروقي أحسبه قال عبد الله بن مغفل
قلت له كل من سمع القرآن وجب عليه الاستماع والانصات قال إنما نزلت هذه
الآية وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا في القراءة خلف الإمام إذا قرأ الامام
فاستمع له وأنصت انتهى
الحديث الثامن والخمسون قال عليه السلام وإذا قرئ القرآن فانصتوا قلت روى من
حديث أبي موسى ومن حديث أبي هريرة
فحديث أبو موسى رواه مسلم في صحيحه في باب القراءة والركوع
والسجود والتشهد فقال وحدثنا أبو عثمان المسمعي ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي ثنا
إسحاق بن إبراهيم ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة بهذا الاسناد مثله يعني
حديث قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري
عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث إذا كبر الامام فكبروا وفيه قصة قال مسلم وفي
21

حديث جرير من الزيادة وإذا قرأ فانصتوا ثم قال قال أبو إسحاق يعني صاحب
مسلم قال أبو بكر بن أخت أبي النضر في هذا الحديث أي طعن فيه فقال
يزيد أحفظ من سليمان التيمي فقال له أبو بكر فحديث أبي هريرة يعني
وإذا قرأ فأنصتوا فقال مسلم هو عندي صحيح فقال لم لم تضعه ههنا فقال
ليس كل شئ عندي صحيح وضعته ههنا إنما وضعت ههنا ما اجتمعوا عليه انتهى
كلام مسلم وأخرجه أبو داود في سننه في باب التشهد عن سليمان التيمي ثنا قتادة
عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي بهذا الحديث وزاد وإذا قرأ فأنصتوا
قال أبو داود وإذا قرأ فأنصتوا ليس بشئ انتهى ورواه بن ماجة في سننه
بسند أبي داود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ الامام فأنصتوا فإذا كان عند
القعدة فليكن أول ذكر أحدكم التشهد انتهى وأخرجه البزار في مسنده
كذلك وقال لا نعلم أحدا قال فيه وإذا قرأ فأنصتوا إلا سليمان التيمي إلا ما
حدثناه محمد بن يحيى القطيعي ثنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر عن قتادة عن يونس بن
جبير عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث سليمان التيمي وإذا
قرأ فأنصتوا انتهى وبهذا السند رواه بن عدي في الكامل عن سالم بن نوح العطار
عن عمر بن عامر وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به ولم يعله وإنما قال وهذا
الحديث سليمان التيمي أشهر من عمرو بن عامر وابن أبي عروبة انتهى
وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أبي
خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا وإذا
قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد انتهى ذكره أبو داود في باب
الامام يصلي من قعود وقال وهذه الزيادة وإذا قرأ فأنصتوا ليست بمحفوظة والوهم
عندنا من أبي خالد انتهى وتعقبه المنذري في مختصره فقال وهذا فيه نظر فإن
أبا خالد الأحمر هذا هو سليمان بن حيان وهو من الثقات الذين احتج بهم البخاري
ومسلم ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة بل تابعه عليها أبو سعيد محمد بن سعد
22

الأنصاري الأشهلي المدني نزيل بغداد وقد سمع من بن عجلان وهو ثقة وثقه
النسائي وابن معين وغيرهما وقد أخرج مسلم هذه الزيادة في صحيحه في
حديث أبي موسى الأشعري من حديث سليمان التيمي عن قتادة وضعفها أبو داود
والدارقطني والبيهقي وغيرهم لتفرد سليمان التيمي بها قال الدارقطني وقد رواه
أصحاب قتادة الحفاظ عنه منهم هشام الدستوائي وسعيد وشعبه وهمام وأبو
عوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة فلم يقل أحد منهم وإذا قرأ فانصتوا قال
وإجماعهم يدل على وهم انتهى ولم يؤثر عند مسلم تفرده بها لثقته وحفظه
وصححها من حديث أبي موسى وأبي هريرة انتهى كلامه ومتابعة محمد بن سعد
لسليمان التيمي التي أشار إليها المنذري أخرجها النسائي في سننه أخبرنا محمد بن
عبد الله بن المبارك ثنا محمد بن سعد الأنصاري حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن
أسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إنما الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا
وإذا قرأ فأنصتوا انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال قال أبو عبد
الرحمن كان محمد بن عبد الله المخزومي يقول محمد بن سعد هذا ثقة انتهى
ولسليمان التيمي متابعان آخران غير محمد بن سعد أخرج الدارقطني في سننه
حديثهما وضعفهما أحدهما إسماعيل بن أبان الغنوي ثنا محمد بن عجلان به
والآخر محمد بن ميسر أبي سعد الصفاني ثنا بن عجلان به قال وإسماعيل بن أبان
ومحمد بن ميسر ضعيفان انتهى وقال البيهقي في المعرفة بعد أن روى حديث أبي
هريرة وأبي موسى وقد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث أبو داود
وأبو حاتم وابن معين والحاكم والدارقطني وقالوا إنها ليست بمحفوظة أو
23

يحمل الانصات فيه على ترك الجهر كما في الحديث الصحيح عن أبي زرعة عن أبي
هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ فقيله
يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة فقال أقول اللهم باعد بيني
وبين خطاياي الحديث انتهى
أحاديث الباب روى النسائي في سننه أخبرني هارون بن عبد الله ثنا زيد بن
الحباب ثنا معاوية بن صالح ثنا أبو الزاهرية حدثني كثير بن مرة الحضرمي عن أبي الدرداء
سمعه يقول سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفي كل صلاة قراءة قال نعم قال رجل من
الأنصار وجبت هذه فالتفت إلي وكنت أقرب القوم منه فقال ما أرى الامام إذا أم
القوم إلا قد كفاهم انتهى قال النسائي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ إنما هو قول
أبي الدرداء وبوب عليه اكتفاء المأموم بقراءة الامام
حديث آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار محتجا به عن عبيد الله بن عمرو
الرقي عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه فلما قضى صلاته
أقبل عليهم بوجهه فقال أتقرأون في صلاتكم خلف الامام والإمام يقرأ فسكتوا
فقالها ثلاث مرات فقالوا إنا لنفعل قال لا تفعلوا انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه وزاد وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن
زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ورجل يقرأ
خلفه فلما فرغ قال من ذا الذي يخالجني سورة كذا فنهاهم عن القراءة خلف الإمام
انتهى ثم قال لم يقل هكذا غير حجاج وخالفه أصحاب قتادة منهم
شعبة وسعيد وغيرهما فلم يذكروا فيه فنهاهم عن القراءة وحجاج لا يحتج به
انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة
عن قتادة عن زرارة به أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الظهر فقال أيكم قرأ بسبح
اسم ربك الاعلى فقال رجل أنا فقال عليه السلام قد عرفت أن رجلا خالجنيها
قال شعبة فقلت لقتادة كأنه كره فقال لو كرهه لنهى عنه قال البيهقي ففي
24

سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب الحديث وزاد
فيه فنهى عن القراءة خلف الإمام انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن سلام ثنا مالك بن أنس ثنا
وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل صلاة لا يقرأ فيها بأم
القرآن فهي خداج إلا أن يكون وراء الامام انتهى قال الدارقطني يحيى بن سلام
ضعيف والصواب موقوف ثم أخرجه كذلك رحمه الله
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن
محمد بن سالم عن الشعبي عن الحار ث عن علي قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أقرأ
خلف الامام أو أنصت قال بل أنصت فإنه يكفيك انتهى ثم قال تفرد به
غسان وهو ضعيف وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان قال والمرسل أصح منه ثم
أخرجه عن محمد بن سالم عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قراءة خلف الامام
انتهى
حديث آخر رواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان حدثني إبراهيم بن سعيد عن أحمد بن علي بن سلمان البروردي عن
عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ خلف الامام فلا صلاة له انتهى ثم قال بن حبان هذا
الحديث لا أصل له وأحمد بن علي بن سلمان لا ينبغي أن يشتغل بحديثه انتهى
ولم أجد هذا الحديث في كتاب الضعفاء لابن حبان ولا ترجم فيه على أحمد بن
علي بن سلمان فالله أعلم
حديث آخر قال بن حبان في كتا ب الضعفاء مأمون بن أحمد السلمي من
أهل هراة كان دجالا من الدجاجلة روى عن يحيى بن عباس عن سفيان عن الزهري
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ خلف الامام ملئ فوه نارا انتهى
ملخص كلام البخاري في الجزء الذي وضعه في القراءة خلف الإمام قال
25

واحتج هذا القائل يعني أبا حنيفة بقوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا ثم قال
وهذا منقوض بالثناء مع أنه تطوع والقراءة فرض فأوجب عليه الانصات بتر ك فرض
ولم يوجبه بترك سنة فحينئذ يكون الفرض عنده أهون حالا من التطوع واعترضه أيضا
بفرع وهو أن المصلي لو جاء والامام في الركعة الأولى من الفجر فإنه يصلي عنده
ركعتي الفجر ويترك الاستماع والانصات مع أنه عليه السلام قال إذا أقيمت
الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة قال ويقال له أرأيت إذا لم يجهر الامام أيقرأ
خلفه فان قال لا فقد بطل دعواه لان الاستماع إنما يكون لما يجهر به ثم ذكر عن
بن عباس من غير سند فاستمعوا له وأنصتوا قال في الخطبة ثم قال ولو أريد
به في الصلاة فنحن نقول إنما يقرأ خلف الامام عند سكوته وقد روى سمرة قال
كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان سكتة حين يكبر وسكتة حين يفرغ من قراءته قال وكان أبو
سلمة بن عبد الرحمن وميمون بن مهران وسعيد بن جبير وغيرهم يرون القراءة عند
سكوت الامام عملا بقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب والانصات إذا قرأ
الامام عملا بالآية قال واحتج أيضا بقوله عليه السلام من كان له إمام فقراءة الامام
له قراءة قال وهذا حديث لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز والعراق
لارساله وانقطاعه
أما إرساله فرواه عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما انقطاعه فرواه الحسن بن
صالح عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر ولا يدرى أسمع جابر من أبي الزبير أم
لا قال ولو ثبت فتكون الفاتحة مستثناة منه أي من كان له إمام فقراءة الامام له
قراءة بعد الفاتحة كما قال صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وقال في
حديث آخر إلا المقبرة مع انقطاعه قال ونظير هذا قوله عليه السلام لسليك
الغطفاني حين جاء وهو يخطب قم فاركع مع أنه أمر بالانصات للخطبة فقال
إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ولكنه أخرج
الصلاة من هذا الاطلاق قال واحتج أيضا بخبر روى عن داود بن قيس عن بن نجاد
رجل من ولد سعد عن سعد قال وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة
قال وهذا مرسل فإن بن نجاد لم يعرف ولا سمي قال واحتج أيضا بحديث رواه
أبو حباب عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم قال قال عبد الله وددت أن الذي يقرأ
خلف الامام ملئ فوه نتنا قال وهذا مرسل لا يحتج به وخالفه بن عوان عن إبراهيم
عن الأسود وقال رضفا وهذا كله ليس من كلام أهل العلم لوجهين أحدهما
قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بالنار ولا تعذبوا بعذاب الله فكيف يجوز
26

لاحد أن يقول في الذي يقرأ خلف الامام جمرة والجمرة من عذاب الله
والثاني أنه لا يحل لاحد أن يتمنى أن تملأ أفواه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عمر
بن الخطاب وأبي بن كعب وحذيفة وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وعائشة
وعبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وفي جماعة آخرين ممن
روى عنهم القراءة خلف الإمام رضفا ولا نتنا ولا ترابا ثم روى أحاديث هؤلاء في
مواضع متفرقة من الجزء المذكور قال واحتج أيضا بخبر رواه عمر بموسى بن سعد
عن زيد بن ثابت قال من قرأ خلف الامام فلا صلاة له قال ولا يعرف لهذا الاسناد
سماع بعضهم من بعض ولا يصح مثله قال وروى سليمان التيمي وعمر بن عامر عن
قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عن أبي موسى في حديثه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم
وفيه وإذا قرأ فأنصتوا ولم يذكر سليمان في هذه الزيادة سماعا من قتادة ولا قتادة
من يونس بن جبير وروى هشام وسعيد وأبو عوانة وهمام وأبان بن يزيد وغيرهم
عن قتادة فلم يقولوا فيه وإذا قرأ فأنصتوا ولو صح لحمل على ما سوى الفاتحة
وروى أبو خالد الأحمر عن بن عجلان عن زيد بن أسلم وغيره عن أبي صالح عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به وزاد فيه وإذا قرأ فأنصتوا ولا
يعرف هذا من صحيح حديث أبي خالد الأحمر قال أحمد أراه كان يدلس وقد
رواه الليث وبكير عن بن عجلان عن أبي زياد عن الأعرج عن أبي هريرة ورواه
الليث أيضا عن بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة وعن بن عجلان عن مصعب بن
محمد وزيد بن أسلم والقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة فلم يقولوا فيه وإذا
قرأ فأنصتوا ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم
يتابع أبو خالد في زيادته قال ويقال لهذا القائل قد أجمع أهل العلم وأنت على أن
الامام لا يتحمل عن القوم فرضا ثم قلت إن الامام يتحمل عن القوم هذا الفرض مع
أنك قلت إنه لا يتحمل عنهم شيئا من السنن كالثناء والتسبيح ونحو ذلك فتثبت أن
الفرض عندك أهون حالا من التطوع انتهى كلامه ملخصا محررا والله تعالى أعلم
قوله ويستحسن يعني القراءة خلف الإمام فيما يروي عن محمد على سبيل
الاحتياط ويكره عندهما لما فيه من الوعيد قلت هو ما رواه في القراءة خلف الإمام
قبل ورواية عن سعد وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة وعن عمر
ليت في فم الذي يقرأ خلف الامام حجرا
27

باب الإمامة
الحديث التاسع والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف
عنها إلا منافق قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج مسلم عن أبي الأحوص قال قال
عبد الله بن مسعود لقد رايتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو
مريض أن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا
سنن الهدى وأن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه انتهى واخرج
أيضا عنه قال من سره أن يلقى الله غدا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث
ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم
في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم
لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا
كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد
رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين
الرجلين حتى يقام في الصف انتهى
أحاديث الباب في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقد هممت أن آمر بالمؤذن فيؤذن ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي
برجال معهم حزم الحطب إلى قوم يتخلفون عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار
انتهى
حديث آخر أخرج مسلم عن بن مسعود نحوه إلا أنه قال يتخلفون عن الجمعة
28

قال البيهقي والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة قال النووي
في الخلاصة بل هما روايتان رواية في الجمعة ورواية في الجماعة وكلاهما
صحيح انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى
فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له عليه السلام أن يصلي في
بيته فلما ولى دعاه فقال له هل تسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فأجبه
انتهى
حديث آخر أخرج أبو داود وابن ماجة عن عاصم عن أبي رزين عن عمرو بن أم
مكتوم قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنا ضرير شاسع الدار ولي
قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال أتسمع النداء قلت نعم
قال ما أجد لك رخصة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى عن بن أم مكتوم أنه قال قال يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام
والسباع فقال النبي صلى الله عليه وسلم تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح قال نعم قال
فحي هلا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال النسائي
وقد رواه بعضهم عن بن أبي ليلى مرسلا انتهى قال البيهقي معناه لا أجد لك رخصة
تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها وليس معناه إيجاب الحضور على الأعمى
فقد رخص لعتبان بن مالك انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن أبي جنا ب الكلبي عن مغراء العبدي
عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا وما العذر قال خوف أو مرض لم
يقبل منه الصلاة التي صلى انتهى ورواه بن حبان والحاكم وأكثر الناس على
29

تضعيف الكلبي ولكن قال بن معين هو صدوق إلا أنه يدلس وأخرجه بن ماجة عن
شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر انتهى ورواه الحاكم، وقال
على شرطهما وبه أخذ داود في أن الجماعة شرط والحنابلة في أنها فرض عين
والله أعلم
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة انتهى وفي لفظ يزيد
على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعا صلاة
الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وفي لفظ تفضل
صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمسا وعشرين درجة وأخرج البخاري عن
أبي سعيد نحوه وقال بخمس وعشرين درجة وزاد أبو داود فيه فان صلاها
في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة وإسنادها جيد وقال الحاكم
صحيح على شرط الشيخين انتهى وفي لفظ آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في
بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج
إلى المسجد لا تخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه
بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث فيه
اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال العبد في صلاة ما انتظر الصلاة انتهى وفي
رواية لهما بخمسة وعشرين جزءا وفي رواية لمسلم درجة
حديث آخر أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء في
جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله
انتهى وهو عند أبي داود والترمذي ومن صلى العشاء والصبح في جماعة
30

فكأنما قام الليل كله انتهى وقال الترمذي حديث حسن صحيح
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن أبي بصير عن
أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته
وحده وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما زاد فهو أحب إلى
الله تعالى انتهى قال قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح إلا أن بن بصير
سكتوا عنه ولم يضعفه أبو داود وروى البيهقي معناه من حديث قباث بن أشيم
الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بفتح القاف وضمها بعدها باء موحدة وآخره ثاء
مثلثة انتهى كلامه
حديث آخر عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من ثلاثة
في قرية ولا بدو لا يقام فيهما الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة
فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية انتهى أخرجه أبو داود والنسائي قال النووي
إسناده صحيح ذكره في الخلاصة
الحديث الستون قال النبي صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا
سواءا فأعلمهم بالسنة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري واللفظ لمسلم عن أبي
مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن
كانوا في القراءة سواءا فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواءا فأقدمهم هجرة
فإن كانوا في الهجرة سواءا فأقدمهم سلما ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته
31

على تكرمته إلا بإذنه قال الأشج في روايته مكان سلما سنا انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه إلا أن الحاكم قال عوض قوله
فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواءا فأكبرهم سنا انتهى
قال وقد أخرج مسلم في صحيحه هذا الحديث ولم يذكر فيه أفقههم فقها
وهي لفظة عزيزة غريبة بهذا الاسناد الصحيح وسنده عن يحيى بن بكير ثنا الليث عن
جرير بن حازم عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن صمعج عن أبي مسعود
فذكره ثم أخرجه الحاكم عن الحجاج بن أرطاة عن إسماعيل بن رجاء به قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءا فأفقههم في
الدين فإن كانوا في الفقه سواءا فأقرأهم للقرآن ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد
على تكرمته إلا بإذنه انتهى وسكت عنه والباقون من الأئمة يخالفوننا في هذه
المسألة ويقولون إن الأقرأ لكتاب الله يقدم على العالم كما هو لفظ الحديث حتى
إذا اجتمع من يحفظ القرآن وهو غير عالم وفقيه يحفظ يسيرا من القرآن قدم حافظ
القرآن عندهم ونحن نقول يقدم الفقيه وأجاب صاحب الكتاب بأن الأقرأ في ذلك
الزمان كان أعلمهم وهذا يرده لفظ الحاكم الأول ويؤيد مذهبنا لفظه الثاني إلا أنه
معلول بالحجاج بن أرطاة ويشهد للخصم أيضا حديث عمرو بن سلمة أخرجه
البخاري عنه قال كنا بماء وكان الركبان يمرون بنا فنسألهم ما للناس ما لهذا
الرجل فيقولون يزعم أن الله أرسله أو أوحى إليه وكانت العرب تلوم بإسلامهم
الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة
الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومه بإسلامهم فلما قدم قال جئتكم والله
من عند النبي حقا فقال صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا
وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد
أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا بن ست أو سبع
سنين وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تغطون
عنا أست قارئكم فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشئ فرحي بذلك القميص انتهى
وليس في البخاري لعمرو بن سلمة غير هذا الحديث ولا أخرج له مسلم شيئا
32

الحديث الحادي والستون قال عليه السلام من صلى خلف عالم تقي فكأنما
صلى خلف نبي قلت غريب وروى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عثمان
بن أبي شيبة ثنا عمي القاسم بن أبي شيبة ثنا محمد بن يعلى ح وحدثنا محمود بن
محمد الواسطي ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا إسماعيل بن أبان الوراق ثنا يحيى بن يعلى
الأسلمي عن عبيد الله بن موسى عن القاسم الشامي عن مرثد بن أبي مرثد الغنوي قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم
فيما بينكم وبين ربكم انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل
عن يحيى بن يعلى به سندا ومتنا إلا أنه قال فيؤمكم خياركم وسكت عنه وروى
الدارقطني ثم البيهقي في سننهما من حديث الحسين بن نصر المؤدب عن سلام بن
سليمان عن عمر بن عبد الرحمن بن يزيد عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن بن
عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم
وبين ربكم انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف انتهى وقال بن القطان في
كتابه وحسين بن نصر لا يعرف انتهى
الحديث الثاني والستون قال عليه السلام وليؤمكما أكبركما قلت تقدم في
حديث مالك بن الحويرث أخرجه الأئمة الستة عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا
وصاحب لي فلما أردنا الاقفال من عنده قال لنا إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم
أقيما وليؤمكما أكبركما انتهى لمسلم أخرجوه مختصرا ومطولا
الحديث الثالث والستون قال عليه السلام صلوا خلف كل بر وفاجر قلت
33

أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلوا خلف كل
بر وفاجر وصلوا على كل
بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر انتهى قال الدارقطني مكحول لم يسمع من
أبي هريرة ومن دونه ثقات انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في
العلل المتناهية وأعله بمعاوية بن صالح مع ما فيه من الانقطاع وتعقبه بن
عبد الهادي وقال إنه من رجال الصحيح انتهى والحديث رواه أبو داود في سننه
في كتاب الجهاد وضعفه بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة ولفظه قال الجهاد
واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم
برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا
وإن عمل الكبائر انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في المعرفة
وقال إسناده صحيح إلا أن فيه انقطاعا بين مكحول وأبي هريرة وله طريق آخر عن
الدارقطني عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح
السمان عن أبي هريرة مرفوعا سيليكم من بعدي ولا البر ببره والفاجر بفجوره
فاسمعوا له وأطيعوا فيما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا
فلكم وعليهم انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل
وأعله بعبد الله هذا قال أبو حاتم متروك الحديث وقال بن حبان لا يحل كتب
حديثه قال بن الجوزي وسئل أحمد عن حديث صلوا خلف كل بر وفاجر
فقال ما سمعنا به انتهى
أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن الحارث بن نبهان عن عتبة بن
يقظان عن أبي سعيد الشامي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله
34

صلى الله عليه وسلم لا تكفروا أهل ملتكم وإن عملوا الكبائر وصلوا مع كل إمام وجاهدوا
مع كل أمير وصلوا على كل ميت من أهل القبلة انتهى وأبو سعيد هذا قال
الدارقطني مجهول وعتبة قال بن الجنيد لا يساوي شيئا والحارث بن نبهان
قال النسائي متروك وقال بن حبان لا يحتج به وأسند إلى بن معين أنه قال ليس
بشئ
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن الفضيل عن سالم الأفطس عن
مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على من قال لا إله إلا الله
وصلوا وراء من قال لا إله إلا الله انتهى وأعله بن الجوزي بمحمد بن الفضل
قال قال النسائي متروك وقال أحمد حديثه يشبه حديث أهل الكذب وقال بن
معين كان كذابا انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية عن سويد بن عمر وعن
سالم الأفطس به وأخرجه بن الجوزي في العلل المتناهية من طرق أخرى واهية
أحدها فيها عثمان بن عبد الرحمن ونسبه إلى الكذب عن بن معين والأخرى فيها
الوليد المخزومي خالد بن إسماعيل ونسبه إلى الوضع عن بن عدي والأخرى فيها
وهب بن وهب القاضي ونسبه أحمد إلى الوضع والأخرى فيها عبد الله العثماني
ونسب إلى الوضع عن بن عدي وابن حبان وحديث عثمان بن عبد الرحمن وحديث
الوليد المخزومي كلاهما في سنن الدارقطني
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمر بن صبيح عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة والأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من السنة الصف خلف كل إمام
لك صلاتك وعليه إثمه والجهاد مع كل أمير لك جهادك وعليه شره والصلاة عل كل
ميت من أهل التوحيد وإن كان قاتل نفسه انتهى قال عمر بن صبيح متروك انتهى
وفي تحقيق بن الجوزي قال بن حبان كان يضع الحديث انتهى
35

حديث آخر أخرجه الدارقطني عن فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن
الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصل الدين الصلاة خلف كل بر
وفاجر والجهاد مع كل أمير والصلاة على كل من مات من أهل القبلة انتهى قال
الدارقطني ليس في هذه الأحاديث شئ يثبت ومن طريق الدارقطني رواه بن
الجوزي في العلل وقال فرات بن سليمان قال بن حبان منكر الحديث جدا
يأتي بما لا يشك أنه معمول لكن سماه فرات بن سليم والحارث فقال فيه بن المديني
كان كذابا انتهى
حديث آخر أخرجه العقيلي في كتابه عن الوليد بن الفضل أخبرني عبد الجبار
بن الحجاج الخراساني عن مكرم بن حكيم الخثعمي عن سيف بن منير عن أبي الدرداء
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكفروا أحدا من أهل القبلة وصلوا خلف كل إمام
وجاهدوا مع كل أمير انتهى والوليد بن الفضل العنزي قال بن حبان في كتاب
الضعفاء له يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به وقال
أبو حاتم مجهول ومكرم بن حكيم قال الأزدي ليس حديثه بشئ وسيف ضعفه
الدارقطني وقال الأزدي لا يكتب حديثه
الحديث الرابع والستون قال عليه السلام من أم قوما فليصل بهم صلاة
أضعفهم فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة قلت رواه البخاري ومسلم من
حديث الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم للناس فليخفف
فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء انتهى
وفي لفظ لمسلم والمريض وفي لفظ لمسلم الصغير والكبير والضعيف
والمريض وذا الحاجة
36

حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء
رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان قال
فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا من يومئذ فقال أيها الناس إن منكم
منفرين من صلى بالناس فليخفف فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة
انتهى زاد في لفظ للبخاري والمريض
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال ما صليت وراء إمام قط
أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي لفظ مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف
الناس في تمام انتهى وروى مسلم عن عثمان بن أبي العاص قال آخر ما عهد إلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة انتهى وفي لفظ له أم قومك
فمن أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم الضعيف وإن فيهم المريض وإن
فيهم ذا الحاجة وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء انتهى
حديث آخر حديث معاذ أخرجه البخاري ومسلم عن جابر قال صلى
معاذ لأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه
فقال إنه منافق فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال فقال له عليه السلام أتريد أن
تكون فتانا يا معاذ إذا أممت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك
الاعلى وأقرأ باسم ربك والليل إذا يغشى انتهى وفي لفظ لمسلم إن معاذا
افتتح بسورة البقرة فانصرف الرجل الحديث وفي لفظ له فافتتح بسورة البقرة
فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف الحديث هكذا روايات
الصحيحين إن هذه القصة كانت فصلاة العشاء ووقع عند أبي داود أنها كانت
المغرب أخرجه عن حزم بن أبي بن كعب أنه أتى معاذ بن جبل وهو يصلي بقوم صلاة
المغرب في هذا الخبر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا فإنه يصلي
وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر انتهى ووقع في مسند أحمد
37

إن السورة كانت اقتربت الساعة والمشهور في الصحيحين وغيرهما أنها
كانت البقرة قال النووي في الخلاصة فيجمع بين الروايات بأنهما قصتان
لشخصين فإن الرجل الذي جاء قيل فيه حزم وقيل فيه حازم وقيل حزام وقيل
سليم فلعل ذلك كان في واحدة لان معاذا لا يفعله بعد النهي ويبعد أن ينساه
ورد البيهقي رواية المغرب وقال إن روايات العشاء أصح وهو كما قال لكن
الجمع أولى ولعله قرأ البقرة في ركعة فانصرف رجل ثم قرأ اقتربت في
الركعة الأخرى فانصرف آخر وأما رواية مسلم أنه سلم ثم صلى وحده فأشار
البيهقي إلى أنها شاذة ضعيفة فقال لا أدري هل حفظت هذه الزيادة أم لا لكثرة
من رواه عن سفيان بدونها وانفرد بها عنه محمد بن عباد انتهى وروى النسائي في
التفسير حديث معاذ وسمى الرجل حرام أعني المنصرف
الحديث الخامس والستون روى عن عائشة أنها أمت نسوة في المكتوبة فقامت
بينهن وسطا قلت أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن
عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء فتقوم وسطهن انتهى وسكت عنه
انتهى
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن ميسرة بن
حبيب النهدي عن ريطة الحنفية أن عائشة امتهن وقامت بينهن في صلاة مكتوبة
38

انتهى وبهذا الاسناد رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما ولفظهما
فقامت بينهن وسطا قال النووي في الخصلة سنده صحيح
طريق آخر رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا علي بن هاشم عن بن أبي ليلى
عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤم النساء تقوم معهن في الصف انتهى
طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن
أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عائشة كانت تؤم النساء في شهر رمضان فتقوم
وسطا انتهى وقد روى نحو هذا عن أم سلمة رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في
مصنفيهما والشافعي في مسنده قالوا ثلاثتهم أخبرنا سفيان بن عيينة عن
عمار الذهبي عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة بنت حصين عن أم سلمة أنها أمتهن
فقامت وسطا انتهى ولفظ عبد الرزاق قالت أمتنا أم سلمة في صلاة العصر
فقامت بيننا انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه قال
النووي سنده صحيح
طريق آخر لابن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن سعيد عن قتادة عن أم الحسن
أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء فتقوم معهن في صفهن انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه عن الوليد بن جميع عن ليلى بنت
مالك وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم ورقة بنت نوفل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا
بدرا قالت قلت له يا رسول الله إئذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم لعل الله
يرزقني شهادة قال قومي في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة قال فكانت
تسمى الشهيدة قال وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في
39

دارها مؤذنا يؤذن لها قال وكانت دبرت غلاما لها وجارية فقاما إليها بالليل فغماها
بقطيفة لها حتى ماتت وذهبا فأصبح عمر فقام في الناس فقال من عنده من
هذين علم أو من رآهما فليجئ بهما فأمر بهما فصلبا فكانا أول مصلوب بالمدينة
انتهى ثم أخرجه عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بهذا
الحديث قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها
وأمرها أن تؤم أهل دارها قال عبد الرحمن بن خلاد فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا
انتهى ورواه الحاكم في المستدرك ولفظه وأمرها أن تؤم أهل دارها في
الفرائض وقال لا أعرف في الباب حديثا مسندا غير هذا وقد احتج مسلم بالوليد بن
جميع انتهى وقال المنذري في مختصره الوليد بن جميع فيه مقال وقد
أخرج له مسلم انتهى وقال بن القطان في كتابه الوليد بن جميع وعبد الرحمن
بن خلاد لا يعرف حالهما انتهى قلت ذكرهما بن حبان في الثقات
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل وأبو الشيخ الأصبهاني في كتاب
الاذان عن الحكم بن عبد الله بن سعد الابلي عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي
بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال
ولا تتقدمهن امرأة ولكن تقوم وسطهن انتهى ثم أسند بن عدي عن بن معين أنه
قال الحكم بن عبد الله بن سعد ليس بثقة ولا مأمون وعن البخاري قال تركوه
وعن النسائي قال متروك الحديث وكان بن المبارك يوهنه انتهى وهذا الحديث
أنكره بن الجوزي في التحقيق فقال وحكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليس على النساء أذان ولا إقامة وهذا لا نعرفه مرفوعا إنما هو شئ يروى عن
الحسن البصري وإبراهيم النخعي ورده الشيخ في الامام والله أعلم
حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن محمد
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال تؤم المرأة النساء تقوم في
وسطهن انتهى
40

قوله وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الاسلام قال السروجي وهكذا في
المبسوط والمحيط وفيه بعد لأنه عليه السلام أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة
كما رواه البخاري ومسلم ثم تزوج عائشة بالمدينة وبنى بها وهي بنت تسع
وبقيت عنده عليه السلام تسع سنين وما تصلي إماما إلا بعد بلوغها فكيف يستقيم
حمله على ابتداء الاسلام لكن يمكن أن يقال إنه منسوخ وفعلن ذلك حين كان
النساء يحضرن الجماعات ثم نسخت جماعتهن انتهى
الحديث السادس والستون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بابن عباس فأقامه عن يمينه
قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن كريب مولى بن عباس قال بت عند
خالتي ميمونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فأطلق القربة فتوضأ ثم أوكأ القربة ثم
قام إلى الصلاة فقمت فتوضأت كما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره فأخذني
بيمينه فأدارني من ورائه فأقامني عن يمينه فصليت معه انتهى أخرجوه مختصرا
ومطولا
الحديث السابع والستون روى عن بن مسعود أنه أم اثنين فتوسطهما قلت
أخرجه مسلم في صحيحه عن إبراهيم عن علقمة والأسود أنهما دخلا على
عبد الله فقال أصلى من خلفكم قالا نعم فقام بينهما فجعل أحدهما عن يمينه
والآخر عن شماله ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما
بين فخذيه فلما صلى قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه أبو داود في
سننه لم يذكر فيه التطبيق ولفظه قال استأذن علقمة والأسود على عبد الله
فأذن لهما ثم قام فصلى بينهما ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل قال المنذري
في مختصره قال أبو عمر بن عبد البر هذا الحديث لا يصح رفعه والصحيح
41

عندهم التوقيف علي بن مسعود أنه صلى كذلك بعلقمة والأسود قال وهذا الذي
أشار إليه أبو عمر قد أخرجه مسلم في صحيحه أن بن مسعود صلى بعلقمة
والأسود وهو موقوف وقال بعضهم إنه منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا الحكم من
جملتها ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه انتهى كلامه وقال النووي في الخلاصة
الثابت في صحيح مسلم أن بن مسعود فعل ذلك ولم يقل هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ورواه أبو داود مرفوعا بسند فيه هارون بن عنترة وهو وإن وثقه أحمد
وابن معين فقد قال الدارقطني هو متروك كان يكذب وهذا جرح مفسر فيقدم
على التعديل ورواه البيهقي من طريق بن إسحاق عن بن الأسود به وابن إسحاق
مشهور بالتدليس وقد عنعن والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق انتهى كلامه
قلت كأنهما ذهلا فإن مسلما أخرجه من ثلاث طرق لم يرفعه في الأوليين ورفعه
في الثالثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل عليه أن
الترمذي قال في جامعه وروى عن بن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود فقام
بينهما قال ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه البيهقي وأحمد من طريق محمد
بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال دخلت أنا وعلقمة علي بن
مسعود بالهاجرة فلما زالت الشمس أقام الصلاة فقمت أنا وصاحبي خلفه فأخذ
بيدي وبيد صاحبي فجعلنا عن يمينه ويساره وقام بيننا وقال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة انتهى وضعف بابن إسحاق وقد عنعن وهو مدلس
وأجيب عن حديث بن مسعود هذا بثلاثة أجوبة أحدها أن بن مسعود لم يبلغه حديث
أنس الآتي ذكره عقيب هذا الحديث الثاني أنه كان لضيق المسجد رواه الطحاوي
في شرح الآثار بسنده عن بن سيرين أنه قال لا أرى بن مسعود فعل ذلك إلا لضيق
المسجد أو لعذر آخر لا على أنه من السنة انتهى والثالث ذكره البيهقي
في المعرفة قال وأما ما روي عن بن مسعود فقد قال فيه بن سيرين إنه كان
لضيق المسجد وقد قيل إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو ذر عن يمينه كل واحد يصلي
42

لنفسه فقام بن مسعود خلفهما فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فظن عبد الله أن ذلك سنة
الموقف ولم يعلم أنه لا يؤمهما وعلمه أبو ذر حتى قال فيما روى عنه يصلي كل
رجل منا لنفسه وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بكثرة العدد
والقائلين به وبسلامته من الاحكام المنسوخة انتهى وقال الحازمي في كتابه
الناسخ والمنسوخ وحديث بن مسعود منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا الحكم من
جملتها ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه بدليل ما أخرجه مسلم عن عبادة بن الوليد عن
جابر قال سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي قال فجئت حتى قمت
عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء بن صخر حتى قام عن
يساره فأخذنا بيده جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه انتهى قال وهذا دال على أن
هذا الحكم هو الآخر لان جابرا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر ثم في قيام بن
صخر عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم أيضا دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعا وأن بن صخر
كان يستعمل الحكم الأول حتى منع منه وعرف الحكم الثاني
الحديث الثامن والستون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم على أنس واليتيم حين صلى
بهما قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته
فأكل منه ثم قال قوموا فلأصل لكم قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من
طول ما لبث فنضحته بماء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه
والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف انتهى واليتيم هو ضميرة بن أبي
ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبيه صحبة قال أبو عمر قوله جدته مليكة
مالك يقوله والضمير عائد على إسحاق وهي جدة إسحاق أم أبيه عبد الله بن أبي
43

طلحة وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري وهي أم أنس بن مالك
وقال غيره الضمير يعود على أنس وهو القائل إن جدته وهي جدة أنس بن مالك أم
أمه واسمها مليكة بنت مالك بن عدي ويؤيد ما قاله أبو عمران في بعض طرق الحديث
إن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيها أخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد عن
إسحاق بن عبد الله فذكره وأم سليم هي أم أنس جاء ذلك مصرحا في البخاري
وقال النووي في الخلاصة الضمير في جدته لإسحاق على الصحيح وهي أم
أنس وجدة إسحاق وقيل جدة أنس وهو باطل وهي أم سليم صرح به في رواية
للبخاري واليتيم هو ضميرة بن سعد الحميري انتهى كلامه
ومن أحاديث الباب ما أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جابر بن
صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيدينا جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه
مختصر من حديث طويل في آخر مسلم وهو عقيب حديث أصحاب الأخدود
الحديث التاسع والستون قال النبي صلى الله عليه وسلم أخروهن من حيث أخرهن الله
قلت حديث غريب مرفوعا وهو في مصنف عبد الرزاق موقوف علي بن مسعود
فقال أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن بن مسعود قال
كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا فكانت المرأة تلبس القالبين فتقوم
عليهما فتواعد خليلها فألقى عليهن الحيض فكان بن مسعود يقول أخروهن من
44

حيث أخرهن الله قيل فما القالبان قال أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن
الرجال في المساجد انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه
قال السروجي في الغاية كان شيخنا الصدر سليمان يرويه الخمر أم الخبائث والنساء
حبائل الشيطان وأخروهن من حيث أخرهن الله ويعزوه إلى مسند رزين وقد ذكر
هذا الجاهل أنه في دلائل النبوة للبيهقي وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا
موقوفا والذي فيه مرفوعا الخمر جماع الاثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة
من الجنون ليس فيه أخروهن من حيث أخرهن الله أصلا
أحاديث الباب أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها
أولها انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن أبي مالك الأشعري أنه قال يوما
يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم حتى أريكم صلاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا وجمعوا أبناءهم ونساءهم ثم توضأ واراهم كيف يتوضأ ثم
تقدم فصف الرجال في أدنى الصف وصف الولدان خلفهم وصف النساء خلف
الصبيان الحديث ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن إدريس عن
ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فأقام
الرجال يلونه وأقام الصبيان خلف ذلك وأقام النساء خلف ذلك انتهى ومن طريق
بن أبي شيبة رواه الطبراني في معجمه
الحديث السبعون قال النبي صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى قلت
روى من حديث بن مسعود ومن حديث أبي مسعود ومن حديث البراء بن عازب
فأما حديث بن مسعود فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن
عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلني منكم ألو الأحلام والنهى ثم الذين
45

يلونهم ثم الذين يلونهم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق
انتهى
وأما حديث أبي مسعود فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم انتهى
وأما حديث البراء بن عازب فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل
من حديث البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا أقيمت الصلاة فيمسح
عواتقنا ويقول أقيموا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وليلني منكم أولو
الأحلام والنهى انتهى وسكت عنه والمصنف استدل بهذا الحديث على قوله
ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء ولا ينهض ذلك إلا على تقديم الرجال فقط أو
نوع من الرجال ويمكن أن يستدل بحديث أبي ملاك الأشعري المتقدم في الحديث الذي
قبل هذا الحديث وروى الحارث بن أسامة في مسنده حدثنا أبو النضر ثنا أبو
معاوية عن ليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفهم
في الصلاة فيجعل الرجال قدام الغلمان والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان
مختصر
قوله لأنها عرفت مفسدة بالنص يعني المرأة وكأنه يشير إلى حديث
أخروهن من حيث أخرهن الله وفيه مع ضعفه بعد
أحاديث المنفرد خلف الصف أخرج أبو داود والترمذي عن عمرو بن مرة
46

عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا
يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة انتهى وأخرجه الترمذي أيضا
وابن ماجة عن حصين عن هلال بن يساف قال أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن
بالرقة فقام بي على شيخ يقال له وابصة فقال زياد حدثني هذا الشيخ والشيخ
يسمع أن رجلا صلى فذكره وقال حديث حسن قال واختلف أهل العلم
فقال بعضهم حديث عمرو بن مرة أصح وقال بعضهم حديث حصين أصح وهو
عندي أصح من حديث عمرو لأنه روى من غير وجه عن هلال عن زياد عن وابصة
انتهى وليس في حديث بن ماجة أخبرني هذا الشيخ فكأن هلالا رواه عن
وابصة نفسه ورواه بن حبان في صحيحه بالاسنادين المذكورين ثم قال وهلال بن
يساف سمعه من عمرو بن راشد ومن زياد بن أبي الجعد عن وابصة فالخبران
محفوظان وليس هذا الخبر مما تفرد به هلال بن يساف ثم أخرجه عن يزيد بن زياد بن
أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن أبيه زياد بن أبي الجعد عن وابصة فذكره
ورواه البزار في مسنده بالأسانيد الثلاثة المذكورة ثم قال أما حديث عمرو بن
راشد فإن عمرو بن راشد رجل لا يعلم حدث إلا بهذا الحديث وليس معروفا بالعدالة
فلا يحتج بحديثه وأما حديث حصين فإن حصينا لم يكن بالحافظ فلا يحتج بحديثه
في حكم وأما حديث يزيد بن زياد فلا نعلم أحدا من أهل العلم إلا وهو يضعف
أخباره فلا يحتج بحديثه وقد روى عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف عن وابصة
وهلال لم يسمع من وابصة فأمسكنا عن ذكره لارساله انتهى قال البيهقي في
المعرفة وإنما لم يخرجاه صاحبا الصحيح لما وقع في إسناده من الاختلاف ثم ذكر
هذه الأسانيد الثلاثة
48

حديث آخر للخصم أخرجه بن ماجة عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي
بن شيبان عن أبيه قال صلينا وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة رأى رجلا فردا
يصلي خلف الصف قال فوقف عليه نبي الله حين انصرف ثم قال له استقبل
صلاتك فإنه لا صلاة لمن صلى خلف الصف وحده ورواه بن حبان في
صحيحه والبزار فمسنده وقال وعبد الله بن بدر ليس بالمعروف إنما حدث
عنه ملازم بن عمرو ومحمد بن جابر فأما ملازم فقد احتمل حديثه وإن لم يحتج
به وأما محمد بن جابر فقد سكت الناس عن حديثه وعلي بن شيبان لم يحدث عنه إلا
ابنه وابنه هذه صفته وإنما يرتفع جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران فأما إذا
روى عنه من لا يحتج بحديثه لم يكن ذلك الحديث حجة ولا ارتفعت جهالته انتهى
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن
بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث بن شيبان قال البزار ولا يعلم رواه عن عكرمة
إلا النضر وهو لين الحديث وقد روى أحاديث لا يتابع عليها وهو عند بعض أهل العلم
ضعيف جدا فلا يحتج بحديثه وقد عارض هذه الأحاديث أخبار ثابتة دلت على جواز
صلاة الذي يصلي خلف الصف وحده انتهى
حديث آخر مرسل رواه أبو داود في المراسيل عن مقاتل بن حيان أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما
أعظم أجر المختلج انتهى ورواه البيهقي
الأحاديث الدالة على الجواز أخرج البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي
بكرة أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ثم دب حتى انتهى إلى
الصف فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال إني سمعت نفسا عاليا فأيكم الذي
49

ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فقال أبو بكرة أنا يا رسول الله خشيت أن
تفوتني الركعة فركعت دون الصف ثم لحقت الصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله
حرصا ولا تعد انتهى وهذا يدل على أن أمره عليه السلام بالإعادة في حديث
وابصة ليس على الايجاب ولكن على الاستحباب وقوله في حديث أبي بكرة ولا
تعد إنما هو إرشاد له في المستقبل إلى ما هو أفضل له ولو لم يكن مجزئا لامره
بالإعادة والنهي إنما وقع عن السرعة والعجلة إلى الصلاة كأنه أحب له أن يدخل
في الصف ولو فاتته الركعة ولا يعجل بالركوع دون الصف يدل عليه ما رواه
البخاري فيه وفي كتابه المفرد في القراءة خلف الإمام ولا تعد صل ما
أدركت واقض ما سبقت انتهى فهذه الزيادة دلت على ذلك ويقويها حديث
فأتوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا وقيل وقع على
التأخر عن الصلاة
حديث آخر حديث أنس أخرجه البخاري ومسلم وفيه فصنعت أنا واليتيم
خلفه والعجوز من ورائنا وأحكام الرجال والنساء في ذلك سواء قال بن حبان في
صحيحه وقد وهم بعض أئمتنا أن العجوز لم تكن وحدها وإنما كان معها أخرى
حديث أخبرنا به الحسين فذكره بسنده عن أنس بن مالك قال صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم على بساط فأقامني عن يمينه وقامت أم سليم وأم حرام خلفنا انتهى
قال وليس كذلك لأنهما صلاتان في وقتين مختلفين فتلك الصلاة كانت على
حصير وقام فيها أنس واليتيم معه خلف المصطفى والعجوز وحدها وراءهم وهذه
الصلاة كانت على بساط وقام فيها أنس عن يمين المصطفى وأم سليم وأم حرام
خلفهما فكانتا صلاتين مختلفتين انتهى كلامه
50

الحديث الحادي والسبعون روى أنه عليه السلام صلى آخر صلاته قاعدا والناس
خلفه قيام قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
قال دخلت على عائشة فقلت لها ألا تحدثيني عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم قالت بلى لما
ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك للصلاة قال ضعوا
لي ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال
أصلى الناس قلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول الله فقال ضعوا لي ماء في المخضب
ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم افاق فقال أصلى الناس فقلنا
لا وهم ينتظرونك يا رسول الله فقال ضعوا لي ماء في المخضب فاغتسل ثم ذهب
لينوء فأغمي عليه ثم افاق فقال أصلى الناس فقلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول
الله قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة
قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس فأتاه الرسول وكان أبو
بكر رجلا رقيقا فقال يا عمر صل أنت فقال عمر أنت أحق بذلك قالت فصلى
بهم أبو بكر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين
أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر
فأومأ إليه أن لا يتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي
بكر فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر
والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد قال عبيد الله فعرضت علي بن عباس حديث عائشة فما أنكر منه
شيئا غير أنه قال أسمت لك الرجل الذي كان مع بن عباس قلت لا قال هو علي
انتهى وأخرجه مسلم عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه
52

الذي توفي فيه فذكر نحوه ورواه البيهقي في المعرفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر
أن يصلي بالناس في مرضه الذي مات فيه إلى أن قال فكان عليه السلام بين يدي أبي
بكر يصلي قاعدا وأبو بكر يصلي بصلاته قائما والناس يصلون بصلاة أبي بكر
والناس قيام خلف أبي بكر انتهى
أحاديث الخصوم لهم حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أخرجه
البخاري ومسلم وباقي الستة عن الزهري عن أنس قال سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا
فصلينا وراءه قعودا فلما قضى الصلاة قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر
فكبروا إلى أن قال وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا وأخرجا من حديث أبي هريرة
نحوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به الحديث ليس فيه قصة الفرس
وأخرجا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل
عليه ناس من أصحابه يعودونه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فصلوا بصلاته قياما
فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا
ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا انتهى وأخرج
مسلم عن أبي الزبير عن جابر نحوه سواء وقد أخرج البخاري في صحيحه
حديث أنس المذكور من رواية حميد الطويل عنه مخالفا لرواية الزهري عنه ولفظه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه وآلى من نسائه شهرا
فجلس في مشربة له فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسا وهم قيام فلما سلم
قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد
فاسجدوا وإن صلى قائما فصلوا قياما ونزل لتسع وعشرين فقالوا يا رسول الله
إنك آليت شهرا فقال إن الشهر تسع وعشرون انتهى ذكره في أوائل
الصلاة في باب الصلاة في السطوح منفردا به دون الباقين وتكلف القرطبي في
شرح مسلم الجمع بين الروايتين فقال يحتمل أن يكون البعض صلوا قياما
والبعض صلوا جلوسا فأخبر أنس بالحالتين وهذا مع ما فيه من التعسف ليس في شئ
من الروايات ما يساعده عليه وقد ظهر لي فيه وجهان أحدهما أنهم صلوا خلفه
53

قياما فلما شعر بهم النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس فجلسوا فرآهم أنس على الحالتين
فأخبر بكل منهما مختصرا للأخرى لم يذكر القصة بتمامها يدل عليه حديث عائشة
وحديث جابر المتقدمان الثاني وهو الأظهر أنهما كانا في وقتين وإنما أقرهم عليه
السلام في إحدى الواقعتين على قيامهم خلفه لان تلك الصلاة كانت تطوعا
والتطوعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الفرائض وقد صرح بذلك في بعض طرقه كما
أخرجه أبو داود في سننه عن أبي سفيان عن جابر قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا
بالمدينة فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدمه فأتيناه نعوده فوجدناه في مشربة
لعائشة يسبح جالسا قال فقمنا خلفه فسكت عنا ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى
المكتوبة جالسا فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا قال فلما قضى الصلاة قال إذا
صلى الامام جالسا فصلوا جلوسا وإذا صلى قائما فصلوا قياما ولا تفعلوا كما تفعل
فارس بعظمائها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه كذلك ثم قال وفي
هذا الخبر دليل على أن ما في حديث حميد عن أنس أنه صلى بهم قاعدا وهم قيام أنه إنما
كانت تلك الصلاة سبحة فلما حضرت الفريضة أمرهم بالجلوس فجلسوا فكان أمر
فريضة لا فضيلة انتهى قلت ومما يدل على أن التطوعات يحتمل فيها ما لا يحتمل
في الفرائض ما أخرجه الترمذي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس قال
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة فإن كان لا بد ففي
التطوع لا في الفريضة انتهى وقال حديث حسن انتهى وأصحابنا يجعلون
أحاديث إذا صلى جالسا فصلوا جلسوا منسوخة بحديث عائشة المتقدم أنه
صلى آخر صلاته قاعدا والناس خلفه قيام وبحديث لا يؤمن أحد بعدي جالسا
وسيأتي ذكره لكن حديث عائشة وقع فيه اضطراب لا يقدح فيه فالذي تقدم أنه عليه
السلام كان إماما وأبو بكر مأموم وقد ورد فيه العكس كما أخرجه الترمذي
والنسائي عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا انتهى قال الترمذي حديث
54

حسن صحيح وأخرج النسائي أيضا عن حميد عن أنس قال آخر صلاة صلاها
رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر انتهى
ومثل هذا لا يعارض ما وقع في الصحيح مع أن العلماء جمعوا بينهما قال البيهقي في
المعرفة ولا تعارض بين الخبرين فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم إماما هي صلاة
الظهر يوم السبت أو الاحد والتي كان فيها مأموما هي صلاة الصبح يوم
الاثنين وهي آخر صلاة صلاها عليه السلام حتى خرج من الدنيا قال وهذا لا
يخالف ما يثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين وكشفه عليه السلام الستر
ثم إرخائه فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى ثم إنه عليه السلام وجد في نفسه خفة
فخرج فأدرك معه الركعة الثانية يدل عليه ما ذكره موسى بن عقبة في المغازي عن
الزهري وذكره أبو الأسود عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا
إلى صلاة الصبح متوكئا على الفضل بن العباس وغلام له وقد سجد الناس مع أبي
بكر حتى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه
في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله جالس وأبو بكر يقرأ فركع معه الركعة الآخرة
ثم جلس أبو بكر حتى قضى سجوده فتشهد وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة
الأخرى ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد فذكر القصة في دعائه أسامة بن
زيد وعهده إليه فيما بعثه فيه ثم في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أخبرنا به أبو عبد الله
الحافظ بسنده إلى بن لهيعة حدثنا أبو الأسود عن عروة فذكره قال البيهقي فالصلاة
التي صلاها أبو بكر وهو مأموم هي صلاة الظهر وهي التي خرج فيها بين العباس
وعلي والتي كان فيها إماما هي صلاة الصبح وهي التي خرج فيها بين الفضل بن
العباس وغلام له وفيها الجمع بين الاخبار انتهى كلام البيهقي قلت وحديث
كشف الستارة في الصحيحين وليس فيه أنه عليه السلام صلى خلف أبي بكر
55

أخرجاه عن أنس أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه
حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر
الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأنه وجهه ورقة مصحف ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ضاحكا قال فبهتنا ونحن في الصلاة فرحا برسول الله ونكص أبو بكر على عقبيه
وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم ثم دخل وأرخى
الستر وتوفي من يومه ذلك وفي لفظ للبخاري أن ذلك كان في صلاة الفجر
والله أعلم وقال بن حبان في صحيحه بعد أن روى حديث عائشة من رواية
زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة بلفظ الصحيحين
ثم رواه من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة به أن أبا بكر صلى بالناس
ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه انتهى قال فهذا شعبة قد خالف زائدة في هذا
الخبر وهما ثبتان حافظان ثم أخرج عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق
عن عائشة قالت أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم افاق فقال أصلي بالناس قلنا
لا الحديث إلى أن قال فخرج بين ثويبة وبريرة فأجلستاه إلى جنب أبي بكر فكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو جالس وأبو بكر قائم يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس
يصلون بصلاة أبي بكر ثم قال وقد خالف نعيم بن أبي هند في هذا الخبر عاصم بن
أبي النجود ثم أخرج عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدا قال وعاصم بن
أبي النجود ونعيم بن أبي هند حافظان ثقتان
قال وأقول وبالله التوفيق إن هذه الأخبار كلها صحيحة ليس فيها تعارض
فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد في إحداهما كان
إماما وفي الأخرى كان مأموما قال والدليل على ذلك أن في خبر عبيد الله بن عبد الله
عن عائشة أنه عليه السلام خرج بين رجلين العباس وعلي وفي خبر مسروق عنهما
أنه عليه السلام خرج بين بريرة وثويبة انتهى وفي كلام البخاري ما يقتضي الميل إلى
أن حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا منسوخ فإنه قال بعد أن رواه قال
56

الحميدي هذا حديث منسوخ لأنه عليه السلام آخر ما صلى صلى قاعدا والناس
خلفه قيام وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله عليه السلام انتهى ذكره في عدة
مواضع من كتابه وابن حبان لم ير بالنسخ فإنه قال بعد أن رواه في صحيحه وفي
هذا الخبر بيان واضح أن الامام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا
وأفتى به من الصحابة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد
ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا بإسناد متصل ولا منقطع فكان إجماعا
والاجماع عندنا إجماع الصحابة وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد ولم يرو عن غيره
من التابعين خلافه بإسناد صحيح ولا واه فكان إجماعا من التابعين أيضا وأول من أبطل
ذلك في الأمة المغيرة بن مقسم وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان ثم أخذه عن حماد
أبو حنيفة ثم عنه أصحابه وأعلى حديث احتجوا به حديث رواه جابر الجعفي عن
الشعبي قال عليه السلام لا يؤمن أحد بعدي جالسا وهذا لو صح إسناده لكان
مرسلا والمرسل عندنا وما لم يرو سيان لأنا لو قبلنا إرسال تابعي وإن كان ثقة للزمنا
قبول مثله عن أتباع التابعين وإذا قلنا لزمنا قبوله من أتباع أتباع التابعين ويؤدي ذلك إلى
أن يقبل من كل أحد إذا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا نقض الشريعة والعجب
أن أبا حنيفة يجرح جابر الجعفي ويكذبه ثم لما أخطره الامر جعل يحتج بحديثه وذلك
كما أخبرنا به الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ثنا أحمد بن أبي الحواري سمعت
أبا يحيى الحماني سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا
لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته بشئ من رأيي قط إلا جاءني فيه
بحديث وقد ذكرنا ترجمة جابر الجعفي في كتاب الضعفاء انتهى كلامه
وحديث جابر الجعفي هذا أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن جابر
الجعفي عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحد بعدي جالسا قال
الدارقطني لم يروه عن الشعبي غير جابر الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا
تقوم به حجة انتهى وقال عبد الحق في أحكامه ورواه عن الجعفي مجالد
وهو أيضا ضعيف انتهى وقال البيهقي في المعرفة الحديث مرسل لا تقوم به حجة
وفيه جابر الجعفي وهو متروك في روايته مذموم في رأيه ثم قد اختلف عليه فيه فرواه
57

بن عيينة عنه كما تقدم ورواه بن طهمان عنه عن الحكم قال كتب عمر لا يؤمن
أحد جالسا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مرسل موقوف ثم أسند عن الشافعي ثنا عبد الوهاب
الثقفي عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر أنه صلى وهو مريض جالسا وصلى
الناس خلفه جلوسا وأخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن حضير فعل مثل ذلك قال الشافعي
وإنما فعلا مثل ذلك لأنهما لم يعلما بالناسخ وكذلك ما حكي عن غيرهم
من الصحابة أنهم أموا جالسين ومن خلفهم جلوس محمول على أنه لم يبلغهم النسخ
وعلم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض انتهى
وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس في الامام يصلي
بالناس جالسا من مرض فقالت طائفة يصلون قعودا اقتداء به واحتجوا بحديث
عائشة وحديث أنس وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون وقد فعله أربعة من
الصحابة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد وقال أكثر
أهل العلم يصلون قياما ولا يتابعونه في الجلوس وبه قال أبو حنيفة والشافعي
وادعوا نسخ تلك الأحاديث بأحاديث أخرى منها حديث عائشة في الصحيحين أنه
عليه السلام صلى بالناس جالسا وأبو بكر خلفه قائم يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم
والناس يقتدون بصلاة أبي بكر وليس المراد أن أبا بكر كان إماما حقيقة لان الصلاة لا
تصح بإمامين ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان الامام وأبو بكر كان يبلغ الناس فسمي لذلك
إماما والله أعلم انتهى كلامه
واعلم أنه لا يقوى الاحتجاج على أحمد بحديث عائشة المذكور أنه عليه السلام
صلى جالسا والناس خلفه قيام بل ولا يصلح لأنه يجوز صلاة القائم خلف من شرع
في صلاته قائما ثم قعد لعذر ويجعلون هذا منه سيما وقد ورد في بعض طرق
الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في القراءة من حيث انتهى إليه أبو بكر رواه الدارقطني في
سننه وأحمد في مسنده قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام وهي
رواية مرسلة فإنها ليست من رواية بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما رواها بن عباس عن
أبيه العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك رواه البزار في مسنده بسند فيه قيس بن الربيع وهو
ضعيف ثم ذكر له مثالب في دينه قال وكان بن عباس كثيرا ما يرسل ولا يذكر
من حدثه حتى قالوا إن جميع مسموعاته سبعة عشر حديثا وقيل أكثر من ذلك
58

جمعها الحميدي وغيره والصحيح الذي ينبغي العمل به هو أن يحمل أحاديثه كلها
على السماع المتصل حتى يظهر من دليل خارج أنه سمع هذا الحديث بواسطة
فيقال حينئذ إنه مرسل وذلك نحو هذا الحديث انتهى
وحديث العباس هذا الذي أشار إليه رواه البزار في مسنده من حديث قيس
عن عبد الله بن أبي السفر عن أرقم بن شرحبيل عن بن عباس عن العباس قال خرج
النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يصلي بالناس فقرأ من حيث انتهى إليه أبو بكر انتهى قال البزار
لا نعلم هذا الكلام يروى إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد انتهى قلت رواه بن
ماجة من غير طريق قيس فقال حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي
إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل عن بن عباس قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
إلى أن قال بن عباس وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر
قال وكيع وكذا السنة مختصر
أحاديث الفريضة خلف النافلة احتج أصحابنا على المنع بحديث أخرجه البخاري
ومسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه
قالوا واختلاف النية داخل في ذلك قال النووي وحمله الشافعي على الاختلاف
في أفعال الصلاة بدليل قوله فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وبدليل أنه
يصح اقتداء المتنفل بالمفترض وبقولنا قال مالك وأحمد
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن جابر أن معاذا كان يصلي مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم رجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة هذا لفظ
مسلم وفي لفظ البخاري فيصلي بهم الصلاة المكتوبة انتهى
ذكره في كتاب الأدب ولأصحابنا عنه أجوبة استوفاها الشيخ تقي الدين في
شرح العمدة
59

أحدها أن الاحتجاج به من باب ترك الانكار من النبي صلى الله عليه وسلم وشرط ذلك علمه
بالواقعة وجاز أن لا يكون علم بها ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده عن
معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج
إليه فيطول علينا فقال له عليه السلام يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي
وإما أن تخفف على قومك فدل على أنه كان يفعل أحد الامرين ولم يكن يجمعهما لأنه
قال إما أن تصل معي أي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف على قومك
أي ولا تصل معي الوجه الثاني أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بإخبار الناوي
ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام بنية النفل ليتعلم سنة
القراءة منه وأفعال الصلاة ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض ويؤيده أيضا حديث
أحمد المذكور قال بن تيمية في المنتقى وقوله عليه السلام إما أن تصلي معي
وإما أن تخفف عن قومك ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل لأنه يدل على أنه متى
صلى معه امتنعت إمامته وبالاجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه فعلم أنه أراد به
صلاة الفرض وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلا وأجيب عن هذا العذر
بوجهين أحدهما الاستبعاد من معاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف النبي صلى الله عليه وسلم
ويأتي به مع قومه قالوا وكيف يظن بمعاذ بعد سماعه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت
الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي لفظ للطبراني إلا التي أقيمت أن تصلى النافلة
مع قيام المكتوبة ولعل صلاة واحدة مع النبي صلى الله عليه وسلم خير له من كل صلاة صلاها في
عمره والثاني أنه وقع في رواية الشافعي ومن طريقه الدارقطني ثم البيهقي هي
له تطوع ولهم فريضة رواها الشافعي في سننه ومسنده أخبرنا عبد المجيد بن
عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله
60

الأنصاري قال كان معاذ بن جبل يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينطلق إلى
قومه فيصليها بهم هي له تطوع ولهم فريضة انتهى قال البيهقي قال
الشافعي لا أعلمه يروي من طريق أثبت من هذا ولا أوثق رجالا قال البيهقي
وكذلك رواه أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن بن جريج وذكر فيه هذه الزيادة
والزيادة من الثقة مقبولة وقد رويت من طريق آخر عند الشافعي في مسنده أخبرنا
إبراهيم بن يحيى الأسلمي عن بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر فذكر
نحوه قلنا أما الاستبعاد فليس بقدح سيما وفي الحديث ما يؤيد المستبعد كما
بيناه وأما هذه الزيادة فليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي من الروا ولعلها من
الشافعي فإنها دائرة عليه ولا تعرف إلا من جهته فيكون منه ظنا واجتهادا وأما
الجواب عن قوله عليه السلام إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فقال
الشيخ في شرح العمدة يمكن أن يقال فيه إن مفهومه أن لا يصلي نافلة غير
الصلاة التي تقام لان المحذور وقوع الخلاف على الأئمة وهذا المحذور منتف مع
الاتفاق في الصلاة المقامة ويؤيد هذا اتفاقهم على جواز اقتداء المتنفل بالمفترض ولو
تناوله النهي لما جاز مطلقا انتهى كلامه الوجه الثالث أنه حديث منسوخ قال
الطحاوي يحتمل أن يكون ذلك وقت كانت الفريضة تصلى مرتين فإن ذلك كان يفعل
أول الاسلام حتى نهى عنه ثم ذكر حديث بن عمر لا تصلي صلاة في يوم مرتين
قال بن دقيق العيد وهذا مدخول من وجهين أحدهما أنه أثبت النسخ
بالاحتمال والثاني أنه لم يقم دليلا على أن ذلك كان واقعا أعني صلاة الفريضة في
يوم مرتين قال ولكن قد يستدل على النسخ بتقرير حسن وذلك أن إسلام معاذ
متقدم وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد سنتين من الهجرة صلاة الخوف غير مرة على وجه
وقع فيه مخالفة ظاهرة بالافعال المنافية للصلاة فيقال لو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل
لأمكن إيقاع الصلاة مرتين على وجه لا يقع فيه المنافاة والمفسدات في غير هذه الحالة
وحيث صليت على هذا الوجه مع إمكان رفع المفسدات على تقدير جواز اقتداء المفترض
61

بالمتنفل دل على أنه لا يجوز وبعد ثبوت هذه الملازمة يبقى النظر في التاريخ انتهى
كلامه
وهذا التقرير إنما يمشي على تقدير أنه عليه السلام صلى أربعا بتسليمة واحدة وهو
ظاهر لفظ حديث جابر في الصحيحين يعني فلو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لصلى
بهم الصلاة مرتين فيصلي بالطائفة الأولى الصلاة كاملة على وجه لا يقع فيهما شئ
من الأشياء المنافية للصلاة أعني في غير هذه الحالة وذلك مثل جلوسهم يحرسون
العدو ورجوعهم إلى الصلاة وإعادتهم لما فاتهم فلما لم يصل بهم مرتين على وجه
لا يقع فيه ذلك دل على أنه لا يجوز اقتداء المفترض فإن ثبت أن هذه الصلاة كانت
بعد حديث معاذ فهي ناسخة له هذا معنى كلامه وقد فهم بعضهم من حديث
جابر أنه سلم من الركعتين وفسره بحديث أبي بكرة كما سيأتي وقال البيهقي في
المعرفة ومن ادعى أن ذلك وقع حين كان الفرض يفعل مرتين في يوم فقد ادعى ما
لا يعرفه إذ لم يدل على النسخ سبب ولا تاريخ وحديث عمرو بن شعيب عن
سليمان مولى ميمونة عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصلوا صلاة في يوم مرتين
لا يقاوم حديث معاذ للاختلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب والاتفاق على رواة
حديث معاذ وقد كان عليه السلام يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة فنجوز أن
يكون بعضهم ذهب وهمه إلى أن الإعادة واجبة فقا لا تصلوا صلاة في يوم
مرتين أي كلتاهما على سبيل الوجوب انتهى كلامه الوجه الرابع نقله الشيخ في
شرح العمدة عن بعضهم ولم يسمه وهو أن الحاجة دعت إليه في ذلك الوقت ولم يكن لهم غنى عن معاذ
ولم يكن لمعاذ ولم يكن لمعاذ غنى عن صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم قال وهذا
يحتمل أن يريد به قائله معنى النسخ فيكون كما تقدم ويحتمل أنه مما أبيح بحالة
مخصوصة فيرتفع الحكم بزوالها ولا يكون نسخا على كل حال فهو ضعيف لعدم
قيام الدليل على تعيين ذلك علة لهذا الفعل ولان القدر المجزئ من القراءة في الصلاة
ليس بقليل وما زاد عليه فلا يصلح أن يكون سببا لارتكاب ممنوع شرعا والله أعلم
62

انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه أبو داود عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى
ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاء أولئك
فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه
ركعتين ركعتين انتهى فصلاته الثانية وقعت نفلا له وفرضا لأصحابه وهم
الفرقة الثانية والحديث في مسلم من رواية جابر وليس فيه التسلم من الركعتين
أخرجه عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات
الرقاع إلى أن قال ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى
بالطائفة الأخرى ركعتين قال وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم
ركعتان وذكره البخاري معلقا في المغازي في غزوة ذات الرقاع فقال وقال
أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا الحديث ورواه
أيضا متصلا بإسناده لكن لم يذكر فيه قصة الصلاة ووهم النووي في الخلاصة
فذكره باللفظ المذكور وقال متفق عليه انتهى وعزا حديث أبي بكرة لأبي
داود والترمذي ولم يروه الترمذي أصلا ولكني لم أعتمد على النسخة فليراجع
ولفظ الصحيحين هذا قد يفهم منه أنه لم يسلم من الركعتين وهو الأقرب كما
فهمه القرطبي في شرح مسلم وقد يفهم منه أنه سلم من الركعتين ويفسره حديث
أبي بكرة كما فهمه النووي بل قد جاء مفسرا من رواية جابر أنه سلم من
الركعتين كما رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا الثقة بن علية أو
غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة الظهر
في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى
فصلى بهم ركعتين ثم سلم انتهى وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن
جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محاصرا لبني محارب فنودي بالصلاة فذكر نحوه
63

والأول أصح من هذا إلا أن فيه شائبة الانقطاع فإن شيخ الشافعي فيه مجهول
وأما الثاني ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة
قال أبو حاتم ضعيف الحديث يأتي بالطامات وقال الفلاس كان مختلطا لا يروي
عنه وقد روى له أبو داود حديثا مقرونا بحميد الطويل وعلى كل حال فالاستدلال
على الحنفية بحديث جابر صحيح وإن لم يسلم من الركعتين لان فرض المسافر
عندهم ركعتان والقصر عزيمة فإن صلى المسافر أربعا وقعد في الأولى صحت
صلاته وكانت الاخريان له نافلة وقد ذهل عن هذا جماعة من شراح الحديث
ومنهم النووي وقالوا لا يحسن الاستدلال عليهم إلا بحديث أبي بكرة أو
بحديث جابر على تقدير أنه سلم في الركعتين وقد أجاب الطحاوي عن هذا أيضا
بالنسخ وقد تقدم نزاعهم في ذلك فإن الطحاوي لما ذكر حديث أبي بكرة قال
يحتمل أن يكون ذلك وقتا كانت الفريضة تصلى مرتين فإن ذلك كان يفعل أول
الاسلام ثم نهى عنه ثم ذكر حديث بن عمر نهى أن يصلي فريضة في يوم مرتين
قال والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة والله أعلم
أحاديث إقامة الجماعة مرتين في المساجد منعها مالك وأجازها الباقون
والحجة عليه ما أخرجه الترمذي في كتابه عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل الناجي
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده فقال ألا رجل
يتصدق على هذا فيصلي معه انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان
والحاكم في صحاحهم قال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجه وسليمان الأسود هو بن سخيم وقد احتج به مسلم انتهى قال
الترمذي حديث حسن وفي الباب عن أبي أمامة وأبي موسى والحكم بن عمير
انتهى ورواه أبو داود واللفظ المذكور له ولفظ الترمذي قال جاء رجل وقد
صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقا أيكم يتجر على هذا فقام رجل فصلى معه انتهى
وفي رواية البيهقي أن الذي قام فصلى معه أبو بكر رضي الله عنه والله أعلم
64

حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن الحسن الأسدي عن
حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام يصلي
وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتجر على هذا فيصلي معه انتهى وسنده
جيد
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب
عن عصمة بن مالك الخطمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى الظهر وقعد في
المسجد إذ دخل رجل يصلي فقال عليه السلام الا رجل يقوم فيتصدق على هذا
فيصلي معه انتهى وهو ضعيف بالفضل بن المختار قال بن عدي الفضل بن
مختار أحاديثه منكرة وقال أبو حاتم الرازي هو مجهول وأحاديثه منكرة يحدث
بالأباطيل قاله بن الجوزي في التحقيق ونقل عن أبي حنيفة أنه قال لا يجوز
إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب
حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن أشرس ثنا أبو جابر
محمد بن عبد الملك ثنا الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أبي عثمان عن سليمان أن
رجلا دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فقال ألا رجل يتصدق على هذا
فيصلي معه انتهى وسكت عنه
الحديث الثاني والسبعون قال عليه السلام من أم قوما ثم ظهر أنه كان
محدثا أو جنبا أعاد صلاته وأعادوا قلت غريب وفيه أثر عن علي رواه
محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار أن
علي بن أبي طالب قال في الرجل يصلي بالقوم جنبا قال يعيد ويعيدون
انتهى
65

أحاديث الباب أخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي جابر البياضي عن سعيد بن
المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا انتهى قال
الدارقطني هذا مرسل والبياضي ضعيف وقال البيهقي أبو جابر البياضي
متروك الحديث كان مالك لا يرتضيه وكان بن معين يرميه بالكذب وقال الشافعي
من روى عن البياضي بيض الله عينيه انتهى قال النووي في الخلاصة لا
يعرف إلا عن البياضي واجتمعوا على ضعفه ورماه بن معين بالكذب
حديث آخر قال بن الجوز في التحقيق ومما يحتج به للشافعي أن المأموم لا
يعيد بما أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الامام
ضامن وفي سندهما اضطراب لكن رواه أحمد في مسنده حدثنا قتيبة ثنا
عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وهذا سند
الصحيح قال في التنقيح روى مسلم في صحيحه بهذا الاسناد نحوا من
أربعة عشر حديثا
حديث آخر أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن الزهري عن أبي
سلمة عن أبي هريرة قال أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياما فخرج إلينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا مكانكم ثم رجع
فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر وصلينا معه انتهى أخرجه مسلم في
الصلاة والباقون في الطهارة وبوب عليه البخاري باب إذا ذكر في المسجد أنه
جنب يخرج كما هو ولا يتيمم وبوب له مسلم باب خروج الامام بعد الإقامة
للغسل وبوب له أبو داود باب الجنب يصلي بالقوم وهو ناس وبوب له
النسائي والأظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم تذكر الجنابة قبل أن يصلي وقد صرح به مسلم
في الحديث قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر
فانصرف الحديث فلا يصير في الحديث دلالة لكن أخرج أبو داود في سننه عن
الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن
66

مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال إنما أنا بشر
وإني كنت جنبا انتهى قال البيهقي في المعرفة إسناده صحيح وأخرج بن ماجة
في سننه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وكبر ثم أشار إليهم فمكثوا ثم انطلق فاغتسل وكان رأسه
يقطر ماء فصلى بهم فلما انصرف قال إني خرجت إليكم جنبا وإني نسيت
حتى قمت في الصلاة انتهى قال النووي في الخلاصة يحمل اختلفا
الرواية في أنه عليه السلام انصرف قبل أن يكبر أو بعد أن كبر على أنهما قضيتان
انتهى ووقع للنووي هنا وهم فإنه ذكر حديث أبي هريرة المتقدم وفيه حتى إذا
قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف الحديث إلى آخره وقال متفق عليه
فان قولة قبل أن يكبر ليست عند البخاري وإنما انفرد بها مسلم والله أعلم
الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت
عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه صلى بالقوم وهو جنب فأعاد ثم أمرهم
فأعادوا انتهى قال الدارقطني عمرو بن خالد الواسطي متروك الحديث رماه أحمد
بن حنبل بالكذب انتهى وقال البيهقي قال وكيع كان كذابا وقال
عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يرو عن عاصم بن
ضمرة شيئا قط انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن يزيد
المكي عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر أن عليا صلى بالناس وهو جنب أو على غير
وضوء فأعاد وأمرهم أن يعيدوا انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا حسين بن مهران عن مطرح عن أبي
المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال صلى
عمر بالناس وهو جنب فأعاد ولم يعد الناس فقال له علي قد كان ينبغي لمن
صلى معك أن يعيدوا قال فرجعوا إلى قول علي قال القاسم وقال بن مسعود
67

مثل قول علي انتهى
حديث للخصم أخرجه الدارقطني عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن البراء
بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما إمام سها فصلى بالقوم وهو جنب فقد
مضت صلاتهم وليغتسل هو ثم ليعد صلاته وإن صلى بغير وضوء فمثل ذلك
انتهى وسكت عنه الدارقطني وهو حديث ضعيف فإن جويبرا متروك
والضحاك لم يلق البراء واحتج النووي في الخلاصة لمذهبه بحديث أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم فإن أصابوا
فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم انتهى رواه البخاري وليس بحجة
باب الحدث في الصلاة
الحديث السادس والستون قال النبي صلى الله عليه وسلم من قاء أو رعف في صلاته
فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم قلت تقدم في نواقض
الوضوء من رواية عائشة والخدري فحديث عائشة أخرجه بن ماجة في سننه عن
إسماعيل بن عياش عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على
صلاته وهو في ذلك لا يتكلم انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال
وأصحاب بن جريج الحفاظ عنه يروونه عن بن جريج عن أبيه مرسلا ثم أخرجه عن
68

عبد الرزاق عن بن جريج به مرسلا وقال هذا هو الصحيح وكذلك رواه محمد
بن عبد الله الأنصاري وأبو عاصم النبيل وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم كما
رواه عبد الرزاق وقد تابع إسماعيل بن عياش سليمان بن أرقم ثم أخرجه عن
سليمان بن أرقم عن بن جريج به مسندا قال وسليمان بن أرقم ضعيف وقد رواه
إسماعيل بن عياش عن غير بن جريج مسندا أيضا ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش
عن عباد بن كثير عن عطاء بن عجلان عن بن أبي مليكة عن عائشة مثله قال وعباد
بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفان انتهى
وأما حديث الخدري فتقدم الكلام عليه
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمر بن رياح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه
عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما
بقي من صلاته انتهى قال الدارقطني وعمر بن رياح متروك انتهى
وقال بن عدي عمر بن رياح هو عمر بن أبي عمر العبدي مولى بن طاوس
يحدث عن بن طاوس بالأباطيل لا يتابع عليها وأسند إلى البخاري وإلى عمر بن
علي الفلاس أنهما قالا فيه دجال وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه نحو هذا
الحديث موقوفا على عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق
وسلمان وابن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن علقمة وطاوس وسالم بن
عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد
بن المسيب
أحاديث الخصوم أخرج أبو داود في الطهارة والترمذي في الرضاع
والنسائي في عشرة النساء عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الأول قال
الترمذي حديث حسن وسمعت محمدا يقول لا أعرف لعلي بن طلق غير هذا
69

الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا حديث لا يصح فإن مسلم بن
سلام الحنفي أبا عبد الملك مجهول الحال انتهى
حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عمرو بن خالد
الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن مسلمة عن بن أرقم عن عطاء عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد
وضوءه وليستقبل صلاته انتهى وكذلك أخرجه الدارقطني حدثنا محمد بن
أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا
محمد بن سلمة به وأخرجه بن عدي في الكامل عن سليمان بن أرقم عن الحسن
عن بن عباس مرفوعا نحوه وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي داود
والنسائي وابن معين والبخاري وقالوا كلهم إنه متروك
الحديث الرابع والسبعون قال عليه السلام إذا صلى أحدكم فقاء أو رعف
70

فليضع يده على فمه وليقدم من لم يسبق بشئ قلت غريب وأخرج أبو داود
وابن ماجة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
صلى أحدكم فأحدث فليأخذ بأنفه ثم لينصرف انتهى وأخرج الدارقطني
في سننه عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي موقوفا إذا أم القوم فوجد في
بطنه رزء أو رعافا أو قيئا فليضع ثوبه على أنفه وليأخذ بيد رجل من القوم فليقدمه
71

انتهى وهو ضعيف.
الحديث الخامس والسبعون حديث بن مسعود إذا قلت هذا أو فعلت هذا
فقد تمت صلاتك قلت تقدم
72

أحاديث الباب أخرج أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
الإفريقي عن عبد الرحمن بن رفاع وبكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قضى الامام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم
فقد تمت صلاته ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة انتهى قال الترمذي هذا حديث
ليس إسناده بالقوي وقد اضطربوا في إسناده انتهى وأخرجه الدارقطني ثم
البيهقي في سننهما قال الدارقطني وعبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به
وقال البيهقي وهذا الحديث إنما يعرف بعبد الرحمن بن زياد الإفريقي وقد ضعفه
73

يحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي
قال وإن
صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم ثم روى بإسناده عن عطاء بن أبي
رباح قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاته قدر التشهد أقبل على الناس
بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم انتهى قلت رواه إسحاق بن راهويه في
مسنده أخبرنا جعفر بن عون حدثني عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة قالا
سمعنا عبد الله بن عمرو مرفوعا فذكره ورواه الطحاوي بسند السنن ولفظه قال
إذا قضى الامام الصلاة فقعد فأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم
الامام فقد تمت صلاته فلا يعيدها انتهى
حديث آخر رواه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب الحلية في ترجمة عمر بن ذر
حدثنا محمد بن المظفر ثنا صالح بن أحمد ثنا يحيى بن مخلد المفتي ثنا عبد الرحمن بن
الحسن أبو مسعود الزجاج عن عمر بن ذر عن عطاء عن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
إذا فرغ من التشهد أقبل علينا بوجهه وقال من أحدث حدثا بعد ما يفرغ من التشهد
فقد تمت صلاته انتهى وقال غريب من حديث عمر بن ذر تفرد به متصلا أبو مسعود
الزجاج ورواه غيره مرسلا حدثناه محمد بن أحمد بن الحسين ثنا بشير بن موسى ثنا
خلاد بن يحيى ثنا عمر بن ذر أنبأ عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى التشهد فذكر
نحوه انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال إذا جلس الامام في الرابعة ثم أحدث فقد تمت
صلاته فليقم حيث شاء انتهى وأخرجه البيهقي عن أبي إسحاق عن عاصم بن
ضمرة عن علي فذكر وزاد فيه قدر التشهد قال وعاصم بن ضمرة إنما يذكر
في الشواهد فإذا انفرد بحديث لم يقبل ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه قال فيه
حديث لا يصح وأخرج بن أبي شيبة نحوه عن الحسن وابن المسيب وعطاء
وإبراهيم النخعي
74

باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها
الحديث السادس والسبعون قال المصنف ومفزعه يعني الشافعي الحديث
المعروف قلت يشير إلى قوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وهذا
لا يوجد بهذا اللفظ وإن كان الفقهاء كلهم لا يذكرونه إلا بهذا اللفظ وأقرب ما
وجدناه بلفظ رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا رواه بن عدي في الكامل من
حديث أبي بكرة وسيأتي وأكثر ما يروى بلفظ إن الله تجاوز لامتي عن الخطأ
والنسيان هكذا روى من حديث بن عباس وأبي ذر وثوبان وأبي الدرداء
وابن عمر وأبي بكرة
أما حديث بن عباس فأخرجه بن ماجة في سننه في الطلاق عن الأوزاعي
عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع عن أمتي
الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه
في النوع الثامن والستين من القسم الثالث عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير
عن بن عباس مرفوعا وكذلك الحاكم في المستدرك في الطلاق وقال
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى
وأما حديث أبي ذر فرواه بن ماجة أيضا حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف
الفريابي ثنا أيوب بن سويد ثنا أبو بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أبي ذر الغفاري
مرفوعا نحو سواء
75

وأما حديث ثوبان فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن محمد بن
يحيى بن حمزة ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النصر ثنا يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن
ثوبان مرفوعا نحوه قلت لفظه إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة الخطأ والنسيان
وما أكرهوا عليه
وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني أيضا حدثنا عبدان بن أحمد ثنا هشام بن
عمار ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء مرفوعا نحوه قلت لفظه إن الله تجاوز لامتي عن النسيان وما
أكرهوا عليه
وأما حديث بن عمر فرواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة مالك حدثنا
الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ثنا عبد الله بن الصفر السكري ثنا محمد بن المصفى
ثنا الوليد بن مسلم ثنا مالك عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع
عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه انتهى وقال غريب من حديث
مالك تفرد به بن مصفى عن الوليد انتهى وأخرجه العقيلي في كتابه وأعله
بابن المصفى وضعفه عن أحمد
وأما حديث أبي بكرة فرواه بن عدي في الكامل عن جعفر بن جسر بن فرقد
حدثني أبي عن الحسن به عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع الله عن
هذه الأمة ثلاثا الخطأ والنسيان والامر يكرهون عليه قال الحسن قول باللسان
فأما اليد فلا انتهى وعده بن عدي من منكرات جعفر هذا قال ولم أر
للمتكلمين في الرجال فيه قولا ولا أدري لما غفلوا عنه ولعله إنما هو من قبل أبيه فإن
أباه قد تلكم فيه بعض من تقدم لأني لم أر جعفرا يروي عن غير أبيه انتهى قال
بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن
عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما
76

استكرهوا عليه وعن الوليد عن مالك عن نافع عن بن عمر مثله وعن الوليد عن
بن لهيعة عن موسى بن وردان عن عامر مثله فقال أبي هذه أحاديث منكرة كأنها
موضوعة ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده انتهى
الحديث السابع والسبعون قال عليه السلام إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ
77

من كلام الناس وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن قلت رواه مسلم في
صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت له يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم
فقلت وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم
فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي
وما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا
شتمني ثم قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح
والتكبير وقراءة القرآن الحديث بطوله وللبيهقي إنما هي قال النووي في
الخلاصة بسند صحيح وفي لفظ للطبراني في معجمه إن صلاتنا لا يحل فيها
شئ من كلام الناس بوب عليه مسلم باب نسخ الكلام في الصلاة والمصنف
استدل بهذا الحديث على أن الكلام مبطل للصلاة
وللخصم عنه جوابان أحدهما إن قوله لا يصلح ليس دالا على البطلان
ولكن معناه أنه محظور وليس كل محظور مبطل الثاني قالوا إنه لم يأمره بالإعادة
وإنما علمه أحكام الصلاة انتهى
أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن جابر قال أرسلني رسول الله
78

صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال لي
بيده وأومأ زهير بيمينه ثم كلمته فقال لي هكذا وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه
فلما فرغ قال ما فعلت في الذي أرسلتك له فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أن
كنت أصلي انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد
الدالاني عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام ينقض الصلاة
ولا ينقض الوضوء انتهى وهو حديث ضعيف فيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان جد
الامام أبي بكر بن أبي شيبة وقد ضعفه غير واحد وفيه يزيد الدالاني أيضا قال بن
حبان لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد قال البيهقي والصحيح في هذا
الحديث موقوف ورواه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان فرفعه وهو ضعيف انتهى
أحاديث الخصوم حديث ذي اليدين وقد روى من حديث أبي هريرة ومن
حديث عمران بن حصين ومن حديث بن عمر
فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر
فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا وفي القوم أبو
بكر وعمر فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس فقام ذو اليدين فقال يا رسول
الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال ما يقول ذو اليدين قالوا صدق لم
تصل إلا الركعتين فصلى ركعتين وسلم ثم سجد سجدتين ثم سلم وفي رواية
للبخاري قال لم أنس ولم تقصر وفي رواية لهما قال كل ذلك لم يكن
قال قد كان بعض ذلك وفي رواية للبخاري فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدعوه ذو اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أم قصرت وفي لفظ لهما صلى لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر وفي لفظ لهما صلى ركعتين من صلاة الظهر ثم
79

سلم فأتاه رجل من بني سليم ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع عشر
من القسم الخامس ولفظه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم في
الركعتين فقال ذو الشمالين بن عبد عمرو حليف لبني زهرة أخففت الصلاة أم
نسيت يا رسول الله فقال عليه السلام ما يقول ذو اليدين قالوا يا نبي الله صدق
قال فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ثم سلم قال الزهري كان هذا قبل بدر
ثم استحكمت الأمور بعد انتهى ورواه مالك في الموطأ مالك عن بن شهاب
الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع
ركعتين من إحدى صلاتي النهار الظهر أو العصر فسلم من اثنتين فقال له ذو
الشمالين رجل من بني زهرة بن كلاب أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قصرت الصلاة وما نسيت فقال له ذو الشمالين قد كان
بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال أصدق ذو اليدين
قالوا نعم فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سلم انتهى قال بن
عبد البر في التقصي هذا مرسل إلا أنه يتصل من وجوه صحاح انتهى
وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه البخاري ومسلم أيضا عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال
له الخرباق وكان في يديه طول فقال يا رسول الله فذكر له صنيعه فقال
أصدق هذا قالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم وفي
لفظ لهما فقام رجل بسيط اليدين الحديث
وأما حديث بن عمر فأخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي كريب الهمداني عن
أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني
صلاة فسها فيها فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين يا رسول
الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال ما قصرت ولا نسيت قال إنك صليت
ركعتين قال أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم
ثم سجد سجدتي السهو انتهى وأخرجه أبو داود أيضا عن أحمد بن محمد بن
ثابت عن أبي أسامة به وأخرجه بن خزيمة في صحيحه عن أبي كريب وبشر بن
80

خالد العسكري عن أبي أسامة به وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن سنان القطان
وهو من الثقات الاثبات ثنا أبو أسامة به قال الدارقطني ولا نعلم حدث به غير
أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الاثبات والعجب من الدارقطني وعلو
مرتبته كيف يقول مثل هذا وقد رواه أبو كريب وأحمد بن ثابت وبشر بن خالد
كما قدمناه ولكن تخلص بقوله لا نعلم والله أعلم ولأصحابنا عن حديث ذي
اليدين جوابان أحدهما أنه منسوخ بحديث زيد بن أرقم وحديث بن مسعود
فحديث زيد بن أرقم أخرجه البخاري ومسلم عنه قال كنا نتكلم في
الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله
قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام انتهى
وحديث بن مسعود أيضا أخرجاه عنه قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا
فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك فترد علينا فقال إن في الصلاة شغلا
انتهى أخرجاه عن إبراهيم بن علقمة عنه وأخرجه أبو داود عن عاصم بن أبي النجود
عن أبي وائل عنه قال كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فأخذني ما قدم وما
حدث فلما قضى الصلاة قلت يا رسول الله إنك كنت ترد علينا قال إن الله
يحدث من أمره ما يشاء وإنه قد أحد ث أن لا تكلموا في الصلاة انتهى وكذلك
رواه بن حبان في صحيحه قال البيهقي ورواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن
أبي النجود وتداوله الفقهاء إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم لسوء
حفظه فأخرجاه من طريق آخر ببعض معناه انتهى قال أصحابنا وذوي اليدين قتل يوم
بدر وقد قال الزهري إن قصة ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر وإسلام أبي
هريرة كان عام خيبر بعد بدر بخمس سنين ولا يمتنع كون أبي هريرة رواه وهو
متأخر الاسلام عن بدر لان الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم
أو من صاحبي آخر وأجاب البيهقي في المعرفة بأن أبا هريرة شهد قصة ذي اليدين
في الصلاة وحضرها كما ورد في الصحيحين عنه قال صلى بنا رسول الله
81

صلى الله عليه وسلم وفي لفظ بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي قال والذي
قتل ببدر إنما هو ذو الشمالين اسمه عمير بن عمرو خزاعي قال وقد أجمعوا
على أن إسلام أبي هريرة كان عام خيبر سنة سبع بعد بدر بخمس سنين انتهى وقال
البيهقي في المعرفة أيضا وهم الزهري في قوله ذو الشمالين وإنما هو ذو اليدين
وذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر وذو اليدين بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال
وقال في موضع آخر وذو الشمالين هو بن عبد عمرو بن نضلة حليف لبني زهرة
من خزاعة استشهد يوم بدر هكذا ذكره عروة بن الزبير وسائر أهل العلم بالمغازي
قال بن إسحاق لا عقب له وأما ذو اليدين فقال يحيى بن كثير في حديثه رجل
من بني سليم وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين قال البيهقي وليس في
حديث زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة دلالة على أنه بعد حديث ذي اليدين
لان زيد بن أرقم من متقدمي الصحابة روى عنه أنه قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
سبع عشرة غزوة وأبو هريرة إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وصحبه ثلاث سنين أو
أربعا روى عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا هريرة يقول صحبت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وابن مسعود فقد شهد بدرا لأنه هاجر إلى الحبشة ثم رجع
إلى مكة ثم رجع إلى المدينة وشهد بدرا ذكره موسى بن عقبة في مغازيه
وهي أصح المغازي عند أهل الحديث روى عبد الله بن عتبة عن عبد الله بمسعود
قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وهم ثمانون رجلا فذكر القصة وفي آخرها
فبادر بن مسعود وجاء فشهد بدرا وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين كان
بعد ذلك وعمران بن حصين قال الحميدي وهو أحد أركان الحديث كان إسلامه
بعد بدر وقد حضر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله الخرباق ومعاوية بن حديج كان
إسلامه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين وقد حضر قصة طلحة بن عبيد الله وروينا عن
الأوزاعي قال كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الامر فلم يأمره عليه السلام
بإعادة الصلاة وقوله إن الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس أي الكلام
العمد الذي يمكن الاحتراز منه وحديث ذي اليدين في كلام السهو قال والدليل
على عدم النسخ ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأسند إلى عطاء أن بن الزبير صلى بهم
ركعتين من المغرب ثم سلم ثم قام إلى الحجر ليستلمه فسبح به القوم فالتفت إلينا
وقال ما أتممنا الصلاة فقلنا برؤوسنا لا فرجع فصلى الركعة الباقية ثم سجد
سجدتين فذكر ذلك لابن عباس فقال ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه
82

