الكتاب: الإنصاف
المؤلف: المرداوي
الجزء: ٣
الوفاة: ٨٨٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد حامد الفقي
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤٠٦ - ١٩٨٦م
المطبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
ردمك:
ملاحظات: أعاد طبعه دار إحيا ء التراث العربي

الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل
تأليف شيخ الإسلام العلامة الفقيه المحقق
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي
817 - 885 ه‍
تغمده الله برحمته
صححه وحققه
محمد حامد الفقى
الجزء الثالث
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الثانية
أعاد طبعه دار احياء التراث العربي
1406 ه‍ 1986 م
1

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
فائدة الزكاة في اللغة النماء وقيل النماء والتطهير لأنها تنمي المال وتطهر معطيها وقيل تنمي أجرها وقال الأزهري تنمي الفقراء.
قلت لو قيل إن هذه المعاني كلها فيها لكان حسنا فتنمي المال وتنمي أجرها وتنمي الفقراء وتطهر معطيها وسميت زكاة في الشرع للمعنى اللغوي.
وحدها في الشرع حق يجب في مال خاص قاله في الفروع.
قوله (ولا تجب في غير ذلك).
يعني لا تجب في غير السائمة والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة.
وقوله وقال أصحابنا تجب في المتولد بين الوحشي والأهلي.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات وجزم به المصنف في الهادي قال في الفروع جزم به الأكثر قال ولم أجد فيه نصا وإنما أوجبوا فيه تغليبا واحتياطا كتحريم قتله وإيجاب الجزاء بقتله والنصوص تتناوله قال المجد تتناوله بلا شك.
واختار المصنف لا تجب الزكاة فيه وإليه ميل الشارح وجزم به في الوجيز قال في الفروع وهو متجه وأطلق في التبصرة فيه وجهين وذكر بن تميم أن القاضي ذكرهما وحكى في الرعاية فيه روايتين وأطلق الخلاف في الفائق.
قوله (وفي بقر الوحش روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والفائق والمحرر.
3

إحداهما تجب فيها وهي المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع هو ظاهر المذهب اختاره أصحابنا قال المجد اختاره الأصحاب وهو من المفردات.
والرواية الثانية لا تجب الزكاة فيها اختارها المصنف وهو ظاهر قوله ولا تجب في غير ذلك قال الشارح وهي أصح قال في مجمع البحرين ولا زكاة في بقر الوحش في أصح الروايتين قال ابن رزين وهو أظهر وصححه في تصحيح المحرر وجزم به في الوجيز قال في الخلاصة وفائدته تكميل النصاب ببقرة وحش انتهى والظاهر أنه أراد في الغالب وإلا فمتى كمل النصاب منه وجبت فيه عند من يقول ذلك.
فوائد
منها حكم الغنم الوحشية حكم البقر الوحشية خلافا ومذهبا والوجوب فيها من المفردات.
ومنها لا تجب الزكاة في الظباء على الصحيح من المذهب ونص عليه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وعليه الأصحاب وحكى القاضي في الطريقة وابن عقيل في المفردات عن بن حامد وجوب الزكاة فيها وحكى رواية لأنها تشبه الغنم والظبية تسمى عنزا وهو من المفردات وأطلقهما في المحرر.
ومنها تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف عندنا.
وهل تجب في المال المنسوب إلى الجنين إذا انفصل حيا أم لا.
قال في الفروع ظاهر كلام الأكثر عدم الوجوب وجزم به في المجد في مسألة زكاة ملك الصبي معللا بأنه لا مال له بدليل سقوطه لاحتمال أنه ليس حملا أو أنه ليس حيا.
وقال المصنف في فطرة الجنين لم يثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية
4

بشرط خروجه حيا واختار صاحب الرعاية الوجوب بحكمنا له بالملك ظاهرا حتى منعنا باقي الورثة وهما وجهان ذكرهما أبو المعالي ومنعه في الفروع.
تنبيه دخل في قوله ولا تجب إلا بشروط خمسة الإسلام والحرية المعتق بعضه فتجب الزكاة فيما يملكه بجزئه الحر قاله الأصحاب.
قوله (ولا تجب على كافر).
هذا المذهب وقطع به الأكثر قال في الرعاية لا تجب على أصلي على الأشهر وكذا المرتد نص عليه سواء حكمنا ببقاء ملكه مع الردة أو زواله جزم به في المذهب والكافي والتلخيص وغيرهم وقدمه في المستوعب والمجد في شرحه ونصره وذكره في الشرح ظاهر المذهب واختاره القاضي في المجرد وغيره وهو ظاهر ما قدمه في الفروع في كتاب الصلاة.
فقيل لكونها عبادة.
قلت وهو الصواب وقيل لمنعه من ماله.
وإن قلنا يزول ملكه فلا زكاة عليه وأطلق القولين بن تميم.
وعنه تجب عليه بمعنى أنه يعاقب عليها إذا مات على كفره.
وعنه تجب على المرتد نصره أبو المعالي وصححه الأزجي في النهاية.
وقال ابن عقيل في الفصول تجب لما مضى من الأحوال على ماله حال ردته لأنها لا تزيل ملكه بل هو موقوف وحكاه بن شاقلا رواية وأطلقهما في المحرر ومختصر بن تميم والرعايتين والحاويين والفائق.
وتقدم ذلك بأتم من هذا في أول كتاب الصلاة.
قوله (ولا تجب على مكاتب).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه هو كالقن وعنه يزكى بإذن سيده.
5

قوله (فإن ملك السيد عبده مالا وقلنا إنه يملكه فلا زكاة فيه).
يعني على واحد منهما وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم وابن رجب في قواعده وصاحب الحواشي والقواعد الأصولية قاله أكثر الأصحاب.
قلت منهم أبو بكر والقاضي والزركشي.
وهو المذهب المعروف المقطوع به وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر وابن تميم ومجمع البحرين والفائق وغيرهم.
وعنه يزكيه العبد ذكرها في الإيضاح وغيره وقاله بن حامد واختاره في الفائق.
وعنه يزكيه العبد بإذن سيده قال ابن تميم والمنصوص عن أحمد يزكي العبد ماله بإذن سيده.
وعنه التوقف وقال في الفروع تبعا لابن تميم وغيره ويحتمل أن يزكيه السيد قال في القواعد الفقهية وعن بن حامد أنه ذكر احتمالا بوجوب زكاته على السيد على كلا الروايتين فيما إذا ملك السيد عبده سواء قلنا يملكه أولا لأنه إما ملك له أو في حكم ملكه لتمكنه من التصرف فيه كسائر أمواله.
قلت وهو مذهب حسن فإن قلنا لا يملكه فزكاته على سيده بلا نزاع.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله أن العبد إذا ملكه سيده مالا أن في ملكه خلافا لقوله وقلنا إنه يملكه.
واعلم أن الصحيح من المذهب والروايتين أنه لا يملك بالتمليك وعليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي قاله بن رجب في قواعده وقواعد بن اللحام وقال هذه الرواية أشهر عند الأصحاب قال في التلخيص في باب
6

الديون المتعلقة بالرقيق والذي عليه الفتوى أنه لا يملك قال في الفروع في آخر باب الحجر اختار الأصحاب أنه لا يملك.
والرواية الثانية يملك بالتمليك اختاره أبو بكر قاله في الفروع وابن شاقلا وصححها بن عقيل والمصنف في المغني قال في القواعد الأصولية وهي أظهر قال في الفائق والحاوي الصغير ويملك بتمليك سيده وغيره في أصح الروايتين قال في الرعايتين لو ملك ملكه في الأقيس وأطلقهما في الفروع والتلخيص ومجمع البحرين والحاوي الكبير.
فائدة لهذا الخلاف فوائد عديدة أكثرها متفرقة في الكتاب.
ومنها ما تقدم وهو ما إذا ملكه سيده مالا.
ومنها إذا ملكه سيده عبدا وأهل عليه هلال الفطر فإن قلنا لا يملكه ففطرته على السيد.
وإن قلنا يملكه لم تجب على واحد منهما على الصحيح من المذهب واختاره القاضي وابن عقيل وغيرهما اعتبارا بزكاة المال وقال في الفروع فلا فطرة إذن في الأصح.
وقيل تجب فطرته على السيد صححه المصنف والشارح.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في القواعد الفقهية ويؤدي السيد عن عبد عبده إذ لا يملك بالتمليك وإن ملك فلا فطرة له لعدم ملك السيد ونقص ملك العبد.
وقيل يلزم السيد الحر كنفقته وهو ظاهر الخرقي واختاره المصنف والشارح.
ومنها تكفيره بالمال في الحج والأيمان والظهار ونحوها وفيه للأصحاب طرق ذكرها بن رجب في فوائده وذكرتها في آخر كتاب الأيمان.
7

ومنها إذا باع عبدا وله مال وللأصحاب أيضا فيها طرق ذكرتها في آخر باب بيع الأصول والثمار في كلام المصنف.
ومنها إذا أذن لعبده الذمي أن يشتري له بماله عبدا مسلما فاشتراه.
فإن قلنا يملك بالتمليك لم يصح شراؤه له.
وإن قلنا لا يملك صح وكان مملوكا للسيد قال المجد هذا قياس المذهب عندي قال ابن رجب قلت ويتخرج فيه وجه لا يصح على القولين بناء على أحد الوجهين أنه لا يصح شراء الذمي لمسلم بالوكالة انتهى.
قلت ويتخرج الصحيح على القولين بناء على أحد الوجهين أنه لا يصح شراء الذمي لمسلم بالوكالة.
ومنها عكس هذه المسألة لو أذن الكافر لعبده المسلم الذي يثبت ملكه عليه أن يشتري بماله رقيقا مسلما فإن قلنا يملك صح وكان العبد له وإن قلنا لا يملك لم يصح.
ومنها تسرى العبد وفيه طريقان.
أحدهما بناؤه على الخلاف في ملكه فإن قلنا يملك جاز تسريه وإلا فلا لأن الوطء بغير نكاح ولا ملك يمين محرم بنص الكتاب والسنة وهي وهي طريقة القاضي والأصحاب بعده قاله بن رجب وقدمه في الفروع.
والثاني يجوز تسريه على كلا الروايتين وهي طريقة الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى وأبي إسحاق بن شاقلا ذكره عنه في الواضح ورجحها المصنف في المغني قال ابن رجب وهي أصح وحررها في فوائده.
وتأتي هذه الفائدة في كلام المصنف في آخر باب نفقة الأقارب والمماليك في قوله وللعبد أن يتسرى بإذن سيده بأتم من هذا.
ومنها لو باع السيد عبده نفسه بمال في يده فهل يعتق والمنصوص أنه
8

يعتق بذلك وذكره القاضي مع قوله إن العبد لا يملك وقول القاضي على القول بالملك.
ومنها إذا أعتقه سيده وله مال فهل يستقر ملكه للعبد أم يكون للسيد على روايتين فمن الأصحاب من بناها على القول بالملك وعدمه.
فإن قلنا بملكه استقر ملكه عليه بالعتق وإلا فلا وهي طريقة أبي بكر والقاضي في خلافه والمجد ومنهم من جعل الروايتين على القول بالملك.
ومنها لو اشترى العبد زوجته الأمة بماله.
فإن قلنا يملك انفسخ نكاحه وإن قلنا لا يملك لم ينفسخ.
ومنها لو ملكه سيده أمة فاستولدها.
فإن قلنا لا يملك فالولد ملك السيد وإن قلنا يملك فالولد مملوك العبد لكنه لا يعتق عليه حتى يعتق فإذا أعتق ولم ينزعه منه قبل عتقه عتق عليه لتمام ملكه حينئذ ذكره القاضي في المجرد.
ومنها هل ينفذ تصرف السيد في مال العبد دون استرجاعه.
فإن قلنا لا يملك صح بغير إشكال وإن قلنا يملك فظاهر كلام الإمام أحمد أنه ينفذ عتق السيد لرقيق عبده قال القاضي فيحتمل أن يكون رجع فيه قبل عتقه قال وإن حمل على ظاهره فلأن عتقه يتضمن الرجوع في التمليك.
ومنها لو وقف عليه فنص أحمد أنه لا يصح فقيل ذلك يتفرع على القول بأنه لا يملك فأما إن قيل إنه يملك فيصح الوقف عليه كالمكاتب في أظهر الوجهين والأكثرون على أنه لا يصح الوقف عليه على الروايتين لضعف ملكه ويأتي في كلام المصنف في أول الوقف.
ومنها وصية السيد لعبده بشيء من ماله فإن كان بجزء مشاع منه صح وعتق من العبد بنسبة ذلك الجزء لدخوله في عموم المال ويكمل عتقه من بقية
9

الوصية نص عليه وفي تعليله ثلاثة أوجه ذكرها بن رجب في فوائد قواعده وعنه لا تصح الوصية لمعين.
ومنها ذكر بن عقيل وإن كانت الوصية بجزء معين أو مقدر ففي صحة الوصية روايتان أشهرهما عدم الصحة.
فمن الأصحاب من بناهما على أن العبد هل يتملك أم لا وهي طريقة بن أبي موسى والشيرازي وابن عقيل وغيرهم وأشار إليه الإمام أحمد في رواية صالح.
ومنهم من حمل الصحة على أن الوصية لقدر من العين أو لقدر من التركة لا بعينه فيعود إلى الحق المشاع.
قال ابن رجب وهو بعيد جدا.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الموصى له بأتم من هذا.
ومنها لو غزا العبد على فرس ملكه إياه سيده.
فإن قلنا يملكها العبد لم يسهم لها لأنها تبع لمالكها فيرضخ لها كما يرضخ له وإن قلنا لا يملكها أسهم لها لأنها لسيده قال ابن رجب قال الأصحاب والمنصوص عن الإمام أحمد أنه يسهم لفرس العبد وتوقف مرة أخرى ولا يسهم لها متحدا.
وموضع هذه الفوائد في كلام الأصحاب في آخر باب الحجر في أحكام العبد.
تنبيه هل الخلاف في ملك العبد بالتمليك مختص بتمليك سيده أم لا.
فاختار في التلخيص أنه مختص به فلا يملك من غير جهته وقدمه في الفروع والرعايتين وقال في التلخيص وأصحابنا لم يقيدوا الروايتين بتمليك السيد بل ذكروهما مطلقا في ملك العبد إذا ملك.
قلت جزم به في الحاويين والفائق.
قال في القواعد وكلام الأكثرين يدل على خلاف ما اختاره صاحب التلخيص.
10

فإذا علمت ذلك فيتفرع على هذا الخلاف مسائل.
منها اللقطة بعد الحول قال طائفة من الأصحاب تنبني على روايتي الملك وعدمه جعلا لتمليك الشارع كتمليك السيد منهم صاحب المستوعب وظاهر كلام بن أبي موسى أنه يملك اللقطة وإن لم تملك بتمليك سيده وعند صاحب التلخيص لا يملكها بغير خلاف كذلك في الهداية والمغني والكافي والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والمذهب والخلاصة والفائق وغيرهم أنها ملك لسيده بمضي الحول.
ومنها حيازة المباحات من احتطاب أو احتشاش أو اصطياد أو معدن أو غير ذلك فمن الأصحاب من قال هو ملك لسيده دونه رواية واحدة كالقاضي وابن عقيل لكن لو أذن له السيد في ذلك فهو كتمليكه إياه ذكره القاضي وغيره.
وخرج طائفة المسألة على الخلاف في ملك العبد وعدمه منهم المجد وقاسه على اللقطة وهو ظاهر كلام بن عقيل في موضع آخر.
ومنها لو أوصى للعبد أو وهب له وقبله بإذن سيده أو بدونه إذا أجزنا له ذلك على المنصوص فالمال للسيد نص عليه في رواية حنبل وذكره القاضي وغيره وبناه بن عقيل وغيره على الخلاف في ملك السيد.
ويأتي أيضا هذا في كلام المصنف في باب الموصى له.
ومنها لو خلع العبد زوجته بعوض فهو للسيد ذكره الخرقي وظاهر كلام بن عقيل بناؤه على الخلاف في ملك العبد.
قال ابن رجب ويعضده أن العبد هنا يملك البضع فملك عوضه بالخلع لأن من ملك شيئا ملك عوضه فأما مهر الأمة فهو للسيد.
ذكر ذلك كله بن رجب في الفائدة السابعة من قواعده بأبسط من هذا.
فائدة تجب الزكاة على المعتق بعضه بقدر ما يملكه على ما تقدم.
11

قوله (الثالث ملك نصاب فإن نقص عنه فلا زكاة فيه إلا أن يكون نقصا يسيرا كالحبة والحبتين).
فالنصاب تقريب في النقدين وهذا المذهب قال في الفروع وذهب إليه الأكثرون قدمه بن تميم والرعايتين والحاويين تبعا للمصنف في المغني والكافي وصاحب مجمع البحرين وقال قاله غير الخرقي قال في الفائق ولو
نقص النصاب ما لا يضبط كحبة وحبتين في أصح الوجهين قال في الحواشي قاله الأصحاب.
قال الزركشي المشهور عند الأصحاب لا يعتبر النقص كالحبة والحبتين وجزم به في التلخيص والنظم.
وعنه النصاب تحديد فلا زكاة فيه ولو كان النقص يسيرا قال في المبهج هذا أظهر وأصح وجزم به في الوجيز قال في الشرح وهو ظاهر الأخبار فينبغي أن لا يعدل عنه وهو ظاهر كلام الخرقي وهو قول القاضي إلا أنه قال إلا أن يكون نقصا يدخل في المكاييل كالأوقية ونحوها فلا يؤثر وأطلقهما في الفروع والحواشي والكافي والمقنع والزركشي.
وعنه لا يضر النقص ولو كان أكثر من حبتين.
وعنه حتى ثلاثة دراهم ونصف وثلث مثقال وأطلق في الفائق في ثلث مثقال الروايتين وأطلق بن تميم في الدانق والدانقين الروايتين.
وقيل الدانق والدانقان لا يمنع في الفضة ويمنع في الذهب قال أبو المعالي وهذا أوجه.
وقيل يضر النقص اليسير في أول الحول أو وسطه دون آخره.
قال الزركشي لا يعتبر النقص اليسير ثم بعد ذلك يؤثر نقص ثمن في رواية اختارها أبو بكر وفي أخرى في الفضة ثلث درهم وفي أخرى في الذهب نصف مثقال ولا يؤثر الثلث.
12

فائدتان
إحداهما الصحيح أن نصاب الزرع والثمر تحديد وجزم به القاضي في المجرد والسامري في المستوعب والمصنف في المغني والمجد في شرحه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وعنه نصاب ذلك تقريب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع والفائق وابن تميم.
فعلى المذهب يؤثر نحو رطلين ومدين.
وعلى الرواية الثانية لا يؤثر قاله في الفروع قال وجعله في الرعاية من فوائد الخلاف.
الثانية لا اعتبار بنقص داخل الكيل في أصح الوجهين قال في الفروع وجزم به الأئمة وقيل يعتبر وقال في التلخيص إذا نقص ما لو وزع على الخمسة أوسق ظهر فيها سقطت الزكاة وإلا فلا.
قوله (وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا في السائمة).
لا تجب الزكاة في وقص السائمة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل تجب في وقصها اختاره الشيرازي.
فعلى هذا القول لو تلف بعير من تسعة أبعرة أو ملكه قبل التمكن إن اعتبرنا التمكن سقط تسع شياه ولو تلف من التسع ستة زكى الباقي ثلث شاة.
ولو كانت مغصوبة فأخذ منها بعيرا بعد الحول زكاه بتسع شاة.
13

ولو كان بعضها رديئا أو صغارا كان الواجب وسطا ويخرج من الأعلى بالقيمة فهذه أربع مسائل من فوائده.
وعلى المذهب يجب في الصورة الأولى شاة وفي الثانية ثلاثة أخماسها وفي الثالثة خمسها وفي الرابعة يتعلق الواجب بالخيار ويتعلق الردئ بالوقص لأنه أحظ واختاره أبو الفرج أيضا.
ومن فوائد الخلاف أيضا لو تلف عشرون بعيرا من أربعين قبل التمكن فيجب على المذهب خمسة أتساع بنت لبون وعلى الثاني يجب نصف بنت لبون.
وعلى المذهب لو كان عليه دين بقدر الوقص لم يؤثر في وجوب الشاة المتعلقة بالنصاب ذكره بن عقيل وغيره قاله في الفروع واقتصر عليه قال المجد في شرحه وفوائد ذلك كثيرة.
فائدة قال في الفروع في تعلق الوجوب بالزائد على نصاب السرقة احتمالان يعني أن القطع يتعلق بجميع المسروق أو بالنصاب منه فقط فظاهر ما قطع به المجد في شرحه أنه يتعلق بالجميع وهي نظير المسألة التي قبلها.
قوله (فلا زكاة في دين الكتابة).
هذا المذهب وقطع به الأصحاب لعدم استقرارها قال في الفروع ولهذا لا يصح ضمان دين الكتابة وفيه رواية بصحة الضمان فدل على الخلاف هنا انتهى.
قوله (ولا في السائمة الموقوفة ولا في حصة المضارب من الربح قبل القسمة على أحد الوجهين فيهما).
أما السائمة الموقوفة فإن كانت على معينين كالأقارب ونحوهم ففي وجوب الزكاة فيها وجهان وأطلقهما بن تميم والرعايتين والحاويين.
أحدهما تجب الزكاة فيها وهو المذهب نص عليه قدمه في الفروع وشرح المجد والفائق قال في الرعاية الكبرى والنص الوجوب.
14

والوجه الثاني لا زكاة فيها قدمه في الشرح قال بعض الأصحاب الوجهان مبنيان على ملك الموقوف عليه وعدمه وجزم به المجد في شرحه وعند بعض الأصحاب الوجهان مبنيان على رواية الملك فقط قاله بن تميم.
فعلى المذهب لا يجوز أن يخرج من عينها لمنع نقل الملك في الوقف فيخرج من غيرها.
قلت فيعايى بها.
وإن كانت السائمة أو غيرها وقفا على غير معين أو على المساجد والمدارس والربط ونحوها لم تجب الزكاة فيها وهذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة ونص عليه فقال في أرض موقوفة على المساكين لا عشر فيها لأنها كلها تصير إليهم قال في الفروع ويتوجه خلاف.
فائدة لو وقف أرضا أو شجرا على معين وجبت الزكاة مطلقا في الغلة على الصحيح من المذهب لجواز بيعها وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وجزم به الخرقي والتلخيص وابن رزين في شرحه والزركشي والمستوعب وقال رواية واحدة وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى.
وقيل تجب مع غنى الموقوف عليه دون غيره جزم به أبو الفرج والحلواني وابنه وصاحب التبصرة قال في
الفروع ولعله ظاهر ما نقله علي بن سعيد وغيره.
فحيث قلنا بالوجوب فإن حصل لكل واحد نصاب زكاة وإلا خرج على الروايتين في تأثير الخلط في غير السائمة على ما يأتي.
فوائد
منها لو أوصى بدراهم في وجوه البر أو ليشتري بها ما يوقف فاتجر بها الموصي فربحه مع أصل المال فيما وصى به ولا زكاة فيهما وإن خسر ضمن النقص نقله الجماعة عن الإمام أحمد وقيل ربحه إرث.
15

وقال في المؤجر فيمن اتجر بمال غيره إن ربح له أجرة مثله.
ويأتي ما إذا بنى في الموصي بوقفه بعد الموت وقبل وقفه في كتاب الوصايا في فوائد ما إذا قبل الوصية بعد الموت متى يثبت له الملك.
ومنها المال الموصى به يزكيه من حال عليه الحول على ملكه.
ومنها لو وصى بنفع نصاب سائمة زكاها مالك الأصل قال في الرعايتين وتابعه في الفروع ويحتمل لا زكاة إن وصى بها أبدا فيعايى بها.
وأما حصة المضارب من الربح قبل القسمة فذكر المصنف في وجوب الزكاة فيها وجهين وأطلقهما في الفائق وقال إن حصة المضارب من الربح قبل القسمة لا تخلو إما أن نقول لا يملكها بالظهور أو يملكها فإن قلنا لا يملكها بالظهور فلا زكاة فيها ولا ينعقد عليها الحول حتى تقسم وإن قلنا تملك بمجرد الظهور فالصحيح من المذهب لا تجب فيها الزكاة أيضا ولا ينعقد عليها الحول قبل القسمة نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن أبي موسى والقاضي وجزم به في الخلاف والمجرد وذكره في الوسيلة ظاهر المذهب واختاره المصنف وغيره وصححه في تصحيح المحرر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الشرح والفروع والحواشي وغيرهم.
والوجه الثاني تجب الزكاة فيها وينعقد عليها الحول اختاره أبو الخطاب وقدمه في المستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وأطلقهما في المذهب وشرح المجد وغيره والفائق وقال في الفائق بعد إطلاق الوجهين والمختار وجوبها بعد المحاسبة.
فعلى القول بالوجوب يعتبر بلوغ حصته نصابا فإن كانت دونه انبنى على الخلطة فيه على ما يأتي ولا يلزمه إخراجها قبل القبض كالدين ولا يجوز إخراجها من مال المضاربة بلا إذن على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وغيره.
16

قال في القواعد وأما حق رب المال فليس للمضارب تزكيته بدون إذنه نص عليه في رواية الآجري اللهم إلا أن يصير المضارب شريكا فيكون حكمه حكم سائر الخلطاء.
وقيل يجوز لدخولهما على حكم الإسلام ومن حكمه وجوب الزكاة وإخراجها من المال صححه صاحب المستوعب والمحرر وأطلقهما في المحرر والفائق.
فائدة يلزم رب المال زكاة رأس ماله مع حصته من الربح وينعقد عليها الحول بالظهور نص عليه زاد بعضهم في أظهر الروايتين قال في الفروع وهو سهو وقيل قبضها وفيه احتمال ويحتمل سقوطها قبله لتزلزلها انتهى.
وأما حصة المضارب إذا قلنا لا يملكها بالظهور فلا يلزم رب المال زكاتها على الصحيح من المذهب وهو قول القاضي والأكثرين واختاره المجد في شرحه وحكى أبو الخطاب في انتصاره عن القاضي يلزم رب المال زكاته إذا قلنا لا يملكه العامل بدون القسمة وهو ظاهر كلام القاضي في خلافه في مسألة المزارعة وحكاه في المستوعب وجها وصححه وهو من المفردات قال في القواعد الفقهية وهو ضعيف قال في الحواشي وهو بعيد وقدمه المجد في شرحه لكن اختار الأول.
فائدة لو أداها رب المال من غير مال المضاربة فرأس المال باق وإن أداها منه حسب من المال والربح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال ذكره القاضي وتبعه صاحب المستوعب والمحرر وغيرهما فينقص ربع عشر رأس المال وقال المصنف في المغني والشارح يحسب من الربح فقط ورأس المال باق وجزما به لأن الربح وقاية لرأس المال وقدمه في الرعاية والحواشي وقال في الكافي هي من رأس المال ونص عليه الإمام أحمد لأنه واجب عليه كدينه وقيل إن قلنا الزكاة في الذمة فمن الربح ورأس المال وإن قلنا في العين فمن الربح فقط.
17

قوله (ومن كان له دين على ملئ من صداق أو غيره زكاة إذا قبضه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا تجب فيه الزكاة فلا يزكيه إذا قبضه وعنه يزكيه إذا قبضه أو قبل قبضه قال في الفائق وعنه يلزمه في الحال وهو المختار.
تنبيه قوله على ملئ من شرطه أن يكون باذلا.
فائدة الحوالة به والإبراء منه كالقبض على الصحيح من المذهب وقيل إن جعلا وفاء فكالقبض وإلا فلا.
قوله (زكاة إذا قبضه لما مضى).
يعني من الأحوال وهذا المذهب سواء قصد ببقائه الفرار من الزكاة أو لا وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وعليه الأصحاب وعنه يزكيه لسنة واحدة بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء ولم يوجد فيما مضى.
فوائد
إحداها يجزيه إخراج زكاته قبل قبضه لزكاة سنين ولو وقع التعجيل لأكثر من سنة لقيام الوجوب وإنما لم يجب الأداء رخصة.
الثانية لو ملك مائة نقدا ومائة مؤجلة زكى النقد لتمام حوله وزكى المؤجل إذا قبضه.
الثالثة حول الصداق من حين العقد على الصحيح من المذهب عينا كان أو دينا مستقرا كان أو لا نص عليه وكذا عوض الخلع والأجرة.
وعنه ابتداء حوله من حين القبض لا قبله.
18

وعنه لا زكاة في الصداق قبل الدخول حتى يقبض فيثبت الانعقاد والوجوب قبل الحول قال المجد بالإجماع مع احتمال الانفساخ.
وعنه تملك قبل الدخول نصف الصداق.
وكذا الحكم خلافا ومذهبا في اعتبار القبض في كل دين إذا كان في غير مقابلة مال أو مال زكوي عند الكل كموصى به وموروث وثمن مسكن.
وعنه لا حول لأجره فيزكيه في الحال كالمعدن اختاره الشيخ تقي الدين وهو من المفردات وقيدها بعض الأصحاب بأجرة العقار وهو من المفردات أيضا نظرا إلى كونها غلة أرض مملوكة له.
وعنه أيضا لا حول لمستفاد وذكرها أبو المعالي فيمن باع سمكا صاده بنصاب زكاة فعلى الأول لا يلزمه الإخراج قبل القبض.
الرابعة لو كان عليه دين من بهيمة الأنعام فلا زكاة لاشتراط السوم فيها فإن عينت زكيت كغيرها وكذا الدية الواجبة لا تجب فيها الزكاة لأنها لم تتعين مالا زكويا لأن الإبل في الذمة فيها أصل أو أحدها.
تنبيه شمل قول المصنف من صداق أو غيره القرض ودين عروض التجارة وكذا المبيع قبل القبض جزم به المجد وغيره فيزكيه المشتري ولو زال ملكه عنه أو زال أو انفسخ العقد بتلف مطعوم قبل قبضه.
ويزكى المبيع بشرط الخيار أو في خيار المجلس من حكم له بملكه ولو فسخ العقد.
ويزكى أيضا دين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا.
ويزكى أيضا ثمن المبيع ورأس مال السلم قبل قبض عوضهم ولو انفسخ العقد قال في الفروع جزم بذلك جماعة وقال في الرعاية وإنما تجب الزكاة في ملك تام مقبوض وعنه أو مميز لم يقبض ثم قال قلت وفيما صح تصرف ربه فيه قبل قبضه أو ضمنه بتلفه وفي ثمن المبيع ورأس مال المسلم قبل قبض عوضهما
19

ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا وفي المبيع في مدة الخيار قبل القبض روايتان.
وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه فيبطل البيع في قدره وفي قيمته روايتا تفريق الصفقة وفي أيهما تقبل.
قوله (وفي قيمة المخرج وجهان).
وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
قلت الصواب قول المخرج.
فأما مبيع غير متعين ولا متميز فيزكيه البائع.
الخامسة كل دين سقط قبل قبضه ولم يتعوض عنه تسقط زكاته على الصحيح من المذهب وقيل هل يزكيه من سقط عنه يخرج على روايتين وإن أسقطه ربه زكاة نص عليه وهو الصحيح من المذهب كالإبراء من الصداق ونحوه.
وقيل يزكيه المبرأ من الدين لأنه ملك عليه وقيل لا زكاة عليهما وهو احتمال في الكافي وهو من المفردات.
وإن أخذ ربه عوضا أو أحال أو احتال زاد بعضهم وقلنا الحوالة وفاء زكاه على الصحيح من المذهب كعين وهبها وعنه زكاة التعويض على الدين وقيل في ذلك وفي الإبراء يزكيه ربه إن قدر وإلا المدين.
السادسة الصداق في هذه الأحكام كالدين فيما تقدم على الصحيح من المذهب وقيل سقوطه كله لانفساخ النكاح من جهتها كإسقاطها وإن زكت صداقها قال الزركشي وقيل لا ينعقد الحول لأن الملك فيه غير تام.
وقيل محل الخلاف فيما قبل الدخول.
هذا إذا كان في الذمة أما إن كان معينا فإن الحول ينعقد من حين الملك نص عليه انتهى.
20

وإن زكت صداقها كله ثم تنصف بطلاق رجع فيما بقي بكل حقه على الصحيح من المذهب وقيل إن كان مثليا وإلا فقيمة حقه.
وقيل يرجع بنصف ما بقي ونصف بدل ما أخرجت.
وقيل يخير بين ذلك ونصف قيمة ما أصدقها يوم العقد أو مثله ولا تجزيها زكاتها منه بعد طلاقه لأنه مشترك.
وقيل بلى عن حقها وتغرم له نصف ما أخرجت ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا وتزكيه هي.
فإن تعذر فقال في الفروع يتوجه لا يلزم الزوج وقال في الرعاية يلزمه ويرجع عليها إن تعلقت بالعين وقيل أو بالذمة.
فائدة لو وهبت المرأة صداقها لزوجها لم تسقط عنها الزكاة على الصحيح من المذهب قاله القاضي وغيره وعنه تجب على الزوج وفي الكافي احتمال بعدم الوجوب عليها.
قوله (وفي الدين على غير الملئ والمؤجل والمجحود والمغصوب والضائع روايتان).
وكذا لو كان على مماطل أو كان المال مسروقا أو موروثا أو غيره جهله أو جهل عند من هو وأطلقهما في الفروع والشرح والرعايتين والحاويين والمستوعب والمذهب الأحمد والمحرر.
إحداهما كالدين على الملئ فتجب الزكاة في ذلك كله إذا قبضه وهو الصحيح من المذهب قال في الفروع اختاره الأكثر وذكره أبو الخطاب والمجد ظاهر المذهب وصححه بن عقيل وأبو الخطاب وابن الجوزي والمجد في شرحه وصاحب الخلاصة وتصحيح المحرر ونصرها أبو المعالي وقال اختارها الخرقي وأبو بكر وجزم به في الإيضاح والوجيز.
21

وجزم به جماعة في المؤجل وفاقا للأئمة الثلاثة لصحة الحوالة به والإبراء وشمله كلام الخرقي وقطع به في التلخيص والمغني والشرح.
والرواية الثانية لا زكاة فيه بحال صححها في التلخيص وغيره وجزم به في العمدة في غير المؤجل ورجحها بعضهم واختارها بن شهاب والشيخ تقي الدين وقدمه بن تميم والفائق.
وقيل تجب في المدفون في داره وفي الدين على المعسر والمماطل وجزم في الكافي بوجوبها في وديعة جهل عند من هي.
وعليه ما لا يؤمل رجوعه كالمسروق والمغصوب والمجحود لا زكاة فيه وما يؤمل رجوعه كالدين على المفلس أو الغائب المنقطع خبره فيه الزكاة قال الشيخ تقي الدين هذه أقرب.
وعنه إن كان الذي عليه الدين يؤدى زكاته فلا زكاة على ربه وإلا فعليه الزكاة نص عليه في المجحود ذكرهما الزركشي وغيره.
فعلى المذهب يزكى ذلك كله إذا قبضه لما مضى من السنين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزموا به.
وقال أبو الفرج في المبهج إذا قلنا تجب في الدين وقبضه فهل يزكيه لما مضى أم لا على روايتين قال في الفروع ويتوجه ذلك في بقية الصور.
تنبيه قوله المجحود يعنى سواء كان مجحودا باطنا أو ظاهرا أو ظاهرا وباطنا هذا المذهب وعليه الأكثر وقيده في المستوعب بالمجحود ظاهرا وباطنا وقال أبو المعالي ظاهرا.
فوائد
منها لو كان بالمجحود بينة وقلنا لا تجب في المجحود ففيه هنا وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم وقال ذكرهما القاضي.
22

أحدهما تجب وهو الصحيح جزم به المجد في شرحه وقدمه في الفائق والرعايتين والحاويين.
الثاني لا تجب.
ومنها لو وجبت في نصاب بعضه دين على معسر أو غصب أو ضال ونحوه ففي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قبض الدين والغصب والضال وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
أحدهما يجب إخراج زكاة ما بيده وهو المذهب قدمه في الرعايتين والحاويين وهو ظاهر ما قدمه المجد في شرحه فلو كانت إبلا خمسا وعشرين منها خمس مغصوبة أرضا أخرج أربعة أخماس بنت مخاض.
والثاني لا يجب حتى يقبض ذلك فعلى هذا الوجه لو كان الدين على ملئ فوجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين.
قلت الصواب وجوب الإخراج.
ومنها لو قبض شيئا من الدين أخرج زكاته ولو لم يبلغ نصابا على الصحيح من المذهب ونص عليه في رواية صالح وأبي طالب وابن منصور وقال يخرج زكاته بالحساب ولو أنه درهم وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والمجد في شرحه والفائق وغيرهم وقال القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول لا يلزمه ما لم يكن المقبوض نصابا أو يصير ما بيده ما يتمم به نصابا.
ومنها يرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده كتلفه.
ومنها لو غصب رب المال بأسر أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته على الصحيح من المذهب لنفوذ تصرفه فيه وقيل تسقط.
قوله (وقال الخرقي واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها).
اللقطة قبل أن يعلم بها ربها حكمها حكم المال الضائع على ما تقدم خلافا
23

ومذهبا وعند الخرقي أن الزكاة تجب فيها إذا وجدها ربها لحول التعريف وذكر المصنف الخرقي تأكيدا لوجوب الزكاة فيما ذكره.
فوائد
إذا ملك الملتقط اللقطة بعد الحول استقبل بها حولا وزكاها على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به الخرقي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يلزمه لأنه مدين بها وحكى عن القاضي لا زكاة فيها نظرا إلى أنه ملكها مضمونة عليه بمثلها أو قيمتها فهي دين عليه في الحقيقة انتهى ولذلك قال ابن عقيل لكن نظرا إلى عدم استقرار الملك فيها انتهى.
فعلى القول الثاني لو ملك قدر ما يقابل قدر عوضها زكى على الصحيح.
وقيل لا لعدم استقرار ملكه لها وتقدم كلام بن عقيل.
وإذا ملكها الملتقط وزكاها فلا زكاة إذن على ربها على الصحيح من المذهب وعنه بلى وهل يزكيها ربها حول التعريف أو بعده إذا لم يملكها الملتقط فيه الروايتان في المال الضال.
وإن لم يملك اللقطة وقلنا له أن يتصدق بها لم يضمن حتى يختار ربها الضمان فتثبت حينئذ في ذمته كدين تجدد فإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج على الصحيح من المذهب وقال القاضي لا يرجع عليه إن قلنا لا يلزم ربها زكاتها قال في الرعاية لوجوبها على الملتقط إذن.
قوله (ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب).
هذا المذهب إلا ما استثنى وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يمنع الدين الزكاة مطلقا وعنه يمنع الدين الحال خاصة جزم به في الإرشاد وغيره.
24

قوله (إلا في الحبوب والمواشي).
في إحدى الروايتين وقدمه في الفائق.
والرواية الثانية يمنع أيضا وهي المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي هذا اختيار أكثر الأصحاب قال ابن أبي موسى هذا الصحيح من مذهب أحمد.
قلت اختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه والحلواني وابن الجوزي وصاحب الفائق وغيرهم وجزم به في العمدة وقدمه في المستوعب والفروع وصححه في تصحيح المحرر وأطلقهما في الشرح والمحرر والرعايتين والحاويين.
وعنه يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك أو كان ثمنه ولا يمنع ما استدانه لمؤنة نفسه أو أهله قال الزركشي فعلى رواية عدم المنع ما لزمه من مؤنة الزرع من أجرة حصاد وكراء أرض ونحوه يمنع نص عليه وذكره بن أبي موسى وقال رواية واحدة وتبعه صاحب التلخيص وحكى أبو البركات رواية أن الدين لا يمنع في الظاهر مطلقا قال الشيخ تقي الدين لم أجد بها نصا عن أحمد انتهى.
وعنه يمنع خلا الماشية وهو ظاهر كلام الخرقي.
فوائد
الأولى في الأموال ظاهرة وباطنة فالظاهرة ما ذكره المصنف من الحبوب والمواشي وكذا الثمار والباطنة كالأثمان وقيمة عروض التجارة على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقال أبو الفرج الشيرازي الأموال الباطنة هي الذهب والفضة فقط انتهى.
وهل المعدن من الأموال الظاهرة أو الباطنة فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين.
أحدهما هو من الأموال الظاهرة وهو ظاهر كلام الشيرازي على ما تقدم
25

الثاني هو من الأموال الباطنة.
قلت وهو الصواب لأنه أشبه بالأثمان وقيمة عروض التجارة.
قال في المغني الأموال الظاهرة السائمة والحبوب والثمار قال في الفائق والمنع في المعدن وقيل لا.
الثانية لا يمنع الدين خمس الزكاة بلا نزاع.
الثالثة لو تعلق بعبد تجارة أرش جناية منع الزكاة في قيمته لأنه وجب جبرا لا مواساة بخلاف الزكاة وجعله بعضهم كالدين منهم صاحب الفروع في حواشيه.
الرابعة لو كان له عرض قنية يباع لو أفلس يفي بما عليه من الدين جعل في مقابلة ما عليه من الدين وزكى ما معه من المال على إحدى الروايتين قال القاضي هذا قياس المذهب ونصره أبو المعالي اعتبارا بما فيه الحظ للمساكين.
وعنه يفعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه صححه بن عقيل وقدمه بن تميم وصاحب الحواشي والرعايتين والحاويين وأطلقهما في الفروع وشرح المجد والفائق وينبني على هذا الخلاف ما إذا كان بيده ألف وله ألف دينار على ملئ وعليه مثلها فإنه يزكي ما معه على الأولى لا الثانية قاله في الفروع وقدمه في الفائق والرعايتين والحاويين هنا جعل الدين مقابلا لما في يده وقالوا نص عليه ثم قالوا أو قيل مقابلا للدين.
الخامسة لو كان له عرض تجارة بقدر الدين الذي عليه ومعه عين بقدر الدين الذي عليه فالصحيح من المذهب أنه يجعل الدين في مقابلة العرض ويزكي ما معه من العين نص عليه في رواية المروذي وأبي الحارث وقدمه في الفروع والحواشي وابن تميم.
26

وقيل إن كان فيما معه من المال الزكوي جنس الذي جعل في مقابلته وحكاه بن الزاغوني رواية وتابعه في الرعايتين والحاويين وغيرهم وإلا اعتبر الأحظ وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
وقيل يعتبر الأحظ للفقراء مطلقا فمن له مائتا درهم وعشرة دنانير قيمتها مائتا درهم جعل الدنانير قبالة دينه وزكى ما معه ومن له أربعون شاة وعشرة أبعرة ودينه قيمة أحدهما جعل قبالة دينه الغنم وزكى شاتين.
السادسة دين المضمون عنه يمنع الزكاة بقدره في ماله دون الضامن على الصحيح من المذهب خلافا لأبي المعالي.
السابعة لا تجب الزكاة في المال الذي حجر عليه القاضي للغرماء كالمال المغصوب تشبيها للمنع الشرعي بالمنع الحسي هذا الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح والقاضي وقدمه في الرعايتين وقال الأزجي في النهاية هذا بعيد بل إلحاقه بمال الديون أقرب اختاره أبو المعالي وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
وقيل إن كان المال سائمة زكاها لحصول النماء والنتاج من غير تصرف بخلاف غيرها وقال أبو المعالي إن قضى الحاكم ديونه من ماله ولم يفضل شيء من ماله فهو الذي ملك نصابا وعليه دين قال وإن سمى لكل غريم بعض أعيان ماله فلا زكاة عليه مع بقاء ملكه لضعفه بتسليط الحاكم لغريمه على أخذ حقه انتهى وإن حجر عليه بعد وجوبها لم تسقط الزكاة على الصحيح من المذهب وقيل تسقط إن كان قبل تمكنه من الإخراج قال في الحواشي وابن تميم وهو بعيد ولا يملك إخراجها من المال لانقطاع تصرفه قاله المصنف والشارح وقال ابن تميم والأولى أن يملك ذلك كالراهن وهما وجهان وأطلقهما في الفروع فإنه قال لا يقبل إقراره بها وجزم به بعضهم ولا يقبل إقرار المحجور عليه بالزكاة وتتعلق بذمته كدين الآدمي ذكره
27

المصنف والشارح وأبو المعالي وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه يقبل كما لو صدقه الغريم.
ويأتي زكاة المرهون في فوائد الخلاف الآتي آخر الباب.
قوله (والكفارة كالدين في أحد الوجهين).
وحكاهما أكثرهم روايتين وأطلقهما في الهداية والمغني والشرح والحاويين والفائق والفروع والحواشي وابن تميم والمحرر إذا لم يمنع دين الآدمي الزكاة فدين الله من الكفارة والنذر المطلق ودين الحج ونحوه لا يمنع بطريق أولى وإن منع الزكاة فهل يمنع دين الله فيه الخلاف.
أحدهما هو كالدين الذي للآدمي وهو الصحيح من المذهب صححه المجد وابن حمدان في رعايته وهو قول القاضي وأتباعه وجزم به بن البنا في خلافه في الكفارة والخراج وقال نص عليه وهو الذي احتج به القاضي في الكفارة.
والوجه الثاني لا يمنع وجوب الزكاة.
فائدتان
إحداهما النذر المطلق ودين الحج ونحوه كالكفارة كما تقدم وقال في المحرر والخراج من دين الله وتابعه في الرعايتين والحاويين وغيرهم قاله القاضي وابن البنا وغيرهما ففيه الخلاف في إلحاقه بديون الآدميين.
وأما الإمام أحمد فقدم الخراج على الزكاة وقال الشيخ تقي الدين الخراج ملحق بديون الآدميين.
والثاني لو كان الدين زكاة هل يمنع عند قواعد الخلاف في الزكاة هل تجب في المعين أو في الذمة.
الثانية لو قال لله علي أن أتصدق بهذا أو هو صدقة فحال الحول فلا زكاة فيه على الصحيح من المذهب وقال ابن حامد فيه الزكاة فقال
28

في قوله إن شفى الله مريضي تصدقت من هاتين المائتين بمائة فشفي ثم حال الحول قبل أن يتصدق بها وجبت الزكاة وقال في الرعاية إن نذر التضحية بنصاب معين وقيل أو قال جعلته ضحايا فلا زكاة ويحتمل وجوبها إذا تم
حوله قبلها انتهى.
ولو قال علي لله أن أتصدق بهذا النصاب إذا حال الحول وجبت الزكاة على الصحيح من المذهب اختاره المجد في شرحه وقيل هي كالتي قبلها اختاره بن عقيل وأطلقهما بن تميم والفروع.
فعلى الأول تجزئه الزكاة منه على أصح الوجهين ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا لكون الزكاة صدقة وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب هل يخرجهما أو يدخل النذر في الزكاة وينويهما وقال ابن تميم وجبت الزكاة ووجب إخراجهما معا وقيل يدخل النذر في الزكاة وينويهما معا انتهى.
قوله (الخامس مضي الحول شرط إلا في الخارج من الأرض).
فيشترط مضي الحول في الأثمان والماشية وعروض التجارة وظاهر كلام المصنف اشتراط مضي الحول كاملا وهو أحد الوجوه وهو ظاهر كلام الخرقي والقاضي لكن ذكره إذا كان النقص في أثناء الحول.
والوجه الثاني يعفى عن ساعتين وهو المذهب قال في الفروع وهو الأشهر.
قلت عليه أكثر الأصحاب.
وقدمه بن تميم واختاره أبو بكر وقدم المجد في شرحه أنه لا يؤثر أقل من معظم اليوم وقال في المحرر والفائق ولا يؤثر نقص دون اليوم وقيل يعفى عن نصف يوم وقال أبو بكر يعفى عن يوم اختاره القاضي وصححه بن تميم قال في الفروع وجزم به في المحرر وغيره وليس كما قال وقد تقدم لفظه.
وقيل يعفى عن يومين وقيل الخمسة والسبعة يحتمل وجهين.
29

وقال في الروضة يعفى عن أيام قال في الفروع فإما أن مراده ثلاثة أيام لقلتها واعتبارها في مواضع أو ما لم يعد كثيرا عرفا.
وقيل يعتبر طرفا الحول خاصة في العروض خاصة.
قوله (فإذا استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول).
وهذا المذهب إلا ما استثنى وسواء كان المستفاد من جنس ما يملكه أو لا وعليه الأصحاب وحكى عنه رواية في الأجرة أنها تتبع المال الذي من جنسها.
فائدة يضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكى كل مال إذا تم حوله وهذا الصحيح من المذهب.
وقيل يعتبر النصاب في المستفاد أيضا.
قوله (إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه حوله من حين ملك الأمات نقلها حنبل.
وقيل حول النتاج منذ كمل أمهاته نصابا وحول أمهاته منذ ملكهن ذكره في الرعاية ووجه في الفروع تخريجا واحتمالا في ربح التجارة أن حوله حول أصله.
قلت قال الزركشي وقيل عنه إذا كمل النصاب بالربح فحوله من حين ملك الأصل كالماشية في رواية.
فعلى رواية حنبل لو أبدل بعض نصاب بنصاب من جنسه كعشرين شاة بأربعين احتمل أن ينبني على حول الأولى ويحتمل أن يبتدئ الحول وأطلقهما في الفروع وهما وجهان مطلقان في مختصر بن تميم وروايتان مطلقتان في الرعاية الكبرى.
قلت الصواب الثاني من الاحتمالين.
30

قوله (وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول من حين ملكه).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الواجب وحكى بن تميم أن القاضي قال في شرحه الصغير تجب الزكاة في الحقاق وفي بنات المخاض واللبون بناء على أصل السخال ونقل حرب لا زكاة في بنات المخاض حتى تكون فيها كبيرة قال في الفروع كذا قال فعلى المذهب لو تغذت باللبن فقط لم تجب لعدم السوم المعتبر اختاره المجد في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل تجب لوجوبها فيه تبعا للأمات كما تتبعها في الحول وأطلقهما في الفروع والزركشي وابن تميم وهما احتمالان ذكرهما بن عقيل.
وعلى الرواية الثانية ينقطع ما لم يبق واحدة من الأمات نص عليه وهو الصحيح عليها وقيل ينقطع ما لم يبق نصاب من الأمات.
قوله (ومتى نقص النصاب في بعض الحول).
انقطع الحول هذا المذهب وعليه الجمهور وتقدم قول بأنه لو انقطع في أثناء حول عروض التجارة وكان كاملا في أوله وآخره أنه لا يضر.
قوله (أو باعه أو أبدله بغير جنسه انقطع الحول).
هذا المذهب بشرطه وعليه الأصحاب وقال ابن تميم وإن أبدله لا بمثله مما فيه الزكاة انقطع على الأصح قال في القواعد وخرج أبو الخطاب في الانتصار رواية بالبناء في الإبدال من غير الجنس مطلقا.
فائدتان
إحداهما لا ينقطع الحول بإبدال نصاب ذهب بفضة أو بالعكس على الصحيح من المذهب فيكون ذلك مستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق وفيه رواية مخرجة من عدم ضم أحدهما إلى الآخر وإخراجه عنه قال ابن تميم:
31

إبدال أحد النقدين بالآخر ينبني على الضم قال في القواعد فيه روايتان قال الزركشي طريقة أبي محمد وطائفة وصححها أبو العباس مبنية على الضم وطريقة القاضي وجماعة منهم المجد أن الحول لا ينقطع مطلقا وإن لم نقل بالضم.
تنبيه حيث قلنا لا ينقطع الحول فالصحيح أنه يخرج مما ملكه عند وجوب الزكاة قدمه في الفروع وقال القاضي وتبعه في شرح المذهب يخرج مما ملكه أكثر الحول قال ابن تميم ونص أحمد على مثله.
الثانية لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو أو وجوبها في غيره قال في الفروع
والأصول تقتضي العكس وهذا أيضا يكون مستثنى من كلام المصنف وغيره.
قوله (إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة).
الصحيح من المذهب أنه إذا قصد بالبيع أو الهبة أو الإتلاف أو نحوه الفرار من الزكاة لم تسقط وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال أبو يعلى الصغير في مفرداته عن بعض الأصحاب تسقط الزكاة بالتحيل وفاقا لأبي حنيفة والشافعي كما في بعد الحول الأول.
قلت وقواعد المذهب وأصوله تأبى ذلك.
فعلى المذهب اشترط المصنف أن يكون ذلك عند قرب وجوبها وجزم به جماعة من الأصحاب منهم أبو الخطاب في الهداية.
وقدم في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم عدم السقوط إذا فعله فارا قبل الحول بيومين أو يوم فأكثر وفي كلام القاضي بيومين أو يوم وقيل بشهرين حكاه في الرعاية وغيرها.
وقدم في الفروع أنه متى قصد بذلك الفرار من الزكاة مطلقا لم تسقط وسواء كان في أول الحول أو وسطه أو آخره قال وأطلقه الإمام أحمد فلهذا
32

قال ابن عقيل هو ظاهر كلامه وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المحرر وقال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وهو الغالب على كلام كثير من المتقدمين واختيار طائفة من المتأخرين كابن عقيل والمجد وغيرهما وذكره بعضهم قولا وقال في الفائق نص أحمد على وجوبها فيمن باع قبل الحول بنصف عام.
قال ابن تميم والصحيح تأثير ذلك بعد مضي أكثر الحول وقال المجد في شرحه وغيره لا أول الحول لندرته وفي كلام القاضي في أول الحول نظر وقال أيضا في أوله ووسطه لم يوجد لرب المال الغرض وهو الترفه بأكثر الحول والنصاب وحصول النماء فيه.
فائدتان
إحداهما يزكى من جنس المبيع لذلك الحول فقط إذا قصد الفرار على الصحيح من المذهب.
وقيل إن أبدله بعقار ونحوه وجبت زكاة كل حول وسأله بن هانئ فيمن ملك نصاب غنم ستة أشهر ثم باعها فمكثت عنده ستة أشهر قال إذا فر بها من الزكاة زكى ثمنها إذا حال عليها الحول وقيل يعتبر الأحظ للفقراء.
الثانية لو ادعى أنه لم يقصد بما فعل الفرار من الزكاة قبل فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
قلت الأولى أنه إن عرف بقرائن أنه قصد الفرار لم يقبل قوله وإلا قبل.
قوله (وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله).
وهو المذهب وعليه الأصحاب ويتخرج أن ينقطع وهو لأبي الخطاب كالجنسين.
قال ابن تميم لم ينقطع على الأصح وقاسه جماعة من الأصحاب منهم القاضي
33

وأصحابه والمصنف والمجد وغيرهم البناء على الحول الأول في هذه المسألة على عروض التجارة تباع بنقد أو تشترى به فإنه يبنى وحكى الخلاف.
تنبيه اعلم أن بعض الأصحاب عبر في هذه المسألة بالبيع كما قاله المصنف هنا وعبر بعضهم بالإبدال قال في الفروع ودليلهم يقتضي التسوية وعبر القاضي بالإبدال ثم قال نص عليه في رواية أحمد بن سعيد في الرجل يكون عنده غنم سائمة فيبيعها بضعفها من الغنم هل يزكيها أم يزكي الأصل فقال بل يعطي زكاتها لأن نماءها منها.
وقال أبو المعالي المبادلة هل هي بيع فيه روايتان ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف لا بيعه وقول أحمد المعاطاة بيع والمبادلة معاطاة وأن هذا أشبه قال فإن قلنا هي بيع انقطع الحول كلفظ المبيع لأنه ابتداء ملك.
نعم المبادلة تدل على وضع شيء مماثل له كالتيمم عن الوضوء فكل بيع مبادلة ولا عكس انتهى.
وقال أبو بكر في المبادلة هل هي بيع أم لا على روايتين وأنكر القاضي ذلك وقال هي بيع بلا خلاف ذكره بن رجب في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة ويأتي هذا في أوائل كتاب البيع عند حكم بيع المصحف.
فائدة لو زاد بالاستبدال تبع الأصول في الحول أيضا نص عليه كنتاج فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه زكاة مائتين إذا حال حول المائة نص عليه وقال أبو المعالي يستأنف للزائد حولا وقال في الانتصار إن أبدله بغير جنسه بنى أومأ إليه ثم سلمه وفرق وقال ابن تميم وابن حمدان لا يبنى في الأصح.
فائدة لو أبدله بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه استأنف الحول على الصحيح من المذهب وذكر أبو بكر إذا أبدل نصابا بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه ينبني على الحول الأول إذا لم تحصل المبادلة بيعا وفي نسخة إذا لم نقل المبادلة بيعا ولو أبدل نصاب سائمة بمثله ثم ظهر فيه على عيب بعد أن
34

وجبت الزكاة فله الرد ولا تسقط الزكاة عنه على الصحيح من المذهب.
وقال ابن حامد إذا دلس البائع العيب فرد عليه فزكاته عليه فإن خرج من النصاب فله رد ما بقي في أحد الوجهين وفي الآخر يتعين له الأرش.
قلت هذا المذهب على ما يأتي في خيار العيب.
وأطلقهما بن تميم فعلى الأول لو اختلفا في قيمة المخرج كان القول قول المخرج.
قلت وهو الصواب.
وقيل القول قول صاحبه وأطلقهما بن تميم والفروع على ما تقدم.
قوله (وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في رواية الجماعة قال في الفروع نقله واختاره الجماعة.
قال الجمهور وهذا ظاهر المذهب حكاه أبو المعالي وغيره انتهى.
قال المصنف والشارح هي الظاهرة عند أكثر أصحابنا وجزم به في الإرشاد والقاضي في المجرد والتعليق والجامع وصاحب الوجيز وغيرهم واختاره أبو الخطاب في خلافه الصغير وصححه المجد في شرحه وغيره وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تجب في الذمة قال في المذهب ومسبوك الذهب يتعلق بالذمة في أصح الروايتين.
قال ابن عقيل هو الأشبه بمذهبنا وجزم به الخرقي وأبو الخطاب في الانتصار وقال رواية واحدة وقدمه في التلخيص والفائق وابن رزين في شرحه ونهايته ونظمها واختاره وأطلقهما في المبهج والإيضاح والمستوعب والبلغة والشرح والحاوي الكبير.
وقيل تجب في الذمة وتتعلق بالنصاب قال في القواعد الفقهية ووقع ذلك في كلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهما وهي طريقة الشيخ تقي الدين.
35

قال في القواعد وفي كلام أبي بكر إشعار بتنزيل الروايتين على اختلاف حالين وهما يسار المالك وإعساره فإن كان موسرا وجبت في ذمته وإن كان معسرا وجبت في عين المال قال وهو غريب.
تنبيه لهذا الخلاف أعني أنها هل تجب في العين أو في الذمة.
فوائد جمة.
منها ما ذكره المصنف هنا وهو ما إذا مضى حولان على النصاب لم تؤد زكاتهما فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة هكذا أطلق الإمام أحمد أن عليه زكاتين إذا قلنا تجب في الذمة وتبعه جماعة من الأصحاب منهم المصنف هنا فأطلقوا حتى قال ابن عقيل وصاحب التلخيص ولو قلنا إن الدين يمنع وجوب الزكاة لم تسقط هنا لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره وقدمه في الفروع.
وقال صاحب المستوعب والمحرر ومن تابعهما إن قلنا تجب في الذمة زكى لكل حول إلا إذا قلنا دين الله يمنع فيزكى عن حول واحد ولا زكاة للحول الثاني لأجل الدين لا للتعليق بالعين وجزم به في القواعد الفقهية.
قال الزركشي هذا قول الأكثر وزاد في المستوعب متى قلنا يمنع الدين فلا زكاة للعام الثاني تعلقت بالعين أو بالذمة وقال حيث لم يوجب أحمد زكاة العام الثاني فإنه بنى على رواية منع الدين لأن زكاة العام الأول صارت دينا على رب المال والعكس بالعكس.
وجعل من فوائد الروايتين إخراج الراهن الموسر من الرهن بلا إذن إن عتقت بالعين واختار سقوطها بالتلف وتقديمها على الدين قاله في الفروع وقال غيره خلافه ويأتي أيضا.
وقال في القواعد قال في المستوعب تتكرر زكاته لكل حول على القولين وتأول كلام أحمد بتأويل فاسد.
36

تنبيه محل هذه الفائدة في غير ما زكاته الغنم من الإبل كما قال المصنف فأما ما زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة على كلا الروايتين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه قال في الفروع أما لو كان الواجب غير الجنس بل الإبل المزكاة بالغنم فنص أحمد أن الواجب فيه في الذمة وإن كانت الزكاة فيه تتكرر وفرق بينه وبين الواجب من الجنس وقال في الرعاية والشياه عن الإبل تتعلق بالذمة فتتعدد وتتكرر.
قلت هذا إن قلنا لا تسقط بدين الله انتهى.
وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج حكمه حكم ما لو كان الواجب من جنس المخرج عنه قال في الفروع وظاهر كلام أبي الخطاب واختاره صاحب المستوعب والمحرر أنه كالواجب من الجنس على ما سبق من العين والذمة لأن تعلق الزكاة كتعلق الأرش بالجاني والدين بالرهن فلا فرق إذن.
فعلى المذهب لو لم يكن سوى خمس من الإبل ففي امتناع زكاة الحول الثاني لكونها دينا الخلاف وقال القاضي في الخلاف في هذه المسألة لا يلزمه.
وعلى المذهب أيضا في خمس وعشرين بعيرا في ثلاثة أحوال الأول حول بنت مخاض ثم ثمان شياه لكل حول أربع شياه.
وعلى كلام أبي الخطاب أنها تجب في العين مطلقا كذلك لأول حول ثم للثاني ثم إن نقص النصاب بذلك عن عشرين بعيرا إذا قومناه فللثالث ثلاث شياه والأربع.
فوائد
إحداها متى أفنت الزكاة المال سقطت بعد ذلك صرح به في التلخيص وجزم به في الفروع لكن نص أحمد في رواية منها على وجوبها في الدين بعد
37

استغراقه بالزكاة قال في القواعد فإما أن يحمل ذلك على القول بالوجوب في الذمة وإما أن يفرق بين الدين والعين بأن الدين وصف حكمي لا وجود له في الخارج فتتعلق زكاته بالذمة رواية واحدة ولكن نص أحمد في رواية غير واحد على التسوية بين الدين والعين في امتناع الزكاة فيما بعد الحول الأول وصرح بذلك أبو بكر وغيره.
الثانية تعلق الزكاة بالعين مانع من وجوب الزكاة في الحول الثاني وما بعده بلا نزاع وليس بمانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء وهو قول القاضي في المجرد وابن عقيل ونقل المجد الاتفاق عليه وهو ظاهر ما ذكره الخلال في الجامع وأورد عن أحمد من رواية حنبل ما يشهد له.
وقيل إنه مانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء وهو قول القاضي في شرح المذهب والمصنف في المغني وأطلقهما في القواعد ويأتي معنى ذلك في الخلطة إذا باع بعض النصاب.
الثالثة إذا قلنا تجب الزكاة في العين فقال في الرعايتين والحاوي الصغير يتعلق به كتعلق أرش جناية الرقيق برقبته فلزمه إخراج زكاته من غيره والتصرف فيه ببيع غيره بلا إذن الساعي وكل النماء له وإن أتلفه لزمه قيمة الزكاة دون جنسه حيوانا كان النصاب أو غيره ولو تصدق بكله بعد وجوب الزكاة ولم ينوها لم يجزه وإذا كان كله ملكا لربه لم ينقص بتعلق الزكاة بل يكون دينا يمنع الزكاة كدين آدمي أو لا يمنع لعدم رجحانها على زكاة غيرها بخلاف دين الآدمي.
وقيل بل يتعلق به كتعلق الدين بالرهن وبمال من حجر عليه لفلسه فلا يصح تصرفه فيه قبل وفائه أو إذن ربه.
وقيل بل كتعلقه بالتركة قال وهو أقيس قال في القاعدة الخامسة والثمانين تعلق الزكاة بالنصاب هل هو تعلق شركة أو ارتهان أو تعلق استيفاء
38

كالجناية اضطرب كلام الأصحاب اضطرابا كثيرا ويحصل منه ثلاثة أوجه.
أحدها أنه تعلق شركة وصرح به القاضي في موضع من شرح المذهب وظاهر كلام أبي بكر يدل عليه وقد بينه في موضع آخر.
والثاني تعلق استيفاء وصرح به غير واحد منهم القاضي ثم منهم من يشبهه بتعلق الجناية ومنهم من يشبهه بتعلق الدين بالتركة.
والثالث أنه تعلق رهن وينكشف هذا النزاع بتحرير مسائل.
منها أن الحق هل يتعلق بجميع النصاب أو بمقدار الزكاة فيه غير معين ونقل القاضي وابن عقيل الاتفاق على الثاني.
ومنها أنه مع التعلق بالمال هل يكون ثابتا في ذمة المالك أم لا ظاهر كلام الأكثر أنه على القول بالتعلق بالعين لا يثبت في الذمة منه شيء إلا أن يتلف المال أو يتصرف فيه المالك بعد الحول وظاهر كلام أبي الخطاب والمجد في شرحه إذا قلنا الزكاة في الذمة يتعلق بالعين تعلق استيفاء محض كتعلق الديون بالتركة واختاره الشيخ تقي الدين وهو حسن.
ومنها منع التصرف والمذهب لا يمنع انتهى.
قوله (ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ولا تسقط بتلف المال).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط فيعتبر التمكن من الأداء مطلقا اختاره المصنف واختار الشيخ تقي الدين أن النصاب إذا تلف بغير تفريط من المالك لم يضمن الزكاة على الروايتين قال واختاره طائفة من أصحابنا وذكر القاضي وابن عقيل رواية باعتبار إمكان الأداء في غير المال الظاهر وذكر أبو الحسين
39

رواية لا يسقط بتلف النصاب غير الماشية وقال المجد على الرواية الثانية تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة نص عليه في رواية أبي عبد الله النيسابوري وغيره قال في الفروع كذا قال.
وقال أبو حفص العكبري روى أبو عبد الله النيسابوري الفرق بين الماشية والمال والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ذكره القاضي وغيره.
وقال في القواعد الفقهية وعنه رواية ثانية تسقط الزكاة إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة وبعد تمام الحول فمنهم من قال هي عامة في جميع الأموال ومنهم من خصها بالمال الباطن دون الظاهر ومنهم من عكس ذلك ومنهم من خصها بالمواشي.
تنبيه يستثنى من عموم كلام المصنف وغيره زكاة الزروع إذا تلفت بجائحة قبل القطع فإن زكاتها تسقط وقد صرح به المصنف في باب زكاة الخارج من الأرض عند قوله فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة قال القواعد اتفاقا قال وخرج بن عقيل وجها بوجوب زكاتها أيضا قال وهو ضعيف مخالف للإجماع الذي حكاه بن المنذر وغيره.
قلت قد قاله بن عقيل وذكره بن عقيل في عمد الأدلة رواية ذكره بن تميم قال في الفروع وأظن في المغني أنه قال قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح واشتداد الحب أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن انتهى ويأتي ذلك في باب زكاة الخارج من الأرض.
فعلى المذهب لو تلف النصاب بعد الحول وقبل التمكن من الأداء ضمنها.
وعلى الرواية الثانية لا يضمنها وجزم في الكافي ونهاية أبي المعالي بالضمان.
وعلى المذهب أيضا لو تلف النصاب ضمنها وعلى الرواية الثانية لا يضمنها.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يضمنها مطلقا واختاره في النصيحة وصاحب
40

المستوعب والمصنف في المغني والشيخ تقي الدين وذكره جماعة رواية عن الإمام أحمد.
ولو أمكنه إخراجها لكن خاف رجوع الساعي فهو كمن لم يمكنه إخراجها فلو نتجت السائمة لم تضم في حكم الحول الأول على المذهب وتضم على الثانية.
تنبيه اختلف الأصحاب في مأخذ الخلاف في أصل المسألة فقيل الخلاف هنا مبني على الخلاف في محل الزكاة فإن قيل في الذمة لم تسقط وإلا سقطت وهو قول الحلواني في التبصرة والسامري وقيل إنه ظاهر كلام الخرقي وفي كلام الإمام أحمد إيماء إليه أيضا فتكون من جملة فوائد الخلاف.
والصحيح من المذهب أن هذه المسألة ليست مبنية على الخلاف في محل الزكاة هل هي في الذمة أو في العين قال في القواعد وهو قول القاضي والأكثرين وقدمه في الفروع.
ومن الفوائد قول المصنف وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا تجب في الذمة وإن قلنا تجب في العين نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه منها.
قوله (وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته).
هذا المذهب أوصى بها أو لم يوص وعليه الأصحاب ونقل إسحاق بن هانئ فيمن عليه حج لم يوص به وزكاة وكفارة من الثلث ونقل عنه من رأس المال مع علم ورثته به ونقل عنه أيضا في زكاة من رأس ماله مع صدقة.
قال في الفروع فهذه أربع روايات في المسألة ولفظ الرواية الثانية يحتمل تقييده بعدم وصيته كما قيد الحج يؤيده أن الزكاة مثله أو آكد ويحتمل أنه على إطلاقه ولم أجد في كلام الأصحاب سوى النص السابق انتهى.
قوله (فإن كان عليه دين اقتسموا بالحصص).
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه أكثر الأصحاب ونقل عبد الله يبدأ
41

بالدين وذكره جماعة قولا منهم بن تميم والفائق وغيرهما كعدمه بالرهنية.
وقيل تقدم الزكاة واختاره القاضي في المجرد وصاحب المستوعب وغيرهما قال المجد تقدم الزكاة كبقاء المال الزكوي فجعله أصلا وذكره بعضهم من تتمة القول وحكى بن تميم وجها تقدم الزكاة ولو علقت بالذمة وقال هو أولى وقاله المجد قبله وقيل إن تعلقت الزكاة بالعين قدمت وإلا فلا وقال في الرعاية الكبرى قلت إن تعلقت الزكاة بالذمة تحاصا وإلا فلا بل يقدم دين الآدمي ويأتي بعض ذلك في آخر كتاب الوصايا.
فائدتان
إحداهما لو كان المالك حيا وأفلس فصرح المجد في شرحه أن الزكاة تقدم حتى في حال الحجر وقال سواء قلنا تتعلق الزكاة بالعين أو بالذمة إذا كان النصاب باقيا قال في القواعد وهو ظاهر كلام القاضي والأكثرين وظاهر كلام الإمام أحمد في رواية بن القاسم تقديم الدين على الزكاة.
الثانية ديون الله كلها سواء على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه تقدم الزكاة على الحج وقاله بعضهم وذكره بعضهم قولا وأما النذر بمتعين فإنه يقدم على الزكاة والدين قاله الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل تقديم الدين انتهى.
ومن الفوائد إن كان النصاب مرهونا ووجبت فيه الزكاة فهل تؤدى زكاته منه هنا حالتان.
إحداهما أن لا يكون له مال غيره يؤدى منه الزكاة فهنا يؤدى الزكاة من عين الرهن صرح به الخرقي والأصحاب.
الحالة الثانية أن يكون للمالك مال يؤدي منه الزكاة غير الرهن فهنا ليس له أداء الزكاة منه بدون إذن المرتهن على الصحيح من المذهب وذكره الخرقي أيضا وذكر في المستوعب أنه متى قلنا الزكاة تتعلق بالدين قبله
42

أخرجها منه أيضا لأنه تعلق قهري وينحصر في العين فهو كحق الجناية وقال في الفروع ويزكى المرهون على الأصح ويخرجها الراهن منه بلا إذن إن عدم كجناية رهن على دينه وقيل منه مطلقا وقيل إن علقت بالعين وقيل يزكى راهن موسر وإن أيسر معسر جعل بدله رهنا وقيل لا انتهى.
ومن الفوائد التصرف في النصاب أو بعضه ببيع أو غيره والصحيح من المذهب صحته ونص عليه الإمام أحمد قال الأصحاب وسواء قلنا الزكاة في العين أو في الذمة وذكر أبو بكر في الشافي إن قلنا الزكاة في الذمة صح التصرف مطلقا وإن قلنا في العين لم يصح التصرف في مقدار الزكاة قال ابن رجب وهذا متوجه على قولنا إن تعلق الزكاة تعلق شركة أو رهن صرح به بعض المتأخرين.
قلت تقدم ذلك في الفائدة الثالثة قريبا.
ونزل أبو بكر هذا على اختلاف الروايتين المنصوصتين عن أحمد في المرأة إذا وهبت زوجها مهرها الذي لها في ذمته فهل تجب زكاته عليه أو عليها قال فإن صححنا هبة المهر جميعه فعلى المرأة إخراج زكاته من مالها وإن صححنا الهبة فيما عدا مقدار الزكاة كان قدر الزكاة حقا للمساكين في ذمة الزوج فيلزمه أداؤه إليهم ويسقط عنه بالهبة ما عداه قال ابن رجب وهذا بناء غريب جدا.
وعلى المذهب لو باع النصاب كله تعلقت الزكاة بذمته حينئذ بغير خلاف كما لو تلف.
فإن عجز عن أدائها فقال المجد إن قلنا الزكاة في الذمة ابتداء لم يفسخ البيع وإن قلنا في العين فسخ البيع في قدرها تقديما لحق المساكين وجزم به في القاعدة الرابعة والعشرين.
وقال المصنف تتعين في ذمته كسائر الديون بكل حال ثم ذكر احتمالا بالفسخ في مقدار الزكاة من غير بناء على محل التعلق.
43

