الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ٥
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية
شرح بداية المبتدي
1

كافة حقوق والطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1415 ه‍ - 1995 م
طبع - نشر - توزيع
2

الهداية شرح بداية المبتدي
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع
نصب الراية
تخريج أحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء الخامس
دار الحديث
القاهرة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب الصرف
الحديث الأول الذهب بالذهب مثلا بمثل الحديث تقدم في الربا
الحديث الثاني حديث جيدها ورديئها سواء تقدم فيه أيضا
قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال وإن استنظرك ان يدخل بيته فلا تنظره
قلت رواه مالك في الموطأ عن مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر عن عمر
قال لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل ولا تبيعوا الورق بالذهب أحدهما غائب
والآخر ناجز وان استنظرك أن يلج بيته فلا تنظره الا يدا بيد هات وهات اني
5

أخشى عليكم الربا انتهى ورواه أيضا عن نافع عن بن عمر فذكره وقال في
آخره اني أخشى الرما والرما هو الربا انتهى بحروفه ورواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال عمر إذا صرف أحدكم
من صاحبه فلا يفارقه حتى يأخذها وان استنظره حتى يدخل بيته فلا ينظره إني أخاف
عليكم الربا انتهى
أثر آخر رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب حدثنا أحمد بن عيسى ثنا
عبد الله بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت يزيد بن عبد الله بن
قسيط قال أرسل عبد الله بن عمر غلاما له بذهب أو ورق فصرفه فانظر في الصرف
فرجع إليه فضربه ضربا وجيعا وقال اذهب فلا تصرفه انتهى
قوله وعن بن عمر رضي الله عنه أنه قال وان وثب من سطح فثب معه قلت
غريب جدا
الحديث الثالث قال عليه السلام الذهب بالورق ربا الا هاء وهاء قلت
أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب
6

عن النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا الا هاء وهاء والبر بالبر ربا الا هاء وهاء والشعير
بالشعير ربا الا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا الا هاء وهاء انتهى وقد تقدم في
الربا
الحديث الرابع قال عليه السلام لمالك بن الحويرث وابن عمر إذا سافرتما فأذنا
وأقيما قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم مطولا ومختصرا عن مالك بن
الحويرث قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي وفي رواية
وابن عمر لي وفي رواية للنسائي وابن عمر فلما أردنا الانصراف قال لنا إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما
ويؤمكما أكبركما انتهى والمصنف ذكر الحديث على الصواب ووهم فيه في
7

باب الاذان فقال لقوله عليه السلام لابن أبي مليكة إذا سافرتما الحديث وقد بيناه هناك
8

كتاب الكفالة
الحديث الأول قال عليه السلام الزعيم غارم قلت روى من حديث أبي
أمامة ومن حديث أنس ومن حديث بن عباس
فحديث أبي أمامة أخرجه أبو داود في أواخر البيوع والترمذي فيه وفي
الوصايا عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث لا تنفق
المرأة شيئا من بيتها الا بإذن زوجها فقيل يا رسول الله ولا الطعام قال ذلك أفضل
أموالنا ثم قال العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم
انتهى زاد الترمذي في الوصايا الولد للفراش وللعاهر حجر وحسابهم على
الله ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم
14

القيامة لا تنفق امرأة من بيت زوجها إلى آخره وقال حديث حسن انتهى ورواه
بتمامه أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم
والدارقطني في سننه ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا إسماعيل بن
عياش به العارية مؤداة والدين مقضي والزعيم غارم زاد بن أبي شيبة يعني
الكفيل انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزا هذا الحديث لابن ماجة
فان بن ماجة روى هذا الحديث في موضعين من سننه ولم يذكر فيهما قوله والزعيم
غارم فرواه في الاحكام بلفظ العارية مؤداة والمنحة مردودة فقط ورواه في
الوصايا بلفظ ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث فقط ولم
ينصف المنذري في مختصرة إذ قال وأخرجه الترمذي وابن ماجة مختصرا فان
الترمذي وإن كان اختصره في البيوع فقد طوله في الوصايا الا أن يجعل قوله
مختصرا حالا من بن ماجة فقط وهو خلاف ظاهر اللفظ والله أعلم قال صاحب
التنقيح رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين جيدة وشرحبيل من ثقات الشاميين
قاله الإمام أحمد ووثقه أيضا العجلي وابن حبان وضعفه بن معين انتهى كلامه
وأما حديث أنس فرواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا أحمد بن أنس
بن مالك ثنا هشام بن عمار ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن
سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أنس بن مالك قال إني لتحت ناقة رسول
الله صلى الله عليه وسلم يسيل علي لعابها فسمعته يقول إن الله جعل لكل ذي حق حقه الا لا وصية
لوارث لا تنفق المرأة إلى آخر اللفظ الأول
وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي في الكامل عن إسماعيل بن زياد السكوني ثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي
15

صلى الله عليه وسلم قال الزعيم غارم والدين مقضي والعارية مؤداة والمنحة مردودة انتهى
وأعله بإسماعيل هذا وقال إنه منكر الحديث لا يتابع على عامة ما يرويه انتهى
وقال بن طاهر إسماعيل بن زياد ويقال بن أبي زياد شيخ دجال لا يحل ذكره الا
على سبيل القدح انتهى وفي صحيح بن حبان عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة قال بن حبان الزعيم لغة
أهل المدينة والحميل لغة أهل العراق والكفيل لغة أهل مصر
الحديث الثاني قال عليه السلام من ترك كلا أو عيالا فإلي قلت روى
مسلم والبخاري في الفرائض من حديث أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
16

قال من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلينا انتهى وأخرج أبو داود
والنسائي وابن ماجة في الفرائض عن المقدام بن معد يكرب قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من ترك كلا فإلي ومن ترك مالا فلورثته وأنا وارث من لا وارث له أعقل
منه وأرثه والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه انتهى ورواه بن حبان
17

في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث وفي لفظ لأبي داود
قال أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا أو ضيعة فإلي الحديث وأخرج أبو
داود في الخراج وابن ماجة في الاحكام عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا أوى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك مالا فلأهله
18

ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي انتهى ورواه بن حبان أيضا في النوع الرابع
والعشرين من القسم الخامس وذهل شيخنا علاء الدين فعزاه مقلدا لغيره لابن ماجة
فقط والله أعلم
الحديث الثالث قال عليه السلام لا كفالة في حد قلت أخرجه البيهقي في
سننه عن بقية عن عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن
19

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا كفالة في حد انتهى وقال تفرد به عمر بن أبي عمر
الكلاعي وهو من مشايخ بقية المجهولين ورواياته منكرة انتهى ورواه بن عدي في
الكامل عن عمر الكلاعي وأعله به وقال إنه مجهول لا أعلم روى عنه غير بقية
كما يروي عن سائر المجهولين وأحاديثه منكرة وغير محفوظة انتهى
20

كتاب الحوالة
الحديث الأول قال عليه السلام من أحيل علي ملئ فليتبع قلت رواه
أحمد في مسنده عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم ومن أحيل على ملئ فليحتل انتهى وكذلك
رواه بن أبي شيبة في مصنفه ورواه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن
عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل
الغنى ظلم ومن أحيل على ملئ فليتبع انتهى ورواه البخاري ومسلم عن أبي
الزناد به بلفظ وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع انتهى وروى أحمد أيضا
32

أخبرنا شريح بن النعمان ثنا هشيم ثنا يونس بن عبيد عن نافع عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل الغنى ظلم وإذا أحلت على ملئ فاتبعه انتهى
33

الحديث الثاني نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر نفعا قلت روى الحارث بن
أبي أسامة في مسنده حدثنا حفص بن حمزة أنا سوار بن مصعب عن عمارة
الهمداني قال سمعت عليا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل قرض جر منفعة فهو ربا
انتهى ومن جهة الحارث بن أبي أسامة ذكره عبد الحق في أحكامه في البيوع
وأعله بسوار بن مصعب وقال إنه متروك انتهى ورواه أبو الجهم في جزئه المعروف
حدثنا سوار بن مصعب به ولم يعزه صاحب التنقيح الا لجزء أبي الجهم وقال
إسناده ساقط وسوار متروك الحديث انتهى وأخرج بن عدي في الكامل عن
إبراهيم بن نافع الحلاب ثنا عمرو بن موسى بن وجيه عن سماك بن حرب عن جابر بن
سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السفتجات حرام انتهى وأعله بعمر بن
موسى بن وجيه وضعفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال إنه
في عداد من يضع الحديث انتهى ومن طريق بن عدي رواه بن الجوزي في
الموضوعات ونقل كلامه وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر
عن حجاج عن عطاء قال كانوا يكرهون كل قرض جر منفعة انتهى
34

كتاب أدب القاضي
الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد عليا قضاء اليمن حين لم يبلغ حد الاجتهاد
قلت روى من حديث علي ومن حديث بن عباس
فحديث علي أخرجه أبو داود عن شريك عن سماك عن حنش عن علي قال
بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا فقلت يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن
ولا علم لي بالقضاء فقال إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين
يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى
بك أن يتبين لك القضاء قال فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد
انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم
ورواه الحاكم في كتاب المستدرك في كتاب الفضائل وقال حديث صحيح
35

الاسناد ولم يخرجاه انتهى
طريق آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن أبي البختري واسمه سعيد بن فيروز
عن علي قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء
قال فضرب في صدري بيده وقال اللهم اهد قلبه وثبت لسانه قال فما شككت
بعد في قضاء بين اثنين انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه البزار في مسنده وقال أبو
البختري لا يصح سماعه من علي وقد رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري
حدثني من سمع عليا انتهى ورأيت حاشيته على المستدرك قال شعبة أبو
البختري لم يدرك عليا وقال أبو حاتم قتل في الجماجم لم يدرك عليا انتهى والذي
أشار إليه البزار أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن غندر ثنا شعبة عن عمر
فقال سمعت أبا البختري يقول أخبرني من سمع عليا فذكره
طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن
علي فذكره وقال هذا أحسن إسناد فيه عن علي انتهى
طريق آخر أخرجه بن حبان في صحيحه عن سماك عن عكرمة عن بن عباس
عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة فقلت يا رسول الله تبعثني وأنا غلام
حديث السن فأسأل عن القضاء ولا أدري ما أجيب قال ما بد من ذلك أن أذهب
بها أنا أو أنت فقلت إن كان ولا بد فأنا أذهب قال انطلق فان الله تعلى يثبت
لسانك ويهدي قلبك ان الناس يتقاضون إليك فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد
حتى تسمع كلام الآخر فإنه أجدر أن تعلم لمن الحق انتهى
36

وأما حديث بن عباس فأخرجه الحاكم في المستدرك في أول كتاب الأحكام
عن شبابة بن سوار ثنا ورقاء بن عمر عن مجاهد عن بن عباس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا
إلى اليمن فقال علمهم الشرائع واقض بينهم فقال لا علم لي بالقضاء فدفع في
صدره وقال اللهم اهده للقضاء انتهى وقال صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه انتهى وأخرجه أبو داود أيضا في مراسيله حدثنا عبد الله بن محمد
بن يحيى ثنا محمد بن المغيرة المدني المخزومي ثنا سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن
عبد الله بن عبد العزيز العمري قال لما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على
اليمن قال علي دعاني وأعله عبد الحق في أحكامه بالارسال قال بن القطان
وفيه جماعة مجهولون أعني لا يعرفون محمد بن المغيرة وسليمان بن محمد لا
يعرفان بغير هذا والعمري هو الزاهد المشهور وحاله في الحديث مجهولة ولا أعلم له
رواية غير هذه انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى
منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين قلت روى من حديث بن عباس
ومن حديث حذيفة
فحديث بن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام عن حسين
بن قيس الحربي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعمل
رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله
وجماعة المسلمين انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه
37

شيخنا شمس الدين الذهبي في مختصره وقال حسين بن قيس ضعيف انتهى
قلت رواه بن عدي في الكامل وضعف حسين بن قيس عن النسائي وأحمد بن
حنبل ورواه العقيلي أيضا في كتابه وأعله بحسين بن قيس وقال إنما يعرف
هذا من كلام عمر بن الخطاب انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن حمزة
النصيبيني عن عمرو بن دينار عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تولى من أمر
المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه
بكتاب الله وسنة رسوله فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين مختصر
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف
عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا بلفظ الطبراني قال الخطيب وإبراهيم بن زياد في
حديثه نكرة وقال بن معين لا أعرفه انتهى
وأما حديث حذيفة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو وائل خالد بن
محمد البصري ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن
عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل استعمل رجلا على عشرة
أنفس وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه فقد غش الله ورسوله وجماعة
المسلمين انتهى
قوله روى عن الصحابة أنهم تقلدوا القضاء وكفي بهم قدوة قلت تقدم عند
أبي داود والترمذي وابن ماجة أن عليا تقلد القضاء من النبي صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي
38

حديث حسن وأخرج البيهقي أنا أبا بكر لما ولى عمر بن الخطاب القضاء وأبا عبيدة
المال وأخرج أيضا عن عن أبي وائل ان عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء
وبيت المال وأخرج بن سعد في الطبقات أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن
زياد ثنا الحجاج بن أرطاة عن نافع قال لما استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على
القضاء فرض له رزقا انتهى
أحاديث الاجتهاد والقياس أخرج البخاري ومسلم عن أبي قيس مولى عمرو
بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا حكم الحاكم
فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم وأخطأ فله أجر انتهى وأخرج أبو
داود والترمذي عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ عن
معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له كيف تقضي إذا عرض لك قضاء
قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله قال فبسنة رسول الله قال
فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله قال أجتهد رأيي ولا آلو فضرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول
الله انتهى وأخرجاه أيضا عن أناس من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا
قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه الا من هذا الوجه وليس إسناده بمتصل انتهى
وقال البخاري في تاريخه الكبير الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي
عن أصحاب معاذ عن معاذ روى عنه أبو عون ولا يصح ولا يعرف الا بهذا مرسل
انتهى وفيه كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني ثم البيهقي في
39

سننهما وفيه الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة
اعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور عند ذلك فاعمل إلى أحبهما إلي الله وأشبهها
بالحق فيما ترى الحديث وسيأتي بتمامه قريبا قال البيهقي والاجتهاد هو القياس
وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد
الله بن أبي زيد قال سمعت بن عباس إذا سئل عن الشئ فإن كان في كتاب الله
قال به وان لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به فإن لم يجد وكان عن
أبي بكر أو عمر قال به فإن لم يجد اجتهد رأيه انتهى وقال إسناده صحيح
وأخرج حديث بن مسعود قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار منا أمير
ومنكم أمير فبلغ ذلك عمر فأتاهم فقال لهم يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أبا بكر أن يصلي بالناس قالوا نعم قال فأيكم تطيب نفسه
أن يتقدم أبا بكر فقالت الأنصار نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر قال البيهقي فقد قاس
عمر الإمامة في سائر الأمور على إمامة الصلاة وقبله منه جميع الصحابة المهاجرين
والأنصار وأخرج حديث بن مسعود في قصة يروع بنت واشق أقول فيها برأيي فإن كان
صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني وحديث أبي بكر في الكلالة أقول فيها
برأيي فان يك صوابا فمن الله وان يك خطأ فمني ومن الشيطان وعن مالك بن أنس
قال أنزل الله كتابه وترك فيه موضعا لسنة نبيه وسن نبيه صلى الله عليه وسلم السنن وترك فيها
موضعا للرأي والقياس انتهى
40

الحديث الثالث قال عليه السلام من جعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس
فحديث أبي هريرة أخرجه أصحاب السنن الأربعة والترمذي عن عمرو بن أبي
عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة والباقون عن عثمان بن محمد الأخنسي عن
المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين
انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه وبالسند الثاني رواه
الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام وقال صحيحا الاسناد ولم يخرجاه
وكذلك رواه الدارقطني في سننه وأحمد وابن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم
وبسند الترمذي أيضا رواه أحمد والبزار والدارقطني
وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي في الكامل عن داود بن الزبرقان عن
عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استقضى
فقد ذبح بغير سكين انتهى قال بن عدي لا أعرف هذا الحديث عن عطاء بن
السائب الا من حديث داود بن الزبرقان عنه وأسند تضعيفه أعني داود عن
النسائي وابن معين
قوله وقد جاء في التحذير من القضاء آثار وقد اجتنبه أبو حنيفة رضي الله عنه
وصبر عليه الضرب واجتنبه كثير من السلف وقيد محمد نيفا وثلاثين يوما أو نيفا
وأربعين يوما حتى تقلده قلت فيه حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا ذر إني
أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم أخرجه مسلم
ووهم الحاكم في المستدرك فرواه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه انتهى وفيه حديث من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين وقد تقدم قبله
وحديث بريدة أخرجه أبو داود عن بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
41

القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة
ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار ورجل لم يعرف الحق
فقضى للناس على جهل فهو في النار انتهى ورواه الحكام في المستدرك في
الاحكام وزاد فيه قالوا يا رسول الله فما ذنب هذا الذي يجهل قال ذنبه أن لا
يكون قاضيا حتى يعلم وقال فيه حديث صحيح على شرط مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه عن عمران بن الحطان عن عائشة
قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة
الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ليوشكن الرجل أنه يتمنى أنه خر من الثريا ولم يل من أمر الناس شيئا
انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه
حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن سعدان بن الوليد عن عطاء عن بن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ولي على عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا جئ به يوم
القيامة مغلولة يداه إلى عنقه فان حكم بما أنزل الله ولم يرتش في حكمه ولم يجف
فك الله عنه يوم لا غل الا غله وان حكم بغير ما أنزل الله وارتشى في حكمه وحابى
فيه شددت يساره إلى يمينه ثم رمي به في جهنم وسكت عنه ثم قال وسعدان بن
الوليد البجلي كوفي قليل الحديث ولم يخرجاه عنه
حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن معتمر بن سليمان عن
عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن وهب عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
كان قاضيا عالما فقضى بالجور كان من أهل النار ومن كان قاضيا فقضى بجهل كان
من أهل النار ومن كان قاضيا عالما فقضى بعدل فبالحري أن ينقلب كفافا انتهى قال
أبو حاتم في علله عبد الملك هذا مجهول وعبد الله بن وهب أرى أنه بن موهب
الرملي انتهى
42

حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا
محمود بن خالد الدمشقي ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا يسار أبو الحكم عن أبي وائل شقيق
بن سلمة عن أبي ذر وبشر بن عاصم رضي الله عنهما أنهما قالا لعمر بن الخطاب وقد
أراد أن يستعمل بشر بن عاصم على عمل سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي شيئا
من أمر المسلمين أتي به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم فإن كان محسنا نجا وإن كان
مسيئا انحرق به الجسر فهوى فيه سبعين خريفا انتهى
الآثار روى النسائي في كتاب الكنى أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن
عمران ثنا أبو عبد الله محمد بن بكار ثنا أبو عبد الرحمن يحيى بن حمزة أخبرني الوليد
بن أبي السائب أنه سمع مكحولا يقول لو خيرت بين ضرب عنقي وبين القضاء
لاخترت ضرب عنقي انتهى
أثر آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة أبي الدرداء أخبرنا عفان
بن مسلم ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال استعمل أبو الدرداء على القضاء
فأصبح الناس يهنونه فقال أتهنؤنني بالقضاء وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد
من عدن أبين ولو علم الناس ما في القضاء لاخذوه بالدول رغبة عنه وكراهية له
انتهى
43

الحديث الرابع قال عليه السلام عدل ساعة خير من عبادة سنة قلت
غريب بهذا اللفظ وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا جعفر بن عون الحريثي
ثنا عفان بن جبير عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم من امام
عادل أفضل من عبادة ستين سنة وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين
يوما انتهى وكذلك رواه الطبراني في معجمه الوسط ورواه الكبير عن
عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز الأزدي عن عكرمة به
حديث آخر روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا هشيم عن
زياد بن مخراق عن رجل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العادل في رعيته يوما
واحدا أفضل من عبادة العابد في أهله مائة سنة أو خمسين سنة شك هشيم انتهى
أحاديث الباب فيه حديث سبعة يظلهم الله في ظله امام عادل أخرجه
البخاري ومسلم في الزكاة عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله الإمام العادل وشاب نشأ بعبادة الله
ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله عز وجل اجتمعا عليه وتفرقا عليه
ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق فأخفاها
حتى لا تعلم شماله مما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه انتهى ولفظ
مسلم حتى تعلم يمينه ما تنفق شماله والأول لفظ البخاري قال عبد الحق في الجمع
بين الصحيحين وهو المعروف وفي رواية لمسلم ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج
منه حتى يعود إليه والله أعلم
44

حديث آخر أخرجه مسلم عن عياض بن حماد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في
خطبته أصحاب الجنة ثلاث ذو سلطان مقسط ورجل رحيم القلب لكل ذي قربى
ومسلم عفيف ذو عيال مختصر أخرجه قبيل الفتن ووهم الحاكم في
المستدرك فرواه في الاحكام وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه
حديث آخر عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المقسطين في
الدنيا على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم
وأهلهم وما ولوا انتهى أخرجه مسلم
حديث آخر أخرجه الترمذي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم مجلسا منه امام عادل قال
بن القطان في كتابه وعطية العوفي مضعف وقال بن معين فيه صالح فالحديث
به حسن انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات أخبرنا علي بن أحمد بن
عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا سعد
الطائي عن أبي مدلة أنه سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم
الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم انتهى
حديث آخر رواه البيهقي أيضا من طريق بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن
45

عمرو بن الأسود عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يد الله مع القاضي حين
يقضي وقال فقد تفرد به بن لهيعة انتهى وفي الطبقات لابن سعد عن الشعبي
قال كان مسروق قاضيا وكان لا يأخذ على القضاء رزقا وقال لان أقضي بقضية
فأوافق الحق أحب إلي من رباط سنة في سبيل الله انتهى
الله تبارك وتعالى الحديث الخامس قال عليه السلام من طلب القضاء وكل إلى نفسه ومن
أجبر عليه نزل عليه ملك يسدده قلت أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن
إسرائيل عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي عن بلال بن أبي موسى ويقال بن مرداس
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه
نزل إليه ملك فسدده انتهى ولفظ أبي داود فيه من طلب القضاء واستعان عليه
وكل إليه ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدده انتهى وأخرجه
الترمذي أيضا عن أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري
عن خيثمة عن أنس مرفوعا من ابتغى القضاء وسأله فيه شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره
عليه انزل الله عليه ملكا يسدده انتهى وقال حسن غريب وهو أصح من حديث
إسرائيل انتهى وبالسند الأول رواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في
مسانيدهم والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه
46

انتهى وذهل المنذري في مختصره عن بن ماجة فعزاه للترمذي فقط قال بن
القطان في كتابه هذا حديث يرويه أبو عوانة عن عبد الأعلى عامر الثعلبي عن بلال
بن مرداس عن خيثمة عن أنس قال وخيثمة بن أبي خيثمة البصري لم تثبت عدالته
قال بن معين ليس بشئ وبلال بن مرداس الفزاري مجهول الحال روى عنه
عبد الأعلى بن عامر والسدي وعبد الاعلى بن عامر ضعيف قال والعجب من
الترمذي فإنه أورد الحديث من رواية إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن
أنس ثم قال في رواية أبي عوانة المتقدمة انها أصح من رواية إسرائيل قال وإسرائيل
أحد الحفاظ ولولا ضعف عبد الأعلى كان هذا الطريق خيرا من طريق أبي عوانة الذي
فيه خيثمة وبلال انتهى كلامه
قوله روي أن الصحابة رضي الله عنهم تقلدوا القضاء من معاوية والحق كان بيد
على في نوبته والتابعون تقلدوا القضاء من الحجاج وكان جائرا قلت تولى أبو الدرداء
القضاء بالشام وبها مات وكان معاوية استائه فيمن يولي بعده فأشار عليه بفضالة
بن عبيد الأنصاري فولاه الشام بعده وأما إن الحق كان بيد علي في نوبته فالدليل عليه
قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار تقتلك الفئة الباغية ولا خلاف أنه كان مع علي وقتله
أصحاب معاوية قال إمام الحرمين في كتاب الارشاد وعلي رضي الله عنه كان إماما
حقا في ولايته ومقاتلوه بغاة وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير، وإن
أخطأوه وأجمعوا على أن عليا كان مصيبا في قتال أهل الجمل وهم طلحة والزبير
وعائشة ومن معهم وأهل صفين وهم معاوية وعسكره وقد أظهرت عائشة الندم
كما أخرجه بن عبد البر في كاتب الاستيعاب عن بن أبي عتيق وهو عبد الله بن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال قالت عائشة لابن عمر يا أبا
47

عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري قال رأيت رجلا غلب عليك يعني
بن الزبير فقال أما والله لو نهيتني ما خرجت انتهى وفي الطبقات لابن سعد
أن عثمان أفرد معاوية بالشام فلما ولي علي بن أبي طالب الخلافة بعد عثمان قال
معاوية والله لا ألي له شيئا أبدا ولا أبايعه ولا أقدم عليه حتى كانت الوقعة بينهما
بصفين في المحرم سنة سبع وثلاثين فاقتتلوا قتالا شديدا ورجع علي الكوفة بأصحابه
مختلفين عليه ورجع معاوية إلى الشام بأصحابه متفقين عليه وأقر فضالة بن عبيد
الأنصاري على قضائه بالشام مختصر
وأما تقلد الولاية من الحجاج فروى البخاري في تاريخه الأوسط حدثنا عمرو
بن علي ثنا أبو داود عن سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق قال كان أبو بردة على قضاء
الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه مكانه انتهى وقال في مكان آخر حدثنا
الحسن بن رافع ثنا ضمرة قال استقضى الحجاج أبا بردة بن أبي موسى وأجلس معه
سعيد بن جبير ثم قتل سعيد بن جبير ومات الحجاج بعده بستة أشهر ولم يقتل بعده
48

أحد انتهى وفي تاريخ أصبهان للحافظ أبي نعيم في باب العين المهملة عبد الله
بن أبي مريم الأموي ولي القضاء في أصبهان للحجاج ثم عزله الحجاج وأقام
محبوسا بواسط فلما هلك الحجاج رجع إلى أصبهان وتوفى بها انتهى وقال بن
القطان في كتابه في باب الاستسقاء وطلحة بن عبد الله بن عوف أبو محمد الذي
يقال له طلحة الندى بن أخي عبد الرحمن بن عوف تقلد القضاء من يزيد بن معاوية
على المدينة وهو تابعي يروي عن بن عباس وأبي هريرة وأبي بكرة انتهى
الحديث السادس قال عليه السلام إنما بنيت المساجد لذكر الله تعالى وللحكم
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه مسلم ليس فيه الحكم رواه في الطهارة من
حديث أنس قال بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في
المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مه مه فقال عليه السلام لا ترزموه دعوه
فتركوه حتى بال ثم إنه عليه السلام دعاه فقال له إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من
هذا البول ولا القذر وإنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن قال وأمر رجلا
من القوم فدعا بدلو من ماء فشنه عليه انتهى ورواه بن ماجة في سننه حدثنا
49

أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال دخل أعرابي المسجد فذكر نحوه وفي آخره فقال إن هذا المسجد لا
يبال فيه وإنما بني لذكر الله وللصلاة ثم أمر بسجل من ماء فأفرغ عليه انتهى
الحديث السابع روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفصل الخصومات في معتكفه قلت فيه
أحاديث فأخرج الجماعة إلا الترمذي عن كعب بن مالك أنه تقاضى بن أبي حدرد
دينا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في
بيته فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى يا كعب قال لبيك يا رسول
الله فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك قال كعب قد فعلت يا رسول الله قال قم
فاقضه انتهى ذكره البخاري في الاشخاص وفي الشهادات ومسلم في
البيوع وأبو داود والنسائي في القضاء وابن ماجة في الاحكام قال بن
تيمية في المنتقى فيه جواز الحكم في المسجد
حديث آخر أخرجاه في الصحيحين عن سهل بن سعد في قصة اللعان أن
رجلا قال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا إلى أن قال فتلاعنا في
50

المسجد وأنا شاهد حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا علي
بن المديني ثنا هشام بن يوسف عن القاسم بن فياض عن خلاد بن عبد الرحمن عن
سعيد بن المسيب عن بن عباس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أتى رجل
فتخطى الناس حتى قرب إليه فقال يا رسول الله أقم علي الحد فقال له اجلس
فجلس وقام الثانية فقال يا رسول الله أقم علي الحد فقال اجلس فجلس وقام
الثالثة فقال يا رسول الله أقم علي الحد فقال وما حدك قال أتيت امرأة حراما
فقال عليه السلام لعلي وابن عباس وزيد بن حارثة وعثمان بن عفان انطلقوا
فاجلدوه مائة ولم يكن تزوج فقيل يا رسول الله ألا تجلد التي خبث بها فقال له
عليه السلام من صاحبتك قال فلانة فدعاها ثم سألها فقالت يا رسول الله
كذب علي والله إني لا أعرفه فقال عليه السلام من شاهدك قال يا رسول الله
مالي شاهد فأمر به فجلد حد الفرية ثمانين انتهى
قوله وروي أن الخلفاء الراشدين كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات
قلت غريب وفي صحيح البخاري في باب من قضى ولاعن في المسجد
ولاعن عمر عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وقضى شريح والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد
وقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر وروى النسائي في كتاب الكنى
أخبرنا عمرو بن علي حدثني سليمان بن مسلم العجلي أبو المعلى قال رأيت الشعبي
وابن أشوع يقضيان في المسجد انتهى وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا معن
51