وقال السهيلي في الروض الأنف روى الزهري حديث التسليم من الركعتين
وقال فيه فقام ذو الشمالين رجل من بني زهرة فقال أقصرت الصلاة أم
نسيت فقال عليه السلام أصدق ذو اليدين لم يروه أحد هكذا إلى الزهري وهو
غلط عند أهل الحديث وإنما هو ذو اليدين السلمي واسمه خرباق وذو
الشمالين قتل ببدر والحديث شهده أبو هريرة وكان إسلامه بعد بدر بسنتين ومات
ذو اليدين السلمي في خلافة معاوية وروى هذا الحديث عنه ابنه مطير بن الخرباق
ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطر ولما رأى المبرد حديث الزهري قال ذو اليدين
هو ذو الشمالين كان يسمى بهما جميعا ذكره في آخر كتابه الكامل وجهل ما
قاله أهل الحديث والسير انتهى
قلت وهكذا قال بن سعد في الطبقات ذو اليدين ويقال ذو الشمالين
اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة انتهى الجواب الثاني لأصحابنا عن حديث
ذي اليدين قالوا إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة بدليل أن أبا بكر وعمر
وغيرهما من الناس تكلموا عامدين وأجاب الخطابي عن هذا بأمرين أحدهما أنهم
لم يتكلموا ولكنهم أشاروا وقع ذلك في رواية حماد بن زيد عن أيوب أنهم
أومأوا أي نعم ورواية من روى أنهم قالوا نعم إنما هو تجوز ونقل بالمعنى كما
يقول الرجل قلت برأسي نعم الثاني أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وكل
كلام كان جوابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فغير منسوخ جوازه في الصلاة يدل عليه حديث أبي
سعيد بن المعلى قال كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه
ثم أتيته فقلت يا رسول الله إني كنت أصلي فقال ألم يقل الله استجيبوا لله
وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب لم يبطل
انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وبهذا الحديث استدل من قال إن المتكلم
بكلام واجب عليه لا يبطل انتهى والله أعلم وقال بن حبان تحريم الكلام إنما كان
بمكة فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا فقال زيد بن أرقم وهو من أهل المدينة
يحكي الحال كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا
بالسكوت وقال الخطابي نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة وعلى القولين قد
83

كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين انتهى والله أعلم
حديث آخر للخصوم عن معاوية بن حديج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلى يوما فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال نسيت من
الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة
فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي أتعرف الرجل قلت لا إلا أن أراه فمر بي
فقلت هذا هو فقالوا هذا طلحة بن عبيد الله انتهى رواه أبو داود والنسائي
والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد قال النووي في الخلاصة
قالوا كان إسلام معاوية هذا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين قال والعلم أنه قد جاء في
رواية أبي هريرة لقصة ذي اليدين أنها صلاة الظهر وفي رواية أنها صلاة العصر
كما سبق في الصحيح قال المحققون هما قضيتان ورواية عمران بن الحصين
قضية وغيرهما أخرى وكذلك رواية معاوية بن حديج وذو اليدين اسمه
الخرباق وكنيته أبو العربان عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا وأما ذو الشمالين فهو
عمير بن عمرو الخزاعي قتل يوم بدر شهيدا وهو غير المتكلم في حديث السهو
هذا قول جميع الحفاظ إلا الزهري وقد اتفقوا على تغليط الزهري في ذلك
والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الثامن والسبعون قال عليه السلام إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة
84

فليسبح قلت أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى
بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال
أتصلي بالناس قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة
فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة
فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه أن امكث مكانك
فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو
بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال يا
أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق من
نابه شئ في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء
انتهى ولم يعزه الشيخ في الامام إلا لمسلم فقط فإنه قال أخرجه مسلم من
رواية مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد وأخرجا من حديث الزهري عن أبي
85

سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
انتهى كلامه
الحديث التاسع والسبعون قال عليه السلام لا يقطع الصلاة مرور شئ
قلت روى من حديث الخدري ومن حديث بن عمر ومن حديث أبي أمامة ومن
حديث أنس ومن حديث جابر
وأما حديث الخدري فرواه أبو داود في سننه من حديث مجالد عن أبي
الوداك عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع الصلاة شئ
وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان انتهى ومجالد بن سعيد فيه مقال
وأخرج له مسلم مقرونا بجماعة من أصحاب الشعبي وأخرجه الدارقطني ثم
البيهقي
وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن يزيد ثنا
سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا لا يقطع
صلاة المسلم شئ وادرءوا ما استطعتم انتهى ووقفه مالك في الموطأ
حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه قال لا يقطع الصلاة شئ من مر بين يدي
المصلي انتهى ووقفه البخاري في صحيحه على الزهري فأخرجه عن
محمد بن عبد الله بن أخي الزهري أنه سأل عمه بن شهاب الزهري عن الصلاة
أيقطعها شئ فقال لا يقطعها شئ انتهى
86

وأما حديث أبي أمامة فرواه الدارقطني أيضا عن عفير بن معدان عن سليم بن
عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة شئ
وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني أيضا عن صخر بن عبد الله بن حرملة أنه
سمع عمر بن عبد العزيز يقول عن أنس بن مالك أن رسول صلى الله عليه وسلم صلى بالناس
فمر بين أيديهم حمار فقال عياش بن أبي ربيعة سبحان الله سبحان الله فلما سلم
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من المسبح آنفا قال أنا يا رسول الله إني سمعت أن الحمار
يقطع الصلاة قال لا يقطع الصلاة شئ انتهى
وروى بن الجوزي في العلل المتناهية هذه الأحاديث الثلاثة من طريق
الدارقطني وقال لا يصح منها شئ قال في التحقيق أما حديث بن عمر ففيه
إبراهيم بن يزيد الخوزي قال أحمد والنسائي هو متروك وقال بن معين ليس
بشئ وأما حديث أبي أمامة ففيه عفير بن معدان قال أحمد ضعيف منكر
الحديث وقال يحيى ليس بثقة وقال أبو حاتم الرازي ليس بثقة وأما حديث
أنس ففيه صخر بن عبد الله قال بن عدي يحدث عن الثقات بالأباطيل عامة ما
يرويه منكر أو من موضوعاته وقال بن حبان لا يحل الرواية عنه انتهى كلامه
وتعقبه صاحب التنقيح وقال إنه وهم في صخر هذا فإن صخر بن عبد الله بن
حرملة الراوي عن عمر بن عبد العزيز لم يتكلم فيه بن عدي ولا بن حبان بل ذكره
بن حبان في الثقات وقال النسائي هو صالح وإنما ضعف بن عدي صخر بن
عبد الله الكوفي المعروف بالحاجي وهو متأخر عن بن حرملة روى عن مالك
والليث وغيرهما انتهى
87

وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الوسط عن عيسى بن ميمون عن
جرير بن حازم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي فذهبت شاة تمر بين يديه فساعاها حتى ألزقها بالحائط
ثم قال لا يقطع الصلاة شئ وادرءوا ما استطعتم انتهى وقال تفرد به عيسى
بن ميمون انتهى قال بن حبان في كتابه في الضعفاء عيسى بن ميمون
أبو سلمة الخواص الواسطي يروي العجائب لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد
انتهى وقال النووي في شرح مسلم وحديث لا يقطع الصلاة شئ
حديث ضعيف انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجا في الصحيحين عن عروة عن عائشة قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة وفي لفظ
لمسلم عن عروة قال قالت عائشة ما يقطع الصلاة قال قلنا المرأة والحمار
فقالت إن المرأة لدابة سوء لقد رأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم معترضة كاعتراض
الجنازة وهو يصلي انتهى
أحاديث الخصوم ذهبت الحنابلة إلى أن الكلب الأسود يقطع الصلاة وعمدتهم
ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل المرأة والحمار والكلب
الأسود قلت ما بال الأسود من الأحمر قالت يا بن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الأسود شيطان انتهى
قال الترمذي قال أحمد الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة وفي
نفسي من المرأة والحمار شئ قال بن الجوزي في التحقيق وإنما قال أحمد
ذلك لأنه صح عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين
يديه كاعتراض الجنازة وصح عن بن عباس أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يصلي فنزلت عن الحمار وتركته أمام الصف فما بالاه ولم يجد في الكلب
88

شيئا وعبد الله بن الصامت بن أخي أبي ذر الغفاري فيه لين وكذلك أعرض
البخاري عن حديثه قال أبو حاتم يكتب حديثه
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقطع الصلاة
المرأة والكلب والحمار ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن شعبة ثنا قتادة سمعت
جابر بن زيد يحدث عن بن عباس مرفوعا يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب
قال يحيى بن سعيد لم يرفعه غير شعبة وقال أبو داود وقفه سعيد وهشام
وهمام عن قتادة علي بن عباس قال النووي في الخلاصة وتأول الجمهور القطع
المذكور في هذه الأحاديث على قطع الخشوع جمعا بين الأحاديث انتهى كلامه
وأخرجاه في الصحيحين عن ميمونة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا
حذاءه وأنا حائض وربما أصابني ثوبه إذا سجد انتهى وأخرج مسلم عن عائشة
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جانبه وأنا حائض وعلي مرط
وعليه بعضه انتهى
الحديث الثمانون قال عليه السلام لو علم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من
الوزر لوقف أربعين قلت أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن أبي النضر عن
بسر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم
في المار بين يدي المصلي قال أبو جهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم المار بين
يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه قال أبو
النضر لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة انتهى وكذلك رواه
الباقون إلا بن ماجة فإنه رواه من حديث سفيان عن أبي النضر وسيأتي وهو في
الأربعين للرهاوي ماذا عليه من الاثم وذكره النووي في الخلاصة بهذا
89

اللفظ وعزاه إليه ورواه البزار في مسنده حدثنا أحمد بن عبدة ثنا سفيان عن سالم
أبي النضر عن بشر بن سعيد قال أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار
بين يدي المصلي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو يعلم المار بين يدي
المصلي ماذا عليه لكان أن يقوم أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه انتهى
وسكت عنه وفيه فائدتان إحداهما قوله أربعين خريفا الثانية إن متنه
عكس متن الصحيحين فالمسئول في لفظ الصحيحين هو أبو الجهيم وهو
الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسؤول الراوي عند البزار زيد بن خالد ونسب بن
القطان وابن عبد البر الوهم فيه إلى بن عيينة قال بن القطان في كتابه بعد أن
ذكره من جهة البزار وقد خطأ الناس بن عيينة في ذلك لمخالفة رواية مالك وليس
خطؤه بمتعين لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بشر بن سعيد إلى زيد بن خالد وزيد
بن خالد بعثه إلى أبي جهيم بعد أن أخبره بما عنده ليستثبته فيما عنده فأخبر كل
واحد منهما بمحفوظة وشك أحدهما وجزم الآخر بأربعين خريفا واجتمع ذلك
كله عند أبي النضر وحدث به الامامين مالك وابن عيينة فحفظ مالك حديث أبي
جهيم وحفظ سفيان حديث زيد بن خالد انتهى كلامه وقال بن عبد البر
في التمهيد روى بن عيينة هذا الحديث مقلوبا فجعل في موضع زيد بن خالد أبا
جهيم وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد والقول عندنا قول مالك وقد تابعه
الثوري وغيره انتهى كلامه قلت وحديث بن عيينة في سنن بن ماجة بمثل
حديث البزار إلا أنه لم يسم أبا جهيم ولفظه حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان بن
عيينة عن سالم أبي النضر عن بشر بن سعيد قال أرسلوني إلى زيد بن خالد أسأله عن
المرور بين يدي المصلي فأخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لان يقوم أربعين خير له
من أن يمر بين يديه قال سفيان لا أدري أربعين سنة أو شهرا أو صباحا أو
ساعة انتهى ثم أخرجه عن وكيع ثنا سفيان عن سالم أبي النضر به بمتن
الصحيحين ولا أدري سفيان هذا
الذي في السند الثاني أهو الثوري أو بن
عيينة فإن كان الثوري فقد وافق كلام بن عبد البر وإن كان بن عيينة فقد خالفه
والذي يظهر أنه بن عيينة يدل عليه السند الأول والله أعلم وروى بن ماجة وابن
حبان في صحيحه في النوع السابع والأربعين من القسم الثاني من حديث أبي هريرة
90

مرفوعا لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضا في الصلاة كان لان
يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطا انتهى
الحديث الحادي والثمانون قال عليه السلام إذا صلى أحدكم في الصحراء
فليجعل بين يديه سترة قلت غريب بهذا اللفظ ويقرب منه ما أخرجه أبو داود عن
حديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء
وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطا ولا
يضره ما مر أمامه انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي
والستين من القسم الثالث وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى
أحدكم فليصل إلى ستره وليدن منها ولا يدع أحدا يمر بين يديه فإن جاء أحد يمر
فليقاتله فإنه شيطان انتهى وأخرج بن حبان في صحيحه والحاكم في
مستدركه عن الضحاك بن عثمان ثنا صدقة بن يسار عن بن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولا يدع أحدا يمر بين يديه انتهى
قال الحاكم صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجه وأخرجه أحمد والبزار
وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم زاد بن حبان فيه فإن أبى فليقاتله فإن معه
القرين وروى البخاري في تاريخه الكبير في ترجمة سبرة بن معبد الجهني حدثنا
الحميدي ثنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني حدثني عمي عبد
الملك بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني عن أبيه عن حده قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم انتهى وأخرج الحاكم في مستدركه
أيضا عن سهل بن أبي خيثمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل
إلى سترة وليدن منها انتهى وقال على شرطهما
91

الحديث الثاني والثمانون قال عليه السلام أيعجز أحدكم إذا صلى في
الصحراء أن يكون أمامه مثل مؤخرة الرحل قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج
مسلم عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جعلت بين يديك مثل
مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك انتهى وأخرج أيضا عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره
إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل انتهى وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة
الرحل انتهى وأخرج أيضا عن عروة عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال مثل مؤخرة الرحل انتهى
أحاديث المرور بين يديه أخرج مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس قال جئت أنا والفضل بن عباس على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي
فمررنا على بعض الصف فنزلنا وتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الصلاة فلم يقل لنا شيئا انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وجعل
بعضهم هذا على أنه كان يصلي بدون سترة واستدل بما أخرجه أبو داود عن عباس بن
عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية
ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وحمارة وكلبة تعبثان بين يديه
فما بالى ذلك انتهى وروى البزار في مسنده حدثنا بشر بن آدم ثنا أبو عاصم
عن بن جريج أنبأ عبد الكريم أن مجاهدا أخبره عن بن عباس قال أتيت أنا
والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو يصلي المكتوبة ليس
شئ يستره ويحول بيننا وبينه انتهى ولكن روى البخاري ومسلم من حديث
عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح فقام فتوضأ
وأذن بلال ثم ركزت له عنزة ثم قام فصلى العصر ركعتين يمر بين يديه الحمار
92

والكلب لا يمنع ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى دخل المدينة مختصر فظاهر هذا
اللفظ أن الكلب والحمار مرا بين يديه دون السترة إذ لا يقال مر بين يديه كذا
لشئ يمر من وراء السترة والله أعلم
الحديث الثالث والثمانون قال عليه السلام من صلى إلى سترة فليدن منها
قلت روى من حديث سهل بن أبي خيثمة ومن حديث الخدري ومن حديث جبير بن
مطعم ومن حديث سهل بن سعد ومن حديث بريدة
اما حديث سهل بن أبي خيثمة فأخرجه أبو داود والنسائي عن سفيان عن
صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي خيثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا
صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته انتهى
وكذلك رواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والتسعين من القسم
الأول قال أبو داود وقد اختلف في إسناده ورواه الحاكم في المستدرك
وقال على شرط البخاري ومسلم
وأما حديث الخدري فرواه بن حبان في صحيحه من حديث زيد بن أسلم
عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم
إلى سترة فليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها ولا يدع أحدا يمر بين يديه انتهى
ورواه أبو داود بلفظ إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها
قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح انتهى
وأما حديث جبير بن مطعم فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن
العباس الأحزم الأصفهاني ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني ثنا بشر بن السري عن داود
بن قيس الفراء عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى
93

أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يمر الشيطان بينه وبينها انتهى ورواه البزار
في مسنده حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا محمد بن عمر الجبيري ثنا محمد بن عبد الله
بن عمير هكذا وجدته في كتابه وأحسبه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن
أمية بن صفوان عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه فذكره وقال لا يحفظه من
حديث جبير إلا من هذا الوجه
وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه الطبراني في معجمه أيضا عن بن لهيعة
عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد
الساعدي مرفوعا نحوه سواء ثم أخرجه عن إسماعيل بن جعفر عن عيسى بن ميمون
بن إياس عن صفوان بن سليم به نحوه وبهذا السند رواه أبو نعيم في الحلية في
ترجمة صفوان بن سليم وقال هكذا قال إسماعيل بن جعفر وتابعه عليه عبيد الله
بن أبي جعفر فقالا عن سهل بن سعد
وأما حديث بريدة فرواه البزار في مسنده حدثنا عمرو بن مالك ثنا عمرو بن
النعمان ثنا يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا نحوه سواء
وقال لا نعلمه يروى عن بريدة إلا من هذا الوجه وعمرو بن النعمان بصري مشهور
انتهى
الحديث الرابع والثمانون قال المصنف ويجعل السترة على حاجبه الأيمن أو
الأيسر به ورد الأثر قلت يشير إلى حديث أخرجه أبو داود في سننه عن علي
بن عياش عن الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود
عن أبيها قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا
جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدا انتهى ورواه أحمد
94

في مسنده والطبراني في معجمه وابن عدي في الكامل وأعله بالوليد
بن كامل ونقل عن البخاري أنه قال عنده عجائب وأما بن القطان فإنه
ذكر فيه علتين علة في إسناده وعلة في متنه أما التي في إسناده فقال إن فيه ثلاثة
مجاهيل فضباعة مجهولة الحال ولا أعلم أحدا ذكرها وكذلك المهلب بن حجر
مجهول الحال والوليد بن كامل من الشيوخ الذين لم يثبت عدالتهم وليس له من
الرواية كثير شئ يستدل به على حاله وأما التي في متنه فهي أن أبا علي بن السكن
رواه في سننه هكذا حدثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي ثنا أبو تقي هشام بن
عبد الملك ثنا بقية عن الوليد بن كامل ثنا المهلب بن حجر البهراني عن ضبيعة بنت
المقدام بن معدي كرب عن أبيها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم إلى
عمود أو سارية أو شئ فلا يجعله نصب عينيه وليجعله على حاجبه الأيسر
انتهى قال بن السكن أخرج هذا الحديث أبو داود عن رواية علي بن عياش عن الوليد
بن كامل فغير إسناده ومتنه فإنه عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها وهذا
الذي روى بقية هو عن ضبيعة بنت المقدام بن معدي كرب عن أبيها وذاك فعل وهذا
قول قال بن القطان فمع اختلافهما في المتن بقية يقول ضبيعة بنت المقدام وابن
عياش يقول ضباعة بنت المقداد فالوهن من حيث هو اختلاف على الوليد بن كامل
ومورث للشك فيما كان عنده من ذلك على ضعف الوليد في نفسه والجهل بحال من
فوقه ولما ذكر ابن أبي حاتم المهلب بن حجر ذكره برواية الوليد بن كامل وأنه
يروى عن ضباعة بنت المقداد وأما ضبيعة بنت المقدام فجاء هو بأمر ثالث وذلك
كله دليل على الاضطراب والجهل بحال الرواة انتهى
الحديث الخامس والثمانون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ببطحاء مكة إلى عنزة ولم
يكن للقوم سترة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة والمرأة والحمار يمرون من
95

ورائها
قوله ولم يكن للقوم سترة ليس في الحديث فيحتمل أن يكون من كلام
المصنف وهو الأظهر
الحديث السادس والثمانون قال عليه السلام فادرءوا ما استطعتم قلت
تقدم لأبي داود عن مجالد عن أبي الوداك عن الخدري مرفوعا لا يقطع الصلاة
شئ وادرءوا ما استطعتم وفي حديث بن عمر وفي حديث جابر نحو ذلك
وقد تقدم في حديث لا يقطع الصلاة شئ وأخرج البخاري ومسلم عن
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه
وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان انتهى وأخرج مسلم عن
بن عمر مرفوعا نحوه سواء وقال بن حبان في صحيحه بعد أن رواه
ومعناه أن معه شيطان يأمره بذلك لا أن الرجل شيطان يدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن
خزيمة ثم أسند عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلوا إلا إلى سترة
ولا يدع المصلي أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين انتهى وهذا
رواه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ ورواه البزار في مسنده وزاد يعني
الشيطان انتهى وقد يقال إنه على ظاهره فإن الشيطان اسم لكل متمرد
قال في الصحاح وكل عات متمرد من الإنس والجن والدواب فهو شيطان
انتهى وقال القاضي عياض في الشفاء وقد استمر كلام العرب في وصفهم كل
قبيح من شخص أو غيره بالشيطان قال تعالى كأنه رؤوس الشياطين وقال
عليه السلام فليقاتله فإنما هو شيطان وكلام الصحاح أخص من هذه لأنه خصه
بالحيوان والله أعلم
الحديث السابع والثمانون قال المصنف ويدرأ بالإشارة كما فعل عليه
96

السلام بولدي أم سلمة قلت رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
ثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس هو قاص عمر بن عبد العزيز عن أبيه
عن أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله
أو عمر بن أبي سلمة فقال بيده فرجع فمرت زينب بنت أم سلمة فقال بيده
هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هن أغلب انتهى رواه بن
أبي شيبة في مصنفه هكذا قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكر الحديث من
جهة بن أبي شيبة ومحمد بن قيس هذا أعرف من هو فإن في طبقته جماعة باسمه
وأمه لا تعرف البتة فالحديث من أجلهما لا يعرف انتهى ولم أجد في كتاب بن
ماجة ومصنف بن أبي شيبة إلا محمد بن قيس عن أبيه وكلام بن القطان مبني
على أنه قال عن أمه وقوله ومحمد بن قيس لا أعرف من هو فقد عرفه بن
ماجة بقوله هو قاص عمر بن عبد العزيز وفي تهذيب الكمال أخرج له مسلم
واستشهد به البخاري فلينظر في ذلك كله والله أعلم
فصل
* (* (*
(الحديث الثامن والثمانون قال عليه السلام إن الله كره لكم ثلاثا وذكر
97

منها العبث في الصلاة قلت رواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق
بن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن دينار عن يحيى بن أبي كثير مرسلا
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله كره لكم ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في
الصيام والضحك في المقابر انتهى وذكره شيخنا الحافظ شمس الدين الذهبي في
كتابه الميزان وعده من منكرات إسماعيل بن عياش قال بن طاهر في كلامه
على أحاديث الشهاب هذا حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن دينار
وسعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مقطوع وعبد الله
بن دينار شامي من أهل حمص وليس بالمكي انتهى كلامه
الحديث التاسع والثمانون قال عليه السلام لأبي ذر في تقليب الحصى في
الصلاة مرة يا أبا ذر وإلا فذر قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه أحمد في
مسنده عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شئ حتى سألته عن مسح الحصى
فقال واحدة أو دع انتهى هكذا عزاه صاحب التنقيح على التحقيق ولم
أجده فيه إلا عن حذيفة فقال حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن شيخ يقال له
هلال عن حذيفة فذكر نحوه
سواء ورواه بن أبي شيبة في مصنفه كذلك سواء ولكن حديث أبي ذر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن بن
أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي ذر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شئ إلى آخر اللفظ المتقدم وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا عبد الله بن نمير عن بن أبي ليلى عن عيسى به قال الدارقطني في علله
وحديث أبي ذر رواه بن عيينة عن الأعمش عن مجاهد عن بن أبي ليلى عن أبي ذر
وخالفه بن أبي نجيح فرواه عن مجاهد عن أبي ذر مرسلا وحديث الأعمش أصح
انتهى
98

أحاديث الباب روى الأئمة الستة في كتبهم عن معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلا فواحدة انتهى
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي
الأحوص عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم في الصلاة فلا
يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه انتهى قال الترمذي حديث حسن وفي
الباب عن علي وحذيفة ومعيقيب وجابر انتهى وأبو الأحوص هذا قال بن
عساكر لا يعرف له اسم ولم يرو عنه إلا الزهري انتهى لكن صحح له الحاكم في
المستدرك حديثا في النهي عن الالتفات في الصلاة وسيأتي قريبا بتمامه
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا بن أبي ذئب عن
شرحبيل أبي سعد عن جابر بن عبد الله قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى
فقال واحدة ولان تمسك عنها خير لك من مائة ناقة كلها سود الحدق انتهى
الحديث التسعون قال عليه السلام لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي قلت
أخرجه بن ماجة في سننه عن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا تفرقع
أصابعك وأنت في الصلاة انتهى وهو معلول بالحارث أخرجه في باب ما يكره
في الصلاة
ومن أحاديث الباب ما أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه
والطبراني في معجمه عن بن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه معاذ
بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة
99

واحدة انتهى وأخرجه الطبراني أيضا عن رشدين بن سعد عن زبان بن فائد به
وهو حديث ضعيف فان بن لهيعة وزبان بن فائد ورشيدين بن سعد وسهل بن
معاذ كلهم ضعفاء والدارقطني أورده في حديث القهقهة محتجا به على أن
الضحك في الصلاة لا ينقض الوضوء رضي الله تعالى عنهما
الحديث الحادي والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن الاختصار في الصلاة
قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرا انتهى وفي لفظ نهى عن الاختصار في
الصلاة وزاد بن أبي شيبة في مصنفه قال بن سيرين وهو أن يضع الرجل يده
على خاصرته وهو في الصلاة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهو وهم منه فقد أخرجاه
كما تقدم وفي الاختصار تأويلات أشهرها ما قاله بن سيرين ويؤيده ما أخرجه
أبو داود عن زياد بن صبيح الحنفي قال صليت إلى جنب بن عمر وضعت يدي
على خاصرتي فلما صلى قال هذا الصلب في الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى
عنه انتهى وفي البخاري وعن عائشة أنها كانت تكره أن يجعل الرجل يده في
خاصرته وتقول إن اليهود تفعله انتهى ذكره في آخر ذكر الأنبياء
وقيل أن يصلي الرجل متكئا على عصا وقيل أن لا يتم الركوع والسجود وقيل
أن يختصر الآيات التي فيها السجدة والله أعلم
الحديث الثاني والتسعون قال عليه السلام لو علم المصلي من يناجي ما
التفت قلت غريب وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد
الرازي ثنا علي بن معبد بن نوح ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا نافع بن ثابت بن عبد الله
100

بن الزبير عن يزيد بن رومان عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إياكم والالتفات في الصلاة فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في الصلاة انتهى
وروى البيهقي في شعب الايمان في الباب الحادي والعشرين منه عن كعب قال
ما من مؤمن يقوم مصليا إلا وكل به ملك ينادي يا بن آدم لو تعلم ما في صلاتك
ومن تناجي ما التفت انتهى وروى بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث
عباد بن كثير الرملي عن حوشب عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المصلي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه وملك ينادي
لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل انتهى قال وعباد بن كثير هذا روى
عن الثوري وعنه يحيى بن يحيى كان بن معين يوثقه وهو عندي لا شئ في
الحديث وليس هذا بعباد بن كثير الثقفي ساكن مكة ومن الناس من جعلهما
واحدا وفيه نظر فإن الثقفي مات قبل الثوري وأبى الثوري أن يشهد جنازته ويحيى
بن يحيى كان طفلا صغيرا انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عائشة قالت
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه
الشيطان من صلاة العبد انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي الأحوص عن أبي ذر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا
التفت انصرف عنه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
الاسناد ولم يخرجاه قال المنذري في حواشيه وأبو الأحوص هذا لا
يعرف اسمه وهو مولى بني ليث وقيل مولى بني غفار لم يرو عنه غير الزهري
101

قال يحيى بن معين ليس بشئ وقال الكرابيسي ليس بالمتين عندهم قال النووي
في الخلاصة هو فيه جهالة لكن الحديث لم يضعفه أبو داود فهو حسن عنده
انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن أنس قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك
والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لابد ففي التطوع لا في
الفريضة انتهى وقال حديث حسن صحيح انتهى
الحديث الثالث والتسعون روي أنه عليه السلام كان يلاحظ في صلاته
بمؤق عينيه قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الترمذي والنسائي عن الفضل بن
موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن ثور بن زيد عن عكرمة عن بن عباس
قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في الصلاة يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره
انتهى قال الترمذي حديث غريب ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الأول من القسم الرابع مرفوعا والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
البخاري ولم يخرجه وقال الترمذي في جامعه وقد خالف وكيع الفضل بن
موسى في روايته ثم أخرجه عن وكيع عن عبد الله بن سعيد به مرسلا وقال في
علله الكبير ولا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مسندا مثل ما
رواه الفضل بن موسى انتهى ورواه أيضا الدارقطني في سننه وقال تفرد
به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد به متصلا وغيره يرسله ثم أخرجه عن
وكيع ثنا عبد الله بن سعيد به فذكره مرسلا وقال بن القطان في كتابه هذا
حديث صحيح وإن كان غريبا لا يعرف إلا من هذه الطريق فإن عبد الله بن سعيد
وثور بن زيد ثقتان وعكرمة احتج به البخاري فالحديث صحيح والله أعلم انتهى
كلامه
وله طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن مندل بن علي العنزي عن الشيباني
102

عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى يلاحظ أصحابه في الصلاة يمينا
وشمالا ولا يلتفت انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بمندل وضعفه
عن النسائي والسعدي وابن معين ولينه هو وقال إنه ممن يكتب حديثه
انتهى ولو قال المصنف كان يلاحظ أصحابه بمؤخر عينيه لكان أقرب إلى الحديث
وإلى مقصوده أيضا إذ لا يمكن الملاحظة بمؤق العين إلا ومعها شئ من الالتفات
وفي الحديث عن علي بن شيبان رضي الله عنه قال خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعناه وصلينا خلفه فلمح بمؤخر عينيه رجلا لم يقم صلبه في الركوع والسجود
فقال إنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه انتهى
رواه بن ماجة في سننه وابن حبان في صحيحه وسند بن ماجة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن
علي بن شيبان عن أبيه فذكره
قوله ولا يرد السلام بلسانه ولا بيده لأنه كلام معنى حتى لو صافح بنية
التسليم تبطل صلاته قلت أجاز الباقون رد السلام بالإشارة ولنا حديث جيد
أخرجه أبو داود في سننه عن بن إسحاق عن يعقوب عن عتبة عن أبي غطفان عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أشار في الصلاة إشارة تفهم أو تفقه فقد قطع الصلاة
انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بابن إسحاق وأبو غطفان مجهول
وتعقبه صاحب التنقيح فقال أبو غطفان هو بن ظريف ويقال بن مالك
المري قال عباس الدوري سمعت يحيى بن معين يقول فيه ثقة وقال النسائي في
الكنى أبو عطفان ثقة قيل اسمه سعد وذكره بن حبان في الثقات وأخرج له
مسلم في صحيحه وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ سئل أحمد عن حديث من
أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة فقال لا يثبت إسناده ليس بشئ
وقال البيهقي قال الدارقطني قال لنا بن أبي داود أبو عطفان مجهول انتهى
أحاديث الخصوم أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن بكير بن عبد الله بن
الأشج عن نابل صاحب العبا عن عبد الله بن عمر عن صهيب قال مررت
برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد على إشارة وقال لا أعلم إلا أنه
103

قال إشارة بإصبعه انتهى وصححه الترمذي
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن هشام بن سعد عن نافع عن بن
عمر قال قلت لبلال كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه في
الصلاة قال كان يشير بيده انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
حديث آخر أخرجه بن خزيمة ثم بن حبان في صحيحيهما والدارقطني
في سننه عن عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في
الصلاة انتهى ورواه أبو داود في سننه قال النووي إسناده على شرط
مسلم قال بن حبان اختصر عبد الرزاق من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضعف قدم أبا
بكر يصلي بالناس وأدخله في باب من كان يشير بإصبعه في الصلاة وأوههم أن
النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد وليس كذلك وقال غير بن حبان إنما كانت
إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر قبل دخوله في الصلاة فلا حجة فيه وقد يجاب عن هذه
الأحاديث بأنه كان قبل نسخ الكلام في الصلاة يؤيده حديث بن مسعود كنا نسلم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي
سلمنا عليه فلم يرد علينا ولم يقل فأشار إلينا وكذا حديث جابر أنه لم يمنعني
أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي فلو كان الرد بالإشارة جائزا لفعله وأجيب عن
هذا بأن أحاديث الإشارة لو لم تكن بعد نسخة لرد باللفظ إذ الرد باللفظ واجب إلا
لمانع كالصلاة فلما رد بالإشارة علم أنه ممنوع من الكلام قالوا وأما حديث بن
مسعود وجابر فالمراد بنفي الرد فيه بالكلام بدليل لفظ بن حبان في حديث
بن مسعود وقد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة والله أعلم
الحديث الرابع والتسعون روى عن أبي ذر أنه قال نهاني خليلي عن ثلاث
104

عن نقر الديك وأن أقعي إقعاء الكلب وأن أفترش
افتراش الثعلب وفي بعض النسخ افتراش السبع قلت غريب من حديث أبي ذر وأخرجه أحمد في مسنده عن
أبي هريرة قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء
كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب انتهى والمصنف احتج به على
حكمين أحدهما كراهية الاقعاء والآخر كراهة الافتراش وليس في حديث
أحمد ذكر الافتراش لكنه في حديث عائشة في الصحيح وفيه وكان ينهى
عن عقبة الشيطان وأن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وفي النهي عن الاقعاء
أحاديث
منها عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي لا تقع إقعاء
الكلب انتهى أخرجه الترمذي وابن ماجة
ومنها عن العلاء عن أنس قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفعت رأسك من
السجود فلا تقع كما يقعي الكلب ضع أليتيك بين قدميك والزق ظهر قدميك
بالأرض انتهى أخرجه بن ماجة
ومنها عن الحسن عن سمرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاقعاء في الصلاة
انتهى رواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط البخاري
ولم يخرجاه وقد تقدم في أول الكتاب تصحيح الحاكم لسماع الحسن من
سمرة وروى البيهقي فيه أحاديث ضعيفة قال النووي في الخلاصة قال الحافظ
105

ليس في النهي عن الاقعاء حديث صحيح إلا حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير إلى أن قال وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن
يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وكان يختم الصلاة بالتسليم أخرجه مسلم
ولكن اخرج مسلم عن طاوس قال قلت لابن عباس في الاقعاء على القدمين قال
هي السنة فقلنا له إنا نراه جفاء بالرجل فقال بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم انتهى
وروى البيهقي عن بن عمر وابن الزبير وابن عباس انهم كانوا يقعون
والجواب عن ذلك أن الاقعاء على ضربين أحدهما مستحب والآخر منهى عنه فالمنهي عنه
أن يضع التنبيه ويديه على الأرض وينصب ساقيه والمستحب أن يضع أليتيه على
عقبيه وركبتاه في الأرض فهذا الذي رواه بن عباس وفعلته العبادلة نص الشافعي
على استحبابه بين السجدتين وقد بسطناه في شرح المهذب وهو من
المهمات وقد غلط فيه جماعة لتوهمهم أن الاقعاء نوع واحد وأن الأحاديث فيه
متعارضة حتى ادعى بعضهم أن حديث بن عباس منسوخ وهذا غلط فاحش فإنه
لم يتعذر الجمع ولا تاريخ فكيف يصح النسخ انتهى
الحديث الخامس والتسعون روى أنه عليه السلام نهى ان يصلي الرجل ورأسه
معقوص قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن شعبة عن مخول بن راشد سمعت
أبا سعيد يقول رأيت أبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى الحسن بن علي
وهو يصلي وقد عقص شعره فأطلقه وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل
وهو عاقص شعره انتهى ورواه أبو داود والترمذي واللفظ لأبي داود عن
عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه انه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مر بحسن بن علي وهو يصلي قائما وقد غرز ضفره في قفاه فحلها أبو رافع
فالتفت حسن إليه مغضبا فقال له أبو رافع أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذاك كفل الشيطان انتهى ولفظ الترمذي كذلك
106

إلا أنه قال فيه عن أبي رافع لم يقل إنه رأى أبا رافع وقال حديث حسن
انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن مخول بن راشد
عن رجل عن أبي رافع قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص
انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا
سفيان عن مخول بن راشد عن سعيد المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص انتهى ورواه إسحاق بن راهويه
في مسنده أخبرنا المؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان به سندا ومتنا وزاد قال إسحاق
قلت للمؤمل بن إسماعيل أفيه أم سلمة فقال بلا شك هكذا كتبته منه إملاء بمكة
انتهى وبهذا السند رواه الدارقطني في كتاب العلل قال ووهم المؤمل في ذكر
أم سلمة وغيره لا يذكرها ورواه عمران بن موسى عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي
رافع وهو أصحهما إسنادا وقال في موضع آخر من العلل هذا حديث يرويه أبو
حذيفة ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن المقبري عن أبي رافع عن أم
سلمة وغيرهما يرويه عن الثوري عن مخول ولا يذكر أم سلمة وهكذا رواه شعبة
وشريك عن مخول وهو الصواب انتهى
وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن
إسماعيل عن الثوري عن مخول عن سعيد المقبري عن أم سلمة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص فقال أبي أخطأ مؤمل إما روى عن مخول
عن أبي سعيد عن أبي رافع الحديث عن أبي رافع انتهى
وقال عبد الحق في أحكامه قال الطحاوي في كتابه مشكل الآثار يبعد
أن يكون أبو سعيد المقبري شاهد من أبي رافع قصة الحسن هذه فان وفاة أبي سعيد
كانت سنة خمس وعشرين ومائة وكانت وفاة علي قبل ذلك بخمس
وثمانين سنة ووفاة أبي رافع قبل ذلك وعلي كان وصى أبي رافع قال عبد الحق
وهذا الذي استبعده الطحاوي ليس ببعيد فان المقبري سمع عمر بن الخطاب على ما
107

ذكر البخاري في تاريخه وقال أبو عمر بن عبد البر توفى أبو رافع في خلافة
عثمان وقيل في خلافة على وهو أصح انتهى كلامه
قال بن القطان في كتابه وهذا الذي قاله يحتاج إلى زيادة وذلك إذا سلمنا
أن أبا سعيد توفي سنة خمس وعشرين ومائة وأن بين وفاته ووفاة علي خمسا وثمانين
سنة لان عليا مات سنة أربعين فينبغي أن يضيف إلى ذلك أيامه وهي أربع سنين
وتسعة أشهر وأيام عثمان وهي ثنتان عشرة سنة فهذه سبع عشرة سنة غير ربع
فجاء الجميع مائة سنة وسنتين فليفرض أنه سمع من عمر في آخر حياته فلا أقل أن
يكون سن من يضبط كثمان سنين أو نحوها فهذه مائة سنة وعشر فيحتاج سن
أبي سعيد أن يكون هذا القدر وإلا فلا يصح سماعه عن أبي رافع وهذا شئ لا يعرف
له ولا ذكر به قال فالأولى في ذلك أن يقال إن وفاة أبي سعيد المقبري لم تكن
سنة خمس وعشرين ومائة فإني لا أعرف أحدا قال ذلك إلا الطحاوي وإنما
المعروف في وفاته إما سنة مائة كما حكاه الطبري في كتابه ذيل المذيل وقاله
أبو عيسى الترمذي وإما في خلافة الوليد بن عبد الملك كما قاله الواقدي وغيره
وكانت وفاة الوليد سنة ست وتسعين وإما في خلافة عبد الملك وهو قول أبي حاتم
الرازي فلينزل على أبعد هذه الأقوال وهو قول من قال سنة مائة حتى يكون بين
وفاته ووقت حياة أبي رافع ستون سنة أو أكثر بقليل وهذا لا بعد فيه ولا يحتاج معه
إلى تقدير سماعه من عمر فإنه وإن حكاه البخاري مشكوك فيه ولم يحكم بإسناده
والذي قاله غير البخاري إنه روى عن عمر وهذا لا ينكر فإنه قد يرسل عنه قال
ويؤيد ما قلناه إن المقبري لا يبعد سماعه من أبي رافع أن أبا داود روى الحديث
المذكور وقال فيه عن أبي سعيد انه رأى أبا رافع مر بالحسن ففي هذا اللفظ أنه
رأى هذا الفعل من أبي رافع وشاهده ولكن في إسناده عمران بن موسى ولا أعرف
حاله ولا أعرف روى عنه غير بن جريج انتهى كلامه قلت قد رواه بن ماجة
أيضا وفيه رأيت أبا رافع وقد تقدم ومخول بن راشد ثقة أخرجا له في
الصحيحين وأخرج له الباقون
أحاديث الباب أخرج الأئمة الستة في كتبهم عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن اسجد على سبعة وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا
108

انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن مسلم عن كريب أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله
بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فقام وراءه فجعل يحله فلما
انصرف أقبل علي بن عباس فقال مالك ولرأسي قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق أخبرنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن
الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعقص شعرك في الصلاة فإنه كغل
الشيطان انتهى
الحديث السادس والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن السدل في الصلاة
قلت أخرجه أبو داود في سننه عن سلمان الأحول عن عطاء بن أبي رباح عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة زاد أبو داود وأن يغطى الرجل
فاه انتهى ورواه بالزيادة بن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا فيه تغطية
109

الرجل فاه انتهى وأخرجه الترمذي بدون الزيادة عن عسل بن سفيان عن عطاء
عن أبي هريرة مرفوعا وقال لا نعرفه مرفوعا من حديث عطاء عن أبي هريرة إلا من
حديث عسل بن سفيان انتهى قلت قد تابعه سليمان الأحول كما تقدم لأبي
داود وتابعه أيضا عامر الأحول كما أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أبي
بحر البكراوي واسمه عبد الرحمن بن عثمان ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر
الأحول عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا فذكره ورجاله كلهم ثقات إلا البكراوي
فإنه ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما وكان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه
وروى عنه قال بن عدي وهو ممن يكتب حديثه وسند أبي داود فيه الحسن بن
ذكوان المعلم ضعفه بن معين وأبو حاتم وقال النسائي ليس بالقوي لكن
أخرج له البخاري في الصحيح وذكره بن حبان في الثقات وقال بن عدي
أرجو أنه لا باس به وسند الترمذي فيه عسل بن سفيان بكسر العين وسكون
السين المهملتين هو بن سفيان التميمي اليربوعي البصري كنيته أبو قرة
ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما وعند الطبراني في معجمه عن أبي مالك
النخعي عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل سدل ثوبه في
الصلاة فضمه وفي رواية فقطعه وفي رواية فعطفه انتهى
قوله روى أن بن عمر ربما كان ستر في بعض أسفاره بنافع قلت رواه بن
أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن هشام بن الغاز عن نافع قال كان بن عمر
إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال لي ولني ظهرك انتهى
110

وروى أيضا حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبد الله عن نافع ان بن عمر كان يقعد
رجلا ويصلي خلفه والناس يمرون بين يدي ذلك الرجل انتهى واما ما روى من
النهي خلف النائم والمتحدث فأخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث انتهى في سند أبي داود رجل
مجهول وفي سند بن ماجة أبو المقدام هشام بن زياد البصري لا يحتج بحديثه وقال
الخطابي هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبسط القول فيه وقد صح انه عليه
السلام صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة انتهى ورواه البزار في
مسنده حدثنا محمود بن بكر ثنا أبي عن عيسى بن المختار عن بن أبي ليلى عن
عبد الكريم عن مجاهد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نهيت أن أصلي إلى النيام
والمتحدثين وقال لا نعلمه يروي إلا عن بن عباس انتهى وروى أيضا حدثنا
أحمد بن يحيى الكوفي ثنا إسماعيل بن صبيح ثنا إسرائيل عن عبد الأعلى الثعلبي عن
محمد بن الحنفية عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي إلى رجل فأمره ان يعيد
الصلاة قال يا رسول الله إني صليت وأنت تنظر إلي انتهى قال هذا حديث
لا نحفظه إلا بهذا الاسناد وكأنه هذا المصلي كان مستقبل الرجل فوجهه فلم يتنح
عن حياله انتهى كلامه
الحديث السابع والتسعون حديث جبرائيل إنا لا ندخل بيتا في كلب ولا
111

صورة قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث ميمونة ومن حديث عائشة
فحديث بن عمر أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق في
باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له
ما تقدم من ذنبه عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله عن عم أبيه سالم بن عبد الله
عن أبيه قال واعد النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل فراث عليه أي أبطأ حتى شق ذلك على
النبي صلى الله عليه وسلم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة
انتهى
وأما حديث ميمونة فأخرجه مسلم في اللباس عن بن عباس قال أخبرتني
ميمونة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما فقالت له ميمونة قد استنكرت هيئتك
منذ اليوم قال إن جبرائيل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني ثم وقع في نفسه
جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه
فلما لقيه جبرائيل قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم
فأمر بقتل الكلاب حتى أنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير ويترك كلب الحائط
الكبير انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها
قالت واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم
يأته وفي يده عصا فألقاها من يده وقال ما يخلف الله وعده ولا رسله ثم التفت
فإذا جرو كلب تحت سريره فقال ما هذا يا عائشة متى دخل هذا الكلب ههنا
فقالت والله ما دريت فأمر به فأخرج فجاء جبرائيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
واعدتني فجلست لك فلم تأت فقال منعني الكلب الذي كان في بيتك إنا لا
ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة انتهى
أحاديث الباب أخرج الأئمة الستة في كتبهم عن أبي طلحة الأنصاري
واسمه زيد بن سهيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الملائكة بيتا فيه كل ولا
112

صورة انتهى لمسلم ولبعضهم فيه قصة وزاد فيه البخاري يريد صورة التماثيل
التي فيها الأرواح ذكره في المغازي في باب شهود الملائكة بدرا ولمسلم عن
أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا لا يدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده
وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب انتهى لم يذكر بن ماجة
فيه الجنب وعبد الله بن نجي فيه مقال وزاد أحمد فيه ولا صورة روح
ولشيخنا علاء الدين ههنا وهمان قلد فيهما غيره أحدهما أنه لم يعز الحديث إلا
لأبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة وقد قدمنا أنه في الصحيحين
والثاني أن حديث أبي هريرة عند أبي داود والترمذي ليس فيه ذكر الملائكة وهذا
لفظهما عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبرائيل فقال لي
أتيتك البارحة فلم يمنعني أن ادخل إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال
وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال
فليقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع وليجعل فيه وسادتين منتبذتين
توطآن ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الكلب للحسن أو
للحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج انتهى رواه أبو داود في
اللباس والترمذي في الاستئذان والنسائي في الزينة ورواه بن حبان في
صحيحه وهذا ليس فيه ذكر الملائكة وإنما هو مخصوص بجبرئيل في واقعه
مخصوصة فليس هذا حديث الكتاب لا لفظا ولا معنى ويا ليته ذكره من حديث
أبي طلحة
واعلم أن المصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على شئ وهو غير مطابق
لمقصوده فإنه قال ويكره ان يكون فوق رأسه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير أو كلب
أو صورة معلقة يعني في الصلاة لحديث جبرائيل عليه السلام إنا لا ندخل بيتا فيه
113

كلب أو صورة ثم قال ولو صلى على بساط فيه تصاوير فلا بأس لان فيه
استهانة بالصورة فالحديث عام بالنسبة إلى كل صورة وكلام المصنف خاص
بالصورة المعلقة وقد يستدل له بحديث أخرجه النسائي عن أبي هريرة قال
استأذن جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادخل فقال كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه
تصاوير أما ان تقطع رؤوسها أو يجعل بساطا يوطأ فإنا معشر الملائكة لا ندخل
بيتا فيه تصاوير انتهى ورواه بن حبان في صحيحه ولفظه فإن كنت
لا بد فاعلا فاقطع رؤوسها أو اقطعها وسائد أو اجعلها بسطا انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المظالم عن عائشة
انها اتخذت على سهوة لها ستر فيه تماثيل فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاتخذت منه
نمرقتين فكانتا في البيت تجلس عليهما زاد أحمد في مسنده فلقد رايته متكئا
على إحداهما وفيها صورة
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سليمان بن أرقم عن
محمد بن سيرين عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم في التماثيل أنه رخص
فيما كان يوطأ وكره ما كان منصوبا انتهى وقال لم يروه عن بن سيرين إلا
سليمان بن أرقم انتهى
الحديث الثامن والتسعون قال عليه السلام اقتلوا الأسودين ولو كنتم في
114

الصلاة قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن ضمضم بن جرس عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب
انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه في
النوع السبعين من القسم الأول وفي النوع الستين من القسم الرابع وأحمد
في مسنده والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح ولم يخرجاه
وضمضم بن جرس من ثقات أهل اليمامة سمع جماعة من الصحابة وقد وثقه أحمد
بن حنبل انتهى كلامه
أحاديث الباب أخرج مسلم في صحيحه عن زيد بن جبير قال سأل رجل
بن عمر ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم فقال حدثتني إحدى نسوة
النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب الحدأة والغراب
والحية قال وفي الصلاة أيضا انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن هشام بن زياد أبي المقدام
مولى عثمان بن عفان ثنا محمد بن كعب القرظي عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن لكل شئ شرفا وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة واقتلوا الحية
والعقرب وان كنتم في صلاتكم مختصر وسكت عنه وسيأتي بتمامه في
الحج وهو معلوم بهشام
حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن سليمان بن موسى عن رجل من
بني عدي بن كعب انهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا فقالوا ما شأنك
يا رسول الله قال لسعتني عقرب ثم قال إذا وجد أحدكم عقربا وهو يصلي
115

فليقتلها بنعله اليسرى انتهى قال أبو داود سليمان بن موسى لم يدرك
العدوي انتهى وهو منقطع وأورد الإمام أبو محمد عبد الحق في أحكامه لهذه
المسألة حديث مسلم ومرسل أبي داود ولم يورد الشيخ تقي الدين في كتاب
الامام لهذه المسألة إلا حديث السنن فقط والله أعلم واستدل الشيخ في الامام
على أن المشي اليسير لا يبطل الصلاة بحديث بن عباس في صلاة الليل فأدارني عن
يمينه أخرجه البخاري ومسلم واستدل عن أن النفخ في الصلاة لا يبطل
بحديث أخرجه أبو داود عن حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن
عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ثم نفخ في آخر
سجوده أف أف الحديث وعلقه البخاري في صحيحه فقال باب ما
يجوز من النفخ في الصلاة ويذكر عن عبد الله بن عمرو قال نفخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجوده في كسوف انتهى وفي منعه حديثان أخرجهما البيهقي
أحدهما عن هشام بن عبد الله ثنا عنبسة بن الأزهر عن سلمة بن كهيل عن كريب عن
أم سلمة قالت مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على غلام لنا يقال له رياح فرآه سجد فنفخ
فقال له عليه السلام يا رياح لا تنفخ فإنه من نفخ فقد تكلم والثاني عن نوح بن
أبي مريم عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا نحوه من ألها شئ في الصلاة فذاك
حظه والنفخ كلام قال البيهقي الأول ضعيف والثاني أضعف منه
واستدل على أن الافعال المفرقة لا تبطل الصلاة بحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا
قام حملها رواه البخاري
116

أحاديث الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الحديث أخرج البخاري ومسلم
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة
فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه زاد البخاري وكان بن عمر يوضع
له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ منه وأنه ليسمع قراءة الإمام انتهى
وأخرجا عن عائشة نحوه وأخرجا عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضر
العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء انتهى وفي لفظ إذا قدم العشاء
فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم انتهى وأخرج
مسلم عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بحضرة طعام
ولا وهو يدافعه الأخبثان انتهى وأخرج أصحاب السنن الأربعة عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عبد الله بن أرقم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد أحدكم
أن يذهب إلى الخلاء وأقيمت الصلاة فليبدأ بالخلاء انتهى قال الترمذي
حديث حسن صحيح وأخرجوا إلا النسائي عن حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح
الحضرمي عن أبي حي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يحل لاحد أن
يفعلهن لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم ولا
ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل فقد دخل ولا يصلي وهو حقن حتى
يتخفف انتهى قال الترمذي حديث حسن انتهى وأخرج أبو داود عن أبي
هريرة مرفوعا لا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى
يتخفف انتهى وفيه رجل فيه جهالة ولم يضعفه أبو داود
فصل
*
(الحديث التاسع والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن استقبال القبلة بالفرج
117

في الخلاء قلت أخرجه الأئمة الستة في الطهارة عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب
الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا ولا
تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا
حديث آخر أخرجه الجماعة إلا البخاري عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان
الفارسي قيل له علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال أجل لقد نهانا أن
نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة
أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة واللفظ لمسلم
عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل
القبلة ولا يستدبرها انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل
الأسدي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط انتهى قال
أبو داود أبو زيد مولى لبني ثعلبة انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في
سننه قال شيخنا الذهبي في مختصر سنن البيهقي وأبو زيد هذا لا يدرى من
هو انتهى وهذا حديث لم يذكر فيه الاستدبار
118

ومثله حديث آخر أخرجه بن ماجة عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه
سمع عبد الله بن الحارث بن جد الزبيدي يقول أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول
لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك انتهى
وروى مالك في الموطأ عن نافع عن رجل من الأنصار عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يستقبل القبلة ببول أو غائط فيه رجل مجهول فهو كالمنقطع
والله أعلم قال الشيخ في الامام وقد اختلف العلماء هل النهي لأجل القبلة أو
لأجل الملائكة قال وتعلق الأولون بما أخرجه أبو جعفر الطبري في تهذيب الآثار
عن سماك بن الفضل عن بن رشدين الجندي عن سراقة بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله عز وجل فلا يستقبل القبلة
وأخرج أيضا عن عمرو بن جميع عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس ببول قبالة القبلة فذكر فتحرف عنها إجلالا لها لم
يقم من مجلسه حتى يغفر له وأخرج الدارقطني عن زمعة بن صالح عن سملة بن
وهرام عن طاوس مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم البراز فليكرم
قبلة الله عز وجل ولا يستقبلها ولا يستدبرها قال عبد الحق في أحكامه
وقد أسند هذا عن بن عباس ولا يصح أسنده أحمد بن الحسن المصري وهو
متروك قال بن القطان في كتابه والمرسل أيضا ضعيف فإنه دائر على زمعة بن
صالح وقد ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم
فائدة قال الشيخ في الامام ذكر بن حزم في كتابه أنه يحرم استقبال
القبلة بالاستنجاء واستدل عليه بحديث سلمان بعد ما أخرجه من جهة مسلم بسنده
عن سلمان قال قال لنا المشركون علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال
سلمان أجل لقد نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو مستقبل القبلة الحديث كذا
رأيته في كتابه مستقبل بالميم وبها تتم الحجة وليست هذه اللفظة في مسلم
119

مما تتبعته من نسخة انتهى قال الشيخ وتعلق الآخرون بما أخرجه البيهقي عن
عيسى الحناط قال قلت للشعبي إني أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر
قال نافع عن بن عمر دخلت بيت حفصة فجاءت التفاتة فرأيت كنيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وقال أبو هريرة إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا
يستدبرها قال الشعبي صدقا جميعا أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء إن لله
عبادا ملائكة وجنا يصلون فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم
وأما كنفهم هذه فإنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها قال البيهقي وعيسى هذا هو
بن ميسرة وهو ضعيف قال الشيخ وعيسى هذا يقال فيه الحناط بحاء مهملة
ونون ويقال فيه الخباط بخاء معجمة وموحدة ويقال فيه الخياط بخاء
معجمة وياء آخر الحروف وحديث عيسى هذا اختصره بن ماجة ليس فيه ما
قصدناه
أحاديث الرخصة أخرج الجماعة عن واسع بن حبان عن بن عمر أنه كان
يقول إن ناسا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس
قال عبد الله فلقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين
مستقبل بيت المقدس لحاجته وهو في لفظ الترمذي مستقبل الشام مستدبر
الكعبة
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن
أبان بن صالح عن مجاهد بن جبير عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يستقبل القبلة فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها انتهى وأخرجه بن حبان في
صحيحه في القسم الثاني والحاكم في المستدرك والدارقطني ثم البيهقي
120

في سننهما وعندهم الأربعة حدثني أبان بن صالح فزالت تهمة التدليس
ولفظهم فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن نستقبل القبلة أو نستدبرها بفروجنا إذا
أهرقنا الماء ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة انتهى وأبان بن صالح وثقه
المزكون يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وقال الترمذي في العلل الكبير
سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حديث صحيح انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن
أبي الصلت عن عراك عن عائشة قالت ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا
بفروجهم القبلة فقال أراهم قد فعلوها استقبل بمقعدتي القبلة قال في
الإمام قال الأثرم قال أحمد بن حنبل أحسن ما في الرخصة حديث عائشة وإن
كان مرسلا فإن مخرجه حسن قلت له فإن عراكا يرويه مرة ويقول سمعت
عائشة فأنكره وقال من أين سمع عراك عائشة بما يروي عن عروة عنها وحكى
بن أبي حاتم في المراسيل عن أحمد قال رواه غير واحد عن خالد الحذاء ليس
فيه سمعت وهكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة ليس فيه سمعت قال
الشيخ وقد ذكر عن موسى بن هارون مثل ما حكى عن أحمد في هذا ولعراك
أحاديث عديدة عن عروة عن عائشة قال ولكن لقائل أن يقول إذا كان الراوي عنه
قوله سمعت ثقة فهو مقدم لاحتمال أنه لقي الشيخ بعد ذلك فحدثه إذا كان
ممن يمكن لقاءه وقد ذكروا سماع عراك من أبي هريرة ولم ينكروه وأبو هريرة توفي
هو وعائشة في سنة واحدة فلا يبعد سماعه من عائشة مع كونهما في بلدة واحدة
ولعل هذا هو الذي أوجب لمسلم أن أخرج في صحيحه حديث عراك عن عائشة
من رواية يزيد بن أبي زياد مولى بن عباس عن عراك عن عائشة جاءتني مسكينة
تحمل ابنتين لها الحديث وبعد هذا كله فقد وقعت لنا رواية صريحة بسماعه من
غير جهة حماد بن سملة التي أنكرها أحمد أخرجها الدارقطني عن علي بن عاصم عن
خالد الحذاء وفيه فقال عراك حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه قول
الناس أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ
121

والمنسوخ اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال فصنف كرهوه مطلقا
منهم مجاهد والنخعي وأبو حنيفة وأخذوا بحديث أبي أيوب وحديث أبي
هريرة وقد تقدما وصنف رخصوه مطلقا وهم فرقتان فرقة طرحوا
الأحاديث لتعارضها ورجعوا إلى الأصل في الأشياء وهي الإباحة ومنهم من أدعى
النسخ بحديث بن عمر وجابر وقد تقدما وبحديث عراك أيضا والصنف الثالث
فصلوا فكرهوه في الصحارى دون البنيان ومنهم الشعبي وأحمد والشافعي
واحتجوا بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن الحسن بن ذكوان عن مروان
الأصفر قال رأيت بن عمر أناخ راحلته وجلس يبول إليها فقلت أبا عبد الرحمن
أليس قد نهى عن هذا قال بلى إنما نهى عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك
وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس انتهى وهذا رواه بن خزيمة في صحيحه
والحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري وفي نسخة على شرط
البخاري وفى نسخة على شرط مسلم والحسن بن ذكوان وإن كان أخرج له
البخاري فقد تكلم فيه غير واحد فكذلك قال الحازمي هو حديث حسن
انتهى
باب صلاة الوتر
الحديث الموفي للمائة حديث إن الله تعالى زادكم صلاة الا وهي الوتر
فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر قلت روى من حديث خارجة بن حذافة
122

ومن حديث عمرو بن العاص وعقبة بن عامر ومن حديث بن عباس ومن حديث
أبي بصرة الغفاري ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن حديث بن
عمر ومن حديث أبي سعيد الخدري
أما حديث خارجة فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن
إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد عن عبد الله بن أبي مرة عن
خارجة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله أمدكم بصلاة هي لكم
خير من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفحر
انتهى قال الترمذي حديث غريب وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال
حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه لتفرد التابعي عن الصحابي انتهى ورواه
أحمد في مسنده والدارقطني في سننه والطبراني في معجمه ورواه بن
عدي في الكامل ونقل عن البخاري أنه قال لا يعرف سماع بعض هؤلاء من بعض
انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بابن إسحاق وبعبد الله بن راشد ونقل
عن الدارقطني أنه ضعفه قال صاحب التنقيح أما تضعيفه بابن إسحاق فليس
بشئ فقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به وأما نقله عن الدارقطني أنه
ضعف عبد الله بن راشد فغلط لان الدارقطني إنما ضعف عبد الله بن راشد البصري
مولى عثمان بن عفان الراوي عن أبي سعيد الخدري وأما هذا راوي حديث خارجة
فهو الزوفي أبو الضحاك المصري ذكره بن حبان في كتاب الثقات انتهى قلت
هكذا رواه النسائي في كتاب الكنى أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعيد عن يزيد
بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي أبي الضحاك عن عبد الله بن أبي مرة به
واما حديث عمرو بن العاص وعقبة فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده
123

أخبرنا سويد بن عبد العزيز ثنا قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل عن يزيد بن أبي حبيب
عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل زادكم صلاة هي لكم خير من حمر النعم الوتر
وهي لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر انتهى ومن طريق بن راهويه
رواه الطبراني في معجمه
وأما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه
عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن بن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم مستبشرا فقال
إن الله تعالى قد زادكم صلاة وهي الوتر انتهى قال الدارقطني والنضر أبو عمر
الخزاز ضعيف انتهى
وأما حديث أبي بصرة فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من
طريق بن لهيعة حدثني عبد الله بن هبيرة أن أبا تميم الجيشاني عبد الله بن مالك أخبره أنه
سمع عمرو بن العاص يقول سمعت أبا بصرة الغفاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى
صلاة الصبح انتهى وسكت عنه وأعله الذهبي في مختصره بابن لهيعة
وله طريق آخر عند الطبراني في معجمه وأحمد في مسنده عن بن المبارك ثنا
سعيد بن يزيد عن بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني به وطريق آخر عند الطبراني عن
الليث بن سعد عن جبير بن نعيم عن بن هبيرة به
وأما حديث عمرو بن شعيب فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن
عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
124

فاجتمعنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله قد زادكم صلاة فأمرنا بالوتر
انتهى ثم قال والعرزمي ضعيف ونقل بن الجوزي عن النسائي وأحمد
والفلاس أنه متروك الحديث ورواه أحمد في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن
عمرو بن شعيب والحجاج غير ثقة رضي الله تعالى عنهم
وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن حميد بن أبي
الجون الإسكندراني ثنا عبد الله بن وهب عن مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر قال
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم محمرا وجهه يجر رداءه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر
انتهى قال الدارقطني وحميد بن أبي الجون ضعيف
وأما حديث الخدري فرواه الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا عبدان
بن أحمد ثنا العباس بن الوليد الحلال الدمشقي ثنا مروان بن محمد ثنا معاوية بن سلام
عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر انتهى قال البزار في مسنده وقد
روى في هذا المعنى أحاديث كلها معلولة فمنها ما رواه النضر بن عبد الرحمن عن
عكرمة عن بن عباس فذكره قال والنضر لين وقد حدث عن عكرمة بأحاديث لم
يتابع عليها فأمسك أهل العلم عن الاحتجاج بحديثه في الاحكام واحتملوه في
غيرها ورواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن مرة الزوفي عن
خارجة بن حذافة وعبد الله بن مرة الزوفي لا يعلم حدث بغير هذا ولا روى عنه
غير يزيد والمجهول لا يقوم به حجة وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه
كلام فقال بعضهم إنها صحيفة كانت عند عبد الله بن عمرو وقال بعضهم إن
حديثه لا يثبت لان عمرو بن شعيب إنما هو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن
عمرو وقد قال بعض أهل العلم حديثه عن غير أبيه يقبل وعن أبيه صحيفة وكل ما
125

كان من الاخبار في حكم لا يثبت العلم به حتى يتفق على صحة إسناده انتهى
وقال صاحب تنقيح التحقيق في أحاديث إن الله تعالى زادكم صلاة لا يلزم أن
يكون المزاد من جنس المزاد فيه يدل عليه ما رواه البيهقي بسند صحيح عن أبي سعيد
الخدري مرفوعا إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير من حمر النعم
ألا وهي الركعتان قبل صلاة الفجر انتهى رواه عن الحاكم بسنده قال وهو
حديث صحيح ثم نقل عن بن خزيمة أنه قال لو أمكنني أن أرحل في هذا
الحديث لرحلت انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن الزهري عن عطاء بن
يزيد عن أبي أيوب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الوتر حق واجب على كل مسلم فمن
أحب أن يوتر بخمس فليوتر ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن
يوتر بواحدة فليوتر انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرطهما
حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي المنيب عبيد الله العتكي عن عبد الله بن
بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا
انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وقال أبو المنيب ثقة ووثقه
بن معين أيضا قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول هو صالح الحديث وأنكر
على البخاري إدخاله في الضعفاء وتكلم فيه النسائي وابن حبان والعقيلي وقال
بن عدي هو عندي لا بأس به
126

حديث آخر أخرجه أحمد بن خليل بن مرة عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يوتر فليس منا انتهى وهو منقطع قال
أحمد لم يسمع معاوية بن قرة من أبي هريرة شيئا ولا لقيه والخليل بن مرة ضعفه
يحيى والنسائي وقال البخاري منكر الحديث
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتروا قبل أن
تصبحوا انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن بن عمر مرفوعا بادروا الصبح بالوتر
وأخرجه الترمذي بلفظ إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا
قبل طلوع الفجر انتهى قال النووي في الخلاصة وإسناده صحيح انتهى
حديث آخر رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه حدثنا هارون بن معروف
ثنا بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن عبد الرحمن بن رافع
التنوخي القاضي أن معاذ بن جبل قدم الشام فوجد أهل الشام لا يوترون فقال لمعاوية
ما لي أرى أهل الشام لا يوترون فقال معاوية وواجب ذلك عليهم فقال نعم
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول زادني ربي عز وجل صلاة وهي الوتر ووقتها
ما بين العشاء إلى طلوع الفجر انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بعبيد
الله بن زحر قال قال بن معين ليس بشئ وقال بن حبان يروي الموضوعات
عن الاثبات وعبد الرحمن بن رافع قال البخاري في حديثه مناكير قال صاحب
التنقيح وفيه انقطاع فإن عبد الرحمن التنوخي لم يدرك معاذا انتهى
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن حكام بن عنبسة عن جابر بن أبي
معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر واجب على كل
127

مسلم انتهى وقال لا يعلمه يروي عن بن مسعود إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد
انتهى
أحاديث الخصوم استدلوا على عدم وجوب الوتر بحديث الاعرابي أنه عليه
السلام قال له خمس صلوات كتبهن الله عليك قال هل علي غيرها قال لا
إلا أن تطوع أخرجه البخاري ومسلم عن طلحة بن عبيد الله وأجاب الأصحاب
عنه بأنه كان قبل وجوب الوتر بدليل أنه لم يذكر فيه الحج فدل على أثر متقدم على
وجوب الحج ولفظة زادكم صلاة مشعرة بتأخر وجوب الوتر ولكن الحج مذكور
عند مسلم في حديث ضمام بن ثعلبة أخرجه في أول الايمان عن أنس ولم يسم
مسلم ضماما ورواه البخاري في العلم وسمى ضماما وليس فيه الحج
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عرم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر على
البعير وفي لفظ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على راحلته قال الطحاوي هذا كان
قبل وجوبه ثم عارضه برواية حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن بن عمر أنه كان يصلي
على راحلته ويوتر بالأرض ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذلك انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن معاذ أنه عليه السلام بعثه إلى
اليمن وقال له فيما قال فإن أطاعوك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس
صلوات في اليوم والليلة قال بن حبان وكان بعث معاذا إلى اليمن قبل خروجه من
الدنيا بأيام يسيرة انتهى ويقوي هذا ما في موطأ مالك أنه عليه السلام توفي قبل
أن يقدم عليه معاذ من اليمن وسيأتي في الزكاة في حديث الأوقاص
حديث آخر أخرجه بن حبان عن جابر أنه عليه السلام قام بهم في رمضان
فصلى ثمان ركعات وأوتر ثم انتظروا من القابلة فلم يخرج إليهم فسألوه
فقال خشيت أن يكتب عليكم الوتر انتهى رواه في النوع التاسع والستين من
القسم الخامس
128

حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن محيريز أن
رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد سأله
رجل عن الوتر أواجب هو قال نعم كوجوب الصلاة ثم سأل عبادة بن
الصامت فقال كذب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خمس صلوات كتبهن
الله على العباد من جاء بهن يوم القيامة كما أمر الله لم يستخف بشئ من حقوقهن
فإن الله عز وجل جاعل له عهدا أن يدخله الجنة ومن لم يجئ بهن يوم القيامة
استخفافا بحقهن فلا عهد له عند الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه وذكر المخدجي في كتاب الثقات وقال هو
أبو رفيع وقيل رفيع انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وسكت
عنه عن أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حبة عن عكرمة عن بن عباس قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث هن علي فرائض وهن لكم تطوع الوتر والنحر
وصلاة الضحى انتهى قال الذهبي في مختصره سكت الحاكم عنه وهو
غريب منكر وأبو جناب الكلبي ضعفه النسائي والدارقطني انتهى وأخرجه
أحمد والحاكم أيضا عن جابر الجعفي عن عكرمة به والجعفي مختلف فيه وله
طريق آخر عند بن الجوزي في العلل المتناهية فيها وضاح بن يحيى ومندل وهما
ضعيفان وأخرج بن الجوزي نحوه من حديث أنس وفيه عبد الله بن محيريز وهو
ساقط قال بن حبان كان يكذب
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا توتروا
بثلاث وأوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب انتهى قال
الدارقطني إسناده ثقات انتهى
129

الحديث الحادي بعد المائة روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر
بثلاث يعني لا يفصل بينهن بسلام قلت أخرجه النسائي في سننه عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام عن عائشة قالت
كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر انتهى ورواه الحاكم في المستدرك
وقال إنه صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ولفظه قالت كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى وفي لفظ كان رسول
133

الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى ثم أخرج عن حبيب المعلم قال
قيل للحسن إن بن عمر كان يسلم في الركعتين الأوليين من الوتر فقال كان عمر
أفقه منه فكان ينهض في الثانية بالتكبير انتهى وسكت عنه
أحاديث الباب حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الأولى من
الوتر بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون
وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين رواه أصحاب السنن الأربعة وابن
حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس والحاكم
في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه
الطحاوي في شرح الآثار وقال إنه موافق لحديث سعد بن هشام انتهى
وظاهر الحديث أن الثالثة متصلة غير منفصلة وإلا لقال وفي ركعة الوتر أو الركعة
المفردة أو نحو ذلك ولكن قد يعكر عليه في لفظه الدارقطني عن عائشة أيضا أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما بسبح اسم ربك الاعلى وقل
يا أيها الكافرون ويقرأ في الوتر بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب
الناس انتهى
حديث آخر وروى الطحاوي حدثنا روح بن الفرج ثنا لوين ثنا شريك بن
مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوتر بثلاث يقرأ في الأول بسبح إلى آخره بنحو حديث عائشة حدثنا حسين
بن نصر ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن
أبيه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الوتر فقرأ في الركعة الأولى بسبح إلى آخره
134

وأخرج عن علي وعمران بن حصين نحوه وأخرجه النسائي والترمذي وابن
ماجة قال النووي في الخلاصة بإسناد صحيح عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير
به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الاعلى وقل يا أيها الكافرون
وقل هو الله أحد في ركعة ركعة انتهى وسكت الترمذي عنه
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن يحيى بن زكريا ابنا الأعمش عن
مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن عبد الله بن مسعود قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب انتهى قال
الدارقطني لم يروه عن الأعمش مرفوعا غير يحيى بن زكريا وهو ضعيف وقال
البيهقي الصحيح وقفه علي بن مسعود ورفعه يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب
وهو ضعيف ورواه الثوري وعبد الله بن نمير وغيرهما عن الأعمش فوقفوه
انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن سعد بن
هشام عن عائشة مرفوعا نحوه سواء من طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في
العلل المتناهية وقال هذا لا يصح قال بن معين إسماعيل المكي ليس
بشئ وزاد في التحقيق وقال النسائي متروك وقال بن المديني لا يكتب
حديثه انتهى
حديث آخر حديث النهي عن البتيراء أخرجه بن عبد البر في كتاب التمهيد
عن عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو
بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل
واحدة يوتر بها انتهى وذكره عبد الحق في أحكام وقال الغالب على حديث
عثمان بن محمد هذا الوهم انتهى وسيأتي في باب سجود السهو وقال بن
القطان في كتابه هذا حديث شاذ لا يعرج على رواية وذكره بن الجوزي في
التحقيق ثم قال والمروي عن ابن عمر أنه فسر البتيراء أن يصلى بركوع ناقص
وسجود ناقص انتهى وهذا إن صح عن ابن عمر ففي الحديث ما يرده وتفسير
135

راوي الحديث مقدم على تفسير غيره بل ظاهر اللفظ أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والدليل
على أن هذا غير صحيح عن بن عمر ما رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا سليمان
بن شعيب ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي حدثني المطلب بن عبد الله المخزومي أن رجلا
سأل بن عمر عن الوتر فأمره بثلاث يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة فقال الرجل
إني أخاف أن يقول الناس هي البتيراء فقال بن عمر هذه سنة الله ورسوله انتهى
فقد سمع بن عمر هذا من الرجل ولم ينكره والله أعلم وقال بن الجوزي في
التحقيق وهم معارضون في حديث النهي عن البتيراء بحديث أخرجه الدارقطني ثم
البيهقي عن عبد الله بن وهب حدثني سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله
بن الفضل عن أبي مسلمة والأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو بسبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب انتهى قال
الدارقطني رواته كلهم ثقات ورواه الحاكم في مستدركه وقال على
شرطهما انتهى وليس في هذا الحديث الوتر بركعة فليزمهم أن يقولوا به والله
أعلم
الآثار روى محمد بن الحسن في موطئه عن يعقوب بن إبراهيم ثنا حصين عن
إبراهيم عن بن مسعود أنه قال ما أجزأت ركعة قط انتهى ورواه الطبراني
في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا القاسم بن معن ثنا حصين عن
إبراهيم قال بلغ بن مسعود أن سعدا يوتر بركعة فقال ما أجزأت ركعة قط
انتهى قال النووي في الخلاصة موقوف ضعيف
أثر آخر رواه الطحاوي حدثنا روح بن الفرج ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا
بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عقبة بن مسلم قال سألت عبد الله بن عمر عن
الوتر فقال أتعرف وتر النهار فقلت نعم صلاة المغرب قال صدقت
وأحسنت انتهى قال الطحاوي وعليه يحمل حديث بن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصل ركعة توتر لك ما
136

صليت قال معناه صل ركعة مع ثنتين قبلها وتتفق بذلك الاخبار حدثنا أبو
بكرة ثنا أبو داود ثنا أبو خالد سألت أبا العالية عن الوتر فقال علمنا أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن الوتر مثل صلاة المغرب هذا وتر الليل وهذا وتر النهار انتهى
أثر آخر رواه الطحاوي أيضا حدثنا صالح بن عبد الرحمن ثنا سعيد بن منصور ثنا
هشيم عن حميد عن أنس قال الوتر ثلاث ركعات حدثنا بن مرزوق ثنا عفان ثنا
حماد بن سلمة ثنا ثابت قال صلى بي أنس الوتر أنا عن يمينه وأم ولده خلفنا
ثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن انتهى
أثر آخر رواه الطحاوي أيضا حدثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا يحيى بن سليمان
الجعفي ثنا بن وهب أخبرني عمرو عن بن هلال عن بن إسحاق عن المسور بن مخرمة
قال دفنا أبا بكر فقال عمر إني لم أوتر فقام وصففنا وراءه فصلى بنا ثلاث
ركعات لم يسلم إلا في آخرهن قال ومذهبنا أيضا قوي من جهة النظر لان الوتر
لا يخلو إما أن يكون فرضا أو سنة فإن كان فرضا فالفرض ليس إلا ركعتين
أو ثلاثا أو أربعا وكلهم أجمعوا أن الوتر لا يكون اثنين ولا أربعا فثبت أنه ثلاث
وإن كان سنة فإنا لم نجد سنة إلا ولها مثل في الفرض منه أخذت والفرض لم نجد
منه وترا إلا المغرب وهو ثلاث فثبت أن الوتر ثلاث انتهى وهذا الذي قاله حسن
جدا وقد ذكر الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ من جملة الترجيحات أن يكون
الحديث موافقا للقياس وهذا لفظه قال الوجه الثاني والعشرون من الترجيحات أن
يكون أحد الحديثين موافقا للقياس دون الآخر فيكون العدول عن الثاني إلى الأول
متعينا قال ولهذا قدم حديث أبي هريرة ليس على المسلم في فرسه صدقه لان
ما لا تجب الزكاة في ذكوره لا تجب في إناثه قياسا على سائر الحيوانات انتهى
قوله وحكى الحسن إجماع المسلمين على الثلاث يعني لا يفصل بينهن بسلام
قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص ثنا عمرو عن الحسن قال أجمع
137

المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى وعمرو هذا الظاهر أنه
عمرو بن عبيد وهو متكلم فيه فإني وجدته مصرحا به في إسناد آخر نظير هذا
وقال الطحاوي في شرح الآثار حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار
المرادي ثنا خالد بن نزار الأيلي ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء السبعة
سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن
وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم أهل
فقه وصلاح فكان مما وعيت عنهم أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى رضي الله تعالى عنها
الحديث الثاني بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في آخر الوتر قال المصنف
وهو بعد الركوع قلت رواه الدارقطني في سننه حدثنا عبد الصمد بن علي ثنا
عبد الله بن غنام ثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير ثنا عمرو بن شمر عن سلام عن
سويد بن غفلة قال سمعت أبا بكر وعمر وعثمان وعليا يقولون قنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر وكانوا يفعلوا ذلك انتهى
أحاديث الباب أخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن إسماعيل
بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن
الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا
السجود اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخر القنوت وسيأتي وقال حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إلا أن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة خالفه
محمد بن جعفر بن أبي كثير في إسناده ثم أخرجه عن محمد بن جعفر بن أبي
كثير حدثني موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن
الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر اللهم اهدني
فيمن هديت إلى آخره وسكت عنه وسيأتي في القنوت
حديث آخر قد يستأنس له بحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد بن
سلمة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم
138

كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من
عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
انتهى قال الترمذي حديث حسن
الحديث الثالث بعد المائة روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع قلت
روى من حديث أبي بن كعب ومن حديث بن مسعود ومن حديث بن عباس
ومن حديث بن عمر
فحديث أبي رواه النسائي وابن ماجة فقالا حدثنا علي بن ميمون الرقي ثنا
مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن
أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع انتهى لابن
ماجة ولفظ النسائي كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى سبح اسم ربك
الاعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد
ويقنت قبل الركوع انتهى وزاد في سننه الكبرى فإذا فرغ قال سبحان
الملك القدوس ثلاث مرات يطيل في آخرهن انتهى ثم قال وقد روى هذا
الحديث غير واحد عن زبيد اليامي فلم يقل فيه ويقنت قبل الركوع انتهى وذكره
أبو داود في سننه بإسناد آخر غير موصول فقال وروى حفص بن غياث عن
مسعر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع ورواه عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي مرفوعا بنحوه قال وحدث
زبيد رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجرير بن حازم
كلهم عن زبيد لم يذكر أحد منهم القنوت وحديث سعيد رواه أيضا هشام
139

الدستوائي وشعبة عن قتادة ولم يذكروا القنوت ورواه يزيد بن زريع عن سعيد عن
قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه
أبيا ولا ذكر القنوت وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بشر العبدي وسماعه
بالكوفة مع عيسى بن يونس ولم يذكروا القنوت انتهى كلامه
وأما حديث بن مسعود فأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في
سننه عن أبان بن أبي عياش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع انتهى قال الدارقطني وأبان بن عياش متروك
انتهى
طريق آخر رواه الخطيب البغدادي في كتاب القنوت له حدثنا أبو الحسن
أحمد بن محمد الأهوازي ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا أحمد بن الحسين بن
عبد الملك ثنا منصور بن أبي نويرة عن شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وذكره بن الجوزي في التحقيق من جهة الخطيب
وسكت عنه إلا أنه قال أحاديثنا مقدمة انتهى
وأما حديث بن عباس فأخرجه الحافظ أبو نعيم في كتابه الحلية عن عطاء بن
مسلم ثنا العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس قال أوتر النبي صلى الله عليه وسلم
بثلاث فقنت فيها قبل الركوع انتهى وقال غريب من حديث حبيب والعلاء
تفرد به عطاء بن مسلم انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمود بن
محمد المروزي ثنا سهيل بن العباس الترمذي ثنا سعد بن سالم القراح عن عبيد الله عن
نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع
انتهى قال الطبراني لم يروه عن عبيد الله إلا سعيد بن سالم انتهى
140

الآثار روى الطبراني في معجمه حدثنا فضل بن محمد الملطي ثنا أبو نعيم ثنا
أبو العميس وحدثني عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال كان عبد الله بن مسعود
لا يقنت في صلاة الغداة وإذا قنت في الوتر قنت قبل الركوع انتهى وفي لفظ
كان لا يقنت في شئ من الصلوات إلا في الوتر قبل الركعة انتهى
أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يزيد بن هارون عن هشام
الدستوائي عن حماد عن إبراهيم عن علقمة أن بن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا
يقنتون في الوتر قبل الركوع انتهى
الحديث الرابع بعد المائة قال عليه السلام للحسن بن علي حين علمه دعاء
القنوت اجعل هذا في وترك قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن يزيد بن
أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال علمني جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلمات أقولهن في الوتر وفي لفظ في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت
وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شرك ما
قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت
انتهى قال الترمذي هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث
أبي الحوراء السعدي واسمه ربيعة بن شيبان ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت
شيئا أحسن من هذا انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الثاني منه والحاكم في المستدرك
في كتاب الفضائل وسكت عنه ورواه البيهقي في سننه وزاد في رواية
بعد واليت ولا يعز من عاديت وزاد النسائي في رواية تباركت وتعاليت
141

وصلى الله على النبي قال النووي في الخلاصة وإسنادها صحيح أو حسن
انتهى ورواه إسحاق بن راهويه والدارمي والبزار في مسانيدهم قال البزار
هذا حديث لا نعلم أحدا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الحسن بن علي انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة
عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي
قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم
اهدني فيمن هديت إلى آخره سواء وقال حديث صحيح على شرط الشيخين
إلا أن إسماعيل بن عقبة خالفه محمد بن جعفر بن أبي كثير في إسناده ثم أخرجه عن
محمد بن جعفر بن أبي كثير حدثني موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي
مريم به بسند السنن ومتنه وسكت عنه انتهى وصاحب الكتاب استدل بهذا
الحديث وإطلاقه على وجوب القنوت في السنة كلها وهو قوله اجعل هذا في
وترك من غير فصل ولم أجد هذا في الحديث واستدل لنا بن الجوزي في
التحقيق بحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد بن سلمة عن هشام بن
عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك
من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
انتهى قال الترمذي حديث حسن وكأنه بناه على أن كان تقتضي الدوام والله
أعلم
أحاديث الخصوم وللشافعية في تخصيصهم القنوت بالنصف الأخير من رمضان
حديثان الأول أخرجه أبو داود عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي
بن كعب فكان يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر يعني رمضان ولا يقنت بهم
إلا في النصف الثاني فإذا كان العشر الأواخر تخلف فصلى في بيته انتهى
وهذا منقطع فإن الحسن لم يدرك عمر ثم هو فعل صحابي وأخرجه أيضا عن هشام
عن محمد بن سيرين عن بعض أصحابه أن أبي بن كعب أمهم يعني في رمضان
142

وكان يقنت في النصف الآخر من رمضان انتهى وفيه مجهول وقال النووي في
الخلاصة الطريقان ضعيفان قال أبو داود وهذان الحديثان يدلان على ضعف
حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر انتهى وهو منازع في ذلك
الحديث الثاني أخرجه بن عدي في الكامل عن أبي عاتكة طريف بن سلمان
عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في النصف من رمضان إلى آخره انتهى
وأبو عاتكة ضعيف قال البيهقي هذا حديث لا يصح إسناده
الحديث الخامس بعد المائة حديث لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن
وذكر منها القنوت قلت تقدم في صفة الصلاة وليس فيه القنوت
الحديث السادس بعد المائة روى بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة الفجر
شهرا ثم تركه قلت استدل هب المصنف للشافعي علينا في وجوب القنوت في
الفجر وهو غير مطابق فإنه قال ولا يقنت في غير الوتر خلافا للشافعي في الفجر
143

لما روى بن مسعود أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه ولا يصلح
أن يكون حجة لمذهبنا أيضا لان ترك القنوت في الفحر لا يلزم منه تركه في باقي
الصلوات نعم يصلح أن يكون حجة لنا في دعوى نسخ حديثهم ولا يبعد أن يكون
سقط من النسخة خلافا للشافعي لأنه عليه السلام كان يقنت في الفحر ولنا أنه
منسوخ لما روى بن مسعود أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه
وبالجملة فالحديث رواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه وابن
أبي شيبة في مصنفه والطحاوي في الآثار كلهم من حديث شريك القاضي
عن أبي حمزة ميمون القصاب عن إبراهيم عن علقمة عن عبيد الله قال لم يقنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح إلا شهرا ثم تركه لم قنت قبله ولا بعده انتهى وفي
لفظ للطحاوي قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على عصية وذكوان فلما ظهر
عليهم ترك القنوت وهو معلول بأبي حمزة القصاب قال بن حبان في كتاب
الضعفاء كان فاحش الخطأ كثير الوهم يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث
الاثبات تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين انتهى وقال البيهقي في
كتاب المعرفة واستدل بعضهم على نسخ القنوت في الفجر بحديث أخرجه
البخاري ومسلم عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما
رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن
هشام وفي آخره ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت ليس لك من الامر شئ
الآية قال ولعل آخر الحديث من قول من هو دون أبي هريرة فقد أخرج البخاري
في صحيحه عن أبي هريرة قال قال لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو
للمؤمنين ويلعن الكفار وأبو هريرة أسلم في غزوة خيبر وهو بعد نزول الآية بكثير
لأنها نزلت في أحد وكان أبو هريرة يقنت في حياته عليه السلام وبعد وفاته قال
والدليل على أن الآية نزلت يوم أحد ما أخبرنا وأسند عن عمر بن حمزة عن سالم عن
144

بن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح يوم أحد فلما رفع رأسه من
الركعة الثانية قال سمع الله لمن حمده اللهم العن أبا سفيان وصفوان بن أمية
والحارث بن هشام فنزلت ليس لك من الامر شئ وأخرجه البخاري في
صحيحه عن الزهري عن سالم به لم يقل فيه يوم أحد قال ويدل عليه أيضا ما
أخرجه مسلم في صحيحه عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كسرت رباعيته يوم أحد وشج فجعل يسلت الدم عن وجهه وهو يقول كيف
يفلح قوم قوم شجوا نبيهم وهو يدعوهم إلى الله فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر
شئ الآية أو يكون المراد بقوله ثم ترك ذلك يعني الدعاء على أولئك القوم
فقد دعى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته على من قتل من ببئر معونة وهي بعد أحد فدل على
أن الآية لم تحمل على نسخ القنوت جملة انتهى كلام البيهقي
أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن محمد بن يعلى ثنا عنبسة بن
عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القنوت
في صلاة الصبح انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال محمد بن يعلى
وعنبسة وعبد الله بن نافع كلهم ضعفاء ولا يصح لنافع سماع من أم سلمة
انتهى وأعله العقيلي في كتابه بعنبسة ونقل عن البخاري أنه قال تركوه
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن هياج عن عنبسة عن عبد الله بن
نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال الدارقطني وصفية
هذه لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم
حديث آخر أخرجه بن حبان عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد وأبي
سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن
يدعو لقوم أو على قوم انتهى
حديث آخر رواه الخطيب البغدادي في كتابه في القنوت من حديث محمد
بن عبد الله الأنصاري ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا
145

قنت إلا إذا دعى لقوم أو دعى على قوم انتهى قال صاحب التنقيح وسند
هذين الحديثين صحيح وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة والله أعلم
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن جابر السحيمي
عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال صليت خلف رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فما رأيت أحدا منهم قانتا في صلاة إلا في الوتر
انتهى وأعله العقيلي في كتابه بمحمد بن جابر وقال لا يتابع عليه وضعفه عن
جماعة من غير توثيق
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن بشر بن حرب عن بن عمر أنه
ذكر القنوت فقال والله إنه لبدعة ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير شهر واحد انتهى
وأعله ببشر بن حرب ثم قال وهو عندي لا بأس به ولا أعرف له حديثا منكرا
وضعفه عن النسائي وابن معين
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي مالك الأشجعي
سعد بن طارق الأشجعي عن أبيه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقنت وصليت
خلف أبي بكر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف
علي فلم يقنت ثم قال يا بني إنها بدعة انتهى واسم أبي مالك سعد بن
طارق بن الأشيم قال البخاري طارق بن أشيم له صحبة وكذلك قال بن سعد
قال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظه ولفظ بن ماجة عن أبي مالك قال
قلت لأبي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر
وعثمان وعلي بالكوفة نحوا من خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر قال أي
بني محدث انتهى وقد وثق أبي مالك الإمام أحمد بن حنبل وابن معين
والعجلي وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه وقال النسائي ليس به بأس
146

وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقد أخرج مسلم في صحيحه حديثين عن
أبي مالك عن أبيه وقال البيهقي لم يحفظ طارق بن أشيم القنوت عمن صلى خلفه
فرآه محدثا وقد حفظه غيره فالحكم لمن حفظ دون من لم يحفظ وقال غيره
ليس في هذا الحديث دليل على أنهم ما قنتوا قط بل اتفق أن طارقا صلى خلف كل
منهم وأخذ بما رأى ومن المعلوم أنهم كانوا يقنتون في النوازل وهذا الحديث يدل
على أنهم ما كانوا يحافظون على قنوت راتب والله أعلم
الآثار أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم
كانوا لا يقنتون في الفجر وأخرج عن علي أنه لما قنت في الصبح أنكر الناس عليه
ذلك فقال إنما استنصرنا على عدونا وأخرج أيضا عن بن عباس وابن مسعود
وابن عمر وابن الزبير أنهم كانوا لا يقنتون في صلاة الفجر وأخرج عن بن عمر أنه
قال في قنوت الفجر ما شهدت ولا علمت انتهى وروى محمد بن الحسن في
الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن
يزيد أنه صحب عمر بن الخطاب سنين في السفر والحضر فلم يره قانتا في الفجر
حتى فارقه قال إبراهيم وأهل الكوفة إنما أخذوا القنوت عن علي قنت يدعو على
معاوية حين حاربه وأهل الشام أخذوا القنوت عن معاوية قنت يدعو على علي
انتهى وأخرج البيهقي عن بن عباس قال القنوت في الصبح بدعة
وضعفه
ومن أحاديث الخصوم ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا أبو جعفر الرازي
عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى
فارق الدنيا انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه
وإسحاق بن راهويه في مسنده ولفظه عن الربيع بن أنس قال قال رجل لانس بن
مالك أقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على حي من أحياء العرب قال فزجره
أنس وقال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا قال
147

إسحاق وقوله ثم تركه يعني ترك تسمية القوم في الدعاء انتهى ورواه الحاكم
أبو عبد الله في كتاب الأربعين له وفي الخلاصة للنووي صححه الحاكم في
كتاب المستدرك فليراجع وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات وعن
الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وسكت عنه قال وله شواهد عن
أنس ذكرناها في السنن وقال صاحب التنقيح على التحقيق هذا الحديث
أجود أحاديثهم وذكر جماعة وثقوا أبا جعفر الرازي وله طرق في كتاب القنوت
لأبي موسى المديني قال وإن صح فهو محمول على أنه ما زال يقنت في النوازل
أو على أنه ما زال يطول في الصلاة فإن القنوت لفظ مشترك بين الطاعة والقيام
والخشوع والسكوت وغير ذلك قال الله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا
لله وقال أمن هو قانت آناء الليل وقال ومن يقنت منكن لله وقال
يا مريم اقنتي لربك وقال وقوموا لله قانتين وقال كل له قانتون
وفي الحديث أفضل الصلاة طول القنوت انتهى كلامه وضعفه بن الجوزي
في كتاب التحقيق وفي العلل المتناهية فقال هذا حديث لا يصح فإن أبا
جعفر الرازي واسمه عيسى بن ماهان قال بن المديني كان يخلط وقال
يحيى كان يخطئ وقال أحمد بن حنبل ليس بالقوي في الحديث وقال أبو زرعة
كان يهم كثيرا وقال بن حبان كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير انتهى ورواه
الطحاوي في شرح الآثار وسكت عنه إلا أنه قال وهو معارض بما روي عن
أنس أنه عليه السلام إنما قنت شهرا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه انتهى
قلت ويعارض أيضا بما رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن محمد بن
عبد العزيز ثنا شيبان بن فروخ ثنا غالب بن فرقد الطحان قال كنت عند أنس بن
مالك شهرين فلم يقنت في صلاة الغداة انتهى
وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا محمد أبو حنيفة عن حماد بن
أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قانتا في الفجر حتى فارق الدنيا
انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس في قنوت الفجر
148