ومن الفوائد إذا كان النصاب غائبا عن مالكه لا يقدر على الإخراج منه لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه نص عليه وصرح به المجد في موضع من شرحه ونص أحمد فيمن وجب عليه زكاة مال فأقرضه لا يلزمه أداء زكاته حتى يقبضه قال في القواعد ولعله يرجع إلى أن أداء الزكاة لا يجب على الفور.
وقال القاضي وابن عقيل يلزمه أداء زكاته قبل قبضه لأنه في يده حكما ولهذا يتلف من ضمانه بخلاف الدين في ذمة غريمه وكذا ذكره المجد في موضع من شرحه وأشار في موضع إلى بناء ذلك على محل الزكاة فإن قلنا الذمة لزمه الإخراج عنه من غيره لأن زكاته لا تسقط بتلفه بخلاف الدين وإن قلنا العين لم يلزمه الإخراج حتى يتمكن من قبضه.
وقال ابن تميم وصاحب الفروع ومن كان له مال غائب وقلنا الزكاة في العين لم يلزمه الإخراج عنه وإن قلنا في الذمة فوجهان.
قال ابن رجب والصحيح الأول وقال ووجوب الزكاة على الغائب إذا تلف قبل قبضه مخالف لكلام أحمد.
ومن الفوائد ما تقدم على قول وهو ما إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال المضاربة منه فالصحيح من المذهب أنه يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح كما تقدم وقيل يحسب من نصيبه من الربح خاصة اختاره المصنف في المغني وقال في الكافي هي من رأس المال.
فبعض الأصحاب بنى الخلاف على الخلاف في محل التعلق فإن قلنا الذمة فهي محسوبة من الأصل والربح كقضاء الديون وإن قلنا العين حسبت من الربح كالمؤنة.
قال ابن رجب في القواعد ويمكن أن يبنى على هذا الأصل أيضا الوجهان في جواز إخراج المضارب زكاة حصته من مال المضاربة فإن قلنا الزكاة
44

تتعلق بالعين فله الإخراج منه وإلا فلا قال وفي كلام بعضهم إيماء إلى ذلك.
فائدة قال في الفروع النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة وكما يدخل فيه إتمام الملك يدخل فيه من يجب عليه.
أو يقال الإسلام والحرية شرطان للسبب فعدمهما مانع من صحة السبب وانعقاده وذكر غير واحد هذه الأربعة شروطا للوجوب كالحول فإنه شرط للوجوب بلا خلاف لا أثر له في السبب وأما إمكان الأداء فشرط للزوم الأداء وعنه للوجوب انتهى.
باب زكاة بهيمة الأنعام.
قوله (ولا تجب إلا في السائمة منها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل تجب في المعلوفة أيضا قال ابن تميم ونصر بن عقيل وجوب الزكاة في المعلوفة في غير موضع من فنونه انتهى وذكر بن عقيل في عمد الأدلة والفنون تخريجا بوجوب الزكاة فيما أعد للإجارة من العقار والحيوان وغيره في القيمة وقال في الرعاية فلو كان نتاج النصاب المباع له في الحول رضيعا غير سائم في بقية حول أمهاته فوجهان انتهى وأطلقهما بن تميم وأطلقهما بعضهم احتمالين قال في الفروع وقيل تجب فيما أعد للعمل كالإبل التي تكرى وهو أظهر ونصه لا انتهى.
قوله (وهي التي ترعى في أكثر الحول).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه في رواية صالح وغيره.
وقيل يعتبر أن ترعى الحول كله زاد بعض الأصحاب ولا أثر لعلف يوم أو يومين وظاهر كلام القاضي في أحكامه عدم اشتراط أكثر الحول قاله بن تميم
45

تنبيه يستثنى من ذلك العوامل ولو كانت سائمة نص عليه في رواية جماعة وقاله المجد وابن حمدان وصاحب الحاوي والزركشي وقدمه في الفروع وغيرهم قال في الرعاية الكبرى ولا زكاة في عوامل أكثر السنة بحال ولو بأجرة.
وقيل تجب في المؤجرة السائمة قال في الفروع وهو أظهر وقال في الرعاية ولا تجب في الربائب في الأصح وإن كانت سائمة انتهى.
فوائد
إحداها لا يعتبر للسوم والعلف نية على الصحيح من المذهب نصره المصنف ورجحه أبو المعالي قال ابن تميم وصاحب الفائق وحواشي بن مفلح لا يعتبر في السوم والعلف نية في أصح الوجهين.
وقيل تعتبر النية لهما قال المجد في شرحه وهو أصح وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والزركشي.
فلو اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة على الأول لفقد السوم المشترط وعلى الثاني تجب كما لو غصب حبا وزرعه في أرض ربه فإن فيه الزكاة على مالكه كما لو نبت بلا زرع وفعل الغاصب محرم كما لو غصب أثمانا فضاعفها ولعدم المؤنة كما لو ضلت فأكلت المباح.
قال المجد وطرده ما لو سلمها إلى راع يسيمها فعلفها وعكسهما لو تبرع حاكم أو وصى بعلف ماشية يتيم أو صديق بذلك بإذن صديقه لفقد قصد الإسامة ممن يعتبر وجوده منه.
وقيل تجب إذا علفها غاصب اختاره غير واحد.
وفي مأخذه وجهان تحريم علف الغاصب أو لانتفاء المؤنة عن ربها وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن حمدان.
46

قلت الصواب الثاني واختاره الأبهري والأول اختاره القاضي ورده المصنف وغيره.
ولو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجبت الزكاة على الأول لا الثاني لأن ربها لم يرض بإسامتها فقد فقد قصد الأسامة المشترط زاد صاحب المغني والمحرر كما لو سامت من غير أن يسيمها قال في الفروع فجعلاه أصلا وكذا قطع به أبو المعالي.
وقيل يجب إن أسامها الغاصب لتحقق الشرط كما لو كمل النصاب بيد الغاصب.
وإن لم يعتد بسوم الغاصب ففي اعتبار كون سوم المالك أكثر السنة وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم وابن حمدان في الكبرى.
أحدهما عدم اعتبار ذلك وهو ظاهر كلام المصنف في المغني والشارح وابن رزين وقال الأصحاب يستوي غصب النصاب وضياعه كل الحول أو بعضه وقيل إن كان السوم عند الغاصب أكثر فالروايتان وإن كان عند ربها أكثر وجبت وإن كانت سائمة عندهما وجبت الزكاة على رواية وجوب الزكاة في المغصوب وإلا فلا.
الثانية يشترط في السوم أن ترعى المباح فلو اشترى ما ترعاه أو جمع لها ما تأكل فلا زكاة فيها قاله الأصحاب.
الثالثة هل السوم شرط أو عدم السوم مانع فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى والفائق.
فعلى الأول لا يصح التعجيل قبل الشروع ويصح على الثاني.
قلت قطع المصنف في المغني والشارح وغيرهما بأن السوم شرط.
قلت منع بن نصر الله في حواشي الفروع من تحقق هذا الخلاف وقال كل ما كان وجوده شرطا كان عدمه مانعا كما أن كل مانع فعدمه شرط ولم
47

يفرق أحد بينهما بل نصوا على أن المانع عكس الشرط وأطال الكلام على ذلك.
وقال في الفروع في الخلطة في أول الفصل الثاني التعلق بالعين لا يمنع انعقاد الحول اتفاقا.
الرابعة لو غصب رب السائمة علفها فعلفها وقطع السوم ففي انقطاعه شرعا وجهان قطع في المغني بسقوط الزكاة.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وكذا لو قطع ماشيته عن السوم لقصد قطع الطريق بها ونحوه أو نوى قنية عبيد التجارة لذلك أو نوى بثياب الحرير التي للتجارة لبسها وأطلقهما في ذلك كله في الفروع والرعاية وابن تميم.
قلت الصواب أنه لا ينقطع بذلك.
وقال في الروضة إن أسامها بعض الحول ثم نواها لعمل أو حمل فلا زكاة كسقوط زكاة التجارة بنية القنية قال في الفروع كذا قال وهي محتملة وبينهما فرق وجزم جماعة بأن من نوى بسائمة عملا لم تصر له قنية انتهى.
الخامسة تجب الزكاة فيما تولد بين سائمة ومعلوفة قاله الأصحاب وقطعوا به وقال في الرعاية وتجب على الأظهر فيما ولد بين سائمة ومعلوفة.
تنبيه ظاهر قوله أحدها الإبل فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة.
أن القيمة لا تجزئ وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو بكر تجزئه عشرة دراهم لأنها بدل شاة الجبران أطلقه بعض الأصحاب وذكر بعضهم لا تجزئه مع وجود الشاة وإلا فوجهان منهم بن تميم وابن حمدان.
فائدة يشترط في الشاة المخرجة عن الإبل أن تكون بصفتها ففي كرام سمان كريمة سمينة والعكس بالعكس وإن كانت الإبل معيبة فقيل يخرج شاة
48

كشاة الصحاح لأن الواجب من غير جنس المال فلم يؤثر فيها عيبه كشاة الفدية والأضحية.
وقيل تجزئه شاة صحيحة قيمتها على قدر قيمة المال تنقص قيمتها على قدر نقص الإبل كالمخرجة عن الغنم.
قلت وهو الصواب للمواساة.
ثم رأيت المصنف في المغني قدمه وكذلك الشارح وابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى
.
وعليها لا يجزئه شاة معيبة لأن الواجب ليس من جنس المال.
وقيل تجزئه شاة تجزئ في الأضحية ذكره القاضي وأطلقهن في الفروع والمجد في شرحه.
قوله (فإن أخرج بعيرا لم يجزئه).
هذا المذهب المنصوص عن الإمام أحمد وعليه جمهور أصحابه.
وقيل يجزئه إن كانت قيمته قيمة شاة وسط فأكثر بناء على إخراج القيمة.
وقيل يجزئه إن أجزأ عن خمس وعشرين وإلا فلا.
فعلى القول بالإجزاء هل الواجب كله أو خمسه حكى القاضي أبو يعلى الصغير وجهين فعلى الثاني يجزئ عن العشرين بعيرا وعلى الأول لا يجزئ عنها إلا أربعة أبعرة.
قلت الأولى أن الواجب كله وأنه يجزئ عن العشرين بعيرا على الأول أيضا قال في القواعد الأصولية قلت وينبني عليها لو اقتضى الحال الرجوع فهل يرجع بكله أو خمسه فإن قلنا الجميع واجب رجع وإن قلنا الواجب الخمس والزائد تطوع رجع بالواجب لا التطوع.
ومما ينبغي أن ينبني عليه أيضا النية فإن جعلنا الجميع فرضا نوى الجميع فرضا لزوما وإن قلنا الواجب الخمس كفاه الاقتصار عليه في النية انتهى.
49

ويأتي نظير ذلك في أواخر باب الفدية عند قوله وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة وفي الهدي والأضاحي عند قوله إذا نذر هديا مطلقا.
فوائد
منها لو أخرج بقرة لم تجزه قولا واحدا وإن أخرج نصفي شاتين لم يجزه أيضا على الصحيح من المذهب وقيل يجزئ.
ومنها قوله في بنت المخاض فإن عدمها أجزأه بن لبون العدم أما لكونها ليست في ماله أو كانت في ماله ولكنها معيبة.
تنبيه ظاهر قوله فإن عدمها أجزأه بن لبون.
أن خنثى بن لبون لا يجزئ وهو أحد القولين وهو ظاهر كلام جماعة والصحيح من المذهب الإجزاء جزم به في الفائق وغيره قال في الفروع وهو الأشهر قال في الرعاية ويجزئ الخنثى المشكل في الأقيس قال في تجريد العناية هذا الأظهر.
ومنها يجوز إخراج الحقة والجذعة والثني عن بنت المخاض إذا عدمها على المذهب بل هي أولى لزيادة السن ولو وجد بن لبون.
وأما بنت اللبون فجزم المجد في شرحه وابن تميم وابن حمدان بالجواز مع وجود بن لبون وله جبران وهو ظاهر كلام غيرهم على ما يأتي وقال في الفروع وفي بنت لبون وجهان لاستغنائه بابن اللبون عن الجبران وجزم صاحب المحرر بالجواز لأن الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الإجزاء انتهى.
ومنها لو كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزئه بن لبون جزم به الأصحاب لكن لا يلزمه إخراجها على الصحيح من المذهب بل يخير بين إخراجها وبين شراء بنت مخاض لصفة الواجب قال في الفروع هذا الأشهر وجزم به المجد في شرحه وقيل يلزمه إخراجها وأطلقهما بن تميم.
ومنها لا يجبر فقد الأنوثية بزيادة السن في ماله غير بنت مخاض على
50

الصحيح من المذهب فلا يخرج عن بنت لبون حقا إذا لم تكن في ماله ولا عن الحق جذعا قاله القاضي وابن عقيل وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين ونصره المجد في شرحه وابن تميم قال في الفائق لا يجبر نقص الذكورية بزيادة سن في أصح الوجهين.
وقيل يجبر ذكر بن عقيل في موضع من الفصول جواز الجذع عن الحقة وعن بنت لبون قال في المغني والشرح اختاره القاضي وابن عقيل وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قوله (فإن عدمه أيضا لزمه بنت مخاض).
هذا المذهب وعليه الأصحاب لقوله في خبر أبي بكر الصحيح فمن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده بن لبون فإنه يقبل منه ذكره بن حامد وتبعه الأصحاب قاله في الفروع وقيل يجزئه بن لبون إذا حصله اختاره أبو المعالي قال في تجريد العناية فإن عدم بن لبون حصل أصلا لا بدلا في الأظهر.
تنبيه ظاهر قوله وفي ست وثلاثين بنت لبون.
عدم إجزاء بن لبون إذا عدمها ولو جبره وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقيل يجزئ وقيل يجزئ ويجبره.
فوائد
الأولى تجزئ الثنية عن الجذعة بلا جبران بلا نزاع قال أبو المعالي ولا تجزئ سن فوق الثنية وأطلق المصنف وغيره من الأصحاب الإجزاء في مسألة الجبران قال في الفروع وهو أظهر وقيل تجزئ حقتان أو ابنتا لبون عن الجذعة وابنتا لبون عن الحقة جزم به المصنف قال بعض الأصحاب وينتقض بنت مخاض عن عشرين وثلاث بنات مخاض عن الجذعة.
51

الثانية الأسنان المذكورة في الإبل في كلام المصنف وغيره من الفقهاء هو قول أهل اللغة وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم قطع به وذكر بن أبي موسى أن بنت المخاض عمرها سنتان وبنت اللبون لها ثلاث سنين والحقة أربع سنين والجذعة خمس سنين كاملة وحمله المجد في شرحه على بعض السنة قال في الفروع فكيف يحمله على بعض السنة مع قوله كاملة انتهى.
وقيل لبنت المخاض نصف سنة ولبنت اللبون سنة وللحقة سنتان وللجذعة ثلاث سنين.
وقيل للجذعة ست سنين وقيل سن بنت المخاض مدة الحمل وعن أحمد بنت المخاض التي تتمخض بغيرها.
الثالثة سميت بنت مخاض لأن أمها قد حملت غالبا وليس بشرط والمخاض الحمل وسميت بنت لبون لأن أمها
وضعت وهي ذات لبن وسميت حقة لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وسميت جذعة لأنها تجذع إذا سقطت سنها والثنية يأتي مقدار سنها في باب الأضحية.
قوله (إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون).
الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم أن الفرض يتغير بزيادة واحدة على عشرين ومائة.
وعنه لا يتغير الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة فيكون فيها حق وبنتا لبون اختاره أبو بكر عبد العزيز في كتاب الخلاف وأبو بكر الآجري.
فعليها وجوب الحقتين إلى تسعة وعشرين ومائة.
وعنه في إحدى وعشرين ومائة حقتان وبنت مخاض إلى أربعين ومائة.
52

قال القاضي وذلك سهو من ناقله ونقل حرب أنه رجع عن ذلك قاله بن تميم في بعض النسخ.
فعلى المذهب هل الواحدة عفو وإن تغير الفرض بها يتعلق بها الوجوب فيه وجهان ذكرهما بن عقيل في عمد الأدلة وتابعه بن تميم وصاحب الفروع وأطلقهما.
قلت الصواب أن الوجوب يتعلق بها وكذا في غير هذه المسألة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
فائدة لا يتغير الواجب بزيادة بعض بعير ولا بقرة ولا شاة بلا نزاع أعلمه في المذهب.
قوله (فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان فإن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء أخرج خمس بنات لبون.
هذا عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن حامد والقاضي قال في كتاب الروايتين هذا الأشبه). واختاره المصنف قال الآمدي هذا ظاهر المذهب ويحتمله كلام أحمد في رواية صالح وابن منصور وهو ظاهر كلام الخرقي قال ابن تميم اختاره الأكثر وقال وهو الأظهر قال في الفروع اختاره أبو بكر وابن حامد وجماعة قال المجد في شرحه وقد نص أحمد على نظيره في زكاة البقر وجزم به في الإفادات والمنور والوجيز وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وتجريد العناية.
والمنصوص أنه يخرج الحقاق وقاله القاضي في شرحه ومقنعه واختاره بن عقيل وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والرعايتين والحاويين واستثنى في الوجيز والزركشي وغيرهما مال اليتيم والمجنون فإنه يتعين إخراج الأدون المجزئ منهما وقدم القاضي في الأحكام السلطانية أن
53

الساعي يأخذ أفضلهما إذا وجدا في ماله وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما يتعين ما وجد عنده منهما.
قال في الفروع ومرادهم والله أعلم أن الساعي ليس له تكليف المالك سواه وفي كلام غير واحد ما يدل على هذا قال ولم أجد تصريحا بخلافه وإلا فالقول به مطلقا بعيد عند غير واحد لا وجه له.
تنبيه منصوص أحمد على التعيين على الصحيح من المذهب فتجب الحقاق عينا مطلقا جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وأوله المصنف وغيره على صفة التخيير وتقدم قول القاضي وابن عقيل وغيرهما أنه يتعين ما وجد عنده منهما.
فائدتان
إحداهما لو كانت إبل أربعمائة فعلى المنصوص لا يجزئ غير الحقاق وعلى قول الأصحاب يخير بين إخراج ثمان حقاق أو عشر بنات لبون فإن أخرج أربع حقاق وخمس بنات لبون جاز قال في الفروع هذا المعروف وجزم به الأئمة ثم قال فإطلاق وجهين سهو.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة جاز بغير خلاف.
قلت ذكر الوجهين بن تميم.
أما لو أخرج مع التشقيص كحقتين وبنتي لبون ونصف عن مائتين لم يجز على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وابن رزين في شرحه قال ابن تميم لم يجز على الأصح وفيه وجه لا يجوز مطلقا انتهى قال في الفروع وفيه تخريج من عتق نصفي عبد في الكفارة قال وهو ضعيف.
الثانية أفادنا المصنف رحمه الله بقوله وليس فيما بين الفرضين شيء أن الزكاة تتعلق بالنصاب لا بما زاد من الأوقاص وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
54

وقيل تجب في وقصها أيضا اختاره الشيرازي وتقدم ذلك مستوفى بفوائده عند قول المصنف وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا في السائمة.
قوله (ومن وجبت عليه سن فعدمها أخرج سنا أسفل منها ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج سنا أعلى منها وأخذ مثل ذلك).
وهذا بلا نزاع بشرطه ويعتبر فيما عدل إليه أن يكون في ملكه فلو عدمها لزمه تحصيل الأصل على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وقال أبو المعالي لا يعتبر كون ذلك في ملكه كما تقدم في بنت المخاض إذا عدمها وعدم بن اللبون.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكلام كثير من الأصحاب والمغني أنه لو أخرج شاة أو عشرة دراهم أو أخذ شاة وعشرة دراهم أنه لا يجزئه وهو أحد الوجهين وهو احتمال في الكافي والمغني والشرح ومالا إليه وقدمه بن تميم.
وقيل يجزئه وهو الصحيح اختاره القاضي وقال المجد في شرحه وهو أقيس بالمذهب قال ابن أبي المجد في مصنفه أجزأه في الأظهر وجزم به في الإفادات وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في الكافي وابن رزين في شرحه وأطلقهما في المذهب والتلخيص والمحرر وشرح الهداية له والرعايتين والحاويين والنظم والفروع والفائق والزركشي والقواعد الفقهية.
قوله (فإن عدم السن التي تليها انتقل إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما).
وهو المذهب اختاره القاضي في المجرد قال المجد في شرحه هو أقيس بالمذهب قال ابن أبي المجد وأومأ إليه الإمام أحمد وقال الناظم هذا الأقوى وجزم به في الوجيز وابن عبدوس في تذكرته والمنور وابن رزين في شرحه
55

ومنتخب الأدمى وقدمه في الفائق والمحرر والشرح ومال إليه المصنف في المغني.
وقال أبو الخطاب لا ينتقل إلا إلى سن تلي الواجب واختاره بن عقيل قال في النهاية هو ظاهر المذهب وهو
ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المستوعب والرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما في المذهب والكافي والتلخيص وابن تميم والرعاية الكبرى والفروع.
فعلى المذهب يجوز الانتقال إلى جبران ثالث إذا عدم الثاني كما لو وجبت عليه جذعة وعدم الحقة وبنت اللبون فله الانتقال إلى بنت مخاض أو وجبت عليه بنت مخاض وعدم بنت لبون وابن لبون والحقة فله الانتقال إلى الجذعة قاله المصنف والشارح والمجد في شرحه وغيرهم.
فوائد
إحداها حيث جوزنا الجبران فالخيرة فيه لرب المال مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والكافي والشرح والمستوعب وابن رزين وقدمه في الفروع وابن تميم وغيرهما إلا ولي اليتيم والمجنون فإنه يتعين عليه إخراج الأدون المجزئ فيعايى بها.
وقال القاضي الخيرة فيه لمن أعطى سواء كان رب المال أو الآخذ واختاره المجد في شرحه ووجه في الفروع تخريجا بتخيير الساعي.
الثانية حيث تعدد الجبران جاز إخراج جبران غنما وجبران دراهم فيجوز إخراج شاتين أو عشرين درهما وهذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يجوز قال المصنف والشارح وكذا الحكم في الجبران الذي يخرجه عن فرض المائتين من الإبل إذا أخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات
56

مخاض أو مكان أربع حقاق أربع بنات لبون وقاله غيرهما وهو داخل في كلام صاحب الفروع وغيره وأما الجبران الواحد ففيه الخلاف المتقدم.
الثالثة إذا عدم السن الواجب عليه والنصاب معيب فله دفع السن السفلي مع الجبران وليس له دفع ما فوقها مع أخذ الجبران لأن الجبران قدره الشارع وفق ما بين الصحيحين وما بين المعيبين أقل منه فإذا دفع المالك جاز التطوع بالزائد بخلاف الساعي وبخلاف ولي اليتيم والمجنون فإنه لا يجوز له إخراج إلا الأدون وهو أقل الواجب كما لا يجوز له أن يتبرع كما تقدم قريبا.
الرابعة لو أخرج سنا أعلى من الواجب فهل كله فرض أو بعضه تطوع قال أبو الخطاب كله فرض وهو مخالف للقاعدة وقال القاضي بعضه تطوع قال أبو الخطاب بعضه تطوع قال ابن رجب وهو الصواب لأن الشارع أعطاه جبرانا عن الزيادة.
فائدتان
إحداهما قوله في زكاة البقر فيجب فيها تبيع أو تبيعة.
التبيع ما عمره سنة ودخل في الثانية على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع ذكره الأكثر وقال في الأحكام السلطانية هي التي لها نصف سنة وقال ابن أبي موسى سنتان وقيل ما يتبع أمه إلى المرعى وقيل ما انعطف شعره وقيل ما حاذى قرنه أذنه نص عليه وقدمه بن تميم والتبيع جذع البقر.
الثانية يجزئ إخراج مسن عن تبيع وتبيعة قاله في الفروع وغيره.
قوله (وفي أربعين مسنة وهي التي لها سنتان).
وهو الصحيح من المذهب أعني أن المسنة هي التي لها سنتان وعليه أكثر الأصحاب وقال القاضي في الأحكام السلطانية هي التي لها سنة وقيل هي التي
57

لها ثلاث سنين وقيل هي التي لها أربع سنين وقيل هي التي يلد مثلها وقيل هي التي لها ثلاث سنين وقيل هي التي بلغت سن أمها حين وضعتها وقيل هي التي ألقت سنا نص عليه وجزم به في الفروع ولها سنتان.
فوائد
منها المسنة هي ثنية البقر.
ومنها يجوز إخراج أعلى من المسنة منها عنها.
ومنها لا يجزئ إخراج مسن عن مسنة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وقيل يجزئ وجزم به بعضهم.
فعليه يجزئ إخراج ثلاثة أتبعة عن مسنتين.
ومنها قوله ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة بلا نزاع لكن لو اجتمع الفرضان كمائة وعشرين فحكمها حكم الإبل إذا اجتمع الفرضان على ما تقدم لك نص الإمام أحمد هنا على التخيير وقدمه في الرعاية وقال في مختصر بن تميم وتجريد العناية فإن اجتمع مائة وعشرون فهل يتعين فيها ثلاث مسنات أو يخير بينها وبين أربعة أتبعة وجهان.
وقال القاضي في أحكامه يأخذ العامل الأفضل وقيل المسنات.
قوله (ولا يجزئه الذكر في الزكاة في غير هذا إلا بن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها).
كما تقدم وهذا الصحيح من المذهب إلا ما استثنى على ما يأتي قريبا وعليه أكثر الأصحاب وقيل يجزئ ذكر الغنم عن الإبل والغنم أيضا.
قوله (إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا).
وهو الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب كالمصنف.
58

وقيل لا يجزئ فعليه يجزئ أنثى بقيمة الذكر فيقوم النصاب من الأناثى وتقوم فريضته ويقوم نصاب الذكور وتؤخذ أنثى بقسطه.
قوله (وفي الإبل والبقر في أحد الوجهين).
يعني يجزئ إخراج الذكر إذا كان النصاب كله ذكورا في الإبل والبقر في أحد الوجهين وهو الصحيح من المذهب صححه في النظم والمذهب والمغني والشرح والرعايتين وجزم به في الوجيز والعمدة وغيرهما وقدمه في الفروع والفائق وشرح بن رزين وغيرهم.
والوجه الثاني لا يجزئ فيها إلا أنثى فتقدم كما تقدم في نصاب ذكور الغنم على الوجه الثاني وأطلقهما في الهداية
والمستوعب والتلخيص والحاويين.
وقيل يجزئ عن البقر لا عن الإبل لئلا يجزئ بن لبون عن خمس وعشرين وعن ستة وثلاثين فيساوي الفرضان.
وقيل يجزئ بن مخاض عن خمس وعشرين فيقوم الذكر مقام الأنثى التي في سنه كسائر النصب وحكاه بن تميم عن القاضي وأنه أصح وقال القاضي يخرج عن ست وثلاثين بن لبون زائد القيمة على بن مخاض بقدر ما بين النصابين وقال في المذهب فإن كانت كلها ذكورا أجزأ إخراج الذكر في البقر قولا واحدا وفي الإبل والغنم وجهان.
كذا وجدته في نسختين القطع بالإجزاء في البقر وإطلاق الخلاف في الإبل والغنم ولم أر هذه الطريقة لغيره فلعله تصحيف من الكاتب.
قوله (ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريضة).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه في الصغيرة وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال وحكاه عن أحمد قال القاضي أومأ إليه أحمد وفي رواية بن منصور وذكره في الانتصار والواضح رواية.
59

قال الحلواني وهو ظاهر كلام الخرقي كشاة الإبل وفرق بينهما.
فعلى المذهب يتصور أخذ الصغيرة إذا أبدل الكبار بصغار أو ماتت الأمات وبقيت الصغار وذلك على الرواية المشهورة أن الحول ينعقد على الصغار منفردا كما تقدم.
تنبيه شمل كلام المصنف ويؤخذ من الصغار صغيرة الفصلان من الإبل والعجاجيل من البقر فيؤخذ منها كالسخال وهو أحد الوجوه وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه بن تميم والفائق والرعاية الكبرى والحاوي الكبير والشرح وشرح بن رزين وغيرهم فلا أثر للسن ويعتبر العدد فيؤخذ من خمس وعشرين إلى إحدى وستين واحدة منها ثم في ست وسبعين اثنتان وكذا في إحدى وتسعين ويؤخذ في ثلاثين عجلا إلى تسع وخمسين واحد ويؤخذ في ستين إلى تسع وثمانين اثنان وفي التسعين ثلاث منها فيعايى بذلك على هذا الوجه والتعديل على هذا الوجه بالقيمة وكان زيادة السن كما سبق في إخراج الذكور من الذكور فلا يؤدي إلى تسوية النصب التي غاير الشرع بالأحكام فيها باختلافها.
والوجه الثاني لا يجوز إخراج الفصلان والعجاجيل وهو احتمال في المغني وقواه ومال إليه واختاره المجد في شرحه وهذا المذهب على ما اصطلحناه فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم يقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط لئلا يؤدي إلى تسوية النصب في سن المخرج.
والوجه الثالث وقاله أبو الخطاب في الانتصار بضعف سن المخرج في الإبل فيخرج عن خمس وعشرين واحدة منها ويخرج عن ست وثلاثين واحدة منها كسن واحدة منهن مرتين وفي ست وأربعين مثل واحدة ثلاث مرات وفي إحدى وستين مثلها أربع مرات والعجول على هذا وأطلقهن المجد في شرحه.
60

والوجه الرابع واختاره أيضا أبو الخطاب في الانتصار يضعف ذلك في الإبل خاصة.
والوجه الخامس وقاله السامري في المستوعب يخرج عن خمس وعشرين فصيلا واحدا منها وعن ست وثلاثين فصيلا واحدا منها ومعه شاتان أو عشرون درهما وعن ست وأربعين واحدا منها ومعه الجبران مضاعفا مرتين فيكون أربع شياه وأربعون درهما أو شاتان مع عشرين درهما وعن إحدى وستين واحدا منها ومعه الجبران مضاعفا مرتين فيكون ست شياه أو ستين درهما ويخرج عن ثلاثين عجلا واحدا منها وعن أربعين واحدا وثلث قيمة آخر انتهى وأطلقهن في الفروع.
وقيل يؤخذ من الصغار من غير اعتبار سن.
وقيل يعتبر بغنمه دون غنم غيره.
فائدة لو كان عنده أقل من خمس وعشرين من الإبل صغارا وجبت عليه في كل خمس شاة كالكبار.
قوله (فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
فعلى هذا لو كان قيمة المال المخرج إذا كان المال المزكى كله كبارا صحاحا عشرين وقيمته بالعكس عشرة وجبت كبيرة صحيحة قيمتها خمسة عشر مع تساوي العددين ولو كان الثلث أعلى والثلثان أدنى فشاة قيمتها ثلاثة عشر وثلث وبالعكس فشاة قيمتها ستة عشر وثلثان.
وعند بن عقيل من لزمه رأسان فيما نصفه صحيح ومعيب أخرج صحيحه ومعيبه كنصاب صحيح مفرد وهذا القول من المفردات.
61

فائدة لو كان ماله مائة وإحدى وعشرين شاة والجميع معيب إلا واحدة أو كان عنده مائة وإحدى وعشرون شاة كبيرة أو الجميع سخال إلا واحدة كبيرة فإنه يجزئه على الأول صحيحه ومعيبه وعن الثاني شاة كبيرة وسخلة إن وجبت الزكاة في سخال مفردة وإلا وجبت كبيرة بالقسط وهو معنى قولهم وإن كان الصحيح غير واجب لزمه إخراج الواجب صحيحا بقدر المال.
قوله (وإن كان نوعين كالبخاتي والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز أو كان فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين).
اعلم أنه إذا كان النصاب من نوعين كما مثل المصنف أولا فقطع بأنه تؤخذ الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يخير الساعي واختاره أبو بكر ونقل حنبل في ضأن ومعز يخير الساعي لاتحاد الواجب ولم يعتبر أبو بكر القيمة في النوعين.
قال المجد وهو ظاهر ما نقل حنبل وقال في الفروع ويتوجه في حنث من حلف لا يأكل لحم بقر بأكله لحم جاموس الخلاف لنا هنا في تعارض الحقيقة اللغوية والعرفية أيهما يقدم.
وأما إذا كان النصاب فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل فجزم المصنف هنا بأنه تؤخذ الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين وهو اختياره وذكره أبو بكر في هزيلة بقيمة سمينة.
والصحيح من المذهب أنه يجب في ذلك الوسط نص عليه بقدر قيمة المالين جزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
62

فوائد
إحداهما لو أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم تنقص قيمة المخرج عن النوع الواجب على الصحيح من المذهب وعلى قول أبي بكر يجوز ولو نقصت.
وقيل لا يجزئ هنا مطلقا كغير الجنس وجاز من أحد نوعي ماله لتشقيص الفرض.
وقيل يجزئ ثنية من الضأن عن المعز وجها واحدا.
الثانية لا يضم الظباء إذا قلنا تجب الزكاة فيها إلى الغنم في تكميل النصاب على الصحيح من المذهب واختار في الرعاية الكبرى أنها تضم وحكى وجه وحكى رواية أيضا.
الثالثة يضم ما تولد بين وحشي وأهلي إن وجبت.
قوله (في زكاة الغنم إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه).
هذا بلا نزاع.
قوله (ثم في كل مائة شاه شاة).
فتكون في أربعمائة شاة أربع شياه وفي خمسمائة خمس شياه وعلى هذا فقس وهذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي اختاره القاضي وجمهور الأصحاب.
وعنه في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ثم في كل مائة شاة شاة فيكون في خمسمائة شاة خمس شياه فالوقص من ثلاثمائة وواحدة إلى خمسمائة.
وعنه أن المائة زائدة ففي أربعمائة وواحدة خمس شياه وفي خمسمائة وواحدة ست شياه وعلى هذا أبدا.
63

فائدتان
إحداهما من الأصحاب من ذكر هذه الرواية الأخيرة وقال اختارها أبو بكر وأن التي قبلها سهو منهم المجد في شرحه.
وذكر بعضهم الرواية الثانية وقال اختارها أبو بكر ولم يذكر الثالثة وهو معنى ما في المغني وذكرها بعض المتأخرين منهم بن حمدان وابن تميم.
الثانية قوله ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع.
فالثني من المعز ما له سنة والجذع من الضأن ما له نصف سنة على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
وقيل الجذع من الضأن ما له ثمان شهور اختاره بن أبي موسى في الإرشاد ويأتي ذلك في أول باب الهدي والأضاحي.
قوله (ولا يؤخذ تيس ولا هرمة).
أما التيس فتارة يكون تيس الضراب وهو فحله وتارة يكون غيره.
فإن كان فحل الضراب فلا يؤخذ لخبره إلا أن يشاء ربه وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفرع وغيره قال المجد اختاره أبو بكر والقاضي وكذا ذكره بن عقيل وغيره.
فلو بذله المالك لزم قبوله حيث يقبل الذكر وقيل لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه.
وإن كان التيس غير فحل الضراب فلا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه.
قوله (ولا ذات عوار وهي المعيبة).
لا يجزئ إخراج المعيبة وهي التي لا يضحى بها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وقال الأزجي في نهايته
64

وأومأ إليه المصنف لا بد أن يكون العيب يرد به في البيع ونقل عن الإمام أحمد لا تؤخذ عوراء ولا عرجاء ولا ناقصة الخلق.
واختار المجد الإجزاء إن رآه الساعي أنفع للفقراء لزيادة صفة فيه وأنه أقيس بالمذهب لأن من أصلنا إخراج المكسرة عن الصحاح وردئ الحب عن جيده إذا زاد قدر ما بينهما من الفضل على ما يأتي.
فائدة قوله ولا الربى وهي التي تربى ولدها ولا الحامل.
وهذا بلا نزاع قال المجد ولو كان المال كذلك لما فيه من مجاوزة الأشياء المحدودة ومثل ذلك طروقه الفحل.
قلت لو قيل بالجواز إذا كان النصاب كذلك لكان قويا في النظر وهو موافق لقواعد المذهب.
قوله (ولا يجوز إخراج القيمة).
هذا المذهب مطلقا أعني سواء كان ثم حاجة أم لا لمصلحة أو لا لفطرة وغيرها وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه تجزئ القيمة مطلقا وعنه يجزئ في غير الفطرة.
وعنه تجزئ للحاجة من تعذر الفرض ونحوه نقلها جماعة منهم القاضي في التعليق وصححها جماعة منهم بن تميم وابن حمدان واختاره الشيخ تقي الدين.
وقيل ولمصلحة أيضا واختاره الشيخ تقي الدين أيضا وذكر بعضهم رواية تجزئ للحاجة.
وقال ابن البنا في شرح المحرر إذا كانت الزكاة جزءا لا يمكن قسمته جاز صرف ثمنه إلى الفقراء قال وكذا كل ما يحتاج إلى بيعه مثل أن يكون بعيرا لا يقدر على المشي وعنه تجزئ عما يضم دون غيره.
وعنه تجزئ القيمة وهي الثمن لمشتري ثمرته التي لا تصير تمرا أو زبيبا عن الساعي قبل جداده والمذهب لا يصح شراؤه فلا تجزئ القيمة على ما يأتي.
65

فائدة قوله لو باع النصاب قبل إخراج زكاته.
وقلنا بالصحة على ما تقدم في أواخر كتاب الزكاة فعنه له أن يخرج عشر ثمنه نص عليه وأن يخرج من جنس النصاب ونقل صالح وابن منصور وإن باع تمره أو زرعه وقد بلغ ففي ثمنه العشر أو نصفه.
ونقل أبو طالب يتصدق بعشر الثمن قال القاضي أطلق القول هنا أن الزكاة في الثمن وخبره في رواية أبي داود انتهى وعنه رواية ثانية لا يجوز أن يخرج من الثمن.
قلت وهو الصواب.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وصححه المجد في شرحه وأطلقهما في الفروع والرعاية وابن تميم وقال القاضي الروايتان بناء على روايتي إخراج القيمة وقال هذا المعنى قبله أبو إسحاق وغيره وقاله بعده آخرون وقال أبو حفص البرمكي إذا باع فالزكاة في الثمن وإن لم يبع فالزكاة فيه وذكر بن أبي موسى الروايتين في إخراج ثمن الزكاة بعد البيع إذا تعذر المثل وعن أبي بكر إن لم يقدر على تمر وزبيب ووجده رطبا أخرجه وزاد بقدر ما بينهما ذكره الآمدي وصاحب الفروع وغيرهما عنه.
قوله (وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه جاز).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وتقدم جواز إخراج المسن عن التبيع والتبيعة وإخراج الثنية عن الجذعة وذكر بن عقيل في عمد الأدلة وجها بعدم الجواز قال الحلواني في التبصرة إن شاء رب المال أخرج الأكولة وهي السمينة وللساعي قبولها وعنه لا لأنها قيمة قال في الفروع كذا قال وهو غريب بعيد.
قلت ينزه الإمام أحمد أن يقول مثل ذلك.
66

فائدتان
إحداهما قوله وإذا اختلط نفسان أو أكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه فحكمهما في الزكاة حكم الواحد.
وهذا بلا نزاع سواء أثرت الخلطة في إيجاب الزكاة أو إسقاطها أو ثرت في تغيير الفرض أو عدمه فلو كان لأربعين من أهل الزكاة أربعون شاة مختلطة لزمهم شاة واحدة ومع انفرادهم لا يلزمهم شيء ولو كان لثلاثة أنفس مائة وعشرون شاة لزمهم واحدة ومع انفرادهم ثلاث شياه ويوزع الواجب على قدر المال مع الوقص فستة أبعرة مختلطة مع تسعة يلزم رب الستة شاة وخمس شاة ويلزم رب التسعة شاة وأربعة أخماس شاة.
الثانية قوله سواء كانت خلطة أعيان بأن تكون مشاعا بينهما.
تتصور الإشاعة بالإرث والهبة والشراء أو غيره.
قوله (أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد متميزا).
فلو استأجره ليرعى غنمه بشاة منها فحال الحول ولم يفردها فهما خليطان وإن أفردها فنقص النصاب فلا زكاة.
قوله (فخلطاه واشتركا في المراح والمسرج والمشرب والمحلب والراعي والفحل).
وهكذا جزم به في الهداية والكافي والنظم والتسهيل وإدراك الغاية.
واعلم أن للأصحاب في ضبط ما يشترط في صحة الخلط طرقا أحدها هذا.
الطريق الثاني اشتراط المرعى والمسرح والمبيت وهو المراح والمحلب والفحل لا غير وهي المذهب قدمه في الفروع وجزم بها الخرقي والمجد في
67

محرره وابن عبدوس في تذكرته فزادوا على المصنف المرعى وأسقطوا الراعي والمشرب.
الطريق الثالث اشتراط المراح وهو المأوى والمرعى والراعي والمشرب وهو موضع الشرب وآنيته والمحلب وهو موضع الحلب وآنيته والمسرح وهو مجتمعها لتذهب والفحل قدمه في الرعايتين والحاويين وابن تميم فزادوا على المصنف المرعى وآنية الشرب وآنية الحلب.
الطريق الرابع اشتراط المسرح والمرعى والمشرب والمراح والمحلب والفحل وبه جزم في التلخيص والبلغة فأسقط الراعي.
الطريق الخامس اشتراط الراعي والمرعى وموضع شربها وحلبها وآنيتها وفحلها ومسرحها وبه جزم في الوجيز فأسقط المراح وزاد الآنية والمرعى.
الطريق السادس اشتراط الراعي والمسرح والمبيت والمحلب والفحل قدمها في الفائق فأسقط المشرب.
الطريق السابع اشتراط الراعي والفحل والمسرح والمراح وجزم بها في الفصول وقدمها في المستوعب فأسقط المحلب والمشرب.
الطريق الثامن اشتراط الفحل والراعي والمرعى والمأوى وهو المبيت والمحلب وبه جزم في المذهب ومسبوك الذهب فزاد المرعى وأسقط المشرب والمسرح.
الطريق التاسع اشتراط المبيت والمسرح والمحلب وآنيته والمشرب والراعي والمرعى والفحل قدمها بن أبي المجد في مصنفه فزاد المرعى وآنية الحلب.
الطريق العاشر اشتراط المراح والمسرح والمبيت والفحل وبه قطع في الإيضاح فجمع بين المراح والمبيت وأسقط الحلب والمشرب والراعي.
الطريق الحادي عشر اشتراط المراح والمسرح والفحل والمرعى وهي
68

طريقة الآمدي فزاد المرعى وأسقط المشرب والمحلب والراعي.
الطريق الثاني عشر اشتراط الفحل والراعي والمحلب فقط وهي طريقة بن الزاغوني في الواضح فأسقط المشرب والمراح والمسرح.
الطريق الثالث عشر اشتراط المرعى والمسرح والمشرب والراعي وبها قطع بن عقيل في تذكرته.
الطريق الرابع عشر اشتراط المراح والمسرح والمحلب والمبيت والفحل وبها قطع في المبهج فجمع بين المراح والمبيت كما فعل في الإيضاح.
إلا أنه زاد عليه المحلب وأسقط المشرب والراعي.
الطريق الخامس عشر اشتراط الراعي فقط وهي طريقة بعض الأصحاب ذكره القاضي في شرح المذهب عنه وعن أحمد نحوه.
الطريق السادس عشر اشتراط المراح والمسرح والفحل والمشرب وبها قطع بن البنا في الخصال والعقود.
الطريق السابع عشر اشتراط الراعي والمرعى والفحل والمشرب وبها قطع في الخلاصة فزاد المرعى وأسقط
المسرح.
الطريق الثامن عشر اشتراط المسرح والمرعى والمحلب والمشرب والمقيل والفحل وبها قطع في الإفادات فزاد المقيل والمرعى وأسقط الراعي والمراح.
الطريق التاسع عشر اشتراط المرعى والفحل والمبيت والمحلب والمشرب وبها قطع في العمدة.
الطريق العشرون اشتراط المرعى والمسرح والمشرب والمبيت والمحلب والفحل وبها جزم في المنور فزاد المرعى وأسقط الراعي.
الطريق الحادي والعشرون اشتراط المراح والمسرح والمشرب والراعي والفحل وبها قطع في المنتخب فأسقط المحلب.
69

الطريق الثاني والعشرون اشتراط الراعي والمبيت فقط وهو رواية عند الإمام أحمد ذكرها القاضي في شرحه.
الطريق الثالث والعشرون اشتراط الحوض والراعي والمراح فقط وهو أيضا رواية عن الإمام أحمد.
فهذه ثلاثة وعشرون طريقة لكن قد ترجع إلى أقل منها باعتبار ما تفسر به الألفاظ على ما يأتي بيانه.
فائدة المراح بضم الميم مكان مبيتها وهو المأوى فالمبيت هو المراح فسروا كل واحد منهما بالآخر وهذا الصحيح وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل المراح رواحها منه جملة إلى المبيت ذكره في الرعاية الكبرى وجمع في المبهج والإيضاح بين المراح والمبيت كما تقدم فعنده أنهما متغايران.
وأما المسرح فهو المكان الذي ترعى فيه الماشية اختاره المصنف والمجد وابن حامد وقال إنما ذكر الإمام أحمد المسرح ليكون فيه راع واحد قدمه في المطلع فعليه يلزم من اتحاده اتحاد المرعى ولذلك قال المصنف والمجد وابن حامد المسرح والمرعى شيء واحد.
وقيل المسرح مكان اجتماعها لتذهب إلى المراعي جزم به في الفصول والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى قال الزركشي وهو أولى دفعا للتكرار وهو الصحيح.
وفسره في المستوعب بموضع رعيها وشربها.
وفسره المجد في شرحه بموضع المرعى مع أنه جمع بينهما في المحرر متابعة للخرقي وقال يحتمل أن الخرقي أراد بالمرعى الرعي الذي هو المصدر لا المكان ويحتمل أنه أراد بالمسرح المصدر الذي هو السروح لا المكان لأنا قد بينا أنهما واحد بمعنى المكان فإذا حملنا أحدهما على المصدر زال التكرار وحصل به اتحاد الراعي والمشرب انتهى.
70

وقال المصنف في المغني يحتمل أن الخرقي أراد بالمرعى الراعي ليكون موافقا لقول أحمد ولكون المرعى هو المسرح انتهى.
وأما المشرب فهو مكان الشرب فقط وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل موضع الشرب وما يحتاج إليه من حوض ونحوه وبه قطع بن تميم والرعايتين والحاويين.
وأما المحلب فهو موضع الحلب على الصحيح وعليه الأكثر.
وقيل موضع الحلب وآنيته وبه جزم بن تميم وصاحب الرعايتين والحاويين وغيرهم.
تنبيه لا يشترط خلط اللبن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم بل منعوا من خلطه وحرموه وقالوا هو ربا.
وقيل يشترط خلطه وقاله القاضي في شرحه الصغير.
وأما الراعي فمعروف ومعنى الاشتراك فيه أن لا يرعى أحد المالين دون الآخر وكذا لو كان راعيان فأكثر قال في الرعاية ولا يرعى غير مال الشركة.
وأما الفحل فمعروف ومعنى الاشتراك فيه أن لا تكون فحولة أحد المالين تطرق المال الآخر قال في الرعاية ولا ينزو على غير مال الشركة.
وأما المرعى فهو موضع الرعي ووقته قاله في الرعاية وتقدم كلام المصنف والمجد وغيرهما أن المرعى هو المسرح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط نية الخلطة.
فإن كانت خلطة أعيان لم تشترط لها النية إجماعا وإن كانت خلطة أوصاف ففيها وجهان وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر وابن تميم والرعايتين والفائق والزركشي.
71

أحدهما لا تشترط وهو ظاهر كلام المصنف هنا وهو الصحيح من المذهب وصححه في الكافي والخلاصة والنظم وشرح المجد وقدمه في الهداية والمستوعب والمغني والشرح ونصراه والحاويين وإدراك الغاية وشرح بن رزين وقال عن القول الثاني ليس بشيء.
والوجه الثاني تشترط النية اختاره القاضي في المجرد والمجد وجزم به في المبهج والإيضاح والحلواني وغيرهما.
وتظهر فائدة الخلاف لو وقعت الخلطة اتفاقا أو فعله الراعي وتأخرت النية عن الملك.
وقيل لا يضر تأخيرها عنه بزمن يسير كتقديمها على الملك بل من يسير.
قوله (فإن اختل شرط منها أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه).
فيضم من كان من أهل الزكاة ماله بعضه إلى بعض ويزكيه إن بلغ نصابا وإلا فلا وقال أبو الخطاب في الانتصار إن تصور بضم حول إلى آخر يقع كمسألتنا يعني مسألة الخلطة قال في الفروع كذا قال.
فائدة قوله أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول زكيا زكاة المنفردين فيه.
مثال ذلك لو خلطا في أثناء الحول نصابين ثمانين شاة زكى كل واحد إذا تم حوله الأول زكاة انفراد وفيما بعد الحول الأول زكاة خلطة فإن اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام الحول على كل واحد نصفها وإن اختلف فعلى الأول نصف شاة عند تمام حوله فإن أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضا إذا تم حوله وإن أخرجها من المال فقد تم حول الثاني على تسعة وسبعين شاة ونصف شاة له منها أربعون شاة فيلزمه
72

أربعون جزءا من تسعة وسبعين جزءا ونصف جزء من شاة فنضعفها فتكون ثمانين جزءا من مائة جزء وتسعة وخمسين جزءا من شاة ثم كلما تم حول أحدهما لزمه من زكاة الجميع بقدر ما له فيه.
فائدة قوله فإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده فعليه زكاة المنفرد وعلى الآخر زكاة الخلطة.
مثاله إن ملكا نصابين فخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا فقد ملك المشتري أربعين لم يثبت لها حكم الانفراد فإذا تم حول الأول لزمه زكاة انفراد شاة فإذا تم حول الثاني لزمه زكاة خلطة نصف شاة إن كان الأول أخرج الشاة من غير المال وإن أخرجها منه لزم الثاني أربعون جزءا من تسعة وسبعين جزءا من شاة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يزكي الثاني عن حوله الأول زكاة انفراد لأن خليطه لم ينتفع بالخلطة.
قوله (ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ما له منها.
بلا نزاع أعلمه).
فائدة لو كان بينهما نصاب خلطة ثمانون شاة فباع كل منهما غنمه بغنم صاحبه واستداما الخلطة لم ينقطع حولهما ولم تزل خلطتهما في ظاهر المذهب فإن إبدال النصاب بجنسه لا يقطع الحول وكذا لو تبايعا البعض بالبعض قل أو أكثر وتبقى الخلطة في غير المبيع إن كان نصابا فيزكى بشاة زكاة انفراد عليهما لتمام حوله.
وإذا حال حول المبيع وهو أربعون ففيه الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين وابن تميم وصححه.
وقيل لا زكاة فيه اختاره في المجرد وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
73

فعلى المذهب هي زكاة خلطة على الصحيح قدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين وابن تميم وصححه.
وقيل زكاة انفراد وأطلقهما في الفروع.
فأما إن أفرادها ثم تبايعاها ثم خلطاها فإن طال زمن الانفراد بطل حكم الخلطة وكذا إن لم يطل على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما صححه المجد والرعايتين والحاويين في مكان.
وقيل لا أثر للانفراد اليسير وأطلقهما المجد في شرحه وابن تميم والرعاية الكبرى والفروع.
وإن زكى بعض النصاب وتبايعاه وكان الباقي على الخلطة نصابا بقي حكم الخلطة فيه وهو ينقطع في المبيع لأن الخلاف في ضم مال الرجل المنفرد إلى ماله المختلط وإن بقي دون نصاب بطلت.
وقال ابن عقيل تبطل الخلطة في هذه المسائل بناء على انقطاع الحول ببيع النصاب بجنسه وفي كلام القاضي كالأول والثاني.
قوله (ولو ملك رجل نصابا شهرا ثم باع نصفه مشاعا أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع).
وجزم به في الوجيز والإفادات وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير وإدراك الغاية وقال ابن حامد لا ينقطع حول البائع وعليه عند تمام حوله زكاة حصته قدمه في الخلاصة وجزم به بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والمستوعب والمغني والكافي والتلخيص والبلغة وابن تميم والشرح والمحرر وشرح الهداية والفروع والفائق ومصنف بن أبي المجد والحاوي الكبير وابن منجا في شرحه.
74

قوله (فإن أخرجها من المال انقطع حول المشترى لنقصان النصاب).
وهذا الصحيح على قول بن حامد وقاله الأئمة الأربعة ذكره المجد إجماعا وهو مقيد بما إذا لم يستدم الفقير الخلطة بنصفه فإن استدامها لم ينقطع حول المشتري.
وقيل إن زكى البائع منه إلى فقير زكى المشتري.
وقيل يسقط كأخذ الساعي منه قال في الفروع وهذا القول الثاني والله أعلم على قول أبي بكر.
قوله (وإن أخرجها من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك).
يعني ينقطع حول المشتري لنقصان النصاب وهذا اختيار المصنف هنا وفي المغني والكافي واختاره أبو المعالي والشارح وذكره المصنف والشارح عن أبي الخطاب قال المجد في شرحه هذا مخالف لما ذكره أبو الخطاب في كتابه الهداية ولا نعرف له مصنفا يخالفه انتهى.
والصحيح من المذهب أن المشتري يزكي بنصف شاة إذا تم حوله قال المجد لأن التعلق بالعين لا يمنع الحول بالاتفاق قدمه في الفروع وقال جزم به الأكثر منهم أبو الخطاب في هدايته.
قلت وهو الصواب بلا شك.
وذكر بن منجا في شرحه كلام المصنف وقال إنه خطأ في النقل والمعنى وبين ذلك.
فوائد
منها إذا لم يلزم المشتري زكاة الخلطة فإن كان له غنم سائمة ضمها إلى حصته في الخلطة وزكى الجميع زكاة انفراد وإلا فلا شيء عليه.
75

ومنها حكم البائع بعد حوله الأول ما دام نصاب الخلطة ناقصا كذلك.
ومنها إن كان البائع استدان ما أخرجه ولا مال له يجعل في مقابلة دينه إلا مال الخلطة أو لم يخرج البائع الزكاة حتى تم حول المشترى فإن قلنا الدين لا يمنع وجوب الزكاة أو قلنا يمنع لكن للبائع مال يجعله في مقابلة دين الزكاة زكى المشترى حصته زكاة الخلطة نصف شاة وإلا فلا زكاة عليه قاله في الفروع وقدمه.
وقال ابن تميم في المسألة الأولى وإن أخرج من غيره فوجهان.
أحدهما لا زكاة عليه ويستأنف الحول من حين الإخراج ذكره القاضي في شرح المذهب بناء على تعلق الزكاة بالعين.
والثاني عليه الزكاة وبه قطع بعض أصحابنا.
ولا يمنع التعلق بالعين وجوبها ما لم يحل حولها قبل إخراجها ولا انعقاد الحول الثاني في حق البائع حتى يمضي قبل الإخراج فلا تجب الزكاة له.
وإن لم يكن أخرج حتى حال حول المشترى فهي من صور تكرار الحول قبل إخراج الزكاة انتهى.
واقتصر في مسألة تعلق الزكاة بالعين أنه لا يمنع التعلق بالعين انعقاد الحول الثاني قبل الإخراج وقال قطع به بعض أصحابنا كما تقدم والله أعلم.
قوله (وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول).
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال القاضي يحتمل أن لا ينقطع إذا كان زمنا يسيرا.
قوله (وإن ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثبت للبائع حكم الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة منفرد وعلى قياس قول بن حامد عليه زكاة خليط).
76

وقد علمت الصحيح منهما فيما تقدم لكن صاحب الفروع وغيره قطعوا بأن المسألة مفرعة على قول أبي بكر وابن حامد وقال في الفروع وذكر بن تميم أن الشيخ خرج المسألة على وجهين وأن الأولى وجوب شاة قال في الفروع كذا قال وهذا التخريج لا يختص بالشيخ انتهى.
فائدتان
إحداهما لو كان المال ستين في هذه المسألة والمبيع ثلثها زكى البائع ثلثي شاة عن الأربعين الباقية على قول بن حامد وزكى شاة على قول أبي بكر.
الثانية لو ملك أحد الخليطين في نصاب فأكثر حصة الآخر منه بشراء أو إرث أو غيره فاستدام الخلطة فهي مثل مسألة أبي بكر وابن حامد في المعنى لا في الصورة لأن هناك كان خليط نفسه فصار هنا خليط أجنبي وهنا بالعكس فعلى قول أبي بكر لا زكاة حتى يتم حول المالين من كمال ملكيهما إلا أن يكون أحدهما نصابا فيزكيه زكاة انفراد وعلى قول بن حامد يزكى ملكه الأول لتمام حوله زكاة خلطة وذكر بن عقيل فيما إذا كان بين رجل وابنه عشر من الإبل خلطة فمات الأب في بعض الحول وورثه الابن أنه يبنى على حول الأب فيما ورثه ويزكيه.
قوله (وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن ملك أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر فعليه زكاة الأولى عند تمام حوله ولا شيء عليه في الثاني في أحد الوجهين).
صححه في التصحيح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وهذا الوجه وجه الضم.
وفي الآخر عليه للثاني زكاة خلطة كالأجنبي في التي قبلها.
قال المجد في شرحه وهو أصح على ما يأتي في التفريع وأطلقهما في الشرح.
77

وقيل يلزمه شاة ذكره أبو الخطاب وأطلقهما في الفائق وضعفه المصنف والمجد والشارح وهو وجه الانفراد وأطلقهن في المستوعب والتلخيص والبلغة وابن تميم والفروع والقواعد الفقهية.
وقال في أول الفائدة الثالثة إذا استفاد مالا زكويا من جنس النصاب في أثناء الحول فإنه ينفرد بحول عندنا ولكن هل يضمه إلى النصاب في العدد أو يخلطه به ويزكيه زكاة خلطة أو يفرده بالزكاة كما أفرده بالحول فيه ثلاثة أوجه وصحح المجد في شرحه الوجه الثالث وزعم المجد أن المصنف ضعفه وإنما ضعف الثالث.
فعلى الوجه الأول هل الزيادة كنصاب منفرد وهو قول أبي الخطاب في انتصاره والمجد أو الكل نصاب واحد وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل والمصنف في المغني والشارح قال في الفوائد وهو الأظهر فيه وجهان.
فعلى الثاني إذا تم حول المستفاد وجب إخراج بقية المجموع بكل حال.
وعلى الأول إذا تم حول المستفاد وجب فيه ما بقي من فرض الجميع بعد إسقاط ما أخرج عن الأول منه إلا أن يزيد بقية الفرض على فرض المستفاد بانفراده أو نقص عنه أو يكون من غير جنس الأول فإنه يتعذر هنا وجه الضم ويتعين وجه الخلطة ويلغو وجه الانفراد صرح بذلك المجد في شرحه والتفاريع الآتية بعد ذلك مبنية على هذه الأوجه الثلاثة.
فائدتان
إحداهما لو ملك أربعين شاة أخرى في ربيع الأول في مسألتنا فعلى الوجه الأول لا شيء عليه سوى الشاة الأولى وعلى الثاني عليه زكاة خلطة ثلث شاة لأنها ثلث الجميع وعلى الثالث عليه شاة وفيها بعد الحول الأول في كل ثلث شاة لتمام حولها على الثالث أيضا.
الثانية لو ملك خمسة أبعرة بعد خمسة وعشرين فعلى الأول لا شيء
78

عليه سوى بنت مخاض الأولى وعلى الثاني عليه سدس بنت مخاض وعلى الثالث عليه شاة وفيما بعد الحول الأول في الأولى خمسة أسداس بنت مخاض لتمام حولها وسدس على الخمس الباقية لتمام حولها ولو ملك مع ذلك ستا في ربيع الأول ففي الخمسة والعشرين الأولى بنت مخاض وفي الأخرى عشرة لتمام حولها ربع بنت لبون ونصف تسعها وعلى الثاني في الخمس لتمام حولها سدس بنت مخاض وفي الست لتمام حولها سدس بنت لبون وعلى الثالث لكل من الخمس والست شاة لتمام حولها.
قوله (وإن كان الثاني يتغير به الفرض).
مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حولها وجها واحدا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يلزمه للثاني شاة وثلاثة أسباع شاة لأن في الكل شاتين والمائة خمسة أسباع الكل.
وهذا القول مبني على القول الثاني في المسألة التي قبلها من أصل المصنف وهو أن عليه زكاة خلطة.
وقال ابن تميم قال بعض أصحابنا إن كان الثاني يبلغ نصابا وجبت فيه زكاة انفراد في وجه وخلطة في وجه ولا يضم إلى الأول فيما يجب فيها وجها واحدا إذا كان الضم يوجب تغير الزكاة أو نوعها مثل أن ملك ثلاثين من البقر بعد خمسين فيجب إما تبيع أو ثلاثة أرباع مسنة ولا تجب المسنة على الوجه الأول في التي قبلها بل يجب ضم الثاني إلى الأول ويخرج إذا حال الحول الثاني ما بقي من زكاة الجميع فتجب هنا المسنة قال ابن تميم وهذا أحسن.
فائدة لو ملك مائة أخرى في ربيع ففيها شاة وعلى الوجه الثاني وهو
79

وجه الخلطة عليه شاة وربع شاة لأن في الكل ثلاث شياه والمائة ربع الكل وسدسه فحصتها من فرضه ربعه وسدسه.
فوائد
لو ملك إحدى وثمانين شاة بعد أربعين ففيها شاة على الصحيح من المذهب وعلى الوجه الثاني عليه شاة واحدة وأربعون جزءا من مائة وإحدى وعشرين جزءا من شاة كخليط وفي مائة وعشرين بعد مائة وعشرين شاتان أو شاة ونصف أو شاة على الأقوال الثلاثة وفي خمسة أبعرة بعد عشرين بعيرا شاة على الصحيح الثالث زاد المصنف وعلى الأول أيضا اثنين وعلى الثاني خمس بنات مخاض زاد بن تميم وعلى الأول أيضا في ثلاثين من البقر بعد خمسين تبيع على الثالث وثلاثة أرباع مسنة على الثاني.
قال في الفوائد وهو الأظهر.
وعند المجد لا يجيء الوجه الأول في هاتين المسألتين لأنه يفضي في الأولى إلى إيجاب ما يبقى من بنت مخاض بعد إسقاط أربع شياه وهي من غير الجنس.
ويفضي في الثانية إلى إيجاب فرض نصاب فما دونه فلهذا قال الوجه الثاني أصح لعدم اطراد الأول وضعف الثالث وضعفه في المغني أيضا.
قوله (وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا مثل أن يملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر فعليه في العشر إذا تم حولها ربع مسنة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال المجد في شرحه وصاحب الفائق قولا واحدا قال في القواعد وعليه الأصحاب قال ابن تميم قطع به بعض أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل على الوجه الثالث لا شيء عليه هنا.
80

قوله (وإن ملك مالا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيها في أحد الوجهين).
وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قوله (وفي الثاني عليه سبع تبيع إذا تم حولها).
فائدة مثل ذلك لو ملك عشرين شاة بعد أربعين بقرة أو ملك عشرا من البقر بعد أربعين بقرة فعلى المذهب لا شيء عليه وعلى الثاني عليه ثلث شاة في الأولى أو خمس مسنة في الثانية وأطلقهما في المحرر في الأولى.
قوله (وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة مع عشرين لرجل آخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاة).
اعلم أنه إذا كانت الستون مختلطة كل عشرين منها مع عشرين لآخر فإن كانت متفرقة وبينهم مسافة قصر فالواجب عليهم ثلاث شياه على رب الستين شاة ونصف وعلى كل خليط نصف شاة إذا قلنا إن البعد يؤثر في سائمة الإنسان على ما يأتي قريبا وإن قلنا لا يؤثر أو كانت قريبة وهو مراد المصنف هنا فالصحيح من المذهب كما قال المصنف على الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خطائه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال هذا قول الأصحاب.
وقيل على الجميع شاتان وربع على رب الستين ثلاثة أرباع شاة لأنها مخالطة لعشرين خلطة وصف ولأربعين بجهة الملك وحصة العشرين من زكاة الثمانين ربع شاة وعلى كل خليط نصف شاة لأنه مخالط لعشرين فقط.
81

اختاره المجد في محرره وقال الآمدي بهذا الوجه إلا أنه قال يلزم كل خليط ربع شاة لأن المال الواحد يضم.
وعند بن عقيل في الجميع ثلاث شياه على رب الستين شاة ونصف جعلا للخلطة قاطعة بعض ملكه عن بعض بحيث لو كان له ملك آخر منفرد اعتبر في تزكيته وحده وعلى كل خليط نصف شاة لأنه لم يخالط سوى عشرين والتفاريع الآتية مبنية على هذه الأوجه.
فائدتان
إحداهما لو لم يخالط رب الستين منها إلا بعشرين لآخر فعلى الأول في الجميع شاة على رب الستين ثلاثة أرباعها وعلى رب العشرين ربعها وعلى الثاني على رب الستين في الأربعين المنفردة ثلثا شاة ضما لها إلى بقية ملكه وفي العشرين ربع شاة ضما لها إلى بقية ماله وهو الأربعون المنفردة وإلى عشرين الآخر لمخالطتها بعضه وصفا وبعضه ملكا وعلى رب العشرين نصف شاة وذكره في التلخيص قال في الفروع ويتوجه على الثالث كالأول هنا وعلى الرابع في الأربعين المختلطة شاة بينهما نصفان وفي الأربعين المنفردة شاة على ربها.
الثانية لو كان خمسة وعشرون بعيرا كل خمسة منها خلطة بخمسة لآخر فعلى الوجه الأول عليه نصف حقة وعلى كل خليط عشرها.
وعلى الوجه الثاني عليه خمسة أسداس بنت مخاض وعلى كل خليط شاة.
وعلى الوجه الثالث عليه خمسة أسداس بنت مخاض وعلى كل خليط سدس بنت مخاض.
وعلى الوجه الرابع عليه خمس شياه وعلى كل خليط شاة.
قوله (وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر
82

بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة إجماعا وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك عند أبي الخطاب).
وهو رواية عن أحمد واختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق والمنصوص في رواية الأثرم وغيره أن لكل مال حكم نفسه كما لو كانا لرجلين وهو الصحيح من المذهب والمشهور عن الإمام أحمد وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاويين وابن تميم وغيرهم وهو من المفردات.
فعلى ما اختاره أبو الخطاب والمصنف يكفي إخراج شاة ببلد أحد المالين لأنه حاجة وقيل يخرج من كل بلد بالقسط.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أن سائر الأموال لا يؤثر فيها تفرق البلدان قولا واحدا وهو صحيح وعليه الأصحاب وحكاه في الفروع وغيره إجماعا وجعل أبو بكر في سائر الأموال روايتين كالماشية قاله بن تميم.
قوله (ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة).
هذا الصحيح والمشهور في المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وعنه أنها تؤثر خلطة الأعيان اختارها الآجري وصححها بن عقيل.
قال أبو الخطاب في خلافه الصغير هذا أقيس وخص القاضي في شرحه الصغير هذه الروايات بالذهب والفضة.
فعلى هذه الرواية تؤثر خلطة الأعيان بلا نزاع وكذا الأوصاف أيضا وهو تخريج وجه للقاضي وحكاه بن عبدوس المتقدم وجها قال الزركشي وهو ظاهر كلام الأكثرين لإطلاقهم الرواية.
وقيل لا تؤثر خلطة الأوصاف على هذه الرواية وإن أثرت خلطة الأعيان وهو الصحيح اختاره المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم وأطلقهما الزركشي.
83

قال القاضي في الخلاف نقل حنبل تضم كالمواشي فقال إذا كان رجلين لهما من المال ما تجب فيه الزكاة من الذهب والورق فعليهما الزكاة بالحصص.
فيعتبر على هذا الوجه اتحاد المؤن ومرافق الملك فيشترط اشتراكهما فيما يتعلق بإصلاح مال الشركة فإن كانت في الزرع والثمر فلا بد من الاشتراك في الماء والحرث والبيدر والعمال من الناطور والحصاد والدواب ونحوه.
وإن كانت في التجارة فلا بد من الاشتراك في الدكان والميزان والمخزن ونحوه مما يرتفق به.
قوله (ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها).
يعني في خلطة الأوصاف والحاجة أن يكون مال أحدهما صغارا ومال الآخر كبارا أو يكون مال كل واحد منهما أربعين أو ستين ونحو ذلك وعدم الحاجة واضح وهذا مما لا نزاع فيه في المذهب ونص عليه لكن قال في الفروع وظاهره ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء نصيبين وقد وجبت الزكاة وقاله المجد في شرحه وقدمه بن تميم وابن حمدان.
وقال القاضي في المجرد لا يأخذ إلا إذا كان نصيب أحدهما مفقودا فله أخذ الزكاة من النصيب الموجود ويرجع على صاحبه بالقسط.
قال في الفروع ولا وجه لما قاله القاضي إلا عدم الحاجة.
فيتوجه منه اعتبار الحاجة لأخذ الساعي.
قوله (فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه).
يعني مع يمينه إذا احتمل صدقه لأنه منكر غارم وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين يتوجه أن القول قول المعطي لأنه كالأمين.
84

قوله (وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب إلا أن الشيخ تقي الدين قال الأظهر أنه يرجع.
فعلى المذهب لو أخذ عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما أو أخذ عن ثلاثين بعيرا جذعة رجع على خليطه في الأولى بقيمة نصف شاة وفي الثانية بقيمة نصف بنت مخاض.
قوله (وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه).
كأخذه صحيحة عن مراض أو كبيرة عن صغار أو قيمة الواجب ونحوه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال أبو المعالي إن أخذ القيمة وجاز أخذها رجع بنصفها إن قلنا القيمة أصل وإن قلنا بدل فيرجع بنصف قيمة شاة وإن لم تجز القيمة فلا رجوع.
قال في الفروع كذا قال وقال ابن تميم إن أخذ الساعي فوق الواجب بتأويل أو أخذ القيمة أجزأت في الأظهر ورجع عليه بذلك.
فائدتان
إحداهما قال في الفروع وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ولو اعتقد المأخوذ منه عدم الإجزاء وصوب فيه الشيخ تقي الدين الإجزاء وجعله في موضع آخر كالصلاة خلف تارك شرطا عند المأموم.
الثانية يجزئ إخراج بعض الخلطاء بإذن باقيهم وبغير إذنهم غيبة وحضورا قاله بن حامد واقتصر عليه في الفائق وابن تميم وقدمه في الرعاية.
85

قال المجد في شرحه عقد الخلطة جعل كل واحد منهما كالآذن لخليطه في الإخراج عنه واختار صاحب الرعاية عدم الإجزاء لعدم نيته.
قلت وهو الصواب.
وتقدم في زكاة حصة المضارب من الربح أنه لا يجوز إخراج الزكاة من مال المضاربة بلا إذن نص عليه لأنه وقاية.
قال في الفروع فدل أنه يجوز لولا المانع.
وقال أيضا ولعل كلامهم في إذن كل شريك للآخر في إخراج زكاته يوافق ما اختاره في الرعاية ويشبه هذا أن عقد الشركة يفيد التصرف بلا إذن صريح على الأصح انتهى.
باب زكاة الخارج من الأرض.
قوله (تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر).
هذا المذهب عند جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح.
قال في الفروع والمذهب عند جماعة تجب في كل مكيل مدخر من حب وثمر انتهى.
فيجب على هذا في كل مكيل يدخر من الحبوب والثمار مما يقتات به وغيره وهو من المفردات.
فدخل في كلامه البر والعلس والشعير والسلت والأرز والذرة والدخن والفول والعدس والحمص واللوبيا والجلبان والماش والترمس والسمسم والخشخاش ونحوه.
ويدخل في كلامه أيضا بذر البقول كبذر الهندبا والكرفس وغيرهما.
ويدخل بذر الرياحين بأسرها وأبازير القدور كالكسفرة والكمون
86

والكراويا والشمر والأنسون والقنب وهو الشهدانخ والخردل.
ويدخل بذر الكتان والقرطم والقثاء والخيار والبطيخ وحب الرشاد والفجل.
ويخرج من قوله في الحبوب كلها وفي كل ثمر الصعتر والأشنان الورق المقصود كورق السدر والخطمى والآس ونحوه.
ويأتي أيضا قريبا ما يخرج من كلامه.
ويدخل في قوله في كل ثمر يكال ويدخر ما هو مثله من التمر والزبيب واللوز والفستق والبندق وغيره.
وحكى بن المنذر رواية أنه لا زكاة إلا في التمر والزبيب والبر والشعير وقدمه بن رزين في مختصره وناظمها والذي قدمه في الفروع وقال اختاره جماعة وجزم به آخرون أن الزكاة تجب في كل مكيل مدخر ونقله أبو طالب.
ونقل صالح وعبد الله ما كان يكال ويدخر وفيه نفع الفقير العشر وما كان مثل القثاء والخيار والبصل والرياحين والرمان فليس فيه زكاة إلا أن يباع ويحول الحول على ثمنه.
فهذا القول أعم من القول الذي قاله المصنف فيدخل فيه ما تقدم ذكره في القول الذي قاله المصنف ويدخل فيه أيضا الصعتر والأشنان وحبه ونحوه.
ويدخل أيضا كل ورق مقصود كورق السدر والخطمى والآس والحناء والورس والنيل والغبيراء والعصفر ونحوه وهذا عليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والإفادات وغيرهم.
قال الزركشي وهو اختيار العامة وشمله كلام الخرقي وأطلق بن تميم وصاحب الرعاية والحاوي والفائق وغيرهم الخلاف في الأشنان والغبيراء والصعتر والكتان والحناء والورق المقصود.
87