بن عيسى ثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه رأى أبا بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم يقضي في المسجد عند القبر وكان على القضاء بالمدينة في ولاية عمر بن
عبد العزيز انتهى أخبرنا معن بن عيسى ثنا سعيد بن مسلم بن بابك قال رأيت سعد
بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يقضي في المسجد فكان قد ولي قضاء المدينة
انتهى أخبرنا محمد بن عمر قال لما ولي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إمرة
المدينة لعمر بن عبد العزيز ولي أبا طوالة القضاء بالمدينة فكان يقضي في المسجد
انتهى قال وأبو طوالة يروي عن أنس وهو ثقة انتهى أخبرنا عبد الله بن جعفر ثنا
عبيد الله بن عمرو عن إسماعيل بن أبي خالد قال رأيت شريحا يقضي في المسجد
انتهى أخبرنا حجاج بن نصير ثنا الأسود بن شيبان قال رأيت الشعبي وهو
يومئذ قاضي الكوفة يقضي في المسجد انتهى
الحديث الثامن قال عليه السلام للمسلم على المسلم ستة حقوق وذكر منها
شهود الجنازة وعود المريض قلت أخرجه مسلم في كتاب الأدب عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق المسلم على المسلم خمس رد
السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع الجنازة وإذا
استنصحك فانصح له انتهى ورواه البخاري بلفظ للمسلم على المسلم
52

خمس فذكرها ليس فيه وإذا استنصحك فانصح له ذكره في الجنائز ورواه
بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الثالث عن العلاء عن أبيه عن أبي
هريرة مرفوعا بلفظ مسلم سواء إلا أنه قال فيه وإذا عطس فحمد الله فشمته
حديث آخر روى البخاري في كتابه المفرد في الأدب من حديث
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي حدثني أبي قال كنا غزاة في البحر زمن معاوية
فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري فلما حضر غداءنا أرسلنا إليه فأتانا
فقال دعوتموني وأنا صائم فلم يكن لي بد من أن أجيبكم لأني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن للمسلم على أخيه ست خصال واجبة إن ترك منها شيئا فقد ترك حقا
واجبا عليه لأخيه يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه ويشمته إذا عطس ويعوده إذا
مرض ويحضره إذا مات وينصحه إذا استنصحه انتهى وفيه زيادة ذكر الوجوب
الحديث التاسع حديث النهي عن ضيافة أحد الخصمين قلت رواه إسحاق بن
راهويه في مسنده أخبرنا محمد بن الفضل عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال
جاء رجل فنزل على علي فأضافه فلما قال له إني أريد أن أخاصم فقال لي علي
تحول فان النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن نضيف الخصم إلا ومعه خصمه انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه حدثنا يحيى بن العلاء عن إسماعيل بن مسلم به ورواه
الدارقطني في كتاب المؤتلف والمختلف عن جارية بن هرم أبي الشيخ الفقيمي عن
إسماعيل بن مسلم به
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا
موسى بن سهل الرملي ثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي ثنا القاسم بن غصن عن داود بن
أبي هند عن حرب بن أبي الأسود الرملي عن أبيه عن علي قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
يضيف أحد الخصمين دون الآخر انتهى وقال تفرد به الواسطي
الحديث العاشر قال عليه السلام إذا ابتلي أحدكم بالقضاء فليسو بينهم
53

في المجلس والإشارة والنظر قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا بقية
بن الوليد عن إسماعيل بن عياش حدثني أبو بكر التميمي عن عطاء بن يسار عن أم
سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليساو بينهم في
المجلس والإشارة والنظر ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر
انتهى وبهذا السند والمتن رواه الطبراني في معجمه
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عباد بن كثير عن أبي عبد الله
عن عطاء بن يسار عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل
بينهم في لحظه وإشارته ومقعده انتهى
بقية الأبواب والفصول ليس فيها شئ
56

كتاب الشهادات
الحديث الأول قال عليه السلام للذي شهد عنده لو سترته بثوبك لكان خيرا
لك قلت الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول لم يشهد عنده بشئ ولكنه حمل ماعزا
على أن اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا كما رواه أبو داود والنسائي عن سفيان عن زيد بن
أسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع
مرات فأمر برجمه وقال لهزال لو سترته بثوبك لكان خيرا لك انتهى ثم
أخرج أبو داود عن بن المنكدر أن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره انتهى
بلفظ أبي داود وذكره النسائي بتمامه ورواه عبد الرزاق في مصنفه ولفظه
أن النبي صل الله عليه وسلم قال لهزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك قال وهزال هو الذي كان أمره
أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرجه النسائي أيضا من طريق أبي داود الطيالسي ثنا شعبة
عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن بن هزال عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك انتهى وكذلك رواه الحاكم في المستدرك
وزاد قال شعبة قال يحيى فذكرت هذا الحديث بمجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال
فقال يزيد هذا هو الحق هذا حديث جدي انتهى وقال حديث صحيح الاسناد
ولم يخرجاه انتهى وكذلك رواه البزاز في مسنده وقال لا نعلم لهزال غير هذا
70

الحديث انتهى ورواه أحمد في مسنده من طرق وسمى المرأة في بعضها ولفظه
عن هزال قال كانت له جارية يقال لها فاطمة قد أملكت وكانت ترعى غنما لهم
وأن ماعزا وقع عليها فأخذه هزال فخدعه وقال له انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث
ويراجع وبسند الطياليسي أيضا رواه الطبراني في معجمه ولفظه عن هزال أنه قال
لماعز اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرك فإنك إن لم تخبره أنزل الله على رسوله
خبرك ولم يزل به حتى انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الحديث وفي آخره ثم
قال عليه السلام لهزال وضرب بيده على ركبته يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك
ورواه بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر هو الواقدي حدثني هشام بن
عاصم عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه عن جده قال أتى ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف
عنده بالزنا وكان محصنا فأمر به عليه السلام فأخرج إلى الحرة ورجم بالحجارة
ففر يعدو فأدركه عبد الله بن أنيس بوظيف حمار فضربه حتى قتله وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم
فقال هلا تركتموه ثم قال يا هزال بئس ما صنعت لو سترته بطرف ردائك لكان خيرا
لك قال يا رسول الله لم أدر أن في الامر سعة ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التي أصابها
فقال لها اذهبي ولم يسألها عن شئ انتهى ورواه مالك في الموطأ مرسلا من
رواية أبي مصعب ثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لرجل من أسلم يقال له هزال يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك قال يحيى
فذكرت هذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد هذا
حديث جدي هزال وهذا الحديث حق انتهى قال بن عبد البر هزال روى عنه
ابنه ومحمد بن المنكدر حديثا واحدا وما أظن له غيره قول النبي صلى الله عليه وسلم يا هزال لو
سترته بثوبك كان خيرا لك وكذلك قال البغوي في معجمه وقال بن سعد في
الطبقات هزال الأسلمي أبو نعيم بن هزال وهو الذي أمر ماعزا الأسلمي أن يأتي
71

النبي صلى الله عليه وسلم فيقر عنده بالذي صنع وماعز بن مالك الأسلمي أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم
انتهى وقال المنذري في حواشي السنن نعيم بن هزال قيل لا صحبة له وإنما
الصحبة لأبيه هزال وهزال بفتح الهاء وتشديد الزاي المفتوحة أسلمي له صحبة
سكن المدينة وكان مالك أبو ماعز قد أوصى بابنه ماعزا وكان في حجره يكفله
وماعز بن مالك الأسلمي له صحبة معدود في المدنيين كتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتابا بإسلام
قومه روى عنه ابنه عبد الله بن ماعز حديثا واحدا وذكر البغوي أن الذي كتب له النبي
صلى الله عليه وسلم الكتاب غير صاحب الذنب وفي الرواة أيضا ماعز التميمي سكن البصرة وروى
عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال إيمان بالله وجهاد في
سبيله ثم حجة بارة وصاحب الذنب اسمه ماعز وقيل اسمه غريب وماعز لقبه
والمرأة التي وقع عليه اسمها فاطمة جارية هزال انتهى كلامه
الحديث الثاني حديث تلقينه عليه السلام الدرء وكذلك أصحابه قلت أما
تلقينه عليه السلام الدرء فقد تقدم في الحدود للبخاري عن بن عباس في حديث
ماعز قال له عليه السلام لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا قال أفنكتها قال
نعم قال فعند ذلك أمر برجمه انتهى وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن
حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي
أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص قد اعترف اعترافا ولم يوجد معه متاع فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إخالك سرقت قال بلى فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا فأمر به
فقطع انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وفيه ضعيف
فان أبا المنذر هذا مجهول لم يرو عنه الا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قاله
المنذري
72

وله طريق آخر عند الحاكم في المستدرك عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي
عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى
بسارق سرق شملة فقال عليه السلام ما إخاله سرق فقال السارق بلى يا رسول الله
فقال اذهبوا به فاقطعوه وقال على شرط مسلم ورواه أبو داود في مراسيله
عن الثوري عن يزيد بن خصيفة به مرسلا وقد تقدم في السرقة في حديث
الحسم
وله طريق آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا إبراهيم بن سويد الأصبهاني
ثنا الحسين بن حريث ثنا الفضل بن موسى عن جعفر بن عبد الرحمن أخبرني السائب بن
يزيد قال أتى برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له إن هذا سرق قال ما إخاله فعل
قالوا يا نبي الله إن هذا سرق قال ما إخاله فعل حتى شهد على نفسه شهادات
فقال اذهبوا به فاقطعوه
وأما تلقين الصحابة ففيه عن أبي بكر وعمر وعلي وابنه الحسن وأبي هريرة
وأبي مسعود وأبي الدرداء وعمرو بن العاص وأبي واقد الليثي فحديث أبي بكر أخرجه أحمد في مسنده عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزي
عن أبي بكر الصديق قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فجاء ماعز فاعترف عنده مرة
ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده ثم جاء فاعترف الثالثة فرده فقلت له إنك إن
اعترفت الرابعة رجمك قال فاعترف الرابعة فحبسه ثم سأل عنه فقالوا لا نعلم
إلا خيرا فأمر به فرجم انتهى
وحديث عمر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن طاوس عن عكرمة
73

بن خالد قال أتى عمر بن الخطاب برجل فقال له أسرقت فقال لا فتركه
انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بكر عن بن جريج عن عكرمة
بن أبي خالد قال أتى عمر بسارق قد اعترف فقال عمر إني لأرى يد رجل ما هي
بيد سارق فقال الرجل والله ما أنا بسارق فأرسله عمر ولم يقطعه انتهى
وحديث علي روى من وجوه أحدها عند أحمد والبيهقي عن الشعبي قال
جئ بشراخة الهمدانية إلى علي بن أبي طالب فقال لها لعل رجلا وقع عليك وأنت
نائمة قالت لا قال لعله استكرهك قالت لا يلقنها لعلها تقول نعم وقد تقدم
في الحدود
آخر روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا عبيد الله بن عمر ثنا عثمان بن
عمر ثنا شيخ من أهل الكوفة يقال له أبو المحياة التيمي قال حدثنا أبو مطر قال
رأيت عليا أتى برجل قيل إنه سرق جملا فقال له ما أراك سرقت قال بلى قال
فلعله شبه عليك قال بل سرقت قال يا قنبر اذهب به فأوقد النار وادع الجزار
وشد يده حتى أجئ فلما جاء إليه قال له أسرقت قال لا فتركه انتهى
طريق آخر روى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر
عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني قال أتى علي بشيخ كان نصرانيا فأسلم ثم
ارتد عن الاسلام فقال له علي لعلك ارتددت لتصيب ميراثا ثم ترجع إلى الاسلام
قال لا قال فارجع فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن ينكحوكها فأردت أن تزوجها ثم
ترجع إلى الاسلام قال لا قال فارجع إلى الاسلام قال أما حتى ألقى المسيح
فلا فأمر به علي فضربت عنقه ودفع ميراثه إلى ولده من المسلمين انتهى وروي في
السرقة أخبرنا بن جريج قال سمعت عطاء يقول كان من مضى يؤتى إليه
بالسارق فيقول أسرقت قل لا قل لا علمي أنه سمى أبا بكر وعمر وأخبرني
أن عليا أتى بسارقين معهما سرقتهما فخرج فضرب الناس عنهما
حتى تفرقوا عنهما ولم يدعهما ولم يسألهما انتهى
وحديث الحسن رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن
حسن بن صالح عن غالب أبي الهذيل قال سمعت سبيعا أبا سالم يقول شهدت
74

الحسن بن علي وأتى برجل أقر بسرقة فقال له الحسن لعلك اختلست لكي يقول
لا انتهى
وحديث أبي هريرة رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي
عروبة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل أنا أبا هريرة أتى بسارق وهو يومئذ أمير
فقال أسرقت أسرقت قل لا قل لا مرتين أو ثلاثا انتهى
وحديث أبي مسعود رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا شريك عن جابر عن مولى لأبي
مسعود عن أبي مسعود قال أتي برجل سرق فقال أسرقت قل وجدته قال
وجدته فخلي سبيله انتهى ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو
حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال أتى أبو مسعود الأنصاري بامرأة
سرقت جملا فقال أسرقت قولي لا فقالت لا فتركها انتهى وكذلك رواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن حماد عن إبراهيم به
وحديث أبي الدرداء فرواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن علي بن الأقمر عن
يزيد بن أبي كبشة عن أبي الدرداء أنه أتى بامرأة سرقت يقال لها سلامة فقال لها
يا سلامة سرقت قولي لا قالت لا فدرأ عنها انتهى ورواه محمد بن الحسن
أيضا أخبرنا أبو حنيفة ثنا إبراهيم محمد بن المنتشر عن أبيه عن يزد بن أبي بشر به ورواه
بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن علي بن الأقمر به
حديث عمرو بن العاص رواه بن يونس في تاريخ مصر حدثنا إسحاق بن
إبراهيم بن يونس ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شعبة ثنا عمرو
بن شرحبيل عن رجل قال لما أراد محمد بن أبي بكر الصديق أن يقتل قال له عمرو
بن العاص ادعيت أمانا ادعيت شيئا كأنه يلقنه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما يجير
على الناس أدناهم فلم يدع شيئا فضرب عنقه انتهى
75

وحديث أبي واقد رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن
يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد
مع امرأته رجلا فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك
فأتاها وعندها نسوة فذكر لها الذي قال زوجها لعمر وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله
وجعل يلقنها لتنزع فأبت أن تنزع وتمت على الاعتراف فأمر بها عمر فرجمت
انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في
المعرفة
الحديث الثالث قال عليه السلام من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا
والآخرة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا ومن ستر مسلما
ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان في عون أخيه وقد تقدم في
الحدود
الحديث الرابع حديث الزهري مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين
من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه
حدثنا حفص عن حجاج عن الزهري قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين
من بعده أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود انتهى وأخرج عن الشعبي والنخعي
والحسن والضحاك قالوا لا تجوز شهادة النساء في الحدود وأخرج عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة أن علي بن أبي طالب قال لا تجوز
76

شهادة النساء في الحدود والدماء انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال
النظر إليه قلت غريب وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن جريج عن
بن شهاب عن الزهري قال مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه
غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن انتهى ورواه بن أبي شيبة وقد تقدم في باب
77

ثبوت النسب وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا أبو بكر بن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن
القعقاع بن حكيم عن بن عمر قال لا تجوز شهادة النساء وحدهن الا على مالا يطلع
عليه الا هن من عورات النساء وما يشبه ذلك من حملهن وحيضهن قال
عبد الرزاق وأخبرنا بن جريج أنبأ أبو بكر بن عمرو بن سليم مولاهم حدثهم عن بن
المسيب مثل حديث بن عمر هذا قال وحدثني عن أبي النضر عن عروة بن الزبير مثل
هذا وعن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبيد الله بن عبد
الله عن عتبة مثله انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على أنه تقبل في الولادة
والبكارة وما لا يطلع عليه الرجال شهادة امرأة واحدة قال لأن النساء جمع محلي
بالألف واللام فيتناول الأقل والشافعي يشترط أربعا ومذهب أحمد كمذهبنا ولنا
حديث القابلة وفيه عن علي وعمر
فحديث علي رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن جابر الجعفي عن
عبيد الله بن يحيى أن عليا أجاز شهادة المرأة القابلة وحدها في الاستهلال انتهى وهذا
سند ضعيف فان الجعفي وابن يحيى فيهما مقال
78

طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه في كتاب الأقضية عن محمد بن
عبد الملك الواسطي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة
القابلة انتهى قال الدارقطني محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش بينهما
رجل مجهول وهو أبو عبد الرحمن المدائني ثم أخرجه عن محمد بن عبد الملك عن
أبي عبد الرحمن المدائني عن الأعمش به قال في التنقيح هو حديث باطل لا أصل
له انتهى وأسند البيهقي في المعرفة إلى الشافعي قال جرت بيني وبين محمد بن
الحسن مناظرة عند هارون الرشيد فقلت له أي شئ أخذت في شهادة القابلة
وحدها قال بقول علي بن أبي طالب فقلت له إنما رواه عن علي رجل مجهول
يقال له عبد الله بن يحيى والذي رواه عن بن يحيى جابر الجعفي وكان يؤمن
بالرجعة قال البيهقي ورواه سويد بن عبد العزيز بن غيلان بن جامع عن عطاء بن أبي
مروان عن أبيه عن علي وسويد هذا ضعيف وروى محمد بن عبد الملك الواسطي
عن أبي عبد الرحمن المدائني عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز
شهادة القابلة وهذا لا يصح قال أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن
السلمي عنه أبو عبد الرحمن المدائني مجهول وقال إسحاق بن راهويه لو صح
حديث علي في القابلة لقلنا به ولكن في سنده خلل انتهى
وأما حديث عمر فرواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى
الأسلمي أخبرني إسحاق عن بن شهاب عن عمر بن الخطاب أجاز شهادة امرأة في
الاستهلال انتهى
79

الحديث السادس قال عليه السلام المسلمون عدول بعضهم على بعض الا
محدودا في قذف قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع حدثنا
عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض الا محدودا في فرية انتهى
قوله ومثله عن عمر قلت هو في كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني في
سننه في الأقضية عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال كتب
عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أما بعد فان القضاء فريضة محكمة وسنة
متبعة فافهم إذا أدلى إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له وآس بين الناس في
وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يقطع الشريف
في حيفك البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين
الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا لا يمنعك قضاء قضيته راجعت فيه نفسك
وهديت فيه لرشدك ان تراجع الحق فان الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في
الباطل في الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأشباه
والأمثال ثم قس الأمور عند ذلك فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما
ترى اجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه فان أحضر بينة أخذ بحقه والا وجهت القضاء
عليه فان ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر المسلمون عدول بعضهم على بعض الا
80

محدودا في حد أو مجربا في شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة ان الله تعالى
تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات ثم إياك والقلق والضجر والتأذي بالناس
والتنكر للخصوم في مواطن الحق الذي يوجب الله بها الاجر ويحسن بها الذكر فإنه
من يصلح نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس ومن
تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله فما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه
وخزائن رحمته والسلام عليك ورحمة الله وبركاته انتهى وعبد الله بن أبي
حميد ضعيف وأخرجه الدارقطني أيضا من طريق أحمد ثنا سفيان بن عيينة ثنا إدريس
الأودي عن سعيد بن أبي بردة وأخرج الكتاب فقال هذا كتاب عمر ثم قرئ على
سفيان من هاهنا إلى أبي موسى أما بعد فذكره ورواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو
عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا محمد
81

بن عبد الله بن كناسة ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال
كتب عمر فذكره
الحديث السابع قال عليه السلام إذا علمت مثل الشمس فاشهد والا فدع
قلت أخرجه البيهقي في سننه والحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام عن
محمد بن سليمان بن مشمول ثنا أبي ثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه عن طاوس
عن بن عباس ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال هل ترى الشمس قال نعم
قال على مثلها فاشهد أو دع انتهى قال الحكام حديث صحيح الاسناد ولم
يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصرة فقال بل هو حديث واه فان محمد بن
سليمان بن مشمول ضعفه غير واحد انتهى قلت رواه كذلك بن عدي في
الكامل والعقيلي في كتابه وأعلاه بمحمد بن سليمان بن مشمول وأسند بن
عدي تضعيفه عن النسائي ووافقه وقال عامة ما يرويه لا يتابع عليه إسنادا ولا متنا
82

انتهى
83

باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل
85

الحديث الأول قال عليه السلام لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا شهادة الوالد
لولده ولا المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته ولا العبد لسيده ولا المولى لعبده ولا الأجير
لمن استأجره قلت غريب وهو في مصنف بن أبي شيبة وعبد الرزاق من
قول شريح قال عبد الرزاق حدثنا سفيان عن جابر عن عامر عن شريح قال لا تجوز
شهادة الابن لأبيه ولا الأب لابنه ولا المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته ولا الشريك
لشريكه في شئ بينهما لكن في غيره ولا الأجير لمن استأجره ولا العبد لسيده
انتهى وقال بن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان به وأخرجا نحوه عن إبراهيم
86

النخعي وقال في الخلاصة رواه الخصاف بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم
الحديث الثاني: قال عليه السلام لا شهادة للقانع بأهل البيت قلت أخرجه
أبو داود في سننه عن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب به
عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمر على أخيه
وشهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم انتهى قال أبو داود والغمر
الشحناء انتهى وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه وعن عبد الرزاق رواه أحمد
في مسنده قال في التنقيح ومحمد بن راشد وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن
معين وغيرهما وتكلم فيه بعض الأئمة وقد تابعه غيره عن سليمان انتهى قلت
ورواه أيضا عن عمرو بن شعيب حجاج بن أرطاة وآدم بن فائد وهما ضعيفان
فحديث الحجاج في سنن بن ماجة وحديث آدم بن فائد في سنن الدارقطني
87

وكلاهما لم يذكر فيه القانع ولفظهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة
خائن ولا خائنة ولا محدود في الاسلام ولا ذي غمر على آخر انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود
حدا ولا ذي غمر على أخيه ولا مجرب بشهادة الزور ولا القانع أهل البيت ولا
ظنين في ولاء ولا قرابة انتهى وقال حديث غريب لا نعرفه الا من حديث
يزيد بن زياد الدمشقي وهو يضعف في الحديث ولا يصح هذا من قبل إسناده
والغمر العداوة انتهى ورواه الدارقطني في سننه وأبو عبيد القاسم بن سلام في
كتاب غريب الحديث قال أبو عبيد والغمر العداوة والقانع التابع لأهل البيت
كالخادم لهم والظنين والمتهم في دينه انتهى
الحديث الثالث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصوتين الأحمقين والنائحة والمغنية
88

قلت أخرجه الترمذي في الجنائز عن عيسى بن يونس عن بن أبي ليلى عن عطاء عن
جابر بن عبد الله قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه
إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره وبكى فقال له عبد
الرحمن أتبكي يا رسول الله وقد نهيت عن البكاء
قال لا إني لم أنه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين صوت عند نغمة لعب ولهو ومزامير شيطان
وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان انتهى وقال حديث
حسن انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد
وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم قال بن أبي شيبة حدثنا علي بن هاشم عن بن
أبي ليلى به وقال بن راهويه أخبرنا وكيع عن بن أبي ليلى به وقال عبد بن حميد
أخبرنا عبيد الله بن موسى عن بن أبي ليلى به وقال الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن بن
89

أبي ليلى به وكلهم ذكروه في مسند جابر ورواه البيهقي في سننه من طريق أبي
عوانة به وزاد فيه وإنما هذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم يا إبراهيم لولا أنه قول
حق ووعد صدق وسبيل مأتي وقضاء مقضي وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك
حزنا أشد من هذا انتهى ومنهم من جعل هذا الحديث من مسند عبد الرحمن بن
عوف أخرجه كذلك البزار وأبو علي الموصلي في مسنديهما عن النضر بن
إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن
بن عوف قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلق بي إلى ابنه إبراهيم إلى آخره
ذكراه في مسند بن عوف وقال البزار وهذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد
الرحمن الا من هذا الوجه بهذا الاسناد انتهى وكذلك رواه البيهقي في شعب
الايمان عن الحاكم بسنده عن يونس بن بكير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به
قال النووي في الخلاصة ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف ولعله
اعتضد ورنة الشيطان هي الغناء والمزامير هكذا جاء مبينا في رواية البيهقي انتهى
كلامه ورواه الحاكم في المستدرك في فضائل مارية القبطية عن إسماعيل بن
محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف قال أخذ
النبي صلى الله عليه وسلم بيدي الحديث وسكت عنه
90

الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض قلت
غريب بهذا اللفظ وهو غير مطابق للحكمين فان المصنف قال وتقبل شهادة أهل
الذمة بعضهم على بعض وان اختلفت مللهم ثم استدل بالحديث ولو قال أهل
الكتاب عوض النصارى لكان أولى وموافقا للحكمين أعني اتحاد الملة واختلافها
هكذا أخرجه بن ماجة في سننه عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن النبي
صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض انتهى ومجالد فيه مقال إلا أن
يقال إنهم إذا قبلوا عند اتحاد الملة قبلوا عند اختلافها لعدم القائل بالفصل فالله أعلم
قال شيخنا علاء الدين ويؤخذ من بعض نسخ الهداية اليهود عوض النصارى
واحتج له مقلدا لغيره بحديث رواه أبو داود في الحدود بهذا الاسناد قال جاءت
اليهود برجل وامرأة منهم زنيا فقال ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا
فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة قالا نجد فيهما إذا شهد أربعة أنهم رأوا
ذكره في فرجها كالميل في المكحلة رجما قال فما يمنعكما أن ترجموهما قالا
ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهود
قوله فدعا باليهود كذا بخطه وبخطه في الهامش الشهود عليه فجاء أربعة
فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة فأمر عليه السلام برجمهما
انتهى هكذا وجدته في نسخة علاء الدين بخط يده وهو تصحيف وإنما هو فدعا
بالشهود كشفته من نحو عشرين نسخة ورواه كذلك إسحاق بن راهويه وأبو يعلى
الموصلي والبزار في مسانيدهم والدارقطني في سننه وكلهم قالوا فدعا
91

بالشهود قال الدارقطني تفرد به مجالد عن الشعبي وليس بالقوي انتهى ذكره
في آخر الوصايا وقال في التنقيح قوله في الحديث فدعا بالشهود فشهدوا
زيادة في الحديث تفرد بها مجالد ولا يحتج بما ينفرد به قال بن عدي عامة ما يرويه
غير محفوظ انتهى قلت أخرجه أبو داود أيضا عن هشيم عن بن شبرمة عن الشعبي
بنحوه مرسلا لم يذكر فيه فدعا بالشهود فشهدوا والله أعلم
حديث يشكل على أحد الحكمين وهو خلاف الملة أخرجه الدارقطني
في سننه عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجوز شهادة ملة على ملة الا ملة محمد فإنها تجوز شهادتهم
على غيرهم انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني ثم قال
92

وعمر بن راشد ليس بالقوي ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وابن معين انتهى
ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعمر بن راشد وأسند تضعيفه عن البخاري
وأحمد والنسائي وابن معين
قوله روي أن عمر رضي الله عنه قبل شهادة علقمة الخصي قلت رواه بن أبي
شيبة في مصنفه في الأقضية حدثنا بن علية عن بن عون عن بن سيرين أن عمر
أجاز شهادة علقمة الخصي علي بن مظعون انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية في
ترجمة عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل أن الجارود شهد
على قدامة أنه شرب الخمر فقال عمر هل معك شاهد آخر قال لا فقال عمر
يا جارود ما أراك الا مجلودا قال يشرب ختنك وأجلد أنا فقال علقمة الخصي
لعمر أتجوز شهادة الخصي قال وما بال الخصي لا تقبل شهادته قال فاني أشهد أني
قد رأيته يقيئها فقال عمر ما قاءها حتى شربها فأقامه ثم جلده الحد انتهى وأخرج
عبد الرزاق في مصنفه حديث قدامة مطولا ليس فيه ذكر علقمة وتلخيصه عن
عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب استعمل قدامة بن مظعون على البحرين
93