فذهب إليه أكثر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار إلى يومنا
فروي ذلك عن الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة مثل عمار بن ياسر وأبي بن
كعب وأبي موسى الأشعري وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس
وأبي هريرة والبراء بن عازب وأنس بن مالك وسهيل بن سعد الساعدي ومعاوية
بن أبي سفيان وعائشة ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي وسويد بن غفلة وأبو
عثمان النهدي وأبو رافع الصانع ومن التابعين سعيد بن المسيب والحسن
ومحمد بن سيرين وأبان بن عثمان وقتادة وطاوس وعبيد بن عمير والربيع بن
خيثم وأيوب السختياني وعبيدة السلماني وعروة بن الزبير وزياد بن عثمان
وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز وحميد الطويل وذكر جماعة من
الفقهاء ثم قال وخالفهم طائفة من الفقهاء وأهل العلم فمنعوه وزعموا أنه منسوخ
محتجين بأحاديث
منها حديث أبي حمزة القصاب عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لم
يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهرا لم يقنت قبله ولا بعده وقال تابعه أبان بن أبي
عياش عن إبراهيم فقال في حديثه لم يقنت في الفجر قط ورواه محمد بن جابر
اليمامي عن حماد عن إبراهيم وقال في حديثه ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ من
الصلوات إلا في الوتر كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلها يدعو على المشركين
ومنها حديث أم سلمة رواه محمد بن يعلى زنبور عن عنبسة بن عبد الرحمن عن
عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في
صلاة الصبح
ومنها حديث بن عمر أنه ذكر القنوت فقال إنه لبدعة ما قنت غير شهر
واحد ثم تركه رواه بشر بن حرب عنه قال وأجاب القائلون به عن حديث بن
مسعود بأنه معلول بأبي حمزة كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه وقال
أحمد متروك الحديث وقال بن معين ليس بشئ وقال البخاري ليس بالقوي
وقال السعدي وإسحاق بن راهويه ليس بشئ وقال النسائي ليس بثقة وأبان بن
أبي عياش فقد قيل فيه أكثر مما قيل في أبي حمزة ومحمد بن جابر فقد ضعفه يحيى
بن معين وعمرو بن علي الفلاس وأبو حاتم وغيرهم وقد روى من عدة طرق
كلها واهية لا يجوز الاحتجاج بها ومثل هذا لا يمكن أن يكون رافعا لحكم ثابت
149

بطرق صحاح
وأما حديث أم سلمة فمعلول أيضا قال بن أبي حاتم قال أبي ويحيى بن
معين كان عنبسة بن عبد الرحمن يضع الحديث وعبد الله بن نافع ضعيف جدا
ضعفه بن المديني ويحيى وأبو حاتم والساجي وغيرهم وقال الدارقطني
عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القنوت مرسل لان نافعا
لم يلق أم سلمة ولا يصح سماعه منها ومحمد بن يعلى زنبور وعبد الله بن نافع
وعنبسة كلهم ضعفاء
وأما حديث بن عمر فمعلول أيضا لان بشر بن حرب ويقال له أبو عمرو
الندلي مطعون فيه قال البخاري رأيت بن المديني يضعه وكان يحيى القطان لا
يروي عنه وقال أحمد ليس بقوي وقال إسحاق متروك ليس بشئ وقال
السعدي لا يحمل حديثه وقال النسائي وابن أبي حاتم ضعيف قالوا وعلى
تقدير صحة هذا الحديث فيكون المراد بالبدعة ههنا القنوت قبل الركوع لأنه روى
عنه في الصحيح من طرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت بعد الركوع فدل على أنه إنما
أنكر القنوت قبل الركوع أو يكون بن عمر نسي بدليل ما أخبرنا وأسند عن بن
سيرين أن سعيد بن المسيب ذكر له قول بن عمر في القنوت فقال أما إنه قد قنت
مع أبيه ولكنه نسي قال وروى عنه أنه كان يقول كبرنا ونسينا ائتوا سعيد بن
المسيب فاسألوه قالوا وعلى تقدير صحة هذه الأخبار فهي محمولة على دعائه عليه
السلام على أولئك القوم ويبقى ما عداه من الثناء والدعاء وهذا ألوى لان فيه
الجمع بين الأحاديث قال والدليل على أن المراد بالنهي عن القنوت في حديث أم
سلمة فإنه بدعة في حديث بن عمر القنوت قبل الركوع لا الذي بعد الركوع
ما أخبرنا وأسند من طريق الطبراني ثنا إسحاق الديري ثنا عبد الرزاق عن أبي جعفر
الرازي عن عاصم عن أنس قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح بعد الركوع يدعو
على أحياء من العرب وكان قنوته قبل ذلك وبعده قبل الركوع انتهى وقال
إسناده متصل ورواه ثقات وأبو جعفر الرازي قال فيه بن المديني ثقة وكذلك
قال بن معين وقال أبو حاتم صدوق ثقة وقال أحمد صالح الحديث وأخرج
حديثه في مسنده ثم أخرج من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو معاوية ثنا عاصم
الأحول عن أنس قال سألته عن القنوت أقبل الركوع أو بعده فقال قبل
150

الركوع قال قلت فإنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع فقال
كذبوا إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعوا على أناس قتلوا أناسا من أصحابه يقال
لهم القراء انتهى هكذا أخرجه البخاري ومسلم وفي حديثهم إنما قنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا ألا تراه فصل بين القنوت المنزول والقنوت الملزوم ثم لم
يطلق اللفظ حتى أكده بقوله بعد الركوع فدل على مشروعية القنوت بعد الانتهاء
عن الدعاء على الأعداء قال فإن قيل فقوله في الحديث ثم تركه ليس فيه
دلالة على النسخ لأنه يجوز أن يكون تركه وعاد إليه قلنا هذا مدفوع بما أخبرنا
وأسند من طريق أبي يعلى الموصلي بسنده عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث
عن عبد الله بن كعب عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع
رأسه من الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده يدعو
للمؤمنين ويلعن الكفار من قريش فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ
فما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أحد بعد انتهى وقال حديث غريب من هذا
الوجه ويؤكده ما أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد وأبي سملة عن أبي هريرة
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد أو لاحد قنت بعد الركوع
وربما قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة
بن هشام والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم
سنين كسني يوسف يجهر بذلك حتى كان يقول في بعض صلاة الفجر اللهم العن
فلانا وفلانا لاحياء من العرب حتى أنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ أو
يتوب عليهم الآية قال وأخرج أبو داود في المراسيل عن معاوية بن صالح عن
عبد القاهر عن خالد بن أبي عمران قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ
جاءه جبريل عليه السلام فأومأ إليه أن أسكن فسكت فقال يا محمد إن الله لم
يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة ليس لك من الامر شئ الآية ثم
علمه القنوت اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع
ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد
ونرجوا رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق انتهى ثم ساق
من طريق الدارقطني حدثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا
عبيد الله بن موسى ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت
151

شهرا يدعو عليهم ثم ترك وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا انتهى
قال فهذه الأخبار كلها دالة على أن المتروك هو الدعاء على الكفار والله أعلم انتهى
وقال بن الجوزي في التحقيق أحاديث الشافعية على أربعة أقسام منها ما هو
مطلق وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت وهذا لا نزاع فيه لأنه ثبت أنه قنت والثاني مقيد
بأنه قنت في صلاة الصبح فيحمله على فعله شهرا بأدلتنا الثالث ما روى عن البراء
بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب رواه مسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وأحمد وقال أحمد لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في
المغرب إلا في هذا الحديث والرابع ما هو صريح في حجتهم نحو ما رواه عبد
الرزاق في مصنفه أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك
قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ومن طريق عبد الرزاق
رواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه قال وقد أورد الخطيب في
كتابه الذي صنفه في القنوت أحاديث أظهر فيها تعصبه فمنها ما أخرجه عن
دينار بن عبد الله خادم أنس بن مالك عن أنس قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت
في صلاة الصبح حتى مات انتهى قال وسكوته عن القدح في هذا الحديث
واحتجاجه به وقاحة عظيمة وعصبية بادرة وقلة دين لأنه يعلم أنه باطل قال بن
حبان دينار يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل
القدح فيه فواعجبا للخطيب أما سمع في الصحيح من حدث عني حديثا وهو
يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين وهل مثله إلا كمثل من أنفق نبهرجا ودلسه
فإن أكثر الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم وإنما يظهر ذلك للنقاد فإذا أورد
الحديث محدث واحتج به حافظ لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح ولكن عصبية
ومن نظر في كتابه الذي صنفه في القنوت وكتابه الذي صنفه في الجهر
ومسألة الغيم واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم بطلانها اطلع على فرط عصبيته وقلة
دينه ثم ذكر له أحاديث أخرى كلها عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح
حتى مات وطعن في أسانيد ها
حديث في الصلاة بعد الوتر أخرجه مسلم عن عائشة في حديث طويل قالت
كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ
ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا في الثامنة فيذكر الله ويمجده ويدعوه ثم
152

يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد وفي لفظ كان
يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع
قام فركع قال النووي في الخلاصة ورويت صلاة الركعتين بعد الوتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أمامة وأنس وأم سلمة وثوبان ومعظمها ضعيف وحديث
عائشة محمول على أنه عليه السلام فعله مرة أو مرات لبيان الجواز فإن الروايات
الصحيحة عن عائشة وخلائق من الصحابة أن آخر صلاته في الليل كان وترا مع
حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا آخر صلاتكم الليل وترا متفق عليه
والله أعلم انتهى كلامه
باب النوافل
الحديث السابع بعد المائة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة
في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة وفسرها المصنف وقال إنها مفسرة في
الحديث على نحو ما ذكر وهي ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وبعدها
ركعتان وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب وأربع قبل
العشاء وأربع بعدها وإن شاء ركعتين ثم قال غير أنه لم يذكر الأربع قبل العصر
في الحديث فلهذا سماه في الأصل حسنا وخير لاختلاف الآثار والأفضل هو
153

الأربع ولم يذكر الأربع قبل العشاء ولهذا كان مستحبا لعدم المواظبة وذكر فيه
ركعتين بعد العشاء وفي غير ذكر الأربع فلهذا خير إلا أن الأربع أفضل
خصوصا عند أبي حنيفة قلت روى الجماعة إلا البخاري من حديث أم حبيبة
بنت أبي سفيان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد مسلم يصلي لله في
كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا من غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة انتهى
لمسلم وأبي داود وابن ماجة وزاد الترمذي والنسائي أربعا قبل الظهر وركعتين
بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الغداة
انتهى وللنسائي في رواية وركعتين قبل العصر يدل وركعتين بعد العشاء
وكذلك عند بن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الأول رواه عن بن
خزيمة بسنده وكذلك رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجه انتهى وجمع الحاكم في لفظ بين الروايتين فقال فيه
وركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء وكذلك عند الطبراني في معجمه
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن المغيرة بن زياد عن عطاء عن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى
الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب
وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر انتهى قال الترمذي حديث غريب من
هذا الوجه ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه
انتهى
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن محمد بن سليمان الأصبهاني
عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى في يوم
اثنتي عشرة ركعة بنى له بيت في الجنة ركعتين قبل الفجر وأربعا قبل الظهر
وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد
العشاء انتهى وضعف محمد بن سليمان هذا وقال إنه مضطرب الحديث
انتهى فصح قول المصنف إنه لم يذكر في الحديث الأربع قبل العصر وقوله
154

وخير لاختلاف الآثار يعني خير بين أن يصلي أربعا أو ركعتين لان الآثار اختلفت
في ذلك فأخرج أبو داود والترمذي عن أبي المثنى عن بن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم رحم الله امرء صلى قبل العصر أربعا انتهى قال الترمذي حديث
حسن غريب ورواه أحمد في مسنده وابن خزيمة ثم بن حبان في
صحيحهما قال بن حبان والمراد أنها بتسليمتين لما جاء في خبر يعلى بن عطاء
عن علي بن عبد الله الأزدي عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل
والنهار مثنى مثنى انتهى كلامه
وقد تقدم للنسائي وابن حبان والحاكم في حديث أم حبيبة وركعتين قبل
العصر وأخرج أبو داود عن عاصم بن ضمرة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل
العصر ركعتين انتهى ورواه الترمذي وأحمد وقالا أربعا عوض ركعتين
وقال الترمذي حديث حسن واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل
العصر واحتج بهذا الحديث وقال يعني قوله يفصل التسليم على الملائكة يعني
التشهد انتهى كلامه وهذا يرد قول بن حبان إنها بتسليمتين وأعاده الترمذي
في آخر الصلاة في باب تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار وزاد فيها يفصل بين كل
ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين
والمسلمين انتهى وقال حديث حسن وروى عن بن المبارك أنه ضعف هذا الحديث
وإنما ضعفه والله أعلم من أجل عاصم بن ضمرة وعاصم بن ضمرة ثقة عند بعض أهل
الحديث قال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد القطان قال سفيان كنا نعرف
فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث انتهى كلامه وفي عاصم مقال
وصح قوله أيضا وذكر فيه ركعتين بعد العشاء وقوله وفي غيره ذكر الأربع عزى
إلى سنن سعيد بن منصور من حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من صلى قبل الظهر أربعا كان كأنما تهجد من ليلته ومن صلاهن بعد العشاء كان
كمثلهن من ليلة القدر ورواه البيهقي من قول عائشة قالت من صلى أربعا بعد
العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر وأخرج النسائي والدارقطني من قول
155

كعب وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وكيع عن سفيان عن أبي
إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على أثر
كل صلاة ركعتين إلى الفجر والعصر انتهى ورواه الدارقطني في كتاب
العلل من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي فذكره
أحاديث النافلة قبل المغرب لأصحابنا في تركها أحاديث منها ما أخرجه أبو
داود عن طاوس قال سئل بن عمر عن الركعتين قبل المغرب فقال ما رأيت أحدا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها ورخص في الركعتين بعد العصر انتهى
سكت عنه أبو داود ثم المنذري في مختصره فهو صحيح عندهما قال النووي
في الخلاصة إسناده حسن قال وأجاب العلماء عنه بأنه نفى فتقدم رواية
المثبت ولكونها أصح وأكثر رواة ولما معهم من علم ما لم يعلمه بن عمر انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن حيان بن عبيد الله
العدوي ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عند كل أذانين
ركعتين ما خلا المغرب انتهى ورواه البزار في مسنده وقال لا نعلم رواه
عن بن بريدة إلا حيان بن عبيد الله وهو رجل مشهور من أهل البصرة لا بأس به
انتهى كلامه وقال البيهقي في المرعفة أخطأ فيه حيان بن عبيد الله في الاسناد
والمتن جميعا أما السند فأخرجاه في الصحيحين عن سعيد الجريري وكهمس عن عبد الله بن بريدة
عن عبيد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين كل أذانين
صلاة قال في الثالثة لمن شاء وأما المتن فكيف يكون صحيحا وفي رواية
بن المبارك عن كهمس في هذا الحديث قال وكان بن بريدة يصلي قبل المغرب
ركعتين وفي رواية حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال قال
156

رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا قبل المغرب ركعتين وقال في الثالثة لمن شاء خشية أن
يتخذها الناس سنة رواه البخاري في صحيحه انتهى وذكر بن الجوزي هذا
الحديث في الموضوعات ونقل عن الفلاس أنه قال كان حيان هذا كذابا
انتهى بسم الله الرحمن الرحيم
حديث آخر رواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا يحيى بن صاعد
ثنا محمد بن منصور المكي ثنا يحيى بن أبي الحجاج ثنا عيسى بن سنان عن رجاء بن
حياة عن جابر قال سألنا نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيتن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي
الركعتين قبل المغرب فقلن لا غير أن أم سلمة قالت صلاهما عندي مرة فسألته
ما هذه الصلاة فقال نسيت الركعتين قبل العصر فصليتهما الآن انتهى
حديث آخر معضل رواه محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا
حماد بن أبي سليمان أنه سأل إبراهيم النخعي عن الصلاة قبل المغرب قال فنهاه عنها
وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر لم يكونوا يصلونها انتهى
أحاديث الخصوم أخرج الأئمة الستة في كتبهم عن عبد الله بن مغفل قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة لمن شاء انتهى وفى
لفظ للبخاري قال صلوا قبل المغرب ثم قال صلوا قبل المغرب قال في
الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة انتهى ذكره في كتاب
الاعتصام وفي لفظ أبي داود قال صلوا قبل المغرب ركعتين وزاد فيه
بن حبان في صحيحه وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال كان المؤذن إذا أذن
لصلاة المغرب قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري فيركعون ركعتين
حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من
يصليهما انتهى وفي لفظ لمسلم عنه قال كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
157

يصليهما قال كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهانا انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري عن مرثد بن عبد الله اليزني قال أتيت عقبة بن
عامر فقلت ألا أعجبك من أبي تميم ركع ركعتين قبل صلاة المغرب فقال عقبة
إنا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت فما يمنعك الآن قال الشغل
انتهى وروى البزار في مسنده حديث أنس وقال لا نعلم هذه الرواية إلا
عن أنس وقد رويت عنه من وجوه وعارضها حديث بريدة أنه عليه السلام قال
بين كل أذانين صلاة إلا المغرب انتهى والخصوم يجيبون بأن رواية المثبت
مقدمة على الثاني مع أن رواية الاثبات أصح والله أعلم
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والتسعين من
القسم الأول عن سليم بن عامر عن عبد الله بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان انتهى
الحديث الثامن بعد المائة قال المصنف والأربع قبل الظهر بتسليمة واحدة كذا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه أبو داود في سننه والترمذي في الشمائل
عن عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قرثع عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم يفتح لهن أبوا ب السماء انتهى
ورواه بن ماجة في سننه بلفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعا إذا زالت
الشمس لا يفصل بينهن بتسليم وقال أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس
انتهى وضعفه أبو داود وقال عبيدة بن معتب الضبي ضعيف انتهى وأطلق
المنذري عزوه إلى الترمذي في مختصره وكان عليه أن يقيده بالشمائل ورواه
أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية ثنا عبيدة به وفي لفظه قلت يا رسول الله
158

أفيهن تسليم فاصل قال لا وهذا هو لفظ الترمذي في الشمائل
طريق آخر له رواه محمد بن الحسن في موطئه حدثنا بكير بن عامر البجلي
عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل صلاة
الظهر أربعا إذا زالت الشمس فسأله أبو أيوب الأنصاري عن ذلك فقال إن أبواب
السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير قلت أفي
كلهن قراءة قال نعم قلت أتفصل بينهن بسلام فقال لا انتهى قال
صاحب التنقيح وروى بن خزيمة هذا الحديث في مختصر المختصر وضعفه
فقال وعبيدة بن معتب ليس ممن يجوز الاحتجاج بخبره وحدثنا أبو موسى
ثنا أبو أحمد ثنا شريك عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن علي بن الصلت عن أبي
أيوب فذكره وليس فيه لا يسلم بينهن انتهى وتكلم الدارقطني في علله
وذكر الاختلاف فيه ثم قال وقول أبي معاوية أشبه بالصواب انتهى وحديث
أبي معاوية عند الترمذي وأحمد كما تقدم
الحديث التاسع بعد المائة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لم يزد على ثمان ركعات
بتسليمة واحدة قلت غريب وفي صحيح مسلم خلافه أخرجه من حديث
عائشة في حديث طويل قالت كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن
يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة
فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم
159

يقعد فيذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا مختصر
وهو في غير مسلم كان يوتر بتسع ركعات
الحديث العاشر بعد المائة قال عليه السلام صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة
أما حديث بن عمر فأخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة عن يعلى بن عطاء
عن علي بن عبد الله الأزدي عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الليل والنهار
مثنى مثنى انتهى وسكت عنه الترمذي إلا أنه قال اختلف أصحاب شعبة فيه
فرفعه بعضهم ووقفه بعضهم ورواه الثقات عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم
يذكروا فيه صلاة النهار انتهى وقال النسائي هذا الحديث عندي خطأ وقال
في سننه الكبرى إسناده جيد إلا أن جماعة من أصحاب بن عمر خالفوا
الأزدي فيه فلم يذكروا فيه النهار منهم سالم ونافع وطاوس ثم ساق رواية
الثلاثة انتهى والحديث في الصحيحين من حديث جماعة عن بن عمر ليس فيه
ذكر النهار ورواه بن خزيمة ثم بن حبان في صحيحيهما ذكره بن حبان في
ثلاثة مواضع من صحيحه أحدها في النوع السابع والستين من القسم الأول
محتجا به في حديث من صلى الجمعة فليصل بعدها أربعا انها في تسليمتين ثم
أورد على نفسه ما أخرجه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان منكم
مصليا يوم الجمعة فليصل أربعا فإن كان له شغل فركعتين في المسجد وركعتين في
بيته ثم أجاب بأن قوله فإن كان له شغل إلى آخره مدرج من كلام الراوي
ثم ساقه من طريق آخر ففصله من الحديث وأسند البيهقي في المعرفة عن أبي
أحمد بن فارس قال سئل أبو عبد الله البخاري عن حديث يعلى بن عطاء هذا
صحيح هو فقال نعم انتهى
160

طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط والصغير عن إسحاق بن
إبراهيم الحنيني ثنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر مرفوعا نحوه
وقال لم يروه عن العمري إلا الحنيني انتهى وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك
عن إسحاق الحنيني عن مالك عن نافع به وقال تفرد به الحنيني عن مالك انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن ليث بن سعد عن عمرو بن الحارث
عن بكير بن الأشج عن عبد الله بن أبي سلمة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى
طريق آخر رواه الحاكم أبو عبد الله في كتابه في علوم الحديث حدثنا
عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان ثنا أبو حاتم الرازي ثنا نصر بن علي ثنا أبي
عن بن عون عن محمد بن سيرين عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة
الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وقال رجاله ثقات إلا أن فيه علة يطول بذكرها
الكلام انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن أبي هاشم
محبوب بن مسعود البصري البجلي ثنا عمار بن عطية عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت قال رسول صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى
وأما حديث أبي هريرة فرواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث حدثنا نصر
بن علي ثنا أبي عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وللشافعي أيضا في أن الأفضل في التطوع أن
يسلم من كل ركعتين ما أخرجاه في الصحيحين عن نافع عن بن عمر قال قال رجل
يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلي من الليل قال يصلي أحدكم مثنى
مثنى فإذا خشي الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى من الليل انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي عن بن المبارك ثنا الليث بن سعد ثنا
عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع عن ربيعة بن الحارث عن
161

الفضل بن العباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل
ركعتين انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن شعبة قال سمعت
عبد ربه بن سعيد يحدث عن أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن
عبد الله بن الحارث عن المطلب بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره ونقل
الترمذي عن البخاري أن شعبة أخطأ في سند هذا الحديث في مواضع وحديث الليث
أصح من حديث شعبة انتهى
الحديث الحادي عشر بعد المائة روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العشاء
أربعا قلت قال شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره هذا الحديث لم أجده وهذا من
أعجب العجاب فقد رواه أبو داود في سننه من حديث زرارة بن أوفى عن عائشة
أنها سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل فقالت كان يصلي صلاة
العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات ثم يأوي إلى فراشه
الحديث بطوله وفي آخره حتى قبض على ذلك قال أبو داود في سماع زرارة من
عائشة نظر ثم أخرجه عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة قال وهذه الرواية
هي المحفوظة عندي فإن أبا حاتم الرازي قال سمع زرارة من أبي هريرة وابن
عباس وعمران بن حصين وهذا ما صح له فظاهر هذا أن زرارة لم يسمع من عائشة
والله أعلم وأخرجه أبو داود والنسائي في سننه الكبرى عن شريح بن هانئ
عن عائشة قال سألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
العشاء قط فدخل علي إلا صلى بعدها أربع ركعات أو ستا وسكت عنه
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي
عن عبد الرحمن بن أبي الموالي أخبرني نافع بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات وأوتر بسجدة ثم نام حتى يصلي
162

بعدها صلاته من الليل انتهى وكذلك رواه البزار في مسنده والطبراني في
معجمه قال البزار لا نعلم أحدا يرويه بهذا اللفظ إلا بن الزبير ولا نعلم له طريقا
أحسن من هذه الطريق انتهى
حديث آخر رواه البخاري في صحيحه لكن ليس فيه كان المقتضية
للدوام فلذلك أخرناه أخرجه في كتاب العلم في باب السمر في العلم عن سعيد
بن جبير عن بن عباس قال بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله
فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين
ثم خرج إلى الصلاة
حديث عن عائشة مخالف لحديثها المتقدم أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقيق
عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلي
بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي
ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين انتهى
الحديث الثاني عشر بعد المائة روى أنه عليه السلام كان يواظب على الأربع في
الضحى قلت رواه مسلم في صحيحه من حديث معاذة أنها سألت عائشة
كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت أربع ركعات ويزد ما شاء الله
انتهى وفي رواية ويزيد ما شاء انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده
حدثنا شيبان بن فروخ ثنا طبيب بن سلمان قال قالت عمرة سمعت أم المؤمنين
163

عائشة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات لا يفصل بينهن
بكلام انتهى وتكلم الناس في الجمع بين هذا وما أخرجه البخاري عن عروة
عن عائشة قالت أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب
أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبحة الضحى قط وإني
لأسبحها انتهى وما أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجئ من مغيبه انتهى
فقال المنذري في حواشيه يحتمل أنها أخبرت في الانكار عن رؤيتها ومشاهدتها
وفي الآخر بغير المشاهدة إما من خبره عليه السلام أو خبر غيره عنه وقد يكون
إنكارها أي مواظبا عليها ومعلنا بها وقد يكون الانكار إنما هو لصلاة الضحى
المعهودة عند الناس على الذي اختاره جماعة من السلف من صلاتها ثمان ركعات
وأنه عليه السلام كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء فيصليها مرة أربعا ومرة ستا ومرة
ثمانية وأقلها ركعتان وقد رأى جماعة أن يصلى في وقت دون وقت ليخالف
بينها وبين الفرائض انتهى
الحديث الثالث عشر بعد المائة قال عليه السلام لا صلاة إلا بقراءة قلت
أخرجه مسلم عن عطاء بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة إلا
بقراءة قال أبو هريرة فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه وما أخفاه أخفيناه لكم
164

انتهى والمصنف استدل به للشافعي على وجوب القراءة في كل ركعة ونحن نقول
بوجوبها في الركعتين الأوليين وليس الحديث بصريح فيه وأصرح منه حديث
المسئ صلاته أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة وفيه أنه عليه السلام قال
له إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن وفي آخره ثم
افعل ذلك في صلاتك كلها وحديث رفاعة بن رافع أيضا كما رواه أحمد في
مسنده وفيه أنه عليه السلام قال له إذا استقبلت الصلاة فكبر ثم اقرأ بأم
القرآن ثم اقرأ بما شئت وفي آخره ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة
وقد ذكرناه بتمامه في حديث لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها وهو في
السنن الأربعة ليس فيه ثم اصنع ذلك في كل ركعة والله أعلم
قوله وهو مخير في الأخريين إن شاء قرأ وإن شاء سبح وإن شاء سكت هو
المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة
قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه عن شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن
علي وابن مسعود قالا اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين وفيه انقطاع وهو
عن عائشة غريب
الحديث الرابع عشر بعد المائة روى أنه عليه السلام داوم على ذلك يعني
165

القراءة في الأخريين قلت يشهد له حديث أبي قتادة رواه الجماعة إلا الترمذي
166

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين
وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ويطيل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية
وكذلك في العصر وهكذا في الصبح انتهى صلى الله عليه وسلم
الحديث الخامس عشر بعد المائة قال عليه السلام لا يصلي بعد صلاة مثلها
167

قلت غريب مرفوعا ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه على عمر بن الخطاب وابن
مسعود فقال حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال قال عمر لا يصلي بعد
صلاة مثلها انتهى حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن إبراهيم والشعبي
قال قال عبد الله لا يصلي على إثر صلاة مثلها انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن
يسار قال أتيت بن عمر على البلاط وهم يصلون قلت ألا تصلي معهم قال قد صليت إني
قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلوا صلاة في يوم مرتين
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والسبعين من القسم
الثاني ولفظه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نعيد صلاة في يوم مرتين قال
بن حبان وعمرو بن شعيب في نفسه ثقة يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه فأما
روايته عن أبيه عن جده فلا تخلو من انقطاع وإرسال فلذلك لم يحتج بشئ منها
انتهى قيل ورواه بن خزيمة في صحيحه قال النووي في الخلاصة إسناده
صحيح قال ومعناه كما قاله أصحابنا أي لا تجب الصلاة في اليوم مرتين وإنما لم
يعد ها بن عمر لأنه كان صلاها في جماعة انتهى كلامه قال البيهقي في المعرفة
قال مالك ثنا نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال إني أصلي في بيتي ثم أدرك
الصلاة مع الامام أفأصلي معه فقال بن عمر نعم قال فأيتهما أجعل صلاتي
فقال بن عمر ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله يجعل أيهما شاء انتهى رواه
في الموطأ قال وهذا من بن عمر دليل على أن الذي روى عن عمرو بن شعيب عن
سليمان بن يسار عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة مكتوبة في يوم
مرتين إنما أراد به كلتاهما على وجه الفرض أو إذا صلى في جماعة فلا يعيدها
أخرى ثم أسند عن أبي المتوكل الناجي ثنا أبو سعيد الخدري قال صلى بنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم الظهر فدخل رجل فقال يصلي الظهر فقال ألا رجل يتصدق على هذا
فيصلي معه قال وروينا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا في هذا الخبر فقام أبو
168

بكر فصلى معه وقد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وروينا عن أبي موسى الأشعري
وأنس بن مالك أنهما فعلا وكانا قد صليا بالجماعة قال البيهقي ودعوى من ادعى
نسخ هذه الأخبار باطلة لا يشهد بها له تاريخ ولا سبب وإذا أمكن الجمع بين
الاخبار فهو أولى والله أعلم
أحاديث إعادة الفريضة لأجل الجماعة أخرج مسلم عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت فما تأمرني
قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة انتهى
وفي لفظ يؤخرون الصلاة لم يقل عن وقتها وفي لفظ ولا تقل إني قد
صليت فلا أصلي وفي لفظ صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة
وأخرج أيضا عن بن مسعود عنه عليه السلام قال إنه سيكون عليكم أمراء
يؤخرون الصلاة عن وقتها فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها
واجعلوا صلاتكم معهم سبحة مختصر من حديث التطبيق قال عبد الحق في
الجمع بين الصحيحين لم يخرج البخاري في هذا الباب شيئا انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن يزيد بن الأسود رضي
الله عنه قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد الخيف فلما قضى
صلاته إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه فقال علي بهما فجئ بهما
ترعد فرائصهما قال ما منعكما أن تصليا معنا قالا يا رسول الله إنا كنا صلينا في
رحالنا قال فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا
معهم فإنها لكما نافلة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وفي رواية
للدارقطني والبيهقي وليجعل التي صلاها في بيته نافلة وقالا إنها رواية ضعيفة
شاذة مردودة لمخالفتها الثقات
حديث آخر رواه أبو داود حدثنا قتيبة عن معن بن عيسى عن سعيد بن السائب
169

عن نوح بن صعصعة عن يزيد بن عامر السوائي بمعناه وقال في آخره إذا جئت
الصلاة فوجدت الناس فصل معهم وإن كنت صليت تكن لك نافلة وهذه
مكتوبة قال النووي في الخلاصة إسناده ضعيف انتهى
الحديث السادس عشر بعد المائة قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة القاعد على النصف من
صلاة القائم قلت أخرجه الجماعة إلا مسلما عن عمران بن حصين قال
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا فقال من صلى قائما فهو أفضل ومن
صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد
انتهى قال النووي في الخلاصة قال العلماء هذا في صلاة النافلة وأما
الفرض فلا يجوز القعود فيه مع القدرة على القيام بالاجماع فإن عجز لم ينقص
ثوابه انتهى قلت يدل عليه ما أخرجه البخاري في الجهاد عن أبي موسى قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما
صحيحا انتهى ذكره في باب ما يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة
وأخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة
170

الرجل قاعدا نصف الصلاة قال فأتيته فوجدته جالسا فوضعت يدي على رأسه
فقال مالك يا عبد الله قال حدثت يا رسول الله أنك قلت صلاة الرجل قاعدا
على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا قال أجل ولكني لست كأحد منكم
انتهى قال النووي أي ثوابي في النفل قاعدا كثوابي قائما هكذا قاله أصحابنا
انتهى
الحديث السابع عشر بعد المائة روى بن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر يومئ إيماء قلت أخرجه مسلم وأبو
داود والنسائي عن عمر بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر انتهى قال
النسائي عمرو بن يحيى لا يتابع على قوله على حمار وإنما هو على راحلته انتهى
171

قيل وقد غلط الدارقطني وغيره عمرو بن يحيى في ذلك والمعروف على راحلته
وعلى البعير انتهى وقوله يومئ إيماء ليس في الحديث وشيخنا علاء الدين ذكر
فيه يومئ برأسه وعزاه للصحيحين ولم أجد لفظ الايماء إلا عند البخاري مع أن
الشيخ في الامام وعزاه للصحيحين عن سالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه فلينظر وذكره النووي في
الخلاصة بهذا اللفظ وقال أخرجاه واللفظ للبخاري انتهى وقال عبد الحق
في الجمع بين الصحيحين تفرد البخاري بذكر الايماء فيه لكن أخرج البخاري
عن عمرو بن دينار قال رأيت عبد الله بن عمر يصلي في السفر على راحلته
أينما توجهت يومئ وذكر عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله انتهى وأخرج هو
ومسلم واللفظ للبخاري عن عامر بن ربيعة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على
الراحلة يسبح يومئ برأسه قبل أي وجه توجه ولم يكن يصنع ذلك في المكتوبة
انتهى قال المنذري في مختصره وقد أخرجه مسلم من فعل أنس بن مالك قلت
هذا تقصيره منه فقد أخرجه البخاري في صلاة المسافر بلفظ مسلم كلاهما عن
أنس بن سيرين قال استقبلنا أنس بن مالك حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر
فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب يعني عن يسار القبلة فقلت
رأيتك تصلي لغير القبلة فقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله انتهى
وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن مالك عن الزهري عن أنس قال رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى خيبر على حمار يصلي يومئ إيماء انتهى وسكت
عنه وهذا لفظ الكتاب وأخرج بن حبان في صحيحه في النوع الأول من
القسم الرابع عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي النوافل على
راحلته في كل وجه يومئ إيماء ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين انتهى
وأخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح عن جابر قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم
في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق السجود أخفض من
الركوع انتهى وأخرجه البخاري عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على
راحلته حيث توجهت به فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة انتهى
172

فصل في قيام شهر رمضان
قوله روى أن الخلفاء الراشدين واظبوا عليها يعني التراويح
الحديث الثامن عشر بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بين العذر في ترك المواظبة
على التراويح وهو خشية أن تكتب علينا قلت أخرجه البخاري ومسلم في
التهجد عن عروة بن الزبير عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته
ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج
إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل وذلك في رمضان انتهى وفي لفظ
لهما ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل وذلك في رمضان وزاد البخاري
فيه في كتاب الصيام فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والامر على ذلك انتهى وعند بن
حبان في صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه عليه السلام قام بهم في رمضان فصلى
173

ثمان ركعات وأوتر ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج إليهم فسألوه فقال
خشيت أن يكتب عليكم الوتر انتهى وقد تقدم في الوتر وعن بن شهاب عن عروة
بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة
في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي
الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ
واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى
والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها
أفضل عن التي يقومون يريد أخر الليل وكان الناس يقومون أوله انتهى وهذا
يدل على أنها تركت إلى زمان عمر بدليل أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب
والله أعلم رواه البخاري أيضا وعن أبي ذر نحوه رواه أصحاب السنن
وحسنه الترمذي وصححه وعن النعمان بن بشير نحوه رواه النسائي قال
النووي في الخلاصة بإسناد حسن
أحاديث العشرين ركعة روى بن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في
معجمه وعنه البيهقي من حديث إبراهيم بن عثمان أبي شيبة عن الحكم عن مقسم
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر انتهى
ورواه الفقيه أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي في كتاب الترغيب فقال ويوتر
بثلاث وهو معلول بأبي شيبة إبراهيم بن عثمان جد الامام أبي بكر بن أبي شيبة
وهو متفق على ضعفه ولينه بن عدي في الكامل ثم إنه مخالف للحديث
الصحيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان قالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة
ركعة يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن
حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا قالت عائشة فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن
174

توتر قال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي انتهى أخرجه البخاري
ومسلم في التهجد وفي لفظ لهما كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر
بسجدة ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر
ووقع في رواية للبخاري عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث
عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين انتهى قال
عبد الحق في الجمع بين الصحيحين هكذا في هذه الرواية وبقية الروايات عند
البخاري ومسلم أن الجملة ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر
حديث آخر موقوف رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو طاهر الفقيه ثنا أبو
عثمان البصري ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ثنا خالد بن مخلد ثنا محمد بن
جعفر حدثني يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال كنا نقوم في زمن عمر بن
الخطاب بعشرين ركعة والوتر انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده
صحيح وكأنه ذكره من جهة السنن لا من جهة المعرفة فإنه ذكره بزيادة
حديث آخر رواه مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال كان الناس
يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة انتهى
ومن طريق مالك رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وفي رواية في الموطأ
بإحدى عشرة ركعة قال البيهقي ويجمع بين الروايتين بأنهم قاموا بإحدى عشرة
ثم قاموا العشرين وأوتروا بثلاث قال ويزيد بن رومان لم يدرك عمر انتهى
قوله لان أفراد الصحابة رضي الله عنهم روي عنهم التخلف يعني عن
التراويح ذكر أن الطحاوي رواه عن بن عمر وعروة وغيرهما قال الطحاوي ثنا
فهد ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أنه كان لا يصلي خلف
الامام في شهر رمضان ثنا يونس وفهد ثنا عبد الله بن يوسف ثنا بن لهيعة عن أبي
الأسود عن عروة أنه كان يصلي مع الناس في رمضان ثم ينصرف إلى منزله فلا
175

يقوم مع الناس ثنا يونس ثنا أنس عن عبيد الله بن عمر قال رأيت أبي وسالما
ونافعا ينصرفون من المسجد في رمضان ولا يقومون مع الناس
قوله والمستحب في الجلوس بين الترويحتين مقدار الترويحة وكذا بين الخامسة
وبين الوتر لعادة أهل الحرمين
قوله ولا يصلى الوتر جماعة في غير شهر رمضان عليه الاجماع
باب إدراك الفريضة
176

الحديث التاسع عشر بعد المائة قال عليه السلام لا يخرج من المسجد بعد
النداء إلا منافق أو رجل يخرج لحاجة يريد الرجوع قلت رواه بن ماجة في
سننه بمعناه حدثنا حرملة بن يحيى ثنا بن وهب أخبرنا عبد الجبار بن عمر عن بن أبي
فروة عن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان عن أبيه عن عثمان قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك الاذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو
177

لا يريد الرجوع فهو منافق انتهى وأخرج أبو داود في المراسيل عن سعيد
بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا
منافق إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجوع انتهى ورواه عبد
الرزاق في مصنفه أخبرنا بن عيينة حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن بن المسيب
فذكروه وأخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي الشعثاء قال كنا مع أبي هريرة في
المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا
القاسم انتهى وهذا الحديث موقوف عند بعضهم وقال أبو عمر بن عبد البر إنه
مسند وكذلك نظائره لحديث أبي هريرة من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا
القاسم وقال لا تختلفون في ذلك ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد
فيه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن فلا تخرجوا حتى تصلوا انتهى
الحديث العشرون بعد المائة حديث الوعيد بترك الجماعة قلت كأنه يشير إلى
حديث الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف عنها إلا منافق وقد تقدم في باب
الإمامة مع غيره
178

الحديث الحادي والعشرون بعد المائة قال المصنف والأفضل في عامة السنن
والنوافل المنزل هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه البخاري ومسلم
عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت قال احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حجرة
من حصيرة في رمضان فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي حتى اجتمع إليه أناس
وجاءوا يصلون بصلاته ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج
إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم
ما زال بكم صنيعكم وفي آخره فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة
انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي مختصرا فلفظ أبو داود صلاة
المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة انتهى ولفظ
الآخرين أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة انتهى قال بن دحية في
العلم المشهور وقد استدل من يرى صلاة التراويح في البيوت وأنها لا تقام جماعة
بهذا الحديث وأخذ الجمهور بحديث عمر أنه جمع الناس على أبي بن كعب
وبحديث أبي ذر أن الرجل إذا قام مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة قال
فالحديث ضعيف وإن كان بن حبان رواه في صحيحه صحح فيه من سقيم
ومرض من صحيح انتهى وحديث أبي ذر هذا أخرجه أصحاب السنن الأربعة
عن جبير بن نفير عنه وصححه الترمذي وحسنه وينظر الصحيحان
فائدة قد يعارض هذا الحديث بحديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من
صلاة مفروضة في غير مسجدي هذا يدل على لفظ أبي داود المتقدم صلاة المرء
في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا ونظير هذا حديث عمرة في رمضان
تعدل حجة أخرجه البخاري ومسلم في الحج عن عطاء عن بن عباس
179

مرفوعا مع حديث ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي
الحجة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل
الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشئ من ذلك انتهى أخرجه
البخاري في العيدين عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعا
فيحمل العمل الصالح فيه على الصوم والصلاة فقط ويستأنس بحديث أخرجه
الترمذي وابن ماجة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم
منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر انتهى قال الترمذي حديث
غريب لا يعترض على هذا الحديث بما روي عن عائشة قالت ما رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط انتهى أخرجوه في الصوم إلا البخاري وفي لفظ
لمسلم لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط ورجح الترمذي الرواية الأولى فإن
بعض الحفاظ قال يحتمل أن تكون عائشة لم تعلم بصيامه عليه السلام فإنه كان
يقسم لتسع نسوة فلعله لم يتفق صيامه في نوبتها وينبغي أن يقرأ لم ير مبنية
للفاعل لتتفق الروايتين على أن حديث المثبت أولى من حديث النافي وقيل إذا
تساويا في الصحة يؤخذ بحديث هنيدة أخرجه أبو داود والنسائي عن هنيدة عن
امرأة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم
عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر وأول اثنين من الشهر والخميس وهو ضعيف
قال المنذري في مختصره اختلف فيه على هنيدة فروي كما ذكرنا وروي عنه
عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه عن أبيه عن أم سلمة مختصرا انتهى
الحديث الثاني والعشرون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر بعد
ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس ثم قال المصنف والحديث ورد بقضائها تبعا
180

للفرض قلت روي من حديث أبي قتادة ومن حديث ذي مخبر ومن حديث
عمران بن حصين ومن حديث عمرو بن أمية الضمري ومن حديث جبير بن مطعم
ومن حديث بلال ومن حديث أنس ومن حديث أبن مسعود ومن حديث بن
عباس ومن حديث مالك بن ربيعة السلولي ومن حديث أبي هريرة كما أخرجه
مسلم عن أبي حازم عن أبي هريرة قال عرسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستيقظ حتى
طلعت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ كل إنسان برأس راحلته فإن هذا منزل
حضرنا فيه الشيطان قال ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم صلى سجدتين ثم
أقيمت الصلاة فصلى الغداة انتهى
فحديث أبي قتادة أخرجه مسلم في صحيحه عن ثابت البناني عن عبد الله بن
رباح عن أبي قتادة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تسيرون عشيتكم
وتأتون الماء غدا إن شاء الله إلى أن قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع
رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم
والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا فسرنا حتى إذا
ارتفعت الشمس ثم نزل فدعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء ثم قال لأبي
قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم الحديث
بطوله قال البيهقي في المعرفة وقد رواه خالد بن سمير عن عبد الله بن رباح عن
أبي قتادة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أدركته هذه الصلاة من غداة فليصل
181

معها مثلها هكذا أخرجه أبو داود في سننه ولم يتابع خالد على هذه الرواية
معه وإنما اللفظ الصحيح فيه فإذا كان من الغداة فليصلها عند وقتها كما رواه
مسلم ولكن حمله خالد على الوهم وقد صرح في حديث عمران بن حصين
أينهاكم الله عن الربا وقبله منكم كما سيأتي ونسب الشيخ في الامام الوهم
فيه للراوي عن خالد وهو الأسود بن شيبان ونقله عن البيهقي فليراجع وسمير
بضم السين المهملة ورباح بالموحدة
وأما حديث ذي مخبر فرواه أبو داود في سننه من حديث حريز بن عثمان
حدثني يزيد بن صليح عن ذي مخبر الحبشي وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر
قال فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وضوء لم يلث منه التراب ثم أمر بلالا فأذن ثم قام
النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل ثم قال لبلال أقم الصلاة ثم صلى وهو
غير عجل انتهى وقد تقدم في الاذان
وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه أبو داود أيضا عن الحسن عن عمران
بن حصين بنحوه ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه
بزيادة فيه ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على ما قدماه من
صحة سماع الحسن من عمران وإعادته الركعتين لم يخرجاه انتهى قال الشيخ
في الامام ورواه بن خزيمة في صحيحه ورجاله ثقات وليس في الاستماع
الحسن من عمران فقال بن أبي حاتم عن أبيه وابن معين أنهما قالا لم يسمع منه
وقال علي بن المديني أيضا إنه قال لم يسمع منه انتهى وقد تقدم في الآذان
وأما حديث عمرو بن أمية الضمري فقد أخرجه أبو داود أيضا وقد تقدم
أيضا
وأما حديث جبير بن مطعم فأخرجه النسائي عن حماد بن سلمة ثنا عمرو بن
182

دينار عن نافع عن جبير بن مطعم عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال
من يكلأنا الليلة فقال بلال أنا فاستقبل مطلع الشمس فما أيقظهم إلا حر
الشمس فقاموا فأذن بلال وصلوا الركعتين ثم صلوا الفجر انتهى ووراه
أحمد في مسنده وكذا الطبراني في معجمه من طريق حماد بن سلمة
وأما حديث بلال فرواه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده قال
البزار حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى والفضل بن سهيل قالا ثنا
عبد الصمد بن النعمان قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
عن بلال فذكره وقد تقدم
وأما حديث أنس فرواه البزار أيضا حدثنا عمرو بن محمد بن محمد بن الحسن
الأسدي ثنا أبي عن عتبة أبي عمرو عن الشعبي عن أنس قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سفر فقال من يكلأنا الليلة فقلت أنا فنام ونام الناس فلم يستيقظ إلا بحر
الشمس فقال أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد يقبضها ويرسلها
إذا شاء فاقضوا حوائجكم على رسلكم فقضينا حوائجنا على رسلنا وتوضأنا
وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتي الفجر قبل الصلاة ثم صلى بنا وقال لا نعلم رواه
عن الشعبي عن أنس إلا عتبة انتهى
وأما حديث بن مسعود فرواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات أخبرنا
أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن إسحاق البخاري المقري بالكوفة أخبرنا أبو
جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ثنا أحمد بن حازم ثنا عمرو بن حماد عن أسباط
عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال كنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له القوم عرس بنا يا رسول الله فقال من يوقظنا
فقلت أنا يا رسول الله فنمت وناموا فما استيقظنا إلا بحر الشمس في رؤوسنا
فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ القوم فصلى ركعتين ثم صلى الفجر انتهى وزاد
في رواية وقال إن الله لو شاء لأيقظنا ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم فهكذا لمن
نام أو نسي انتهى
183

وأما حديث بن عباس فرواه البزار أيضا حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير ثنا
حربي بن حفص ثنا صدقة بن عباد عن أبيه عباد عن بن عباس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في مسير فنمنا عن الصلاة صلاة الغداة حتى طلعت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
مؤذنا فأذن كما كان يؤذن وصلى ركعتي الفجر كما كان يصلي ثم صلى
الغداة انتهى
وأما حديث مالك بن ربيعة السلولي فرواه النسائي في سننه أخبرنا هناد بن
السري عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن يزيد بن أبي مريم عن أبيه واسمه
مالك بن ربيعة السلولي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره فأسرينا ليلة فلما
كان في وجه الصبح نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ونام الناس فلم يستيقظ إلا
بالشمس قد طلعت علينا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن فأذن ثم صلى ركعتين قبل
الفجر ثم أمره فأقام ثم صلى بالناس ثم حدثنا ما هو كائن حتى تقوم
الساعة انتهى
الحديث الثالث والعشرون بعد المائة قال عليه السلام في سنة الفجر صلوها
وإن طردتكم الخيل قلت أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن إسحاق
المديني عن بن زيد عن بن سيلان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
تدعوهما وإن طردتكم الخيل انتهى قال المنذري في مختصره عبد الرحمن
بن إسحاق المدني أبو شيبة الواسطي ويقال عباد بن إسحاق أخرج له مسلم
ووثقه بن معين واستشهد به البخاري وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج به وهو
حسن الحديث وليس بثبت ولا بقوي وقال يحيى القطان سألت عنه بالمدينة
فلم يحمدوه وقال بعضهم إنما لم يحمدوه في مذهبه فإنه كان قدريا فنفوه من
المدينة فأما رواياته فلا بأس بها وقال البخاري مقارب الحديث وابن سيلان
184

بكسر السين المهملة بعدها آخر الحروف ساكنة وآخره نون واسمه عبد ربه
هكذا جاء مسمى في بعض طرقه وقيل هو جابر بن سيلان وقد رواه بن المنكدر
عن أبي هريرة انتهى كلامه وقال أبو محمد عبد الحق في أحكامه بعد أن ذكره
من جهة أبي داود وابن سيلان هذا هو عبد ربه وليس إسناده بالقوي انتهى قال
بن القطان في كتابه وعلته الجهل بحال بن سيلان ولا يدرى أهو عبد ربه بن
سيلان أو جابر بن سيلان فجابر بن سيلان يروي عن بن مسعود روى عنه محمد
بن زيد بن مهاجر كذا ذكره بن أبي حاتم وذكره الدارقطني فقال يروي عن أبي
هريرة روى عنه محمد بن زيد بن مهاجر وقال بن الفرضي روى عن بن مسعود
وأبي هريرة فعلى هذا يشبه أن يكون هذا الذي لم يسم في الاسناد جابر وهو
غالب الظن وعبد ربه بن سيلان أيضا مدني سمع أبا هريرة روى عنه أيضا محمد
بن زيد بن مهاجر بن أبي حاتم وابن الفرضي وغيرهما وأيهما كان فحاله
مجهول لا يعرف وأيضا عبد الرحمن بن إسحاق هو الذي يقال له عباد المقري
قال يحيى القطان سألت عنه بالمدينة ولم يحمدوه وقال أحمد روى أحاديث
منكرة انتهى كلامه
ومن أحاديث الباب تقدم بعضها أول الباب وأخرج مسلم عن سعد بن هشام
عن عائشة مرفوعا ركعتا الفجر أحب إلي من الدنيا وما فيها وفي لفظ لمسلم
خير من الدنيا وما فيها وأخرج البخاري ومسلم عن عبيد بن عمير أنها قالت
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ من النوافل أسرع منه إلا الركعتين قبل الفجر
انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شئ
من النوافل أشد معاهدة على الركعتين قبل الفجر انتهى أخرجاه عن عبيد بن عمير
عنها وأخرج البخاري عنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر
وركعتين قبل الفجر انتهى وأخرج عنها أيضا قالت صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء
ثم صلى ثمان ركعات قائما وركعتين جالسا وركعتين بعد النداءين ولم يكن
185

يدعهما أبدا انتهى وأخرج الطبراني في معجمه الوسط عن هدية بن المنهال
عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أنه أرسل إلى عائشة رضي الله عنها فسأله عن
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصلي ويدع ولكني لم أره يترك الركعتين قبل
صلاة الفجر في سفر ولا حضر وصحة ولا سقم انتهى وأخرج أبو يعلى
الموصلي في مسنده حدثنا سويد بن عبد العزيز ثنا فضيل بن عياض عن ليث عن
مجاهد عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تتركوا ركعتي الفجر
فإن فيهما الرغائب مختصر
الحديث الرابع والعشرون بعد المائة قال عليه السلام من ترك الأربع قبل
الظهر لم تنله شفاعتي قلت غريب جدا
الحديث الخامس والعشرون بعد المائة روى أنه عليه السلام واظب عليها يعني
السنن الرواتب عند أداء المكتوبات بالجماعة قلت هذا معروف من الأحاديث ولم
يرو أنه عليه السلام ترك شئ من الرواتب المذكورة في النوافل إلا الركعتين بعد الظهر
186

وقضاهما بعد العصر وركعتي الفجر وقضاهما بعد الفرض بعد الشمس
باب قضاء الفوائت
الحديث السادس والعشرون بعد المائة قال عليه السلام من نام عن صلاة
أو نسيها فلم يذكرها إلا وهو مع الامام فليصل التي هو فيها ثم ليصل التي ذكرها
ثم ليعد التي صلى مع الامام قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما
عن إسماعيل بن إبراهيم الترجماني عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله عن
نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع
الامام فليتم صلاته فإذا فرغ من صلاته فليعد التي نسي ثم ليعد التي صلاها مع
الامام انتهى قال الدارقطني رفعه أبو إبراهيم الترجماني ووهم في رفعه
وزاد في كتاب العلل والصحيح من قول بن عمر هكذا رواه عبيد الله ومالك
عن نافع عن بن عمر انتهى وقال البيهقي وقد أسنده غير أبي إبراهيم الترجماني عن
سعيد بن عبد الرحمن فوقفه وهو الصحيح انتهى
187

أما حديث مالك فهو في الموطأ عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من
نسي صلاة الحديث
وأما حديث يحيى بن أيوب فهو في سنن الدارقطني عنه ثنا سعيد عن عبد الرحمن
الجمحي موقوفا ورواه النسائي في الكنى عن الترجماني مرفوعا ثم قال رفعه
غير محفوظ وأخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سألت يحيى بن معين عن
إبراهيم الترجماني فقال لا بأس به انتهى وكذلك قال أبو داود وأحمد ليس به
بأس ونقل بن أبي حاتم في علله عن أبي زرعة أنه قال رفعه خطأ والصحيح
وقفه وقال عبد الحق في أحكامه رفعه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وقد
وثقه النسائي وابن معين وذكر شيخنا الذهبي في ميزانه توثيقه عن جماعة ثم
قال وابن حبان نصاب قال فيه روى عن الثقات أشياء موضوعة وذكر من
مناكيره هذا الحديث انتهى وقال بن عدي في الكامل لا اعلم رفعه عن
عبيد الله غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وقد وثقه بن معين وأرجو أن أحاديثه
مستقيمة لكنه يهم فيرفع موقوفا ويصل مرسلا لا عن تعمد انتهى فقد
اضطرب كلامهم فمنهم من ينسب الوهم في رفعه لسعيد ومنهم من ينسبه
للترجماني الراوي عن سعيد والله أعلم
قوله فلو كان في الوقت سعة وقدم الوقتية لا يجوز لأنه أداها قبل وقتها الثابت
بالحديث
قلت يشير إلى حديث أنس أخرجه الجماعة عنه مرفوعا من نسي صلاة
فليصلها إذا ذكرها وزاد في الصحيحين لا كفارة لها إلا ذلك انتهى وفي لفظ
لأبي داود فليصلها حين تذكرها الحديث الله تبارك وتعالى
أحاديث الباب روى أحمد في مسنده والطبراني في معجمه من طريق بن
188

لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد عن عبد الله بن عوف عن أبي
جمعة حبيب بن سباع وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب
ونسي العصر فقال لأصحابه هل رأيتموني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله
ما صليتها فأمر المؤذن فأذن ثم أقام فصلى العصر ونقص الأولى ثم صلى
المغرب انتهى وأعله الشيخ تقي الدين في الامام بابن لهيعة فقط وقال في
التنقيح بن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد ومحمد بن يزيد هو بن أبي زياد
الفلسطيني صاحب حديث الصور روى عنه جماعة لكن أبو حاتم قال هو مجهول
وعبد الله بن عوف هو القاري روى عنه الزهري وغيره وكان زمن عمر بن
عبد العزيز على ديوان فلسطين انتهى واستدل الشيخ في الامام على وجوب
الترتيب في الفائتة بحديث جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الخندق جعل
يسب كفار قريش وقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس
تغرب فقال عليه السلام فوالله إن صليتها فنزلنا إلى بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس وصلينا بعدها
المغرب رواه البخاري ومسلم وبحديث صلاته عليه السلام يوم الخندق في
وقت المغرب أربع صلوات وسيأتي في الحديث الآتي وليس بظاهر فيهما بل هما
ظاهران في امتداد وقت المغرب والله أعلم
الحديث السابع والعشرون بعد المائة روى أنه عليه السلام شغل عن أربع
صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبا ثم قال صلوا كما رأيتموني أصلي قلت
189

روى من حديث بن مسعود ومن حديث الخدري ومن حديث جابر
أما حديث بن مسعود فأخرجه الترمذي والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه
190

عبد الله بن مسعود قال قال عبد الله بن مسعود إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم
أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى
العشاء انتهى ورواه أحمد في مسنده قال الترمذي حديث ليس بإسناده
بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا
لغيره فينقل كلام الترمذي إلا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه والترمذي لم يقل ذلك في
جميع كتابه وإنما قال لم يسمع منه ذكره في خمس مواضع من كتابه أولها
في الطهارة في باب الاستنجاء وثانيها في الصلاة في باب الرجل تفوته
الصلوات بأيتهن يبدأ ثم في باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين
الأوليين ثم في الزكاة في باب ما جاء في زكاة البقر ثم في التفسير في
سورة الأنفال ولفظه في الجميع وأبو عبيدة لم يسمع من عبد الله وقد ذكر في
باب الاستنجاء بحجرين وفي باب زكاة البقر سنده عمرو بن مرة قال سألت
أبا عبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا انتهى وهذا دليل على أنه أدركه على صغر
وكذلك قال النسائي في سننه الكبري في باب صف القدمين وأبو عبيدة لم يسمع
من أبيه انتهى ولم أجد فيما رأيته من كلام العلماء من قال إنه لم يدرك أباه فقال
أبو داود توفي عبد الله بن مسعود ولولده أبي عبيدة سبع سنين وقال يحيى القطان
توفي عبد الله بن مسعود ولولده عبد الرحمن ست سنين وسئل أحمد عن
عبد الرحمن فقال أما الثوري وشريك فإنهما يقولان إنه سمع من أبيه وقال بن
المديني لقي أباه واختلف قول بن معين فقال مرة إنهما لم يسمعا من أبيهما
وروي عن معاوية بن صالح أن عبد الرحمن سمع من أبيه ومن علي وجزم بن
عساكر في الأطراف بسماع عبد الرحمن دون أبي عبيدة وأبو عبيدة اسمه
عامر والله أعلم ثم وجدت الشيخ محي الدين في الخلاصة قال في هذا الحديث
بعينه إنه منقطع فإن أبا عبيدة لم يدرك أباه انتهى وقال في باب إخفاء التشهد
أبا عبيدة لم يسمع أباه ولم يدركه باتفاقهم وقيل ولد بعد موته وقال في باب
الوتر أبا عبيدة لم يدرك أباه وكذلك قال في باب سجود السهو وكذلك في
باب صلاة الخوف وكذلك في باب الجنائز
191

طريق آخر أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده والبيهقي في سننه عن
يحيى بن أبي أنيسة عن زبيد الايامي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن بن مسعود به
سواء
واعلم أن ظاهر الحديث أن العشاء أيضا من الفوائت فإنه قال شغل عن أربع
صلوات وذكر منها العشاء وليس كذلك وإنما صلاها عليه السلام في وقتها
ولكن لما أخرها عن وقتها المعتاد سماها الراوي فائتة مجازا وسيأتي ما يدل على
ذلك وقوله في الحديث ثم صلوا كما رأيتموني أصلي ليس هو في هذا الحديث
ولو ذكره المصنف بالواو لكان أجود وهو في حديث مالك بن الحويرث أخرجه
البخاري في الاذان عن أبي قلابة ثنا مالك بن الحويرث فذكره وفيه فصلوا
كما رأيتموني أصلي وقد تقدم
وأما حديث الخدري فرواه النسائي في سننه من حديث بن أبي ذئب عن
سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم
الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء حين لقينا ذلك فأنزل الله تعالى تعالى
وكفى الله المؤمنين القتال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأقام ثم صلى الظهر
كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك ثم
أقام فصلى المغرب كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العشاء فصلاها
كما كان يصليها قبل ذلك وذلك قبل أن ينزل فرجالا أو ركبانا انتهى
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس ولم
يذكر فيه العشاء إلى آخر الحديث وهذا يوضح ما قدمناه من أن العشاء لا تعد من
الفوائت إلا مجازا ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده وقال فيه عن بن أبي
ذئب محمد بن عبد الرحمن به فذكره وهذا الحديث يرد قول من احتج بحديث بن
مسعود على تأخير الصلوات في حال الخوف قال في الشفاء والصحيح أنه كان
قبل نزول آية الخوف فهي ناسخة انتهى
192

وأما حديث جابر فأخرجه البزار في مسنده عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن
مجاهد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر
والمغرب والعشاء حتى ذهبت ساعة من الليل فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى
الظهر ثم أمره فأذن وأقام فصلى العصر ثم أمره فأذن وأقام فصلى المغرب
ثم أمره فأذن وأقام فصلى العشاء ثم قال ما على ظهر الأرض قوم يذكرون
الله في هذه الساعة غيركم انتهى وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف وفي
الباب حديث عمر بن الخطاب المتقدم أول الباب أخرجاه في الصحيحين حديث
بطحان
حديث آخر ذكر بن الجوزي في العلل بإسناده عن إبراهيم الحربي قال
سئل أحمد بن حنبل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن عليه صلاة فقال لا أعرف
هذا ولا سمعته عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ونقله الشيخ في الامام هكذا قال
ما عرفنا له أصلا انتهى
باب سجود السهو
الحديث الثامن والعشرون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو قبل السلام
قلت خرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عبد الله بن بحينة واللفظ للبخاري
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس فقام الناس معه
حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين
قبل أن يسلم انتهى
193

الحديث التاسع والعشرون بعد المائة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل سهو
سجدتان بعد السلام قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن إسماعيل بن عياش عن
عبيد الله بن عبد الله الكلاعي عن زهير بن سالم العنسي عن عبد الرحمن بن جبير عن
نفير عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل سهو سجدتان بعد السلام انتهى وفي
رواية لأبي داود عن أبيه عن ثوبان والاختلاف فيه من الرواة عن بن عياش قال
البيهقي في المعرفة انفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي انتهى ورواه
أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في معجمه
أحاديث الباب أخرج الجماعة إلا الترمذي عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم
عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص
فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ قال وما ذاك قالوا
صليت كذا وكذا قال فثنى رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم
ثم أقبل علينا بوجهه فقال إنه لو حدث في الصلاة شئ لنبهتكم به ولكني إنما أنا
بشر أنسى كما تنسون وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه
ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين وذكره أبو داود بلفظ البخاري ولفظ بن ماجة
فيه بالواو ولفظه ويسلم ويسجد سجدتين وأما النسائي فلم يذكر فيه
وإذا شك أحدكم إلى آخره بالجملة
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن مسافع أن مصعب بن
شيبة أخبره عن عتبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم انتهى ورواه أحمد
في مسنده قيل وابن خزيمة في صحيحه ورواه البيهقي وقال إسناده
194

لا بأس به وعقبة بن محمد ويقال عتبة ذكره بن حبان في الثقات
ومصعب بن شيبة وإن أخرج له مسلم في صحيحه ووثقه بن معين فقد ضعفه
أحمد وأبو حاتم والدارقطني
الحديث الثلاثون بعد المائة روي أنه عليه السلام سجد سجدتي السهو
بعد السلام قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عبد الله قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا فقيل له أزيد في الصلاة قال وما ذاك قالوا صليت
خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلم انتهى ولم يقل مسلم بعد ما سلم ولكنه
أخرج عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين بعد السلام والكلام انتهى
أحاديث الباب منها حديث ذي اليدين أخرجه البخاري ومسلم عن أبي
هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين
فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت إلى أن قال فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي
من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم وحديث عمران بن
حصين أخرجه مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات
فقام رجل يقال له الخرباق فذكر له صنيعه فقال أصدق هذا فقالوا نعم
فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن السعودي عن زياد بن
علاقة قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فسبح به من خلفه
فأشار إليهم قوموا فلما فرغ من صلاته سلم سجد سجدتي السهو فلما
انصرف قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت انتهى سكت عنه أبو داود
وقال الترمذي حديث حسن صحيح قال المنذري في مختصره والمسعودي
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير
واحد قال النووي في الخلاصة وروى الحاكم في المستدرك نحوه من حديث
195

سعد بن أبي وقاص ومثله من حديث عقبة قال في كل منهما صحيح على شرط
الشيخين
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع
ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر بن السرح ثنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن صالح بن
علي بن عبد الله بن عباس قال سمعت أبي عبد الله يحدث عن أبيه محمد قال
صليت خلف أنس بن مالك صلاة فسها فيها فسجد بعد السلام ثم التفت إلينا
وقال أما إني لم أصنع إلا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع انتهى
حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة بن الزبير فقال
أخبرنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد ثنا عسل بن سفيان عن عطاء بن أبي رباح
قال صليت مع بن الزبير المغرب فسلم في ركعتين ثم قام فسبح به القوم ثم قام
فصلى بهم الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين قال فأتيت بن عباس من فوري
فأخبرته فقال لله أبوك ما ماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم انتهى
قوله في الكتاب فتعارضت روايتا فعله فبقي التمسك بقوله يعني حديث
ثوبان المتقدم لكل سهو سجدتان وهذا فيه نظر لان الأحاديث قد وردت في
السجود قبل السلام من قوله صلى الله عليه وسلم منها ما أخرجه مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي
سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم
صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم سجد سجدتين
قبل أن يسلم وأخرج الأئمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فليس عليه حتى لا يدري كم صلى
فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس زاد فيه أبو داود وابن
ماجة وهو قبل التسليم وفي لفظ قبل أن يسلم ثم ليسلم وأخرج أبو
داود والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كنت في صلاة
فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين
196

وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم انتهى وأخرج الترمذي
وابن ماجة عن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سها
أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فليبن على واحدة فإن لم
يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا
فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس
في هذه المسألة على أربعة أقوال فطائفة رأت السجدة بعد السلام عملا بحديث
ذي اليدين وهو مذهب أبي حنيفة وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب وسعد
بن أبي وقاص وعبد الله بن الزبير ومن التابعين الحسن وإبراهيم النخعي
وعبد الرحمن بن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح وأهل الكوفة وذهب طائفة
197

إلى أن السجود قبل السلام أخذا بحديث بن بحينة وزعموا أن حديث ذي اليدين
منسوخ وحديث بن بحينة رواه البخاري ومسلم وأخذا بحديث الخدري رواه
مسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليطرح
الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى وبحديث
معاوية ثم أخرج عن يحيى بن أيوب ثنا بن عجلان أن محمد بن يوسف مولى
عثمان بن عفان حدثه عن أبيه أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فنسي فقام وعليه
جلوس فلما كان آخر صلاته سجد سجدتين قبل التسليم ثم قال هكذا رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع انتهى وهذا رواه النسائي في سننه من حديث الليث بن
سعد عن محمد بن عجلان به بلفظ ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم
الصلاة وقال الحازمي وتابع يحيى بن أيوب عليه بن لهيعة وبكر بن الأشج عن بن
عجلان ثم أسند عن الشافعي ثنا طريف بن حارث عن معمر عن الزهري قال
سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده وآخر الامرين قبل
السلام ثم أكده الشافعي بحديث معاوية المذكور قال وصحبة معاوية متأخرة قال
الحازمي وطريق الانصاف أن يقول إن أحاديث السجود قبل السلام وبعده كلها
ثابتة صحيحة وفيها نوع تعارض ولم يثبت تقدم بعضها على بعض برواية
صحيحة وحديث الزهري هذا منقطع فلا يدل على النسخ ولا يعارض بالأحاديث
الثابتة والأولى حمل الأحاديث على التوسع وجواز الامرين المذهب الثالث أن
السهو إذا كان في الزيادة كان السجود بعد السلام أخذا بحديث ابن بحينة وإليه
ذهب المالك بن انس القول الرابع أنه إذا نهض من ثنتين سجدهما قبل السلام أخذا
بحديث ذي اليدين وإذا كان في النقصان كان قبل السلام أخذا بحديث بن بحينة
وكذا إذا شك فرجع إلى اليقين أخذا بحديث أبي سعيد وإذا سلم من ثنتين سجد
بعد السلام أخذا بحديث أبي هريرة وكذا إذا شك وكان من يرجع إلى التحري
أخذا بحديث بن مسعود وإليه ذهب أحمد فإنه احتياط ففعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو
قاله في نظير كل واقعة عنه انتهى وقال البيهقي في المعرفة عن الزهري أنه
ادعى نسخ السجود بعد السلام رواه الشافعي ثنا مطرف بن مازن عن معمر عن
الزهري فذكره ثم أكده بحديث معاوية أنه عليه السلام سجد فيما قبل
198

السلام وبحديث أبي هريرة كما أخبرنا وساق من طريق الدارقطني بسنده عن
عكرمة عن عمار عن يحيى بن أبي كثير ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين
وهو جالس ثم يسلم قال أبو هريرة ومعاوية متأخر الاسلام إلا أن بعض أصحابنا
زعم أن قول الزهري منقطع وأحاديث السجود قبل وبعد ثابتة قولا وفعلا
وتقديم بعضها على بعض غير معلوم برواية صحيحة والله أعلم انتهى
الحديث الحادي والثلاثون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على فاتحة
الكتاب والقنوت والتشهد وتكبيرات العيدين من غير تركها مرة قلت هذا
معروف ولم ينقل الترك
199

الحديث الثاني والثلاثون بعد المائة حديث نهيه عليه السلام عن البتيراء قلت
رواه أبو عمر بن عبد البر في التمهيد حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ثنا أحمد
بن محمد بن إسماعيل بن الفرج ثنا أبي ثنا الحسن بن سليمان قبطية ثنا عثمان بن
محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثنا عبد العزيز ثنا بن محمد الدراوردي عن عمر بن
يحيى عن أبيه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل
201

واحدة يوتر بها انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن عبد البر
وقال الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم انتهى وقال بن القطان
في كتابه ليس دون الدراوردي من يغمض عنه والحديث شاذ لا يعرج عليه ما
لم يعرف عدالة رواته وعثمان بن محمد بن ربيعة الغالب على حديثه الوهم انتهى
وقوله ليس دون الدراوردي من يغمض عنه فيه نظر فإن عبد الله بن محمد بن
يوسف شيخ بن عبد البر هو بن الفرضي الإمام الثقة الحافظ والحسن بن سليمان
بن سلامة البراري أبو علي الحافظ يعرف بقبطية قال فيه بن يونس كان ثقة
حافظا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق والمروي عن بن عمر أنه فسر البتيراء
أن يصلي الرجل ركعتين يتم إحداهما ركوعا وسجودا ولا يتم الأخرى انتهى وهذا
الذي أشار إليه من قول بن عمر رواه البيهقي في المعرفة عن الحكم بسنده عن
محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص
قال سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل فقال يا بني هل تعرف وتر النهار
قلت نعم هو المغرب قال صدقت ووتر الليل واحدة بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا أبا عبد الرحمن إن الناس يقولون هي البتيراء قال يا بني ليس
تلك البتيراء إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة يتم ركوعها وسجودها وقيامها
ثم يقوم في الأخرى ولا يتم لها ركوعا ولا سجودا ولا قياما فتلك البتيراء انتهى
وهذا إن صح ففي حديث النهي ما يرد هذا وتفسير راوي الحديث يقدم على
تفسير غيره بل الظاهر أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في الوتر عند
الطحاوي ما يؤيده والله أعلم وتقدم أثر بن مسعود أيضا وقال النووي في
الخلاصة حديث محمد بن كعب القرظي في النهي عن البتيراء ضعيف ومرسل
ولم أجده
الحديث الثالث والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام إذا شك أحدكم في
صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة قلت حديث غريب وأخرج بن أبي
شيبة في مصنفه عن بن عمر قال في الذي لا يدري كم صلى أثلاثا أو أربعا
قال يعيد حتى يحفظ انتهى وفي لفظ قال أما أنا إذا لم أدر كم صليت فإني
202

أعيد انتهى وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وشريح
الحديث الرابع والثلاثون بعد المائة وقال عليه السلام من شك في صلاته
فليتحر الصواب قلت أخرجه البخاري ومسلم عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم
عن علقمة عن بن مسعود مرفوعا وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه
وفيه قصة وقد تقدم أول الباب ومذهب الشافعي أنه يبنى على اليقين مطلقا في
الصور كلها ويأخذ بحديث الخدري وبحديث عبد الرحمن بن عوف الآتيين
وعندنا إن كان له ظن بني على غالب ظنه وإلا فبنى على اليقين وحجتنا حديث بن
مسعود هذا قال البيهقي في المعرفة وحديث بن مسعود هذا رواه الحاكم بن عتيبة
والأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري ورواها إبراهيم
بن سويد عن عبد الله دون لفظ التحري فيشبه أن يكون من جهة بن مسعود أو
من دونه فأدرج في الحديث قال قائل منهم إن منصور بن المعتمر من حفاظ
الحديث وثقاتهم وقد روى القصة بتمامها وفيها لفظ التحري مضافا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها عنه جماعة من الحفاظ كمسعر والثوري وشعبة ووهيب بن
خالد وفضيل بن عياض وجرير وغيرهم والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن
فيها خلاف الجماعة قلنا عن ذلك جوابان أحدهما أن التحري يكون بمعنى
اليقين قال الله تعالى فأولئك تحروا رشدا ذكر ذلك أبو سليمان الخطابي
الثاني قال الشافعي وهو أن قوله فليتحر الصواب معناه فليتحر الذي يظن أنه
نقصه فيتمه فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على حال يستقين فيها
قال وهو عندي مطابق لحديث الخدري إلا أن الألفاظ قد تختلف لسعة الكلام في
الامر الذي معناه واحد انتهى كلامه
الحديث الخامس والثلاثون بعد المائة وقال عليه السلام من شك في صلاته
203

فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا بنى على الأقل قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة
عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن بن عباس عن عبد الرحمن بن
عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر
واحدة صلى أم ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن
على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح ولفظ بن ماجة إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى
أم ثنتان فليجعلها واحدة وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلها ثنتين وإذا شك
في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثا ثم ليتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في
الزيادة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم انتهى وأخرجه الحاكم
في المستدرك ولفظه فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليتم فإن الزيادة خير من
النقصان انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وتعقبه
الذهبي في مختصره فإن فيه عمار بن مطر الرهاوي وقد تركوه انتهى
وعمار ليس في السنن
أحاديث الباب أخرج مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليبن على اليقين حتى إذا
استيقن أن قد أتم فليسجد سجدتين قبل أن يسلم فإنه إن كانت صلاته وترا شفعها
204

وإن كانت شفعا كان ذلك ترغيما للشيطان انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في أواخر الصلاة عن سالم بن عبد الله بن عمر
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فلم يدر كم صلى ثلاثا أو
أربعا فليركع ركعة يحسن ركوعها وليسجد سجدتين انتهى قال حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادة من ذكر الركعة انتهى
كلامه
باب صلاة المريض
الحديث السادس والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام لعمران بن حصين
صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب تومئ إيماء قلت
أخرجه الجماعة إلا مسلما عن عمران بن حصين قال كانت بي بواسير فسألت
النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فعلى جنب زاد
النسائي فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها انتهى ووهم
الحاكم في المستدرك فقال بعد أن رواه كذلك هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه انتهى ذكره البخاري عقيب صلاة المسافر
الحديث السابع والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام إن قدرت أن تسجد
205

على الأرض وإلا أومئ برأسك قلت روي من حديث جابر ومن حديث بن
عمر
أما حديث جابر فأخرجه البزار في مسنده والبيهقي في المعرفة عن أبي
بكر الحنفي ثنا سفيان الثوري ثنا أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضا فرآه
يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به
وقال صل على الأرض ان استطعت وإلا فأومئ إيماء واجعل سجودك أخفض من
ركوعك انتهى قال البزار لا نعلم أحدا رواه عن الثوري إلا أبو بكر الحنفي
وقال البيهقي هو يعد في أفراد أبي بكر الحنفي وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن
الثوري وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته ويحتمل أن تكون
موضوعة على الأرض والله أعلم انتهى وقال عبد الحق في أحكامه رواه أبو
بكر الحنفي وكان ثقة عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر ولا يصح من حديثه إلا
ما ذكر فيه السماع أو كان من رواية الليث عن أبي الزبير انتهى
طريق آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو الربيع حدثنا حفص بن
أبي داود عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال عاد رسول
الله صلى الله عليه وسلم الحديث
وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد
بن حنبل حدثني شباب العصفري ثنا سهل أبو غياث حدثنا حفص بن سليمان عن
قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن بن عمر قال عاد النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من
206

أصحابه مريضا فذكره
طريق آخر رواه في معجمه الوسط حدثنا عبد الله بن بكر السراج ثنا شريح
بن يونس ثنا قران بن تمام عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن يسجد فليسجد ومن لم يستطع فلا يرفع إلى
جبهته شيئا يسجد عليه وليكن ركوعه وسجوده يومئ برأسه انتهى
الحديث الثامن والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام يصلي المريض قائما فإن
207

لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء فإن لم يستطع فالله أحق
بقبول العذر منه قلت حديث غريب وأخرج الدارقطني في سننه عن الحسن
ابن الحسين العرني ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن
الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصلي المريض قائما فإن
لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من
ركوعه فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن
لم يستطع صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة انتهى وأعله عبد الحق في
208

أحكامه بالحسن العرني وقال كان من رؤساء الشيعة ولم يكن عندهم بصدوق
ووافقه بن القطان قال وحسين بن زيد لا يعرف له حال انتهى وقال بن عدي
روى أحاديث مناكير ولا يشبه حديثه حديث الثقات وقال بن حبان يروي
المقلوبات ويأتي عن الاثبات بالمرويات انتهى وحسين بن زيد هو بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب قال عبد الرحمن بن أبي حاتم قلت لأبي ما تقول
فيه فحرك يده وقلبها يعني تعرف وتنكر وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس
به إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة انتهى
واعلم أن المصنف احتج بهذا الحديث على أن المريض إذا عجز عن القعود استلقى
على ظهره مادا رجليه إلى القبلة والشافعي يخالف ويقول يصلي على جنبه
مستقبلا بوجهه وحجته حديث عمران بن حصين المتقدم وحديث علي ليس بحجة
لنا
قوله ثم الزيادة تعتبر من حيث الأوقات عند محمد وعندهما من حيث
الساعات هو المأثور عن علي وابن عمر رضي الله عنهما قلت يعني بالزيادة
على خمس صلوات في الاغماء أخرج الدارقطني عن يزيد مولى عمار بن ياسر أن
عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وأفاق نصف الليل
فقضاهن انتهى ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في المعرفة وقال قال
209

الشافعي هذا ليس بثابت عن عمار ولو ثبت فمحمول على الاستحباب قال
البيهقي وعليه إن رواية يزيد مولى عمار مجهول والراوي عنه إسماعيل بن
عبد الرحمن السدي كان يحيى بن معين يضعفه وكان يحيى بن سعيد
وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا ولم يحتج به البخاري انتهى والرواية عن
علي غريبة وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن أبي ليلى عن نافع أن
بن عمر أغمي عليه شهرا فلم يقض ما فاته انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى به وروى إبراهيم الحربي في أواخر كتابه غريب
الحديث ثنا أحمد بن يونس ثنا زائدة عن عبيد الله عن نافع قال أغمي على عبد الله
بن عمر يوما وليلة فأفاق فلم يقض ما فاته واستقبل انتهى وروى محمد بن
الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن سليمان عن إبراهيم النخعي عن
بن عمر أنه قال في الذي يغمى عليه يوما وليلة قال يقضى انتهى حديث احتج
به الشافعي ومالك على سقوط الصلاة بالاغماء قلت أو كثرت أخرجه
الدارقطني عن الحكيم بن عبد الله بن سعيد الأيلي أن القاسم بن محمد بن أبي بكر
الصديق حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فقال ليس لشئ من ذلك قضاء إلا أن يغمى
عليه في وقت صلاة فيفيق فيه فإنه يصليه وهو ضعيف جدا قال أحمد في
الحكم بن سعيد الأيلي أحاديثه موضوعة وقال بن حبان يروي الموضوعات عن
الاثبات وقال بن معين ليس بثقة ولا مأمون وكذبه الجوزجاني وأبو حاتم
وتركه النسائي وابن الجنيد والدارقطني وقال البخاري تركوه وبقية السند كله
إلى الحكم مظلم وقالت الحنابلة يقضي ما فاته من صلاة قلت أو كثرت ولا
تسقط وتوسط أصحابنا فقالوا يسقط ما زاد على يوم وليلة سوى ما دون ذلك
والله أعلم
210

باب سجود التلاوة
قوله والسجدة في حم السجدة عند قوله وهم لا يسأمون في
قول عمر وهو المأخوذ للاحتياط قلت غريب وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه
عن بن عباس أنه كان يسجد في آخر الآيتين من حم السجدة عند قوله وهم
لا يسأمون انتهى وزاد في لفظ وأنه رأى رجلا سجد عند قوله إن كنتم
إياه تعبدون فقال له لقد عجلت انتهى
الحديث التاسع والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام والسجدة على من
سمعها وعلى من تلاها قلت حديث غريب وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه
عن بن عمر أنه قال السجدة على من سمعها انتهى وفي صحيح البخاري وقال
عثمان إنما السجود على من استمع انتهى وهذا التعليق رواه عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب أن عثمان مر بقاص فقرأ سجدة
ليسجد معه عثمان فقال عثمان إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد
انتهى
أحاديث الباب أخرج مسلم في الايمان عن أبي هريرة مرفوعا إذا قرأ بن
آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر بن آدم بالسجود
211

فسجد وأمرت بالسجود وأبيت فلي النار انتهى
أحاديث الخصوم احتج القائلون بعدم وجوب السجود بحديث زيد بن ثابت
قال قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد انتهى أخرجاه في الصحيحين
وبحديث الاعرابي هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع أخرجاه عن طلحة
نقله البيهقي في المعرفة عن الشافعي رحمه الله
الآثار روى مالك في موطئه عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب
قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل فسجد وسجدنا معه ثم قرأها يوم
الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا
212

إلا أن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا انتهى وعلقه البخاري في
صحيحه بسند آخر فقال في باب من لم ير السجود واجبا وعن ربيعة بن
عبد الله بن الهدير وكان من خيار الناس أنه حضر عمر بن الخطاب فذكره وهذا
رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة عن عثمان بن
عبد الرحمن التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه حضر عمر بن الخطاب يوم
213

الجمعة فقرأ على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل إلى آخره قال
بن جريج وزاد نافع عن بن عمر أنه قال إن الله لم يفرض السجود علينا إلا أن
نشاء انتهى وذكره النووي في في الخلاصة عن ربيعة عن عبد الله أن عمر بن
الخطاب فذكره بلفظ عبد الرزاق سواء ثم قال رواه البخاري ولم أجده إلا
معلقا فليراجع
قوله ومن أراد السجود كبر ولم يرفع يديه وسجد ثم كبر ورفع رأسه
ولا تشهد عليه ولا سلام هو المروي عن بن مسعود قلت غريب وأخرج أبو
داود عن عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بسجدة كبر وسجد وسجدنا معه انتهى
214

وعبد الله بن عمر العمري فيه مقال وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن
وعطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير أنهم كانوا لا يسلمون في السجدة
وأخرج عن الحسن قال إذا قرأ الرجل السجدة فليكبر إذا رفع رأسه وإذا
سجد انتهى وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن قال ليس في السجود
تسليم انتهى
أحاديث السجدتين في الحج أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن لهيعة
ثنا مشرح بن هاعان سمعت عقبة بن عامر يقول قلت يا رسول الله أفضلت سورة
الحج على سائر القرآن بسجدتين قال نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما
انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال الترمذي
ليس إسناده بالقوي وقال الحاكم هذا حديث لم نكتبه مسندا إلا من هذا الوجه
وعبد الله بن لهيعة أحد الأئمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن الحارث عن سعيد العقبي عن
عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في
القرآن منها ثلاث عشرة سجدة في المفصل وفي الحج سجدتان انتهى
ورواه الحاكم أيضا وقال قد احتج الشيخان بأكثر رواته وليس في عد سجود
القرآن أتم منه انتهى وعبد الله بن منين فيه جهالة قال عبد الحق في
أحكامه وعبد الله بن منين لا يحتج به قال بن القطان وذلك لجهالته فإنه لا
يعرف روى عنه غير الحارث بن سعيد العتقي وهو رجل لا يعرف له حال فالحديث
من أجله لا يصح قال وقد وقع لابن أبي حاتم تصحيف في اسمه وفي نسبه فقال
عبد الله بن منين وإنما هو منين بنونين وميم مضمومة وقال فيه من بني
عبد الدار وصوابه من عبد بني كلالة هكذا هو في كتاب أبي داود وتاريخ
البخاري انتهى كلامه
215

حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين انتهى قال أبو داود
وقد أسند هذا ولا يصح انتهى
الآثار أخرج مالك في موطئه عن عمر بن الخطاب أنه قال فضلت سورة
الحج على سائر السور بسجدتين انتهى وأخرج الحاكم عن بن عباس أنه قال
في الحج سجدتان وأخرج عن عمر وابن عمر وعبد الله بن مسعود وعمار
بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء أنهم سجدوا في الحج سجدتين
أحاديث السجود في ص احتج أصحابنا على أنها من سجود التلاوة بما
أخرجه الدارقطني عن حفص بن غياث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ص انتهى قال الدارقطني في علله انفرد به
حفص وخالفه إسماعيل بن حفص وغيره عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء انشقت وهو الصواب انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي في سننه أخبرني إبراهيم بن الحسن التيمي ثنا
حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص وقال سجدها نبي الله داود توبة ونسجدها شكرا
انتهى أخرج الدارقطني عن عبد الله بن بزيع عن عمرو بن ذر به لكنه لم
ينفرد
حديث آخر رواه الإمام أحمد في مسنده عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي
سعيد قال رأيت رؤيا وأنا أكتب سورة ص فلما بلغت السجدة رأيت
الدواة والقلم وكل شئ يحضرني انقلب ساجدا قال فقصصتها على رسول الله
216

صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجدها وذكر الدارقطني في علله اختلافا
أحاديث الخصوم احتج بن الجوزي في التحقيق للقائلين بأنها سجدة شكر
لا تلاوة بحديث أخرجه البخاري عن بن عباس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في
ص قال بن عباس وليست من عزائم السجود انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن
سعد بن أبي السرح عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقرأ
ص فلما مر بالسجود نزل فسجد وسجدنا معه وقرأها مرة أخرى فلما بلغ
السجدة تشزن الناس للسجود فلما رآنا قال إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم
تشزنتم أراكم قد استعددتم للسجود فنزل فسجد وسجدنا انتهى
وأخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة ص وقال حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وعندي أنهما حجة لنا قال النووي
في الخلاصة سنده صحيح على شرط البخاري قال وتشزنا مثناة من فوق ثم
شين معجمة ثم زاي مشددة بعدها نون تهيأنا انتهى
أحاديث السجود في الانشقاق أخرج البخاري ومسلم عن أبي رافع أن أبا
هريرة قرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت ما هذه السجدة قال لو لم
أر النبي صلى الله عليه وسلم يسجدها لم أسجد فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه وأخرجوا إلا
الترمذي عنه أيضا قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذا السماء انشقت
واقرأ باسم ربك انتهى ورواه مالك في الموطأ مالك عن عبد الله بن
يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قرأ لهم
إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد
فيها انتهى
217

أحاديث الخصوم واحتج لمالك في ترك السجود بحديث أخرجه بن ماجة في
سننه عن عثمان بن فائد عن عاصم بن رجاء بن حياة عن المهدي بن عبد الرحمن
حدثتني عمتي أم الدرداء قالت حدثني أبو الدرداء أنه سجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى
عشر سجدة ليس فيها شئ من المفصل الأعراف والرعد والنحل وبني
إسرائيل ومريم والحج والفرقان والنمل والسجدة وص وحم السجدة
انتهى وعثمان بن فائد قال بن حبان لا يحتج به ووهاه بن عدي وقال أبو
داود في سننه وروى عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة
وإسناده واه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي قتادة عن مطر الوراق عن عكرمة عن بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شئ من المفصل منذ تحول إلى المدينة قال
عبد الحق في أحكامه إسناده ليس بقوي ويروي مرسلا والصحيح حديث أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء انشقت وإسلامه متأخر قدم على
النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة وقال بن عبد البر هذا حديث منكر وأبو
قدامة ليس بشئ وأبو هريرة لم يصحب البني صلى الله عليه وسلم إلا بالمدينة وقد رآه يسجد في
الانشقاق والقلم انتهى وقال بن القطان في كتابه وأبو قدامة الحارث
بن عبيد قال فيه بن حنبل مضطرب الحديث وضعفه بن معين وقال النسائي
صدوق وعنده مناكير وقال أبو حاتم البستي كان شيخا صالحا وكثر وهمه
ومطر الوراق كان سئ الحفظ حتى كان يشبه في سوء الحفظ بمحمد بن عبد الرحمن
بن أبي ليلى وقد عيب على مسلم إخراج حديثه انتهى وروى عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال ليس في المفصل
سجدة أخبرنا بن جريج عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن بن عباس وابن
عمر قالا ليس في المفصل سجدة انتهى
218

باب صلاة المسافر
الحديث الأربعون بعد المائة قال عليه السلام يمسح المقيم كمال يوم وليلة
والمسافر ثلاثة أيام ولياليها قلت تقدم في مسح الخفين قوله عن علي قال لو
جاوزنا هذا الخص لقصرنا قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عباد بن
العوام عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي أن عليا خرج من
البصرة فصلى الظهر أربعا ثم قال إنا لو جاوزنا هذا الخص لصلينا ركعتين انتهى
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند أن عليا لما
خرج إلى البصرة رأى خصا فقال لولا هذا الخص لصليت ركعتين فقلت وما
الخص قال بيت من قصب انتهى وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن
219

وقاء بن إياس الأسدي قال حدثنا علي بن ربيعة الأسدي قال خرجنا مع علي
ونحن ننظر إلى الكوفة فصلى ركعتين وهو ينظر إلى القرية فقلنا له ألا تصلي
أربعا قال لا حتى ندخلها انتهى وذكر البخاري في الصحيح تعليقا من
غير سند فقال وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه
الكوفة قال لا حتى ندخلها انتهى وروى أيضا أخبرنا عبد الله بن عمر عن
نافع عن بن عمر أنه كان يقصر الصلاة حين يخرج من بيوت المدينة ويقصر إذا رجع
حتى يدخلها انتهى
قوله ولا يزال على حكم السفر حتى ينوي الإقامة في بلدة أو قرية خمسة
عشر يوما أو أكثر وإن نوى أقل من ذلك قصر وهو مأثور عن بن عباس وابن
عمر رضي الله عنهما والأثر في مثله كالخبر قلت أخرجه الطحاوي عنهما قالا
إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما أكمل الصلاة
بها وإن كنت لا تدري متى تظعن فأقصرها انتهى وروى بن أبي شيبة في
مصنفه ثنا وكيع ثنا عمرو بن ذر عن مجاهد أن بن عمر كان إذا أجمع على إقامة
خمسة عشر يوما أتم الصلاة انتهى وأخرجه محمد بن الحسن في كتاب الآثار
أخبرنا أبو حنيفة ثنا موسى بن مسلم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال إذا كنت
مسافرا فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر يوما فأتمم الصلاة وإن كنت لا تدري
فأقصر الصلاة انتهى وقدرها الشافعي بأربعة أيام فإن نواها صار مقيما ويرده
حديث أنس قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة وكان يصلي ركعتين
220

حتى رجعنا إلى المدينة قلت كم أقمتم بمكة قال أقمنا بها عشرا انتهى أخرجه
الأئمة الستة ولا يقال يحتمل أنهم عزموا على السفر في اليوم الثاني أو الثالث
واستمر بهم ذلك إلى عشر لان الحديث إنما هو في حجة الوداع فتعين أنهم نووا
الإقامة أكثر من أربعة أيام لأجل قضاء النسك نعم كان يستقيم هذا لو كان الحديث في
قضية الفتح
والحاصل أنهما حديثان أحدهما حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة
تسعة عشر يوما يقصر الصلاة رواه البخاري وكان في الفتح صرح بذلك في
بعض طرقه أقام بمكة عام الفتح والآخر حديث أنس المذكور وكان في حجة
الوداع قال المنذري في حواشيه حديث أنس يخبر عن مدة مقامه عليه السلام
بمكة شرفها الله تعالى في حجة الوداع فإنه دخل مكة صبح رابعة من ذي الحجة وهو
يوم الأحد وبات بالمحصب ليلة الأربعاء وفي تلك الليلة أعمرت عائشة من التنعيم ثم
طاف عليه السلام طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء وخرج
صبيحته وهو الرابع عشر
وأما حديث بن عباس وغيره فهو إخبار عن مدة مقامه عليه السلام بمكة زمن
الفتح انتهى كلامه وفي رواية لأبي داود والبيهقي عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام
بمكة سبع عشرة يقصر الصلاة قال النووي في الخلاصة وإسنادها على شرط
البخاري وفي رواية لهما مرسلة ضعيفة خمسة عشر وفي رواية لهما عن عمران
بن حصين ثمانية عشر وهي أيضا ضعيفة قال البيهقي يمكن الجمع بأن من
روى تسعة عشر عد يومي الدخول والخروج ومن روى سبعة عشر تركهما ومن
روى ثمانية عشر عد أحدهما انتهى
قوله روى أن بن عمر أقام بآذربيجان ستة أشهر وكان يقصر وعن
221