قال في الفروع في الحناء الخلاف ولم يوجب في المذهب والمستوعب وغيرهما في ورق السدر والخطمى الزكاة وزاد في المستوعب الحناء.
وقال ابن حامد لا زكاة في حب البقول كحب الرشاد والأبازير كالكسفرة والكمون وبذر القثاء والخيار ونحوه.
ويدخل في كلام بن حامد حب الفجل والقرطم وغيرهما وبذر الرياحين لأنها ليست بقوت ولا أدم.
قال في الفروع ويدخل في هذا بذر اليقطين وذكره في المستوعب في المقتات قال والأول أولى ويأتي في كلام المصنف ما يجتنيه من المباح وما يكتسبه اللقاط ونحو ذلك.
تنبيه دخل في عموم قوله ولا تجب في سائر الثمر.
التفاح والإجاص والمشمش والخوخ والكمثرى والسفرجل والرمان والنبق والزعرور والموز والتوت ونحوه.
ودخل في الخضر البطيخ والقثاء والخيار والباذنجان واللفت وهو السلجم والسلق والكرنيج وهو القنبيط والبصل والثوم والكرات والبت والجوز والفجل ونحوه.
ودخل في البقول الهندبا والكرفس والنعناع والرشاد والبقلة الحمقاء والقرظ والكسفرة الخضراء والجرجير ونحوه ويأتي حكم ما يجتنيه من المباح.
فائدة لا تجب أيضا في الريحان والمسك والورد والبوم والبنفسج واللينوفر والياسمين والنرجس والمردكوش والمنثور ولا في طلع الفحال ولا في سعف النخل والخوص ولا في تين البر وغيره ولا في الورق ولا في لبن الماشية وصوفها ووبرها ولا في القصب الفارسي والحرير ودودة القز.
تنبيه دخل في كلام المصنف الزيتون والقطن والزعفران.
أما الزيتون فقد تقدم عدم الوجوب فيه وهو المذهب اختاره المصنف
88

والشارح والخرقي وأبو بكر والقاضي في التعليق قاله الزركشي وقدمه بن رزين في شرحه والكافي والهادي.
والرواية الثانية تجب فيه صححه بن عقيل في الفصول والشيرازي في المبهج وأبو المعالي في الخلاصة واختارها القاضي والمجد وقدمه بن تميم وجزم به في الإيضاح والتذكرة لابن عقيل وأطلقهما في الهداية ومسبوك الذهب والمذهب والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية والزركشي.
وأما القطن فقدم المصنف أنها لا تجب فيه وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما واختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره المصنف والشارح وقدمه بن رزين في شرحه والكافي والمغني والهادي.
والرواية الثانية تجب فيه اختارها بن عقيل وصححها في المبهج والخلاصة وقدمها بن تميم وجزم به في الإفادات وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية وحكاهما في الإيضاح وجهين وأطلقهما.
فعلى القول بأنها لا تجب فإنها تجب في حبه على الصحيح جزم به جماعة منهم المصنف وقدم بن تميم عدم الوجوب وأطلق بعضهم وجهين.
فائدة الكتان كالقطن فيما تقدم ذكره القاضي وكذا القنب ذكره في الفروع وذكر المصنف والشارح إن وجبت في القطن ففيهما احتمالان.
واما الزعفران فقدم المصنف أنها لا تجب فيه وهو المذهب اختاره المصنف والمجد والشارح قال في الفروع ولعله اختيار الأكثر قال الزركشي اختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وقدمه في المغني والهادي والشرح والكافي وشرح بن رزين.
89

والرواية الثانية تجب اختارها بن عقيل وصححها في المبهج والخلاصة وقدمها بن تميم وجزم به في الإفادات وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم وتقدم حكم الحناء.
فوائد
إحداها قال القاضي الورس عندي بمنزلة الزعفران يخرج على روايتين.
قال في الهداية ويخرج الورس والعصفر على وجهين قياسا على الزعفران قال في الفروع والمستوعب ويخرج
على الزعفران العصفر والورس والنيل.
قال الحلواني واللقوة وصحح في الخلاصة الوجوب في الزعفران وأطلق الوجهين في العصفر والورس وأطلق الخلاف في العصفر والورس والنيل في الرعايتين والحاويين.
الثانية لا زكاة في الجوز على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع لا تجب فيه في الأشهر وجزم به في الإرشاد والمبهج والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والإفادات والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق وكذا لا تجب في التين والمشمش والتوت وقصب السكر على الصحيح من المذهب قال الآمدي وصاحب الفائق في ظاهر المذهب وجزم به في المبهج والإيضاح ومسبوك الذهب والإفادات والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع في الكل.
وقيل تجب في ذلك كله واختاره الشيخ تقي الدين في التين.
وقال في الفروع الأظهر الوجوب في العناب قال فالتين والمشمش والتوت مثله وأطلق في الحاويين والرعايتين في التين وقصب السكر والجوز الخلاف.
الثالثة تجب الزكاة في العناب على الصحيح.
90

قال في الفروع وهذا أظهر وجزم به القاضي في الأحكام السلطانية والمستوعب والكافي.
وقيل لا زكاة فيه قدمه في الفروع وابن تميم وأطلقهما في الحاويين والرعايتين والفائق.
ويأتي بعد الكلام على العسل هل تجب الزكاة فيما ينزل من السماء من المن ونحوه أم لا.
قوله (ويعتبر لوجوبها شرطان أحدهما أن تبلغ نصابا بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار).
هذا الصحيح من المذهب قال الزركشي هذا المذهب عند أبي محمد وصاحب التلخيص وابن عقيل وجزم به في الوجيز والمستوعب وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق وابن تميم والخلاصة.
قال القاضي في التعليق وأبو الخطاب في الهداية وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين.
قال القاضي في الروايتين هذا الأشبه بالمذهب.
وعنه أنه يعتبر نصاب ثمر النخل والكرم رطبا اختاره أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز في خلافه والقاضي وأصحابه.
قال الزركشي هذه الرواية أنص عنه وهي من المفردات.
وقوله ثم يؤخذ عشره يابسا.
يعني على الرواية الثانية وقوله عشره يعني عشر الرطب فظاهره أنه يأخذ منه إذا يبس بمقدار عشر رطبه وهو إحدى الروايتين وقدمه بن تميم وقال نص عليه واختاره أبو بكر نقل الأثرم أنه قيل لأحمد خرص عليه مائة وسق رطبا يعطيه عشرة أوسق تمرا قال نعم على ظاهر الحديث.
91

والرواية الثانية أنه لا يأخذ إلا عشر يابسه وهو الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح ورد الأول وقدمه في الفروع.
قوله (إلا الأرز والعلس نوع من الحنطة يدخر في قشره فإن نصاب كل واحد منهما مع قشره عشرة أوسق).
مراد المصنف وغيره من الأصحاب ممن أطلق أن نصاب كل واحد من الأرز والعلس عشرة أوسق في قشره إذا كان ببلد قد خبره أهله وعرفوا أنه يخرج منه مصفى النصف فأما ما يخرج دون النصف كغالب أرز حران أو يخرج فوق النصف كجيد الأرز الشمالي فإن نصابه يكون بقشره ما يكون قدر الخارج منه خمسة أوسق فيرجع في ذلك إلى أهل الخبرة قاله المجد في شرحه وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
قال في الفروع فنصابهما في قشرهما عشرة أوسق وإن صفيا فخمسة أوسق ويختلف ذلك بخفة وثقل وهو واضح.
فلو شك في بلوغ النصاب خير بين أن يحتاط ويخرج عشرة قبل قشره وبين قشره واعتباره بنفسه كمغشوش النقدين على ما يأتي.
وقيل يرجع في نصاب الأرز إلى أهل الخبرة ذكره في الفروع وغيره.
فائدتان
إحداهما لو صفى الأرز والعلس فنصابهما خمسة أوسق بلا نزاع.
الثانية قال المجد في شرحه وتبعه في الفروع وغيرهما الوسق والصاع كيلان لا صنجتان نقل إلى الوزن ليحفظ وينقل وكذا المد.
واعلم أن المكيل يختلف في الوزن فمنه الثقيل كالأرز والتمر الصيحاني والمتوسط كالحنطة والعدس والخفيف كالشعير والذرة وأكثر التمر أخف من الحنطة على الوجه الذي يكال شرعا لأن ذلك على هيئته غير مكبوس ونص
92

الإمام أحمد وغيره من الأئمة على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالحنطة أي بالرزين منها لأنه الذي يساوي العدس في وزنه.
فتجب الزكاة في الخفيف إذا قارب هذا الوزن وإن لم يبلغه لأنه في الكيل كالرزين.
ومن اتخذ مكيلا يسع خمسة أرطال وثلثا من جيد الحنطة ثم كال به ما شاء عرف ما بلغ حد الوجوب من غيره نص أحمد على ذلك وقاله القاضي وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين وابن تميم وقال إنه الأصح.
وحكى القاضي عن بن حامد يعتبر أبعد الأمرين في الكيل أو الوزن.
وذكر بن عقيل وغيره أن الاعتبار بالوزن قال في الفائق وهو ضعيف وقال في الرعايتين والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالعراقي برا وقيل بل عدسا وقلت بل ماء انتهى.
وكذا قال في الفائق لكن حكى القول في العدس رواية وقال في الإفادات من بر أو عدس أو ماء وقال في الحاويين برا ثم مثل كيله من غيره نص عليه وقيل بل وزنه ومثل بن تميم بالحنطة فقط.
قال في التلخيص ولا تعويل على هذا الوزن إلا في البر ثم مثل مكيل ذلك من جميع الحبوب.
وتقدم هل نصاب الزروع والثمار تقريب أو تحديد في كتاب الزكاة عند قوله الثالث ملك نصاب.
فوائد
الأولى ظاهر كلام المصنف أن نصاب الزيتون كغيره وهو خمسة أوسق وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقله صالح.
وقال ابن الزاغوني نصابه ستون صاعا قال ابن تميم ونقله صالح عن
93

أبيه ولعله سهو قال في الرعاية وهو سهو وقال أبو الخطاب في الهداية وتبعه في المذهب لا نص فيها عن أحمد ثم ذكر عن القاضي يتوجه أن يجعل نصابه ما يبلغ قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما تخرج الأرض مما تجب فيه الزكاة.
قال المجد في شرحه والظاهر أن أبا الخطاب سها على شيخه بذكر الزيتون مع القطن والزعفران كما سها على أحمد بأنه لم ينص فيه بشيء وإنما ذكر القاضي اعتبار النصاب بالقيمة في القطن والزعفران وليس الزيتون في ذلك هكذا ذكره في خلافه ولم نجد في شيء من كتبه اعتبار نصابه بالقيمة وقد ذكر في المجرد اعتباره بالأوسق كما قدمنا انتهى كلام المجد.
وقال الشيرازي في الإيضاح وتبعه في الفائق وغيره هل يعتبر بالزيت أو بالزيتون فيه روايتان فإن اعتبر بالزيت فنصابه خمسة أفراق قال في الفروع كذا قال وهو غريب.
الثانية يجوز له أن يخرج من الزيتون وإن أخرج من الزيت كان أفضل ولا يتعين هذا الصحيح من المذهب قال في الفروع هذا المشهور وجزم به في الفائق وغيره وقيل يخرج زيتونا حتما كالزيتون الذي لا زيت فيه لوجوبها فيه وكدبس عن تمر.
وقيل يخرج زيتا قاله بن تميم وغيره قال أبو المعالي عن الأول ويخرج عشر كسبه.
قال في الفروع ولعله مراد غيره لأنه منه بخلاف التين.
وقال في المستوعب هل يخرج من الزيتون أو من دهنه فيه وجهان قال في الفروع فيحتمل أن مراده أن الخلاف في الوجوب ويدل عليه سياق كلامه ويحتمل في الأفضلية وظاهره لا يلزم إخراج غير الدهن وإلا فلو أخرجه والكسب لم يكن للوجه الآخر وجه لأن الكسب يصير وقودا كالتبن وقد ينبذ ويرمى رغبة عنه انتهى كلامه.
94

الثالثة يخرج زكاة السمسم منه كغيره قاله الأصحاب قال في الفروع وظاهره لا يجزئ شيرج وكسب لعيبهما لفسادهما بالادخار كإخراج الدقيق والنخالة بخلاف الزيت وكسبه وهو واضح انتهى.
قال ابن تميم ولا يخرج من دهن السمسم وجها واحدا.
قال في الرعاية ولا يجزئ شيرج عن سمسم.
قال في الفروع وظاهره كما سبق من قول أبي المعالي وأنه لو أخرج الشيرج والكسب أجزأ.
الرابعة ظاهر كلام المصنف أيضا أن نصاب القطن والزعفران وغيرهما مما يكال كالورس ونحوه ألف وستمائة رطل وهو أحد الوجهين اختاره القاضي في المجرد والمصنف وجزم به في الإفادات وقدمه بن تميم والشارح والرعايتين والفائق وشرح بن رزين وغيره وهو الصحيح من المذهب.
والوجه الثاني نصاب ذلك أن تبلغ قيمته قيمة أدنى نبات يزكى وهو احتمال للقاضي في التعليق واختاره أبو الخطاب في الهداية والمجد والقاضي في الخلاف وقدمه في الحاويين وجزم به في الخلاصة وظاهر الفروع الإطلاق وأطلقهما في المذهب.
زاد القاضي في الخلاف إلا العصفر فإنه تبع للقرطم لأنه أصله فاعتبر به فإن بلغ القرطم خمسة أوسق زكى وتبعه العصفر وإلا فلا.
وقيل يزكى قليل ما لا يكال وكثيره ومن الأصحاب من خص ذلك بالزعفران قال في الفروع ولا فرق وقيل نصاب الزعفران والورس والعصفر خمسة أمناء جمع من وهو رطلان وهو المن وجمعه أمناء.
قوله (وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب).
وكذا زرع العام الواحد وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
95

وحكى عن بن حامد لا يضم صيفي إلى شتوي إذا زرع مرتين في عام وقال القاضي في المجرد والنخل التهامي يتقدم لشدة الحر فلو اطلع وجد ثم اطلع النجدي ثم لم يجد حتى اطلع التهامي ضم النجدي إلى التهامي الأول لا إلى الثاني لأن عادة النخل يحمل كل عام مرة فيكون التهامي الثاني ثمرة عام ثان.
قال وليس المراد بالعام هنا اثني عشر شهرا بل وقت استغلال المغل عن العام عرفا وأكثره عادة نحو ستة أشهر بقدر فصلين ولهذا أجمعنا أن من استغل حنطة أو رطبا آخر تموز من عام ثم عاد فاستغل مثله في العام المقبل أول تموز أو حزيران لم يضما مع أن بينهما دون اثني عشر شهرا انتهى ومعناه كلام بن تميم.
قوله (فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقدمه في الفروع وقال قاله الأصحاب وقال القاضي لا يضم لندرته مع تنافي أصله فهو كثمرة عام آخر بخلاف الزرع.
فعلى هذا لو كان له نخل يحمل بعضه في السنة حملا وبعضه حملين ضم ما يحمل حملا إلى أيهما بلغ معه وإن كان بينهما فإلى أقربهما إليه وأطلقهما بن تميم.
وقال أيضا وفي ضم حمل نخل إلى حمل نخل آخر في عام واحد قال في الفروع كذا قال.
قوله (ولا يضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب).
هذا إحدى الروايات اختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق وصححه
96

في إدراك الغاية وقدمه في النظم ومختصر بن تميم وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وعنه أن الحبوب يضم بعضها إلى بعض رواها صالح وأبو الحارث والميموني وصححها القاضي وغيره واختارها أبو بكر قاله المصنف.
قال إسحاق بن هانئ رجع أبو عبد الله عن عدم الضم وقال يضم وهو أحوط.
قال القاضي وظاهره الرجوع عن منع الضم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين وشرح بن رزين ونهايته وجزم به في المنور.
وعنه تضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض اختارها الخرقي وأبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
قال في المبهج يضم ذلك في أصح الروايتين قال القاضي وهو الأظهر نقله بن رزين عنه وجزم به في الإيضاح والإفادات والوجيز وهي من المفردات وظاهر الفروع إطلاق الخلاف وأطلقهن في الهداية والمستوعب والمذهب ومسبوك الذهب وشرح المجد وتجريد العناية.
فعليها تضم الأبازير بعضها إلى بعض وحبوب البقول بعضها إلى بعض لتقارب المقصود وكذا يضم كل ما تقارب ومع الشك لا يضم.
قال ابن تميم وعنه يضم ما تقارب في المنبت والمحصد.
وحكى بن تميم أيضا رواية تضم الحنطة إلى الشعير قال في الفروع ولعله على رواية أنه جنس.
وخرج بن عقيل ضم التمر إلى الزبيب على الخلاف في الحبوب قال المجد ولا يصح لتصريح أحد بالتفرقة بينهما وبين الحبوب على قوله بالضم في رواية صالح وحنبل وقال ابن تميم بعد كلام بن عقيل وقاله أبو الخطاب وتوقف عنه في رواية صالح.
97

فائدة القطنيات حبوب كثيرة منها الحمص والعدس والماش والجلبان واللوبيا والدخن والأرز والباقلا ونحوها مما يطلق عليه هذا الاسم.
تنبيه ظاهر قوله ولا يضم جنس إلى آخر أنه يضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض لتكميل النصاب وهو صحيح فالسلت نوع من الشعير جزم به جماعة من الأصحاب منهم المصنف والمجد وقدمه بن تميم وابن حمدان لأنه أشبه الحبوب بالشعير في صورته وقال في المستوعب السلت لونه لون الحنطة وطبعه طبع الشعير في البرودة قال في الفروع فظاهره أنه مستقل بنفسه وهل يعمل بلونه أو بطبعه يحتمل وجهين انتهى.
وقال في الترغيب السلت يكمل بالشعير وقيل لا يعني أنه أصل بنفسه قاله بعض الأصحاب قال ابن تميم وفيه وجه أنه أصل بنفسه.
وأطلق في النظم والفائق في ضم السلت إلى الشعير وجهين.
وتقدم أن العلس نوع من الحنطة يضم إليها وهو صحيح وهو المذهب وقيل لا يضم وأطلقهما في الفائق.
وقال في الرعاية وقيل في ضم العلس إلى البر وجهان.
وقال أيضا والحاروس نوع من الدخن يضم وقال أيضا وفي ضم الدخن إلى الذرة وجهان ويأتي ضم الذهب إلى الفضة في باب زكاة الأثمان.
فائدة قوله ولا تجب فيما يكتسبه اللقاط أو يأخذه أجرة بحصاده.
بلا نزاع وكذا ما يملكه بعد صلاحه بشراء أو إرث أو غيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن أبي موسى تجب الزكاة يوم الحصاد والجداد فتجب الزكاة على المشتري لتعلق الوجوب به وهو في ملكه ويأتي ذلك أيضا عند قول المصنف وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمرة
98

قوله (ولا فيما يجتنيه من المباح أي لا تجب كالبطم والرعبل وهو شعير الجبل وبزر قطونا ونحوه).
كالعفص والأشنان والسماق والكلأ سواء أخذه من موات أو نبت في أرضه وقلنا لا يملكه إلا بأخذه فأخذه وهذا المذهب اختاره بن حامد والمصنف والشارح والمجد في شرحه وقالوا هذا الصحيح وردوا غيره وقدمه بن رزين في شرحه واختاره وجزم به في الإفادات فيما يجتنيه من المباح.
وقيل تجب فيه جزم به في الهداية ومسبوك الذهب والخلاصة وغيرهم وقال في المذهب تجب في ذلك قال القاضي في الخلاف والأحكام السلطانية قياس قول أحمد وجوب الزكاة فيه لأنه أوجبها في العسل فيكتفى بملكه وقت الأخذ كالعسل انتهى وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال في الرعاية أشهر الوجهين الوجوب وقدمه في المستوعب والتلخيص والفائق والزركشي وجزم به في الإفادات فيما ينبت في أرضه وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين.
فائدة لو نبت ما يزرعه الآدمي كمن سقط له حب حنطة في أرضه أو أرض مباحة وجب عليه زكاته لأنه ملكه وقت الوجوب وكذا إن قلنا يملك ما ينبت في أرضه من المتقدم ذكره قاله في الرعاية وهو ظاهر كلام غيره.
قوله (ويجب العشر فيما سقى بغير مؤنة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه ونصف العشر فيما سقى بكلفة كالدوالي والنواضح).
وكذا ما سقى بالناعورة أو الساقية وما يحتاج في ترقة الماء إلى الأرض إلى آلة من عرق أو غيره وقال جماعة من الأصحاب منهم المصنف والمجد والشارح لا يؤثر حفر الأنهار والسواقي لقلة المؤنة لأنه من جملة إحياء الأرض ولا يتكرر
99

كل عام وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه كحرث الأرض وقال الشيخ تقي الدين وما يدير الماء من النواعير ونحوها مما يصلح من العام إلى العام أو في أثناء العام ولا يحتاج إلى دولاب تديره الدواب يجب فيه العشر لأن مؤنته خفيفة فهي كحرث الأرض وإصلاح طرق الماء.
فائدتان
إحداهما لو اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى به سيحا وجب عليه العشر في ظاهر كلام الأصحاب قاله المجد وقال ويحتمل وجوب نصف العشر لأنه سقى بمؤنة وأطلق بن تميم فيه وجهين.
الثانية لو جمع الماء وسقى به وجب العشر قال في الفروع ويتوجه تخريج منه في الصورتين وإطلاق غير واحد يقتضيه كعمل العين ذكره غير واحد وذكر بن تميم وغيره إن كانت العين أو القناة يكثر تصوب الماء عنها ويحتاج إلى حفر متوال فذلك مؤنة فيجب نصف العشر فقط.
قوله (وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما نص عليه).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قوله (وقال ابن حامد يؤخذ بالقسط فإن جهل المقدار وجب العشر).
يعني إذا جهل مقدار السقي فلم يعلم هل سقى سيحا أكثر أو الذي بمؤنة أكثر وهذا المذهب نص عليه في رواية
عبد الله وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد يخرج حتى يعلم براءة ذمته.
تنبيه قوله وإن سقى بأحدهما أكثر الاعتبار بالأكثر النفع للزرع والنمو على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع.
100

وقيل الاعتبار بأكثر السقيات وقيل الاعتبار بالأكثر مدة وأطلقهن بن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية.
فائدتان
إحداهما من له بستان أو أرض يسقى أحد البساتين بكلفة والآخر بغيرها أو بعض الأرض بمؤنة وبعضها بغيرها ضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وأخذ من كل واحد بحسبه.
الثانية لو اختلف الساعي ورب الأرض فيما سقى به فالقول قول رب الأرض من غير يمين على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر وقال القاضي في الأحكام السلطانية للساعي استحلافه لكن إن ظهر لم يلزمه إلا ما اعترف به وقال بعض الأصحاب تعتبر البينة فيما يظهر قال في الفروع وهو مراد غيره وذكر بن تميم هذا وجها قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمرة وجبت الزكاة).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم قطع به وقال ابن أبي موسى تجب الزكاة يوم الحصاد والجذاذ للآية فيزكيه المشتري لتعلق الوجوب به في ملكه وتقدم ذلك قريبا.
فائدة لو باعه ربه وشرط الزكاة على المشتري قال في الفروع فإطلاق كلامهم خصوصا الشيخ يعني به المصنف لا يصح وقاله المجد وقطع به بن تميم وابن حمدان أن قياس المذهب يصح للعلم بها فكأنه استثنى قدرها ووكله في إخراجه حتى لو لم يخرجها المشتري وتعذر الرجوع عليه ألزم بها البائع.
قوله (فإن قطعها قبله فلا زكاة فيها).
إلا أن يقطعها فرارا من الزكاة فيلزمه تقدم الكلام على ذلك والخلاف فيه أواخر كتاب الزكاة فليعاود.
101

فائدة قال في الفروع ظاهر كلامهم أو صريح بعضهم أن صلاح الثمرة هنا حكمه حكم صلاح الثمرة المذكورة في باب بيع الأصول والثمار على ما يأتي قال ابن تميم صلاح الفستق والبندق ونحوه إذا انعقد لبه وصلاح الزيتون إذا كان له زيت يجري في دهنه وإن كان مما لا زيت فيه فبأن يصلح للكبس وقال في الرعاية ويجب إذا اشتد الحب وبدا اشتداده وبدا صلاح الثمرة بحمرة أو صفرة وانعقد لب اللوز والبندق والفستق والجوز إن قلنا يزكى وجرى دهن الزيتون فيه أو بدا صلاحه وطاب أكله أو صلح للكبس إن لم يكن له زيت وقيل صلاح الحنطة إذا أفركت والعنب إذا انعقد وحمض وقيل وتموه وطاب أكله انتهى.
قوله (ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يستقر الوجوب إلا بتمكنه من الأداء كما سبق في أثناء كتاب الزكاة للزوم الإخراج إذن.
فائدة الجرين يكون بمصر والعراق والبيدر والأيدر يكون بالشرق والشام والمربد يكون بالحجاز وهو الموضع الذي تجمع فيه الثمرة ليتكامل جفافها والجوجان يكون بالبصرة وهو موضع تشميسها وتيبيسها ذكره في الرعاية وسمي بلغة آخرين السطاح وبلغة آخرين الطبابة.
قوله (فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة سواء كانت قد خرصت أو لم تخرص).
إذا تلفت بغير تعد في عبارة جماعة من الأصحاب منهم المجد ونص عليه أحمد قبل الحصاد والجداد وقدمه في الفروع وذكره بن المنذر إجماعا.
وفي عبارة جماعة أيضا قبل أن تصير في الجرين والبيدر كالمصنف وابن تميم وغيرهما سقطت الزكاة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
102

قال ابن تميم قطع به أكثر أصحابنا قال في القواعد الفقهية سقطت اتفاقا.
وقيل لا تسقط قال ابن تميم وذكر بن عقيل في عمد الأدلة رواية أن الزكاة لا تسقط عنه وقاله غيره انتهى قال في القواعد وهو ضعيف مخالف للإجماع قال في الفروع وأظن أنه قال في المغني قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح واشتداد الحب أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن انتهى وتقدم ذلك في آخر كتاب الزكاة.
فائدة لو بقي بعد التلف نصاب وجبت الزكاة فيه وإلا فلا على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والمجد في شرحه وذكر بن تميم وصاحب الفائق فيما إذا لم يبق نصاب وجهين.
قال ابن تميم اختار الشيخ يعني به المصنف الوجوب فيما بقي بقسطه قال وهو أصح كما لو تلف بعض النصاب من غير الزرع والثمرة بعد وجوب الزكاة قبل تمكنه من الإخراج قال في الرعاية أظهرهما يزكي ما بقي بقسطه.
تنبيه ظاهر قوله وإن ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين.
ولو اتهم في ذلك وهو صحيح وهو المذهب نص عليه قال في الرعاية وهو أظهر وقدمه في الفروع وابن تميم وجزم به المجد في شرحه ونصره وكذا صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقيل يقبل قوله بيمينه قدمه في الرعاية والحاويين وهو من المفردات ويصدق في دعوى غلط ممكن من الخارص قال في التلخيص والرعايتين والحاويين وابن تميم وغيرهم كالسدس ونحوه ولا يقبل في الثلث والنصف.
وقيل إن ادعى غلطا محتملا قبل بلا يمين وإلا فلا.
قال في الفروع فإن فحش فقيل يرد قوله وقيل ضمانا كانت أو أمانة يرد في الفاحش.
103

وظاهر كلامهم لو ادعى كذب الخارص عمدا لم يقبل وجزم به في التلخيص والرعايتين والحاويين.
ولو قال ما حصل في يدي غير كذا قبل قولا واحدا.
فائدة لا تسمع دعواه في جائحة ظاهرة تظهر عادة إلا ببينة ولم يصدق في التلف جزم به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يصدق مطلقا وجزم به في الرعاية وقدمه بن تميم.
قوله (ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع وأطلق بن تميم عن بن بطة له أن يخرج رطبا وعنبا قال وسياق كلامه إنما هو فيما إذا اعتبرنا نصابه كذلك وقال في الرعاية وقيل يجزئ رطبه.
وقيل فيما لا يثمر ولا يزبب قال في الفروع كذا قال ثم قال وهذا وأمثاله لا عبرة به وإنما يؤخذ منها بما انفرد به بالتصريح وكذا يقدم في موضع الإطلاق ويطلق في موضع التقديم ويسوى بين شيئين المعروف التفرقة بينهما وعكسه قال فلهذا وأمثاله حصل الخوف وعدم الاعتماد.
فعلى المذهب لو خالف وأخرج سنبلا رطبا وعنبا لم يجزه ووقع نفلا ولو كان الآخذ الساعي فإن جففه وجاء بقدر الواجب أجزأ وإلا أعطى إن زاد أو أخذ إن نقص وإن كان بحالة رديئة وإن تلف رد مثله على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاله المجد وقال عندي لا يضمنه ويأخذه منه باختياره ولم يتعد واختاره بن تميم أيضا وقدم يضمنه قيمته قال وفيه وجه بمثله قال في الفروع كذا قال.
قوله (فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه).
كخوف العطش أو لتحسين بقيته أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو عنبا
104

لا يجيء منه زبيب زاد في الكافي أو يجيء منه زبيب ردئ انتهى.
قلت وعلى قياسه إذا جاء منه تمر ردئ أخرج منه رطبا وعنبا يعني جاز قطعه وإخراج زكاة منه.
قال في المغني والشرح وإن كان يكفي التجفيف لم يجز قطع الكل قال في الفروع وفي كلام بعضهم إطلاق فقدم المصنف هنا جواز إخراج الرطب والعنب والحالة هذه فله أن يخرج من هذا رطبا وعنبا مشاعا أو مقسوما بعد الجداد أو قبله بالخرص فيخير الساعي بين قسمه مع رب المال قبل الجداد بالخرص ويأخذ نصيبهم شجرات مفردة وبعد الجداد بالكيل وهذا الذي قدمه المصنف هنا اختاره القاضي وجماعة من الأصحاب قاله في الفروع وصححه بن تميم وابن حمدان وغيرهما وقدمه في الفروع والمحرر والفائق والنظم وتجريد العناية.
فأول كلام القاضي الذي ذكره المصنف وهو تخيير الساعي موافق لما قدمه المصنف وباقي كلامه مخالف للنص والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسا اختاره أبو بكر في الخلاف وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والرعايتين والحاويين وابن تميم وهو من المفردات.
قلت هذا المذهب لأنه المنصوص.
واختاره أكثر الأصحاب وأطلقهما في المذهب.
وعنه يجوز إخراج القيمة هنا وإن منعنا من إخراجها في غير هذا الموضع.
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله تعالى وجوب الزكاة في ذلك مطلقا وهو المذهب وعليه الأصحاب قاطبة والأئمة الأربعة قال في الفروع ويتوجه احتمال يعتبر بنفسه لأنه من الخضر وهو قول محمد بن الحسن واحتمال فيما لا يتمر ولا يصير زبيبا وهو رواية عن مالك انتهى.
105

فوائد
الأولى لا تجب فيه الزكاة حتى يبلغ حدا يكون منه خمسة أوسق تمرا أو زبيبا على الصحيح كغيره اختاره بن عقيل وغيره وجزم به المصنف والشارح وابن رزين في شرحه وغيرهم قال المجد في شرحه هذا أصح.
وقيل يعتبر نصابه رطبا وعنبا قال في الفروع اختاره غير واحد لأنه نهايته بخلاف غيره وأطلقهما في الفروع وهما وجهان عند الأكثر وروايتان في المستوعب.
فعلى ما اختاره القاضي وجماعة وقدمه في الفروع والمصنف وغيرهما في أصل المسألة لو أتلف رب المال نصيب الفقراء ضمن القيمة كالأجنبي ذكره القاضي وجزم به في الكافي.
وعلى المنصوص يجب في ذمته تمرا أو زبيبا ولو أتلف رب المال جميع الثمرة فعليه قيمة الواجب على قول القاضي ومن تابعه كما لو أتلفها أجنبي وعلى المنصوص يضمن الواجب في ذمته تمرا أو زبيبا كغيرهما إذا أتلفه فلو لم يجد التمر أو الزبيب في المسألتين بقي الواجب في ذمته يخرجه إذا قدر على الصحيح من المذهب.
وقيل يخرج قيمته في الحال وهما روايتان في الإرشاد ووجهان في غيره وهما مبنيان على جواز إخراج القيمة عند إعواز الفرض كما تقدم في كلام المصنف وذكر هذا البناء المجد وصاحب الفروع وغيرهما وهي طريقة ثانية في الفروع وغيره.
الثانية لو أخرج قيمة الواجب هنا ومنعنا من إخراج القيمة لم يجز ذلك في إحدى الروايتين كغيره قدمه بن تميم وابن حمدان وصاحب الحاويين.
وعنه يجوز دفعا لمشقة إخراجه رطبا بعينه فإنه عند أخذه قد لا يحضره الساعي والفقير ويخشى فساده بالتأخير ولذلك أجزنا للساعي بيعه وللمخرج شراءه من غير كراهة قاله المجد وأطلقهما هو وصاحب الفروع.
106

الثالثة لا يجوز قطع ذلك إلا بإذن الساعي إن كان وإلا جاز.
الرابعة لو قطعه قبل الوجوب لأكله خصوبا أو خلالا أو لبيعه أو تجفيفه عن النخل أو لتحسين الباقي أو لمصلحة ما لم تجب الزكاة وإن قصد به الفرار وجبت الزكاة.
تنبيه قوله في تتمة كلام القاضي يخير الساعي بين بيعه منه أو من غيره والمنصوص أنه لا يجوز له شراء زكاته.
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه لا يجوز للإنسان شراء زكاته مطلقا وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقدمه في الفروع وقال هو أشهر.
قال المجد في شرحه صرح جماعة من أصحابنا وأهل الظاهر أن البيع باطل احتج الإمام أحمد بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام لا تشتره ولا تعد في صدقتك وعللوه بأنه وسيلة إلى استرجاع شيء منها لأنه يسامحه رغبة أو رهبة.
وعنه يكره شراؤها اختاره القاضي وغيره وقدمه في الرعايتين والنظم والمجد في شرحه والفائق وقال في الوجيز ولا يشتريها لغير ضرورة وقدمه في الرعاية في هذا الباب.
وعنه يباح شراؤها كما لو ورثها نص عليه وأطلقهن في الحاويين.
فوائد
منها لو رجعت الزكاة إلى الدافع بإرث أبيحت له عند الأئمة الأربعة قال في الفروع وعلله جماعة بأنه بغير فعله قال فيؤخذ منه أن كل شيء حصل بفعله كالبيع ونصوص أحمد إنما هي في الشراء وصرح في رواية علي بن سعيد:
107

أن الهبة كالميراث ونقل حنبل ما أراد أن يشتريه فلا إذا كان شيء جعله لله فلا يرجع فيه واحتج المجد للقول بصحة الشراء بأنه يصح أن يأخذها من دينه ويأخذها بهبة ووصية فيعوض منها أولى.
ومنها قال في الفروع ظاهر كلام الإمام أحمد أنه سواء اشتراها ممن أخذها منه أو من غيره قال وهو ظاهر الخبر ونقله أبو داود في فرس حميد وهو الذي قدمه في الرعاية الكبرى فإنه قال ويكره شراء زكاته وصدقته وقيل ممن أخذها منه انتهى.
قلت وظاهر من علل بأنه يسامحه أنه مخصوص بمن أخذها.
وقال في الفروع أيضا وكذا ظاهر كلامهم أن النهي يختص بعين الزكاة ونقل حنبل وما أراد أن يشتريه به أو شيئا من نتاجه.
ومنها الصدقة كالزكاة فيما تقدم من الأحكام لا أعلم فيه خلافا.
قوله (وينبغي أن يبعث الإمام ساعيا إذا بدا صلاح الثمر فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه).
بعث الإمام ساعيا للخرص مستحب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكر أبو المعالي بن منجا أن نخل البصرة لا يخرص وقال أجمع عليه الصحابة وفقهاء الأمصار وعلل ذلك بالمشقة وغيرها قال في الفروع كذا قال.
تنبيه قوله ينبغي يعني يستحب.
فوائد
الأولى لا يخرص غير النخل والكرم على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقال ابن الجوزي يخرص غير الزيتون وقال في الفروع كذا قال ولا فرق.
108

الثانية يعتبر كون الخارص مسلما أمينا خبيرا بلا نزاع ويعتبر أن يكون غير متهم ولم يذكره جماعة من الأصحاب منهم بن تميم وابن حمدان وصاحب الحاوي وقيل عدل ولا يعتبر كونه حرا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وقيل يشترط قال في الرعاية الكبرى حر في الأشهر وجزم به في الفائق.
الثالثة يكفي خارص واحد بلا نزاع بين الأصحاب ووجه في الفروع تخريجا بأنه لا يكفي إلا اثنان كالقائف عند من يقول به.
الرابعة أجرة الخرص على رب النخل والكرم جزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم وقال في الفروع ويتوجه فيه ما يأتي في حصاد.
الخامسة كره الإمام أحمد الحصاد والجذاذ ليلا.
السادسة يلزم خرص كل نوع وحده لاختلاف الأنواع وقت الجفاف ثم يعرف المالك قدر الزكاة ويخير بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدرها وبين حفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن الزكاة وتصرف صح تصرفه قال في الرعاية وكره وقيل يباح.
وحكى بن تميم عن القاضي أنه لا يباح التصرف كتصرفه قبل الخرص وأنه قال في موضع آخر له ذلك كما لو ضمنها وعليهما يصح تصرفه.
وإن أتلفها المالك بعد الخرص أو تلفت بتفريطه ضمن زكاتها بخرصها تمرا على الصحيح من المذهب لأنه يلزمه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي وعنه رطبا كالأجنبي فإنه يضمنه بمثله رطبا يوم التلف وقيل بقيمته رطبا قال في الفروع قدمه غير واحد.
وتقدم قريبا إذا أتلف رب المال نصيب الفقراء وجميع المال فيما إذا كان لا يجيء منه تمر ولا زبيب أو تلفت بغير تفريق.
109

السابعة لو حفظها إلى وقت الإخراج زكى الموجود فقط سواء وافق قول الخارص أو لا وسواء اختار حفظها ضمانا بأن يتصرف أو أمانة لأنها أمانة كالوديعة وإنما يعمل بالاجتهاد مع عدم تبين الخطأ لأن الظاهر الإصابة.
وعنه يلزمه ما قال الخارص مع تفاوت قدر يسير يخطئ في مثله وقال في الرعاية لا يغرم ما لم يفرط ولو خرصت وعنه بلى انتهى.
قوله (ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع).
بحسب اجتهاد الساعي بحسب المصلحة فيجب على الساعي فعل ذلك على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في شرح المذهب الثلث كثير لا يتركه وقال الآمدي وابن عقيل يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد قال ابن تميم وهو أصح قال في الرعاية وقيل هو أصح انتهى وقال ابن حامد إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب فلو كانت نصابا فقط لم يترك شيئا.
تنبيهان
أحدهما هذا القدر المتروك للأكل لا يكمل به النصاب على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وابن تميم والرعاية وغيرهم واختار المجد أنه يحتسب به من النصاب فيكمل به ثم يأخذ زكاة الباقي سواه.
الثاني لو لم يأكل رب المال المتروك له بلا خرص أخذ منه زكاته على الصحيح جزم به المجد في شرحه وابن تميم وابن رجب في القاعدة الحادية والسبعين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى وقال صاحب الفروع دل النص الذي في المسألة قبلها على أن رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه كما هو ظاهر كلام جماعة وأظن بعضهم جزم به أو قدمه وذكره في الرعاية احتمالا له انتهى.
110

فائدتان
إحداهما قوله فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليه.
نص عليه وكذا إذا لم يبعث الإمام ساعيا فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ليعرف قدر الواجب قبل
أن يتصرف لأنه مستخلف فيه ولو ترك الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك نص عليه.
الثانية تقدم أنه لا يخرص إلا النخل والكرم فلا تخرص الحبوب إجماعا لكن للمالك الأكل منها هو وعياله بحسب العادة كالفريك وما يحتاجه ولا يحتسب به عليه ولا يهدى نص على ذلك كله.
وخرج القاضي في جواز الأكل منها وجهين من الأكل ومن الزرع الذي ليس له خليط.
وقال القاضي في الخلاف أسقط أحمد رحمه الله عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار قال وذكره في رواية الميموني وجعل الحكم فيهما سواء.
وقال في المجرد والفصول وغيرهما يحسب عليه ما يأكله ولا يترك له منه شيء وذكره الآمدي ظاهر كلامه كالمشترك من الزرع نص عليه لأنه القياس والحب ليس في معنى الثمرة وحكى رواية أنه لا يزكى ما يهديه أيضا.
وقدم بعض الأصحاب أنه يزكي ما يهديه من الثمرة قال في الفروع وجزم الأئمة بخلافه.
وحكى بن تميم أن القاضي قال في تعليقه ما يأكله من الثمرة بالمعروف لا يحسب عليه وما يطعمه جاره وصديقه يحسب عليه نص عليه.
وذكر أبو الفرج لا زكاة فيما يأكله من زرع وثمر وفيما يطعمه روايتان وحكى القاضي في شرح المذهب في جواز أكله من زرعه وجهين.
111

قوله (ويؤخذ العشر من كل نوع على حدة).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم المصنف وذلك بشرط أن لا يشق على ما يأتي.
وقال ابن عقيل يؤخذ من أحدهما بالقيمة كالضأن من المعز.
قوله (فإن شق ذلك).
يعني لكثرة الأنواع واختلافها أخذ من الوسط.
هذا أحد الوجهين اختاره الأكثر قاله في الفروع وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين ومختصر بن تميم وغيرهم.
وقيل يخرج من كل نوع وإن شق قدمه في المغني والكافي والشرح وصححاه وقدمه في الفروع وهو المذهب على ما اصطلحناه.
وقيل يأخذ من الأكثر.
فوائد
إحداها لو أخرج الوسط عن جيد وردئ بقدر قيمتي الواجب منهما أو أخرج الردئ عن الجيد بالقيمة لم يجزه على الصحيح من المذهب قال ابن تميم لا يجزئ في أصح الوجهين وقدمه في الفروع وفيه وجه يجزئ قال المجد قياس المذهب جوازه وقال أبو الخطاب في الانتصار يحتمل في الماشية كمسألة الأثمان على ما يأتي هناك.
الثانية لا يجوز إخراج جنس عن آخر لأنه قيمة ولا مشقة ولو قلنا بالضم وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن عقيل يجوز إن قلنا بالضم وإلا فلا.
112

الثالثة قوله ويجب العشر على المستأجر دون المالك.
بلا خلاف أعلمه بخلاف الخراج فإنه على المالك على الصحيح من المذهب وعنه على المستأجر أيضا وهو من المفردات.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب حكم الأرضين المغنومة.
وكذلك المستعير لا يلزمه خراج على الصحيح من المذهب وحكى عنه يلزمه وقيل يلزم المستعير دون المستأجر.
الرابعة قوله ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة.
وكذا كل أرض خراجية نص عليه فالخراج في رقبتها والعشر في غلتها.
الخامسة لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر يقابله قال المجد في شرحه على الصحيح من المذهب قال في المستوعب لأنه كدين آدمي وكذا ذكر المصنف وغيره أنه أصح الروايات وأنه اختيار الخرقي لأنه من مؤنة الأرض فهو كنفقة زرعه وسبق في كتاب الزكاة الروايات.
السادسة إذا لم يكن له سوى غلة الأرض وفيها ما لا زكاة فيه كالخضر جعل الخراج في مقابلته لأنه أحوط للفقراء.
السابعة لا ينقص النصاب بمؤنة الحصاد والدياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ذلك وقال في الرعاية ويحتمل ضده كالخراج ويأتي في مؤنة المعدن ما يشابه ذلك.
الثامنة تلزم الزكاة في المزارعة من حكم بأن الزرع له وإن صحت فبلغ نصيب أحدهما نصابا زكاه وإلا فروايتا الخلط في غير السائمة على ما تقدم.
التاسعة متى حصد غاصب الأرض زرعه استقر ملكه على ما يأتي في أول الغصب وزكاه وإن ملكه رب الأرض قبل اشتداد الحب زكاه وكذا قيل بعد اشتداده لأنه استند إلى أول زرعه فكان أخذه إذن وقيل يزكيه
113

الغاصب لأنه ملكه وقت الوجوب ويأتي قول أن الزرع للغاصب فيزكيه.
العاشرة لا زكاة في المعشرات بعد أداء العشر ولو بقيت أحوالا ما لم تكن للتجارة.
قوله (ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية).
هذا الصحيح من المذهب والروايتين جزم به في الوجيز والإفادات وقدمه في الرعايتين والحاويين والشرح وإدراك الغاية والخلاصة والمغني والكافي ونصره المجد في شرحه.
وعنه لا يجوز لهم شراؤها اختارها أبو بكر الخلال وصاحبه أبو بكر عبد العزيز وقدمه بن تميم والمستوعب والفائق وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب.
فعلى الرواية الأولى اقتصر بعض الأصحاب على الجواز كالمصنف هنا وبعضهم قال يجوز ويكره منهم
المصنف في الكافي وقال في الرعايتين والحاويين يجوز وعنه يكره وعنه يحرم.
وعلى الرواية الثانية لو خالف واشترى صح قال في الفروع جزم به الأصحاب وهو كما قال وكلام الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم يعطى أن على المنع لا يصح شراؤه قاله في الفروع.
تنبيه محل الخلاف في غير نصارى بني تغلب فأما نصارى بني تغلب فلا يمنعون من شراء الأرض العشرية والخراجية لا أعلم فيه خلافا ونقله بن القاسم عن أحمد وعليهم عشران كالماشية.
فائدة يجوز لأهل الذمة شراء الأرض الخراجية على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وألحقها بن البنا بالأرض العشرية.
114

قوله (ولا عشر عليهم).
هذا مبني على ما جزم به من أنهم يجوز لهم شراء الأرض العشرية وهذا الصحيح على التفريع وعليه أكثر الأصحاب وذكر القاضي في شرحه الصغير أن إحدى الروايتين وجوب نصف العشر على الذمي غير التغلبي سواء اتجر بذلك أو لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته.
وقول المصنف وعنه عليهم عشران يسقط أحدهما بالإسلام.
قال في الفروع ذكر شيخنا في اقتضاء الصراط المستقيم على هذا هل عليهم عشران أو لا شيء عليهم على روايتين قال وهذا غريب ولعله أخذه من لفظ المقنع انتهى.
يعني أن نقل هذه الرواية على القول بجواز الشراء غريب.
فأما على رواية منعهم من الشراء لو خالفوا واشتروا لصح الشراء بلا نزاع عند الأصحاب كما تقدم وعليهم عشران على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الشرح وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه في الرعاية الصغرى وغيره.
قال في الإفادات وإن اشترى ذمي أرضا عشرية فعليه فيها عشران.
وعنه لا شيء عليهم قال في الفروع قدمه بعضهم.
وعنه عليهم عشر واحد ذكرها القاضي في الخلاف كما كان قبل شرائهم قدمها في الرعاية الكبرى وقال في الفروع لا وجه له انتهى.
وقال في الفائق ويمنع الذمي من شراء أرض عشرية وعنه لا وعنا يحرم ويصح.
ولا شيء عليه في الخارج اختاره الشيخ وعنه يلزمه عشران اختاره شيخنا وعنه عشر واحد ذكره القاضي في التعليق.
115

فوائد
منها حيث قلنا عليهم عشران فإن أحدهما يسقط بالإسلام عند الأصحاب وذكر بن عقيل رواية لا يسقط أحدهما بالإسلام.
ومنها حكم ما ملكه الذمي بالإحياء حكم شراء الأرض العشرية على ما تقدم ويأتي حكم إحياء الذمي وما يجب عليه في باب إحياء الموات.
ومنها حيث أخذ منهم عشر أو عشران فإن حكم مصرفه حكم ما يؤخذ من نصارى بني تغلب على ما يأتي.
ومنها الأرض الخراجية ما فتح عنوة ولم يقسم وما جلا عنها أهلها خوفا وما صولحوا عليه على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج.
والأرض العشرية عند الإمام أحمد وأصحابه هي ما أسلم عليها أهلها نقله حرب كالمدينة ونحوها وما أحياه المسلمون واختطوه نقله أبو الصقر كالبصرة وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم نقله بن منصور كأرض اليمن وما فتح عنوة وقسم كنصف خيبر وكذا ما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إن كان إقطاع تمليك على الروايتين.
ولم يذكر جماعة هذا القسم من أرض العشر منهم المصنف.
قال في الفروع والمراد أن العشرية لا يجوز أن يوضع عليها خراج كما ذكره القاضي وغيره وأن العشر والخراج يجتمعان في الأرض الخراجية فلهذا لا تنافى بين قوله في المغني والرعاية الأرض العشرية هي التي لا خراج عليها وقول غيره ما يجب فيه العشر خراجية أو غير خراجية وجعلها أبو البركات في شرحه قولين كان قول غير الشيخ أظهر.
قوله (وفي العسل العشر سواء أخذه من موات أو من ملكه).
هذا المذهب رواية واحدة وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب وذكر في الفروع أدلة المسألة وقال من تأمل هذا وغيره ظهر له ضعف المسألة
116

وأنه يتوجه لأحمد رواية أخرى أنه لا زكاة فيه بناء على قول الصحابي قال وسبق قول القاضي في التمر يأخذه من المباح يزكيه في قياس قول أحمد في العسل فقد سوى بينهما عند أحمد فدل أن على القول الآخر لا زكاة في العسل من المباح عند أحمد وقد اعترف المجد أنه القياس لولا الأثر فيقال قد تبين الكلام في الأثر ثم إذا تساويا في المعنى تساويا في الحكم وترك القياس كما تعدى في العرايا إلى بقية الثمار وغير ذلك على الخلاف فيه انتهى.
ففي كلام صاحب الفروع إيماء إلى عدم الوجوب وما هو ببعيد.
قوله (ونصابه عشرة أفراق).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ووجه في الفروع تخريجا أن نصابه خمسة أفراق كالزيت قال لأنه أعلى ما يقدر به فيه فاعتبر خمسة أمثاله كالوسق.
قوله (كل فرق ستون رطلا).
هذا قول بن حامد والقاضي في المجرد وجزم به في التسهيل والمبهج وقدمه في التلخيص.
والصحيح من المذهب أن الفرق ستة عشر رطلا عراقية ونص عليه وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلام القاضي في الأحكام السلطانية واختاره المجد وغيره وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه في الفروع وابن تميم
والرعايتين والحاويين والفائق.
وقيل ستة وثلاثون رطلا قاله القاضي في الخلاف وأطلقهن في المحرر.
وقيل مائة وعشرون ونفاه المجد وحكى بن تميم قولا أنه مائة رطل قال وعن أحمد نحوه.
وقيل نصابه ألف رطل عراقية وهو احتمال في المغني وقدمه في الكافي نقل أبو داود من كل عشر قرب قربة.
117

فائدة الفرق تفتح الراء وقيل بفتحها وسكونها مكيال معروف بالمدينة ذكره بن قتيبة وثعلب والجوهري وغيرهم ويدل عليه حديث كعب وهو مراد الفقهاء.
وأما الفرق بالسكون فمكيال ضخم من مكاييل أهل العراق قاله الخليل قال ابن قتيبة وغيره يسع مائة وعشرين رطلا قال المجد ولا قائل به هنا قال في الفروع وحكى بعضهم قولا وتقدم ذلك.
فائدة لا زكاة فيما ينزل من السماء على الشجر كالمن والترنجبين والشيرخشك ونحوها ومنه اللادن وهو طل وندا ينزل على نبت تأكله المعزى فتعلق تلك الرطوبة بها فيؤخذ قدمه بن تميم والفائق قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة لعدم النص وجزم به المصنف في المغني والمجد في شرحه والشارح في مسألة عدم الوجوب فيما يخرج من البحر.
وقيل تجب فيه كالعسل واختاره بن عقيل وغيره قال بعضهم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم به في المنور والمنتخب وتذكرة بن عقيل وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين واقتصر في المستوعب على كلام بن عقيل قال في الرعاية الكبرى فيه وجهان أشهرهما الوجوب وقيل عدمه انتهى وظاهر الفروع الإطلاق وأطلقهما في تجريد العناية.
فعلى الوجوب نصابه كنصاب العسل صرح به جماعة منهم صاحب المنور والمنتخب قال ابن عقيل هو كالعسل.
قوله (ومن استخرج من معدن نصابا من الأثمان).
ففيه الزكاة الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أنه يشترط في وجوب الزكاة في المعدن استخراج نصاب وعنه لا يشترط فيجب في قليله وكثيره وخص هذه الرواية في الفروع بالأثمان وغيرها فقال قال الأصحاب من أخرج نصاب نقد وعنه أو دونه وظاهر كلام بن تميم والفائق وغيرهما عموم الرواية في الأثمان وغيرها فقال ابن تميم وعنه تجب الزكاة في قليل المعدن وكثيره.
118

ذكرها بن شهاب في عيونه وقال في الفائق وعنه لا يشترط للمعدن نصاب ذكرها بن شهاب.
تنبيه قوله ومن استخرج من معدن نصابا ففيه الزكاة مراده إذا كان من أهل الزكاة فأما إن كان ذميا أو مكاتبا فلا شيء عليه ولا يمنع منه الذمي على الصحيح من المذهب.
وقيل يمنع من معدن بدارنا جزم به جماعة منهم صاحب الرعاية الصغرى والحاويين والمنور وقدمه في الرعاية الكبرى.
فعليه يملكه آخذه قبل بيعه مجانا على الصحيح وعليه الأكثر وقال في التلخيص ذلك كإحيائه الموات وإن أخرجه عبد لمولاه زكاه سيده وإن كان لنفسه انبنى على ملك العبد على ما تقدم في أول كتاب الزكاة.
فائدة إذا كان المعدن بدار الحرب ولم يقدر على إخراجه إلا بقوم لهم منعة فقيمته تخمس بعد ربع العشر.
قوله (أو ما قيمته نصاب).
ففيه الزكاة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به واختار الآجري وجوب الزكاة في قليل ذلك وكثيره وتقدمت الرواية التي نقلها بن شهاب.
تنبيه شمل قوله من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا.
قوله المعدن المنطبع وغير المنطبع فغير المنطبع كالياقوت والعقيق والبنغش والزبرجد والفيروزج والبلور والموميا والنورة والمغرة والكحل والزرنيخ والقار والنفط والسبج والكبريت والزفت والزجاج واليشم والزاج ونحوه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
119

ونقل مهنا لم أسمع في معدن القار والنفط والكحل والزرنيخ شيئا قال ابن تميم وظاهره التوقف في غير المنطبع.
قلت ذكر في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية والفروع وغيرهم الزجاج من المعدن وفيه نظر لأنه مصنوع اللهم إلا أن يوجد بعض ذلك من غير صنع.
فائدة ذكر الأصحاب من المعادن الملح وجزم في الرعاية وغيرها بأن الرخام والبرام ونحوهما معدن وهو معنى كلام جماعة من الأصحاب ومال إليه في الفرع.
فائدة أخرى قال ابن الجوزي في التبصرة في مجلس ذكر الأرض وقد أحصيت المعادن فوجدوها سبعمائة معدن.
قوله (ففيه الزكاة في الحال ربع العشر).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وقال ابن هبيرة في الإفصاح قال مالك والشافعي وأحمد في المعدن الخمس يصرف مصرف الفيء.
قوله (من قيمته).
يعني إذا كان من غير الأثمان وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو الفرج بن أبي الفهم شيخ بن تميم يخرج من عينه كالأثمان.
تنبيه قوله أو من عينها إن كانت أثمانا.
ليس هذا من كلام المصنف وإنما زاده بعض من أجاز له المصنف الإصلاح قاله بن منجا وقال إنما اقتصر المصنف على قوله من قيمته إما لأن الواجب في الأثمان من جنسه ظاهر وإما على سبيل التغليب لأنه ذكر الأثمان وأجناسها كثيرة فغلب الأكثر انتهى.
قلت الأول أولى والقيمة إنما تكون في غير الأثمان.
120

فائدة قوله سواء استخرجه في دفعه أو دفعات ما لم يترك العمل بينها ترك إهمال.
مثاله لو تركه لمرض أو سفر أو لإصلاح آلة أو استراحة ليلا أو نهارا أو اشتغاله بتراب خرج بين النيلين أو هرب عبيده أو أجيره أو نحو ذلك مما جرت به العادة قال في الرعاية أو سفر يسير انتهى.
فلا أثر لترك ذلك وهو في حكم استمراره في العمل قال الأصحاب إن أهمله وتركه فلكل مرة حكم قال ابن منجا
وجه الإهمال إن لم يكن عذر وإلا فمعدن.
قوله (ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية).
وذلك لأن وقت الإخراج منها بعد السبك والتصفية ووقت وجوبها إذا أحرز على الصحيح من المذهب جزم به في المستوعب وابن تميم وغيرهما وقدمه في الفروع وجزم المصنف في الكافي والمجد في شرحه أن وقت وجوبها بظهوره كالثمرة بصلاحها قال في الفروع ولعل مراد الأولين استقرار الوجوب.
فوائد
الأولى لا يحتسب بمؤنة السبك والتصفية على الصحيح من المذهب كمؤنة استخراجه وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل يحسب النصاب بعدها.
الثانية إن كان عليه دين احتسب به على الصحيح من المذهب قال في الفروع احتسب به في ظاهر المذهب وجزم به المصنف في المغني والمجد في شرحه قال الشارح احتسب به على الصحيح من المذهب كما يحتسب بما على الزرع على ما تقدم في كتاب الزكاة.
وأطلق في الكافي وغيره أنه لا يحتسب به كمؤنة الحصاد والزراعة.
121

الثالثة لا يضم جنس من المعدن إلى جنس آخر على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وقدمه في الفروع.
وقيل يضم اختاره بعض الأصحاب قال ابن تميم وهو أحسن.
وقيل يضم إذا كانت متقاربة كقار ونفط وحديد ونحاس وجزم به في الإفادات وقال المصنف والصواب إن شاء الله تعالى إن كان في المعدن أجناس من غير الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض لأن الواجب في قيمتها فاشتبهت الفروض.
الرابعة في ضم أحد النقدين إلى الآخر الروايتان الاثنتان نقلا ومذهبا قاله المصنف والشارح.
الخامسة لو أخرج نصابا من نوع واحد من معادن متفرقة ضم بعضه إلى بعض كالزرع من مكانين وإن أخرج اثنان نصابا فقط فإخراجهما للزكاة مبني على خلطة غير السائمة على ما تقدم.
قوله (ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه).
هذا المذهب مطلقا نص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه بن تميم والناظم والفروع وقال اختاره الخرقي وأبو بكر واختاره أيضا المصنف والشارح وغيرهم قال في تجريد العناية لا زكاة فيه في الأظهر قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه فيه الزكاة قال في الفروع نصره القاضي وأصحابه قال ناظم المفردات هو المنصور في الخلاف قال في الرعايتين والحاويين زكاة على الأصح وجزم به في المبهج وتذكرة بن عقيل وابن عبدوس والإفادات وقدمه في الخلاصة والمحرر وناظم المفردات وهو منها وأطلقهما في الهداية
122

وخصال بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والتلخيص والفائق والبلغة وأطلقهما في الكافي في غير الحيوان.
وقيل يجب في غير الحيوان جزم به بعضهم كصيد البر وقدمه في الكافي ونص أحمد التسوية بين ما يخرج من البحر.
فائدة مثل في الهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمحرر والإفادات وغيرهم بالمسك والسمك.
فعلى هذا يكون المسك بحريا وذكر أبو يعلى الصغير أنه يرى فيه الزكاة قال في الفروع كذا قال ثم قال وكذا ذكره القاضي في الخلاف.
يؤيده من كلام أحمد أن في الخلاف بعد ذكر الروايتين قال وكذلك السمك والمسك نص عليه في رواية الميموني فقال كان الحسن يقول في المسك إذا أصابه صاحبه الزكاة شبهه بالسمك إذا اصطاده وصار في يده مائتا درهم وما أشبهه فظاهر كلامهم على هذا لا زكاة فيه ولعله أولى انتهى كلام صاحب الفروع.
وفصل القاضي في الجامع الصغير والناظم بين ما يخرجه البحر وبين المسك كما قاله القاضي في الخلاف وقال في الرعاية الكبرى ومن أخرج من البحر كذا وكذا أو أخذ مما قذفه البحر من عنبر وعود وسمك وقيل ومسك وغير ذلك انتهى.
وقطع في باب زكاة الزرع والثمار أنه لا زكاة في المسك كما تقدم.
قلت قد تقدم في باب إزالة النجاسة أن المسك سرة الغزال على الصحيح.
وقال ابن عقيل دم الغزلان وقيل من دابة في البحر لها أنياب.
فيكون من مثل بالمسك من الأصحاب مبني على هذا القول أو هم قائلون به.
قوله (وفي الركاز الخمس أي نوع كان من المال قل أو كثر هذا المذهب وعليه الأصحاب).
123

ووجه في الفروع تخريجا لا يجب في قليله إذا قلنا إن المخرج زكاة.
فائدة يجوز إخراج الخمس منه ومن غيره على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في موضع يتعين أن يخرج منه.
فعلى هذا لا يجوز بيعه قبل إخراج خمسه قاله في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قوله (لأهل الفيء).
هذا المذهب اختاره بن أبي موسى والقاضي في التعليق والجامع وابن عقيل والشيرازي والمصنف والشارح وابن منجا في شرحه وقال هو المذهب وجزم به بن عبدوس في تذكرته والمنتخب وقدمه في الهداية والخلاصة والكافي والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية وصححه المجد في شرحه.
وعنه أنه زكاة جزم به الخرقي وصاحب المنور وقدمه في مسبوك الذهب والبلغة والمحرر وابن تميم والفائق وشرح بن رزين وأطلقهما في الفروع والمذهب والإفصاح والمستوعب والتلخيص والزركشي وقال في الإفادات لأهل الزكاة أو الفيء.
فعلى المذهب يجب أن يخمس كل أحد وجد ذلك من مسلم أو ذمي ويجوز لمن وجده تفرقته بنفسه كما إذا قلنا إنه
زكاة نص عليه وجزم به في الكافي وغيره وقاله القاضي وغيره وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والمغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وعنه لا يجوز وهو تخريج في المغني قدمه المجد في شرحه وغيره كخمس الغنيمة والفئ وأطلقهما بن تميم.
فعلى الأول يعتبر في إخراجه النية.
واختار بن حامد يؤخذ الركاز كله من الذمي لبيت المال ولا خمس عليه.
124

وعلى القول بأنه زكاة لا تجب على من ليس من أهلها لكن إن وجده عبده فهو لسيده ككسبه ويملكه المكاتب وكذا الصبي والمجنون ويخرجه عنهما وليهما.
وصحح بعض الأصحاب القول بأنه زكاة ووجوبه على كل واحد وهو تخريج في التلخيص نقله عنه الزركشي ولم أره في النسخة التي عندي وجزم به في المغني والشرح وصححاه وجعلا الأول تخريجا لهما وقدمه بن رزين.
فوائد
الأولى يجوز للإمام رد سائر الزكوات على من أخذت منه إن كان من أهلها على الصحيح اختاره القاضي وغيره وقدمه المجد في شرحه ونصره وصاحب الحاويين والرعايتين.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في التلخيص والبلغة لأنه أخذها بسبب متجدد كإرثها أو قبضها من دين بخلاف ما لو تركها له لأنه لم يبرأ منها نص عليه وعنه لا يجوز اختاره أبو بكر وذكره في المذهب.
قال ابن تميم يجوز في رواية وأطلقهما في الفروع.
وقال القاضي في موضع من المجرد لا يجوز ذلك ذكره في الركاز والعشر.
وحكى أبو بكر ذلك عن أحمد في زكاة الفطر وكذا الحكم في صرف الخمس إلى واجده إذا قلنا إنه زكاة فيقبضه منه ثم يرده إليه وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يجوز رد خمس الركاز فقط جزم به بن تميم.
وأما إذا قلنا خمس الركاز فيء فإنه يجوز تركه له قبل قبضه منه كالخراج على الصحيح من المذهب قال في الرعايتين في الأقيس وقدمه بن تميم والفروع.
125

وعنه لا يجوز ذلك اختاره أبو بكر.
الثانية يجوز للإمام رد خمس الفيء في الغنيمة على الصحيح من المذهب اختاره القاضي في الخلاف وابن عقيل قال في الفروع له ذلك في الأصح وصححه المجد في شرحه.
وقيل ليس له ذلك واختاره القاضي في المجرد وأطلقهما في الرعاية ومختصر بن تميم وذكر بعضهم الغنيمة أصلا للمنع في الفيء وذكر الخراج أصلا للجواز فيه.
الثالثة المراد بمصرف الفيء هنا مصرف الفيء المطلق للمصالح كلها فلا يختص بمصرف خمس الغنيمة.
تنبيهان
أحدهما قوله وباقيه لواجده.
مراده إن لم يكن أجيرا في طلب الركاز أو استأجره لحفر بئر يوجد فيه الركاز ذكره الزركشي وغيره لأنه ليس له إلا الأجرة.
الثاني قوله وباقيه لواجده إن وجده في موات أو أرض لا يعلم مالكها.
وكذا إن وجده في ملكه الذي ملكه بالإحياء أو في شارع أو طريق غير مسلوك أو قرية خراب أو مسجد وكذا لو وجده على وجه الأرض بلا نزاع في ذلك.
قوله (وإن علم مالكها أو كانت منتقلة إليه بهبة أو بيع أو غير ذلك فهو لواجده أيضا).
هذا المشهور في المذهب سواء ادعاه واجده أو لا قال في الفروع هذا أشهر قال الزركشي هذا نص الروايتين واختاره القاضي في التعليق وجزم
126

به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين وابن تميم والخلاصة وشرح بن رزين وصححه المصنف والشارح.
وعنه أنه لمالكها أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك يعني على هذه الرواية إذا لم يعترف به من انتقلت عنه فهو لمن قبله إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو لمن قبله كذلك إلى أول مالك فيكون له سواء اعترف به أو لا ثم لورثته إن مات فإن لم يكن له ورثة فلبيت المال وأطلقها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والفائق.
وعنه رواية ثالثة يكون للمالك قبله إن اعترف به فإن لم يعترف به أو لم يعرف الأول فهو لواجده على الصحيح وقيل لبيت المال.
فعلى المذهب إن ادعاه المالك قبله بلا بينة ولا وصف فهو له مع يمينه جزم به أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم وعنه لواجده وأطلق بعضهم وجهين فإن ادعاه بصفة وحلف فهو له.
وعلى الرواية الثانية إن ادعاه واجده فهو له جزم به بعض الأصحاب قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يكون له.
وعلى الرواية الثالثة إن انتقل إليه الملك إرثا فهو ميراث فإن أنكر الورثة أنه لموروثهم فهو لمن قبله على ما سبق وإن أنكر واحد سقط حقه فقط.
فوائد
منها متى دفع إلى مدعيه بعد إخراج خمسه غرم واجده بدله إن كان إخراجه باختياره وإن كان الإمام أخذه منه قهرا غرمه الإمام لكن هل هو من ماله أو من بيت المال فيه الخلاف قاله في الفروع قدمه في الرعايتين وهو ظاهر ما جزم به في الحاويين أنه من مال الإمام وذكر أبو المعالي أنه إذا خمس ركازا فادعى ببينة هل لواجده
الرجوع كزكاة معجلة.
127

ومنها مثل ذلك الحكم لو وجد الركاز في ملك آدمي معصوم فيكون لواجده على الصحيح من المذهب عند الأكثرين فإن ادعاه صاحب الملك ففي دفعه إليه بقوله الخلاف المتقدم وعنه هو لصاحب الملك قال الزركشي وقطع صاحب التلخيص تبعا لأبي الخطاب في الهداية أنه لمالك الأرض وعنه إن اعترف به وإلا فعلى ما سبق.
ومنها لو وجد لقطة في ملك آدمي معصوم فواجدها أحق بها على الصحيح قدمه بن تميم وصاحب الفائق والرعايتين والحاويين والمجد في شرحه وقال نص عليه في رواية الأثرم وهو الذي نصره القاضي في خلافه ولذلك ذكره في المجرد في اللقطة ولم يذكر فيه خلافا انتهى.
وعنه هي لصاحب الملك بدعواه بلا صفة لأنها تبع للملك حكاها القاضي والمجد في محرره وغيرهما وقدمه بن رزين في شرحه وأطلقهما في المحرر والفروع.
وكذا حكم المستأجر إذا وجد في الدار المؤجرة ركازا أو لقطة على الصحيح وعنه صاحب الملك أحق باللقطة.
فلو ادعى كل واحد من مكر ومكتر أنه وجده أولا أو أنه دفنه فوجهان وأطلقهما في التلخيص ومختصر بن تميم والرعايتين والحاويين وكذا في المغني والشرح وقدم بن رزين في شرحه أن القول قول المكري.
قلت الصواب أن القول قول المستأجر.
وعليهما من وصفه صفة واحدة نص عليه في رواية الفضل وكذا لو عادت الدار إلى المكري وقال دفنته قبل الإجارة وقال المكتري أنا وجدته عند صاحب التلخيص وتبعه بن تميم وابن حمدان وصاحب الفروع.
قلت الصواب أن القول قول المستأجر.
ومنها لو وجده من استؤجر لحفر شيء أو هدمه فعلى ما سبق من الخلاف على الصحيح جزم به المصنف والشارح وغيرهما.
128

وقيل هو لمن استأجره جزم به القاضي في موضع وأطلقهما في الفروع ومختصر بن تميم.
وذكر القاضي في موضع آخر أنه لواجده في أصح الروايتين قال ابن رزين هو للأجير نص عليه.
والثانية للمالك وقدم في الرعايتين والحاويين أنه لقطة ثم قالا وعنه ركاز يأخذه واجده وعنه رب الأرض.
ومنها لو دخل دار غيره بغير إذنه فحفر لنفسه فقال القاضي في الخلاف لا يمتنع أن يكون له كالطائر والظبي انتهى.
ومنها المعير والمستعير كمكر ومكتر قدمه في الفروع وجزم في الرعايتين وتبعه في الحاويين أنهما كبائع مع مشتر يقدم قول صاحب اليد قال في الفروع كذا قال وذكر القاضي الروايتين السابقتين إن كان لقطة نقل الأثرم لا يدفع إلى البائع بلا صفة وجزم به في المجرد ونصره في الخلاف.
وعنه بلى لسبق يده قال وبهذا قال جماعة.
قوله (وإن وجده في أرض حربي ملكه).
يعني أنه ركاز وهذا المذهب من حيث الجملة وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات ونص عليه.
وقيل هو غنيمة خرجه المجد في شرحه من قولنا الركاز في دار الإسلام للمالك وخرجه المصنف والشارح مما إذا وجده في بيت أو خرابة.
قوله (إلا أن لا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين).
يعني لهم منعه فيكون غنيمة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
فائدة قال المجد في شرحه وغيره في المدفون في دار الحرب هو كسائر مالهم المأخوذ منهم وإن كانت عليه علامة الإسلام.
129

قال المصنف في المغني إن وجد بدارهم لقطة من متاعنا فكدارنا ومن متاعهم غنيمة ومع الاحتمال تعرف حولا بدارنا ثم تجعل في الغنيمة نص عليه احتياطا.
وقال ابن الجوزي في المذهب في اللقطة في دفين موات عليه علامة الإسلام لقطة وإلا ركاز قال في الفروع ولم يفرق بين دار ودار.
ونقل إسحاق إذا لم تكن سكة المسلمين فالخمس وكذا جزم في عيون المسائل ما لا علامة عليه ركاز.
وألحق الشيخ تقي الدين بالمدفون حكما الموجود ظاهرا كجراب جاهلي أو طريق غير مسلوك.
قوله (والركاز ما وجد من دفن الجاهلية عليه علامتهم).
بلا نزاع وكذا لو كان عليه علامة من تقدم من الكفار في الجملة في دار الإسلام أو عليه أو على بعضه علامة كفر فقط نص عليه.
قوله (فإن كانت عليه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة أيضا فهو لقطة).
إذا كان عليه علامة المسلمين فهو لقطة وكذا إن كان على بعضه علامة المسلمين وإن لم يكن عليه علامة فالمذهب أيضا أنه لقطة وعليه الأصحاب ونقل أبو طالب في إناء نقد إن كان يشبه متاع العجم فهو كنز وما كان مثل العرق فمعدن وإلا فلقطة.
130