وهو خال حفصة فقدم الجارود سيد عبد القيس من البحرين على عمر فشهد على
قدامة أنه شرب فسكر قال من يشهد معك قال أبو هريرة فدعاه فقال بم
تشهد قال رأيته سكران يقئ فكتب عمر إلى قدامة يطلبه حتى قدم عليه فسأله
فقال الجارود يا أمير المؤمنين أقم على هذا كتاب الله فقال عمر ما أراك الا خصما
94

وما شهد معك أي واحدا فقال الجارود أنشدك الله فقال عمر لتمسكن لسانك
أو لأسوءك فقال والله ما ذاك بالحق أن يشرب ختنك الخمر وتسوءني أنا فقال أبو
هريرة يا أمير المؤمنين ان كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى امرأته هند ابنة الوليد
فاسألها فأرسل عمر إلى هند فشهدت على زوجها فحده عمر وغضب قدامة على
عمر زمانا وحجا متغاضبين فلما قفلا حجهما ونزل عمر بالسقيا فنام بها ثم
95

استيقظ مرعوبا فقال عجلوا علي بقدامة فوالله إني لأرى آتيا أتاني فقال لي يا عمر
سالم قدامة فإنه أخوك فأبى قدامة أن يأتيه فأمر عمر أن يجروه إليه فلما أتي به
كلمه عمر واستغفر له وانتهى
قوله وعن بن عباس قال لا تقبل شهادة الأقلف ولا تقبل صلاته ولا تؤكل
ذبيحته قلت هذا يوجد في بعض نسخ الهداية وهو ما أخرجه بن أبي شيبة
في مصنفه في كتاب الأقضية حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن
زيد عن بن عباس قال لا تجوز شهادة الأقلف ولا تقبل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة
قال وكان الحسن لا يرى ذلك انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب
الحج أخبرنا معمر عن قتادة قال كان بن عباس يكره ذبيحة الأرغل
ويقول لا تجوز صلاته ولا تقبل شهادته وفيه قصة ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي
في شعب الايمان في الباب الستون منه
باب الاختلاف في الشهادة
96

فصل في الشهادة على الإرث ليس فيهما شئ
99

باب الشهادة على الشهادة
قوله عن علي رضي الله عنه قال لا تجوز على شهادة رجل الا شهادة رجلين
100

قلت غريب وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن
حسين بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي قال لا يجوز على شهادة الميت الا رجلان
انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن إسماعيل الأزرق عن الشعبي
101

قال لا تجوز شهادة الشاهد على الشاهد حتى يكونا اثنين انتهى
فصل في شاهد الزور
قوله روي عن عمر رضي الله عنه أنه ضرب شاهد الزور أربعين سوطا وسخم
وجهه قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في الحدود حدثنا أبو خالد عن
حجاج عن مكحول عن الوليد بن أبي مالك أن عمر كتب إلى عماله بالشام في شاهد
الزور يضرب أربعين سوطا ويسخم وجهه ويحلق رأسه ويطال حبسه انتهى
وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج قال حدثت عن مكحول ان عمر
بن الخطاب ضرب شاهد الزور أربعين سوطا انتهى أخبرنا يحيى بن العلاء أخبرني
الأحوص بن حكيم عن أبيه أن عمر بن الخطاب أمر بشاهد الزور أن يسخم وجهه
وتلقى عمامته في عنقه ويطاف به في القبائل انتهى
103

قوله عن شريح رحمه الله أنه كان يشهر شاهد الزور ولا يضربه قال والذي
نقل عنه في ذلك أنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا أو إلى قومه إن كان غير سوقي
بعد العصر أجمع ما كانوا ويقول إن شريحا يقرئكم السلام ويقال إنا وجدنا هذا
شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه قلت رواه محمد بن الحسن في كتاب
الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم بن أبي الهيثم عمن حدثه عن شريح أنه كان إذا أخذ
شاهد زور فإن كان من أهل السوق قال للرسول قل لهم إن شريحا يقرئكم
السلام ويقول لكم إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وإن كان من العرب أرسل به
إلى مسجد قومه أجمع ما كانوا فقال للرسول مثل ما قال في المرة الأولى انتهى
ويقرب منه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي حصين
قال كان شريح يبعث بشاهد الزور إلى مسجد قومه أو إلى سوقه ويقول إنا قد زيفنا
شهادة هذا انتهى وفي لفظ كان يكتب اسمه عنده فإن كان من العرب بعث به إلى
104

مسجد قومه وإن كان من الموالي بعث به إلى سوقه يعلمهم ذلك منه انتهى وروى
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن الجعد بن ذكوان قال أتي شريح بشاهد
زور فنزع عمامته عن رأسه وخفقه بالدرة خفقات وبعث به المسجد يعرفه
الناس انتهى
باب الرجوع عن الشهادة
حديث واحد قال عليه السلام في نقصان عقل النساء عدلت شهادة اثنتين
منهن بشهادة رجل قلت روي من حديث الخدري ومن حديث بن عمر ومن
حديث أبي هريرة ومن حديث بن مسعود
105

فحديث الخدري أخرجه البخاري في الوضوء وفي العيدين وفي
الزكاة وفي الصوم عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال يا معشر النساء تصدقن وأكثر الاستغفار فاني رأيتكن أكثر أهل النار
106

فقالت امرأة منهن يا رسول الله وما لنا أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن
العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله
وما نقصان العقل والدين قال أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل
فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين
انتهى ورواه مسلم محيلا على ما قبله لم يذكر النص فيه ورواه من حديث أبي
هريرة أيضا محيلا على ما قبله فقال بعد حديث بن عمر هذا وعن أبي سعد وأبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله انتهى
وأما حديث بن عمر فأخرجه مسلم في كتاب الايمان عن عبد الله بن دينار عن
107

بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار إلى آخره
سواء ثم ذكر بعده حديث الخدري وأبي هريرة محيلا عليه وقال بمثله
وأما حديث بن مسعود فأخرجه الحاكم في المستدرك في النكاح عنه
مرفوعا نحوه سواء الا أنه قال وأما نقصان دينهن فان إحداهم تقعد ما شاء الله من
يوم وليلة لا تسجد لله سجدة وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
108

كتاب الوكالة
الحديث الأول صح أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل بالشراء حكيم بن حزام قلت رواه أبو
داود في البيوع حدثنا محمد بن كثير عن سفيان حدثني أبو حصين عن شيخ من أهل
المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشري له أضحية فاشتراها
بدينار وباعها بدينارين فرجع واشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له أن يبارك في تجارته انتهى في إسناده رجل مجهول
ورواه الترمذي حدثنا أبو كريب عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن حبيب بن أبي
ثابت عن حكيم بن حزام فذكره وقال لا نعرفه الا من هذا الوجه وحبيب لم يسمع
عندي حكيم انتهى
ومن أحاديث الباب حديث عروة البارقي أخرجه أبو داود في سننه عن شبيب
بن غرقدة حدثني الحي عن عروة البارقي قال أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم دينارا يشتري به
أضحية أو شاة فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار فدعا له
بالبركة في بيعه فكان لو اشترى ترابا لربح فيه انتهى وأخرجه أبو داود أيضا
والترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده عن أبي لبيد واسمه لمازة بن زبار عن
111

عروة فذكره وأخرجه بن ماجة أيضا عن شبيب بن غرقدة عن عروة فذكره
بنحوه وذكر الخطابي أن الخبرين معا غير متصلين لان في أحدهما وهو خبر
حكيم بن حزام رجلا مجهولا لا يدري من هو وفي خبر عروة أن الحي حدثوه وما
كان هذا سبيله من الرواية لم تقم به الحجة انتهى وقال المنذري في مختصره
وأما تخريج البخاري له في صحيحه في صدر حديث الخيل معقود في نواصيها
الخير فيحتمل أنه سمعه من علي بن المديني على التمام فحدث به كما سمعه وذكر
فيه إنكار شبيب بن غرقدة سماعه من عروة حديث شراء الشاة وإنما سمعه من الحي
عن عروة ولم يسمع عن عروة إلا قوله صلى الله عليه وسلم الخير معقود بنواصي الخيل ويشبه أن
الحديث في الشراء لو كان على شرطه لأخرجه في كتاب البيوع وكتاب الوكالة
كما جرت عادته في الحديث المشتمل على أحكام أن يذكره في الأبواب التي تصلح له
ولم يخرجه إلا في هذا الموضع وذكر بعده حديث الخيل من رواية عبد الله بن عمر
وأنس بن مالك وأبو هريرة فدل ذلك على أن مراده حديث الخيل فقط إذ هو على
شرطه وقد أخرج مسلم حديث شبيب بن غرقدة عن عروة مقتصرا على ذكر الخيل
ولم يذكر حديث الشاة وحديث الشاة من رواية أبي لبيد عن عروة طريق حسنة
انتهى قلت لفظ البخاري فيه حدثنا علي بن عبد الله ثنا سفيان ثنا شبيب بن غرقدة
قال سمعت الحي يتحدثون عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به شاة
فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار وأتاه بدينار وشاة فدعا له بالبركة في بيعه
وكان لو اشترى التراب ربح فيه قال سفيان لو كان الحسن بن عمارة جاء بهذا
الحديث عنه قال سمعه شبيب من عروة فأتيته فقال شبيب إني لم أسمعه من عروة سمعت
الحي يخبرونه عنه ولكني سمعته يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الخير معقود
بنواصي الخيل إلى يوم القيامة انتهى ذكره في كتاب بدء الخلق في الباب الذي
قبل باب فضائل الصحابة قال بن القطان في كتابه ردا على عبد الحق في قوله
112

وأخرجه البخاري في صحيحه فقال واعلم أن نسبة هذا الحديث إلى البخاري كما
ينسب إليه ما يخرجه من صحيح الحديث الخطأ إذ ليس من مذهبه تصحيح حديث في
إسناده من لم يسم كهذا الحديث فان الحي الذين حدثوا به شبيبا لا يعرفون فان هذا
الحديث هكذا منقطع وإنما ساقه البخاري جارا لما هو مقصوده في آخره من ذكر
الخيل ولذلك أتبعه الأحاديث بذلك من رواية بن عمر وأنس وأبي هريرة كلها في
الخيل فقد تبين من هذا أن مقصد البخاري في الباب المذكور إنما هو سوق أخبار تتضمن
أنه عليه السلام أخبر بمغيبات تكون بعده فكان من جملة ذلك الحديث الخيل في
نواصيها الخير وكذلك القول فيما يورده البخاري في صحيحه من الأحاديث المعلقة
والمرسلة والمنقطعة لا ينبغي أن يعتقد أن مذهبه صحتها بل ليس هذا مذهبه إلا فيما
يورده بإسناد موصول على ما عرف من شرطه وإنما اعتمد البخاري في هذا الحديث
إسناد سفيان عن شبيب بن غرقدة قال سمعت عروة يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
الخبر معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة وجرى في سياق الحديث من قصة الدينار
والشاة ما ليس من مقصوده ولا على شرطه عن شبيب عن الحي عن عروة انتهى
كلامه قلت وفات بن القطان شئ آخر وهو أن عبد الحق في كتاب الجمع بين
الصحيحين فرق الحديثين شطرين فذكر فصل الخيل في الجهاد وعزاه
للصحيحين وذكر فصل الشاة في كتاب المناقب وجعله من مفردات البخاري
وهذا أيضا خطأ منه لأنه يوهم أن فصل الشاة على شرطه وليس كذلك بل كان من
الواجب أن لا يذكره بالكلية أو يذكره في كتاب التعاليق والله أعلم
الحديث الثاني وروي أنه عليه السلام وكل بالتزوج عمر بن أبي سلمة قلت
أخرجه النسائي في سننه في النكاح عن حماد بن سلمة ثنا ثابت حدثني بن عمر بن
أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليها يخطبها فأر سلت إليه إني امرأة
113

مصبية وإني غيري وإنه ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما كونك غيري
فسأدعو الله فيذهب غيرتك وأما كونك مصبية فان الله سيكفيك صبيانك وأما أن
أحدا من أوليائك ليس شاهدا فليس أحد من أوليائك لا شاهد ولا غائب إلا سيرضاني
فقالت أم سلمة قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه إياها انتهى ورواه أحمد
وابن راهويه وأبو يعلى في مسانيدهم ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الرابع والتسعين من القسم الأول والحاكم في المستدرك في فضائل أم سلمة
وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه واسم بن عمر بن أبي سلمة سعيد ولم
يسمه حماد بن أبي سلمة وسماه غيره انتهى ورواه في كتاب النكاح من حديث
يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عمر بن أبي سلمة عن أمه أم سلمة
فذكره وقال صحيح على شرط مسلم انتهى وعجبت من عبد الحق كيف ذكر
هذا الحديث في النكاح وعزاه لابن سنجر فقط وأهمل هذه الكتب جميعا وقال
وابن عمر بن أبي سلمة لا يعرف انتهى قلت تقدم للحاكم أن أسمه سعيد وقال
في التنقيح ورواية ثابت عنه تقوي أمره انتهى وأخرجه البيهقي من طريق الواقدي
حدثني مجمع بن يعقوب عن أبي بكر بن محمد بن عمر بن أبي سلمة عن أبيه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة إلى ابنها عمر بن أبي سلمة فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يومئذ غلام صغير انتهى قال بن الجوزي في التحقيق في هذا الحديث نظر
لان عمر كان له من العمر يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين فكيف يقال لمثل هذا
زوج وبيانه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها في سنة أربع ومات عليه السلام ولعمر تسع
سنين فعلى هذا يحمل قولها لعمر قم فزوج على المداعبة للصغير ولو صح أن
الصغير زوجها فلانه عليه السلام لا يحتاج إلى ولي لأنه مقطوع بكفاءته ويؤيده
ما رواه الدارقطني عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال لا نكاح إلا بولي
وشهود ومهر إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وأبو هارون فيه مقال وقال صاحب
114

التنقيح قوله إنه عليه السلام مات ولعمر تسع سنين بعيد وإن كان قد قاله
الكلاباذي وغيره فان بن عبد البر قال إنه ولد في السنة الثانية من الهجرة إلى الحبشة
ويقوي هذا ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أيقبل الصائم فقال عليه السلام سل هذه فأخبرته أم سلمة أنه عليه السلام يصنع
ذلك فقال عمر يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أما
والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له انتهى وظاهر هذا أن عمر كان كبيرا وقد قيل
إن عمر المقول له زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عمر بن الخطاب والمعنى أنها رضيت
والمزوج لها هو سلمة بن أبي سلمة يدل عليه ما رواه سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي
ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح وعن أبان بن صالح عن عطاء بن أبي رباح
ومجاهد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنه حمزة بن عبد المطلب سلمة بن أبي
سلمة فماتا قبل أن يجتمعا فكان عليه السلام يقول هل حزنت سلمة وهو كان
زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه انتهى وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة أم سلمة
أخبرنا عبد الله بن نمير ثنا أبو حيان التيمي عن حبيب بن أبي ثابت قال قالت أم سلمة
لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بينه وبيني حجاب فخطب
إلي نفسي فقلت يا رسول الله إني امرأة أدبر مني سني وإني أم أيتام وإني امرأة شديدة
الغيرة فقال عليه السلام أما ما ذكرت من
غيرتك فسيدفعها الله وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله قالت فأذنت له في نفسي فتزوجني انتهى وهذا
متن غريب
حديث آخر أخرجه أبو داود في كتاب القضاء عن بن إسحاق حدثني وهب
بن كيسان عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت له إني أردت الخروج إلى خيبر فقال إذا أتيت وكيلي
فخذ منه خمسة عشر وسقا فان ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته انتهى وأعله
بن القطان بابن إسحاق وأنكر على عبد الحق سكوته عنه فهو صحيح عنده
115

قوله وقد صح أن عليا رضي الله عنه وكل عقيلا وبعد ما أسن وكل عبد الله بن
جعفر قلت أخرجه البيهقي عن عبد الله بن جعفر قال كان علي يكره الخصومة
وكان إذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن أبي طالب فلما كبر عقيل وكلني
وأخرج أيضا عن علي أنه وكل عبد الله بن جعفر بالخصومة
بقية الأبواب ليس فيها شئ
116

كتاب الدعوى
140

حديث واحد قال عليه السلام ألك بينة قال لا قال فلك يمينه قلت
أخرجه البخاري ومسلم في القضاء عن وائل بن حجر قال جاء رجل من
حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي يا رسول الله إن هذا
141

غلبني على أرض كانت لأبي فقال الكندي هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها
حق فقال عليه السلام للحضرمي ألك بينة قال لا قال فلك يمينه قال يا رسول
الله الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه وليس يتورع عن شئ فقال ليس لك
منه إلا ذلك فانطلق ليحلف فقال عليه السلام لما أدبر أما لئن حلف على ماله ليأكله
ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض انتهى
حديث آخر أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الأشعث بن قيس قال كان
بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي عليه
السلام ألك بينة قلت لا فقال عليه السلام لليهودي احلف قلت يا رسول الله
إذا يحلف ويذهب بمالي فأنزل الله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم
إلى آخر الآية انتهى وفي لفظ للبخاري في الرهن ومسلم في الايمان عن
بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ
مسلم هو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان قال فدخل الأشعث بن قيس
فقال ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قالوا كذا وكذا قال صدق في نزلت كان
بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال شاهداك أو يمينه
قلت إذا يحلف ولا يبالي فقال عليه السلام من حلف على يمين يستحق بها مالا هو
142

فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديق ذلك إن الذين يشترون بعهد
الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى قوله ولهم عذاب أليم انتهى
باب اليمين
الحديث الأول قال عليه السلام البينة على المدعي واليمين على من أنكر
قلت أخرجه البيهقي في سننه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعطي
الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودمائهم لكن البينة على المدعي واليمين على
من أنكر انتهى والحديث في الصحيحين بلفظ لكن اليمين على المدعى عليه
أخرجاه عن بن أبي مليكة عن بن عباس ومعناه تقدم في حديث الأشعث بن قيس
شاهداك أو يمينه في الصحيحين وأخرجه هو والدارقطني عن مسلم بن
143

خالد الزنجي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة على
من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا
عن مسلم بن خالد عن بن جريح عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البينة
على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة انتهى قال في التنقيح
ومسلم بن خالد تكلم فيه غير واحد من الأئمة وقد اختلف عليه فيه فقيل عنه هكذا وقال
بشر بن الحكم وغيره عنه عن بن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به
وقد رواه بن عدي من الوجهين وقال هذان الاسنادان يعرفان بمسلم بن خالد عن بن
جريح وفي المتن زيادة قوله إلا في القسامة انتهى وروى الواقدي في كتاب
المغازي حدثني علي بن محمد بن عبيد الله عن منصور الجمحي عن أمه صفية بنت شيبة
عن برة بنت أبي تجزئة قالت أنا أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من البيت فوقف
على الباب وأخذ بعضادتي الباب ثم أشرف على الناس وهم جلوس حول الكعبة
وقال الحمد لله الذي صدق وعده فذكر خطبة وفيها والبينة على من ادعى
واليمين على من أنكر مختصر والمصنف استدل بهذا الحديث على الشافعي في قوله
ترد اليمين على المدعي قال لأنه قسم والقسمة تنافي الشركة ويبني على هذا مسألة
القضاء بشاهد ويمين فقال به مالك وأحمد والشافعي وحجتهم في ذلك حديث بن
عباس أخرجه مسلم عن سيف بن سليمان أخبرني قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن
بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي
وابن ماجة وأخرجه أبو داود أيضا عن عبد الرزاق أنا محمد بن مسلم عن عمرو بن
دينار بإسناده ومعناه قال عمر وفي الحقوق انتهى قال النسائي وقيس بن سعد
144

ثقة وسيف بن سليمان ثقة وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما ووثق
البيهقي سيف بن سليمان نقلا عن يحيى القطان وأسند عن الشافعي أنه قال حديث
بن عباس ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد أحد من أهل العلم مثله لو لم يكن فيها غيره
مع أن غيره يشهده قال الشافعي واليمين مع الشاهد لا يخالف من ظاهر القرآن شيئا
لأنا نحكم بشاهدين وبشاهد وامرأتين ولا يمين فإذا كان شاهد حكمنا بشاهد ويمين
وليس هذا بخلاف ظاهر القرآن لأنه لم يحرم أن يجوز أقل مما نص عليه في كتابه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى ما أراد الله وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ ما أتانا وننتهي عما
نهانا انتهى وقال بن عبد البر هذا حديث صحيح لا مطعن لاحد في إسناده
ولا خلاف بين أهل العلم في صحته وقد روي القضاء باليمين والشاهد عن النبي
صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وعمر وابن عمر وعلي وابن عباس وزيد بن ثابت
وجابر بن عبد الله وسعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة
وعمارة بن حزم وسرق بأسانيد حسان انتهى والجواب عن حديث بن عباس من وجهين
أحدهما أنه معلول بالانقطاع قال الترمذي في علله الكبير وسألت محمدا
عن هذا الحديث فقال إن عمرو بن دينار لم يسمعه من بن عباس انتهى قلت ويدل
على ذلك ما أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن محمد بن أبي ربيعة ثنا محمد بن مسلم
عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الدارقطني
وخالفه عبد الرزاق فلم يذكر طاوسا ومنهم من زاد جابر بن زيد ورواية الثقات لا
تعلل برواية الضعفاء انتهى وقال الطحاوي لا أعلم قيس بن سعد يحدث عن
145

عمرو بن دينار بشئ يعني فيصير فيه انقطاعان قال بن القطان في كتابه
وهذا الحديث وإن كان مسلم قد أخرجه في صحيحه عن قيس بن سعد عن عمرو
بن دينار عن بن عباس فهو يرمي بالانقطاع في موضعين قال الترمذي قال
البخاري عمرو بن دينار لم يسمع من بن عباس هذا الحديث وقال الطحاوي قيس بن
سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشئ وقد أخرج الدارقطني في سننه ما
يوافق قول البخاري عن عبد الله بن محمد بن ربيعة ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار
عن طاوس عن بن عباس قال قضى عليه السلام باليمين مع الشاهد الواحد ولكن
هذه الرواية لا تصح من جهة عبد الله بن محمد بن ربيعة وهو القدامي يروي عن
مالك وهو متروك قاله الدارقطني انتهى كلامه وقال البيهقي في المعرفة قال
الطحاوي لا أعلم قيس بن سعد يحدث عن عمرو بن دينار بشئ وهذا مدخول فان
قيسا ثقة أخرج له الشيخان في صحيحهما وقال بن المديني هو أثبت وإذا كان
الراوي ثقة وروى حديثا عن شيخ يحتمله سنه ولقيه وكان غير معروف بالتدليس
وجب قبوله وقد روى قيس بن سعد عمن هو أكبر سنا وأقدم موتا من عمرو بن دينار
كعطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبير وقد روى عن عمرو بن دينار من كان في قرن
قيس وأقدم لقيا منه كأيوب السختياني فإنه رأى أنس بن مالك وروى عن سعيد بن
جبير ثم روى عن عمرو بن دينار فكيف ينكر رواية قيس بن سعد عن عمرو بن دينار
غير أنه روى ما يخالف مذهبه ولم يجد له مطعنا سوى ذلك وقد روى جرير بن
حازم وهو ثقة عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن بن عباس
أن رجلا وقصته ناقة وهو محرم فذكر الحديث فقد علمنا قيسا روى عن عمرو بن
دينار غير حديث اليمين مع الشاهد ثم قد تابع قيسا على روايته هذه محمد بن مسلم
الطائفي ثم ساقه من طريق أبي داود بسنده عن محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن
دينار عن بن عباس بلفظ حديث قيس ثم قال وقد روى من وجه آخر ثم ساق من
146

طريق الشافعي ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن ربيعة بن عثمان عن معاذ بن
عبد الرحمن عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد انتهى
الجواب الثاني أن الحديث على تقدير صحته لا يفيد العموم قال الامام
فخر الدين قول الصحابي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كذا وقضى بكذا لا يفيد العموم لان
الحجة في المحكي لافي الحكاية والمحكي قد يكون خاصا وأيضا فالقضاء له معان
أقربها في هذا الموضع فصل الخصومات وهذا مما يتعين فيه الخصوص إذ لا يتأتى فيه
الحكم بكل شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة بل إنما يقضي بشاهد خاص وعلى هذا
يكون الراوي قد اعتمد على قرينة الحال الدالة على أن المراد بالشاهد واليمين حقيقة
الجنس لا استغراق الجنس ويكون معناه أنه عليه السلام قضى بجنس الشاهد وجنس
اليمين وقد يعترض على هذا بما وقع في الترمذي وسنن الدارقطني ثم البيهقي أنه
عليه السلام قضى باليمين مع الشاهد الواحد وأخرج الدارقطني ثم البيهقي عن
علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق وأخرج
الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم قضى الله ورسوله في الحق بشاهدين وان جاء
بشاهدين أخذ حقه وان جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده
بقية أحاديث الخصوم فحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود في القضاء
147

والترمذي وابن ماجة في الاحكام عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ربيعة بن
أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى
باليمين مع الشاهد انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وأخرجه أبو داود
أيضا عن سليمان بن بلال عن ربيعة بإسناده نحوه وزاد فيه قال سليمان فلقيت
سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال ما أعرفه فقلت إن ربيعة أخبرني به عنك
فقال إن كان ربيعة أخبرك به عني فحدث به عن ربيعة عني قال وكان سهيل أصابته
علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدث به عن ربيعة عنه
عن أبيه انتهى
148

وحديث جابر فأخرجه الترمذي وابن ماجة عن عبد الوهاب الثقفي عن جعفر
بن محمد عن أبيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد انتهى ثم أخرجه
الترمذي عن إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين
مع الشاهد الواحد قال وقضى به علي فيكم قال الترمذي وهذا أصح وهكذا
روى سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ورواه عبد العزيز
بن أبي سلمة ويحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ورواه
عبدة عزيز بن أبي سملة ويحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، انتهى.
وحديث سعد بن عبادة رواه الترمذي حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن
عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال أخبرني بن سعد
بن عبادة قال وجدنا في كتاب سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد انتهى
ورواه الطبراني في معجمه
وحديث سرق رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن
هارون عن جويرية بن أسماء عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث عن رجل من أهل مصر
عن سرق ان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل ويمين الطالب انتهى
وحديث علي الذي أشار إليه الترمذي أخرجه الدارقطني في سننه عن
عبد العزيز بن أبي سلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم
قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق وقضى به علي رضي الله عنه بالعراق
انتهى وهذا إسناد منقطع فان محمد بن علي بن الحسين لم يدرك جد أبيه علي بن
أبي طالب وقد أطال الدارقطني الكلام علي هذا الحديث في كتاب العلل قال
وكان جعفر بن محمد ربما أرسل هذا الحديث وربما وصله عن جابر لان جماعة من
149

الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر والقول قولهم لأنهم زادوا وهم ثقات وزيادة الثقة
مقبولة انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر
وعمر وعثمان كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي
قوله لان الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على القضاء بالنكول قلت يوجد
هذا في بعض نسخ الهداية وروى بن أبي شيبة في مصنفه في الأقضية حدثنا
150

عباد بن العوام عن يحيى بن سعيد عن سالم ان بن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم
فوجد به المشتري عيبا فخاصمه إلى عثمان فقال له عثمان بعته بالبراءة فأبى أن
يحلف فرده عثمان عليه انتهى حدثنا حفص عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن
بن عباس أنه أمره أن يستحلف امرأة فأبت أن تحلف فألزمها حدثنا شريك عن مغيرة
عن الحارث قال نكل رجل عند شريح عن اليمين فقضى شريح عليه فقال الرجل
أنا أحلف فقال شريح قد مضى قضائي انتهى حدثنا جرير عن مغيرة وابن شبرمة
قالا اشترى عبد الله غلاما لامرئ فلما ذهب إلى منزله حم الغلام فخاصمه إلى
الشعبي فقال لعبد الله بينتك أنه دلس عليك عيبا فقال ليس لي بينة فقال للرجل
احلف أنك لم تبعه فأبى فقال الرجل أردد اليمين على عبد الله فقضى الشعبي
باليمين عليه فقال اما أن تحلف وإلا جاز عليك الغلام انتهى وأخرج الطحاوي في
مشكل الآثار عن عبد الله بن عون من أهل فلسطين قال أمرت امرأة وليدة لها أن
تضطجع عند زوجها فحسب أنها جارية فوقع عليها وهو لا يشعر فقال عثمان
أحلفوه أنه ما شعر فان أبى ان يحلف فارجموه وان حلف فاجلدوه مائة جلدة
واجلدوا امرأته مائة جلدة واجلدوا الوليدة الحد قال الطحاوي لا نعلم له مخالفا من
الصحابة ولا منكرا عليه يعني في الحكم بالنكول وأنه كالاقرار
151

باب في كيفية اليمين
الحديث الثاني حديث من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر تقدم في
الايمان
154