جماعة من الصحابة مثل ذلك قلت رواه عن عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله
بن عمر عن نافع أن بن عمر أقام بآذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة انتهى
وأخرج البيهقي في المعرفة عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر قال ارتج
علينا الثلج ونحن بآذربيجان ستة أشهر في غزاة وكنا نصلي ركعتين انتهى
قال النووي وهذا سند على شرط الصحيحين
أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن قال كنا
مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يجمع ولا يزيد على
ركعتين انتهى أخبرنا الثوري عن يونس عن الحسن نحوه
أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن جعفر بن
عبيد الله أن أنس بن مالك أقام بالشام شهرين مع عبد الملك بن مروان يصلي ركعتين
ركعتين انتهى ورواه البيهقي قال النووي وفي مسنده عبد الوهاب بن عطاء
مختلف فيه وثقه الأكثرون واحتج به مسلم في صحيحه
222

أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا المثنى بن سعيد عن أبي
جمرة نصر بن عمران قال قلت لابن عباس إنا نطيل القيام بخراسان فكيف ترى
قال صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين انتهى
اثر آخر رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عثمان بن أحمد
الدقاق ثنا علي بن إبراهيم ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن
بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال كنا مع سعد بن أبي وقاص في قرية من قرى
الشام أربعين ليلة وكنا نصلي أربعا وكان يصلي ركعتين انتهى
أثر آخر أخرجه البيهقي عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاموا برامهرمز
تسعة أشهر يقصرون الصلاة انتهى قال النووي إسناده صحيح وفيه عكرمة
بن عمار واختلفوا في الاحتجاج به واحتج به مسلم في صحيحه انتهى
أحاديث الباب مسندة أخرج أبو داود في سننه عن معمر عن يحيى بن أبي
كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين
يوما يقصر الصلاة انتهى قال أبو داود غير معمر لا يسنده ورواه البيهقي في
المعرفة وقال تفرد معمر بروايته مسندا ورواه علي بن المبارك وغيره عن يحيى عن
بن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى قال النووي في الخلاصة هو حديث
صحيح الاسناد على شرط البخاري ومسلم لا يقدح فيه تفرد معمر فإنه ثقة حافظ
فزيادته مقبولة انتهى
223

حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم
بن مقسم عن بن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر أربعين ليلة يقصر الصلاة انتهى
قال البيهقي وهو غير صحيح تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك
حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن عكرمة عن بن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بمكة تسع عشرة يقصر الصلاة فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن
زدنا أتممنا وفي لفظ لأبي داود سبع عشرة وقال البيهقي اختلفت الروايات
في تسع عشرة وسبع عشرة وأصحها عندي تسع عشرة وهي التي أودعها
البخاري في صحيحه فأخذ من رواها ولم يختلف عليه عبد الله بن المبارك وهو
أحفظ من رواه عن عاصم الأحول انتهى وقال في المعرفة ويمكن الجمع
بين هذه الروايات فمن روى تسع عشرة عد يوم الدخول ويوم الخروج ومن
روى سبع عشرة لم يعدهما ومن روى ثمان عشرة عد أحدهما قال وأما
حديث محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة فقد رواه كذلك بعض أصحاب بن
إسحاق عنه ورواه عبدة بن سليمان وسلمة بن الفضل عن بن إسحاق لم يذكر بن
عباس ورواه عبد الله بن إدريس عن بن إسحاق عن الزهري من قوله انتهى الحديث
الحادي والأربعون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين صلى بأهل
مكة وهو مسافر أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر قلت أخرجه أبو داود
والترمذي عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال غزوت مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا
ركعتين يقول يا أهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر انتهى قال الترمذي
حديث حسن صحيح ورواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في
224

مصنفه وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي والبزار في مسانيدهم ولفظ
الطيالسي قال ما سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا قط إلا صلى ركعتين حتى
يرجع معه وشهدت حنين والطائف وكان يصلي ركعتين حججت معه
واعتمرت فصلى ركعتين ثم حججت مع أبي بكر واعتمرت فصلى ركعتين ثم
قال أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم حججت مع عثمان واعتمرت فصلى
ركعتين ثم إن عثمان أتم انتهى وزاد فيه بن أبي شيبة وشهدت معه الفتح وأقام
بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين وقال فيه وحججت مع عثمان سبع
سنين من إمارته فكان لا يصلي إلا ركعتين ثم صلاها بمنى أربعا انتهى
أثر عن عمر رواه مالك في الموطأ عن الزهري عن سالم عن عبد الله عن أبيه
أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول يا أهل مكة أتموا
صلاتكم فإنا قوم سفر انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن
الزهري عن سالم عن بن عمر أن عمر صلى بأهل مكة الظهر فسلم في ركعتين ثم
قال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر انتهى
الحديث الثاني والأربعون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله
عليهم كانوا يسافرون ويعودون إلى أوطانهم مقيمين من غير عزم جديد قلت لم
أجد له شاهدا والمصنف استدل به على أن المسافر إذا دخل مصره أتم الصلاة وإن لم
ينو الإقامة
الحديث الثالث والأربعون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة عد نفسه
225

بمكة من المسافرين قلت يشهد له حديث أنس خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى
مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة قيل كم أقمتم بمكة قال
أقمنا بها عشرا انتهى أخرجاه في الصحيحين وحديث بن عباس أنه عليه
السلام أقام بمكة تسع عشرة يقصر الصلاة انتهى أخرجه البخاري وحديث عمران
بن حصين قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة
لا يصلي إلا ركعتين يقول يا أهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر أخرجه أبو داود
وحسنه الترمذي وصححه وقد تقدمت هذه الأحاديث وأخرج البخاري
ومسلم عن أبي جحيفة قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح بمكة في قبة له حمراء من
أدم فأتاه بلال بوضوئه قال فخرج البني صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء فتوضأ وأذن
بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على
الفلاح قال ثم أركزت له عنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه
الحمار والكلب لا يمنع ثم صلى العصر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع
226

إلى المدينة انتهى وأخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده عن حبيب بن أبي حبيب
عن عمرو عن جابر أن أبا هريرة قال سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع
عمر كلهم صلى حين خرج من المدينة إلى أن رجع إليها ركعتين في المسير وفي
المقام بمكة انتهى
أحاديث القصر رخصة أو عزيمة استدل أصحابنا على أنه عزيمة بأحاديث
منها حديث عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة السفر
وزيد في صلاة الحضر انتهى أخرجاه في الصحيحين وفي لفظ قالت فرض
الله الصلاة حين فرضها ركعتين فأتمها في الحضر وأقرت صلاة السفر على الفريضة
الأولى انتهى زاد في لفظ قال الزهري فقلت لعروة فما بال عائشة تتم في
السفر قال إنها تأولت كما تأول عثمان انتهى وفي لفظ للبخاري قالت
فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا فتركت صلاة
السفر على الأول انتهى ذكره بعد المناقب في باب من أين أرخوا التاريخ
وهذه الرواية ترد قول من قال إن زيادة الصلاة في الحضر كانت قبل الهجرة وقد
تقدم في أول الصلاة انتهى وأجاب الخصم بأنه رأى لا رواية وبأنه إشارة إلى
المفروض الأول يدل عليه أن عائشة كانت تتم في السفر
حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن مجاهد عن بن عباس قال
فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين وفي
الخوف ركعة انتهى ورواه الطبراني في معجمه بلفظ افترض رسول الله صلى الله عليه وسلم
ركعتين في السفر كما افترض في الحضر أربعا انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر
قال صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة
الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ورواه بن حبان في
227

صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث ولم يقدحه بشئ ولكن
اعترضه النسائي في سننه بأن فيه انقطاعا فقال وابن أبي ليلى لم يسمعه من عمر
انتهى وقوى ذلك بعضهم بأن بن ماجة أخرجه في سننه عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر فذكره وأجيب عن ذلك بأن مسلما حكم
في مقدمة كتابه بسماع بن أبي ليلى من عمر فقال وأسند عبد الرحمن بن أبي
ليلى وقد حفظ عن عمر بن الخطاب انتهى ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو يعلى الموصلي
في مسنده عن الحنين بن واقد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن
بن أبي ليلى حدثه قال خرجت مع عمر بن الخطاب إلى مكة فاستقبلنا أمير مكة
الحديث بل صرح بسماعه منه في بعض طرقه فقال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال سمعت عمر بن الخطاب فذكره
حديث آخر أخرجه النسائي عن بن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا
ونحن ضلال فعلمنا فكان فيما علمنا أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في
السفر انتهى قال في تنقيح التحقيق هكذا عزاه بن تيمية في المنتقى
للنسائي ولم أجد فيه في قصر الصلاة انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بقية بن الوليد عن أبي يحيى
المديني عن عمرو بن شعيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المتم للصلاة في السفر كالمقصر في الحضر انتهى واعترضه بن الجوزي في
التحقيق بأن بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن المفلس وكان
كذابا انتهى قال في التنقيح اشتبه عليه بن المفلس هذا بآخر وهو أحمد
بن محمد بن الصلت بن المفلس الحماني وهو كذاب وضاع قال والحديث
لا يصح فإن في رواته مجهول انتهى
أحاديث الخصوم احتج الشافعي وأحمد ومالك في أحد قوليه على أنه
رخصة بحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن
الخطاب ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين
228

كفروا فقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته انتهى وفي لفظ
لابن حبان في صحيحه اقبلوا رخصته ورواه أصحاب السنن الأربعة
حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن
مالك رجل من بني عبد الله بن كعب وليس بالأنصاري قال أغارت علينا
خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال أدن وكل
فقلت إني صائم فقال إذن أخبرك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر الصوم
وشطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت
من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الترمذي حديث حسن ولا يعرف لانس هذا عن
النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني
في معجمه
حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن
الأسود عن عائشة أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت
مكة قالت يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وأفطرت
وصمت قال أحسنت يا عائشة وما عاب علي انتهى والعلاء بن زهير
قال فيه بن حبان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات فبطل الاحتجاج به
كذا قال في كتاب الضعفاء وذكره في كتاب الثقات أيضا فتناقض كلامه
فيه والله أعلم وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن العلاء بن زهير
عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة به ولفظهما قالت خرجت مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت
بأبي وأمي أنت الحديث قال البيهقي إسناده صحيح وذكر صاحب التنقيح
229

أن هذا المتن منكر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قط انتهى قلت أخرجه
البخاري ومسلم عن قتادة عن أنس قال حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة واعتمر أربع
عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته انتهى وقال النووي في
الخلاصة في هذا الحديث إشكال فإن المعروف أنه عليه السلام لم يعتمر إلا أربع
عمر كلهن في ذي القعدة انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا بالسند الأول ومتنه ثم
قال وإسناده حسن متصل فإن عبد الرحمن أدرك عائشة ودخل عليها وهو
مراهق انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في الصوم ويتم ويفطر ويصوم انتهى قال
الدارقطني إسناده صحيح انتهى وقد رواه البيهقي عن طلحة بن عمر ودلهم
بن صالح والمغيرة بن زياد وثلاثتهم ضعفاء عن عطاء عن عائشة قال والصحيح
عن عائشة موقوف ثم أخرجه كذلك عن شعبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
أنها كانت تصلي في السفر فقلت لها لو صليت ركعتين فقالت يا بن أخي إنه لا
يشق علي انتهى وهذا سند صحيح والله أعلم وقد يعارض هذا بحديث
أخرجه البخاري ومسلم عن حفص بن عاصم عن بن عمر قال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت أبا بكر فلم يزد
على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله
وصحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وقد قال تعالى لقد كان
لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة انتهى قال عبد الحق هكذا في هذه
الرواية والصحيح أن عثمان أتم في آخر الامر كما أخرجاه من رواية نافع عنه ومن
رواية ابنه سالم أنه عليه السلام صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين
وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين صدرا من خلافته ثم أتمها أربعا انتهى
230

أحاديث الجمع بين الصلاتين في السفر أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن
مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت
العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم
ركب انتهى وفي لفظ لهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين
الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما
انتهى وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أعجل به السير يؤخر الظهر إلى أول وقت
العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حتى يغيب
الشفق انتهى
حديث آخر أخرجاه عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع
بين المغرب والعشاء انتهى وفي لفظ كان إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة
المغرب حتى يجمع بينهما وبين صلاة العشاء انتهى وفي لفظ لهما جمع بين
المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاة في
سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال
سعيد بن جبير فقلت لابن عباس ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته
انتهى زاد في رواية بالمدينة من غير خوف ولا سفر قال أبو الزبير فسألت
سعيدا لم فعل ذلك فقال سألت بن عباس كما سألتني فقال أراد أن لا يحرج
أحدا من أمته وفي رواية من غير خوف ولا مطر قال البيهقي رواية من
غير خوف ولا مطر رواها حبيب بن أبي ثابت وجمهور الرواة يقولون من غير
خوف ولا سفر وهو أولى أن يكون محفوظا انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل قال جمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين المغرب والعشاء وبين الظهر والعصر قال قلت فما
حمله على ذلك قال أدار أن لا يحرج أمته انتهى
حديث لأصحابنا أسند بن الجوزي لنا في التحقيق بحيث أخرجه الترمذي
231

عن حنش عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من جمع بين صلاتين من غير عذر
فقد أتى بابا من أبواب الكبائر انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال
حنش بن قيس ثقة انتهى قال في تنقيح التحقيق لم يتابع الحاكم على
توثيقه فقد كذبه أحمد وقال مرة هو متروك الحديث وكذلك قال النسائي
والدارقطني وقال البيهقي تفرد به أبو علي الرحبي المعروف بحنش وهو ضعيف
لا يحتج بخبره ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال حنش بن قيس
الرحبي أبو علي ولقبه حنش كذبه بن حنبل وتركه بن معين ثم روى
عن الحاكم بسنده عن أبي العالية عن عمر قال جمع الصلاتين من غير عذر من
الكبائر انتهى قال وأبو العالية لم يسمع من عمر ثم أسنده عن أبي قتادة العدوي
أن عمر كتب إلى عامل له ثلاث من الكبائر الجمع بين الصلاتين إلا من عذر
والفرار من الزحف والنهبى قال وأبو قتادة أدرك عمر فإذا انضم هذا إلى الأول
صار قويا قال البيهقي قال الشافعي والعذر يكون بالسفر والمطر وتأول الطحاوي
في شرح الآثار الجمع بين الصلاتين الوارد في الحديث على أنه صلى الأولى في
آخر وقتها والثانية في أول وقتها لا أنه صلاها في وقت واحد وقوى ذلك بحديث
أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال ما
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها إلا بجمع فإنه جمع بين المغرب
والعشاء بجمع وصلى صلاة الصبح من الغد قبل وقتها انتهى وبحديث أبي قتادة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن يؤخر حتى يدخل
وقت صلاة أخرى أخرجه مسلم قال يؤيد ما قلناها ما أخرجه مسلم عن بن
عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا في غير خوف ولا سفر وفي
لفظ قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في
غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك قال أراد أن لا يحرج
أمته قال ولم يقل أحد منا ولا منهم بجواز الجمع في الحضر قال فدل على أن
232

معنى الجمع ما ذكرناه من تأخير الأولى وتعجيل الأخرى قال وأما عرفة وجمع
فهما مخصوصان بهذا الحكم انتهى كلامه
باب صلاة الجمعة
الحديث الأول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا
233

أضحى إلا في مصر جامع قلت غريب مرفوعا وإنما وجدناه موقوفا على على
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع انتهى ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا عباد بن العوام عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال
لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة
عظمية انتهى ورواه عبد الرزاق أيضا أنبأ الثوري عن زبيد الايامي به عن سعد
بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لا تشريق ولا جمعة إلا في
مصر جامع انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن شعبة عن زبيد الايامي به
قال وكذلك رواه الثوري عن زبيد به وهذا إنما يروى عن علي موقوفا فاما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يروى عنه في ذلك شئ انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام إذا مالت الشمس فصل بالناس
الجمعة قلت غريب وأخرج البخاري في صحيحه عن أنس قال كان
النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة حين تميل الشمس انتهى وأخرج مسلم عن سلمة بن
الأكوع قال كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع
الفئ انتهى وأما حديث عبد الله بن سيدان بكسر السين المهملة
السلمي قال شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق وكانت خطبته قبل الزوال
وذكر عن عمر وعثمان نحوه قال فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره
234

رواه الدارقطني وغيره فهو حديث ضعيف قال النووي في الخلاصة اتفقوا
على ضعف بن سيدان
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة بدون الخطبة قلت ذكره
البيهقي واستدل بن الجوزي في التحقيق على وجوب الخطبة بهذا مع قوله
صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي
قوله وهي قبل الصلاة ثم قال به وردت السنة يعني الخطبة قلت يؤخذ
هذا من حديث السائب بن يزيد رواه البخاري عنه قال كان الاذان على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر يوم الجمعة حين يجلس الامام فلما كان عثمان
وكثر الناس أمر بالاذان الثاني على الزوراء ووجهه أن الاذان لا يكون إلا قبل
الصلاة فإذا كان الاذان حين يجلس الامام على المنبر للخطبة دل على أن الصلاة بعد
الخطبة ويؤخذ أيضا من حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أخرجه مسلم عنه
قال قال لي بن عمر أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ساعة الجمعة
قال قلت نعم سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هي ما بين أن يجلس
الامام إلى أن يقضى الصلاة قال أبو بردة يعني على المبر انتهى
قوله ويخطب خطبتين يفصل بينهما بقعدة به جرى التوارث قلت فيه
أحاديث فأخرج البخاري ومسلم عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
235

خطبتين يقعد بينهما وفي لفظ لهما كان يخطب قائما ثم يعقد ثم يقوم كما
يفعلون الآن انتهى
حديث آخر أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب
قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن حدثك أنه كان يخطب جالسا فقد
كذب وقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر
قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين كانت يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ أذان
المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم ويقوم فيخطب انتهى
والعمري فيه مقال
حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله من طريق بن وهب عن يونس
بن يزيد عن بن شهاب قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ فيجلس على المنبر
فإذا سكت المؤذن قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس شيئا يسرا ثم قام فخطب
الخطبة الثانية حتى إذا قضاها استغفر الله ثم نزل فصلى قال بن شهاب وكان إذا
قام أخذ عصا فتوكأ عليها وهو قائم على المنبر ثم كان أبو بكر الصديق وعمر
وعثمان يفعلون ذلك انتهى وفي هذا المرسل وفي هذا الحديث قبله جلوسه عليه
السلام على المنبر قبل الخطبة وليس ذلك في غيرهما وكل منهما يقوى الاخر
قوله ويخطب قائما على الطهارة لان القيام فيها متوارث قلت تقدم في
236

الأحاديث المذكورة ما فيه كفاية
قوله عن عثمان رضي الله عنه أنه قال الحمد لله فارتج عليه فنزل وصلى
قلت غريب واشتهر في الكتب أنه قال على المنبر الحمد لله فارتج عليه فقال إن
أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المكان مقالا فإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام
قوال وستأتي الخطبة بعد هذا والسلام وذكره الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في
كتاب غريب الحديث من غير سند فقال روى عن عثمان أنه صعد المنبر فارتج
عليه فقال الحمد لله إن أول كل مركب صعب وأن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا
المقام مقالا وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل وإن أعش تأتكم الخطبة على
وجهها يعلم الله إن شاء الله قال يقال ارتج على فلان إذا أراد قولا فلم يصل
إلى إتمامه انتهى
حديث في الاكتفاء في الجمعة بثلاث أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية
237

بن سعيد التجيبي والوليد بن محمد والحكم بن عبد الله بن سعد قالوا حدثنا
الزهير عن أم عبد الله الدوسية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجمعة واجبة
على أهل كل قرية وإن لم يكونوا ثلاثة ورابعهم إمامهم انتهى وقال هؤلاء
متروكون وكل من روى هذا عن الزهري متروك ولا يصح هذا عن الزهري ولا
يصح سماع الزهري من الدوسية انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لا يصح
في عدد الجمعة شئ انتهى
حديث الاثنان فما فوقهما جماعة رواه بن ماجة أخبرنا هشام بن عمار عن الربيع
بن بدر بن عليلة عن أبيه عن جده عمرو بن جراد عن أبي موسى الأشعري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الاثنان فما فوقهما جماعة انتهى ورواه الحاكم
والبيهقي والعقيلي وأخرجه البيهقي عن أنس وأخرجه الدارقطني عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه بن عدي من حديث الحكم بن عمير وكلا
ضعيفه
أحاديث الخصوم أخرج أبو داود عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن أباه
كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لاسعد بن زرارة قال فقلت له فقال لأنه أول
من جمع بنا في نقيع الخضمات قلت كم كنتم يومئذ قال أربعين انتهى وفيه
محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن لكن رواه البيهقي فصرح فيه بالتحديث
قال البيهقي وهذا حديث حسن الاسناد صحيح فان بن إسحاق إذا ذكر سماعه
وكان الراوي عنه ثقة استقام لا إسناد وأما قول الحاكم إنه على شرط مسلم
فمردود لان مداره علي بن إسحاق ولم يخرج له مسلم إلا متابعة انتهى
238

حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن جابر قال مضت السنة أن في
كل ثلاثة إماما وفي كل أربعين فصاعدا جمعة وأضحى وفطر قال البيهقي
هذا حديث لا يحتج به تفرد به عبد العزيز بن عبد الرحمن وهو ضعيف
قوله ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا أعمى لم يذكر
239

المصنف فيه حديثا وفيه أحاديث ما رواه أبو داود في سننه أخبرنا عباس بن
عبد العظيم العنبري عن إسحاق بن منصور عن هريم بن سفيان عن إبراهيم بن محمد بن
المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجمعة حق
واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض
انتهى قال أبو داود وطارق رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه انتهى قال النووي
في الخلاصة وهذا غير قادح في صحته فإنه يكون مرسل صحابي وهو حجة و
الحديث على شرط الصحيحين انتهى ورواه الحاكم في المستدرك عن هريم
بن سفيان به عن طارق بن شهاب عن أبي موسى مرفوعا وقال هذا حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد احتجا بهريم بن سفيان ورواه بن عيينة عن
إبراهيم بن محمد بن المنتشر فلم يذكر فيه أبا موسى وطارق بن شهاب يعد في
الصحابة انتهى وهريم بن سفيان قد رواه ليس فيه أبا موسى كما هو عند أبي
داود ولينظر قال البيهقي في سننه هذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مرسل
جيد وطارق من كبار التابعين وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يسمع منه ولحديثه
شواهد
حديث آخر أخرجه البيهقي من طريق البخاري حدثني إسماعيل بن أبان ثنا
محمد بن طلحة عن الحكم أبي عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عن
تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجمعة واجبة إلا على صبي أو مملوك أو مسافر
انتهى ورواه الطبراني في معجمه عن الحكم أبي عمرو به وزاد فيه المرأة
والمريض
240

حديث أخر أخرجه البيهقي أيضا عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول الجمعة واجبة إلا على ما ملكت أيمانكم أو ذي علة أنتهي
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بن لهيعة حدثنا معاذ بن محمد الأنصاري
عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا على مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك
انتهى قال النووي سنده ضعيف انتهى
حديث في السفر يوم الجمعة أخرج الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم
عن مقسم عن أبي عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرة فوافق
ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
ألحقهم فلما صلى عليه السلام رآه فقال له ما منعك أن تغدو مع أصحابك قال
أردت أن أصلي معه ثم ألحقهم فلو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل
غدوتهم انتهى قال الترمذي قال شعبة لم يسمع الحكم عن مقسم إلا خمسة
أحاديث ليس هذا منها انتهى وقال البيهقي تفرد به شعبة وهو
ضعيف
حديث آخر أخرجه أبو داود في المراسيل عن الزهري أنه عليه السلام خرج
لسفر يوم الجمعة من أول النهار انتهى
الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا قلت
241

أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا انتهى أخرجه البخاري في الاذان
والجمعة ومسلم في أثناء الصلاة وأبو داود والترمذي وابن ماجة في
المساجد والنسائي في سننه ولفظهم الجميع فيه وأتموا وأخرجه أحمد في
مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثامن والتسعين من القسم الأول
عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا وما فاتكم
فاقضوا قال مسلم أخطأ بن عيينة في هذا اللفظة ولا أعلم رواها عن الزهري غيره
وقال أبو داود قال فيه بن عيينة وحده فاقضوا وقال البيهقي لا أعلم روى عن
الزهري واقضوا إلا بن عيينة وحده وأخطأ انتهى وفيما قالوه نظر فقد رواها
أحمد في مسنده عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به وقال فاقضوا
رواه البخاري في كتابه المفرد غي الأدب من حديث الليث عن الزهري وقال
فاقضوا ومن حديث سليمان عن الزهري به نحوه ومن حديث الليث حدثنا
يونس عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة به كذلك ورواه أبو نعيم في
المستخرج عن أبي داود الطيالسي عن بن أبي ذئب عن الزهري به نحوه فقد
242

تابع بن عيينة جماعة وبين اللفظين بون من جهة الاستدلال فاستدل بقوله فأتموا
من قال إن ما يدركه المأموم هو أول صلاته واستدل بقوله فاقضوا من قال إنما
يدركه هو آخر صلاته قال صاحب تنقيح التحقيق والصواب أنه ليس بين اللفظين
فرق أن القضاء هو الاتمام في عرف الشارع قال الله تعالى فإذا قضيتم
مناسككم وقال تعالى فإذا قضيت الصلاة انتهى وفي لفظ لمسلم صل
ما أدركت واقض ما سبقك وأخرج أبو داود عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
قال آتوا الصلاة وعليكم السكينة فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم انتهى
قال أبو رافع عن أبي هريرة وأبو ذر فاختلف عنه فروى عنه فأتموا وروى عنه
فاقضوا انتهى كلامه
الحديث الخامس قال عليه السلام إذا خرج الامام فلا صلاة ولا كلام
قلت غريب مرفوعا قال البيهقي رفعه وهم فاحش إنما هو من كلام الزهري
انتهى ورواه مالك في الموطأ عن الزهري قال خروجه يقطع الصلاة وكلامه
يقطع الكلام انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطئه وأخرج بن
أبي شيبة في مصنفه عن علي وابن عباس وابن عمر أنهم كانوا يكرهون الصلاة
والكلام بعد خروج الامام وأخرج عن عروة قال إذا قعد الامام على المنبر فلا
صلاة وعن الزهري قال في الرجل يجئ يوم الجمعة والامام يخطب يجلس
243

ولا يصلى انتهى وأخرج الأئمة الستة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت
انتهى وروى بن ماجة في سننه أخبرنا محرز بن سلمة العدني ثنا عبد العزيز بن
محمد الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي بن
كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم فذكرنا بأيام الله وأبو
ذر يغمز لي فقال متى أنزلت هذا السورة إني لم اسمعها إلا الآن فأشار إليه أن
اسكت فلما انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني فقال أبي
ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدق
أبي انتهى ورواه أحمد في مسنده ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ثنا عبد العزيز
بن محمد به ورواه البزار في مسنده بسند آخر فقال ثنا إبراهيم بن زياد ثنا
أسود بن عامر عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة فذكر سورة فقال أبو ذر لأبي متى أنزلت هذه
السورة فأعرض عنه فلما انصرف قال ملاك من صلاتك إلا ما لغوت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال صدق انتهى وأخرج بن حبان في صحيحه في النوع التاسع
والأربعين من القسم الثالث عن جابر بن عبد الله قال دخل عبد الله بن مسعود
المسجد ورسوله الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى جنب أبي بن كعب فسأله عن شئ
أو كلمه بشئ فلم يرد عليه فظن بن مسعود أنها موجودة فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من
صلاته قال بن مسعود يا أبي ما منعك أن ترد علي قال لا بل لم تحضر معنا
الجمعة قال ولم قال سألت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام بن مسعود فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال صدق أبي أطع أبيا انتهى ورواه البيهقي في السنن فجعل
بين أبي ذر وأبي قال ورويت بين أبي الدرداء وأبي انتهى ويشكل على
244

مسألة الصلاة حديث سليك الغطفاني أخرجه الأئمة الستة عن عمرو بن دينار عن
جابر بن عبد الله أبن رجلا جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أصليت يا فلان
قال لا قال صل ركعتين وتجوز فيهما وزاد فيه مسلم وقال إذا جاء أحدكم يوم
الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما انتهى وزاد فيه بن حبان في
صحيحه وقال له لا تعد لمثل ذلك قال بن حبان يريد لا إبطاء لا صلاة
بدليل أنه جاء في الجمعة الثانية بنحوه فأمره بركعتين مثلهما ثم أخرجه كذلك
ولأصحابنا عنه جوابان أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أنصت له حتى فرغ من صلاته رواه
الدارقطني في سننه من حديث عبيد بن محمد العبدي ثنا معتمر عن أبيه عن قتادة عن
أنس قال دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قم
فاركع ركعتين وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته انتهى ثم قال أسنده عبيد بن
محمد العبدي ووهم فيه ثم أخرجه عن أحمد بن حنبل ثنا معتمر عن أبيه قال جاء
رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا فلان أصليت قال لا قال قم فصل ثم
انتظره حتى صلى انتهى قال وهذ المرسل هو الصواب ثم أخرجه أبي معشر
عن محمد بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره يعنى سليكا أن يصلى ركعتين وهو يخطب
أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه ثم عاد إلى خطبته انتهى قال وهذا مرسل
وأبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف انتهى وبهذا السند الثالث رواه بن
أبي شيبة في مصنفه وهذا الجواب يرده ما في الحديث إذا جاء أحدكم والامام
يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين انتهى أخرجه البخاري ومسلم هكذا يروى
القصة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا وأخرجه مسلم في قصة سليك كما تقدم
والثاني أن ذلك كان قبل شروعه عليه السلام في الخطبة وقد بوب النسائي في سننه
الكبرى على حديث سليك باب الصلاة قبل الخطبة ثم أخرجه عن أبي الزبير عن
جابر قال جاء سليك قبل أن يصلى فقال له عليه السلام أركعت ركعتين قال
لا قال قم فاركعهما انتهى وقد وردت هذه القصة في غير سليك روى الطبراني
في معجمه ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن منصور بن بن أبي الأسود
عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال دخل النعمان بن قوقل ورسول الله صلى الله عليه وسلم
245

يخطب يوم الجمعة وقال له النبي صلى الله عليه وسلم قم صل ركعتين وتجوز فيهما وإذا جاء
أحدكم والامام يخطب يوم الجمعة فليصل ركعتين وليخففهما انتهى
والنعمان بن قوقل بدري وذكر أبو محمد عبد الحق في أحكامه قال وروى أبو
سعيد الماليني في كتابه عن محمد بن أبي مطيع عن أبيه عن محمد بن جابر عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلون والامام يخطب
أنتهي قال بن القطان في كتابه وأبو سعيد الماليني اسمه أحمد بن محمد
وهو الذي روى عن بن عدي كتابه الكامل قال وأبو محمد عبد الحق لم ير كتباه
ذكر ذلك عن نفسه انتهى وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا أبو عامر
العقدي حدثني عبد الله بن جعفر من ولد المسور بن مخرمة عن إسماعيل بن حمد بن
سعيد بن أبي وقاص عن سائب بن زيد قال كنا نصلي في زمن عمر يوم الجمعة فإذا
خرج عمر وجلس على المنبر قطعنا الصلاة وكنا نتحدث ويحدثونا ربما نسأل
الرحل الذي يليه عن سوقه ومعاشه فإذا سكت المؤذن خطب ولم يتكلم أحد حتى
يفرغ من خطبته مختصرا
الحديث السادس قال المصنف فإذا صعد الامام المنبر جلس واذن المؤذن بين
يدي المنبر بذلك جرى التوارث ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الاذان
قلت أخرجه الجماعة إلا مسلما عن السائب بن يزيد قال كان النداء يوم
الجمعة أوله إذا جلس الامام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما
كان زمن عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء انتهى وفي رواية
للبخاري النداء الثاني وزاد بن ماجة على دار في السوق يقال لها الزوراء وفي
لفظ للبخاري إن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان حين كثر أهل
المدينة ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الامام
على المنبر انتهى وروى إسحاق بن راهويه في مسنده بلفظ كان النداء الذي
246

ذكره الله في القرآن يوم الجمعة إذا جلس الامام على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر وعامة خلافة عثمان فلما كثر الناس زاد النداء الثالث على
الزوراء انتهى قال النووي إنما جعل ثالثا لان الإقامة تسمى أذانا كما جاء في
الصحيح بين كل أذانين صلاة انتهى وأخرج البخاري في صحيحه في باب
رجم الحبلى عن بن عباس قال جلس عمر بوم الجمعة على المنبر فلما سكت
المؤذن قام فأثنى على الله تعالى وذكر الحديث
أحاديث السلام عند صعود المنبر فيه أحاديث مسندة أحاديث مرسلة أما
المسندة فعن جابر وابن عمر
أما حديث جابر فأخرجه بن ماجة في سننه عن بن خالد ثنا بن لهيعة عن
محمد بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم
انتهى وهو حديث واه قال بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد
الحراني عن بن لهيعة عن محمد بن زيد بن المهاجر عن محمد بن المنكدر عن جابر أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم فقال أبي هذا حديث موضوع انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث عيسى بن
عبد الله أنصاري عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد
يوم الجمعة سلم على من عند منبره من الجلوس فإذا صعد المنبر توجه إلى الناس فسلم
عليهم انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعيسى وقال عامة ما يرويه
لا يتابع عليه انتهى قال بن القطان وإذا كان كذلك فهو إذا منكر الحديث
انتهى وقال بن حبان في كتاب الضعفاء يروى عن نافع مالا يتابع عليه لا يحتج به
إذا انفرد انتهى وأما المرسلة فعن الشعبي وعطاء بن أبي رباح
فمرسل عطاء رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عطاء قال
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه فقال السلام عليكم
247

انتهى
وأما مرسل الشعبي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه ثنا أبو أمامة ثنا مجالد عن
الشعبي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه وقال
السلام عليكم وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلونه انتهى
أحاديث سنة الجمعة روى بن ماجة في سننه ثنا داود بن رشيد ثنا حفص بن
غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وعن أبي سفيان عن جابر قالا جاء
سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصليت ركعتين قبل أن
تجئ قال لا قال فصل ركعتين وتجوز فيهما انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن
عطية العوفي عن بن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع من قبل الجمعة أربعا لا يفصل في
شئ منهن انتهى ورواه الطبراني في معجمه وزاد فيه وأربعا بعدها وسنده
واه جدا فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين وحجاج وعطية ضعيفان
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن إسماعيل الرازي
أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي ثنا غياث بن بشير عن خصيف بن أبي عبيدة عن
عبد الله بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا
انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن الحسين البغدادي
ثنا سفيان القصعري ثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي ثنا حصين بن عبد الرحمن السلمي
عن عاصم بن ضمرة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه سواء وزاد يجعل
التسليم في آخرهن ركعة انتهى ولم يذكر الشيخ محي الدين النووي في الباب
غير حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين كل أذانين صلاة أخرجه
248

البخاري ومسلم ذكره في كتاب الصلاة وذكر أيضا حديث نافع قال
كان بن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك انتهى قال رواه أبو داود بسند على شرط البخاري
انتهى وسنه الجمعة ذكرها صاحب الكتاب في الاعتكاف فقال السنة قبل
الجمعة أربع وبعدها أربع وأشار إليها في إدراك الفريضة فقال ولو أقيمت وهو في
الظهر أو الجمعة فإنه يقطع على رأس الركعتين وقيل يتمها انتهى
حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة أن
بن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات وبعدها أربع ركعات انتهى
أخبرنا الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال كان عبد الله
يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا انتهى
حديث آخر موقوف رواه بن سعد في الطبقات في أواخر الكتاب أخبرنا
يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن صافية قالت رأيت صفية بنت حي رضي الله
عنها صلت أربع ركعات قبل خروج الامام للجمعة ثم صلت الجمعة مع الامام
ركعتين انتهى وأما السنة التي بعدها ففي صحيح مسلم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته وفي لفظ كان لا يصلي بعد الجمعة حتى
ينصرف فيصلي ركعتين في بيته انتهى وأخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فان عجل بك
شئ فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت انتهى
249

باب صلاة العيدين
الحديث الأول حديث مواظبته عليه السلام على صلاة العيد من غير تركه مرة
قلت هذا معروف
الحديث الثاني حديث الاعرابي هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع قلت
أخرجه البخاري ومسلم في الايمان عن طلحة بن عبيد الله قال جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوى صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في
اليوم والليلة فقال هل على غيرهن قال لا إلا أن تطوع وصيام شهر رمضان
قال هل على غيره قال لا إلا أن تطوع وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال
هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فادبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد
على هذا ولا انقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق انتهى
الحديث الثالث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطعم في يوم الفطر قبل أن يخرج
250

إلى المصلى وكان يغتسل في العيدين قلت هما حديثان فالأول أخرجه البخاري
في صحيحه عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل
تمرات قال وقال مرجى بن رجاء حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال حدثني أنس
عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأكلهن وترا انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن ثواب بن عتبة عن عبد الله بن بريدة
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل وكان لا يأكل يوم
النحر حتى يصلى ولفظ بن ماجة حتى يرجع انتهى قال الترمذي حديث
غريب وقال محمد لا اعرف لثواب بن عتبة غير هذا الحديث انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه وثواب بن عتبة قليل الحديث ولم يجرح بشئ يسقط به حديثه انتهى
وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة ورواه الدارقطني في سننه وزاد حتى
يرجع فيأكل من أضحيته قال بن القطان في كتابه وهذا الحديث عندي صحيح
فإن ثواب بن عتبة المهري بصري ثقة وثقه بن معين روى عنه عباس وإسحاق بن
منصور وزيادة الدارقطني أيضا صحيحه انتهى كلامه ورواه أحمد بالزيادة
حديث أخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن أبي خالد ثنا
إسحاق بن عبد الله التميمي الأودي ثنا إسماعيل بن علية عن أبي جريج عن عطاء عن بن
عباس قال من السنة أن لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يوم النحر حتى يرجع
انتهى
وأما حديث الاغتسال في العيدين فقد تقدم في الطهارة
251

الحديث الرابع روى أنه عليه السلام كان له جبة فنك أصوف يلبسها في
الأعياد قلت غريب وروى البيهقي في سننه من طريق الشافعي أخبرنا إبراهيم
بن محمد الأسلمي أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس
برد حبرة في كل عيد انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد
بن إسحاق بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبي ثنا سعد بن الصلت عن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جده علي بن الحسين عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس يوم العيد بردة
حمراء انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر
عن جابر بن عبد الله قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة
انتهى
قوله ولا يكبر عند أبي حنيفة في طريق المصلى يعنى جهرا في عيد الفطر
وعندهما يكبر اعتبارا بالأضحى وله أن الأصل في الثناء والاخفاء والشرع ورد به في
الأضحى لأنه يوم تكبير ولا كذلك الفطر قلت لم أجد له شاهدا وأخرج
الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا غدا يوم الفطر
ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الامام انتهى
قال البيهقي الصحيح وفقه على ابن عمر وقد روى مرفوعا وهو ضعيف انتهى
وروى الحاكم في المستدرك مروعا بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الطريق لم
يذكر الجهر وقال غريب الاسناد والمتن ثم رواه موقوفا والمرفوع أخرجه
252

الدارقطني في سننه عن موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد الموقري ثنا
الزهري ثنا سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من
حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى انتهى وضعفه بن القطان في كتابه
فقال قال أبو حاتم في موسى بن محمد بن عطاء أبي الطاهر المقدسي كان يغرب
ويأتي بالأباطيل وقال أبو زرعة كان يكذب وقال بن عدي منكر الحديث روى
عن الموقري عن الزهري أحاديث مناكير وأبو الطاهر والموقري ضعيفان انتهى
كلامه
الحديث الخامس قال المصنف ولا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد لأنه عليه
السلام لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة قلت أخرج الأئمة الستة في كتبهم
عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بهم العيد لم يصل
قبلها ولا بعدها انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص
عن بن عمر أنه خرج في يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله
انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده والحاكم في
مستدركه وصححه وأبان بن عبد الله البجلي وثقه بن معين وقال أحمد
صدوق صالح الحديث وقال بن حبان كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير
وقال بن عدي لم أجد له حديثا منكر المتن وأرجو أنه لا بأس به انتهى
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه أخبرنا محمد بن يحيى عن الهيثم بن جميل
253

عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عطاء بن
يسار عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى قبل العيد شيئا فإذا
رجع إلى منزله صلى ركعتين انتهى
وقوله ثم قيل الكراهة في المصلى خاصة وقيل فيه وفي غيره لأنه عليه السلام
لم يفعله قلت هذا يشهد له حديث أبي سعيد المذكور لأنه نفى مطلق بخلاف
ما قبله فان الراوي هناك أخبر أنه شاهده في المصلى لم يصل شيئا وقد يكون صلى في
منزله
الحديث السادس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى العيد والشمس على قيد رمح أو
رمحين قلت حديث غريب والمصنف استدل به وبالحديث الذي بعده على أن
وقت العيد من حين ارتفاع الشمس إلى زوال الشمس وأخرج أبو داود وابن ماجة عن
يزيد بن خمير بضم الخاء المعجمة قال خرج عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم
مع الناس يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الامام وقال أن كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد
فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده
صحيح على شرط مسلم
الحديث السابع روى أن النبي عليه السلاة والسلام أمر بالخروج إلى المصلى من
الغد حين شهدوا بالهلال بعد الزوال قلت روى أبو داود والنسائي وابن ماجة
واللفظ لابن ماجة من حديث أبي بشر جعفر بن وحشية عن أبي عمير بن أنس حدثني
عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أعمى علينا هلال شوال
254

فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال
بالأمس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد
انتهى وبهذا اللفظ رواه الدارقطني وقال إسناده حسن وابن أبي شيبة في
مصنفه ولفظ أبي داود والنسائي فيه أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم
رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا وإذا صبحوا يغدوا إلى مصلاهم انتهى
ولكن يجمل اللفظ المجمل على اللفظ المعين وأخرجه بن حبان في صحيحه عن
سعيد بن عامر ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن عمومة له شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم
على رؤية الهلال فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا العيد من الغد انتهى قال
الدارقطني في علله هذا حديث اختلف فيه فرواه سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة
عن أنس وخالفه غيره من أصحاب شعبة فرووه عن شعبة عن أبي بشر عن أبي عمير
بن أنس عن عمومة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه أبو عوانة وهشيم عن أبي بشر وهو
الصواب انتهى وقال بن القطان في كتابه وعندي أنه حديث يجب النظر فيه
ولا يقبل إلا أن تثبت عدالة أبي عمير فإنه لا يعرف له كبير شئ وإنما حديثان أو
ثلاثة لم يروها عنه غير أبي بشر ولا أعرف أحدا عرف من حاله ما يوجب قبول روايته
ولا هو من المشاهير المختلف في ابتغاء مزيد العدالة على إسلامهم وقد ذكر الباوردي
حديثه هذا وسماه في مسنده عبد الله وهذا لا يكفي في التعريف بحاله وفيه مع
الجهل بحال أبي عمير كون عمومته لم يسموا فالحديث جدير بأن لا يقال فيه صحح
انتهى كلامه وقال النووي في الخلاصة هو حديث صحيح وعمومة أبي عمير
صحابة لا يضر جهالة أعيانهم لان الصحابة كلهم عدول واسم أبي عمير عبد الله
وهو أكبر أولاد أنس انتهى كلامه وأخرج أبو داود عن ربعي بن حراش عن رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقام أعرابيا فشهدا
عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لأهلا الهلال أمس عشية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا
255

وأن يغدوا إلى مصلاهم انتهى ورواه الدارقطني وقال إسناده حسن ثم
البيهقي وقال الصحابة كلهم ثقات سموا أو لم يسموا ورواه الحاكم في
مستدركه وسمى الصحابي فقال عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود فذكره
وقال صحيح على شرطيهما ولم يخرجاه انتهى
قوله ويصلى الامام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثا بعدها ثم
يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة ثم
يكبر ثلاثا بعدها ويكبر رابعة يركع بها وهذا قول بن مسعود وهو قولنا قلت
رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة
والأسود أن بن مسعود كان يكبر في العيدين تسعا تسعا أربع قبل القراءة ثم يكبر
فيركع وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعا ثم ركع أخبرنا معمر عن أبي
إسحاق عن علقمة والأسود قال كان بن مسعود جالسا وعنده حذيفة وأبو موسى
الأشعري فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في الصلاة العيد فقال حذيفة سل
الأشعري فقال الأشعري سل عبد الله فإنه أقدمنا واعلمنا فسأله فقال بن مسعود
يكبر أربعا ثم يقرأ ثم يكبر فيركع فيقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا بعد القراءة
انتهى
طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي
عن مسروق قال كان عبد الله بن مسعود يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات
خمس في الأولى وأربع في الآخرة ويوالي بين القراءتين وأن يخطب بعد الصلاة
على راحلته انتهى وينظر الطبراني فإنه رواه من طرق أخرى قال الترمذي في
256

كتابه وروى عن بن مسعود أنه قال في التكبير في العيدين تسع تكبيرات في
الأولى خمسا قبل القراءة وفي الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعا مع تكبيرة الركوع
وقد روى عن غير واحد من الصحابة نحو هذا انتهى
أحاديث الباب المرفوعة أخرج أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن ثوبان عن
أبيه عن مكحول قال أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة أن سعيد بن العاص سأل
أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الاضحي
والفطر فقال أبو موسى كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز فقال حذيفة صدق
فقال أبو موسى كذلك كنت أكبر في البصرة حين كنت عليهم انتهى سكت
عنه أبو داود ثم المنذري في مختصره ورواه أحمد في مسنده واستل
به بن الجوزي في التحقيق لأصحابنا ثم أعله بعبد الرحمن بن ثوبان قال قال بن
معين هو ضعيف وقال أحمد لم يكن بالقوي وأحاديثه مناكير قال وليس يروى
عن النبي صلى الله عليه وسلم في تكبير العيدين حديث صحيح انتهى قال في التنقيح
عبد الرحمن بن ثوبان وثقه غير واحد وقال بن معين ليس به بأس ولكن أبو عائشة
قال بن حزم فيه مجهول وقال بن القطان لا أعرف حاله انتهى
الأحاديث الموقوفة قال بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن سعيد عن
أشعث عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعا فذكر مثل حديث أين
مسعود انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إسماعيل بن أبي الوليد ثنا
خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال شهدت بن عباس كبر في صالة العيد
257

بالبصرة تسع تكبيرات ووالى بين القراءتين قال وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك
أيضا فسألت خالدا كيف كان فعل بن عباس ففسر لنا كما صنع بن مسعود في
حديث معمر والثوري عن أبي إسحاق سواء انتهى
قوله وقال بن عباس يكبر في الأولى للافتتاح وخمسا بعدها وفي الثانية
يكبر خمسا ثم يقرأ وفي رواية يكبر أربعا في الثانية وظهر عمل العامة اليوم بقول بن
عباس للامر بينه الخلفاء قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن
جريج عن عطاء ان بن عباس كبر في عيد ثلاث عشرة سبعا في الأولى وستا في
الآخرة بتكبيرة الركوع كلهن قبل القراءة انتهى أخبرنا بن إدريس ثنا بن جريج به
نحوه حدثنا هشيم عن حجاج وعبد الملك عن عطاء عن بن عباس أنه كان يكبر في
العيد ثلاث عشرة تكبيرة انتهى حدثنا يزيد بن هارون ثنا حميد عن عمار بن أبي عمار
أن بن عباس كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة
انتهى وكأن رواية يزيد بن هارون هذه هي الرواية الثانية عن بن عباس لأنه كبر في
الأولى سبعا بتكبيرة الركوع وكبر في الثانية خمسا بتكبيرة الركوع فالجملة اثنى عشر
تكبيرة والله سبحانه أعلم وقد ورد عن بن عباس ما يخالف هذا ويوافق مذهبنا
فروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم ثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث
قال صلى بن عباس يوم عيد فكبر تسع تكبيرات خمسا في الأولى وأربعا في
الآخرة ووالى بين القراءتين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه وزاد فيه وفعل
258

المغيرة بن شعبة مثل ذلك وقد تقدم قريبا
أحاديث الخصوم المرفوعة أخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي لهيعة عن عقيل عن
بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الأولى
بسبع تكبيرات وفي الثانية بخمس قبل القراءة سوى تكبيرتي الركوع انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك وقال تفرد به بن لهيعة وقد استشهد به مسلم في
موضعين قال وفي الباب عن عائشة وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو
والطرق إليهم فاسدة انتهى كلامه وذكر الدارقطني في علله أن فيه اضطرابا
فقيل عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن
الزهري وقيل عنه عن عقيل عن الزهري وقل عنه عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة وقيل عنه عن الأعرج عن
أبي هريرة قال ولاضطراب فيه من بن لهيعة انتهى كلامه وقال الترمذي في
علله الكبرى سألت محمدا عن هذا الحديث فضعفه وقال لا أعلم رواه غير بن
لهيعة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة أيضا عن عبد الله بن عبد الرحمن
الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الثانية والقراءة بعدها
كلتيهما انتهى زاد الدارقطني فيه وخمس في الثانية سوى تكبيرة الصلاة
انتهى قال بن القطان في كتابه والطائفي هذا ضعفه جماعة منهم بن معين
انتهى قال النووي في الخلاصة قال الترمذي في العلل سألت البخاري عنه
فقال هو صحيح انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف
المزني عن أبيه عن جده عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في
259

الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة انتهى قال الترمذي
حديث حسن وهو أحسن شئ روى في هذا الباب انتهى وقال في علله
الكبرى سألت محمدا عن هذا الحديث فقال ليس شئ في هذا الباب أصح منه
وبه أقول وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي أيضا صحيح والطائفي مقارب
الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه هذا ليس بصريح في التصحيح فقوله هو
أصح شئ في الباب يعنى أشبه ما في الباب وأقل ضعفا وقوله وبه أقول يحتمل
أن يكون من كلام الترمذي أي وأنا أقول إن هذا الحديث أشبه ما في الباب وكذا
قوله وحديث الطائفي أيضا صحيح يحتمل أن يكون من كلام الترمذي وقد عهد منه
تصحيح حديث عمرو بن شعيب فظهر من ذلك أن قول البخاري أصح شئ ليس
معناه صحيحا قال ونحن وإن خرجنا عن ظاهر اللفظ ولكن أوجبه أن كثير بن
عبد الله عندهم متروك قال أحمد بن حنبل كثير بن عبد الله لا يساوي شيئا وضرب
على حديثه في المسند ولم يحدث به وقال بن معين ليس حديثه بشئ وقال
النسائي والدارقطني متروك الحديث وقال أبو زرعة واه الحديث وقال الشافعي
هو ركن من أركان الكذب وقال بن حبان روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة
لا يحل ذكرها في الكتاب إلا على سبيل التعجب والطائفي ضعفه ناس منهم بن
معين انتهى قال بن دحية في العلم المشهور وكم حسن الترمذي في كتابه
من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية منها هذا الحديث فان الحسن عندهم ما نزل
عن درجة الصحيح ولا يرد عليه إلا من كلامه قال في علله التي في آخر كتابه
الجامع والحديث الحسن عندنا ما روى من غير وجه ولم يكن شاذا ولا في إسناده
من يتهم بالكذب وقد قال أحمد بن حنبل ليس في تكبير العيدين عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث
صحيح وإنما أخذ مالك فيها بفعل أبي هريرة انتهى كلامه
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن
سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثني أبي عن أبيه عن جده أن
260

النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل
القراءة انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن محمد بن عمار عن
أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الأولى سبع تكبيرات
وفي الآخرة خمسا انتهى وعبد الله بن محمد بن عمار قال فيه بن معين ليس
بشئ
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن
نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير في العيدين في الأولى سبع
تكبيرات وفي الآخرة خمس تكبيرات انتهى قال الترمذي في علله الكبرى
سألت محمدا عن هذا الحديث فقال الفرج بن فضالة ذاهب الحديث والصحيح ما
رواه مالك وغيره من الحفاظ عن نافع عن أبي هريرة فعله انتهى وحديث أبي
هريرة هذا الذي أشار إليه البخاري رواه مالك في الموطأ عن نافع مولى بن عمر
قال شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل
القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة قال مالك وهو الامر عندنا انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر
بن محمد عن أبيه قال قال علي يكبر في الاضحي والفطر والاستسقاء سبعا في
الأولى وخمسا في الأخرى ويصلى قبل الخطبة ويجهر بالقراءة قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك انتهى
261

الحديث الثامن حديث لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن وذكر منها تكبيرات
العيدين قلت تقدم في صفة الصلاة وليس فيه تكبيرات العيدين
قوله ثم يخطب بعد الصلاة خطبتين بذلك ورد النقل المستفيض قلت فيه
أحاديث فأخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم
أبو بكر وعمر يصلون العيد قبل الخطبة انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن بن عباس قال شهدت العيد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كانوا يصلون العيد قبل الخطبة
انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عطاء هو بن أبي رباح عن
جابر بن عبد الله قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة فلما فرغ
نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يلقى فيه النساء
الصدقة مختصر وذهل المنذري فعزاه للنسائي وترك البخاري ومسلما
حديث آخر أخرجه الجماعة إلا البخاري عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا
صلى صلاته أقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث
ذكره للناس وإن كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم وكان يقول تصدقوا تصدقوا
262

وكان أكثر من يتصدق النساء انتهى بلفظ مسلم وفي رواية البخاري فأول
شئ يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم
فيعظهم ويوصيهم يأمرهم الحديث بنحو ما سبق
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن الفضل بن موسى
الشيباني عن بن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب قال حضرت العيد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد ثم قال قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس
للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب انتهى قال النسائي هذا خطأ
والصواب مرسل ونقل البيهقي عن بن معين أنه قال غلط الفضل بن موسى في إسناده
وإنما هو عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حديثنا يحيى بن حكيم ثنا أبو بحر ثنا
عبيد الله بن عمر والرقي ثنا إسماعيل بن مسلم ثنا أبو الزبير عن جابر قال خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام انتهى قال
النووي في الخلاصة وروى عن بن مسعود أنه قال السنة أن يخطب في العيدين
خطبتين فيفصل بينهما بجلوس ضعيف غير متصل ولم يثبت في تكرير الخطبة شئ
ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة انتهى كلامه
قوله فإن غم الهلال وشهد عند الامام بالهلال بعد الزوال صلى العيد من الغد
لان هذا تأخير بعذر وقد ورد به الحديث قلت يشير إلى حديث أبي عمير المتقدم
263

في الحديث السابع من الباب أخرجه بن ماجة عنه قال حد ثني عمومتي من
الأنصار أنهم أغمي عليهم هلال شوال فأصبحوا صياما فجاء ركب من آخر النهار
فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم عليه الصلاة والسلام أن
يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد انتهى ورواه الدارقطني وقال إسناده
حسن انتهى وقد تقدم
الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطعم في يوم النحر حتى يرجع فيأكل
من أضحيته قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه
والحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن ثواب بن عتبة ثنا عبد الله بن بريدة عن
بريدة كان قال كنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم
الأضحى حتى يرجع زاد الدارقطني وأحمد في مسنده فيأكل من أضحيته
انتهى وصححه بن القطان في كتابه وصحح الزيادة أيضا وقد تقدم في الحديث
الثالث والله الموفق
الحديث العاشر روى أنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر في الطريق يعنى في عيد
الأضحى
قلت كأنه يريد الجهر بالتكبير كما تقدم كلامه في أوائل الباب وهذا
غريب لم أجده وقد تقدم الذي وجدنا من ذلك
قوله ويصلي ركعتين كالفطر كذلك نقل يعنى في عيد الأضحى قلت إن
264

أراد بقوله كالفطر مجرد العدد فشاهده ما أخرجه البخاري ومسلم عن الشعبي عن
البراء بن عازب قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أضحى إلى البقيع فصلى ركعتين ثم أقبل
علينا بوجهه وقال إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر
فمن فعل ذلك وافق سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنه شئ عجله لأهله انتهى وإن
أراد عدد التكبير وترك الصلاة قبلها وبعدها وغير ذلك من الاحكام المتقدمة في
عيد الفطر فقد تقدم كل حديث في موضعه
قال المصنف ويخطب بعدها خطبتين لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك قلت
تقدم في خطبة العيد أحاديث كثيرة
قوله فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الأضحى صلاها من الغد وبعد الغد
ولا يصليها بعد ذلك لان الصلاة موقتة بوقت الأضحية فتتقيد بأيامها لكنه مسيئ في
التأخير بغير عذر لمخالفة المنقول
قلت المنقول أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة
ولم يرد غير ذلك في الحديث
فصل في تكبيرات التشريق
قوله ويبدأ بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم عقيب صلاة
265

العصر من يوم النحر عند أبي حنيفة وقالا يختم عقيب صلاة العصر من آخر أيام
التشريق والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم فأخذا بقول علي أخذا بالأكثر
إذ هو الاحتياط في العبادات وأخذ هو بقول بن مسعود أخذا بالأقل لان الجهر
بالتكبير بدعة قلت أما حديث علي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حسين
بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم
عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر انتهى ورواه
محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد بن أبي سليمان عن
إبراهيم النخعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذكره وأما حديث بن
مسعود فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الأسود
قال كان عبد الله يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر
يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى
حدثنا بن مهدي عن سفيان عن غيلان بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن
عبد الله أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر انتهى
وأخرج الدارقطني في سننه عن بن عمر وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت
وعثمان بن عفان بأسانيد عدة أنهم كانوا يكبرون بعد الظهر من يوم النحر إلى الظهر
من آخر أيام التشريق انتهى
أحاديث الباب المرفوعة أخرج الحاكم في المستدرك عن سعيد بن عثمان الخراز
ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار قالا
266

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وكان يقنت في
صلاة الفجر وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام
التشريق انتهى وقال حديث صحيح الاسناد لا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح
وقد روى في الباب عن جابر بن عبد الله وغيره فأما من فعل عمر وابن مسعود وابن
عباس فصحيح ثم ساق الروايات عنهم وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إنه
خبر واه كأنه موضوع فان عبد الرحمن صاحب مناكير وسعيد إن كان الكريزي
فهو ضعيف وإلا فهو مجهول انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة
وقال إسناده ضعيف انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي
عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة
الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات
انتهى ثم أخرجه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين وعبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عيه وسلم إذا
صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول على مكانكم ويقول الله
أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد فيكبر من غداة عرفة
إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق انتهى قال بن القطان جابر الجعفي سئ
الحال وعمرو بن شمر أسوأ حالا منه بل هو من الهالكين قال السعدي عمرو بن
شمر زائغ كذاب وقال الفلاس واه قال البخاري وأبو حاتم منكر الحديث زاد
أبو حاتم وكان رافضيا يسب الصحابة روى في فضائل أهل البيت أحاديث
موضوعة فلا ينبغي أن يعلل الحديث إلا بعمرو بن شمر مع أنه قد اختلف عليه
فيه فرواه عنه سعيد بن عثمان وأسيد بن زيد فقالا عن عمرو بن شمر عن جابر عن
أبي الطفيل عن علي وعمار ورواه مصعب بن سلام عن عمرو بن شمر فقال فيه
267

عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه علي
بن حسين عن جابر بن عبد الله وروى محفوظ بن نصر عن عمرو بن شمر عن جابر
عن محمد بن علي عن جابر فأسقط من الاسناد علي بن حسين وهكذا رواه عن
عمرو بن شمر رجل يقال له نائل بن نجيح وقرن بأبي جعفر عبد الرحمن بن سابط
وزاد في المتن كيفية التكبير انتهى كلامه ملخصا محررا
قوله والتكبير أن يقول مرة واحدة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله
أكبر الله أكبر والله الحمد وهذا هو المأثور عن الخليل عليه السلام قلت لم أجده
مأثورا عن الخليل وقد تقدم مأثورا عن بن مسعود عند بن أبي شيبة بسند جيد
ورواه أيضا حدثنا وكيع عن حسن بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن
عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله
أكبر ولله الحمد انتهى حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال قلت لأبي إسحاق
كيف كان يكبر علي وعبد الله قال كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله والله أكبر والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم
قال كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة الله أكبر الله
268

أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى وتقدم في حديث جابر
مرفوعا نحوه عند الدارقطني بسند ضعيف
أحاديث عيدين اجتمعا أخرج أبو داود والنسائي عن زيد بن أرقم قال
شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا فصلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال من شاء
أن يصلى فليصل انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده حسن
أثر عن عطاء قال صلى بن الزبير العيد يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى
الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان بن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك
له فقال أصاب السنة أخرجه أبو داود قال النووي سنده علي شرط مسلم
أثر آخر عن عثمان بن عفان أنه خطب يوم عيد فقال يا أيها الناس إن هذا يوم قد
اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن
أحب أن يرجع فقد أذنت له أخرجه البخاري في حديث طويل
باب صلاة الكسوف
الحديث الأول حديث عائشة في كل ركعة ركوعان قلت أخرجه الأئمة
الستة في كتبهم عن عروة عن عائشة قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه فاقترأ
قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده
ربنا ولك الحمد ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر
فركع ركوعا طويلا هو أدنى من الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك
الحمد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات
وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم
269

قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا
رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة انتهى
أحاديث الباب حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء بن يسار عن
بن عباس قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث
عائشة وأخرجا نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ولفظ مسلم فيه
عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لما انكسفت الشمس في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي الصلاة جامعة فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة ثم
قام فركع ركعتين في سجدة ثم جلى عن الشمس فقالت عائشة ما ركعت ركوعا
ولا سجدت سجودا كان أطول منه قط انتهى وكذلك لفظ البخاري وانفرد مسلم
بحديث جابر أخرجه عن أبي الزبير عنه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع
فأطال ثم رفع فأطال ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام
فصنع نحوا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات مختصر وانفرد البخاري
بحديث أسماء مبينا فيه الصلاة أربع ركعات وأربع سجدات ورواه مسلم يبين فيه
الصلاة
وأما حديث الثلاث ركعات في كل ركعة فأخرجه مسلم عن عطاء عن جابر
قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ست ركعات بأربع سجدات
وأخرجه أيضا عن عائشة نحوه وأخرجه مسلم عن طاوس عن بن عباس أنه عليه
السلام صلى في الكسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم
سجد قال والأخرى مثلها انتهى وفي لفظ صلى ثمان ركعات وأربع سجدات
وعن علي مثل ذلك انتهى لم يذكر حفظ حديث على ولكنه أحال على ما قبله
وأما حديث الخمس ركعات في كل ركعة فأخرجه أبو داود في سننه
عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم
270

صلى بهم في كسوف الشمس فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركعات وسجد
سجدتين وفعل في الثانية مثل ذلك ثم جلس يدعو حتى تجلى كسوفها وأبو جعفر
الرازي عيسى بن عبد الله بن ماهان فيه مقال قال النووي في الخلاصة لم يضعفه
أبو داود وهو حديث في إسناده ضعف انتهى كلامه
الحديث الثاني حديث أنب عمر في كل ركعة ركوع قلت لم أجده من
رواية بن عمر وإنما وجدناه عن بن عمرو بن
العاص ولعله تصحف على المصنف
أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل عن عطاء بن السائب عن أبيه عن
عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه لم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد
فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع وفعل في
الركعة الأخرى مثل ذلك زاد النسائي من القيام والركوع والسجود
والجلوس وساق الحديث ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح ولم
يخرجاه من أجل عطاء بن السائب انتهى وكان ينبغي للمنذري حين قال أخرجه
الترمذي أن يقيده بالمسائل بل أطلق وليس بجيد قال المنذري وقد أخرج
البخاري لعطاء حديثا مقرونا بأبي بشر وقال أيوب هو ثقة وقال بن معين لا يحتج
بحديثه وفرق الإمام أحمد وغيره بين من سمع منه قديما وحديثا انتهى قال الشيخ
تقي الدين في الامام كل من روى عن عطاء بن السائب روى عنه في الاختلاط
إلا شعبة وسفيان انتهى قلت وأصحاب السنن أخرجوه عن حماد عن عطاء
خلا النسائي فإنه أخرجه في رواية عن شعبة عن عطاء به وليس متنه بصريح في
271

الركعتين ولفظه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فأطال
القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع فأطال قال سمعته وأحسبه قال في السجود
نحو ذلك وساق الحديث
أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن ثعلبة بن عباد عن سمرة بن
جندب قال بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قيد
رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تنومة فقال
أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم
في أمته حدثا قال فدفعنا فإذا هو بارز فاستقدم فصلى بنا فقام كأطول ما قام بنا
في صلاة قط لان نسمع له صوتا قال ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا
نسمع له صوتا ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم
فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك قال فوافق تجلى الشمس جلوسه في الركعة الثانية ثم
سلم فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا خسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة انتهى
ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرطهما
وينظر لفظهما وتكلموا في سماع أبي قلابة من النعمان قال بن أبي حاتم في
علله قال أبي قال يحيى بن معين أبو قلابة عن النعمان بن بشير مرسل قال أبي قد
أدرك أبي قلابة النعمان بن بشير ولا أعلم أسمع منه أو لا وقد رواه عفان عن
عبد الوارث عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل عن النعمان وقال بن القطان في
كتابه هذا حديث قد اختلف في إسناده فروى عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير
272

وروى عنه عن قبيصة بن المخارق الهلالي وروى عنه عن هلال بن عامر عن قبيصة بن
المخارق انتهى قال النووي في الخلاصة ورواه أبو داود بلفظ كسفت الشمس
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت قال
وإسناده صحيح إلا أنه بزيادة رجل بين أبي قلابة والنعمان ثم اختلف في ذلك الرجل
انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة قال
خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى
المسجد وثاب الناس إليه فصلى بهم ركعتين فانجلت الشمس فقال إن الشمس
والقمر آيتان من آيات الله وأنهما لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله
بهما عباده فإذا كان ذلك فصلوا حتى ينكشف ما بكم انتهى ورواه النسائي
وقال فيه فصلى بهم ركعتين كما تصلون ورواه بن حبان في صحيحه وقال
فيه فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم قال بن حبان مثل صلاتكم في الكسوف
ووهم النووي في الخلاصة فعزا هذا الحديث للصحيحين وإنما انفرد به البخاري
حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال كنت أرمى بأسهم
لي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس فنبذتها وقلت والله لأنظرن
إلى ما حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس قال فانتهيت إليه وهو رافع يديه
فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو حتى حسر عنها فلما حسر عنها قرأ
سورتين وصلى ركعتين وفي لفظ قال فأتيته وهو قائم في الصلاة رافع يديه
فجعل يسبح ويحمد ويهلل إلى آخره وظاهر هذين الحديثين أن الركعتين بركوع
واحد وقد تكلفوا للجواب عنهما فقال النووي قوله وصلى ركعتين يعنى في كل
ركعة قيامان وركوعان انتهى وقال القرطبي يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة
واحدة وسكت عن الأخرى وفي هذين الجوابين إخراج اللفظ عن ظاهرة وهو لا
يجوز إلا بدليل وأيضا فلفظ النسائي كما تصلون وابن حبان مثل صلاتكم يرد
273

ذلك وتأوله المازري على أنها كانت صلاة تطوع لا كسوف فإنه إنما صلى بعد
الانجلاء وابتداؤها بعد الانجلاء لا يجوز وضعفه النووي بمخالفته للرواية الأخرى قال
بل يحمل قوله فانتهيت إليه وهو رافع يديه على أنه وجده في الصلاة كما في
الرواية الأخرى فأتيته وهو قائم في الصلاة وكانت السورتان بعد الانجلاء وهذا لا بد
منه جمعا بين الروايتين انتهى وذكر القرطبي ما ذكره المازري أيضا ثم قال لكن
ورد في أبي داود عن النعمان بن بشير قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ويسأل عنها حتى تجلت الشمس قال وهو معتمد
قوى للكوفيين غير أن أحاديث الركعتين في كل ركعة أصح وأشهر ويحمل هذا
على أنه بين الجواز وذلك هو السنة انتهى وقد غفل القرطبي عن حديث أبي بكرة
عند البخاري كما تقدم وفيه فصلى بهم ركعتين والله أعلم
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب عن
أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعا يجر ثوبه وأنا معه يومئذ بالمدينة فصلى ركعتين فأطال فيهما
القيام ثم انصرف وقد انجلت فقال إنما هذه الآيات يخوف الله بها عباده فإذا
رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة انتهى ثم رواه حدثنا
أحمد بن إبراهيم ثنا ريحان بن سعيد ثنا عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال
بن عامر أن قبيصة الهلالي حدثه أن الشمس كسفت بمعنى حديث موسى ولم يسق
المتن ورواه الحاكم في المستدرك بالسند الأول وقال حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه قال والذي عندي أنهما عللاه بحديث يرويه ريحان بن سعيد
عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة قال وهذا لا
يعلل حديثا رواه موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة انتهى
كلامه ورواه النسائي في سننه بسند آخر فقال حدثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا
عمرو بن عاصم أن جده عبيد الله بن الوازع حدثه حديث أيوب السختياني عن أبي قلابة
عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال كسفت الشمس ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة
274

فذكره بلفظ أبي داود سواء قال البيهقي بعد أن رواه بالسند الأول سقط بين
أبي قلابة وقبيصة رجل وهو هلال بن عامر قال النووي في الخلاصة وهذا لا
يقدح في صحة الحديث فان هلالا ثقة انتهى قال البيهقي وسياق هذا الحديث
وسائر الأحاديث الواردة بركعتين يدل على أن المراد الاخبار عن صلاته عليه الصلاة
والسلام يوم الكسوف يوم مات إبراهيم وقد أثبت جماعة من حفاظ الصحابة عدد
ركوعه في كل ركعة فهو أولى بالقبول انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق
كل ما ورد أنه صلى ركعتين فهو محمول على أنه كان في كل ركعة ركوعان وقوله
مثل صلاتنا أو مثل صلاتكم ظن من الراوي انتهى
أحاديث خسوف القمر تقدم في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك
فصلوا وفي لفظ فافزعوا إلى الصلاة أخرجاه من حديث عائشة ومن حديث
بن عمر وأخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله وأخرجاه أيضا من حديث أبي
مسعود الأنصاري والحاكم من حديث النعمان بن بشير فأيهما انخسف فصلوا حتى
ينجلي وللبيهقي من حديث أبي بكرة فإذا خسف واحد منهما فصلوا
وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام صلى في خسوف القمر كما أخرجه الدارقطني في
سننه عن ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان بن سعيد عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات في
أربع سجدات انتهى وإسناده جيد سكت عنه عبد الحق في أحكامه ثم
بن القطان بعده وقال إن ثابت بن محمد الزاهد صدوق
275

حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع
ركعات وأربع سجدات قال بن القطان فيه سعيد بن حفص ولا أعرف حاله
انتهى
قوله لان المسنون استيعاب الوقت بالصلاة والدعاء قلت أخرج البخاري
ومسلم عن المغيرة بن شعبة قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى
تنكشف انتهى وللبخاري عن أبي بكرة مرفوعا نحوه وقد تقدم ولمسلم عن
أبي مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وله أيضا من حديث
عائشة فإذا رأيتم كسوفا فاذكروا الله حتى تنجلي وفي لفظ له صلوا حتى يفرج عنكم
وله أيضا من حديث جابر بن عبد الله قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم مات إبراهيم ابنه فقال الناس إنما انكسفت لموت إبراهيم فقال يا أيها الناس
إنما الشمس والقمر أيات من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم
شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي مختصر وأخرج أبو داود عن أبي جعفر الرازي
عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال انكسفت الشمس على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم إلى أن قال ثنا جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى
تجلى كسوفها مختصر وأبو جعفر الرازي عيسى بن عبد الله بن ماهان اختلف قولهم
فيه
الحديث الثالث روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في ركعتي
الكسوف بالقراءة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة قالت جهر
النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته فإذا فرغ من قراءته فركع وإذا رفع من الركعة
قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع
276

ركعات في ركعتين وأربع سجدات انتهى لم يقل فيه مسلم ثم يعاود القراءة في
صلاة الكسوف وللبخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت جهر النبي صلى الله عليه وسلم في
صلاة الكسوف ورواه أبو داود ولفظه إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة فجهر بها يعني
في صلاة الكسوف انتهى ورواه الترمذي ولفظه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
صلاة الكسوف فجهر فيها بالقراءة انتهى وحسنه وصححه ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس ولفظه قالت كسفت
الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع
سجدات وجهر بالقراءة انتهى وفي هذه الألفاظ ما يدفع قول من يفسر لفظ
الصحيحين بخسوف القمر كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا الحديث الله عز وجل
الحديث الرابع روى بن عباس وسمرة الاخفاء بالقراءة في صلاة الكسوف
قلت أما حديث بن عباس فرواه أحمد في مسنده وكذلك أبو يعلى الموصلي في
مسنده حدثنا حسن موسى الأشيب أنبأ بن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة
عن بن عباس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفا من
القراءة انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة عكرمة من طريق الواقدي
ثنا عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب به ورواه الطبراني في معجمه ثنا علي
بن المبارك ثنا زيد بن المبارك ثنا موسى بن عبد العزيز ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن
عباس قال صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس فلم أسمع له
قراءة انتهى ورواه البيهقي في المعرفة من طريق بن لهيعة كما رواه أحمد
ومن طريق الحكم بن أبان كما رواه الطبراني ومن طريق الواقدي كما رواه أبو نعيم
ثم قال وهؤلاء وإن كانوا لا يحتج بهم ولكنهم عدد وروايتهم توافق الرواية
الصحيحة عن بن عباس أنه عليه السلام قرأ نحوا من سورة البقرة هكذا أخرجاه في
الصحيحين قال الشافعي فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره
بغيره ويدفع حمله عل البعد رواية الحكم بن أبان صليت إلى جنبه ويوافق أيضا
رواية محمد بن إسحاق بإسناده عن عائشة قالت فحزرت قراءته ويوافق أيضا حديث
277

سمرة بن جندب وإنما الجهر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظا فيشبه أن يكون
العدد أولى بالحفظ من الواحد انتهى كلامه
حديث آخر إلا أنه غير صريح وهو الذي أشار إليه البيهقي أخرجه البخاري
ومسلم عن بن عباس قال انخسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه
فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع وساق الحديث وقد تقدم قال
الشافعي فه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره هكذا نقله
البيهقي عنه وقال القرطبي في شرح مسلم هذا دليل لمن قال يخفى القراءة لأنه
لو جهر لعلم ما قرأ وقال المنذري في حواشيه هذا الحديث يدل على الاسرار
وقياسه على قول عائشة في حديث آخر فحزرت قراءته قال فقيل فعله لبيان
الجواز وقيل يقدم المثبت على النافي وقيل يحتمل أن يكون جهر في خسوف القمر
وفيه نظر لان حديث عائشة قدر جاء فيه ما يدل على أنه في كسوف الشمس ولم
يحفظ أنه عليه السلام جمع في خسوف القمر إنما هو شئ روى عن بن عباس انتهى
كلامه وقال بن تيمية في المنتقى يحمل حديث الاخفاء على أنه لم يسمعه لبعده
لما ورد في رواية مبسوطة أتينا والمسجد قد امتلأ انتهى
واعلم أن الحديث غير صريح في الاخفاء وإن كان العلماء كلهم يحملوه عليه
ولكن قد ينسى الانسان الشئ المقروء بعينيه وهو مع ذلك ذاكر لقدره فيقول قرأ
فلان نحو سورة البقرة وهو قد سمع ما قرأ ثم نسيه والله أعلم
وأما حديث سمرة فأخرجه أصحاب الأربعة عن الأسود بن قيس حدثني ثعلبة بن
عباد العبدي قال قال سمرة بن جندب بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا
حتى إذا كانت الشمس وقد تقدم بتمامه في أول الباب وللفظ لأبي داود
واختصره الباقون ولفظهم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف لا يسمع له
صوتا انتهى ولفظ النسائي في كسوف الشمس وقال الترمذي حديث
278

حسن صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من
القسم الخامس مطولا بلفظ أبي داود ورواه الحاكم في المستدرك مطولا
ومختصرا وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه
انتهى قال بن حبان وكان سمرة في أخريات الناس فلذلك لم يسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقد تقدم إبطال هذا
الحديث الخامس قال عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم من هذه الافزاع شيئا
فارغبوا إلى الله بالدعاء قلت غريب بهذا اللفظ وفي الصحيحين من حديث
المغيرة بن شعبة فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا وأخرجا أيضا عن أبي موسى
الأشعري فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه وأخرجا أيضا عن
عائشة وإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا وصلوا
الحديث السادس وقال عليه الصلاة والسلام فاذكروا الله واستغفروه
قلت غريب أيضا بهذا اللفظ وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري فإذا رأيتم
شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره وللبخاري من حديث بن
عمر فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قال بن حبان في صحيحه المراد بذكر الله في
الحديث الصلاة لأنها تشتمل على ذكر الله فسميت به كقوله تعالى فاسعوا إلى
ذكر الله انتهى
قوله والسنة في الأدعية تأخيرها عن الصلاة قلت أخرج الترمذي في جامعه
في كتاب الدعوات والنسائي في كتاب اليوم والليلة عن عبد الرحمن بن سابط عن
أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الأخير ودبر
الصلوات المكتوبات انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه عبد الرزاق
مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني عبد الرحمن بن سابط به قال بن القطان في
279

كتابه واعلم أن ما يرويه عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة ليس بمتصل وإنما هو
منقطع لم يسمع منه واختلفوا في حديثه عن جابر فقال بن أبي حاتم إنه متصل
وزعم بن معين أنه مرسل وكذلك عن أبي ي أمامة قال عباس الدوري قلت ليحيى
سمع من أبي أمامة قال لا قيل سمع من جابر قال لا هو مرسل كان مذهب
يحيى أنه يرسل عنهم ولم يسمع منهم انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا معاذ
والله إني لأحبك وأوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على
ذكرك وشكرك وحسن عبادتك انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده
صحيح انتهى
حديث أخر قال البخاري رحمه الله في تاريخه الوسط في باب العين المهملة
في ترجمة عبد الله قال بن إسماعيل ثنا حماد عن الجريري وداود بن عون عن أبي
سعيد عن وراد مولى المغيرة عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في دبر
كل صلاة انتهى
الحديث السابع وقال عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم شيئا من هذا الأهوال
فافزعوا إلى الصلاة قلت غريب هذا اللفظ وللبخاري ومسلم في حديث
عائشة فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة والمصنف احتج على أن خسوف القمر ليس
فيه جماعة وإنما يصلى كل واحد لنفسه وليس فيه مطابقة
قوله وليس في الكسوف خطبة لأنه لم ينقل قلت هذا غلط ففي
الصحيحين من حديث أسماء ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس فقام فخطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات
280

الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده ما من شئ كنت
لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحى إلى أنكم تفتنون في
قبوركم مثل أو قريبا من فتنة الدجال يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل
فأما المؤمن أو الموقن فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا
واتبعنا فيقال له ثم صالحا فقد علمنا أنك كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب
فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون قولا فقلته وأخرجا من حديث بن عباس
فقال إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا
ورأيت النار فلم أر كاليوم منظر قط ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله
قال يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك
شيئا قالت ما رأيت منك شيئا قط وأخرجا أيضا عن عائشة أنه قال يا أمة محمد
ما من أحد أغير من الله أن يزين عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وإني رأيت في مقامي هذا كل شئ وعدتم حتى
لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم في صلاتي ولقد
رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت ورأيت فيها عمر بن لحي
وهو أول من سيب السوائب وأخرج مسلم عن جابر ولقد جئ بالنار حين رأيتموني
تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه
في النار كان يسرق الحاج بمحجته فان فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل
عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها
تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا وعطشا ثم جئ بالجنة وذلك حين
رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من
ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شئ توعدوه إلا قد رأيته في صلاتي
هذه وأخرج أحمد في حديث سمرة بن جندب فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنه
عبد الله ورسوله ثم قال أيها الناس أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن
شئ من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني ذلك قال فقام رجال فقالوا نشهد أنك
قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وقضيت الذي عليك ثم قال أما بعد فان
رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن
مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض وأنهم قد كذبوا ولكنها آيات من
آيات الله يعتبر بها عباده فينظر من يحدث له منهم توبة وأيم الله لقد رأيت منذ قمت
281

أصلي ما أنتم لا قوه في أمر دنياكم وآخرتكم وأنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج
ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال وأنه متى يخرج فسوف يزعم أنه الله تعالى
فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه عمل صالح من عمل سلف ومن كفر به وكذبه
لم يعاقب بشئ من عمله سلف وأنه سوف يظهر على الأرض كله إلا الحرم وبيت
المقدس وأنه يسوق الناس إلى بيت المقدس فيحصرون حصرا شديدا قال فيصبح
فيهم عيسى بن مريم فيقتله وجنوده حتى إن جذم الحائط وأصل الشجرة لينادي
يا مسلم هذا كافر تعال فاقتله ولن يكون ذلك حتى يروا أمورا يتفاقم شأنها في
أنفسكم فتتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيئا ثم على أثر ذلك
الموت وكذلك رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه أخرج بن حبان في صحيحه في حديث عمرو بن العاص
فقام فحمد الله وأثنى عليه وقال لقد عرضت على الجنة حتى لو شئت لتعاطيت
قطفا من قطوفها وعرضت على النار حتى جعلت ألقيها حتى خفت أن يغشاكم
فجعلت أقول ألم يعدني أن لا يعذبهم وأنا فيهم ألم يعدني أن لا يعذبهم وهم
يستغفرون ورأيت فيها الحميرية السوداء صاحبة الهرة كانت حبستها فلم
تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ورأيت فيها صاحب بدنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخا دعدع يدفع في النار بقصبته ورأيت صاحب المحجن متكئا في النار
على محجنه وأجاب الأصحاب عن ذلك أكله لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقصد
الخطبة وإنما قال ذلك دفعا لقول من قال إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم وإخبارا
بما رآه من الجنة والنار واستضعفه الشيخ تقي الدين فقال إن الخطبة لا ينحصر
مقاصدها في شئ معين سيما وقد ورد أنه صعد المنبر وبدأ بما هو المقصود من
الخطبة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر وقد يتفق دخول بعض هذه الأمور في
مقاصدها مثل ذكر الجنة والنار وكونهما من آيات الله بل هو كذلك جزما انتهى
قلت وصعود المنبر رواه النسائي وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه
282

ولفظهم ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس فقام فصعد المنبر فخطب الناس فحمد
الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أن الشمس والقمر الحديث وبمذهبنا قال
الإمام أحمد إن الخطبة لا تسن في الكسوف وأجابوا بما أجاب به أصحابنا نقله بن
الجوزي في التحقيق والله الموفق
باب الاستسقاء
الحديث الأول روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استسقى ولم لم يرو عنه الصلاة
قلت أما استسقاءه عليه السلام فصحيح ثابت وأما إنه لم يرو عنه الصلاة فهذا غير
صحيح بل صح أنه صلى فيه كما سيأتي وليس في الحديث أنه استسقى ولم يصل
بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء دون ذكر الصلاة ولا يلزم من عدم ذكر الشئ عدم
وقوعه فهذا كما رد على الشافعي في إيجابه العمرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخثعمية أن
تقضى الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة عنه فأجاب البيهقي رحمه الله بأن
الحديث قد يكون فيه ذكر العمرة ولكن حفظ الراوي بعضه ونسي بعضه أو حفظه
كله ولكن أدى البعض وترك البعض يقع ذلك بحسب السؤال والحاجة والله أعمل
فما ذكر فيه الاستسقاء دون الصلاة ما أخرجه البخاري ومسلم عن شريك بن
عبد الله بن أبي نمر عن أنس أن رجلا دخل المسجد في يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم
يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا قال
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس فلا
والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار
قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت
فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى قال ثم جاء رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة
283

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال
وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال
اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطن الأودية ومنابت
الشجر قال فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت أنس بن
مالك أهو الرجل الأول قال لا أدري انتهى وفي لفظ للبخاري فقام إليه ذلك
الرجل أو غيره وفي لفظ ثم جاء الرجل فقال يا رسول الله بشق المسافر ومنع
الطريق وفي لفظ ثم جاء فقال تهدمت البيوت وفي هذين اللفظين أن القائل
رجل واحد وفيما تقدم شك وتردد ومما ورد فيه ذكر الصلاة مع الاستسقاء ما أخرجه
الأئمة الستة عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين وحول رداءه ورفع يديه فدعى واستسقى
واستقبل القبلة انتهى زاد البخاري فيه جهر فيهما بالقراءة وليس هذا عند مسلم
الحديث الثاني روى بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين كصلاة
العيد قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال
أرسلني الوليد بن عتبة وكان أمير المدينة إلى بن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فلم
يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير وصلى ركعتين
كما كان يصلى في العيد انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه
الحاكم في المستدرك وسكت عنه قال المنذري في مختصره رواية
إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبي عباس وأبي هريرة مرسلة انتهى ورواه بن
284

حبان في صحيحه في النوع الرابع من القسم الخامس من حديث هشام بن
عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني أمير من الامراء إلى بن عباس أسأله عن صلاة
الاستسقاء الحديث وهكذا في لفظ النسائي وهشام هو بن إسحاق بن
عبد الله بن كنانة فنسبه بجده وترك اسم أبيه فإن الباقين قالوا عن هشام بن إسحاق
بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني الحديث
حديث آخر أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله
بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى واستقبل القبل وقلب
وفي لفظ لهما وحول رداءه وصلى ركعتين انتهى قال البخاري في
صحيحه كان بن عيينة يقول عبد الله بن زيد هذا بن عبد ربه صاحب الاذان
وهو وهم منه بل هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني والأول كوفي انتهى وزاد
البخاري في صحيحه في هذا الحديث جهر فيهما بالقراءة
وأعلم أن المصنف رحمه الله لو اقتصر على قوله صلى في الاستسقاء ركعتين
لكان أولى لان الشافعي رحمه الله احتج بقوله كصلاة العيد على أنه يكبر فيها تكبير
التشريق على أنه قد جاء مصرحا به في حديث أخرجه الحاكم في المستدرك
والدارقطني ثم البيهقي في السنن عن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن
بن عوف عن أبيه عن طلحة قال أرسلني مروان إلى بن عباس أسأله عن سنة
الاستسقاء فقال سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب
رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه وصلى ركعتين كبر في الأولى سبع
تكبيرات وقرأ بسبح اسم ربك الاعلى وقرأ في الثانية هل أتاك حديث
الغاشية وكبر فيها خمس تكبيرات انتهى قال الحاكم صحيح الاسناد ولم
يخرجاه والجواب عنه من وجهين أحدهما ضعف الحديث فان محمد بن
285

عبد العزيز هذا قال فيه البخاري منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وقال
أبو حاتم ضعيف الحديث ليس له حديث مستقيم وقال بن حبان في كتاب الضعفاء
يروى عن الثقات المعضلات وينفرد بالطامات عن الاثبات حتى سقط الاحتجاج به
انتهى وقال بن القطان في كتابه هو أحد ثلاثة إخوة كلهم ضعفاء محمد
وعبد الله وعمران بنو عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وأبوهم
عبد العزيز مجهول الحال فاعتل الحديث بهما انتهى كلامه الثاني أنه معارض
بحديث رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا مسعدة بن سعد العطار ثنا إبراهيم
بن المنذر ثنا محمد بن فليح حدثني عبد الله بن حسين بن عطاء عن داود بن بكر بن أبي
الفرات عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
استسقى فخطب قبل الصلاة واستقبل القبلة وحول رداءه ثم نزل فصلى ركعتين
لم يكبر فيهما إلا تكبيرة انتهى
حديث آخر وروى فيه أيضا حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة ثنا أبي ثنا عبد العزيز
بن محمد عن محمد بن عبيد الله بن أخي الزهري عن عمه عن كثير بن العباس أن
عبد الله بن عباس كان يحدث عن صلاة النبي صلى الله عيه وسلم الكسوف قال لم يزد على ركعتين
مثل صلاة الصبح انتهى
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام خطب في الاستسقاء قلت ما أخرجه بن
ماجة في سننه عن النعمان بن راشد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي
هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقى فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة
ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل
الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال
تفرد به النعمان بن راشد عن الزهري انتهى قال البخاري هو صدوق لكن في
286

حديثه وهم كبير انتهى
حديث أخر روى أحمد في مسنده من طريق مالك عن عبد الله بن بكر عن
عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فبدا
بالصلاة قبل الخطبة ثم استقبل القبلة فدعى فلما أراد أن يدعو أقبل بوجهه إلى القبلة
وحول رداءه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن سعيد الأنصاري
عن عبد الله بن أبي بكر به بلفظ فخطب الناس ثم استقبل القبلة إلى آخره
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالت شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى
ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدأ حاجب
الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال إنكم شكوتم جدب
دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله سبحانه أن تدعوه
ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني
ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوتا وبلاغا إلى حين ثم رفع
يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب وحول
رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابة
فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت عليه الصلاة والسلام مسجده حتى
سألت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه فقال
أشهد أن الله على كل شئ قدير وأني عبد الله ورسوله انتهى قال أبو داود
حديث غريب وإسناده جيد انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الثاني عشر من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وهذا كلام مشتمل على الحمد والثناء
287

والموعظة والدعاء سيما وقد قاله على المنبر وفي حديث أبي داود أنه بدأ بالخطبة
قبل الصلاة وفي الحديثين الماضيين العكس ولعلهما واقعتان والله أعلم وبمذهب
الصاحبين أخذ الشافعي أن الخطبة تسن في الاستسقاء وقال أحمد لا تسن واحتجوا
له بحديث إسحاق بن كنانة المتقدم وفيه فلم يخطب خطبتكم هذه وبه قال الامام
قلنا مفهومة أنه خطب لكنه لم يخطب خطبتين كما يفعل في الجمعة ولكنه
خطب خطبة واحدة فلذلك نفى النوع ولم ينف الجنس ولم يرو أنه خطب خطبتين فلذلك
قال أبو يوسف يخطب خطبة واحدة ومحمد يقول يخطب خطبتين ولم أجد له
شاهدا والله أعلم وهذه الأحاديث تدفع تأويل الخطبة بأنها كانت خطبة الجمعة
وكان الاستسقاء في ضمنها إجابة للسائل كما تقدم للبخاري ومسلم عن أنس دخل
رجل المسجد يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب الحديث
الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة وحول رداءه قلت تقدم في
حديث عبد الله بن زيد فاستسقى وحول رداءه رواه الأئمة الستة وفي لفظ
للبخاري ومسلم وقلب رداءه وللبخاري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
قال جعل اليمين على الشمال وفي لفظ لأحمد في مسنده وحول رداءه فقلبه
ظهرا لبطن وعند أبي داود قال استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة سوداء
فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت قلبها على عاتقه وزاد أحمد
وتحول الناس معه قال الحاكم على شرط مسلم وهذا اللفظ فيه الجمع بين
الروايات لان القلب غير التحويل ولكن الثوب إذا كان له طرفان كالكساء
ونحوه يمكن فيه الجمع بين القلب والتحويل والله أعلم وقول المصنف رحمه الله
288

ولا يقلب القوم أرديتهم لان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أمرهم بذلك مشكل لأن عدم
النقل ليس دليلا على عدم الوقوع وأيضا فالقوم قد حولها بحضرته عليه الصلاة والسلام
ولم ينكر عليهم وتقرير الشارع حكم كما ورد في مسند أحمد في حديث عبد الله
بن زيد أنه عليه السلام حول رداءه فقلبه ظهرا لبطن وتحول الناس معه
فائدة ذكر العلماء أن تحويل الرداء من النبي صلى الله عليه وسلم كان تفاؤلا لأنه انتقال من هيئة
إلى هيئة وتحول من شئ إلى شئ ليكون ذلك علامة لانتقالهم من الحدب إلى
الخصب وتحولهم من الشدة إلى الرخاء قلت قد جاء ذلك مصرحا به في مستدرك
الحاكم من حديث جابر وصححه وفيه وحول رداءه ليتحول القحط
وكذلك رواه الدارقطني في سننه وفي الطوالات للطبراني من حديث أنس
ولكن قلب رداءه لكي ينقلب القحط إلى الخصب وفي مسند إسحاق بن راهويه لتتحول
السنة من الجدب إلى الخصب ذكره من قول وكيع
باب صلاة الخوف
الحديث الأول روى بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف على هذه
الصفة يعنى أنه جعل الناس طائفتين طائفة خلفه وطائفة على وجه العدو فصلى
289