باب زكاة الأثمان.
قوله (وهي الذهب والفضة ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا فيجب فيه نصف مثقال ولا في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم فيجب فيها خمس دراهم).
مراده وزن مائتي درهم وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا الشيخ تقي الدين فإنه قال نصاب الأثمان هو المتعارف في كل زمن من خالص ومغشوش وصغير وكبير وكذا قال في نصاب السرقة وغيرها وله قاعدة في ذلك.
فائدتان
إحداهما المثقال وزن درهم وثلاثة أسباع درهم ولم يتغير في جاهلية ولا إسلام والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي وزنه ستة دوانق والعشرة سبعة مثاقيل وكانت الدراهم في صدر الإسلام صنفين سوداء زنة الدرهم منها ثمانية دوانق وطبرية زنة الدرهم منها أربعة دوانق فجمعهما بنو أمية وجعلوا الدرهم ستة دوانق.
والحكمة في ذلك أن الدراهم لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام فرأى بنو أمية صرفها إلى ضرب الإسلام
ونقشه فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوا على وزنهما.
وقال في الرعاية وقيل زنة كل مثقال اثنان وسبعون حبة شعير متوسطة وزنة كل درهم إسلامي خمسون حبة شعير وخمسا حبة شعير متوسطة انتهى.
وقيل المثقال اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وعشر عشر حبة.
الثانية الصحيح من المذهب أن الفلوس كعروض التجارة فيما زكاته القيمة قدمه في الفروع.
131

وقيل لا زكاة فيها اختاره جماعة منهم الحلواني وقدمه في الرعايتين فقال والفلوس أثمان ولا تزكى وقدمه بن تميم.
وقيل تجب إذا بلغت قيمتها نصابا وقيل إذا كانت رائجة وأطلق في الفروع إذا كانت نافقة وجهين ذكره في باب الربا.
وقال المجد في شرحه فيها الزكاة إذا كانت أثمانا رائجة أو للتجارة وبلغت قيمتها نصابا في قياس المذهب وقال أيضا لا زكاة فيها إن كانت للنفقة وإن كانت للتجارة قومت كعروض.
وقال في الحاوي الكبير والفلوس عروض فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي نافقة وقال في الحاوي الصغير والفلوس ثمن في وجه فلا تزكى.
وقيل سلعة فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي رائجة وكذا قال في الرعايتين ثم قال في الكبرى وقيل في وجوب رائجة وجهان أشهرهما عدمه لأنها أثمان.
قلت ويحتمل الوجوب إذن.
وإن قلنا عرض فلا إلا أن تكون للتجارة.
قوله (ولا زكاة في مغشوشها حتى يبلغ قدر ما فيه نصابا).
يعني حتى يبلغ الخالص نصابا وهو المذهب وعليه الجمهور وجزم به كثير منهم وحكى بن حامد في شرحه وجها إن بلغ مضروبه نصابا زكاة قال في الفروع وظاهره لو كان الغش أكثر وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين قريبا من ذلك وقال أبو الفرج الشيرازي يقوم مضروبه كالعروض.
قوله (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الإخراج).
يعني لو شك هل فيه نصاب خالص فإن لم يسبكه استظهر وأخرج ما يجزئه بيقين وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا زكاة فيه مع الشك هل هو نصاب أم لا.
132

فوائد
إحداها لو كان من المغشوش أكثر منه نصاب خالص لكن شك في قدر الزيادة فإنه يستظهر ويخرج ما يجزئه بيقين فلو كان المغشوش وزن ألف ذهبا وفضة ستمائة من أحدهما وأربعمائة من الأخرى زكى ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة وإن لم يجز ذهبا عن فضة زكى ستمائة ذهبا وستمائة فضة.
الثانية إذا أردت معرفة قدر غشه فضع في ماء ذهبا خالصا بوزن المغشوش وعلم قدر علو الماء ثم ارفعه ثم ضع فضة خالصة بوزن المغشوش وعلم علو الماء ثم ضع المغشوش وعلم علو الماء ثم امسح ما بين الوسطى والعليا وما بين الوسطى والسفلى فإن كان الممسوحان سواء فنصف المغشوش ذهب ونصفه فضة وإن زاد أو نقص فبحسابه.
الثالثة قال أصحابنا إذا زادت قيمة المغشوش بصنعة الغش أخرج ربع عشره كحلي الكراء إذا زادت قيمته لصناعته.
الرابعة لو أراد أن يزكي المغشوشة منها فإن علم قدر الغش في كل دينار جاز وإلا لم يجزه إلا أن يستظهر فيخرج قدر الزكاة بيقين وإن أخرج مالا غش فيه كان أفضل وإن أسقط الغش وزكى على قدر الذهب جاز ولا زكاة في غشها إلا أن تكون فضة وله من الفضة ما يتم به نصابا أو نقول برواية ضمه إلى الذهب زاد المجد أو يكون غشها للتجارة.
قوله (ويخرج من الجيد الصحيح من جنسه).
هذا مما لا نزاع فيه فإن أخرج مكسرا أو بهرجاء وهو الردئ زاد قدر ما بينهما من الفضل نص عليه وكذا لو أخرج مغشوشا من جنسه وهذا المذهب المنصوص عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يجزئ المغشوش ولو كان من غير جنسه.
133

وقيل يجب المثل اختاره في الانتصار واختاره في المجرد في غير مكسر عن صحيح قاله في الفروع وقال ابن تميم وإن أخرج عن صحاح مكسرة وزاد بقدر ما بينهما جاز على الأصح نص عليه وإن أخرج عن جياد بهرجا بقيمة جياد فوجهان أحدهما يجزئ والثاني لا يجزئ ولا يرجع فيما أخرج قاله القاضي وقيد بعضهم الوجهين بما عينه لا من جنسه انتهى.
فائدة يخرج عن جديد صحيح وردي من جنسه ويخرج من كل نوع بحصته على الصحيح من المذهب.
وقيل إن شق لكثرة الأنواع أخرج من الوسط كالماشية جزم به المصنف وقدمه بن تميم.
قلت وهو الصواب.
ولو أخرج عن الأعلى من الأدنى أو من الوسط وزاد قدر القيمة جاز نص عليه وإلا لم يجز على الصحيح من المذهب جزم به جماعة من الأصحاب منهم بن تميم وابن حمدان وقدمه في الفروع قال في الفروع وظاهر كلام جماعة وتعليلهم أنها كمغشوش عن جيد على ما تقدم.
وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الوزن لم يجزه ويجزئ قليل القيمة عن كثيرها مع الوزن على الصحيح من المذهب وقيل وزيادة قدر القيمة.
قوله (وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو يخرج أحدهما عن الآخر على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والشرح والنظم).
أما ضم أحد النقدين إلى الآخر في تكميل النصاب فالصحيح من المذهب الضم وعليه أكثر الأصحاب قال في
الفروع اختاره الأكثر قال الزركشي اختارها الخلال والقاضي وولده وعامة أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في
134

خلافيهما والشيرازي وابن عقيل في التذكرة وابن البناء انتهى.
قلت ونصره في الفصول واختاره المجد في شرحه.
قال ابن رزين في شرحه هذا أظهر وجزم به في الإيضاح والوجيز والمنور والإفادات والهادي وصححه في التصحيح وقدمه في الحاويين والخلاصة والمحرر.
والرواية الثانية لا يضم قال المجد يروى عن أحمد أنه رجع إليها أخيرا واختاره أبو بكر في التنبيه مع اختياره في الحبوب الضم قال في الفائق ولا يضم أحد النقدين إلى الآخر في أصح الروايتين وهو المختار انتهى قال ابن منجا في شرحه هذه أصح وهو ظاهر ما نصره المصنف في المغني وجزم به في المنتخب وقدمه في الكافي وابن تميم والرعايتين وهذا يكون المذهب على المصطلح وأطلقهما في الفروع والزركشي.
وأما إخراج أحدهما عن الآخر فالصحيح من المذهب الجواز قال في الفائق ويجوز في أصح الروايتين قال المصنف وهي أصح ونصره الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل والشارح وصححه في التصحيح والحاوي الكبير وجزم به في الإفادات وقدمه بن تميم وغيره.
قلت وهو الصواب.
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في المنتخب وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين واختاره أبو بكر كما اختار عدم الضم ووافقه أبو الخطاب وصاحب الخلاصة هنا وخالفاه في الضم فاختارا جوازه.
وصحح المصنف والشارح جواز الإخراج ولم يصححا شيئا في الضم وصحح في الفائق عدم الضم وصحح جواز إخراج أحدهما عن الآخر كما تقدم عنه.
قال ابن تميم وعنه لا يجوز واختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من بناه على الضم ومنهم من أطلق انتهى.
135

قلت بناهما على الضم في الكافي والمستوعب.
قال في الحاويين وهل يجزئ مطلقا إخراج أحد النقدين عن الآخر أو إذا قلنا بالضم على وجهين وقال في الفروع بعد ذكر الروايتين وعنه يجزئ عما يضم وأطلق الروايتين في الفصول والحاوي الصغير وروى عن بن حامد أنه يخرج ما فيه الأحظ للفقراء.
فعلى المذهب هل يجوز إخراج الفلوس على وجهين وأطلقهما في الفروع وابن تميم والمجد في شرحه والفائق والحاويين والرعايتين وقال قلت إن جعلت ثمنا جاز وإلا فلا وتقدم أنه قدم أنها أثمان.
وقال في الحاويين بعد أن حكى الخلاف في إجزاء أحد النقدين مطلقا أو إذا قلنا بالضم وعليهما يخرج إجزاء الفلوس.
وقال في الرعايتين وعنه يجوز إخراج أحدهما عن الآخر بالحساب مع الضم وقيل وعدمه مطلقا وفي إجزاء الفلوس عنها إذن مع الإخراج المذكور وجهان.
قوله (ويكون الضم بالاجزاء).
يعني إذا قلنا بالضم في تكميل النصاب والصحيح من المذهب أن الضم يكون بالأجزاء كما قدمه المصنف وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي في تعليقه وجامعه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والمصنف والشارح وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الفروع والكافي في الرعايتين والحاويين والفائق والزركشي والمستوعب والهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة والشرح وغيرهم.
وقيل بالقيمة فيما فيه الحظ للمساكين يعني يكمل أحدهما بالآخر بما هو أحظ للفقراء من الأجزاء أو القيمة وهو رواية عن أحمد وذكرها القاضي وغيره قاله في الفروع وقال الزركشي وعن القاضي أظنه في المجرد أنه قال قياس المذهب أنه يعتبر الأحظ للمساكين.
136

فعلى هذا لو بلغ أحدهما نصابا ضم إليه ما نقص عنه في أصح الوجهين.
وعنه يكون الضم بالقيمة مطلقا ذكرها القاضي أبو الحسين وصاحب الرعاية إلى وزن الآخر فيقوم الأعلى بالأدنى.
وعنه يضم الأقل منهما إلى الأكثر ذكرها المجد في شرحه فيقوم بقيمة الأكثر نقلها أبو عبد الله النيسابوري.
فائدتان
إحداهما في فوائد الخلاف لو كان معه مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة درهم ضما وإن كانت قيمتها دون مائة درهم ضما على غير رواية الضم بالقيمة ولو كانت الدنانير ثمانية قيمتها مائة درهم ضما على غير رواية الضم بالأجزاء وإن لم تبلغ قيمتها مائة درهم فلا ضم.
الثانية يضم جيد كل جنس إلى رديئه ويضم مضروبه إلى تبره.
قوله (وتضم قيمة العروض إلى كل واحد منهما).
هذا المذهب جزم به في المستوعب والشارح والمصنف في كتبه وقال لا أعلم فيه خلافا.
فائدة لو كان معه ذهب وفضة وعروض ضم الجميع في تكميل النصاب قاله المصنف في المغني والكافي والشارح وغيرهما وقدمه بن تميم وابن حمدان وغيرهما وجعله المجد في شرحه أصلا لرواية ضم الذهب إلى الفضة.
قال في الفروع اعترف المجد أن الضم في الذهب والفضة كعروض التجارة قال فيلزم حينئذ التخريج من تسويته بينهم لأن التسوية مقتضية لاتحاد الحكم وعدم الفرق قال وجزم بعضهم أظنه أبا المعالي بن منجا بأن ما قوم به العروض كناض عنده ففي ضمه إلى غير ما قوم به الخلاف السابق.
وقال ابن تميم وتضم العروض إلى أحد النقدين بلغ كل واحد منهما
137

نصابا أولا وإن كان معه ذهب وفضة وعروض الكل للتجارة ضم الجميع وإن لم يكن النقد للتجارة ضم العروض إلى إحديهما وفيه وجه يضم إليهما وكذا قال في الرعاية وزاد بعد القول الثاني إن قلنا يضم الذهب إلى الفضة قال في الفروع كذا قال.
قوله (ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه تجب فيه الزكاة قال في الفائق وهو المختار نظرا وعنه تجب فيه الزكاة إذا لم يعر ولم يلبس.
وقال القاضي في الأحكام السلطانية نقل بن هانئ زكاته عاريته وقال هو قول خمسة من الصحابة وذكره الأثرم عن خمسة من التابعين وجزم به في الوسيلة وذكره المصنف في المغني والمجد في شرحه جوابا.
تنبيهان
أحدهما قوله ولا زكاة في الحلي المباح للرجل والمرأة إذا أعد للبس المباح أو الإعارة وهو صحيح وكذا لو اتخذه من يحرم عليه كرجل يتخذ حلى النساء لإعارتهن أو امرأة تتخذ حلى الرجال لإعارتهم ذكره جماعة منهم القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول وصاحب المستوعب والمصنف والمجد وغيرهم.
وقال بعض الأصحاب لا زكاة فيه إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة.
قال في الفروع ولعله مراد غيره وهو أظهر ووجه احتمالا لا يعدم وجوب الزكاة ولو قصد الفرار منها وحكى بن تميم أن أبا الحسن التميمي قال إن اتخذ رجل حلى امرأة ففي زكاته روايتان وحكاهما في الفائق وأطلقهما.
الثاني ظاهر كلامه أنه سواء كان معتادا أو غير معتاد وهو ظاهر كلام جماعة وقيد بعض الأصحاب ذلك بأن يكون معتادا.
138

فائدة لو كان الحلى ليتيم لا يلبسه فلوليه إعارته فإن فعل فلا زكاة وإن لم يعره ففيه الزكاة نص أحمد على ذلك ذكره جماعة قال في الفروع ويأتي في العارية أنه يعتبر كون المعير أهلا للتبرع.
قال فهذان قولان أو أن هذا لمصلحة ماله ويقال قد يكون هناك كذلك فإن كان لمصلحة الثواب توجه خلاف كالقرض انتهى.
قوله (فأما الحلي المحرم).
قال الشيخ تقي الدين وكذلك المكروه انتهى.
والآنية وما أعد للكراء أو النفقة ففيه الزكاة.
تجب الزكاة في الحلى المحرم والآنية المحرمة بلا خلاف أعلمه وكذا ما أعد للنفقة أو ما أعد للفقراء أو القنية أو الادخار وحلى الصيارف فالصحيح من المذهب وجوب الزكاة فيه وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه فيما أعد للكراء.
وقيل ما اتخذه من ذلك لسرف أو مباهاة كره وزكى وإلا فلا وجزم به بعض الأصحاب قال في الفروع والظاهر أنه قول القاضي إلا فيمن اتخذ خواتيم ومراده مع نية لبس أو إعارة قال وظاهر كلام الأكثر لا زكاة وإن كان مراده اتخاذه لسرف أو مباهاة فقط فالمذهب قولا واحدا لا تجب الزكاة انتهى.
واختار بن عقيل في مفرداته وعمد الأدلة أنه لا زكاة فيما أعد للكراء وقال صاحب التبصرة لا زكاة في حلى مباح لم يعد للتكسب به.
فائدة لو انكسر الحلي وأمكن لبسه فهو كالصحيح وإن لم يمكن لبسه فإن لم يحتج في إصلاحه إلى سبك وتجديد صنعة فقال القاضي إن نوى إصلاحه فلا زكاة فيه كالصحيح وجزم به المجد في شرحه ولم يذكر نية إصلاح ولا غيرها
139

وذكره بن تميم وجها فقال ما لم ينو كسره فيزكيه قال في الفروع والظاهر أنه مراد غيره وعند بن عقيل يزكيه ولو نوى إصلاحه وصححه في المستوعب وجزم به المصنف ولم يذكر نية إصلاح ولا غيرها.
وأما إذا احتاج إلى تجديد صنعة فإنه يزكيه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره قال ابن تميم فيه وجهان أظهرهما فيه الزكاة وقال في المبهج إن كان الكسر لا يمنع من اللبس لم تجب فيه الزكاة وحكى بن تميم كلام صاحب المبهج إن كان الكسر لا يمنع من اللبس لم تجب فيه الزكاة.
فقال في الفروع كذا حكاه بن تميم وإنما هو قول القاضي المذكور ولا زائدة غلط انتهى.
قلت إن أراد أن بن تميم زاد لا فليس كما قال فإن ذلك في المبهج في نسخ معتمدة وإن أراد أن صاحب المبهج زاد لا غلطا منه فمن أين له أن ذلك غط بل هو موافق لقواعد المذهب فإن الكسر إذا لم يمنع من اللبس فهو كالصحيح وذلك لا زكاة فيه فكذا هذا.
قوله (والاعتبار بوزنه).
إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته.
الحلى المباح الصناعة عنه وعن غيره الاعتبار في النصاب فيه بوزنه على الصحيح من المذهب قال في الفروع هذا المذهب قال ابن رجب هذا المشهور في المذهب وحكاه بعض الأصحاب إجماعا.
وقيل الاعتبار بقيمته قال ابن رجب اختاره بن عقيل في موضع في فصوله وحكى رواية بناء على أن المحرم لا يحرم اتخاذه وتضمن صنعته بالكسر وأطلقهما في التلخيص والبلغة.
وقيل الاعتبار بقيمته إذا كان مباحا وبوزنه إذا كان محرما واختاره بن عقيل أيضا.
140

فعلى هذا لو تحلى الرجل بحلي المرأة أو بالعكس أو اتخذ أحدهما حلى الآخر قاصدا لبسه أو اتخذ أحدهما ما يباح لما يحرم عليه أو لمن يحرم عليه فإنه يحرم وتعتبر القيمة لإباحة الصنعة في الجملة.
وجزم في البلغة في حلى الكراء باعتبار القيمة وذكر بعضهم وجهين.
تنبيه محل الخلاف في مباح الصناعة دون الحلى المباح للتجارة فأما المباح للتجارة فالصحيح من المذهب أنه تعتبر قيمته نص عليه.
فعلى هذا لو كان معه نقد معد للتجارة فإنه عرض يقوم بالإجزاء إن كان أحظ للفقراء أو نقص عن نصابه وقال بعض الأصحاب هذا ظاهر نقل إبراهيم بن الحارث والأثرم وجزم به في الكافي وغيره.
قال المجد في شرحه ونص في رواية الأثرم على خلاف ذلك قال فصار في المسألة روايتان قال في الفروع وأظن هذا من كلام ولده وحمل القاضي بعض المروي عن أحمد على الاستحباب وجزم به بعضهم وجزم المصنف في المغني بالأول إذا كان النقد عرضا.
قوله (إلا ما كان مباح الصناعة فإن الاعتبار في النصاب بوزنه وفي الإخراج بقيمته).
الأشهر في المذهب أن الاعتبار في مباح الصناعة في الإخراج بقيمته قاله في الفروع واختاره القاضي والمصنف والشارح وغيرهم قال ابن تميم هذا الأظهر قال ابن رجب اختاره القاضي وأصحابه قال القاضي هو قياس قول أحمد إذا أخرج عن صحاح مكسرة يعطى ما بينهما فاعتبر الصنعة دون الوزن كزيادة القيمة لنفاسة جوهره.
وقيل تعتبر القيمة في الإخراج إن اعتبرت في النصاب وإن لم تعتبر في النصاب لم تعتبر في الإخراج قال أبو الخطاب هذا ظاهر كلام الإمام أحمد وصححه في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع.
141

فائدة إن أخرج ربع عشره مشاعا أو مثله وزنا مما يقابل جودته زيادة الصنعة جاز وإن جبر زيادة الصنعة بزيادة في المخرج فكمكسرة عن صحاح على ما تقدم وإن أراد كسره منع لنقص قيمته وقال ابن تميم إن أخرج من غيره بقدره جاز ولو من غير جنسه وإن لم تعتبر القيمة لم يمنع من الكسر ولا يخرج من غير الجنس وكذا حكم السبائك انتهى.
قوله (ويباح للرجال من الفضة الخاتم).
اتخاذ خاتم الفضة للرجل مباح على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال ابن رجب في كتاب الخواتيم هذا اختيار أكثر الأصحاب انتهى وجزم به في التلخيص والشرح والوجيز والحاويين والرعاية الصغرى في باب الحلى وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم وغيرهما.
وقيل يستحب قدمه في الرعاية في باب اللباس وقدمه في الآداب وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين في باب اللباس.
وقيل يكره لقصد الزينة جزم به بن تميم قال ابن رجب في كتاب الخواتيم قاله طائفة من الأصحاب وقال ابن الجوزي النهي عن الخاتم ليتميز السلطان بما يختم به فظاهره الكراهة إلا للسلطان.
تنبيه قدم في الرعاية الكبرى وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين في باب اللباس استحباب التختم بخاتم الفضة وجزموا في باب الحلى بإباحته وظاهره التناقض أو يكون مرادهم في باب الحلى إخراج الخاتم من التحريم لا أن مرادهم لا يستحب وهذا أولى.
فوائد
منها الأفضل للابسه جعل فصه مما يلي كفه لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان يفعل ذلك وهو في الصحيحين وكان بن عباس يجعله مما يلي
142

ظهر كفه رواه أبو داود وكذا علي بن عبد الله بن جعفر كان يفعله رواه أبو زرعة الدمشقي وأكثر الناس يفعلون ذلك.
ومنها جواز لبسه في خنصر يده اليمنى واليسرى والأفضل في لبسه في إحداهما على الأخرى قدمه في الرعاية الكبرى وتابعه في الفروع والآداب الكبرى والوسطى.
والصحيح من المذهب أن التختم في اليسار أفضل نص عليه في رواية صالح والفضل بن زياد وقال الإمام أحمد هو أقرب وأثبت وأحب إلي وجزم به في المستوعب والتلخيص والبلغة وابن تميم والإفادات وغيرهم قال ابن عبد القوي في آدابه المنظومة ويحسن في اليسرى كأحمد وصحبه انتهى.
قال ابن رجب وقد أشار بعض أصحابنا إلى أن التختم في اليمنى منسوخ وأن التختم في اليسار آخر الأمرين انتهى.
قال في التلخيص ضعف الإمام أحمد حديث التختم في اليمنى وهذا من غير الأكثر الذي ذكرناه في الخطبة أن ما قدمه في الفروع هو المذهب.
وقيل اليمنى أفضل قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين فلصاحب الرعاية في هذه المسألة ثلاث اختيارات.
ومنها يكره لبسه في السبابة والوسطى للرجل نص عليه للنهي الصحيح عن ذلك وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال ولم يقيده في الترغيب وغيره انتهى.
قلت أكثر الأصحاب لم يقيدوا الكراهة في اللبس بالسبابة والوسطى للرجال بل أطلقوا.
قال ابن رجب في كتابه وذكر بعض الأصحاب أن ذلك خاص بالرجال انتهى.
قلت منهم صاحب المستوعب والرعاية.
143

وقال ابن رجب أيضا وظاهر كلام الأصحاب جواز لبسه في الإبهام والبنصر قال في الفروع وظاهر ذلك لا يكره في غيرهما وإن كان الخنصر أفضل اقتصارا على النص.
وقال أبو المعالي الإبهام مثل السبابة والوسطى يعني في الكراهة قال في الفروع من عنده فالبنصر مثله ولا فرق.
قلت لو قيل بالفرق لكان متجها لمجاورتها لما يباح التختم فيها بخلاف الإبهام لبعده واستهجانه.
ومنها لا بأس بجعله مثقالا وأكثر ما لم يخرج عن العادة قال في الفروع هذا ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب.
وقال ابن حمدان في كتبه الثلاثة يسن جعله دون مثقال وتابعه في الحاويين والآداب.
قال ابن رجب في كتابه قياس قول من منع من أصحابنا تحلي النساء بما زاد على ألف مثقال أن يمنع الرجل من لبس الخاتم إذا زاد على مثقال وأولى لورود النص هنا وثم ليس فيه حديث مرفوع بل من كلام بعض الأصحاب انتهى.
ومنها ما ذكره بن تميم وغيره عن القاضي أنه قال لو اتخذ لنفسه عدة خواتيم أو مناطق لم تسقط الزكاة فيما خرج عن العادة إلا أن يتخذ ذلك لولده أو عبده.
قال ابن رجب فهذا قد يدل على منع لبس أكثر من خاتم واحد لأنه مخالف للعادة وهذا قد يختلف باختلاف العوائد انتهى.
قال في الفروع ولهذا ظاهر كلام جماعة لا زكاة في ذلك.
قال في المستوعب وغيره لا زكاة في كل حلى أعد لاستعمال مباح قل أو كثر لرجل كان أو امرأة ثم قال وعلى
هذين القولين يخرج جواز لبس خاتمين فأكثر جميعا.
144

ومنها يستحب التختم بالعقيق عند صاحب المستوعب والتلخيص وابن تميم وقدمه في الرعاية والآداب ولم يستحبه بن الجوزي.
قال ابن رجب في كتابه وظاهر كلام أكثر الأصحاب لا يستحب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية مهنا وقد سأله ما السنة يعني في التختم فقال لم تكن خواتيم القوم إلا فضة قال العقيلي لا يصح في التختم بالعقيق عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وقد ذكرها كلها بن رجب وأعلها في كتابه.
ومنها فص الخاتم إن كان ذهبا وكان يسيرا فإن قلنا بإباحة يسير الذهب فلا كلام وإن قلنا بعدم إباحته فهل يباح هنا فيه وجهان.
أحدهما التحريم أيضا وقد نص أحمد على منع مسمار الذهب في خاتم الفضة في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث وهذا اختيار القاضي وأبي الخطاب.
والوجه الثاني الإباحة وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز والمجد والشيخ تقي الدين وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في العلم وإليه ميل بن رجب.
قلت وهو الصواب والمذهب على ما اصطلحناه.
ومنها يكره أن يكتب على الخاتم ذكر الله قرآن أو غيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه لا يكره دخول الخلاء بذلك فلا كراهة هنا قال في الفروع ولم أجد في الكراهة دليلا إلا قوله لدخول الخلاء به والكراهة تفتقر إلى دليل والأصل عدمه.
قلت وهو الصواب.
وقد ورد عن كثير من السلف كتابة ذكر الله على خواتيمهم ذكره بن رجب في كتابه وهو ظاهر قوله عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال للناس اني اتخذت خاتما ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقش أحد على نقشي لأنه إنما نهاهم عن نقشهم محمد رسول الله لا عن غيره قال في
145

الفروع وظاهر ما ورد لا يكره غير ذكر الله قال في الرعاية وذكر رسوله قال في الفروع ويتوجه احتمال لا يكره ذلك.
ومنها لا يجوز أن ينقش على الخاتم صورة حيوان بلا نزاع للنصوص الثابتة في ذلك لكن هل يحرم لبسه أو يكره فيه وجهان.
أحدهما يحرم اختاره القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل في آخر الفصول وحكاه أبو حكيم النهرواني عن الأصحاب قال ابن رجب وهو منصوص عن أحمد في الثياب والخواتم وذكر النص وهو المذهب.
والوجه الثاني يكره ولا يحرم وهو الذي ذكره بن أبي موسى وذكره بن عقيل أيضا في كتاب الصلاة وصححه أبو حكيم وإليه ميل بن رجب.
ومنها يكره للرجل والمرأة لبس خاتم حديد وصفر ونحاس ورصاص نص عليه في رواية جماعة منهم إسحاق ونقل مهنا أكره خاتم الحديد لأنه حلية أهل النار.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أن المراد بالكراهة هنا كراهة تنزيه قال ابن رجب عند أكثر الأصحاب وعنه ما يدل على التحريم نقله أبو طالب والأثرم قال ابن رجب عند أكثر الأصحاب وظاهر كلام بن أبي موسى تحريمه على الرجال والنساء وحكى عن أبي بكر عبد العزيز أنه متى صلى وفي يده خاتم من حديد أو صفر أعاد الصلاة انتهى وقال ابن الزاغوني في فتاويه الدملوج الحديد والخاتم الحديد نهى الشرع عنهما.
وأجاب أبو الخطاب عن ذلك فقال يجوز دملوج من حديد قال في الفروع فيتوجه مثله الخاتم ونحوه ونقل أبو طالب الرصاص لا أعلم فيه شيئا وله رائحة.
قوله (وفي حلية المنطقة روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
146

والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين وابن تميم والفائق وتجريد العناية.
إحداهما يباح وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور وصححه المجد في شرحه وصاحب التصحيح قال في الفروع تباح حلية المنطقة على الأصح وقدمه في الكافي قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
والرواية الثانية لا تباح ففيها الزكاة وحكى ذلك عن بن أبي موسى وهو من المفردات.
قوله (وعلى قياسها الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل).
قاله الأصحاب وجزم في الكافي بإباحة الكل قاله في الفروع.
قلت قد حكى في الكافي عن بن أبي موسى وجوب الزكاة في ذلك ونص أحمد على تحريم الحمائل ومنع بن عقيل من الخف والران ففيهما الزكاة وكذا الحكم عنده في الكمران والخريطة ومنع القاضي من حمائل السيف وحكاه عن أحمد.
قال في الفروع وظاهر ذلك الاقتصار على هذه الأشياء وقال غير واحد بعد ذكر ذلك ونحو ذلك فيؤخذ منه ما صرح به بعضهم أن الخلاف في المغفر والنعل ورأس الرمح وشعيرة السكين ونحو ذلك وهذا أظهر لعدم الفرق انتهى وجزم بن تميم أنه لا يباح تحلية السكين بالفضة وجزم في الرعاية الصغرى والحاويين بالإباحة وقدمه في الرعاية الكبرى وقال عن عدم الإباحة وهو بعيد انتهى قال في الفروع ويدخل في الخلاف تركاش النشاب وقاله الشيخ تقي الدين وقال وكذلك الكلاليب لأنها يسير تابع وتقدم كلام أبي الحسن التميمي أول باب الآنية.
147

فائدتان
إحداهما لا يباح غير ما تقدم فلا يباح تحلية المراكب ولباس الخيل كاللجم وقلائد الكلاب ونحو ذلك وقد نص الإمام أحمد على تحريم حلية الركاب واللجام وقال ما كان سرج ولجام زكى وكذا تحلية الدواة والمقلمة والكمران والمرآة والمشط والمكحلة والميل والمسرجة والمروحة والمشربة والمدهن وكذا المسعط والمجمر والقنديل.
وقيل يكره قال في الفروع كذا قيل ولا فرق ونقل الأثرم أكره رأس المكحلة وحلية المرآة فضة ثم قال وهذا
شيء تافه فأما الآنية فليس فيها تحريم.
قال القاضي ظاهره لا يحرم لأنه في حكم المضبب فيكون الحكم في حلية جميع الأواني كذلك قاله في المستوعب وسبق في باب الآنية ما حكاه بن عقيل في الفصول عن أبي الحسن التميمي في كتابه اللطيف.
الثانية يحرم تحلية مسجد ومحراب والصحيح من المذهب أنه لو وقف على مسجد أو نحوه قنديل ذهب أو فضة لم يصح ويحرم وعليه أكثر الأصحاب وقال المصنف هو بمنزلة الصدقة فيكسر ويصرف في مصلحة المسجد وعمارته انتهى.
ويحرم أيضا تمويه سقف وحائط بذهب أو فضة لأنه سرف وخيلاء قال في الفروع فدل الخلاف السابق على إباحته تبعا.
تنبيهان
أحدهما حيث قلنا يحرم وجبت إزالته وزكاته وإن استهلك فلم يجتمع منه شيء فله استدامته ولا زكاة فيه لعدم الفائدة وذهاب المالية.
الثاني ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب أنه لا يباح من الفضة
148

إلا ما استثناه الأصحاب على ما تقدم وهو صحيح وعليه الأصحاب وقال صاحب الفروع فيه ولا أعرف على تحريم لبس الفضة نصا عن أحمد وكلام شيخنا يدل على إباحة لبسها للرجال إلا ما دل الشرع على تحريمه انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه فإذا أباحت السنة خاتم الفضة دل على إباحة ما في معناه وما هو أولى منه بالإباحة وما لم يكن كذلك فيحتاج إلى نظر في تحليله وتحريمه والتحريم يفتقر إلى دليل والأصل عدمه ونصره صاحب الفروع ورد جميع ما استدل به الأصحاب.
قوله (ومن الذهب قبيعة السيف).
هذا المذهب قال الإمام أحمد كان في سيف عمر سبائك من ذهب وكان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب قال ابن عقيل في الفصول جعل أصحابنا الجواز مذهب أحمد قال في تجريد العناية يباح في الأظهر وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب وشرح بن منجا والنظم والمنور ومنتخب الأدمى وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر وابن تميم والفائق.
قال الزركشي هذا المشهور وعنه لا يباح قدمه في المستوعب وهو ظاهر كلامه في التلخيص والبلغة وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين والمغني والشرح.
تنبيه حكى بعض الأصحاب عدم الإباحة احتمالا وحكى بعضهم الخلاف وجهين كصاحب الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وقيد بن عقيل الإباحة باليسير مع أنه ذكر أن قبيعة سيفه عليه أفضل الصلاة والسلام ثمانية مثاقيل وذكر بعض الأصحاب الروايتين في إباحته في السيف وتقدم ما نقله الإمام أحمد عن سيف عمر وعثمان.
وقيل يباح الذهب في السلاح واختاره الآمدي والشيخ تقي الدين.
149

وقيل كل ما أبيح تحليته بفضة أبيح تحليته بذهب وكذا تحلية خاتم الفضة به وقال أبو بكر يباح يسير الذهب تبعا لا مفردا كالخاتم ونحوه وقال في الرعاية وقيل يباح يسيره تبعا لغيره وقيل مطلقا وقيل ضرورة قلت أو حاجة لا ضرورة انتهى.
وتقدم ذلك في أوائل باب الآنية وتقدم هناك كلام الشيخ تقي الدين على اختيار أبي بكر.
قوله (ويباح للنساء من الذهب والفضة كل ما جرت عادتهن بلبسه قل أو كثر).
كالطوق والخلخال والسوار والدملوج والقرط والعقد والمقلدة والخاتم وما في المخانق من حرائز وتعاويذ وأكر ونحو ذلك حتى قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والرعاية وغيرهم وتاج وهذا المذهب في ذلك كله وعليه جماهير الأصحاب قال في التلخيص ويباح للمرأة التحلي بالذهب والفضة مطلقا في إحدى الروايتين.
وفي الأخرى إذا بلغ ألفا فهو كثير فيحرم للسرف قال في الفروع ولعل مراده عن الرواية الثانية عن الذهب كما صرح به بعضهم واختاره بن حامد انتهى وقال المصنف هنا وقال ابن حامد إن بلغ ألف مثقال حرم وفيه الزكاة وكذا قال في المحرر والحاوي وغيرهم فظاهره أنه سواء كان من ذهب أو فضة.
وعنه أيضا ألف مثقال كثير من الذهب والفضة وعنه عشرة آلاف درهم كثير وأباح القاضي ألف مثقال فما دون وقال ابن عقيل يباح المعتاد لكن
150

إن بلغ الخلخال ونحوه خمسمائة دينار فقد خرج عن العادة وتقدم قوله ما كان من ذلك لسرف أو مباهاة كره وزكى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب جواز تحلية المرأة بدراهم ودنانير معراة وفي مرسلة وهو أحد الوجهين فلا زكاة فيه.
والوجه الثاني لا يجوز تحليتها بذلك فعليها الزكاة فيه وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين وابن تميم والفائق والمذهب.
قلت قد ذكر المصنف وغيره في باب جامع الأيمان إذا حلف لا يلبس حليا فلبس دراهم أو دنانير في مرسلة في حنثه وجهين جزم في الوجيز بعدم الحنث وصححه في التصحيح واختار بن عبدوس في تذكرته الحنث.
فالصواب في ذلك أن يرجع فيه إلى العرف والعادة فمن كان عرفهم وعادتهم اتخاذ ذلك حليا فلا زكاة فيه ويحنث في يمينه وإلا فعليه الزكاة ولا حنث.
فوائد
إحداها لا زكاة في الجوهر واللؤلؤ ولو كان في حلى إلا أن يكون لتجارة فيقوم جميعه تبعا ذكره المصنف وغيره وقال في الرعاية الصغرى ولا زكاة في حلي جوهر وعنه ولؤلؤ وقال غير واحد إلا أن يكون لتجارة أو سرف منهم صاحب الرعاية الصغرى والحاويين وهو قول في الرعاية الكبرى.
وإن كان للكراء فوجهان وأطلقهما في مختصر بن تميم والرعايتين والحاويين والفروع.
قلت الصواب وجوب الزكاة.
151

وظاهر كلامه في المستوعب عدم الوجوب.
الثانية يباح للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه على الصحيح من المذهب وذكر أبو المعالي يكره ذلك للرجل للتشبه قال في الفروع ولعل مراده غير تختمه بذلك.
الثالثة هذه المسألة وهي تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في اللباس وغيره يحرم على الصحيح من المذهب قال المروذي كنت عند أبي عبد الله فمرت به جارية عليها قباء فتكلم بشيء قلت تكرهه قال كيف لا أكرهه جدا وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال قال وكره الإمام أحمد أن يصير للمرأة مثل جيب الرجال وجزم به المصنف وجزم به الأصحاب منهم صاحب الفصول والنهاية والمغني والمحرر وغيرهم في لبس المرأة العمامة وكذا قال القاضي يجب إنكار تشبه الرجال بالنساء وعكسه واحتج بما نقله أبو داود ولا يلبس خادمته شيئا من زي الرجال لا يشبهها بهم ونقل المروذي لا يخاط لها ما كان للرجل وعكسه وقال في المستوعب والتلخيص وابن تميم وغيرهم يكره التشبه ولا يحرم وقدمه في الرعاية مع جزمهم بتحريم اتخاذ أحدهما حلي الآخر ليلبسه مع أنه داخل في المسألة قال في الفروع ولعله الذي عناه أبو الحسن التميمي بكلامه السابق في الفصل قبله وقال في الفصول تكره صلاة أحدهما بلباس الآخر للتشبه.
152

باب زكاة العروض.
قوله (وتؤخذ منها لا من العروض).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال الشيخ تقي الدين ويجوز الأخذ من عينها أيضا.
قوله (ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة بها فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة بها لم تصر للتجارة وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا أنص الروايتين وأشهرهما واختارها الخرقي والقاضي وأكثر الأصحاب قال في الكافي والفروع هذا ظاهر المذهب لأن مجرد النية لا ينقل عن الأصل كنية إسامة المعلوفة ونية الحاضر السفر وقدمه في المغني والهداية والخلاصة وابن تميم والشرح والكافي وغيرهم.
وعنه أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية نقله صالح وابن إبراهيم وابن منصور واختاره أبو بكر وابن أبي موسى وابن عقيل وصاحب الفائق وجزم به في التبصرة والروضة والمصنف في العمدة وأطلقهما في المذهب والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق.
تنبيه قوله إلا أن يملكها بفعله الصحيح من المذهب أنه لا يعتبر فيما ملكه المعاوضة فحصوله بالنكاح والخلع والهبة والغنيمة كالبيع قال في الفروع هذا الأشهر واختاره القاضي في الخلاف وأبو الخطاب وابن عقيل وقدمه في المغني والكافي والشرح والفروع وابن تميم وغيرهم.
قال الزركشي لا يشترط أن يملكها بعوض على الأصح.
153

وقيل تعتبر المعاوضة سواء تمحضت كبيع وإجارة ونحوهما أو لا كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد قال المجد وهذا نصه في رواية بن منصور واختاره القاضي في المجرد.
فعلى هذا القول لو ملك بغير عوض كالهبة والغنيمة ونحوهما لم يصر للتجارة لأنه لم يملكه بعوض أشبه الموروث وقال في الرعايتين والحاويين وإن ملكه بفعله بلا عوض كوصية وهبة مطلقة وغنيمة واحتشاش واحتطاب واصطياد أو بعوض غير مالي كدية عن دم عمد ونكاح وخلع زاد في الكبرى أو بعوض مالي بلا عقد كرد بعيب أو فسخ أو أخذه بشفعة فوجهان في ذلك كله.
وعنه يعتبر كون العوض نقدا ذكره أبو المعالي وذكر بن عقيل رواية فيما إذا ملك عرضا للتجارة بعرض قنية لا زكاة قال في الفروع فهي هذه الرواية وقال ابن تميم يخرج منها اعتبار كون بدله نقدا أو عرض تجارة.
فوائد
إحداها معنى نية التجارة أن يقصد التكسب به بالاعتياض عنه لا بإتلافه أو مع استبقائه فإذا اشترى صباغ ما يصبغ به ويبقى كزعفران ونيل وعصفر ونحوه فهو عرض تجارة يقومه عند حوله وكذا لو اشترى دباغ ما يدبغ به كعفص وقرض وما يدهن به كسمن وملح ذكره بن البنا وقدمه في الفروع وغيره وذكر المجد في شرحه لا زكاة فيه وقال أيضا لا زكاة فيما لا يبقى له أثر في العين كالحطب والملح والصابون والأشنان والقلى والنورة ونحو ذلك.
الثانية لا زكاة في آلات الصباغ وأمتعة النجار وقوارير العطار والسمان ونحوهم إلا أن يريدوا بيعها بما فيها وكذا آلات الدواب إن كانت لحفظها وإن كان بيعها معها فهي مال تجارة.
154

الثالثة لو لم يكن ما ملكه عين مال بل منفعة عين وجبت الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وصححه بن تميم وغيره.
وقيل لا تجب فيه كما لو نواها بدين حال.
الرابعة لو باع عرض قنية ثم استرده ناويا به التجارة صار للتجارة ذكره في الفروع ولو اشترى عرض تجارة بعرض قنية فرد عليه بعيب انقطع الحول ومثله لو باع عرض تجارة بعرض قنية فرد عليه قاله بن تميم وغيره.
ولو قتل عبد تجارة خطأ فصالح على مال صار للتجارة وإن كان عمدا وقلنا الواجب أحد شيئين فكذلك وإن قلنا الواجب القصاص عينا لم يصر للتجارة إلا بالنية ذكره القاضي في التخريج وجزم به في الفروع وابن تميم.
ولو اتخذ عصيرا للتجارة فتخمر ثم تخلل عاد حكم التجارة.
ولو ماتت ماشية التجارة فدبغ جلودها وقلنا تطهر فهي عرض تجارة قاله القاضي وجزم به في الفروع وابن تميم وغيرهما.
الخامسة تقطع نية القنية حول التجارة وتصير للقنية على الصحيح من المذهب لأنها الأصل كالإقامة مع السفر.
وقيل لا تقطع إلا المميزة.
وقيل لا تقطع نية محرمة كناو معصية فلم يفعلها ففي بطلان أهليته للشهادة خلاف ذكره أبو المعالي.
قوله (وتقوم العروض عند الحول بما هو أحظ للمساكين من عين أو ورق).
هذا المذهب مطلقا أعني سواء كان من نقد البلد أو لا وعليه جماهير الأصحاب وقال الحلواني تقوم بنقد البلد فإن تعدد فبالأحظ.
155

وعنه لا يقوم نقد بنقد آخر بناء على قولنا لا يبنى حول نقد على حول نقد آخر فيقوم بالنقد الذي اشترى به.
فوائد
الأولى ما قومه به لا عبرة بتلفه إلا قبل التمكن.
فعلى ما سبق في أواخر كتاب الزكاة ولا عبرة أيضا بنقصه بعد تقويمه ولا بزيادته إلا قبل التمكن فإنه كتلفه وإنما قلنا لم تؤثر الزيادة لأنه كنتاج الماشية بعد الحول.
الثانية لو بلغت قيمة العروض بكل نقد نصابا قوم بالأنفع للفقراء على الصحيح صححه المجد في شرحه وابن تميم وغيرهما واختاره القاضي والمصنف وصاحب التلخيص وغيرهم وهو الصواب.
وقيل يخير قاله أبو الخطاب وغيره وقدمه في الفروع وابن تميم وقاله المصنف في المغني إلا أنه قال ينبغي أن يقيد بنقد البلد وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة وقيل يقوم بفضة.
الثالثة لو اتجر في الجواري للغناء قومهن سواذج ولو اتجر في الخصيان قومهم على صفتهم ولو اتجر في آنية الذهب والفضة لم ينظر إلى القيمة وهو عاص بذلك بل تحريم الآنية أشد من تحريم اللباس لتحريمها على الرجال والنساء والخرقي رحمه الله أطلق الكراهة ومراده التحريم بدليل قوله والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص وعليه الزكاة وذلك مصطلح المتقدمين في إطلاقهم الكراهة وإرادتهم التحريم وعلى هذا أكثر الأصحاب في إرادة الخرقي ذلك وقطع المصنف وغيره أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا وفي جامع القاضي والوسيلة ظاهر الخرقي كراهة تنزيه.
تنبيه تقدم في الباب الذي قبله ضم العروض إلى كل واحد من النقدين وضم النقدين إلى العروض في تكميل النصاب ونحوه.
156

قوله (وإن اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله).
وكذا لو باعه بنصاب من السائمة وهذا بلا نزاع فيهما إلا أن يشتري نصاب سائمة للتجارة بنصاب سائمة للقنية فإنه يبنى على الصحيح من المذهب قال في الفروع يبنى في الأصح وجزم به جماعة وقيل لا يبنى.
قوله (وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة دون السوم).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل عليه زكاة السوم دون التجارة ذكره القاضي وغيره لأنه أقوى للإجماع وتعلقها بالعين لكن إن نقص نصابه وجبت زكاة التجارة.
وقيل يلزمه أن يزكي بالأحظ منهما للفقراء واختاره المجد في شرحه.
ويظهر أثر الخلاف في الأمثلة في الإبل والغنم وقد ذكرها هو ومن تبعه وأطلقهن في الفائق وابن تميم وقال في الروضة يزكى النصاب للعين والوقص للقيمة.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه سواء اتفق حولاهما أو لا وهو أحد الوجهين والصحيح منهما وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وجزم به المصنف وغيره.
وقيل يقدم السابق في حول السائمة أو التجارة اختاره المجد لأنه وجد سبب زكاته بلا معارض وأطلقهما في الفروع.
قوله (فإن لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة فعليه زكاة السوم).
كأربعين شاة قيمتها دون مائتين أو دون عشرين مثقالا.
وكذا الحكم في عكس هذه المسألة لو كان عنده ثلاثون من الغنم قيمتها مائتا
157

درهم أو عشرون مثقالا فعليه زكاة التجارة هذا المذهب في المسألتين وقطع به كثير من الأصحاب.
قال المصنف لا خلاف فيه وصححه المجد في شرحه وابن تميم وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي في المجرد وغيره.
وقيل لا يقدم ما تم نصابه بل يغلب حكم ما يغلب إذا اجتمع النصابان وإن أدى إلى إسقاط الزكاة قاله أبو الخطاب في الخلاف وحكاه بن عقيل عن شيخه من أنه متى نقصت قيمة الأربعين شاة عن مائتي درهم فلا شيء فيها.
قال المجد وهذا ظاهر كلامه قال في الفروع وجزم غير واحد بأنه إن نقص نصاب السوم وجبت زكاة التجارة انتهى.
تنبيه هذا الحكم المتقدم فيما إذا لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة كلا الحول.
وهذا إذا لم يسبق حول السوم فأما إن سبق حول السوم وكانت قيمته أقل من نصاب في بعض الحول فلا زكاة مطلقا حتى يتم الحول من حين يبلغ النصاب في وجه اختاره القاضي وعن أحمد ما يدل عليه وفي وجه آخر تجب زكاة السوم عند حوله فإذا حال حول التجارة وجبت زكاة الزائد على النصاب.
قلت وهو الصواب وهو احتمال في الشرح ومال إليه.
وكذا حكى المصنف إذا سبق حول السوم وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
وأما إن نقص عن نصاب جميع الحول وجبت زكاة السوم على أصح الوجهين لئلا تسقط بالكلية صححه في الفروع وابن تميم واختاره القاضي وجزم به في المغني والشرح.
وقيل لا تجب زكاة السوم.
فائدة لو ملك سائمة للتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة استأنف حولا ولم يبن على الصحيح من المذهب واختار المصنف حتى لو وجد سبب
158

الزكاة بلا معارض وبناه المجد على تقديم ما وجد نصابه في المسألة السابقة وأطلق بن تميم وجهان.
قوله (وإن اشترى أرضا أو نخلا للتجارة فأثمر النخل وزرعت الأرض فعليه فيها العشر ويزكى الأصل للتجارة).
يعني إذا اتفق حولاهما وهذا أحد الوجهين اختاره المصنف والشارح وذكر بن منجا في شرحه أن جده أبا المعالي ذكر في شرح الهداية أنه اختيار القاضي وابن عقيل.
قلت جزم به القاضي في الجامع الصغير.
وقال القاضي يزكي الجميع زكاة القيمة وهذا المذهب نص عليه وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وجزم به في المنور والمنتخب وصححه في البلغة وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر وابن تميم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية.
قال المصنف والشارح وغيرهما اختاره القاضي وأصحابه قال المجد في شرحه هذا المنصوص عن أحمد ونصره.
قوله (ولا عشر عليه إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه).
اعلم أنه تارة يتفق حول التجارة والعشر في الوجوب بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأصل تبلغ نصاب التجارة فهذه مسألة المصنف المتقدمة التي فيها الخلاف.
وتارة يختلفان في وقت الوجوب مثل أن يسبق وجوب العشر حول التجارة أو عكسه أو يتفقان ولكن أحدهما دون نصاب فالصحيح من المذهب أن حكم السبق هنا حكم ما لو ملك نصاب سائمة للتجارة وسبق حول
159

أحدهما على الآخر وحكم تقديم ما كمل نصابه هنا حكم ما لو وجد نصاب أحدهما كما تقدم قريبا جزم به المجد وصاحب الفروع وغيرهما فقالا وإن اختلف وقت الوجوب أو وجد نصاب أحدهما فكمسألة سائمة التجارة التي قبلها في تقديم الأسبق وتقديم ما تم نصابه انتهيا.
وقيل يزكي عشر الزرع والثمر إذا سبق وجوبه جزم به في الرعايتين والحاويين والوجيز والفائق قال ابن منجا في شرحه فلو سبق نصاب العشر وجب العشر وجها واحدا وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
قلت الذي يظهر أنه لا تنافي بين القولين وأن هذه المسألة كمسألة السائمة التي للتجارة وقطع هؤلاء الجماعة بناء منهم على أحد الوجهين في مسألة السائمة التي للتجارة.
تنبيهان
أحدهما حيث أخرج العشر فإنه لا يلزمه سوى زكاة الأصل وحيث أخرج عن الأصل والثمرة والزرع زكاة القيمة فإنه لا يلزمه عشر للزرع والثمرة لا أعلم فيه خلافا بين الأصحاب وظاهر كلام المصنف أنه إذا سبق وجوب العشر حول التجارة أن عليه العشر مع إخراجه عن الجميع زكاة القيمة ولا قائل به ولذلك قال ابن منجا في شرحه ينبغي أن يعود الاستثناء إلى الخلاف المذكور في المسألة إلى الخلاف في اعتبار القيمة في الكل أو في الأصل دون النماء إذا اتفق وجوب العشر وزكاة التجارة.
الثاني فعلى ما قدمه المصنف يستأنف حول التجارة على زرع وثمر من الحصاد والجداد لأن به ينتهي وجوب العشر الذي لولاه لكانا جاريين في حول التجار وهذا الصحيح قدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع.
وقيل لا يستأنف عليهما الحول حتى يباعا فيستقبل بثمنهما الحول كمال القنية وهو تخريج في شرح المجد وجزم بن تميم أنه يخرج على مال القنية.
160

فوائد
الأولى لو نقص كل واحد عن النصاب وجبت زكاة التجارة وإن بلغ أحدهما نصابا اعتبر الأحظ للفقراء.
الثانية لو زرع بذرا للقنية في أرض التجارة فواجب الزارع العشر وواجب الأرض زكاة القيمة ولو زرع بذرا للتجارة في أرض قنية فهل يزكى الزرع زكاة عشر أو قيمة فيه الخلاف في أصل المسألة.
الثالثة لو كان الثمر لا زكاة فيه كالسفرجل والتفاح ونحوهما أو كان الزرع لا زكاة فيه كالخضراوات أو كان العقار لتجارة وعبيدها أجرة ضم قيمة الثمرة والأجرة إلى قيمة الأصل في الحول على الصحيح من المذهب كالربح وقيل لا يضم.
الرابعة لو أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة قال في الفروع ظاهر كلام الأكثر أو صريحه أنه لا زكاة عليه وقيل عليه الزكاة وقدمه في الرعايتين والفائق وأطلقهما في الفروع والحاويين.
الخامسة لا زكاة في قيمة ما أعد للكراء من عقار وحيوان وغيرهما وذكر بن عقيل في ذلك تخريجا من الحلى المعد للكراء.
السادسة لا زكاة في غير ما أعد للتجارة من عرض وحيوان وعقار وثياب وشجر وتقدم في أول الباب ما لا تجب فيه الزكاة من الآلات والأمتعة والقوارير ونحوها التي للصناع والتجار والسمان ونحوهم.
السابعة لو اشترى شقصا للتجارة بألف فصار عند الحول بألفين زكاهما وأخذه الشفيع بألف ولو اشتراه بألفين فصار عند حوله بألف زكى ألفا واحدة وأخذه الشفيع بألفين لأنه يأخذ بما وقع عليه العقد.
161

قوله (وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته فأخرجاها معا ضمن كل واحد نصيب صاحبه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقدموه لأنه انعزل حكما لأنه لم يبق على الموكل زكاة كما لو علم ثم نسي والعزل حكما يستوي فيه العلم وعدمه بدليل ما لو وكل في بيع عبد فباعه الموكل أو أعتقه وزاد في شرح المحرر وجهل السبق قال ابن نصر الله وهو غريب حسن.
وقيل لا يضمن من لم يعلم بإخراج صاحبه بناء على أن الوكيل لا ينعزل قبل العلم.
وقيل لا يضمن وإن قلنا ينعزل قبل العلم لأنه غره كما لو وكله في قضاء دين فقضاه بعد قضاء الموكل ولم يعلم اختاره المصنف.
وفرق المجد في شرحه بينهما بأنه لم يفوت حق المالك بدفعه إذ له الرجوع على القابض وقال في الرعاية ضمن كل واحد منهما حق الآخر.
وقيل لا كالجاهل منهما والفقير الذي أخذها منهما في الأقيس فيهما قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم أو لم يعلم).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ويتخرج أن لا ضمان عليه إذا لم يعلم بناء على عدم انعزال الوكيل قبل علمه
كما تقدم وتأتي المسألة في الوكالة.
وقيل لا يضمن وإن قلنا ينعزل الوكيل قبل علمه كما تقدم اختاره المصنف وهما القولان اللذان قبل ذلك.
فوائد
الأولى لو أذن غير الشركاء كل واحد للآخر في إخراج زكاته.
162

فحكمه حكم المسألة التي قبلها لكن هل يبدأ بزكاته وجوبا فيه روايتان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين.
إحداهما لا يجب إخراج زكاته أولا بل يستحب وهو الصحيح وقطع به القاضي وفرق بينها وبين الحج.
والرواية الثانية يجب إخراج زكاته قبل زكاة الآذن قال في الفروع وقد دلت هذه المسألة على أن نفل الصدقة قبل أداء الزكاة في جوازه وصحته ما في نفل بقية العبادات قبل أدائها.
الثانية لو لزمته زكاة ونذر قدم الزكاة فإن قدم النذر لم يصر زكاة على الصحيح من المذهب وعنه يبدأ بما شاء.
ويأتي نظيره في قضاء رمضان قبل صوم النذر.
الثالثة لو وكل في إخراج زكاته ثم أخرجها هو ثم أخرج الوكيل قبل علمه قال في الفروع فيتوجه أن في ضمانه الخلاف السابق ولهذا لم يذكرها الأكثر اكتفاء بما سبق وأطلق بعضهم ثلاثة أوجه.
ثالثها لا يضمن إن قلنا لا ينعزل وإلا ضمن وصححه في الرعايتين والحاويين.
الرابعة يقبل قول الموكل أنه أخرج قبل دفع وكيله إلى الساعي وقول من دفع زكاة ماله إليه ثم ادعى أنه كان أخرجها.
الخامسة حيث قلنا لا يصح الإخراج فإن وجد مع الساعي أخذ منه وإن تلف أو كان دفعه إلى الفقراء أو كانا دفعا إليه فلا.
تنبيه سبق حكم المضارب ورب المال في كتاب الزكاة عند قول المصنف ولا زكاة في حصة المضارب من الربح قبل القسمة.
163

باب زكاة الفطر
قوله (وهي واجبة على كل مسلم).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يختص وجوب الفطرة بالمكلف بالصوم وحكى وجه لا تجب في مال صغير والمنصوص خلافه.
تنبيه مفهوم قوله على كل مسلم أنها لا تجب على غيره وهو صحيح وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وعنه رواية مخرجة تجب على المرتد.
وظاهر كلامه أنها لا تجب على كافر لعبده المسلم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونصره المصنف في المغني قال في الحاوي الكبير هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تلزمه اختاره القاضي في المجرد وصححه بن تميم وحكاه بن المنذر إجماعا وكذا حكم كل كافر لزمته نفقة مسلم في فطرته الخلاف المتقدم.
قال الزركشي ينبني الخلاف على أن السيد هل هو متحمل أو أصيل فيه قولان إن قلنا متحمل وجبت عليه وإن قلنا أصيل لم تجب.
فائدة قوله وهي واجبة هل تسمى فرضا فيه الروايتان اللتان في المضمضة والاستنشاق وقد تقدمتا في باب الوضوء وتقدمت فائدة الخلاف هناك.
قوله (إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته).
وهذا بلا نزاع لكن يعتبر كون ذلك فاضلا عما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته من مسكن وخادم ودابة وثياب بذله ونحو ذلك على الصحيح من المذهب جزم به في الحاويين والمغني والشرح وقدمه في الفروع وقال وذكر بعضهم هذا قولا كذا قال انتهى.
164

قلت قدم في الرعايتين والفائق وجوب الإخراج مطلقا وذكر الأول قولا موجزا.
تنبيه ألحق المصنف في المغني والشارح بما يحتاجه لنفسه الكتب التي يحتاجها للنظر والحفظ والحلي للمرأة للبسها أو لكراء تحتاج إليه قال في الفروع ولم أجد هذا في كلام أحد قبله ولم يستدل عليه قال وظاهر ما ذكره الأكثر من الوجوب واقتصارهم على ما سبق من المانع أن هذا لا يمنع وجوب زكاة الفطر ووجه احتمالا أن الكتب تمنع بخلاف الحلى للبس للحاجة إلى العلم وتحصيله قال ولهذا ذكر الشيخ يعني به المصنف أن الكتب تمنع في الحج والكفارة ولم يذكر الحلى.
فهذه ثلاثة أقوال المنع وعدمه والمنع في الكتب دون الحلى.
فعلى ما قاله المصنف والشارح هل يمنع ذلك من أخذ الزكاة قال في الفروع ويتوجه احتمالان المنع وعدمه.
قلت وهو الصواب.
قال الشيخ تقي الدين يجوز للفقير الأخذ من الزكاة لشراء كتب يحتاجها.
وعلى القول الثاني الذي هو ظاهر كلام أكثر الأصحاب يمنع ذلك أخذ الزكاة.
وعلى الاحتمال الأول وهو المنع من أخذ الزكاة هل يلزم من كون ذلك مانعا من أخذ الزكاة أن يكون كالدراهم والدنانير في بقية الأبواب لتسوية بينهما أم لا لأن الزكاة أضيق قال في الفروع يتوجه الخلاف.
وعلى الاحتمال الثاني الذي هو الصواب هو كسائر ما لا بد منه ذكر ذلك في الفروع.
فائدة قوله وإن كان مكاتبا.
يعني أنها تجب على المكاتب وهذا بلا نزاع وهو من المفردات.
165

ويلزمه أيضا فطرة قريبة ممن تلزمه مؤنته وهو من المفردات أيضا.
وتجب فطرة زوجته عليه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا تجب عليه.
قوله (وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والتلخيص والبلغة والشرح وشرح بن منجا وشرح المجد والفروع وقال الترجيح مختلف.
إحداهما يلزمه إخراجه كبعض نفقة القريب وهذا المذهب صححه في التصحيح والنظم وابن رجب في قواعده وفرق بينه وبين الكفارة.
قال في الرعايتين والحاويين والفائق أخرجه على أصح الروايتين واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في المحرر.
والرواية الثانية لا يلزمه إخراجه كالكفارة جزم به في الإرشاد وابن عقيل في التذكرة وقال في الفصول هذا الصحيح من المذهب وهو ظاهر الوجيز والمبهج والعمدة وقدمه بن تميم وابن رزين في شرحه وإدراك الغاية وتجريد العناية.
فعلى المذهب يخرج ذلك البعض ويجب الإتمام على من تلزمه فطرته.
وعلى الثانية يصير البعض كالمعدوم ويتحمل ذلك الغير جميعها.
تنبيه شمل قوله ويلزمه فطرة من يمونه من المسلمين الزوجة ولو كانت أمة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يلزمه فطرة زوجته الأمة.
وتقدم إذا كان للكافر عبد مسلم أو أقارب مسلمون وأوجبنا عليه النفقة:
166

هل تجب عليه الفطرة لهم أم لا في أول الباب وتقدم إذا ملك العبد عبدا هل تجب عليه فطرته في أول كتاب الزكاة.
قوله (فإن لم يجد ما يؤدى عن جميعهم بدأ بنفسه).
بلا نزاع ثم بامرأته ثم برقيقه ثم بولده هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يقدم الرقيق على امرأته لئلا تسقط بالكلية لأن الزوجة تخرج مع القدرة وأطلقهما في الفصول.
وقيل يقدم الولد على الزوجة وقيل يقدم الولد الصغير على الزوجة والعبد.
قوله (ثم بولده ثم بأمه ثم بأبيه).
تقديم الولد على الأبوين أحد الوجوه قال في الفروع جزم به جماعة وقدمه آخرون قال المجد في شرحه هذا ظاهر المذهب وجزم به في الهادي والوجيز وإدراك الغاية والإفادات والمنور وقدمه في الرعايتين والحاويين وابن تميم.
والوجه الثاني يقدم الولد مع صغره على الأبوين جزم به بن شهاب.
والوجه الثالث يقدم الأبوان على الولد قدمه في الفروع والمذهب وجزم به المصنف في تقديم الأم على الأب جزم به في الوجيز وإدراك الغاية والمذهب والمستوعب وقدمه في الفروع والهادي وابن تميم والرعايتين والحاويين.
وقيل يقدم الأب على الأم وحكاه بن أبي موسى رواية وقيل بتساويهما.
فائدة لو اشترى اثنان فأكثر من القرابة ولم يفضل سوى صاع فالصحيح من المذهب أنه يقرع بينهم وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يوزع بينهم وقيل يخير في الإخراج عن أيهم شاء.
167

قوله (ويستحب أن يخرج عن الجنين ولا تجب).
هذا المذهب بلا ريب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تجب نقلها يعقوب بن بختان واختاره أبو بكر.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع ويحتمل وجوبها إذا مضت له أربعة أشهر ويستحب قبل ذلك.
فائدة يلزمه فطرة البائن الحامل إن قلنا النفقة لها وإن قلنا للحمل لم تجب على أصح الروايتين بناء على وجوبها على الجنين.
وقال في الرعاية ويستحب فطرة الجنين إن قلنا النفقة له وعنه تجب فلو أبان حاملا لزمته فطرتها إن وجبت النفقة لها وفي فطرة حملها إذن وجهان.
وإن وجبت النفقة للحمل وجبت فطرته وفي أمه إذن وجهان قال في الفروع كذا قال.
وقيل تسن فطرته وإن وجبت النفقة له وتجب فطرته وإن وجبت النفقة لأمه.
قوله (ومن تكفل بمؤنة شخص في شهر رمضان لم تلزمه فطرته عند أبي الخطاب).
وهو رواية عن أحمد واختاره المصنف والشارح وحمل كلام أحمد على الاستحباب لعدم الدليل واختاره صاحب الفائق أيضا قال في التلخيص والأقيس أن لا تلزمه انتهى.
والمنصوص أنها تلزمه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المصنف وغيره قال في الهداية قاله الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وهو من المفردات وأطلقهما في الفائق.
تنبيه ظاهر قوله في شهر رمضان أنه لا بد أن يمونه كل الشهر وهو
168

صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن عقيل قياس المذهب يلزمه إذا مانه آخر ليلة من الشهر كمن ملك عبدا وزوجة قبل الغروب ومعناه في الانتصار والروضة وأطلق في الرعايتين والحاويين وابن تميم وغيرهم وجهين فيمن نزل به ضيف قبل الغروب ليلة العيد زاد في الرعاية الكبرى قلت أو نزل به قبل فجرها إن علقنا الوجوب به.
وظاهر كلامه أيضا على المنصوص أنه لو مانه جماعة في شهر رمضان أنها لا تجب عليهم وهو أحد الاحتمالين.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في الفائق وقدمه في الرعاية الكبرى.
والاحتمال الثاني تجب عليهم بالحصص كعبد مشترك وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي وابن تميم وحكاهما وجهين.
وعلى قول بن عقيل تجب فطرته على من مانه آخر ليلة.
فائدتان
إحداهما لو استأجر أجيرا أو ظئرا بطعامهما لم تلزمه فطرتهما على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى قال في الرعاية الكبرى وهو أقيس.
الثانية لو وجبت نفقته في بيت المال فلا فطرة له قاله القاضي ومن بعده وجزم به بن تميم وغيره لأن ذلك ليس بإنفاق إنما هو إيصال المال في حقه أو أن المال لا مالك له قاله في الفروع والمراد معين كعبيد الغنيمة قبل القسمة والفئ ونحو ذلك.
قوله (وإذا كان العبد بين شركاء فعليهم صاع واحد).
قال المصنف وغيره هذا الظاهر عنه قال المجد في شرحه وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه رجع عن رواية وجوب صاع على كل واحد.
169

قال المصنف وغيره قال فوزان رجع أحمد عن هذه المسألة يعني عن إيجاب صاع كامل على كل واحد وصححه بن عقيل في التذكرة وابن منجا في شرحه وقال هو المذهب واختاره المصنف والمجد والشارح وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع وابن تميم والهداية وجزم به في الوجيز والإفادات والمنتخب.
وعنه على كل واحد صاع اختاره الخرقي وأبو بكر قاله المجد قال في الفروع اختاره أكثر الأصحاب وقدمه بن البنا في عقوده وغيره وصححه في المبهج وغيره وهو من المفردات وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والمذهب والحاويين.
قوله (وكذلك الحكم فيمن بعضه حر).
وكذا الحكم أيضا لو كان عبدان فأكثر بين شركاء منهم أو من ورثة اثنان فأكثر أو من ألحقته القافة باثنين أو بأكثر ونحوهم حكمهم كحكم العبيد بين الشركاء على ما تقدم نقلا ومذهبا على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لو ألحقت القافة ولدا باثنين فكالعبد المشترك جزم به الأصحاب منهم صاحب المغني والمحرر قال وتبع بن تميم قول بعضهم يلزم كل واحد صاع وجها واحدا وتبعه في الرعايتين ثم خرج خلافه من عنده وجزم بما جزم به بن تميم في الحاويين وجوب الصاع على كل واحد في هذه المسائل من مفردات المذهب.
واختار أبو بكر فيمن بعضه حر لزوم السيد بقدر ملكه ولا شيء على العبد في الباقي ويأتي لو كان نفع الرقيق لواحد ورقبته لآخر على من تجب فطرته بعد قوله وتجب بغروب الشمس.
فائدة لو هايأ من بعضه حر سيد باقيه لم تدخل الفطرة في المهايأة على الصحيح من المذهب ذكره القاضي وجماعة لأنه حق لله كالصلاة قال ابن تميم
170

وابن حمدان في الرعاية الكبرى لم تدخل الفطرة فيها على الأصح وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين وجزم به في المنور.
فعلى هذا أيهما عجز عما عليه لم يلزم الآخر قسطه كشريك ذمي لا يلزم المسلم قسطه فإن كان يوم العيد نوبة العبد المعتق نصفه مثلا اعتبر أن يفضل عن قوته نصف صاع وإن كان نوبة سيده لزم العبد نصف صاع ولو لم يملك غيره لأن مؤنته على غيره.
قلت فيعايى بها.
وقيل تدخل الفطرة في المهايأة بناء على دخول كسب نادر فيها كالنفقة فلو كان يوم العيد نوبة العبد وعجز عنها لم يلزم السيد شيء لأنه لا تلزمه نفقته كمكاتب عجز عن الفطرة.
وقال في الرعاية الكبرى وقلت تلزمه إن وجبت بالغروب في نوبته قال في الفروع وهو متوجه وإن كانت نوبة السيد وعجز عنها أدى العبد قسط حريته في أصح الوجهين بناء على أنها عليه بطريق التحمل كموسرة تحت معسر وقيل لا تلزمه.
قوله (وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها أو على سيدها إن كانت أمة لأنه كالمعدوم).
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره ويحتمل أن لا تجب واختاره بعض الأصحاب كالنفقة قال ابن تميم وإن أعسر زوج الأمة فهل تجب على سيدها على وجهين.
فعلى هذا الوجه الثاني هل تبقى في ذمته كالنفقة أم لا كفطرة نفسه يتوجه احتمالين قاله في الفروع.
قلت الأولى السقوط وهو كالصريح في المغني والشرح.
171

وعلى المذهب هل ترجع الحرة والسيد إذا أخرجا على الزوج إذا أيسر كالنفقة أم لا كفطرة القريب فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع ومختصر بن تميم والحاويين.
إحداهما يرجعان عليه قال في الرعايتين في الحرة ترجع عليه في الأقيس إذا أيسر بالنفقة وقال في مسألة السيد يرجع على الزوج الحر في وجه.
والوجه الثاني لا يرجعان عليه إذا أيسر وهو ظاهر بحثه في المغني والشرح.
ومأخذ الوجهين أن من وجبت عليه فطرة غيره هل تجب عليه بطريق التحمل عن ذلك الغير أو بطريق الأصالة فيه وجهان للأصحاب قال في الفائق ومن كانت نفقته على غيره ففطرته عليه وهل يكون متحملا أو أصيلا على وجهين وكذا قال ابن تميم وابن حمدان وقال والأشهر أنه متحمل غير أصيل قال في التلخيص ظاهر كلام أصحابنا أنه يكون متحملا والمخرج عنه أصيل بل هو أصيل.
فوائد
الأولى الصحيح من المذهب وجوب فطرة زوجة العبد على سيده قال المصنف هذا قياس المذهب كالنفقة وكمن زوج عبده بأمته قال ابن تميم هذا أصح وقدمه في الرعاية.
وقيل تجب عليها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة قدمه بن تميم قال في المغني والشرح قاله أصحابنا المتأخرون وقدمه بن رزين في شرحه قال في الحاويين هذا أصح الوجهين قال في الرعاية الصغرى هذا أشهر الوجهين وأطلقهما في الفروع قال المجد وغيره القول بالوجوب مبني على تعلق نفقة الزوجة برقبة العبد أو أن
السيد معسر فإن كان موسرا وقلنا نفقة زوجة عبده عليه ففطرته عليه وتبعه بن تميم وغيره.
172

الثانية لو كانت زوجته الأمة عنده ليلا وعند سيدها نهارا ففطرتها على سيدها لقوة ملك اليمين في تحمل الفطرة على الصحيح وإليه ميل المجد في شرحه وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين والحاويين.
وقيل بينهما نصفان كالنفقة وأطلقهما في الفروع والمجد في شرحه.
وتقدم وجوب فطرة قريب المكاتب وزوجته.
الثالثة لو زوج قريبه ولزمته نفقة امرأته فعليه فطرتها.
قوله (ومن له غائب أو آبق فعليه فطرته).
وكذا المغصوب وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا تجب على الغائب فطرة زوجته ورقيقه وحكاه بن تميم وغيره رواية واحدة قال في الفروع وعنه رواية محرجة من زكاة المال لا تجب قال ابن عقيل يحتمل أن لا يلزمه إخراج زكاته حتى يرجع كزكاة الدين والمغصوب.
فائدة يخرج الفطرة عن العبد والحر مكانه على الصحيح من المذهب قال في الفروع وهو ظاهر كلامه قال المجد نص عليه وقيل مكانهما قال في الفروع قدمه بعضهم وأطلقهما.
قوله (إلا أن يشك في حياته فتسقط).
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وعليه أكثر الأصحاب لأن الأصل براءة الذمة والظاهر موته كالنفقة وذكر بن شهاب أنها لا تسقط فتلزمه لئلا تسقط بالشك.
قلت وهو قوي في النظر والأصل عدم موته.
قال ابن رجب في قواعده ويتخرج لنا وجه بوجوب الفطرة للعبد الآبق المنقطع خبره بناء على جواز عتقه.
173