الحديث الثالث قال عليه السلام لابن صوريا الأعور أنشدك بالله الذي أنزل
التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا قلت أخرجه مسلم في الحدود
عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي محمم
فدعاهم فقال هكذا تجدون حد الزاني قالوا نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال له
نشدتك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم
فقال اللهم لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد حد الزاني في كتابنا الرجم
ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا
عليه الحد فقلنا تعالوا نجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على
التحميم والجلد وتركنا الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أول من أحيى أمرك
إذ أماتوه فأمر به فرجم انتهى قال الشراح وهذا الرجل هو عبد الله بن
صوريا وكان أعلم من بقي منهم بالتوراة وقد صرح باسمه في سنن أبي داود عن
سعيد عن قتادة عن عكرمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يعني لابن صوريا أذكركم بالله
الذي نجاكم من آل فرعون وأقطعكم البحر وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن
والسلوى وأنزل التوراة على موسى أتجدون في كتابكم الرجم قال ذكرتني بعظيم
ولا يسعني أن أكذبك وساق الحديث انتهى وهو مرسل وجعله شيخنا علاء
الدين مسندا من رواية بن عباس مقلدا لغيره في ذلك وهو وهم ولم يخرجه أبو داود
الا مرسلا هكذا ذكره في كتاب الأقضية
أحاديث الباب أخرج أبو داود عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله
155

قال جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا فقال ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني
صوريا فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة قالا نجد فيها إلى آخره وقد
تقدم في الشهادات قال المنذري في مختصره وقوله بابني صوريا لعله أراد
عبد الله بن صوري بضم الصاد وفتح الراء وقيل بكسرها وكنانة بن صوريا
156

بضم الصاد وكسر الراء والمد فيكون قد ثناهما على لفظ أحدهما أو يكون
عبد الله يقال فيه بن صوريا انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري
حدثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
يعني لليهود أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من
زنى انتهى وفيه انقطاع
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح
حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى إن أوتيتم
هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا قال هم اليهود زنت منهم امرأة وقد كان
الله تعالى حكم في التوراة في الزنا الرجم فنفسوا أن يرجموها وقالوا انطلقوا إلى
محمد فعسى أن يكون عنده رخصة فاقبلوها فأتوه فقالوا يا أبا القاسم إن امرأة منا
زنت فما تقول فيها فقال عليه السلام كيف حكم الله في التوراة في الزاني فقالوا
دعنا من التوراة فما عندك في ذلك فقال ائتوني بأعلمكم بالتوراة التي أنزلت على
157

موسى صلى الله عليه وسلم فأتوه فقال لهم بالذي نجاكم من آل فرعون وبالذي فلق البحر
فأنجاكم وأغرق آل فرعون الا أخبرتموني ما حكم الله في التوراة في الزاني فقالوا
حكم الله الرجم انتهى
قوله وهو مأثور عن عثمان رضي الله عنه يعني جواز الفداء عن اليمين
بالمال قلت قال البيهقي في كتاب المعرفة في كتاب أدب القاضي قال
الشافعي رحمه الله بلغني أن عثمان بن عفان ردت عليه اليمين فافتداها بمال وقال
أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال هذا بيمينه وقال في آخر الباب وفي كتاب
المستخرج لأبي الوليد صحيح عن الشعبي وفيه إرسال أن رجلا استقرض من
عثمان بن عفان سبعة آلاف درهم فلما تقاضاه قال له إنما هي أربعة آلاف
فخاصمه إلى عمر فقال تحلف أنها سبعة آلاف فقال عمر أنصفك فأبى عثمان أن
يحلف فقال له عمر خذ ما أعطاك انتهى
158

وفي الباب عن جماعة فروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا إسماعيل بن عياش
عن شريك بن عبد الله ثنا الأسود بن قيس عن رجل من قومه قال عرفة حذيفة بعيره
مع رجل فخاصمه فقضى لحذيفة بالبعير وأن عليه اليمين فقال حذيفة أفتدي يميني
منك بعشرة دراهم فأبى الرجل فقال حذيفة بعشرين فأبى قال بثلاثين فأبى
قال بأربعين فأبى فقال حذيفة أتظن أني لا أحلف على مالي فحلف عليه حذيفة
انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن الحسن بن صالح عن الأسود بن قيس عن
حسان بن ثمامة قال زعموا أن حذيفة عرف جملا له سرق فخاصم فيه إلى قاضي
المسلمين فصارت على حذيفة يمين فأراد أن يفتدي يمينه بعشرة دراهم فأبى الرجل
فقال عشرون فأبى فقال ثلاثون فأبى فقال أربعون فأبى فقال حذيفة أأترك
جملي فحلف أنه جمله ما باعه ولا وهبه انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه الوسط عن
معاوية بن يحيى عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه فدا يمينه بعشرة
آلاف درهم ثم قال ورب هذا البيت لو حلفت لحلفت صادقا وإنما شئ افتديت به
يميني انتهى ومعاوية بن يحيى هذا هو الصدفي ضعفوه
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن الأشعث بن قيس قال لقد
افتديت يميني مرة بسبعين ألف درهم وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من
اقتطع حق مسلم بيمين لقي الله وهو عليه غضبان انتهى
159

حديث آخر في الصحيحين عن أبي قلابة أن عمر بن عبد العزيز سأله عن
القسامة فذكر حديث القسامة إلى أن قال وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في
الجاهلية فطرق أهل بيت بالبطحاء فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف فقتله فجاءت
هذيل وأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر رضي الله عنه بالموسم فقالوا قتل صاحبنا
يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه قال فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلا
وقدم رجل منهم من الشام فسألوه أن يقسم فافتدى يمينه منهم بألف درهم فأدخلوا
مكانه رجلا آخر انتهى
حديث آخر: في الصحيحين عن أبي قلابة أن عمر بن عبد العزيز سأله عن
القسامة، فذكر حديث القسامة، إلى أن قال: وقد كانت هزيل خلعوا خليعا لهم في
الجاهلية، فطرق أهل بيت بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم، فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت
هذيل، وأخذوا اليماني، فرفعوه إلى عمر رضي الله عنه بالموسم، فقالوا: قتل صاحبنا
، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: / فاقسم منهم تسعة وأربعون رجلا.
مكانه رجلا آخر، انتهى
حديث آخر روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر قال سئل الزهري عن
الرجل يقع على اليمين فيريد أن يفتدي يمينه فقال كانوا يفعلون ذلك وقد افتدى
عبيد السهام وكان من الصحابة يمينه بعشرة آلاف وكان ذلك في امارة مروان
والصحابة بالمدينة كثير انتهى
حديث آخر روى بن سعد في الطبقات أخبرنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن
جابر عن الشعبي ان مسروقا افتدى يمينه بخمسين درهما انتهى
باب التحالف
160

الحديث الأول قال عليه السلام إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها
تحالفا وترادا قلت يأتي في الحديث بعده
الحديث الثاني قال عليه السلام إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قاله البائع
قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة من حديث بن مسعود وله طرق فأبو داود في
البيوع عن أبي عميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن
جده أن عبد الله بن مسعود باع للأشعث بن قيس رقيقا من رقيق الخمس بعشرين ألف درهم
فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم فقال إنما أخذتهم بعشرة آلاف فقال عبد الله
ان شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول إذا اختلف
المتبايعان ليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان انتهى ورواه
الحاكم في المستدرك في البيوع وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه قال
161

بن القطان وفيه انقطاع بين محمد بن الأشعث وابن مسعود ومع الانقطاع
فعبد الرحمن بن قيس مجهول الحال وكذلك أبوه قيس وكذلك جده محمد الا أنه
أشهرهم وهو أبو القاسم بن الأشعث عداده في الكوفيين روى عنه مجاهد
والشعبي والزهري وعمر بن قيس الماصر وسليمان بن يسار وروى عن عائشة
وأما روايته عن بن مسعود فمنقطعة انتهى
طريق آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن أبي ليلى عن القاسم بن
عبد الرحمن عن أبيه عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه ولم يذكر أبو داود نصه وإنما
أحال على اللفظ المتقدم قال والكلام يزيد وينقص وذكر بن ماجة فيه النص
وزاد فيه والمبيع قائم بعينه فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع ورواه أحمد
والدارمي والبزار في مسانيدهم وأعل بوجهين أحدهما أن عبد الرحمن بن عبد
الله بن مسعود لم يسمع من أبيه فهو منقطع والثاني أن محمد بن أبي ليلى ضعيف
قال البيهقي في المعرفة أهل العلم بالحديث لا يقبلون ما تفرد به لكثرة أوهامه وقد
رواه أبو عميس ومعن بن عبد الرحمن وعبد الرحمن المسعودي وأبان بن تغلب
كلهم عن القاسم عن عبد الله منقطعان وليس فيه والمبيع قائم بعينه وأصح إسناد روي
في هذا الباب رواية أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه
عن جده به انتهى
طريق آخر أخرجه الترمذي عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن
162

مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع والمبتاع
بالخيار انتهى وقال حديث مرسل فان عون بن عبد الله لم يدرك بن
مسعود انتهى
طريق آخر أخرجه النسائي عن عبد الملك بن عبيد قال حضرت أبا عبيدة
بن عبد الله بن مسعود وقد أتاه رجلان تبايعا سلعة فقال أحدهما أخذتها بكذا وقال
هذا بعتها بكذا فقال أبو عبيدة أتى بن مسعود في مثل هذا فقال حضرت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد أتى فيه مثل هذا فأمر البائع أن يستحلف ثم يختار المتبايع فان شاء
أخذ وان شاء ترك انتهى ورواه أحمد في مسنه عن الشافعي الا أنه قال
عن عبد الملك بن عمير بالميم والراء ومن طريق أحمد رواه الدارقطني في سننه
ومن طريق الشافعي رواه الحاكم في المستدرك في البيوع وقال حديث صحيح
إن كان المحفوظ في إسناده عبد الملك بن عمير انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في
كتاب المعرفة فقال أخبرنا أبو عبد الله الحاكم في كتاب المستدرك به قال
البيهقي وهو مرسل فان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا وعبد الملك بن عمير هو
الصواب انتهى وقال صاحب التنقيح هكذا وقع في رواية النسائي عبد الملك بن
عبيد وهو لا يعرف وفي رواية الإمام أحمد عبد الملك بن عمير وكأنه وهم فان
عبد الله بن أحمد قال بعد ذكر الحديث قرأت على أبي قال أخبرت عن هشام بن
يوسف في البيعين في حديث بن جريح عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد
وقال أبي قال حجاج الأعور عبد الملك بن عبيدة كذا قال بن عبيدة فصار في
راوي هذا الحديث ثلاثة أقوال والله أعلم بالصواب انتهى كلامه قال المنذري في
مختصره وقد روى من طرق عن عبد الله بن مسعود كلها لا تثبت وقد
وقع في بعضها إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعينه وفي لفظ والسلعة قائمة وهو لا
163

يصح فإنها من رواية بن أبي ليلى وهو ضعيف وقيل إنه من قول بعض الرواة والله
أعلم بالصواب وقال بن الجوزي في التحقيق أحاديث هذا الباب فيها مقال فإنها
مراسيل وضعاف أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ولا عبد الرحمن والقاسم لم يسمع
من بن مسعود ولا عون بن عبد الله وقد رواه الدارقطني بألفاظ مختلفة وبأسانيد
ضعيفة فيها بن عياش ومحمد بن أبي ليلى والحسن بن عمارة وابن المرزبان
وكلهم ضعاف انتهى وقال صاحب التنقيح والذي يظهر انه حديث بن مسعود
بمجموع طرقه له أصل بل هو حديث حسن يحتج به لكن في لفظه اختلاف والله
أعلم انتهى قلت ويدل على ذلك أن مالكا أخرجه في الموطأ بلاغا قال أبو
مصعب عن مالك بلغني أن عبد الله بن مسعود كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادان انتهى
الحديث الثالث حديث القسامة بالله ما قتلتم سيأتي في موضعه إن شاء الله
تعالى
164

باب ما يدعيه الرجلان
الحديث الأول قال عليه السلام اللهم أنت الحكم بينهما حين أقرع في
البينتين قلت رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعد الرازي ثنا أبو
مصعب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أسامة بن زيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج ثنا
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء كل واحد
منهما بشهود عدول وفي عدة واحدة فساهم بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اللهم
اقض بينهما انتهى وقال تفرد به أبو مصعب انتهى ورواه أبو داود في
مراسيله حدثنا قتيبة بن سعيد عن ليث بن سعد ثنا بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سمع
172

سعيد بن المسيب قال اختصم رجلان الحديث ورواه عبد الرزاق في مصنفه
في البيوع أيضا مرسلا أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن عبد الرحمن بن
الحارث عن بن المسيب فذكره وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الشهود إذا استووا
أقرع بين الخصمين انتهى ومن جهته ذكره عبد الحق في أحكامه وقال هذا مرسل
وضعيف قال إن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي متروك انتهى كلامه قال المصنف
وحديث القرع كان في ابتداء الاسلام ثم نسخ قلت بينه الطحاوي
الحديث الثاني روى تميم بن طرفة أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناقة
173

وأقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين قلت رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن تميم بن طرفة أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل
واحد منهما البينة أنه له فقضى النبي صلى الله عليه وسلم به بينهما انتهى ذكره في أثناء البيوع
وفي أواخر الحدود ورواه عبد الرزاق أيضا في مصنفه في البيوع أخبرنا
174

الثوري وإسرائيل عن سماك به ورواه البيهقي في كتاب المعرفة عن الحاكم بسنده
عن أبي عوانة ثنا سماك بن حرب به وقال هذا منقطع انتهى وعزاه شيخنا علاء
الدين لمراسيل أبي داود ووهم من ذلك وليس عند أبي داود لتميم بن طرفة الا حديث
واحد في الجهاد وقد تقدم في حديث ان وجدته قبل القسمة فهو لك بغير شئ
وهو من أوهامه التي استبد بها
رضي الله تعالى عنها أحاديث الباب فيه أحاديث مسندة عن أبي موسى وأبي هريرة وجابر بن
سمرة
فحديث أبي موسى أخرجه أبو داود عن همام عن قتادة به وكذلك رواه أحمد
175

في مسنده والحاكم في المستدرك في الاحكام وقال صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه انتهى وقال المنذري إسناده كلهم ثقات ولفظهم عن همام
عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى الأشعري أن رجلين ادعيا
بعيرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبعث كل واحد منهما شاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما
نصفين انتهى
واعلم أن هنا حديثا آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة به أن رجلين ادعا بعيرا أو دابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليست لواحد منهما بينة
فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما انتهى وهذا المتن مخالف للمتن الأول فإنه في الأول أقام
176

كل واحد منهما البينة وفي الثاني لم يقم أحد منهما بينة والأول هو حديث الكتاب
دون الثاني قال المنذري في حواشيه قيل يحتمل أن تكون القصة واحدة وقيل
يحتمل أن يكونا واقعتين انتهى ولقوة اشتباههما في السند والمتن جعلهما بن عساكر
في أطرافه حديثا واحدا وعزاه للثلاثة وأخطأ في ذلك فان النسائي وابن ماجة
لم يخرجا الأول أعني حديث أقاما البينة لم يخرجا الا حديث ليس لأحدهما
بينة
وأما حديث أبي هريرة فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده ومن طريقه بن
حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس أخبرنا
عبد الصمد ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن
177

أبي هريرة أن رجلين ادعيا دابة فأقام كل واحد منهما شاهدين فقضى بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم بينهما نصفين انتهى
وأما حديث جابر بن سمرة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا إبراهيم بن
محمد بن عوف الحمصي ثنا محمد بن مصفي حدثنا سويد بن عبد العزيز عن الحجاج بن
أرطاة عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة أن رجلين اختصما إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين بأنه له فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما
انتهى حدثنا أحمد بن سليمان بن يوسف العقيلي الأصبهاني حدثني أبي ثنا الحسين بن
حفص عن يس الزيات عن سماك به نحوه سواء
178

أثر آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وكيع ثنا سفيان عن علقمة بن
مرثد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال جاء رجلان يختصمان إلى أبي الدرداء في
فرس أقام كل واحد البينة أنها نتجت عنده فقضى به بينهما نصفين ثم قال ما
أحوجكما إلى مثل سلسلة بني إسرائيل كانت تنزل فتأخذ عنق الظالم انتهى
179

باب دعوى النسب
حديث مارية القبطية أعتقها ولدها تقدم في الاستيلاد
184

حديث أنه عليه السلام قبل شهادة القابلة على الولادة، تقدم في الشهادات.
187

قوله: وولد المغرور حر بالقيمة، بإجماع الصحابة قلت: غريب وروى ابن أبي
شيبة في مصنفه - في البيوع حدثنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن عامر عن علي
188

في رجل اشترى جارية فولدت منه أولادا ثم أقام رجل البينة أنها له قال ترد عليه
ويقوم عليه ولدها فيغرم الذي باعها ما غررها انتهى حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن
موسى عن بن قسيط عن سليمان بن يسار أن أمة أتت قوما فغرتهم وزعمت أنها حرة
فتزوجها رجل فولدت له أولادا فوجدوها أمة فقضى عمر بقيمة أولادها في كل
مغرور غرة انتهى حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن خلاس أن أمة أتت طيئا
فزعمت أنها حرة فتزوجها رجل ثم إن سيدها ظهر عليها فقضى عثمان أنها وأولادها
لسيدها وجعل لزوجها ما أدرك من متاعه وجعل فيهم السنة في كل رأس رأسين
انتهى حدثنا يزيد بن هارون عن أشعث عن الشعبي قال سألته عن جارية أتت
قوما فزعمت أنها حرة فرغب فيها رجل فتزوجها فولدت له أولادا ثم علموا أنها
أمة فجاء مولاها فأخذها قال يأخذ المولى أمته ويفدي الأب أولاده بغرة غرة
انتهى حدثنا الفضل بن دكين عن هشام بن سعد عن شيبة بن نصاح عن سعيد بن المسيب
قال في ولد كل مغرور غرة انتهى وفي الموطأ في كتاب الأقضية مالك أنه بلغه
أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان قضى أحدهما في أمة غرت رجلا بنفسها
فذكرت أنها حرى فتزوجها فولدت له أولادا فقضى أن يفدي ولده بمثلهم قال
مالك وتلك القيمة عندي انتهى
189

كتاب الاقرار
حديث ماعز والغامدية تقدم في الحدود
190

باب إقرار المريض
200

قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال إذا أقر المريض بدين جاز ذلك عليه في جميع
تركته قلت غريب
حديث قال عليه السلام ولا وصية لوارث ولا إقرار له بدين قلت أخرجه
الدارقطني في سننه في كتاب الوصايا عن نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن
جعفر بن محمد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث ولا إقرار له
بدين انتهى وهو مرسل ونوح بن دراج ضعيف نقل عن أبي داود أنه قال فيه
201

كان يضع الحديث انتهى وأسنده أبو نعيم الحافظ في تاريخ أصبهان في ترجمة
أشعث بن شداد الخراساني ثنا يحيى بن يحيى ثنا نوح بن دراج به ثم ذكر ما معناه أنه
روى مرسلا أيضا قال بن القطان في كتابه وهو الصواب انتهى وسند أبي نعيم
حدثنا أبو محمد بن حبان ثنا أبو عبد الرحمن المقدمي ثنا أشعث بن شداد الخراساني ثنا
يحيى بن يحيى ثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إلى آخره وزاد قال أبو عبد الرحمن
وحدثنا به في موضع آخر فلم يذكر جابرا انتهى
202

كتاب الصلح
حديث قال عليه السلام الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم
حلالا قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث عمرو بن عوف
فحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود في القضاء عن كثير بن زيد عن الوليد بن
رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز إلى آخره سواء
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث والحاكم
في المستدرك في البيوع وسكت عنه قال الذهبي في مختصره كثير بن زيد
ضعفه النسائي ومشاه غيره انتهى
وأما حديث عمرو بن عوف فأخرجه الترمذي وابن ماجة في الاحكام عن
كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الصلح جائز إلى آخره سواء زاد الترمذي والمسلمون على شروطهم الا شرطا
205

أحل حراما أو حرم حلالا انتهى وقال حديث صحيح انتهى ورواه بتمامه
الحاكم أيضا في المستدرك وسكت عنه وقال الذهبي هو حديث واه.
206

فصل
قوله عن بن عباس في قوله تعالى فمن عفى له من أخيه شئ قال نزلت
208

فصل
قوله روي أن عثمان رضي الله عنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن
عوف على ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار قلت غريب بهذا اللفظ وروى
عبد الرزاق في مصنفه في البيوع أخبرنا بن عيينة عن عمرو بن دينار ان امرأة
216

عبد الرحمن بن وعوف أخرجها أهله من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألف درهم انتهى
وفي الطبقات لابن سعد في ترجمة عبد الرحمن بن عوف أخبرنا الواقدي
حدثني سعيد بن مسلم بن قماذين عن عطاء بن أبي رباح عن بن عمر قال بعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في سبعمائة إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست من
217

الهجرة فدعاهم إلى الاسلام فأبوا ثلاثا ثم أسلم رأسهم الأصبغ بن عمرو الكلبي
فبعث عبد الرحمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فكتب إليه أن تزوج تماضر بنت الأصبغ
فتزوجها ورجع بها وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن لم تلد له غيره انتهى أخبرنا
عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد أن عبد الرحمن بن عوف توفي
وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت منه أيدي الرجال وترك أربع
نسوة فأخرجت منهن امرأة من ثمنها بثمانين ألفا انتهى أخبرنا الواقدي ثنا أسامة بن
زيد الليثي عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال أصاب تماضر بنت
الأصبغ ربع الثمن فأخرجت بمائة ألف وهي إحدى الأربع انتهى أخبرنا أبو نعيم
الفضل بن دكين ثنا كامل أبو العلاء سمعت أبا صالح قال مات عبد الرحمن بن عوف
وترك ثلاث نسوة فأصاب كل واحدة مما ترك ثمانون ألفا انتهى أخبرنا
يزيد بن هارون ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال كان في تماضر سوء خلق
وكانت على تطليقتين فلما مرض عبد الرحمن طلقها الثالثة فورثها عثمان رضي الله
عنه منه بعد انقضاء العدة انتهى
218

كتاب المضاربة
حديث أنه عليه السلام بعث والناس يتعاملون بها فقرهم عليها قلت
قوله وروي أن الصحابة تعاملوا بها قلت روى مالك في الموطأ عن زيد بن
أسلم عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب خرجا إلى العراق
فأعطاهما أبو موسى الأشعري من مال الله على أن يبتاعا به متاعا ويبيعانه بالمدينة ويؤديا
رأس المال لأمير المؤمنين والربح لهما فلما قدما المدينة ربحا فقال عمر أكل الجيش
220

أسلفه كما أسلفكما قالا لا فقال ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما أديا المال وربحه
فراجعه عبيد الله وقال ما ينبغي هذا يا أمير المؤمنين لو هلك المال أو نقص لضمناه
فقال له بعض جلسائه لو جعلته قراضا فأخذ عمر المال ونصف ربحه وأعطاهما
النصف انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه
البيهقي في المعرفة وأخرجه الدارقطني في سننه في البيوع عن عبد الله بن زيد
بن أسلم عن أبيه عن جده فذكره
221

أثر آخر أخرجه مالك أيضا عن يعقوب الجهني أنه عمل في مال لعثمان على أن
الربح بينهما انتهى قال مالك أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن
جده فذكره
أثر آخر أخرجه الدارقطني عن حياة وابن لهيعة قالا ثنا أبو الأسود عن عروة بن
222

الزبير وغيره أن حكيم بن حزام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرط على الرجل إذا
أعطاه مالا مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تحمله في بحر
ولا تنزل به في بطن مسيل فان فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي انتهى
أثر آخر للبيهقي أن بن عمر كان يزكي مال اليتيم ويعطيه مضاربة ويستقرض
فيه
أثر آخر وأخرج عن جابر أنه لم ير بالقراض بأسا
أثر آخر وضعف سنده أن العباس كان إذا دفع مالا مضاربة اشترط على صاحبه
أن لا يسلك به بحرا ولا ينزل به واديا ولا يشتري به ذات كبد رطبة فان فعل فهو
ضامن فرفع الشرط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه انتهى
أثر آخر أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنه بلغه عن حميد بن
عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب أعطى مال يتيم
مضاربة وكان يعمل به بالعراق ولا يدري كيف قاطعه على الربح
أثر آخر وأخرجه أيضا عن عبد الله بن علي عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه أن عثمان أعطى مالا مقارضة يعني مضاربة
أثر آخر أخرج أيضا عن حماد عن إبراهيم أن بن مسعود أعطى زيد بن خليدة مالا
مقارضة
223

كتاب الوديعة
حديث ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل
ضمان قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن عمرو بن
عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس على المستودع غير المغل ضمان ولا على المستعير غير المغل ضمان انتهى
قال الدارقطني عمرو وعبيدة ضعيفان وإنما يروي هذا من قول شريح غير مرفوع ثم
238

أخرجه من قول شريح ولم يروه عبد الرزاق في مصنفه إلا من قول شريح وقال بن
حبان في كتاب الضعفاء عبيدة يروي الموضوعات عن الثقات انتهى
ومن أحاديث الباب ما أخرجه بن ماجة في سننه عن المثنى بن الصباح عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أودع وديعة فلا ضمان
239

عليه انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث بن لهيعة عن عمرو
بن شعيب به وأعله بابن لهيعة قال وعمرو بن شعيب وإن كان ثقة ولكن في حديثه
المناكير إذا كان من رواية أبيه عن جده فإنه لا يخلو أن يكون مرسلا ومنقطعا فإنه إن
أراد جده الاعلى وهو عبد الله بن عمرو فشعيب لم يلق عبد الله فالخبر منقطع وإن
أراد جده الأدنى فهو محمد بن عبد الله وهو لا صحبة له فهو مرسل وكلاهما لا
240

تقوم به الحجة وقد كان بعض شيوخنا تقول إذا سمى جده عبد الله بن عمرو فهو
صحيح وقد اعتبرت ما قاله فلم أجده من رواية الثقات المتقنين عن عمرو بن شعيب
وإنما ذلك شئ يقوله محمد بن إسحاق وبعض الرواة ليعلم أن جده اسمه عبد الله
فأدرج في الاسناد فليس الحكم عندي في عمرو بن شعيب إلا مجانبة ما روى عن أبيه
عن جده والاحتجاج بما روى عن الثقات غير أبيه انتهى كلامه والله أعلم
241

كتاب العارية
الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار دروعا من صفوان قلت أخرجه أبو
داود والنسائي عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه
صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعا يوم حنين فقال أغصب يا محمد قال
بل عارية مضمونة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك في
245

البيوع وسكت عنه وإنما قال وله شاهد صحيح ثم أخرجه عن خالد الحذاء
عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعا وسلاحا في
غزوة حنين فقال يا رسول الله أعارية مؤداة قال نعم عارية مؤداة انتهى وقال
حديث صحيح على شرط مسلم انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن إسحاق
بن عبد الواحد ثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء قال في التنقيح قال أبو علي
الحافظ إسحاق بن عبد الواحد متروك الحديث انتهى وأخرجه الحاكم أيضا في
المغازي من طريق بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن
جابر عن أبيه جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد المسير إلى حنين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعا مائة درع وما يصلحها من عدتها فقال أغصبا
يا محمد فقال بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
مختصر وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وله طريق أخرى مرسلة في
السنن فأخرجه أبو داود عن جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل عبد الله بن
صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا صفوان هل عندك من سلاح الحديث وعن
أبي الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ناس من آل صفوان قال استعار
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه النسائي عن إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن بن أبي مليكة
عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان وعن هاشم
246

عن حجاج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره يبقى الاشكال في الروايتين إحداهما
قال بل عارية مضمونة والأخرى قال بل عارية مؤداة والروايتان عند أبي داود
والنسائي كلاهما في عارية صفوان قال صاحب التنقيح بعد ذكره
الروايتين وهذا دليل على أن العارية منقسمة إلى مؤداة ومضمونة قال ويرجع ذلك
إلى المعير فان شرط الضمان كانت مضمونة وإلا فهي أمانة قال وهو مذهب أحمد
وعنه أنها مضمونة بكل حال وقال أبو حنيفة لا يضمن إلا إذا فرط فيها وحجته
ليس على المستعير غير المغل ضمان انتهى قلت بل هما واقعتان يدل عليه ما رواه
عبد الرزاق في مصنفه في أثناء البيوع أخبرنا معمر عن بعض بني صفوان عن
صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه عاريتين إحداهما بضمان والأخرى بغير ضمان
انتهى
أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن
صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه يعلى بن أمية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتتك
رسلي فأعطهم ثلاثين بعيرا وثلاثين درعا قال فقلت يا رسول الله أعارية مضمونة
أو عارية مؤداة قال بل مؤداة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الحادي عشر من القسم الرابع قال عبد الحق في أحكامه حديث يعلى بن أمية
أصح من حديث صفوان بن أمية قال بن القطان وذلك لان حديث صفوان هو من
رواية شريك عن عبد العزيز بن رفيع ولم يقل حدثنا وهو مدلس وأما أمية بن
صفوان فخرج له مسلم انتهى كلامه وقال في موضع آخر وهم ثلاثة ولوا القضاء
فساء حفظهم بالاشتغال عن الحديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
وشريك وقيس بن الربيع ثم إن شريكا مدلس ولم يذكر السماع انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن شعبة عن قتادة عن أنس قال كان
فزع بالمدينة فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا من أبي طلحة يقال له المندوب فركب فلما
247