بتلك الطائفة ركعة وسجدتين فلما رفع رأسه من السجدة الثانية مضت الطائفة التي
خلفه إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الآخرة فصلى بهم ركعة وسجدتين وتشهد
وسلم ولم يسلموا وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأولى فصلوا ركعة
وسجدتين وحدانا بغير قراءة وتشهدوا وسلموا ومضوا إلى وجه العدو وجاءت
الطائفة الأخرى فصلوا ركعة وسجدتين بقراءة وتشهدوا وسلموا قلت أخرجه
أبو داود في سننه عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا صفا خلفه وصفا مستقبل العدو فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم
ركعة ثم جاء الآخرون فقاموا في مقامهم واستقبل هؤلاء العدو فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا فقاموا
مقام أولئك مستقبل العدو ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم
سلموا انتهى ورواه البيهقي وقال أبو عبيدة لم يسمع من أبيه وخصيف ليس
بالقوي ويمكن من أن يحمل عليه حديث بن عمر أخرجه الأئمة الستة في كتبهم
واللفظ للبخاري قال عزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فوازينا العدو فصففنا لهم
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى لنا فقامت طائفة معه تصلى وأقبلت طائفة على العدو
وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم
تصل فجاءوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل
واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين انتهى قال القرطبي في شرح
مسلم والفرق بين حديث بن عمر وحديث بن مسعود أن في حديث بن عمر
كان قضاؤهم في حالة واحدة يبقى الامام كالحارس وحده وفي حديث بن مسعود
كان قضاءهم متفرقا على صفة صلاتهم وقد تأول بعضهم حديث بن عمر على ما في
حديث بن مسعود وبه أخذ أبو حنيفة وأصحابه غير أبي يوسف وهو نص أشهب
من أصحابنا خلاف ما تأوله بن حبيب والله أعلم انتهى
قوله وأبو يوسف وإن أنكر شرعيتها في زماننا فهو محجوج بما روينا قلت
290

يشير إلى حديث بن مسعود المتقدم وهذا الاحتجاج فيه نظر لان أبا يوسف إنما ينكر
شرعيتها بعد زمان النبي صلى الله عليه وسلم وكون النبي صلى الله عليه وسلم فعلها لا يرد عليه لأنه يقول به وتبع أبا
يوسف في هذه المقالة المزني ومستندهم خصوص الخطاب به عليه الصلاة والسلام في
قوله تعالى وإذ كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية ولان فيها أفعالا منافية
للصلاة فيقتصر على مورد الخطاب ودليل الجمهور وجوب الاتباع والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقوله صلوا كما رأيتموني أصلي والافعال المنافية إنما هي لأجل الضرورة وهي
موجودة بعده عليه الصلاة والسلام قلت قد وردت صلاة الخوف من قوله عليه الصلاة
والسلام لا من فعله كما رواه البخاري في صحيحه في تفسير سورة البقرة في
باب قوله تعالى فان خفتم فرجالا أو ركبانا حدثنا عبد الله بن يوسف أبا ملاك
عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الامام
وطائفة من لناس فيصلى بهم الامام ركعة وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو لم
يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون
ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الامام وقد صلى ركعتين
فيقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الامام فيكون
كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالا
قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها قال مالك قال نافع
لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر رواه الترمذي وابن ماجة قالا حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن
سعيد القطان ثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن
جبير عن سهل بن أبي حثمة أنه قال في صلاة الخوف قال يقوم الامام مستقبل القبلة
وتقوم طائفة منهم معه وطائفة من قبل العدو ووجوهم إلى العدو فيركع بهم ركعة
ويركعون لأنفسهم ركعة ويسجدون لأنفسهم سجدتين في مكانهم ثم يذهبون إلى
مقام أولئك ويجئ أولئك فيركع بهم ركعة ويسجد بهم سجدتين فهي له ثنتان
ولهم واحدة ثم يركعون ركعة ويسجدون سجدتين قال محمد بن بشار سألت
يحيى بن سعيد القطان عن هذا الحديث فحدثني عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن
سعيد الأنصاري قال الترمذي حديث حسن صحيح لم يرفعه يحيى بن سعيد
291

الأنصاري عن القاسم بن محمد ورفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد
انتهى وفيه أيضا آثار منها ما رواه أبو داود في سننه حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا
عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي أخبرني أبي أنهم غزوا مع عبد الرحمن بن
سمرة كابل فصلى بنا صلاة الخوف يعنى بمثل حديث بن مسعود ذكره
عقيب حديث بن مسعود ينبغي أن ينظر في الآثار التي عن الصحابة الذين صلوا صلاة
الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمانه
الحديث الثاني روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى الطهر بطائفتين ركعتين ركعتين
قلت أخرجه مسلم عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
إذا كنا بذات الرقاع قال كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال
فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة فأخذه فاخترطه ثم
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخافني قال لا قال فمن يمنعك مني قال الله يمنعني
منك قال فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه قال ثم نودي
بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الآخرة ركعتين قال
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان انتهى ولم يصل البخاري
سنده به فقال في كتاب المغزي في غزوة ذات الرقاع وقال أبان حدثنا يحيى بن
أبي كثير عن أبي سملة عن جابر فذكره ووهم شيخنا علاء الدني مقلدا لغيره فقال
أخرجاه وقد نص على ذلك الحميدي وعبد الحق في كتابيهما الجمع بين
الصحيحين مع أن البخاري وصل سنده به في مواضع لكن ليس فيه قصة الصلاة
والله أعلم قال شيخنا علاء الدين عقيب ذكره حديث جابر هذا وللنسائي في رواية
كأنها كانت صلاة الظهر وقال من قلده الشيخ ولأبي داود والنسائي أن الصلاة
292

كانت صلاة الظهر وهذا كله وهم أما النسائي فإنه لم يذكر هذه الرواية أصلا لا في
حديث جابر ولا في حديث أبي بكرة وأما أبو داود فإنه لم يذكرها إلا في حديث
أبي بكرة والله أعلم
حديث آخر أخرجه أبو داود بسند صحيح عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى
النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى
ركعتين ثم سلم وانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موفق أصحابهم ثم جاء أولئك
فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه
ركعتين انتهى وهذا هو حديث الكتاب فإن فيه ذكر الظهر
واعلم أن هذا الحديث صريح في أنه عليه الصلاة والسلام سلم من الركعتين
وحديث جابر ليس صريحا فذلك حمله بعضهم على حديث أبي بكرة ومنهم
النووي ومنهم من لم يحمله عليه ومنهم القرطبي وقال المنذري في مختصره
قال بعضهم كان النبي عليه السلام في غير حكم سفر وهم مسافرون وقال بعضهم
هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لفضيلة الصلاة خلفه وقيل فيه دليل على جواز اقتداء المفترض
بالمتنفل ويعترض عليه بأنه لم يسلم من الفرض كما في حديث جابر وقيل إنه عليه
السلام كان مخيرا بين القصر والاتمام في السفر فاختار الاتمام واختار لمن خلفه القصر
وقال بعضهم كان في حضر ببطن نخلة على باب المدينة وكان خوف فخرج منه
محترسا انتهى قلت قد يتقوى هذا بحديث أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق
الشافعي أخبرنا الثقة بن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يصلى بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم
جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم انتهى وأخرج الدارقطني عن
عنبسة عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محاصرا لبنى محارب فنودي بالصلاة
فذكر نحوه والأول أصح إلا أن فيه شائبة الانقطاع فان شيخ الشافعي مجهول وأما
الثاني ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي ضعفه غير واحد وقال غيره لم يحفظ
عن النبي عليه السلام أنه صلى صلاة خوف قط في حضر ولم يكن له حرب قط في
حضر إلا يوم الخندق ولم يكن آية الخوف نزلت بعد والله أعلم ولما ذكر الطحاوي
293

حديث أبي بكرة المذكور قال يحتمل أن يكون ذلك كان في وقت كانت الفريضة
تصلى مرتين فان ذلك كان يفعل أول الاسلام حتى نهى عنه ثم ذكر حديث بن
عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين قال والنهي لا يكون إلا بعد
الإباحة والله أعلم
فائدة ذكر بعض الفقهاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف في عشرة مواضع
والذي استقر عند أهل السير والمغازي أربعة مواضع ذات الرقاع بطن نخل
وعسفان وذي قرد فحديث ذات الرقاع أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن يزيد
بن رومان عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وفي لفظ للبخاري عمن صلى
مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه الحديث وحديث
بطن نخلة أخرجه النسائي عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
بنخل والعدو بيننا وبين القبلة الحديث وحديث عسفان أخرجه أبو داود والنسائي
عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي زيد بن الصامت قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان
وعلى المشركين خالد بن الوليد الحديث ورواه البيهقي في المعرفة بلفظ حدثنا أبو
عياش قال وفي هذا تصريح بسماع مجاهد من أبي عياش وحديث ذي قرد أخرجه
النسائي عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد
الحديث وروى الواقدي في المغازي حدثني ريبعة بن عثمان عن وهب بن كيسان
عن جابر بن عبد الله قال قال أول ما صلى رسول الله صلى اله عليه وسلم صلاة الخوف في غزوة
ذات الرقاع ثم صلاها بعد بعسفان بينهما أربع سنين قال الواقدي وهذا عندنا أثبت
من غيره انتهى
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الخندق قلت
294

تقدم في باب قضاء الفوائت والمصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على أنه لا
يجوز القتال في حال الصلاة فإن فعلوه بطلت صلاتهم قال لأنه عليه السلام شغل
عن أربع صلوات يوم الأحزاب ولو جاز الأداء مع القتال لما تركها قلت فيه نظر لان
صلاة الخوف إنما شرعت بعد يوم الأحزاب قال القرطبي في شرح مسلم ومنع
بعضهم من صلاة الخائفين متى لم يتهيأ لهم أن يأتوا بها على وجهها ويؤخروها إلى أن
يتمكنوا من ذلك واحتجوا بتأخير النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ولا حجة لهم فيه لان صلاة
الخوف إنما شرعت بعد ذلك انتهى وقال النووي في شرحه قيل إنها شرعت في
غزوة ذات الرقاع وهي سنة خمس من الهجرة وقيل إنها شرعت في غزوة بنى
النضير وقد تقدم في طرق الحديث التصريح بأن صلاة يوم الأحزاب كانت قبل نزول
صلاة الخوف رواه النسائي ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما
والبيهقي في سننه والدارمي في سننه والشافعي وأبو يعلى الموصلي في
مسنديهما كلهم عن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد
الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق فذكره إلى أن قال ذلك قبل أ ينزل
فرجالا أو ركبانا قال القاضي عياض في الشفا والصحيح أن حديث
الخندق كان قبل نزول الآية فهي ناسخة انتهى
باب الجنائز
قوله إذا احتضر الرجل وجه إلى القبلة على شقه الأيمن اعتبارا بحال الوضع في
295

القبر والمختار في بلادنا الاستلقاء لأنه أيسر والأول هو السنة قلت لم أجد له
شاهدا ويستأنس بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن سعد بن عبيدة عن البراء بن
عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع
على شقك الأيمن وقل اللهم إني أسملت نفسي إليك الحديث أخرجاه في
الدعاء وأخرجه البخاري من فعله عليه الصلاة والسلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال اللهم إني أسلمت نفسي إليك
الحديث وأخرجه بن ماجة في سننه والنسائي في اليوم والليلة من فعله عليه
السلام عن سفيان عن الربيع بن أخي البراء عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ
مضجعه وضع كفه اليمنى تحت شقه الأيمن الحديث وكذلك رواه الترمذي في
الشمائل وليس فيه ذكر القبلة
حديث آخر أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أم سلمى قالت اشتكت
فاطمة شكواها الذي قبضت فيه فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها
وخرج على لبعض حاجته فقالت يا أمه اسكبي لي غسلا فاغتسلت كأحسن
ما رأيتها تغتسل ثم قالت يا أمه أعطني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبستها ثم قالت
يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت واضطجعت فاستقبلت القبلة وجعلت
يدها تحت خدها ثم قالت يا أمه إني مقبوضة الآن وقد تطهرت فلا يكشفني أحد
فقبضت مكانها انتهى وسنده حدثنا أبو النضر ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن
إسحاق عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أم سلمى فذكره سواء بزيادة قالت
فجاء علي فأخبرته انتهى حدثنا محمد بن جعفر الوركاني ثنا إبراهيم بن سعد عن
محمد بن إسحاق به نحوه هكذا وقع في مسند أم سلمى وصوابه سلمى قال
بن عساكر في الجزء الذي رتب فيه أسماء الصحابة المذكورين في مسند أحمد على
الحروف الصواب سلمى وهي زوجة أبي رافع وذكر الإمام أحمد لها بعد هذا
الحديث حديثين في المسند وسماها سلمى قال بن القطان في كتابه أبو رافع
مولى النبي صلى الله عليه وسلم احتوشته امرأتان كل واحدة منهما اسمها سلمى إحداهما أمه
296

والأخرى زوجته فأمه سلمى مولاه صفية بنت عبد المطلب روت عن النبي صلى الله عليه وسلم
وكانت خادما له روى جارية بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع عن جدته سلمى
قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم بيت لا تمر فيه جياع أهله وأما زوجته سلمى فهي مولاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم شهدت خيبر وولدت عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي رضي الله عنه
انتهى
وفي حاشية عليه ولأبي رافع امرأة أخرى اسمها سلمى تابعية لا صحبة لها
وروى عنها القعقاع بن حكيم ذكرها بن حبان في الثقات انتهى
واعلم أن الحديث ذكره بن الجوزي في الموضوعات وفي العلل المتناهية من
رواية عاصم بن علي الواسطي ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن
أبي رافع عن أبيه عن أمه سلمى فذكره بلفظ أحمد وزاد في آخره فجاء علي رضي
الله عنه فأخبر فقال والله لا يكشفها أحد فدفنها بغسلها ذلك انتهى قال في
الموضوعات وقد رواه نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد بهذا الاسناد ورواه الحكم
بن أسلم عن إبراهيم أيضا قال وهذا حديث لا يصح أما محمد بن إسحاق
فمجروح شهد بكذبه مالك وسليمان التيمي ووهيب بن خالد وهشام بن عروة
ويحيى بن سعيد وقال بن المديني يحدث عن المجهولين بأحاديث باطلة وأما عاصم
فقال بن معين فيه ليس بشئ وأما نوح بن يزيد والحكم فكلاهما شيعي وأيضا
فالغسل إما أن يكون لحدث الموت فكيف تغتسل قبل الحدث هذا مما لا ينسب إلى علي
وفاطمة بل ينزهون عن مثل هذا انتهى وكذلك قال في العلل المتناهية إلى
أنه زاد ثم إن أحمد والشافعي يحتجان في جواز غسل الرجل زوجته بأن عليا غسل
فاطمة رضي الله عنها ردا على أبي حنفية رضي الله عنه انتهى قال صاحب
التنقيح عاصم بن علي الواسطي روى عنه البخاري في صحيحه ونوح بن يزيد
هو المؤدب صدوق ثقة ولا نعلم أحدا رماه بالتشيع والحكم بن أسلم قال فيه أبو
حاتم الرازي قدري صدوق انتهى قلت ورواه عبد الرزاق في مصنفه بسند
ضعيف ومنقطع لكن ليس فيه هيئة الاضطجاع فقال أخبرنا معمر عن عبد الله بن
محمد بن عقيل أن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت
وتطهرت ودعت بثياب أكفانها فلبستها ومست من الحنوط ثم أمرت عليا أن
297

لا تكشف إذا هي قبضت وأن تدرج كما هي في أكفانها فقلت له هل علمت أحدا
فعل نحو ذلك قال نعم كثير بن عباس وكتب في أطراف أكفانه يشهد كثير بن
عباس أن لا إله إلا الله انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه
والحديث الذي أشار إليه بن الجوزي في غسل علي لفاطمة رواه الحافظ أبو نعيم في
كتاب الحلية في ترجمة فاطمة رضي الله عنها قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا
أبو العباس السراج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى المخزومي عن عون بن محمد بن
علي بن أبي طالب عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا أسماء إني أستقبح ما يفعل بالنساء إنه يطرح على المرأة الثور فيصفها
فقالت أسماء يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة
فلوتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله يعرف به المرأة من
الرجل فإذا أنا مت فاغسليني أنت وعلي فلما توفيت غسلها علي وأسماء ورواه
الدارقطني في سننه عن أسماء أن فاطمة أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء
فغسلاها وينظر واستدل النووي أيضا في الخلاصة للشافعي بحديث أخرجه بن
ماجة وأحمد والدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن محمد بن إسحاق عن أيوب
بن علقمة عن عائشة قالت رجع النبي صلى الله عليه وسلم من البقيع وأنا أجد صداعا في رأسي
وأقول وا رأساه فقال بل أنا يا عائشة وا رأساه ثم قال ما ضرك لو مت قبلي
فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك انتهى وهذا ليس فيه حجة فان
هذا اللفظ لا يقتضى المباشرة فقد يأمر بغسلها الثاني أنه حديث ضعيف قال
النووي فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن انتهى واستشهد شيخنا علاء
الدين لهذا الحديث بحديث أخرجه الحاكم في المستدرك عن نعيم عن حماد بن عبد العزيز
بن محمد الدراوردي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقالوا توفى وأوصى أن يوجه إلى
القبلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب الفطرة ثم ذهب فصلى عليه وقال حديث
صحيح ولا أعلم في توجيه المحتضر غيره وروى البيهقي ولم يذكر في الباب
غيره وهذا الاستشهاد غير طائل إذ ليس فيه التوجيه على الصفة التي ذكرها المصنف
298

وإنما فيه مجرد التوجيه فقط ومجرد التوجيه فيه حديث أخرجه أبو داود في الوصايا
والنسائي في المحاربة عن عبيد بن عمير أن أباه عمير بن قتادة حدثه وكان له صحبة
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما الكبائر قال هن تسع الشرك بالله والسحر وقتل
النفس التي حرم الله وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف
المحصنات الغافلات المؤمنات وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام
قبلتكم أحياء وأمواتا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال رجاله محتج
بهم في الصحيح إلا عبد الحميد بن سنان انتهى وعبد الحميد بن سنان
حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث وذكره بن حبان في الثقات وقال البخاري
في حديثه نظر انتهى
طريق آخر رواه أبو القاسم البغوي حدثنا علي بن الجعد ثنا أيوب بن عتبة ثنا طيسلة
سألت بن عمر عشية عرفة عن الكبائر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هن سبع
فذكره ورواه الطبري في تفسيره عن سليمان بن ثابت الجحدري عن مسلم بن سلام
عن أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد بن عمير بن قتادة عن أبيه فذكره
ومداره على أيوب بن عتبة قاضي اليمامة وهو ضعيف ومشاه بن عدي وقال إنه
مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وذكر الإمام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب
الجنائز له باب في توجيه المحتضر ولم يذكر فيه غير أثر عن إبراهيم النخعي قال
يستقبل بالميت القبلة وعن عطاء بن أبي رباح نحوه بزيادة على شقه الأيمن ما
علمت أحدا تركه من ميته انتهى
الحديث الأول قال عليه السلام لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله قلت
روى من حديث الخدري وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وعائشة وعبد الله بن
299

جعفر وواثلة بن الأسقع وابن عمر
أما حديث الخدري فأخرجه الجماعة إلا البخاري عن أبي سعيد قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله انتهى أخرجوه عن يحيى بن عمارة
عنه وذكر النووي في الخلاصة في هذا الباب حديثا عزاه لأبي داود والحاكم
وقال صحيح الاسناد عن معاذ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله
إلا الله دخل الجنة انتهى
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عنه مرفوعا نحوه سواء عن أبي حازم
عنه
وأما حديث جابر أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء له عن عبد الوهاب بن
مجاهد عن أبيه مرفوعا نحوه ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله
بعبد الوهاب وأسند عن وكيع قال سألت عبد الوهاب بن مجاهد عن هذا الحديث
فقال ذكره أبي عن جابر بن عبد الله قال وكيع ثم قلت له أنت سمعته من أبيك
قال فذهب وتركني انتهى وذكره بن حبان في كتاب الضعفاء بغير هذا الحديث
وقال فيه كان يروى عن أبيه ولم يره ويجيب عن كل ما يسأل عنه فاستحق
(الترك) قال بن معين ليس بشئ وكان الثوري يرميه بالكذب انتهى
وأما حديث عائشة فرواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ثنا وهيب عن منصور
بن صفية عن أبيه عن عائشة مرفوعا نحوه رضي الله تعالى عنهما
وأما حديث واثلة فأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة مكحول من حديث
300

إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة فان
الشيطان أقرب ما يكون من بن آدم عند ذلك المصرع والذي نفسي بيده لا يموت عبد
حتى يألم كل عرق منه على حياله انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز له
وهو مجلد وسط حدثنا عثمان بن جعفر بن أحمد السبيعي ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن
نجدة ثنا علي بن عياش ثنا حفص بن سلمان حدثني عاصم وعطاء بن السائب عن زاذان
عن بن عمر مرفوعا لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا
أنجاه الله من النار انتهى
وأما حديث عبد الله بن جعفر فرواه البزار في مسنده
قوله فإذا مات شد لحياه وغمض عيناه بذلك جرى التوارث قلت تغميض
البصر فيه أحاديث منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أم سلمة قالت دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه فضج ناس من أهله فقال
لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فان الملائكة يؤمنون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة
وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله رب العالمين
انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن قزعة بن سويد عن حميد الأعرج
عن الزهير عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
حضرتم موتاكم فاغمضوا البصر فان البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإن الملائكة
تؤمن على ما قال أهل البيت انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في
المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه البزار في مسنده
وقال لا يعلم رواه عن حميد الأعرج إلا قزعة بن سويد وليس به بأس لم يكن بالقوي
301

واحتملوا حديثه انتهى وأعله بن حبان في كتاب الضعفاء بقزعة وقال إنه كان
كثير الخطأ فاحش الوهم حتى كثر ذلك في روايته فسقط الاحتجاج به انتهى
وحديث شد اللحيين غريب
فصل في الغسل
الحديث الثاني قال عليه الصلاة والسلام إن الله وتر يحب الوتر قلت
روى من حديث أبي هريرة ومن حديث على ومن حديث بن عمر ومن حديث
الخدري
فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم في الذكر والدعاء عن أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة
302

إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر انتهى
وحديث علي أخرجه أصحاب السنن الأربعة في الصلاة عن عاصم بن ضمرة
عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر
انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وقال
الترمذي حديث حسن انتهى
وحديث بن عمر رواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله ثنا أبي
ثنا عدي بن الفضل ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا إن الله وتر يحب الوتر
انتهى وسكت عنه
وحديث الخدري رواه البزار أيضا حدثنا عمرو بن علي ثنا يحيى بن سعيد ثنا
محمد بن عمر ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن الخدري مرفوعا نحوه وفيه قصة
قوله لان الغسل عرفناه بالنص قلت روى الحاكم في المستدرك من طريق بن
إسحاق عن محمد بن ذكوان عن الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان آدم عليه الصلاة والسلام رجلا أشعر طوالا آدم كأنه نخلة سحوق فلما حضره
الموت نزلت الملائكة بحنوطه وكفنه من الجنة فلما مات غسلوه بالماء والسدر ثلاثا
وجعلوا في الثالثة كافورا وكفنوه في وتر ثياب وحفروا له لحدا وصلوا عليه وقالوا
هذه سنة ولد آدم من بعده انتهى وسكت عنه ثم أخرجه عن الحسن عن عتي بن
ضمرة السعدي عن أبي بن كعب مرفوعا نحوه وفيه فقالوا يا بني آدم هذه
سنتكم من بعده فكذاكم فافعلوا وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه لان عتي بن
ضمرة ليس له راو غير الحسن انتهى وضعف النووي في الخلاصة الأول
303

وذكر النووي في الخلاصة في باب حديث الذي وقصته راحلته أخرجاه عن بن
عباس وفيه أغسلوه بماء وسدر الحديث وحديث أم عطية أنه عليه السلام قال له من
في حق ابنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا رواه الجماعة وحديث أخرجه أبو
داود عن محمد بن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية يغسل بالسدر مرتين
والثالثة بالماء والكافور قال وإسناده على شرط البخاري ومسلم انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني بكر بن
محمد الصيرفي ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عبد الله بن يزيد المقري ثنا سعيد بن أبي
أيوب عن شرحبيل بن شريك عن علي بن أبي رباح قال سمعت أبا رافع يقول قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله
من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث
انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا هارون بن ملول المصري ثنا عبد الله بن
يزيد المقري به سندا ومتنا ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم
حديث آخر أخرجه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز عن حماد بن
عمرو الضبي عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي
طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي غسل الموتى فإنه من غسل ميتا غفر له
سبعون مغفرة لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لو سعتهم قلت يا رسول الله
ما يقول من يغسل ميتا قال يقول غفرانك يا رحمن حتى يفرغ من الغسل
انتهى وأخرجه بن ماجة في سننه عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن
عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا من غسل ميتا وحنطه وحمله وصلى عليه
ولم يفش عليه ما رأى خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه انتهى وعمرو بن
خالد هذا متهم بالوضع وقد غسل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف المخلوقين وأمر
304

بتغسيل ابنته وغسل أبو بكر بعده والناس يتوارثون خلفا عن سلف ولم ينقل عن أحد
من المسلمين أنه مات فدفن من غير غسل إلا الشهداء وأما قول الشيخ جلال الدين
الخبازي في حواشيه وقوله لان الغسل عرفناه بالنص ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
للمسلم على المسلم ثمانية حقوق وذكر منها غسل الميت فهذا حديث ما عرفته ولا
وجدته والذي وجدناه من هذا النوع ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض
واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس انتهى وفي لفظ لهما خمس
يجب للمسلم على أخيه وفي لفظ لمسلم حق المسلم على المسلم ست فزاد وإذا
استنصحك فانصح له وروى أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من
حديث أبي محمد القاسم بن محمد بن جعفر حدثني أبي عن أبيه محمد بن عبد الله عن
أبيه عمر عن أبيه علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم على أخيه
المسلم ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو يغفر له ذلته ويرحم عترته
ويستر عورته ويقيل عثرته ويقبل معذرته ويرد غيبته ويديم نصحته ويحفظ خلته
ويرعى ذمته ويعود مرضه ويشهد ميتته ويشمت عطسته ويرشد ضالته ويرد
سلامه ويطيب كلامه ويبر إنعامه ويصدق أقسامه وينصره ظالما أو مظلوما ويواليه
ولا يعاديه ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له من الشر ما يكره لنفسه وإن
أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا حتى العطسة يدع تشميته عليها فيطالبه يوم القيامة
فيقضى له بها عليه انتهى
قوله لان السنة هي البداية بالميامن قلت فيه حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعجبه التيمن في كل شئ حتى في تنعله وترجله رواه الجماعة وحديث أم عطية
رواه الجماعة أيضا واللفظ للبخاري قالت لما غسلنا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا
ونحن نغسلها ابدءوا بميامنها ومواضع الوضوء منها انتهى وابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه هي زينب زوج أبي العاص وهي أكبر بناته وهو مصرح به في لفظ لمسلم عن أم
305

عطية قالت لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا عليه السلام أغسلنها
وترا الحديث وقد جاء في سنن أبي داود ومسند أحمد وتاريخ
البخاري الوسط أنها أم كلثوم أخرجوه عن بن إسحاق حدثني نوح بن حكيم الثقفي
عن رجل من بنى عروة بن مسعود الثقفي يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبي
سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقو ثم الدرع
ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا انتهى قال المنذري في
مختصره فيه محمد بن إسحاق وفيه من ليس بمشهور والصحيح أن هذه القصة في
زينب لان أم كلثوم توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب ببدر انتهى قال بن القطان في
كتابه ونوح بن حكيم رجل مجهول لم تثبت عدالته فأما الرجل الذي يقال له
داود فلا يدري من هو فان داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي رجل
معروف يروى عن عثمان بن أبي العاص وابن عمر وسعيد بن المسيب وروى عنه
بن جريج ويعقوب بن عطاء وقيس بن سعد وغيرهم وهو مكي ثقة قاله أبو
زرعة ولا يجزم القول بأنه هو وموجب التوقف في ذلك أنه وصف في الاسناد بأنه
ولدته أم حبيبة وأم حبيبة كان لها بنت واحدة قدمت بها من أرض الحبشة ولدتها من
زوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب المفتتن بدين النصرانية المتوفى هنالك واسم هذه
البنت حبيبة فلو كان زوج حبيبة هذه أو عاصم بن عروة بن مسعود أمكن أن يقال
إن داود المذكور ابنه منها فهو حينئذ لام حبيبة وهذا شئ لم ينقل بل المنقول خلافه
وهو أن زوج حبيبة هذه هو داود بن عروة بن مسعود كذا قال أبو علي بن السكن
وغيره فداود الذي لام حبيبة عليه ولادة ليس داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود
إذ ليس أبو عاصم زوجا لحبيبة ولا هو بداود بن عروة بن مسعود الذي هو زوج حبيبة
فإنه لا ولادة لام حبيبة عليه والله أعلم من هو فالحديث من أجله ضعيف انتهى
قلت يبقى على هذا حديث رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا
306

عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت دخل علينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته أم كلثوم فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر
من ذلك إن رأتين ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا فإذا فرغتن
فآذنني فما فرغن آذناه فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إياه انتهى وهذا سند
صحيح رجاله مخرج لهم في الكتب وفي كتاب الصحابة الابن الأثير قال
زينب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكبر بناته وأمها خديجة بنت خويلد توفيت في السنة
الثامنة ونزل عليه السلام في قبرها وأختها أم كلثوم شقيقتها توفيت سنة تسع وصلى
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي غسلتها أم عطية وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
اغسلنها ثلاثا أو خمسا انتهى كلامه وهذا يقوى ما ذكره
قوله ولان التطيب سنة قلت أخرج الحاكم في المستدرك عن حميد بن
عبد الرحمن الرواسي ثنا الحسن بن صالح عن هارون بن سعيد عن أبي وائل قال كان
عند علي رضي الله عنه مسك فأوصى أن يحنط به وقال هو فضل حنوط رسول الله صلى
الله عليه وسلم انتهى وسكت ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حميد بن
عبد الرحمن به ورواه البيهقي في سننه قال النووي إسناد حسن
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن صدقة بن موسى ثنا سعيد الجريري عن
عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن معقل قال إذا أنا مت فاجعلوا في آخر غسلي
كافورا وكفنوني في بردين وقميص فان النبي صلى الله عليه وسلم فعل به ذلك انتهى وسكت
عنه أيضا
حديث آخر حديث أبي بن كعب المتقدم في قصة آدم رواه الحاكم
وصححه
307

حديث آخر أخرجه الحاكم وصححه وابن حبان في صحيحه عن جابر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجمرتم الميت فأوتروا انتهى وفي حديث أم
عطية المخرج في الكتب الستة قال لهن عليه الصلاة والسلام اغسلنها ثلاثا أو
خمسا واجعلن في الآخرة كافورا وفي حديث المحرم الذي وقصته راحلته
المخرج في الصحيحين ولا تحنطوه وفي لفظه ولا تمسوه طيبا دليل على أن التطيب
للميت كان مسنونا عندهم وأن المعروف لغير المحرم الحنوط والطيب
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن
همام عن شيخ من أهل الكوفة يقال له زياد عن إبراهيم عن بن مسعود قال يوضع
الكافور على مواضع سجود الميت انتهى ورواه البيهقي وأخرج عبد الرزاق في
مصنفه عن سلمان أنه استودع امرأته مسكا فقال إذا مت فطيبوني به فإنه
يحضرني خلق من خلق الله لا ينالون من الطعام والشراب يجدون الريح
وأخرج عن الحسن بن علي أنه لما غسل الأشعث بن قيس دعا بكافور فجعله على
وجهه وفي يديه ورأسه ورجليه ثم قال ادرجوه انتهى وأخرج مسلم في
الطيب عن الخدري مرفوعا أن أطيب طيبكم المسك انتهى ورواه أبو داود
والنسائي في الجنائز وبوبا عليه باب الطيب للميت ولم أعرف مطابقته للباب
والله أعلم
قوله قالت عائشة علام تنصون ميتكم قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا سفيان عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها رأت امرأة يكدون رأسها
308

بمشط فقالت علام تنصون ميتكم انتهى ورواه محمد بن الحسن في كتاب
الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به ورواه أبو
عبيد القاسم بن سلام وإبراهيم الحربي في كتابيهما في غريب الحديث حدثنا
هشيم أنا مغيرة عن إبراهيم عن عائشة أنها سئلت عن الميت يسرح رأسه فقالت علام
تنصون ميتكم قال أبو عبيد هو مأخوذ من نصوت الرجل أنصوه نصوا إذا مددت
ناصيته فأرادت عائشة أن الميت لا يحتاج إلى تسريح الرأس وذلك بمنزلة الاخذ
بالناصية انتهى وذكره البيهقي تعليقا فقال روى عن عائشة أنها قالت فذكره
فصل في التكفين
الحديث الثالث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية
قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة انتهى
ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد فيه قالت فأما الحلة فإنها اشتبهت على
الناس لأنها اشتريت ليكفن بها فلم يكفن فيها وكفن في ثلاثة أثواب فأخذ الحلة
عبد الله بن أبي بكر فقال أجعلها كفني ثم قال لو رضيها الله لرضيها لرسوله
فباعها وتصدق بثمنها انتهى والحديث حجة على أصحابنا في عدم القميص على
أن مالكا يحمله على أنه ليس بمعدود بل يحتمل أن يكون الثلاثة الأثواب زيادة على
القميص والعمامة الشافعي يجعله على ظاهره ولأصحابنا حديث أخرجه بن عدي
في الكامل عن ناصح بن عبد الله الكوفي عن سماك عن جابر بن سمرة قال كفن
309

النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب قميص وإزار ولفافة انتهى وضعف ناصح بن عبد الله
عن النسائي ولينه هو وقال هو يكتب حديثه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن بن
عباس قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب قميصه الذي مات فيه وحلة
نجرانية انتهى ويزيد بن أبي زياد ضعيف قال أبو عبيد الحلة إزار ورداء ولا
تكون الحلة إلا من ثوبين انتهى
حديث آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد
بن أبي سليمان عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في حلة يمانية وقميص انتهى
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه وأخرج عن الحسن نحوه
الأحاديث المخالفة لما تقدم روى بن حبان في صحيحه من حديث الفضل بن
العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين سحوليين انتهى وروى أيضا من حديث أبي هريرة
أنه عليه الصلاة والسلام كفن في ثوب نجراني وريطتين
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده عن حماد بن
سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب أن
النبي صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب انتهى قال البزار لا نعلم أحدا تابع بن عقيل عليه
ولا يعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله
بابن عقيل وضعفه عن بن معين فقط ولينه هو وقال روى عنه جماعة من الثقات
وهو ممن يكتب حديثه انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله أيضا
310

بابن عقيل وقال إنه كان ردئ الحفظ فيأتي بالخبر على غير وجهه فلما كثر ذلك
في رواياته استحق المجانبة ولكنه كان من سادات الناس
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن قيس بن الربيع عن شعبة عن أبي
جمرة عن بن عباس أ النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قطيفة حمراء أنتهي وذكره عبد الحق
في أحكامه من جهة بن عدي وقال وقيس بن الربيع لا يحتج به والصحيح ما رواه
مسلم عن غندر ووكيع ويحيى بن سعيد عن شعبة به أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في قبره
قطيفة حمراء انتهى قال بن القطان في كتابه أخاف أن يكون تصحف على بعض
رواة كتاب الكامل لفظ دفن بكفن انتهى كلامه
قوله عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما
قلت رواه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد حدثنا يزيد بن هارون ثنا إسماعيل
بن أبي خالد عن عبد الله اليمنى مولى الزبير بن العوام عن عائشة قالت لما احتضر
أبو بكر رضي الله عنه تمثلت بهذا البيت
أعاذل ما يغنى الحذار عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فقال لها يا بنية ليس كذلك ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق
ذلك ما كنت منه تحيد ثم قال أنظروا ثوبي هذين فاغسلوهما ثم كفنوني فيهما
فان الحي أحوج إلى الجديد منهما انتهى ثم قال في كتاب الزهد حدثنا عبد الله
311

بن أحمد بن حنبل ثنا هارون بن معروف ثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن
نسي قال لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة رضي الله عنها اغسلوا ثوبي هذين
ثم كفنوني فيهما فإنما أبوك أحد رجلين إما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوا
السلب وليس هذا من رواية أحمد
طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت قال أبو بكر لثوبيه الذين كان يمرض فيهما اغسلوهما وكفنوني
فيهما فقالت عائشة ألا نشترى لك جديدا قال لا إن الحي أحوج إلى الجديد من
الميت انتهى أخبرنا بن جريج عن عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول أمر
أبو بكر إما عائشة وإما أسماء بنت عميس بأن تغسل ثوبين كان يمرض فيهما
ويكفن فيهما فقالت عائشة أو ثيابا جددا قال الاحياء أحق بذلك انتهى
طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا الفضل بن دكين ثنا سيف بن أبي
سليمان قال سمعت القاسم بن محمد قال قال أبو بكر حين حضره الموت
كفنوني في ثوبي هذين الذين كنت أصلى فيهما واغسلوهما فإنهما للمهل
والتراب انتهى أخبرنا الواقدي ثنا معمر بسند عبد الرزاق ومتنه وذكره محمد بن
الحسن في كتاب الآثار بلاغا فقال بلغنا عن أبي بكر الصديق أنه قال اغسلوا
ثوبي هذين وكفنوني فيهما وفي البخاري خلاف هذا أخرج عن عن عائشة أن أبا
بكر قال لها في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها
قميص ولا عمامة قال فيأتي يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يوم الاثنين قال
فأي يوم هذا قالت يوم الاثنين قال أرجو فيما بيني وبين الليل فنظر إلى ثوب
عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه
ثوبين فكفنوني فيهما قالت إن هذا خلق قال إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما
هو للمهلة فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح انتهى قال
312

النووي الردع بالمهملات الله تبارك وتعالى الأثر المهلة بضم الميم وفتحها وكسرها
صديد الميت انتهى ذكره عبد الحق في التعاليق
ومن أحاديث الباب الذي وقصته راحلته أخرجه الأئمة الستة عن بن عباس
وكفنوه في ثوبين وفي لفظ في ثوبيه
الحديث الرابع في حديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى اللواتي غسلن ابنته خمسة
أثواب قلت غريب من حديث أم عطية وأخرج أبو داود في سننه عن محمد بن
إسحاق حدثني نوح بن حكيم الثقفي عن رجل من بنى عروة بن مسعود الثقفي يقال له
داود ولدته أم حبيب بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية قالت
كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا الحق
ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر قالت ورسول
الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا انتهى قال المنذري فيه
محمد بن إسحاق وفيه من ليس بمشهور قال والحقا بكسر الحاء مقصور
ولعله لغة في الحقو انتهى وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مستوفى
الحديث الخامس روى أن مصعب بن عمير حين استشهد كفن في ثوب واحد
313

قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن خباب بن الأرت قال هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئا
منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرة فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه
وإذا غطينا رجليه بدأ رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه
شيئا من الإذخر انتهى أخرجه الترمذي في المناقب والباقون في الجنائز
الحديث السادس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجمار أكفان ابنته وترا قلت غريب
وروى بن حبان في صحيحه في النوع السابع والثمانين من القسم الأول والحاكم
في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم عن قطية بن عبد العزيز عن الأعمش
عن أبي سفيان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أجمرتم الميت فأجمر وا ثلاثا
انتهى وفي لفظ لابن حبان فأوتروا وفي لفظ للبيهقي جمروا كفن الميت ثلاثا
قال النووي وسنده صحيح ورواه البيهقي عن يحيى بن معين أنه قال لم يرفعه غير
يحيى بن آدم ولا أظنه إلا غلطا قال النووي وكأن بن معين بناه على قول بعض
المحدثين إن الحديث إذا روى مرفوعا وموقوفا فالحكم للوقف والصحيح أن الحكم
للرفع لأنه زيادة ثقة ولا شك في ثقة يحيى بن آدم انتهى كلامه وروى بن أبي
شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن فاطمة عن أسماء أنها قالت
عند موتها إذا أنا مت فاغسلوني وكفنوني وأجمروا ثيابي انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر أو بن جريج عن هشام عن أبيه عن أسماء
فذكره ورواه مالك في الموطأ عن هشام به وزاد وحنطوني ولا تتبعوني بنار
انتهى وهذا سند صحيح
314

فصل في الصلاة على الميت
الحديث السابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة من الأنصار قلت
روى بن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الرابع من حديث خارجه
بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد قال خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر فسأل عنه فقالوا فلانة فعرفها فقال ألا
آذنتموني بها قالوا كنت قائلا صائما قال فلا تفعلوا لا أعرفن ما مات منكم
ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة قال ثم أتى
القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في
الفضائل وسكت عنه وأخرج بن حبان من طريق أحمد بن حنبل ثنا غندر عن
315

شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة قد
دفنت انتهى ورواه مالك في الموطأ عن بن شهاب الزهري عن أبي أمامة بن
سهيل بن حنيف أنه أخبره ان مسكينة مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها فقال
إذا ماتت فأذنوني بها فخرجوا بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوه فلما أصبح أخبر
بشأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نخرجك
ليلا أو نوقظك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع
تكبيرات انتهى وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رجلا اسود
كان يقم المسجد فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا مات قال أفلا آذنتموني به
دلوني على قبره فأتى قبره فصلى عليه انتهى وأخرجه أيضا عن أبي إسحاق
الشيباني عن الشعبي قال أخبرني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على قبر منبوذ فصفهم
فكبر أربعا قال الشيباني من حدثك هذا قال بن عباس انتهى قال بن حبان في
صحيحه وقد جعل بعض العلماء الصلاة على القبر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بدليل ما
ورد فيه وإني أنورها بصلاتي عليهم وليس كما توهموه بدليل أنه عليه السلام
صف الناس خلفه فلو كان من خصائصه لزجرهم عن ذلك انتهى وهذا الحديث
الذي أشار إليه أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على
قبر امرأة أو رجل كان يقم المسجد ثم قال إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة
وإني أنورها بصلاتي عليهم انتهى وأخرج الترمذي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد
يعنى بن عبادة ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك
شهر قال البيهقي هو مرسل صحيح وقد روى موصولا عن بن عباس والمشهور
المرسل انتهى
أحاديث وضع الموتى للصلاة أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن مسلمة بن
مخلد قال كنا بمصر فجاؤونا برجال ونساء فجعلوا لا يدرون كيف يصنعون فقال
مسلمة سنتكم في الموت سنتكم في الحياة قال فجعلوا النساء مما يلي الامام
316

والرجال أمام ذلك انتهى وأخرج عن سالم بن عبد الله بن عمر والقاسم وعطاء بن
أبي رباح قالوا النساء مما يلي الامام والرجال مما يلي القبلة انتهى
أحاديث الخصوم وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي هريرة أنه صلى على
جنائز رجال ونساء فقدم النساء مما يلي القبلة والرجال يلون الامام وأخرج عن بن
عمر نحوه وكذا عن زيد بن ثابت وكذا عن عثمان وكذا عن واثلة بن الأسقع
وأخرج عن سعيد بن العاص انه صلى على أم كلثوم وزيد بن عمر فجعل زيدا مما يليه
وجعل أم كلثوم بين يدي زيد وفي الناس الحسن والحسين وآخرون من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرج عن الحارث عن علي قال إذا اجتمعت جنائز الرجال
والنساء جعل الرجال مما يلي الامام والنساء مما يلي القبلة وإذا اجتمع الحر والعبد
جعل الحر مما يلي الامام والعبد مما يلي القبلة انتهى وأخرج أبو داود والنسائي
عن عمار بن أبي عمار قال شهدت جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي
الامام فأنكرت ذلك وفي القوم بن عباس وأبو سعيد وأبو قتادة وأبي هريرة فقالوا
هذه السنة قال النووي رحمه الله وسنده صحيح وفي رواية البيهقي وكان
في القوم الحسن والحسين وأبو هريرة وابن عمر ونحوا من ثمانين من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية إن الامام كان بن عمر وأخرج البيهقي عن نافع أن بن
عمر صلى على تسع جنائز رجال ونساء فجل الرجال مما يلي الامام وجعل النساء
مما يلي القبلة وصفهم صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي وهي امرأة
عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد بن مر والامام يومئذ سعيد بن العاص وفي
الناس يومئذ بن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الامام
وذكر الحديث
الحديث الثامن روى أنه عليه الصلاة والسلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها
317

قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث عمر بن الخطاب ومن حديث بن أبي
حثمة ومن حديث أنس
أما حديث بن عباس فله طرق أحدها عند الحاكم في المستدرك
والدارقطني في سننه عن الفرات بن سائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن
عباس قال أخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربع تكبيرات وكبر عمر على أبي بكر
أربعا وكبر بن عمر على عمر أربعا وكبر الحسن بن علي على على أربعا وكبر
الحسين بن علي على الحسن أربعا وكبرت الملائكة على آدم أربعا انتهى قال
الدارقطني والفرات بن السائب متروك انتهى وسكت الحاكم عنه
طريق آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه في النضر أبي
عمر عن عكرمة عن بن عباس قال آخر جنازة صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر عليها
أربعا انتهى قال البيهقي تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخراز عن
عكرمة وهو ضعيف وقد روى هذا من وجوه أخر كلها ضعيفة إلا أن اجتماع أكثر
الصحابة رضي الله عنهم على الأربع كالدليل على ذلك انتهى كلامه
طريق آخر رواه أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان في ترجمة المحمديين
حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن عمران ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ثنا شيبان بن
فروخ ثنا نافع أبو هرمز ثنا عطاء بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على أهل بدر سبع
تكبيرات وعلى بني هاشم خمس تكبيرات ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات إلى أن
خرج من الدنيا انتهى
318

طريق آخر رواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث محمد بن معاوية أبي
علي النيسابوري عن أبي المليح عن ميمون بن مهران عن بن عباس وأعله بمحمد بن
معاوية وقال إنه يأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه فاستحق الترك إلا فيما وافق الثقات
فإنه كان صاحب حفظ وإتقان قبل أن ظهر منه ما ظهر انتهى
وأما حديث عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن أبي أنيسة عن جابر
عن الشعبي عن مسروق قال صلى عمر على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول
لأصلين عليها مثل آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثلها فكبر عليها أربعا
انتهى ويحيى بن أبي أنيسة وجابر الجعفي ضعيفان
طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد
بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي في أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمسا وستا
وأربعا حتى قبض النبي صلى الله عله وسلم ثم كبروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق ثم ولى عمر
بن الخطاب ففعلوا ذلك فقال لهم عمر إنكم معشر أصحاب محمد متى تختلفون
يختلف الناس بعدكم والناس حديث عهد بالجاهلية فاجمعوا على شئ يجمع عليه من
بعدكم فأجمع رأى أصحاب محمد على أن ينظروا إلى آخر جنازة كبر عليها النبي صلى الله عليه وسلم
حين قبض فيأخذون ويتركون ما سواه فنظروا فوجدوا آخر جنازة كبر عليها رسول
الله صلى الله عليه وسلم أربعا انتهى وكان فيه انقطاعا بين إبراهيم وعمر
وأما حديث بن أبي حثمة فرواه أبو عمر في الاستذكار عن عبد الوارث بن
سفيان عن قاسم عن بن وضاح عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم عن مروان بن
معاوية الفزاري عن عبد الله بن الحارث عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا وخمسا وستا وسبعا فثمانيا حتى
جاءه موت النجاشي فخرج إلى المصلى فصلى الناس وراءه وكبر عليه أربعا ثم
ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله عز وجل انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا حفص بن
319

حمزة أنبأ فات بن السائب أنبا ميمون بن مهران أن عبد الله بن عمر قال آخر ما
كبر النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ حديث بن عباس وزاد وكبر على علي يزيد بن المكفف
أربعا وكبر بن الحنفية علي بن عباس بالطائف أربعا انتهى
وأما حديث أنس فأخرجه الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ عن أبي بكر
أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ثنا شيبان الأيلي أنا نافع أبو هرمز ثنا أنس بن
مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بني هاشم سبع
تكبيرات وكان آخر صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا انتهى قال واسناده واه وقد
روى آخر صلاته كبر أربعا من عدة روايات كلها ضعيفة وكذلك جعل بعض
العلماء الامر على التوسع وأن لا وقت ولا عدد وجمعوا بين الأحاديث قالوا كان
النبي صلى الله عليه وسلم يفضل أهل بدر على غيرهم وكذا بني هاشم فكان يكبر عليهم خمسا
وعلى من دونهم أربعا وأن الذي حكى آخر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الميت من بني هاشم
ولا من أهل بدر وقد جعل بعض العلماء حديث النجاشي ناسخا فإن حديث
النجاشي مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعاه في
اليوم الذي مات وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات قالوا وأبو
هريرة متأخر الاسلام وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة بمدة فإن قيل إن
كان في حديث أبي هريرة ما يدل على التأخير فليس في تلك الأحاديث المنسوخة ما
يدل على التقديم فليس أحدهما أولى بالتأخير من الاخر قلنا قد ورد التصريح
بالتأخير من رواية عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر انتهى كلامه وأما ما
روى عن علي أنه صلى بعد ذلك على سهل بن حنيف ستا فلانه كان بدريا والبدريون
يزيدون في التكبير ورآه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا بن عيينة
عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن مغفل أن عليا صلى على سهل بن
حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلينا فقال إنه بدري انتهى ورواه البخاري في
320

تاريخه حدثنا حجاج ثنا أبو عوانة عن بن أبي خالد به قال النووي في الخلاصة
ورواه البرقاني في صحيحه ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للترمذي
ويؤيد هذا ما أخرجه الطحاوي والدارقطني ثم البيهقي عن عبد خير قال كان علي
يكبر على أهل بدر ستا وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعلى سائر المسلمين
أربعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن عبد العلى بن سلع عن
عبد خير به
قوله والبداءة بالثناء ثم بالصلاة لأنها سنة الدعاء
قلت أخرجه أبو داود والنسائي في الصلاة والترمذي في الدعوات عن
حياة بن شريح عن أبي هانئ عن أبي على الجنبي عن فضالة بن عبيد قال سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عجل هذا ثم دعاه فقال له إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ثم
يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعده بما شاء انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح
على شرط مسلم ولم يخرجه انتهى
واعلم أن نسخ السنن مختلفة في هذا اللفظ لم يحمد الله ولم يمجد الله وقوله
فليبدأ بتمجيد الله وتحميد الله والأقرب أنه بتحميد الله فان القاضي عياض في
الشفا ساقه من طريق الترمذي وقال فيه بتحميد الله قال وروى من غير هذا
السند بتمجيد الله وهو أصح انتهى
321

قوله والمسبوق لا يبتدئ بما فاته إذ هو منسوخ قلت روى سندا ومرسلا
فالمسند روى من حديث معاذ ومن حديث أبي أمامة
فحديث معاذ أخرجه أبو داود في سننه في الاذان عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى قال أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال قال وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال
لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور
ينادون الناس لحين الصلاة إلى أن قال فقال عمر أما إني قد رأيت مثل الذي رأى
لكن لما سبقت استحييت قال حدثنا أصحابنا قال كان الرجل إذا جاء يسأل
فيخبر بما سبق من صلاته وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد
ومصل قال بن المثنى قال عمرو وحدثني بها حصين عن أبي ليلى حتى جاء
معاذ فأشاروا إليه فقال معاذ لا أراه على حال إلا كنت عليها قال فقال عليه السلام
إن معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا مختصر قال الحازمي في كتابه الناسخ
والمنسوخ قال المزني معنى قوله إن معاذا قد سن لكم يحتمل أن يكون عليه
الصلاة والسلام أمر أن يستن بهذه السنة فوافق ذلك فعل معاذ فإن بالناس حاجة إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يسن وليس بالناس حاجة إلى غيره انتهى وكذلك نقله
البيهقي في المعرفة عن المزني رحمه الله وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده
والطبراني في معجمه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ قال كان الناس على
عهده عليه السلام إذا سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأوا إليه بالذي سبق به فيبدأ
ليقضى ما سبق ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فلما
فرغ عليه الصلاة والسلام قام فقضى ما كان سبق به فقال عليه الصلاة والسلام قد
سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم وقد سبق بشئ من الصلاة فليصل مع الامام
بصلاته فإذا فرغ الامام فليقض ما سبق به انتهى وفي سماع بن أبي ليلى من معاذ
نظر تقدم في الاذان
322

وأما حديث أبي أمامة أخرجه الطبراني في معجمه عن عبيد الله بن زحر عن
علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأ إليه بالذي سبق به فيبدأ فيقضى ما سبق به
ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فما فرغ عليه السلام
قام فقضى ما كان سبق به فقال عليه الصلاة والسلام قد سن لكم معاذ فاقتدوا به
إذا جاء أحدكم الحديث وسنده ضيف وأما المرسل فله وجهان أحدهما
رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى قال كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الرجل وقد فاته شئ من
الصلاة أشار إليه الناس فصلى ما فاته ثم دخل في الصلاة حتى جاء ويوما معاذ بن جبل
فأشار إليه فدخل ولم ينتظر ما قالوا فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا له فقال قد سن
لكم معاذ فاقبلوا انتهى الوجه الآخر رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح قال الرجل إذا جاء
وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من صلاته سأل فإذا أخبر بشئ
سبق به صلى الذي سبق به ثم دخل معهم في الصلاة فأتى بن مسعود فدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل
فلما فرغ عليه الصلاة والسلام قال بن مسعود فقضى ما بقي عليه فقال عليه السلام
إن بن مسعود قد سن لكم سنة فاتبعوها انتهى قال البيهقي وقد رواه عبد الرحمن بن
أبي ليلى فجعل القصة في معاذ ثم أخرجه كذلك قال والدليل على أن ذلك من سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أو فاقضوا انتهى وينبغي أن ينظر في حديث
المغيرة بن شعبة وصلاة النبي عليه السلام خلف عبد الرحمن بن عوف الصبح
أخرجوه إلا الترمذي مختصرا ومطولا وفي لفظ أحمد فصلينا معه التي أدركنا
ثم قضينا التي سبقنا بها
323

قوله وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها
لان أنسا فعل كذلك وقال هو السنة قلنا تأويله إن جنازتها لم تكن منقوشة فحال
بينها وبينهم قلت أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن نافع أبي غالب قال
كنت في سكة المربد فمرت جنازة معها ناس كثير قالوا جنازة عبد الله بن عمر فتبعتها
فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق وعلى رأسه خرقة تقيه من الشمس فقلت من هذا
الدهقان قالوا أنس بن مالك قال فلما وضعت الجنازة قام أنس فصلى عليها
وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شئ فقام عند رأسه وكبر أربع تكبيرات لم يطل
ولم يسرع ثم ذهب يقعد فقالوا يا أبا حمزة المرأة الأنصارية فقربوها وعليها
نعش أخضر فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ثم جلس فقال
العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر عليها أربعا ويقوم عند
رأس الرجل وعجيزة المرأة قال نعم إلى أن قال قال أبو غالب فسألت عن صنيع
أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش
وكان يقوم الامام حيال عجيزتها يسترها من القوم مختصر من لفظ أبي داود
324

ولفظ الترمذي وابن ماجة عن أبي غالب قال رأيت أنس بن مالك صلى على جنازة
رجل فقام حيال رأسه فجئ بجنازة أخرى فقالوا يا أبا حمزة صل عليها فقام
حيال وسط السرير فقال العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام
من الجنازة مقامك من الرجل وقام من المرأة مقامك من المرأة قال نعم فأقبل علينا
العلاء بن زياد فقال احفظوا انتهى وبهذا اللفظ رواه أحمد وإسحاق بن
راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ونافع أبو غالب الباهلي الخياط البصري
قال بن معين صالح وقال أبو حاتم شيخ وذكره بن حبان في الثقات والله أعلم
قال النووي في الخلاصة وقع عند أبي داود أن المرأة أنصارية وعند الترمذي أنها
قرشية ولعلها كانت من قريش وبالخلف من الأنصار أو عكسه والله أعلم
انتهى كلامه
حديث للخصوم رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث سمرة بن جندب
قال صليت وراء النبي عليه السلام على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها للصلاة
وسطها انتهى
الحديث التاسع قال عليه الصلاة والسلام من صلى على ميت في المسجد فلا
أجر له قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على ميت فس المسجد فلا شئ
له ولفظه بن ماجة فليس له شئ انتهى قال الخطيب المحفوظ فلا شئ
325

له وروى فلا شئ عليه وروى فلا أجر له انتهى قال بن عبد البر رواية فلا
أجر له خطأ فاحش والصحيح فلا شئ له وصالح مولى التوأمة من أهل العلم
منهم من لا يحتج به لضعفه ومنهم من يقبل منه ما رواه بن أبي ذئب خاصة انتهى
ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بلفظ فلا صلاة له ورواه بن عدي في الكامل
بلفظ أبي داود وعده من منكرات صالح ثم أسند إلى شعبة أنه كان لا يروى عنه
وينهى عنه وإلى مالك أن قال فيه ضعف وأسند عن بن معين أنه قال فيه ثقة إلا أنه
اختلط قبل موته فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة وممن سمع منه قبل الاختلاط
بن أبي ذئب انتهى كلامه وقال بن حبان في كتاب الضعفاء اختلط بآخره
ولم يتميز حديث حديث من قديمة فاستحق الترك ثم ذكر له هذا الحديث وقال إنه
باطل وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى عليه سهيل بن بيضاء في المسجد
انتهى كلامه وقال البيهقي رواه جماعة عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة
وهو مما يعد في أفراد صالح وحديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام صلى على سهيل بن
بيضاء في المسجد أصح وصالح مولى التوأمة مختلف في عدالته كان مالك بن أنس
يجرحه وقال النووي أجيب عن هذا بأجوبة أحدها أنه ضعيف لا يصح
الاحتجاج به قال أحمد بن حنبل هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة
وهو ضعيف والثاني أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود فلا
شئ عليه ولا حجة فيه والثالث أن اللام فيه بمعنى على كقوله تعالى وإن
أسأتم فلها أي فعليها جمعا بين الأحاديث انتهى كلامه وقال في الخلاصة وقد
ضعف هذا الحديث أحمد بن حنبل وابن المنذر والخطابي والبيهقي قالوا وهو من
افراد مولى التوأمة وهو مختلف في عدالته ومعظم ما جرحوه به الاختلاط لكن
قالوا إن سماع بن أبي ذئب منه كان قبل الاختلاط انتهى كلامه
أحاديث الخصوم أخرج مسلم عن أبي سلمة عن عائشة لما توفى سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه قالت أدخلوه المسجد حتى أصلي عليه فأنكر ذلك عليها
326

فقالت والله لقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد سهيل وأخيه
انتهى قال الطحاوي صلاته عليه الصلاة والسلام عليه سهيل بن بيضاء في المسجد
منسوخة وآخر الفعلين منه عليه السلام الترك لانكار عامة الصحابة على عائشة ولو
علموا خلافه لما أنكروه قال البيهقي ولو كان عند أبي هريرة نسخ حديث عائشة
لذكره يوم صلى على أبي بكر الصديق رضي الله عنه في المسجد ويوم صلى على عمر
بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله
المسجد أو ذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز
فلما روت فيه الخبر سكتوا ولم ينكروه ولا عارضوه بغيره وقال الخطابي وقد ثبت
أن أبا بكر وعمر صلى عليهما في المسجد ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا
الصلاة عليهما وفي تركهم الانكار دليل على الجواز وإن ثبت حديث صالح مولى
التوأمة فيتأول على نقصان الاجر أو تكون اللام بمعنى على كقوله تعالى وإن
أسأتم فلها انتهى وحديث أبي بكر رواه البيهقي عن إسماعيل بن أبان الغنوي عن
هشام بن عروة عن عائشة قالت مترك أبو بكر دينارا ولا درهما ودفن ليلة الثلاثاء
وصلى عليه في المسجد وقال إسماعيل الغنوي متروك وأخرج عن عبيد الله بن عمر
عن نافع عن بن عمر أن عمر رضي الله عنه صلى عليه في المسجد وصلى عليه
صهيب انتهى قال النووي في الخلاصة سنده صحيح ورواهما عبد الرزاق
في مصنفه فقال أخبرنا الثوري ومعمر عن هشام بن عروة قال رأى رجالا
يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة قال ما يصنع هؤلاء والله ما صلى على
أبي بكر إلا في المسجد انتهى أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر قال صلى على
عمر في المسجد انتهى وهذا رواه مالك في الموطأ كما ترى
327

الحديث العاشر قال عليه الصلاة والسلام إذا استهل المولود صلى عليه ومن لم
يستهل لم يصل عليه قلت روى من حديث جابر ومن حديث علي ومن حديث
بن عباس
فحديث جابر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي الزبير عن جابر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل
انتهى بلفظ الترمذي أخرجه في الجنائز عن إسماعيل بن مسلم المكي عن أبي
الزبير به قال وقد اضطرب الناس في هذا الحديث فرواه بعضهم عن أبي الزبير
مرفوعا ورواه بعضهم عن أبي الزبير موقوفا وكأنه أصح انتهى وبهذا السند رواه
الحاكم في المستدرك وسكت عنه وقال إسماعيل بن مسلم المكي لم يحتجا به
انتهى وقال بن القطان في كتابه هو من رواية أبي الزبير عن جابر معنعنا من غير
رواية الليث عنه وهو علة ومع ذلك فهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي عن
أبي الزبير وهو ضعيف جدا انتهى ورواه البيهقي وقال إسماعيل بن مسلم غيره
أوثق منه انتهى وأخرجه النسائي في الفرائض عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير به
بلفظ إذا استهل الصبي صلى عليه وورث انتهى وبهذا السند قال النسائي
328

وللمغيرة بن مسلم عنه حديث منكر انتهى وبهذا السند والمتن رواه بن حبان في
صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث رواه الحاكم أيضا
وسكت عنه وأخرجه بن ماجة عن الربيع بن بدر عن أبي الزبير به مرفوعا
بلفظ النسائي والربيع بن بدر يعرف بعليلة ضعفوه وقال النسائي وغيره متروك
الحديث وأخرجه الحاكم أيضا عن سفيان عن أبي الزبير مرفوعا وقال هذا إسناد
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرجه أيضا عن بقية عن
الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وسكت عنه ورواه موقفا النسائي عن
بن جريج عن أبي الزبير عن جابر من قوله وكذلك بن أبي شيبة في مصنفه عن
أشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر قال إذا استهل الصبي صلى عليه وورث
فإذا لم يستهل لم يصل عليه ولا يورث انتهى وكذلك رواه البيهقي من طريق محمد
بن إسحاق عن عطاء عن جابر بن عبد الله نحوه قال الدارقطني في علله
هذا حديث اختلف فيه على عطاء وأبي الزبير فرواه المثنى بن الصباح عن عطاء
فرفعه ورواه بن إسحاق عنه فوقفه ورواه عن أبي الزبير يحيى بن أبي أنيسة فرفعه
ووقفه غيره انتهى وذكره البخاري في صحيحه تعليقا من قول الزهري الطفل
إذا استهل صارخا صلى عليه ولا يصلى على من لا يستهل من أجل أنه سقط انتهى
وهذا التعليق رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري
فذكره
وأما حديث على فأخرجه بن عدي في الكامل عن عمرو بن خالد الكوفي عن
حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
السقط لا يصلى عليه حتى يستهل فإذا استهل صلى عليه وعقل وورث وإن لم
329

يستهل لم يصل عليه ولم يورث ولم يعقل انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه بن عدي أيضا في ترجمة شريك القاضي حدثنا
القاسم بن زكريا ثنا إسماعيل بن موسى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن بن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استهل الصبي صلى عليه وورث انتهى وذهب الإمام أحمد
إلى أن الطفل يصلى عليه إذا استكمل أربعة أشهر ومالك معنا في المسألة
وللشافعي قولان واحتج لهم بن الجوزي في التحقيق بحديثين
أحدهما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن زياد بن جبير أخبرني أبي عن
المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة
والرحمة قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك
وقال على شرط البخاري وفي مسنده اضطراب سيأتي في المشي أمام الجنازة
الحديث الثاني أخرجه بن ماجة عن البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على أطفالكم فإنهم من أفراطكم انتهى وضعفه
الدارقطني وقال البختري ضعيف وأبوه مجهول ومع ضعفه يمكن حمل الأطفال
على من استهل والله أعلم
أحاديث صلاته عليه السلام على ولده إبراهيم فيه أحاديث مسندة وأحاديث
مرسلة فالمسندة عن بن عباس والبراء بن عازب وأنس والخدري
فحديث بن عباس رواه بن ماجة في سننه أخبرنا عبد القدوس بن محمد عن
داود بن شبيب الباهلي عن إبراهيم بن عثمان عن الحكم بن عتبة عن مقسم عن بن عباس
330

قال لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن له
مرضعا في الجنة ولو عاش لكان صديقا نبيا ولعتقت أخواله القبط وما استرق قبطي
انتهى
وأما حديث البراء فرواه أحمد في مسنده حدثنا اسود بن عامر ثنا إسرائيل عن
جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن البراء قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم
ومات وهو بن ستة عشر شهرا ورواه البيهقي وقال وكونه صلى عليه هو
أشبه بالأحاديث الصحيحة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع
عن سفيان عن جابر الجعفي عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره لم يذكر فيه البراء
وكذلك عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن جابر به مرسلا
وأما حديث أنس فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا عقبة بن مكرم ثنا
يونس بن بكير ثنا محمد بن عبيد الله القواريري عن عطاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى
على إبراهيم وكبر عليه أربعا انتهى ورواه بن سعد فذكره
وأما حديث الخدري فرواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن يوسف الصرفي
الكوفي ثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن الجريري عن أبي بصرة عن أبي سعيد
الخدري بلفظ أبي يعلى سواء وأما المرسلة فعن البهي واسمه عبد الله بن يسار
قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد انتهى وعن
عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم وهو بن سبعين ليلة انتهى رواهما أبو داود
في سننه ورواهما البيهقي وقال هذه الآثار مرسلة وهي تشد الموصول وروايات
331

الاثبات أولى من روايات الترك انتهى
حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه
حديث آخر رواه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه
حديث آخر رواه أيضا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه عليه
الصلاة والسلام صلى عليه بالبقيع انتهى
أحاديث الترك أخرج أبو داود في سننه من طريق بن إسحاق حدثني عبد الله
بن أبي بكر عن عمرو بنت عبد الرحمن عن عائشة قال مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم
وهو بن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وكذلك
أحمد والبزار وأبو يعلى في مسانيدهم وذكر الخطابي مرسل عطاء وقال
هذا أولى الامرين وإن كان حديث عائشة أحسن إيصالا واعتل هو وغيره ممن
سلم لترك الصلاة عليه بعلل ضعيفة منها شغل النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الكسوف ومنها أنه
استغنى بفضيلة بنوة النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة كما استغنى الشهداء بفضيلة الشهادة وقيل
لأنه لا يصلى نبي على نبي وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيا وقيل المعنى أنه لم يصل
عليه بنفسه وصلى عليه غيره والله أعلم بالصواب
الحديث الحادي عشر قال المصنف رحمه الله وإن مات الكافر وله ولي مسلم
332

يغسله ويكفنه ويدفنه بذلك أمر علي رضي الله عنه في حق أبيه أبي طالب قلت
أخرجه أبو داود والنسائي عن سفيان عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي
قال لما مات أبوه أبو طالب قال انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له إن عمك الشيخ
الضال قد مات قال اذهب فوار أباك ثم لا تحدثني شيئا حتى تأتيني فذهبت فواريته
وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن
راهويه وابن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار في مسانيدهم وليس في الحديث
الغسل والكفن إلا أن يؤخذ ذلك من مفهوم قوله فأمرني فاغتسلت فان الاغتسال
شرع من غسل الميت ولم يشرع من دفنه ولم يستدل به البيهقي وغيره من الشافعية
إلا على الاغتسال من غسل الميت مع أنه قد جاء مصرحا به في بعض الأحاديث فروى
بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني معاوية بن عبد الله بن
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن علي قال لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي
طالب بكى ثم قال لن اذهب فاغسله وكفنه وواره قال ففعلت ثم أتيته فقال
لي أذهب فاغتسل قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته
حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
الآية انتهى وروى بن أ ي شيبة في مصنفه الحديث بسند السنن قال إن
عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه قال أرى أن تغسله وتجنه وأمره بالغسل
انتهى وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق السدى عن أبي
عبد الرحمن السلمي عن علي قال لما توفى أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن
عمك الشيخ الضال قد مات قال أذهب فواره ولا تحدث شيئا حتى تأتين قال
فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل فاغتسلت ثم اتيته فدعا لي بدعوات ما يسرني
333

أن لي بها حمر النعم أو سودها قال وكان علي إذا غسل ميتا اغتسل انتهى
ورواه الشافعي وأبو داود الطيالسي وابن راهويه في مسانيدهم عن شعبة عن
أبي إسحاق به بلفظ السنن زاد الشافعي فيه فقلت يا رسول الله إنه مات مشركا
قال اذهب فواره ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في سننه الوسطى ثم قال
وناجية بن كعب لا يعلم روى عنه غير أبي إسحاق قال بن المديني وغيره من الحفاظ
انتهى وروى البيهقي في سننه حديث علي هذا من طرق وقال إنه حديث باطل
وأسانيده كلها ضعيفة وبعضها منكر وأما حديث أبي هريرة مرفوعا من غسل مينا
فليغتسل ومن حمله فليتوضأ فقد رواه أبو داود والترمذي وحسنه وضعفه
الجمهور وبسط البيهقي القول في طرقه وقال الصحيح وقفه قال قال الترمذي
عن البخاري عن أحمد بن حنبل وابن المديني قالا لا يصح في هذا الباب شئ
وقال محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري لا أعلم فيه حديثا ثابتا وقال بن المنذر
ليس فيه حديث ثابت وأما حديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل من الجنابة
ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت فرواه أبو داود بسند ضعيف والله
أعلم واستدل بن الجوزي في التحقيق للإمام أحمد في منعه المسلم غسل قريبه الكافر
ودفنه بحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي معشر عن محمد بن كعب بن
مالك القرظي عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال جاء ثابت بن قيس بن
شماس فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وهي نصرانية وإني أحب أن أحضرها
فقال له عليه السلام اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن معها
انتهى وهذا مع ضعفه ليس فيه حجة كما تراه ثم استدل لخصومه بحديث أبي
طالب وأجاب بأنه كان في ابتداء الاسلام وهذا أيضا ممنوع والله أعلم
أحاديث الصلاة على الغائب فيه حديث النجاشي أخرجه البخاري ومسلم من
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى
334

المصلى فصف بهم وكبر أربعا انتهى وأخرجاه عن جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم
صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث انتهى ولأصحابنا عنه
أجوبة أحدها أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له سريره فرآه فتكون الصلاة عليه كميت رآه
الامام ولا يراه المأمومون قال الشيخ تقي الدين وهذا يحتاج إلى نقل يثبته ولا يكتفى
فيه بمجرد الاحتمال انتهى قلت ورد ما يدل على ذلك فروى بن حبان في
صحيحه في النوع الحادي والأربعين من القسم الخامس من حديث عمران بن
حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أخاكم النجاشي توفى فقوموا صلوا عليه فقام رسول
الله صلى الله عليه وسلم وصفوا خلفه فكبر أربعا وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه الثاني
أنه من باب الضرورة لأنه مات بأرض لم يقم فيها عليه فريضة الصلاة فتعين فرض الصلاة
عليه لعدم من يصلى عليه ثم ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على غائب غيره
وقد مات من الصحابة خلق كثير وهم غائبون عنه وسمع بهم فلم يصل عليهم إلا
غائبا واحدا ورد أنه طوت له الأرض حتى حضره وهو معاوية بن معاوية المزني روى
حديثه الطبراني في معجمه الوسط وكتاب مسند الشاميين حدثنا عل بن سعيد
الرازي ثنا نوح بن عمرو بن حوى السكسك ثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الألهاني
عن أبي أمامة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فنزل عليه جبرائيل فقال يا رسول
الله إن معاوية بن معاوية المزني مات بالمدينة أتحب أن أطوي لك الأرض فتصلي عليه
قال نعم فضرب بجناحه على الأرض فرفع له سريره فصلى عليه وخلفه صفان
من الملائكة في كل صف سبعون الف ملك ثم رجع وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل بم
أدرك هذا قال بحب سورة قل هو الله أحد قراءته إياها جائيا وذاهبا وقائما
وقاعدا وعلى كل حال انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة معاوية
بن معاوية المزني قال ويقال الليثي من حديث أنس فقال أخبرنا يزيد بن هارون
ثنا العلاء أبو محمد الثقفي سمعت أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
335

نحوه أخبرنا عثمان بن الهيثم البصري ثنا محبوب بن هلال المزني عن بن أبي ميمونة عن
أنس فذكر نحوه وبسند بن سعد الأول رواه البيهقي وضعفه قال النووي في
الخلاصة والعلاء هذا بن زيد ويقال بن يزيد اتفقوا على ضعفه قال البخاري
وابن عدي وأبو حاتم هو منكر قال البيهقي وروى من طريق أخرى ضعيفة وغائبان
آخران وهما زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ورد أنه أيضا كشف له عنهما
أخرجه الواقدي في كتاب المغزي فقال حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن
عمر بن قتادة حدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر قال لما التقى الناس
بمؤتة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام فهو ينظر إلى
معركتهم فقال عليه السلام أخذ الراية زيد بن حارثة فمضى حتى استشهد وصلى
عليه ودعا له وقال استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعى ثم أخذ الراية جعفر
بن أبي طالب فمضى حتى استشهد فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال
استغفروا له وقد دخل الجنة فهو يطير فيها بجناحين حيث شاء مختصر وهو مرسل
من الطريقين المذكورين
أحاديث رفع اليدين في التكبيرة الأولى حديث أخرجه الترمذي في كتابه
عن يحيى بن يعلى عن أبي فروة يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن سعيد
بن المسيب عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة رفع يديه
فأول تكبيرة ثم وضع يده اليمنى على اليسرى انتهى وقال حديث غريب لا نعرفه
إلا من هذا الوجه انتهى وأعله بن القطان في كتابه بأبي فروة ونقل تضعيفه
عن أحمد والنسائي وابن معين والعقيلي قال ففيه علة أخرى وهو أن يحيى بن
يعلى الراوي عن أبي فروة وهو أبو زكريا القطواني الأسلمي هكذا صرح به عند
الدارقطني وهو ضعيف ولهم آخر في طبقته يكنى أبا المحيا ذاك ثقة وليس هو هذا
انتهى قلت قال بن حبان في أبي فروة كثير الخطأ لا يعجبني الاحتجاج به إذا وافق
الثقات فكيف إذا انفرد ثم نقل عن بن معين أنه قال ليس بشئ
336

حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الفضل بن السكن ثنا هشام بن
يوسف ثنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه
على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود انتهى وسكت عنه لكن أعله العقيلي في
كتابه بالفضل بن السكن وقال إنه مجهول انتهى ولم أجده في ضعفاء بن
حبان
حديث آخر يعارض ما تقدم أخرجه الدارقطني في علله عن عمر بن شيبة
حدثنا يزيد بن هارون أنبأ يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام كان
إذا صلى علي الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة وإذا انصرف سلم انتهى قال
الدارقطني هكذا رفعه عمر بن شيبة وخالفه جماعة فرووه عن يزيد بن هارون
موقوفا وهو الصواب انتهى ولم يرو البخاري في كتابه المفرد في رفع اليدين شيئا
في هذا الباب إلا حديثا موقوفا علي بن عمر وحديثا موقوفا على عمر بن عبد العزيز
رضي الله عنهم والله أعلم
فصل في حمل الجنازة
قوله فإذا حمل الميت على سريره أخذوا بقوائمه الأربع بذلك وردت السنة
قلت أخرج بن ماجة في سننه عن عبيد بن نسطاس عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال من اتبع جنازة فليأخذ بجوانب السرير كلها فإنه من
السنة إن شاء فليتطوع وإن شاء فيدع انتهى ورواه أبو داود الطيالسي وابن
أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفهما حدثنا شعبة عن منصور بن المعتمر عن عبيد بن
نسطاس به بلفظ فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ومن طريق عبد الرزاق ورواه
337

الطبراني في معجمه ورواه محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله في كتاب الآثار
أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه حدثنا منصور بن المعتمر به قال من السنة حمل الجنازة
بجوانب السرير الأربعة انتهى قال محمد رحمه الله وصفته أن يبدأ الرجل فيضع
يمين الميت المقدم على يمينه ثم يضع يمين الميت المؤخر على يمينه ثم يعود إلى المقدم
الأيسر فيضعه على يساره ثم يأتي المؤخر الأيسر فيضعه على يساره وهذا قول أبي
حنيفة رضي الله عنه انتهى وروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما
حدثنا هشيم عن بن عطاء عن علي الأزدي قال رأيت بن عمر رضي الله عنهما في
جنازة فحمل بجوانب السرير الأربع مختصر وروى عبد الرزاق أخبرني
الثوري عن عباد بن منصور أخبرني أبو المهزم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال من
حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضي الذي عليه انتهى
قوله وقال الشافعي رضي الله عنه السنة أن يحملها رجلان يضعها السابق على
أصل عنقه والثاني على أعلا صدره لان جنازة سعد بن معاذ هكذا حملت قلنا كان
ذلك لازدحام الملائكة عليه قلت روى بن سعد في الطبقات في ترجمة سعد بن
معاذ أخبرنا محمد بن عمر الواقدي عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن شيوخ من
بني الأشهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين حتى خرج
به من الدار قال الواقدي رحمه الله والدار تكون ثلاثين ذراعا انتهى قال
النووي رحمه الله في الخلاصة ورواه الشافعي بسند ضعيف قلت لم أجده
في كتاب المغازي إلا بغير سند ولفظه قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد فغسل ثم
كفن في ثلاثة أثواب ثم حمل على السرير حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عمودي سريره
حتى رفع من داره إلى أن خرج مختصر وأما ازدحام الملائكة في جنازته فروى
338

بن سعد أيضا أخبرنا إسماعيل بن أبي مسعود ثنا عبد الله بن إدريس ثنا عبيد الله بن عمر
عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ لقد شهده سبعون
ألف ملك لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك ولقد ضم ضمة ثم فرج عنه انتهى
وهذا ذكره بن أبي حاتم في علله وذكر في إسناده اختلافا ولم يضعفه ولا جعله
منكرا ورواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني سعيد بن أبي زيد عن ربيح بن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
جنازة سعد بن معاذ إلى أن قال وقال الناس يا رسول الله كان سعد رجلا جسيما
فلم نر أخف منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تحمله مختصر
أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل
حدثني محمد بن عباد المكي ثنا حنظلة بن عمرو الأنصاري عن بن الحويرث قال
توفى جابر بن عبد الله فشهدناه فلما خرج سريره من حجرته إذا حسن بن حسن بن
علي رضي الله عنهم بين عمودي السرير فأمر به الحجاج أن يخرج من بين عمودي
السرير ليقف مكانه فأبي عليهم فسأله بنو جابر إلا خرجت فخرج وجاء
الحجاج حتى وقف بين عمودي السرير ولم يزل حتى وضع وصلى عليه الحجاج
ثم جاء إلى القبر فنزل حسن بن حسن في قبره فأمر به الحجاج أن يخرج ليدخل
مكانه فأبى عليهم فسأله بنو جابر فخرج فدخل الحجاج الحفرة حتى فرغ
انتهى ورواه البخاري في تاريخ الأوسط حدثنا أحمد بن أبي بكر ثنا عاصم بن
سويد سمعت جدي معاوية بن معبد قال شهدت جابر بن عبد الله لما مات فذكره
مختصرا وزاد فيه وكنيته جابر بن عبد الله أبو عبد الله الأنصاري السلمي المدني
انتهى
حديث آخر روى الطبراني أيضا حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ثنا يحيى
339

بن بكر قال توفى أسيد بن حضير سنة عشرين وحمله عمر بين عمودي السرير حتى
وضعه بالبقيع وصلى عليه انتهى
حديث آخر روى البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنبأ إبراهيم بن سعد عن
أبيه عن جده قال رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف واضعا
السرير على كاهله قائما بين العمودين المقدمين انتهى ومن طريق الشافعي أيضا أخبرنا
بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي
سريري سعد بن أبي وقاص انتهى ومن طريق الشافعي رضي الله عنه أيضا أخبرنا الثقة
من أصحابنا عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال رأيت
عثمان بن عفان رضي الله عنه يحمل بين العمودين المقدمين واضع السرير على كاهله
انتهى ومن طريق الشافعي أيضا أخبرنا بعض أصحابنا عن بن جريج عن يوسف بن
ماهك انه رأى بن عمر في جنازة رافع بن خديج قائما بين قائمتي السرير انتهى
ومن طريق الشافعي رضي الله عنه أيضا أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل أبي عون عن
أبيه قال رأيت بن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور بن مخرمة انتهى
حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا الواقدي حدثني علي بن مسلم
عن المقبري ان أبيه قال رأيت مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة حمل سرير
حفصة بين العمودين من عند دار أبي حزم إلى دار المغيرة بن شعبة وحمله أبو هريرة
من دار المغيرة إلى قبرها انتهى أخبرنا الواقدي أنبأنا إسحاق بن يحيى أخبرني عيسى بن
طلحة قال رأيت عثمان بن عفان حمل سرير أمه بين العمودين حتى وضعها بموضع
الجنائز وقام على قبرها ودعا لها
340

الحديث الثاني عشر سئل النبي صلى الله عله وسلم عن المشي بالجنازة فقال ما دون الخبب
قلت أخرجه أبو داود والترمذي عن يحيى الجابر عن أبي ماجد الحنفي عن بن مسعود
قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة فقال ما دون الخبب ان يكن خيرا
يعجل إليه وان لم يكن غير ذلك فبعدا لأهل النار والجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها
من تقدمها انتهى قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث بن مسعود إلا
من هذا الوجه وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول قال
الحميدي قال بن عيينة قيل ليحيى من أبو ماجد هذا فقال طائر طار فحدثنا
قال الترمذي وأبو ماجد رجل مجهول وله حديثان عن بن مسعود ويحيى الجابر
ويقال المجبر ثقة يكنى أبا الحارث وهو كوفي روى له شعبة وسفيان الثوري
وابن عيينة وأبو الأحوص وغيرهم انتهى وقال في علله الكبرى قال
البخاري أبو ماجد منكر الحديث وضعفه جدا انتهى ورواه أحمد وابن أبي
شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في مسانيدهم
أحاديث الباب اخرج الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعوا بالجنازة فان تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك غير ذلك فشر
تضعونه عن رقابكم انتهى
حديث اخر أخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن شعبة عن عيينة
بن عبد الرحمن عن أبيه انه كان في جنازة عثمان بن العاص قال فكنا نمشي مشيا
341

خفيفا قال فرفع أبو بكرة سوطه وحمل عليهم وقال والذي كرم وجه أبي القاسم
لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لنكاد ان نرمل بها رملا انتهى وسكت عنه
ورواه أبو داود والنسائي قال النووي في الخلاصة بأسانيد صحيحة وفي رواية
في جنازة عبد الرحمن بن سمرة قال واما ما أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء
قال حضرنا مع بن عباس جنازة ميمونة بسرف فقال بن عباس هذه ميمونة إذا
رفعتم نعشها فلا تزعزعوا ولا تزلزلوا مختصر فالمراد به شدة الاسراع لأنه
يخاف منه الانفجار انتهى كلامه أخرجه مسلم في النكاح وبقيته فإنه كان عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع نسوة وكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة قال عطاء التي لا يقسم
لها صفية بنت حي انتهى وزاد مسلم قال عطاء وكان آخرهن موتا ماتت
بالمدينة رضي الله عنها انتهى
أحاديث المشي خلف الجنازة حديث أبي ماجد تقدم قريبا عن بن مسعود
مرفوعا الجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها من تقدمها رواه أبو داود والترمذي وقد
تقدم الكلام عليه
حديث اخر أخرجه أبو داود في سننه عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي
كثير عن ناب بن عمر حدثني رجل من أهل المدينة ان أباه حدثه انه سمع أبا هريرة
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ولا يمشى بين يديها
انتهى ورواه أحمد في مسنده وذكره الدارقطني في علله وما فيه من
الاختلاف ثم قال وقول حرب بن شداد أشبه بالصواب انتهى وأعله بن الجوزي
رحمه الله في العلل المتناهية بأن فيه رجلين مجهولين
حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك في فضائل مارية أخبرنا أحمد بن محمد
بن إسماعيل بن مهران ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى حدثنا بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى خلف جنازة ابنه إبراهيم عليه السلام حافيا انتهى
342

وسكت عنه
حديث اخر رواه بن عدي في الكامل حدثنا الحسن بن أبي معشر ثنا سليمان
بن سلمة عن يحيى بن سعيد الحمصي العطار عن عبد المجيد بن سليمان عن أبي حازم عن
سهل بن سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي خلف الجنازة انتهى قال بن القطان في
كتابه سليمان بن سلمة لا يعرف من هو ويحيى بن سعيد منكر الحديث قاله
السعدي وعن بن معين ليس بشئ وعبد المجيد بن سلمان أخو فليح بن سليمان
ضعيف أضعف من أخيه فليح انتهى كلامه
حديث اخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا حسين بن مهران عن طرح بن
يزيد أبي المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة
قال سأل أبو سعيد الخدري علي بن أبي طالب المشي خلف الجنازة أفضل أم امامها
فقال علي رضي الله عنه والذي بعث محمدا بالحق أن فضل الماشي خلفها على الماشي
امامها كفضل صلاة المكتوبة على التطوع فقال له أبو سعيد أبرأيك تقول أم شئ
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب وقال لا والله بل سمعته غير مرة ولا اثنين
ولا ثلاث حتى عد سبعا فقال أبو سعيد اني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان امامها
فقال علي يغفر الله لهما لقد سمعا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعته وانهما
والله لخير هذه الأمة ولكنهما كرها ان يجتمع الناس ويتضايقوا فأحبا ان يسهلا على
الناس انتهى وأعله بن عدي في الكامل بمطرح وضعفه عن بن معين وقال
الضعف على حديثه بين وقال بن الجوزي رحمه الله في العلل المتناهية عبيد الله
بن زحر وعلى ين يزيد والقاسم كلهم ضعفاء فإذا اجتمع هؤلاء في حديث فهو
مما عملته أيديهم وقال بن حبان في كتاب الضعفاء عبد الله بن زحر منكر
الحديث جدا يروى الموضوعات عن الاثبات وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات
وإذا اجتمع في إسناده خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم بن عبد الرحمن
343

فمتنه مما عملته أيديهم وأسند عن بن معين أنه قال عبيد الله بن زحر ليس بشئ
وكل حديثه عندي ضعيف انتهى
حديث اخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه قال
ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة انتهى وهو مرسل
حديث اخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن
بن جريج عن مسروق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل أمة قربانا وان قربان هذه
الأمة موتاها فاجعلوا موتاكم بين أيديكم انتهى
حديث اخر أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن
عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال قال جاء ثابت بن قيس بن شماس إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمه توفيت وهي نصرانية وهي تحب أن يحضرها فقال له
النبي عليه السلام اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت امامها لم تكن معها
انتهى قال الدارقطني وأبو معشر ضعيف انتهى
حديث اخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إبراهيم بن أبي حميد ثنا أبو بكرة
عبد العظيم بن حبيب حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن بن عمر قال
لم يكن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمشي خلف الجنازة إلا قول لا إله إلا الله
مبديا وراجعا انتهى وضعف إبراهيم هذا وجعله من منكراته وإعادة في
ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وضعفه تضعيفا يسيرا
الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن عروة بن الحارث عن
زائدة بن أوس عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال كنت في جنازة وأبو
بكر وعمر يمشيان امامها وعلى يمشى خلفها فقلت لعلي أراك تمشي خلف الجنازة
وهذا ن يمشيان امامها فقال على لقد علما ان فضل المشي خلفها على المشي امامها كفضل
صلاة الجماعة على الفذ ولكنهما أحبا ان ييسرا على الناس انتهى ورواه بن أبي شيبة
344

حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بن
أبزى قال كنت في جنازة الحديث
حديث آخر روى الطبراني في مسند الشاميين حدثنا أحمد بن عبد الوهاب
بن نجدة ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن نافع قال خرج
عبد الله بن عمر في جنازة وأنا معه فقلت له يا أبا عبد الرحمن كيف السنة في
المشي مع الجنازة امامها أو خلفها فقال ويحك يا نافع اما تراني أمشي خلفها
انتهى
حديث اخر رواه بن أب شبة حدثنا عبد الله ثنا إسرائيل عن عبد الله بن المختار
عن معاوية بن قرة ثنا أبو كرب أو أبو حرب عن عبد الله بن عمرو بن العاص بن أباه
قال له كن خلف الجنازة فإن مقدمها للملائكة وخلفها لبني آدم مختصر
أحاديث الخصوم اخرج أصحاب السنن الأربعة عن سفيان بن عيينة عن الزهري
عن سالم عن أبيه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون امام الجنازة انتهى
رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم
الرابع وفي لفظ له حدثنا الزهري غير مرة قال بن حبان وفيه دليل على من
يقول إن سفيان لم يسمعه من الزهري سكت عنه الترمذي وقال وقد رواه
بن جريج وزياد بن سعد وغير واحد عن الزهري عن سالم عن أبيه نحو حديث بن
عيينة وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغيرهم من الحفاظ عن الزهري ان
النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال وأهل الحديث كلهم يرون ان الحديث المرسل في ذلك أصح
ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
345

قال الترمذي رحمه الله وسمع يحيى بن موسى يقول سمعت عبد الرزاق يقول
قال عبد الله بن المبارك رضي الله عنهما حديث الزهري في هذا مرسلا أصح من
حديث بن عيينة وأرى بن جريج اخذه من بن عيينة ثم أخرجه الترمذي رحمه الله
عن محمد بن بكر ثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشى امام الجنازة وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم انتهى قال
الترمذي وسالت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال أخطأ فيه محمد بن
بكر وغانما يروى هذا عن يونس عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا
يمشون امام الجنازة انتهى وقال النسائي هذا حديث خطأ وهم فيه بن عيينة
وخالفه مالك رضي الله عنه فرواه عن الزهري مرسلا وهو الصواب قال وإنما اتى
عليه فيه من جهة ان الزهري رواه عن سلم عن أبيه انه كان يمشي امام الجنازة قال
وكان النبي عليه السلام وأبو كبر وعمر يمشون امام الجنازة فقوله وكان النبي
عليه السلام إلى اخره من كلام الزهري لا من كلام بن عمر قال بن المبارك
الحفاظ عن الزهري ثلاثة مالك ومعمر وابن عيينة إذا اجتمع اثنان منهم على قول
أخذنا به وتركنا قول الآخر انتهى كلام النسائي قلت وبهذا اللفظ الذي أشار إليه
النسائي رواه أحمد في مسنده حدثنا حجاج بن محمد قال قرأت علي بن
جريج ثنا زياد بن سعد ان بن شهاب أخبره حدثني سالم عن بن عمر أنه كان يمشي
بين يدي الجنازة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون امامها قال
عبد الله بن أحمد قال أبي هذا الحديث إنما هو عن الزهري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرسل وحديث سالم فعل بن عمر وحديث بن عيينة كأنه وهم ومن طريق
أحمد رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي به ورواه بن حبان
في صحيحه أيضا من حديث شعيب بن أ ي حمزة عن الزهري عن سالم عن أبيه به
بلفظ السنن وزاد فيه ذكر عثمان وقال في آخره قال الزهري وكذلك السنة
انتهى وذكر عثمان عن النسائي أيضا
الآثار اخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه
346

كان يضرب الناس يقدمهم امام جنازة زينب بنت جحش رضي الله عنها
انتهى
أثر اخر رواه بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة
قال رأيت أبا هريرة رضي الله عنه وأبا قتادة وابن عمر وأبا أسيد رضي الله عنهم
يمشون امام الجنازة انتهى
أحاديث القائلين بالتفضيل ذهب الإمام أحمد رضي الله عنه إلى أن امام الجنازة
أفضل في حق الماشي وخلفها أفضل في حق الراكب واستدل له بحديث أخرجه
أصحاب السنن الأربعة عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكب يسير
خلف الجنازة والماشي يمشي امامها قريبا عنها عن يمينها أو عن يسارها انتهى
ورواه أحمد رضي الله عنه في مسنده والحاكم في المستدرك وقال
على شرط البخاري ولم يخرجه انتهى وفي سنده اضطراب وفي متنه أيضا
فان أبا داود أخرجه عن يونس عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال
واحسب ان أهل زياد أخبروني انه رفعه إلى النبي عليه السلام قال الراكب إلى
اخره وأخرجه الترمذي عن سعيد بن عبيد الله عن زياد بن جبير به وقال حسن
صحيح وبهذا السند أخرجه النسائي وابن ماجة ليس فيه عن أبيه وفي لفظ بن
ماجة عن زياد بن جبير سمع المغيرة فذكره
347