قوله (وإن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى).
هذا مبني على الصحيح من المذهب في التي قبلها وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم المنصوص عن أحمد لزومه وقيل لا يخرج ولو علم حياته.
وقيل لا يخرج عن القريب فقط كالنفقة ورد ذلك بوجوبها وإنما تعذر أيضا لها كتعذره بحبس ومرض ونحوهما.
قوله (ولا يلزم الزوج فطرة الناشز).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال أبو الخطاب تلزمه قال المجد في شرحه هذا ظاهر المذهب وأطلقهما في الخلاصة والمحرر وتجريد العناية.
فائدة وكذا الحكم في كل من لا تلزم الزوج نفقتها كالصغيرة وغيرها قاله في الفروع وغيره.
قوله (ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه فهل تجزئه على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمنتهى والكافي والهادي والتلخيص وابن تميم والفروع والشرح والفائق والحاويين وإدراك الغاية.
أحدهما تجزئه وهو الصحيح من المذهب جزم به في الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب قال في تجريد العناية أجزأه على الأظهر وقدمه في المحرر والرعايتين واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والنظم قال ابن منجا في شرحه هذا ظاهر المذهب.
174

والوجه الثاني لا تجزئه قدمه بن رزين في شرحه وقال في الانتصار فإن أخرج بغير إذنه ونيته فوجهان.
تنبيه مأخذ الخلاف هنا مبني على أن من لزمته فطرة غيره هل يكون متحملا عنه أو أصيلا فيه وجهان تقدما ذكره المجد في شرحه وصاحب التلخيص والفروع وغيرهم وذكر في الرعاية المسألة وقال إن أخرج عن نفسه جاز وقيل لا وقيل إن قلنا الزوج والقريب متحملان جاز وإن قلنا هما أصيلان فلا فظاهره أن المقدم عنده عدم البناء.
فوائد
إحداها لو لم يخرج من لزمته فطرة غيره عن ذلك الغير لم يلزم الغير شيء وللغير مطالبته بالإخراج على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع جزم به الأصحاب منهم أبو الخطاب في الانتصار كنفقته وقال أبو المعالي ليس له مطالبته بها ولا افتراضها عليه قال في الفروع كذا قال.
فعلى المذهب هل تعتبر نيته فيه على وجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية وابن تميم.
قلت الصواب لا اكتفاء بنية المخرج.
الثانية لو أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ وإلا فلا قال أبو بكر الآجري هذا قول فقهاء المسلمين.
الثالثة لو أخرج العبد بغير إذن سيده لم تجزه مطلقا على الصحيح من المذهب ولعله خارج عن الخلاف الذي ذكره المصنف.
وقيل إن ملكه السيد مالا وقلنا يملكه ففطرته عليه مما في يده فيخرج العبد عن عبده مما في يده.
175

وقيل بل تسقط لتزلزل ملكه ونقصه قال في الرعاية وعلى الوجوب إن أخرجها بلا إذن سيده أجزأت.
قلت لا تجزئه.
وقيل فطرته عليه مما في يده فإن تعذر كسبه فعلى سيده انتهى.
قوله (ولا يمنع الدين وجوب الفطرة إلا أن يكون مطالبا به).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال المجد في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما هذا ظاهر المذهب قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند الشيخين وغيرهما وجزم به الخرقي والمصنف في المغني وصاحب الشرح والإفادات والمنتخب وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه يمنع سواء كان مطالبا به أو لا وقاله أبو الخطاب.
وعنه لا يمنع مطلقا اختاره بن عقيل وجزم به بن البنا في العقود وقدمه في الرعايتين والفائق وجعل الأول اختيار المصنف وأطلقهن في الحاويين.
قوله (وتجب بغروب الشمس من ليلة الفطر).
هذا الصحيح من المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يمتد وقت الوجوب إلى طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر واختار معناه الآجري.
وعنه تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر قال في الإرشاد ويجب إخراج زكاة الفطر بعد طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر قبل صلاة العيد.
وعنه يمتد الوجوب إلى أن يصلي العيد ذكرها المجد في شرحه.
فعلى المذهب لو أسلم بعد غروب الشمس أو ملك عبدا أو زوجة أو ولد له ولد لم تلزمه فطرته وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت وإن مات قبل الغروب ونحوه لم تجب ولا تسقط بعد.
176

فوائد
الأولى لا يسقط وجوب الفطرة بعد وجوبها بموت ولا غيره بلا نزاع أعلمه ولو كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر لم تجب الفطرة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يخرج متى قدر فتبقى في ذمته وعنه يخرج إن أيسر أيام العيد وإلا فلا قال الزركشي فيحتمل أن يريد أيام النحر ويحتمل أن يريد الستة من شوال لأنه قد نص في رواية أخرى أنه إذا قدر بعد خمسة أيام أنه يخرج وعنه تجب إن أيسر يوم العيد اختاره الشيخ تقي الدين.
الثانية تجب الفطرة في العبد المرهون والموصى به على مالكه وقت الوجوب وكذا المبيع في مدة الخيار ولو زال ملكه كمقبوض بعد الوجوب ولم يفسخ فيه العقد وكما لو رده المشتري بعيب بعد قبضه.
الثالثة لو ملك عبدا دون نفعه فهل فطرته عليه أو على مالك نفعه أو في كسبه فيه الأوجه الثلاثة التي في نفقته التي ذكرهن المصنف وغيره في باب الموصى به له فالصحيح هناك هو الصحيح هنا هذا أصح الطريقين قدمه في الفروع وقدم جماعة من الأصحاب أن الفطرة تجب على مالك الرقبة لوجوبها على من لا نفع فيه وحكوا الأول قولا منهم المصنف وابن تميم وابن حمدان وغيرهم وتقدم لو كان العبد مستأجرا أو كانت الأمة ظئرا أن فطرتهما تجب على السيد على الصحيح.
تنبيه مفهوم قوله ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين.
أنه لا يجوز إخراجها بأكثر من ذلك وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات.
وعنه يجوز تقديمها بثلاثة أيام قال في الإفادات ويجوز قبله بيومين أو
177

ثلاثة وقطع في المستوعب والنظم أنه يجوز تقديمها بأيام وهو في بعض نسخ الإرشاد فيحتمل أنهم أرادوا ثلاثة أيام كالرواية ويحتمل غير ذلك.
وقيل يجوز تقديمها بخمسة عشر يوما وحكى رواية جعلا للأكثر كالكل.
وقيل يجوز تقديمها بشهر ذكره القاضي في شرحه الصغير.
قوله (والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة من بعد طلوع الفجر الثاني).
صرح به في المستوعب والرعاية وغيرهما أو قدرها إن لم يصل وهذا المذهب قال الإمام أحمد تخرج قبلها وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال غير واحد من الأصحاب الأفضل أن تخرج إذا خرج إلى المصلى وجزم به بن تميم فدخل في كلامهم لو خرج إلى المصلى قبل الفجر.
قوله (ويجوز في سائر اليوم).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يحرم التأخير إلى بعد الصلاة وذكر المجد أن الإمام أحمد أومأ إليه ويكون قضاء وجزم به بن الجوزي في كتاب أسباب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب وهذا القول من المفردات قال في الرعاية عن القول بأنه قضاء وهو بعيد.
تنبيه يحتمل قول المصنف ويجوز في سائر اليوم الجواز من غير كراهة وهو بعيد وهو أحد الوجهين اختاره القاضي.
ويحتمل إرادته الجواز مع الكراهة وهو الوجه الثاني وهو الصحيح قال في الكافي والمجد في شرحه وكان تاركا للاختيار.
قال في الفروع القول بالكراهة أظهر وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وشرح بن رزين وغيرهم وأطلقهما في الفروع وابن تميم
178

قوله (فإن أخرها عنه أثم وعليه القضاء).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يأثم نقل الأثرم أرجو أن لا بأس وقيل له في رواية الكحال فإن أخرها قال إذا أعدها لقوم.
قوله (والواجب في الفطرة صاع من البر والشعير).
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم واختار الشيخ تقي الدين إجزاء نصف صاع من البر قال وهو قياس المذهب في الكفارة وأنه يقتضيه ما نقله الأثرم قال في الفروع كذا قال واختار ما اختاره الشيخ تقي الدين صاحب الفائق.
فائدة الصاع قدر معلوم وقد تقدم قدره في آخر باب الغسل.
فيؤخذ صاع من البر ومثل مكيل ذلك من غيره.
وتقدم ذكر ذلك مستوفى في أول باب زكاة الخارج من الأرض.
ولا عبرة بوزن التمر وقطع به الجمهور وقال في الرعاية الكبرى ولا عبرة بوزن التمر.
قلت وكذا غيره مما يخرجه سوى البر.
وقيل يعتبر الصاع بالعدس كالبر.
وقلت بل بالماء كما سبق انتهى ويحتاط في الثقيل ليسقط الفرض بيقين.
قوله (ودقيقهما وسويقهما).
يعني دقيق البر والشعير وسويقهما فيجزئ إخراج أحدهما هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقدمه في المحرر.
وعنه لا يجزئ ذلك.
وقيل لا يجزئ السويق اختاره بن أبي موسى والمجد في شرحه.
فعلى المذهب يشترط أن يكون صاع ذلك بوزن حبه بلا نزاع أعلمه.
179

ونص عليه لأنه لو أخرج الدقيق بالكيل لنقص عن الحب لتفرق الإجزاء بالطحن.
تنبيه ظاهر كلام المصنف الإجزاء وإن لم ينخل وهو الصحيح من المذهب جزم به في التلخيص والبلغة والزركشي وغيرهم وقدمه في الفصول والفروع وابن تميم والرعايتين وغيرهم.
وقيل لا يجزئ إخراجه إلا منخولا وأطلقهما في الحاويين والفائق.
قوله (ومن الأقط في إحدى الروايتين).
وأطلقهما في الهداية والفصول والخلاصة والتلخيص والبلغة.
إحداهما الإجزاء مطلقا وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد قال الزركشي هذا المذهب انتهى واختاره أبو بكر وابن أبي موسى والقاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل وابن عبدوس المتقدم وابن البنا والشيرازي وغيرهم وجزم به في تذكرة بن عقيل والمبهج والعقود لابن البنا والوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وقدمه في الفروع ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر وابن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وصححه في التصحيح والمجد في شرحه والناظم.
قال في تجريد العناية ويجزئ صاع أقط على الأظهر.
وعنه يجزئ لمن يقتاته دون غيره اختاره الخرقي وقدمه في المذهب نقله المجد وغيره وقال أبو الخطاب والمصنف وصاحب التلخيص وجماعة وعنه لا يجزئ إلا عند عدم الأربعة فاختلف نقلهم في محل الرواية وعنه لا يجزئ مطلقا وهو ظاهر ما جزم به في التسهيل قال في الفروع اختاره أبو بكر.
قلت قال في الهداية فأما الأقط فعنه أنه لا يخرج منه مع وجود هذه الأصناف وعنه أنه يخرج منه على الإطلاق وهو اختيار أبي بكر فحكى اختيار أبي بكر جواز الإخراج مطلقا وحكى في الفروع اختياره عدم الجواز مطلقا.
180

فلعل أن يكون له في المسألة اختياران.
فعلى المذهب هل يجزئ اللبن غير المخيض والجبن أو لا يجزئان أو يجزئ اللبن دون الجبن أو عكسه أو يجزئان عند عدم الأقط فيه أقوال وأطلقهن في الفروع والرعاية الكبرى وابن تميم.
وأطلق الثلاثة الأول في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق.
وأطلق الأوليين الزركشي قال ابن تميم وابن حمدان ظاهر كلام الإمام أحمد إجزاء اللبن دون الجبن قال في الفروع والذي وجد عن الإمام أحمد أنه قال يروى عن الحسن صاع لبن لأن الأقط ربما ضاق فلم يتعرض للجبن انتهى.
قلت الجبن أولى من اللبن.
والقول الرابع احتمال في الرعاية وابن تميم والفروع وقال في المذهب ومسبوك الذهب إذا قلنا يجوز إخراج الأقط مطلقا فإذا عدمه أخرج عنه اللبن قال القاضي إذا عدم الأقط وقلنا له إخراجه جاز إخراج اللبن.
قال ابن عقيل في الفصول إذا لم يجد الأقط على الرواية التي تقول يجزئ وأخرج عنه اللبن أجزأه لأن الأقط من اللبن لأنه لبن مجمد مجفف بالمصل وجزم به بن رزين في شرحه وقال لأنه أكمل منه.
وقال المصنف ظاهر كلام الخرقي أنه لا يجزئ اللبن بحال.
وقال في المستوعب وإذا قلنا يجوز إخراج الأقط لم يجز إخراج اللبن مع وجوده ويجزئ مع عدمه ذكره القاضي وذكر بن أبي موسى لا يجزئ.
قوله (ولا يجزئ غير ذلك).
يعني إذ وجد شيء من هذه الأجناس التي ذكرها لم يجزئه غيرها وإن كان يقتاته وهو الصحيح وهو من المفردات ويأتي كلام الشيخ تقي الدين قريبا.
181

وظاهر كلامه إجزاء أحد الأجناس المتقدمة وإن كان يقتات غيره وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا وصرح به الأصحاب.
تنبيه دخل في كلام المصنف وهو قوله ولا يجزئ غير ذلك القيمة والصحيح من المذهب أنها لا تجزئ وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وعنه رواية مخرجة يجزئ إخراجها.
وقيل يجزئ كل مكيل مطعوم وقال ابن تميم وقد أومأ إليه الإمام أحمد واختاره الشيخ تقي الدين يجزئه من قوت بلده مثل الأرز وغيره ولو قدر على الأصناف المذكورة في الحديث وذكره رواية وأنه قول أكثر العلماء وجزم به بن رزين وحكاه في الرعاية قولا.
قوله (إلا أن يعدمه فيخرج مما يقتات عند بن حامد)..
سواء كان مكيلا أو غيره كالذرة والدخن واللحم واللبن وسائر ما يقتات به وجزم به في العمدة والتلخيص والبلغة قال في التلخيص هذا المذهب وقيل لا يعدل عن اللحم واللبن.
وعند أبي بكر يخرج ما يقوم مقام المنصوص من حب وتمر يقتات فلا بد أن يكون مكيلا مقتاتا يقوم مقام المنصوص وهذا المذهب.
قال المجد هذا أشبه بكلام أحمد نقل حنبل ما يقوم مقامها صاع وهو قول الخرقي ومعناه قول أبي بكر وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وغيرهم وقدمه في الكافي والمحرر والفروع والرعايتين والنظم وابن تميم والفائق والحاويين زاد في التلخيص والبلغة وابن تميم وابن حمدان مما يقتات غالبا.
وقيل يجزئ ما يقوم مقامها وإن لم يكن مكيلا.
قال الزركشي ولأبي الحسن بن عبدوس احتمال لا يجزئ غير الخمسة
182

المنصوص عليها وتبقى عند عدم هذه الخمسة في ذمته حتى يقدر على أحدها.
قوله (ولا يخرج حبا معيبا).
كحب مسوس ومبلول وقديم تغير طعمه ونحوه وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقيل إن عدم غيره أجزأ وإلا فلا.
فائدتان
إحداهما لو خالط الذي يجزئ ما لا يجزئ فإن كان كثيرا لم يجزئ وإن كان يسيرا زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا لأنه ليس عيبا لقلة مشقة تنقيته قاله في الفروع.
قلت لو قيل بالإجزاء ولو كان ما لا يجزئ كثيرا إذا زاد بقدره لكان قويا.
الثانية نص الإمام احمد على تنقية الطعام الذي يخرجه.
قوله (ولا خبزا).
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا بن عقيل فإنه قال يجزئ وحكاه في الرعاية وغيرها قولا وقال الزركشي في كتاب الكفارات لو قيل بإجزاء الخبز في الفطرة لكان متوجها وكأنه لم يطلع على كلام بن عقيل.
قوله (ويجزئ إخراج صاع من أجناس).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وهو من المفردات لتفاوت مقصودها واتحاده وقاسه المصنف على فطرة العبد المشترك وقال في الرعاية الكبرى وقلت لا يخرج فطرة عبده من جنسين إذا كان لاثنين احتمل وجهين وقال في الفروع ويتوجه تخريج واحتمال من الكفارة لا يجزئ لظاهر الأخبار إلا أن تعد بالقيمة وخرج في القواعد وجها بعدم الإجزاء.
قوله (وأفضل المخرج التمر).
هذا المذهب مطلقا ونص عليه وعليه الأصحاب اتباعا للسنة ولفعل
183

الصحابة والتابعين ولأنه قوت وحلاوة وأقرب تناولا وأقل كلفة.
قلت والزبيب يساويه في ذلك كله لولا الأثر.
وقال في الحاويين وعندي الأفضل أعلى الأجناس قيمة وأنفع.
فظاهره أنه لو وجد ذلك لكان أفضل من التمر ويحتمل أنه أراد غير التمر وقال الشارح وابن رزين ويحتمل أن يكون أفضلها أغلاها ثمنا كما أن أفضل الرقاب أغلاها ثمنا.
قوله (ثم ما هو أنفع للفقراء).
وهذا أحد الوجوه اختاره المصنف هنا وجزم به في التسهيل وقدمه في النظم وقيل الأفضل بعد التمر الزبيب وهو المذهب وجزم به في الهداية وعقود بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهداية والتلخيص والبلغة والمحرر والمنور وإدراك الغاية وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وابن تميم وابن رزين في شرحه واختاره بن عبدوس في تذكرته قال ابن منجا في شرحه والأفضل عند الأصحاب بعد التمر الزبيب قال الزركشي هو قول الأكثرين وأطلقهما المجد في شرحه.
وقيل الأفضل بعد التمر البر جزم به في الكافي والوجيز وقدمه في المغني والشرح ونصراه وحمل بن منجا في شرحه كلام المصنف هنا عليه وأطلقهن في الفروع وتجريد العناية.
وعنه الأقط أفضل لأهل البادية إن كان قوتهم.
وقيل الأفضل ما كان قوت بلده غالبا وقت الوجوب.
قلت وهو قوي.
قال في الرعاية قلت الأفضل ما كان قوت بلده غالبا وقت الوجوب لا قوته هو وحده انتهى.
184

وأيهما كان أعني الزبيب والبر كان أفضل بعده في الأفضلية الآخر ثم الشعير بعدهما ثم دقيقهما ثم سويقهما قاله في الرعاية.
قوله (ويجوز أن يعطى الجماعة ما يلزم الواحد والواحد ما يلزم الجماعة).
هذا المذهب نص عليه على ما يأتي في استيعاب الأصناف في باب ذكر أهل الزكاة لكن الأفضل أن لا ينقص الواحد عن مد بر أو نصف صاع من غيره على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وعنه الأفضل تفرقة الصاع قال في الفروع وهو ظاهر ما جزم به جماعة للخروج من الخلاف.
وعنه الأفضل أن لا ينقص الواحد عن الصاع قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة للمشقة وعدم نقله وعمله.
وقال في عيون المسائل لو فرق فطرة رجل واحد على جماعة لم يجزه قال في الفروع كذا قال.
فوائد
الأولى الصحيح من المذهب أن تفريق الفطرة بنفسه أفضل وعنه دفعها إلى الإمام العادل أفضل نقله المروذي.
ويأتي مزيد بيان على ذلك في الباب الذي بعده.
الثانية لو أعطى الفقير فطرة فردها الفقير إليه عن نفسه جاز عند القاضي قال في التلخيص جاز في أصح الوجهين وقدمه في الفائق.
قلت وهو الصواب إن لم يحصل حيلة في ذلك.
وقال أبو بكر مذهب أحمد لا يجوز كشرائها وأطلقهما في الرعايتين والحاويين.
185

ولو حصلت عند الإمام فقسمها على مستحقيها فعاد إلى إنسان فطرته جاز عند القاضي أيضا وهو المذهب قدمه المجد في شرحه ونصره وغيره.
وقال أبو بكر مذهب أحمد لا يجوز كشرائها.
وظاهر الفروع وابن رزين إطلاق الخلاف فيهما فإنهما قالا جائز عند القاضي وعند أبي بكر لا يجوز وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفائق قال في الرعايتين الخلاف في الإجزاء وقيل في التحريم انتهى.
وتقدمت المسألة بأعم من ذلك في الركاز فلتعاود.
ولو عادت إليه بميراث جاز قولا واحدا.
الثالثة مصرف الفطرة مصرف الزكاة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب فلا يجوز دفعها لغيرهم وقال ابن عقيل في الفنون عن بعض الأصحاب تدفع إلى من لا يجد ما يلزمه وقال الشيخ تقي الدين لا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة وهو من يأخذ لحاجته ولا تصرف في المؤلفة والرقاب وغير ذلك.
الرابعة قال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ما أحسن ما كان عطاء بن أبي رباح يفعل يعطى عن أبويه صدقة الفطر حتى مات وهذا تبرع.
باب إخراج الزكاة.
قوله (لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه).
هذا المذهب في الجملة نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يلزم إخراجها على الفور لإطلاق الأمر كالكفارة.
قوله (مع إمكانه).
يعني أنه إذا قدر على إخراجها لم يجز تأخيرها وإن تعذر إخراجها من النصاب لغيبة أو غيرها جاز التأخير إلى القدرة ولو كان قادرا على الإخراج من غيره وهذا المذهب قدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع وغيرهما.
186

ويحتمل أن لا يجوز التأخير إن وجبت في الذمة ولم تسقط بالتلف.
فعلى المذهب في أصل المسألة يجوز التأخير لضرر عليه مثل أن يخشى رجوع الساعي عليه ونحو ذلك كخوفه على نفسه أو ماله.
ويجوز له التأخير أيضا لحاجته إلى زكاته إذا كان فقيرا محتاجا إليها تختل كفايته ومعيشته بإخراجها نص عليه ويؤخذ منه ذلك عند ميسرته.
قلت فيعايى بها.
ويجوز أيضا التأخير ليعطيها لمن حاجته أشد على الصحيح من المذهب نقل يعقوب لا أحب تأخيرها إلا أن لا يجد قوما مثلهم في الحاجة فيؤخرها لهم قدمه في الرعاية والفروع وقال جزم به بعضهم.
قلت منهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وابن رزين.
وقال جماعة منهم المجد في شرحه ومجرده يجوز بزمن يسير لمن حاجته أشد لأن الحاجة تدعو إليه ولا يفوت المقصود وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب.
قال في القواعد الأصولية وقيد ذلك بعضهم بالزمن اليسير.
قال في المذهب ولا يجوز تأخيرها مع القدرة فإن أمسكها اليوم واليومين ليتحرى الأفضل جاز قال في الفروع وظاهر كلام جماعة المنع.
ويجوز أيضا التأخير لقريب قدمه في الفروع وقال جزم به جماعة.
قلت منهم بن رزين وصاحب الحاويين.
وقدم جماعة المنع منهم صاحب الرعايتين والحاويين والفائق.
قال في القواعد الأصولية وأطلق القاضي وابن عقيل روايتين في القريب ولم يقيداه بالزمن اليسير.
ويجوز أيضا التأخير للجار كالقريب جزم به في الحاويين وقدمه في الفروع وقال ولم يذكره الأكثر وقدم المنع في الرعايتين والفائق.
187

وعنه له أن يعطى قريبه كل شهر شيئا وحملها أبو بكر على تعجيلها قال المجد وهو خلاف الظاهر.
وعنه ليس له ذلك وأطلق القاضي وابن عقيل الروايتين.
فائدتان
إحداهما يجوز للإمام والساعي تأخير الزكاة عند ربها لمصلحة كقحط ونحوه جزم به الأصحاب.
الثانية وهي كالأجنبية مما نحن فيه نص الإمام أحمد على لزوم فورية النذر المطلق والكفارة وهو المذهب قاله في القواعد وغيره.
وقيل لا يلزمان على الفور قال ذلك بن تميم وتبعه صاحب القواعد الأصولية وقال في الفائق المنصوص عدم لزوم الفورية ولعله سبق قلم.
قوله (ومن منعها بخلا بها أخذت منه وعزر).
وكذا لو منعها تهاونا زاد في الرعاية من عنده أو هملا قال في الفروع كذا أطلق جماعة التعزيز.
قلت أطلقه كثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية.
وقال القاضي وابن عقيل إن فعله لفسق الإمام لكونه لا يضعها مواضعها لم يعزر وجزم به غير واحد من الأصحاب منهم صاحب الرعاية والفائق.
قلت وهذا الصواب بل لو قيل بوجوب كتمانه والحالة هذه لكان سديدا.
تنبيه مراده بقوله وعزر إذا كان عالما بتحريم ذلك والمعزر له هو الإمام أو عامل الزكاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية.
وقيل إن كان ماله باطنا عزره الإمام أو المحتسب.
188

قوله (فإن غيب ماله أو كتمه أو قاتل دونها وأمكن أخذها أخذت منه من غير زيادة).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو بكر في زاد المسافر يأخذها وشطر ماله وقدمه الحلواني في التبصرة وذكره المجد رواية.
قال أبو بكر أيضا يأخذ شطر ماله الزكوي وقال إبراهيم الحربي يؤخذ من خيار ماله زيادة القيمة بشطرها من غير زيادة عدد ولا سن.
قال المجد وهذا تكلف ضعيف.
وعنه تؤخذ منه ومثلها ذكرها بن عقيل وقاله أبو بكر أيضا في زاد المسافر.
وقال ابن عقيل في موضع من كلامه إذا منع الزكاة فرأى الإمام التغليظ عليه بأخذ زيادة عليها اختلفت الرواية في ذلك.
تنبيهات
أحدها محل هذا عند صاحب الحاوي وجماعة فيمن كتم ماله فقط وقال في الحاوي وكذا قيل إن غيب ماله أو قاتل دونها.
الثاني قال جماعة من الأصحاب منهم بن حمدان وإن أخذها غير عدل فيها لم يأخذ من الممتنع زيادة.
قلت وهو الصواب.
وأطلق جماعة آخرون الأخذ كمسألة التعزير السابقة.
الثالث قدم المصنف هنا أنه إذا قاتل عليها لم يكفر وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
189

وقال بعض أصحابنا إن قاتل عليها كفر وهو رواية عن الإمام أحمد وجزم به بعض الأصحاب وأطلق بعضهم الروايتين.
وعنه يكفر وإن لم يقاتل عليها وتقدم ذلك في كتاب الصلاة.
قوله (فإن لم يمكن أخذها استتيب ثلاثا فإن تاب وأخرج وإلا قتل).
حكم استتابته هنا حكم استتابة المرتد في الوجوب وعدمه على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في بابه وإذا قتل فالصحيح من المذهب أنه يقتل حدا وهو من المفردات وعنه يقتل كفرا.
فائدة إذا لم يمكن أخذ الزكاة منه إلا بالقتال وجب على الإمام قتاله على الصحيح من المذهب وذكر بن أبي موسى رواية لا يجب قتاله إلا من جحد وجوبها.
قوله (وإن ادعى ما يمنع وجوب الزكاة من نقصان النصاب أو الحول أو انتقاله عنه في بعض). الحول ونحوه كادعائه أداءها أو أن ما بيده لغيره أو تجدد ملكه قريبا أو أنه منفرد مختلط قبل قوله بغير يمين نص عليه.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد يستحلف في ذلك كله ووجه في الفروع احتمالا يستحلف إن اتهم وإلا فلا وقال القاضي في الأحكام السلطانية إن رأى العامل أنه يستحلفه فعل فإن نكل لم يقض عليه بنكوله وقيل يقضي عليه.
قلت فعلى قول القاضي يعايى بها.
فائدة قال بعض الأصحاب ظاهر كلام الإمام أحمد أن اليمين لا تشرع.
190

قال في عيون المسائل ظاهر قوله لا يستحلف الناس على صدقاتهم لا يجب ولا يستحب بخلاف الوصية للفقراء بمال.
قوله (والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يلزمه الإخراج إن خاف أن يطالب بذلك كمن يخشى رجوع الساعي لكن يعلمه إذا بلغ وعقل.
قوله (ويستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه).
سواء كانت زكاة مال أو فطرة نص عليه قال بعض الأصحاب منهم بن حمدان يشترط أمانته قال في الفروع وهو مراد غيره أي من حيث الجملة انتهى.
قوله (وله دفعها إلى الساعي وإلى الإمام أيضا).
وهذا المذهب في ذلك كله مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات قال ناظمها.
زكاته يخرج في الأيام * بنفسه أولى من الإمام.
وقيل يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وفاقا للأئمة الثلاثة.
وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر ويتولى هو تفريق الباقي.
وقال أبو الخطاب دفعها إلى الإمام العادل أفضل واختاره بن أبي موسى للخروج من الخلاف وزوال التهمة.
وعنه دفع المال الظاهر إليه أفضل.
وعنه دفع الفطرة إليه أفضل نقله المروذي كما تقدم في آخر باب الفطرة.
وقيل يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام ولا يجزئ دونه.
191

فوائد
الأولى يجوز دفع زكاته إلى الإمام الفاسق على الصحيح من المذهب وقال القاضي في الأحكام السلطانية يحرم عليه دفعها إن وضعها في غير أهلها ويجب كتمها إذن عنه واختاره في الحاوي.
قلت وهو الصواب.
ويأتي في باب قتال أهل البغي أنه يجزئ دفع الزكاة إلى الخوارج والبغاة نص عليه في الخوارج.
الثانية يجوز للإمام طلب الزكاة من المال الظاهر والباطن على الصحيح من المذهب إن وضعها في أهلها وقال القاضي في الأحكام السلطانية لا نظر له في زكاة المال الباطن إلا أن يبذل له وقال ابن تميم فيما تجب فيه الزكاة.
قال القاضي إذا مر المضارب أو المؤذن له بالمال على عاشر المسلمين أخذ منه الزكاة قال وقيل لا تؤخذ منه حتى يحضر المالك.
الثالثة لو طلبها الإمام لم يجب دفعها إليه وليس له أن يقاتله على ذلك إذا لم يمنع إخراجها بالكلية نص عليه وجزم به بن شهاب وغيره وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وهو من المفردات.
وقيل يجب عليه دفعها إذا طلبها إليه ولا يقاتل لأجله لأنه مختلف فيه جزم به المجد في شرحه قال في الفروع وصححه غير واحد في الخلاف.
قلت صححه في الرعايتين والحاويين.
وقيل لا يجب دفع الباطنة بطلبه قال ابن تميم وجها واحدا.
وقال الشيخ تقي الدين من جوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوزه هنا ومن لم يجوزه إلا على ترك طاعة الله ورسوله لم يجوزه.
الرابعة يجوز للإمام طلب النذر والكفارة على الصحيح من المذهب نص عليه في الكفارة والظهار.
192

وقيل ليس له ذلك وأطلقهما بن تميم وابن حمدان وصاحب الفروع.
الخامسة يجب على الإمام أن يبعث السعاة عند قرب الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر وأطلقه المصنف وقاله في الرعاية الكبرى والوجوب هو المذهب ولم يذكر جماعة هذه المسألة فيؤخذ منه لا يجب.
قال في الفروع ولعله أظهر وفي الرعاية قول يستحب.
ويجعل حول الماشية المحرم لأنه أول السنة وتوقف أحمد ومثله إلى شهر رمضان فإن وجد مالا لم يحل حوله فإن عجل ربه زكاته وإنما وكل ثقة يقبضها ثم يصرفها في مصارفها وله جعل ذلك إلى رب المال إن كان ثقة وإن لم يجد ثقة فقال القاضي يؤخرها إلى العام الثاني وقال الآمدي لرب المال أن يخرجها.
قلت وهو الصواب.
وقال في الكافي إن لم يعجلها فإما أن يوكل أو يؤخرها إلى الحول الثاني.
وإذا قبض الساعي الزكاة فرقها في مكانها وما قاربه فإن فضل شيء حمله.
وله بيع مال الزكاة لحاجة أو مصلحة وصرفه في الأحظ للفقراء أو حاجتهم حتى في أجرة مسكن.
وإن باع لغير حاجة فقال القاضي لا يصح وقيل يصح وقدمه بعضهم وهو بن حمدان في رعايتيه واقتصر المصنف في الكافي على البيع إن خاف تلفه ومال إلى الصحة وكذا جزم بن تميم أنه لا يبيع لغير حاجة لخوف تلف ومؤنة نقل فإن فعل ففي الصحة وجهان أطلقهما في الحاويين والفروع.
قوله (ولا يجوز إخراجها إلا بنية).
هذا بلا نزاع من حيث الجملة فينوي الزكاة أو صدقة الفطر فلو نوى صدقة مطلقة لم يجزه ولو تصدق بجميع ماله كصدقته بغير النصاب من جنسه لأن
193

صرف المال إلى الفقير له جهات فلا تتعين الزكاة إلا بالتعيين وقال القاضي في التعليق إن تصدق بماله المعين أجزأه.
ولو نوى صدقة المال أو الصدقة الواجبة أجزأه على الصحيح من المذهب قال في الرعاية كفى في الأصح وقدمه في الفروع وقال جزم به جماعة وقال وظاهر التعليل المتقدم لا يكفي نية الصدقة الواجبة أو صدقة المال وهو ظاهر ما جزم به جماعة من أنه ينوي الزكاة قال وهذا متجه.
فائدتان
إحداهما لا تعتبر نية الفرض ولا تعيين المال المزكى على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وفي تعليق القاضي في كتاب الطهارة وجه تعتبر نية التعليق إذا اختلف المال مثل شاة عن خمس من الإبل وشاة أخرى عن أربعين من الغنم ودينار عن نصاب تالف ودينار آخر عن نصاب قائم وصاع عن فطرة وصاع آخر عن عشر.
فعلى المذهب لو نوى زكاة عن ماله الغائب فإن كان تالفا فعن الحاضر أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا وإن كانا سالمين أجزأ عن أحدهما ولو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فقال هذه الشاة عن الإبل أو الغنم أجزأته عن إحداهما وكذا لو كان له مال حاضر وغائب وأخرج وقال هذا زكاة مالي الحاضر أو الغائب وإن قال هذا عن مالي الغائب إن كان سالما وإن لم يكن سالما فتطوع فبان سالما أجزأه عنه على الصحيح من المذهب قدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع والقواعد الفقهية وقال أبو بكر لا يجزئه لأنه لم يخلص النية للفرض كمن قال هذه زكاة مالي أو نفل أو هذه زكاة إرثي من مورثي إن كان مات لأنه لم يبن على أصل وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قال المصنف وغيره كقوله ليلة الشك إن كان غدا من رمضان ففرضي
194

وإلا فنفلي وقال المجد كقوله إن كان وقت الظهر دخل فصلاتي هذه عنها وقال جماعة منهم بن تميم لو قال في الصلاة إن كان الوقت دخل ففرض وإلا فنفل فعلى الوجهين.
وقال أبو البقاء فيمن بلغ في الوقت التردد في العبادة يفسدها ولهذا لو صلى أو نوى إن كان الوقت قد دخل فهي فريضة وإن لم يكن دخل فنافلة لم يصح له فرضا ولا نفلا وتقدم في كتاب الزكاة في فوائد وجوب الزكاة في العين أو في الذمة هل يلزمه إخراج زكاة ماله الغائب أم لا.
الثانية الأولى مقارنة النية للدفع ويجوز تقديمها على الدفع بزمن يسير كالصلاة على ما سبق من الخلاف قال المصنف والشارح يجوز تقديم النية على الأدنى بالزمن اليسير كسائر العبادات وقال في الروضة تعتبر النية عند الدفع.
قوله (ولا يجوز إخراجها إلا بنية إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا).
إذا أخذ الإمام الزكاة منه وأخرجها ناويا للزكاة ولم ينوها ربها أجزأت عن ربها على الصحيح من المذهب قال المجد هو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب واختاره القاضي وغيره قال في القواعد هذا أصح الوجهين وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والتلخيص والشرح والحاويين وابن رزين والرعايتين وصححه.
وقال أبو الخطاب لا يجزئه أيضا من غير نية واختاره بن عقيل وصاحب المستوعب والشيخ تقي الدين أيضا في فتاويه قاله الزركشي قال في القواعد الأصولية وهذا أصوب.
وظاهر الفروع الإطلاق فإنه قال أجزأت عند القاضي وغيره وعند أبي الخطاب وابن عقيل لا تجزئ وأطلقهما المجد في شرحه وابن تميم والزركشي وصاحب الفائق.
195

فعلى المذهب الأول تجزئ ظاهرا وباطنا.
وعلى الثاني تجزئ ظاهرا لا باطنا.
فائدة مثل ذلك لو دفعها رب المال إلى مستحقها كرها وقهرا قاله المجد وغيره.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لو دفع زكاته إلى الإمام طائعا ونواها الإمام دون ربها أنها لا تجزئ بل هو كالصريح في كلام المصنف وهو صحيح وهو المذهب.
قال المجد وهو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله وهو اختيار أبي الخطاب وابن عقيل وابن البناء واختاره المصنف والشارح والشيخ تقي الدين في فتاويه وقدمه بن تميم وابن رزين وصاحب الفائق.
وقيل تجزئ اختاره بن حامد والقاضي وغيرهما.
قال في المستوعب وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الفروع أجزأت عند القاضي وغيره وظاهر الفروع الإطلاق كما تقدم.
وأما إذا لم ينوها ربها ولا الإمام فإنها لا تجزئه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال القاضي في موضع من كلامه لا يحتاج الإمام إلى نية منه ولا من رب المال.
قلت فعلى هذا القول يعايى بها.
وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي فعلى المذهب تقع نفلا ويطالب بها.
فائدتان
إحداهما لو غاب المالك أو تعذر الوصول إليه بحبس ونحوه فأخذ الساعي من ماله أجرا ظاهرا وباطنا وجها واحدا لأن له ولاية أخذها إذن ونية المالك متعذرة بما يعذر فيه.
196

الثانية إذا دفع زكاته إلى الإمام ونواها دون الإمام أجزأته لأنه لا تعتبر نية المستحق فكذا نائبه.
تنبيه ظاهر قوله وإن دفعها إلى وكيله اعتبرت النية من الموكل دون الوكيل.
أنه سواء بعد دفع الوكيل أو لا.
واعلم أنها إذا دفعها الوكيل من غير نية فتارة يدفعها بعد زمن يسير وتارة يدفعها بعد زمن طويل فإن دفعها إلى مستحقها بعد زمن يسير أجزأت وإن دفعها بعد زمن طويل من نية الوكيل فظاهر كلام المصنف الإجزاء وهو أحد الوجهين اختاره أبو الخطاب والمجد في شرحه.
قال في الفروع تجزئ عند أبي الخطاب وغيره وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة وقدمه في المذهب والمحرر والنظم والفائق.
وقال القاضي وغيره لا بد من نية الوكيل أيضا والحالة هذه وهو المذهب وجزم به في المغني والتلخيص والمستوعب وابن رزين وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وصححه الشارح وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعاية الكبرى.
فوائد
الأولى لو لم ينو الموكل ونواها الوكيل عند إخراجها لم تجزه وإن نواها الوكيل صح وهو الأفضل بعد ما بينهما أو قرب.
الثانية أفادنا المصنف رحمه الله تعالى جواز التوكيل في دفع الزكاة وهو صحيح لكن يشترط فيه أن يكون ثقة نص عليه وأن يكون مسلما على الصحيح من المذهب قال في الفائق مسلما في أصح الوجهين وقدمه في الفروع ومختصر بن تميم وحكى القاضي في التعليق وجها بجواز توكيل الذمي في
197

إخراجها وجزم به المجد في شرحه ونقله بن تميم عن بعض الأصحاب ولعله عنى شيخه المجد كما لو استناب ذميا في ذبح أضحية جاز على اختلاف الروايتين وقال في الرعاية ويجوز توكيل الذمي في إخراج الزكاة إذا نوى الموكل وكفت نيته وإلا فلا انتهى قلت وهو قوي.
الثالثة لو قال شخص لآخر أخرج عني زكاتي من مالك ففعل أجزأ عن الآمر نص عليه في الكفارة وجزم به جماعة منهم المصنف في الزكاة واقتصر عليه في الفروع قال في الرعاية بعد ذكر النص وألحق الأصحاب بها الزكاة في ذلك.
الرابعة لو وكله في إخراج زكاته ودفع إليه مالا وقال تصدق به ولم ينو الزكاة فأخرجها الوكيل من المال الذي دفعه إليه ونواها زكاة فقيل لا تجزئه لأنه خصه بما يقتضي النفل وقيل تجزئه لأن الزكاة صدقة.
قلت وهو أولى وقد سمى الله الزكاة صدقة.
وأطلقهما في الفروع والرعاية ومختصر بن تميم.
ولو قال تصدق به نفلا أو عن كفارة ثم نوى الزكاة به قبل أن يتصدق أجزأ عنهما لأن دفع وكيله كدفعه فكأنه نوى الزكاة ثم دفع بنفسه قاله المجد في شرحه وعلله بذلك وجزم به في الرعاية ومختصر بن تميم وقدمه في الفروع وقال فظاهر كلام غير المجد لا يجزئ لاعتبارهم النية عند التوكيل.
الخامسة في صحة توكيل المميز في دفع الزكاة وجهان ذكرهما في المذهب ومسبوك الذهب وأطلقهما هو وصاحب الفروع.
قلت الأولى الصحة لأنه أهل للعبادة.
السادسة لو أخرج شخص من ماله زكاة عن حي بغير إذنه لم يصح وإلا صح قال في الرعاية قلت فإن نوى الرجوع بها رجع في قياس المذهب
198

السابعة لو أخرجها من مال من هي عليه بغير إذنه وقلنا يصح تصرف الفضولي موقوفا على الإجازة فأجازه ربه كفته كما لو أذن له وإلا فلا.
قال في الرعاية وقلت إن كان باقيا بيد من أخذه أجزأت عن ربه وإلا فلا لأنه إذن كالدين فلا يجزئ إسقاطه من الزكاة.
الثامنة لو أخرج زكاته من مال غصب لم يجزه مطلقا على الصحيح من المذهب وقيل إن أجازها ربه كفت مخرجها وإلا فلا.
التاسعة قوله ويستحب أن يقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما.
وهذا بلا نزاع زاد بعضهم ويحمد الله على توفيقه لأدائها.
قوله (ويقول الآخذ أجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا).
يعني يستحب له قول ذلك وظاهره سواء كان الآخذ الفقراء أو العامل أو غيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال القاضي في الأحكام السلطانية على العامل إذا أخذ الزكاة أن يدعو
لأهلها وظاهره الوجوب لأن لفظة على ظاهرة في الوجوب.
وأوجب الدعاء له الظاهرية وبعض الشافعية وذكر المجد في قوله على الغاسل ستر ما رآه أنه على الوجوب وذكر القاضي في العمدة وأبو الخطاب في التمهيد في باب الحروف أن على للإيجاب وجزم به بن مفلح في أصوله قال في الرعاية وقيل على العامل أن يقولها.
فائدتان
إحداهما إن علم رب المال وقال ابن تميم إن ظن أن الآخذ أهل
199

لأخذها كره إعلامه بها على الصحيح من المذهب نص عليه وقال لم يبكته يعطيه ويسكت ما حاجته إلى أن يقرعه وقدمه في الفروع والفائق ومختصر بن تميم والقواعد الأصولية وغيرهم.
وذكر بعض الأصحاب أن تركه أفضل.
وقال بعضهم لا يستحب نص عليه قال في الكافي لا يستحب إعلامه وقيل يستحب إعلامه وقال في الروضة لا بد من إعلامه قال ابن تميم وعن أحمد مثله كما لو رآه متجملا هذا إذا علم أن من عادته أخذ الزكاة فأما إن كان من عادته أن لا يأخذ الزكاة فلا بد من إعلامه فإن لم يعلمه لم يجزه قال المجد في شرحه هذا قياس المذهب عندي واقتصر عليه وتابعه في الفروع لأنه لا يقبل زكاة ظاهرا واقتصر عليه بن تميم وقال فيه بعد.
قلت فعلى هذا القول قد يعايى بها.
وقال في الرعاية الكبرى وإن علمه أهلا لها وجهل أنه يأخذها أو علم أنه لا يأخذها لم يجزه قلت بلى انتهى.
الثانية يستحب إظهار إخراج الزكاة مطلقا على الصحيح من المذهب قال في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين يستحب في أصح الوجهين وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا يستحب.
وقيل إن منعها أهل بلده استحب له إظهارها وإلا فلا وأطلقهن بن تميم وقيل إن نفى عنه ظن السوء بإظهاره استحب وإلا فلا اختاره يوسف الجوزي ذكره في الفائق ولم يذكره في الفروع وأطلقهن في الفائق.
قوله (ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة).
هذا المذهب قاله المصنف وغيره وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا المعروف في النقل يعني أنه يحرم وسواء في ذلك نقلها لرحم أو شدة حاجة أو لا نص عليه وقال القاضي في تعليقه وروايتيه وجامعه الصغير وبن
200

البناء يكره نقلها من غير تحريم ونقل بكر بن محمد لا يعجبني ذلك.
وعنه يجوز نقلها إلى الثغر وعلله القاضي بأن مرابطة الغازي بالثغر قد تطول ولا يمكنه المفارقة.
وعنه يجوز نقلها إلى الثغر وغيره مع رجحان الحاجة قال في الفائق وقيل تنقل لمصلحة راجحة كقريب محتاج ونحوه وهو المختار انتهى واختاره الشيخ تقي الدين وقال يقيد ذلك بمسيرة يومين وتحديد المنع من نقل الزكاة بمسافة القصر ليس عليه دليل شرعي وجعل محل ذلك الأقاليم فلا تنقل الزكاة من إقليم إلى إقليم وتنقل إلى نواحي الإقليم وإن كان أكثر من يومين انتهى واختار الآجري جواز نقلها للقرابة.
تنبيه مفهوم كلام المصنف جواز نقلها إلى ما دون مسافة القصر وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه احتمال يعني بالمنع.
قوله (فإن فعل فهل تجزئه على روايتين).
ذكرهما أبو الخطاب ومن بعده يعني إذا قلنا يحرم نقلها وأطلقهما في الهداية وعقود بن البنا والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وشرح المجد وشرح بن منجا والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي وتجريد العناية.
إحداهما تجزئه وهي المذهب جزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وصححه في التصحيح واختاره المصنف وأبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته قال في الفروع اختاره أبو الخطاب والشيخ وغيرهما قال القاضي ظاهر كلام أحمد يقتضي ذلك ولم أجد عنه نصا في هذه المسألة وقدمه بن رزين في شرحه.
201

الرواية الثانية لا تجزئه اختاره الخرقي وابن حامد والقاضي وجماعة قال في الفروع وصححه الناظم وهو ظاهر ما في الإيضاح والعمدة والمحرر والتسهيل وغيرهم لاقتصارهم على عدم الجواز.
قوله (إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه أو كان ببادية فيفرقها في أقرب البلاد إليه).
وهذا عند من لم ير نقلها لأنه كمن عنده المال بالنسبة إلى غيره وأطلق في الروضة.
فوائد
الأولى أجرة نقل الزكاة حيث قلنا به على رب المال كوزن وكيل.
الثانية المسافر بالمال في البلدان يزكيه في الموضع الذي اقامه المال فيه أكثر على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية يوسف بن موسى وجزم به في الفائق وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين والزركشي والفروع وقال نقله الأكثر لتعلق الأطماع به غالبا.
وقال المجد في شرحه وتبعه في الفروع وظاهر نقل محمد بن الحكم تفرقته في بلد الوجوب وغيره من البلدان التي كان بها في الحول وعند القاضي هو كغيره اعتبارا بمكان الوجوب لئلا يفضي إلى تأخير الزكاة وقيل يفرقها حيث حال حوله في أي موضع كان وظاهر المجد في شرحه إطلاق الخلاف.
الثالثة لا يجوز نقل الزكاة لأجل استيعاب الأصناف إذا أوجبناه وتعذر بدون النقل جزم به المجد في شرحه وقدمه في الفروع وقال ويتوجه احتمال يعني بالجواز وما هو ببعيد.
202

قوله (فإن كان في بلد وماله في آخر أخرج زكاة المال في بلده).
يعني في بلد المال وهذا بلا نزاع نص عليه لكن لو كان المال متفرقا زكى كل مال حيث هو.
وإن كان نصابا من السائمة في بلدين فعنه وجهان.
أحدهما تلزمه في كل بلد تعذر ما فيه من المال لئلا ينقل الزكاة إلى غير بلده وقدمه في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الوجه الثاني يجوز إخراجها في أحدهما لئلا يفضي إلى تشقيص زكاة الحيوان قال المجد في شرحه هذا ظاهر
كلام الإمام أحمد.
قلت وهو أولى ويغتفر مثل هذا لأجل الضرر لحصول التشقيص وهو منتف شرعا وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع.
قوله (وفطرته في البلد الذي هو فيه).
وهذا بلا نزاع لكن لو نقلها ففي الإجراء الروايتان المتقدمتان في كلام المصنف نقلا ومذهبا.
فائدتان
إحداهما يؤدي زكاة الفطر عمن يمونه كعبده وولده الصغير وغيرهما في البلد الذي هو فيه قدمه المجد في شرحه ونصره وقال نص عليه قال في الفروع هو ظاهر كلامه وكذا قال في الرعاية الكبرى.
وقيل يؤديه في بلد من لزمه الإخراج عنهم قال في الفروع قدمه بعضهم.
قلت قدمه في الرعاية الكبرى في الفطرة وأطلقهما في الفروع.
الثانية يجوز نقل الكفارة والنذر والوصية المطلقة إلى بلد تقصر فيه الصلاة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححوه وقال في التلخيص وخرج القاضي وجها في الكفارة بالمنع فيخرج في النذر والوصية مثله أما الوصية
203

الفقراء البلد فيتعين صرفها في فقرائه نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم.
فائدة قوله وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل في أفخاذها.
وكذلك البقر وأما الغنم ففي آذانها كما قال المصنف وهذا بلا نزاع لكن قال أبو المعالي بن المنجا الوسم بالحناء أو بالقير أفضل انتهى.
ويأتي متى تملك الزكاة والصدقة في أواخر الباب الذي بعده.
قوله (ويجوز تعجيل الزكاة عن الحول إذا كمل النصاب).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به كالدين ودية الخطأ نقل الجماعة عن الإمام أحمد لا بأس به زاد الأثرم هو مثل الكفارة قبل الحنث والظهار أصله قال في الفروع فظاهره أنهما على حد واحد فيهما الخلاف في الجواز والفضيلة.
فائدتان
إحداهما ترك التعجيل أفضل قال في الفروع هذا ظاهر كلام الأصحاب قال ويتوجه احتمال تعتبر المصلحة.
قلت وهو توجيه حسن وتقدم نقل الأثرم.
الثانية قال في الفروع في كلام القاضي وصاحب المحرر وغيرهما إن النصاب والحول سببان فقدم الإخراج على أحدهما.
قلت صرح بذلك المجد في شرحه.
وقال في المحرر الحول شرط في زكاة الماشية والنقدين وعروض التجارة قال في الفروع وفي كلام الشيخ وغيره أنهما شرطان.
قلت صرح بذلك في المقنع فقال في أول كتاب الزكاة الشرط الثالث ملك نصاب وقال بعد ذلك الخامس مضى الحول شرط وصرح به في
204

المبهج والكافي قال في الفروع وفي كلام بعضهم أنهما سبب وشرط.
قلت وهو أيضا في كلام المجد في شرحه.
وقال في الوجيز وملك النصاب شرط وسكت عن الحول.
تنبيه ظاهر كلام المصنف جواز تعجيل زكاة مال المحجور عليه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وكثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين وقدمه في تجريد العناية.
والوجه الثاني لا يجوز تعجيلها.
قلت وهو الأولى.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير والفائق وابن تميم.
قوله (وفي تعجيلها لأكثر من حول روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر ومنتهى الغاية له والنظم والفائق والزركشي والشارح.
إحداهما يجوز تعجيلها لحولين فقط وهو الصحيح من المذهب صححه بن تميم وصاحب الرعايتين والحاويين والتصحيح وقدمه في الفروع ومال إليه في الشرح.
والرواية الثانية لا يجوز لأكثر من حول لأن الحول الثاني لم ينعقد جزم به في الوجيز والمنور والتسهيل قال في الإفادات والمنتخب ويجوز لحول وصححه في الخلاصة والبلغة وتصحيح المحرر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وابن رزين في شرحه وابن تميم.
فعلى المذهب لا يجوز تعجيلها لثلاثة أعوام فأكثر قال ابن عقيل في
205

الفصول لا تختلف الرواية فيه اقتصارا على ما ورد قال ابن تميم وصاحب الفائق رواية واحدة وجزم به في الشرح وقدمه في الفروع.
وعنه يجوز التعجيل لثلاثة أعوام فأكثر وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر كلام المصنف هنا وهو تابع لصاحب الهداية والمستوعب فيهما وهكذا في التلخيص.
لكن وجد في بعض نسخ المقنع وفي تعجيلها لحولين روايتان والنسخة الأولى مقروءة على المصنف.
قال صاحب التبصرة يجوز أعواما نقله عنه بن تميم.
وقال في الروضة يجوز لأعوام نقله عنه في الفائق وقال في الرعاية وقيل أو عن ثلاثة أحوال أو عن أكثر.
فائدة إذا قلنا يجوز التعجيل لعامين فعجل عن أربعين شاة شاتين من غيرها جاز ومنها لا يجوز عنهما وينقطع
الحول وكذا لو عجل شاة واحدة عن الحول الثاني وحده لأن ما عجله منه للحول الثاني زال ملكه عنه ولو قلنا يرتجع ما عجله لأنه تحديد ملك فإن ملك شاة استأنف الحول من الكمال.
وقيل إن عجل شاة من الأربعين أجزأ عن الحول الأول إن قلنا يرجع وإن عجل واحدة من الأربعين وأخرى من غيرها جاز على الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه وابن حمدان في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع وابن تميم.
وقال المصنف والشارح وإن أخرج شاة منه وشاة من غيره أجزأ عن الحول الأول ولم يجزئ عن الثاني لأن النصاب نقص وإن تكمل به ذلك صار إخراج زكاته وتعجيله لها قبل كمال نصابها.
قوله (فإن عجلها عن النصاب وما يستفيده أجزأ عن النصاب دون الزيادة).
206

وكذا لو عجل زكاة نصابين من ملك نصابا وهذا المذهب فيهما نص عليه.
وعنه تجزئ عن الزيادة أيضا لوجوب سببها في الجملة حكاها بن عقيل.
قال في الفروع ويتوجه من هذه الرواية احتمال تخريج بضمه إلى الأصل في حول الوجوب وكذا في التعجيل ولهذا اختار في الانتصار تجزئ عن المستفاد من النصاب فقط وقيل به إن لم يبلغ المستفاد نصابا لأنه يتبعه في الوجوب والحول كموجود فإذا بلغه استقبل بالوجوب في الجملة لو لم يوجد الأصل وأطلقهما في الفائق وأطلقهما في الرعاية الصغرى في الثانية.
وقيل يجزئ عن النماء إن ظهر وإلا فلا ذكره في الرعايتين.
وقال في القاعدة العشرين لو عجل الزكاة عن نماء النصاب قبل وجوده فهل يجزئه فيه ثلاثة أوجه ثالثها يفرق بين أن يكون النماء نصابا فلا يجوز وبين أن يكون دونه فيجوز قال ويتخرج وجه رابع بالفرق بين أن يكون النماء نتاج ماشية أو ربح تجارة فيجوز في الأول دون الثاني.
فوائد
إحداها لو عجل عن خمس عشرة من الإبل وعن نتاجها بنت مخاض فنتجت مثلها فالصحيح من المذهب أنها لا تجزئه ويلزمه بنت مخاض قال في الفروع هذا الأشهر وقيل يجزئه وأطلقهما بن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى فعلى المذهب هل له أن يرتجع للمعجلة على وجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى وابن تميم.
قلت الأولى جواز الارتجاع.
فإن جاز الارتجاع فأخذها ثم دفعها إلى الفقير جاز وإن اعتد بها قبل أخذها لم يجز لأنها على ملك الفقير.
الثانية لو عجل مسنة عن ثلاثين بقرة ونتاجها فنتجت عشرا فالصحيح من المذهب أنها لا تجزئه عن الجميع بل عن الثلاثين قال في الفروع هذا
207

الأشهر وقيل تجزئه عن الجميع وأطلقهما بن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى فعلى المذهب ليس له ارتجاعها ويخرج للعشر ربع مسنة وعلى قول بن حامد يخير بين ذلك وبين ارتجاع المسنة ويخرجها أو غيرها عن الجميع.
الثالثة لو عجل عن أربعين شاة شاة ثم أبدلها بمثلها أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت الأمات أجزأ المعجل عن البدل والسخال لأنها تجزئ مع بقاء الأمات عن الكل فعن أحدهما أولى وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والرعايتين وابن تميم وقال قطع به بعض أصحابنا وذكر أبو الفرج بن أبي الفهم وجها لا تجزئ لأن التعجيل كان لغيرها وأطلقهما في الحاويين.
فعلى المذهب لو عجل شاة عن مائة شاة أو تبيعا عن ثلاثين بقرة ثم نتجت الأمات مثلها وماتت أجزأ المعجل عن النتاج لأنه يتبع في الحول وهذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل لا يجزئ لأنه لا يجزئ مع بقاء الأمات وأطلقهما في الرعاية الكبرى وابن تميم وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح.
فعلى الأول لو نتجت نصف الشياه مثلها ثم ماتت أمات الأولاد أجزأ المعجل عنها.
وعلى الثاني يجب مثله جزم به المصنف والشارح لأنه نصاب لم يزكه وقدمه في الفروع وجزم المجد في شرحه بنصف شاة لأنه قسط السخال من واجب المجموع ولم يصح التعجيل عنها وقال أبو الفرج لا يجب شيء قال ابن تميم وهو الأشبه بالمذهب وأطلقهن في الرعاية الكبرى ومختصر بن تميم.
ولو نتجت نصف البقر مثلها ثم ماتت الأمات أجزأ المعجل على الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى ومختصر بن تميم لأن الزكاة وجبت في العجول تبعا وجزم المجد في شرحه على الثاني بنصف تبيع بقدر قيمتها قسطها من الواجب.
208

الرابعة لو عجل عن أحد نصابيه وتلف لم يصرفه إلى الآخر كما لو عجل شاة عن خمس من الإبل فتلفت وله أربعون شاة لم يجزه عنها وهذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال القاضي في تخريجه من له ذهب وفضة وعروض فعجل عن جنس منها ثم تلف صرفه إلى الآخر وهو من المفردات.
الخامسة لو كان له ألف درهم وقلنا يجوز التعجيل لعامين وعن الزيادة قبل حصولها فعجل خمسين وقال إن ربحت ألفا قبل الحول فهي عنها وإلا كانت للحول الثاني جاز.
السادسة لو عجل عن ألف يظنها له فبانت خمسمائة أجزأ عن عامين.
قوله (وإن عجل عشر الثمرة قبل طلوع الطلع والحصرم لم يجزه).
وكذا لو عجل عشر الزرع قبل ظهوره والماشية قبل سومها وهذا المذهب في ذلك كله وعليه أكثر الأصحاب وقيل يجوز بعد ملك الشجر ووضع البذر في الأرض لأنه لم يبق للوجوب إلا مضي الوقت عادة كالنصاب الحولي وأطلقهما في المحرر ونقل بن منصور وصالح للمالك أن يحتسب في العشر بما زاد عليه الساعي لسنة أخرى.
تنبيه مفهوم قوله قبل طلوع الطلع والحصرم جواز التعجيل بعد طلوع ذلك وظهوره وهو صحيح وهو المذهب لأن ظهور ذلك كالنصاب والإدراك كالحول جزم به في المستوعب والوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الهداية
والمذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة وقدمه في الفروع والفائق ومختصر بن تميم.
وقيل لا يجوز حتى يشتد الحب ويبدو صلاح الثمرة لأنه السبب جزم
209

به في المبهج وتذكرة بن عبدوس وقدمه بن رزين واختاره أبو الخطاب في الانتصار والمجد في شرحه وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين.
وقال في الرعاية الكبرى قلت وكذا يخرج الخلاف إن أسامها دون أكثر السنة.
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع لا يجوز تعجيل العشر لأنه يجب بسبب واحد وهو بدو الصلاح وجوزه أبو الخطاب إذا ظهرت الثمرة وطلع الزرع انتهى.
فائدة لا يصح تعجيل زكاة المعدن والركاز بحال بسبب أن وجوبها يلازم وجودها ذكره في الكافي وغيره.
قوله (وإن عجل زكاة النصاب فتم الحول وهو ناقص قدر ما عجله جاز).
وكان حكم ما عجله كالموجود في ملكه يتم به النصاب لأنه كموجود في ملكه وقت الحول في إجزائه عن ماله وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال أبو حكيم لا يجزئ ويكون نفلا ويكون كتالف.
فعلى المذهب لو ملك مائة وعشرين شاة فعجل شاة ثم نتجت قبل الحول واحدة لزمه شاة ثانية وعلى الثاني لا يلزمه.
قوله (وإن عجل زكاة المائتين فنتجت عند الحول سخلة لزمته شاة ثالثة).
بناء على المذهب في المسألة التي قبلها وعلى قول أبي حكيم لا يلزمه.
ومن فوائد الخلاف أيضا لو عجل عن ثلاثمائة درهم خمس دراهم ثم حال الحول لزمه زكاة مائة درهمان ونصف ونقله مهنا.
وعلى الثاني يلزمه زكاة خمس وتسعين درهما.
210

وقال المجد في شرحه وتبعه في الفروع على الثاني يلزمه زكاة اثنين وتسعين ونصف درهم.
وهذا والله أعلم سهو لأن الباقي في ملكه بعد إخراج الخمسة المعجلة مائتان وخمسة وتسعون فالخمسة المخرجة أجزأت عن مائتين وهي كالتالفة على قول أبي حكيم فلا تجب فيها زكاة وإنما الزكاة على الباقي وهي خمسة وتسعون.
ومن فوائد الخلاف أيضا لو عجل عن ألف خمسا وعشرين منها ثم ربحت خمسة وعشرين لزمه زكاتها على المذهب وعلى الثاني لا يلزمه شيء.
ومنها لو تغير بالمعجل قدر الفرض قدر كذلك على المذهب وعلى الثاني لا.
فائدتان
إحداهما لو نتج المال ما يتغير به الفرض كما لو عجل تبيعا عن ثلاثين من البقر فنتجت عشر ففيه وجهان.
أحدهما لا يجزئه المعجل عن شيء قدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني يجزئه عما عجله ويلزمه للنتاج ربع مسنة وأطلقهما في الفروع ومختصر بن تميم.
فعلى الأول هل له ارتجاع المعجل على وجهين وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى ومختصر بن تميم.
قلت إن كان المعجل موجودا ساغ ارتجاعه.
الثانية لو أخذ الساعي فوق حقه من رب المال اعتد بالزيادة من سنة ثانية نص عليه وقال الإمام أحمد أيضا يحسب ما أهداه للعامل من الزكاة أيضا وعنه لا يعتد بذلك.
وجمع المصنف بين الروايتين فقال إن نوى المالك التعجيل اعتد به وإلا فلا وحملها على ذلك وحمل المجد رواية الجواز على أن الساعي أخذ الزيادة بنية الزكاة إذا نوى التعجيل قال وإن علم أنها ليست عليه وأخذها لم يعتد بها.
211

على الأصح لأنه أخذها غصبا قال ولنا رواية أن من ظلم في خراجه يحتسبه من العشر أو من خراج آخر فهذا أولى ونقل عنه حرب في أرض صلح يأخذ السلطان منها نصف الغلة ليس له ذلك قيل له فيزكى المالك عما بقي في يده قال يجزئ ما أخذه السلطان من الزكاة يعني إذا نوى به المالك.
وقال ابن عقيل وغيره إن زاد في الخرص هل يحتسب بالزيادة من الزكاة فيه روايتان قال وحمل القاضي المسألة على أنه يحتسب بنية المالك وقت الأخذ وإلا لم يجزه.
وقال الشيخ تقي الدين ما أخذه باسم الزكاة ولو فوق الواجب بلا تأويل اعتد به وإلا فلا.
وقال في الرعاية يعتد بما أخذه وعنه بوجه سائغ وكذا ذكره بن تميم في آخر فصل شراء الذمي لأرض عشرية وقدم أنه لا يعتد به.
قوله (وإن عجلها فدفعها إلى مستحقها فمات أو ارتد أو استغنى).
يعني من دفعت إليه من هؤلاء أجزأت عنه وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا يجزئه وهو وجه ذكره بن عقيل.
تنبيه مراده بقوله وإن دفعها إلى غني فافتقر عند الوجوب لم تجزه إذا علم أنه غنى جاز الدفع إليه بلا نزاع وأما إذا دفعها إليه ظانا أنه فقير وهو في الباطن غني فيأتي كلام المصنف في آخر الباب الذي بعده عند قوله وإن دفعها إلى من لا يستحقها وهو لا يعلم ثم علم.
فائدة أفادنا المصنف رحمه الله بقوله وإن عجلها ثم هلك المال قبل الحول لم يرجع على المساكين أن الزكاة إذا عجلها ثم هلك المال قبل الحول أنه لا زكاة عليه وهو صحيح لأنا تبينا أن المخرج غير زكاة وكذا الحكم
212

لو ارتد المالك أو نقص النصاب وكذا لو مات المالك على الصحيح من المذهب.
وقيل إن مات بعد أن عجل وقعت الموقع وأجزأت عن الوارث.
قوله (لم يرجع على المساكين).
اعلم أنه إذا بان أن المخرج غير زكاته فالصحيح أنه لا يملك الرجوع فيما أخرجه مطلقا اختاره أبو بكر وغيره قال القاضي وغيره هذا المذهب لوقوعه نفلا بدليل ملك الفقير لها قال المجد هذا ظاهر المذهب قال في الرعاية لم يرجع في الأصح.
وقيل يملك الرجوع فيه قال القاضي في الخلاف أومأ إليه في رواية مهنا فيمن دفع إلى رجل زكاة ماله ثم علم غناه يأخذها منه اختاره بن حامد وابن شهاب وأبو الخطاب قاله في الفروع وقال غير واحد منهم بن تميم على هذا القول إن كان الدافع ولي رب المال رجع مطلقا وإن كان رب المال ودفع إلى الساعي مطلقا رجع فيها ما لم يدفعها إلى الفقير وإن دفعها إليه فهو كما لو دفعها رب المال قال في الفروع وجزم غير أحد عن بن حامد إن كان الدافع لها الساعي رجع مطلقا.
قلت منهم المصنف هنا.
وأطلق الوجهين في أصل المسألة في الفروع وأكثر الأصحاب على أن الخلاف وجهان وحكاه أبو الحسين روايتين وحكى في الوسيلة أن ملكه للرجوع رواية وتقدم قول القاضي فيه.
فائدة لو أعلم رب المال الساعي أن هذه زكاة معجلة ودفعها الساعي إلى الفقير رجع عليه أعلمه الساعي بذلك أو لم يعلمه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ومختصر بن تميم واختاره أبو بكر وغيره.
وقيل لا يرجع عليه إذا لم يعلمه اختاره بن حامد كما قال المصنف وغيره وهي داخلة في كلام المصنف.
213

وإن دفعها رب المال إلى الفقير وأعلمه أنها زكاة معجلة رجع عليه وإلا فلا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر ما اختاره بن حامد هنا وقيل يرجع وإن لم يعلمه.
وإن علم الفقير أنها زكاة معجلة رجع عليه وإلا فلا قال ابن تميم جزم به بعضهم وقال وإن لم يعلم فأوجه الثالث يرجع إن أعلمه وإلا فلا وظاهر كلام المصنف هنا أنه لا يرجع عليه مطلقا على المقدم عنده وقال في الفروع وقيل في الولي أوجه الثالث يرجع إن أعلمه قال وكذا من دفع إلى الساعي وقيل يرجع إن أعلمه وكانت بيده.
فائدة متى كان رب المال صادقا فله الرجوع باطنا أعلمه بالتعجيل أو لا لا ظاهرا مع إطلاق أنه خلاف الظاهر.
وإن اختلفا في ذكر التعجيل صدق الآخذ عملا بالأصل ويحلف له على الصحيح من المذهب وجزم به المصنف في المغني والمجد في شرحه والشارح وغيرهم.
وقيل لا يحلف وأطلقهما بن تميم وابن حمدان.
وحيث قلنا له الرجوع ورجع فإن كانت العين باقية أخذها بزيادتها المتصلة لا المنفصلة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
قال في القاعدة الثانية والثمانين وهو الأظهر لحدوثها في ملك الفقير كنظائره وأشار أبو المعالي إلى تردد الأمر بين الزكاة والفرض فإذا تبينا أنها ليست بزكاة بقي كونها فرضا.
وقيل يرجع بالمنفصلة أيضا كرجوع بائع المفلس المسترد عين ماله بها ذكره القاضي قال في القواعد اختاره القاضي في خلافه.
وإن نقصت عنده ضمن نقصها كجملتها وأبعاضها كمبيع ومهر وهذا المذهب جزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
214

وقيل لا يضمن وهو ظاهر ما قدمه بن تميم قال وأطلق بعضهم الوجهين يعني في ضمان النقص ولو كان جزءا منها.
وإن كانت تالفة ضمن مثلها أو قيمتها يوم التعجيل قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم من الأصحاب.
قال في الفروع والمراد ما قاله صاحب المحرر يوم التلف على صفتها يوم التعجيل لأن ما زاد بعد القبض حدث في ملك الفقير ولا يضمنه وما نقص يضمنه انتهى.
وأما بن تميم فقال ضمنها يوم التعجيل.
وقال شيخنا يعني به المجد يوم التلف على صفتها يوم التعجيل.
فصاحب الفروع فسر مراد الأصحاب بما قاله المجد وابن تميم جعله قولا ثانيا في المسألة وتفسير صاحب الفروع أولى وأقعد.
وقال في الرعاية ويغرم نقصها يوم ردها أو قيمتها إن تلفت أو مثلها يوم عجلت وقيل بل يوم التلف فصفتها يوم عجلت.
وقيل يضمن المثلى بمثله وغيره بقيمته يوم عجل ولا يضمن نقصه.
فوائد
منها لو استسلف الساعي الزكاة فتلفت في يده من غير تفريط لم يضمنها وكانت من ضمان الفقراء سواء سأله الفقراء ذلك أو رب المال أو لم يسأله أحد هذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعايتين.
وقيل إن تلفت بيد الساعي ضمنت من مال الزكاة قدمه بن تميم وجزم به في الحاويين وقيل لا وذكر بن حامد أن الإمام يدفع إلى الفقير عوضها من مال الصدقات.
ومنها لو تعمد المالك إتلاف النصاب أو بعضه بعد التعجيل غير قاصد الفرار منها فحكمه حكم التالف بغير فعله في الرجوع على الصحيح من المذهب كما لو سأله الفقراء قبضها أو قبضها لحاجة صغارهم وكما بعد الوجوب وقيل لا يرجع.
215

وقيل لا يرجع فيما إذا أتلفت دون الزكاة للتهمة وقال في الرعاية وهل إتلافه ماله عمدا بعد التعجيل كتلفه لآفة سماوية أو كإتلاف أجنبي يحتمل وجهين انتهى.
ومنها لو أخرج زكاته فتلفت قبل أن يقبضها الفقير لزمه بدلها.
ومنها يشترط لملك الفقير لها وإجزائها عن ربها قبضه فلا يجزئ غداء الفقراء ولا عشاؤهم جزم به بن تميم وغيره.
ولا يصح تصرف الفقير فيها قبل قبضها على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وخرج المجد في المعينة المقبولة كالمقبوضة كالهبة وصدقة التطوع والرهن قال والأول أصح انتهى وقال في الرعايتين والحاويين وإن عين زكاته فقبلها الفقير فتلفت قبل قبضه لم يجزه في أصح الوجهين.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين في الزكاة والصدقة والفرض وغيرها طريقان.
أحدهما لا يملك إلا بالقبض رواية واحدة وهي طريقة القاضي في المجرد والشيرازي في المبهج ونص عليه في مواضع.
والطريق الثاني لا يملك في المبهم بدون القبض وفي المعين يملك بالعقد وهي طريقة القاضي في خلافه وابن عقيل في مفرداته والحلواني وابنه إلا أنهما حكيا في المعين روايتين كالهبة انتهى.
فإذا قلنا تملك بمجرد القبول فهل يجوز بيعها.
قال في القاعدة الثانية والخمسين نص أحمد على جواز التوكيل قال وهو نوع تصرف فقياسه سائر التصرفات وتكون حينئذ كالهبة المملوكة بالعقد.
ولو قال الفقير لرب المال اشتر لي بها ثوبا ولم يقبضها منه لم يجزه ولو اشتراه كان للمالك ولو تلف كان من ضمانه هذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه تخريج من إذنه لغريمه في الصدقة بدينه عنه أو صرفه أو المضاربة به.
216

قلت والنفس تميل إلى ذلك.
ويأتي في الباب الذي بعده إذا أبرأ الغريم غريمه أو أحال الفقير بالزكاة هل تسقط الزكاة عنه عند قوله ويجوز دفع الزكاة إلى مكاتبه وإلى غريمه.
باب ذكر أهل الزكاة
قوله (وهم ثمانية أصناف الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم والثاني المساكين وهم الذين يجدون معظم الكفاية).
الصحيح من المذهب أن الفقير أسوأ حالا من المسكين وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه عكسه اختاره ثعلب اللغوي وهو من الأصحاب وصاحب الفائق وقال الشيخ تقي الدين الفقر والمسكنة صفتان لموصوف واحد.
تنبيهات
أحدها قول المصنف عن المساكين هم الذين لا يجدون معظم الكفاية وكذا قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والهادي والمنور والمنتخب وقال في المحرر والرعاية الصغرى والإفادات والحاويين والوجيز والفائق وجماعة هم الذين لهم أكثر الكفاية وقال الناظم هم الذين يجدون جل الكفاية وقال في الكافي هم الذين لهم ما يقع موقعا من كفايتهم وقال في المبهج والإيضاح والعمدة هم الذين لهم ما يقع موقعا من كفايتهم ولا يجدون تمام الكفاية وهو مراده في الكافي.
وقال ابن عقيل في التذكرة وصاحب الخلاصة والبلغة وإدراك الغاية هم الذين يقدرون على بعض كفايتهم وقال ابن رزين المسكين من لم يجد أكثر كفايته فلعله من يجد بإسقاط لم أو أراد نصف الكفاية فقط.
217