رجع قال ما رأينا من شئ وإن وجدناه لبحرا انتهى رواه البخاري في
الجهاد ومسلم في الفضائل
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة
الحوطي ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن الزهري عن
أبي سلمة عن الشفاء بنت عبد الله قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فجعل يعتذر
إلي وأنا ألومه فحضرت الصلاة فخرجت فدخلت على ابنتي وهي تحت شرحبيل بن
حسنة فوجدت شرحبيل في البيت فقلت قد حضرت الصلاة وأنت في البيت
فجعلت ألومه فقال يا خالة لا تلوميني فإنه كان لنا ثوب فاستعاره النبي صلى الله عليه وسلم فقلت
بأبي وأمي كنت ألومه منذ اليوم وهذه حاله ولا أشعر فقال شرحبيل ما كان إلا
درع دفعناه انتهى
الحديث الثاني قال صلى الله عليه وسلم المنحة مردودة والعارية مؤداة قلت روي
من حديث أبي أمامة ومن حديث بن عمر ومن حديث بن عباس ومن حديث
248

أنس فحديث أبي أمامة أخرجه أبو داود عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم
عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه
فلا وصية لوارث إلى أن قال العارية مؤداة والمنحة مردودة قال الترمذي حديث
حسن أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث
عن الجراح بن مليح النهراني ثنا حاتم بن حريث الطائي سمعت أبا أمامة يقول قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة والمنحة مردودة انتهى وكذلك أخرجه
الطبراني في معجمه وقد تقدم الكلام على الحديث في الكفالة
وأما حديث بن عمر فرواه البزار في مسنده حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا
إسحاق بن محمد ثنا عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة انتهى وقال لا نعلمه يروي عن بن عمر إلا من هذا الوجه
بهذا الاسناد
وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي في الكامل عن إسماعيل بن أبي زياد
السكوني قاضي الموصل ثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن بن
عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الزعيم غارم والدين مقضي والعارية مؤداة والمنحة
مردودة انتهى وأعله بإسماعيل هذا وقال إنه منكر الحديث وعامة ما يرويه
لا يتابع عليه
249

وأما حديث أنس فرواه الطبراني في مسند الشاميين وقد تقدم في الكفالة
الله تعالى حديث آخر مرسل أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما في البيوع عن
عطاء بن أبي رباح قال أسلم قوم في أيديهم عواري المشركين فقالوا قد أحرز لنا
الاسلام ما بأيدينا من عواري المشركين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الاسلام
لا يحرز لكم ما ليس لكم العارية مؤداة فأدى القوم ما بأيديهم من العواري انتهى
250

قال الدارقطني هذا مرسل ولا تقوم به حجة انتهى
أحاديث ضمان العارية لأصحابنا في القول بعدم الضمان حديث ليس على
المستعير غير المغل ضمان وقد تقدم وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن
الخطاب قال العارية بمنزلة الوديعة لا ضمان فيها إلا أن يتعدى انتهى وأخرج عن
علي قال ليس على صاحب العارية ضمان
أحاديث الخصوم استدلوا بحديث أخرجه الترمذي عن شريك وقيس بن الربيع
عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أد الأمانة إلى
من ائتمنك ولا تخن من خانك انتهى وقال حسن غريب قال بن القطان
والمانع من تصحيحه أن شريكا وقيس بن الربيع مختلف فيهما انتهى وبحديث الحسن
عن سمرة مرفوعا على اليد ما أخذت حتى تؤدي قال بن القطان في كتابه وهذا
251

يمكن الاستدلال به لاغرام القيم في المتلفات من العواري قال وقد رواه بن أبي شيبة
عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة بإسناده فقال فيه حتى تؤديه فهو بزيادة
الهاء موجب لرد العين بحسب ما كانت قائمة كقوله العارية مؤداة ذكر ذلك
البزار انتهى كلامه وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن أبي هريرة قال العارية
تغرم وأخرج بن عباس نحوه
252

كتاب الهبة
الحديث الأول قال عليه السلام تهادوا تحابوا قلت تكلف شيخنا علاء
الدين مقلدا لغيره فعزاه للفردوس دون غيره وهذا عجز فقد أخرجه أصحاب
الكتب المشهورة من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عمرو ومن حديث بن عمر
ومن حديث عائشة وروى مرسلا
فحديث أبي هريرة رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب وترجم
عليه باب قبول الهدية حدثنا عمرو بن خالد ثنا ضمام بن إسماعيل سمعت موسى بن
وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تهادوا تحابوا انتهى وأخرجه
النسائي في كتاب الكنى عن أبي الحسين محمد بن بكير الحضرمي عن ضمام بن
إسماعيل به وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والبيهقي في شعب
الايمان في الباب الحادي والستين ورواه بن عدي في الكامل وأعله بضمام بن
إسماعيل وقال إن أحاديثه لا يرويها غيره انتهى
وأما حديث بن عمرو فرواه الحكم في كتاب علوم الحديث فقال سمعت
أبا زكريا العنبري قال سمعت أبا عبد الله البوشبخي عن يحيى بن بكير عن ضمام بن
إسماعيل عن أبي قبيل المعافري عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تهادوا تحابوا
254

انتهى قال الحاكم وتحابوا إما بتشديد الباء من الحب وإما بالتخفيف من المحاباة
انتهى قلت يترجح الأول بما أخرجه البيهقي في شعب الايمان عن صفية بنت
حرب عن أم حكيم بنت وداع أو قال وادع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
تهادوا تزيدوا في القلب حبا انتهى قال بن طاهر في كلامه على أحاديث الشهاب
حديث تهادوا تحابوا رواه ضمام بن إسماعيل واختلف عليه فروى عنه موسى بن
وردان عن أبي هريرة وبهذا الاسناد أخرج مسلم حديث أبا النذير وروى عنه أبو قبيل
عن عبد الله بن عمرو فيحتمل أن يكون لضمام فيه طريقان عن أبي قبيل وعن موسى
بن وردان وقد روى من طريق ضعيف عن بن عمر رواه إسماعيل بن إسحاق
الراشدي بالاسناد الذي يأتي
وأما حديث بن عمر فرواه بن القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب
من حديث إسماعيل بن إسحاق الراشدي ثنا محمد بن داود بن عبد الجبار عن أبيه عن
العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهادوا
تحابوا انتهى
وأما حديث عائشة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن يحيى
ثنا محمد بن محمد بن السكن ثنا ريحان بن سعيد ثنا عرعرة بن اليزيد المثنى أبو حاتم
العطار عن عبيد بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا وهاجروا تورثوا أولادكم مجدا وأقيلوا الكرام عثراتهم
انتهى حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا إسحاق بن زيد الخطابي ثنا محمد بن
سليمان بن أبي داود ثنا المثنى أبو حاتم العطار به
وأما الحديث المرسل فرواه مالك في الموطأ عن عطاء بن عبد الله الخراساني
255

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء
انتهى ذكره في أواخر الكتاب في باب ما جاء في المهاجرة وفي نسخة
الهجرة
أحاديث الباب أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبته ولو أهدى إلي ذراع أو كراع لقبلت
انتهى وأخرج أيضا عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها
انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي في الولاء عن أبي معشر نجيح السندي عن سعيد
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تهادوا فان الهدية تذهب وحر الصدر ولا تحقرن
جارة لجارتها ولو فرسن شاة انتهى وقال غريب ورواه أحمد في مسنده
قال بن القطان في كتابه وأبو معشر هذا مختلف فيه فمنهم من يضعفه ومنهم
من يوثقه فالحديث من أجله حسن انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لا تجوز الهبة الا مقبوضة قلت غريب
ورواه عبد الرزاق من قول النخعي رواه في آخر الوصايا من مصنفه فقال أخبرنا
سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال لا تجوز الهبة حتى تقبض والصدقة تجوز قبل
أن تقبض انتهى
256

وفي الباب آثار منها ما رواه مالك في الموطأ في كتاب القضاء عن بن
شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت إن أبا بكر كان نحلها جداد عشرين وسقا
بالعالية فلما حضرته الوفاة قال ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز
علي فقرا منك وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا فلو كنت حزبته كان لك وإنما
هو اليوم مال وارث وإنما هو هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله قالت
يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى قال ذو بطن
بنت خارجة أراها جارية فولدت جارية أخواها عبد الرحمن ومحمد وبنت خارجة
هي حبيبة بنت خارجة بن زيد زوجة أبي بكر كانت ذلك الوقت خارجة فولدت أم
كلثوم انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطأه ورواه عبد الرزاق
في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني بن أبي مليكة أن القاسم بن محمد بن أبي بكر
أخبره أن أبا بكر قال لعائشة يا بنية إني كنت نحلتك نخلا من خيبر وإني أخاف أن
أكون آثرتك على ولدي وإنك لم تكوني حزتيه فرديه على ولدي فقالت لو كانت
لي خيبر بحدادها لرددتها انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهير عن عروة بن الزبير قال
257

أخبرني المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري أنهما سمعا عمر بن الخطاب
يقول ما بال أقوام ينحلون أولادهم فإذا مات الابن قال الأب مالي وفي يدي وإذا
مات الأب قال مالي كنت نحلت ابني إلى كذا وكذا ألا لا يحل الا لمن حازه
وقبضه انتهى
أثر آخر قال عبد الرزاق أخبرنا بن جريج قال زعم سليمان بن موسى أن عمر
بن عبد العزيز كتب أيما رجل نحل من قد بلغ الحوز فلم يدفعه إليه فتلك النحلة
باطلة وزعم أن عمر أخذه من نحل أبي بكر عائشة فلم يبنها بإفراده حين حضره
الموت انتهى
الحديث الثالث حديث أكل أولادك نحلت مثل هذا قلت أخرجه الأئمة
الستة عن النعمان بن بشير قال إن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما
كان لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكل ولدك نحلته مثل هذا قال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فارجعه زاد مسلم في لفظ أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال بلى قال فلا
إذن انتهى أخرجه البخاري ومسلم في الهبة وأبو داود في البيوع
والنسائي في النحل والترمذي وابن ماجة في الاحكام أخرجوه من غير وجه
عن النعمان بن بشير بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وفي لفظ للدارقطني أن الذي نحله
أبو النعمان للنعمان كان حائطا من نخل قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال
الحائط هو المخرف ذو النخل والشجر والزرع انتهى قال البيهقي في المعرفة في
الحديث دلالة على أمور منها حسن الأدب في أن لا يفضل أحد بعض ولده على بعض
258

في كل فيعرف في قلبه شئ يمنعه من بره لان كثيرا من قلوب الناس جبلت على
القصور في البر إذا أوثر عليه ومنها أن نحل الوالد بعض ولده دون بعض جائز والا
لكان عطاؤه وتركه سواء قال الشافعي وقد فضل أبو بكر عائشة بنحل وفضل عمر
ابنه عاصما بشئ أعطاه وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم ومنها رجوع
الوالد في هبته للولد انتهى ومذهب أحمد وجوب التساوي بين الولد وإن نحل
بعضهم وجب الرجوع فيه آخذا بظاهر الحديث هكذا نقله بن الجوزي في التحقيق
واستدل للقائلين بعدم وجوب بما رواه سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد
بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ساووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء انتهى ورواه بن
عدي وقال لا أعلم يرويه عنه غير إسماعيل بن عياش وهو قليل الحديث ورواياته
بإثبات الأسانيد لا بأس بها ولا أعرف له شيئا أنكر مما ذكرت من حديث عكرمة عن بن
عباس وذكره بن حبان في الثقات قال في التنقيح وسعيد بن يوسف تكلم
فيه أحمد وابن معين والنسائي انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام من أعمر عمري فهي للمعمر له ولورثته من
بعده قلت أخرجه الجماعة الا البخاري عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
259

من أعمر رجلا عمري له ولعقبه فقد قطع
قوله حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه انتهى وسيأتي قريبا
260

باب الرجوع في الهبة
الحديث الأول قال عليه السلام لا يرجع الواهب في هبته إلا الوالد فيما يهب
لولده قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن
طاوس عن بن عمر وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو
يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها
كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والثمانين من القسم
الثاني والحاكم في المستدرك في كتاب البيوع وقال حديث صحيح الاسناد
ولا أعلم خلافا في عدالة عمرو بن شعيب إنما اختلفوا في سماع أبيه من جده انتهى
ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
طريق آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده زاد
النسائي والعائد في هبته كالكلب يعود في قيئه انتهى قال الدارقطني في علله
263

هذا الحديث يرويه عمرو بن شعيب واختلف عليه فيه فرواه حسين المعلم عن
عمرو بن شعيب عن طاوس عن بن عمر وابن عباس ورواه عامر الأحول عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده ولعل الاسنادين محفوظان ورواه أسامة بن زيد
والحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في العائد في هبته دون
ذكر الوالد يرجع في هبته ورواه الحسن بن مسلم عن طاوس مرسلا وتابعه إبراهيم بن
طهمان وعبد الوارث عن عامر الأحول انتهى كلامه ومما استدل به الخصوم على منع
الرجوع في الهبة حديث قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس مرفوعا العائد في هبته
كالعائد في قيئه انتهى زاد أبو داود قال قتادة لا نعلم القئ إلا حراما انتهى
وهو أقوى في الحجة من حديث طاوس عن بن عباس مرفوعا العائد في هبته كالكلب
يعود في قيئه انتهى قال بن القطان أخرجهما البخاري ومسلم
الحديث الثاني قال عليه السلام الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها قلت روى
من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس ومن حديث بن عمر
264

فحديث أبي هريرة أخرجه بن ماجة في الاحكام عن إبراهيم بن إسماعيل بن
مجمع بن جارية عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل
أحق بهبته ما لم يثب منها انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وابن أبي شيبة في
مصنفه وإبراهيم بن إسماعيل بن جارية ضعفوه
وأما حديث بن عباس فله طريقان أحدهما عند الطبراني في معجمه حدثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثني أبي قال وجدت في كتاب أبي عن بن أبي ليلى
عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وهب هبة فهو أحق بهبته ما
لم يثب منها فان رجع في هبته فهو كالذي يقئ ثم يأكل قيئه انتهى
الطريق الثاني عند الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن
محمد بن عبيد الله عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من وهب هبة فارتجع
فيها فهو أحق بها مال يثب منها ولكنه كالكلب يعود في قيئه انتهى وأعله
عبد الحق في أحكامه بمحمد بن عبيد الله العرزمي قال بن القطان كالمتعقب عليه
وهو لم يصل إلى العرزمي الا على لسان كذاب وهو إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي
فلعل الجناية منه انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه الحاكم في المستدرك في البيوع حدثنا أحمد
بن حازم بن أبي عزرة ثنا عبد الله بن موسى ثنا حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت سالم
بن عبد الله يحدث عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من وهب هبة فهو أحق بها ما لم
يثب منها انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إلا أن
يكون الحمل فيه على شيخنا انتهى ورواه الدارقطني في سننه وعن الحاكم رواه
البيهقي في المعرفة وقال غلط فيه عبد الله بن موسى والصحيح رواية عبد الله
265

ابن وهب عن حنظلة عن سالم عن أبيه عن عمر من قوله وإسناد حديث أبي هريرة أليق
إلا أن فيه إبراهيم بن إسماعيل وهو ضعيف عند أهل الحديث فلا يبعد منه الغلط
والصحيح رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر فرجع
الحديث إلى عمر من قوله والله أعلم انتهى كلامه
وفي الباب حديث إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها وسيأتي قريبا
وحجتنا فيه بمفهوم الشرط لان معناه وإذا كانت لغير محرم فله الرجوع بل هو
مصرح به في أثر عن عمر ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن
منصور عن إبراهيم قال قال عمر من وهب هبة لذي رحم فليس له أن يرجع فيها ومن وهب هبة لغير ذي رحم فله أن يرجع فيها
إلا أن يثاب منها انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام العائد في هبته كالعائد في قيئه قلت
أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال العائد في هبته كالعائد في قيئه انتهى زاد أبو داود قال قتادة ولا نعلم
القئ إلا حراما انتهى ويوجد في بعض نسخ الهداية العائد في هبته كالكلب يعود
266

في قيئه وهو كذلك في غالب كتب أصحابنا أخرجه البخاري ومسلم عن طاوس
عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع
فيها قلت أخرجه الحاكم في المستدرك في البيوع والدارقطني ثم البيهقي
في سننيهما عن عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمة عن قتادة
عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم
يرجع فيها انتهى قال الحاكم فحديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه
267

انتهى وقال الدارقطني تفرد به عبد الله بن جعفر انتهى ووقع للحاكم مثل هذا
في حديث علي اليد ما أخذت حتى تؤدى وتعقبه الشيخ تقي الدين في الالمام
وقال بل هو على شرط الترمذي انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق وعبد الله
بن جعفر هذا ضعيف وخطأه صاحب التنقيح وقال بل هو ثقة من رجال
الصحيحين والضعيف هو والد علي بن المديني وهو متقدم على هذا وهو الرقي
268

ثقة ورواة هذا الحديث كلهم ثقات ولكنه حديث منكر وهو من أنكر ما روى عن
الحسن عن سمرة انتهى
269

الحديث الخامس روى أنه علي السلام أجاز العمري وأبطل شرط المعمر قلت
قال البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول العمري لمن
وهبت له انتهى أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإنه من أعمر عمري فإنها للذي أعمرها
حيا وميتا ولعقبه انتهى وأخرج أيضا عن أبي الزبير عن جابر قال أعمرت امرأة
بالمدينة حائطا لها ابنا لها ثم توفى وتوفيت بعده وترك ولدا له وله إخوة بنون
للمعمرة فقال ولد المعمرة رجع الحائط إلينا وقال بنو المعمر بل كان لأبينا
حياته وموته فاختصموا إلى طارق مولى عثمان فدعا جابرا فشهد على رسول
الله صلى الله عليه وسلم العمري لصاحبها فقضى بذلك طارق ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره
بذلك وأخبره بشهادة جابر فقال عبد الملك صدق جابر فأمضى ذلك طارق
فان ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي
عن عروة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعمر عمري فهي له ولعقبه يرثها
من يرث من عقبه انتهى وأخرجه أبو داود عن طارق المكي عن جابر بن
عبد الله قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من
نخل فماتت فقال ابنها إنما أعطيتها حياتها وله إخوة فقال عليه السلام هي
لها حياتها وموتها قال كنت تصدقت بها عليها قال ذلك أبعد لك منها
270

انتهى قال بن القطان إسناده كلهم ثقات وطارق المكي هو قاضي مكة مولى
عثمان بن عفان وهو ثقة قاله أبو زرعة انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده
حدثنا روح ثنا سفيان الثوري عن حميد بن قيس عن محمد بن إبراهيم عن جابر أن رجلا
من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها فماتت فجاء إخوته فقالوا نحن فيه
شرع سواء فأبى فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقسمها بينهم ميراثا انتهى قال في
التنقيح رواته كلهم ثقات انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن بشير بن نهيك عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرى جائزة انتهى ويشكل على هذا
ما أخرجه مسلم عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال إنما العمري التي
أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها
ترجع إلى صاحبها قال معمر كان الزهري يفتي به انتهى
الحديث السادس حديث نهى عن بيع وشرط تقدم أوائل البيوع
271

الحديث السابع روى أنه عليه السلام أجاز العمري ورد الرقبي قلت غريب
ومذهب أحمد كقول أبي يوسف في جواز الرقبي قياسا على العمري واستدل لهما
بن الجوزي في التحقيق بأحاديث منها ما أخرجه النسائي وابن ماجة عن عطاء عن
حبيب بن أبي ثابت عن بن عمر مرفوعا لا عمرى ولا رقبى فمن أعمر شيئا أو أرقبه
فهو له حياته ومماته انتهى وصحح الترمذي في كتابه حديثا من رواية حبيب عن
بن عمر وهو حديث بني الاسلام على خمس وفيه اختلاف بينه الدارقطني في
علله فقال هذا حديث يرويه عطاء بن أبي رباح عن حبيب عن بن عمر مرفوعا
كذلك ورواه يزيد بن أبي زياد عن حبيب عن بن عمر مرفوعا في الرقبي دون العمري
ورواه مسعر عن حبيب به في العمري دون الرقبي ورواه أيوب السختياني وعمرو
بن دينار وكامل أبو العلاء عن حبيب به موقوفا وهو أشبه بالصواب انتهى
وبحديث أخرجه أبو داود والنسائي عن بن جريج عن عطاء عن جابر عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لا ترقبوا أو لا تعمروا فمن أعمر عمرى أو أرقب رقبى فهي سبيل
الميراث انتهى وأخرجه النسائي عن عبد الكريم عن عطاء مرسلا وأخرجه الأربعة
272

عن أبي الزبير عن جابر وفي سنده ومتنه اختلاف
وبحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أعمر شيئا فهو لمعمره حياته ومماته ولا ترقبوا فمن أرقب شيئا
فهو سبيله انتهى وأخرجه النسائي عن بن طاوس عن أبيه به بلفظ العمري
للوارث وبلفظ العمري جائزة
وبحديث أخرجه النسائي عن حجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن طاوس عن بن
عباس مرفوعا من أعمر عمرى فهي لمن أعمرها جائزة ومن أرقب رقبى فهي لمن
أرقبها جائزة وفيه اختلاف ذكره النسائي في سننه
273

كتاب الإجارات
الحديث الأول قال عليه السلام أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه
قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن
حديث أنس
فحديث بن عمر أخرجه بن ماجة في سننه في كتاب الأحكام في باب أجر
الاجراء عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه انتهى وهو معلول بعبد الرحمن
بن زيد
وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق بن
إسرائيل ثنا عبد الله بن جعفر أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا
نحوه سواء ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعبد الله بن جعفر هذا وهو
والد علي بن المديني وأسند تضعيفه عن النسائي والسعدي وابن معين والفلاس
ولينه بن عدي فقال عامة ما يرويه لا يتابع عليه ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى
ورواه أبو نعيم الحافظ في كتاب الحلية في ترجمة سفيان الثوري حدثنا محمد بن عمر
بن مسلم ثنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل السكوتي بالكوفة من كتابه ثنا أحمد بن
بلال ثنا عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل به وقال غريب لم يكتبه إلا من هذا
الوجه انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للبخاري
274

وأما حديث أنس فرواه أبو عبد الله الترمذي الحكيم في كتاب نوادر الأصول
في الأصل الثاني عشر حدثنا موسى بن عبد الله بن سعد الأزدي ثنا محمد بن زياد بن
ريان الكلبي عن بشر بن الحسين الهلالي عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا
نحوه سواء
حديث آخر مرسل رواه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في كتاب الأموال حدثنا
مسلم بن إبراهيم ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطوا الأجير أجره إلى آخره
وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أحمد بن محمد بن
الصلت البغدادي بمصر ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي ثنا شرقي بن القطامي عن أبي
الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال تفرد به محمد بن زياد قال
بن طاهر هذا حديث روى من حديث بن عمر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث
جابر
فحديث بن عمر رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عمر
وعبد الرحمن ضعيف
وحديث أبي هريرة له طرق فرواه أبو إسحاق الكوري عن زيد بن أسلم عن
عطاء عن أبي هريرة والكوري هذا ضعيف ورواه عبد الله بن جعفر المديني عن سهيل
عن أبيه عن أبي هريرة وعبد الله هذا هو والد علي بن المديني وليس بشئ في
الحديث ورواه محمد بن عمار المؤذن عن المقبري عن أبي هريرة والحديث يعرف بابن
عمار هذا وليس بالمحفوظ وحديث جابر رواه محمد بن زياد بن ريان الطائي عن
شرقي القطامي عن أبي الزبير عن جابر وشرقي منكر الحديث انتهى كلامه ومعنى
الحديث في الصحيح أخرجه البخاري عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا
275

فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام من استأجر أجيرا فليعلمه أجره قلت رواه
عبد الرزاق في مصنفه في البيوع حدثنا معمر والثوري عن حماد عن إبراهيم عن
أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أو أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استأجر أجيرا
فليسم له أجرته قال عبد الرزاق فقلت للثوري يوما أسمعت حمادا يحدث عن
إبراهيم عن أبي سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استأجر أجيرا فليسم له أجرته قال نعم
وحدث به مرة أخرى فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه محمد بن الحسن في
كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي
سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استأجر أجيرا فليعلمه أجره
انتهى وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده فقال أخبرنا
عبد الرزاق ثنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
استأجر أجيرا فليبين له أجرته انتهى أخبرنا النضر بن شميل ثنا حماد بن سلمة عن
حماد عن إبراهيم عن الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستأجر الرجل حتى يبين له أجره
276

انتهى وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد في مسنده وأبو داود في مراسيله ومن
جهة أبي داود ذكره عبد الحق في أحكامه قال وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد
انتهى وسند أبي داود حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي
سليمان ورواه النسائي في المزارعة موقوفا على الخدري إذا استأجرت أجيرا فأعلمه
أجره ولم يذكره بن عساكر في أطرافه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
موقوفا على الخدري وأبي هريرة فقال حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم
عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا من استأجر أجيرا فليعلمه أجره انتهى ذكره في
البيوع قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبا زرعة عن حديث رواه حماد بن
سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه نهى أن يستأجر حتى يعلم أجره ورواه الثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد
موقوفا فقال أبو زرعة الصحيح موقوف فان الثوري أحفظ انتهى كلامه
277

أحاديث الباب قال المصنف وقد شهدت بصحتها الآثار يعني الإجارة ثم
ذكر الحديثين المتقدمين وفيها أحاديث صحيحة منها حديث أبي هريرة ثلاثة أنا
خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدري ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل
استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره انتهى رواه البخاري
حديث آخر حديث اللديغ رواه الأئمة الستة في كتبهم وسيأتي قريبا
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى
الحجام أجره انتهى وسيأتي قريبا
حديث آخر أخرجه البخاري عن عمرو بن يحيى عن خده عن أبي هريرة عن
280

النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت يا رسول الله قال
نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري أيضا عن عروة عن عائشة قالت استأجر رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من الديل هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه
راحلتيهما ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث انتهى
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه عن سويد بن قيس قال جلبت
281

أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل وعنده وزان يزن
بالاجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم زن وأرجح انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن حنش عن عكرمة عن بن عباس قال أصاب
نبي الله صلى الله عليه وسلم خصاصة فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فخرج يلتمس عملا يصيب فيه
شيئا ليغيث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بستانا لرجل من اليهود فاستقى له سبعة عشر دلوا
كل دلو بتمرة ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وأعله في التنقيح بحنش قال
282

واسمه حسين بن قيس وقد ضعفوه إلا الحاكم فإنه ثقة وقد رواه أحمد
في مسنده أخبرنا إسماعيل ثنا أيوب عن مجاهد قال قال علي رضي الله عنه
جعت مرة بالمدينة جوعا شديدا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة
تريد الماء فقاطعتها كل ذنوب بتمرة فمددت ستة عشر ذنوبا حتى قحلت يداي ثم
أتيتها فقلت بكفي هكذا بين يديها فعدت لي ست عشرة تمرة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبرته فأكل معي منها انتهى قال في التنقيح فيه انقطاع قال أبو زرعة
مجاهد عن علي مرسل وقال أبو حاتم مجاهد أدرك عليا ولا نعلم له رواية ولا سماعا
283

انتهى كلامه
284

باب الإجارة الفاسدة
287

الحديث الأول قال عليه السلام ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن
قلت غريب مرفوعا ولم أجده إلا موقوفا علي بن مسعود وله طرق
أحدها رواه أحمد في مسنده حدثنا أبو بكر بن عياش ثنا عاصم عن زر بن
حبيش عن عبد الله بن مسعود قال إن الله نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم
فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رآه
المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه سيئا فهو عند الله سئ انتهى ومن طريق
أحمد رواه الحاكم في المستدرك في فضائل الصحابة وزاد فيه وقد رأى الصحابة
288

جميعا أن يستخلف أبو بكر انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
وكذلك رواه البزار في مسنده والبيهقي في كتاب المدخل وقالا لا نعلم رواه
من حديث زر عن عبد الله غير أبي بكر بن عياش وغير أبي بكر يرويه عن عاصم عن
أبي وائل عن عبد الله زاد البيهقي ورواية بن عياش أشبه انتهى
طريق آخر رواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا المسعودي عن عاصم عن
أبي وائل عن عبد الله بن مسعود فذكره إلا أنه قال عوض سئ قبيح ومن طريق
أبو داود رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة بن مسعود والبيهقي في كتاب
الاعتقاد وكذلك رواه الطبراني في معجمه والمسعودي ضعيف
طريق آخر رواه البيهقي أيضا في المدخل أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس
الأصم ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن زريق عن الأعمش
عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله فذكره
الحديث الثاني روي أنه عليه السلام احتجم وأعطى الحجام أجره قلت
أخرجه البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى
الحجام أجره انتهى زاد البخاري في لفظ ولو كان حراما لم يعطه وفي لفظ
ولو علم كراهية لم يعطه ولمسلم ولو كان سحتا لم يعطه وأخرجه مسلم عن الشعبي
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا غلاما لبني بياضة فحجمه وأعطاه أجره مدا ونصفا
وكلم مواليه فحطوا عنه نصف مد وكان عليه مدان انتهى وأخرج مسلم عن
حميد قال سئل أنس عن كسب الحجام فقال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو
طيبة فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه انتهى
أحاديث الخصوم ولاحمد في منع الاستئجار على الحجامة أحاديث منها
289