فصل في الدفن
الحديث الثالث عشر قال عليه إسلام اللحد لنا والشق لغيرنا قلت
روى من حديث بن عباس ومن حديث جرير ومن حديث جابر بن عبد الله رضي
الله عنهم
فحديث بن عباس أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الأعلى عن سعيد
بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا
انتهى قال الترمذي غريب من هذا الوجه انتهى وعبد الاعلى بن عامر
الثعلبي في مقال قال بن القطان في كتابه أراه لا يصح من أجله كان بن
مهدي لا يحدث عنه ووصفه بالاضطراب وقال أبو زرعة ضعيف ربما رفع
الحديث وربما وقفه وقال بن عدي قال أحمد رضي الله عنه منكر الحديث
حدث عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وأبي عبد الرحمن السلمي بأشياء لا يتابع
عليها انتهى كلامه
واما حديث جرير رضي الله عنه فأخرجه بن ماجة في سننه عن أبي اليقظان
عن زاذان عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه سواء ورواه أحمد
وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم ورواه عن عبد الرزاق
في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه وأبو نعيم في الحلية في
348

ترجمة زاذان قال أبو نعيم رواه عن أبي اليقظان سفيان الثوري وعمرو بن قيس
الملائي وحجاج بن أرطاة وأبو حمزة الثمالي وقيل بن الربيع انتهى وله طريق
آخر عند أحمد في مسنده عن أبي جناب عن زاذان عن جرير ان النبي عليه الصلاة
والسلام جلس على شفير قبر فقال الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق
لغيرنا وفيه قصة والأول معلول بأبي اليقطان واسمه عثمان بن عمير
البجلي وفيه مقال والثاني معلول بأبي جناب الكلبي وفي الآخر مقال
وأما حديث جابر فرواه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا جعفر
بن أحمد انا الشحام ثنا عبد الأعلى بن واصل ثنا محمد بن الصلت عن محمد بن
عبد الملك الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا انتهى
أحاديث الباب وروى بن ماجة في سننه حدثنا محمود بن غيلان ثنا هاشم
بن القاسم حدثنا مبارك بن فضالة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال لما
توفى النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر يصرح فقالوا
نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأرسل إليهما فسبق صاحب
اللحد فلحدوا للنبي عليه السلام انتهى حدثنا عمر بن شبة ثنا عبيد بن الطفيل
المقرى ثنا عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي ثنا بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله
عنها قالت لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق حتى تكلموا في ذلك
وارتفعت أصواتهم فقال عمر رضي الله عنه لا تصيحوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا
ولا ميتا أو كلمة نحوها فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد فجاء اللاحد فلحد
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن انتهى
حديث اخر روى بن أبي شيبة في مصنفه من طريق مالك ثنا نافع عن بن
349

عمر ان النبي صلى الله عليه الحد له ولأبي بكر ولعمر انتهى
حديث اخر رواه بن ماجة في سننه أيضا من طريق بن إسحاق ثنا حسين بن
عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال لما أرادوا ان يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وكان أبو طلحة زيد بن سهل يحفر
لأهل المدينة وكان يلحد فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما اذهب إلى أبي
عبيدة وللآخر اذهب إلى أبي طلحة اللهم خر لرسولك فوجد صاحب أبي طلحة
أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الثلاثاء وضع على سريره وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل ندفنه من
مسجده وقال قائل ندفنه مع أصحابه فقال أبو بكر رضي الله عنه أني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذين توفى فيه فحفر له تحته ثم دعى الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه ارسالا
دخل الرجال حتى إذا فرغوا ادخل النساء حتى إذا فرغ النساء ادخل الصبيان
ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فدفن صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء
ونزل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم اخوه وشقران مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أوس بن خولي وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب أنشدك
الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له علي رضي الله عنه انزل وكان شقران
مولاه أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها فدفنها في القبر وقال والله لا
يلبسها أحد بعدك فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
الحديث الرابع عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل سلا قال المصنف واضطربت
الروايات في ادخاله عليه السلام قلت روى الشافعي رضي الله عنه في مسنده
أخبرنا الثقة عن عمر بن عطاء عن عكرمة عن بن عباس قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم من
350

قبل رأسه انتهى أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي وغيره عن أبي جريج عن عمران بن
موسى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك انتهى أخبرنا بعض
أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر لا اختلاف بينهم في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم
سل من قبل رأسه وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهم انتهى
ومن طريق الشافعي رواها البيهقي وقال هذا هو المشهور فيما بين أهل
الحجاز انتهى وقوله اضطربت الروايات في إدخاله عليه السلام فما ورد
مخالفا لما تقدم ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم
ان النبي عليه السلام ادخل من قبل القبلة ولم يسل سلا انتهى وذكره عبد الحق
في احكامه وعزاه لمراسيل أبي داود وقال فيه عن إبراهيم التيمي وهو وهم منه
نبه عليه بن القطان في كتابه وإنما هو إبراهيم النخعي قال لأنه رواه من حديث
حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم ومعلوم ان حماد بن أبي سليمان إنما يروى عن
النخعي لا التيمي ولعل الذي أوقعه في ذلك اشتراكهما في الاسم واسم الأب
والبلد وفي كثير من الرواة من فوق ومن أسفل فكل واحد منهما اسمه إبراهيم
بن يزيد انتهى قلت صرح به بن أبي شيبة في مصنفه فقال عن حماد عن
إبراهيم النخعي فذكره وزاد ورفع قبره حتى يعرف انتهى
حديث اخر رواه بن عدي في الكامل والعقيلي في ضعفائه عن عمرو
بن يزيد التيمي عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
من قبل القبلة والحد له ونصب عليه اللبن نصبا انتهى ونقل عن بن عدي تضعيف
عمرو بن يزيد عن بن معين ولينه هو وقال هو في جملة من يكتب حديثه من
الضعفاء وقال العقيلي لا يتابع عليه انتهى
حديث اخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هارون بن إسحاق ثنا المحاربي عن
عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ من قبل القبلة واستل
351

استلالا انتهى قال البيهقي قال الشافعي رضي الله عنه ولا يتصور ادخاله من
جهة القبلة لان القبر في أصل الحائط انتهى
ومن أحاديث الخصوم اخرج أبو داود عن أبي إسحاق هو السبيعي قال
أوصاني الحارث ان يصلي عليه عبد الله بن يزيد الخطمي فصلى عليه ثم أدخله القبر
من قبل رجل القبر وقال هذا من السنة انتهى ورواه البيهقي وقال إسناده
صحيح وهو كالمسند لقوله من السنة
حديث اخر أخرجه بن ماجة في سننه عن مندل بن علي أخبرني محمد بن
عبيد الله بن أبي رافع عن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي رافع قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا ورش على قبره ماء انتهى ومندل بن علي ضعيف
حديث اخر رواه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا عبد الله
بن الأشعث ثنا الحسن بن علي بن مهران ثنا مكي بن إبراهيم عن غالب بن عبيد الله عن
حميد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الميت من قبل رجليه
ويسل سلا انتهى
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الأعلى عن خالد عن أبي
سيرين قال كنت مع أنس رضي الله عنه في جنازة فأمر بالميت فادخل من قبل
رجليه انتهى حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر عن بن عمر انه ادخل
ميتا من قبل رجليه انتهى
ومن أحاديث الأصحاب روى الترمذي من حديث المنهال بن خليفة عن الحجاج
بن أرطاة عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس ان النبي عليه الصلاة والسلام دخل قبرا
ليلا فأسرج له سراج فأخذه من قبل القبلة وقال رحمك الله ان كنت لأواها
تلاء للقرآن وكبر عليه أربعا قال حديث حسن وأنكر عليه لان مداره على
352

الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ولم يذكر سماعا قال بن القطان ومنهال بن خليفة
ضعفه بن معين وقال البخاري رحمه الله فيه نظر
الآثار اخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عمير بن سعيد ان عليا رضي الله عنه
كبر على يزيد بن المكفف أربعا وادخل من قبل القبلة انتهى واخرج أيضا عن بن
الحنفية انه ولى بن عباس فكبر عليه أربعا وادخله من قبل القبلة انتهى
الحديث الخامس عشر قال المصنف رحمه الله فإذا وضع في لحده يقول
واضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين وضع أبا دجانة
الأنصاري في القبر قلت هكذا وقع في الهداية والمبسوط وهو وهم فان
أبا دجانة الأنصاري توفي بعد النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة اليمامة وكانت في شهر ربيع الأول
سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كذا ذكره بن أبي خيثمة
في تاريخه وروى الواقدي في كتاب الردة له حدثني عبد العزيز بن أنس
الصفري عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال كان مسيلمة الكذاب
رجلا من اليمامة من بني حنيفة وكان قد ادعى النبوة فذكر القصة بطولها إلى أن
قال وحدثني معاذ بن محمد عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أم سعد بنت سعد بن
الربيع قالت رأيت نسيبة بنت كعب ويدها مقطوعة فقلت لها متى قطعت
يدك قالت يوم اليمامة كنت مع الأنصار فانتهينا إلى حديقة فاقتتلوا عليها ساعة
حتى قال أبو دجانة الأنصاري واسمه سماك بن خرشة احملوني على الترسة
حتى تطرحوني عليهم فأشغلهم فحملوه على الترسة وألقوه فيهم فقاتلهم حتى
قتلوه رحمه الله قالت فدخلت وانا أريد عدو الله مسيلمة الكذاب فعرض إلى
رجل منهم فضربني فقطع يدي فوالله ما عرجت عليها ولم أزل حتى وقعت على
الخبيث مقتولا وابني يمسح سيفه بثيابه فقلت له أقتلته يا بني قال نعم يا أماه
فسجدت لله شكرا قال وابنها هو عبد الله بن زيد بن عاصم قال وحدثني
موسى بن بكر عن بن أبي زينب قال سألت سالم بن عبد الله كم قتل من المسلمين
353

يوم اليمامة قال ستمائة من المهاجرين والأنصار وغير ذلك ثم عقد بابا في
أسمائهم وذكر منهم أبا دجانة الأنصاري سماك بن خرشة وقال إنه شهد بدرا
وفي معجم الطبراني في ترجمة أبي دجانة أسند عن محمد بن إسحاق قال في
تسمية من استشهد يوم اليمامة من الأنصار أبو دجانة سماك بن خرشة انتهى
والحديث روى من طرق فروى بن ماجة من حديث الحجاج بن أرطاة عن نافع عن
بن عمر قال كان النبي عليه السلام إذا دخل الميت القبر قال بسم الله وعلى ملة
رسول الله انتهى وزاد الترمذي بلفظ بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله
وقال حسن غريب من هذا الوجه انتهى ورواه أبو داود في سننه من حديث
همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي عمر نحوه بلفظ بسم الله وعلى
سنة رسول الله وبهذا الاسناد رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني عشر
من القسم الخامس والحاكم في المستدرك بلفظ إذا وضعتم موتاكم في
قبورهم فاقرءوا لهم بسم الله وعلى ملة رسول الله انتهى قال الحاكم حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهمام بن يحيى ثبت مأمون إذا أسند
هذا الحديث لا يعلل بمن وقفه وقد وقفه شعبة انتهى ورواه البيهقي وقال
تفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الاسناد وهو ثقة الا ان شعبة وهشام الدستوائي
روياه عن قتادة موقوفا علي بن عمر انتهى وقال الدارقطني في الموقوف هو
المحفوظ قلت قد رواه بن حبان في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة به
مرفوعا ان النبي عليه السلام كان إذا وضع الميت في قبره قال بسم الله وعلى ملة
رسول الله انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبان ثنا
سوار بن سهل المخزومي ثنا سعيد بن عامر الضبعي عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب
عن نافع عن بن عمر مرفوعا باللفظ الأول أعني لفظ الحاكم
354

حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا
علي بن بحر ثنا علي بن بشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن
أبيه قال قال لي أبي اللجلاج أبو خالد يا بني إذا أنا مت فألحدني فإذا وضعتني في
لحدي فقل بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم شن على التراب شنا ثم اقرا عند
رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك انتهى
الحديث السادس عشر قال المصنف رحمه الله ويوجه إلى القبلة بذلك أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت غريب ويستأنس له بحديث أخرجه أبو داود والنسائي عن
عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي عن أبيه وكانت له صحبة ان
رجلا قال يا رسول الله ما الكبائر قال هي التسع فذكر منها استحلال
البيت الحرام ثم قال قبلتكم احياء وأمواتا ورواه الحاكم في المستدرك
في كتاب الايمان وقال قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن
سنان فأما عمير بن قتادة فإنه صحابي وابنه عبيد متفق على إخراجه والاحتجاج
به انتهى وقد تقدم بتمامه في الحديث الأول من الباب واستدل النووي بهذه
المسألة بحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه
قال له النبي عليه السلام إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع
على شقك الأيمن ثم قل اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك
الحديث وقد تقدمك أيضا وليس فيه ذكر القبلة وله نظير أخرجه البخاري
ومسلم عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا آوى أحدكم
إلى فراشه فلينفضه بطرف ردائه وليسم الله تعالى فإذا أراد أن يضطجع فيضطجع
على شقه الأيمن وليقل سبحانك ربي اللهم بك وضعت جنبي وبك ارفع اللهم
355

ان أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها وان أرسلتها فاحفظها بما حفظت به عبادك
الصالحين انتهى
الحديث السابع عشر روى أنه عليه السلام جعل على قبره اللبن قلت أخرجه
مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال في مرضه الذي
مات فيه ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث اخر روى بن حبان في صحيحه في النوع السابع والأربعين من
القسم الخامس من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم الحد ونصب
عليه اللبن نصبا رفع قبره من الأرض نحو شبر انتهى
حديث آخر أخرجه بن حبان أيضا عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم
كفن في ثلاثة أثواب سحولية ولحد له ونصب عليه اللبن انتهى
حديث اخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن علي قال غسلت النبي عليه
السلام فذهبت انظر ما يكون من الميت فلم أر شيئا إلى أن قال والحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحدا ونصب عليه اللبن نصبا وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا
منه غير اللحد انتهى وهو وهم منه فقد اخرج مسلم نصب اللبن أيضا كما
ذكرناه
356

الحديث الثامن عشر روى عن النبي عليه السلام انه جعل على قبره طن من
قصب قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا مروان بن معاوية عن عثمان بن
الحارث عن الشعبي ان النبي صلى الله عله وسلم جعل على قبره طن من قصب انتهى وهو مرسل
وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا الفضل بن دكين ثنا أبو الأحوص عن أبي
إسحاق قال أوصى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني ان يجعل على لحده طن
من قصب وقال إني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك قال فضموا أربعة حرادي
بعضها إلى بعض وجعلوها لحدا انتهى
وأما حديث بن عباس أنه عليه السلام جعل في قبره قطيفة حمراء فأخرجه
مسلم قال النووي رحمه الله قال العلماء إنما جعلها شقران برايه ولم يوافقه أحد
من الصحابة ولا علموا بفعله وفي رواية للترمذي إشارة إلى هذا انتهى كلامه
الحديث التاسع عشر روى أن النبي عليه السلام نهى عن تربيع القبور ومن
شاهد قبر النبي صلى الله عليه وسلم أخبر انه مسنم قلت الأول رواه محمد بن الحسن رضي الله
عنهما في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه قال حدثنا شيخ لنا يرفعه
إلى النبي عليه السلام انه نهى عن تربيع القبور وتجصيصها انتهى
الحديث الثاني فيه أحاديث فمنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي
بكر بن عياش ان سفيان التمار حدثنا انه رأى قبر النبي عليه السلام مسنما انتهى
357

وهو من مراسيل البخاري ولم يرو البخاري بسند بن دينار التمار الا قوله هذا وقد
وثقه بن معين وغيره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ولفظه عن سفيان قال
دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت وقبر النبي عليه السلام وقبر أبي بكر
وعمر مسنمة انتهى وعارضه النووي في الخلاصة بحديث أخرجه أبو داود
عن القاسم بن محمد قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة
ببطحاء العرصة الحمراء رواه الحاكم وصححه ثم قال في الجمع بينهما انه
كان أولا كما قال القاسم مسطحا ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد جعل مسنما
انتهى كلامه
حديث آخر رواه محمد بن الحسن أيضا في الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله
عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم قال أخبرني من رأى قبر النبي عليه السلام
وقبر أبي بكر وعمر ناشزة من الأرض عليها فلق من مدر أبيض انتهى
حديث اخر رواه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا عبد الله بن
سليمان بن الأشعث ثنا عبد الله بن سعيد ثنا عبد الرحمن المحاربي عن عمرو بن شمة
عن جابر قال سألت ثلاثة كلهم له في قبر النبي عليه السلام أب سألت أبا جعفر
محمد بن علي وسألت القاسم بن محمد بن أبي بكر وسالت سالم بن عبد الله قلت
أخبروني عن قبور آبائكم في بيت عائشة فكلهم قالوا إنها مسنمة انتهى
أحاديث الخصوم واحتج الشافعي على أن القبور تسطح بما أخرجه مسلم عن أبي
الهياج الأسدي قال قال لي علي أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان
لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا الا سويته واخرج أيضا عن أبي علي
الهمداني قال كنا مع فضالة بن عبيد فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوى
ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها انتهى قال بن الجوزي رحمه الله في
358

التحقيق وهذا محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العلي
انتهى
أحاديث الدفن بالليل روى بن ماجة في سننه حدثنا عمرو بن عبد الله
الأودي حدثنا وكيع عن إبراهيم بن يزيد المكي عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا انتهى ورواه
مسلم عنه ان النبي عليه السلام خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن
في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي عليه السلام ان يقبر الرجل بالليل حتى
يصلى عليه الا ان يضطر رجل إلى ذلك وقال عليه السلام إذا كفن أحدكم أخاه
فليحسن كفنه انتهى وفي المغازي الواقدي عن عمرة عن عائشة رضي الله
عنهما قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي في
السحر ليلة الثلاثاء انتهى قال النووي المنهى عنه الدفن قبل الصلاة
وأما حديث عقبة ثلاث ساعات الحديث فهو محمول على من يتحرى
الدفن في هذه الأوقات الثلاثة دون غيرها ولفظ بن ماجة يدل على أن المنهى عنه
الدفن بالليل ويدفع تفسير النووي ويشكل على هذا أن الخلفاء الأربعة دفنوا ليلا
فحديث أبي بكر في البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه
قال لها في كم كفن النبي عليه السلام إلى أن قالت فلم يتوف حتى أمسى من ليلة
الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح وأخرج أبو داود عن جابر قال رأى ناس في
المقبرة نارا فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر
وإذا هو يقول ناولوني صاحبكم وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر انتهى ورواه الحاكم وصححه
قال النووي وسنده على شرط الصحيحين وأخرج البخاري عن بن عباس قال
مات إنسان كان النبي عليه السلام يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا فلما أصبح
أخبروه بذلك فقال ما منعكم أن تعلموني قالوا كان الليل والظلمة فكرهنا أن
359

نشق عليك فأتى قبره فصلى عليه فصففنا خلفه قال بن عباس وأنا فيهم
انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة وأبي أن يدفع إليها شيئا فوجدت
عليه في ذلك وهجرته ولم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة
أشهر فلما توفيت صلى عليها علي رضي الله عنه ودفنها ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر
وكان لعلي من الناس جهة حياة فاطمة فلما ماتت استنكر وجوه الناس فالتمس
مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر مختصر أخرجه مسلم في
الجهاد
باب الشهيد
الحديث الأول قال عليه السلام في شهداء أحد زملوهم بكلومهم
360

ودمائهم ولا تغسلوهم قلت حديث غريب وفي ترك غسل الشهداء أحاديث
منها ما أخرجه البخاري في صحيحه وأصحاب السنن الأربعة عن الليث بن سعد
رضي الله عنه عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله
رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ويقول
أيهما أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد
على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلهم زاد البخاري
والترمذي رحمهما الله ولم يصل عليهم انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح وقال النسائي لا أعلم أحدا تابع الليث من أصحاب الزهري على هذا
الاسناد واختلف عليه فيه انتهى ولم يؤثر عند البخاري والترمذي تفرد الليث
بهذا الاسناد بل احتج به البخاري في صحيحه وصححه الترمذي والله
أعلم
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا زياد بن أيوب ثنا عيسى بن عاصم
عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى
أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم انتهى وأعله
النووي بعطاء
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن جابر قال رمى رجل بسهم في صدره
أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى قال النووي في الخلاصة سنده على شرط مسلم
حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن
ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلم يكلم في سبيل
361

الله إلا يأتي يوم القيامة بدمي لونه لون الدم والريح ريح المسك انتهى
ورواه أحمد في مسنده حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم
أشرف على قتلى أحد فقال إني شهيد على هؤلاء زملوهم بكلومهم ودمائهم
انتهى وبهذا السند رواه الشافعي رضي الله عنه ومن طريقه البيهقي
أحاديث الصلاة على الشهيد روى البخاري في صحيحه في المغازي في
غزوة أحد ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي الخير عن عقبة بن عامر
الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على شهداء أحد صلاته على الميت ثم
انصرف انتهى زاد فيه مسلم فصعد المنبر كالمودع للاحياء والأموات فقال
إني فرطكم على الحوض ولست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى أن
تنافسوا في الدنيا وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من قبلكم قال عقبة فكانت لآخر
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر انتهى زاد بن حبان ثم دخل بيته فلم
يخرج حتى قبضه الله عز وجل ومن الناس من يحمل الصلاة في هذا الحديث على
الدعاء ومنهم البيهقي وابن حبان في صحيحه
وقوله فيه صلاته علي الميت يدفعه لكن قد يقال إنه من الخصائص لأنه
عليه السلام قصد بها التوديع كما صرح به في الصحيح ويؤيد هذا أنه ورد في
لفظ البخاري أنه عليه السلام صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للاحياء
والأموات قال بن حبان رحمه الله في صحيحه المراد بالصلاة في هذا
الحديث الدعاء إذ لو كان المراد حقيقة الصلاة للزم من يقول بها أن يجوز الصلاة على
الميت بعد دفنه بسنين فان وقعة أحد كانت سنة ثلاث من الهجرة وهذه الصلاة حين
خروجه من الدنيا بعد وقعة أحد بسبع سنين وهو لا يقول بذلك انتهى وقد ناقض
بن حبان هذا في أحاديث الصلاة في الكعبة فقال زعم أئمتنا أن بلالا أثبتها
وابن عباس نفاها والمثبت مقدم علي النافي وهذا شئ يلزمنا في شهداء أحد فإن بن
362

عباس وغيره رووا أنه عليه السلام صلى عليهم وجابر روى أنه لم يصل عليهم أو
يكون عليه السلام قصد بالصلاة عليهم أن ينور عليهم قبورهم كما ورد في البخاري
ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي عليه السلام صلى على قبر امرأة أو
رجل كان يقم المسجد ثم قال إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة وإني أنورها
بصلاتي عليهم انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي حماد الحنفي واسمه
المفضل بن صدقة عن بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول فقد رسول
الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين قام الناس من القتال فقال رجل رايته عند تلك الشجرات فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه فلما رآه ورأي ما مثل به شهق وبكي فقام رجل من الأنصار
فرمى عليه بثوب ثم جئ بحمزة فصلى عليه ثم جئ بالشهداء فيوضعون إلى
جانب حمزة فصلى عليهم ثم يرفعون ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء
كلهم وقال صلى الله عليه وسلم حمزة سيد الشهداء عند الله يوم القيامة مختصر وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال أبو حماد
الحنفي قال النسائي في متروك انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة
ثنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن بن مسعود قال كان النساء يوم أحد خلف
المسلمين يجهزن على جرحى المشركين إلى أن قال فوضع البي صلى الله عليه وسلم حمزة وجئ
برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الأنصاري وترك حمزة ثم
جئ بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه ثم رفع وترك حمزة حتى صلى
عليه يومئذ سبعين صلاة مختصر ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن الشعبي
مرسلا لم يذكر فيه بن مسعود
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زيد عن
363

الزهري عن أنس رضي الله عنهم ان النبي عليه السلام مر بحمزة وقد مثل به ولم
يصل على أحد من الشهداء غيره ورواه الدارقطني في سننه وقال لم يقل
فيه ولم يصل على أحد من الشهداء غيره إلا عثمان بن عمر وليست بمحفوظة
انتهى قال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق وعثمان بن عمر مخرج له في
الصحيحين وزيادة من الثقة مقبولة انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة
أبي داود وقال الصحيح حديث البخاري أنه لم يصل على الشهداء انتهى قال
بن القطان في كتابه وعلته ضعف أسامة بن زيد الليثي وقد ذكر عبد الحق هذا
الحديث في أحكامه الكبرى وأتبعه بالكلام في أسامة وقال وثقه بن معين
وضعفه يحيى بن سعيد روى عنه الثوري وعبد الله بن المبارك ومن الأحاديث التي
صححها وهي من رواية أسامة حديث انه عليه السلام كان يأخذ من طول لحيته
وعرضها وحديث أبي مسعود في الأوقات وغير ذلك انتهى كلامه ورواه أحمد
في مسنده حدثنا صفوان بن عيسى ثنا أسامة بن زيد به وأخرجه الحاكم في
المستدرك عن عثمان بن عمر وروح عن أسامة به وقال على شرط مسلم
انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إسماعيل بن عياش عن عبد الملك
بن أبي عتبة أو غيره عن الحكم بن عتبة عن مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهم
قال لما انصرف المشركون علن قتلى أحد إلى أن قال ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة
فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه
سبعين صلاة وكانت القتلى يومئذ سبعين ثم قال لم يروه غير إسماعيل بن عياش
وهو مضطرب الحديث عن غير الشاميين انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه
والبيهقي في السنن عن زيد بن أ ي زياد عن مقسم عن بن عباس قال أمر رسول
364

الله صلى الله عليه وسلم بحمزة يوم أحد فهئ للقبلة ثم كبر عليه سبعا ثم جمع إليه الشهداء حتى
صلى عليه سبعين صلاة زاد الطبراني ثم وقف عليهم حتى واراهم سكت الحاكم
عنه وتعقبه الذهبي فقال ويزيد بن أبي زياد لا يحتج به وقال البيهقي
هكذا رواه يزيد بن أبي زياد وحديث جابر أنه لم يصل عليهم أصح انتهى ورواه بن
ماجة في سننه بهذا الاسناد وقال أتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فجعل يصلى
على عشرة عشرة وحمزة كما هو يرفعون وهو كما هو موضوع انتهى قال بن
الجوزي رحمه الله في التحقيق ويزيد بن أبي زياد منكر الحديث وقال النسائي
متروك الحديث وتعقبه صاحب التنقيح رحمه الله بان ما حكاه عن البخاري
والنسائي إنما هو في يزيد بن زياد وأما راوي هذا الحديث فهو الكوفي ولا يقال
فيه بن زياد وإنما هو بن أبي زياد وهو ممن يكتب حديثه على لينه وقد روى له
مسلم مقرونا بغيره وروى له أصحاب السنن وقال أبو داود لا أعلم أحدا ترك
حديثه وقد جعلهما في كتابه الذي في الضعفاء واحدا وهو وهم انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني رحمه الله في سننه عن عبد العزيز بن عمران
حدثني أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بحمزة يوم أحد باللفظ الذي قبله سواء ثم قال وعبد العزيز هذا ضعيف
طريق آخر رواه بن هشام في السيرة عن بن إسحاق حدثني من لا أتهم عن
مقسم مولى بن عباس عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة رضي الله عنه
فجئ ببردة ثم صلى عليه وكبر سبع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى حمزة
يصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة مختصر قال
السهيلي في الروض الأنف قول بن إسحاق في هذا الحديث حدثني من لا أتهم
إن كان هو الحسن بن عمارة كما قاله بعضهم فهو ضعيف بإجماع أهل الحديث
وإن كان غيره فهو مجهول ولم يرو عن النبي عليه السلام أنه صلى على شهيد في
365

شئ من مغازيه إلا في هذه الرواية ولا في مدة الخليفتين من بعده انتهى كلامه
قلت قد ورد مصرحا فيه بالحسن بن عمارة كما رواه الإمام أبو قرة موسى بن طارق
الزبيدي في سننه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن بن
عباس قال لما انصرف المشركون من قتلى أحد أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتلى
فرأى منظرا ساءه فرأى حمزة قد شق بطنه واصطلم أنفه وجدعت أذناه فقال
لولا أن يحزن النساء أو يكون سنة بعدي لتركته حتى يحشره الله في بطون
السباع والطير ولمثلت بثلاثين منهم مكانه ثم دعا ببردة فغطى بها وجهه
فخرجت رجلاه فغطى بها رجليه فخرج رأسه فغطى بها رأسه وجعل على
رجليه من الإذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع إلى جنبه
فيصلى عليه ثم يرفع ويجاء بالرجل الآخر فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى
عليه سبعين صلاة وكانت القتلى سبعين فلما دفنوا وفرغ منهم نزلته هذه الآية
وإن عاقبتم فعاقبوا الآية فصبر عليه السلام ولم يقتل ولم يعاقب انتهى
حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله عن حصين عن أبي مالك
الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة حمزة رضي
الله عنه حتى صلى عليه سبعين صلاة انتهى وحصين هو بن عبد الرحمن الكوفي
أحد الثقات المخرج لهم في الصحيحين وابن مالك الغفاري اسمه غزوان وهو
تابعي روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ووثقه يحيى بن معين والله
أعلم قال البيهقي في المعرفة وهذا الحديث مع إرساله لا يستقيم كما قاله
الشافعي قال كيف يستقيم أنه عليه السلام صلى على حمزة سبعين صلاة إذا كان
يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم وشهداء أحد إنما كانوا اثنين وسبعين شهيدا فإذا صلى
عليهم عشرة عشرة فالصلاة إنما تكون سبع صلاة أو ثمانيا فمن أين جاءت سبعون
صلاة قال البيهقي وأما رواية بن إسحاق عن بعض أصحابه عن مقسم عن بن
عباس فذكر نحو ذلك فهو منقطع ولا يعرج بما يرويه بن إسحاق إذا لم يذكر اسم
راوية لكثرة روايته عن الضعفاء المجهولين ولا أشبه أن تكون الروايتان غلطا
لمخالفتهما الرواية الصحيحة عن جابر أنه عليه السلام لم يصل عليهم وهو كان قد شهد
366

القصة وأما ما روى البخاري عن عقبة بن عامر أنه عليه السلام صلى على قتلى أحد
صلاته على الميت فكأنه عليه السلام وقف على قبورهم ودعا لهم ولا يدل ذلك
على نسخ وأماما روى عن شداد بن الهاد في صلاة النبي عليه السلام على أعرابي
أصابه سهم فيحتمل أن يكون بقي حيا حتى انقطعت الحرب ونحن نصلي على
المريث وعلى الذي يقتل ظلما في غير معرك انتهى قلت يستقيم هذا على
الرواية الأخرى انه كان يصلى عليه وعلى آخر معه حتى صلى عليه سبعين صلاة
كما تقدم في مسند أحمد وغيره وأما كون شهداء أحد كانوا سبعين رجلا
فمسلم ذكره بن هشام في السيرة نقلا عن بن إسحاق وسماهم بأسمائهم
واحدا بعد واحد وقال بن سعد في الطبقات أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا
أبو الأحوص ثنا سعيد بن مسروق عن أبي الضحى قال قتل يوم أحد سبعون رجلا
منهم أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وشماس بن
عثمان المخزومي وعبد الله بن جحش الأسدي انتهى
حديث آخر مرسلا أخرجه أبو داود في المراسيل عن عطاء بن أبي رباح أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد انتهى
حديث آخر أخرجه النسائي عن شداد بن الهاد التابعي ان رجلا من الاعراب
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمن به واتبعه وذكر الحديث وفيه أنه استشهد فصلى عليه
النبي عليه السلام
حديث آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني الثوري عن الزبير بن
عدي عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى بدر أنتهي وحدثني عبد ربه بن عبد الله
عن عطاء عن بن عباس مثله انتهى وفيه أيضا في غزوة أحد من غير سند قال
جابر بن عبد الله كان أبي أول قتيل قتل من المسلمين يوم أحد قتله سفيان بن
عبد شمس فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهزيمة انتهى
367

حديث آخر روى الواقدي رحمه الله في كتاب فتوح الشام حدثني رويم بن
عامر عن سعيد بن عاصم عن عبد الرحمن بن بشار عن الواقصي عن سيف مولى ربيعة
بن قيس اليشكري قال كنت في الجيش الذي وجهه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
مع عمرو بن العاص إلى أيلة وأرض فلسطين فذكر القصة بطولها إلى أن قال
فلما نصر الله المسلمين وانكشف القتال لم يكن هم المسلمين إلا افتقاد بعضهم بعضا
ففقدوا من المسلمين مائة وثلاثين نفرا منهم سيف بن عباد الحضرمي ونوفل بن دارم
وسالم بن دويم وسعيد بن خالد وهو بن أخي عمرو بن العاص لامه واغتم عمرو
بن العاص لفقدهم اغتماما شديدا فلما أصبح النهار أمر عمرو الناس بجمع الغنائم
وأن يخرجوا إخوانهم من بين الروم وبنى الأصفر فالتقطوهم مائة وثلاثين رجلا
ثم صلى عليهم عمرو بن العاص ومن معه من المسلمين ثم أمر بدفنهم وكان مع
عمرو بن العاص من المسلمين تسعة آلاف رجل وأرسل عمرو إلى أبي بكر رضي الله
عنهما كتابا فيه الحمد لله والصلاة على نبيه إني وصلت إلى أرض فلسطين
ولقينا عسكر الروم مع بطريق يقال له روماس في مائة الف رجل فمن الله علينا
بالنصر وقتلنا منهم أحد عشر ألفا وقتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا أكرمهم الله
بالشهادة انتهى
أحاديث الخصوم حديث جابر أنه عليه السلام لم يصل على قتلى أحد رواه
البخاري رضي الله عنه
وحديث آخر أخرجه أبو داود من طريق بن وهب أخبرني أسامة بن يزد الليثي
بن شهاب أخبره أن أنس بن مالك رضي الله عنه حديثه أن شهداء أحد لم يغسلوا
ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم انتهى
قوله وقد صح أن حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة قلت روى من
368

حديث بن الزبير ومن حديث بن عباس ومن حديث محمود بن لبيد
فحديث بن الزبير رضي الله عنهما أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع
الثامن من القسم الثالث والحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من طريق
بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد قتل حنظلة بن أبي عامر الثقفي إن صاحبكم حنظلة
تغسله الملائكة فاسألوا صاحبته فقالت خرج وهو جنب لما سمع الهائعة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك غسلته الملائكة انتهى قال الحاكم صحيح على شرط
مسلم انتهى وليس عنده فاسألوا صاحبته إلى آخره قال السهيلي في
الروض الأنف وصاحبته هي زوجته جميلة بنت أبي بن سلول أخت عبد الله بن
أبي وكان قد ابتنى بها تلك الليلة فرأ ت في منامها كأن بابا من السماء فتح
فدخل وأغلق دونه فعرفت أنه مقتول من الغد فلما أصبحت دعت برجال من
قومها وأشهدتهم أنه دخل بها خشية ان يقع في ذلك نزاع ذكره الواقدي وذكر
غيره أنه وجد بين القتلى يقطر رأسه ماء تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا الخبر
تعلق من يقول إن الشهيد يغسل إذا كان جنبا انتهى وهذا الذي نقله عن الواقدي
صحيح نقله بن سعد عنه في الطبقات في ترجمة حنظلة وزاد وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء
المزن في صحاف الفضة قال أبو أسيد الساعي فذهبنا إليه فوجدناه يقطر رأسه
ماء فرجعت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زوجته فذكرت أنه خرج وهو
جنب أنتهي ولفظ الواقدي في كتاب المغازي قال وكان حنظلة بن أبي عامر
تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول ودخل عليها ليلة قتال أحد بعد أن
استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبح جنبا وأخذ سلاحه ولحق بالمسلمين وأرسلت إلى
أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها فسألوها فقالت رأيت في ليلتي كأن
369

السماء فتحت ثم ادخل وأغلقت دونه فعرفت أنه مقتول من الغد وتزوجها بعده
ثابت بن قيس فولدت له محمد بن ثابت بن قيس فلما انكشف المشركون اعترض
حنظلة لأبي سفيان يريد قتله فحمل عليه الأسود بن شعوب بالرمح فقتله وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض
بماء المزن في صحاف الفضة قال أبو أسيد الساعدي فذهبنا فنظرنا إليه فإذا
رأسه يقطر ماء قال أبو أسيد فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى
امرأته فسألها فأخبرته أنه خرج وهو جنب انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه من حديث شريك عن
الحجاج عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أصيب حمزة بن عبد المطلب
وحنظلة بن الواهب وهما جنبان فقال النبي عليه السلام إن رأيت الملائكة
تغسلهما انتهى ورواه البيهقي في سننه من حديث أبي شيبة عن الحكم به
نحوه والسندان ضعيفان وخبر حمزة ذكره الواقدي رحمه الله في المغازي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسل حمزة لأنه كان جنبا ذلك اليوم ولم
يغسل الشهداء وقال لفوهم بدمائهم وجراحهم فإنه ليس أحد يجرح في الله إلا
جاء يوم القيامة وجرحه يثعب داما لونه لون الدم وريحه ريح المسك انتهى
وأما حديث محمود بن لبيد فرواه بن إسحاق في المغازي حدثني عاصم بن
عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إن صاحبكم يعنى حنظلة بن
أبي عامر لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما شأنه فقالت إنه خرج وهو جنب
حين سمع الهائعة انتهى ومن طريق بن إسحاق رواه أبو نعيم في الحلية في
ترجمة أصحاب الصفة وذكره بن هشام في السيرة في غزة أحد من قول بن
إسحاق لم يسنده إلى محمود بن لبيد الا أنه قال حين سمع الهائعة قال ويقال
الهائعة والهيعة وهي الصوت الشديد عند الفزع قال ومنه الحديث خير الناس
رجل ممسك بعنان فرسه إذا سمع هيعة طار إليها انتهى وأحمد مع أبي حنيفة
370

رضي الله عنهما في الجنب يغسل ومالك والشافعي رضي الله عنهما مع الصاحبين
رحمهم الله
وأما المرسل فرواه الامام قاسم بن ثابت السرقسطي في آخر كتابه غريب
الحديث حدثنا عبد الله بن علي ثنا محمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن يحيى ثنا أبي عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير قال خرج حنظلة
بن أبي عامر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد واقع امرأته فخرج وهو جنب لم
يغتسل فلما التقى الناس لقى حنظلة أبو سفيان بن حرب فحمل عليه فسقط أبو
سفيان عن فرسه فوثب عليه حنظلة وقعد على صدره يذبحه فمر به جعونة بن
شعوب الكناني فاستغاث به أبو سفيان فحمل على حنظلة فقتله وهو يرتجز
ويقول
لأحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس
وقوله وشهدا أحد ماتوا عطاشا والكأس تدار عليهم خوفا من نقصان
371

الشهادة قلت روى البيهقي في شعب الايمان في الباب الثاني والعشرين منه
أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا عثمان
ثنا عبد الله بن المبارك ثنا عمر بن سعيد بن أبي حسنين حدثني بن سابط وغيره عن
أبي جهم بن حذيفة العدوي قال انطلقت يوم اليرموك اطلب بن عمي ومعي شنة
من ماء فقلت إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه فإذا به ينشع
فقلت أسقيك فأشار أن نعم فإذا رجل يقول آه فأشار بن عمي أن انطلق
به إليه فإذا هو هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص فأتيته فقلت أسقيك
فسمع آخر يقول آه فأشار هشام ان انطلق به إليه فجئت فإذا هو قد مات
فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات فرجعت إلى بن عمي فإذا هو قد مات انتهى
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الحسن العمري ثنا محمد بن العباس ثنا محمد بن المثنى
ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني أبو يونس القشيري حدثني حبيب بن أبي ثابت
ان الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة أثبتوا يوم اليرموك
فدعا الحارث بماء يشربه فنظر إليه عكرمة فقال ارفعوه إلى عكرمة فرفعوه إليه
فنظر إليه عياش فقال عكرمة ارفعوه إلى عياش فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد
منهم حتى ماتوا وما ذاقوا انتهى وهذا رواه الطبراني في معجمه حدثنا
موسى بن زكريا التستري حدثنا شباب العصفري ثنا أبو وهب السهمي عن أبي يونس
القشيري به سندا ومتنا
وقوله روى بن عليا رضي الله عنه لم يصل على البغاة قلت غريب وذكر
بن سعد في الطبقات قصة أهل النهروان وليس فيها ذكر الصلاة ولفظه قال لما
كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ما وقع بصفين في صفر سنة سبع
وثلاثين ورجع علي رضي الله عنه إلى الكوفة خرجت عليه الخوارج من أصحابه
وعسكروا بحروراء فلذلك سموا الحرورية فأرسل إليهم عبد الله بن عباس
فخاصمهم وحاجهم فرجع منهم كثير وثبت آخرون على رأيهم ثم ساروا إلى
النهروان فعرضوا للسبيل وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت فسار إليهم علي رضي الله عنه
فقتلهم بالنهروان وقتل منهم ذا الثدية وذلك سنة ثمان وثلاثين ثم
372

رجع على إلى الكوفة فلم يزالوا يخافون عليه من الخوارج حتى قتل رضي الله عنه
انتهى
باب الصلاة في الكعبة
الحديث الأول روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة بوم الفتح قلت
أخرج البخاري عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو
وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي رضي الله عنهم فأغلقها عليه ثم مكث
فيها قال بن عمر فسألت بلالا حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعل
عمودين عن ياسره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى وكان البيت
يومئذ على ستة أعمدة انتهى وقال البخاري في رواية وعمودا عن يساره وعمودا
عن يمينه وفي رواية منقطعة عمودين عن يمينه قال المنذري في مختصره ثم
الشيخ تقي الدين رحمه الله في الامام وقد اختلف فيه على مالك فروى عنه
عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره وروى عنه عمودا عن يمينه وعمودا عن
يساره رواهما البخاري وروى عنه عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه رواه
مسلم وأخرجا عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
373

فنزل بفناء الكعبة وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتاح ففتح الباب قال ثم
دخل النبي عليه السلام وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأمر بالباب
فأغلق فلبثوا فيه مليا وللبخاري رضي الله عنه فمكثوا فيه نهارا طويلا ثم فتح
الباب قال عبد الله فبادرت الباب فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا وبلال على
إثره فقلت لبلال هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قلت أين قال بين
العمودين تلقاء وجهه قال نسيت أن أسأله كم صلى انتهى وهذا المتن
أقرب إلى لفظ المصنف وأخرجا عن سالم عن بن عمر قال أخبرني بلال أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين انتهى أخرجا هذه
الأحاديث في الحج وأخرج البخاري في الصلاة في باب قوله تعالى واتخذوا
من مقام إبراهيم مصلى عن مجاهد قال أتى بن عمر فقيل له هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فقال بن عمر فأقبلت والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج وأجد بلالا قائما بين
البابين فسألت بلالا فقلت أصلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة قال نعم ركعتين بين
الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين
انتهى قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين هكذا قال وأكثر الأحاديث على
أنه لم يعلمه كم صلى انتهى
المعارض أخرجا عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة
وفيها ست سواري فقام عند سارية فدعا ولم يصل انتهى وبه عن بن عباس
أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم
يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال هذه القبلة
مختصر وحديث أسامة هذا روى خلافه أحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه في النوع الخامس عشر من القسم الخامس عن عمارة بن عمير عن أبي
الشعثاء عن بن عمر أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين الساريتين
ومكثت معه عمرا لم أسأله كم صلى انتهى وهذا سند صحيح وقد يعلل حديث
374

بن عباس بالارسال فإنه رواه عن أخيه الفضل بن عباس كما رواه أحمد
وإسحاق بن راهويه في مسنديهما ثم الطبراني في معجمه من طريق محمد بن
إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح أو عن مجاهد عن عبد الله
بن عباس حدثني أخي الفضل وكان مع النبي عليه السلام حين دخل الكعبة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة ولكنه لما دخلها وقع ساجدا بين العمودين ثم
جلس يدعو زاد الطبراني وقال بن عباس رضي الله عنهما ما أحب أن أصلى في
الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئا خلفه ورواه عبد الرزاق في مصنفه في
الحج أخبرنا بن جريج ثنا عمرو بن دينار أن بن عباس أخبره أنه دخل البيت إلى
آخره قال السهيلي في الروض الأنف أخذ الناس بحديث بلال لأنه مثبت
وقدموه على حديث بن عباس لأنه نفى وإنما يؤخذ بشهادة المثبت ومن تأول قول
بلال رضي الله عنه أنه صلى أي دعا فليس بشئ لان في حديث بن عمر أنه صل
ركعتين رواه البخاري وقد تقدم قريبا ولكن رواية بلال ورواية بن عباس
صحيحتان ووجههما أنه عليه السلام دخلها يوم النحر فلم يصل ودخلها من
الغد فصلى وذلك في حجة الوداع وهو حديث مروى عن بن عمر رضي الله
عنهما بإسناد حسن أخرجه الدارقطني في سننه وهو حديث مروى عن بن عمر رضي الله عنهما بإسناد حسن أخرجه الدارقطني في سننه وهو من فرائده انتهى
كلامه قلت حديث بن عمر الذي أشار إليه رواه الدارقطني بسنده عن يحيى
بن جعدة عن بن عمر قال دخل النبي عليه السلام البيت ثم خرج وبلال خلفه
فقلت لبلال هل صلى قال لا فلما كان من الغد دخل فسألت بلالا هل صلى
قال نعم صلى ركعتين انتهى وأخرج الدارقطني أيضا والطبراني في
معجمه عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال دخل رسول
الله صلى الله عليه وسلم البيت فصلى بين الساريتين ركعتين ثم خرج فصلى بين الباب والحجر
375

ركعتين ثم قال هذه القبلة ثم دخل مرة أخرى فقام يدعو ثم خرج ولم يصل
انتهى وفي هذا اللفظ ما يعكر على اللفظ الذي قبله قال البيهقي وهاتان
الروايتان إن صحتا ففيهما دلالة على أنه عليه السلام دخل البيت مرتين فصلى مرة
وترك مرة إلا أن في ثبوت الحديثين نظر انتهى قلت ويعكر عليهما ما رواه
إسحاق بن راهويه في مسنده والطبراني في معجمه قال إسحاق أخبرنا أحمد
بن أيوب عن أبي حمزة عن جابر بن يزيد عن عكرمة عن بن عباس أن النبي عليه
السلام لم يدخل البيت في الحج ودخل عام الفتح ولفظ إسحاق يوم الفتح يمحو
صورا فيه فلما دخله أمر بالصور فمحيت زاد الطبراني فلما نزل صلى أربع
ركعات أو قال ركعتين بين الحجر والباب مستقبل القبلة وقال هذه القبلة
انتهى وفي البخاري في باب من كبر في نواحي البيت في بن عباس قال
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة وأمر بها فأخرجت فأخرجوا
صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وفي أيديهما الأزلام فقال عليه السلام
قاتلهم الله أما علموا أنهما لم يستقيما بهما قط فدخل البيت فكبر في نواحيه
ولم يصل فيه انتهى فهذا بن عباس أخبر أنه عليه السلام لم يصل فيه يوم الفتح لان
إخراج الصور من البيت إنما كان زمن الفتح ومحال أن يكون عام الحج والله أعلم
وقال بن حبان في صحيحه ولا تعارض بين خبر بلال وخبر بن عباس بل يحمل
حديث بن عمر على يوم الفتح وحديث بن عباس على حجة الوداع انتهى وهذا
يرده الحديث الذي قبله أنه عليه السلام لم يدخل البيت في الحج
أحاديث الباب روى أبو داود في سننه من حديث يزيد بن أبي زياد عن
مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف
صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة قال صلى ركعتين انتهى ورواه
أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم والطبراني في معجمه
376

ولفظهم عن عبد الرحمن بن صفوان قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت
لالبسن ثيابي فلأنظرن ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم فانطلقت فوافيته قد خرج من
الكعبة وأصحابه معه فقلت لعمر كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة
قال صلى ركعتين انتهى ويزيد بن أبي زياد فيه مقال
حديث آخر رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم
الخامس من حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وقد صلى في الكعبة فخلع نعليه فوضعهما عن يساره ثم افتتح
سورة المؤمنين فلما بلغ ذكر موسى وعيسى أخذته سعلة فركع انتهى
الحديث الثاني قال المصنف رحمه الله ومن صلى على ظهر الكعبة جازت
صلاته إلا أنه يكره لما فيه من ترك التعظيم وقد ورد النهي عنه عن النبي عليه
السلام قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث عمر
أما حديث بن عمر فأخرجه الترمذي وابن ماجة في المساجد عن زيد بن
جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في
سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام ومعاطن
الإبل وفوق ظهر بيت الله انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بذاك
القوى وقد تكلم في زيد بن جبير من قبل حفظه وقد روى الليث بن سعد هذا
الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثله وحديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه وأصح من حديث الليث بن سعد وعبد
الله بن عمر العمري ضعفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه منهم يحيى بن سعيد
القطان انتهى وزيد بن جبير اتفق الناس على ضعفه فقال البخاري منكر
377

الحديث وقال النسائي ليس بثقة وقال أبو حاتم والأزدي منكر الحديث جدا لا
يكتب حديثه قال الدارقطني ضعيف الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا
يتابعه عليه أحد وقال بن حبان في كتاب الضعفاء زيد بن جبير منكر الحديث
يروى المناكير عن المشاهير فاستحق التنكب عن روايته انتهى
وأما حديث عمر فأخرجه بن ماجة في سننه عن أبي صالح حدثني الليث بن
سعد عن نافع عن بن عمر عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبع مواطن لا يجوز
الصلاة فيها ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الإبل
ومحجة الطريق انتهى وهذه الطريق التي أشار إليها الترمذي قال الشيخ في
الامام وعلته أبو صالح كاتب الليث بن سعد واسمه عبد الله بن صالح فإنه
قد تكلم فيه والحديث في هذه الرواية من مسند عمر وفي الرواية الأولى من مسند
بن عمر انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه
أبو صالح به ورواه زيد بن جبير فقال الاسنادان واهيان انتهى وقال
صاحب التنقيح رحمه الله وأما أبو صالح كاتب الليث فقد وثقه جماعة
تكلم فيه آخرون والصحيح أن البخاري روى عنه في الصحيح انتهى
أحاديث الصلاة في المقبرة والحمام أخرج الترمذي في جامعه عن
عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام انتهى قال
وهذا فيه اضطراب فرواه سفيان الثوري رضي الله عنه عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن
النبي عليه السلام مرسلا ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى فأسنده عن أبي
سعيد ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى فأسنده مرة وأرسل أخرى
وكان عامة روايته الارسال وكأن رواية الثوري أثبت وأصح انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه مسندا باللفظ المذكور في النوع التاسع والعشرين من القسم
378

الثالث والحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح على شرط البخاري
ومسلم ولم يخرجاه انتهى قال الشيخ في الامام وحاصل ما أعل به
الارسال وإذا كان الرافع ثقة فهو مقبول والله أعلم انتهى قال النووي رحمه الله
في الخلاصة هو حديث ضعيف ضعفه الترمذي وغيره وقال هو مضطرب
ولا يعارض هذا بقول الحاكم أسانيده صحيحة فإنهم أتقن في هذا منه ولأنه قد
يصحح أسانيده وهو ضعيف لاضطرابه انتهى والحديث معارض بحديث جابر
أخرجه البخاري ومسلم عنه مرفوعا أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان
كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم ولم
تحل لاحد قبلي وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته
الصلاة صلى حيث كان نصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة
انتهى وفي لفظ للبخاري لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي وفيه وبعثت
إلى الناس كافة وفيه وأيما رجل من أمتي وأخرج مسلم عن حذيفة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة
وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وذكر
خصلة أخرى انتهى وأخرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب
وأحلت لي الغنائم وجعلت الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة
وختم بي النبيون انتهى وأخرج البيهقي عن يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن
يسار عن أبي أمامة ان النبي عليه السلام قال إن الله عز وجل فضلني على الأنبياء
أو قال أمتي على الأمم بأربع أرسلني إلى الناس كافة وجعل لي الأرض كلها
مسجدا وطهورا فأينما أدركت الصلاة رجلا من أمتي فعنده مسجده وطهوره
انتهى
أحاديث الصلاة في الأرض المغصوبة الصحيح من مذهب أحمد رضي الله عنه
379

ان الصلاة في الأرض المغصوبة لا تصح واحتجوا بحديث ورد عن بن عمر عن النبي
عليه السلام وله طريقان أحدهما رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن عبد الله
بن أبي علاج الموصلي عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من اشترى ثوبا بعشرة
دراهم في ثمنه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه صمتا إن لم أكن
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث انتهى قال بن حبان
رحمه الله وعبد الله بن أبي علاج هذا يروي عن مالك ويونس بن يزيد ما ليس من
حديثهم لا يشك السامع لها انها صنعته وليس هذا من حديث بن عمر ولا حدث
به نافع ولا رواه عنه مالك وإنما هو مشهور من حديث الشاميين حدث به بقية بن
الوليد بإسناد واه انتهى الطريق الثاني أخرجه أحمد رضي الله عنه في مسنده
عن بقية عن عثمان بن زفر عن هاشم عن بن عمر نحوه سواء قال بن الجوزي
رحمه الله في التحقيق وهاشم مجهول إلا أن يكون بن زيد الدمشقي فذاك
يروى عن نافع وقد ضعفه أبو حاتم وذكر الخلال قال قال أبو طالب سألت
أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال ليس بشئ ليس له إسناد انتهى وقد يقال في
ذلك إنه لا يلزم من نفى القبول نفي الصحة قال الشيخ في الامام وقد يحتج
لهذا القول بالحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا من عمل عملا ليس
عليه أمرنا فهو رد انتهى
أحاديث الصلاة بين السواري احتج أبو داود والترمذي والنسائي عن
سفيان عن يحيى بن هانئ بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال صلينا
خلف أمير من الامراء فاضطرنا الناس فصلينا بين ساريتين فلما صلينا قال أنس بن
مالك كنا نتقى هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الترمذي حديث
حسن
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق أبي داود ثنا هارون أبو مسلم
380

عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كنا ننهى عن الصلاة بين الأساطين ونطرد
عنها طردا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الشيخ في الامام هكذا
وجدته هارون أبو مسلمة وقال بن أبي حاتم هارون بن مسلة روى عن قتادة
سألت أبي عنه فقال شيخ مجهول قال الشيخ رحمه الله وينبغي ان يتأمل هل
هو هذا أم لا انتهى ورواه أبو داود الطيالسي والحاكم والبيهقي قال
الحاكم هذا والذي قبله اسنادهما صحيحان قال البيهقي معناه أن السارية تحول
بينهم فإن كان منفردا أو جماعة لم يجاوز ما بين الساريتين فإنه لا يكره لحديث بن
عمر ان النبي عليه السلام حين دخل الكعبة جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره
وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى أخرجه البخاري ومسلم انتهى كلامه
381

كتاب الزكاة
الحديث الأول قال النبي عليه السلام أدوا زكاة أموالكم قلت روى من
حديث أبي أمامة ومن حديث أبي الدرداء
فحديث أبي أمامة أخرجه الترمذي في آخر أبواب الصلاة عن سليم بن عامر
قال سمعت أبا امامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع
فقال اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا
ذا امركم تدخلون جنة ربكم قال قلت لأبي امامة منذ كم سمعت هذا
الحديث قال سمعته وانا بن ثلاثين سنة قال أبو عيسى هذا حديث حسن
صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
في الايمان وغيره قال حديث صحيح على شرط مسلم ولا يعرف له علة ولم
يخرجاه وقد احتج مسلم بأحاديث لسليم بن عامر وسائر رواته متفق عليهم
انتهى
382

وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا
أحمد بن مسعود المقدسي ثنا عمرو بن أبي سلمة ثنا صدقة بن عبد الله عن الوضين بن
عطاء عن يزيد بن مرثد عن أبي الدرداء أن النبي عليه السلام قال أخلصوا عبادة
ربكم وصلوا خمسكم وأدوا زكاة أموالكم وصوموا شهركم وحجوا بيت
ربكم تدخلوا جنة ربكم وفيه قصة
أحاديث الباب فيه حديث معاذ رضي الله عنه لما بعثه النبي عليه السلام إلى
اليمن وفيه فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم الحديث أخرجاه عن أبي معبد مولى بن عباس عن بن عباس
وحديث ضمام بن ثعلبة وفيه قال أنشدك بالله الله امرك ان تأخذ هذه
الصدقة من اغنيائنا فتقسمها على فقرائنا فقال عليه السلام اللهم نعم أخرجه
البخاري عن شريك بن أبي نمر عن أنس رضي الله عنه وحديث جبرائيل عليه
السلام أخرجاه عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال اتى النبي عليه
السلام رجلا فقال يا رسول الله ما الايمان قال إن تؤمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله قال فما الاسلام قال بن تبعد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم
الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة قال فما الاحسان قال إن تعبد الله
كأنك تراه الحديث وحديث الاعرابي وفيه قال وذكر له عليه السلام الزكاة
فقال هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع الحديث أخرجاه من رواية
مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن طلحة وحديث بني الاسلام على
خمس وفيه أحاديث مانع الزكاة سيأتي آخر الكتاب
الحديث الثاني قال المصنف رحمه الله ولا بد من ملك النصاب لأنه عليه
السلام قدر السبب به قلت من شواهد ذلك حديث أبي سعيد الخدري قال قال
383

رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون
خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمسة أو سق صدقة انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول
384

قلت روى من حديث على ومن حديث بن عمر ومن حديث أنس ومن حديث
عائشة رضي الله عنهم
اما حديث علي رضي الله عنه فأخرجه أبو داود في سننه من طريق بن وهب
أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث
الأعور عن علي عن النبي عليه السلام قال إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها
الحول ففيها خمس دراهم وليس عليك شئ يعنى في الذهب حتى يكون لك
عشرون دينارا فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار
فما زاد فبحسابها ذلك قال فلا أدري أعلى يقول فبحساب ذلك أو رفعه إلى
النبي عليه السلام وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول انتهى قال ورواه
شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه
انتهى وفيه عاصم والحارث فعاصم وثقه بن المديني وابن معين والنسائي
وتكلم فيه بن حبان وابن عدي فالحديث حسن قال النووي رحمه الله في
الخلاصة وهو حديث صحيح أو حسن انتهى ولا يقدح فيه ضعف الحارث
لمتابعة عاصم له وقال عبد الحق في احكامه هذا حديث رواه بن وهب عن جرير بن
حازم عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث عن علي فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم
والحارث والحارث كذاب وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا وهو ان الحارث
أسنده وعاصم لم يسنده فجمعهما جرير وادخل حديث أحدهما في الآخر وكل
385

ثقة رواه موقوفا فلو ان جريرا أسنده عن عاصم وبين ذلك أخذنا به وقال غيره
هذا لا يلزم لان جريرا ثقة وفد أسند عنهما انتهى وهو في مسند أحمد عن
عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول
انتهى وليس من رواية أحمد
وأما حديث بن عمر فله طرق أحدها عند الدارقطني عن بقية عن إسماعيل
بن عياش عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر مرفوعا ليس في مال زكاة حتى
يحول عليه الحول انتهى وإسماعيل بن عياش ضعيف وفي روايته عن غير
الشاميين قال الدارقطني ورواه معتمر وغيره عن عبيد الله موقوفا ثم أخرجه
كذلك ورواه البيهقي من حديث بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر موقوفا
وقال هو الصحيح ورواه بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله فرفعه وليس
بصحيح انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في كتاب غرائب مالك عن إسحاق بن إبراهيم
الحنيني عن مالك عن نافع عن بن عمر مرفوعا نحوه قال الدارقطني الصواب
موقوف انتهى قلت رواه يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير وأبو مصعب عن
مالك في الموطأ بالسند المذكور موقوفا عن مالك رضي الله عنه ورواه الشافعي
رضي الله عنه في مسنده موقوفا كذلك
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن
أبيه عن بن عمر مرفوعا باللفظ المذكور ورواه الترمذي في كتابه بلفظ من
386

استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول انتهى ثم رواه موقوفا وقال
هذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم انتهى وقال الدارقطني في
علله حديث نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه
الحول يرويه عبيد الله بن عمر واختلف عليه فيه فرواه إسماعيل بن عياش عنه عن
نافع عن بن عمر مرفوعا ورواه سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله مرفوعا والصحيح
عن عبيد الله موقوفا كذا قاله عنه معمر وابن نمير ومحمد بن بشر وشجاع بن
الوليد وغيرهم ورواه أيوب عن نافع عن بن عمر موقوفا وكذلك يحيى بن
سعيد عن نافع عن بن عمر موقوفا وقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن
نافع عن بن عمر فرفعه ولم يرفعه عن مالك غيره والصحيح عن مالك موقوف
انتهى
وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه الدارقطني في سننه عن حسان بن
سياه عن ثابت عن أنس مرفوعا ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحسان بن
سياه وقال لا اعلم يرويه عن ثابت غيره انتهى وحسان بن سياه قال بن
حبان في كتاب الضعفاء هو منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد
لما طهر من خطئه على ما عرف من صلاحه انتهى
واما حديث عائشة رضي الله عنها فأخرجه بن ماجة في سننه عن حارثة بن
أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا زكاة في
مال حتى يحول عليه الحول انتهى وحارثة هذا ضعيف قال بن حبان رحمه
الله في كتاب الضعفاء كان ممن كثر وهمه وفحش خطؤه تركه أحمد
ويحيى انتهى
أحاديث المال المستفاد تعلق الخصم وهو الشافعي وأحمد ومالك في
387

أحد قوليه بما أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول
انتهى قال الترمذي رحمه الله ورواه أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد عن
نافع عن بن عمر موقوفا وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث ضعفه
أحمد وابن المديني وغيرهما وهو كثير الغلط ثم أخرجه عن أيوب عن نافع عن
بن عمر موقوفا قال وهذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم انتهى
قال النووي رحمه الله في الخلاصة ورواه الدارقطني ثم البيهقي وأعله
بعبد الرحمن ورواه بن أبي شيبة في مصنفه من حديث بن أبي ليلى عن نافع به
موقوفا ورواه الدارقطني في سننه من حديث عبيد الله عن نافع به موقوفا
قوله وليس على الصبي والمجنون زكاة خلافا للشافعي رضي الله عنه
أحاديث زكاة مال اليتيم أو الصغير اخرج الترمذي عن المثنى بن الصباح عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطب الناس فقال من ولى يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة
انتهى قال الترمذي إنما يروى هذا الحديث من هذا الوجه وفي إسناده مقال
لان المثنى يضعف في الحديث انتهى وقال صاحب التنقيح رحمه الله قال
مهما سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال ليس بصحيح انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبيد الله بن إسحاق ثنا مندل عن
أبي إسحاق الشيباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
نحوه قال الدارقطني الصحيح انه من كلام عمر انتهى وعبيد الله بن إسحاق
ضعيف ومندل قال بن حبان كان يرفع المراسيل ويسند الموقوفات من سوء حفظه
فلما فحش ذلك منه استحق الترك انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن
388

شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مال اليتيم زكاة قال
الدارقطني العرزمي ضعيف وقال صاحب التنقيح هذه الطرق الثلاثة ضعيفة
لا يقوم بها حجة انتهى وقال بن حبان لا يجوز الاحتجاج عندي بما رواه عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده لان هذا الاسناد لا يخلو من إرسال أو انقطاع وكلامهما
لا يقوم به حجة فان عمرو بن شعيب بن محمد عبد الله بن عمرو بن العاص فإذا
روى عن أبيه عن جده فأراد بجده محمدا فمحمد لا صحبة له وإن أراد عبد الله
فشعيب لم يلق عبد الله قال بن الجوزي في التحقيق الناس لا يختلفون في توثيق
عمرو بن شعيب قال بن راهويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كأيوب عن
نافع عن بن عمر وقال البخاري رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله وابن
راهويه الحميدي يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه فمن الناس بعدهم
واما قول بن حبان لم يصح سماع شعيب من جده عبد الله فقال الدارقطني هو
خطأ وقد روى عبيد الله بن عمر العمري وهو من الأئمة العدول عن عمرو بن
شعيب عن أبيه قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في
مسألة فقال يا شعيب امض معه إلى بن عباس فقد صح بهذا سماع شعيب من
جده عبد الله وقد أثبت سماعه منه أحمد بن حنبل وغيره وقال الدارقطني جده
الأدنى محمد ولم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجده الاعلى عمرو بن العاص ولم يدركه
شعيب وجده الأوسط عبد الله وقد أدركه فإذا لم يسم جده احتمل ان يكون
محمدا واحتمل ان يكون عمروا فيكون في الحالين مرسلا واحتمل ان يكون
عبد الله الذي أدركه فلا يصح الحديث ولا يسلم من الارسال إلا أن يقول فيه عن
جده عبد الله بن عمرو قال بن الجوزي رحمه الله وهذا الحديث قد سمى فيه جده
عبد الله فسلم من الارسال على أن المرسل عندنا حجة انتهى وقال الحاكم في
كتاب البيوع من المستدرك لم أزل اطلب الحجة الظاهرة في سماع شعيب بن
محمد من عبد الله بن عمرو فلم أقدر عليها
389

حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا
الفرات بن محمد القيرواني ثنا شجرة بن عيسى المغافري عن عبد الملك بن أبي كريمة
عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة انتهى قال الطبراني لا يروى هذا
الحديث عن أنس إلا بهذا الاسناد انتهى
الآثار أخرج الدارقطني عن يزيد بن هارون ثنا أشعث عن حبيب بن أبي ثابت عن
صلت المكي عن بن أبي رافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقطع أبا رافع أرضا فلما مات أبو رافع
باعها عمر رضي الله عنه بثمانين ألفا فدفعها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فكان يزكيها فلما قبضها ولد أبي رافع عدوا مالهم فوجدوها ناقصة فسألوا عليا
فقال أحسبتم زكاتها قالوا لا فحسبوا زكاتها فوجدوها سواء فقال علي
أكنتم ترون أنه يكون عندي مال لا أزكيه انتهى قال البيهقي ورواه حسن بن
صالح وجرير بن عبد الحميد عن أشعث وقالا عن أبي رافع وهو الصواب
انتهى
حديث آخر قال الشافعي أنبأ مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ه قال
كانت عائشة تليني وأخا لي يتيما في حجرها وكانت تخرج من أموالنا الزكاة
ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ كما تراه قاله الشافعي رضي الله عنه
وحدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن بن عمر انه كان يزكي مال اليتيم انتهى
حديث اخر وأخرج الدارقطني عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد
بن المسيب ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها
390

الزكاة قال البيهقي إسناده صحيح وله شواهد عن عمر ثم أسند عن يزيد بن
هارون ثنا شعبة عن حميد بن هلال قال سمعت أبا محجن أو بن محجن
وكان خادما لعثمان بن أبي العاص قال قدم عثمان بن أبي العاص على عمر بن
الخطاب فقال له عمر كيف متجر أرضك فان عندي مال يتيم قد كادت الزكاة
تفنيه قال فدفعه إليه قال ورواه معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر
وكلاهما محفوظ ورواه الشافعي رضي الله عنه من حديث عمرو بن دينار وابن
سيرين عن عمر مرسلا والله أعلم
حديث آخر رواه عبد الرزاق ثنا بن جريج عن أبي الزبير سمع جابر بن عبد الله
يقول في الذي يلي اليتيم قال يعطى زكاته انتهى
أحاديث الأصحاب أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن حماد عن حماد
عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن
ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل
ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط المسلم وحماد الأول هو حماد بن
سلمة وحماد الثاني هو بن أبي سليمان وقد روى له مسلم مقرونا بغيره ووثقه
بن معين والنسائي والعجلي وغيرهم وتكلم فيه الأعمش ومحمد بن سعد
وغيرهما وقد روى من حديث عائشة قال بن الجوزي والجواب ان المراد قلم
الاثم أو قلم الأداء انتهى وبقية الكلام عليه في كتاب الحجر
الآثار أخرج البيهقي عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن بن مسعود قال
من ولي مال اليتيم فليحص عليه السنين وإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة
فان شاء زكى وان شاء ترك انتهى قال البيهقي وهذا اثر ضعيف قال مجاهدا
لم يلق بن مسعود فهو منقطع وليث بن أبي سليم ضعيف عند أهل الحديث قال
391

وروى عن بن عباس الا انه ينفرد بإسناده بن لهيعة وهو لا يحتج به انتهى
وهذا الأثر رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة حدثنا
ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن بن مسعود رضي الله عنهم قال ليس في مال اليتيم
زكاة انتهى قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان من العباد يعني ليث بن
أبي سليم لكن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به فكان يقلب
الأسانيد ويرفع المراسيل تركه يحيى بن القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل
ويحيى بن معين انتهى
واعلم أن بن حبان ترجم عليه ليث بن أبي سليم بن زنيم الليثي وتعقبه الشيخ
زكي الدين المنذري في حاشيته بخطه فقال ليث بن أبي سليم ليس هو بن زنيم
الليثي فرقهما إمام أهل الحديث البخاري في ترجمتين وكذلك بن أبي حاتم
والعقيلي وابن عدي في كتبهم وابن أبي سليم قرشي مولاهم والليثي إنما هو
بن زنيم انتهى كلامه نقلته من خطه والله أعلم
قوله روى عن علي رضي الله عنه أنه قال لا زكاة في مال الضمار قلت
392

غريب وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال في باب الصدقة
حدثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن الحسن البصري رضي الله عنه قال إذا
حضر الوقت الذي يؤدي فيه الرجل زكاته أدى عن كل مال وعن كل دين إلا ما كان
منه ضمارا لا يرجوه انتهى وروى مالك رضي الله عنه في الموطأ عن أيوب بن
393

أبي تميمة السختياني ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما كتب في مال قبضه بعض
الولاة ظلما فأمر برده إلى أهله وتؤخذ زكاته لما مضى من السنين ثم عقب بعد
ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة سنة واحدة فإنه كان ضمارا قال مالك رضي
الله عنه الضمار المحبوس عن صاحبه انتهى قال الشيخ رحمه الله في الامام
فيه انقطاع بين أيوب وعمر
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن
عمرو بن ميمون قال اخذ الوليد بن عبد الملك مال رجل من أهل الرقة يقال له
أبو عائشة عشرين ألفا فألقاها في بيت المال فلما ولى عمر بن عبد العزيز أتاه ولده
فرفعوا مظلمتهم إليه فكتب إلى ميمون ان ادفعوا إليهم أموالهم وخذوا زكاة عامهم
هذا فإنه لولا أنه كان مالا ضمارا أخذنا منه زكاة ما مضى انتهى أخبرنا أبو أسامة
عن هشام عن الحسن قال عليه زكاة ذلك العام انتهى
باب صدقة السوائم
فصل في الإبل
الحديث الرابع قال المصنف رحمه الله بهذا اشتهرت كتب الصدقات من
394

رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت منها كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه لانس بن مالك
رواه البخاري في صحيحه وفرقه في ثلاثة أبواب متوالية عن ثمامة ان أنسا حدثه
ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين بسم الله
الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر
الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين فليعطها على وجهها ومن سئل فوقه فلا
يعطى في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس ذود شاة فإذا
بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإذا بلغت ستة
وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين
ففيها حقة طروقة الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة
فإذا بلغت يعني ستة وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا بلغت إحدى
وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل إذا زادت على عشرين
ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة ومن لم يكن معه إلا أربع
من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها
شاة وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت
على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث
شياه فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة
عن أربعين شاة واحدة فليس فها صدقة إلا أن يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر
فإذا لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها انتهى
وفي الباب الثاني عن ثمامة ان أنسا حدثه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له
395

فريضة الصدقة التي أمر الله ورسوله من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست
عنده جذعة وعنده حقه فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له
أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة
فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده
صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطى شاتين أو
عشرين درهما ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة
ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست
عنده وعنده بنت محاض فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطى معها عشرين درهما
أو شاتين انتهى ح)
وفي الباب الثالث عن ثمامة ان أنسا حدثه ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي
أمر الله ورسوله فلا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء
المصدق انتهى ورواه أبو داود في سننه حديثا واحدا وزاد فيه وما كان من
خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ولكن أسنده عن حماد بن سلمة قال
أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا زعم أن أبا بكر رضي الله عنه كتبه
لانس فذكره وهذا للفظ ظاهره الانقطاع قال البيهقي في المعرفة هو
حديث صحيح موصول إلا أن بعض الرواة قصر به فرواه كذلك يعنى سند أبي
داود ثم إن بعض من يدعى معرفة الآثار تعلق عليه وقال هذا منقطع وأنتم
لا تثبتون المنقطع وإنما وصله عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس وأنتم لا تجعلون بن
المثنى حجة ولم يعلم أن يونس بن محمد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة عن
ثمامة عن أنس ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له وقد أخرجناه في كتاب السنن
وكذلك رواه سريح بن النعمان عن حماد بن سلمة به ورواه إسحاق بن راهويه وهو
امام عن النضر بن شميل وهو أتقن أصحاب حماد ثنا حماد بن سلمة به ثم
396

أخرجه كذلك قال ولا نعلم من الحفاظ أحدا استقصى في انتقاد الرواه ما استقصاه
محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنهما مع إمامته في معرفة علل الأحاديث
وأسانيدها وهو قد اعتمد فيه على حديث بن المثنى فأخرجه في صحيحه
وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة انتهى كلامه
ومنها كتاب عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة
واللفظ للترمذي عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه فلما قبض
عمل به أبو بكر حتى قبض وعمر حتى قبض وكان فيه في خمس من الإبل شاة
وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي
خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس
وأربعين فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين فإذا زادت فجذعة إلى خمس وسبعين فإذا
زادت ففيها بنت لبون إلى تسعين فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة فإذا
زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون وفي
الشاة في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت فشاتان إلى مائتين فإذا
زادت فثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة فإذا زادت على ثلاثمائة شاة ففي كل مائة شاة
شاة ثم ليس فيها شئ حتى يبلغ مائة ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع
مخافة الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية ولا يؤخذ في الصدقة
هرمة ولا ذات عيب وقال الزهري إذا جاء المصدق قسم الشاة أثلاثا ثلث خيار
وثلث أوساط وثلث شرار وأخذ المصدق من الوسط ولم يذكر الزهري البقر
انتهى وقال حديث حسن وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن
سالم هذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين انتهى قال
المنذري وسفيان بن حسين أخرج له مسلم واستشهد به البخاري إلا أن حديثه عن
397

الزهري فيه مقال وقد تابع سفيان بن حسين على رفعه سليمان بن كثير وهو ممن
اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه وقال الترمذي في كتاب العلل
سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال أرجو أن يكون محفوظا وسفيان
بن حسين صدوق انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في
مستدركه وقال سفيان بن حسين وثقه يحيى بن معين وهو أحد أئمة الحديث إلا
أن الشيخين لم يخرجا له وله شاهد صحيح وإن كان فيه إرسال ثم أخرج
حديث عبد الله بن المبارك وسيأتي وزاد فيه بن ماجة بعد قوله وفي خمس
وعشرين بنت مخاض فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر واختصر منه
الغنم إلى آخر الحديث وزاد فيه أبو داود زيادة من طريق بن المبارك عن يونس بن
يزيد عن بن شهاب قال هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه في الصدقة
وهي عند آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بن شهاب أقرأنيها سالم بن عبد الله
بن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن
عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر فذكر الحديث قال فإذا كانت إحدى
وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة فإذا كانت
ثلاثين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وثلاثين ومائة فإذا كانت أربعين
ومائة ففيها حقتان وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وأربعين ومائة فإذا كانت خمسين
ومائة ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعا وخمسين ومائة فإذا كانت ستين ومائة
ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعا وستين ومائة فإذا كانت سبعين ومائة ففيها
ثلاث بنات لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وسبعين ومائة فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها
حقتان وابنتا لبون حتى تبلغ تسعا وثمانين ومائة فإذا كانت تسعين ومائة ففيها
ثلاثا حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وتسعين ومائة فإذا بلغت مائتين ففيها أربع
398

حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت أخذت وفي سائمة الغنم فذكر
حديث سفيان بن حسين وهذا مرسل كما أشار إليه الترمذي قال مالك رضي الله
عنه في الموطأ ومعنى لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين إذا
كان لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فإذا أظلهما فرقا
غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة قال فهذا الذي سمعت في ذلك
انتهى كلامه وسفيان بن حسين روى له مسلم في مقدمة كتابه وتكلم الحفاظ
في روايته عن الزهري قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه ليس بذاك في حديثه عن
الزهري وقال بن معين رحمه الله هو ثقة ولكنه ضعيف في الزهري وقال
النسائي ليس به بأس إلا في الزهري وقال بن عدي هو في غير الزهري صالح
الحديث وفي الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس قال وقد وافق سفيان ين حسين
على رفعه سليمان بن كثير أخو محمد بن كثير حدثناه بن صاعد عن يعقوب الدورقي
عن عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن كثير بذلك وقد رواه جماعة عن الزهري
عن سالم عن أبيه فوقفوه وسفيان بن حسين وسليمان بن كثير رفعاه انتهى
ومنها كتاب عمرو بن حزم أخرجه النسائي في الديات وأبو داود في
مراسيله النسائي عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري ثم أخرجه
عن يحيى عن سليمان بن أرقم عن الزهري به وقال هذا أشبه بالصواب وسليمان بن
أرقم متروك الحديث انتهى وأبو داود في مراسيله عن سليمان بن أرقم
عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو
بن حزم فقرئت على أهل اليمن وهذه نسختها بسم الله الرحمن الرحيم من
محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان
399

أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله عز وجل
على المؤمنين من العشر في العقار وما سقت السماء وكان سيحا أو كان بعلا فيه
العشر إذا بلغ خمسة أوسق وما سقى بالرشا والدالية ففيه نصف العشر وفي كل
خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا وعشرين فإذا زادت واحدة على أربع
وعشرين ففيها بنت مخاض فإن لم توجد ابنة مخاض فابن لبون ذكر إلى أن يبلغ
خمسا وثلاثين فان زادت على خمس وثلاثين واحدة ففيها ابنت لبون إلى أن تبلغ
خمسا وأربعين فان زادت واحدة ففيها حقة طروقة الجمل إلى أن تبلغ ستين فان
زادت على ستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا وسبعين فان زادت واحدة
على خمس وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين فان زادت واحدة ففيها
حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة فما زادت على عشرين ومائة ففي
كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل وفي كل ثلاثين باقورة
تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين باقورة بقرة وفي كل أربعين شاة سائمة
شاة إلى أن تبلغ عشرين ومائة فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة ففيها شاتان
إلى أن تبلغ مائتين فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة فان
زادت ففي كل مائة شاة شاة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا عجفاء ولا ذات
عوار ولا تيس الغنم ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة
وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما وبالسوية وفي كل خمس أواق من
الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم وليس فيما دون خمس
أواق شئ وفي كل أربعين دينارا دينار والصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته إنما هي
الزكاة تزكى بها أنفسهم في فقراء المؤمنين وفي سبيل الله وليس في رقيق ولا مزرعة
ولا عمالها شئ إذا كانت تؤدي صدقتها من العشر وانه ليس في عبد مسلم ولا
فرسه شئ وكان في الكتاب إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الاشراك بالله
وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار في سبيل الله يوم الزحف وعقوق الوالدين
ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وأن العمرة الحج
الأصغر ولا يمس القرآن إلا طاهر ولا طلاق قبل إملاك ولا عتاق حتى يبتاع ولا
يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد ولا يصلين أحدكم عاقصا شعره وكان في
الكتاب أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن
في النفس الدية مائة من الإبل وفي الانف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية
400

وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي
العينين الدية والرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة
ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل إصبع من أصابع اليد أو
الرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل
وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار انتهى قال النسائي
وسليمان بن أرقم متروك انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أنبأ معمر عن عبد
الله بن أبي بكر به وعن عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه وأخرجه الدارقطني
أيضا عن إسماعيل بن عياش بن يحيى بن سعيد عن أبي بكر به ورواه كذلك بن حبان
في صحيحه في النوع السابع والثلاثين من القسم الخامس والحاكم في
المستدرك كلاهما عن سليمان بن داود حدثني الزهري به قال الحاكم إسناده
صحيح وهو من قواعد الاسلام انتهى وقال بن الجوزي رحمه الله في
التحقيق قال أحمد بن حنبل رضي الله عنهما كتاب عمرو بن حزم في الصدقات
صحيح قال وأحمد يشير بالصحة إلى هذه الرواية لا لغيرها لما سيأتي وقال
بعض الحفاظ من المتأخرين ونسخة كتاب عمرو بن حزم تلقاها الأئمة الأربعة بالقبول
وهي متوارثة كنسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهي دائرة على سليمان بن
أرقم وسليمان بن أبي داود الخولاني عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم عن أبيه عن جده وكلاهما ضعيف بل المرجح في روايتهما سليمان بن أرقم
وهو متروك لكن قال الشافعي رضي الله عنه في الرسالة لم يقبلوه حتى ثبت
عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحمد رضي الله عنه أرجو أن يكون هذا
الحديث صحيحا وقال يعقوب بن سفيان الفسوي لا أعلم في جميع الكتب المنقولة
أصح منه كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم انتهى
ورواه البيهقي في سننه بسند بن حبان ثم قال وقد أثنى جماعة من الحفاظ على
سليمان بن داود الخولاني منهم أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان
وعثمان بن سعيد الدارمي وابن عدي الحافظ قال وحديثه هذا يوافق رواية من رواه
مرسلا ويوافق رواية من رواه من جهة أنس بن مالك وغيره موصولا انتهى
401

ومنها كتاب زياد بن لبيد إلى حضر موت رواه الواقدي في كتاب الردة
فقال حدثنا محمد بن عبد الله بن كثير عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم
قال لما قدم وفد كندة مسلمين أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى وليعة من كندة أطعمة
من ثمار حضر موت وجعل على أهل حضر موت نقلها إليهم وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك كتابا وأقاموا أياما ثم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث عليهم رجلا منهم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزياد بن لبيد البياضي الأنصاري سر مع هؤلاء القوم فقد
استعملتك عليهم فسار زياد معهم عاملا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على حضر موت على
صدقاتها الخف والماشية والثمار والكراع والعشور فقال زياد يا رسول الله
بأبي أنت وأمي أكتب لي كتابا لا أعدوه إلى غيره ولا أقصر دونه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب فكتب له بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول
الله في الصدقات فمن سئلها على وجهها فليعطها في كل أربعين شاة سائمة
شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت شاة ففيها
ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة فإذا زادت ففي كل مائة شاة شاة وفيما دون
خمس وعشرين من الإبل السوائم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين
ففيها بنت مخاض فإذا لم يوجد بنت مخاض ففيها بن لبون ذكر إلى أن تبلغ ستا
وثلاثين فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى أن تبلغ ستا وأربعين فإذا
بلغت ففيها حقة إلى أن تبلغ ستين فإذا كانت إحدى وستين ففيها جذعة إلى أن
تبلغ خمسا وسبعين فإذا كانت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين فإذا
كانت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة فإذا
زادت ففي كل أربعين لبون وفي كل خمسين حقة لا يفرق بين مجتمع
ولا يجمع بين متفرق وفي صدقة البقر في كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو
جذعة وفي كل أربعين مسنة وفيما سقت السماء وسقى بالنيل العشر وفيما سقى
بالغرب نصف العشر من النخل والعنب إذا بلغ خمسة أو سق وإذا بلغت رقة
أحدكم خمس أواق ففيها ربع العشر انتهى
الحديث الخامس روى أن النبي عليه السلام كتب إذا زادت الإبل على مائة
402

وعشرين ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون من غير شرط عود
ما دونها قلت تقدم في كتاب أبي بكر لانس أخرجه البخاري وفيه فإذا
بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان فإذا زادت على عشرين
ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة الحديث
وأحمد مع الشافعي في أن الفريضة لا تستأنف بعد المائة وعشرين بل تستقر على
حالها في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وعن مالك روايتان
إحداهما كمذهبنا أنه يستأنف والأخرى كالشافعي
الحديث السادس روى أن النبي عليه السلام كتب في كتاب عمرو بن حزم فما
كان أقل من ذلك ففي كل خمس ذود شاة قلت روى أبو داود في المراسيل
وإسحاق بن راهويه في مسنده والطحاوي في مشكلة عن حماد بن سلمة
قلت لقيس بن سعد خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتابا أخبر أنه
أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لجده فقرأته فكان
فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل فقص الحديث إلى أن يبلغ عشرين ومائة فإذا
كانت أكثر من عشرين ومائة فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل وما كان أقل من خمس
403

وعشرين ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة قال بن الجوزي رحمه الله في
التحقيق هذا حديث مرسل قال هبة الله الطبري هذا الكتاب صحيفة ليس
بسماع ولا يعرف أهل المدينة كلهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا رواها
الزهري وابن المبارك وأبو أويس كلهم عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم
عن أبيه عن جده مثل قولنا ثم لو تعارضت الروايتان عن عمرو بن حزم بقيت روايتنا
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي في الصحيح وبها عمل الخلفاء الأربعة
وقال البيهقي هذا حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي عليه السلام وقيس
بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمة أخذه عن كتاب لا عن
سماع وقيس بن سعد وحماد بن سلمة وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه
تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم وغيره وحماد بن سلمة ساء حفظه
في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما ينفرد به وخاصة عن
قيس بن سعد وأمثاله وهذا الحديث قد جمع الامرين مع ما فيه من الانقطاع والله
أعلم وقال في المعرفة الحفاظ مثل يحيى القطان وغيره يضعفون رواية حماد
عن قيس بن سعد ثم أسند عن أحمد بن حنبل قال ضاع كتاب حماد بن سلمة عن
قيس بن سعد فكان يحدثهم من حفظ ثم أسند عن بن المديني نحو ذلك قال
البيهقي ويدل على خطأ هذه الرواية أن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم رواه عن
أبيه عن جده بخلافه وأبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري رواه بخلافه
والزهري مع فضل حفظه رواه بخلافه في رواية سليمان بن داود الخولاني عنه
موصولا وفي رواية غيره مرسلا وإذا كان حديث حماد عن قيس مرسلا
ومنقطعا وقد خالفه عدد وفيهم ولد الرجل والكتاب بالمدينة بأيديهم يتوارثونه
بينهم وأمر به عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فنسخ له فوجد مخالفا لما رواه حماد
عن قيس موافقا لما في كتاب أبي بكر وما في كتاب عمر وكتاب أبي بكر في
الصحيح وكتاب عمر أسنده سفيان بن حسين وسليمان بن كثير عن الزهري عن
404

سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتبه عمر عن رأيه إذ لا مدخل للرأي فيه وعمل
به وأمر عماله فعملوا به وأصحاب النبي عليه السلام متوافرون وأقرأ ابنه عبد الله بن
عمر وأقرأه عبد الله ابنه سالما ومولاه نافعا وكان عندهم حتى قرأه مالك بن أنس
أفما يدلك ذلك كله على خطا هذه الرواية انتهى
الآثار أخرج الطحاوي عن خصيف عن أبي عبيدة وزياد بن أبي مريم عن بن
مسعود قال فإذا بلغت العشرين ومائة استقبلت الفريضة بالغنم في كل خمس شاة
فإذا بلغت خمسا وعشرين ففرائض الإبل واعترضه البيهقي بأنه موقوف
ومنقطع بين أبي عبيدة وزياد وبين بن مسعود قال وخصيف غير محتج به
انتهى وأخرج عن إبراهيم النخعي نحوه
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان
عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال إذا زادت الإبل
على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة انتهى حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن
منصور عن إبراهيم مثله قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ الوجه الثامن
عشر من الترجيحات أن يكون أحد الحديثين قد اختلفت الرواية فيه والثاني لم يختلف
فيه فيقدم الذي لم يختلف فيه وذلك نحو ما رواه أنس بن مالك في زكاة الإبل إذا
زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة وهو
حديث مخرج في الصحيح من رواية ثمامة عن أنس ورواه عن ثمامة ابنه عبد الله
وحماد بن سلمة ورواه عنهما جماعة كلهم قد اتفقوا عليه من غير اختلاف بينهم
وروى عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الإبل إذا زادت على
عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم
ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه قال إذا زادت الإبل
على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون موافقا لحديث
أنس فحديث أنس لم تختلف الرواية فيه وحديث علي رضي الله عنه اختلفت
405

الرواية فيه كما ترى فالمصير إلى حديث أنس رضي الله عنه أولى للمعنى الذي
ذكرناه على أن كثيرا من الحفاظ أحالوا الغلط في حديث علي على عاصم وإذا
تقابلت حجتان فما سلم منهما من المعارض كان أولى كالبينات إذا تقابلت فان
الحكم فيها كذلك انتهى
فصل في البقر
الحديث السابع روى أنه عليه السلام أمر معاذا رضي الله عنه أن يأخذ من كل
ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة قلت أخرجه أصحاب السنن
الأربعة عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما وجه إلى اليمن أمره أن
يأخذ من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم يعنى
406

محتلما دينارا أو عدله من المعافر ثياب تكون باليمن انتهى قال الترمذي
حديث حسن وقد رواه بعضهم مرسلا لم يذكر فيه معاذا وهذا أصح انتهى
وليس عند بن ماجة ذكر الحالم وسيأتي بيانه في باب الجزية إن شاء الله تعالى
ورواه بن حبان في صحيحه مسندا في النوع الحادي والعشرين من القسم الأول
والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
انتهى والمرسل الذي أشار إليه الترمذي رواه بن أبي شيبة بسنده عن مسروق
قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فذكره ورواه أحمد وأبو يعلى
الموصلي والبزار في مسانيدهم في أحكامه فقال مسروق
لم يلق معاذا ذكره أبو عمر وغيره انتهى قال كتابه أن
يكون تصحيف عليه أبو محمد بأبي عمر إذ لا يعرف لأبي عمر إلا
وأما أبو محمد بن حزم فإنه رماه بالانقطاع أولا ثم رجع في آخر كلامه وهذا نص
كلامهما قال أبو عمر في التمهيد في باب حميد بن قيس وقد روى هذا الخبر
عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت ذكره عبد الرزاق ثنا معمر والثوري عن
الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثه النبي عليه السلام إلى
اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة الحديث وقال في الاستذكار في باب
صدقة الماشية ولا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا
وأن النصاب المجمع عليه فيها وحديث طاوس هذا عن معاذ غير متصل والحديث عن
معاذ ثابت متصل من رواية معمر والثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن
معاذ بمعنى حديث مالك فهذا نص آخر أما بن حزم فإنه قال أول كلامه إنه
منقطع وإن مسروقا لم يلق معاذا ثم استدركه في آخر المسألة فقال وجدنا
حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر ومسروق بلا شك عندنا
407

أدرك معاذا بسنه وعقله وشاهد أحكامه يقينا وأفتى في أيام عمر وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم
وهو رجل كان باليمن أيام معاذ بنقل الكافة من أهل بلده كذلك عن معاذ في أخذه
لذلك عن عهد النبي عليه السلام عن الكافة انتهى كلام بن حزم قال بن القطان
ولا أقول إن مسروق سمع من معاذ إنما أقول إنه يجب على أصولهم أن يحكم
بحديثه عن معاذ رضي الله عنه بحكم حديث المتعاصرين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء
بينهما فان الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال عند الجمهور وشرط البخاري وابن
المديني أن يعلم اجتماعهما ولو مرة واحدة فهما إذا لم يعلما لقاء أحدهما للآخر لا
يقولان في حديث أحدهما عن الآخر منقطع إنما يقولان لم يثبت سماع فلان من
فلان فإذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان أحدهما أنه محمول على الاتصال
والآخر أن يقال لم يعلم اتصال ما بينهما فأما الثالث وهو أنه منقطع فلا انتهى
كلامه بحروفه والحديث له طرق أخرى فمنها عن أبي وائل عن معاذ وهي عند أبي
داود والنسائي ومنها عن إبراهيم النخعي عن معاذ وهي عند النسائي ومنها
عن طاوس عن معاذ وهي في موطأ مالك قال في الامام ورواية إبراهيم
عن معاذ منقطعة بلا شك ورواية طاوس عن معاذ كذلك قال الشافعي وطاوس
عالم بأمر معاذ وإن كان لم يلقه وقال عبد الحق في أحكامه وطاوس لم يلق
معاذا انتهى
أحاديث الباب أخرج الترمذي وابن ماجة عن أبي عبيدة عن عبد الله أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة
انتهى قال الترمذي وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ثم أسند عن عمرو بن مرة
قال سألت أبا عبيدة هل يذكر من عبد الله شيئا قال لا انتهى وقال عبد الحق
في أحكامه ليس في زكاة البقر حديث متفق على صحته انتهى
أحاديث مخالفة لما تقدم روى أبو داود في مراسيله عن معمر قال أعطاني
408