وقال في الرعاية الكبرى هم الذين لهم أكثر كفايتهم وهو معظمها أو ما يقع موقعا منها كنصفها وقال ابن تميم وصاحب الفروع والمسكين من وجد أكثرها أو نصفها.
فتلخص من عباراتهم أن المسكين من يجد معظم الكفاية ومعناه والله أعلم أكثرها وكذا جلها وقد فسر في الرعاية أكثرها بمعظمها لكن أعظمها وجلها في النظر أخص من أكثرها فإنه يطلق على أكثر من النصف ولو بيسير بخلاف جلها وقريب منه معظمها وفي عباراتهم من يقدر على بعضها ونصفها فيمكن حمل من ذكر بعضها على نصفها ويحتمل أن يكون أقل من النصف وأنها أقوال.
وأما الفقراء فهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم أو لا يجدون شيئا البتة وقال في المبهج والإيضاح هم الذين لا صنعة لهم والمساكين هم الذين لهم صنعة ولا مغنم بهم وقال الخرقي الفقراء الزمنى والمكافيف ولعلهم أرادوا في الغالب وإلا حيث وجد من ليس معه شيء أو معه ولكن لا يقع موقعا من كفايتهم فهو فقير وإن كان له صنعة أو غير زمن ولا ضرير.
الثاني قوله وهم ثمانية أصناف حصر من يستحق الزكاة في هذه الأصناف الثمانية وهو حصر المبتدأ في الخبر فلا يجوز لغيرهم الأخذ منها مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه انتهى وهو الصواب.
فائدة لو قدر على الكسب ولكن أراد الاشتغال بالعبادة لم يعط من الزكاة قولا واحدا.
218

قلت والاشتغال بالكسب والحالة هذه أفضل من العبادات.
ولو أراد الاشتغال بالعلم وهو قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما فقال في التلخيص لا أعلم لأصحابنا فيها قولا والذي أراه جواز الدفع إليه انتهى.
قلت الجواز قطع به الناظم وابن تميم وابن حمدان في رعايته وقدمه في الفروع.
وقيل لا يعطى إلا إذا كان الاشتغال بالعلم يلزمه.
الثالث شمل قوله الفقراء والمساكين الذكر والأنثى والكبير والصغير وهو صحيح فالذكر والأنثى الكبير لا خلاف في جواز الدفع إليه والصحيح من المذهب جواز إعطاء الصغير مطلقا وعليه معظم الأصحاب.
وعنه يشترط فيه أن يأكل الطعام ذكرها المجد ونقلها صالح وغيره وهي قول في الرعايتين والحاويين.
قال في المستوعب وقال القاضي لا يجوز دفعها إلى صبي لم يأكل الطعام وقدمه ناظم المفردات ذكره في باب الظهار وهو من المفردات.
وحيث جاز الأخذ فإنها تصرف في أجرة رضاعته وكسوته وما لا بد منه.
إذا علمت ذلك فالذي يقبل ويقبض له الزكاة والهبة والكفارة من يلي ماله وهو وليه من أب ووصي وحاكم وأمينه ووكيل الولي الأمين.
قال ابن منصور قلت لأحمد قال سفيان لا يقبض للصبي إلا الأب أو وصي أو قاض قال أحمد جيد.
وقيل له في رواية صالح قبضت الأم وأبوه حاضر فقال لا أعرف للأم قبضا ولا يكون إلا الأب.
قال في الفروع ولم أجد عن أحمد تصريحا بأنه لا يصح قبض غير الولي مع عدمه مع أنه المشهور في المذهب
.
219

وذكر الشيخ يعني به المصنف أنه لا يعلم فيه خلافا ثم ذكر أنه يحتمل أنه يصح قبض من يليه من أم أو قريب وغيرهما عند عدم الولي لأن حفظه من الضياع والهلاك أولى من مراعاة الولاية انتهى.
وذكر المجد أن هذا منصوص أحمد.
نقل هارون الحمال في الصغار يعطى أولياؤهم فقلت ليس لهم ولي قال يعطى من يعنى بأمرهم ونقل منها في الصبي والمجنون يقبض له وليه قلت ليس له ولي قال يعطى الذي يقوم عليه.
وذكر المجد نصا ثالثا بصحة القبض مطلقا قال بكر بن محمد يعطى من الزكاة الصبي الصغير قال نعم يعطى أباه أو من يقوم بشأنه.
وذكر في الرعاية هذه الرواية ثم قال قلت إن تعذر وإلا فلا.
فائدة يصح من المميز قبض الزكاة والهبة والكفارة ونحوها قدمه المجد في شرحه وقال على ظاهر كلامه قال المروذي قلت لأحمد يعطى غلاما يتيما من الزكاة قال نعم يدفعها إلى الغلام قلت فإني أخاف أن يضيعه قال يدفعه إلى من يقوم بأمره وهذا اختيار المصنف والحارثي.
قال في الفروع والمميز كغيره وعنه ليس أهلا لقبض ذلك.
قال المجد في شرحه ظاهر كلام أصحابنا المنع من ذلك وأنه لا يصح قبضه بحال قال وقد صرح به القاضي في تعليقه في كتاب المكاتب قال وهو ظاهر كلام أحمد في رواية صالح وابن منصور انتهى.
قال في القواعد الأصولية في المسألة روايتان أشهرهما ليس هو أهلا نص عليه في رواية بن منصور وعليه معظم الأصحاب وأبدى في المغني احتمالا أن صحة قبضه تقف على إذن الولي دون القبول.
220

قوله (ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني وإن كثرت قيمته).
وهذا بلا نزاع أعلمه قال الإمام أحمد إذا كان له عقار أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تقيمه يعني لا تكفيه يأخذ من الزكاة وقيل له يكون له الزرع القائم وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة قال نعم يأخذ.
قال الشيخ تقي الدين وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته.
تنبيه تقدم في أول زكاة الفطر عند قوله إذا فضل عن قوته وقوت عياله لو كان عنده كتب ونحوها يحتاجها هل يجوز له أخذ الزكاة أم لا.
قوله (وإن كان من الأثمان فكذلك في إحدى الروايتين).
نقلها مهنا واختارها بن شهاب العكبري وأبو الخطاب والمجد وصاحب الحاوي وغيرهم.
قال ابن منجا في شرحه هي الصحيحة من الروايتين عند المصنف وأبي الخطاب ولم أجد ذلك صريحا في كتب المصنف وقدمه في الفروع والمحرر والفائق وإدراك الغاية وصححه في مسبوك الذهب وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
والرواية الأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني فلا يجوز الأخذ لمن ملكها وإن كان محتاجا ويأخذها من لم يملكها وإن لم يكن محتاجا وهذه الرواية عليها جماهير الأصحاب وهي المذهب عندهم.
قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب حتى إن عامة متقدميهم لم يحكوا خلافا قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب قال ابن شهاب اختارها أصحابنا ولا وجه له في المعنى وإنما ذهب إليه أحمد لخبر بن مسعود ولعله لما بان له
221

ضعفه رجع عنه أو قال ذلك لقوم بأعيانهم كانوا يتجرون بالخمسين فتقوم بكفايتهم وأجاب غيره بضعف الخبر وحمله المصنف وغيره على المسألة فتحرم المسألة ولا يحرم الأخذ وحمله المجد على أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين.
وممن اختار هذه الرواية الخرقي وابن أبي موسى والقاضي وابن عقيل فقطعوا بذلك ونصره في المغني وقال هذا الظاهر من مذهبه قال في الهادي هذا المشهور من الروايتين وهي من المفردات وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين وابن رزين وغيرهم ونقلها الجماعة عن أحمد.
قلت نقلها الأثرم وابن منصور وإسحاق بن إبراهيم وأحمد بن هاشم الأنطاكي وأحمد بن الحسن وبشر بن موسى وبكر بن محمد وأبو جعفر بن الحكم وجعفر بن محمد وحنبل وحرب والحسن بن محمد وأبو حامد بن أبي حسان وحمدان بن الوراق وأبو طالب وابناه صالح وعبد الله والمروذي والميموني ومحمد بن داود ومحمد بن موسى ومحمد بن يحيى وأبو محمد مسعود ويوسف بن موسى والفضل بن زياد وأطلقهما في المذهب والمستوعب والكافي والشرح.
وعنه الخمسون تمنع المسألة لا الأخذ ذكرها أبو الخطاب وتقدم أن المصنف حمل الخبر على ذلك وأطلقهما في التلخيص.
ونص الإمام أحمد فيمن معه خمسمائة وعليه ألف لا يأخذ من الزكاة وحمل على أنه مؤجل أو على ما نقله الجماعة.
تنبيه قوله في الرواية الثانية أو قيمتها من الذهب هل يعتبر الذهب بقيمة الوقت لأن الشرع لم يحده أو يقدر بخمسة دنانير لتعلقها بالزكاة فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والمجد في شرحه وقال ذكرهما القاضي فيما وجدته بخطه على تعليقه واختار في الأحكام السلطانية الوجه الثاني.
222

قلت ظاهر كلام المصنف وغيره الأول وهو الصواب.
ويأتي في الباب قدر ما يأخذ الفقير والمسكين وغيرهما ويأتي بعده إذا كان له عيال.
فائدة من أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يحرم السؤال لا الأخذ على من له قوت يوم غداء وعشاء قال ابن عقيل اختاره جماعة وعنه يحرم ذلك على من له قوت يوم غداء وعشاء ذكر هذه الرواية الخلال وذكر بن الجوزي في المنهاج إن علم أنه يجد من يسأله كل يوم لم يجز أن يسأل أكثر من قوت يوم وليلة وإن خاف أن لا يجد من يعطيه أو خاف أن يعجز عن السؤال أبيح له السؤال أكثر من ذلك وأما سؤال الشيء اليسير كشسع النعل أو الحذاء فهل هو كغيره في المنع أو يرخص فيه
فيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت الأولى الرخصة في ذلك لأن العادة جارية به.
فائدتان
إحداهما قوله والعاملون عليها وهم الجباة لها والحافظون لها.
العامل على الزكاة هو الجابي لها والحافظ لها والكاتب والقاسم والحاشر والكيال والوزان والعداد والساعي والراعي والسائق والحمال والجمال ومن يحتاج إليه فيها غير قاض ووال.
وقيل لأحمد في رواية المروذي الكتبة من العاملين قال ما سمعت.
الثانية أجرة كيل الزكاة ووزنها ومؤنة دفعها على المالك وقد تقدم التنبيه على ذلك.
قوله (ويشترط أن يكون العامل مسلما أمينا من غير ذوي القربى).
يشترط أن يكون العامل مسلما على الصحيح من المذهب اختاره القاضي
223

قاله في الهداية قال الزركشي وأظنه في المجرد والمصنف والمجد والناظم ونصره الشارح وقدمه المصنف هنا وصاحب المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والإفادات والمنور والمنتخب.
وقال القاضي لا يشترط إسلامه اختاره في التعليق والجامع الصغير وهي رواية عن الإمام أحمد واختارها أكثر الأصحاب قال المجد في شرحه وتبعه في الفروع اختاره الأكثر وجزم به الخرقي وصاحب الفصول والتذكرة والمبهج والعقود لابن البنا وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة وشرح بن رزين وإدراك الغاية ونظم المفردات وهو منها.
وظاهر الفروع الإطلاق فإنه قال يشترط إسلامه في رواية وعنه لا يشترط إسلامه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني والتلخيص والبلغة وشرح المجد وابن تميم والزركشي وقال في الرعاية وفي الكافي وقيل وفي الذمي روايتان وقال القاضي في الأحكام السلطانية يجوز أن يكون الكافر عاملا في زكاة خاصة عرف قدرها وإلا فلا.
فائدتان
إحداهما بنى بعض الأصحاب الخلاف هنا على ما يأخذه العامل فإن قلنا ما يأخذه أجرة لم يشترط إسلامه وإن قلنا هو زكاة اشترط إسلامه ويأتي في كلام المصنف أن ما يأخذه العامل أجرة في المنصوص.
الثانية قال الأصحاب إذا عمل الإمام أو نائبه على الزكاة لم يكن له أخذ منها لأنه يأخذ رزقه من بيت المال قال ابن تميم ونقل صالح عن أبيه العامل هو السلطان الذي جعل الله له الثمن في كتابه ونقل عبد الله نحوه قال في الفروع كذا ذكر ومراد أحمد إذا لم يأخذ من بيت المال شيئا فلا اختلاف أو أنه على ظاهره انتهى.
224

قلت فيعايى بها.
ويأتي نظيرها في رد الآبق في آخر الجعالة.
واما اشتراط كون العامل من غير ذوي القربى فهو أحد الوجهين وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة قدمه المصنف هنا وقدمه بن تميم والشارح والناظم قال في الفروع هذا الأظهر وجزم به في الوجيز وغيره واختاره المصنف والمجد والشارح والناظم قال في الفروع هذا الأظهر وقال القاضي لا يشترط كونه من غير ذوي القربى وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي هذا المشهور والمختار لجمهور الأصحاب قال في المغني هو قول أكثر أصحابنا قال الشارح وقال أصحابنا لا يشترط قال المجد في شرحه هذا ظاهر المذهب قال في الفروع هذا الأشهر قال في تجريد العناية هذا الأظهر وجزم به في الهداية وعقود بن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والخلاصة والإفادات وإدراك الغاية وابن رزين لعدم ذكرهم له في الشروط وقدمه في الرعايتين والحاويين ونظم المفردات وهو منها وأطلقهما في الفروع والفائق وبناهما في الفصول والرعايتين والحاويين وغيرهم على ما يأخذه العامل هل هو أجرة أو زكاة وظاهر كلام أكثر الأصحاب عدم البناء.
وقيل إن منع منه الخمس جاز وإلا فلا وقال المصنف إن أخذ أجرته من غير الزكاة جاز وإلا فلا وتابعه بن تميم.
وأما اشتراط كونه أمينا فهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه من جواز كونه كافرا جواز كونه فاسقا مع الأمانة قال والظاهر والله أعلم أن مرادهم بالأمانة العدالة وذكر الشيخ وغيره أن الوكيل لا يوكل إلا أمينا وأن الفسق ينافي ذلك انتهى.
225

قوله (ولا يشترط حريته ولا فقره).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وذكره المجد إجماعا في عدم اشتراط فقره.
وقيل يشترطان ذكر الوجه باشتراط حريته أبو الخطاب وأبو حكيم وذكر الوجه اشتراط فقره بن حامد.
وقيل يشترط إسلامه وحريته في عمالة تفويض لا تنفيذ وجواز كون العبد عاملا من مفردات المذهب.
فوائد
الأولى قال القاضي في الأحكام السلطانية يشترط علمه بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض وإن كان فيه منفذا فقد عين الإمام ما يأخذه فيجوز أن لا يكون عالما قال في الفروع وأطلق غيره أن لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه كسعاة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أبو المعالي أنه يشترط كونه كافيا قال في الفروع وهو مراد غيره قال وظاهر ما سبق لا يشترط ذكوريته وهذا متوجه انتهى.
قلت لو قيل باشتراط ذكوريته لكان له وجه فإنه لم ينقل أن امرأة وليت عمالة زكاة البتة وتركهم ذلك قديما وحديثا يدل على عدم جوازه وأيضا ظاهر قوله تعالى * (والعاملين عليها) * لا يشملها.
الثانية يجوز أن يكون حمال الزكاة وراعيها ونحوهما كافرا وعبدا ومن ذوي القربى وغيرهم بلا خلاف أعلمه لأن ما يأخذه أجرة لعمله لا لعمالته.
الثالثة يشترط في العامل أن يكون مكلفا بالغا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه
في المميز العاقل الأمين تخريج يعني بجواز كونه عاملا.
226

الرابعة لو وكل غيره في تفرقة زكاته لم يدفع إليه من سهم العامل.
قوله (وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط أعطي أجرته من بيت المال).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال المجد يعطى أجرته من بيت المال عند أصحابنا وفيه وجه لا يعطى شيئا قال في الفروع قال ابن تميم واختاره صاحب المحرر ولقد اطلعت على نسخ كثيرة لمختصر بن تميم فلم أجد فيه اختاره صاحب المحرر بل يحكى الوجه من غير زيادة فلعل الشيخ اطلع على نسخة فيها ذلك والذي قاله المجد في شرحه والأقوى عندي التفصيل وهو أنه إن كان شرط له جعلا على عمله فلا شيء له لأنه لم يكمل العمل كما في سائر أنواع الجعالات وإن استأجره إجارة صحيحة بأجرة مسماة منها فكذلك لأن حقه مختص بالتالف فيذهب من الجميع.
وإن استأجره إجارة صحيحة بأجرة مسماة ولم يقيدها بها أو بعثه ولم يسم له شيئا فله الأجرة من بيت المال لأن دفع العمالة من بيت المال مع بقائه جائز للإمام ولم يوجد في هاتين الصورتين ما يعينها من الزكاة فلذلك تعينت فيه عند التلف انتهى وهذا لفظه قال ابن تميم وهو الأصح.
والظاهر أن هذا المكان من الفروع غير محرر.
فائدة يخير الإمام إن شاء أرسل العامل من غير عقد ولا تسمية شيء وإن شاء عقد له إجارة ثم إن شاء جعل إليه أخذ الزكاة وتفرقتها وإن شاء جعل إليه أخذها فقط فإن أذن له في تفريقها أو أطلق فله ذلك وإلا فلا.
قوله (الرابع المؤلفة قلوبهم وهم السادة المطاعون في عشائرهم ممن يرجى إسلامه أو يخشى شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره أو جباية الزكاة ممن لا يعطيها أو الدفع عن المسلمين).
227

الصحيح من المذهب أن حكم المؤلفة باق وعليه الأصحاب وهو من المفردات وعنه أن حكمهم انقطع مطلقا قال في الإرشاد وقد عدم في هذا الوقت المؤلفة وعنه أن حكم الكفار منهم انقطع واختار في المنهج أن المؤلفة مخصوصة بالمسلمين وظاهر الخرقي أنه مخصوص بالمشركين وصاحب الهداية والمذهب والتلخيص وجماعة حكوا الخلاف في الانقطاع في الكفار وقطعوا ببقاء حكمهم في المسلمين.
فعلى رواية الانقطاع يرد سهمهم على بقية الأصناف أو يصرف في مصالح المسلمين وهذا المذهب نص عليه وجزم به بن تميم وصاحب الفائق وقدمه في الفروع وظاهر كلام جماعة يرد على بقية الأصناف فقط.
قلت قدمه في الرعاية.
قال المجد يرد على بقية الأصناف لا أعلم فيه خلافا إلا ما رواه حنبل وقال في الرعاية فيرد سهمهم إلى بقية الأصناف وعنه في المصالح وما حكى الخيرة ولعله وعنه وفي المصالح بزيادة واو.
فائدتان
إحداهما قال في الفروع هل يحل للمؤلف ما يأخذه يتوجه إن أعطى المسلم ليكف ظلمه لم يحل كقولنا في الهدية للعامل ليكف ظلمه وإلا حل والله سبحانه أعلم.
الثانية يقبل قوله في ضعف إسلامه ولا يقبل قوله إنه مطاع إلا ببينة.
قوله (الخامس الرقاب وهم المكاتبون).
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن المكاتبين من الرقاب قال المصنف وغيره لا يختلف المذهب في ذلك وعنه الرقاب عبيد يشترون ويعتقون من الزكاة لا غير فلا تصرف إلى مكاتب ولا يفك بها أسير ولا غيره سوى ما ذكر
228

تنبيه ظاهر قوله الرقاب وهم المكاتبون أنه لا يجوز دفعها إلى من علق عتقه بمجيء المال وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الرعاية وقال جماعة منهم كالمكاتبين فيعطون وجزم به في المبهج والإيضاح ومختصر بن تميم.
وظاهر كلامه أيضا جواز أخذ المكاتب قبل حلول نجم وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا أشهر القولين وقطع به في المغني والشرح وشرح بن رزين وغيرهم.
وقيل لا يأخذ إلا إذا حل نجم وأطلق بعضهم وجهين في المؤجل.
فوائد
إحداها لو دفع إلى المكاتب ما يقضي به دينه لم يجز له أن يصرفه في غيره.
الثانية لو عتق المكاتب تبرعا من سيده أو غيره فما معه منها له قدمه في الرعايتين والحاويين وقيل مع فقره وقيل بل للمعطى اختاره أبو بكر والقاضي قاله في الحاويين وقدمه في المحرر وظاهر الفروع إطلاق الخلاف وقيل بل هو للمكاتبين.
ولو عجز أو مات وبيده وفاء ولم يعتق بملكه الوفاء فما بيده لسيده على الصحيح من المذهب قال في الرعايتين والحاوي الكبير وهو أصح زاد في الكبرى وأشهر وقدمه بن تميم واختاره المصنف والشارح وقاله الخرقي فيما إذا عجز وقدمه في المستوعب وقدم في المحرر أنها تسترد إذا عجز وعنه يرد للمكاتبين نقلها حنبل وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم به في المذهب فيما إذا عجز حتى ولو كان سيده قبضها وأطلقهما في الفروع بعنه وعنه.
وقيل هو للمعطى حتى قال أبو بكر والقاضي ولو كان دفعها إلى سيده.
وقيل لا تؤخذ من سيده كما لو قبضها منه ثم أعتقه وقطع به الزركشي.
229

وإن اشترى بالزكاة شيئا ثم عجز والعرض بيده فهو لسيده على الأولى وعلى الثانية فيه وجهان وأطلقهما بن تميم والرعاية الكبرى والفروع.
قلت الصواب أنه في الرقاب.
ويأتي قريبا في كلام المصنف إذا فضل مع المكاتب شيء بعد حاجته.
ولو أعتق بالأداء والإبراء فما فضل معه فهو له قدمه في الرعايتين والحاويين كما لو فضل معه من صدقة التطوع.
وقيل بل هو للمعطى كما لو أعطى شيئا لفك رقبة صححه في الرعايتين والحاوي الكبير وهو ظاهر ما قدمه في
المحرر وأطلقهما في الفروع والحاوي الصغير.
وقيل الخلاف روايتان وقيل هو للمكاتبين أيضا.
تنبيه هذه الأحكام في الزكاة أما الصدقة المفروضة فكلام المصنف في المغني يقتضي جريان الخلاف فيها وكذا كلامه في الفروع وظاهر كلامه في المحرر اختصاصه بالزكاة ويأتي في أوائل الكتابة في كلام المصنف إذا مات المكاتب قبل الأداء هل يكون ما في يده لسيده أو الفاضل لورثته.
الثالثة يجوز الدفع إلى سيد المكاتب بلا إذنه قال الأصحاب وهو أولى كما يجوز ذلك للإمام فإن رق لعجزه أخذت من سيده هذا الصحيح وقال المجد إنما يجوز بلا إذنه إن جاز العتق منها لأنه لم يدفع إليه ولا إلى نائبه كقضاء دين الغريم بلا إذنه ويأتي في كلام المصنف قبل الفصل جواز دفع السيد زكاته إلى مكاتبه ويأتي أيضا إذا فضل مع المكاتب شيء بعد العتق.
الرابعة لو تلفت الزكاة بيد المكاتب أجزأت ولم يغرمها عتق لو رد رقيقا.
الخامسة من شرط صحة الدفع إلى المكاتب من الزكاة أن يكون مسلما لا يجد وفاء.
230

قوله (ويجوز أن يفدى بها أسيرا مسلما نص عليه).
وهو المذهب جزم به في العمدة والمغني والمحرر والشرح والإفادات والوجيز والفائق والمنور والمنتخب وشرح بن منجا واختاره المجد في شرحه وابن عبدوس في تذكرته والقاضي في التعليق وغيره وصححه الناظم وقدمه في شرح بن رزين والفروع وقال اختاره جماعة وجزم به آخرون.
وعنه لا يجوز قدمه في الخلاصة والبلغة والرعايتين والحاويين واختاره الخلال وأطلقهما في التلخيص وتجريد العناية وأطلق بعض الأصحاب الروايتين من غير تقييد.
فائدة قال أبو المعالي مثل الأسير المسلم لو دفع إلى فقير مسلم غرمه سلطان مالا ليدفع جوره.
قوله (وهل يجوز أن يشترى منها رقبة يعتقها على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمغني والتلخيص والمحرر والشرح ومختصر بن تميم والفروع والفائق.
إحداهما يجوز وهو المذهب جزم به في المبهج والعمدة والإفادات والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور والمنتخب ونظم نهاية بن رزين وقدمه بن رزين في شرحه واختاره المجد في شرحه والشارح والقاضي في التعليق وغيرهم.
الثانية لا يجوز قدمه في الخلاصة والبلغة والنظم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية واختاره الخلال قال الزركشي رجع أحمد عن القول بالعتق حكاه من رواية صالح ومحمد بن موسى والقاسم وسندي ورده المصنف في المغني وغيره.
وعنه لا يعتق من زكاته رقبة لكن يعين في ثمنها قال أبو بكر لا يعتق رقبة كاملة قال في الرعاية وعنه لا يعتق منها رقبة تامة وعنه ولا بعضها بل يعين في ثمنها.
231

تنبيه يؤخذ من قول المصنف يعتقها أنه لو اشترى ذا رحمة لا يجوز لأنه يعتق بمجرد الشراء من غير أن يعتقه هو وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
فعلى المذهب في أصل المسألة لو أعتق عبده أو مكاتبه عن زكاته ففي الجواز وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاويين وابن تميم والفائق.
أحدهما عدم الجواز جزم به في المغني والشرح.
الوجه الثاني الجواز اختاره القاضي.
فائدتان
إحداهما حيث جوزنا العتق من الزكاة غير المكاتب إذا مات وخلف شيئا رد ما رجع من ولائه في عتق مثله على الصحيح من المذهب.
وقيل وفي الصدقات أيضا قدمه بن تميم وهل يعقل عنه فيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب عدم العقل ثم وجدته في المغني قبيل كتاب النكاح قدمه ونصره.
وعنه ولاؤه لمن أعتقه.
وما أعتقه الساعي من الزكاة فولاؤه للمسلمين.
واما المكاتب فولاؤه لسيده على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وحكى بعضهم وجها أن حكمهم حكم غيرهم على ما تقدم من الخلاف وقدمه في الفائق.
الثانية يعطى المكاتب لفقره ذكره المصنف في المغني والشارح وصاحب الرعاية الكبرى وغيرهم واقتصر عليه في الفروع لأنه عبد.
232

قوله (السادس الغارمون وهم المدينون وهم ضربان ضرب غرم لإصلاح ذات البين).
يعطى من غرم لإصلاح ذات البين بلا نزاع فيه لكن شرط المصنف في العمدة وابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى كونه مسلما ويأتي ذلك عند قوله ولا يجوز دفعها إلى كافر بأتم من هذا.
تنبيه قوله وضرب غرم لإصلاح نفسه في مباح وكذا من اشترى نفسه من الكفار جاز له الأخذ من الزكاة.
فوائد
منها لو كان غارما وهو قوي مكتسب جاز له الأخذ للغرم قاله القاضي في خلافه وابن عقيل في عمدة في الزكاة وذكره أيضا في المجرد والفصول في باب الكتابة وهو ظاهر كلام أحمد.
وقيل لا يجوز جزم به المجد في شرحه وأطلقهما في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وقال هذا الخلاف راجع إلى الخلاف في إجباره على التكسب لوفاء دينه.
قلت الصحيح من المذهب الإجبار على ما يأتي في باب الحجر.
ومنها لو دفع إلى غارم ما يقضي به دينه لم يجز صرفه في غيره وإن كان فقيرا ولو دفع إليه لفقره جاز أن يقضى به دينه على الصحيح من المذهب وحكى في الرعاية وجها لا يجوز.
ومنها لو تحمل بسبب إتلاف مال أو نهب جاز له الأخذ من الزكاة وكذا إن ضمن عن غيره مالا وهما معسران
جاز الدفع إلى كل منهما وإن كانا موسرين أو أحدهما لم يجز على الصحيح من المذهب.
وقيل يجوز إن كان الأصل معسرا والحميل موسرا وهو احتمال في التلخيص وقال في الترغيب يجوز إن ضمن معسرا موسرا بلا أمره.
233

ومنها جواز الأخذ للغارم لذات البين قبل حلول دينه وفي الغارم لنفسه الوجهان قاله في الفروع.
ومنها يجوز الأخذ لدين الله تعالى.
ومنها لو وكل الغريم من عليه زكاة قبل قبضه منه لنفسه أو بوكيله في دفعها عنه إلى من له عليه دين عن دينه جاز نص عليه وهو المذهب وقال في الرعايتين قلت ويحتمل ضده.
وقال في الفروع فإن قيل قد وكل المالك قيل فلو قال اشتر لي بها شيئا ولم يقبضها منه فقد وكله أيضا ولا يجزئ لعدم قبضها ولا فرق قال فتتوجه فيهما التسوية وتخريجهما على قوله لغريمه تصدق بديني عليك أو ضارب به لا يصح لعدم قبضه وفيه تخريج يصح بناء على أنه هل يصح قبل قبضه لموكله وفيه روايتان انتهى.
وتأتي هاتان الروايتان في آخر باب السلم.
ومنها لو دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير فالصحيح من المذهب أنه يصح قال في الفروع صححها غير واحد كدفعها إلى الفقير والفرق واضح انتهى قال في الرعايتين والحاويين جاز على الأصح وكلام الشيخ تقي الدين يقتضيه وعنه لا يصح وأطلقهما في الفروع.
وأما إذا دفعها الإمام في قضاء الدين فإنه يصح قولا واحدا لولايته عليه في إبقائه ولهذا يجبره عليه إذا امتنع.
ومنها يشترط في إخراج الزكاة تمليك المعطى كما تقدم في آخر الباب الذي قبله فلا يجوز أن يغدي الفقراء ولا يعشيهم ولا يقضي منها دين ميت غرم لمصلحة نفسه أو غيره واختار الشيخ تقي الدين الجواز وذكره إحدى الروايتين عن أحمد لأن الغارم لا يشترط تمليكه لأن الله تعالى قال والغارمين ولم يقل
234

للغارمين ويأتي بقية أحكام الغارم عند قول المصنف ويجوز دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه ويأتي أيضا إذا غرم في معصية.
قوله (السابع في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم).
فلهم الأخذ منها بلا نزاع لكن لا يصرفون ما يأخذون إلا لجهة واحدة كما تقدم في المكاتب والغارم.
تنبيه ظاهر قوله وهم الذين لا ديوان لهم أنه لو كان يأخذ من الديوان لا يعطى منها وهو صحيح لكن بشرط أن يكون فيه ما يكفيه فإن لم يكن فيه ما يكفيه فله أخذ تمام ما يكفيه قاله في الرعاية وغيرها.
فائدة لا يجوز للمزكي أن يشتري له الدواب والسلاح ونحوهما على الصحيح من المذهب قال الزركشي هذا أشهر الروايتين فيجب أن يدفع إليه المال قال في الفروع الأشهر المنع من شراء رب المال ما يحتاج إليه الغازي ثم صرفه إليه اختاره القاضي وغيره ونقله صالح وعبد الله وكذا نقله بن الحكم ونقل أيضا يجوز وقال ذكر أبو حفص في جوازه روايتين.
قوله (ولا يعطى منها في الحج).
هذا إحدى الروايتين اختاره المصنف والشارح وقالا هي أصح وجزم به في الوجيز.
وعنه يعطى الفقير ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه وهي المذهب نص عليه في رواية عبد الله والمروذي والميموني قال في الفروع والحج من السبيل نص عليه وهو المذهب عند الأصحاب انتهى قال في الفصول والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم الحج من السبيل على الأصح قال في تجريد العناية على الأظهر وجزم به في المبهج والإيضاح والخرقي والإفادات ونهاية بن رزين والمنور وغيرهم واختاره القاضي في التعليق وقدمه في المستوعب والمحرر والفروع وشرح بن رزين ونظم المفردات.
235

وهو منها وأطلقهما في الهداية وعقود بن البناء ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والنظم والفائق.
فعلى المذهب لا يأخذ إلا الفقير كما صرح به المصنف في الرواية وهو الصحيح من المذهب وعليه جمهور من الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والمجد في شرحه وابن عبدوس في تذكرته وصاحب الحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يأخذ الغني أيضا وهما احتمالان في التلخيص قال أبو المعالي كما لو أوصى بثلثه في السبيل.
وعلى المذهب أيضا لا يأخذ إلا لحج الفرض أو يستعين به فيه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال جزم به غير واحد.
قلت منهم صاحب الإفادات فيها والمصنف هنا.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
وعنه يأخذ لحج النفل أيضا وهو ظاهر كلام الخرقي وابن الجوزي في مسبوك الذهب وجزم به في المذهب والمستوعب وشرح بن رزين ونهايته وإدراك الغاية قال الزركشي ولم يشترط الفرض الأكثرون الخرقي والقاضي وصاحب التلخيص وأبو البركات وغيرهم قال في الفروع وصححه بعضهم قال القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقدمه في الرعايتين وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الحاويين والفائق.
فائدة العمرة كالحج في ذلك على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب نقل جعفر العمرة في سبيل الله وعنه هي سنة.
قوله (الثامن بن السبيل وهو المسافر المنقطع به).
236

هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا أن الشيرازي قدم في المبهج والإيضاح أن بن السبيل هم السؤال.
واعلم أنه إذا كان السفر في الطاعة أعطى بلا نزاع بشرطه وإن كان مباحا فالصحيح من المذهب أنه يعطى أيضا.
وقيل لا بد أن يكون سفر طاعة فلا يعطى في سفر مباح وجزم به في الرعاية الصغرى قال في الفروع كذا قال وجزم به أيضا في الحاوي الصغير.
وإن كان سفر نزهة ففي جواز إعطائه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والفائق والزركشي.
أحدهما يجوز الأخذ وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قال في التلخيص فيعطى بشرط أن لا يكون سفر
معصية قال في الرعاية وهو ممن انقطع به في سفر مباح قال ابن نصر الله في حواشي الفروع والأصح يعطى لأنه من أقسام المباح في الأصح كما تقدم في صلاة المسافر.
والوجه الثاني لا يجوز الأخذ ولا يجزئ قدمه بن رزين في شرحه قال المجد في شرحه بعد أن أطلق الوجهين والصحيح الجواز في سفر التجارة دون التنزه.
وأما السفر المكروه فظاهر كلام جماعة الأصحاب أنه لا يعطى منهم صاحب الرعاية وظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه يعطى وهو ظاهر كلامه في التلخيص كما تقدم وقال في الفروع وعلله غير واحد بأنه ليس معصية فدل أنه يعطى في سفر مكروه قال وهو نظير إباحة الترخيص فيه انتهى.
وأما سفر المعصية فإنه لا يعطى فيه وقطع به الأكثر وظاهر ما قاله في الفروع أنه نظير إباحة الترخص فيه جريان خلاف هنا.
فإن الشيخ تقي الدين اختار هناك جواز الترخص في سفر المعصية ورجحه بن عقيل في بعض المواضع كما تقدم.
237

وقال في إدراك الغاية وابن السبيل الآيب إلى بلده ولو من فرجة أو محرم في وجه ويأتي قريبا في كلام المصنف إذا تاب من المعصية.
قوله (دون المنشئ للسفر من بلد).
يعني أنه لا يعطى وهذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يعطى أيضا.
فائدتان
إحداهما يعطى بن السبيل قدر ما يوصله إلى بلده ولو مع غناه في بلده ويعطى أيضا ما يوصله إلى منتهى مقصده ولو اجتاز عن وطنه على الصحيح من المذهب وهو مروي عن الإمام أحمد قال المصنف والشارح اختاره أصحابنا لأن الظاهر أنه إنما فارق وطنه لقصد قال الزركشي هو قول عامة الأصحاب واختار المصنف أنه لا يعطى وذكره المجد ظاهر رواية صالح وغيره وظاهر كلام أبي الخطاب.
الثانية لو قدر بن السبيل على الاقتراض فأفتى المجد بعدم الأخذ من الزكاة وأفتى الشارح بجواز الأخذ وقال لم يشترط أصحابنا عدم قدرته على الاقتراض ولأن كلام الله على إطلاقه وهو كما قال وهو الصواب.
قوله (ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيه).
الصحيح من المذهب أن كل واحد من الفقير والمسكين يأخذ تمام كفايته سنة قال الناظم وهو أولى قال في الحاويين هذا أصح عندي قال في تجريد العناية ويعطيان كفايتهما لتمام سنة لا أكثر على الأظهر وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر والفائق قال ناظم المفردات.
ولا يجوز الدفع للفقير * أكثر من غناه في التقدير.
وعنه يأخذ تمام كفايته دائما بمتجر أو آلة صنعة ونحو ذلك اختاره في الفائق وهي قول في الرعاية.
238

وعنه لا يأخذ أكثر من خمسين درهما حتى تفرغ ولو أخذها في السنة مرارا وإن كثر نص عليه وقدمه في الرعايتين والحاويين.
واختار الآجري والشيخ تقي الدين جواز الأخذ من الزكاة جملة واحدة ما يصير به غنيا وإن كثر.
والمذهب لا يجوز ذلك وتقدم آخر باب إخراج الزكاة اشتراط قبض الفقير للزكاة وما يتعلق به وتقدم أيضا ذلك قريبا.
قوله (والعامل قدر أجرته).
الصحيح من المذهب أن ما يأخذه العامل أجرة نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وذكره بن عبد البر إجماعا وقيل ما يأخذه زكاة.
فعلى المذهب يستحق أجرة المثل جاوز الثمن أو لم يجاوزه نص عليه وهو الصحيح وعنه له ثمن ما يجنيه قال المجد في شرحه فعلى هذه الرواية إن جاوزت أجرته ذلك أعطيه من المصالح انتهى.
هذا الحكم إذا لم يستأجره الإمام والصحيح من المذهب أنه يستحق ذلك بالشرع ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال القاضي في الأحكام السلطانية قياس المذهب أنه لا يستحق إذا لم يشرط له جعل إلا أن يكون معروفا بأخذ الأجرة على عمله ذكره في القاعدة الرابعة والسبعين فأما إن استأجره فتقدم آخر فصل العامل.
فائدة يقدم العامل بأجرته على غيره من أهل الزكاة وإن نوى التطوع بعمله فله الأخذ قاله الأصحاب.
وتقدم أن الإمام ونائبه في الزكاة لا يأخذ شيئا عند اشتراط إسلامه.
قوله (والمؤلف ما يحصل به التأليف).
هكذا قال الأصحاب وقال بعضهم يعطى الغني ما يرى الإمام قال في
239

الفروع ومراده ما ذكره جماعة ما يحصل به التأليف لأنه المقصود ولا يزاد عليه لعدم الحاجة.
فائدة قوله والغازي ما يحتاج إليه لغزوه.
وهذا بلا نزاع لكن لا يشترى رب المال ما يحتاج إليه الغازي ثم يدفعه على الصحيح من المذهب لأنه قيمة قال في الفروع فيه روايتان ذكرهما أبو حفص الأشهر المنع ونقله صالح وعبد الله بن الحكم واختاره القاضي وغيره.
وعنه يجوز ونقله بن الحكم أيضا وقدمه في الرعاية الكبرى فقال ويجوز أن يشترى كل أحد من زكاته خيلا وسلاحا ويجعله في سبيل الله تعالى وعنه المنع منه انتهى وأطلقهما في الفروع وقال ولا يجوز أن يشترى من الزكاة فرسا يصير حبيسا في الجهاد ولا دارا ولا ضيعة للرباط أو يقفقها على الغزاة ولا غزوه على فرس أخرجه من زكاته نص على ذلك كله لأنه لم يعطها لأحد ويجعل نفسه مصرفا ولا يغزى بها عنه وكذا لا يحج بها ولا يحج بها عنه.
وأما إذا اشترى الإمام فرسا بزكاة رجل فله دفعها إليه يغزو عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره أو غرمه.
قوله (ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم).
تقدم قريبا في قوله ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيه أن الصحيح من المذهب أنه يأخذ تمام كفايته سنة وتقدم رواية أنه لا يأخذ أكثر من خمسين درهما فعلى المذهب يأخذ له ولعياله قدر كفايتهم سنة.
وعلى الرواية الأخرى يأخذ له ولكل واحد من عياله خمسين خمسين.
قوله (ولا يعطى أحد منهم مع الغنى إلا أربعة العامل والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين والغازي).
أما العامل فلا يشترط فقره بل يعطى مع الغني على الصحيح من
240

المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكره المجد إجماعا وذكر بن حامد وجها باشتراط فقره.
وتقدم ذلك عند قوله ولا شرط حريته ولا قفره.
وأما المؤلف فيعطى مع غناه لا أعلم فيه خلافا.
وأما الغارم لإصلاح ذات البين فيأخذ مع غناه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل لا يأخذ مع الغنى ومحل هذا إذا لم يدفعها من ماله فإن دفعها لم يجز له الأخذ على ما يأتي قريبا.
وأما الغازي فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب جواز أخذه مع غناه ونقل صالح إذا أوصى بفرس يدفع إلى من ليس له فرس أحب إلي إذا كان ثقة.
تنبيه صرح المصنف أن بقية الأصناف لا يدفع إليهم من الزكاة مع غناهم وهو صحيح.
أما الفقير والمسكين فواضح وكذا بن السبيل.
وأما المكاتب فلا يعطى لفقره قال في الفروع ذكره جماعة منهم المصنف في المغني والشارح وابن حمدان وغيرهم واقتصر عليه في الفروع لأنه عبد وتقدم ذلك.
وأما الغارم لنفسه في مباح فالصحيح من المذهب أنه لا يعطى إلا مع فقره وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يعطى مع غناه أيضا ونقله محمد بن الحكم وتأوله القاضي على أنه بقدر كفايته قال في الرعاية عن هذا القول وهو بعيد.
فعلى المذهب لو كان فقيرا ولكنه قوي يكتسب جاز له الأخذ أيضا قاله القاضي في خلافه وابن عقيل في عمده في الزكاة وذكره أيضا في المجرد والفصول في باب الكتابة وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.
241

وقيل لا يجوز وجزم به المجد في شرحه.
قلت هذا المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وأطلقهما في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وقال هذا الخلاف راجع إلى الخلاف في إجباره على التكسب لوفاء دينه انتهى.
قلت الصحيح من المذهب الإجبار على ما يأتي في كلام المصنف في باب الحجر.
فائدة لو غرم لضمان أو كفالة فهو كمن غرم لنفسه في مباح على الصحيح من المذهب وقيل هو كمن غرم لإصلاح ذات البين فيأخذ مع غناه بشرط أن يكون الأصيل معسرا ذكره الزركشي وغيره.
فائدة إذا قلنا الغني من ملك خمسين درهما وملكها لم يمنع ذلك من الأخذ بالغرم على الصحيح من المذهب والروايتين وعنه يمنع.
فعلى المذهب من له مائة وعليه مثلها أعطي خمسين وإن كان عليه أكثر من مائة ترك له مما معه خمسون وأعطي تمام دينه.
وعلى الرواية الثانية لا يعطى شيئا حتى يصرف جميع ما في يده فيعطى ولا يزاد على خمسين فإذا صرفها في دينه أعطي مثلها مرة بعد أخرى حتى يقضي دينه.
قوله (وإن فضل مع الغارم والمكاتب والغازي وابن السبيل شيء بعد حاجتهم لزمهم رده).
إذا فضل مع الغازي شيء بعد قضاء دينه لزمه رده بلا خلاف أعلمه لكن لو أبرئ الغريم مما عليه أو قضي دينه من غير الزكاة فالصحيح من المذهب أنه يرد ما معه قال في الفروع استرد منه على الأصح ذكره جماعة وجزم به آخرون وذكره صاحب المحرر ظاهر المذهب وقدمه في المحرر قال
242

في الرعايتين رده في الأصح وجزم به في المغني والشرح وابن رزين والوجيز وغيرهم وعنه لا يسترد منه وأطلقهما في الحاويين.
قال المجد في شرحه قال القاضي في تعليقه وهو على الروايتين في المكاتب فإذا قلنا أخذه هناك مستقر فكذا هنا قال ابن تميم فإن كان فقيرا فله إمساكها ولا تؤخذ منه ذكره القاضي.
وقال القاضي في موضع من كلامه والمصنف في الكافي والمجد في شرحه إذا اجتمع الغرم والفقر في موضع واحد أخذ بهما فإن أعطى للفقر فله صرفه في الدين وإن أعطى للغرم لم يصرفه في غيره.
وقاعدة المذهب في ذلك أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف صرفه فيما شاء كسائر ماله وإن كان بسبب لا يستقر الأخذ به لم يصرفه إلا فيما أخذه له خاصة لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه ولهذا يسترد منه إذا أبرئ أو لم يغز قاله المجد في شرحه وتبعه صاحب الفروع.
وأما إذا فضل مع المكاتب شيء فجزم المصنف أنه يرده وهو المذهب وجزم به في الكافي والوجيز والإفادات وتذكرة بن عبدوس وإدراك الغاية وغيرهم قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين والنظم والمحرر وصححه في الرعايتين والحاوي الكبير.
والوجه الثاني يأخذون أخذا مستقرا وهو ظاهر كلام الخرقي كما قال المصنف وقدمه في الرعايتين والحاوي الكبير وأطلقهما في شرح المجد وابن تميم والفروع والفائق والخلاف وجهان على الصحيح وقيل روايتان وقيل ما فضل للمكاتبين غيره.
وكذا الحكم لو عتق بإبراء قاله في الفروع وغيره.
243

وتقدم في أحكام المكاتب إذا عتق تبرعا من سيده أو غيره أو عجز أو مات وبيده وفاء.
فائدة لو استدان ما عتق به وبيده من الزكاة قدر الدين فله صرفه لبقاء حاجته إليه بسبب الكتابة.
وأما الغازي إذا فضل معه فضل فجزم المصنف هنا أنه يلزمه رده وهو المذهب جزم به في الكافي أيضا والمذهب لابن الجوزي وابن منجا في شرحه والوجيز والإفادات وتذكرة بن عبدوس وإدراك الغاية والمنور والمنتخب للآدمي وغيرهم وصححه في تصحيح المحرر.
قال في الفروع جزم به جماعة وقدمه في النظم والشرح.
والوجه الثاني لا يرده جزم به المجد في شرحه وصححه الناظم قال في القاعدة الثانية والسبعين قال الخرقي والأكثرون لا يسترد انتهى.
وحمل الزركشي كلام الخرقي الذي في الجهاد على غير الزكاة وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين.
وقال أيضا في القواعد إذا أخذ من الزكاة ليحج على القول بالجواز وفضل منه فضلة الأظهر أنه يسترده كالوصية وأولى وقياس قول الأصحاب في الغازي أنه لا يسترد وظاهره كلام أحمد في رواية الميموني أن الدابة لا تسترد ولا يلزم مثله في النفقة.
وأما بن السبيل إذا فضل معه شيء فجزم المصنف هنا أنه يرد الفاضل بعد وصوله وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به.
وعنه لا يرده بل هو له فيكون أخذه مستقرا وأطلقهما في الحاويين وقال الآجري يلزمه صرفه للمساكين قال في الفروع كذا قال ولعل مراده مع جهل أربابه.
244

قوله (والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا).
بلا نزاع في الجملة.
قوله (وإذا ادعى الفقر من عرف بالغنى).
لم يقبل إلا ببينة وهذا بلا نزاع والبينة هنا ثلاثة شهود على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب.
وقيل يكفي اثنان كدين الآدمي وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة في كتاب الشهادات وتأتي بينة الإعسار في أوائل باب الحج.
قوله (أو ادعى إنسان أنه مكاتب أو غارم أو بن سبيل لم يقبل إلا ببينة).
إذا ادعى أنه مكاتب أو غارم لنفسه لم يقبل إلا ببينة بلا خلاف أعلمه فإن ادعى أنه غارم لإصلاح ذات البين فالظاهر يغني عن إقامة البينة فإن خفي لم يقبل إلا ببينة قاله المصنف في المغني وتبعه الشارح وأطلق بعض الأصحاب البينة وبعضهم قيد بالغارم لنفسه.
وقال في الفروع ولا يقبل أنه غارم بلا بينة.
وإن ادعى أنه بن سبيل فجزم المصنف هنا أنه لا يقبل إلا ببينة وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح المجد والنظم وشرح بن منجا قال في الفروع قدمه جماعة وجزم به آخرون منهم أبو الخطاب والشيخ.
وقيل يقبل قوله بلا بينة جزم به في التلخيص والبلغة وقدمه في الرعايتين والحاويين.
245

فائدتان
إحداهما لو ادعى بن السبيل أنه فقير لم يدفع إليه إلا ببينة إن عرف بمال وإلا فلا.
الثانية لو ادعى أنه يريد السفر قبل قوله بلا يمين.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لو ادعى الغزو قبل قوله وهو صحيح وهو الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وصاحب التلخيص والبلغة والزركشي قال في الفائق والرعايتين والحاويين يقبل في أصح الوجهين وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وقيل لا يقبل إلا ببينة وأطلقهما في الفروع.
قوله (فإن صدق المكاتب سيده أو الغارم غريمه فعلى وجهين).
إذا صدق المكاتب سيده فأطلق المصنف وجهين في أنه هل يقبل قوله بمجرد تصديقه أم لا بد من البينة وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وابن تميم والرعايتين والحاويين والنظم وشرح بن منجا والفائق والشرح وتجريد العناية.
أحدهما لا يقبل تصديقه للتهمة فلا بد من البينة قدمه في الفروع ولم أر من تابعه على ذلك قال في إدراك الغاية وفي تصديقه غريمه والسيد وجه.
الثاني يقبل قوله بمجرد تصديق سيده قال المجد في شرحه وهو الأصح وجزم به في الإفادات والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور والمنتخب وقدمه في المحرر.
قلت وهو المذهب.
وإذا صدق الغريم غريمه فأطلق المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الهداية
246

والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وابن تميم والرعايتين والحاويين والنظم والفائق.
أحدهما يقبل وهو المذهب قال المجد في شرحه الصحيح القبول قال في الفروع ويقبل إن صدقه غريم في الأصح وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور والمنتخب وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني لا يقبل.
قوله (وإن رآه جلدا أو ذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين).
بلا نزاع وذلك بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب بلا نزاع لكن إخباره بذلك هل هو واجب أم لا قال في الفروع يتوجه وجوبه وهو ظاهر كلامهم أعطاه بعد أن يخبره وقولهم أخبره وأعطاه انتهى.
وتقدم أول الباب لو اشتغل بالعلم قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما.
قوله (وإن ادعى أن له عيالا قلد وأعطى).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال في الفروع اختاره القاضي والأكثر ويحتمل أن لا يقبل ذلك إلا ببينة واختاره بن عقيل.
قوله (ومن غرم أو سافر في معصية لم يدفع إليه).
إذا غرم في معصية لم يدفع إليه من الزكاة بلا نزاع وإذا سافر في معصية لم يدفع إليه أيضا على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثرون وقد حكى في إدراك الغاية وجها بجواز الأخذ للراجع من سفر المعصية وتقدم ذلك.
قوله (فإن تاب فعلى وجهين).
وأطلقهما في المغني وشرح المجد والشرح والنظم والفائق وأطلقهما في الغارم في الرعاية الكبرى.
247

أحدهما يدفع إليهما وهو المذهب قال في الرعاية الصغرى والحاويين دفع إليه في أصح الوجهين واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والمنتخب وجزم به في الهداية والتلخيص والبلغة والمنور في الغارم ولم يذكروا المسافر إذا تاب وهو مثله واختاره القاضي وابن عقيل في الغارم وصححه بن تميم في الغارم قال في الفروع في الغارم فإن تاب دفع إليه في الأصح قال الزركشي في الغارم المذهب الجواز اختاره القاضي وابن عقيل وأبو البركات وصاحب التلخيص وغيرهم انتهى وقدمه في الرعاية الكبرى في المسافر.
والوجه الثاني لا يدفع إليهما وقدم بن رزين عدم جواز الدفع إلى الغارم إذا تاب وجواز الدفع للمسافر إذا تاب.
قوله (ويستحب صرفها في الأصناف كلها).
لكل صنف ثمنها إن وجد حيث وجب الإخراج فإن اقتصر على إنسان واحد أجزأه وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع اختاره الخرقي والقاضي والأصحاب وهو المذهب كما لو فرقها الساعي وذكره المجد فيه إجماعا.
وعنه يجب استيعاب الأصناف كلها اختارها أبو بكر وأبو الخطاب.
فعلى هذه الرواية يجب الدفع إلى ثلاثة من كل صنف على الصحيح إلا العامل كما جزم به المصنف هنا في الرواية.
وعنه يجزئ واحد من كل صنف اختاره أبو الخطاب في الانتصار والمجد في شرحه لأنه لما لم يمكن الاستغراق حمل على الجنس وكالعامل مع أنه في الآية بلفظ الجمع * (وفي سبيل الله وابن السبيل) * لا جمع فيه.
وعلى هذه الرواية أيضا لو دفع إلى اثنين ضمن نصيب الثالث وهل يضمن الثلث أو ما يقع عليه الاسم خرج المجد في شرحه وجهين من الأضحية على
248

ما يأتي إن شاء الله تعالى وحكاهما بن رجب في قواعده من غير تخريج والصحيح هناك أنه يضمن أقل ما يقع عليه الاسم على ما يأتي.
وقوله في الرواية الثالثة إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا هذا الصحيح على هذه الرواية وعليه الأصحاب ونص عليه.
اختار في الرعاية الكبرى أنه إن قلنا ما يأخذه أجرة أجزأ عامل واحد وإلا فلا يجزئ واحد وهو من المفردات.
وعلى الرواية الثانية أيضا إن حرم نقل الزكاة كفى الموجود من الأصناف الذي ببلده على الصحيح فتقيد الرواية بذلك وقيل لا يكفي.
وعليها أيضا لا تجب التسوية بين الأصناف كتفضيل بعض صنف على بعض على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال المجد وظاهر كلام أبي بكر إعطاء العامل الثمن وقد نص أحمد على وجوب التسوية بينهم.
فوائد
إحداها يسقط العامل إن فرقها ربها بنفسه.
الثانية من فيه سببان مثل إن كان فقيرا غارما أو غازيا ونحو ذلك جاز أن يعطى بهما وعليه الأصحاب وقال المجد في شرحه جاز أن يعطى بهما على الروايتين يعني في الاستيعاب وعدمه.
ولا يجوز أن يعطى بأحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وعدمه وقد يتعذر الاستيعاب فلا يعلم المجمع عليه من المختلف فيه وإن أعطى بهما وعين لكل سبب قدرا فذاك وإن لم يعين كان بينهما نصفين وتظهر فائدته لو وجد ما يوجب الرد.
الثالثة قوله ويستحب صرفها إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم وتفريقها فيهم على قدر حاجتهم.
وهذا بلا نزاع وقد حكاه المجد إجماعا وصاحب الفروع وفاقا لكن
249

يستحب تقديم الأقرب والأحوج وإن كان الأجنبي أحوج أعطى الكل ولم يحاب بها قريبه والجار أولى من غيره والقريب أولى من الجار نص عليه ويقدم العالم والدين على ضدهما.
وإذا دفع رب المال زكاته إلى العامل وأحضر من أهله من لا تلزمه نفقته ليدفع إليهم زكاته دفعها إليهم قبل خلطها بغيرها وإن خلطها بغيرها فهم كغيرهم ولا يخرجهم منها لأن فيها ما هم به أخص ذكره القاضي واقتصر عليه في الفروع وغيره.
قوله (ويجوز للسيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه).
يجوز دفع زكاته إلى مكاتبه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وصححوه قال المجد هذا أشهر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يجوز اختارها القاضي في التعليق والتخريج قال المجد في شرحه هذا أقيس وأطلقهما في الفائق.
ويجوز دفع زكاته إلى غريمه ليقضي دينه إذا كان غير حيلة سواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع إليه ليقضي دين المقرض على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب إذا لم يكن حيلة قال الإمام أحمد إن أراد إحياء ماله لم يجز وقال أيضا إذا كان حيلة فلا يعجبني وقال أيضا أخاف أن يكون حيلة فلا أراه ونقل بن القاسم إن أراد حيلة لم يصلح ولا يجوز.
قال القاضي وغيره يعني بالحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه فلا يجزئه وذكر المصنف أنه حصل من كلام الإمام أحمد أنه إذا قصد بالدفع إحياء ماله أو استيفاء دينه لم يجز لأنها لله فلا يصرفها إلى نفعه وقال في
الرعاية الصغرى إن قضاه بلا شرط صح كما لو قضى دينه بشيء ثم دفعه إليه زكاة.
250

ويكره حيلة انتهى قال في الفروع كذا قال وتبع صاحب الرعاية الصغرى في الحاوي الصغير.
وذكر أبو المعالي الصحة وفاقا إلا بشرط تمليك قال في الفروع كذا قال واختار الأزجي في النهاية الإجزاء لأن اشتراط الرد لا يمنع التمليك التام لأن له الرد من غيره فليس مستحقا قال وكذا الكلام إن أبرأ المدين محتسبا من الزكاة قال في الفروع كذا قال.
وقال ابن تميم ويجوز دفع الزكاة إلى الغريم نص عليه فإن شرط عليه رد الزكاة وفاء في دينه لم يجزه قاله القاضي وغيره قال القاضي وهو معنى قول أحمد لا يعجبني إذا كان حيلة ثم قال ابن تميم والأصح أنه إذا دفع إليه بجهة الغرم لم يمنع الشرط الإجزاء وإن قصد بدفعه إليه إحياء ماله لم يجزه نص عليه قاله الموفق ثم قال وإن رد الغريم إليه ما قبضه قضى دينه فله أخذه نص عليه.
وعنه فيمن دفع إلى غريمه عشرة دراهم من الزكاة ثم قبضها منه وفاء عن دينه لا أراه أخاف أن يكون حيلة انتهى كلام بن تميم.
فائدتان
إحداهما لو أبرأ رب المال غريمه من دينه بنية الزكاة لم يجزه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقطع به أكثرهم سواء كان المخرج عنه عينا أو دينا واختار الأزجي في النهاية الجواز كما تقدم وهو توجيه احتمال وتخريج لصاحب الفروع وقال بناء على أنه هل هو تمليك أم لا وقيل يجزئه أن يسقط عنه قدر زكاة ذلك الدين منه ويكون ذلك زكاة ذلك الدين حكاه الشيخ تقي الدين واختاره أيضا لأن الزكاة مواساة.
الثانية لا تكفي الحوالة بالزكاة على الصحيح من المذهب جزم به بن تميم وابن حمدان وغيرهما وقدمه في الفروع وذكر بعض الأصحاب أن
251

الحوالة وفاء وذكر المصنف في انتقال الحق بالحوالة أن الحوالة بمنزلة القبض وإلا كان بيع دين بدين وذكر أيضا إذا حلف لا يفارقه حتى يقضيه حقه فأحاله به ففارقه ظنا منه أنه قد بريء أنه كالناسي وتقدم بعض فروع الغارم في فصله وتقدم في أول كتاب الزكاة إذا أحاله بدينه هل يكون قبضا عند قول المصنف ومن كان له دين على مسلم من صداق أو غيره.
قوله (ولا يجوز دفعها إلى كافر).
يستثنى من ذلك المؤلف كما تقدم في كلام المصنف.
وأما العامل فقد قدم المصنف هناك من شرطه أن يكون مسلما وكلامه هنا موافق لذلك وتقدم الخلاف فيه هناك.
وأما الغارم لذات البين والغازي فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز الدفع إليهما إذا كانا كافرين قاله المصنف والمجد وغيرهما وجزم به في الفائق وغيره وقدمه في الفروع وجزم في المذهب والمستوعب بالجواز.
قال في الرعايتين والحاويين ومن حرمت عليه الزكاة بما سبق فله أخذها لغزو وتأليف وعمالة وغرم لذات البين وهدية ممن أخذها وهو من أهلها وجزم بن تميم أنها لا تدفع إلى غارم لنفسه كافر فظاهره يجوز لذات البين قال في الفروع ولعله ظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف فإنه ذكر المنع في الغارم لنفسه.
قوله (ولا إلى عبد).
هذا المذهب من حيث الجملة وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه إلا ما استثنى من كونه عاملا على الصحيح من المذهب على ما تقدم وقال في الهداية والمستوعب وغيرهما ومن حرمت عليه الزكاة من ذوي القربى وغيرهم فإنه يجوز أن يأخذ منها لكونه غازيا أو عاملا أو مؤلفا أو لإصلاح ذات البين وجزم به في الرعاية.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز دفعها إلى عبد ولو كان سيده فقيرا.
252

وهو صحيح وهو المذهب وقال المجد في تعليل المسألة لأن الدفع إليه دفع إلى سيده لأنه إن قلنا يملك فله تملكه عليه والزكاة دين أو أمانة فلا يدفعها إلى من لم يأذن له المستحق وإن كان عبده كسائر الحقوق وقال القاضي في التعليق في باب الكتابة إذا كان العبد بين اثنين فكاتبه أحدهما يجوز وما قبضه من الصدقات فنصفه يلاقي نصفه المكاتب فيجوز وما يلاقي نصف السيد الآخر إن كان فقيرا جاز في حصته وإن غنيا لم يجز انتهى.
قال المجد وكذا إن كاتب بعض عبده فما أخذه من الصدقة يكون للحصة المكاتبة منه بقدرها والباقي لحصة السيد مع فقره انتهى.
قال في الفروع ويتوجه أن ذلك يشبه دفع الزكاة بغير إذن المدين في فصل الغارم وجزم غير القاضي من الأصحاب أن جميع ما يأخذه من بعضه مكاتب يكون له لأنه استحقه بجزئه المكاتب كما لو ورث بجزئه الحر.
فائدة المدبر وأم الولد والمعلق عتقه بصفة كالعبد في عدم الأخذ من الزكاة وأما من بعضه حر فإنه يأخذ من الزكاة بقدر حريته بنسبته من خمسين أو من كفايته على الخلاف المتقدم أول الباب فمن نصفه حر يأخذ خمسة وعشرين أو نصف كفايته.
قوله (ولا فقيره لها زوج غني).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ويأتي قريبا في كلام المصنف هل يجوز دفعها إلى سائر من تلزمه مؤنته من أقاربه.
فوائد
إحداها لا يجوز دفعها إلى غني بنفقة لازمة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع اختاره الأكثر وأطلق في الترغيب والرعاية وجهين وجزم في الكافي بجواز الأخذ قال المجد لا أحسب ما قاله إلا مخالفا للإجماع في الولد الصغير.
253

الثانية هل يجوز دفعها إلى غني بنفقة تبرع بها قريبه أو غيره فيه وجهان وأطلقهما في الحاوي الصغير والرعايتين واختار فيهما الجواز وهو الصواب وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
الثالثة لو تعذرت النفقة من زوج أو قريب بغيبة أو امتناع أو غيره جاز أخذ الزكاة نص عليه وجزم به في الفروع وغيره كمن غصب ماله أو تعطلت منفعة عقاره.
قوله (ولا الوالدين وإن علوا ولا الولد وإن سفل).
إن كان الوالدان وأن علوا والولد وإن سفل في حال وجوب نفقتهم عليه لم يجز دفعها إليهم إجماعا وإن كانوا في حال لا تجب نفقتهم عليه كولد البنت وغيره ممن ذكر وكما إذا لم يتسع للنفقة ماله لم يجز أيضا دفعها إليهم على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يجوز والحالة هذه اختاره القاضي في المجرد والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وذكره المجد ظاهر كلام أبي الخطاب وأطلق في الواضح في جد وابن بن محجوبين وجهين.
فائدة لا يعطى عمودي نسبه لغرم لنفسه ولا لكتابته على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وغيره وقيل يجوز اختاره الشيخ تقي الدين ولا يعطوا لكونهم بن سبيل جزم به في التلخيص والبلغة وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وغيره وذكر المجد أنه يعطى واختاره الشيخ تقي الدين ويأخذ لكونه عاملا ومؤلفا وغازيا وغارما لذات البين جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قوله (ولا بني هاشم).
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وكالنبي صلى الله عليه وسلم إجماعا.
254

وقيل يجوز إن منعوا الخمس لأنه محل حاجة وضرورة اختاره الآجري قال في الفائق وقال القاضي يعقوب وأبو البقاء وأبو صالح إن منعوا الخمس جاز ذكره الصيرفي انتهى.
وقال في الفروع ومال شيخنا إلى أنهم إن منعوا الخمس أخذوا الزكاة وربما مال إليه أبو البقاء وقال إنه قول القاضي يعقوب من أصحابنا ذكره بن الصيرفي في منتخب الفنون واختاره الآجري في كتاب النصيحة انتهى.
وزاد بن رجب على من سماهم في الفائق نصر بن عبد الرزاق الجيلي.
قلت واختاره في الحاويين.
وقال جامع الاختيارات وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة ويجوز لهم الأخذ من زكاة الهاشميين انتهى.
فتلخص جواز الأخذ لبني هاشم إذا منعوا من خمس الخمس عند القاضي يعقوب وأبي البقاء وأبي صالح ونصر بن عبد الرزاق وأبي طالب البصري وهو صاحب الحاويين والشيخ تقي الدين.
تنبيه تقدم الخلاف في جواز كون ذوي القربى عاملين في فصله ولم يستثن جماعة سواه وذكر المصنف أن بني هاشم يعطون للغزو والعمالة وأن الأصحاب قالوا يعطى لغرم نفسه ثم ذكر احتمالا بعدم الجواز قال في الفروع وذكر بعضهم أنه أظهر.
قلت جزم في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وغيرهم بجواز أخذ ذوي القربى من الزكاة إذا كانوا غزاة أو عمالا أو مؤلفين أو غارمين لذات البين قال الزركشي يجوز أن يعطوا لكونهم غزاة أو غارمين لإصلاح ذات البين قال القاضي قياس المذهب أنهم يأخذون لمصلحتنا لا لحاجتهم وفقرهم وكذا قال المجد وزاد أو مؤلفه.
فائدة بنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب.
255

وذكره القاضي وأصحابه وجزم به المجد في شرحه وغيره وقدمه في الفروع فيدخل فيهم آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب وجزم في التلخيص والرعاية الكبرى إن بني هاشم هم آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب فلم يدخلا أبا لهب مع كونه أخا العباس وأبي طالب.
قوله (ولا لمواليهم).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وهو من المفردات وأومأ الإمام أحمد في رواية يعقوب إلى الجواز.
فوائد
إحداها يجوز دفعها إلى موالي مواليهم على الصحيح من المذهب وسئل الإمام أحمد في رواية الميموني مولى قريش يأخذ الصدقة قال ما يعجبني قيل له فإن كان مولى مولى قال هذا أبعد قال في الفروع فيحتمل التحريم.
الثانية يجوز دفعها إلى ولد هاشمية من غير هاشمي على الصحيح من المذهب اعتبارا بالأب قال في الفروع يجوز في ظاهر كلامهم وقاله القاضي في التعليق وقال أبو بكر في التنبيه والشافي لا يجوز واقتصر عليه في الحاوي الكبير وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير وظاهر شرح المجد الإطلاق.
الثالثة لا يحرم أخذ الزكاة على أزواجه صلى الله عليه وسلم في ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب قاله في الفروع وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح في قول عائشة رضي الله عنها إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة هذا يدل على تحريمها على أزواجه عليه أفضل الصلاة والسلام ولم يذكرا ما يخالفه وجزم به بن رزين
256

في شرحه وقال المجد في شرحه أزواجه عليه أفضل الصلاة والسلام من أهل بيته المحرم عليهم الزكاة في إحدى الروايتين.
الثانية لا يحرم عليهن انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين في تحريم الصدقة عليهن وكونهن من أهل بيته روايتان أصحهما التحريم وكونهن من أهل بيته قال في الفروع كذا قال.
قوله (ويجوز لبني هاشم الأخذ من صدقة التطوع ووصايا الفقراء).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وحكاه في الفروع إجماعا ونقل الميموني أن التطوع لا يحل لهم أيضا قال المجد في شرحه فيكون النذر والوصية للفقراء أولى بالتحريم وجزم في الروضة بتحريم أخذ صدقة التطوع على بني هاشم ومواليهم وقدمه بن رزين.
قوله (وفي النذر).
يعني يجوز لهم الأخذ من النذر كصدقة التطوع ووصايا الفقراء وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم.
وقطع في الروضة بتحريمه أيضا عليهم وحكى في الحاويين في جواز أخذهم من النذور وجهين وأطلقهما هو وصاحب تجريد العناية.
قوله (وفي الكفارة وجهان).
قال في الهداية ويتخرج في الكفارة وجهان وأطلقهما في المستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة والشرح والرعايتين والحاويين والفائق والزركشي وتجريد العناية.
أحدهما هي كالزكاة فلا يجوز لهم الأخذ منها لوجوبها بالشرع وهو المذهب صححه المجد في شرحه وقال بل هي أولى من الزكاة في المنع وهو
257

ظاهر الوجيز فإنه قال وللهاشمي والمطلبي الأخذ من الوصية وصدقة التطوع وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني هي كصدقة التطوع قدمه بن رزين وصححه في التصحيح والنظم.
تنبيه رأيت في نسختين عليهما خط المصنف ويجوز لبني هاشم الأخذ من صدقة التطوع ووصايا الفقراء وفي النذر وجهان بغير ذكر الكفارة وأيضا وإطلاق الخلاف في النذر ثم أصلح وعمل كما في الأصل وهو ويجوز لبني هاشم الأخذ من صدقة التطوع ووصايا الفقراء والنذر وفي الكفارة وجهان وهو الأليق بالمشهور بين الأصحاب ولكن قد ذكرنا الخلاف في النذر أيضا.
فائدة إذا حرمت الصدقة على بني هاشم فالنبي صلى الله عليه وسلم بطريق أولى ونقله الميموني وإن لم تحرم عليهم فهي حرام عليه أيضا عليه أفضل الصلاة والسلام على الصحيح قدمه في الفروع وقال اختاره جماعة وصححه المصنف والشارح قال في الفائق ويحرم عليه صدقة التطوع على أصح الروايتين ونقل جماعة عن أحمد لا تحرم عليه اختاره القاضي وذكرها بن البنا وجهين وأطلقهما في المستوعب وشرح المجد والحاوي الكبير.
قوله (وهل يجوز دفعها إلى سائر من تلزمه مؤنته من أقاربه على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والكافي والهادي والشرح والمحرر والنظم والفروع والفائق والزركشي والمذهب الأحمد.
إحداهما لا يجوز دفعها إليهم وهو المذهب جزم به الخرقي وصاحب المبهج والإيضاح وعقود بن البنا والعمدة والإفادات والتسهيل والمنتخب
258

وناظم المفردات وهو منها وصححه في التلخيص والبلغة وتصحيح المحرر واختاره القاضي في الأحكام السلطانية والتعليق وقال هذه الرواية أشهرهما قال الزركشي هي أشهرهما وأنصهما قال ابن هبيرة هي الأظهر قال في الفروع اختاره الأكثر منهم المجد في شرحه وقدمه في المستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وشرح بن رزين.
والرواية الثانية يجوز دفعها إليهم نقلها الجماعة عن الإمام أحمد قال المصنف في المغني وتبعه الشارح هي الظاهر عنه رواها عنه الجماعة وجزم به في الوجيز والمنور وصححه في التصحيح قال القاضي في التعليق يمكن حملها على اختلاف حالين فالمنع إذا كانت النفقة واجبة والجواز إذا لم تجب.
فعلى هذه الرواية لو دفعها إليه وقبلها لم تلزمه نفقته لاستغنائه بها والنفقة لا تجب في الذمة وإن لم يقبلها وطالبه بنفقته الواجبة أجبر على دفعها ولا يجزئه في هذه الحال جعلها زكاة.
تنبيه ظاهر كلام المصنف جواز دفعها إلى أقاربه الذين لا يلزمه نفقتهم إذا كان يرثهم وهو إحدى الروايات وهو المذهب نقله الجماعة وهو داخل في عموم قول المصنف ويستحب صرفها إلى أقاربه الذين لا يلزمه مؤنتهم وهو ظاهر كلامه في النظم والرعايتين وجزم به في الكافي وقدمه في الخلاصة وشرح بن رزين قال الزركشي جاز الدفع إليهم بلا نزاع قال في الفروع اختاره الأكثر منهم الخرقي والقاضي وصاحب المحرر.
والرواية الثانية لا يجوز دفعها إليهم صححه في التلخيص والبلغة وأطلقهما في الفروع.
والرواية الثالثة إن كان يمونهم عادة لم يجز دفعها إليهم وإلا جاز ذكرها بن الزاغوني
259