ما أخرجه مسلم عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كسب الحجام خبيث
انتهى
حديث آخر رواه أبو داود والترمذي من طريق مالك عن بن شهاب الزهري عن
بن محيصة عن أبيه أنه كان له غلام حجام فزجره النبي صلى الله عليه وسلم عن كسبه فقال ألا
أطعمه أيتاما لي قال لا قال أفلا أتصدق به قال لا فرخص له أن يعلفه ناضحة
انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه بن ماجة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن
شبابة عن بن أبي ذئب عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه نحوه ورواه
أحمد في مسنده حدثنا سفيان عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة أن
محيصة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب حجام له فنهاه عنه فلم يزل يكلمه حتى قال
أعلفه ناضحك أو أطعمه رقيقك انتهى حدثنا حجاج بن محمد ثنا ليث أخبرني
يزيد بن أبي حبيب عن أبي عفير عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن محيصة بن
مسعود الأنصاري أنه كان له غلام حجام يقال له نافع أبو طيبة فانطلق إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسأله عن خراجه فقال لا تقربه فردد عليه القول فقال اعلف به الناضح
حدثنا عبد الصمد ثنا هشام عن يحيى بن محمد عن أيوب أن رجلا من الأنصار يقال
له محيصة بلفظ أبي داود قال في التنقيح وقد رواه محمد بن إسحاق عن
الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة عن أبيه عن جده ومع الاضطراب ففيه من يجهل
حاله انتهى
290

الحديث الثالث قال عليه السلام إن من السحت عسب التيس قلت غريب
بهذا اللفظ ومعناه أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن علي بن
الحكم عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل انتهى وهو في
مسند أحمد عن ثمن عسب الفحل ووهم الحاكم في المستدرك فرواه في
البيوع وقال إنه على شرط البخاري ولم يخرجاه انتهى وأعجب منه أن
المنذري عزاه في مختصره للترمذي والنسائي ولم يعزه للبخاري والبخاري
ذكره في الإجارة والباقون في البيوع وأخرج البزار في مسنده عن أشعث
بن سوار عن بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وعسب
التيس انتهى وعزاه عبد الحق للنسائي وما وجدته ونقل بن الجوزي في
التحقيق عن مالك إباحة أجرة عسب التيس واحتج له بما أخرجه الترمذي والنسائي
عن إبراهيم بن حميد الرواسي عن هشام بن عروة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أنس
بن مالك أن رجلا من كلاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل فنهاه فقال يا رسول
الله إنا نطرق الفحل فنكرم فنرخص له في الكرامة انتهى قال الترمذي حديث
حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد انتهى قال في التنقيح
وإبراهيم بن حميد وثقة النسائي وابن معين وأبو حاتم ورى له البخاري ومسلم
انتهى
291

الحديث الرابع قال عليه السلام اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به قلت روي من
حديث عبد الرحمن بن شبل وأبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف
فحديث عبد الرحمن بن شيل رواه أحمد في مسنده حدثنا إسماعيل بن
إبراهيم عن هشام الدستوائي حدثني يحيى بن بن كثير عن أبي راشد الحبراني قال قال
عبد الرحمن بن شيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به ولا
تجفوا به ولا تغلوا فيه ولا تستكثروا به انتهى وكذلك رواه إسحاق بن راهويه
وابن أبي شيبة في مصنفه في باب التراويح حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي به
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن
جده أبي راشد الحبراني به ومن طريق عبد الرزاق رواه كذلك عبد بن حميد
وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم وكذلك الطبراني في
معجمه
وأما حديث عبد الرحمن بن عوف فأخرجه البزار في مسنده عن حماد بن
يحيى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن
عوف مرفوعا نحوه سواء ثم قال هذا خطأ أخطأ فيه حماد بن يحيى والصحيح
عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سالم عن أبي راشد عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي
صلى الله عليه وسلم انتهى
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه بن عدي في الكامل عن الضحاك بن نبراس
البصري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
292

سواء وأسند عن بن معين أنه قال في الضحاك بن نبراس هذا ليس بشئ وعن
النسائي قال متروك الحديث
أحاديث الباب منها حديث القوس وقد روي من حديث عبادة بن الصامت
ومن حديث أبي بن كعب
فحديث عباده له طريقان أحدهما أخرجه أبو داود في البيوع وابن ماجة
في التجارات عن مغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن
عبادة بن الصامت قال علمت ناسا من أهل الصفة القرآن فأهدى إلي رجل منهم
قوسا فقلت ليست بمال وأرمي بها في سبيل الله فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال
إن أردت أن يطوقك الله طوقا من نار فاقبلها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك
في البيوع وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال صاحب
التنقيح والحاكم قد تناقض كلامه في المغيرة بن زياد فإنه صحح حديث هنا وقال في
موضع آخر المغيرة بن زياد صاحب مناكير لم يختلفوا في تركه وهذا خطأ منه
وتناقض والمغيرة يختلف فيه ووثقه بن معين والعجلي وغيرهم وتكلم فيه أحمد
والبخاري وأبو حاتم وغيرهم انتهى وقال بن القطان في كتابه الأسود بن
ثعلبة مجهول الحال ولا نعرف روى عنه غير عبادة بن نسي والمغيرة بن زياد مختلف
فيه انتهى وقال بن حبان في كتاب الضعفاء المغيرة بن زياد الموصلي يروي عن
عطاء وعبادة بن نسي كنيته أبو هشام روى عنه الثوري ووكيع كان ينفرد عن
الثقات بما لا يشبه حديث الاثبات لا يحتج بما خالف فيه الاثبات وإنما يحتج وافق
فيه الثقات انتهى
الطريق الثاني أخرجه أبو داود عن ثقة عن بشر بن عبد الله بن يسار حدثني عبادة
293

ان نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم الرجل
مهاجرا دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن فدفع إلي رجلا كان معي وكنت أقرأته القرآن
فانصرفت يوما إلى أهلي فرأى أن عليه حقا فأهدى إلي قوسا ما رأيت أجود منها عودا
ولا أحسن منها عطافا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فقال جمرة بين كتفيك تقلدتها أو
تعلقتها انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن أبي
المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عن بشر بن عبد الله بن يسار به سندا ومتنا وقال
حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه
وأما حديث أبي بن كعب فأخرجه بن ماجة في التجارات عن ثور بن
يزيد حدثني عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي عن أبي بن كعب قال
علمت رجلا القرآن فأهدى إلي قوسا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن
أخذتها أخذت قوسا من نار قال فرددتها انتهى قال البيهقي في المعرفة في
كتاب النكاح هذا حديث اختلف فيه على عبادة بن نسي فقيل عنه عن جنادة بن
أبي أمية عن عبادة بن الصامت وقيل عنه عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة وقيل
عن عطية بن قيس عن أبي بن كعب ثم إن ظاهره متروك عندنا وعندهم فإنه لو قبل
الهدية وكانت غير مشروطة لم يستحق هذا الوعيد ويشبه أن يكون منسوخا
بحديث بن عباس وحديث الخدري وأبو سعيد الإصطخري من أصحابنا ذهب إلى
جواز الاخذ فيه على مالا يتعين فرضه على معلمه ومنعه فيما يتعين عليه تعليمه وحمل
على ذلك اختلاف الآثار وقد روى عن عمر بن الخطاب انه كان يرزق المعلمين
ثم أسند عن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى بعض عماله أن
أعط الناس على تعليم القرآن انتهى كلامه وقال بن القطان في كتابه حديث أبي
294

هذا روى من طرق وليس فيها شئ يلتفت إليه ذكرها بقي بن مخلد وغيره
انتهى وقال في التنقيح عبد الرحمن بن سلم ليس بالمشهور روى له بن ماجة هذا
الحديث الواحد وذكره شيخنا المزي في الأطراف وبينه وبين ثور خالد بن معدان
وهو وهم منه انتهى كلامه
حديث آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في آخر الباب التاسع عشر من
حديث علي بن قادم الخزاعي عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه
عظم ليس عليه لحم انتهى وأسند عن حمزة الزيات أنه مر على باب قوم بالبصرة
فاستسقى منهم فلما أخرج إليه الكوز رده فقيل له في ذلك فقال أخشى أن يكون
بعض صبيان هذه الدار قرأ علي فيكون ثوابي منه انتهى
حديث آخر قال في التنقيح قال عثمان بن سعيد الدارمي ثنا عبد الرحمن بن
يحيى بن إسماعيل بن عبد الله ثنا الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن
عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخذ قوسا على
تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار انتهى وقال ليس فيه الا عبد الرحمن هذا قال
بن أبي حاتم روى عنه أبي وسألته عنه فقال صدوق ما بحديثه بأس وقال
البيهقي ضعيف وبقية السند صحيح روى مسلم في صحيحه عن الوليد بن مسلم
بهذا السند في الصوم في السفر انتهى كلامه وذكر بن الجوزي في الباب حديثا
آخر من رواية بن عباس مرفوعا لا تستأجروا المعلمين وفي إسناده أحمد بن عبد الله
الهروي قال وهو دجال يضع الحديث وهذا من صنعه ووافقه صاحب التنقيح
على ذلك والله أعلم
أحاديث الخصوم في الرخصة أخرج البخاري ومسلم عن أبي المتوكل عن أبي
سعيد الخدري قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأتينا على رجل لديغ في جبينه
فداووه فلم ينفعه شئ فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذي نزلوا بكم لعله يكون
عندهم شئ ينفع فأتونا فقالوا أيها الرهط إن سيدنا لديغ فابتغينا له كل شئ فلم
ينفعه فهل عندكم من شئ فقال بعضهم نعم والله إني لأرقى لكن والله لقد
295

استضفناكم فلم تضيفونا لا نرقى حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم
فانطلق فجعل يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين يعني فاتحة الكتاب حتى
برأ فكأنما نشط من عقال فقام يمشي ما به قلبة فوفوهم جعلهم فقال بعضهم
اقتسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان
فننظر ما يأمرنا به فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال أصبتم اقتسموا
واضربوا لي معكم بسهم انتهى
رضي الله تعالى عنه حديث آخر أخرجه البخاري في كتاب الطب عن بن أبي مليكة عن بن عباس
أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ فعرض لهم رجل من
أهل الماء فقال هل فيكم من راق فان في الماء رجلا لديغا أو سليما فانطلق رجل
منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فجاء بالشاء إلى الصحابة فكرهوا ذلك وقالوا
أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب
الله أجرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله انتهى
ووهم بن الجوزي في التحقيق فعزاه للصحيحين وهو من مفردات البخاري نبه
عليه صاحب التنقيح قال بن الجوزي وقد أجاب أصحابنا عن هذين الحديثين بثلاثة
أجوبة أحدهما أن القوم كانوا كفارا فجاء أخذ أموالهم والثاني أن حق الضيف
واجب ولم يضيفوهم والثالث ان الرقية ليست بقربة محضة فجاز أخذ الأجرة
عليها انتهى قال القرطبي في شرح مسلم ولا نسلم أن جواز الاجر في الرقي
يدل على جواز التعليم بالاجر والحديث إنما هو في الرقية والله أعلم
الحديث الخامس وفي آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص وان
اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الاذان أجرا قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة بطرق
296

مختلفة فأبو داود والنسائي عن حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن
مطرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص قال قلت يا رسول الله اجعلني امام
قومي قال أنت إمامهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا انتهى وكذلك
رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم انتهى
وأخرجه الترمذي وابن ماجة عن أشعث بن سوار عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص
قال إن من آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الاذان أجرا
انتهى قال الترمذي حديث حسن وأخرجه بن ماجة أيضا من طريق محمد بن
إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف به ورواه بن سعد في الطبقات
297

مرسلا فقال أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي حدثني عمرو بن عثمان عن موسى بن
طلحة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص على الطائف وقال له صل
بهم صلاة أضعفهم ولا يأخذ مؤذنك على الاذان أجرا انتهى ذكره في ترجمة
عثمان
حديث آخر رواه البخاري في تاريخه عن شبابة بن سوار حدثني المغيرة بن
مسلم عن سعيد بن طهمان القطيعي عن مغيرة بن شعبة قال قلت يا رسول الله اجعلني
امام قومي قال قد فعلت ثم قال صل بصلاة أضعف القوم ولا تتخذ مؤذنا يأخذ
على الاذان اجرا انتهى ذكره في ترجمة سعيد بن طهمان
أثر آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن حماد بن زيد عن يحيى البكاء قال
سمعت رجلا قال لابن عمر إني أحبك في الله فقال له بن عمر وأنا أبغضك في
الله قال سبحان الله أنا أحبك في الله وأنت تبغضني في الله قال نعم فإنك
تأخذ على أذانك أجرا انتهى قال بن عدي ويحيى البكاء ليس بذاك المعروف ولا
له كثير رواية انتهى
الحديث السادس روى أن التعامل باستئجار الظئر كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
298

وقبله وأقرهم عليه قلت
299

الحديث السابع قال المصنف وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه يعني قفيز الطحان
قلت أخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما في كتاب البيوع عن عبيد الله بن
موسى ثنا سفيان عن هشام أبي كليب عن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي عن أبي سعيد
الخدري قال نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان انتهى وأخرجه أبو
يعلى الموصلي في مسنده عن بن المبارك ثنا سفيان به وذكره عبد الحق في
أحكامه من جهة الدارقطني وقال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا مبينا للفاعل
كما قاله المصنف وتعقبه بن القطان في كتابه وقال إني تتبعته في كتاب
الدارقطني من كل الروايات فلم أجده إلا هكذا نهى عن عسب الفحل وقفيز
الطحان مبنيا للمفعول قال فان قيل لعله يعتقد ما يقوله الصحابي مرفوعا قلت إنما
عليه أن ينقل لنا روايته لا رأيه ولعل من يبلغه يرى غير ما يراه من ذلك فإنما يقبل فيه فعله
لا قوله انتهى كلامه
300

باب ضمان الأجير
قوله روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما كانا يضمنان الأجير المشترك
قلت روى البيهقي من طريق الشافعي أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد
303

عن أبيه عن علي أنه كان يضمن الصباغ والصابغ وقال لا يصلح للناس إلا ذلك
انتهى وأخرج أيضا عن خلاس عن علي أنه كان يضمن الأجير قال البيهقي الأول فيه
انقطاع بين أبي جعفر وعلي والثاني يضعفه أهل الحديث ويقولون أحاديث خلاس
عن علي من كتاب قال ورواه جابر الجعفي عن الشعبي عن علي وجابر الجعفي
ضعيف ولكن إذا ضمنت هذه المراسيل بعضها إلى بعض قويت انتهى وروى
محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن علي بن الأقمر قال أتى
شريحا رجل وأنا عنده فقال دفع لي هذا ثوبا لأصبغه فاحترق بيتي فاحترق ثوبه
في بيتي قال ادفع إليه ثوبه قال كيف أدفع إليه ثوبه وقد احترق بيتي قال
أرأيت لو احترق بيته أكنت تدع له أجرك انتهى واستدل بن الجوزي في التحقيق
على أنه لا ضمان على الأجير المشترك بما رواه الدارقطني حدثنا الحسين بن إسماعيل
ثنا عبد الله بن شبيب حدثني إسحاق بن محمد ثنا يزيد بن عبد الملك عن محمد بن
304

عبد الرحمن الحجبي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا ضمان على مؤتمن انتهى قال في التنقيح هذا إسناد لا يعتمد عليه فان
يزيد بن عبد الملك ضعفه أحمد وغيره وقال النسائي متروك الحديث وعبد الله
بن شبيب ضعفوه انتهى والمسألة فيها ثلاثة مذاهب أحدها يضمن مطلقا وبه
قال مالك الثاني لا يضمن مطلقا وهو مذهبنا الثالث يضمن ما تلف بصنعه ولا
يضمن بغير صنعه وبه قال أحمد والله أعلم
فائدة قال البخاري في صحيحه في كتاب الإجارات باب إذا استأجر
أرضا فمات أحدهما وقال بن عمر أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر فكان ذلك
على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر ولم يذكر أن أبا بكر وعمر
جددا الإجارة بعد ما قبض النبي صلى الله عليه وسلم حدثني موسى بن إسماعيل ثنا جويرية بن أسماء
305

عن نافع عن عبد الله بن عمر قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود أن يعملوها
ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها وأن بن عمر حدثه أن المزارع كانت تكرى على
شئ سماه نافع لا أحفظه وأن رافع بن خديج حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء
المزارع وقال عبيد الله عن نافع عن بن عمر حتى أجلاهم عمر انتهى وكان
البخاري رحمه الله قصد التشنيع على أصحابنا في هذه المسألة ولا حجة له في هذا
الحديث لان مذهبنا أن الإجارة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين الا إذا كانت الإجارة
لنفسه أما إذا كانت لغيره كالوكيل والوصي وقيم الوقف والامام فإنها لا تنفسخ
والنبي صلى الله عليه وسلم هو امام المسلمين كلهم والله أعلم
بقية الأبواب ليس فيها شئ
306

كتاب المكاتب
الحديث الأول قال عليه السلام أيما عبد كوتب على مائة دينار فأداها الا
عشرة دنانير فهو عبد قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة أبو داود والنسائي
في العتق والترمذي في البيوع وابن ماجة في الاحكام عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها الا عشر
أواق فهو عبد وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها الا عشرة دنانير فهو عبد
انتهى بلفظ أبي داود ولفظ الترمذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كاتب
عبده على مائة أوقية فأداها الا عشر أواق أو قال عشرة دراهم ثم عجر فهو رقيق
انتهى وقال غريب ولفظ بن ماجة أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها الا
عشر أواق ثم عجز فهو رقيق انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن عباس
الجريري عن عمرو بن شعيب به وكذلك الحاكم في المستدرك وقال صحيح
315

الاسناد ولم يخرجاه كلاهما بلفظ أبي داود وأخرج النسائي في سننه عن بن جريج
عن عطاء عن عبد الله بن عمرو أنه قال يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث
أفتأذن لنا أن نكتبها قال نعم فكان أول ما كتب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة لا
يجوز شرطان في بيع ولا بيع وسلف جميعا ولا بيع ما لم يضمن ومن كان مكاتبا على
مائة درهم فقضاها الا عشرة دراهم فهو عبد أو على مائة أوقية فقضاها الا أوقية
فهو عبد انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من
القسم الثالث قال النسائي هذا حديث منكر وهو عندي خطأ انتهى وذكره
عبد الحق في أحكامه من جهة النسائي ثم قال وعطاء هذا هو الخراساني ولم
يسمع من عبد الله بن عمرو شيئا ولا أعلم أحدا ذكر لعطاء سماعا من عبد الله بن
عمرو انتهى
واعلم أن النسائي وابن حبان لم ينسباه أعني عطاء وذكره بن عساكر في
أطرافه في ترجمة عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمرو لم يذكر في كتابه
لعطاء الخراساني عن عبد الله بن عمرو شيئا وكأنه وهم في ذلك فقد ذكر عبد الحق أنه
عطاء الخراساني وهو جاء منسوبا في مصنف عبد الرزاق فقال أخبرنا بن جريج
عن عطاء الخراساني عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
الحديث الثاني قال عليه السلام المكاتب عبد ما بقي عليه درهم قلت
أخرجه أبو داود في العتاق عن إسماعيل بن عياش عن سليمان بن سليم عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم
انتهى وفيه إسماعيل بن عياش لكنه عن شيخ شامي ثقة وأخرج بن عدي في
الكامل عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي سلمة
بن عبد الرحمن عن أم سلمة أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المكاتب عبد ما بقي عليه درهم أو أوقية
316

انتهى وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي داود والنسائي وابن معين
وقالوا كلهم فيه انه متروك قال بن عدي ولعل البلاء فيه من المسيب بن شريك
وهو الذي رواه عن سليمان فإنه شر من سليمان انتهى وروى مالك في الموطأ عن
نافع عن بن عمر موقوفا المكاتب عبد ما بقي عليه شئ من كتابته انتهى وأخرجه
بن أبي شيبة موقوفا على عمرو وعلي وزيد بن ثابت وعائشة لم يروه
مرفوعا أصلا
قوله وفيه اختلاف الصحابة يعني في المكاتب يبقى عليه شئ وأن زيدا
قال لا يعتق ولو بقي عليه درهم قلت أما حديث زيد فرواه الشافعي في مسنده
أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد أن زيد بن ثابت قال في المكاتب
هو عبد ما بقي عليه درهم انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان
317

الثوري عن بن أبي نجيح به سواء ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في سننه ورواه
بن أبي شيبة في مصنفه أخبرنا وكيع عن سفيان به وذكره البخاري في صحيحه
تعليقا وقال زيد بن ثابت هو عبد ما بقي عليه درهم انتهى وأما اختلاف
فقال البخاري في صحيحه وقالت عائشة هو عبد ما بقي عليه شئ
وقال بن عمر هو عبد إن عاش وإن مات وإن جن ما بقي عليه شئ وقال زيد بن
318

ثابت هو عبد ما بقي عليه درهم انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه قال المكاتب عبد ما بقي عليه درهم انتهى
ورواه بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع به
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن عبد الرحمن بن عبد الله عن
القاسم بن عبد الرحمن عن جابر بن سمرة أن عمر بن الخطاب قال إذا أدى المكاتب
إلا الشطر فلا رق عليه انتهى ورواه بن أبي شيبة بخلاف هذا فقال حدثنا
أبو خالد الأحمر عن بن أبي عروبة عن قتادة عن معبد الجهني عن عمر قال المكاتب
عبد ما بقي عليه درهم انتهى قال البيهقي والقاسم لا يثبت سماعه من بن سمرة
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن مغيرة أخبرني إبراهيم أن بن
مسعود قال إذا أدى قدر ثمنه فهو غريم انتهى
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن قتادة أن عائشة قالت هو عبد
ما بقي عليه شئ انتهى ورواه بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان عن ميمون
319

أن عائشة قالت لمكاتب لها يكنى أبا مريم ادخل وان لم يبق عليك الا أربعة دراهم
انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن أبي معاوية عن عمرو بن ميمون بن مهران عن
سليمان بن يسار عن عائشة قال استأذنت عليها فقالت من هذا قلت سليمان
قالت كم بقي عليك من مكاتبتك قلت عشرة أواق قالت ادخل فإنك عبد ما بقي
عليك درهم انتهى
حديث آخر قال بن أبي شيبة حدثنا زيد بن هارون عن عباد بن منصور عن حماد
بن إبراهيم عن عثمان قال المكاتب عبد ما بقي عليه درهم انتهى
حديث آخر قال عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن
الشعبي عن عليا قال في المكاتب يعجز قال يعتق بالحساب وقال زيد هو عبد
ما بقي عليه درهم وقال عبد الله بن مسعود إذا أدى الثلث فهو غريم انتهى
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرني عبد الكريم بن أبي
المخارق أن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة كانوا يقولون المكاتب عبد ما بقي عليه
درهم فخاصمهم زيد بأن المكاتب يدخل على أمهات المؤمنين ما بقي عليه شئ قال
بن جريج وحدثت أن عثمان قضى بأنه عبد ما بقي عليه شئ انتهى
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن أم سلمة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت المكاتب عبد ما بقي عليه درهم انتهى
حديث آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير
أن بن عباس قال إذا بقي على المكاتب خمس أواق أو خمس ذود أو خمسة أوسق
فهو غريم انتهى
حديث آخر قال بن أبي شيبة حدثنا حفص عن ليث عن مجاهد قال كن
أمهات المؤمنين لا يحتجبن عن المكاتب ما بقي عليه من مكاتبته مثقال أو دينار انتهى
320

فصل في المكاتبة الفاسدة
321

وباب ما يجوز للمكاتب أن يفعله خاليان
324

فصل
326

الحديث الثالث حديث أعتقها ولدها تقدم الاستيلاد وإجماع الصحابة
على أن ولد المغرور حر بالقيمة تقدم في الدعوى
327

فصل
328

باب من يكاتب عن العبد
331

باب كتابة العبد المشترك خالية
333

باب موت المكاتب وعجزه قوله قال علي رضي الله عنه إذا توالي على المكاتب نجمان رد في الرق
قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع حدثنا عباد بن العوام عن حجاج
عن حصين الحارثي عن علي قال إذا تتابع على المكاتب نجمان فلم يؤد نجمه رد في
الرق انتهى ورواه البيهقي في سننه من حديث الحارث عن علي
قوله روى عن بن عمر أن مكاتبة له عجزت عن نجم فردها قلت غريب
337

وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع وابن أبي زائدة عن أبان بن عبد الله
البجلي عن عطاء ان بن عمر كاتب غلاما له على ألف دينار فأداها إلا مائة فرده في
الرق انتهى
صلى الله عليه وسلم قوله قال علي وابن مسعود في المكاتب يموت وله مال يقضي ما عليه من ماله
ويعتق في آخر جزء من أجزاء حياته وعن زيد بن ثابت تبطل الكتابة بموت عبد قلت
أخرج البيهقي عن الشعبي قال كان زيد بن ثابت يقول المكاتب عبد ما بقي عليه
درهم لا يرث ولا يورث وكان علي يقول إذا مات المكاتب وترك مالا قسم ما
ترك على ما أدى وعلى ما بقي فما أصاب ما أدى فلورثته وما أصاب ما بقي
338

فلمواليه وكان عبد الله يقول يؤدى إلى مواليه ما بقي من مكاتبته ولورثته ما بقي
وروى أيضا من طريق الشافعي ثنا عبد الله بن الحراث عن بن جريج قال قلت لعطاء
المكاتب يموت وله ولد أحرارا ويدع أكثر مما بقي عليه من كتابته قال يقضى عنه ما
بقي من كتابته وما كان من فضل فلبنيه فقلت أبلغك هذا عن أحد قال زعموا أن
علي بن أبي طالب كان يقضي به وروى أيضا من طريق الشافعي ثنا عبد الله بن الحارث
عن بن جريج أخبرني بن طاوس عن أبيه أنه كان يقول يقضي عنه ما عليه ثم لبنيه ما
بقي وقال عمرو بن دينار ما أراه لبنيه وإنما لسيده قال الشافعي وبقول عمرو
339

بن دينار نقول وهو قول زيد بن ثابت قال البيهقي وهو أيضا قول بن عمر وعائشة
وإحدى الروايتين عن عمر انتهى وروى بن يونس في تاريخ مصر حدثنا إسحاق بن
إبراهيم بن يونس ثنا هناد بن السري ثنا أبو الأحوص أبي إسحاق عن قابوس بن المخارق
قال كنت عند محمد بن أبي بكر وهو علي مصر لعلي بن أبي طالب فكتب
محمد إلى علي في مكاتب مات وترك مالا فكتب إليه على خذ منه بقية مكاتبته
فادفعها إلى مواليه وما بقي فلعصبته انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في
الحدود أخبرنا سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن قابوس بن مخارق أن محمد بن
أبي بكر كتب إلى علي يسأله عن مسلمين تزندقا وعن مسلم زنى بنصرانية وعن
مكاتب مات وترك بقية من كتابته وأولادا أحرارا فكتب إليه علي أما الذي تزندقا
فان تابا والا فاضرب أعناقهما وأما المسلم فأقم عليه الحد وادفع النصرانية إلى أهل
دينها وأما المكاتب فيؤدى بقية كتابته وما بقي فولده الأحرار انتهى
340

الحديث الرابع قال عليه السلام في حديث بريرة هو لها صدقة ولنا هدية
قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت كان في بريرة ثلاث سنن عتقت
فخيرت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق ودخل النبي صلى الله عليه وسلم وبرمة على النار
341

فقرب إليه خبز وادام من أدم البيت فقال ألم أر البرمة فقيل لحم تصدق به على
بريرة وأنت لا تأكل الصدقة قال هو لها صدقة ولنا هدية انتهى
342

كتاب الولاء
الحديث الأول قال عليه السلام إن مولى القوم منهم وحليفهم منهم قلت
روى من حديث رفاعة بن رافع الزرقي ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عمرو بن
عوف ومن حديث عتبة بن غزوان
فحديث رفاعة بن رافع رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه
في كتاب الأدب حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل
بن عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى
القوم منهم وابن أختهم منهم وحليفهم منهم انتهى ومن طريق بن أبي شيبة
رواه الطبراني في معجمه ورواه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الأنفال
وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى ورواه البخاري في كتابه
المفرد في الأدب حدثنا عمرو بن خالد الحراني ثنا زهير ثنا عبد الله بن عثمان به وذكر
فيه قصة ولفظه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر أجمع لي قومك فجمعهم فلما حضروا
باب النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر فقال قد جمعت لك قومي فسمع ذلك الأنصار
343