سماك بن الفضل كتابا من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقوقس فإذا فيه وفي البقر مثل ما في
الإبل وأخرج أيضا عن معمر عن الزهري قال في خمس من البقر شاة وفي
عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس
وعشرين بقرة إلى خمس وسبعين ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة فإذا زادة على
عشرين ومائة ففي كل أربعين بقرة قال الزهري وبلغنا أن قول النبي عليه السلام
في كل ثلاثين بقرة تبيع وفي كل أربعين بقرة بقرة أنه كان تخفيفا لأهل اليمن ثم
كان هذا بعد ذلك وروى بن أبي شيبة في المصنف عن عبد الأعلى عن داود
عن عكرمة بن خالد قال استعملت على صدقات عك فلقيت أشياخا ممن صدق
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلفوا على فمنهم
من قال اجعلها مثل صدقة الإبل ومنهم من قال في ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة انتهى ولم يعلها الشيخ في
الامام بغير إرسال والله أعلم
الحديث الثامن قال عليه السلام لمعاذ رضي الله عنه لا تأخذ من أوقاص البقر
شيئا قال المصنف وفسروه يعني الوقص بما بين الأربعين إلى الستين قلت
روى الدارقطني ثم البيهقي في سننهما والبزار في مسنده من حديث بقية عن
المسعودي عن الحكم عن طاوس عن بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى
اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة
قالوا فالأوقاص قال ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بشئ وسأسأله إذا قدمت عليه
فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله فقال ليس فيها شئ قال المسعودي
409

والأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين والأربعين إلى الستين انتهى قال البزار
لا نعلم أحدا أسنده عن بن عباس إلا بقية عن المسعودي وقد رواه الحفاظ عن
الحكم عن طاوس مرسلا ولم يتابع بقية عن المسعودي على هذا أخذ وقد رواه الحسن
بن عمارة أيضا عن الحكم عن طاوس عن بن عباس والحسن بن عمارة متروك انتهى
وهذا السند الذي أشار إليه أخرجه الدارقطني في سننه والله أعلم
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه من طريق
بن وهب عن حياة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن
الحكم أن معاذا قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من
البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين
مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتبعة ومن المائة مسنة وتبيعين
ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة
قال وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا
وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها انتهى قال صاحب التنقيح في التحقيق
هذا حديث فيه إرسال وسلمة بن أسامة ويحيى بن الحكم غير مشهورين ولم
يذكرهما بن أبي حاتم في كتابه انتهى واعترض بعض العلماء على هذين
الحديثين أعني حديث بقية وحديث يحيى بن الحكم بأن معاذا لم يلق النبي عليه
السلام بعد رجوعه من اليمن بل توفى عليه السلام قبل قدوم معاذ من اليمن قالوا
والصحيح ما رواه مالك رضي الله عنه في الموطأ عن حميد بن قيس عن طاوس أن
معاذا أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ومن أربعين بقرة مسنة وأتى بما دون ذلك فأبى أن
يأخذ منه شيئا وقال لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى ألقاه وأسأله فتوفى
النبي عليه السلام قبل أن يقدم معاذ انتهى وأعل هذا بالانقطاع قال عبد الحق
في أحكامه طاوس لم يدرك معاذا انتهى وعن مالك رضي الله عنه رواه الشافعي
في سننه بسنده ومتنه قال الشافعي رضي الله عنه وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن
دينار عن طاوس أن معاذ بن جبل أتى بوقص البقر فقال لم يأمر النبي عليه السلام فيه
410

بشئ قال الشافعي رضي الله عنه وهو ما لم يبلغ الفريضة انتهى قلت ويدل
على صحة ذلك حديث أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن بن
مسعود قال كان معاذ بن جبل رضي الله عنه شابا جميلا حليما سمحا من أفضل
شباب قومه ولم يكن يمسك ولم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين
فلزمه غرماؤه حتى تغيب عنهم أياما في بيته فاستأذنوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في
طلبه فجاء ومعه غرماؤه فطلبوا حقهم فكلمهم النبي عليه السلام فيه فلو ترك أحد
لاحد لترك معاذ من أحل النبي عليه السلام فخلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماله ودفعه
إليهم فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم وقام معاذ بغير شئ فانصرف إلي بنى
سلمة فمكث فيهم أياما ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى اليمن وقال له لعل الله
يجبرك ويؤدي عنك دينك قال فخرج معاذ إلى اليمن فلم يزل بها حتى توفى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع معاذ من اليمن فوافى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمكة
أميرا على الحج استعمله أبو بكر رضي الله عنه التقيا يوم التروية بمني فاعتنقا
وعزى كل واحد منهما صاحبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلسا يتحدثان فرأى عمر مع
معاذ رقيقا فقال له ما هؤلاء قال هؤلاء أهدوا إلي وهؤلاء لأبي بكر فقال له
عمر إني أرى أن تأتي بكلهم إلى أبي بكر قال نعم فلقيه معاذ من الغد فقال له
يا بن الخطاب لقد رأيتني البارحة وأنا أنزو إلى النار وأنت آخذ بحجرتي وما
أراني إلا مطيعك قال فأتى بهم أبا بكر فقال هؤلاء أهدوا إلى وهؤلاء لك
فقال له أبو بكر إنا قد سلمنا لك هديتك فخرج معاذ إلى الصلاة فإذا هم يصلون
خلفه فقال لهم معاذ لمن تصلون قالوا لله قال فأنتم لله فأعتقهم انتهى
قال الحاكم حديث صحيح على شرط الشيخين وأخرج نحوه من حديث كعب بن
مالك وقال فيه أيضا على شرط الشيخين وأخرج نحوه عن جابر وسكت عنه
حديث آخر مرسل رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة معاذ عن أبي
وائل قال استعمل النبي عليه السلام معاذا على اليمن فتوفى واستخلف أبو بكر
ومعاذ باق على اليمن الحديث
411

حديث مخالف لما تقدم رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده فقال حدثنا
عبد الأعلى بن حماد النرسي ثنا عثمان بن عمر ثنا نهاس بن قهم حدثنا القاسم بن عوف
الشيباني عن بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب أن معاذا لما قدم من اليمن سجد للنبي عليه
السلام فقال له النبي عليه السلام يا معاذ ما هذا قال إني لما قدمت اليمن
وجدت اليهود والنصارى يسجدون لعظمائهم وقالوا هذه تحية الأنبياء فقال عليه
السلام كذبوا على أنبيائهم ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن
تسجد لزوجها انتهى فهذا فيه أن معاذا رضي الله عنه رجع من اليمن قبل وفاة
النبي صلى الله عليه وسلم
أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا
محمد بن كثير حدثنا سفيان عن بن أبي ليلى عن الحكم عن رجل عن معاذ بن جبل عن
النبي عليه السلام قال ليس في الأوقاص شئ انتهي ووفقه بن أبي شيبة
في مصنفه فقال حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاوس عن معاذ قال
ليس في الأوقاص شئ انتهى
حديث آخر روى الدارقطني في كتابه المؤتلف والمختلف أخبرنا جعفر بن
أحمد المؤذن فيما أجاز لنا حدثنا السرى بن يحيى أنبأ شعيب ثنا سيف عن سهيل بن
يوسف بن سهيل عن عبيد بن صخر بن لوذان الأنصاري قال عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى عماله علي اليمن في البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة وليس
في الأوقاص شئ انتهى قال الدارقطني والأوقاص ما بين السنين اللذين يجب
فيهما الزكاة انتهى
حديث أخر روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا أبو
الأسود عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة أن معاذ بن جبل قال
412

بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا
ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين
مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتبعة ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرين ومائة ثلاث
مسنات أو أربع أتابيع قال وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ مما بين ذلك شيئا
وقال إن الأوقاص لا فريضة فيها انتهى قال أبو عبيدة والأوقاص ما بين
الفريضتين انتهى ورواه أحمد بن زنجويه في كتاب الأموال حدثنا عبد الله ثنا
بن لهيعة به إلا أنه قال عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا وزاد بعد
قوله من كل ثلاثين تبيعا قال والتبيع جذع أو جذعة قال بن زنجويه وهذا
التفسير من كلامه عليه السلام
قوله وفسروه يعني الوقص بما بين الأربعين إلى الستين قلنا قد قيل إن
المراد منها الصغار قلت تقدم في الأحاديث المذكورة ما فيه كفاية والله أعلم
الحديث التاسع قال عليه السلام في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي
كل أربعين مسن أو مسنة قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن أبي عبيدة عن
عبد الله أن النبي عليه السلام قال في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل
أربعين مسنة انتهى قال الترمذي وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا ثم أسند
413

عن عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا قال لا انتهى
قال بن القطان في كتابه والراوي عن أبي عبيدة هو خصيف واختلف عليه
فرواه عبد السلام بن حرب وهو حافظ عن أبي عبيدة عن عبد الله كذلك ورواه
شريك وهو ممن ساء حفظه عن أبي عبيدة عن أمه عن عبد الله فوصله انتهى
قال في الامام هكذا رواه بن الجارود من هذا الوجه في المنتقى
حديث آخر في علل الدارقطني سئل الدارقطني عن حديث رواه أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أربعين من البقر مسنة وفي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة
فقال هذا يرويه داود بن أبي هند واختلف عنه فرواه أبو أمية الطرسوسي عن
عبيد الله بن موسى عن الثوري عن داود عن الشعبي عن أنس ورفعه وغيره يرويه عن
الثوري عن داود عن الشعبي مرسلا وهو الصواب انتهى وهذا مرسل رواه بن
أبي شيبة عن علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي به
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سوار عن ليث عن مجاهد وطاوس عن بن
عباس مرفوعا ليس في البقر العوامل صدقة ولكن في كل ثلاثين تبيع وفي كل
أربعين مسنة انتهي وسيأتي في العوامل
حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد
عن محمد بن يحيي بن حبان أن نعيم بن سلامة أخبره أن عمر بن عبد العزيز دعا
بصحيفة زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها إلى معاذ رضي الله عنه قال نعيم فقرئت
وأنا حاضر فإذا فيها من كل ثلاثين تبيع جذع أو جذعة ومن كل أربعين بقرة مسنة
انتهى
حديث آخر روى أبو داود في سننه حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير
ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ
حتى يتم مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلى
414

حساب ذلك وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة فإن لم يكن إلا تسع وثلاثون فليس
عليك فيها شئ وساق صدقة الغنم مثل الزهري قال وفي البقر في كل ثلاثين تبيع
وفي الأربعين مسنة وليس على العوامل شئ وفي الإبل فذكر صدقتها كما ذكر
الزهري قال وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم فإذا زادت واحدة ففيها بنت
مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى خمس وثلاثين فإذا زادت
واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة طروقة
الجمل إلى ستين ثم ساق مثل حديث الزهري قال فإذا زادت واحدة يعني واحدة
وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة فإن كانت الإبل أكثر من
ذلك ففي كل خمسين حقة ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية
الصدقة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا إن شاء المصدق
وفي النيات ما سقته الأنهار أو السماء العشر وما سقى بالغرب ففيه نصف العشر
وفي حديث عاصم والحارث الصدقة في كل عام قال زهير أحسبه قال مرة
وفي حديث عاصم إذا لم يكن في الإبل بنت مخاض ولا بن لبون فعشرة دراهم
أو شاتان انتهى بحروفه ورواه الدارقطني في سننه مجزوما به ليس فيه قال
زهير وأحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بن القطان رحمه الله في كتابه إسناده
صحيح وكلهم ثقات ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية عاصم انتهى
كلامه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق به
مرفوعا ولم يشك فيه وفيه من الغريب قوله وفي خمس وعشرين خمسة من
الغنم وكذا قوله إذا لم يكن في الإبل بنت مخاض ولا بن لبون فعشرة دراهم
أو شاتان قال في الامام وقد جاء في خمس وعشرين خمسة من الغنم في
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال
وجدنا في كتاب عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صدقة الإبل في خمس من
الإبل سائمة شاة إلى أن قال وفي خمس وعشرين خمس شياه فإذا زادت واحدة
ففيها بنت مخاض الحديث قال الدارقطني وسليمان بن أرقم ضعيف الحديث
415

فصل في الغنم
الحديث العاشر حديث بيان زكاة الغنم في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتاب أبي
بكر رضي الله عنه قلت تقدم في كتاب أنس وفي كتاب عمر وفي كتاب عمرو
بن حزم
قوله والضأن والمعز فيه سواء لان لفظة الغنم شاملة للكل والنص ورد به
قلت الضمير في به راجع إلي الغنم مذكور في كتاب أنس قال وفي الغنم في
سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة رواه البخاري
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام إنما حقنا الجذعة والثنى قلت
حديث غريب وبمعناه أخرجه أبو داود وابن ماجة في الضحايا عن عاصم بن
كليب عن أبيه قال كنا مع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له مجاشع من يني
سليم فعزت الغنم فأمرنا مناديا فنادى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الجذع يوفى
416

ما يوفى منه الثني انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر ثنا
شعبة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من مزينة أو جهينة قال كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل الأضحى بيوم أو يومين أعطوا جذعين وأخذوا ثنيا
فقال عليه السلام إن الجذعة تجزئ مما تجزئ منه الثنية انتهى ومن طريق أحمد
رواه الحاكم في المستدرك في الضحايا وصححه وعاصم بن كليب أخرج
له مسلم وقال أحمد رضي الله عنه لا بأس بحديثه وقال أبو حاتم صالح وقال
بن المديني لا يحتج به إذا انفرد قاله المنذري
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن زكريا بن
إسحاق حدثني عمرو بن أبي سفيان عن مسلم بن شعبة عن سعر قال جاءني رجلان
مرتدفان فقالا إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتؤتينا صدقة غنمك قلت
وما هي قالا شاة قال فعمدت إلى شاة ممتلئة مخاضا وشحما فقالا هذه شافع
وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعا والشافع التي في بطنها ولدها قلت فأي
شئ تأخذان قالا عناقا جذعة أو ثنية فأخرجت إليهما عناقا فتناولاها
انتهى
حديث آخر رواه مالك في الموطأ من حديث سفيان بن عبد الله أن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه بعثه مصدقا فكان يعد على الناس السخل فقالوا أتعد علينا
السخل ولا تأخذه فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال عمر نعم
نعد عليهم السخلة يحملها الراعي ولا نأخذها ولا نأخذ الأكولة ولا الربى
ولا الماخض ولا فحل الغنم ونأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء الغنم
وخياره انتهى قال النووي رحمه الله سنده صحيح ورواه أبو عبيد القاسم بن
سلام في كتاب الأموال حدثنا إسماعيل بن عباس عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن
417

مكحول أن عمر بن الخطاب قال لسفيان بن عبد الله في صدقة الغنم خذ الجذع
والثنى حدثنا هشام بن إسماعيل عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن سالم بن عبد
الله المحاربي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث مصدقا فأمره أن يأخذ الجذعة
والثنية انتهى قال النووي الغذاء بغين مكسورة وذال معجمة ممدودة وهو
الردئ انتهى
الحديث الثاني عشر روى عن علي موقوفا ومرفوعا لا يؤخذ في الزكاة إلا
الثنى فصاعدا قلت غريب وأخرجه إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث
عن بن عمر قال لا يجزئ في الضحايا إلا الثني فصاعدا انتهى ذكره في باب
ثنا من كتابه
قوله وجواز التضحية عرف نصا يعني التضحية بالجذع قلت أخرجه مسلم
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر
عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن انتهى وفيه أحاديث ستأتي في الأضحية
إن شاء الله تعالى
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام في كل أربعين شاة شاة قلت
تقدم في كتاب عمرو في الشاة في كل أربعين شاة سائمة شاة أخرجه النسائي وابن
حبان والحاكم وروى بن ماجة في سننه من حديث أبي هند الصديق عن نافع
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعين شاة شاة وروى الطبراني في
معجمه الوسط من حديث سلام أبي المنذر ثنا داود بن أبي هند عن أنس أن رسول
418

الله كتب إلى عماله في سنة الصدقات في كل أربعين شاة شاة انتهى وروى
أبو داود من حديث عاصم بن ضمرة والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم إلي أن قال وفي الغنم
في كل أربعين شاة شاة الحديث ورواه الدارقطني مجزوما لم يشك فيه وصححه
بن القطان وقد تقدم في حديث البقر بتمامه
فصل في الخيل
الحديث الرابع عشر قال عليه السلام ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه
صدقة قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عراك بن مالك عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس علي المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة انتهى
بألفاظهم الستة ورواه بن حبان في صحيحه وزاد فيه إلا صدقة الفطر قال بن
حبان فيه دليل على أن العبد لا يملك إذ لم ملك لو جب عليه صدقة الفطر وهذه
الزيادة عند مسلم أيضا ولفظه ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر انتهى
ورواه الدارقطني بلفظ لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا زكاة
الفطر ولهذه الألفاظ فوائد ستأتي في صدقة الفطر
419

حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي النسائي عن أبي عوانة عن أبي
إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة انتهى
قال أبو داود وروى هذا الحديث الأعمش عن أبي إسحاق كما رواه أبو عوانة
ورواه أبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي
عليه السلام قال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال كلاهما عندي
صحيح عن أبي إسحاق يحتمل أن يكون روى عنهما
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أحمد بن الحارث البصري ثنا
الصقر بن حبيب قال سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن بن عباس عن علي بن
أبي طالب أن النبي عليه السلام قال ليس في العوامل صدقة ولا في الجبهة صدقة
قال الصقر الجبهة الخيل والبغال والعبيد وقال أبو عبيد الجبهة الخيل
انتهى والصقر ضعيف قال بن حبان في كتاب الضعفاء ليس هو من كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يعرف بإسناد منقطع فقلبه الصقر علي أبي رجاء وهو يأتي
بالمقلوبات انتهى وأحمد بن الحادث الراوي عن الصقر هو الغساني قال أبو حاتم
الرازي هو متروك الحديث انتهى
حديث آخر روى سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو
بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه إلى أهل اليمن وأنه
ليس في عبد مسلم ولا في فرسه شئ وقد تقدم في كتاب عمرو بن حزم
حديث آخر أخرجه البيهقي عن بقية حدثني أبو معاذ عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عفوت لكم عن
صدقة الجبهة والكسعة والنخعة قال بقية الجبهة الخيل والكسعة البغال
والحمير والنخعة المربيات في البيوت انتهى قال البيهقي وأبو معاذ سليمان بن
أرقم وهو متروك الحديث لا يحتج به مع أنه قد اختلف عليه فيه فقيل عنه هكذا
وقيل عنه عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا نحوه ثم أخرجه كذلك
420

عن عبيد الله بن يزيد عن سليمان بن أرقم به ورواه كثير بن زياد أبو سهل عن
الحسن عن النبي عليه السلام مرسلا أخرجه أبو داود في المراسيل
قوله وتأويله فرس الغازي هو المنقول عن زيد بن ثابت قلت غريب
وذكره أبو زيد الدبوسي في كتاب الاسرار فقال إن زيد بن ثابت لما بلغه حديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد فرس الغازي قال
ومثل هذا لا يعرف بالرأي فثبت أنه مرفوع انتهى وروي أبو أحمد بن زنجويه في
كتاب الأموال حدثنا علي بن الحسن ثنا سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أنه
قال سألت بن عباس عن الخيل أفيها صدقة فقال ليس علي فرس الغازي في سبيل
الله صدقة انتهى
الحديث الخامس عشر قال عليه السلام في كل فرس سائمة دينار أو عشرة
دراهم قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن الليث بن حماد
الإصطخري حدثنا أبو يوسف عن غورك بن الخضرم أبي عبد الله عن جعفر بن محمد
عن أبيه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيل السائمة في كل فرس دينار
انتهى قال الدارقطني تفرد به غورك وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء
انتهى وقال البيهقي ولو كان هذا الحديث صحيحا عند أبي يوسف لم يخالفه
انتهى وقال بن القطان في كتابه وأبو يوسف هذا هو أبو يوسف يعقوب
القاضي وهو مجهول عندهم انتهى وفيه شئ فقد وثقه بن حبان وغيره
واستدل لنا بن الجوزي في التحقيق بحديث أخرجاه في الصحيحين عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الخيل فقال ورجل ربطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس
حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي لذلك ستر وجوابه من وجهين
421

أحدهما أن حقها إعادتها وحمل المنقطعين عليها فيكون ذلك علي وجه الندب
والثاني أن يكون واجبا ثم نسخ بدليل قوله قد عفوت لكم عن صدقة الخيل إذ
العفو لا يكون إلا عن شئ لازم انتهى كلامه وكذلك استدل به الشيخ في الامام
والحديث في الصحيحين عن أبي صالح عن أبي هريرة في حديث مانع الزكاة بطوله
وفيه الخيل ثلاثة هي لرجل وزر ولرجل ستر ولرجل أجر فأما التي هي له وزر
فرجل ربطها رياء وفخرا وأما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم
ينس حق الله في ظهورها ولا في رقابها وفي لفظ لمسلم في ظهورها ولا بطونها
الحديث
قوله والتخير بين الدينار والتقويم مأثور عن عمر قلت غريب وأخرج
الدارقطني في سننه عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال جاء ناس من أهل
الشام إلى عمر فقالوا إنا قد أصبنا أموالا خيلا ورقيقا وإنا نحب أن تزكيه فقال
ما فعله صاحباي قبلي فأفعل أنا ثم استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أحسن
وسكت على فسأله فقال هو حسن لو لم يكن جزية راتبة يأخذون بها بعدك
فأخذ من الفرس عشرة دراهم ثم أعاده قريبا منه بالسند المذكور والقصة وقال فيه
فوضع على كل فرس دينارا انتهى وروى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب
الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أنه
قال في الخيل السائمة التي يطلب نسلها إن شئت في كل فرس دينارا وعشرة دراهم
وإن شئت فالقيمة فيكون في كل مائتي درهم خمسة دراهم في كل فرس ذكر أو
أنثى وروى عبد الرزاق عن بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن جبير بن يعلى
أخبره أنه سمع يعلى بن أمية يقول ابتاع عبد الرحمن بن أمية أخو يعلى بن أمية من
رجل من أهل اليمن فرسا أنثى بمائة قلوص فندم البائع فلحق بعمر فقال غصبني
يعلى وأخوه فرسا لي فكتب إلى يعلى أن الحق بي فأتاه وأخبره الخبر فقال إن
422

الخيل لتبلغ هذا عندكم ما علمت أن فرسا يبلغ هذا فنأخذ من كل أربعين شاة شاة
ولا نأخذ من الخيل شيئا خذ من كل فرس دينارا فقدر علي الخيل دينارا انتهى
وروى أيضا عن بن جريج أخبرني بن أبي حسين أن بن شهاب أخبره أن عثمان كان
يصدق الخيل وأن السائب بن يزيد أخبره أنه كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل
انتهى قال بن عبد البر وقد روى فيه جويرية عن مالك حديثا صحيحا أخرجه
الدارقطني عن جويرية عن مالك عن الزهري أن السائب بن يزيد أخبره قال رأيت
أبي يقيم الخيل ثم يرفع صدقتها إلى عمر رضي الله عنه انتهى
الحديث السادس عشر قال عليه السلام لم ينزل علي فيهما شئ يعني في
البغال والحمير قلت الحديث في الصحيحين وليس فيه البغال أخرجاه عن
أبي صالح عن أي هريرة وسئل النبي عليه السلام عن الخمر فقال ما نزل على فيها
شئ إلا هذه الآية الجامعة الفاذة من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال
ذرة شرا يره أخرجه البخاري في بدء الخلق قبل باب فضائل الصحابة رضي الله
عنهم وأعاده في تفسير إذا زلزلت وأوله الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل
ستر وعلي رجل وزر إلي آخره وأخرجه مسلم مطولا في الزكاة وهو حديث
مانع الزكاة وأوله ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها الحديث فعزاه
شيخنا علاء الدين مقلدا بغيره لمسلم فقط وكأنهما اعتمدا على ما ذكره البخاري في
الزكاة فإنه ذكر الحديث هناك واختصر منه ذكر الحمر فلذلك قال وأخرج
البخاري بعضه
423

فصل
424

(الحديث السابع عشر قال عليه السلام ليس في الحوامل والعوامل ولا في
البقرة المثيرة صدقة قلت غريب بهذا اللفظ وفي العوامل أحاديث منها ما رواه
أبو داود في سننه من حديث زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمره والحارث
عن علي قال زهير وأحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين
درهما درهم فذكر الحديث وقال فيه وليس على العوامل شئ مختصر
ورواه الدارقطني مجزوما ليس فيه قال زهير وأحسبه قال بن القطان في كتابه
هذا سند صحيح وكل من فيه ثقة معروف ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية
عاصم انتهى كلامه وهذا منه توثيق لعاصم ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق به مرفوعا ووفقه عبد الرزاق في مصنفه
فقال أخبرنا الثوري ومعمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال
ليس في العوامل البقر صدقة
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه في سوار
بن مصعب عن ليث عن مجاهد وطاوس عن بن عباس مرفوعا ليس في البقر
425

العوامل صدقة ورواه بن عدي في الكامل وأعله بسوار ونقل تضعيفه عن
البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة ما يرويه غير محفوظ
انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن غالب ين عبيد الله عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا نحوه وغالب لا يعتمد عليه قال يحيى
ليس بثقة وقال الرازي متروك
حديث في المثيرة رواه الدارقطني في سننه عن بن جريج عن زياد بن
سعيد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنهم أن النبي عليه السلام قال ليس في
المثيرة صدقة انتهى قال البيهقي رحمه الله في إسناده ضعف والصحيح
موقوف انتهى ووقفه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير عن
جابر موقوفا
الحديث الثامن عشر قال عليه السلام لا تأخذوا من حزرات أموال الناس
426

وخذوا من حواشي أموالهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى البيهقي بعضه مرسلا
عن هشام بن عروة عن أبيه عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمصدقه لا تأخذ من حزرات
أنفس الناس شيئا خذ الشارف والبكر وذوات العيب ورواه بن أبي شيبه
حدثنا حفص عن هشام به ورواه أبو داود في المراسيل حدثنا موسي بن إسماعيل
ثنا حماد عن هشام به والشارف الهرمة والبكر الصغير من الإبل يؤدي
ورواه مالك في الموطأ أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن
حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت مر على عمر بن الخطاب بغنم من
الصدقة فرأى منها شاة حاملا ذات ضرع عظيم فقال ما هذه الشاة فقالوا شاة
من الصدقة فقال عمر رضي الله عنه ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا
الناس لا تأخذوا حزرات المسلمين انتهى ومن طريق مالك رواه أبو عبيد القاسم
بن سلام في كتاب الأموال وقال الحزرات هي خيار المال انتهى وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن قيس بن أبي
حازم عن الصنابح الأخمسي قال أبصر النبي عليه السلام ناقة حسنة في إبل الصدقة
فقال ما هذه قال صاحب الصدقة إني ارتجعتها ببعيرين من حواشي الإبل قال
نعم إذا انتهى وفي الباب حديث معاذ رضي الله عنه حين بعثه النبي عليه السلام فإن
هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد
على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وإكرام أموالهم الحديث
وحديث آخر قال أبو داود في سننه قرأت في كتاب عبد الله بن سالم
بحمص عند آل عمرو بن الحارث الحمصي عن الزبيدي قال وأخبرني يحيى بن
جابر عن جبير بن نفير عن عبد الله بن معاوية الغامزي - قيس - من غامزة قيس قال
قال النبي عليه السلام ك ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الايمان من عبد الله وحده
وأنه لا إله إلا الله وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه في كل عام ولم يعط
427

الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن
الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره انتهى ولم يصل أبو داود به سنة
ووصله الطبراني والبزاز وقد ذكرناه في أحاديث الأصول
الحديث التاسع عشر قال عليه السلام في خمس من الإبل شاة وليس في
الزيادة شئ حتى تبلغ عشرا قلت غريب بهذا اللفظ قال بن الجوزي في
التحقيق وروى القاضي أبو يعلى وأبو إسحاق الشيرازي في كتابيهما أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال في خمس من الإبل شاة ولا شئ من الزيادة حتى تبلغ عشرا
انتهى
428

وقوله في خمس من الإبل شاة تقدم في كتاب عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة وكان فيه في خمس من الإبل شاة أخرجه أبو داود
والترمذي وابن ماجة وقد تقدم في كتاب أنس عند البخاري في خمس ذود
شاة
قوله وليس في الزيادة حتى تبلغ عشرا فروى معناه أبو عبيد القاسم بن سالم
حدثنا يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن حزم عن محمد بن
عبد الرحمن الأنصاري أن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب عمر رضي الله عنه في
الصدقات أن الإبل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون العشر شئ يعني
حتى تبلغ ثلاثين ومائة انتهى
قوله وهكذا قال في كل نصاب قلت وقد يستدل لمحمد في قوله إن الزكاة
تجب في النصاب مع العفو بظاهر قوله في كتاب أنس من كل خمس ذود شاة فإذا
بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض الحديث وفي صدقة
الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة الحديث وكذلك في كتاب
عمرو بن حزم ووجه الدليل أنه غير الوجوب إلى النصاب الآخر فدل علي أن
الوجوب الأول منسحب إلي الوجوب الثاني وما بينهما هو العفو
قوله لان الصلح قد جرى على ضعف ما يؤخذ من المسلمين يعني مع بني
429

تغلب قلت أخرج البيهقي رحمه الله عن عبادة بن نعمان التغلبي في حديث طويل
أن عمر رضي الله عنه لما صالحهم يعني نصارى بني تغلب على تضعيف الصدقة
قالوا نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من
بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله عنه لا هذه فرض المسلمين قالوا فزد
ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن تضعف عليهم
الصدقة وفي بعض طرقه سموها ما شئتم وروى أيضا من حديث داود بن
كردوس قال صالح عمر رضي الله عنه بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصدقة
و يمنعوا فيها أحدا أن يسلم ولا أن يغمسوا أولادهم وهذا رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن السفاح بن مطر عن داود بن كردوس
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره وزاد وأن لا ينصروا صغيرا ورواه أبو
عبيد القاسم بن سالم في كتاب الأموال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني به وزاد فيه
من كل عشرين درهما درهم ثم قال حدثنا سعيد بن سليمان عن هشيم ثنا مغيرة عن
السفاح بن المثنى الشيباني عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة أنه سأل عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وكلمه في نصارى بنى تغلب قال وكان عمر رضي الله عنه
قد هم أن يأخذ منهم الجزية فتفرقوا في البلاد فقال النعمان بن زرعة لعمر يا أمير
المؤمنين إن بنى تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية وليست لهم أموال إنما هم
أصحاب حروث ومواشي ولهم نكاية في العدو فلا تعن عدوك عليك بهم قال
فصالحهم عمر رضي الله عنه على أن تضعف عليهم الصدقة واشترط عليهم أن لا
ينصروا أولادهم انتهى ورواه أبو أحمد حميد بن زنجويه النسائي في كتاب
الأموال حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن المغيرة به أن عمر رضي الله عنه أراد
أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية فتفرقوا في البلاد إلى آخره وروى عبد الرزاق
في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا عبد الله بن كثير عن شعبة عن الحكم بن
430

عتيبة قال سمعت إبراهيم النخعي رضي الله عنه يحدث عن زياد بن حدير وكان
زياد يومئذ حيا أن عمر رضي الله عنه بعثه مصدقا فأمره أن يأخذ من نصارى بني
تغلب العشر ومن نصارى العرب نصف العشر انتهى وفي الطبقات لابن
سعد زياد بن حدير الأسدي يروى عن عمر وعلي وطلحة بن عبيد الله رضي الله
عنهم انتهى
باب الزكاة الفضة
الحديث العشرون قال عليه السلام ليس فيما دون خمس أواق صدقة
والوقية أربعون درهما قلت أخرج البخاري ومسلم عن يحيى بن عمارة عن
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون
خمسة ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة انتهى وأخرجه مسلم
عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دن خمسة أو سق من التمر
صدقة انتهى رواه الدارقطني في حديث
وقوله في الكتاب والوقية أربعون درهما يحتمل أن يكون من تمام الحديث
ويحتمل أن يكون من كلام المصنف فإن كان من تمام الحديث فشاهده ما أخرجه
الدارقطني في سننه عن يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ولا زكاة في شئ من الفضة حتى تبلغ خمسة
أواق والأوقية أربعون درهما مختصر ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي
431

قال يحيى في رواية عباس ليس بشئ وقال أبو حاتم سئل ابن المديني عنه فقال
ضعيف وقال أبو حاتم محله الصدق الغالب عليه الغفلة يكتب حديثه
ولا يحتج به قال في الامام وإن كان من كلام المصنف فشاهده ما أخرجه مسلم
في صحيحه عن بن أبي مسلمة قال سألت عائشة زوج النبي عليه السلام
قالت كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا فتلك خمسمائة درهم قلت
ما النش قالت نصف أوقية فهذا صداق رسول لأزواجه انتهى
الحديث الحادي والعشرون روى أن النبي عليه السلام كتب إلى معاذ بن جبل
رضي الله عنه أن خذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم ومن كل عشرين مثقالا من
الذهب نصف مثقال قلت وروى الدارقطني في سننه من حديث عبد الله بن
شبيب عن عبد الجبار بن سعيد حدثني حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن
أبي كثير مولى أبي جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر
معاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلي اليمن أن يأخذ من كل أربعين دينار دينارا
ومن كل مائتي درهم خمسة دراهم وليس فما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما
دون خمس ذود صدقة وليس في الخضروات صدقة انتهى وهو معلول
بعبد الله بن شبيب قال بن حبان في كتاب الضعفاء يقلب الاخبار ويسرقها
ولا يجوز الاحتجاج به وذكر الشيخ هذا الحديث في الامام من جهة عبد الجبار
إلى آخره وهو وثقهم ولم يتعرض لذكر بن شبيب ولا أعل الحديث له
أحاديث الباب حديث أخرجه أبو داود عن زهير عن بن إسحاق عن عاصم بن
ضمرة والحارث عن علي رضي الله عنهما قال زهير أحسبه عن النبي عليه السلام
قال هاتوا ربع العشر ومن كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم
مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فيما زاد فعلى حساب ذلك
انتهى ورواه الدارقطني مخروما ليس فيه أحسبه وصحيح بن القطان وقد تقدم
في زكاة البقر
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن بن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى
432

آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم
وقد تقدم في حديث الحول
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا
ليس في تسعين ومائة من الورق شئ فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني جعفر بن
محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون
مائتي درهم شئ فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم انتهى وهو مرسل جيد
حديث آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا ا لحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن
عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في مائتي درهم شئ
حتى يحول عليها الحول فإذا حال علها الحول ففيها خمسة دراهم وسيأتي بتمامه
في زكاة الذهب
حديث آخر أخرجه أبو محمد الكشي في سننه عن عبيد الله بن زحر عن
علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا ليس في أقل ما مائتي درهم فإذا بلغت
مائتين ففيها خمسة دراهم وهو مسند ضعيف
الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام في حديث علي رضي الله عنه وما زاد على
المائتين فبحسابه قلت أخرجه أبو داود عن بن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي
إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت لك مائتا
433

درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس
عليك شئ يعني في الذهب حتى كون لك عشرون دينارا فإذا كانت لك عشرون
دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك قال ولا أدري
أعلى يقول فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي عليه السلام قال أبو داود رواه شعبة
وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه انتهى وقد تقدم
في أحاديث الحول
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة
والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي عليه السلام أنه قال هاتوا ربع العشور
من كل أربعين درهما وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم
ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلي حساب ذلك الحديث وروى الدارقطني في سننه
مجزوما به ليس فيه أحسبه وقال بن القطان رحمه الله إسناده صحيح وكلهم
ثقات ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية عاصم انتهى كلامه وقد تقدم في
زكاة البقر وأخرجه بن عدي في الكامل عن زيد بن حبان الكوفي عن أبي إسحاق
عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هاتوا ربع العشور
من كل أربعين درهما درهم وما زاد فبحساب ذلك انتهى وليس زيد بن حبان
وقال لا أرى برواياته بأسا انتهى قال عبد الحق في أحكامه وقد أسند قوله
فما زاد فبحساب ذلك زيد بن حبان الرقي وأصله كوفي ثم نقل كلام بن عدي فيه
وأخرجه الدارقطني أيضا عن أيوب بن جابر الحنفي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
مرفوعا بلفظ بن عدي سواء قال الشيخ رحمه الله في الامام وأيوب بن جابر
ضعفه بن معين وأبو حاتم وقال أبو زرعة واه الحديث وأجود ما رأيت فيه قول الإمام أحمد
رضي الله عنه أيوب بن جابر يشبه حديثه حديث أهل الصدق انتهى
وأخرجه البزار في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
434

رضي الله عنه بنحوه والحجاج ليس بحجة وبهذا الاسناد رواه الدارقطني أيضا
وجميع ما تقدم طرق لحديث علي رضي الله عنه
الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن بن
عمر قال في كل مائتي درهم خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك انتهى ورواه بن
أبي شيبة في مصنفه
أثر آخر راوه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة
عن علي نحوه قال عبد الرزاق فبحساب ذلك يقول فيه بعضهم إذا زادت علي
المائتين فكانت زيادتها أربعين درهما ففيها درهم ويقول آخرون فما زاد يعنى إذا
كانت عشرة ففيها ربع درهم انتهى وأخرجه بن أبي شيبة أيضا عن إبراهيم
النخعي وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن سيرين رضي الله عنهم
الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام في حديث معاذ لا تأخذ من
الكسور شيئا قلت روى الدارقطني في سننه من طريق بن إسحاق عن المنهال بن
الجراح عن حبيب بن نجيح عن عبادة بن نسي عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره حين
وجهه إلى اليمن أن لا تأخذ من الكسور شيئا إذا كان الورق مائتي درهم فخذ منها
خمسة دراهم ولا تأخذ مما زاد شيئا حتى تبلغ أربعين درهما فإذا بلغت أربعين فخذ
منها درهما انتهى وهو حديث ضعيف قال الدارقطني المنهال بن الجراح هو أبو
العطون متروك الحديث واسمه الجراح بن المنهال وكان بن إسحاق يقلب اسمه إذا
روى عنه وعبادة بن نسي لم يسمع من معاذ انتهى وقال النسائي المنهال بن
الجراح متروك الحديث وقال بن حبان كان يكذب وقال عبد الحق في أحكامه
كذاب وقال الشيخ في الإمام قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال متروك
الحديث واهية لا يكتب حديثه انتهى وقال البيهقي إسناد هذا الحديث ضعيف
435

جدا الله تبارك وتعالى
الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام في حديث عمرو بن حزم وليس فيما
دون الأربعين صدقة قلت في أحكام عبد الحق وروى أبو أويس عن عبد الله
ومحمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن جدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب
هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين أمره على اليمن وفيه الفضة ليس فيها صدقة حتى
تبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم وفي كل أربعين درهما
درهم وليس فيما دون الأربعين صدقة انتهى ولم يعزه عبد الحق لكتاب وكثيرا ما
يفعل ذلك في أحكامه والموجود في كتاب عمرو بن حزم عند النسائي وابن حبان
والحاكم وغيرهم وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي
كل أربعين درهما درهم ولس فيما دون خمس أواق شئ وقد تقدم بتمامه وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم عن الحسن قال
كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فيما زاد على المائتين ففي كل
أربعين درهما درهم انتهى وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا
يحيى بن بكير عن الليث بن سعد عن يحيى بن أيوب عن حميد عن أنس قال ولاني
عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصدقات فأمرني أن آخذ من كل عشرين دينارا نصف
دينار وما زاد فبلغ أربعة دنانير ففيه درهم وأن آخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم
فما زاد فبلغ أربعين درهما ففيه درهم انتهى
قوله والمعتبر في الدراهم وزن سبعة وهو أن يكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل
436

بذلك جرى التقدير في ديوان عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستقر الامر عليه قلت
روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عبد الملك بن مروان أخبرنا محمد بن عمر
الواقدي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال ضرب عبد الملك بن مروان
الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين وهو أول من أحدث ضربها ونقش عليها
قال الواقدي وحدثنا خالد بن ربيعة بن أبي هلال عن أبيه قال كانت مثاقيل الجاهلية
التي ضرب عليها عبد الملك بن مروان اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي وكانت
العشرة وزن سبعة انتهى وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال في
باب الصدقة وأحكامها كانت الدراهم قبل الاسلام كبارا وصغارا فلما جاء الاسلام
وأرادوا ضرب الدراهم وكانوا يزكونها من النوعين فنظروا إلى الدرهم الكبير فإذا
هو ثمانية دوانيق وإلى الدرهم الصغير فإذا هو أربعة دوانيق فوضعوا زيادة الكبير
على نقصان الصغير فجعلوهما درهمين سواء كل واحد ستة دوانيق ثم اعتبروها
بالمثاقيل ولم يزل المثقال في آباد الدهر محدودا لا يزيد ولا ينقص فوجدوا عشرة من
هذه الدراهم التي واحدها ستة دوانيق يكون وزن سبعة مثاقيل سواء فاجتمعت فيه
وجوه ثلاثة إن العشرة منها وزن سبعة مثاقيل وأنه عدل بين الكبار والصغار وأنه موافق
لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة فمضت سنة الدراهم على هذا واجتمعت عليه الأمة
فلم يختلف أن الد رهم التام ستة دوانيق فما زاد أو نقص قيل فيه زائد أو ناقص
والناس في زكواتهم بحمد الله تعالى على الأصل الذي هو السنة لم يزيغوا عنه
وكذلك في المبايعات والديات على أهل الورق والله أعلم انتهى كلامه ملخصا
محررا
437

فصل في الذهب
قوله فإذا كانت عشرين مثقالا وحال عليها الحول ففيها نصف مثقال لما روينا
قلت يشير إلى حديث معاذ المتقدم في زكاة الفضة وقد قمنا ذكره من جهة
الدارقطني رحمه الله وفيه من كل أربعين دينارا دينار
أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن عبيد الله بن موسي ثنا إبراهيم بن
إسماعيل عن عبد الله بن واقد عن بن عمر وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل
عشرين دينارا نصف دينار ومن الأربعين دينارا دينار انتهى قال الشيخ في
الامام وإبراهيم بن إسماعيل هو بن مجمع وعبد الله بن واقد هو بن عبد الله بن
عمر هكذا رواه الدارقطني ونسبهما في حديثه وابن مجمع قال فيه بن معين لا
شئ وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به فإنه كثير الوهم والله أعلم
438

حديث آخر رواه أبو أحمد بن زنجويه في كتاب الأموال حدثنا أبو نعيم النخعي
ثنا العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
فيما دون مائتي درهم شئ ولا فيما دون عشرين مثقالا من الذهب شئ وفي المائتين
خمسة دراهم وفي عشرين مثقالا ذهبا نصف مثقال انتهى
أحاديث زكاة الحلى فيه أحاديث عامة وأحاديث خاصة فالعامة حديث أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه ليس فيما دون خمس أواق صدقة أخرجاه في
الصحيحين ولمسلم عن جابر نحوه وحديث على هاتوا صدقة الرقة من كل
أربعين درهما درهم رواه أصحاب السنن الأربعة قال بن قتيبة الرقة الفضة
سواء كانت الدراهم أو غيرها نقله بن الجوزي في التحقيق وفي كتاب عمرو بن
حزم ومن كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وفي كل أربعين دينارا دينار رواه
النسائي وابن حبان والحاكم وغير ذلك من الأحاديث المدخولة وقد تقدمت
جميعها وأما الخاصة فمنها حديث أخرجه أبو داود والنسائي عن خالد بن الحارث
عن الحسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي عليه السلام
ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا
قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارا من نار قال
فخلعتهما فألقتهما إلى النبي عليه السلام وقالت هما لله ولرسوله انتهى قال
بن القطان في كتابه إسناده صحيح وقال المنذري في مختصره إسناده لا مقال
فيه فان أبا داود دواه عن أبي كامل الجحدري وحميد بن مسعدة وهما من الثقات
احتج بهما مسلم وخالد بن الحارث إمام فقيه احتج به البخاري ومسلم وكذلك
حسين بن ذكوان المعلم احتجابه في الصحيح ووثقه بن المديني وابن معين وأبو
حاتم وعمرو بن شعيب فهو من قد علم وهذا إسناد تقوم به الحجة إن شاء الله تعالى
انتهى وأخرجه النسائي أيضا عن المعتمد بن سليمان عن حسين المعلم عن عمرو قال
439

جاءت امرأة فذكره مرسلا قال النسائي وخالد أثبت عندنا من معتمد وحديث
معتمر أولى بالصواب انتهى
طريق آخر أخرجه الترمذي عن بن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال أتت امرأتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أيديهما سواران من ذهب فقال لهما أتؤديان
زكاة هذا قالتا لا فقال أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار قالتا لا قال
فأديا زكاته انتهى قال الترمذي ورواه المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب نحو
هذا وابن لهيعة والمثنى بن الصباح يضعفان في الحديث ولا يصح في هذا الباب عن
النبي صلى الله عليه وسلم شئ انتهى قال المنذري لعل الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما
وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيها انتهى وقال بن القطان بعد تصحيحه لحديث أبي
داود وإنما ضعيف الترمذي هذا الحديث لان عنده فيه ضعيفين بن لهيعة والمثنى
بن الصباح انتهى وبسند الترمذي رواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في
مسانيدهم وألفاظهم قال لهما فأديا زكاة هذا الذي في أيديكما وهذا اللفظ
يرفع تأويل من يحمله على أن الزكاة المذكورة فيه شرعية للزيادة فيه على قدر الحاجة
والله أعلم
طريق آخر أخرجه أحمد رضي الله عنه في مسنده عن المثنى بن الصباح عن
عمرو بن شعيب به وهي الطريق التي أشار إليها الترمذي
طريق آخر أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه عن الحجاج بن
أرطاة عن عمرو به والحجاج لا يحتج به
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن إدريس الرازي ثنا عمرو بن
الربيع بن طارق ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمر بن عطاء
أخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال دخلنا على عائشة رضي الله عنها قالت
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من روق فقال ما هذا يا عائشة
440

فقلت صنعتهن أتزين لك بهن يا رسول الله قال أفتؤدين زكاتهن فقلت لا قال
هن حسبك من النار انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن عمرو
بن عطاء به وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأخرجه
الدارقطني في سننه عن محمد بن عطاء به فنسبه إلى جده دون أبيه ثم قال
ومحمد بن عطاء مجهول انتهى قال البيهقي في المعرفة وهو محمد بن عمرو
بن عطاء لكنه لما نسب إلي جده ظن الدارقطني أنه مجهول وليس كذلك انتهى
وتبع الدارقطني في تجهيل محمد بن عطاء عبد الحق في أحكامه وتعقبه بن القطان
فقال إنه لما نسب في سند الدارقطني إلى جده خفي على الدارقطني أمره فجعله
مجهولا وتبعه عبد الحق في ذلك وإنما هو محمد بن عمرو بن عطاء أحد الثقات وقد
جاء مبينا عند أبي داود وبينه شيخه محمد بن إدريس الرازي وهو أبو حاتم الرازي إمام
الجرح والتعديل ورواه أبو نشيط محمد بن هارون عن عمرو بن الربيع كما هو عند
الدارقطني فقال فيه محمد بن عطاء نسبه إلى جده فلا أدري أذلك منه أم من عمرو
بن الربيع انتهى كلامه قال الشيخ في الامام ويحيى بن أيوب أخرج له مسلم
وعبيد الله بن أبي جعفر من رجال الصحيحين وكذلك عبد الله بن شداد والحديث
على شرط مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عتاب بن بشير عن ثابت بن عجلان عن
عطاء عن أم سلمة قالت كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز
هو فقال ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكى فليس بكنز انتهى وأخرجه الحاكم
في المستدرك عن محمد بن مهاجر عن ثابت به وقال صحيح على شرط البخاري
ولم يخرجاه انتهى ولفظه إذا أديت زكاته فليس بكنز وكذلك رواه الدارقطني
441

ثم البيهقي في سننهما قال البيهقي تفرد به ثابت بن عجلان قال في
تنقيح التحقيق وهذا لا يضر فان ثابت بن عجلان روى له البخاري ووثقه بن
معين وقال بن القطان في كتابه روي عن القدماء سعيد بن جبير وعطاء
ومجاهد وابن أبي مليكة ورأي أنس بن مالك قال النسائي فيه ثقة قال أبو حاتم
صالح الحديث وقول عبد الحق فيه لا يحتج به قول لم يقله غيره انتهى كلامه
قال بن الجوزي في التحقيق محمد بن مهاجر قال بن حبان يضع الحديث على
الثقات قال في التنقيح وهذا وهم قبيح فإن محمد بن مهاجر الكذاب ليس
هو هذا فهذا الذي يروي عن ثابت بن عجلان ثقة شامي أخرج له مسلم في
صحيحه ووثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة ودحيم وأبو داود وغيرهم
وقال النسائي ليس به بأس وذكره بن حبان في الثقات وقال كان متقنا وأما محمد
بن مهاجر الكذاب فإنه متأخر في زمان بن معين وعتاب بن بشير وثقه بن معين
وروى له البخاري متابعة انتهى كلامه قال الشيخ رحمه الله في الامام وقول
العقيلي في ثابت بن عجلان لا يتابع على حديثه تحامل منه إذ لا يمس بهذا إلا من ليس
معروفا بالثقة فأما من عرف بالثقة فانفراده لا يضره وكذلك ما نقل عن الإمام أحمد
رضي الله عنه أنه سئل عنه أكان ثقة فسكت إذ لا يدل السكوت على شئ وقد
يكون سكوته لكونه لم يعرف حاله ومن عرف حجة علي من لم يعرف أو لأنه لا
يستحق اسم الثقة عنده فيكون إما صدوقا أو صالحا أو لا بأس به أو غير ذلك من
مصطلحاتهم ولما ذكره بن عدي في كتابه لم يسمه بشئ وقول عبد الحق
أيضا لا يحتج به تحامل أيضا وكم من رجل قد قبل روايته ليسوا مثله والله أعلم
انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده حدثنا علي بن عاصم عن عبد الله بن
عثمان بن خيثم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت دخلت أنا وخالتي
442

على النبي عليه السلام وعلينا أسورة من ذهب فقال لنا أتعطينا زكاته فقلنا لا
قال أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار أديا زكاته انتهى قال بن الجوزي
وعلي بن عاصم رماه يزيد بن هارون بالكذب وعبد الله بن خيثم قال بن معين
أحاديثه ليست بالقوية وشهر بن حوشب قال بن عدي لا يحتج بحديثه وقال بن
حبان كان يروي عن الثقات المعضلات والله أعلم
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن نصر بن مزاحم عن أبي بكر
الهذلي ثنا شعيب بن الحبحاب عن الشعبي قال سمعت فاطمة بنت قيس تقول أتيت
النبي عليه السلام بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب فقلت يا رسول الله خذ منه
الفريضة فأخذ منه مثقالا وثلاثة أرباع مثقال انتهى قال الدارقطني أبو بكر الهذلي
متروك ولم يأت به غيره قال بن الجوزي وقال غندر هو كذاب وقال بن
معين وابن المديني ليس بشئ ونصر بن مزاحم قال أبو خيثم كان كذابا وقال بن
معين ليس حديثه بشئ وقال أبو حاتم متروك الحديث انتهى وفي الإمام قال
أبو حاتم هو لين الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى قلت أخرجه أبو
نعيم الأصفهاني في تاريخ أصفهان في باب الشين عن شيبان بن زكريا عن عباد بن
كثير عن شعيب بن الحبحاب به سواء
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن يحيى بن أبي أنيسة عن حماد عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قلت للنبي علي السلام إن لامرأتي حليا من
ذهب عشرين مثقالا قال فأد زكاته نصف مثقال انتهى ثم أخرجه عن قبيصة
عن علقمة عن عبد الله أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لي حليا وإن زوجي
خفيف ذات اليد أفيجزئ عني أن أجعل زكاة الحلي فيهم قال نعم انتهى قال
الدارقطني والحديثان وهم والصواب عن إبراهيم عن عبد الله مرسل موقوف
انتهى وقال بن القطان في كتابه وروى هذا قبيصة بن عقبة وإن كان رجلا
443

صالحا فإنه يخطئ كثيرا وقد خالفه من أصحاب الثوري من هو أحفظ منه فوقفه
انتهى قال الشيخ في الامام وقبيصة به عقبة مخرج له في الصحيحين وقد
أكثر البخاري عنه في صحيحه والله أعلم
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت
قيس أن النبي عليه السلام قال في الحلى زكاة انتهى قال الدارقطني أبو حمزة
هذا ميمون وهو ضعيف الحديث انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وقال
أحمد هو متروك وقال بن معين ليس بشئ وقال النسائي ليس بثقة انتهى
كلامه قال البيهقي في المعرفة ومن الناس من حمل الزكاة في هذه الأحاديث
على أنه كان حين كان التحلي بالذهب حراما على النساء فلما أبيح لهن سقطت منه
الزكاة قال البيهقي كيف يصح هذا القول من حديث أم سلمة رضي الله عنها
وحديث فاطمة بنت قيس وحديث أسماء وفيها التصريح بلبسه مع الامر بالزكاة
وحديث عائشة رضي الله عنها أيضا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في أيدي فتخات
من ورق إن كان ذكر الورق فيه محفوظا انتهى
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن مساور الوراق عن شعيب
بن يسار قال كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله
عنه أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يزكين حليهن ولا يجعلن الزيادة والهدية
بينهن تقارضا انتهى قال البخاري في تاريخه هو مرسل
أثر آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن بن مسعود قال في الحلى
الزكاة انتهى من طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه
أثر آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان يكتب
444

إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حلى بناته كل سنة ورواه بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن
جرير بن حازم عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو أنه كان يأمر نساءه أن يزكين
حليهن انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن عطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير
وطاوس وعبد الله بن شداد أنهم قالوا في الحلى الزكاة زاد بن شداد حتى في الخاتم
وأخرج عن عطاء أيضا وإبراهيم النخعي أنهم قالوا السنة أن في الحلى الذهب
والفضة الزكاة انتهى
أحاديث الخصوم روى بن الجوزي رحمه الله في التحقيق بسنده عن عافية بن
أيوب عن ليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي عليه السلام قال ليس في
الحلى زكاة انتهى قال البيهقي في المعرفة وما يروي عن عافية بن أيوب عن الليث
عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ليس في الحلى زكاة فباطل لا أصل له إنما يروي عن
جابر من وقوله وعافية بن أيوب مجهول فمن احتج به مرفوعا كان مغررا بذنبه
داخلا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين انتهى وقال الشيخ في
الامام رأيت بخط شيخنا المنذري رحمه الله وعافية بن أيوب لم يبلغني فيه
ما يوجب تضعيفه قال الشيخ ويحتاج من يحتج به إلى ذكر ما يوجب تعديله
انتهى
الآثار روى مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان يحلى بناته وجواريه الذهب ثم
لا يخرج من حليه الزكاة ورواه عبد الرزاق أنبأ عبيد الله عن نافع أن بن عمر
قال لا زكاة في الحلى انتهى
أثر آخر رواه مالك أيضا عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله
عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة انتهى
445

كلاهما في الموطأ
أثر آخر أخرجه الدارقطني عن شريك عن علي بن سليمان قال سألت أنس بن
مالك عن الحلى فقال ليس فيه زكاة انتهى
أثر آخر رواه الشافعي ثم البيهقي من جهة أبي سفيان عن عمرو بن دينار قال
سمعت بن خالد يسئل جابر بن عبد الله عن الحلى أفيه زكاة قال جابر لا فقال
وإن كان يبلغ ألف دينار فقال جابر كثير انتهى
أثر آخر أخرجه الدارقطني عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء
بنت أبي بكر أنها كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف قال
صاحب التنقيح قال الأثرم سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول خمسة من
الصحابة كانوا لا يرون في الحلى زكاة أنس بن مالك وجابر وابن عمر وعائشة
وأسماء انتهى كلامه
فصل في العروض
الحديث الخامس والعشرون قال عليه السلام يقومها يعني عروض التجارة
فيؤدي من كل مائة درهم خمسة دراهم قلت حديث غريب وفي الباب أحاديث
مرفوعة وموقوفة فمن المرفوعة ما أخرجه أبو داود في سننه عن جعفر بن سعد
446

حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا
أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع انتهى سكت عنه أبو داود ثم المنذري
بعده وقال عبد الحق في أحكامه خبيب هذا ليس بمشهور ولا نعلم روى عنه إلا
جعفر بن سعد وليس جعفر ممن يعتمد عليه انتهى قال بن القطان في كتابه
447

متعقبا على عبد الحق فذكر في كتابه الجهاد حديث من كتم غالا فهو مثله
وسكت عنه من رواية جعفر بن سعد هذا عن خبيب بن سليمان في أبيه فهو منه
تصحيح انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وسليمان بن سمرة بن جندب لم
يعرف بن أبي حاتم بحاله وذكر أنه روى عنه ربيعة وابنه خبيب انتهى كلامه وقال
أبو عمر بن عبد البر وقد ذكر هذا الحديث رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن
انتهى ورواه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه به عن سمرة قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالرقيق الرجل والمرأة الذي هو تلاده وهم عملة لا يريد بيعهم
أن لا يخرج عنهم الصدقة وكان أمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع
انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن سملة بن أبي الحسام ثنا
عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز أو تبر
صدقته ومن رفع دراهم أو دنانير أو فضة لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله
فهو كنز يكوى به يوم القيامة وقال الحاكم تابعه بن جريج عن عمران بن أبي أنس
ثم أخرجه كذلك عن زهير بن حرب عن محمد بن بكر عن بن جريج به وقال كلا
الاسنادين صحيحان على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وفيه نظر فإن
الترمذي رواه في كتاب العلل الكبير حدثنا يحيى بن موسى ثنا محمد بن بكر عن بن
جريج به ثم قال سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال بن جريج لم
يسمع من عمران بن أبي أنس هو يقول حدثت عن عمران بن أنس انتهى وقال بن
القطان في كتابه بن جريج مدلس لم يقل حدثنا عمران فالحديث منقطع ثم
نقل كلام الترمذي وقال الشيخ في الامام كلا الاسنادين يرجع إلى عمران بن أبي
أنس وهو مذكور فيمن انفرد به مسلم فكيف يكون على شرطهما انتهى
وأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن معاوية عن محمد بن بكر به وأخرجه
448

أيضا عن موسى بن عبيدة عن عمران بن أبي أنس به وفي آخره وفي البز صدقة
قالها بالزاي انتهى بحروفه قال بن القطان في كتابه الأول فيه عبد الله
بن معاوية ولا يعرف حاله والثاني فيه موسي بن عبيدة الربذي وهو ضعيف انتهى
قال الشيخ في الامام فقد رواه محمد بن بكر يحيى بن موسى البلخي المعروف
ببخت وهو ثقة كما رواه الترمذي في العلل فلم يبق فيه إلا الانقطاع الذي ذكره
البخاري والله أعلم قلت ورواه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن بكر به
وهذا فات الشيخ وقال بن الجوزي في التحقيق وقد ذكر سندي الدارقطني
الاسناد الذي فيه عبد الله بن معاوية أصلح من إسناد موسي بن عبيدة مع أن عبد الله بن
معاوية ضعفه البخاري والنسائي ولكن موسى بن عبيدة أشد ضعفا منه قال أحمد لا
يحل عندي الرواية عنه وتعقبه صاحب التنقيح فقال عبد الله بن معاوية الذي ضعفه
البخاري والنسائي هو عبد الله بن معاوية الزبيري من ولد الزبير بن العوام يروى عن
هشام بن عروة وأما راوي هذا الحديث فهو الجمحي وهو صالح الحديث وليس كما
قال بن القطان أنه لا يعرف حاله بل هو مشهور روى عنه أبو داود وابن ماجة
وغيرهما انتهى قال الشيخ رحمه الله في الامام واعلم أن الأصل الذي نقلت منه
هذا الحديث من كتاب المستدرك ليس فيه البز بالزاي المعجمة وفيه ضم
الباء في الموضعين فيحتاج إلى كشفه من أصل آخر معتبر فإن اتفقت الأصول على
ضم الباء فلا يكون فيه دليل على مسألة زكاة التجارة انتهى وهذا فيه نظر فقد
صرح به في مسند الدارقطني قالها بالزاي كما تقدم وقال النووي في تهذيب
الأسماء واللغات هو بالباء والزاي وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز قال ومن
الناس من صفحه بضم الباء وبالراء المهملة وهو غلط انتهى قال الشيخ وسعيد
بن سلمة المذكور في سند الحاكم مديني كنيته أبو عمر وأخرج له مسلم
في صحيحه وقد صرح فيه بالتحديث من عمران انتهى وأما الموقوفة فمنها ما
رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حبان وكان على جوار مصر في
زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز رضي الله
449

عنه كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من
التجارة من كل أربعين دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فان
نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما
يديرون من التجارة من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى بلغ
عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ
منهم كتابا إلي مثله من الحول انتهى قال الشيخ في الامام زريق هذا مختلف
في تقديم الزاي فيه على الراء وبالعكس فقيل إن أهل مصر والشام
يقدمون الزاي وأهل العراق يقدمون الراء قال أبو عبيد وأهل مصر والشام
أعلم به وذكره الدارقطني وعبد الغني بتقديم الراء وزريق لقب له واسمه
سعيد وكنيته أبو المقدام انتهى
حديث آخر روى أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه والدارقطني
في سننه من حديث يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن
حماس عن أبيه أنه قال كنت أبيع الادم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب فقال أد
صدقة مالك فقلت يا أمير المؤمنين إنما هو في الادم قال قومه ثم أخرج صدقته
ورواه الشافعي عن سفيان ثنا بن عجلان عن أبي الزناد عن أبي عمرو بن حماس عن
أبيه فذكره
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني موسي بن
عقبة عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول في كل مال يدار في عبيد أو دواب أو بز
للتجارة تدار الزكاة فيه كل عام انتهى وأخرج عن عروة بن الزبير وسعيد بن
المسيب والقاسم قالوا في العروض تدار الزكاة كل عام لا يؤخذ منها الزكاة حتى
يأتي ذلك الشهر عام قابل انتهى
حديث آخر روى البيهقي من طريق أحمد بن حنبل رضي الله عنهما ثنا حفص بن
450

غياث ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال ليس في العروض زكاة إلا
ما كان للتجارة انتهى
باب فيمن يمر على العاشر
451

قوله ويؤخذ من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي العشر
هكذا أمر عمر رضي الله عنه سعاته قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا هشام
بن حسان عن أنس بن سيرين قال بعثني أنس بن مالك علي الأيلة فأخرج لي كتابا
من عمر بن الخطاب يؤخذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهم ومن أهل الذمة
من كل عشرين درهما درهم وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم انتهى
أخبرنا الثوري ومعمر عن أيوب عن أنس بن سيرين به ورواه محمد بن الحسن
الشيباني رحمه الله في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن أبي صخرة المحاربي عن زياد
بن حدير قال بعثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عين التمر مصدقا فأمرني أن
آخذ من المسلمين من أموالهم إذا اختلفوا بها للتجارة ربع العشر ومن أموال أهل
الذمة نصف العشر ومن أموال أهل الحرب العشر انتهى وبهذا السند رواه أبو
عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم بن
452

مهاجر عن زياد بن حدير به وقد روي مرفوعا رواه الطبراني في معجمه الوسط
حدثنا محمد بن حامان الجنديسابوري ثنا زنيج أبو غسان ثنا محمد بن المعلى ثنا أشعث عن
بن سيرين عن أنس بن مالك قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في أموال المسلمين في كل
أربعين درهما درهم وفي أموال زهل الذمة في كل عشرين درهما درهم وفي أموال
من لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم انتهى قال الطبراني لم يسند هذا الحديث
إلا محمد بن المعلى تفرد به زنيج وقد رواه أيوب وسلمة بن علقمة ويزيد بن
إبراهيم وجرير بن حازم وخبيب بن الشهيد والهيثم الصيرفي وجماعة عن أنس بن
سيرين عن بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرض فذكر الحديث انتهى
كلامه بحروفه
قوله قال عمر رضي الله عنه فإن أعياكم فالعشر قلت غريب
453

باب في المعادن والركاز
الحديث السادس والعشرون قال عليه السلام وفي الركاز الخمس قلت رواه
الأئمة الستة في كتبهم من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
455

العجماء جبار وبالبئر جبار وفي الركاز الخمس انتهى أخرجوه مختصرا
ومطولا والركاز يطلق علي المعدن وعلى المال المدفون هكذا ذكره المصنف فهنا
استدل بالحديث على المعدن وفيما بعد استدل به على الكنز واستد لنا الشيخ في
الامام بحديث أخرجه البيهقي في المعرفة عن حبان بن علي عن عبد الله بن سعيد
بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الركاز
الذي ينبت بالأرض قال البيهقي وروى عن أبي يوسف رحمه الله عن عبد الله بن سعيد بن أبي
سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الركاز الخمس قيل وما الركاز يا رسول الله قال الذي خلقه الله في الأرض
يوم خلقت انتهى
حديث مخالف لما ذكر روى أبو حاتم من حديث عبد الله بن نافع عن أبيه عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركاز العشور انتهى قال الشيخ في
الامام ورواه يزيد بن عياض عن بن نافع وابن نافع رحمه الله ويزيد كلاهما
متكلم فيه ووصفهما النسائي بالترك انتهى كلامه وسكت الشيخ عن علة الحديث
وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان
يقلب الاخبار ويهم في الآثار قال بن معين ليس بشئ لا يكتب حديثه انتهى
وحبان بن علي العنزي قال الشيخ هو بكسر الحاء المهملة قال بن معين في رواية
صدوق وفي رواية ليس حديثه بشئ وقال بن نمير في حديثه وحديث أخيه
مندل بعض الغلط واستدل للخصم القائل بأن في المعدن الزكاة دون الخمس بما رواه
مالك رضي الله عنه في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من
علمائهم أن النبي عليه السلام أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من
456

ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم انتهى قال بن
عبد البر هذا منقطع في الموطأ وقد روى متصلا على ما ذكرنا في التمهيد من
رواية الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحادث المزني عن
أبيه عن النبي عليه السلام قال الشيخ والقبلية بفتح القاف والباء الموحدة والفرع
ضبطه أبو عبيد البكري بضم أوله وثانيه والعين المهلة قال أبو عبيد في كتاب
الأموال حديث منقطع ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وإنما قال
يؤخذ منه الزكاة إلى اليوم انتهى
قوله وإن وجد ركازا أي كنزا وجب فيه الخمس لما روينا قلت يشير إلى
457

الحديث المذكور وفي الركاز الخمس
وفي الباب أحاديث فأخرج الحاكم في المستدرك في آخر البيوع عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده
رجل فقال إن كنت وجدت في قرية مسكونة أو سبيل ميتاء فعرفه إن كنت وجدته
في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة أو غير سبيل ميتاء ففيه وفي الركاز
الخمس انتهى وسكت عنه إلا أنه قال ولم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب
بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت انتهى ورواه
الشافعي عن سفيان عن داود بن شابور ويعقوب بن عطاء عن عمرو به ومن طريق
الشافعي رواه البيهقي ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام من طريق بن إسحاق عن
عمرو به ومن حديث محمد بن عجلان عن عمرو به
حديث آخر قال الشيخ في الامام وروى الإمام أبو بكر بن المنذر ثنا محمد
بن علي الصائغ ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن الشيباني عن الشعبي أن رجلا
وجد ركازا فأتى به عليا رضي الله عنه فأخذ منه الخمس وأعطى بقيته للذي وجده
فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه انتهى وهو مرسل
الآثار روى بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي أن غلاما من
العرب وجد ستوقة فيها عشرة آلاف فأتى بها عمر رضي الله عنه فأخذ منها خمسها
ألفين وأعطاه ثمانية آلاف
آخر أخرجه البيهقي عن علي بن حرب ثنا سفيان عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن
458

رجل من قومه أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فيها ورق فأتى بها عليا رضي
الله عنه فقال أقسمها أخماسا ثم قال خذ منها أربعة ودع واحدا قال البيهقي
ورواه سعيد بن منصور عن سفيان عن عبد الله عن رجل من قومه يقال له حممة قال
سقطت على جرة
آخر روى بن المنذر حدثنا بن إدريس عن أبيه عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان
عن هذيل قال جاء رجل إلي عبد الله فقال إني وجدت كنزا فيه كذا وكذا من
المال فقال عبد الله لا أرى المسلمين بلغت أموالهم هذا أراه ركاز مال عادي فأد
خمسه في بيت المال ولك ما بقي انتهى وروى أيضا عن معتمر عن عمر الضبي
قال بينا قوم عندي بسابور يثيرون الأرض إذ أصابوا كنزا وعلينا محمد بن جابر
الراسبي فكتب فيه إلى عدي فكتب عدي إلي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
فكتب عمر أن خذوا منهم الخمس ودعوا سائره لهم فدفع إليهم المال وأخذ منهم
الخمس انتهى
الحديث السابع والعشرون قال عليه السلام لا خمس في الحجر قلت
غريب أخرج بن عدي في الكامل عن عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا زكاة في حجر انتهى
وضعف عمر الكلاعي وقال إنه مجهول لا أعلم حد ث عنه غير بقية وأحاديثه
منكرة وغير محفوظة انتهى وأخرجه أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي
عن عمرو بن شعيب به وضعف العرزمي عن البخاري والنسائي وابن معين
والفلاس ووافقهم عليه في ذلك وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عكرمة
قال ليس في حجر اللؤلؤ ولا حجر الزمرد زكاة إلا أن يكون للتجارة فإن كانت
للتجارة ففيه الزكاة انتهى
459

قوله روى أن عمر رضي الله عنه أخذ الخمس من العنبر قلت غريب عن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه وإنما هو عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل أن عمر بن عبد العزيز أخذ
من العنبر الخمس انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان
عن ليث أن عمر بن عبد العزيز خمس العنبر انتهى وأخرج أبو عبيد في كتاب
الأموال عن الحسن البصري وابن شهاب الزهري قالا في العنبر واللؤلؤ الخمس
قال أبو عبيد وحدثنا بن أبي مريم عن داود بن عبد الرحمن العطار سمعت عمرو بن
دينار يحدث عن بن عباس قال ليس في العنبر خمس انتهى وحدثنا مروان بن
معاوية عن إبراهيم المديني عن أبي الزبير عن جابر نحوه وزاد هو للذي وجده وليس
العنبر بغنيمة انتهى
وفيه أثر عن بن عباس رواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن بن طاوس عن أبيه عن
بن عباس أن إبراهيم بن سعد وكان عاملا بعدن سأل بن عباس عن العنبر فقال إن
كان فيه شئ فالخمس انتهى ورواه الشافعي أنبأ سفيان الثوري به
وفيه أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخالف رواه أبو عبيد القاسم بن سلام
في كتاب الأموال أخبرنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن رجاء بن روح
عن رجل قد سماه عبد العزيز عن بن عباس عن يعلى بن أمية قال كتب إلي عمر أن
460

خذ من العنبر العشر انتهى ثم قال هذا إسناد ضعيف وغير معروف وليس يثبت
عندنا والله أعلم
باب زكاة الزروع والثمار
الحديث الثامن والعشرون قال عليه السلام ليس فيما دون خمسة أو سق
صدقة قلت رواه البخاري ومسلم من حديث يحيى بن عمارة عن أبي سعيد
الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما
دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة انتهى وفي لفظ
لمسلم ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق وأعاده من طريق
عبد الرزاق وقال في آخره غير أنه قد بدل التمر يعني بالمثلثة فعلم أن الأول
بالمثناه وزاد أبو داود فيه والوسق ستون مختوما وابن ماجة والوسق ستون صاعا
حديث آخر أخرجه مسلم أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل
صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة انتهي
461

حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا علي بن إسحاق أنا بن المبارك أنا
معمر حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمسة أواق صدقة ولا فيما
دون خمس ذود صدقة انتهي وهذا سند صحيح ورواه الدارقطني ولفظه لا
يحل في البر والتمر زكاة حتى تبلغ خمسة أوسق ولا يحل في الورق زكاة حتى تبلغ
خمسة أواق ولا يحل في الإبل زكاة حتى تبلغ خمسة ذود انتهى
الحديث التاسع والعشرون قال عليه السلام ما أخرجته الأرض ففيه العشر
قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن بن
عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر
وفيما سقى بالنضح نصف العشر انتهى ورواه أبو داود بلفظ فيما سقت السماء
والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر وفيما سقى بالسواني أو النضح نصف العشر انتهى
وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما سقت الأنهار
والغيم العشر وفيما سقى بالسانية نصف العشر انتهى وأخرج بن ماجة عن عاصم بن
أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن فأمرني أن أخذ مما سقت السماء وما سقي بعلا العشر وما سقي بالدوالي نصف
العشر انتهى ولما أخرج البخاري في صحيحه حديث بن عمر المتقدم عقبه
بحديث ليس فما دون خمسة أوسق صدقة وقال هذا تفسير للأول والمفسر يقضي
على المبهم والزيادة مقبولة انتهي وأبو حنيفة يؤول حديث ليس فيما دون خمسة
أوسق صدقة بزكاة التجارة كما في الكتاب ومن الأصحاب من جعله منسوخا
ولهم في تقريره قاعدة ذكرها السغناقي نقلا عن الفوائد الظهيرية قال إذا ورد
حديثان أحدهما عام والآخر خاص فإن علم تقديم العام علي الخاص خص العام
462

بالخاص كمن يقول لعبده لا تعط أحدا شيئا ثم قال له اعط زيدا درهما فإن هذا
تخصيص لزيد وإن علم تأخير العام كان العام ناسخا للخاص كمن قال لعبده أعط
زيدا درهما ثم قال له لا تعط أحدا شيئا فإن هذا ناسخ للأول هذا مذهب عيسى بن
أبان وهو المأخوذ به قال محمد بن شجاع الثلجي هذا إذا علم التاريخ أما إذا لم
يعلم فإن العام يجعل آخرا لما فيه من الاحتياط وهنا لم يعلم التاريخ فيجعل آخرا
احتياطا والله أعلم انتهى كلامه وقال بن الجوزي في التحقيق واحتجت الحنفية
بما روى أبو مطيع البلخي عن أبي حنفية رضي الله عنه عن أبان بن أبي عياش عن رجل
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء
العشر وفيما سقى بنضح أو غرب نصف العشر في قليله وكثيره قال وهذ الاسناد لا يساوي شيئا أما أبو مطيع فقال بن معين
ليس بشئ وقال أحمد رضي الله عنه لا ينبغي أن يروى عنه وقال أبو داود تركوا
حديثه وأما أبان فضعيف جدا ضعفه شعبة
آثار عن التابعين أخرج عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن سماك بن
الفضل عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال فيما أنبتت الأرض من قليل أو كثير
العشر انتهي وأخرج نحوه عن مجاهد وعن إبراهيم النخعي وأخرجه بن أبي
شيبة أيضا في مصنفه عن عمر بن عبد العزيز وعن مجاهد وعن إبراهيم النخعي
وزاد في حديث النخعي حتى في كل عشر دستجات بقل دستجة انتهى
الحديث الثلاثون قال عليه السلام ليس في الخضراوات صدقة قلت روى
من حديث معاذ ومن حديث طلحة ومن حديث علي ومن حديث محمد
463

بن عبد الله بن جحش ومن حديث أنس ومن حديث عائشة رضي الله عنهم
أما حديث معاذ فأخرجه الترمذي عن الحسن بن عمارة عن محمد بن
عبد الرحمن عن عبيد عن عيسى بن طلحة عن معاذ أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن
الخضراوات وهي البقول فقال ليس فيها شئ انتهى قال الترمذي إسناد هذا
الحديث ليس بصحيح وليس يصح في هذا الباب عن النبي عليه السلام شئ وإنما
يروي هذا عن موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا والحسن بن عمارة ضعفه شعبة
وغيره وتركه بن المبارك انتهى وسيأتي ذكر هذا المرسل في حديث طلحة
طريق آخر رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه والدارقطني
في سننه من حديث إسحاق بن يحيي بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة
464

عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر
وفيما سقي بالنضح نصف العشر وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما
القثاء والبطيخ والرمان والقصب والخضر فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي
قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وزعم أن موسى بن طلحة تابعي كبير لا
ينكر أن يدرك أيام معاذ انتهى قال صاحب التنقيح وفي تصحيح الحاكم لهذا
الحديث نظر فإنه حديث ضعيف وإسحاق بن يحيى تركه أحمد والنسائي
وغيرهما وقال أبو زرعة موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل ومعاذ توفى في
خلافة عمر فرواية موسي بن طلحة عنه أولى بالارسال وقد قيل إن موسى ولد في
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه سماه ولم يثبت وقيل إنه صحب عثمان مدة والمشهور
في هذا ما رواه الثوري عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال عندنا كتاب معاذ
بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير الزبيب والتمر
انتهى وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الامام وفي الاتصال بين موسي بن
طلحة ومعاذ نظر فقد ذكروا أن وفاة موسى سنة ثلاث ومائة وقيل سنة أربع ومائة
انتهى
وأما حديث طلحة فله طرق أحدها عند البزار في مسنده والدارقطني في
سننه عن الحارث بن نبهان ثنا عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن
عبيد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الخضراوات صدقة
انتهى قال البزار وروى جماعة عن موسى بن طلحة عن النبي عليه السلام مرسلا
ولا نعلم أحدا قال عن أبيه إلا الحادث بن نبهان عن عطاء ولا نعلم لعطاء عن موسى
بن طلحة عن أبيه إلا هذا الحديث انتهى ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بالحارث بن نبهان وقال لا أعلم أحدا يرويه عن عطاء غيره وضعفه عن جماعة
465

كثيرين ووافقهم
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه أيضا عن محمد بن جابر عن الأعمش
عن موسى بن طلحة ومحمد بن جابر قال فيه بن معين ليس بشئ وقال الإمام أحمد
رضي الله عنه لا يحدث عنه إلا من هو شر منه
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن نصر بن حماد عن شعبة عن الحكم عن موسى
بن طلحة به ونصر بن حماد قال فيه بن معين كذاب وقال يعقوب بن شيبة
ليس بشئ وقال مسلم ذاهب الحديث والمرسل الذي أشار إليه الترمذي
وغيره رواه الدارقطني في سننه من حديث عبد الوهاب ثنا هشام الدستوائي عن عطاء
بن السائب عن موسى بن طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأخذ من الخضراوات صدقة
انتهى وهذا مرسل حسن فإن عبد الوهاب هذا هو بن عطاء الخفاف وهو
صدوق روى له مسلم في صحيحه وعطاء بن السائب وثقه الإمام أحمد رضي
الله عنه وغيره وقال الدارقطني اختلط بآخره ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه عنه
الأكابر الثوري وشعبة وأما المتأخرون ففي حديثهم عنه نظر والله أعلم
وأما حديث علي رضي الله عنه فأخرجه الدارقطني رحمه الله أيضا عن الصفر
بن حبيب سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن بن عباس عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال ليس في الخضروات صدقة مختصر
وقد تقدم الكلام عليه في الخيل ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل
المتناهية قال بن حبان في كتاب الضعفاء ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإنما يعرف بإسناد منقطع فقلبه هذا الشيخ على أبي رجاء وهو يأتي بالمقلوبات
انتهى
466

وأما حديث محمد بن جحش فأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الله بن شبيب
حدثني عبد الجبار بن سعيد حدثني حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن أبي
كثير مولى بني جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر معاذ
بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن تأخذ من كل أربعين دينارا دينارا وليس في الخضراوات
صدقة انتهى وهو معلول بابن شبيب قال بن حبان في كتاب الضعفاء
يسرق الاخبار ويقلبها لا يجوز الاحتجاج به بحال انتهى والشيخ في الامام ترك
ذكر بن شبيب ووثق الباقين
وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني أيضا عن مروان بن محمد السنجاري ثنا
جرير عن عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الخضراوات صدقة انتهى قال الدارقطني مروان بن محمد ذاهب
الحديث وقال بن حبان في كتاب الضعفاء لا يحل الاحتجاج به انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني أيضا عن صالح بن موسى عن منصور عن
إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما أنبتت الأرض
من الخضرة زكاة انتهى وهو معلول بصالح قال الشيخ في الامام هو صالح
بن موسى بن عبد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله قال بن معين ليس بشئ
وقال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال منكر الحديث جدا لا يعجبني حديثه
انتهى وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي منكر الحديث وقال
الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث اختلف فيه على موسى بن طلحة فروى عن
عطاء بن السائب فقال الحارث بن نبهان عن عطاء عن موسى بن طلحة عن أبيه قال
خالد الواسطي عن عطاء عن موسى بن طلحة أن النبي عليه السلام مرسل وروى عن
الأعمش عن موسى بن طلحة عن أبيه ورواه الحكم بن عتيبة وعبد الملك بن عمير
وعمرو بن عثمان بن وهب عن موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل وقيل عن موسى بن طلحة عن عمر وقيل عن موسي بن
467

طلحة عن عمر وقيل عن موسى بن طلحة عن أنس وقيل عن موسى بن طلحة
مرسل وهو أصحها كلها انتهى وقال البيهقي وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا
ومعها قول بعض الصحابة ثم أخرج الليث عن مجاهد عن عمر قال ليس في
الخضراوات صدقة قال الشيخ في الامام ليث بن أبي سليم قد علل البيهقي به
روايات كثيرة ومجاهد عن عمر منقطع وأخرج عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق
عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال ليس في الخضراوات والبقول
صدقة قال الشيخ وقيس بن الربيع متكلم فيه انتهى
وأما أحاديث إنما تجب الزكاة في خمسة فكلها مدخولة وفي متنها
اضطراب فمنها ما أخرجه بن ماجة عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده قال إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في هذه الخمسة الحنطة
والشعير والتمر الزبيب والذرة انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن العرزمي
عن موسى بن طلحة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إنما سن إلى آخره
والعرزمي متروك ومنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن طلحة
بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن يعلمان الناس أمر دينهم لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة
والزبيب والتمر ورواه البيهقي بلفظ أنهما حين بعثا إلى اليمن لم يأخذا الصدقة
إلا من هذه الأربعة قال الشيخ في الامام وهذا غير صريح في الرفع انتهى
ومنها ما أخرجه البيهقي عن خصيف عن مجاهد قال لم تكن الصدقة في عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا من خمسة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة انتهى
مرسل وفيه خصيف وأخرج أيضا عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال لم يفرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في عشرة أشياء الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة
والحنطة والشعير والتمر والزبيب أراه قال والذرة وهذا مرسل وفيه عمرو بن
عبيد متكلم فيه ثم أخرجه من طريق أخرى فذكر السلت عوض الذرة وأخرج
468

أيضا عن الأجلح عن الشعبي قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن إنما الصدقة
في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وهذا أيضا مرسل والله أعلم
الحديث الحادي والثلاثون قال عليه السلام في العسل العشر قلت رواه
بهذا اللفظ العقيلي في كتاب الضعفاء من طريق عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن
محرز عن الزهري عن أبي سملة عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال في
العسل العشر انتهى ولم أجده في مصنف عبد الرزاق بهذا اللفظ وإنما لفظه أن
النبي عليه السلام كتب إلى أهل اليمن أن يؤخذ من أهل العسل العشر انتهى
وبهذا اللفظ رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق والحديث معلول بعبد الله بن
محرز قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان من خيار عباد الله إلا أنه كان
يكذب ولا يعلم ويقلب الاخبار ولا يفهم انتهى
ومعنى الحديث روى من حديث بن عمرو ومن حديث سعد بن أبي ذباب ومن
حديث أبي سيارة المتعي
أما حديث بن عمرو فأخرجه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن أبي شعيب
الحراني أنا موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قال جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له وسأله
أن يحمي واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي فلما ولى عمر
بن الخطاب رضي الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك
فكتب عمر إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له
469

سلبه وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء انتهى وكذلك رواه النسائي سواء
ورواه بن ماجة حدثنا محمد بن يحيى عن نعيم بن حماد عن بن المبارك عن أسامة بن زيد
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو أن النبي عليه السلام أخذ من
العسل العشر انتهى
وأما حديث سعد بن أبي ذباب فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا صفوان
بن عيسى ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب الدوسي عن منير بن عبد الله عن أبيه
عن سعد بن أبي ذباب الدوسي قال أتيت النبي عليه السلام فأسلمت وقلت
يا رسول الله اجعل لقومي ما أسلموا عليه ففعل واستعملني عليهم واستعملني أبو بكر
بعد النبي عليه السلام واستعملني عمر بعد أبي بكر فلما قدم علي قومه قال يا قوم
أدوا زكاة العسل فإنه لا خير في مال لا يؤدى زكاته قالوا كم ترى قلت
العشر فأخذت منهم العشر فأتيت به عمر رضي الله عنه فباعه وجعله في صدقات
المسلمين انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه الطبراني في معجمه
ورواه الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه
عن سعد بن أبي ذباب فذكره ومن طريق الشافعي رضي الله عنه رواه البيهقي
وقال هكذا رواه الشافعي وتابعه محمد بن عباد عن أنس بن عياض به ورواه الصلت
بن محمد عن أنس بن عياض فقال عن الحارث بن أبي ذباب عن منير بن عبد الله عن
أبيه عن سعد وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن به
انتهى قال البخاري وعبد الله والد منير عن سعد بن أبي ذباب لم يصح حديثه
وقال علي بن المديني منير هذا لا نعرفه إلا في هذا الحديث وسئل أبو حاتم عن عبد الله
والد منير عن سعد بن أبي ذباب يصح حديثه قال نعم قال البيهقي قال الشافعي
وفي هذا ما يدل على أن النبي عليه السلام لم يأمره بأخذ الصدقة من العسل وأنه شئ
رآه فتطوع له به أهله انتهى
470

وأما حديث أبي سيارة فأخرجه بن ماجة في سننه عن سعيد بن عبد العزيز عن
سليمان بن موسى عن أبي سياره المتعي قال قلت يا رسول الله إن لي نحلا قال أد
العشور قلت يا رسول الله احمها لي فحماها لي انتهى ورواه أحمد في
مسنده والبيهقي في سننه وقال هذا أصح ما روى في وجوب العشر فيه
وهو منقطع قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال
حديث مرسل وسليمان بن موسى لم يدرك أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس
في زكاة العسل شئ يصح انتهى وهذا الذي نقله عن الترمذي وذكره في علله
الكبرى وقال عبد الغني في الكمال أبو سيارة المتعي القيسي قيل اسمه عميرة
بن الأعلم روى عن النبي عليه السلام حديثا في زكاة العسل وليس له سواه انتهى
ورواه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه ورواه
أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم بنحوه
الحديث الثاني والثلاثون قال المصنف رحمه الله وعن أبي يوسف أنه لا شئ في
العسل حتى يبلغ عشر قرب لحديث بني سيارة أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
كذلك قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف
المصري ثنا أحمد بن صالح ثنا بن وهب أخبرني أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده أن بنى سيارة بطن من فهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
471

الدارقطني في كتاب المؤتلف والمختلف صوابه بني شبابة بالشين المعجمة بعدها
باء موحدة ثم ألف ثم باء أخرى قال وهم بطن من فهم ذكره في ترجمة شبابة
وسيابة وذكر هذا الحديث وقال هذا الجاهل هكذا في غالب نسخ الهداية
لحديث بني سيارة وهو غلط ويوجد في بعضها أبي سيارة وهو الصواب انتهى
قلت كيف يكون هذا صوابا مع قوله كانوا يؤدون بل الصواب بني سيارة عن نحل
كان لهم العشر ومن كل عشر قرب قربة وكان يحمي واديين لهم فلما كان عمر
رضي الله عنه استعمل علي ما هناك سفيان بن عبد الله الثقفي فأبوا أن يؤدوا إليه شيئا
وقالوا إنما كنا نؤديه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب سفيان إلى عمر فكتب إليه عمر إنما
النحل ذباب غيث يسوقه الله عز وجل رزقا إلى من يشاء فإن أدوا إليك ما كان يؤدون
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم أوديتهم وإلا فخل بينه وبين الناس فأدوا إليه ما كانوا
يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمى لهم أوديتهم انتهى ويؤيد هذا ما رواه أبو عبيد
القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا أبو الأسود عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي
جعفر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من
العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه الترمذي عن صدقة بن عبد الله السمين عن موسى
بن يسار عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في العسل في كل عشرة أزق
زق انتهى وقال في إسناده مقال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كثير
شئ انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بصدقة هذا وضعفه عن أحمد
والنسائي وابن معين ورواه البيهقي وقال تفرد به صدقة بن عبد الله السمين
وهو ضعيف ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما ورواه بن حبان في كتاب
الضعفاء وقال في صدقة يروى الموضوعات عن الثقات انتهى ورواه الطبراني في
معجمه الوسط ولفظه وقال في العسل العشر في كل عشر قرب قربة وليس
فيما دون ذلك شئ انتهى قال الطبراني لا يروي هذا عن بن عمر إلا بهذا الاسناد
472

انتهى
الحديث الثالث والثلاثون روى أن النبي عليه السلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت
473

المؤنة قلت يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه من حديث الزهري عن سالم عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر
وما سقى بالنضح نصف العشر انتهى وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر
مرفوعا فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقى بالسانية نصف العشر انتهى
وروى أبو داود حديث بن عمر بلفظ فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان
بعلا العشر وفيما سقى بالسواني أو النضح نصف العشر انتهى وروى الترمذي من
حديث عاصم بن عبد العزيز المديني ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان
بن يسار وبسر بن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء
والعيون العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر انتهى قال الشيخ في الامام
وعاصم هذا أثنى عليه معن بن عيسى فيما ذكره بن أبي حاتم وأما الحارث هذا فقال
بن معين هو مشهور وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم ليس بالقوي
ويكتب حديثه انتهى وأخرج بن ماجة عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثني
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي اليمن وأمرني أن آخذ مما سقت السماء وما سقى بعلا العشر وما
سقى بالدوالي نصف العشر انتهى لان ما خفت مؤنته وعمت منفعته كان أحمل
للمواساة فأوجب فيه العشر توسعة على الفقراء وجعل فيما كثرت مؤنته نصف
العشر رفقا بأهل الأموال
قوله روى أن عمر رضي اله عنه جعل المساكن عفوا قلت غريب وفي
474

كتاب الأموال لأبي عبيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل الخراج على
الأرضين التي تغل من ذوات الحب والثمار والتي تصلح للغلة من العامر والغامر وعطل
من ذلك المساكن والدور التي هي منازلهم ولم يجعل عليهم فيها شيئا انتهي ذكره
من غير سند
باب من يجوز دفع الصدقات إليه
ومن لا يجوز
قوله وعلى ذلك انعقد الاجماع يعني على سقوط المؤلفة قلوبهم من الأصناف
475

الثمانية المذكورين في القرآن قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن
إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال إنما كانت المؤلفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه انقطعت انتهى وروى الطبري في تفسيره في
قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية حدثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا
محمد بن ثور عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال المؤلفة قلوبهم من بني أمية أبو
سفيان بن حرب ومن بني مخزوم الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن يربوع ومن بني
جمح صفوان بن أمية ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومن بني أسد بن
عبد العزى حكيم بن حزام ومن بني هاشم أبو سفيان
بن الحارث بن عبد المطلب ومن بني فزارة عيينة بن حصين بن بدر ومن بني تميم
الأقرع بن حابس ومن بني نصر مالك بن عوف ومن بني سليم العباس بن مرداس
ومن ثقيف العلاء بن حارثة أعطى النبي عليه السلام كل رجل منهم مائة ناقة إلا عبد
الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى فإنه أعطى كل رجل منهم خمسين
انتهى وروى أيضا حدثنا القاسم ثنا الحسين ثنا هشام ثنا عبد الرحمن بن يحيى عن
حبان بن أبي جبلة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أتاه عيينة بن حصين
الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر يعني ليس اليوم مؤلفة انتهى
وأخرج عن الشعبي قال لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرج نحوه عن الحسن البصري رضي الله عنه واستدل
476

بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا على سقوط المؤلفة بحديث معاذ صدقة تؤخذ من
أغنيائهم فترد علي فقرائهم قال وهذا محمول على أنه قاله في وقت غير محتاج إلى
التأليف
قوله وفي الرقاب أن يعان المكاتبون منها في فك رقابهم قلت روى الطبري في
تفسيره من طريق محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري أن
مكاتبا قام إلى أبي موسى الأشعري وهو يخطب الناس يوم الجمعة فقال له أيها الأمير
حث الناس على فحث عليه أبو موسى فألقى الناس عليه هذا يلقى عمامة وهذا
يلقي ملاءة وهذا يلقى خاتما حتى ألقى الناس عليه سوادا كثيرا فلما رأى أبو موسى ما
ألقى عليه قال اجمعوه ثم أمر به فبيع فأعطى المكاتب مكاتبته ثم أعطي الفضل في
الرقاب نحو ذلك ولم يرده على الناس وقال إن هذا الذي قد أعطوه في الرقاب
انتهى وأخرج عن الحسن البصري رضي الله عنه والزهري وعبد الرحمن بن زيد بن
أسلم قالوا وفي الرقاب هم المكاتبون انتهى واستشهد شيخنا علاء الدين
بحديث أخرجه بن حبان والحاكم عن البراء بن عازب قال جاء رجل إلى النبي عليه
السلام فقال دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني عن النار قال أعتق النسمة
وفك الرقبة قال أو ليسا واحدا قال لا عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة
أن تعين في ثمنها انتهى وهذا ليس فيه المقصود فإن مراد المصنف تفسير الآية لا
تفسير الفك نعم الحديث مفيد في معرفة الفرق بين العتق والفك والله أعلم
الحديث الرابع والثلاثون قال المصنف وفي سبيل الله منقطع الغزاة وعند
محمد منقطع الحاج لما روى أنه عليه السلام أمر رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله أن
477