فوائد
الأولى لو كان أحدهما يرث الآخر ولا يرثه الآخر كعمه وابن أخيها وعتيق ومعتقه وأخوين لأحدهما بن ونحوه فالوارث منهما تلزمه النفقة على الصحيح من المذهب والروايتين على ما يأتي في كلام المصنف في باب نفقة الأقارب.
فعليها في جواز دفع الزكاة إليهم الخلاف المتقدم وعكسه الآخر ذكره المجد في شرحه وتبعه في الفروع وغيره.
الثانية يجوز دفعها إلى ذوي الأرحام ولو ورثوا على الصحيح من المذهب والروايتين لضعف قرابتهم قال المصنف وتبعه الشارح هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفروع وغيره وعنه لا يجوز دفعها إليهم.
الثالثة في الإرث بالرد الخلاف المتقدم قاله في الفروع وقدمه وقال في الرعاية الكبرى يجوز وفيه رواية وتقدم إذا كان غنيا بنفقة لازمة أو تبرع هل يجوز الدفع إليه عند قوله ولا فقيرة لها زوج غني.
الرابعة يجوز كون قريب المزكى عاملا ويأخذ من زكاته بلا نزاع جزم به في الفروع وغيره وقال المجد لا تختلف الرواية أنه يجوز أن يدفع إلى أقاربه غير النفقة الواجبة عليه إذا كان غارما أو مكاتبا أو بن سبيل بخلاف عمودي نسبه لقوة القرابة.
وجعل في الرعايتين والحاويين والفائق الأقارب كعمودي النسب في الإعطاء لغرم وكتابة لا غير على قول فقالوا وقيل يعطى عمودي نسبه وبقية أقاربه لغرم وكتابة وأطلق هذين الوجهين في الحاويين.
وقال في الأحكام السلطانية لا يدفع إلى أقاربه من سهم الغارمين إذا كانوا منهم وجزم المصنف وغيره أنه يعطى قرابته لعمالة وتأليف وغرم لذات البين وغزو ولا يعطى لغير ذلك.
260

الخامسة لو تبرع بنفقة قريب أو يتيم أو غيره وضمه إلى عياله جاز له دفع الزكاة إليه قال المجد وهو ظاهر كلام الخرقي والقاضي وأكثر الأصحاب قال في الفروع اختاره الأكثر منهم المصنف والشارح والشيخ تقي الدين.
ونقل الأكثر عن الإمام أحمد أنه لا يجوز دفعها إليه اختاره أبو بكر في التنبيه وابن أبي موسى في الإرشاد وجزم به في المستوعب وقدمه في الحاوي الكبير وشرح بن رزين وأطلقهما في الفروع وشرح المجد.
قوله (أو إلى الزوج).
على روايتين وأطلقهما في الهداية والمبهج والإيضاح وعقود بن البنا والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي وتجريد العناية.
إحداهما يجوز وهي المذهب اختاره القاضي وأصحابه والمصنف قاله في الفروع وفيه نظر لأنا لم نجد المصنف اختاره في كتبه بل المجزوم به في العمدة خلاف ذلك قال ابن رزين هذا أظهر واختاره أبو بكر قاله شيخنا في تصحيح المحرر وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والتصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في إدراك الغاية.
والرواية الثانية لا يجوز قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الخرقي والعمدة والمنور والتسهيل وصححه في تصحيح المحرر وقال اختاره القاضي في التعليق وقدمه بن رزين في شرحه واختاره أبو بكر والمجد في شرحه وقال اختاره أبو الخطاب واختاره الخلال أيضا وقال هذا القول الذي عليه أحمد ورواية الجواز قول قديم رجع عنه.
فائدة لم يستثن جماعة من الأصحاب منهم المصنف هنا جواز أخذ
261

الزوج من الزوجة وأخذها منه لسبب من الأسباب غير الفقر والمسكنة فلا يجوز أخذ واحد منهما لغزو ولا لكتابة ولا لقضاء دين ونحوه قال المجد في شرحه ظاهر المذهب لا يجوز أخذ واحد منهما من الآخر لقضاء دين ولا لكتابة.
وقال القاضي في المجرد يجوز الأخذ لقضاء دين أو كتابة لأنه لا يدفع عن نفسه نفقة واجبة كعمودي النسب وأما الأخذ لغيرهما فلا يجوز قولا واحدا.
قوله (أو بني المطلب على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وتجريد العناية والزركشي والمذهب الأحمد.
إحداهما يجوز وهو المذهب اختاره المصنف والمجد في شرحه وهو ظاهر كلام الخرقي والمصنف في العمدة وابن عبدوس في تذكرته لمنعهم بني هاشم ومواليهم واقتصارهم على ذلك.
قال في الفروع اختاره الخرقي والشيخ تقي الدين وصاحب المحرر وغيرهم وجزم به بن البنا في العقود وصاحب المنور وقدمه بن رزين في شرحه.
والرواية الثانية لا يجوز اختاره القاضي وأصحابه وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وابن منجا في شرحه وجزم به في المبهج والإيضاح والإفادات والوجيز والتسهيل وإليه ميل الزركشي.
فائدة قال في الفروع لم يذكر الأصحاب موالي بني المطلب قال ويتوجه أن مراد أحمد والأصحاب أن حكمهم كموالي بني هاشم وهو ظاهر الخبر والقياس وسئل في رواية الميموني عن مولى قريش يأخذ الصدقة قال ما يعجبني قيل له فإن كان مولى مولى قال هذا أبعد فيحتمل التحريم انتهى كلام صاحب الفروع.
262

والظاهر أنه تابع القاضي فإنه قال في بعض كلامه لا يعرف فيهم رواية ولا يمتنع أن نقول فيهم ما نقول في موالي بني هاشم انتهى.
قلت لم يطلع صاحب الفروع على كلام القاضي وغيره من الأصحاب في ذلك فقد قال في الجامع الصغير والإشارة والخصال له تحرم الصدقة المفروضة على بني هاشم وبني المطلب ومواليهم وكذا قال في المبهج والإيضاح وقال في الوجيز ولا تدفع إلى هاشمي ومطلبي ومواليهما.
قوله (وإن دفعها إلى من لا يستحقها وهو لا يعلم ثم علم لم يجزه إلا لغني إذا ظنه فقيرا في إحدى الروايتين).
اعلم أنه إذا دفعها إلى من لا يستحقها وهو لا يعلم ثم علم فتارة يكون عدم استحقاقه لغناه وتارة يكون لغيره فإن كان لكفره أو لشرفه أو كونه عبدا فجزم المصنف هنا أنها لا تجزئه وهو المذهب.
قال في الفروع لم تجزه في الأشهر قال صاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمصنف والشارح لم تجزه رواية واحدة وجزم به في المحرر والوجيز والفائق والخلاصة.
وقيل حكمه حكم ما لو بان غنيا على ما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى وجزم به بن عقيل في فنونه وكذلك ذكره القاضي في الجامع الصغير وحكاهما بن تميم طريقتين وأطلقهما قال في القواعد الأصولية فيه طريقان أحدهما كالغنى والثاني لا تجزئه قطعا.
فعلى المذهب يستردها بزيادة مطلقا ذكره الآجري وأبو المعالي وغيرهما واقتصر عليه في الفروع.
وإن ظهر قريبا للمعطى فجزم المصنف هنا أنه لا يجزئه وهو المذهب وعليه الأصحاب قاله المجد وتبعه في الفروع وسوى في الرعايتين والحاويين
263

بين ما إذا بان قريبا غير عمودي النسب وبين ما إذا بان غنيا وأطلق الروايتين.
والمنصوص أنه يجزئه إذا بان قريبا مطلقا.
قال المجد في شرحه هذا أصوب عندي لخروجها عن ملكه إلى من يجوز دفع زكاة سائر الناس إليه ولحديث يزيد بن معن انتهى.
قال في القواعد فإن بان نسيبا فطريقان.
أحدهما لا يجزئه قولا واحدا.
والثاني هو كما لو بان غنيا.
والمنصوص هنا الإجزاء لأن المانع خشية المحاباة وهو منتف مع عدم العلم.
وأما إذا دفعها إلى غني وهو لا يعلم ثم علم فأطلق المصنف في الإجزاء روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والفائق.
إحداهما يجزئه وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال في القواعد الفقهية هذا الصحيح وقال في القواعد الأصولية هذا المذهب.
قال المجد اختاره أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والرواية الثانية لا يجزئه اختاره الآجري والمجد وغيرهما.
فعلى هذه الرواية يرجع على الغني بها إن كانت باقية وإن كانت تلفت رجع بقيمتها يوم تلفها إذا علم أنها زكاة رواية واحدة ذكره القاضي وغيره.
قال ابن شهاب ولا يلزم إذا دفع صدقة تطوع إلى فقير فبان غنيا لأن مقصده في الزكاة إبراء الذمة وقد بطل ذلك فيملك الرجوع والسبب الذي أخرج لأجله في التطوع الثواب ولم يفت فلم يملك الرجوع وسبق رواية مهنا في آخر الباب الذي قبله عند قوله لم يرجع على المسكين.
وسبق كلام أبي الخطاب وغيره هناك.
264

وذكر جماعة من الأصحاب أن كل زكاة لا تجزئ وإن بان الآخذ غنيا فالحكم في الرجوع كالزكاة المعجلة على ما تقدم في آخر الباب الذي قبله وتقدم هناك تفاريع ذلك كله.
فوائد
إحداها لو دفع الإمام أو الساعي الزكاة إلى من يظنه أهلا لأخذها لم يضمن إذا بان غنيا ويضمن في غيره على الصحيح من المذهب قال في الفروع هذا الأشهر.
قال القاضي في المجرد لا يضمن الإمام إذا بان غنيا بغير خلاف وصححه في الأحكام السلطانية وجزم المجد وغيره بعدم الضمان إذا بان غنيا وفي غيره روايتان انتهى.
وعنه يضمن في الجميع قدمه في الرعاية الصغرى ولم يذكر رواية التفرقة وتابعه في الحاويين قال في الفروع كذا قال.
وعنه لا يضمن في الجميع وذكر في الرعاية الكبرى رواية التفرقة وقدم الضمان مطلقا وأطلقهن بن تميم.
الثانية لا يجوز دفع الزكاة إلا لمن يظنه من أهلها فلو لم يظنه من أهلها فدفعها إليه ثم بان من أهلها لم تجزه على الصحيح من المذهب.
وقال في الفروع ويتوجه تخريج من الصلاة إذا أصاب القبلة.
الثالثة الكفارة كالزكاة فيما تقدم من الأحكام ومن ملك فيهما الرجوع ملكه وارثه.
فائدة قوله والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة.
هذا بلا نزاع وهي أفضل من العتق نقله حرب لحديث ميمونة والعتق أفضل من الصدقة على الأجانب إلا زمن الغلاء والحاجة نقله بكر بن محمد
265

وأبو داود وقال الحلواني في التبصرة وصاحب الحاوي الصغير العتق أحب القرب إلى الله انتهيا ويأتي ذلك أول كتاب العتق.
وهل الحج أفضل أم الصدقة مع عدم الحاجة أم مع الحاجة وعلى القريب أم على القريب مطلقا فيه أربع روايات.
قال الشيخ تقي الدين الحج أفضل من الصدقة وهو مذهب أحمد انتهى.
قلت الصدقة زمن المجاعة لا يعدلها شيء لا سيما الجار خصوصا القرابة.
وقال في المستوعب وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بالحج التطوع.
فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة فيبقى قول خامس.
وفي كتاب الصفوة لابن الجوزي الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد.
وسبق في أول صلاة التطوع أن الحج أفضل من العتق.
فحيث قدمت الصدقة على الحج فعلى العتق بطريق أولى وحيث قدم العتق على الصدقة فالحج بطريق أولى ويأتي في باب الوليمة هل يجوز الأكل من مال من في ماله حرام وحلال أم لا.
قوله (ويستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه).
هكذا أطلق جماعة من الأصحاب ومرادهم بالكفاية الكفاية الدائمة كما صرح به الأصحاب بمتجر أو غلة وقف وصنعة وهذا المذهب مطلقا أعني الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه بمتجر ونحوه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المذهب والمغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وقال ومعنى كلام بن الجوزي في بعض كتبه لا يكفي الاكتفاء بالصنعة وقاله في غلة وقف أيضا قال صاحب الفروع وفي الاكتفاء بالصنعة نظر وقال ابن عقيل في موضع من كلامه أقسم بالله لو عبس الزمان في وجهك مرة لعبس في وجهك أهلك وجيرانك ثم حث على إمساك المال.
266

وذكر بن الجوزي في كتابه السر المصون أن الأولى أن يدخر لحاجة تعرض وأنه قد يتفق له مرفق فيخرج ما في يده فينقطع مرفقه فيلاقي من الضرر ومن الذل ما يكون الموت دونه وذكر كلاما طويلا في ذلك.
قوله (وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته أثم).
وكذا لو أضر ذلك بنفسه أو بغريمه أو بكفالته قاله الأصحاب.
فائدة قال في الفروع ظاهر كلام جماعة من الأصحاب أنه إذا لم يضر فالأصل الاستحباب وجزم في الرعاية الكبرى بما ذكره بعض الأصحاب أنه يكره التصدق قبل الوفاء والإنفاق الواجب.
قوله (ومن أراد الصدقة بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك).
بلا نزاع لكن ظاهر ذلك الجواز لا الاستحباب وصرح به بعضهم وجزم المجد في شرحه وغيره بالاستحباب قال في الفروع ودليلهم يقتضي ذلك.
قوله (فإن لم يثق من نفسه لم يجز له).
وهو المذهب وعليه الأصحاب قاله أبو الخطاب وغيره فيمنع من ذلك ويحجر عليه وقال المصنف وغيره يكره ذلك.
قوله (ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة).
بلا نزاع زاد في الفروع وغيره وكذا من لا عادة له بالضيق.
فوائد
الأولى ظهر مما سبق أن الفقير لا يقترض ويتصدق ونص الإمام أحمد في فقير لقرابته وليمة يستقرض ويهدى له ذكره أبو الحسين في الطبقات.
267

قال الشيخ تقي الدين فيه صلة الرحم بالقرض.
قال في الفروع ويتوجه أن مراده أنه يظن وفاء وقال أيضا ويتوجه في الأظهر أن أخذ صدقة التطوع أولى من الزكاة وأن أخذها سرا أولى.
قال وفيها قولان للعلماء أظن علماء الصوفية.
الثانية تجوز صدقة التطوع على الكافر والغني وغيرهما نص عليه ولهم أخذها.
الثالثة يستحب التعفف فلا يأخذ الغني صدقة ولا يتعرض لها فإن أخذها مظهرا للفاقة قال في الفروع فيتوجه التحريم قلت وهو الصواب.
الرابعة يحرم المن بالصدقة وغيرها وهو كبيرة على نص أحمد الكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة ويبطل الثواب بذلك وللأصحاب خلاف فيه وفيه بطلان طاعة بمعصية واختار الشيخ تقي الدين الإحباط لمعنى الموازنة.
قال في الفروع ويحتمل أن يحرم المن إلا عند من كفر إحسانه وأساء إليه فله أن يعدد إحسانه.
الخامسة من أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ولا يجب قال الإمام أحمد ما أحسن أن يمضيه وعنه يمضيه ولا يرجع فيه وحمل القاضي ما روى عن أحمد على الاستحباب قال ابن عقيل لا أعلم للاستحباب وجها قاله في القاعدة الثانية والخمسين وهو كما قال وإنما يتخرج على أن الصدقة تتعين بالتعيين كالهدي والأضحية يتعينان بالقول وفي تعيينهما بالنية وجهان انتهى.
وتقدم متى يملك الصدقة في آخر الباب الذي قبله فليعاود.
268

كتاب الصيام.
فوائد
إحداها الصوم والصيام في اللغة الإمساك وهو في الشرع عبارة عن إمساك مخصوص في وقت مخصوص على وجه مخصوص.
الثانية فرض صوم رمضان في السنة الثانية إجماعا فصام رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام تسع رمضانات إجماعا.
الثالثة المستحب أن يقول شهر رمضان كما قال الله تعالى ولا يكره قول رمضان بإسقاط شهر مطلقا على الصحيح من المذهب وذكر المصنف يكره إلا مع قرينة وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى وجها يكره مطلقا وفي المنتخب لا يجوز.
قوله (وإن حال دون منظره غيم أو قتر ليلة الثلاثين وجب صيامه بنية رمضان في ظاهر المذهب).
وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا فيه التصانيف وردوا حجج المخالف وقالوا نصوص أحمد تدل عليه وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجب صومه قبل رؤية هلاله أو إكمال شعبان ثلاثين.
قال الشيخ تقي الدين هذا مذهب أحمد المنصوص الصريح عنه وقال لا أصل للوجوب في كلام الإمام أحمد ولا في كلام أحد من الصحابة.
ورد صاحب الفروع جميع ما احتج به الأصحاب للوجوب وقال لم أجد عن أحمد قولا صريحا بالوجوب ولا أمر به فلا يتوجه إضافته إليه واختار هذه الرواية أبو الخطاب وابن عقيل ذكره في الفائق واختارها صاحب التبصرة قاله في الفروع واختارها الشيخ تقي الدين وأصحابه منهم صاحب التنقيح والفروع والفائق وغيرهم وصححه بن رزين في شرحه.
269

فعلى هذه الرواية يباح صومه قال في الفائق اختاره الشيخ تقي الدين وقيل بل يستحب قال الزركشي اختاره أبو العباس انتهى.
قال في الاختيارات وحكى عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرا إلى أنه لا يستحب صومه انتهى.
وعنه الناس تبع للإمام إن صام صاموا وإلا فيتحرى في كثرة كمال الشهور ونقصها وإجباره بمن لا يكتفى به وغير ذلك من القرائن ويعمل بظنه وقيل إلا المنفرد برؤيته فإنه يصومه على الأصح وقيل الناس تبع للإمام في الصوم والفطر إلا المنفرد برؤيته فإنه يصومه حكى هذين القولين صاحب الرعاية.
قلت المذهب وجوب صوم المنفرد برؤيته على ما يأتي في كلام المصنف رحمه الله قريبا.
وعنه صومه منهي عنه قاله في الفروع وقال اختاره أبو القاسم بن منده الأصفهاني وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم قال الزركشي وقد قيل إن هذا اختيار بن عقيل وأبي الخطاب في خلافيهما قال والذي نصره أبو الخطاب في الخلاف الصغير كالأول وأصل هذا في الكبير انتهى.
فعلى هذه الرواية قيل يكره صومه وذكره بن عقيل رواية وقيل النهي للتحريم ونقله حنبل ذكره القاضي وأطلقهما في الفروع والزركشي والفائق فقال وإذا لم يجب فهل هو مباح أو مندوب أو مكروه أو محرم على أربعة أوجه اختار شيخنا الأول انتهى.
قال بعض الأصحاب يجيء في صيامه الأحكام الخمسة قال الزركشي وقول سادس بالتبعية.
وعمل بن عقيل في موضع من الفنون بعادة غالبة كمضي شهرين كاملين فالثالث ناقص وقال هو معنى التقدير وقال أيضا البعد مانع كالغيم فيجب على كل حنبلي يصوم مع الغيم أن يصوم مع البعد لاحتماله.
270

وقال أيضا الشهور كلها مع رمضان في حق المطمور كاليوم الذي يشك فيه من الشهر في التحرز وطلب التحقق ولا أحد قال بوجوب الصوم بل بالتأخير ليقع أداء أو قضاء كذا لا يجوز تقديم صوم لا يتحقق من رمضان وقال في مكان آخر أو يظنه لقبولنا شهادة واحد.
تنبيه فعلى قول الأصحاب يجوز صومه بنية رمضان حكما ظنيا بوجوبه احتياطا ويجزئ على الصحيح من
المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه ينويه حكما جازما بوجوبه وذكره بن أبي موسى عن بعض الأصحاب وجزم به في الوجيز قال الزركشي حكى عن التميمي.
فعلى المقدم وهو الصحيح يصلي التراويح على أصح الوجهين اختاره بن حامد والقاضي وجماعة منهم ولده القاضي أبو الحسين قال في المستوعب في صلاة التطوع وصاحب الحاوي الكبير هذا الأقوى عندي قال المجد في شرحه هو أشبه بكلام أحمد في رواية الفضل القيام قبل الصيام احتياطا لسنة قيامه ولا يتضمن محذورا والصوم نهي عن تقديمه قال في تجريد العناية وتصلى التراويح ليلتئذ في الأظهر قال ابن تميم فعلت في أصح الوجهين قال ابن الجوزي هو ظاهر كلام الإمام أحمد واختيار مشايخنا المتقدمين ذكره في كتاب درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم.
والوجه الثاني لا تصلى التراويح اقتصارا على النص اختاره أبو حفص والتميميون وغيرهم وجزم به بن عبدوس في تذكرته وصاحب المنور وصححه في تصحيح المحرر قال في التلخيص وهو أظهر قال الناظم هو أشهر القولين وأطلقهما في المحرر وشرح الهداية والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والزركشي والقواعد الفقهية وهو ظاهر الفروع.
وأما بقية الأحكام من حلول الآجال ووقوع المتعلقات وانقضاء العدد ومدة الإيلاء وغير ذلك فلا يثبت منها شيء على الصحيح عندهم وقدمه في
271

الفروع وقال هو أشهر وذكر القاضي احتمالا تثبت هذه الأحكام كما يثبت الصوم وتوابعه وتبييت النية ووجوب الكفارة بالوطء فيه ونحو ذلك قال في القواعد وهو ضعيف قال الزركشي هما احتمالان للقاضي في التعليق وأطلقهما وعلى رواية أنه ينويه حكما بوجوبه جاز ما يصلي التراويح أيضا على الصحيح وجزم به أكثر الأصحاب وقيل لا يصلي.
فائدة قال في المستوعب فإن غم هلال شعبان وهلال رمضان جميعا فعلى الرواية الأولى وهي المذهب عند الأصحاب يجب أن يقدروا رجبا وشعبانا ناقصين ثم يصومون ولا يفطرون حتى يروا هلال شوال ويتموا صومهم اثنين وثلاثين يوما وعلى هذا فقس إذا غم هلال رجب وشعبان ورمضان.
ويأتي بأتم من هذا عند قوله وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا.
قوله (وإذا رؤي الهلال نهارا قبل الزوال وبعده فهو لليلة المقبلة).
هذا المذهب سواء كان أول الشهر أو آخره جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال في الفروع هذا المشهور قال الزركشي هذا المذهب فعليه لا يجب به صوم ولا يباح به فطر.
وعنه إذا رؤي بعد الزوال فهو لليلة المقبلة وقبل الزوال للماضية اختاره أبو بكر والقاضي وقدمه في الفائق.
وعنه إذا رؤي بعد الزوال آخر الشهر فهو لليلة المقبلة وإلا لليلة الماضية قال في المذهب فأما إذا رؤي في آخره قبل الزوال فهو للماضية قولا واحدا وإن كان بعد الزوال فعلى روايتين انتهى.
وعنه إذا رؤي قبل الزوال وبعده آخر الشهر فهو لليلة المقبلة وإلا لليلة الماضية.
272

قوله (وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم).
لا خلاف في لزوم الصوم على من رآه وأما من لم يره فإن كانت المطالع متفقة لزمهم الصوم أيضا وإن اختلفت المطالع فالصحيح من المذهب لزوم الصوم أيضا قدمه في الفروع والفائق والرعاية وهو من المفردات وقال في الفائق والرؤية ببلد تلزم المكلفين كافة.
وقيل تلزم من قارب مطلعهم اختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين وقال في الفروع وقال شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة فإن اتفقت لزم الصوم وإلا فلا وقال في الرعاية الكبرى يلزم من لم يره حكم من رآه ثم قال قلت بل هذا مع تقارب المطالع واتفاقها دون مسافة القصر لا فيما فوقها مع اختلافها انتهى.
فاختار أن البعد مسافة القصر وفرع فيها على المذهب وعلى اختياره فقال لو سافر من بلد لرؤية ليلة الجمعة إلى بلد لرؤية ليلة السبت فبعد وتم شهره ولم يروا الهلال صام معهم وعلى المذهب يفطر فإن شهد به وقبل قوله أفطروا معه على المذهب وإن سافر إلى بلد لرؤية ليلة الجمعة من بلد لرؤية ليلة السبت وبعد أفطر معهم وقضى يوما على المذهب ولم يفطر على الثاني ولو عيد ببلد بمقتضى الرؤية ليلة الجمعة في أوله وسافرت سفينة أو غيرها سريعا في يومه إلى بلد الرؤية ليلة السبت وبعد أمسك معهم بقية يومه لا على المذهب انتهى.
قال في الفروع كذا قال قال وما ذكره على المذهب واضح وعلى اختياره فيه نظر لأنه في الأولى اعتبر حكم البلد المنتقل إليه لأنه صار من جملتهم وفي الثانية اعتبر حكم المنتقل منه لأنه التزم حكمه انتهى.
قوله (ويقبل في هلال رمضان قول عدل واحد).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقال في الرعاية ويثبت
273

بقول عدل واحد وقيل حتى مع غيم وقتر فظاهره أن المقدم خلافه قال في الفروع والمذهب التسوية وعنه لا يقبل فيه إلا عدلان كبقية الشهود.
واختار أبو بكر أنه إن جاء من خارج المصر أو رآه في المصر وحده لا في جماعة قبول قول عدل واحد وإلا اثنان وحكى هذه رواية قال في الرعاية وقيل عنه إن جاء من خارج المصر أو رآه فيه لا في جمع كثير قبل وإلا فلا.
فقال في هذه الرواية لا في جمع كثير ولم يقل وإلا اثنان.
فعلى المذهب هو خبر لا شهادة على الصحيح من المذهب فيقبل قول عبد وامرأة واحدة.
وقال في المبهج أما الرؤية فيصوم الناس بشهادة الرجل العدل أو امرأتين.
فظاهره أنه لا يقبل قول امرأة واحدة ويأتي الخلاف فيها.
وعلى المذهب أيضا لا يختص بحاكم بل يلزم الصوم من سمعه من عدل قال بعض الأصحاب ولو رد الحاكم قوله.
وقال أبو البقاء إذا ردت شهادته ولزم الصوم فأخبره غيره لم يلزمه بدون ثبوت وقيل إن وثق إليه لزمه ذكره بن عقيل.
وعلى المذهب لا يعتبر لفظ الشهادة وذكر القاضي في شهادة القاذف أنه شهادة لا خبر فتنعكس هذه الأحكام وذكر بعضهم وجهين هل هو خبر أو شهادة قال في الرعاية وفي المرأة والعبد إذا قلنا يقبل قول عدل وجهان وأطلق في قبول المرأة الواحدة إذا قلنا يقبل قول عدل واحد الوجهان في الرعاية الصغرى والنظم والحاويين والفائق وقال في الكافي يقبل قول العبد لأنه خبر وفي المرأة وجهان أحدهما يقبل لأنه خبر والثاني لا يقبل لأن طريقه الشهادة ولهذا لا يقبل فيه شهادة شاهد الفرع مع إمكان شاهد الأصل ويطلع عليه الرجل كهلال شوال قال في الفروع كذا قال.
274

تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا يقبل قول الصبي المميز والمستور وهو صحيح وهو المذهب وقطع به أكثرهم وقال في الفروع يتوجه في المستور والمميز الخلاف.
فائدة إذا ثبت الصوم بقول عدل ثبتت بقية الأحكام على الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه في مسألة الغيم وقطع به في القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائتين وقال صرح به بن عقيل في عمد الأدلة وقدمه في الفروع وقال القاضي في مسألة الغيم مفرقا بين الصوم وبين غيره وقد يثبت الصوم ما لا يثبت الطلاق والعتق ويحل الدين وهو شهادة عدل ويأتي إن شاء الله تعالى إذا علق طلاقها بالحمل فشهد به امرأة.
قوله (ولا يقبل في سائر الشهور إلا عدلان).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وحكاه الترمذي إجماعا وقال في الرعاية الكبرى وعنه يقبل في هلال شوال عدل واحد بموضع ليس فيه غيره فعلى المذهب قال الزركشي قبوله بشهادة عدلين يحتمل عند الحاكم ويحتمل مطلقا وبه قطع أبو محمد فجوز الفطر بقولهما لمن يعرف حالهما ولو ردهما الحاكم لجهله بهما ولكل واحد منهما الفطر انتهى.
قوله (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما فلم يروا الهلال أفطروا).
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يفطرون مع الصحو وصححه في الحاويين قال في الفروع اختاره في المستوعب وأبو محمد بن الجوزي لأن عدم الهلال يقين فيقدم على الظن وهو الشهادة انتهى.
275

قلت ليس كما قال صاحب المستوعب وصاحب المستوعب قطع بالفطر فقال وإن صاموا بشهادة عدلين أفطروا وجها واحدا.
قوله (وإن صاموا بشهادة واحد فعلى وجهين).
عند الأكثر وقيل هما روايتان وأطلقهما في الكافي والمغني والرعايتين والفروع والفائق والشرح.
أحدهما لا يفطرون وهو الصحيح من المذهب جزم به في العمدة والمنور والمنتخب وصححه في التصحيح والمذهب والخلاصة والبلغة والنظم واختاره بن عبدوس في تذكرته قال في القواعد أشهر الوجهين لا يفطرون انتهى وقدمه في الهداية والفصول والمستوعب والهادي والتلخيص والمحرر وشرح بن رزين.
والوجه الثاني يفطرون اختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز والتسهيل وظاهر كلامه في الحاويين أن على هذا الأصحاب فإنه قال فيها ومن صام بشهادة اثنين ثلاثين يوما ولم يره مع الغيم أفطر ومع الصحو يصوم الحادي والثلاثين هذا هو الصحيح وقال أصحابنا له الفطر بعد إكمال الثلاثين صحوا كان أو غيما وإن صام بشهادة واحد فعلى ما ذكرنا في شهادة اثنين وقيل لا يفطر بحال انتهى.
وقيل لا يفطرون إن صاموا بشهادة واحد إلا إذا كان آخر الشهر غيم.
قال المجد في شرحه وهذا حسن إن شاء الله تعالى واختاره في الحاويين.
قوله (وإن صاموا لأجل الغيم لم يفطروا).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل يفطرون وقال في الرعاية قلت إن صاموا جزما مع الغيم أو القتر أفطروا وإلا فلا.
276

قلت وكلا القولين ضعيف جدا فلا يعمل بهما.
فعلى المذهب إن غم هلال شعبان وهلال رمضان فقد يصام اثنان وثلاثون يوما حيث نقصنا رجب وشعبان وكانا كاملين وكذا الزيادة إن غم هلال رمضان وشوال وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين قال في المستوعب وعلى هذا فقس قال في الفروع وليس مراده مطلقا.
فائدة لو صاموا ثمانية وعشرين يوما ثم رأوا هلال شوال أفطروا قطعا وقضوا يوما فقط على الصحيح من المذهب ونقله حنبل وجزم به المجد في شرحه وغيره وقدمه في الفروع وقال ويتوجه تخريج واحتمال يعني أنهم يقضون يومين.
قوله (ومن رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته لزمه الصوم).
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقل حنبل لا يلزمه الصوم واختاره الشيخ تقي الدين.
قال الزركشي وصاحب الفائق هذه الرواية عن أحمد فعلى المذهب يلزمه حكم رمضان فيقع طلاقه وعتقه المعلق بهلال رمضان وغير ذلك من خصائص الرمضانية.
وعلى الرواية الثانية قال في المستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم لا يلزمه شيء واختاره الشيخ تقي الدين وظاهر ما قدمه في الفروع أنه يلزمه جميع الأحكام خلا الصيام على هذه الرواية ويأتي في باب ما يفسد الصوم عند قوله وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته وردت شهادته بعض ما يتعلق بذلك.
فعلى الأولى هل يفطر يوم الثلاثين من صيام الناس لأنه قد أكمل العدة في حقه أم لا يفطر فيه وجهان ذكرهما أبو الخطاب وقال في الرعايتين وتابعه
277

في الفائق قلت فعلى الأولة هل يفطر مع الناس أو قبلهم يحتمل وجهين وأطلق الوجهين في الفروع وقال ويتوجه عليهما وقوع طلاقه وحلول دينه المعلقين به قال في الرعاية قلت فعلى الأولة يقع طلاقه ويحل دينه المعلقين به.
قلت وهو الصواب.
وقواعد الشيخ تقي الدين أنه لا يفطر إلا مع الناس ولا يقطع طلاقه المعلق ولا يحل دينه.
وتقدم إذا قلنا يقبل قول عدل واحد أنه خبر لا شهادة فيلزم من أخبره الصوم.
قوله (وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر).
هذا المذهب نقله الجماعة عن أحمد وعليه أكثر الأصحاب وقال أبو حكيم يتخرج أن يفطر واختاره أبو بكر قال ابن عقيل يجب الفطر سرا وهو حسن وقال في الرعاية الكبرى فيمن رأى هلال شوال وحده وعنه يفطر وقيل سرا قال في الفروع كذا قال قال المجد في شرحه لا يجوز إظهار الفطر إجماعا قال القاضي ينكر على من أكل في رمضان ظاهرا وإن كان هناك عذر قال في الفروع فظاهره المنع مطلقا وقيل لابن عقيل يجب منع مسافر ومريض وحائض من الفطر ظاهرا لئلا يتهم فقال إن كانت أعذار خفية يمنع من إظهاره كمريض لا أمارة له ومسافر لا علامة عليه.
تنبيه قال الشيخ تقي الدين والنزاع في أصل المسألة مبني على أصل وهو أن الهلال هل هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يظهر أو أنه لا يسمى هلالا إلا بالظهور والاشتهار كما يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار فيه قولان للعلماء هما روايتان عن الإمام أحمد.
فائدتان
إحداهما قال المجد في شرحه المنفرد بمفازة ليس بقربه بلد يبني على يقين
278

رؤيته لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة بل الظاهر الرؤية بمكان آخر.
الثانية لو رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم أو شهدا فردهما لجهله بحالهما لم يجز لأحدهما ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما في قياس المذهب قاله المجد في شرحه لما فيه من الاختلاف وتشتيت الكلمة وجعل مرتبة الحاكم لكل إنسان وقدمه في الفروع وجزم المصنف والشارح بالجواز وهو الصواب.
قوله (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزاه).
إن وافق صوم الأسير ومن في معناه كالمطمور ومن بمفازة ونحوهم شهر رمضان فلا نزاع في الإجزاء وإن وافق ما بعده ما بعده فتارة يوافق رمضان القابل وتارة يوافق ما قبل رمضان القابل فإن وافق ما قبل رمضان القابل فلا نزاع في الإجزاء كما جزم به المصنف لكن إن صادف صومه شوالا أو ذا الحجة صام بعد الشهر يوما مكان يوم العيد وأربعا إن قلنا لا تصام أيام التشريق.
ويأتي ما إذا صام شهرا كاملا عن رمضان وكان أحدهما ناقصا في باب ما يكره ويستحب.
وإن وافق رمضان السنة القابلة فقال المجد في شرحه قياس المذهب لا يجزئه عن واحد منهما إن اعتبرنا نية التعيين وإن لم نعتبرها وقع عن رمضان الثاني وقضى الأول واقتصر عليه في الفروع.
قوله (وإن وافق قبله لم يجزه).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقال في الفائق قلت وتتوجه الصحة بناء على أن فرضه اجتهاده.
فعلى المذهب لو صام شعبان ثلاث سنين متوالية ثم علم بعد ذلك صام
279

ثلاثة أشهر شهرا على إثر شهر كالصلاة إذا فاتته نقله مهنا وذكره أبو بكر في التنبيه قال في الفروع ومرادهم والله أعلم أن هذه المسألة كالشك في دخول وقت الصلاة على ما سبق وسبق في باب النية تصح نية القضاء بنية الأداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه للعجز عنها انتهى.
فائدة لو تحرى وشك هل وقع صومه قبل الشهر أو بعده أجزأه كمن تحرى في الغيم وصلى ولو صام بلا اجتهاد فحكمه حكم من خفيت عليه القبلة على ما تقدم ولو ظن أن الشهر لم يدخل فصام ثم تبين أنه كان دخل لم يجزه وسبق في القبلة وجه بالإجزاء فكذا هنا.
ولو شك في دخوله فكما لو ظن أنه لم يدخل وقال في الرعاية يحتمل وجهين قال في الفروع كذا قال.
ونقل مهنا إن صام لا يدرى هو رمضان أو لا فإنه يقضي إذا كان لا يدري.
ويأتي ما يتعلق بالقضاء في بابه.
قوله (ولا يجب الصوم إلا على المسلم العاقل البالغ القادر على الصوم).
احترازا من غير القادر كالعاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه وما في معناه على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
قوله (ولا يجب على كافر ولا مجنون).
تقدم حكم الكافر في كتاب الصلاة والردة تمنع صحة الصوم إجماعا فلو ارتد في يوم ثم أسلم فيه أو بعده أو ارتد في ليلة ثم أسلم فيها فجزم المصنف وغيره بقضائه وقال المجد ينبني على الروايتين فيما إذا وجد الموجب في بعض اليوم فإن قلنا يجب وجب هنا وإلا فلا وأما المجنون فيأتي حكمه بعد ذلك.
280

قوله (ولا صبي).
يعني لا يجب الصوم عليه وهو الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب قال القاضي المذهب عندي رواية واحدة لا يجب الصوم حتى يبلغ وعنه يجب على المميز إن أطاقه وإلا فلا اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وأطلقهما في الحاويين وأطلق في الترغيب وجهين وأطلق بن عقيل الروايتين ومرادهم إذا كان مميزا كما صرح به جماعة.
وعنه يجب على من بلغ عشر سنين وأطاقه وقد قال الخرقي يؤخذ به إذا.
فائدة أكثر الأصحاب أطلق الإطاقة وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقدمه في الرعاية وحدد بن أبي موسى إطاقته بصوم ثلاثة أيام متوالية ولا يضره.
قوله (لكن يؤمر به إذا أطاقه ويضرب عليه ليعتاده).
يعني على القول بعدم الوجوب قال أكثر الأصحاب يكون الأمر بذلك والضرب عند الإطاقة قاله في الفروع وذكر المصنف قول الخرقي وقال اعتباره بالعشر أولى لأمره عليه أفضل الصلاة والسلام بالضرب على الصلاة عندها وقال المجد لا يؤخذ به ويضرب عليه فيما دون العشر كالصلاة وعلى كلا القولين يجب ذلك على الولي صرح به جماعة من الأصحاب واقتصر عليه في الفروع وقال ابن رزين يسن لوليه ذلك.
فائدة حيث قلنا بوجوب الصوم على الصبي فإنه يعصي بالفطر ويلزمه الإمساك والقضاء كالبالغ.
قوله (وإذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار لزمهم الإمساك والقضاء).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وذكر أبو الخطاب رواية لا يلزم
281

الإمساك وأطلقهما في الهداية وقال الشيخ تقي الدين يمسك ولا يقضي وأنه لو لم يعلم بالرؤية إلا بعد الغروب لم يلزمه القضاء.
قوله (وإن أسلم كافر أو أفاق مجنون أو بلغ صبي فكذلك).
يعني يلزمهم الإمساك والقضاء إذا وجد ذلك في أثناء النهار وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يجب الإمساك ولا القضاء وقدمه بن رزين وقال لأنه لم يدرك وقتا يمكنه التلبس قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي في الكافي وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والفائق والشرح وأطلقهما في المجنون في المغني وقال الزركشي وحكى أبو العباس رواية فيما أظن واختارها يجب الإمساك دون القضاء والقضاء في حق هؤلاء من مفردات المذهب ويأتي أحكام المجنون.
فائدة لو أسلم الكافر الأصلي في أثناء الشهر لم يلزمه قضاء ما سبق منه بلا خلاف عند الأئمة الأربعة.
قوله (وإن بلغ الصبي صائما أي بالسن والاحتلام أتم ولا قضاء عليه عند القاضي).
كنذره إتمام نفل قال في الخلاصة والبلغة فلا قضاء في الأصح وصححه في تصحيح المحرر وقدمه في المستوعب والتلخيص وشرح بن رزين وعند أبي الخطاب عليه القضاء كالصلاة إذا بلغ في أثنائها وجزم به في الإفادات والوجيز وأطلقهما في الهداية والمذهب والكافي والمغني والهادي والمجد في شرحه ومحرره والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والشرح.
والخلاف هنا مبني على الصحيح من المذهب في المسألة التي قبلها.
فائدة لو علم أنه يبلغ في أثناء اليوم بالسن لم يلزمه الصوم قبل زوال عذره لوجود المبيح قاله الأصحاب ولو علم المسافر أنه يقدم غدا لزمه الصوم على
282

الصحيح نقله أبو طالب وأبو داود كمن نذر صوم يوم يقدم فلان وعلم قدومه في غد وهو من المفردات.
وقيل يستحب لوجود سبب الرخصة قال المجد وهو أقيس لأن المختار أن من سافر في أثناء يوم له الفطر.
قوله (وإن طهرت حائض أو نفساء أو قدم المسافر مفطرا فعليهم القضاء).
إجماعا وفي الإمساك روايتان وأطلقهما في الهداية والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين والشرح.
إحداهما يلزمه الإمساك وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع لزمهم الإمساك على الأصح وصححه في التصحيح وفصول بن عقيل قال في تجريد العناية أمسكوا على الأظهر ونصره في المبهج وجزم به في الإيضاح والوجيز والإفادات وقدمه في المستوعب والفائق.
والرواية الثانية لا يلزمهم الإمساك.
وتقدم أن من أبيح له الفطر من الحائض والمريض وغيرهما لا يجوز لهم إظهاره عند قوله وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر.
ويأتي في أحكام أهل الذمة منعهم من إظهار الأكل في رمضان.
فوائد
الأولى لو بريء المريض مفطرا فحكمه حكم الحائض والنفساء والمسافر.
الثانية لو أفطر المقيم متعمدا ثم سافر في أثناء اليوم أو تعمدت المرأة الفطر ثم حاضت في أثناء اليوم لزمهم الإمساك في السفر والحيض نقله بن القاسم وحنبل فيعايى بها ووجه في الفروع عدم الإمساك مع الحيض والسفر خلافا.
283

وقال في المستوعب وعنه في صائم أفطر عمدا أو لم ينو الصوم حتى أصبح لا إمساك عليه قال في الفروع كذا قال.
وأطلق جماعة الروايتين في الإمساك وقال في الفصول يمسك من لم يفطر وإلا فروايتان ونقل الحلواني إذا قال المسافر أفطر غدا أنه كقدومه مفطرا وجعله القاضي محل وفاق.
الثالثة إذا قلنا لا يجب الإمساك فقدم مسافر مفطرا فوجد امرأته قد طهرت من حيضها جاز أن يطأها فيعايى بها.
الرابعة لو حاضت امرأة في أثناء يوم فقال الإمام أحمد تمسك كمسافر قدم هذا الصحيح من المذهب وجعلها القاضي كعكسها تغليبا للواجب ذكره بن عقيل في المنثور وذكر في الفصول فيما إذا طرأ المانع روايتين وذكره المجد قال في الفروع يؤخذ من كلام غيره إن طرأ جنون وقلنا يمنع الصحة وأنه لا يقضى أنه هل يقضى على روايتين في إفاقته في أثناء يوم بجامع أنه أدرك جزءا من الوقت قال في الفروع وظاهر كلامهم الإمساك مع المانع وهو أظهر.
الخامسة لا يلزم من أفطر في صوم واجب غير رمضان الإمساك ذكره جماعة وقدمه في الفروع وقيل يلزم.
قوله (ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا).
بلا نزاع لكن لو كان الكبير مسافرا أو مريضا فلا فدية لفطره بعذر معتاد ذكره القاضي في الخلاف قاله في الفروع وقال المجد في شرحه ذكره القاضي في تعليقه وهما كتاب واحد ولا قضاء عليه والحالة هذه للعجز عنه وتبع القاضي من بعده فيعايى بها.
ويأتي حكم الكفارة إذا عجز عنها بعد أحكام الحامل والمرضع.
284

ويأتي آخر باب ما يفسد الصوم إذا عجز عن كفارة الوطء وغيره.
فائدتان
إحداهما لو أطعم العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ثم قدر على القضاء فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم المعضوب في الحج إذا حج عنه ثم عوفي على ما يأتي في كلام المصنف في كتاب الحج جزم به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره وذكر بعض الأصحاب احتمالين أحدهما هذا والثاني يلزمه القضاء بنفسه.
الثانية المراد بالإطعام هنا ما يجزئ في الكفارة قاله الأصحاب.
تنبيه ظاهر قوله أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا أنه لا يجزئ الصوم عنهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين لو تبرع إنسان بالصوم عمن لا يطيقه لكبر ونحوه أو عن ميت وهما معسران توجه جوازه لأنه أقرب إلى المماثلة من المال وحكى القاضي في صوم النذر في حياة الناذر نحو ذلك.
قوله (والمريض إذا خاف الضرر والمسافر استحب لهما الفطر).
أما المريض إذا خاف زيادة مرضه أو طوله أو كان صحيحا ثم مرض في يومه أو خاف مرضا لأجل العطش أو غيره فإنه يستحب له الفطر ويكره صومه وإتمامه إجماعا.
فوائد
إحداها من لم يمكنه التداوي في مرضه وتركه يضر به فله التداوي نقله حنبل فيمن به رمد يخاف الضرر بترك الاكتحال لتضرره بالصوم كتضرره بمجرد الصوم.
الثانية مفهوم قوله والمريض إذا خاف الضرر أنه إذا لم يخف الضرر
285

لا يفطر وهو صحيح وعليه الأصحاب وجزم به في الرعاية في وجع رأس وحمى ثم قال قلت إلا أن يتضرر قال في الفروع كذا قال.
وقيل لأحمد متى يفطر المريض قال إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال وأي مرض أشد من الحمى.
الثالثة إذا خاف التلف بصومه أجزأ صومه وكره على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وقال في عيون المسائل والانتصار والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم يحرم صومه قال في الفروع ولم أجدهم ذكروا في الإجزاء خلافا وذكر جماعة في صوم الظهار أنه يجب فطره بمرض مخوف.
الرابعة لو خاف بالصوم ذهاب ماله فسبق أنه عذر في ترك الجمعة والجماعة في صلاة الخوف.
الخامسة لو أحاط العدو ببلد والصوم يضعفهم فهل يجوز الفطر ذكر الخلال روايتين وقال ابن عقيل إن حصر العدو بلدا أو قصد المسلمون عدوا لمسافة قريبة لم يجز الفطر والقصر على الأصح ونقل حنبل إذا كانوا بأرض العدو وهم بالقرب أفطروا عند القتال.
واختار الشيخ تقي الدين الفطر للتقوى على الجهاد وفعله هو وأمر به لما نزل العدو دمشق وقدمه في الفائق وهو الصواب فعلى القول بالجواز يعايى بها.
وذكر جماعة فيمن هو في الغزو وتحضر الصلاة والماء إلى جنبه يخاف إن ذهب إليه على نفسه أو فوت مطلوبه فعنه يتيمم ويصلي اختاره أبو بكر.
وعنه لا يتيمم ويؤخر الصلاة وعنه إن لم يخف على نفسه توضأ وصلى وسبق ذلك في التيمم وأن المذهب أنه يتيمم ويصلي.
السادسة لو كان به شبق يخاف منه تشقق أنثييه جامع وقضى ولا يكفر نقله الشالنجي.
286

قال الأصحاب هذا إذا لم تندفع شهوته بدونه فإن اندفعت شهوته بدون الجماع لم يجز له الجماع وكذا إن أمكنه أن لا يفسد صوم زوجته لم يجز وإلا جاز للضرورة فإذا تضرر بذلك وعنده امرأة حائض وصائمة فقيل وطء الصائمة أولى لتحريم الحائض بالكتاب ولتحريمها مطلقا صححه العلامة بن رجب في القاعدة الثانية عشرة بعد المائة وقدمه بن رزين في شرحه.
وقيل يتخير لإفساد صومها وأطلقهما في الفروع وهما احتمالان بوجهين مطلقين في المغني والشرح.
السابعة لو تعذر قضاؤه لدوام شبقه فحكمه حكم العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه على ما تقدم قريبا ذكره في الفروع وغيره.
الثامنة حكم المرض الذي ينتفع فيه بالجماع حكم من يخاف من تشقق أنثييه.
قوله (والمسافر يستحب له الفطر).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وهو من المفردات سواء وجد مشقة أم لا وفيه وجه أن الصوم أفضل ذكره في القاعدة الثانية والعشرين من القواعد الأصولية.
فوائد
إحداها المسافر هنا هو الذي يباح له القصر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال الشيخ تقي الدين يباح له الفطر ولو كان السفر قصيرا.
الثانية لو صام في السفر أجزأه على الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف هنا وعليه الأصحاب ونقل حنبل لا يعجبني واحتج حنبل بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام ليس من البر الصوم في السفر قال في الفروع والسنة الصحيحة ترد هذا القول ورواية حنبل تحتمل عدم الإجزاء ويؤيده تفرد حنبل وحملها على رواية الجماعة أولى.
287

فعلى المذهب لو صام فيه كره على الصحيح من المذهب وحكاه المجد عن الأصحاب قال وعندي لا يكره إذا قوي عليه واختاره الآجري وظاهر كلام بن عقيل في مفرداته وغيره لا يكره بل تركه أفضل قال وليس الصوم أفضل وهو من المفردات وفرق بينه وبين رخصة القصر أنها مجمع عليها تبرأ بها الذمة قال في الفروع ورد بصوم المريض وبتأخير المغرب ليلة المزدلفة.
الثالثة لو سافر ليفطر حرم عليه.
قوله (ولا يجوز أن يصوما في رمضان عن غيره).
يعني المسافر والمريض أما المريض فلا نزاع في عدم الجواز.
وأما المسافر فالمذهب وعليه الأصحاب أنه لا يجوز مطلقا.
وقيل للمسافر صوم النفل فيه قال في الرعاية وهو غريب بعيد.
فعلى المذهب لو خالف وصام عن غيره فهل يقع باطلا أو يقع ما نواه قال في الفروع هي مسألة تعيين النية يعني الآتية في أول الفصل من هذا الباب.
وعلى المذهب أيضا لو قلب صوم رمضان إلى نفل لم يصح له النفل ويبطل فرضه إلا على رواية عدم التعيين.
فائدة لو قدم من سفره في أثناء النهار وكان لم يأكل فهل ينعقد صومه نفلا قال القاضي لا ينعقد نفلا ذكره عنه في
الفصول واقتصر عليه.
قوله (ومن نوى الصوم في سفره فله الفطر).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز له الفطر بالجماع لأنه لا يقوى على السفر.
فعلى الأول قال أكثر الأصحاب لأن من له الأكل له الجماع كمن لم ينو وذكر جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشارح أنه يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعد الفطر.
288

فعلى هذا لا كفارة بالجماع اختاره القاضي وأكثر الأصحاب قاله المجد وقدمه في الفروع وذكر بعضهم رواية أنه يكفر وجزم به على هذا قال في الفروع وهو أظهر انتهى.
وعلى الرواية الثانية إن جامع كفر على الصحيح عليها وعنه لا يكفر لأن الدليل يقتضي جوازه فلا أقل من العمل به في إسقاط الكفارة لكن له الجماع بعد فطره بغيره كفطره بسبب مباح.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر باب ما يفسد الصوم وهو قوله وإن نوى الصوم في سفره ثم جامع فلا كفارة عليه.
فائدة المريض الذي يباح له الفطر حكمه حكم المسافر فيما تقدم قاله المصنف والمجد وغيرهما وجعله القاضي وأصحابه وابن شهاب في كتب الخلاف أصلا للكفارة على المسافر بجامع الإباحة وجزم جماعة من الأصحاب بالإباحة على النفل.
ونقل مهنا في المريض يفطر بأكل فقلت يجامع قال لا أدري فأعدت عليه فحول وجهه عني.
قوله (وإن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب سواء كان طوعا أو كرها وهو من مفردات المذهب ولكن لا يفطر قبل خروجه.
وعنه لا يجوز له الفطر مطلقا ونقل بن منصور إن نوى السفر من الليل ثم سافر في أثناء النهار أفطر وإن نوى السفر في النهار وسافر فيه فلا يعجبني أن يفطر فيه والفرق أن نية السفر من الليل تمنع الوجوب إذا وجد السفر في النهار فيكون الصيام قبله مراعى بخلاف ما إذا طرأت النية والسفر في أثناء النهار.
قال في القواعد وعنه لا يجوز له الفطر بجماع ويجوز بغيره.
فعلى المنع لو وطئ وجبت الكفارة على الصحيح.
289

وجعلها بعض الأصحاب كمن نوى الصوم في سفره ثم جامع على ما تقدم قريبا.
وعلى الجواز وهو المذهب الأفضل له أن لا يفطر ذكره القاضي وابن عقيل وابن الزاغوني وغيرهم واقتصر عليه في الفروع وغيره فيعايى بها.
قوله (والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا).
يعني من غير إطعام وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكر بعضهم رواية بالإطعام.
قال الزركشي هو نص أحمد في رواية الميموني وصالح وذكره وتأوله القاضي على خوفها على ولدها وهو بعيد انتهى.
فائدة يكره لهما الصوم والحالة هذه قولا واحدا.
قوله (وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا).
إذا خافتا على ولديهما أفطرتا على الصحيح من المذهب بلا ريب وأطلقه أكثر الأصحاب وقال المجد في شرحه وتبعه في الفروع إن قبل ولد المرضعة ثدي غيرها وقدرت أن تستأجر له أو له ما يستأجر منه فلتفعل ولتصم وإلا كان لها الفطر انتهيا ولعله مراد من أطلق.
فوائد
إحداها يكره لها الصوم والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وذكر بن عقيل في فنونه النسخ إن خافت حامل ومرضع على حمل وولد حال الرضاع لم يحل الصوم وعليها الفدية وإن لم تخف لم يحل الفطر.
الثانية يجوز الفطر للظئر وهي التي ترضع ولد غيرها إن خافت عليه
290

أو على نفسها قاله الأصحاب وذكر في الرعاية قولا أنه لا يجوز لها الفطر إذا خافت على رضيعها وحكاه بن عقيل في الفنون عن قوم.
قلت لو قيل إن محل ما ذكره الأصحاب إذا كانت محتاجة إلى رضاعه أو هو محتاج إلى رضاعها فأما إذا كانت مستغنية عن إرضاعه أو هو مستغن عن إرضاعها لم يجز لها الفطر.
الثالثة يجب الإطعام على من يمون الولد على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال ابن عقيل في الفنون يحتمل أنه على الأم وهو أشبه لأنه تبع لها ولهذا وجبت كفارة واحدة ويحتمل أنه بينها وبين من تلزمه نفقته من قريب أو من ماله لأن الإرفاق لهما.
وكذلك الظئر فلو لم تفطر الظئر فتغير لبنها أو نقص خير المستأجر فإن قصدت الإضرار أثمت وكان للحاكم إلزامها الفطر بطلب المستأجر ذكره بن الزاغوني.
وقال أبو الخطاب إن تأذى الصبي بنقصه أو تغيره لزمها الفطر فإن أبت فله الفسخ قال في الفروع فيؤخذ من هذا أنه يلزم الحاكم إلزامها بما يلزمها وإن لم تقصد به الضرر بلا طلب قبل الفسخ قال وهذا متجه.
الرابعة يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة بلا نزاع قال في الفروع وظاهر كلامهم إخراج الإطعام على الفور لوجوبه قال وهذا أقيس انتهى.
قلت قد تقدم في أول باب إخراج الزكاة أن المنصوص عن الإمام أحمد لزوم إخراج النذر المطلق والكفارة على الفور وهذا كفارة.
وقال المجد إن أتى به مع القضاء جاز لأنه كالتكملة له.
الخامسة لا يسقط الإطعام بالعجز على الصحيح من المذهب وهو ظاهر
291

كلام الإمام أحمد رحمه الله واختاره المجد وجزم به في المستوعب والمحرر وقدمه في الفروع.
وقيل يسقط اختاره بن عقيل وصححه في الحاوي الكبير وجزم به في الكافي والحاوي الصغير وقدمه في الشرح.
وذكر القاضي وأصحابه يسقط في الحامل والمرضع ككفارة الوطء بل أولى للعذر.
ولا يسقط الإطعام عن الكبير والميؤس بالعجز ولا إطعام من أخر قضاء رمضان وغيره غير كفارة الجماع وجزم به في المحرر وقدمه في الفائق.
السادسة لو وجد آدميا معصوما في تهلكة كغريق ونحوه فقال ابن الزاغوني في فتاويه يلزمه إنقاذه ولو أفطر ويأتي في الديات أن بعضهم ذكر في وجوبه وجهين وذكر بعضهم هنا وجهين هل يلزمه الكفارة كالمرضع يحتمل وجهين.
قال في التلخيص بعد أن ذكر الفدية على الحامل والمرضع للخوف على جنينهما وهل يلحق بذلك من افتقر إلى الإفطار لإنقاذ غريق يحتمل وجهين وجزم في القواعد الفقهية بوجوب الفدية وقال لو حصل له بسبب إنقاذه ضعف في نفسه فأفطر فلا فدية عليه كالمريض انتهى.
فعلى القول بالكفارة هل يرجع بها على المنقذ قال في الرعاية يحتمل وجهين قال في الفروع ويتوجه أنه كإنقاذه من الكفار ونفقته على الآبق.
قلت بل أولى وأولى أيضا من المرضع.
وقالوا يجب الإطعام على من يمون الولد على الصحيح كما تقدم.
قوله (ومن نوى الصوم قبل الفجر ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وذكر في المستوعب أن بعض الأصحاب
292

خرج من رواية صحة صومه رمضان بنية واحدة في أوله أنه لا يقضي من أغمي عليه أياما بعد نيته المذكورة.
قوله (وإن أفاق جزءا منه صح صومه).
إذا أفاق المغمى عليه جزءا من النهار صح صومه بلا نزاع والجنون كالإغماء على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الحاوي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يفسد الصوم بقليل الجنون اختاره بن البنا والمجد وقال ابن الزاغوني في الواضح هل من شرطه إفاقته جميع يومه أو يكفي بعضه فيه روايتان.
قوله (ويلزم المغمى عليه القضاء دون المجنون).
الصحيح من المذهب لزوم القضاء على المغمى عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يلزمه قال في الفائق وهو المختار.
وتقدم ما نقله في المستوعب من التخريج.
والصحيح من المذهب أن المجنون لا يلزمه القضاء سواء فات الشهر كله بالجنون أو بعضه وعليه الأصحاب وعنه يلزم القضاء مطلقا وعنه إن أفاق في الشهر قضى وإن أفاق بعده لم يقض لعظم مشقته.
فائدة لو جن في صوم قضاء أو كفارة ونحو ذلك قضاه بالوجوب السابق.
قوله (ولا يصح صوم واجب إلا أن ينويه من الليل معينا).
هذا المذهب نص عليه يعني أنه لا بد من تعيين النية وهو أن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو نذره أو كفارته قال القاضي في الخلاف اختارها أصحابنا أبو بكر وأبو حفص وغيرهما واختارها القاضي أيضا وابن عقيل والمصنف وغيرهم قال في الفروع واختارها الأصحاب قال الزركشي هي أنصهما واختيار الأكثرين وعنه لا يجب تعيين النية لرمضان.
293

فعليها يصح بنية مطلقة وبنية نفل ليلا وبنية فرض تردد فيها.
واختار المجد يصح بنية مطلقة لتعذر صرفه إلى غير رمضان ولا يصح بنية مقيدة بنفل أو نذر أو غيره لأنه ناو تركه فكيف يجعل كنية النفل وهذا اختيار الخرقي في شرحه للمختصر واختاره الشيخ تقي الدين إن كان جاهلا وإن كان عالما فلا وقال في الرعاية فيما وجب من الصوم في حج أو عمرة يتخرج أن لا يجب نية التعيين.
تنبيه قوله إلا أن ينويه من الليل.
يعني تعتبر النية من الليل لكل صوم واجب بلا نزاع ولو أتى بعد النية بما يبطل الصوم لم يبطل على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن حامد يبطل.
قلت وهذا بعيد جدا وأطلقهما في الحاويين.
فوائد
الأولى لو نوت حائض صوم غد وقد عرفت الطهر ليلا فقيل يصح لمشقة المقارنة.
قلت وهو الصواب.
وقيل لا يصح لأنها ليست أهلا للصوم وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.
وقال في الرعاية إن نوت حائض صوم فرض ليلا وقد انقطع دمها أو تمت عادتها قبل الفجر صح صومها وإلا فلا.
الثانية لا تصح النية في نهار يوم لصوم غد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقد شمله قول المصنف إلا أن ينويه من الليل وعنه يصح نقلها بن منصور فقال من نوى الصوم عن قضاء رمضان بالنهار ولم ينو من الليل فلا بأس إلا أن يكون فسخ النية بعد ذلك فقوله ولم ينوها من الليل
294

يبطل به تأويل القاضي وقوله عن قضاء رمضان يبطل به تأويل بن عقيل على أنه يكفي لرمضان نية في أوله وأقرها أبو الحسين على ظاهرها.
الثالثة يعتبر لكل يوم نية مفردة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجزئ في أول رمضان نية واحدة لكله نصرها أبو يعلى الصغير على قياسه النذر المعين وأطلقهما في المحرر والفائق.
فعليها لو أفطر يوما لعذر أو غيره لم يصح صيام الباقي بتلك النية جزم به في المستوعب وغيره.
وقيل يصح قدمه في الرعاية فقال وقيل ما لم يفسخها أو يفطر فيه يوما.
قوله (ولا يحتاج إلى نية الفريضة).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد يجب ذلك وأطلقهما في التلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين.
فائدتان
إحداهما لا يحتاج مع التعيين إلى نية الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد يحتاج إلى ذلك.
الثانية لو نوى خارج رمضان قضاءا ونفلا أو قضاءا وكفارة ظهار فهو نفل إلغاءا لهما بالتعارض فتبقى نية أصل الصوم جزم به المجد في شرحه وقدمه في الفروع وقيل على أيهما يقع فيه وجهان.
قوله (وإن نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضي وإلا فهو نفل لم يجزه).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو مبني على أنه يشترط تعيين النية على ما تقدم قريبا وعنه يجزئه وهي مبنية على رواية أنه لا يجب تعيين النية لرمضان واختار هذه الرواية الشيخ تقي الدين قال في الفائق نصره صاحب المحرر وشيخنا وهو المختار انتهى.
295

ونقل صالح عن أحمد رواية ثالثة بصحة النية المترددة والمطلقة مع الغيم دون الصحو لوجوب صومه.
فوائد
منها لو نوى إن كان غدا من رمضان فصومي عنه وإلا فهو عن واجب عينه بنيته لم يجزه عن ذلك الواجب وفي إجزائه عن رمضان إن بان منه الروايتان المتقدمتان.
ومنها لو نوى إن كان غدا من رمضان فصومي عنه وإلا فأنا مفطر لم يصح وفيه في ليلة الثلاثين من رمضان وجهان للشك والبناء على الأصل قدم في الرعاية الصحة قال في القاعدة الثامنة والستين صح صومه في أصح الوجهين لأنه بنى على أصل لم يثبت زواله ولا يقدح تردده لأنه حكم صومه مع الجزم.
والوجه الثاني لا يجزئه اختاره أبو بكر.
ومنها إذا لم يردد النية بل نوى ليلة الثلاثين من شعبان أنه صائم غدا من رمضان بلا مستند شرعي كصحو أو غيم ولم نوجب الصوم به فبان منه فعلى الروايتين فيمن تردد أو نوى مطلقا وظاهر رواية صالح والأثرم يجزئه مع اعتبار التعيين لوجودها قاله في الفروع هنا وقال في كتاب الصيام ومن نواه احتياطا بلا مستند شرعي فبان منه فعنه لا يجزئه وعنه بلى وعنه يجزئه ولو اعتبر نية التعيين وقيل في الإجزاء وجهان وتأتي المسألة انتهى.
ومنها لا شك مع غيم وقتر على الصحيح من المذهب وعنه بلى قال في الفائق وهو المختار قال بل هو أضعف ردا إلى الأصل.
ومنها لو نوى الرمضانية عن مستند شرعي أجزأه كالمجتهد في الوقت.
ومنها لو قال أنا صائم غدا إن شاء الله تعالى فإن قصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد فسدت نيته وإلا لم تفسد ذكره القاضي في التعليق وابن عقيل في الفنون واقتصر عليه في الفروع لأنه إنما قصد أن فعله للصوم
296

بمشيئة الله وتوفيقه وتيسيره كما لا يفسد الإيمان بقوله أنا مؤمن إن شاء الله تعالى غير متردد في الحال ثم قال القاضي وكذا نقول في سائر العبادات لا تفسد بذكر المشيئة في نيتها.
ومنها لو خطر بقلبه ليلا أنه صائم غدا فقد نوى قال في الروضة ومعناه لغيره الأكل والشرب بنية الصوم نية عندنا وكذا قال الشيخ تقي الدين هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان.
قوله (ومن نوى الإفطار أفطر).
هذا المذهب نص عليه وزاد في رواية يكفر إن تعمده وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد لا يبطل صومه.
تنبيه معنى قوله من نوى الإفطار أفطر أي صار كمن لم ينو لا كمن أكل فلو كان في نفل ثم عاد ونواه جاز نص عليه وكذا لو كان عن نذر أو كفارة أو قضاء فقطع نيته ثم نوى نفلا جاز ولو قلب نية نذر وقضاء إلى النفل كان حكمه حكم من انتقل من فرض صلاة إلى نفلها على ما تقدم في باب نية الصلاة.
وعلى المذهب لو تردد في الفطر أو نوى أنه سيفطر ساعة أخرى أو قال إن وجدت طعاما أكلت وإلا أتممت فكالخلاف في الصلاة قيل يبطل لأنه لم يجزم النية نقل الأثرم لا يجزئه عن الواجب حتى يكون عازما على الصوم يومه كله.
قلت وهذا الصواب.
وقيل لا يبطل لأنه لم يجزم نية الفطر والنية لا يصح تعليقها وأطلقهما في الفروع والزركشي.
قوله (ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده).
هذا المذهب نص عليه قال في الفروع وعليه أكثر الأصحاب منهم
297

القاضي في أكثر كتبه وهو من المفردات ومنهم بن أبي موسى والمصنف وصححه في الخلاصة وتصحيح المحرر.
وقال القاضي لا يجزئه بعد الزوال اختاره في المجرد وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره بن عقيل وابن البنا في الخصال وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر.
فائدة يحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية على الصحيح من المذهب نقله أبو طالب قال المجد وهو قول جماعة من أصحابنا منهم القاضي في المناسك من تعليقه واختاره المصنف والشارح وغيرهما.
قال في الفروع وهو أظهر وقدمه في الكافي والشرح والحاويين والفائق والزركشي.
وقيل يحكم بالصوم من أول النهار اختاره القاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية والمجد في شرحه وجزم به في الخلاصة وقدمه في المستوعب والرعايتين وأطلقهما في القواعد الفقهية.
فعلى المذهب يصح تطوع حائض طهرت وكافر أسلم ولم يأكلا بقية اليوم.
قلت فيعايى بها.
وعلى الثاني لا يصح لامتناع تبعيض صوم اليوم وتعذر تكميله لفقد الأهلية في بعضه.
قال في الفروع ويتوجه يحتمل أن لا يصح عليهما لأنه لا يصح منهما صوم كمن أكل ثم نوى صوم بقية يومه وما هو ببعيد.
298

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
قوله (أو استعط).
سواء كان بدهن أو غيره فوصل إلى حلقه أو دماغه فسد صومه هذا المذهب وعليه الأصحاب وقال المصنف في الكافي إن وصل إلى خياشيمه أفطر لنهيه عليه أفضل الصلاة والسلام الصائم عن المبالغة في الاستنشاق.
قوله (أو احتقن أو داوى الجائفة بما يصل إلى جوفه).
فسد صومه وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين عدم الإفطار بمداواة جائفة ومأمومة وبحقنة.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك في الحكم لو أدخل شيئا إلى مجوف فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء من أي موضع كان ولو كان خيطا ابتلعه كله أو بعضه أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بشيء في جوفه فغاب كله أو بعضه فيه.
الثانية يعتبر العلم بالواصل على الصحيح من المذهب وقطع المجد في شرحه بأنه يكفي الظن قال في الفروع كذا قال.
قوله (أو اكتحل بما يصل إلى حلقه).
فسد صومه وسواء كان بكحل أو صبر أو قطور أو ذرور أو إثمد مطيب وهذا المذهب في ذلك كله نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن أبي موسى الاكتحال بما يجد طعمه كصبر يفطر.
ولا يفطر الإثمد غير المطيب إذا كان يسيرا نص عليه.
واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يفطر بذلك كله.
وقال ابن عقيل يفطر بالكحل الحاد دون غيره.
299

تنبيه قوله بما يصل إلى حلقه يعني يتحقق الوصول إليه وهذا الصحيح من المذهب وجزم المجد في شرحه إن وصل يقينا أو ظاهرا أفطر كالواصل من الأنف كما تقدم عنه فيما إذا احتقن أو داوى الجائفة.
قوله (أو داوي المأمومة).
فسد صومه هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا الشيخ تقي الدين فإنه قال لا يفطر بذلك كما تقدم عنه قريبا.
قوله (أو استقاء).
يعني فقاء فسد صومه هذا المذهب سواء كان قليلا أو كثيرا وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب وعليه الأصحاب قال المجد في شرحه وغيره هذا أصح الروايات.
قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في الفروع ويتوجه أن لا يفطر به وعنه لا يفطر إلا بملء الفم اختاره بن عقيل وعنه بملئه أو نصفه كنقض الوضوء.
قال ابن عقيل في الفصول ولا وجه لهذه الرواية عندي وعنه إن فحش أفطر وإلا فلا وقاله القاضي وذكر بن هبيرة أنها الأشهر.
قال ابن عبدوس في تذكرته واستقائه ناقضا.
واحتج القاضي بأنه لو تجشأ لم يفطر وإن كان لا يخلو أن يخرج معه أجزاء نجسة لأنه يسير كذا ها هنا قال في الفروع كذا قال.
ويتوجه ظاهر كلام غيره إن خرج معه نجس فإن قصد به القيء فقد استقاء فيفطر وإن لم يقصد لم يستقئ فلم يفطر وإن نقض الوضوء وذكر بن عقيل في مفرداته أنه إذا قاء بنظره إلى ما يغثيه يفطر كالنظر والفكر.
300

قوله (أو استمنى).
فسد صومه يعني إذا استمنى فأمنى وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل لا يفسد.
قوله (أو قبل أو لمس فأمنى).
فسد صومه هذا المذهب وعليه الأصحاب ووجه في الفروع احتمالا بأنه لا يفطر ومال إليه ورد ما احتج به المصنف والمجد.
فائدتان
إحداهما لو نام نهارا فاحتلم لم يفسد صومه وكذا لو أمنى من وطء ليل أو أمنى ليلا من مباشرة نهارا قال في الفروع وظاهره ولو وطئ قرب الفجر ويشبهه من اكتحل إذن.
الثانية لو هاجت شهوته فأمنى أو أمذى ولم يمس ذكره لم يفطر على الصحيح من المذهب وخرج بلى.
قوله (أو أمذى).
يعني إذا قبل أو لمس فأمذى فسد صومه هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يفطر اختاره الآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين نقله عنه في الاختيارات قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
واختار في الفائق أن المذي عن لمس لا يفسد الصوم وجزم به في نهاية بن رزين ونظمها.
ويأتي في كلام المصنف في آخر الباب إذا جامع دون الفرج فأنزل أو لم ينزل وما يتعلق به.
301

قوله (أو كرر النظر فأنزل).
فسد صومه وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال الآجري لا يفسد.
تنبيه مفهوم قوله أو كرر النظر فأنزل أنه لو كرر النظر فأمذى لا يفطر وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا الصحيح.
وقال في الفروع القول بالفطر أقيس على المذهب كاللمس وروى عن أبي بكر عبد العزيز.
ومفهوم كلامه أيضا أنه إذا لم يكرر النظر لا يفطر وهو صحيح وسواء أمنى أو أمذى وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب لعدم إمكان التحرز وقيل يفطر بهما.
ونص الإمام أحمد يفطر بالمني لا بالمذي وقطع به القاضي.
ويأتي قريبا إذا فكر فأنزل وكذا إذا فكر فأمذى.
ويأتي بعد ذلك هل تجب الكفارة بالقبلة واللمس وتكرار النظر.
قوله (أو حجم أو احتجم).
فسد صومه هذا المذهب فيهما وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وهو من المفردات وعنه إن علما النهي أفطرا وإلا فلا.
واختار الشيخ تقي الدين إن مص الحاجم القارورة أفطر وإلا فلا ويفطر المحجوم عنده إن خرج الدم وإلا فلا.
وقال الخرقي أو احتجم فظاهره أن الحاجم لا يفطر.
ولا نعلم أحدا من الأصحاب فرق في الفطر وعدمه بين الحاجم والمحجوم.
قال في الفروع كذا قال قال ولعل مراده ما اختاره شيخنا أن الحاجم يفطر إذا مص القارورة.
قال الزركشي كان من حقه أن يذكر الحاجم أيضا.
302