فقالوا قد نزل في قريش الوحي فجاء المستمع والناظر ما يقال لهم فخرج النبي
صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم فقال هل فيكم من غيركم قالوا نعم فينا حليفنا وابن أختنا
وموالينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم حليف القوم إلى آخره ورواه أحمد أيضا حدثنا عفان ثنا بشر
بن المفضل ثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم به
وأما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا زريق بن السحت ثنا
محمد بن عمر بن واقد عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال حليف القوم منهم وابن أختهم منهم انتهى وسكت عنه
وأما حديث عمرو بن عوف فرواه الدارمي وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه
في مسانيدهم والطبراني في معجمه من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن
عوف عن أبيه عن جده عمرو بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا معهم فدخل
بينهم ثم قال ادخلوا علي ولا يدخل علي الا قرشي قال فتسللت فدخلت فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر قريش هل معكم أحد ليس منكم قالوا يا رسول الله معنا بن
الأخت والمولى والحليف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بن أخت القوم منهم وحليفهم
منهم ومولاهم منهم انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه إبراهيم الحربي في
كتابه غريب الحديث ثم قال والحليف أيمان كانوا يتحالفونها على أن يلزم بعضهم
بعضا انتهى
الله تعالى وأما حديث عتبة بن غزوان فرواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسن بن علي
العمري ثنا عبد الملك بن بشير الشامي ثنا عمر أبو حفص ثنا عتبة بن إبراهيم بن عتبة بن
غزوان عن أبيه عن عتبة بن غزوان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لقريش هل فيكم من
ليس منكم قالوا بن أختنا عتبة بن غزوان قال بن أخت القوم منهم وحليف القوم
منهم انتهى ورواه بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا
344

إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدي عن مصعب بن محمد بن شرحبيل عن محمد بن
شرحبيل بن حسنة عن عتبة بن غزوان فذكره ورد بعض الناس هذا القول أعني
التوارث بالحلف بقوله عليه السلام لا حلف في الاسلام أخرجه مسلم في آخر
الفضائل عن جبير بن مطعم
الحديث الثاني قال عليه السلام الولاء لمن أعتق قلت أخرجه الأئمة الستة
عن عائشة أنها لما اشترت بريرة اشترط أهلها أن ولاءها لهم فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم
فقال أعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق انتهى أخرجه البخاري في المكاتب
ومسلم وأبو داود في العتق والترمذي في الولاء والنسائي وابن ماجة في
الاحكام وأخرج مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال أرادت عائشة أن
تشتري جارية تعتقها فأبى أهلها الا أن يكون لهم الولاء فذكرت ذلك لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق انتهى قال عبد الحق في الجمع بين
الصحيحين وأخرجه البخاري من حديث بن عمر في المكاتب وفي
الفرائض
الحديث الثالث روى أنه مات معتق لابنة حمزة عنها وعن بنت فجعل النبي
صلى الله عليه وسلم المال بينهما نصفين قلت روى من حديث أمامة ابنة حمزة ومن حديث
345

بن عباس فحديث أمامة أخرجه النسائي وابن ماجة في سننيهما في الفرائض عن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد عن ابنة
حمزة بن عبد المطلب قالت مات مولى لي وترك ابنة له فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله
بيني وبين ابنته فجعل لي النصف ولها النصف انتهى ثم أخرجه النسائي عن
عبد الله بن عون عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد ان ابنة حمزة أعتقت مملوكا
لها فمات وترك ابنته ومولاته الحديث قال وهذا أولى بالصواب من حديث بن أبي
346

ليلى وابن أبي ليلى كثير الخطأ انتهى وابنة حمزة هذا اسمها أمامة صرح به الحاكم
في المستدرك فرواه في كتاب الفضائل عن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله
بن شداد وهو أخو أمامة بنت حمزة لامها عن أخته أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب
فذكره بلفظ النسائي وسكت عنه هكذا وقع في المستدرك اسمها أمامة قال بن
الأثير وهو الصحيح وقال بن عساكر في أطرافه ان لم تكن ابنة حمزة هذه
أمامة فلا أدري من هي انتهى قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حسين
الجعفي عن زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن
شداد عن فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب قالت مات مولى لي وترك ابنته فقسم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته فجعل لي النصف ولها النصف انتهى ومن طريق
بن أبي شيبة رواه الطبراني في معجمه ورواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا عبد الله بن
إدريس ثنا أبو إسحاق الشيباني عن عبيد بن أبي الجعد عن عبد الله بن شداد عن فاطمة
بنت حمزة فذكره هكذا وجدته في هذين الكتابين اسمها فاطمة والله أعلم
ورواه أبو داود في المراسيل عن شعبة عن الحكم عن عبد الله بن شداد قال أتدرون
ما ابنة حمزة كان أختي لأمي وأنها لأعتقت مملوكا لها فتوفي وترك ابنته ومولاته
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه بينهما نصفين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن شداد فذكره قال الثوري وأخبرني
بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ورواه بن أبي شيبة
أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور بن حبان عن عبد الله بن شداد فذكره
وأما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني في سننه في الفرائض عن
سليمان بن داود المنقري ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن بن عباس
347

أن مولى لحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف ولابنة
حمزة النصف انتهى قال صحاب التنقيح وسليمان بن داود هذا هو
الشاذكوني وقد ضعفوه وكذبه بن معين وغيره وقال أبو حاتم متروك الحديث
وقال البخاري هو عندي أضعف من كل ضعيف انتهى وفي هذا المتن أن المولى لحمزة وفي متن النسائي أن المولى
لابنته وأنها التي أعتقته فالله أعلم وفي مراسيل
أبي داود عن إبراهيم قال توفي مولى لحمزة بن عبد المطلب فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم بنت
حمزة النصف وقبض النصف انتهى وهذا مخالف لما تقدم
الحديث الرابع قال عليه السلام الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا
توهب ولا تورث قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث بن أبي أوفى
348

ومن حديث أبي هريرة استدل به المصنف على أن الأب يجر ولاء ابنه وفي الموطأ
عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام اشترى عبدا فأعتقه وللعبد
بنون من امرأة حرة فقال الزبير هم موالي وقال موالي أمهم هم موالينا فاختصموا
إلى عثمان بن عفان فقضى للزبير مولاهم انتهى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن الزبير نحوه
أما حديث بن عمر فله طرق أحدها عند بن حبان في صحيحه في القسم
الثاني عن بشر بن الوليد عن يعقوب بن إبراهيم عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا
يوهب انتهى ورواه الشافعي في مسنده أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي يوسف
349

القاضي يعقوب بن إبراهيم عن عبد الله بن دينار به ومن طريق الشافعي رواه الحاكم في
المستدرك في كتاب الفرائض وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه
انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه ثم قال وكان
الشافعي رواه عن محمد بن الحسن من حفظه فزل عن ذكر عبيد الله بن عمر في
إسناده وقد رواه محمد بن الحسن في كتاب الولاء عن أبي يوسف عن عبيد الله بن
عمر عن عبد الله بن دينار عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ الذي رواه عنه الشافعي
وهو حديث غير محفوظ وقد رواه جماعة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته هكذا رواه عبيد الله بن عمر فيما رواه عن مالك
وعبد الوهاب الثقفي والثوري وشعبة والضحاك بن عثمان وسفيان بن عيينة
وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وغيرهم وروي عن يحيى بن سليم الطائفي
عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر وهو وهم على عبيد الله في المتن والاسناد جميعا
وأصح ما فيه حديث هشام بن حسان عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء
لحمة كلحمة النسب لاتباع ولا توهب وهو مرسل انتهى كلامه
طريق آخر أخرجه الحاكم أبو عبد الله في كتاب مناقب الشافعي عن علي
350

بن سليمان الأحميمي ثنا محمد بن إدريس الشافعي ثنا محمد بن الحسن ثنا أبو يوسف
عن أبي حنيفة عن عبد الله بن دينار به قال الحاكم هكذا قال فيه عن أبي حنيفة
وهو وهم فإن الشافعي رواه عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن بن دينار نفسه
انتهى
طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن زياد ثنا يحيى بن
سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر به وقال لم يروه عن
إسماعيل بن أمية إلا يحيى بن سليم انتهى
وأما حديث بن أبي أوفى فأخرجه الطبراني في معجمه عن عبيد الله بن القاسم
الأسدي عن إسماعيل بن أبي خالد عن بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب انتهى ورواه بن عدي في
الكامل وأعله بعبيد بن القاسم ونقل عن بن معين أنه قال فيه كان كاذبا
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه بن عدي في الكامل عن يحيى بن أبي أنيسة
عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء
لحمة إلى آخره سواء وأعله بيحيى بن أبي أنيسة وأسند تضعيفه عن البخاري
والنسائي وأحمد وابن المديني وابن معين قال وأخوه زيد بن أبي أنيسة ثقة
وقال في أخيه يحيى هكذا إنه كذاب ووافقهم بن عدي على ذلك وقال هذا
الحديث ليس بمحفوظ انتهى قال الدارقطني في كتاب العلل روى أبو إسماعيل
الفارسي عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن بن عمر مرفوعا الولاء لحمة كلحمة
النسب لا يباع ولا يوهب لم يروه عن الثوري بهذا اللفظ غيره وغيره يرويه أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته ورواه محمد بن زياد الزراد عن يحيى بن
سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع به ووهم بن زياد في قوله إسماعيل بن
351

أمية وخالفه يعقوب بن كاسب فرواه عن يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع
به وهذا أشبه ورواه أيوب بن سليمان الأعور عن عبد العزيز بن مسلم القسملي عن
عبد الله بن دينار به لا يباع الولاء ولا يوهب ولا يورث فزاد فيه ولا يورث
ورواه الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عبد الله بن دينار به وقيل فيه
عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن عبد الله بن دينار ولا يصح فيه ذكر أبي حنيفة ورواه
بشر بن الوليد عن أبي حنيفة عن عبيد الله بن عمر عن بن دينار وهو أشبه انتهى
كلامه ولم أجده في شئ من طرق الحديث ولا يورث
الحديث الخامس قال عليه السلام للذي اشترى عبدا فأعتقه هو أخوك
ومولاك أن شكرك هو خير له وشر لك وإن كفرك فهو خير لك وشر له وإن
مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته قلت رواه الدارمي في مسنده أخبرنا
يزيد بن هارون عن الأشعث عن الحسن أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقال إني
اشتريت هذا فأعتقته فما ترى فيه قال أخوك ومولاك إن شكرك فهو خير له
وشر لك وإن كفرك فهو شر له وخير لك قال فما ترى في ماله قال إن مات ولم
يدع وارثا فلك ماله انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن عيينة عن
عمرو بن عبيد عن الحسن قال أراد رجل أن يشتري عبدا فلم يقض بينه وبين صاحبه
بيع وحلف رجل من المسلمين بعتقه فاشتراه فأعتقه فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن
شكرك فهو خير له وشر لك وإن كفرك فهو شر له وخير لك قال فكيف بميراثه
فقال عليه السلام إن لم تكن له عصبة فهو لك انتهى
الحديث السادس روي أنه عليه السلام ورث ابنة حمزة على سبيل العصوبة مع قيام
352

وارث قلت تقدم قريبا بجميع طرقه
قوله روي عن علي تقديمه على ذوي الأرحام يعني مولى العتاقة قلت
غريب عن علي وأخرجه عبد الرازق عن زيد بن ثابت فقال أخبرنا معمر عن قتادة
عن زيد بن ثابت كان يورث الموالي دون ذوي الأرحام انتهى وأخرج عن علي
خلاف ذلك فقال أخبرنا الثوري أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم قال كان
عمر وابن مسعود يورثان ذوي الأرحام دون الموالي قلت فعلي بن أبي طالب
فقال كان أشدهم في ذلك انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق
من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن أو دبرن أو دبر من دبرن أو جر ولاء
معتقهن قلت غريب وأخرجه البيهقي عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت
أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبير من العصبة ولا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن
أو أعتق من أعتقن انتهى وأخرج أيضا عن إبراهيم قال كان عمر وعلي
وزيد بن ثابت لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن وأخرج بن أبي شيبة في
مصنفه عن الحسن أنه قال لا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن
وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال لا ترث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو كاتبن
وأخرج نحوه عن بن سيرين وابن المسيب وعطاء والنخعي وأخرج عن علي
وعمر وزيد أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن انتهى وروي
353

عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن
علي بن أبي طالب قال لا ترث النساء من الولاء إلا ما كاتبن أو أعتقن قال الحاكم
وأخبرني إبراهيم عن بن مسعود مثله قال الحاكم وكان شريح يقوله وأخرج عن
الشعبي والنخعي كقول الحسن المتقدم
الله تبارك وتعالى قوله لان الولاء للكبير هو المروي عن عدة من الصحابة منهم عمر وعلي وابن
مسعود وغيرهم قلت تقدم قريبا للبيهقي عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت
أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبير من العصبة ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
الثوري عن منصور عن إبراهيم أن عمر وعليا وزيد بن ثابت كانوا يجعلون الولاء
للكبير انتهى ورواه الدارمي في مسنده أخبرنا يزيد بن هارون ثنا أشعث عن
354

الشعبي عن عمر وعلي وزيد أنهم قالوا الولاء للكبير قال يعنون بالكبير ما كان
أقرب بأم وأب انتهى ورواه من طريق آخري وزاد فيه بن مسعود ورواه القاسم
بن حزم السرقسطي في كتاب غريب الحديث أخبرنا محمد بن علي ثنا سعيد بن
منصور ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن علي وزيد وعبد الله أنهم كانوا يقولون
الولاء للكبير انتهى قال ومعناه لا قعد الناس بالمعتق يوم يموت المعتق انتهى وقال في
موضع آخر قال يعقوب الولاء للكبر بضم الكاف وهو أكبر ولد الرجل المعتق
انتهى وفي الموطأ مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه أخبره أن العاص
بن هشام هلك وترك ثلاث بنين اثنان لام ورجل لعلة فهلك أحد اللذين لام وترك
مالا وموالي فورثه أخوه الذي لأبيه وأمه ماله ومواليه ثم هلك الذي ورث المال
وولاء الموالي وترك ابنا وأخا لأبيه فقال ابنه قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال
وولاء الموالي وقال أخوه ليس كذلك إنما أحرزت المال وأما ولاء الموالي فلا
أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه
بولاء الموالي انتهى وينظر في مطابقته للفظ الكتاب
الحديث الثامن سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل أسلم على يد آخر ووالاه فقال
هو أحق الناس به محياه ومماته قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة في كتبهم في
الفرائض فأبو داود عن يحيى بن حمزة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال
سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم
الداري قال يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يد رجل من المسلمين قال
355

هو أولى الناس بمحياه ومماته انتهى وأخرجه الترمذي عن أبي أسامة وابن نمير
ووكيع ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن موهب عن تميم
الداري فذكره وقال هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب
ويقال وهب عن تميم الداري وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وبين تميم
الداري قبيصة بن ذؤيب هكذا رواه يحيى بن حمزة وهو عندي ليس بمتصل انتهى
وأخرجه النسائي عن أبي إسحاق عن عبد الله بن وهب عن تميم نحوه وعن عبد الله بن
داود عن عبد العزيز بن عمر عن عبد الله بن موهب عن تميم نحوه وأخرجه بن
ماجة عن وكيع عن عبد العزيز بن عمر عن عبد الله بن موهب عن تميم نحوه
وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب المكاتب عن عبد الله بن وهب القرشي
عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الدارمي قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يسلم على
356

يد الرجل فقال هو أولى الناس بمحياه ومماته انتهى وقال على شرط مسلم
وعبد الله بن وهب هو بن زمعة انتهى وتعقبه الذهبي في مختصره فقال لم
يخرج له إلا بن ماجة فقط ثم هو وهم من الحاكم فان بن زمعة لم يرو عن تميم
الداري وصوابه عبد الله بن موهب وكذا جاء في كتاب النسائي عن عبد الله بن
وهب انتهى كلامه ورواه أحمد وابن أبي شيبة والدارمي وأبو يعلى
الموصلي في مسانيدهم بالسند المنقطع فقط وكذلك الدارقطني في سننه
ورواه عبد الرزاق في مصنفه في الولاء حدثنا بن المبارك أخبرني عبد العزيز بن عمر
عن عبد الله بن وهب عن تميم وذكره البخاري في صحيحه تعليقا في الفرائض
357

فقال باب إذا أسلم على يديه ويذكر عن تميم الدارمي رفعه قال هو أولى الناس به
محياه ومماته وقد اختلفوا في صحة هذا الخبر انتهى وأخرجه الطبراني في
معجمه عن يحيى بن حمزة بسند أبي داود ثم أخرجه عن حفص بن غياث عن عبد
العزيز بن عمر بسند الترمذي قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي هذا حديث
ليس عندنا بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن بن وهب عن تميم الداري وابن
موهب ليس بالمعروف عندنا ولا لقي تميما فيما نعلم ومثل هذا لا يثبت عندنا
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي هذا خطأ بن موهب لم يسمع من تميم ولا لحقه
انتهى وقال البيهقي في كتاب مناقب الشافعي وقد صرح بعض الرواة فيه بسماع
بن وهب من تميم وضعفه البخاري وأدخل بعضهم بينه وبين تميم قبيصة وهو أيضا
ضعيف وقد بيناه في كتاب السنن انتهى وقال بن القطان في كتابه وعلة هذا
الحديث الجهل بحال عبد الله بن موهب فإنه لا يعرف حاله وكان قاضي فلسطين
ولم يعرفه بن معين وقد اختلفوا فيه على عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز فرواه
الترمذي من حديث أبي أسامة وابن نمير ووكيع عنه عن عبد الله بن موهب عن تميم
الداري ورواه يحيى بن حمزة عنه فأدخل بينهما قبيصة بن ذؤيب وهو الأصوب
وعبد العزيز هذا ليس به بأس والحديث من أجل عبد الله بن موهب هذا لا يصح انتهى
كلامه وقال الخطابي وقد ضعف أحمد بن حنبل هذا الحديث وقال
358

إن رواية عبد العزيز ليس من أهل الحفظ والاتقان وقال بن المنذر لم يروه غير عبد
العزيز بن عمر وهو شيخ ليس من أهل الحفظ وقد اضطربت روايته فيه قلت عبد
العزيز هذا من رجال الصحيحين وقال بن معين ثقة روى يسيرا وقال أبو زرعة
لا بأس به وقال أبو نعيم ثقة وقال بن عمار ثقة لا اختلاف فيه
أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه من
حديث معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم بن عبد العزيز عن أبي أمامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على يديه رجل فولاؤه له انتهى ورواه بن عدي
في الكامل وأعله بمعاوية بن يحيى وأسند تضعيفه عن بن معين والنسائي
وابن المديني ووافقهم وقال في رواياته نظر انتهى ورواه بن عدي أيضا من
حديث جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة وأعله بجعفر بن الزبير وذكره
عبد الحق في أحكامه من جهة بن عدي وقال جعفر متروك وكان رجلا صالحا
انتهى
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا بقية بن الوليد حدثني
كثير بن مرة النهراني ثنا شيخ من باهلة عن عمرو بن العاص أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال إن رجلا أسلم على يدي وله مال وقد مات قال فلك ميراثه انتهى ومن
طريق إسحاق رواه الطبراني في معجمه
أثر رواه بن أبي شيبة في مصنفه في الديات حدثنا عبد السلام بن حرب عن
خصيف عن مجاهد أن رجلا أتى عمر فقال إن رجلا أسلم على يدي فمات وترك
ألف درهم فتحرجت منها فقال أرأيت لو جنى جناية على من تكون قال علي
قال فميراثه لك انتهى
359

كتاب الاكراه
361

الحديث الأول حديث عمار بن ياسر لما ابتلي بالاكراه قال له النبي صلى الله عليه وسلم
كيف وجدت قلبك فقال مطمئنا بالايمان قال فان عادوا فعد قلت رواه
الحاكم في المستدرك في تفسير سورة النحل من حديث عبيد الله بن عمرو الرقي
عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال
أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صل الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير
ثم تركوه فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له عليه السلام ما وراءك قال شر يا رسول
الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال فكيف تجد قلبك قال
مطمئنا بالايمان قال فان عادوا فعد انتهى وقال حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه وكذلك رواه البيهقي في المعرفة وأبو نعيم في الحلية
في ترجمة عمار ورواه عبد الرزاق في مصنفه أنا معمر عن عبد الكريم الجزري به
وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده في مسند عمار بن ياسر ولم
يعزه شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره إلا للاستيعاب
364

الحديث الثاني روي أن خبيبا رضي الله عنه صبر على الاكراه حتى صلب
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء وقال فيه هو رفيقي في الجنة قلت غريب وقتل
خبيب في صحيح البخاري في مواضع وليس فيه أنه صلب ولا أنه أكره ولا أن
النبي صلى الله عليه وسلم سماه سيد الشهداء ولا قال فيه هو رفيقي في الجنة أخرجه في الجهاد
عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عينا وأمر
عليهم عاصم بن ثابت فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا لحي من
هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتى
أتوا منزلا نزلوه فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة فقالوا هذا تمر يثرب فتتبعوا
آثارهم حتى لحقوهم فلما انتهى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد وجاء القوم فأحاطوا
بهم فقالوا لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا قال عاصم أما أنا
فلا أنزل في ذمة كافر اللهم أخبر عنا نبيك فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصما في
سبعة نفر بالنبل وبقي خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق
فنزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث
الذي معهما هذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم
365

فلم يفعل فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة فاشترى خبيبا بنو
الحارث بن عامر بن نوفل وكان خبيب قتل الحارث يوم بدر فمكث عندهم أسيرا حتى
إذا أجمعوا على قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته قالت
فغفلت عن صبي لي قد رجع إليه حتى أتاه فوضعه على فخده فلما رأيته فزعت
فزعة عرف ذلك مني وفي يده الموسى فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لافعل ذلك
إن شاء الله وكانت تقول ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب لقد رأيته يوما يأكل من
قطف عنب وما بمكة يومئذ تمرة وأنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزقا رزقه الله
فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال دعوني أصلي ركعتين فصلى ثم رجع إليهم
فقال لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت فكان أول من سن الركعتين عند
366

القتل هو ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم قال
ولست أبالي حين أقتل مسلما * على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الاله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله وبعثت قريش إلى عاصم بن ثابت ليأتوا بشئ من
جسده يعرفونه وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر فبعث الله عليه مثل
الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شئ انتهى قال
عبد الحق وقصة خبيب كانت في غزوة الرجيع وغزوة الرجيع كانت بعد أحد
وأخرجه أبو داود والنسائي عن عمرو بن جارية الثقفي عن أبي هريرة فذكره
لكن ورد أنه أكره ذكره الواقدي في المغازي فقال بعد أن رواه بلفظ البخاري
مطولا وحدثني قدامة بن موسى عن عبد العزيز بن زمامة عن عروة بن الزبير عن نوفل
بن معاوية الديلي قال لما صلى خبيب الركعتين حملوه إلى خشبة فأوثقوه رباطا ثم
قالوا له ارجع عن الاسلام قال لا والله لا أفعل ولو أن لي ما في الأرض جميعا
قال فجعلوا يقولون له ارجع عن الاسلام وهو يقول والله لا أرجع أبدا فقالوا له
واللات والعزى لئن لم تفعل لنقتلنك قال إن قتلي في الله لقليل ثم قال اللهم إني لا
367

أرى هنا إلا وجه عدو وليس ههنا أحد يبلغ رسولك عني السلام فبلغه أنت عني
السلام قال وحدثني أسامة بن زيد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع أصحابه
إذ قال وعليه السلام ورحمة الله فقيل له في ذلك فقال هذا جبرائيل يقرئني السلام
من خبيب قال ثم دعوا من أبناء من قتل ببدر أربعين غلاما فقالوا لهم هذا الذي قتل
أباكم فطعنوه برماحهم حتى قتلوه قال وكان عقبة بن الحارث يقول والله ما أنا
بالذي قتلت خبيبا أن كنت يومئذ لغلاما صغيرا ولكن رجلا من بني عبد الدار يقال له
أبو ميسرة أمسك بيدي على الحربة ثم جعل يطعنه حتى قتله انتهى والمعروف في قوله
عليه السلام سيد الشهداء أنه حمزة رواه الحاكم في المستدرك في الفضائل
368

من حديث جابر ومن حديث علي فحديث جابر أخرجه من طريقين أحدهما عن حميد الصفار عن إبراهيم
الصائغ عن عطاء بن أبي رباح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد الشهداء حمزة بن
عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله انتهى وقال حديث
صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال حميد
الصفر لا يدري من هو انتهى الثاني عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال
سمعت جابر بن عبد الله يقول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء عند الله يوم
القيامة حمزة وذكر فيه قصة وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأقره
الذهبي عليه
وحديث علي أخرجه هو والطبراني في معجمه عن أبي إسحاق الشيباني
عن علي بن حزور عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال إن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله
الرسل وأفضل الناس بعد الرسل الشهداء وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب
وقد تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب انتهى
وسكت عنه
369

حديث آخر ورد نحو ذلك في بلال رواه البزار في مسنده من حديث زيد
بن أرقم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم المرء بلال وهو سيد الشهداء والمؤذنون أطول أعناقا
يوم القيامة وينظر بقية السند والمتن
370

كتاب الحجر
الحديث الأول قال عليه السلام كل طلاق واقع الاطلاق الصبي والمعتوه
قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الترمذي في الطلاق عن عطاء بن عجلان عن
371

عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل طلاق جائز
الاطلاق المعتوه المغلوب عن عقله انتهى وقال حديث لا نعرفه مرفوعا الا من
حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث انتهى وتقدم الحديث في
الطلاق
حديث رفع القلم عن ثلاث روى من حديث عائشة ومن حديث علي
ومن حديث أبي قتادة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث ثوبان وشداد بن أوس
فحديث عائشة أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن حماد بن سلمة عن
حماد وهو بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلي حتى يبرأ وعن الصبي
حتى يكبر انتهى أخرجه أبو داود في الحدود والنسائي وابن ماجة في
الطلاق ورواه الحاكم في كتاب المستدرك في أواخر الصلاة وقال حديث
372

صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ولم يعله الشيخ في الامام بشئ
وإنما قال هو أقوى إسنادا من حديث علي وقال صاحب التنقيح حماد بن أبي
سليمان وثقه النسائي والعجلي وابن معين وغيرهم وتكلم فيه بن سعد
والأعمش وروى له مسلم مقرونا بغيره
وحديث علي له طرق فأمثلها ما رواه أبو داود من طريق بن وهب عن جرير بن
حازم عن سليمان بن مهران وهو الأعمش عن أبي ظبيان حصين بن جندب عن بن
عباس قال مر علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان وقد زنت فأمر عمر بن الخطاب
برجمها فردها علي وقال لعمر يا أمير المؤمنين أترجم هذه قال نعم قال أو ما
تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاث عن المجنون المغلوب على عقله
وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم قال صدقت فخلى عنها انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك في الصلاة وفي البيوع وقال صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه وقال الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث يرويه أبو
ظبيان واختلف عنه فرواه سليمان الأعمش عنه واختلف عليه فرواه جرير بن حازم
عن الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن علي وعمر وتفرد
به بن وهب عن جرير بن حازم وخالفه بن فضيل ووكيع فرواه عن الأعمش عن
أبي ظبيان عن بن عباس عن علي وعمر موقوفا ورواه عمار بن رزيق عن الأعمش عن
أبي ظبيان موقوفا ولم يذكر بن عباس وكذلك رواه سعيد بن عبيدة عن أبي ظبيان
موقوفا ولم يذكر بن عباس ورواه أبو حصين عن أبي ظبيان عن بن عباس عن
علي وعمر موقوفا واختلف عنه فقيل عن أبي ظبيان عن علي موقوفا قاله أبو بكر
بن عياش وشريك عن أبي حصين ورواه عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي
373