يحمل عليه الحاج قلت استشهد له شيخنا علاء الدين بحديث أخرجه أبو داود عن أم
معقل قالت كان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله إلى أن قال فهل أخرجت
عليه فان الحج من سبيل الله مختصر وهذا لا يغني لان المقصود تفسير قوله
تعالى وفي سبيل الله وأيضا فلفظ الحديث لا يمنع دخول الغزاة في الحاج ولا
يتم الاستدلال إلا على تقدير الحصر وأيضا فليس فيه أمر فلا يكفي في المقصود
والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الحج في باب العمرة عن إبراهيم بن مهاجر
عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال أخبرني رسول مروان الذ ى أرسل إلى أم معقل
قالت كان أبو معقل حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم قالت أم معقل قد علمت أن
على حجة فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه قال فقالت يا رسول الله إن علي حجة
وإن لأبي عقل بكرا قال أبو معقل جعلته في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله فأعطاها البكر ورواه أحمد في
مسنده ومن طريقه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط
مسلم وفيه نظر فان فيه رجلا مجهولا وإبراهيم بن مهاجر متكلم فيه ولفظ
الحاكم عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال أرسل مروان إلى أم
معقل يسألها عن هذا الحديث فحدثت أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت
العمرة فسألت زوجها البكر فأبى عليها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن
يعطيها وقال إن الحج والعمرة لمن سبيل الله انتهى ورواه النسائي من حديث
الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن امرأة من بني أسد يقال لها أم معقل بنحوه
ورواه أيضا من حديث جامع بن شداد عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي معقل أنه جاء
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أم معقل جعلت عليها حجة فذكر نحوه ورواه أبو داود
أيضا من طريق بن إسحاق عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي أسد خزيمة
478

حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم
حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض وهلك
أبو معقل وخرج النبي عليه السلام فلما فرغ من حجه جئته فقال يا أم معقل ما
منعك أن تخرجي معنا قالت لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج
عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله قال فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل
الله فأما إذا فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها الحجة ورواه أيضا
حدثنا مسدد ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله عن بن عباس قال
أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي
جملك فقال ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني على جملك فلان قال
ذاك حبيس في سبيل الله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما إنك لو حججتها عليه
كان في سبيل الله مختصر وله طريق آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا
محمد بن أبان الأصبهاني ثنا حميد بن مسعدة ثنا عمر بن علي المقدمي عن موسى بن عقبة
عن عيسى بن معقل عن جدته أم معقل قالت مات أبو معقل وترك بعيرا جعله في
سبيل الله فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أبا معقل هلك وترك بعيرا
جعله في سبيل الله وعلى حجة فقال يا أم معقل حجي على بعيرك فإن الحج في
سبيل الله انتهى
حديث آخر من هذا المعني رواه الطبراني في معجمه حدثنا عمرو بن أبي
الطاهر بن السرح ثنا يوسف بن عدي ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن المختار بن فلفل عن
طلق بن حبيب عن أبي طليق الأشجعي قال طلبت مني أم طليق جملا تحج عليه
فقلت قد جعلته في سبيل الله فقالت لو أعطيتنه لكان في سبيل الله فسألت النبي
عليه السلام فقال صدقت لو أعطيتها لكان في سبيل الله وأن العمرة في رمضان
تعدل حجة انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا علي بن حرب ثنا محمد
479

بن فضيل عن المختار بن فلفل به
قوله والذي ذهبنا إليه مروى عن عمر وابن عباس رضي الله عنهما يعني جواز
الاقتصار على صنف واحد في دفع الزكاة قلت حديث بن عباس رواه البيهقي
وحديث عمر رواه بن أبي شيبة في مصنفه وروى الطبري في تفسيره في
هذه الآية أخبرنا عمران بن عيينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله
تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية قال في أي صنف وضعته أجزأك
انتهى أخبرنا جرير عن ليث عن عطاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال
إنما الصدقات للفقراء الآية قال أيما صنف أعطيته من هذا أجزأ عنك انتهي ثنا
حفص عن ليث عن عطاء عن عمر أنه كان يأخذ الفرض في الصدقة فيجعله في صنف
واحد انتهى وروى أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش
عن حذيقة أنه قال إذا وضعتها في صنف واحد أجزأك انتهى وأخرج نحو ذلك عن
سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وأبي العالية وميمون بن مهران
بأسانيد حسنة واستدل بن الجوزي في التحقيق على ذلك بحديث معاذ
فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم قال
والفقراء صنف واحد ولم يذكر سواهم وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب
الأموال ومما يدل علي صحة ذلك أن النبي عليه السلام أتاه بعد ذلك مال فجعله في
صنف واحد سوى صنف الفقراء وهم المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس وعيينة بن
حصين وعلقمة بن علاثة وزيد الخيل قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه على من
اليمن وإنما تؤخذ من أهل اليمن الصدقة ثم أتاه مال أخر فجعله في صنف آخر وهم
480

الغارمون فقال لقبيصة بن المخارق حين أتاه وقد تحمل حمالة يا قبيصة أقم حتى تأتينا
الصدقة فنأمر لك بها وفي حديث سلمة بن صخر البياضي أنه أمر له بصدقة
قومه ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد وأما الآية التي
احتج بها الشافعي رضي الله عنه فالمراد بها بيان الأصناف التي يجوز الدفع إليهم دون
غيرهم وكذا المراد بأية الغنيمة انتهى كلامه
الحديث الخامس والثلاثون قال عليه السلام لمعاذ خذها من أغنيائهم فردها في
فقرائهم قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث بن عباس رضي الله عنه
أن النبي عليه السلام بعث معاذا إلى اليمن فقال إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى
شهادة لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض
عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض
عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد علي فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك
فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب انتهى
الحديث السادس والثلاثون قال عليه السلام تصدقوا على أهل الأديان كلها
481

قلت روي بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير بن عبد الحميد عن أشعث عن جعفر
عن سعيد بن جبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا إلا على أهل دينكم فأنزل
الله تعالى ليس عليك هداهم إلى قوله وما تفعلوا من خير يوف إليكم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا على أهل الأديان انتهى حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن
سالم المكي عن محمد بن الحنفية قال كره الناس أن يتصدقوا على المشركين فأنزل
الله تعالى ليس عليك هداهم قال فتصدق الناس عليهم انتهى وهذان
مرسلان وروى أبو أحمد بن زنجويه النسائي في كتاب الأموال حدثنا علي بن
الحسن عن بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق على أهل بيت من اليهود بصدقة فهي تجرى عليهم انتهى
الحديث السابع والثلاثون قال عليه السلام لا تحل الصدقة لغني قلت
روى من حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث أبي هريرة ومن حديث حبشي بن
جنادة ومن حديث جابر ومن حديث طلحة ومن حديث عبد الرحمن بن أبي بكر
ومن حديث بن عمر رضي الله عنهم
فحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود والترمذي عن سعد بن إبراهيم عن
ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي عليه السلام قال لا تحل الصدقة لغني
ولا لذي مرة سوى انتهى أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن سعد عن أبيه
والترمذي عن سفيان عن سعد به وقال حديث حسن وقد رواه شعبة عن سعد فلم
يرفعه انتهى قال صاحب التنقيح وريحان بن يزيد قال أبو حاتم شيخ
مجهول ووثقه بن معين وقال بن حبان كان أعرابيا صدوقا
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي وابن ماجة عن أبي حصين عن سالم بن
أبي الجعد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي
مرة سوى انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والسبعين من
482

القسم الثاني قال صاحب التنقيح رواته ثقات إلا أن أحمد بن حنبل قال
سالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي هريرة انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن بن عيينة عن منصور عن أبي حازم
عن أبي هريرة فذكره وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وشاهده حديث عبد الله بن عمرو ثم رواه بسند السنن وسكت عنه
طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبي
الجعد عن أبي هريرة قال البزار وهذا الحديث رواه بن عيينة عن منصور عن أبي حازم
عن أبي هريرة رضي الله عنه والصواب حديث إسرائيل وقد تابع إسرائيل على روايته
أبو حصين فرواه عن سالم عن أبي هريرة ثم أخرجه كذلك وهذا مخلاف لكلام
الحاكم
وأما حديث حبشي بن جنادة فرواه الترمذي حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا
عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن حبشي بن جنادة السلولي قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة في حجة الوداع وقد أتاه أعرابي فسأله
رداءه فأعطاه إياه قال إن المسألة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى مختصر وقال
غريب من هذا الوجه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم به
ومن طريقه الطبراني في معجمه
وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني في سننه عن الوازع بن نافع عن أبي
سلمة عن جابر بن عبد الله قال جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة فركبه الناس فقال
إنها لا تصلح لغني ولا لصحيح سوى ولا لعامل قوى انتهى والوازع بن نافع
483

قال بن حبان في كتاب الضعفاء يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته
ويشبه أنه لم يتعمدها بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه فبطل الاحتجاج به انتهى
كلامه ورواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان من حديث
محمد بن الفضل بن حاتم ثنا إسماعيل بن بهرام الكوفي حدثني محمد بن جعفر عن أبيه
عن جده عن جابر مرفوعا لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى انتهى
وأما حديث طلحة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث إسماعيل بن
يعلى بن أمية الثقفي عن نافع عن أسلم مولى عمر عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى انتهى ورواه بن عدي في
الكامل وقال لا أعلم أحدا رواه بهذا الاسناد غير أبي أمية بن يعلي وضعفه عن بن
معين والنسائي ولينه عن البخاري ووثقه عن شعبة ثم قال وهو من جملة الضعفاء
الذين يكتب حديثهم انتهى
وأما حديث عبد الرحمن بن أبي بكر فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد
بن رشدين ثنا يحيى بن بكير ثنا بن لهيعة حدثني بكر بن سوادة عن أبي ثور عن
عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي عليه السلام نحوه سواء
وأما حديث بن عمر فرواه بن عدي في الكامل من حديث محمد بن
الحارث بن زياد عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن بن عمر رضي الله
عنه مرفوعا بنحوه سواء وأعله بمحمد بن الحارث وضعفه عن البخاري والنسائي
وابن معين وضعف أيضا بن البيلماني
حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود والنسائي عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عبيد الله بن عدي بن الخباز قال أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي عليه السلام في حجة
الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال إن
شئتما أعطيتكما ولاحظ فيهما لغنى ولا لقوى مكتسب انتهى قال صاحب
484

التنقيح حديث صحيح ورواته ثقات قال الإمام أحمد رضي الله عنه ما أجوده
من حديث هو أحسنها إسنادا انتهى
حديث للشافعي رضي الله عنه في تخصيصه غنى الغزاة رواه أبو داود وابن
ماجة من طريق عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة العامل عليها أو رجل
اشتراها بماله أو غارم أو غازي في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه منها فأهداها
لغني انتهى ورواه أبو داود من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي
عليه السلام مرسلا قال أبو داود ورواه بن عيينة عن زيد كما رواه مالك ورواه
الثوري عن زيد قال حدثني الثبت عن النبي عليه السلام انتهى
الحديث الثامن والثلاثون حديث معاذ رضي الله عنه قلت تقدم قريبا
الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام لامرأة بن مسعود حين سألته عن
485

التصدق عليه لك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة قلت أخرجه الجماعة
إلا أبا داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاشر
النساء تصدقن ولو من حليكن قالت فرجعت إلى عبد الله
فقلت إنك رجل خفيف ذات اليد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله
فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلي غيركم قالت فقال لي عبد الله بل ائتيه
أنت قالت فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها
قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقى عليه المهابة قالت فخرج علينا بلال رضي الله
عنه فقلنا له أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنهم
على أزواجهما وعلي أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن قالت فدخل بلال
فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هما قال امرأة من الأنصار وزينب قال أي
الزيانب قال امرأة عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما أجران أجر القرابة وأجر
الصدقة انتهى ووهم الحاكم فرواه في آخر المستدرك وقال حديث صحيح
علي شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى قال بن الجوزي في التحقيق
وقولهما أتجزئ يدل على زكاة الفرض لا التطوع لان لفظ الاجزاء إنما يستعمل في
الواجب انتهى وضعف بن القطان في كتابه الاستدلال بهذا الحديث على
المقصود منه بثلاثة أوجه
أحدها قال إن فيه انقطاعا بين عمرو بن الحارث وزينب وبينهما بن
أخي زينب هكذا رواه أبو علي بن السكن في سننه عن أبي معاوية حدثنا الأعمش
عن شقيق عن عمرو بن الحارث عن بن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب
486

فذكره قلت الاسنادان عند النسائي في عشرة النساء وعند الترمذي في
الزكاة
الثاني قال إنه ليس في الحديث ما يدل علي أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أعني
قوله لهما أجران الخ ولا أخبرهما بلال به لكن ظهر أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم
في حديث آخر من رواية أبي سعيد رواه البزار في مسنده من حديث محمد بن
جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أبي سرح عن
أبي سعيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر فصلى ثم انصرف فوعظ
الناس وأمرهم بالصدقة ثم مر على النساء فقال لهن تصدقن فلما انصرف وصار
إلى منزله جاءته زينب امرأة عبد الله فاستأذنت عليه فأذن لها فقالت يا نبي الله إنك
اليوم أمرتنا بالصدقة وعندي حلى لي فأردت أن أتصدق به فزعم بن مسعود أن هو
وولده أحق من تصدق به عليهم فقال عليه السلام صدق بن مسعود زوجك
وولدك أحق من تصدقت به عليهم انتهى
الثالث قال إن هذا الحديث واقعة عين خاص بهاتين المرأتين فإن حكم لغيرهما
بمثل ذلك فيمن دليل آخر لا من نفس الخبر انتهى كلامه ملخصا
الحديث الأربعون قال عليه السلام يا بني هاشم إن الله تعالى قد حرم عليكم
غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس قلت غريب بهذا اللفظ
وروى مسلم في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا إن هذه الصدقات
إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد الحديث وأوله عن
487

عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال اجتمع أبي ربيعة والعباس بن عبد المطلب
فقال لو بعثنا هذين الغلامين قالا لي وللفضل بن العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس فقال علي
أرسلوهما فانطلقنا حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت
جحش فقلنا يا رسول الله قد بلغنا النكاح وأنت أبر الناس وأوصل الناس وجئناك
لتؤمرنا على هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدى الناس ونصيب كما يصيبون
قال فسكت طويلا ثم قال إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس
أدعو إلي محمية بن جزء رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله على
الأخماس ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فأتياه فقال لمحمية انكح هذا الغلام
ابنتك للفضل بن العباس فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث أنكح هذا الغلام ابنتك
لي فأنكحني وقال لمحمية أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا مختصر تفرد
به مسلم ورواه الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن
سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن بن عباس فذكر هذه القصة
مختصرة وفي آخره فقال لهما عليه السلام إنه لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات
شئ إنما هي غسالة الأيدي وإن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم انتهى
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا شريك عن خصيف
عن مجاهد قال كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس
انتهى ورواه الطبري في تفسيره حدثنا بن وكيع به قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
لا يأكلون الصدقة فجعل لهم خمس الخمس انتهي
الحديث الحادي والأربعون روى أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أتحل لي
488

الصدقة فقال لا أنت مولانا قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن
شعبة عن الحكم بن عتيبة عن بن أبي رافع عن أبي رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي
عليه السلام بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع اصحبني فإنك
تصيب من ها قال حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتاه فسأله فقال مولي القوم
من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال صحيح على
شرط الشيخين انتهى وأبو رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه أسلم وابن أبي
رافع اسمه عبيد الله وهو كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه انتهى بقية كلام
الترمذي ومولى القوم من أنفسهم في الصحيح عن أنس رضي الله عنه
وروى أحمد في مسنده حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عطاء بن السائب قال أتيت
أم كلثوم بنت علي بشئ من الصدقات فردته وقالت حدثني مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
يقال له مهران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم
منهم انتهى
الحديث الثاني والأربعون قال عليه السلام في حق يزيد وابنه معن يا يزيد لك
489

ما نويت ويا معن لك ما أخذت حين دفع إلي معن وكيل أبيه يزيد صدقته قلت
أخرجه البخاري عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي
وخطب علي فأنكحني وخاصمت إليه وكان أبي يزيد قد أخرج دنانير يتصدق بها
فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك
أردت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا
معن انتهى انفرد به البخاري ولم يخرج لمعن غيره
490

ومن أحاديث الباب ما أخرجاه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال قال رجل لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا
يتحدثون تصدق على سارق فقال اللهم لك الحمد لاتصدقن بصدقة فخرج
بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال
اللهم لك الحمد لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا
يتحدثون تصدق على غني فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى
غنى فأتى فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية
فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغنى فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله تعالى
انتهى
الحديث الثالث والأربعون حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم في الباب
باب صدقة الفطر
الحديث الأول روى عبد الله بن ثعلبة بن صعير ويقال له بن أبي صعير العذري
عن أبيه أن النبي عليه السلام قال في خطبته أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير
نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير قلت رواه الزهري عن
عبد الله بن ثعلبة وله وجوه
أحدها رواية بكر بن وائل رواه أبو داود في سننه فقال حدثنا علي بن
الحسن الدرابجردي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا همام ثنا بكر بن وائل عن الزهري عن ثعلبة بن
491

عبد الله أو قال عبد الله بن ثعلبة ح وحدثنا محمد بن يحيي النيسابوري ثنا موسى
بن إسماعيل المنقري حدثنا همام عن بكر بن وائل أن الزهري حدثهم عن عبد الله بن
ثعلبة بن صعير عن أبيه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأمر بصدقة الفطر صاع
تمر أو صاع شعير عن كل رأس زاد علي في حديثه أو صاع بر أو قمح بين اثنين ثم
اتفقا عن الصغير والكبير والحر والعبد انتهى وأخرجه الدارقطني عم عمرو بن
عاصم عن همام بن بكر بن وائل عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه
بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فأمر بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر
والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير عن كل واحد أو صاع قمح انتهى
الوجه الثاني راوية النعمان بن راشد أخرجها أبو داود أيضا فقال حدثنا مسدد
وسليمان بن داود العتكي ثنا حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري قال
مسدد عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه وقال سليمان بن داود عبد الله بن
ثعلبة بن أبي صعير أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى أما
غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه لله زاد سليمان في
حديثه غني أو فقير انتهى وأخرجه الدارقطني رحمه الله عن إسحاق بن أبي
إسرائيل عن حماد بن زيد به مرفوعا أدوا صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من
شعير أو نصف صاع من بر إلى آخره ثم أخرجه عن يزيد بن هارون عن حماد بن
زيد به قال أدوا عن كل إنسان صاعا من بر عن الصغير والكبير والذكر والأنثى
والغنى والفقير إلى آخره ثم أخرجه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد به عن ثعلبة
بن أبي صعير عن أبيه بنحو رواية يزيد ثم أخرجه عن خالد بن خداش عن حماد بن
زيد وقال بهذا الاسناد نحوه
الوجه الثالث رواية بن جرجة عن الزهري فأخرجها الدارقطني عن يحيى بن
492

جرجة عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال
إن صدقة الفطر مدان من بر عن كل إنسان أو صاع مما سواه من الطعام انتهى
ويحيى بن جرجة روى عنه بن جريج وفرعة بن سويد قال بن أبي حاتم سألت أبي
عنه فقال هو شيخ وقال الدارقطني ليس بقوي
الوجه الرابع رواية بن جريج عن الزهري رواه عبد الرزاق في مصنف أخبرنا
بن جريج عن بن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قبل
الفطر بيوم أو يومين فقال أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو
شعير عن كل حر أو عبد صغير أو كبير انتهي ومن طريق عبد الرزاق رواه
الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه وهذا سند صحيح قوي
الوجه الخامس رواية بحر بن كنيز السقاء عن الزهري أخرجه الحاكم في كتابه
المستدرك في كتاب الفضائل عن بحر بن كثير حدثنا الزهري عن عبد الله بن ثعلبة
عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه فرض صدقة الفطر على الصغير والكبير صاعا من
تمر أو مدين من قمح انتهى وسكت عنه ثم قال وقد رواه أكثر أصحاب الزهري
عنه عن عبد الله بن ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا أباه انتهى وقال الدارقطني في
علله هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه أما سنده فرواه الزهري واختلف عليه
فيه فرواه النعمان بن راشد عنه عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ورواه بكر بن وائل
عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير وقيل عن بن عيينة عن الزهري عن بن
أبي صعير عن أبي هريرة وقيل عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة وقيل عن عقيل ويونس عن الزهري عن سعيد مرسلا
493

ورواه معمر على الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه وأما اختلاف
متنه ففي حديث سفيان بن حسين عن الزهري صاع من قمح وكذلك في حديث
النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه صاع من قمح عن كل
إنسان وفي حديث الباقين نصف صاع من قمح قال وأصحها عن الزهري عن
سعيد بن المسيب مرسلا انتهى كلامه قال الشيخ في الامام وحاصل ما يعلل به
هذا الحديث أمران أحدهما الاختلاف في اسم أبي صعير فقد تقدم من جهة أبي
داود عن مسدد ثعلبة بن أبي صعير ومن جهته أيضا عن سليمان بن داود عبد الله بن
ثعلبة بن أبي صعير أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير وكذلك أيضا عن أبي داود في
رواية بكر بن وائل المتقدمة ثعلبة بن عبد الله أو قال عبد الله بن ثعلبة علي الشك
وعنده أيضا من رواية محمد بن يحيي وفيه الجزم بعبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير
وكذلك رواية بن جريج وعند الدارقطني من رواية مسدد عن بن أبي صعير عن أبيه لم
يسمه ثم أخرجه الدارقطني عن همام عن بكر أن الزهري حدثه عن عبد الله بن ثعلبة
بن أبي صعير عن أبيه ثعلبة قال نحوه يعني نحو حديث مسدد فإنه ذكره عقيبه
وهذا يحتاج إلى نظر فإنه ذكره من رواية مسدد عن حماد بن زيد عن النعمان بن راشد
عن الزهري عن بن أبي صعير عن أبيه مرفوعا صدقة الفطر صاع من بر أو قمح عن
كل رأس كذا في النسخة العتيقة الصحيحة ورواية أبي داود عن مسدد فيها أدوا
صاعا من بر أو قمح عن كل اثنين وهذا مخالف للأول والله أعلم وفي رواية
سليمان بن حرب عن حماد الجزم بثعلبة بن أبي صعير عن أبيه عند الدارقطني والجزم
بعبد الله بن ثعلبة في رواية بحر بن كنيز كما تقدم عند الحاكم والشك في رواية يزيد
بن هارون عن حماد فيها عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أو عن ثعلبة عن أبيه عند
494

الدارقطني أيضا
العلة الثانية الاختلاف في اللفظ ففي حديث سليمان بن حرب عند الدارقطني
عن حماد بزيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه
مرفوعا أدوا صاعا من قمح الحديث ثم أتبعه الدارقطني براوية خالد بن خداش عن
حماد بن زيد وقال بهذا الاسناد مثله وقد تقدم من رواية أبي داود عن مسدد صاع
من بر أو قمح على كل اثنين وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن داود المكي عن
مسدد حدثنا حماد بن زيد به عن بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه مرفوعا أدوا صدقة
الفطر صاعا من تمر أو قمح عن كل رأس الحديث وفي رواية بكر بن وائل قيل
عن كل رأس وذكر البيهقي عن محمد بن يحيي الذهلي أنه قال في كتاب العلل
إنما هو عبد الله بن ثعلبة وإنما هو عن كل رأس أو كل إنسان هكذا رواية بكر بن
وائل لم يقم الحديث غيره قد أصاب الاسناد والمتن قال شيخ ويمكن أن تحرف
رأس إلى اثنين ولكن يبعد هذا بعض الروايات كالرواية التي فيها صاع بر أو
قمح بين كل اثنين انتهى كلامه وقال صاحب تنقيح التحقيق بعد ذكره هذا
الاختلاف وقد روى على الشك في الاثنين قال أحمد بن حنبل حدثنا عفان قال
سألت حماد بن زيد عن صدقة الفطر فحدثني عن نعمان بن راشد عن الزهري عن بن
ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أدوا صاعا من قمح أو صاعا من
بر وشك حماد عن كل اثنين صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو مملوك غني أو
فقير أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد عليه الله أكثر مما يعطى انتهي ثم
قال قال مهنأ ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف صاع
من بر فقال ليس بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهري
مرسلا قلت من قبل من هذا قال من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوي في
الحديث وضعف حديث بن أبي صعير وسألته عن بن أبي صعير أهو معروف
فقال ومن يعرف بن أبي صعير ليس هو معروف وذكر أحمد وابن المديني بن أبي
صعير فضعفاه جميعا وقال بن عبد البر ليس دون الزهري من يقوم به الحجة
والنعمان بن راشد قال معاوية عن بن معين ضعيف وقال عباس عنه ليس بشئ
495

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه مضطرب الحديث وقال البخاري في حديثه
وهم كثير وهو في الأصل صدوق وقال بن عدي النعمان بن راشد قد احتمله
الناس روى عنه الثقات مثل حماد بن زيد وجرير بن حازم ووهيب بن خالد
وغيرهم من الثقات وله نسخة عن الزهري لا بأس به وقال شيخنا أبو الحجاج
المزي في تهذيب الكمال عبد الله بن ثعلبة بن صعير ويقال بن أبي صعير
العذري أبو محمد المدني الشاعر حليف بني زهرة ويقال ثعلبة بن عبد الله بن
صعير وأمه من بني زهرة مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ورأسه زمن الفتح ودعا له
روى عن النبي عليه السلام وعن أبيه ثعلبة بن صعير وجابر بن عبد الله وسعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله
عنهم روى عنه سعد بن إبراهيم وعبد الله بن مسلم أخو الزهري وعبد الحميد بن
جعفر ولم يدركه ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال سعد بن إبراهيم ثنا
عبد الله بن ثعلبة بن صعير بن أخت لنا وقال محمد بن سعد كان أبو ثعلبة بن صعير
شاعرا كان حليفا لبني زهرة وقال الحاكم أبو أحمد عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير
العذري بن عم خالد بن عرفطة بن صعير حليف بني زهرة قيل إنه ولد قبل الهجرة
وقيل بعد الهجرة وتوفى سنة سبع وقيل سنة تسع وثمانين وهو بن ثلاث وثمانين
سنة وقيل ثلاث وتسعين وقيل في وفاته وسنه غير ذلك انتهى وقال بن سعد في
الطبقات عبد الله بن ثعلبة بن صعير يكنى بأبي محمد وقد رأى النبي عليه
السلام صغيرا مات سنة سبع وثمانين بالمدينة وهو بن ثلاث وثمانين سنة أخبرنا
الواقدي عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال أنا أعقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مسح رأسي انتهى
واعلم أن المصنف رحمه الله استدل بحديث عبد الله بن ثعلبة هذا على أصل
وجوب صدقة الفطر لا علي مقدار الواجب واستدل على مقدار الواجب بحديث
أبي سعيد وسيأتي في فصل مقدار الواجب إن شاء الله تعالى
وفي البا ب أحاديث منها حديث بن عمر أخرجه البخاري ومسلم من
طريق مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على
الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من
496

المسلمين وفي لفظ لهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاع من تمر أو صاع
من شعير قال بن عمر فجعل للناس عدله مدين من حنطة انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن
عبد الرحمن عن عكرمة عن بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة
للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة
ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات انتهى ورواه الدارقطني وقال
ليس في رواته مجروح ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط
البخاري ولم يخرجاه وقال الشيخ في الامام لم يخرج الشيخان لأبي يزيد
ولا لسيار شيئا انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن داود بن شبيب ثنا يحيى بن عباد
السعدي عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صارخا ببطن مكة
ينادي إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر
أو مملوك حاضر أو باد مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذه الألفاظ
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله
عنهم أن بعض البادية جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل علينا زكاة
الفطر فقال هي على كل مسلم صغير أو كبير حر أو عبد صاع من شعير أو
تمر أو أقط انتهى قال الشيخ في الامام وفي إسناده بعض من يحتاج إلى
معرفة حاله انتهى وهذه الألفاظ تمنع تأويل الفرض المذكور في الصحيح بالفرض
التقديري والله أعلم
497

الحديث الثاني قال عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غنى قلت رواه
أحمد في مسنده حدثنا يعلى بن عبيد ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صدقة إلا عن ظهر غنى واليد العليا خير من السفلى وابدأ
بمن تعول وذكره البخاري في صحيحه تعليقا في كتاب الوصايا فقال
وقال النبي عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غني انتهى وهو في
الصحيحين بغير هذا اللفظ فرواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعا خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول انتهى ورواه مسلم
من حديث حكيم بن حزام مرفوعا أفضل الصدقة أو خير الصدقة عن ظهر غنى
واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول انتهى
الحديث الثالث حديث بن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الذكر
498

والأنثى الحديث قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من طريق مالك عن نافع عن
بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر على
كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى
قوله ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر لاطلاق ما روينا قلت يشير إلى
حديث عبد الله بن ثعلبة وإلى حديث بن عمر أيضا فإن لفظ الكتاب ليس فيه من
المسلمين
الحديث الرابع روى بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا عن كل
499

حر وعبد يهودي أو نصراني أو مجوسي الحديث قلت أخرجه الدارقطني في
سننه وليس فيه ذكر المجوسي عن سالم الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن بن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا صدقة الفطر عن كل صغير أو كبير ذكر أو
أنثى يهودي أو نصراني حر أو مملوك نصف صاع أو صاعا من تمر أو شعير
انتهى وقال لم يسنده غير سلام الطويل وهو متروك انتهى ومن طريق
الدارقطني رواه بن الجوزي في الموضوعات وقال زيادة اليهودي والنصراني فيه
موضوعة انفرد بها سالم الطويل وكأنه تعمدها وأغلظ فيه القول عن النسائي وابن
معين وابن حبان وقال في التحقيق قال بن معين لا يكتب حديثه وضعفه بن
المديني جدا وقال النسائي متروك الحديث وقال بن حبان يروى عن الثقات
الموضوعات كأنه كان المتعمد بها انتهى
أحاديث الباب روى الدارقطني ثم البيهقي من حديث القاسم بن عبد الله بن
عامر بن زرارة حدثنا عمير بن عمار الهمداني ثنا الأبيض بن الأغر حدثني الضحاك
بن عثمان عن نافع عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير
والكبير والحر والعبد ممن تمونون انتهى قال الدارقطني ك رفعه القاسم هذا وهو ليس
بالقوي والصواب موقوف قال صاحب التنقيح القاسم وعمير لا يعرفان
بجرح ولا تعديل وكلاهما من أولاد المحدثين فإن والد القاسم مشهور بالحديث وجد
عمير هو أبو العريف الهمداني الكوفي مشهور والأبيض بن الأغر له مناكير انتهى
وقال الشيخ تقى الدين في الامام الأبيض بن الأغر بن الصباح ذكره بن أبي
حاتم ولم يعرف بحاله ولم يذكر عمير بن عمار وفي الاسناد من يحتاج إلى معرفة
حاله انتهى
500

حديث آخر رواه الدارقطني ثم البيهقي أيضا من حديث علي بن الرضا
عن أبيه عن جده عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بنحوه وهو مرسل فإن جد علي بن
موسى هو جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله
عنهم وجعفر لم يدرك الصحابة وقد أخرج له الشيخان وقال بن حبان في
الثقات يحتج بحديثه ما لم يكن من رواية أولاده عنه فإن في حديث ولده مناكير
كثيرة
حديث آخر أخرجه البيهقي عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
علي قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه وزاد صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو
صاعا من زبيب عن كل إنسان انتهى ورواه الشافعي رضي الله عنه ومن
طريقه البيهقي أنبأ إبراهيم بن محمد الأسلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض إلي آخره قال البيهقي هذا مرسل والأول منقطع لكن قال الشافعي
يعضده حديث بن عمر والاجماع انتهى وهذا الانقطاع الذي أشار إليه هو بين
محمد بن علي وجد أبيه علي بن أبي طالب قال الشيخ رحمه الله في الامام وقد
يستدل على تعلق الوجوب بالمخرج عنه بلفظ علي وعن في الأحاديث المقتضية
للوجوب فحديث نافع عن بن عمر مروى من طريق مالك وعبيد الله بن عمر
ويحيى بن عمر ويحيى بن سعيد والضحاك بن عثمان فرواية مالك رضي الله عنه في
الصحيحين بلفظ على كل حر أو عبد ورواية عبيد الله اختلفت فهي في
الصحيحين بلفظ على كل عبد أو حر وهي عند البيهقي بلفظ عن وكذلك
عند الدارقطني ورواية أيوب أيضا في مسلم بلفظة على ورواية الضحاك بن عثمان
أيضا عند مسلم بلفظه على ورواية يحيى بن سعيد عند البيهقي باللفظين قال
الشيخ رحمه الله وقد يستدل على هذا المقام أيضا بحديث عراك بن مالك عن أبي
هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا
زكاة الفطر رواه بهذا اللفظ الدارقطني في سننه وأما لفظ مسلم في
501

صحيحه ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر فليس فيه دلالة انتهى
الآثار أخرج الطحاوي رحمه الله في المشكل عن بن المبارك عن بن لهيعة
عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة قال كان يخرج زكاة الفطر عن
كل إنسان يعول من صغير وكبير حر أو عبد ولو كان نصرانيا مدين من قمح أو
صاعا من تمر انتهى وحديث بن لهيعة يصلح للمتابعة سيما من رواية بن المبارك
عنه
أثر آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن بن عباس قال يخرج الرجل
زكاة الفطر عن كل مملوك له وإن كان يهوديا أو نصرانيا
أثر آخر أخرجه الدارقطني عن عثمان بن عبد الرحمن عن نافع عن بن عمر أنه
كان يخرج صدقة الفطر عن كل حر وعبد صغير وكبير ذكر وأنثى كافر ومسلم
حتى أن كان ليخرج عن مكاتبيه من غلمانه انتهى قال الدارقطني وعثمان هذا
هو الوقاصي وهو متروك انتهى
أحاديث الخصوم روى البخاري ومسلم من طريق مالك عن نافع عن بن عمر
رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل الناس
صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين
انتهى وفي لفظ لهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان علي كل
نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا
من شعير انتهى قال الشيخ في الامام وقد اشتهرت هذه اللفظة أعني قوله
من المسلمين من رواية مالك رضي الله عنه حتى قيل إنه تفرد بها قال أبو قلابة
عبد الملك بن محمد ليس أحد يقول فيه من المسلمين غير مالك وقال الترمذي بعد
تخريجه له زاد فيه مالك من المسلمين وقد رواه غير واحد عن نافع فلم يقولوا فيه
من المسلمين انتهى قال فمنهم الليث بن سعد وحديثه عند مسلم وعبيد الله بن
502

عمر وحديثه أيضا عند مسلم وأيوب السختياني وحديثه عند البخاري ومسلم
كلهم يروونه عن نافع بن عمر فلم يقولوا فيه من المسلمين قال وتبعها على هذه
المقالة جماعة وليس بصحيح فقد تابع مالكا على هذه اللفظة من الثقات سبعة إلا أن
فيهم من مس وهم عمر بن نافع والضحاك بن عثمان والمعلى بن إسماعيل
وعبيد الله بن عمر وكثير بن فرقد وعبد الله بن عمر العمري ويونس بن يزيد
فحديث عمر بن نافع رواه البخاري في صحيحه عنه عن أبيه نافع عن بن
عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر وصاعا من شعير على العبد
والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدي قبل الصلاة
انتهى
وحديث الضحاك بن عثمان أخرجه مسلم عنه عن نافع عن بن عمر قال
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد
رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير انتهى
وحديث المعلى بن إسماعيل أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع
والعشرين من القسم الأول عنه عن نافع عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة
الفطر صاعا من شعير من كل مسلم صغير أو كبير حر أو عبد قال بن عمر ثم إن
الناس جعلوا عدل ذلك مدين من قمح انتهى
وحديث عبد الله بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك عنه عن نافع عن بن
عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل
حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى وصححه ورواه الدارقطني في
سننه والطحاوي في مشكلة
وحديث كثير بن فرقد أخرجه الحاكم في المستدرك عن نافع عن بن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زكاة الفطر فرض علي كل مسلم حر وعبد ذكر وأنثى من
503

المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير انتهى وقال حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه انتهى
وحديث عبد الله بن عمر العمري أخرجه الدارقطني عنه عن نافع عن بن عمر
بنحوه سواء أبو داود في سننه رواه عبد الله بن عمر العمري عن نافع
فقال فيه على كل مسلم ورواه عبيد الله عن نافع فقال فيه من المسلمين والمشهور
عن عبيد الله ليس فيه من المسلمين انتهى قلت هكذا أخرجه مسلم عن عبيد الله
عن نافع وليس فيه من المسلمين وقد تقدم
وحديث يونس بن يزيد أخرجة الطحاوي في مشكله عنه أن نافعا أخبره قال
قال عبد الله بن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس زكاة الفطر من رمضان صاعا
من تمر أو صاعا من شعير على كل إنسان ذكر أو أنثى حر أو عبد من المسلمين
انتهى
حديث آخر للخصوم واستدل لهم الشيخ في الامام أيضا بحديث أخرجه أبو
داود وابن ماجة عن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن بن
عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة
للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة
من الصدقات انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على
شرط البخاري ولم يخرجاه قال الشيخ ولم يخرج البخاري ولا مسلم لأبي يزيد
ولا لسيار شيئا ولا يصح أن يكون على شرط البخاري إلا أن يكون أخرج لهما
وكأنه أراد بكونه على شرط البخاري أنه من رواية عكرمة فإن البخاري احتج بروايته
في مواضع من كتابه انتهى ورواه الدارقطني وقال ليس في رواته مجروح انتهى
504

فصل في مقدار الواجب ووقته
الحديث الخامس روى أبو سعيد الخدري قال كنا نخرج ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه الأئمة الستة عنه مختصرا ومطولا قال كنا نخرج إذا كان
فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك
صاعا من طعام أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب فلم نزل
نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به
الناس أن قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس
بذلك قال أبو سعيد أما أنا فإني لا أزال أخرجه أبدا ما عشت قال أبو داود وذكر فيه
رجل واحد عن بن علية أو صاع حنطة وليس بمحفوظ وذكر معاوية بن هشام
نصف صاع من بر وهو وهم من معاوية بن هشام أو ممن رواه عنه انتهى كلامه
وقد أساء عبد الحق في أحكامه إذ قال زاد أبو داود في هذا الحديث أو صاع حنطة
لان هذا يوهم أن هذه الزيادة متصلة عند أبي داود وليس كذلك هكذا تعقبه علي بن
القطان والله أعلم وحجة الشافعية من هذا الحديث في قوله صاعا من طعام قالوا
والطعام في العرف هو الحنطة سيما وقد وقع في رواية للحاكم صاعا من حنطة وهي
التي أشار إليها أبو داود أخرجه في المستدرك من طريق أحمد بن حنبل عن بن علية
عن بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن
عبد الله قال قال أبو سعيد وذكر عنده صدقة الفطر فقال لا أخرجه إلا ما كنت
أخرجه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر أو صاعا من حنطة أو صاعا من شعير
فقال له رجل من القوم أو مدين من قمح فقال لا تلك قسمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل
بها انتهى وصححه ورواه الدارقطني في سننه من حديث يعقوب الدورقي
عن بن علية به سندا ومتنا ومن الشافعية من جعل هذا الحديث حجة لنا من حجه أن
505

معاوية جعل نصف صاع من الحنطة عدل صاع من التمر والزبيب قال النووي في
شرح مسلم هذا الحديث معتمد أبي حنيفة رضي الله عنه ثم أجاب عنه بأنه فعل
صحابي وقد خالفه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم
بحال النبي عليه السلام وقد أخبر معاوية أنه رأى رآه لا قول سمعه من النبي
انتهى صلى الله عليه وسلم كلامه قلنا أما قولهم إن الطعام في العرف هو الحنطة فممنوع بل الطعام
يطلق على كل مأكول وهنا أريد به أشياء ليست الحنطة منها بدليل ما جاء فيه عند
البخاري عن أبي سعيد قال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من
طعام قال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر انتهى قال
الشيخ في الامام وروى بن خزيمة في مختصر المختصر بسند صحيح من حديث
فضيل بن غزوان عن نافع عن بن عمر قال لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة انتهى وأما ما رواه الحاكم فيه أو
صاعا من حنطة فقد أشار أبو داود إلى هذه الرواية في سننه وضعفها فقال وذكر
فيه رجل واحد عن بن علية أو صاع حنطة وليس بمحفوظ انتهى وقال بن خزيمة
فيه وذكر الحنطة في هذا الخبر غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم وقول الرجل له أو
مدين من قمح دال علي أن ذكر الحنطة في أول الخبر خطأ ووهم إذ لو كان صحيحا
لم يكن لقوله أو مدين من قمح معنى انتهي نقله الشيخ في الامام عنه وقد عرف
تساهل الحاكم في تصحيح الأحاديث المدخولة وقول النووي إنه فعل صحابي قلنا
قد وافقه غيره من الصحابة الجم الغفير بدليل قوله في الحديث فأخذ الناس بذلك
ولفظ الناس للعموم فكان إجماعا وكذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أيوب
السختياني عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر علي الذكر
والأنثى والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به مدين من
حنطة ولا يضر مخالفة أبي سعيد لذلك بقوله أما أنا فلا أزال أخرجه لأنه لا يقدح
في الجماع سيما إذا كان فيه الخلفاء الأربعة أو نقول أراد بالزيادة على قدر الواجب
تطوعا والله أعلم
وقوله ولنا ما روينا يشير إلى حديث عبد الله بن ثعلبة المتقدم أول الكتاب
506

أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن حميد الطويل عن الحسن عن بن
عباس أنه خطب في آخر رمضان على المنبر بالبصرة فقال أخرجوا صدقة صومكم
فكأن الناس لم يعلموا قال من ههنا من أهل المدينة قوموا إلى إخوانكم فعلموهم
فإنهم لا يعلمون فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة صاعا من تمر أو شعير أو نصف
صاع من قمح على كل حر أو مملوك ذكر أو أنثى صغير أو كبير فلما قدم على رأى
رخص السعر فقال قد أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعا من كل شئ قال
حميد وكان الحسن يرى صدقة رمضان على من صام انتهى قال النسائي والحسن
لم يسمع من بن عباس رضي الله عنهما وقال الحاكم أخبرنا الحسن بن محمد
الأسفرائيني ثنا محمد بن أحمد بن البراء قال سمعت علي بن المديني سئل عن هذا
الحديث فقال الحسن لم يسمع من بن عباس ولا رآه قط كان بالمدينة أيام كان بن
عباس علي البصرة قال وقول الحسن خطبنا بن عباس بالبصرة هو كقول ثابت
قدم علينا عمران بن الحصين ومثل قول مجاهد خرج علينا علي وكقول الحسن إن
سراقة بن مالك حدثهم وإنما قوله خطبنا أي خطب أهل البصرة انتهى وقال
صاحب تنقيح التحقيق الحديث رواته ثقات مشهورون لكن فيه إرسالا فإن الحسن
لم يسمع من عباس علي ما قيل وقد جاء في مسند أبي يعلي الموصلي في حديث عن
الحسن قال أخبرني بن عباس وهذا إن ثبت دل على سماعه منه انتهى كلامه
وقال البزار في مسنده بعد أن رواه لا يعلم روى الحسن عن بن عباس غير هذا
الحديث ولم يسمع الحسن من بن عباس وقوله خطبنا أي خطب أهل البصرة
ولم يكن الحسن شاهدا لخطبته ولا دخل البصرة بعد لان بن عباس خطب يوم الجمل
والحسن دخل أيام صفين انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يحيى بن عباد السعدي ثنا بن
جريج عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث صارخا بمكة صاح إن صدقة
الفطر حق واجب مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى ورواه البزار
507

بلفظ أو صاع مما سوى ذلك من الطعام وصححه الحاكم قد تقدم ورواه البيهقي
وقال تفرد به يحيي بن عباد عن جريج وإنما رواه غيره عن بن جريج عن عطاء من
قوله في المدين وقال بن الجوزي في التحقيق وقد تكلم العقيلي في يحيى هذا
وضعفه وكذلك ضعفه الدارقطني قال الأزدي منكر الحديث جدا عن بن جريج
انتهي
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن الواقدي ثنا عبد المجيد بن عمران بن أبي أنس عن
أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر
صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو مدين من قمح انتهى وأعل بالواقدي
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن سلام الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن بن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر عن كل صغير وكبير ذكر أو أنثى
نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير انتهى وهو معلول بسلام
الطويل
حديث آخر أخرجه الترمذي عن سالم بن نوح عن بن جريج عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام بعث مناديا ينادي في فجاج مكة ألا إن صدقة
الفطر واجبة علي كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير مدان من قمح
أو صاع مما سواه من الطعام انتهى وقال حسن غريب وأعله بن الجوزي في
التحقيق بسالم بن نوح قال قال بن معين ليس بشئ وتعقبه صاحب التنقيح
فقال هو صدوق روى له مسلم في صحيحه وقال أبو زرعة صدوق ثقة ووثقه
بن حبان وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني فيه شئ وقال بن عدي
عنده غرائب وأفراد وأحاديثه مقاربة مختلفة
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن صالح عن بن جريج عن عمرو بن
508

شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صائحا فصاح إن صدقة الفطر حق
واجب على كل مسلم مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى قال بن
الجوزي وعلي بن صالح ضعفوه قال صاحب التنقيح هذا خطأ منه ولا نعلم
أحدا ضعفه لكنه غير مشهور الحال قال بن أبي حاتم علي بن صالح روى عن بن
جريج وروى عنه معتمر بن سليمان سألت أبي عنه فقال مجهول لا أعرفه وذكر
غير أبي حاتم أنه مكي معروف وهو أحد العباد وكنيته أبو الحسن وروى عن عمرو
بن دينار و عبد الله بن عثمان بن خيثم ويحيى بن جرجة والأوزاعي وعبيد الله بن
عمر وجماعة وروى عنه سعيد بن سالم القداح ومعتمر بن سليمان وسفيان
الثوري وروى له الترمذي في جامعه وذكره بن حبان في كتاب الثقات
وقال يعرف وتوفى سنة إحدى وخمسين ومائة انتهى ورواه البيهقي كذلك
عن المعتمر بن سليمان عن علي بن صالح قال رواه سالم بن نوح عن بن جريج عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ثم قال قال الترمذي سألت محمد بن
إسماعيل عن هذا الحديث فقال بن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب انتهى
كلامه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن شعيب أن النبي
عليه السلام أمر صارخا يصرخ الحديث
ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه هكذا معضلا وأخرجه
الدارقطني أيضا عن عبد الوهاب هو بن عطاء أنا بن جريج قال قال عمرو بن
شعيب بلغني أن النبي عليه السلام أمر صارخا يصرخ الحديث
حديث آخر رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق بن المبارك أنا بن لهيعة عن
محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله
عنهم قالت كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين من قمح بالمد الذي
509

يقتاتون به انتهى وضعفه بن الجوزي بابن لهيعة قال صاحب التنقيح
وحديث بن لهيعة يصلح للمتابعة سيما إذا كان من رواية إمام مثل بن المبارك عنه
والله أعلم
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن بن
عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر علي الذكر والأنثى والحر والمملوك
صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به مدين من حنطة انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن سليمان بن موسى أن نافعا أخبره
عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم في زكاة الفطر بنصف صاع من
حنطة أو صاع من تمر انتهى قال البيهقي هذا لا يصح وكيف يصح ورواية
الجماعة عن نافع عن بن عمر أن تعديل الصاع بمدين من حنطة إنما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعله بن الجوزي بسليمان بن موسى قال قال بن المديني مطعون عليه
وقال البخاري عنده مناكير
طريق آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن
بن عمر قال كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من
شعير أو صاعا من تمر أو زبيب فلما كان عمر رضي الله عنه وكثرت الحنطة جعل
نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء انتهى وأعله بن الجوزي
بعبد العزيز قال قال بن حبان كان يحدث عن التوهم فسقط الاحتجاج به وقد
تقدم في حديث أبي سعيد أنه إنما عدل القيمة في الصاع معاوية فأما عمر فإنه كان أشد
اتباعا للأثر من أن يفعل ذلك انتهى قال صاحب التنقيح وعبد العزيز هذا وإن
كان بن حبان تكلم فيه فقد وثقه يحيي بن سعيد القطان وابن معين وأبو حاتم
510

الرازي وغيرهم والموثقون له أعرف من المضعفين وقد أخرج له البخاري استشهاد
انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن الحارث
عن علي عن النبي عليه السلام أنه قال في صدقة الفطر ك نصف صاع من بر أو صاع
من تمر انتهى والحادث معروف قال الدارقطني والصحيح موقوف ثم أخرجه عن
عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي إسحاق به موقوفا قال في كتاب العلل
هذا حديث يرويه أبو إسحاق واختلف عليه فرواه أبو بكر بن عيا ش عن أبي إسحاق
عن الحارث عن علي وقال فيه نصف صاع من بر ثم اختلف عنه فرفعه أبو بكر
محمد بن عبد الله بن غيلان البزار عن أبي بكر بن عياش ووهم في رفعه وغيره يرويه
موقوفا ورواه أبو العميس عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي إسحاق عن الحارث عن
علي وقال فيه صاعا من حنطة ووقفه أيضا والصحيح موقوف انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن قبيصة
بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من كان عنده شئ
فليتصدق بنصف صاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو صاع من دقيق
أو صاع من زبيب أو صاع من سلت انتهى قال الدارقطني لم يروه بهذا الاسناد
غير سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أحمد بن رشدين ثنا سعيد بن عفير ثنا
الفضل بن المختار حدثني عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك عن النبي عليه السلام
في صدقة الفطر مدان من قمح أو صاع من شعير أو أو تمر أو زبيب انتهى
وأعله بن الجوزي بالفضل بن مختار قال أبو حاتم يحدث بالأباطيل وهو مجهول
حديث آخر مرسل رواه أبو داود في مراسيله حدثنا قتيبة أنا الليث عن عقيل
عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر مدين من
حنطة انتهى قال بن الجوزي وهذا مع إرساله يحتمل أن يكون قوله مدين من
511

حنطة تفسيرا من سعيد قال صاحب التنقيح قد جاء ما يرد هذا فرواه سعيد بن
منصور حدثنا هشيم عن عبد الخالق الشيباني قال سمعت سعيد بن المسيب يقول
كانت الصدقة تدفع علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر نصف صاع من بر ورواه
الطحاوي ورواه أبو عبيد في كتاب الأموال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا عبد الخالق
بن سلمة الشيباني به قال كانت صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو
نصف صاع حنطة عن كل رأس انتهى وقال هشيم أخبرني سفيان بن حسين عن
الزهري عن سعيد بن المسيب قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر صدقة الفطر
فحض عليها وقال نصف صاع من بر أو صاع تمر أو شعير عن كل حر وعبد ذكر
أو أنثى قال الطحاوي حدثنا المزني ثنا الشافعي عن يحيى بن حسان عن الليث بن
سعد عن عقيل بن خالد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن بن شهاب عن سعيد بن
المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر مدين من حنطة انتهى قال في التنقيح
وهذا المرسل إسناده صحيح كالشمس وكونه مرسلا لا يضر فإنه مرسل سعيد
ومراسيل سعيد حجة انتهى ومن طريق الشافعي أيضا رواه البيهقي ونقل عن الشافعي
رضي الله عنه قال حديث مدين خطأ قال البيهقي وهو كما قال فإن الاخبار الثابتة
تدل على أن التعديل بمدين كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الشيخ في الامام
وهذا طريق استدلالي غير راجع إلى حال الرواة وإلا فالسند كله رجال الصحيح
ومراسيل سعيد اشتهر تقويتها وكلام الشافعي فيها والله أعلم انتهى كلامه
وفي الباب حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات وسيأتي في آخر الباب إن
شاء الله تعالى
أحاديث الخصوم أولها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقد تقدم الكلام
عليه مستوفى في أول الفصل
حديث أخر أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن سعيد بن
عبد الرحمن الجمحي ثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة
الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين
512

انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي قال البيهقي هكذا قاله سعيد بن
عبد الرحمن الجمحي وذكر البر فيه ليس بمحفوظ قال الحاكم وأشهر منه
حديث أبي معشر عن نافع الذي علونا فيه لكني تركته لأنه ليس من شرط هذ
الكتاب انتهى وهذا الذي أشار إليه رواه في علوم الحديث له وسيأتي قريبا
إن شاء الله تعالى
طريق آخر أخرجه الدارقطني عن مبارك بن فضالة عن أيوب عن نافع عن بن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض علي الذكر والأنثى والحر والعبد صدقة رمضان صاعا من
تمر أو صاعا من طعام انتهى قال بن الجوزي والطريقان ضعيفان ففي الأول
سعيد بن عبد الرحمن قال بن حبان فيه كان يروي عن عبيد الله بن عمر وغيره من
الثقات أشياء موضوعة يتخيل من يسمعها أنه كان المتعمد لها انتهى وفي الثاني
مبارك بن فضالة كان أحمد يضعفه ولا يعبأ به وضعفه النسائي وابن معين تعقبه
صاحب التنقيح فقال إما سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فروى له مسلم في
صحيحه ووثقه بن معين وهو أعلم من بن حبان وقال أحمد والنسائي ليس
به بأس وقال بن عدي له أحاديث غرائب حسان وأرجو أنها مستقيمة ولكنه يهم
في الشئ فيرفع موقوفا ويرسل مرسلا لا عن تعمد وأما مبارك بن فضالة فقد
حسن أمره غير واحد من الأئمة قال الفلاس سمعت عفان يقول كان مبارك بن
فضالة ثقة وسمعت يحيى بن سعيد القطان يحسن الثناء عليه وسئل أبو زرعة عنه
فقال يدلس كثيرا فإذا قال حدثنا فهو ثقة
طريق آخر أخرجه الطحاوي في المشكل عن بن شوذب عن أيوب عن نافع
عن بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر
والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا
من بر قال ثم عدل الناس نصف صاع من بر بصاع مما سواه انتهى قال
513

الطحاوي لا نعلم أحدا من أصحاب أيوب تابع بن شوذب على زيادة البر فيه وقد
خالفه حماد بن زيد وحماد بن سلمة عن أيوب وكل واحد منهما حجة عليه وليس
هو حجة عليهما فكيف وقد اجتمعا وأيضا ففي حديثه ما يدل عن خطئه وهو
قوله ثم عدل الناس نصف صاع من بر بصاع مما سواه فكيف يجوز أن يعدلوا صنفا
مفروضا ببعض صنف مفروض منه وإنما يجوز أن يعدل المرفوض بما سواه مما ليس
بمفروض انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في كتابه علوم الحديث عن أبي معشر عن نافع عن
بن عمر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر وفيه أو صاع من قمح
مختصر وسيأتي بتمامه في آخر الباب إن شاء الله تعالى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك أيضا وصححه عن بكر بن الأسود
ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن
النبي عليه السلام حض علي صدقة رمضان على كل إنسان صاع من تمر أو صاع من
شعير أو صاع من قمح انتهى ورواه الدارقطني وقال بكر بن الأسود ليس
بالقوي والأكثر على تضعيف سفيان بن حسين في روايته عن الزهري قال النسائي
ليس به بأس إلا في الزهري وقال بن عدي هو في غير الزهري صالح الحديث وفي
الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس وقد استشهد به البخاري في الصحيح
وروى له في الأدب وفي القراءة خلف الإمام وروى له مسلم في مقدمة كتابه
وبكر بن الأسود وإن تكلم فيه الدارقطني فقد قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال
صدوق
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن هشام عن محمد بن سيرين عن بن عباس
قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعطى صدقة رمضان عن الصغير والكبير والحر والمملوك
صاعا من طعام من أدى برا قبل منه ومن أدى شعيرا قبل منه ومن أدى زبيبا قبل منه
514

ومن أدى سلتا قبل منه انتهى قال في التنقيح رجاله ثقات غير أن فيه
انقطاعا قال أحمد وابن المدني وابن معين والبيهقي محمد بن سيرين لم يسمع من
بن عباس شيئا وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن هذا الحديث فقال
حديث منكر انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن كثير بن
عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
على كل صغير وكبير صاعا من تمر أو صاعا من طعام أو صاعا من زبيب انتهى
وكثير هذا مجمع على تضعيفه ولم يوافق الترمذي على تصحيح حديثه في موضع
وتحسينه في آخر قال أحمد ليس بشئ وقال الشافعي رحمه الله هو ركن من
أركان الكذب وقال بن معين ليس حديثه بشئ وقال النسائي والدارقطني
متروك وإسحاق الحنيني أيضا تكلم فيه البخاري والنسائي والأزدي وابن معين
حديث أخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمر بن محمد بن صهبان أخبر ني بن
شهاب الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجوا زكاة الفطر صاعا من طعام قال وطعامنا يومئذ البر والتمر
والزبيب والأقط انتهى وعمر بن صهبان قال أحمد ليس بشئ وقال بن
معين لا يساوي فلسا وقال النسائي والرازي والدارقطني متروك
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن الحارث عن علي عن النبي عليه
السلام في صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاع من بر أو صاع من
تمر انتهى والحارث لا يحتج به وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي مرفوعا وموقوفا
وقالا الصحيح موقوف وقد تقدم كلام الدارقطني في علله بتمامه وفي لفظة أيضا
515

اختلاف فعند الحاكم هكذا صاع وفي سنن الدارقطني أو نصف صاع
قوله وهو مذهب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم فيهم الخلفاء الراشدون
قلت أما حديث أبي بكر فأخرجه البيهقي ورواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا معمر عن أبي قلابة عن أبي بكر أنه أخرج زكاة الفطر مدين من حنطة وأن
رجلا أدى إليه صاعا بين اثنين انتهى قال البيهقي هذا منقطع
وأما حديث عمر فأخرجه أبو داود والنسائي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع
عن بن عمر قال كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من
شعير أو تمر أو سلت أو زبيب قال عبد الله فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل
516

عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء انتهى وقد تقدم
وأخرج الطحاوي عن عمر أنه قال لنافع إنما زكاتك على سيدك أن يؤدى عنك عند
كل قطر صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع بر انتهى
وأما حديث عثمان فأخرجه الطحاوي عنه أنه قال في خطبته أدوا زكاة الفطر
مدين من حنطة قال البيهقي هو موصول عنه
وأما حديث علي فأخرجه الطحاوي أيضا وأخرجه عبد الرزاق عنه أيضا قال
على من جرت عليه نفقتك نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو تمر وأخرج
عبد الرزاق عن بن الزبير قال زكاة الفطر مدان من قمح أو صاع من تمر أو
شعير وأخرج نحوه عن بن عباس وابن مسعود وجابر بن عبد الله وروى
أيضا أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال زكاة الفطر على
كل حر وعبد ذكر أو أنثى صغير أو كبير فقير أو غني صاع من تمر أو نصف
صاع من قمح قال معمر وبلغني أن الزهري كان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
قال الشيخ في الامام وهذا الخبر الوفق فيه متحقق وأما الرفع فإنه بلاغ لم يبين
معمر من حدثه به فهو منقطع انتهى وأخرج أيضا عن مجاهد قال كل شئ سوى
الحنطة ففيه صاع والحنطة نصف صاع وأخرج نحوه عن طاوس وابن المسيب
وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأخرجه الطحاوي
عن جماعة كثيرة ثم قال وما علمنا أحدا من الصحابة والتابعين روى عنه خلاف
ذلك وقال البيهقي رحمه الله وقد وردت أخبار عن النبي عليه السلام في صاع من
بر ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شئ من ذلك وقد بينا علة كل واحد
517

منهما في في الخلافيات انتهي
الحديث السادس قال عليه السلام صاعنا أصغر الصيعان قلت غريب
روى بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والعشرين من القسم الرابع عن بن خزيمة
بسنده عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له يا رسول الله صاعنا
أصغر الصيعان ومدنا أكبر الامداد فقال اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في
قليلنا وكثيرنا واجعل لنا مع البركة بركتين انتهى قال بن حبان وفي ترك المصطفى
عليه السلام الانكار عليهم حيث قالوا صاعنا أصغر الصيعان بيان واضح أن صاع
المدينة أصغر الصيعان ولم نجد بين أهل العلم إلى يومنا هذا خلافا في قدر الصاع إلا
ما قاله الحجازيون والعراقيون فزعم الحجازيون أن الصاع خمسة أرطال وثلث وقال
العراقيون ثمانية أرطال فصح أن صاع النبي عليه السلام كان خمسة أرطال وثلث إذ
هو أصغر الصيعان وبطل قول من زعم أن الصاع ثمانية أرطال من غير دليل ثبت على
صحته انتهى وأخرج الدارقطني في سننه عن عمران بن موسى الطائي ثنا
إسماعيل بن سعيد الخراساني ثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال قلت لمالك بن أنس يا
أبا عبد الله كم وزن صاع النبي عليه السلام قال خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا
حزرته قلت يا أبا عبد الله خالفت شيخ القوم قال من هو قلت أبو حنيفة رضي
الله عنه يقول ثمانية أرطال فغضب غضبا شديدا وقال قاتله الله ما أجرأه على
الله ثم قال لبعض جلسائه يا فلان هات صاع جدك ويا فلان هات صاع عمك
ويا فلان هات صاع جدتك فاجتمعت أصوع فقال مالك تحفظون في هذه فقال
أحدهم حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
الآخر حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مالك
أنا حزرت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلثا قلت يا أبا عبد الله أحدثك بأعجب من
هذا عنه أنه يزعم أن صدقة الفطر نصف صاع والصاع ثمانية أرطال فقال هذه
أعجب من الأولى بل صاع تام عن كل إنسان هكذا أدركنا علماءنا ببلدنا هذا
518

انتهى قال صاحب التنقيح إسناده مظلم وبعض رجاله غير مشهورين
والمشهور ما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي وهو ثقة قال قدم علينا
أبو يوسف رحمه الله من الحج فقال إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم أهمني
ففحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع فقال صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لهم ما حجتكم في ذلك فقالوا نأتيك بالحجة غدا فلما أصبحت أتاني
نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت
ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت
فإذا هي سواء قال فعيرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا
قويا فتركت قول أبي حنيفة رضي الله عنه في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة
هذا هو المشهور من قول أبي يوسف رحمه الله وقد روى أن مالكا ناظره واستدل عليه
الصيعان التي جاء بها أولئك الرهط فرجع أبو يوسف إلى قوله وقال عثمان بن سعيد
الدارمي سمعت علي بن المديني يقول عيرت صاع النبي عليه السلام فوجدته خمسة
أرطال وثلث رطل بالتمر وانتهى كلامه وأخرج الحاكم في المستدرك عن هشام بن
عروة عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها حدثته أنهم كانوا يخرجون زكاة
الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدنية أو الصاع الذي يقتات به
يفعل ذلك أهل المدينة كلهم انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه وهو الحجة لمناظرة مالك وأبي يوسف رحمهما الله تعالى انتهى
واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد في أن الصاع خمسة أرطال
وثلث بحديث كعب بن عجرة في الفدية أن النبي عليه السلام قال له صم ثلاثة
أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع رواه البخاري ومسلم
وفي لفظ لهما فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم
ثلاثة أيام قال فقوله نصف صاع حجة لنا قال ثعلب والفرق اثنا عشر مدا وقال
بن قتيبة الفرق ستة عشر رطلا والصاع ثلث الفرق خمسة أرطال وثلث والمد
519

رطل وثلث انتهى وأخرج الطحاوي عن أبي يوسف قال قدمت المدينة فأخرج
إلى من أثق به صاعا وقال هذا صاع النبي عليه السلام فوجدته خمسة أرطال وثلثا
قال الطحاوي وسمعت بن أبي عمران يقول الذي أخرجه لأبي يوسف هو مالك
وسمعت أبا حزم يذكر عن مالك قال هو تحرى عبد الملك بصاع عمر انتهى
قوله هكذا كان صاع عمر يعني ثمانية أرطال قلت روى بن أبي شيبة في
مصنفه في كتاب الزكاة حدثنا يحيى بن آدم قال سمعت حسن بن صالح يقول
صاع عمر ثمانية أرطال وقال شريك أكثر من سبعة أرطال وأقل من ثمانية انتهى
حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن موسى بن طلحة قال الحجاجي
صاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه انتهى وهذا الثاني أخرجه الطحاوي
في كتابه ثم أخرج عن إبراهيم النخعي قال غيرنا الصاع فوجدناه حجاجيا
والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادي وعنه قال وضع الحجاج قفيزه علي صاع
عمر قال فما ذكراه عيار حقيقي فهو أولى مما ذكره مالك من تحري عبد الملك
بصاع عمر لان التحري لا حقيقة معه انتهى
الحديث السابع روى أن النبي عليه السلام كان يتوضأ بالمد رطلين ويغسل
بالصاع ثمانية أرطال قلت روي من حديث أنس ومن حديث جابر
520

فحديث أنس أخرجه الدارقطني في سننه من ثلاثة طرق أحدها في صدقة
الفطر عن جعفر بن عون عن بن أبي ليلي ذكره عن عبد الكريم عن أنس قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال انتهى
الطريق الثاني رواه في الطهارة عن موسى بن نصر الحنفي ثنا عبدة بن سليمان عن
إسماعيل بن أبي خالد عن جرير بن يزيد عن أنس نحوه قال الدارقطني تفرد به
موسي بن نصر وهو ضعيف الحديث انتهى الطريق الثالث أخرجه في الزكاة
عن صالح بن موسى الطلحي ثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة
رضي الله عنها قالت جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة صاع من
ثمانية أرطال وفي الوضوء رطلان وقال لم يروه عن منصور غير صالح وهو
ضعيف الحديث انتهى وضعف البيهقي هذه الأسانيد الثلاثة وقال الصحيح عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد
انتهى كلامه
وأما حديث جابر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عمر بن موسي بن وجيه
الوجيهي عن عمرو بن دينار عن جابر قال كان النبي عليه السلام يتوضأ بالمد رطلين
ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال انتهى وضعف عمر بن موسى هذا عن البخاري
والنسائي وابن معين ووافقهم وقال إنه في عداد من يضع الحديث انتهى
وحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع أخرجه البخاري ومسلم
عن أنس وأخرجه مسلم عن سفينة انتهي
حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن السائب بن يزيد قال كان
521

الصاع علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا وثلاثا بمدكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن
عبد العزيز رضي الله عنه انتهى
حديث آخر رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال في باب الصدقة
حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن
إبراهيم قال كان صاع النبي عليه السلام ثمانية أرطال ومده رطلين انتهى
والحديث في الصحيحين عن أنس لي فيه الوزن قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ
بالمد ويغتسل بالصاع وأخرجه مسلم عن سفينة قال كان النبي عليه السلام يغتسل
بالصاع من الماء من الجنابة ويتوضأ بالمد انتهى
الحديث الثامن روى عن النبي عليه السلام أنه كان يخرج صدقة الفطر قبل أن
يخرج قلت رواه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه علوم الحديث وهو
مجلد كامل في باب الأحاديث التي انفرد بزيادة فيها راو واحد فقال حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن الجهم السمهري ثنا نصر بن حماد ثنا أبو معشر
عن نافع عن بن عمر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير
وكبير حر أو عبد صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من
قمح وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها قبل أن
ينصرف إلى المصلى ويقول أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم انتهى
522

ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمر بزكاة الفطر أن تؤدي قبل خروج الناس إلي الصلاة انتهى وزاد الدارقطني فيه
وأن عبد الله كان يخرجها قبل ذلك بيوم أو يومين
حديث آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه عن
الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن بن عباس قال من السنة أن يخرج صدقة الفطر قبل
الصلاة ولا يخرج حتى يطعم انتهى
الحديث التاسع قال عليه السلام أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم قلت
غريب بهذا اللفظ وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي معشر عن نافع عن بن عمر
قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال أغنوهم في هذا اليوم انتهى
ورواه بن عدي في الكامل وأعله بأبي معشر نجيح ولفظه وقال أغنوهم عن
الطواف في هذا اليوم وأسند تضعيف أبي معشر عن البخاري والنسائي وابن معين
ومشاه هو وقال مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وتقدم هذا الحديث عند الحاكم
في علوم الحديث بزيادة فيه ولم يعله الشيخ في الامام إلا بأبي معشر قال قال
البخاري منكر الحديث انتهى أعني حديث الدارقطني
حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا
عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قال
وأخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال وأخبرنا عبد العزيز بن محمد عن
ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قالوا فرض صوم رمضان
بعدما حولت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان علي رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليه السلام في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن يفرض
الزكاة في الأموال وأن يخرج عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد
صاع من تمر أو صاع من زبيب أو مدان من بر وأمر بإخراجها قبل الغد وإلى
الصلاة وقال أغنوهم يعني المساكين عن الطواف هذا اليوم انتهي
523

كتاب الصوم
الحديث الأول قال عليه السلام لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل قلت
روى أصحاب السنن الأربعة من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له انتهى بلفظ أبي داود
والترمذي ولفظ بن ماجة لا صيام لمن لم يفرضه من الليل وجمع النسائي
بين اللفظين أخرجه أبو داود عن بن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي
بكر بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة فذكره قال أبو داود
ورواه الليث وإسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر مثله ووقفه على حفصة
525

معمر والزبيدي وابن عيينة ويونس الأيلي عن الزهري انتهى حديث الليث
عند الطبراني في معجمه وحديث إسحاق عند بن ماجة وأخرجه الترمذي عن
يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر به وقال هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من
هذا الوجه وقد روى عن نافع عن بن عمر قوله وهو أصح انتهى وأخرجه بن
ماجة عن إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم لم يذكر بينهما الزهري
وبالطريقين رواه النسائي وقال النسائي الصواب عندي موقوف انتهي ورواه الحاكم
في كتاب الأربعين عن يحيى بن أيوب به وقال حديث صحيح علي شرط
الشيخين والزيادة عندهما من الثقة مقبولة انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في
سننهما قال الدارقطني رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري وهو من الثقات
الرفعاء ورواه معمر عن الزهري فوقفه وتابعه الزبيدي وعبد الرحمن بن إسحاق
وجماعة انتهى وقال البيهقي عبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه وهو من الثقات
الاثبات انتهى وقال النسائي في سننه الكبرى ذكر اختلاف الناقلين لخبر
حفصة ثم ساقه عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري به مرفوعا وعن عبد الله بن أبي
بكر عن سالم به مرفوعا ثم أخرجه عن عبد الرزاق أنا بن جريج عن الزهري به أيضا
مرفوعا قال وحديث بن جريج هذا غير محفوظ ثم أخرجه عن عبيد الله عن
الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا ثم أخرجه عن بن وهب أخبرني يونس
عن الزهري أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة موقوفا ثم أخرجه
عن بن المبارك أنا معمر عن الزهري عن حمزة بن عبد الله به موقوفا ثم أخرجه عن
سفيان بن عيينة عن الزهري عن حمزة به موقوفا قال النسائي والصواب عندنا
موقوف ولم يصح رفعه لان يحيى بن أيوب ليس بذاك القوى وقد أرسله مالك رضي
الله عنه ثم أخرجه أخرجه عن مالك عن الزهري عن عائشة وحفصة موقوفا ورواه مالك
أيضا عن نافع عن بن عمر. قوله ثم أخرجه كذلك ثم أخرجه عن عبيد الله عن نافع
عن بن عمر موقوفا انتهى ولم يروه مالك في الموطأ إلا كذلك مالك عن نافع عن
بن عمر فذكره مالك عن بن شهاب عن عائشة وحفصة مثل ذلك انتهى وقال
526

بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن
سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا لا صيام لمن لم ينو من الليل ورواه يحيى بن أيوب عن
عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا قلت له أيهما
أصح قال لا أدري لان عبد الله بن أبي بكر أرك سالما وروى عنه ولا أدري
سمع هذا الحديث منه أو سمعه من الزهري عن سالم وقد روى هذا عن الزهري عن
حمزة بن عبد الله بن عمر عن حفصة قولها وهو عندي أشبه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن روح بن الفرج عن عبد الله بن
عباد ثنا المفضل بن فضالة حدثني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة
عن النبي عليه السلام قال من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له انتهى قال
الدارقطني تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الاسناد وكلهم ثقات انتهى
وأقره البيهقي على ذلك في سننه وفي خلافياته وفي ذلك نظر فإن
عبد الله بن عباد غير مشهور ويحيى بن أيوب ليس بالقوي وقال بن حبان عبد الله
بن عباد البصري يقلب الاخبار روى عن المفضل عن فضالة عن يحيى بن أيوب عن
يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة حديث من لم يبيت الصيام وهذا مقلوب إنما هو
عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة
روى عنه روح بن الفرج نسخة موضوعة انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا محمد بن هلال عن أبيه أنه
سمع ميمونة بنت سعد تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أجمع الصوم من الليل
فليصم ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم انتهى وأعله بن الجوزي في
التحقيق بالواقدي
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قال بعد ما شهد الاعرابي برؤية الهلال
527

ألا من أكل فلا يأكل بقية يومه ومن لم يأكل فليصم قلت حديث غريب وذكره
بن الجوزي في التحقيق وقال إن هذا حديث لا يعرف وإنما المعروف أنه شهد عنده
528

برؤية الهلال فأمر أن ينادى في الناس أن تصوموا غدا وقد رواه الدارقطني بلفظ
صريح أن أعرابيا جاء ليلة شهر رمضان فذكر الحديث وفي لفظ أبي يعلى
الموصلي قال أبصرت الهلال الليلة الحديث وحديث بن عباس ليس بصريح ولكن
فيه احتمال أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال
جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام فقال إني رأيت الهلال قال الحسن في حديثه
يعني رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم قال أتشهد أن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فيصوموا انتهى قال
الترمذي هذا حديث فيه اختلاف وقد روى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى
ورواه النسائي مرسلا ومسندا وذكر أن المرسل أولى بالصواب وأن سماكا إذا تفرد
بشئ لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن انتهى ورواه مسندا بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم
يخرجاه وقد احتج البخاري بعكرمة ومسلم بسماك انتهى قال بن حبان ومن
زعم أن هذا الخبر تفرد به سماك وأن رفعه غير محفوظ فهو مردود بحديث بن
عمر قال تراءى الناس الهلال فرأيته فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس
بصيامه انتهى وسيأتي بقية الكلام في حديث شهادة الواحد
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع أنه عليه
السلام أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس أن من أكل فليصم بقية يومه ومن لم
يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء انتهى قال الطحاوي فيه دليل على أن
من تعين عليه صوم يوم ولم ينوه ليلا أنه يجزئه نهارا قبل الزوال قال بن الجوزي
529

في التحقيق لم يكن صوم عاشوراء واجبا فله حكم النافلة يدل عليه ما أخرجاه في
الصحيحين عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء ولم يفرض
علينا صيامه فمن شاء منكم أن يصوم فليصم فإني صائم فصام الناس قال وبدليل
أنه لم يأمر من أكل بالقضاء انتهى قال صاحب التنقيح والجواب أن حديث معاوية
معناه ليس مكتوبا عليكم الآن أو لم يكتب عليكم بعد أن فرض رمضان قال وهذا
ظاهر فإن معاوية من مسلمة الفتح وهو إنما سمعه من النبي عليه السلام بعد ما أسلم
في سنة تسع أو عشر بعد أن نسخ صوم عاشوراء برمضان ورمضان فرض في السنة
الثانية ونسخ عاشوراء برمضان في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان يوم عاشوراء يوما يصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما
قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان قال من شاء صامه ومن شاء
تركه انتهى قال وأما ترك الامر لقضائه فإن من لم يدرك اليوم بكماله لا يلزمه
قضاؤه كما قيل فيمن بلغ أو أسلم في أثناء يوم من رمضان على أنه قد روى الامر
بالقضاء في حديث غريب أخرجه أبو داود في سننه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي عليه السلام فقال صمتم
يومكم هذا قالوا لا قال فأتموا بقية يومكم واقضوه قال أبو داود يعني عاشوراء
انتهى وهذا حديث مختلف في إسناده ومتنه وفي صحته نظر انتهى كلامه
الحديث الثالث روى أنه عليه السلام كان يقول بعد ما يصبح غير صائم إني إذا
لصائم قلت أخرجه مسلم عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت
530

دخل علي النبي عليه السلام ذات يوم فقال هل عندكم شئ فقلنا لا فقال إني
إذا صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدى لنا حيس فقال أدنيه فلقد
أصبحت صائما فأكل انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم
الهلال فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أبي
هريرة واللفظ للبخاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا
رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين انتهى وفي لفظ
لهما فعدوا ثلاثين وفي لفظ فأكملوا العدة وفي لفظ فصوموا ثلاثين يوما
والمصنف رحمه الله احتج بهذا الحديث على أن اليوم الثلاثين من شعبان يوم شك إذا غم
هلال رمضان وإنه لا يجوز صومه إلا تطوعا قال بن الجوزي في التحقيق وأصح
الروايتين عن أحمد رضي الله عنه أنه يجب صومه بينة من رمضان ولا يسمى يوم
شك قال ويوم الشك فسره أحمد بأن يتقاعد الناس عن طلب الهلال أو يشهد برؤيته
من يرد الحاكم شهادته ونقل هذا القول عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله
عنهم واستدل لأصحابنا ومن قال بقولهم بأربعة أحاديث أحدها حديث البخاري
المتقدم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ثم أجاب عنه بأن الإسماعيلي قال في صحيحه
الذي أخرجه على البخاري تفرد به البخاري عن آدم عن شعبة فقال فيه فأكملوا عدة
شعبان ثلاثين يوما وقد رويناه عن غندر وعبد الرحمن بن مهدي وابن علية وعيسى
بن يونس وشبابة وعاصم بن علي والنضر بن شميل ويزيد بن هاون كلهم عن
شعبة لم يذكر أحدا منهم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما وإنما قالوا فيه فإن غم
عليكم فعدوا ثلاثين قال الإسماعيلي فيجوز أن يكون آدم رواه على التفسير من عنده
وإلا فليس لانفراد البخاري عنه بهذا اللفظ من بين من رواه عنه وجه قال بن الجوزي
رحمه الله فعلى هذا يكون المعني فإن غم عليكم رمضان فعدوا ثلاثين ولا يصير لهم
531

فيه حجة على أن أصحابنا يؤولون ما انفرد به البخاري من ذكر شعبان فقالوا نحمله
علي ما إذا غم هلال رمضان وهلال شوال فإنا نحتاج إلي إكمال شعبان ثلاثين
احتياطا للصوم فإنا وإن كنا قد صمنا يوم الثلاثين من شعبان فلسنا نقطع بأنه من رمضان
ولكنا صمناه حكما قال ويدل على ما قلناه شيئان أحدهما عود الضمير على أقرب
مذكور وهو قوله وأفطروا لرؤيته الثاني أن مسلما رواه مفسرا إذا رأيتم الهلال
فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فان غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما انتهى كلامه قال
صاحب التنقيح وما ذكره الإسماعيلي من أن آدم بن أبي إياس يجوز أن يكون رواه
على التفسير من عنده للخبر فغير قادح في صحة الحديث لان النبي عليه السلام إما أن
يكون قال اللفظين وهو ظاهر اللفظ وإما أن يكون قال أحدهما وذكر الراوي اللفظ
الآخر بالمعنى فإن اللام في قوله فأكملوا العدة للعهد أي عدة الشهر والنبي عليه
السلام لم يخص بالاكمال شهرا دون شهر إذا غم فلا فرق بين شعبان وغيره إذ لو
كان شعبان غير مراد من هذا الاكمال لبينه لان ذكر الاكمال عقيب قوله صوموا
وأفطروا فشعبان وغيره مراد من وقوله فأكملوا العدة فلا تكون رواية فأكملوا عدة
شعبان مخالفة لرواية فأكملوا العدة بل مبينة لها أحدهما أطلق لفظا يقتضى العموم
في الشهر والثاني ذكر فرد من الافراد قال ويشهد له حديث أخرجه أبو داود
والترمذي عن سماك عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا
لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين
ولا تستقبلوا الشهر استقبالا قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن خزيمة
وابن حبان في صحيحيهما ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا أبو عوانة
عن سماك عن عكرمة عن بن عباس صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال
بينكم وبينه غمامة أو ضبابة فأكملوا شهر شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم
من شعبان قال وبالجملة فهذا الحديث نص في المسألة وهو صحيح كما قال
الترمذي وسماك وثقه أبو حاتم وابن معين وروى له مسلم في صحيحه قال
والذي دلت عليه الأحاديث في هذه المسألة وهو مقتضى القواعد أن كل شهر غم
532

أكمل ثلاثين سواء في ذلك شعبان ورمضان وغيرهما وعلى هذا يكون قوله فإن
غم عليكم فأكملوا العدة راجعا إلى الجملتين وهما قوله صوموا لرؤيته وأفطروا
لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا العدة أي غم عليكم في صومكم أو فطركم هذا هو
الظاهر من اللفظ وباقي الأحاديث تدل على ذلك كقوله فإن غم عليكم فأقدروا
له انتهى
الحديث الثاني أخرجه أبو داود والنسائي عن جرير عن منصور عن ربعي عن
حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا
العدة قبله ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة قبله انتهى ورواه بن
حبان في صحيحه وأخرجه النسائي أيضا عن سفيان عن منصور عن ربعي عن
بعض أصحاب النبي عليه السلام فذكره أيضا وأخرجه أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن
منصور عن ربعي فذكره عن النبي عليه السلام مرسلا وقال لا أعلم أحدا من
أصحاب منصور قال فيه عن حذيفة غير جرير انتهى قال بن الجوزي وحديث
حذيفة هذا ضعفه أحمد ثم هو محمول على حال الصحو لأنه لم يذكر فيه الغيم أو
على ما إذا غم هلال رمضان وهلال شوال كما سبق قال في التنقيح وهذا وهم
منه فإن أحمد إنما أراد أن الصحيح قول من قال عن رجل من أصحاب النبي عليه
السلام وإن تسمية حذيفة وهم من جرير فظن بن الجوزي أن هذا تضعيف من أحمد
للحديث وأنه مرسل وليس هو بمرسل بل متصل إما عن حذيفة وإما عن رجل من
أصحاب النبي عليه السلام وجهالة الصحابة غير قادحة في صحة الحديث قال
وبالجملة فالحديث صحيح ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح انتهى
الحديث الثالث أخرجه أبو داود عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس عن
عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم
يصوم رمضان لرؤيته فان غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام انتهى ورواه الدارقطني
533

وقال إسناده صحيح قال بن الجوزي وهذه عصبية من الدارقطني كان يحيى
بن سعيد لا يرضى معاوية بن صالح وقال أبو حاتم لا يحتج به قال في التنقيح
ليست العصبية من الدارقطني وإنما العصبية منه فان معاوية بن صالح ثقة صدوق وثقه
أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة وقال بن أبي حاتم سألت عنه
فقال حسن الحديث صالح الحديث واحتج به مسلم في صحيحه ولم يرو شيئا
خالف فيه الثقات وكون يحيى بن سعيد كان لا يرضاه غير قادح فيه فإن يحيى
شرطه شديد في الرجال وكذلك قال لو لم أرو إلا عمن أرضي ما رويت لا عن
خمسة وقول أبي حاتم لا يحتج به غير قادح أيضا فإنه لم يذكر السبب وقد
تكررت هذه اللفظة منه في رجال كثيرين من أصحاب الصحيح الثقات الاثبات من غير
بيان السبب كخالد الحذاء وغيره والله أعلم
الحديث الرابع روى بن الجوزي من طريق الامام أبي بكر أحمد بن علي بن
ثابت الخطيب البغدادي بسنده عن يعلي بن الأشدق عن عبد الله بن جراد قال
أصبحنا يوم الثلاثين صياما وكان الشهر قد أغمي علينا فأتينا النبي عليه السلام فأصبناه
مفطرا فقلنا يا نبي الله صمنا اليوم فقال أفطروا إلا أن يكون رجلا يصوم هذا
اليوم فليتم صومه لان أفطر يوما من رمضان يتمارى فيه أحب إلى من أن أصوم يوما
من شعبان ليس منه يعني من رمضان قال الخطيب ففي هذا الحديث كفاية عما
سواه وشنع بن الجوزي على الخطيب في روايته لهذا الحديث تشنيعا كثيرا وقال إنه
حديث موضوع علي بن جراد لا أصل له ولا ذكره أحد من الأئمة الذين ترخصوا
في ذكر الله تعالى الأحاديث الضعيفة وإنما هو نسخة يعلى بن الأشدق عن بن جراد وهو
نسخة موضوعة قال أبو زرعة يعلى بن الأشدق ليس بشئ وقال بن عدي يعلى
بن الأشدق عن عمه عبد الله بن جراد أحاديثه منكرة وهو وعمه غير معروفين
وقال البخاري رحمه الله لا يكتب حديثه وقال بن حبان لا تحل الرواية عنه
انتهى ووافقه صاحب النتقيح علي جميع ذلك وأقره عليه والله أعلم
بالصواب
534

الحديث الخامس قال عليه السلام لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان
إلا تطوعا قلت غريب جدا
الحديث السادس قال عليه السلام لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين
قلت رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما
فيصومه انتهى وآخر الحديث يدفع تأويل صاحب الكتاب فإنه استدل للشافعي
535

بهذا الحديث على كراهية صوم يوم الشك تطوعا ابتداء أي لا يوافق عادة ثم قال
ومعنى الحديث لا تصوموا رمضان في غير أوانه ويرده ما وقع في لفظ أيضا لا تقدموا
بين يدي رمضان بصوم يوم ولا يومين وقد جاء بالتصريح عند البيهقي عن عبد الله بن
سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم
قبل رمضان بيوم والأضحى والفطر وأيام التشريق انتهى وقال انفرد به عبد الله
بن سعيد وهو ضعيف ورواه الواقدي بإسناد له عن سعيد المقبري به وهو
ضعيف وقال صاحب التنقيح عبد الله بن سعيد المقبري أبو عباد أجمعوا على
ضعفه وعدم الاحتجاج به انتهي ومذهب الشافعي كراهية الصوم بعد نصف شعبان
وحجتهم ما أخرجه الترمذي والنسائي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقي النصف من شعبان فلا تصوموا انتهى
قال الترمذي حديث حسن صحيح لا يعرف إلا من هذا الوجه علي هذا اللفظ ومعناه
عند بعض أهل العلم أن يفطر الرجل حتى إذا انتصف شعبان أخذ في الصوم انتهى
وقال النسائي لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير العلاء وروى عن الإمام أحمد رضي
الله عنه أنه قال هذا الحديث ليس بمحفوظ قال وسألت عنه بن مهدي فلم يصححه
ولم يحدثني به وكان يتوقاه قال أحمد والعلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا
وعند النسائي فيه فكفوا قال بن القطان في كتابه وروى فأمسكوا رواه
وكيع عن أبي العميس عن العلاء وروى محمد بن ربيعة عن أبي العميس عن العلاء
فكفوا قال وبين هذين اللفظين ولفظ الترمذي فرق فإن هذين اللفظين نهى لمن كان
صائما عن التمادي في الصوم ولفظ الترمذي نهى لمن كان صائما ولمن لم يكن صائما
عن الصوم بعد النصف انتهى كلامه وقال البيهقي في المعرفة قال أبو داود قال
أحمد بن حنبل هذا حديث منكر وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به انتهى
وقال البيهقي أيضا قال الشافعي أختار أن يفطر الرجل يوم الشك في هلال رمضان
إلا أن يكون يوما كان يصومه فأختار أن يصومه انتهى وهذا خلاف ما نقله صاحب
الكتاب عن الشافعي
536

قوله روي عن علي وعائشة أنهما كانا يصومان يوم الشك تطوعا قلت غريب
وفي التحقيق لابن الجوزي مذهب علي وعائشة أنه يجب صوم يوم الثلاثين من
شعبان إذا حال دونه غيم أو نحوه قال وهو أصح الروايتين عن أحمد قال وعلى
هذه الرواية لا يسمى يوم شك بل هو من رمضان حكما والله أعلم انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم
قلت غريب أيضا والمعروف هذا من قول عمار أخرجه أصحاب السنن الأربعة في
كتبهم عن أبي خالد الأحمر عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر
قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتى بشاة مصلية فتنحى بعض القوم
537

فقال عمار من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والسبعين
من القسم الأول والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط ا
لشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال حديث صحيح
ورواته كلهم ثقات انتهى وقال بن عبد البر هذا حديث مسند عندهم
لا يختلفون في ذلك وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال وقال صلة عن
عمار من صام يوم الشك إلي آخره ووهم القاضي شمس الدين في الغاية فعزاه
للبخاري ومسلم ومسلم لم يروه والبخاري إنما ذكره تعليقا وذكر أنه قلد سبط بن
الجوزي في ذلك
حديث آخر رواه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة محمد بن عيسى بن
عبد الله الادمي ثنا أحمد بن عمر الوكيعي ثنا وكيع عن سفيان عن سماك عن عكرمة
عن بن عباس قال من صام اليوم الذي يشك فقد عصى الله ورسوله انتهى ثم قال
تابع الادمي عليه أحمد بن عاصم الطبراني عن وكيع ورواه إسحاق بن راهويه عن
وكيع فلم يجاوز به عكرمة وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري
لم يذكر فيه بن عباس انتهى
حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا صفوان بن عيسى
ثنا عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام نهى عن ستة أيام من
السنة يوم الأضحى ويوم الفطر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان
انتهى
538

الحديث الثامن صوموا لرؤيته وتقدم قريبا
الحديث التاسع صح أنه عليه السلام قبل شهادة الواحد العدل في رؤية هلال
539

رمضان قلت فيه أحاديث منها حديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن زائده بن
540

قدامه عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال إني رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم قال أتشهد أن
محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا انتهى
ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك وقال
على شرط مسلم فإنه احتج بسماك والبخاري احتج بعكرمة انتهى ولفظ بن
خزيمة وابن حبان وابن ماجة قال يا رسول الله إني رأيت الهلال الليلة وعند
الدارقطني جاء ليلة رمضان وفي لفظ لأبي داود رأيت الهلال يعني هلال
رمضان وتابع زائدة علي إسناده الوليد بن أبي ثور وحازم بن إبراهيم فرواه عن
سماك عن عكرمة عن بن عباس فحديث الوليد بن أبي ثور عند أبي داود والترمذي قال
الترمذي حديث بن عباس فيه اختلاف وأكثر أصحاب سماك يروونه
عنه عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى وحديث حازم بن إبراهيم عند الطبراني في
معجمه ورواه عن سماك أيضا حماد بن سلمة واختلف عليه فأخرجه البيهقي في
سننه عن عثمان بن سعيد الدارمي عن موسي بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن
عكرمة عن بن عباس مسندا ورواه أبو داود في سننه حدثنا موسي بن إسماعيل به
مرسلا لم يذكر فيه بن عباس وقال فيه فنادى في الناس أن تقوموا وأن تصوموا
وقال لم يذكر فيه القيام إلا حماد بن سلمة انتهي ورواه عن سماك أيضا سفيان
الثوري واختلف عليه أيضا فأخرجه النسائي في سننه عن الفضل بن موسى الشيباني
عن سفيان عن سماك به مسندا ثم أخرجه عن بن المبارك عن سفيان به مرسلا قال
وهذا أولي بالصواب لان سماكا كان يلقن فيتلقن وابن المبارك أثبت في سفيان من
الفضل انتهي قال الحافظ محمد بن عبد الواحد رواية زائدة وحازم بن إبراهيم
البجلي مما يقوى رواية الفضل الشيباني وقد رأيت بن المبارك يروى كثيرا من حديث
صحيح فيوقفه انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن مروان بن محمد عن بن وهب ثنا
يحى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال تراءى الناس
541

الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه انتهى
ورواه الحاكم في مستدركه عن هارون بن سعيد الأيلي ثنا بن وهب به وقال
حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه بن حبان في صحيحه
بسند أبي داود وكذلك الدارقطني في سننه وقال تفرد به مروان بن محمد
عن بن وهب وهو ثقة انتهى وسند الحاكم وارد عليه
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن حفص بن عمر الأيلي ثنا مسعر بن كدام وأبو
عوانة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال شهدت المدينة وبها بن عمر وابن
عباس فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده علي رؤية الهلال هلال رمضان فسأل بن
عمر وبان عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه وقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة
رجل واحد علي رؤية الهلال هلال رمضان قالا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجيز
شهادة الافطار إلا بشهادة رجلين انتهى وقال تفرد به حفص بن عمر الأيلي وهو
ضعيف انتهى قال صاحب التنقيح حفص بهذا هو حفص عن عمرو بن دينار
الأيلي وهو ضعيف باتفاقهم ولم يخرج له أحد من أصحاب السنن وأما حفص
بن عمر بن ميمون العدني المعروف الفرخ فروى له بن ماجة ووثقه بعضهم وليس
هو هذا
الآثار روى أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون أنبأ ورقاء عن عبد الأعلى
الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كنت مع البراء بن عازب وعمر بن
الخطاب في البقيع ننظر إلى الهلال فأقبل راكب فتلقاه عمر فقال من أين جئت
قال من المغرب فقال أهللت قال نعم قال عمر الله أكبر إنما يكفي المسلمين
542