وعمر مرفوعا حدث به عنه حماد بن سلمة وأبو الأحوص وجرير بن عبد الحميد
وعبد العزيز بن عبد الصمد وغيرهم وقول وكيع وابن فضيل أشبه بالصواب
انتهى
طريق آخر أخرجه أبو داود عن أبي الضحى وهو مسلم بن صبيح بضم الصاد
وفتح الباء الموحدة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة عن
النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل انتهى وهو
منقطع قال الشيخ تقي الدين تابعا لشيخه زكي الدين المنذري أبو الضحى لم يدرك
علي بن أبي طالب انتهى
طريق آخر أخرجه أبو داود عن أبي الأحوص وجرير كلاهما عن عطاء بن
السائب عن أبي ظبيان قال أتى عمر بامرأة قد فجرت فأمر برجمها فأتى علي
فأخذها فخلى سبيلها فأخبر عمر فقال ادعوا لي عليا فجاء فقال يا أمير
المؤمنين لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ
وعن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يبرأ وأن هذه معتوهة بني فلان لعل الذي
أتاها أتاها وهي في بلائها قال فقال عمر لا أدري فقال علي وأنا أدري
وأخرجه النسائي في الرجم عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن عطاء بن السائب به
وأخرجه أحمد في مسنده عن حماد بن سلمة عن عطاء به وقال في آخره فلم
يرجمها قال الشيخ تقي الدين وهذه الرواية يتوقف اتصالها على لقاء أبي ظبيان لعلي
وعمر لأنه حكى واقعه ولم يذكر أنه شاهدها فهي محتملة الانقطاع ولكن
الدارقطني أثبت لقاءه لهما فسئل في علله هل لقي أبو ظبيان عليا وعمر فقال
نعم قال وعلى تقدير الاتصال فعطاء بن السائب اختلط بأخرة قال الإمام أحمد
وابن معين من سمع منه حدثنا حديثا فليس بشئ ومن سمع منه قديما قبل
فلينظر في هؤلاء المذكورين وحال سماعهم منه وأيضا فهو معلول بالوقف كما رواه
النسائي من حديث أبي حصين بفتح الحاء وكسر الصاد عن أبي ظبيان عن علي
374

قوله قال النسائي وأبو حصين أثبت من عطاء بن السائب انتهى
طريق آخر أخرجه بن ماجة عن القاسم بن يزيد عن علي قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يرفع القلم عن الصغير والمجنون والنائم انتهى قال الشيخ تقي الدين
تابعا لشيخه المنذري القاسم هذا لم يدرك عليا وكذلك في أطراف بن
عساكر
طريق آخر أخرجه الترمذي في الحدود والنسائي في الرجم عن همام عن
قتادة عن الحسن عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى
يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل انتهى قال الترمذي
حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى عن علي من غير وجه ولا نعرف
للحسن سماعا من علي وفي الباب عن عائشة انتهى وأخرجه النسائي عن يزيد بن
ذريع عن يونس عن الحسن عن علي
قوله ثم قال وحديث يونس أشبه بالصواب من حديث همام انتهى قال بن
عساكر في أطرافه قلت قد رواه سعيد عن قتادة عن الحسن مرفوعا ورواه هشيم
عن يونس عن الحسن فرفعه أيضا انتهى قلت الروايتان في مسند أحمد عن سعيد
عن قتادة عن الحسن أن عمر أراد أن يرجم مجنونة فقال له علي سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الطفل حتى يحتلم
وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل فدرأ عنها عمر انتهى وعن هشيم عن يونس عن
الحسن عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رفع القلم عن ثلاثة عن النائم
حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن المصاب حتى يكشف عنه انتهى
وأما حديث أبي قتادة فأخرجه الحاكم في المستدرك في الحدود عن سعيد
بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن أبي رباح عن أبي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يصح وعن الصبي
375

حتى يحتلم انتهى وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه
وأما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا حمدان بن عمر ثنا سعد
بن عبد الحميد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يكبر
وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق انتهى وسكت عنه
وأما حديث ثوبان وشداد فرواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا
عبد الرحمن بن مسلم الرازي ثنا عبد المؤمن بن علي الزعفراني ثنا عبد السلام بن حرب
عن برد بن سنان عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني قال أخبرني غير واحد من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثوبان وشداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع
القلم عن ثلاث إلى آخر لفظ السنن في حديث عائشة ولم يذكر الشيخ في
الامام الا حديث علي وعائشة
الحديث الثاني قال عليه السلام لا يملك العبد والمكاتب شيئا الا الطلاق
قلت غريب وأخرج بن ماجة في سننه في الطلاق عن بن لهيعة عن موسى بن
أيوب الغافقي عن عكرمة عن بن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله
ان سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها قال فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر
وقال يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق
لمن أخذ بالساق انتهى وابن لهيعة ضعيف وأخرجه الدارقطني في سننه عن
376

بقية عن أبي الحجاج المهري وبقية غالب شيوخه مجاهيل وهذا منهم وأخرجه بن
عدي في الكامل عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك
قال جاء مملوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان سيدي زوجني أمته الحديث
باب الحجر للفساد
377

قوله ومن مذهب بن عمر في القارن لا يجزئه الا بدنة وهي جزور أو
بقرة ولا يجزئه شاة قلت غريب وروى الطبراني في كتاب مسند الشاميين
حدثنا أبو زرعة ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرني شعيب عن الزهري أخبرني سالم بن
عبد الله بن عمر كان يقول لا أعلم الهدي الا من الإبل والبقر وكان عبد الله بن
عمر لا ينحر في الحج الا الإبل والبقر فإن لم يجد لم يذبح لذلك شيئا انتهى ورواه
مالك في الموطأ في الحج أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر كان يقول ما
استيسر من الهدي بدنة أو بقرة انتهى يعني قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى
الحج فما استيسر من الهدي
380

فصل في حد البلوغ
قوله عن بن عباس في قوله تعالى حتى يبلغ أشده أن أشد الصبي ثمان
381

عشرة سنة قلت غريب ونقل عن البغوي أنه قال عن بن عباس حتى إذا بلغ
أشده نهاية قوته وغاية شبابة واستوائه وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين
وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أحمد بن لبيد ثنا صفوان بن صالح
ثنا الوليد بن مسلم ثنا صدقة بن يزيد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير
عن بن عباس في قوله تعلى حتى إذا بلغ أشده قال ثلاث وثلاثون سنة وهو
الذي رفع عليه عيسى بن مريم انتهى ورواه بن مردويه في تفسيره عن عبد الله بن
عثمان بن خيثم عن مجاهد عن بن عباس في قوله حتى إذا بلغ أشده قال تسعا
وثلاثين سنة
باب الحجر بسبب الدين
382

حديث واحد قال عليه السلام لصاحب الحق يد ولسان قلت رواه
384

الدارقطني في سننه حدثنا أبو علي الصفار ثنا عباس بن محمد ثنا أبو عاصم ثنا ثور
بن يزيد عن مكحول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لصاحب الحق اليد واللسان
انتهى وهو مرسل ورواه بن عدي في الكامل عن محمد بن معاوية أبي
معاوية النيسابوري ثنا بقية عن محمد بن زياد عن أبي عتبة الخولاني قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لصاحب الحق اليد واللسان انتهى وأخرج البخاري في
385

الاستقراض ومسلم في البيوع عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أتى النبي
صلى الله عليه وسلم رجل يتقاضاه فأغلظ له فهم به أصحابه فقال دعوه فان لصاحب الحق
مقالا انتهى
386

كتاب المأذون
387

حديث واحد قال عليه السلام الزارع مأجور به قلت غريب جدا
388

كتاب الغصب
397

الحديث الأول قال عليه السلام على اليد ما أخذت حتى ترد قلت أخرجه
أصحاب السنن الأربعة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤدي ثم نسي الحسن فقال هو أمينك
لا ضمان عليه انتهى قال الترمذي حديث حسن أخرجه أبو داود والترمذي في
البيوع والنسائي في العارية وابن ماجة في الاحكام وليس في حديثه قصة
الحسن ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والحاكم في
المستدرك في البيوع وقال حديث صحيح على شرط البخاري انتهى وتعقبه
الشيخ تقي الدين في الامام فقال وليس كما قال بل هو على شرط الترمذي
انتهى قال المنذري وقول الترمذي فيه حديث حسن يدل على أنه يثبت سماع
الحسن عن سمرة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع وقال فيه
حتى تؤديه بالهاء قال بن القطان في كتابه وهو بزيادة الهاء موجب لرد العين
ما كانت قائمة انتهى وقال بن طاهر في كلامه على أحاديث الشهاب إسناده حسن
متصل وإنما لم يخرجاه في الصحيح لما ذكر من أن الحسن لم يسمع من سمرة الا
حديث العقيقة انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لا يحل لاحد أن يأخذ مال أخيه لاعبا ولا
جادا فان أخذه فليرده عليه قلت روى من حديث يزيد بن السائب ومن حديث
بن عمر
398

فحديث يزيد أخرجه أبو داود في كتاب الأدب في باب المزاح والترمذي
في أول الفتن عن بن أبي ذئب عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده
يزيد بن السائب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا
لاعبا وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه انتهى قال الترمذي حديث
حسن غريب لا نعرفه الا من حديث بن أبي ذئب والسائب بن يزيد له صحبة
سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام وقبض عليه السلام والسائب بن سبع سنين وأبوه
يزيد بن السائب هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث انتهى ورواه أحمد
وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وسمي بن راهويه في مسنده بن أبي ذئب
محمد بن عبد الرحمن وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم والبخاري في كتابه
399

المفرد في الأدب والحاكم في المستدرك في الفضائل وسكت عنه قال
الحاكم وابنه السائب بن يزيد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه ثم أسند إلى السائب بن
يزيد قال حج أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وأنا بن سبع سنين قال بن نمير وفيها
مات وهي سنة إحدى وتسعين انتهى
400

الحديث الثالث قال عليه السلام في الشاة المذبوحة المصلية بغير رضاء صاحبها
أطعموها الأسارى قلت روى من حديث رجل من الأنصار ومن حديث أبي
موسى
فحديث الرجل رواه أبو داود في سننه في أول البيوع حدثنا محمد بن العلاء
ثنا بن إدريس أنبأ عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع
من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجئ
403

بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في
فيه ثم قال إني أجد لحم شاة أخذت بغير اذن أهلها فأرسلت المرأة يا رسول الله
إني أرسلت إلى البقيع ليشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة
أن أرسل إلي بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت بها إلي فقال عليه
السلام أطعميه الأسارى انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا معاوية بن عمرو
ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن عاصم بن كليب عن أبيه أن رجلا من الأنصار قال
فذكره وهذا سند الصحيح الا أن كليب بن شهاب والد عاصم لم يخرجا له في
الصحيح وخرج له البخاري في جزئه في رفع اليدين وقال فيه بن سعد ثقة
وذكره بن حبان في الثقات ولا يضره قول أبي داود عاصم بن كليب عن أبيه عن
جده ليس بشئ فان هذا ليس من روايته عن أبيه عن جده والله أعلم ورواه محمد
بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن عاصم بن كليب به قال محمد بن
الحسن ولو كان هذا اللحم باقيا على ملك مالكه الأول لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يطعم
للأسارى ولكن لما رآه خرج من ملك الأول وصار مضمونا على الذي أخذه أمر بإطعامه لان من ضمن شيئا فصار له من وجه غصب فان الأولى أن يتصدق به
ولا يأكله وكذلك ربحه انتهى كلامه وأخرجه الدارقطني في سننه في الضحايا
عن حميد بن الربيع ثنا بن إدريس به وحميد بن الربيع هو الخزار بخاء معجمة
404

وزاي مكررة قال بن الجوزي في التحقيق كذاب وتعقبه صاحب التنقيح
فقال وثقه عثمان بن أبي شيبة وقد تابعه محمد بن العلاء كما رواه أبو داود انتهى
وأخرجه أيضا عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب به ثم أخرج عن عبد
الواحد بن زياد قال قلت لأبي حنيفة من أين أخذت قولك في الرجل يعلم في مال
الرجل بغير اذنه انه يتصدق بالربح قال أخذته من حديث عاصم بن كليب هذا
انتهى
وأما حديث أبي موسى فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن القاسم
الطائي ثنا بشر بن الوليد ثنا أبو يوسف القاضي عن أبي حنيفة عن عاصم بن كليب عن أبي
بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار قوما من الأنصار في دارهم فذبحوا له شاة
فصنعوا له منها طعاما فأخذ من اللحم شيئا ليأكله فمضغه ساعة لا يسيغه فقال ما
شأن هذا اللحم قال شاة لفلان ذبحناها حتى يجئ نرضه من ثمنها فقال عليه
السلام أطعموها الأسارى انتهى ورواه في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن
القاسم الطائي ثنا بشر بن الوليد به والمصنف استدل بالحديث على أن الغاصب يملك
العين المغصوبة إذا غيرها تغيرا يخرجها عن أصلها ووجه الحجة أن ملك صاحبها زال
عنها بذلك ولولا ذلك لكان يأمر بردها عليه واحتج الخصم بحديث لا يحل مال
امرئ مسلم الا بطيب نفسه أخرجه الدارقطني في سننه في البيوع عن عمارة بن
405

حارثة الضمير عن عمرو بن يثربي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
بمنى فسمعته يقول لا يحل لامرئ من مال أخيه شئ إلا ما طابت به نفسه فقلت له يا
رسول الله أرأيت ان لقيت غنم بن عم لي فأخذت منها شاة فاجتزرتها أعلى في
ذلك شئ قال إن لقيتها تحمل شفرة وأزنادا فلا تمسها انتهى وإسناده جيد
وأخرج نحوه عن أنس بإسنادين في الأول مجاهيل وفي الثاني علي بن زيد بن
جدعان والله أعلم
406

الحديث الرابع قال عليه السلام ليس لعرق ظالم حق قلت روى من حديث
سعيد بن زيد ومن حديث رجل ومن حديث عائشة ومن حديث عبادة بن الصامت
ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث عمرو بن عوف المزني
فحديث سعيد بن زيد أخرجه أبو داود في الخرج والترمذي في الاحكام
والنسائي في إحياء الموات عن عبد الوهاب الثقفي ثنا أيوب عن هشام بن عروة عن
عروة عن سعيد بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيى أرضا ميتة فهي له
407

وليس لعرق ظالم حق انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وقد رواه جماعة
عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلا انتهى قلت منهم مالك في الموطأ قال بن
عبد البر في التقصي أرسله جميع الرواة عن مالك لا يختلفون في ذلك انتهى
وقال أبو داود قال هشام العرق الظالم أن يغرس الرجل في أرض غيره فيستحقها
بذلك وقال مالك العرق الظالم كل ما أخذ واحتفر وغرس بغير حق انتهى
وأخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن عروة مرسلا وقال
الدارقطني في كتاب العلل تفرد به عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام عن أبيه
عن سعيد بن زيد واختلف فيه على هشام فرواه الثوري عن هشام عن أبيه قال
حدثني من لا أتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه جرير بن عبد الحميد وقال يحيى بن سعيد
ومالك بن أنس وعبد الله بن إدريس ويحيى بن سعيد الأموي عن هشام عن أبيه
مرسلا انتهى
408

وأما حديث الرجل فأخرجه أبو داود عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه مرفوعا نحوه قال عروة
فلقد خبرني الذي حدثني بهذا الحديث وفي لفظ
فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر ظني أنه أبو سعيد ان رجلين اختصما
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض غرس أحدهما فيها نخلا والأرض للآخر فقضى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالأرض لصاحبها وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله وقال ليس لعرق ظالم
حق قال فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث أنه رأى النخل تقلع أصولها بالفؤوس
انتهى
وأما حديث عائشة فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا زمعة عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد بلاد الله والعباد
عباد الله ومن أحيى من موات الأرض شيئا فهو له وليس لعرق ظالم حق انتهى
409

ومن طريق الطيالسي الدارقطني في سننه والبزار في مسنده وأخرجه
الطبراني في معجمه الوسط عن رواد بن الجراح ثنا نافع بن عمر عن بن أبي مليكة
عن عروة بن الزبير عن عائشة نحوه
وأما حديث عبادة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا يوسف القاضي ثنا محمد
بن أبي بكر المقدمي ثنا الفضل بن سليمان عن موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن
الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت قال إنه من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه ليس لعرق ظالم حق انتهى
وأما حديث عمرو بن عوف فأخرجه إسحاق بن راهويه والبزار في مسنديهما
والطبراني في معجمه وابن عدي في الكامل عن كثير بن عبد الله بن عمرو
410

بن عوف المزني حدثني أبي أن أباه أخبره انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أحيى أرضا مواتا
من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له وليس لعرق ظالم حق انتهى وأعله بن
عدي بكثير بن عبد الله وضعفاه عن النسائي وأحمد وابن معين تضعيفا شديدا
وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الطبراني في معجمه عن مسلم بن
بن خالد الزنجي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا باللفظ الأول قال
أبو عبيد في كتاب الأموال وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالف ذلك ثم أخرج
عن شريك عن أبي إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال من زرع في أرض قوم بغير اذنهم فله نفقته وليس له من الزرع شئ فقضى على
رب الأرض بنفقة الزارع وجعل الزرع لرب الأرض قال والفرق بين الزرع والنخل
أن الزرع إنما يمكث في الأرض سنة فإذا انقضت السنة رجعت الأرض إلى ربها وصار
411

للآخر نفقته فصار هذا أرشد من قلع الزرع بقلا وليس النخل كذلك فإنه مؤبد في
الأرض ولا وقت ينتظر لقلعه فلم يكن لتأخير نزعها وجه انتهى كلامه
412

كتاب الشفعة
الحديث الأول قال عليه السلام الشفعة لشريك لم يقاسم قلت غريب
وأخرجه مسلم عن عبد الله بن إدريس عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع
حتى يؤذن شريكه فان شاء أخذ وان شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به
انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال لم يقل في هذا الحديث لم يقسم
الا بن إدريس وهو من الثقات الحفاظ انتهى وأخرجه مسلم أيضا عن بن وهب عن
بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل شرك
في أرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع
فان أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام جار الدار أحق بالدار والأرض ينتظر له وإن كان
غائبا إذا كان طريقهما واحدا قلت هو مركب من حديثين فصدر الحديث
أخرجه أبو داود والنسائي في البيوع والترمذي في الاحكام والنسائي في الشروط
418

فأبو داود والنسائي عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة والترمذي عن إسماعيل
بن علية عن سعيد عن قتادة به ان النبي صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بدار الجار والأرض
انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده
والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه وفي بعض ألفاظهم جار الدار
أحق بشفعة الجار وأخرجه النسائي أيضا عن عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة عن الحسن عن سمرة وأخرجه أيضا عن عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا جار الدار أحق بالدار انتهى وبهذا الاسناد رواه بن
حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم الثالث ثم قال وهذا
الحديث إنما ورد في الجار الذي يكون شريكا دون الجار الذي ليس بشريك يدل عليه
ما أخبرنا وأسند عن عمرو الشريد قال كنت مع سعد بن أبي وقاص والمسور بن
مخرمة فجاء أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لسعد بن مالك اشتر مني بيتي
الذي في دارك فقال لا الا بأربعة آلاف منجمة فقال أما والله لولا أني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بشفعة ما بعتكها لقد أعطيت بها بخمسمائة دينار
انتهى قلت هذا معارض بما أخرجه النسائي وابن ماجة عن حسين المعلم عن
عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه ان رجلا قال يا رسول الله أرضي ليس
فيها لاحد شرك ولا قسم الا الجوار فقال الجار أحق بشفعة ما كان انتهى ورواه
البزار في مسنده وقال ويروي هذا الحديث عن الحسن عن سمرة وعيسى بن
يونس جمع بين الطريقين أعني عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة
وعن بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال
وهم فيه عيسى بن يونس وغيره يرويه عن قتادة عن الحسن عن سمرة هكذا رواه
شعبة وغيره وهو الصواب انتهى قال بن القطان في كتابه وقد مالا بهذا
419

القول على عيسى بن يونس فإنه ثقة ولا يبعد أن يكون جمع بين الروايتين أعني عن
أنس وعن سمرة وقد ورد ما يعضد ذلك قال قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن
إسماعيل ثنا نعيم بن حماد ثنا عيسى بن يونس عن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وبه عن
قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا فذكره قال وعيسى بن يونس ثقة فوجب
تصحيح ذلك عنه انتهى
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا همام أنبأ قتادة عن عمرو بن
شعيب عن الشريد بن سويد الثقفي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال جار أحق بالدار من غيره
انتهى وبقية الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الملك بن أبي سليمان
عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق
بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحد انتهى قال الترمذي
حديث حسن غريب ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان
عن عطاء عن جابر وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث وعبد الملك
ثقة مأمون عند أهل الحديث لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث
انتهى وقال المنذري في مختصره قال الشافعي يخاف أن لا يكون محفوظا
وأبو سلمة حافظ وكذلك أبو الزبير ولا يعارض حديثهما بحديث عبد الملك وسئل
الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال هو حديث منكر وقال يحيى لم يحدث به الا
عبد الملك وقد أنكره الناس عليه وقال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل البخاري
عن هذا الحديث فقال لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به ويروي
عن جابر خلاف هذا انتهى كلامه وقال صاحب التنقيح واعلم أن حديث
عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح ولا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة
وهي الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فان في حديث عبد الملك
إذا كان طريقها واحدا وحديث جابر المشهور لم ينف فيه استحقاق الشفعة الا بشرط
420

تصرف الطرق فيقول إذا اشترط الجاران في المنافع كالبئر أو السطح أو الطريق
فالجار أحق بصقب جاره لحديث عبد الملك وإذا لم يشتركا في شئ من المنافع فلا
شفعة لحديث جابر المشهور وطعن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدح
فيه فإنه ثقة وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر
تعارضهما إنما كان حافظا وغير شعبة إنما طعن فيه تبعا لشعبة وقد احتج بعبد الملك
مسلم في صحيحه واستشهد به البخاري ويشبه أن يكونا إنما لم يخرجا حديثه هذا
لتفرده به وانكار الأئمة عليه فيه وجعله بعضهم رأيا لعطاء أدرجه عبد الملك في
الحديث ووثقه أحمد والنسائي وابن معين والعجلي وقال الخطيب لقد أساء
شعبة حيث حدث عن محمد بن عبد الله العرزمي وترك التحديث عن عبد الملك بن
أبي سليمان فان العرزمي لم يختلف أهل الأثر في سقوط روايته وعبد الملك ثناءهم
عليه مستفيض والله أعلم انتهى كلامه
الحديث الثالث قال عليه السلام الجار أحق بسقبه قيل يا رسول الله ما
سقبه قال شفعته ويروي أحق بشفعته قلت أخرج البخاري في صحيحه
عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق
بسقبه انتهى
وقوله ويروي أحق بشفعته تقدم في حديث جابر عند الترمذي الجار أحق
بشفعته ينتظر بها وإن كان غائبا الحديث وبالروايتين رواه إسحاق بن راهويه في
مسنده فقال أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجار أحق بسقبه انتهى أخبرنا المحاربي وغيره عن سفيان
الثوري عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
الجار أحق بشفعته انتهى
وقوله قيل يا رسول الله ليس في الحديث وفي معجم الطبراني قيل
421

لعمرو بن الشريد ما السقب قال الجوار وفي مسند أبي يعلى الموصلي قال
الجار أحق بسقبه يعني شفعته انتهى قال إبراهيم الحربي في كتابه غريب
الحديث الصقب بالصاد ما قرب من الدار ويجوز أن يقال سقب فيكون السين
عوض الصاد لان في آخر الكلمة قاف وكذا لو كان في آخر الكلمة خاء أو غين
أو طاء فيقول صخر وسخر وصدغ وسدغ وسطر وصطر فان تقدمت هذه
الحروف الأربعة السن لم يجز ذلك فلا يقال خصر وخسر ولا قصب ولا قسب
ولا غرس ولا غرص انتهى كلامه
الحديث الرابع قال عليه السلام الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود
وضربت الطرق فلا شفعة قلت أخرجه البخاري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة
في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود، الحديث وأخرجه النسائي عن أبي سلمة عن
422

النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وكذلك مالك في الموطأ ولو كان ثابتا ففي نفي الشفعة بعد
الامرين دليل على ثبوتها قبل صرف الطرق وان حدت الحدود فقد وافق ما رواه الأربعة
من حديث جابر المتقدم الجار أحق بشفعته ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما
واحد ورواه مالك في الموطأ من حديث بن شهاب عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا قال الطحاوي الاثبات من أصحاب مالك رووه مرسلا ثم رفعوه عن أبي
هريرة
وقوله إذا وقعت الحدود هو رأي من أبي هريرة
الحديث الخامس قال عليه السلام الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من
الشفيع قلت غريب وذكره بن الجوزي في التحقيق وقال إنه حديث لا
يعرف وإنما المعروف ما رواه سعيد بن منصور ثنا عبد الله بن المبارك عن هشام بن المغيرة
الثقفي قال قال الشعبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفيع أولى
من الجار والجار أولى من الجنب انتهى قال في التنقيح وهشام وثقة بن معين وقال أبو حاتم لا بأس
423

بحديثه انتهى قلت هذا الحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه عن بن المبارك به
وروى بن أبي شيبة في مصنفه في أثناء البيوع ثنا أبو معاوية عن عاصم عن الشعبي
عن شريح قال الخليط أحق من الشفيع والشفيع أحق من الجار والجار ممن سواه
انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين عن
شريح، قال الخليط أحق من الجار، والجار أحق من غيره، انتهى. وأخرج ابن أبي
شيبة عن إبراهيم النخعي قال الشريك أحق بالشفعة فإن لم يكن شريك فالجار
والخليط أحق من الشفيع والشفيع أحق ممن سواه انتهى
424

باب طلب الشفعة
حديث واحد قال عليه السلام الشفعة لمن واثبها قلت غريب وأخرجه
عبد الرزاق في مصنفه من قول شريح إنما الشفعة لمن واثبها وكذلك ذكره القاسم
بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث في باب كلام التابعين وهو آخر
الكتاب
426

ومن أحاديث الباب ما أخرجه بن ماجة في سننه عن محمد بن الحارث عن
محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفعة
كحل العقال انتهى أخرجه في الاحكام ورواه البزار في مسنده ومن
طريق البزار رواه بن حزم في المحلى وزاد فيه ومن مثل بعبده فهو حر وهو مولى
الله ورسوله والناس على شروطهم ما وافق الحق قال بن القطان في كتابه وهذه
الزيادة ليست عند البزار في حديث الشفعة ولكنه أورد حديث العبد بالاسناد المذكور
حديثا وأورد أمر الشروط حديثا وأظن أن بن حزم لما وجد ذلك كله بإسناد واحد لفقه
حديثا وأخذ تشنيعا على الخصوم الآخذين لبعض ما روى بهذا الاسناد التاركين لبعضه
انتهى ورواه بن عدي في الكامل بلفظ بن ماجة وضعف محمد بن الحارث عن
البخاري والنسائي وابن معين وضعف شيخه أيضا قال بن القطان واعلم أن
محمد بن الحارث هذا ضعيف جدا وهو أسوأ حالا من بن البيلماني وأبيه قال فيه
427

الفلاس متروك الحديث وقال بن معين ليس بشئ وضعفه أبو حاتم ولم أر فيه
أحسن من قول البزار فيه رجل مشهور ليس به بأس وإنما أعله بمحمد بن عبد الرحمن
بن البيلماني انتهى كلامه
428

باب ما تجب فيه الشفعة
الحديث الأول قال عليه السلام الشفعة في كل شئ عقار أو ربع قلت
روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى ثنا أبو حمزة السكري عن
عبد العزيز بن رفيع عن بن أبي مليكة عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشريك
شفيع والشفعة في كل شئ انتهى وروى الطحاوي في تهذيب الآثار حدثنا
محمد بن خزيمة بن راشد ثنا يوسف بن عدي ثنا بن إدريس هو عبد الله الأودي عن
437

بن جريح عن عطاء عن بن عباس قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شئ
انتهى ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في أحكامه وزاد في إسناده هو
القراطيسي يعني يزيد بن عدي قال بن القطان وهو وهم فيه ليس في كتاب
الطحاوي ولكنه قلد فيه بن حزم وقد وجدنا لابن حزم في كتابه كثيرا من
ذلك مثل تفسيره حماد بأنه بن زيد ويكون بن سلمة والراوي عنه موسى بن
إسماعيل وتفسيره شيبان بأنه بن فروخ وإنما هو النحوي وهو قبيح فان طبقتهما
ليست واحدة وتفسيره داود عن الشعبي بأنه الطائي وإنما هو بن أبي هند ومثل
هذا كثير قد بيناه وضمناه بابا مفردا فيما نظرنا به معه كتاب المحلى والقراطيسي
438

إنما هو يوسف بن زيد وهذا يوسف بن عدي أخو زكريا بن عدي كوفي نزل مصر
يروي عن مالك بن أنس وغيره وروى عنه الرازيان قاله أبو حاتم ووثقه هو وأبو
زرعة وأما يوسف بن زيد أبو يزيد القراطيسي وهو أيضا ثقة جليل مصري ذكره
بن يونس في تاريخ المصريين توفي سنة سبع وثمانين ومائتين وقد رأى الشافعي
ومولده سنة سبع وثمانين ومائة انتهى كلامه
الحديث الثاني قال عليه السلام لا شفعة إلا في ربع أو حائط قلت رواه
البزار في مسنده حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا بن جريح عن أبي الزبير عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شفعة إلا في ربع الحائط ولا ينبغي له أن يبيع
حتى يستأمر صاحبه فان شاء أخد وإن شاء ترك انتهى وقال لا نعلم أحدا يرويه
بهذا اللفظ إلا جابر انتهى
439