فائدتان
إحداهما قال في الفروع ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب أنه لا فطر إن لم يظهر دم قال وهو متوجه واختاره شيخنا وضعف خلافه انتهى.
قلت قال في الفائق ولو احتجم فلم يسل دم لم يفطر في أصح الوجهين.
وجزم بالفطر ولو لم يظهر دم في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين والمنور والزركشي فقال لا يشترط خروج الدم بل يناط الحكم بالشرط.
الثانية لو جرح نفسه لغير التداوي بدل الحجامة لم يفطر.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يفطر بغير الحجامة فلا يفطر بالفصد وهو أحد الوجهين والصحيح منهما قال في التلخيص والبلغة لا يفطر بالفصد على أصح الوجهين وصححه الزركشي واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به القاضي في التعليق وصاحب المستوعب والمحرر فيه والمنور وقدمه المجد في شرحه وصاحب الفروع.
والوجه الثاني يفطر به جزم به بن هبيرة عن الإمام أحمد قال الشيخ تقي الدين هذا أصح الوجهين واختاره هو وصاحب الفائق وأطلقهما في الحاويين وقال في الرعايتين الأولى إفطار المفصود دون الفاصد قال في الفائق ولا فطر على فاصد في أصح الوجهين واختاره الشيخ تقي الدين.
فعلى القول بالفطر هل يفطر بالتشريط قال في الرعاية يحتمل وجهين وقال الأولى إفطار المشروط دون الشارط واختاره الشيخ تقي الدين وصححه في الفائق.
وظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا يفطر بإخراج دمه برعاف وغيره وهو صحيح وهو المذهب واختار الشيخ تقي الدين الإفطار بذلك.
303

قوله (عامدا ذاكرا لصومه فسد صومه وإن فعله ناسيا أو مكرها لم يفسد).
يعني أنه إذا فعل ما تقدم ذكره عامدا ذاكرا لصومه مختارا يفسد صومه وإن فعله ناسيا أو مكرها سواء أكره على الفطر حتى فعله أو فعل به لم يفسد صومه وهذا المذهب في ذلك كله ونقله الجماعة عن الإمام أحمد ونقله الفضل في الحجامة وذكره بن عقيل في مقدمات الجماع وذكره الخرقي في الإمناء بقبلة أو تكرار نظر وقال في المستوعب المساحقة كالوطء فيما دون الفرج وكذا من استمنى فأنزل المني وذكر أبو الخطاب أنه كالأكل في النسيان.
وقال في الرعاية الكبرى من فعل بعض ذلك جاهلا أو مكرها فلا قضاء في الأصح وعنه يفطر بالحجامة ناس اختاره بن عقيل في التذكرة لظاهر الخبر.
واختار بن عقيل أيضا الفطر بالاستمناء ناسيا وقيل يفطر باستمناء قال في الفروع والمراد مقدمات الجماع وذكر في الرعاية الفطر إن أمنى بغير مباشرة مطلقا وقيل عامدا أو أمذى بغير المباشرة عامدا وقيل أو ساهيا.
وقال في المكره لا قضاء في الأصح وقيل يفطر إن فعل بنفسه كالمريض ولا يفطر إن فعله غيره به بأن صب في حلقه ماء مكرها أو نائما أو دخل في فيه ماء المطر.
فوائد
إحداها لو أوجر المغمى عليه لأجل علاجه لم يفطر على الصحيح من المذهب وقيل يفطر.
الثانية الصحيح من المذهب أن الجاهل بالتحريم يفطر بفعل المفطرات ونص عليه في الحجامة وعليه أكثر الأصحاب قال المجد هو قول غير أبي الخطاب وقدمه في الفروع والحاوي الصغير والمحرر قال الزركشي هو اختيار الشيخين.
304

وقيل لا يفطر كالمكره والناسي وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتبصرة والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى واقتصر على كلام أبي الخطاب في الحاوي الكبير وصححه في الرعاية الكبرى وقدمه المجد في شرحه لأنه لم يتعمد المفسد كالناسي.
الثالثة لو أراد من وجب عليه الصوم أن يأكل أو يشرب في رمضان ناسيا أو جاهلا فهل يجب إعلامه على من رآه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى.
إحداهما يلزمه الإعلام.
قلت هو الصواب وهو في الجاهل آكد لفطره به على المنصوص.
والوجه الثاني لا يلزمه إعلامه ووجه في الفروع وجها ثالثا بوجوب إعلام الجاهل لا الناسي قال ويتوجه مثله إعلام مصل أتى بمناف لا يبطل وهو ناس أو جاهل انتهى.
قلت ولهذه المسألة نظائر.
منها لو علم نجاسة ماء فأراد جاهل به استعماله هل يلزمه إعلامه قدمه في الرعاية أو لا يلزمه إن قيل إزالتها شرط أقوال.
ومنها لو دخل وقت صلاة على نائم هل يجب إعلامه أو لا أو يجب إن ضاق الوقت جزم به في التمهيد وهو
الصواب أقوال لأن النائم كالناسي.
ومنها لو أصابه ماء ميزاب هل يلزم الجواب للمسئول أو لا أو يلزم إن كان نجسا اختاره الأزجي وهو الصواب أقوال.
وتقدم ذلك في كتاب الطهارة والصلاة.
وسبق أيضا أنه يجب على المأموم تنبيه الإمام فيما يبطل لئلا يكون مفسدا لصلاته مع قدرته.
الرابعة لو أكل ناسيا فظن أنه قد أفطر فأكل عمدا فقال في الفروع:
305

يتوجه أنها مسألة الجاهل بالحكم فيه الخلاف السابق وقال في الرعاية يصح صومه ويحتمل عدمه قال في الفروع كذا قال انتهى.
قلت ويشبه ذلك لو اعتقد البينونة في الخلع لأجل عدم عود الصفة ثم فعل ما حلف عليه على ما يأتي في آخر باب الخلع.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا كفارة عليه فيما تقدم من المسائل حيث قلنا يفسد صومه وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب سوى المباشرة بقبلة أو لمس أو تكرار نظر وفكر على خلاف وتفصيل يأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
ونقل حنبل يقضي ويكفر للحقنة ونقل محمد بن عبدك يقضي ويكفر من احتجم في رمضان وقد بلغه الخبر وإن لم يبلغه قضى فقط.
قال المجد فالمفطرات المجمع عليها أولى وقال قال ابن البنا على هذه الرواية يكفر بكل أما فطره بفعله كبلع حصاة وقئ وردة وغير ذلك.
وقال في الرعاية بعد رواية محمد بن عبدك وعنه يكفر من أفطر بأكل أو شرب أو استمناء فاقتصر على هذه الثلاثة وقال في الحاويين وفي الاستمناء سهوا وجهان.
وخص الحلواني رواية الحجامة بالمحجوم وذكر بن الزاغوني على رواية الحجامة كما ذكره بن البنا لأنه أتى بمحظور الصوم كالجماع وهو ظاهر اختيار أبي بكر الآجري وصرح في أكل وشرب.
تنبيه حيث قلنا يكفر هنا فهي ككفارة الجماع على الصحيح من المذهب مطلقا وقيل يكفر للحجامة ككفارة الحامل والمرضع على ما تقدم وأطلقهما في الفائق والزركشي.
قوله (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار).
لم يفسد صومه هذا المذهب وعليه الأصحاب وحكى في الرعاية قولا أنه
306

يفطر من طار إلى حلقه غبار إذا كان غير ماش أو غير نخال أو وقاد وهو ضعيف جدا.
قوله (أو قطر في إحليله).
لم يفسد صومه وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل يفطر إن وصل إلى مثانته وهو العضو الذي يجتمع فيه البول داخل الجوف.
قوله (أو فكر فأنزل).
لم يفسد صومه وكذا لو فكر فأمذى وهو الصحيح من المذهب فيهما وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع وهو أشهر قال الزركشي هذا أصح الوجهين وقال أبو حفص البرمكي وابن عقيل يفطر بالإنزال والمذي إذا حصل بفكره وقيل يفطر بهما إن استدعاهما وإلا فلا.
قوله (أو احتلم).
لم يفسد صومه بلا نزاع.
قوله (أو ذرعه القيء).
لم يفسد صومه بلا نزاع وكذا لو عاد إلى جوفه بغير اختياره فأما إن أعاده باختياره أو قاء ما لا يفطر به ثم أعاده باختياره أفطر.
قوله (أو أصبح في فيه طعام فلفظه).
لم يفسد صومه بلا نزاع وكذا لو شق لفظه فبلعه مع ريقه بغير قصد أو جرى ريقه ببقية طعام تعذر رميه أو بلع ريقه عادة لم يفطر وإن أمكنه لفظه بأن تميز عن ريقه فبلعه باختياره أفطر نص عليه.
قال أحمد فيمن تنخع دما كثيرا في رمضان أحسن عنه ومن غير الجوف أهون وإن بصق نخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة ففي فطره وجهان مع
307

أنه في حكم الظاهر قاله في الفروع كذا قيل وجزم به في الرعاية.
قلت الصواب عدم الفطر.
قوله (أو اغتسل).
يعني إذا أصبح لم يفسد صومه لو أخر الغسل إلى بعد طلوع الفجر واغتسل صح صومه بلا نزاع وكذا على الصحيح من المذهب لو أخره يوما كاملا صح صومه ولكن يأثم وهذا المذهب من حيث الجملة ومن حيث التفصيل يبطل صومه حيث كفرناه بالترك بشرطه وحيث لم نكفره بالترك لم يبطل ولكن يأثم وهذا المذهب.
وقال في المستوعب يجيء على الرواية التي تقول يكفر بترك الصلاة إذا تضايق وقت التي هي بعدها أن يبطل الصوم إذا تضايق وقت الظهر قبل أن يغتسل ويصلي الفجر قال في الفروع كذا قال قال ومراده ما قاله في الرعاية كما قدمناه من التفصيل انتهى.
قلت وإنما لم يرتض صاحب الفروع كلامه في المستوعب لأن الصحيح من المذهب أن لا يكفر بمجرد ترك الصلاة ولو ترك صلوات كثيرة بل لا بد من دعائه إلى فعلها كما تقدم ذلك في كتاب الصلاة.
فائدتان
إحداهما حكم الحائض تؤخر الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر حكم الجنب على ما تقدم على الصحيح من المذهب.
ونقل صالح في الحائض تؤخر الغسل بعد الفجر تقضى.
الثانية يستحب للجنب والحائض إذا طهرت ليلا الغسل قبل الفجر.
قوله (وإن زاد على الثلاث أو بالغ فيهما فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني
308

والتلخيص والبلغة وشرح المجد والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين وشرح بن منجا والنظم والفروع والفائق.
أحدهما لا يفطر وهو المذهب صححه في التصحيح قال في العمدة لو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يفسد صومه وجزم به في الإفادات وناظم المفردات وهو منها ويأتي كلامه في الوجيز والمنور.
والوجه الثاني يفطر صححه في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه بن رزين في شرحه وجزم في الفصول بالفطر بالمبالغة وقال به إذا زاد على الثلاث.
وقيل يبطل بالمبالغة دون الزيادة اختاره المجد قال في الوجيز والمنور لو دخل حلقه ماء طهارة ولو بمبالغة لم يفطر.
وظاهر كلام الإمام أحمد إبطال الصوم بالمجاوزة على الثلاث فإنه قال إذا جاوز الثلاث فسبق الماء إلى حلقه يعجبني أن يعيد الصوم قاله بن عقيل والمجد في شرحه.
فائدتان
إحداهما لو تمضمض أو استنشق لغير طهارة فإن كان لنجاسة ونحوها فحكمها حكم الوضوء وإن كان عبثا أو لحر أو عطش كره نص عليه وفي الفطر به الخلاف المتقدم في الزائد على الثلاث وكذا الحكم إن غاص في الماء في غير غسل مشروع أو أسرف في الغسل المشروع على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال المجد في شرحه إن فعله لغرض صحيح فكالمضمضة المشروعة وإن كان عبثا فكمجاوزة الثلاث.
ونقل صالح يتمضمض إذا أجهد.
الثانية لا يكره للصائم الغسل واختار المجد أن غوصه في الماء كصبه عليه ونقل حنبل لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مسامعه وجزم به بعضهم وقال في الرعاية يكره في الأصح.
309

فإن دخل حلقه ففي فطره وجهان وقيل له ذلك ولا يفطر انتهى.
ونقل بن منصور وأبو داود وغيرهما يدخل الحمام ما لم يخف ضعفا.
فائدتان
إحداهما قوله ومن أكل شاكا في طلوع الفجر فلا قضاء عليه.
يعني إذا دام شكه وهذا بلا نزاع مع أنه لا يكره الأكل والشرب مع الشك في طلوعه ويكره الجماع مع الشك نص عليهما.
الثانية لو أكل يظن طلوع الفجر فبان ليلا ولم يجدد نية صومه الواجب قضاء قال في الفروع كذا جزم به بعضهم.
وما سبق من أن له الأكل حتى يتيقن طلوعه يدل على أنه لا يمنع نية الصوم وقصده غير اليقين والمراد والله أعلم اعتقاد طلوعه انتهى.
قوله (وإن أكل شاكا في غروب الشمس فعليه القضاء).
يعني إذا دام شكه وهذا إجماع وكذا لو أكل يظن بقاء النهار إجماعا فلو بان ليلا فيهما لم يقض وعبارة بعضهم صح صومه.
فائدة قال في الفروع وإن أكل يظن الغروب ثم شك ودام شكه لم يقض وجزم به.
وقال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة يجوز الفطر من الصيام بغلبة ظن غروب الشمس في ظاهر المذهب ومن الأصحاب من قال لا يجوز الفطر إلا مع تيقن الغروب وبه جزم صاحب التلخيص والأول أصح انتهى.
قال الزركشي لو أكل ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس قد غربت فلم يتبين له شيء فلا قضاء عليه ولو تردد بعد قاله أبو محمد.
وأوجب صاحب التلخيص القضاء في ظن الغروب ومن هنا قال يجوز
310

الأكل بالاجتهاد في أول اليوم دون آخره وأبو محمد يجوزه بالاجتهاد فيهما.
قوله (وإن أكل معتقدا أنه ليل فبان نهارا فعليه القضاء).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى في الرعاية رواية لا قضاء على من جامع يعتقده ليلا فبان نهارا.
واختار الشيخ تقي الدين أنه لا قضاء عليه.
واختار صاحب الرعاية إن أكل يظن بقاء الليل فأخطأ لم يقض لجهله وإن ظن دخوله فأخطأ قضى وتقدم إذا أكل ناسيا فظن أنه أفطر فاكل متعمدا.
قوله (وإذا جامع في نهار رمضان في الفرج قبلا كان أو دبرا يعني بفرج أصلي في فرج أصلي فعليه القضاء والكفارة عامدا كان أو ساهيا).
لا خلاف في وجوب القضاء والكفارة على العامد والصحيح من المذهب أن الناسي كالعامد في القضاء والكفارة نقله الجماعة عن الإمام أحمد وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هو المشهور عنه والمختار لعامة أصحابه وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يكفر اختارها بن بطة قال الزركشي ولعله مبني على أن الكفارة ماحية ومع النسيان لا إثم ينمحي.
وعنه ولا يقضى أيضا اختاره الآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق.
تنبيهات
الأول قوله قبلا كان أو دبرا هو المذهب وعليه الأصحاب.
311

ووجه في الفروع تخريجا من الغسل والحد لا يقضى ولا يكفر إذا جامع في الدبر لكن إن أنزل فسد صومه وقد قاس جماعة عليهما.
الثاني شمل كلام المصنف رحمه الله تعالى الحي والميت من الآدمي وهو الصحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب وقال في المستوعب إن أولج في آدمي ميت ففي الكفارة وجهان وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين ويأتي حكم وطء البهيمة الميتة.
الثالث شمل كلام المصنف أيضا المكره وهو الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وسواء أكره حتى فعله أو فعل به من نائم وغيره وعنه لا كفارة عليه مع الإكراه والنسيان واختار بن عقيل أنه لا كفارة على من فعل به من نائم ونحوه.
وعنه كل أمر غلب عليه الصائم فليس عليه قضاء ولا غيره قال أكثر الأصحاب كما قال المصنف.
وهذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان.
قال ابن عقيل في مفرداته الصحيح في الأكل والوطء إذا غلب عليهما لا يفسدان قال فأنا أخرج في الوطء رواية من الأكل وفي الأكل رواية من الوطء ونفى القاضي في تعليقه هذه الرواية وقال يجب القضاء رواية واحدة وكذا قال الشيرازي وغيره.
واختار الشيخ تقي الدين أنه لا قضاء مع الإكراه واختاره في الفائق.
وقيل يقضي من فعل بنفسه لا من فعل به من نائم وغيره.
وقيل لا قضاء مع النوم فقط وذكر بعضهم نص أحمد لعدم حصول مقصوده.
فوائد
الأولى حيث فسد الصوم بالإكراه فهو في الكفارة كالناسي على الصحيح من المذهب وقيل يرجع بالكفارة على من أكرهه.
312

قلت وهو الصواب.
وقيل يكفر من فعل بالوعيد دون غيره.
الثانية لو جامع يعتقده ليلا فبان نهارا وجب القضاء على الصحيح من المذهب قال في الفروع جزم به الأكثر وذكر في الرعاية رواية أنه لا يقضى واختاره الشيخ تقي الدين والصحيح من المذهب أنه يكفر اختاره الأصحاب قاله المجد وأنه قياس من أوجبها على الناسي وأولى انتهى وهو من مفردات المذهب وعنه لا يكفر وأطلقهما في الفروع.
فعلى الثانية إن علم في الجماع أنه نهارا ودام عالما بالتحريم لزمته الكفارة بناء على من وطئ بعد فساد صومه.
الثالثة لو أكل ناسيا أو اعتقد الفطرية ثم جامع فحكمه حكم الناسي والمخطئ إلا أن يعتقد وجوب الإمساك فيكفر على الصحيح على ما يأتي.
قوله (ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وذكر القاضي رواية تكفر وذكر أيضا أنها مخرجة من الحج.
وعنه تكفر وترجع بها على الزوج اختاره بعض الأصحاب قاله في التلخيص قلت وهو الصواب.
قال في الرعايتين وعنه لا تسقط فيكفر عنها.
وقال ابن عقيل إن أكرهت حتى مكنت لزمتها الكفارة وإن غصبت أو أتيت نائمة فلا كفارة عليها.
فائدتان
إحداهما الصحيح من المذهب فساد صوم المكرهة على الوطء نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
313

وعنه لا يفسد اختاره في الروضة وأطلقهما في مسبوك الذهب.
وقيل يفسد إن قبلت لا المقهورة والنائمة.
وأفسد بن أبي موسى صوم غير النائمة.
الثانية لو جومعت المرأة ناسية فلا كفارة عليها وإن أوجبناها على الناسي قال في الفروع وهو الأشهر واختاره أبو الخطاب وجماعة وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل حكمها حكم الرجل الناسي على ما تقدم ذكره القاضي وقدمه في الفروع وقال في الفروع ويتخرج أن لا يفسد صومها مع النسيان وإن فسد صومه لأنه مفسد لا يوجب كفارة انتهى.
وكذا الخلاف والحكم إذا جومعت جاهلة ونحوها.
وعنه يكفر عن المعذورة بإكراه أو نسيان أو جهل ونحوه كأم ولده إذا أكرهها وقلنا يلزمها الكفارة.
قوله (وهل يلزمها مع عدمه على روايتين).
يعني إذا طاوعته وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والتلخيص والمحرر والحاوي الكبير والفائق والشرح.
إحداهما يلزمها وهو المذهب اختاره أبو بكر وجزم به في المنور وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الفصول والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وصححه في المحرر.
والرواية الثانية لا يلزمها كفارة جزم به في الوجيز.
وعنه يلزم الزوج كفارة واحدة عنهما خرجها أبو الخطاب من الحج وضعفه غير واحد لأن الأصل عدم التداخل.
314

فائدتان إحداهما لو طاوعت أم ولده على الوطء كفرت بالصوم على الصحيح من المذهب وقيل يكفر عنها سيدها.
الثانية لو أكره الرجل الزوجة على الوطء دفعته بالأسهل فالأسهل ولو أفضى ذلك إلى ذهاب نفسه كالمار بين يدي المصلي ذكره بن عقيل واقتصر عليه في الفروع.
قوله (وإن جامع دون الفرج فأنزل أفطر).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ووجه في الفروع احتمالا لا يفطر بالإنزال إذا باشر دون الفرج ومال إليه.
فائدة لو أمذى بالمباشرة دون الفرج أفطر أيضا على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب واختار الآجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين أنه لا يفطر بذلك قال في الفروع وهو أظهر.
قلت وهو الصواب.
وتقدم نظير ذلك إذا قبل أو لمس فأمنى أو أمذى أول الباب فإن المسألة واحدة.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يفطر أيضا إذا كان ناسيا وجزم به الخرقي فقال ومن جامع دون الفرج فأنزل عامدا أو ساهيا فعليه القضاء.
قال الزركشي هذا المشهور عنه والمختار لعامة أصحابه والقاضي وابن عقيل وغيرهما وقدمه في المستوعب والرعايتين وجزم به في الوجيز والصحيح من المذهب أنه لا يفطر إذا كان ناسيا سواء أمنى أو أمذى ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وقدمه في الفروع.
315

قوله (أو وطئ بهيمة في الفرج أفطر).
الصحيح من المذهب أن الإيلاج في البهيمة كالإيلاج في الآدمي نص عليه وعليه الأصحاب قال الزركشي وقيل عنه لا تجب الكفارة بوطء البهيمة.
ومبنى الخلاف عند الشريف وأبي الخطاب على وجوب الحد بوطئها وعدمه انتهى.
قال في الفروع وخرج أبو الخطاب في الكفارة وجهين بناء على الحد وكذا خرجه القاضي رواية بناء على الحد انتهى وقال ابن شهاب لا يجب بمجرد الإيلاج فيه غسل ولا فطر ولا كفارة قال في الفروع كذا قال.
فائدة الإيلاج في البهيمة الميتة كالإيلاج في البهيمة الحية على الصحيح من المذهب وقيل الحكم مخصوص بالحي فقط قدمه في الرعاية الكبرى قال في الفروع كذا قيل.
قوله (وفي الكفارة وجهان).
وهما روايتان في المجامع دون الفرج يعني إذا جامع دون الفرج فأنزل أو وطء بهيمة في الفرج وقلنا يفطر فأطلق الخلاف فيما إذا جامع دون الفرج فأنزل وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والكافي والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع.
إحداهما لا تجب الكفارة وهي المذهب اختاره المصنف والشارح وصاحب النصيحة والخلاصة والمحرر والفائق قال في الفروع وهي أظهر قال ابن رزين وهي أصح وقدمه في النظم.
والرواية الثانية تجب الكفارة اختارها الأكثر منهم الخرقي وأبو بكر وابن أبي موسى والقاضي.
قال الزركشي هي المشهورة من الروايتين حتى إن القاضي في التعليق لم
316

يذكر غيرها قال في الفروع اختارها الأكثر وجزم به في الإفادات والوجيز وقدمه في الفائق وشرح بن رزين.
فعلى الأولى لا كفارة على الناسي أيضا بطريق أولى.
وعلى الثانية يجب عليه أيضا كالعامد على الصحيح جزم به الخرقي والوجيز وصاحب التبصرة وقدمه في الفروع.
قال الزركشي هي المشهورة عنه والمختارة لعامة أصحابه والقاضي وغيره وقال المصنف وصاحب الروضة وغيرهما لا كفارة على الناسي.
فائدة لو أنزل المجبوب بالمساحقة فحكمه حكم الواطئ دون الفرج إذا أنزل قاله الأصحاب وكذلك إذا تساحقت امرأتان فأنزلتا إن قلنا يلزم المطاوعة كفارة وإلا فلا كفارة قاله في الفروع وغيره قال في المغني إذا تساحقتا فأنزلتا فهل حكمهما حكم المجامع في الفرج أو لا كفارة عليهما بحال فيه وجهان مبنيان على أن الجماع من المرأة هل يوجب الكفارة على روايتين وأصح الوجهين لا كفارة عليهما لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص عليه فيبقى على الأصل انتهى وكذلك الاستمناء على الصحيح من المذهب وقال القاضي في التعليق لا كفارة بالاستمناء معتمدا على نص أحمد وبالفرق.
فائدتان
إحداهما الصحيح من المذهب أن القبلة واللمس ونحوهما إذا أنزل أو أمذى به لا تجب به الكفارة ولو أوجبناها في المجامعة دون الفرج قال في الفروع اختارها الأصحاب.
وعنه حكم ذلك حكم الوطء دون الفرج اختارها القاضي وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والإفادات وأطلقهما في الفروع ونص أحمد إن قبل فأمذى لا يكفر.
317

الثانية لو كرر النظر فأمنى فلا كفارة على الصحيح من المذهب كما لو لم يكرره وعنه هو كاللمس إذا أمنى به وجزم في الإفادات بوجوب الكفارة بذلك واختاره القاضي في تعليقه وقدمه في الفائق وأطلق الروايتين في الهداية والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص.
وقيل إن أمنى بفكره أو نظره واحدة عمدا أفطر وفي الكفارة وجهان.
وأما إذا وطئ بهيمة في الفرج فأطلق المصنف في وجوب الكفارة بذلك إذا قلنا يفطر وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين.
أحدهما هو كوطء الآدمية وهو الصحيح ونص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والوجه الثاني لا تجب الكفارة بذلك خرجه أبو الخطاب من القول بعدم وجوب الحد بوطء البهيمة وخرجه القاضي رواية بناء على الحد وهو احتمال في الكافي وتقدم قول بن شهاب لا يجب بمجرد الإيلاج فيه غسل ولا فطر ولا كفارة.
قوله (وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته وردت شهادته فعليه القضاء والكفارة).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقل حنبل لا يلزمه الصوم اختاره الشيخ تقي الدين.
فعلى هذه الرواية قال في المستوعب وتبعه في الرعايتين والحاويين واختاره الشيخ تقي الدين لا يلزمه شيء من الأحكام الرمضانية من الصوم وغيره وتقدم ذلك عند قوله في كتاب الصيام ومن رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته.
318

قوله (وإن جامع في يومين ولم يكفر فهل يلزمه كفارة أو كفارتان على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والفصول والمغني والهادي والكافي والشرح والنظم والفروع والزركشي وشرح بن منجا.
أحدهما يلزمه كفارتان وهو المذهب وحكاه بن عبد البر عن الإمام أحمد رحمه الله كيومين في رمضانين واختاره بن حامد والقاضي في خلافه وجامعه وروايتيه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عبدوس في تذكرته
ونصره المجد في شرحه.
قال في الخلاصة لزمه كفارتان في الأصح قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا المشهور في المذهب قال في التلخيص هذا أصح الوجهين قال في تجريد العناية لزمه اثنتان في الأظهر وجزم به في الإيضاح والإفادات والمنور وهو ظاهر المنتخب وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق.
والوجه الثاني لا يلزمه إلا كفارة واحدة كالحدود وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره أبو بكر وابن أبي موسى قال في المستوعب واختاره القاضي وقدمه هو وابن رزين في شرحه.
فائدة قال المجد في شرحه فعلى قولنا بالتداخل لو كفر بالعتق في اليوم الأول عنه ثم في اليوم الثاني عنه ثم استحقت الرؤية الأولى لم يلزمه بدلها وأجزأته الثانية عنهما ولو استحقت الثانية وحدها لزمه بدلها ولو استحقتا جميعا أجزأه بدلهما وقيل واحدة لأن محل التداخل وجود السبب الثاني قبل أداء موجب الأول ونية التعيين لا تعتبر فتلغو وتصير كنية مطلقة هذا قياس مذهبنا انتهى.
319

قوله (وإن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه فعليه كفارة ثانية).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وذكر الحلواني رواية لا كفارة عليه وخرجه بن عقيل من أن الشهر عبادة واحدة وذكره بن عبد البر إجماعا بما يقتضي دخول أحمد فيه.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لو جامع ثم جامع قبل التكفير أنه لا يلزمه إلا كفارة واحدة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف بغير خلاف انتهى وعنه عليه كفارتان.
فعلى المذهب تعدد الواجب وتداخل موجبه ذكره صاحب الفصول والمحرر وغيرهما.
وعلى الثاني لم يجب بغير الوطء الأول شيء.
قوله (وكذلك كل من لزمه الإمساك إذا جامع).
يعني عليه الكفارة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص الإمام أحمد في مسافر قدم مفطرا ثم جامع لا كفارة عليه.
فاختار المجد حمل هذه الرواية على ظاهرها وهو وجه ذكره بن الجوزي في المذهب وذكر القاضي في تعليقه وجها فيمن لم ينو الصوم لا كفارة عليه وحمل القاضي وأبو الخطاب هذه الرواية على أنه لا يلزمه الإمساك.
فائدة لو أكل ثم جامع ففيه الخلاف المتقدم ذكره في الفروع.
قوله (ولو جامع وهو صحيح ثم جن أو مرض أو سافر لم تسقط عنه).
وكذا لو حاضت أو نفست وهذا المذهب في ذلك كله ونص عليه في المرض وعليه الأصحاب.
320

وذكر أبو الخطاب في الانتصار وجها تسقط الكفارة بحدوث حيضة ونفاس لمنعهما الصحة ومثلهما موت وكذا جنون إن منع طريان الصحة.
فائدة وإن كانت كالأجنبية لو مات في أثناء النهار بطل صومه.
وفائدة بطلان صومه أنه لو كان نذرا وجب الإطعام عنه من تركته وإن كان صوم كفارة تخيير وجبت الكفارة في ماله.
قوله (وإن نوى الصوم في سفره ثم جامع فلا كفارة عليه).
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي وأكثر الأصحاب قاله المجد قال المصنف وغيره يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعد الفطر.
وذكر بعض الأصحاب رواية عليه الكفارة وجزم به على هذا قال في الفروع وهو أظهر وتقدم رواية عند قول المصنف ومن نوى الصوم في سفره فله الفطر أنه لا يجوز الفطر بالجماع فعليها إن جامع كفر على الصحيح من المذهب وعنه لا يكفر.
قوله (ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان).
يعني في نفس أيام رمضان وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكر في الرعاية رواية يكفر إن أفسد قضاء رمضان.
فائدة لو طلع الفجر وهو مجامع فإن استدام فعليه القضاء والكفارة بلا نزاع وإن لم يستدم بل نزع في الحال مع أول طلوع الفجر فكذلك عند بن حامد والقاضي ونصره بن عقيل في الفصول وجزم به في المبهج في موضع من كلامه وفي المنور ونظم المفردات وهو منها.
قال في الخلاصة فعليه القضاء والكفارة في الأصح.
وقال أبو حفص لا قضاء عليه ولا كفارة قال في الفائق وهو المختار.
321

واختاره الشيخ تقي الدين قاله في القواعد وأطلقهما في الإيضاح والمبهج في موضع آخر والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمغني والتلخيص والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والفروع وذكر القاضي أن أصل ذلك اختلاف الروايتين في جواز وطء من قال لزوجته إن وطئتك كنت علي كظهر أمي قبل كفارة الظهار فإن جاز فالنزع ليس بجماع وإلا كان جماعا وقال ابن أبي موسى يقضي قولا واحدا وفي الكفارة عنه خلاف قال المجد وهذا يقتضي روايتين.
إحداهما يقضي قال وهو أصح عندي لحصوله مجامعا أول جزء من اليوم أمر بالكف عنه بسبب سابق من الليل واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال ابن رجب في القاعدة الثامنة والخمسين المذهب أنه يفطر بذلك وفي الكفارة روايتان وقال ينبغي أن يقال إن خشي مفاجأة الفجر أفطر وإلا فلا وتقدم في باب الحيض بعض ذلك.
قوله (والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا).
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن الكفارة هنا واجبة على الترتيب كما قدمه المصنف.
وعنه أن الكفارة على التخيير فبأيها كفر أجزأه قدمه في تجريد العناية ونظم نهاية بن رزين.
ويأتي ذلك أيضا في أول الفصل الثالث من كتاب الظهار.
فائدتان
إحداهما لو قدر على العتق في الصيام لم يلزمه الانتقال نص عليه ويلزمه إن قدر عليه قبل الشروع في الصوم.
322

الثانية لا يحرم الوطء هنا قبل التكفير ولا في ليالي صوم الكفارة قال في التلخيص وهذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار سواء إلا في تحريم الوطء قبل التكفير وفي ليالي الصوم إذا كفر به فإنه يباح وجزم به في الرعايتين والحاويين وقدمه في الفروع ككفارة القتل ذكره فيها القاضي وأصحابه.
وذكر بن الحنبلي في كتاب أسباب النزول أن ذلك يحرم عليه عقوبة وجزم به.
قوله (فإن لم يجد سقطت عنه).
الصحيح من المذهب أن هذه الكفارة تسقط عنه بالعجز عنها نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في الرعاية الكبرى فإن عجز وقت الجماع عنها بالمال وقيل والصوم سقطت نص عليه قال في الفروع كذا قال.
وعنه لا تسقط قال في الفروع ولعل هذه الرواية أظهر وقال في الرعاية الكبرى وغيره تفريعا على الرواية الثانية فلو كفر عنه غيره بإذنه فله أخذها وجزم به في المحرر وقدمه في الحاويين وقيل وبدون إذنه وعنه لا يأخذها وأطلق بن أبي موسى في أنه هل يجوز له أكلها أم كان خاصا بذلك الأعرابي على روايتين.
وقال في الفروع ويتوجه احتمال أنه عليه أفضل الصلاة والسلام رخص للأعرابي فيه لحاجته ولم تكن كفارة.
فوائد
إحداها لا تسقط غير هذه الكفارة بالعجز عنها ككفارة الظهار واليمين
323

وكفارات الحج ونحو ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال المجد وغيره وعليه أصحابنا.
وعنه تسقط وذكر غير واحد تسقط ككفارة وطء الحائض بالعجز على الأصح وعنه تسقط ككفارة وطء الحائض بالعجز عنها كلها لأنه لا بدل فيها.
وقال ابن حامد تسقط مطلقا كرمضان وتقدم في كتاب الصيام بعد أحكام الحامل والمرضع هل يسقط الإطعام بالعجز وتقدم ككفارة وطء الحائض في بابه.
الثانية حكم أكله من الكفارات بتكفير غيره عنه حكم كفارة رمضان على الصحيح من المذهب وعنه جواز أكله مخصوص بكفارة رمضان اختاره أبو بكر وأطلقهما في المحرر.
الثالثة لو ملكه ما يكفر به وقلنا له أخذه هناك فله هنا أكله وإلا أخرجه عن نفسه وهذا الصحيح من المذهب.
وقيل هل له أكله أو يلزمه التكفير به على روايتين ذكره في الرعاية والفروع وجزم في الحاويين أنه ليس له أخذها هنا ويأتي في كتاب الظهار شيء من أحكام الكفارة لرمضان وغيره مقدار ما يطعم كل مسكين وصفته.
باب ما يكره وما يستحب وحكم القضاء
قوله (يكره للصائم أن يجمع ريقه فيبتلعه وأن يبتلع النخامة وهل يفطر بها على وجهين).
إذا جمع ريقه وابتلعه قصدا كره بلا نزاع ولا يفطر به على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كما لو ابتلعه قصدا ولم يجمعه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
324

وفيه وجه آخر يفطر بذلك فيحرم فعله وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق.
فوائد
إحداها لو أخرج ريقه إلى ما بين شفتيه ثم أعاده وبلعه حرم عليه وأفطر به على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وجزم به في الرعايتين والحاويين وغيرهم وقال المجد لا يفطر إلا إذا خرج إلى ظاهر شفتيه ثم يدخله ويبلعه لإمكان التحرز منه عادة كغير الريق.
الثانية لو أخرج حصاة من فمه أو درهما أو خيطا ثم أعاد فإن كان ما عليه كثيرا فبلعه أفطر وإن كان يسيرا لم يفطر على الصحيح من المذهب.
وقيل يفطر.
الثالثة لو أخرج لسانه ثم أدخله إلى فيه بما عليه وبلعه لم يفطر ولو كان كثيرا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وجزم به في المذهب وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال في الفروع أطلقه الأصحاب وقال ابن عقيل يفطر وأطلقهما في مسبوك الذهب والرعايتين والحاويين.
الرابعة لو تنجس فمه أو خرج إليه قيء أو قلس فبلعه أفطر نص عليه وإن قل لإمكان التحرز منه وإن بصقه وبقي فمه نجسا فبلع ريقه فإن تحقق أنه بلع شيئا نجسا أفطر وإلا فلا.
وأما النخامة إذا بلعها فأطلق المصنف في الفطر به وجهين.
واعلم أن النخامة تارة تكون من جوفه وتارة تكون من دماغه وتارة تكون من حلقه فإذا وصلت إلى فمه ثم بلعها فللأصحاب فيها ثلاث طرق.
أحدها إن كانت من جوفه أفطر بها قولا واحدا وإلا فروايتان وهذه الطريقة هي الصحيحة وهي طريقة صاحب الفروع وغيره.
325

إحداهما يفطر فيحرم وهو المذهب جزم به بن عبدوس في تذكرته وصاحب المنور وقدمه في المحرر والشرح.
والثانية لا يفطر فيكره جزم به في الوجيز وأطلقهما في الفروع.
الطريق الثاني في بلع النخامة من غير تفريق روايتان وهي طريقة القاضي وغيره قاله في المستوعب وجزم بها في المذهب ومسبوك الذهب والمجد في شرحه ومحرره والمصنف هنا وفي المغني والنظم وغيرهم وقدمها في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
إحداهما يفطر بذلك وهو المذهب جزم به بن عبدوس في تذكرته والمنور وقدمه في المحرر والشرح.
والثانية لا يفطر به صححه في الفصول وجزم به في الوجيز وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والرعايتين والحاويين والفائق والمغني.
الطريق الثالث إن كانت من دماغه أفطر قولا واحدا وإن كانت من صدره فروايتان وهي طريقة بن أبي موسى نقله عنه في المستوعب.
قوله (ويكره ذوق الطعام).
هكذا قال جماعة وأطلقوا منهم صاحب الهداية والمذهب والمحرر والمنور وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال ابن عقيل يكره من غير حاجة ولا بأس به للحاجة وقال أحمد أحب إلي أن يجتنب ذوق الطعام فإن فعل فلا بأس قال المجد في شرحه والمنصوص عن أحمد أنه لا بأس به إذا كان لمصلحة وحاجة كذوق الطعام من القدر والمضغ للطفل ونحوه واختاره أبو بكر في التنبيه وحكاه أحمد عن بن عباس.
فعلى الأول إن وجد طعمه في حلقه أفطر لإطلاق الكراهة.
وعلى الثاني إذا ذاقه فعليه أن يستقصي في البصق ثم إن وجد طعمه في
326

حلقه لم يفطر كالمضمضة وإن لم يستقص في البصق أفطر لتفريطه على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وجزم جماعة يفطر مطلقا.
قلت هو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال في الفروع ويتوجه الخلاف في مجاوزة الثلاث.
قوله (ويكره مضغ العلك الذي لا يتحلل منه أجزاء).
قال في الهداية والمستوعب وغيرهما وهو الموميا واللبان الذي كلما مضغه قوي وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب لأنه يحلب الفم ويجمع الريق ويورث العطش ووجه في الفروع احتمالا لا يكره.
وقال في الرعاية في تحريم ما لا يتحلل غالبا وفطره بوصوله أو طعمه إلى حلقه وجهان وقال في الرعاية الصغرى والحاويين وفي تحريم ما لا يتحلل وجهان وقيل يكره بلا حاجة.
فعلى المذهب هل يفطر إن وجد طعمه في حلقه أم لا فيه وجهان وصفهما في الكافي والفروع والمغني والشرح.
أحدهما لا يفطر وهو ظاهر كلام المصنف هنا لأن مجرد وجود الطعم لا يفطر كمن لطخ باطن قدمه بحنظل إجماعا ومال إليه المصنف والشارح.
والوجه الثاني يفطر وجزم به في الوجيز وقدمه بن رزين في شرحه.
قوله (ولا يجوز مضغ ما يتحلل منه أجزاء).
هذا مما لا نزاع فيه في الجملة بل هو إجماع.
قوله (إلا أن لا يبلع ريقه).
يعني فيجوز وهكذا قال في الكافي والنظم والوجيز وجزموا به بهذا القيد والصحيح من المذهب أنه يحرم مضغ ذلك ولو لم يبتلع ريقه وجزم به الأكثر وقدمه في الفروع وقال وفرض بعضهم المسألة في ذوقه يعني يحرم
327

ذوقه وإن لم يذقه لم يحرم قال في الرعايتين ويحرم ذوق ما يتحلل أو يتفتت وقيل إن بلع ريقه وإلا فلا.
قوله (وتكره القبلة إلا أن تكون ممن لا تحرك شهوته على إحدى الروايتين).
فاعل القبلة لا يخلو إما أن يكون ممن تحرك شهوته أو لا فإن كان ممن تحرك شهوته فالصحيح من المذهب كراهة ذلك فقط جزم به في الهداية والمبهج والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وصححه.
وعنه تحرم جزم به في المستوعب وغيره.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يظن الإنزال فإن ظن الإنزال حرم عليه قولا واحدا.
وإن كان ممن لا تحرك شهوته فالصحيح من المذهب أنها لا تكره قال في الفائق ولا تكره له القبلة إذا لم تحرك شهوته على أصح الروايتين قال في المبهج والوجيز وتكره القبلة بشهوة.
فمفهومه لا تكره بلا شهوة وصححه في النظم وقدمه في الفروع والمحرر والرعاية الصغرى وصححه في الرعاية الكبرى.
وعنه تكره لاحتمال حدوث الشهوة وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والحاويين.
تنبيه الظاهر أن الخلاف الذي أطلقه المصنف عائد إلى من لا تحرك شهوته وعليه شرح الشارح وابن منجا وصاحب التلخيص ولأن الخلاف فيه أشهر.
ويحتمل أن يعود على من تحرك شهوته فيكون تقدير الكلام على هذا:
328

وتكره القبلة على إحدى الروايتين إلا أن يكون ممن لا تحرك شهوته فلا تكره.
لكن يبعد هذا أن المصنف لم يحك الخلاف في المغني والكافي.
فائدة إذا خرج منه مني أو مذي بسبب ذلك فقد تقدم في أول الباب الذي قبله وإن لم يخرج منه شيء لم يفطر وذكره بن عبد البر إجماعا.
واعلم أن مراد من اقتصر من الأصحاب كالمصنف وغيره على ذكر القبلة دواعي الجماع بأسرها أيضا ولهذا قاسوه على الإحرام وقالوا عبادة تمنع الوطء فمنعت دواعيه قال في الكافي وغيره واللمس وتكرار النظر كالقبلة لأنهما في معناها وقال في الرعاية بعد أن ذكر الخلاف في القبلة وكذا الخلاف في تكرار النظر والفكر في الجماع فإن أنزل أثم وأفطر والتلذذ باللمس والنظر والمعانقة والتقبيل سواء هذا كلامه وهو مقتضى ما في المستوعب وغيره.
قوله (فإن شتم استحب أن يقول إني صائم).
يحتمل أن يكون مراده أن يقول ذلك بلسانه في الفرض والنفل مع نفسه يزجر نفسه بذلك ولا يطلع الناس عليه وهو أحد الوجوه جزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلامه هو وصاحب الفائق وغيره وظاهر ما قدمه في الفروع.
ويحتمل أن يكون مراده أن يقوله جهرا في رمضان وغيره وهو الوجه الثاني للأصحاب واختاره الشيخ تقي الدين.
ويحتمل أن يكون مراده أن يقوله جهرا في رمضان وسرا في غيره زاجرا لنفسه وهو الوجه الثالث واختاره المجد وذلك للأمن من الرياء وهو المذهب على ما اصطلحناه.
تنبيهان
أحدهما قوله ويستحب تعجيل الإفطار.
إجماعا يعني إذا تحقق غروب الشمس.
329

الثاني قوله ويستحب تأخير السحور.
إجماعا إذا لم يخش طلوع الفجر ذكره أبو الخطاب والأصحاب قال في الفروع وظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف استحباب السحور مع الشك وذكر المصنف أيضا قول أبي داود قال أبو عبد الله إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه قال في الفروع ولعل مراد غير الشيخ الجواز وعدم المنع بالشك وكذا جزم بن الجوزي وغيره يأكل حتى يستيقن وقال إنه ظاهر كلام الإمام أحمد وكذا خص الأصحاب المنع بالمتيقن كشكه في نجاسة طاهر.
قال الآجري وغيره ولو قال لعالمين ارقبا الفجر فقال أحدهما طلع الفجر وقال الآخر لم يطلع أكل حتى يتفقا.
وذكر بن عقيل في الفصول إذا خاف طلوع الفجر وجب عليه أن يمسك جزءا من الليل ليتحقق له صوم جميع اليوم وجعله أصلا لوجوب صوم يوم ليلة الغيم وقال لا فرق ثم ذكر هذه المسألة في موضعها وأنه لا يحرم الأكل مع الشك في الفجر وقال بل يستحب قال في الفروع كذا قال وقال في المستوعب والرعاية الأولى أن لا يأكل مع شكه في طلوعه وجزم به المجد مع جزمه بأنه لا يكره.
فوائد
الأولى تقدم عند قوله ومن أكل شاكا في طلوع الفجر فلا قضاء عليه أنه لا يكره الأكل والشرب مع الشك في طلوعه ويكره الجماع نص عليهما.
الثانية قال في الفروع لا يجب إمساك جزء من الليل في أوله وآخره في ظاهر كلام جماعة وهو ظاهر ما سبق أو صريحه وذكر بن الجوزي أنه أصح الوجهين.
330

وقطع جماعة من الأصحاب بوجوب الإمساك في أصول الفقه وفروعه وأنه مما لا يتم الواجب إلا به وذكره بن عقيل في الفنون وأبو يعلى الصغير في صوم يوم ليلة الغيم.
الثالثة المذهب يجوز له الفطر بالظن قاله في الفروع وغيره.
وقال في التلخيص يجوز الأكل بالاجتهاد في أول اليوم لا يجوز في آخره إلا بيقين ولو أكل ولم يتيقن لزمه القضاء في الآخر ولم يلزمه في الأول انتهى.
قال في القواعد الأصولية وهو ضعيف.
الرابعة إذا غاب حاجب الشمس الأعلى أفطر الصائم حكما وإن لم يطعم ذكره في المستوعب وغيره وجزم به في الفروع فلا يثاب على الوصال كما هو ظاهر المستوعب واقتصر عليه في الفروع وقال وقد يحتمل أنه يجوز له الفطر وقال والعلامات الثلاث في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم متلازمة وإنما جمع بينها لئلا يشاهد غروب الشمس فيعتمد على غيرها ذكره النووي في شرح مسلم عن العلماء قال في الفروع كذا قال قال ورأيت بعض أصحابنا يتوقف في هذا ويقول يقبل الليل مع بقاء الشمس ولعله ظاهر المستوعب انتهى.
قلت وهذا مشاهد.
الخامسة تحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب قال المجد في شرحه وكمال فضيلته بالأكل.
قوله (وأن يفطر على التمر فإن لم يجد فعلى الماء).
هكذا قال كثير من الأصحاب وقال في المغني والشرح والفروع والفائق يسن أن يفطر على الرطب فإن لم يجد فعلى التمر فإن لم يجد فعلى الماء وقال في
331

الوجيز ويفطر على رطب أو تمر أو ماء وقال في الحاويين يفطر على تمر أو رطب أو ماء وقال في الرعايتين ويسن أن يعجل فطره على تمر أو ماء.
قوله (وأن يقول اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم).
هكذا ذكره جماعة من الأصحاب منهم المصنف وأبو الخطاب قال في الفروع وهو أولى واقتصر عليه جماعة وذكره بن حمدان وزاد بسم الله وذكره بن الجوزي وزاد في أوله بسم الله والحمد لله وبعد قوله وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت وذكر بعض الأصحاب قول بن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى.
فوائد
إحداها يستحب أن يدعو عند فطره فإن له دعوة لا ترد.
الثانية يستحب أن يفطر الصوام ومن فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قاله في الفروع وظاهر كلامهم من أي شيء كان كما هو ظاهر الخبر وقال الشيخ تقي الدين مراده بتفطيره أن يشبعه.
الثالثة يستحب له كثرة قراءة القرآن والذكر والصدقة.
قوله (ويستحب التتابع في قضاء رمضان ولا يجب).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وذكره القاضي في الخلاف في أن الزكاة تجب على الفور إن قلنا إن قضاء رمضان على الفور واحتج بنصه في الكفارة ويأتي في الباب الذي يليه هل يصح التطوع بالصيام قبل قضاء رمضان لهم أم لا.
332

تنبيه كلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيد بما إذا لم يبق من شعبان إلا ما يتسع للقضاء فقط فإنه في هذه الصورة
يتعين التتابع قولا واحدا.
فائدتان
إحداهما هل يجب العزم على فعل القضاء قال في الفروع يتوجه الخلاف في الصلاة ولهذا قال ابن عقيل في الصلاة لا تنتفي إلا بشرط العزم على النفل في ثاني الوقت قال وكذا كل عبادة متراخية.
الثانية من فاته رمضان كاملا سواء كان تاما أو ناقصا لعذر كالأسير والمطمور ونحوهما أو غيره قضى عدد أيامه مطلقا كأعداد الصلوات على الصحيح من المذهب اختاره صاحب المستوعب والمصنف والمجد في شرحه وقدمه في الفروع وعند القاضي إن قضى شهرا هلاليا أجزأه سواء كان تاما أو ناقصا وإن لم يقض شهرا صام ثلاثين يوما وهو ظاهر كلام الخرقي قال المجد وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقال هو أشهر قال في الرعاية الصغرى أجزأ شهر هلالي ناقص على الأصح وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى والنظم والحاويين والفائق وجزم به في الإفادات والمنور والتلخيص.
فعلى الأول من صام من أول شهر كامل أو من أثناء شهر تسعة وعشرين يوما وكان رمضان الفائت ناقصا أجزأه عنه اعتبارا بعدد الأيام.
وعلى الثاني يقضي يوما تكميلا للشهر بالهلال أو العدد ثلاثين يوما.
قوله (ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر).
نص عليه وهذا بلا نزاع فإن فعل فعليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وظاهره ولو أخره رمضانات
333

ولم يمت وهو كذلك ووجه في الفروع احتمالا لا يجب الإطعام لظاهر قوله تعالى * (فعدة من أيام أخر) *.
وتقدم قريبا أن قضاء رمضان على التراخي على الصحيح.
فائدة يطعم ما يجزئ كفارة ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده قال المجد الأفضل تقديمه عندنا مسارعة إلى الخير وتخلصا من آفات التأخير.
قوله (وإن أخره لعذر فلا شيء عليه وإن مات).
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه الأصحاب وذكر في التلخيص رواية يطعم عنه كالشيخ الكبير.
وقال أبو الخطاب في الانتصار يحتمل أن يجب الصوم عنه أو التكفير.
تنبيه ظاهر قوله وإن أخره لغير عذر فمات قبل رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين.
أنه لا يصام عنه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال أبو الخطاب في الانتصار في جواب من قال العبادة لا تدخلها النيابة فقال لا نسلم بل النيابة تدخل الصلاة والصيام إذا وجبت وعجز عنها بعد الموت.
وقال أيضا فيه فأما سائر العبادات فلنا رواية أن الوارث ينوب عنه في جميعها في الصوم والصلاة انتهى.
ومال الناظم إلى جواز صوم رمضان عنه بعد موته فقال لو قيل به لم أبعد.
وقال في الفائق ولو أخره لا لعذر فتوفى قبل رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين والمختار الصيام عنه انتهى.
وقال ابن عبدوس في تذكرته ويصح قضاء نذر قلت وفرض عن ميت مطلقا كاعتكاف انتهى.
334

وقال الشيخ تقي الدين إن تبرع بصومه عمن لا يطيقه لكبر ونحوه أو عن ميت وهما معسران يتوجه جوازه لأنه أقرب إلى المماثلة من المال.
قوله (وإن مات بعد أن أدركه رمضان آخر فهل يطعم عنه لكل يوم مسكين أو اثنان على وجهين).
وحكاهما في الفائق روايتين وأطلقهما قال الزركشي فوجهان وقيل روايتان.
أحدهما يطعم عنه لكل يوم مسكين فقط وهو المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز والمستوعب ومال إليه المجد في شرحه وقدمه في الفروع والمغني والشرح والكافي.
قال الزركشي وهو ظاهر إطلاق الخرقي والقاضي والشيرازي وغيرهم.
والوجه الثاني يطعم عنه لكل يوم مسكينان لاجتماع التأخير والموت بعد التفريط جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والتلخيص والمحرر والإفادات والمنور وقدمه في الرعايتين والحاويين.
واختار الشيخ تقي الدين لا يقضي من أفطر متعمدا بلا عذر وكذلك الصلاة وقال لا تصح عنه وقال ليس في الأدلة ما يخالف هذا وهو من مفردات المذهب.
فائدتان
إحداهما الإطعام يكون من رأس المال أوصى به أو لم يوص.
الثانية لا يجزئ صوم كفارة عن ميت وإن أوصى به نص عليه وإن كان موته بعد قدرته عليه وقلنا الاعتبار بحالة الوجوب أطعم عنه ثلاثة مساكين لكل يوم مسكين ذكره القاضي.
ولو مات وعليه صوم شهر من كفارة أطعم عنه أيضا نص عليه.
335

قوله (وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور فعله عنه وليه).
إذا مات وعليه صوم منذور فعله عنه وليه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قاله في الفروع وغيره وهو من المفردات واختار بن عقيل أن صوم النذر عن الميت كقضاء رمضان على ما سبق وقدمه في الفروع.
فائدتان
إحداهما يجوز صوم جماعة عنه في يوم واحد ويجزئ عدتهم من الأيام على الصحيح اختاره المجد في شرحه قال في الفروع هو أظهر وقدمه الزركشي وحكاه الإمام أحمد عن طاوس.
وحمل المجد ما نقل عن أحمد على صوم شرطه التتابع وتعليل القاضي يدل عليه.
ونقل أبو طالب يصوم واحد قال القاضي في الخلاف فمنع الاشتراك كالحجة المنذورة تصح النيابة فيها من واحد لا من جماعة.
الثانية يجوز أن يصوم غير الولي بإذنه وبدونه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال جزم به القاضي
والأكثر منهم المصنف في المغني.
وقيل لا يصح إلا بإذنه وذكر المجد أنه ظاهر نقل حرب يصوم أقرب الناس إليه ابنه أو غيره.
قال في الفروع فيتوجه يلزم من الاقتصار على النص أنه لا يصام بإذنه.
فائدتان
الأولى قوله فعله عنه وليه.
يستحب للولي فعله.
واعلم أنه إذا كان له تركه وجب فعله فيستحب للولي الصوم وله أن يدفع
336

إلى من يصوم عنه من تركته عن كل يوم مسكينا وجزم به في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة فإن لم يكن له تركه لم يلزمه شيء.
وقال في المستوعب وغيره ومع امتناع الولي من الصوم يجب إطعام مسكين من مال الميت عن كل يوم ومع صوم الورثة لا يجب.
وجزم المصنف في مسألة من نذر صوما يعجز عنه أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت بخلاف رمضان.
قال في الفروع ولم أجد في كلامه خلافه وقال المجد لم يذكر القاضي في المجرد أن الورثة إذا امتنعوا يلزمهم استنابة ولا إطعام.
الثانية لا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام على الصحيح من المذهب.
واختار الشيخ تقي الدين أن الصوم عنه بدل مجزئ عنه بلا كفارة.
وأوجب في المستوعب الكفارة قال كما لو عين بنذره صوم شهر فلم يصمه فإنه يجب القضاء والكفارة قال في الرعاية إن لم يقضه عنه ورثته أو غيرهم أطعم عنه من تركته لكل يوم فقير مع كفارة يمين وإن قضى كفته كفارة يمين وعنه مع العذر المتصل بالموت.
تنبيهات الأول هذا التفريع كله فيمن أمكنه صوم ما نذره فلم يصمه حتى مات فأما إن أمكنه صوم بعض ما نذره قضي عنه ما أمكنه صومه فقط قدمه في الفروع قال المجد في شرحه ذكره القاضي وبعض أصحابنا وذكره بن عقيل أيضا وذكر القاضي في مسألة الصوم عن الميت أن من نذر صوم شهر وهو مريض ومات قبل القدرة عليه يثبت الصيام في ذمته ولا يعتبر إمكان أدائه ويخير وليه بين أن يصوم عنه أو ينفق على من يصوم عنه.
337

واختار المجد أنه يقضى عن الميت ما تعذر فعله بالمرض دون المتعذر بالموت وقال في القاعدة التاسعة عشرة وأما المنذورات ففي اشتراط التمكن لها من الأداء وجهان.
فعلى القول بالقضاء هل يقضى الصائم الفائت بالمرض خاصة أو الفائت بالمرض والموت على وجهين.
الثاني هذا كله إذا كان النذر في الذمة فأما إن نذر صوم شهر بعينه فمات قبل دخوله لم يصم ولم يقض عنه قال المجد في شرحه وهذا مذهب سائر الأئمة ولا أعلم فيه خلافا وإن مات في أثنائه سقط باقيه فإن لم يصمه لمرض حتى انقضى ثم مات في مرضه فعلى الخلاف السابق فيما إذا كان في الذمة.
هذه أحكام من مات وعليه صوم نذر وأما من مات وعليه حج منذور فالصحيح من المذهب أن وليه يفعله عنه ويصح منه وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد وفي الرعاية قول لا يصح قال في الفروع كذا قال.
فوائد
إحداها لا يعتبر تمكنه من الحج في حياته على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمجد في شرحه وقال هو ظاهر كلامه وهو أصح وقال القاضي في خلافه في الفقير إذا نذر الحج ولم يملك بعد النذر زادا ولا راحلة حتى مات لا يقضى عنه كالحج الواجب بأصل الشرع.
قال المجد وعليه قياس كل صورة مات قبل التمكن كالذي يموت قبل مجيء الوقت أو عند خوف الطريق قال وهذه المسألة شبيهة بمسألة أمن الطريق وسعة الوقت هل هو في حجة الفرض شرط للوجوب في الذمة أو للزوم الأداء.
الثانية حكم العمرة المنذورة حكم الحج المنذور إذا مات وهي عليه.
338

الثالثة يجوز أن يحج عنه حجة الإسلام بإذن وليه بلا نزاع وبغير إذنه على الصحيح من المذهب واختاره بن عقيل والمجد وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقيل لا يصح بغير إذنه اختاره أبو الخطاب في الانتصار.
ويأتي ذلك في كتاب الحج.
فعلى المذهب له الرجوع بما أنفق على التركة وكذا لو أعتق عنه في نذر أو أطعم عنه في كفارة إذا قلنا يصح ذكره في القاعدة الخامسة والسبعين في ضمن تعليل القاضي.
وأما إذا مات وعليه اعتكاف منذور فالصحيح من المذهب أنه يفعل عنه نقله الجماعة عن الإمام أحمد وعليه الأصحاب ونقل بن إبراهيم وغيره ينبغي لأهله أن يعتكفوا عنه وحكى في الرعاية قولا لا يصح أن يعتكف عنه قال في الفروع فيتوجه على هذا أن يخرج عنه كفارة يمين ويحتمل أن يطعم عنه لكل يوم مسكين انتهى.
فعلى المذهب إن لم يمكنه فعله حتى مات فالخلاف السابق كالصوم.
وقيل يقضي وقيل لا فعليه يسقط إلى غير بدل.
تنبيه اعلم أن في نسخة المصنف كما حكيته في المتن هكذا وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور فلفظة منذور مؤخرة عن الاعتكاف وهكذا في نسخ قرئت على المصنف فغير ذلك بعض أصحاب المصنف المأذون له بالإصلاح فقال وإن مات وعليه صوم منذور أو حج أو اعتكاف فعله عنه وليه لأن تأخير لفظه منذور لا يخلو من حالين إما أن يعيده إلى الثلاثة أو إلى الأخير وهو الاعتكاف وعلى كليهما يحصل في الكلام خلل لأنه لو عاد إلى الاعتكاف فقط بقي الصوم مطلقا والولي لا يفعل الواجب بالشرع من الصوم وإن عاد إلى الثلاثة بقي الحج مشروطا بكونه منذورا ولا يشترط ذلك لأن الولي يفعل الحج الواجب بالشرع أيضا فلذلك غير.
339

ولا يقال إذا قدمنا لفظة منذور على الحج والاعتكاف يبقى الاعتكاف مطلقا لأنا نقول لا يكون الاعتكاف واجبا إلا بالنذر.
قلت والذي يظهر أن كلام المصنف على صفة ما قاله من غير تغيير أولى ولا يرد على المصنف شيء مما ذكر لأن مراده هنا النيابة في المنذورات لا غير ولذلك ذكر الصلاة المنذورة والصوم المنذور فكذا الاعتكاف والحج وأما كون الحج إذا كان واجبا بالشرع يفعل فهذا مسلم وقد صرح به المصنف في كتاب الحج فقال ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة وهذا واضح ولذلك ذكر غالب الأصحاب مثل ما قال المصنف هنا فيذكرون الصوم والحج والاعتكاف المنذورات والله أعلم.
قوله (وإن كانت عليه صلاة منذورة فعلى روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والبلغة والمجد في شرحه ومحرره والشارح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق والزركشي.
إحداهما يفعل عنه وهو المذهب وعنه حرب وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب وهو ظاهر ما جزم به في العمدة وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في المغني قال القاضي اختارها أبو بكر والخرقي وهي الصحيحة قال في الفروع اختاره الأكثر واختاره بن عبدوس في تذكرته قال الزركشي اختاره أبو بكر والقاضي في التعليق وغيرهما وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية لا يفعل عنه نقلها الجماعة عن أحمد قال ابن منجا في شرحه وهي أصح قال في إدراك الغاية لا يفعل في الأشهر قال في نظم النهاية لا يفعل في الأظهر فعلى المذهب تصح وصيته بها.
340

تنبيهات
أحدها قال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة كثير من الأصحاب يطلق ذكر الوارث هنا وقال ابن عقيل وغيره هو الأقرب فالأقرب وكذلك قال الخرقي هو الوارث من العصبة.
الثاني هذه الأحكام كلها وهو القضاء إذا كان الناذر قد تمكن من الأداء فأما إذا لم يتمكن من الأداء فالصحيح من المذهب أنه كذلك فلا يشترط التمكن وقيل يشترط.
الثالث ظاهر كلام المصنف أنه لا يفعل غير ما ذكر من الطاعات المنذورة عن الميت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لاقتصارهم على ذلك وقال في الإيضاح من نذر طاعة فمات فعلت وقال الخرقي ومن نذر أن يصوم فمات قبل أن يأتي به صام عنه ورثته من أقاربه وكذلك كل ما كان من نذر وطاعة وكذا قال في العمدة وقال في المستوعب يصح أن يفعل عنه كل ما كان عليه من نذر وطاعة إلا الصلاة فإنها على روايتين وقال المجد في شرحه قصة سعد بن عبادة تدل على أن كل نذر يقضى وكذا ترجم عليها في كتابه المنتقى بقضاء كل المنذورات عن الميت.
وقال ابن عقيل وغيره لا تفعل طهارة منذورة عنه مع لزومها بالنذر.
قال في الفروع ويتوجه في فعلها عن الميت ولزومها بالنذر ما سبق في صوم يوم الغيم هل هي مقصودة في نفسها أم لا مع أن قياس عدم فعل الولي لها أن لا تفعل بالنذر وإن لزمت الطهارة لزم فعل صلاة ونحوها بها كنذر
341

المشي إلى المسجد يلزم تحية صلاة الركعتين على ما يأتي في النذر انتهى.
قلت فيعايى بها.
وقال في الفروع ظاهر كلام الأصحاب أن الطواف المنذور كالصلاة المنذورة.
باب صوم التطوع.
قوله (وأفضله صوم داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وكان أبو بكر النجاد من الأصحاب يسرد الصوم فظاهر حاله أن سرد الصوم أفضل.
فائدتان
إحداهما يحرم صوم الدهر إذا دخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق ذكره القاضي وأصحابه بل عليه الأصحاب وعبر القاضي وأصحابه بالكراهة ومرادهما كراهة تحريم ذكره المصنف والمجد وغيرهما وهو واضح.
وإن أفطر أيام النهي جاز صومه ولم يكره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب نقل صالح إذا أفطرها رجوت أن لا بأس به واختار الكراهة المصنف وهو رواية الأثرم.
وقال الشيخ تقي الدين الصواب قول من جعله تركا للأولى أو كراهة.
الثانية قوله ويستحب صيام أيام البيض من كل شهر.
هذا بلا نزاع واعلم أنه يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر والأفضل أن تكون أيام البيض نص عليه فإنها أفضل نص عليه وسميت بيضاء لإبيضاضها ليلا بالقمر ونهارا بالشمس وهذا الصحيح.
342

وذكر أبو الحسن التميمي في كتابه اللطيف الذي لا يسع جهله إنما سميت بيضاء لأن الله تعالى تاب فيها على آدم وبيض صحيفته وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
تنبيه ظاهر قوله ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر.
أن الأولى متابعة الست إذ المتابعة ظاهرها التوالي وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة كثيرة من الأصحاب وصرح بعض الأصحاب بذلك وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب.
والصحيح من المذهب حصول فضيلتها بصومها متتابعة ومتفرقة ذكره كثير من الأصحاب منهم صاحب الهداية والمستوعب والمغني والشرح والمحرر والرعاية الصغرى والفائق وغيرهم وهو ظاهر كلامه في الخلاصة والتلخيص والوجيز والحاويين وغيرهم لإطلاقهم صومها وقال في الرعاية الكبرى وإن فرقها جاز وقدمه في الفروع وقال وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في أول الشهر وآخره قال في اللطائف هذا قول أحمد واختاره الشيخ تقي الدين واستحب بعض الأصحاب التتابع وأن يكون عقيب العيد قال في الفروع وهذا أظهر ولعله مراد أحمد والأصحاب لما فيه من المسارعة إلى الخير وإن حصلت الفضيلة بغيره.
فائدتان
إحداهما ظاهر كلام المصنف أن الفضيلة لا تحصل بصيام الستة في غير شوال وهو صحيح وصرح به كثير من
الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه احتمال تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال وقال في الفائق ولو كانت من غير شوال ففيه نظر.
343

قلت وهذا ضعيف مخالف للحديث وإنما ألحق بفضيلة رمضان لكونه حريمه لا لكون الحسنة بعشر أمثالها ولأن الصوم فيه يساوي رمضان في فضيلة الواجب قاله في الفروع ويتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطره لعذر قال ولعله مراد الأصحاب وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد انتهى قلت وهو حسن.
الثانية قوله وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة ويوم عرفة كفارة سنتين.
وهذا بلا نزاع قال ابن هبيرة أما كون صوم يوم عرفة بسنتين ففيه وجهان.
أحدهما لما كان يوم عرفة في شهر حرام بين شهرين حرامين كفر سنة قبله وسنة بعده.
والثاني إنما كان لهذه الأمة وقد وعدت في العمل بأجرين.
وإنما كفر عاشوراء السنة الماضية لأنه تبعها وجاء بعدها والتكفير بالصوم إنما يكون لما مضى لا لما يأتي.
قوله (ولا يستحب لمن كان بعرفة).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وفطره أفضل واختار الآجري أنه يستحب لمن كان بعرفة إلا لمن يضعفه وحكى الخطابي عن أحمد مثله.
وقيل يكره صيامه اختاره جماعة من الأصحاب.
فعلى المذهب يستثنى من ذلك إذا عدم المتمتع والقارن الهدي فإنه يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج ويستحب أن يكون آخرها يوم عرفة عند الأصحاب وهو المشهور عن أحمد على ما يأتي في كلام المصنف في باب الفدية.
تنبيه عدم استحباب صومه لتقويه على الدعاء قاله الخرقي وغيره وعن الشيخ تقي الدين لأنه يوم عيد.
344

فائدتان الأولى سمي يوم عرفة للوقوف بعرفة فيه وقيل لأن جبريل حج بإبراهيم عليه الصلاة والسلام فلما أتى عرفة قال عرفت قال عرفت وقيل لتعارف حواء وآدم بها.
الثانية ظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أن يوم التروية في حق الحاج ليس كيوم عرفة في عدم الصوم وجزم في الرعاية بما ذكره بعضهم أن الأفضل للحاج الفطر يوم التروية ويوم عرفة بهما انتهى.
وسمى يوم التروية لأن عرفة لم يكن بها ماء وكانوا يرتوون من الماء إليها وقيل لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام رأى ليلة التروية الأمر بذبح ابنه فأصبح يتروى هل هو من الله أو حلم فلما رآه الليلة الثانية عرف أنه من الله.
قوله (ويستحب صوم عشر ذي الحجة).
بلا نزاع وأفضله يوم التاسع وهو يوم عرفة ثم يوم الثامن وهو يوم التروية وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعايتين والفائق وآكد العشر الثامن ثم التاسع.
قلت وهو خطأ وقال في الفروع ولا وجه لقول بعضهم آكده الثامن ثم التاسع ولعله أخذه من قوله في الهداية آكده يوم التروية وعرفة.
قوله (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم).
قال عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم فحمله صاحب الفروع على ظاهره وقال لعله عليه أفضل الصلاة والسلام لم يلتزم الصوم فيه لعذر أو لم يعلم فضله إلا أخيرا انتهى.
وحمله بن رجب في لطائفه على أن صيامه أفضل من التطوع المطلق بالصيام.
345

بدليل قوله عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل قال ولا شك أن الرواتب أفضل فمراده بالأفضلية في الصلاة والصوم والتطوع المطلق وقال صوم شعبان أفضل من صوم المحرم لأنه كالراتبة مع الفرائض قال فظهر أن فضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله أو بعده وذلك ملتحق بصيام رمضان لقربه منه وهو أظهر انتهى.
فوائد
الأولى أفضل المحرم اليوم العاشر وهو يوم عاشوراء ثم التاسع وهو تاسوعاء ثم العشر الأول.
الثانية لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب وقد أمر الإمام أحمد بصومهما ووافق الشيخ تقي الدين أنه لا يكره وقال مقتضى كلام أحمد أنه يكره.
الثالثة لم يجب صوم يوم عاشوراء قبل فرض رمضان على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر منهم القاضي قال المجد هو الأصح من قول أصحابنا.
وعنه أنه كان واجبا ثم نسخ اختاره الشيخ تقي الدين ومال إليه المصنف والشارح.
قوله (ويكره إفراد رجب بالصوم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وحكى الشيخ تقي الدين في تحريم إفراده وجهين قال في الفروع ولعله أخذه من كراهة أحمد.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لا يكره إفراد غير رجب بالصوم وهو صحيح لا نزاع فيه قال المجد لا نعلم فيه خلافا.
346

فائدتان
إحداهما تزول الكراهة بالفطر من رجب ولو يوما أو بصوم شهر آخر من السنة قال المجد وإن لم يله.
الثانية قال في الفروع لم يذكر أكثر الأصحاب استحباب صوم رجب وشعبان واستحسنه بن أبي موسى في الإرشاد قال ابن الجوزي في كتاب أسباب الهداية يستحب صوم الأشهر الحرم وشعبان كله وهو ظاهر ما ذكره المجد في الأشهر الحرم وجزم به في المستوعب وقال آكد شعبان يوم النصف واستحب الآجري صوم شعبان ولم يذكر غيره.
وقال الشيخ تقي الدين في مذهب أحمد وغيره نزاع قيل يستحب صوم رجب وشعبان وقيل يكره فيفطر ناذرهما
بعض رجب.
قوله (وإفراد يوم الجمعة).
يعني يكره وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه قال المجد لا نعلم فيه خلافا وقال الآجري يحرم صومه ونقل حنبل لا أحب أن يتعهده قال الشيخ تقي الدين لا يجوز صوم يوم الجمعة وحكاه في الرعاية وجها.
قوله (ويوم السبت).
يعني يكره إفراد يوم السبت بالصوم وهو المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يكره صيامه مفردا وأنه قول أكثر العلماء وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته وأن الحديث شاذ أو منسوخ وقال هذه طريقة قدماء أصحاب الإمام أحمد الذين صحبوه كالأثرم وأبي داود وأن أكثر أصحابنا فهم من كلام الإمام أحمد الأخذ بالحديث انتهى ولم يذكر الآجري كراهة غير صوم يوم الجمعة فظاهره لا يكره غيره.
347

قوله (ويوم الشك).
يعني أنه يكره صومه.
واعلم أنه إذا أراد أن يصوم يوم الشك فتارة يصومه لكونه وافق عادته.
وتارة يصومه موصولا قبله وتارة يصومه عن قضاء فرض وتارة يصومه عن نذر معين أو مطلق وتارة يصومه بنية الرمضانية احتياطا وتارة يصومه تطوعا من غير سبب فهذه ست مسائل.
إحداها إذا وافق صوم يوم الشك عادته فهذا لا يكره صومه وقد استثناه المصنف في كلامه بعد ذلك.
الثانية إذا صامه موصولا بما قبله من الصوم فإن كان موصولا بما قبل النصف فلا يكره قولا واحدا وإن وصله بما بعد النصف لم يكره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يكره ومبناهما على جواز التطوع بعد نصف شعبان فالصحيح من المذهب أنه لا يكره ونص عليه وإنما يكره تقدم رمضان بيوم أو يومين.
وقيل يكره بعد النصف اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الحاويين ومال صاحب الفروع إلى تحريم تقدم رمضان بيوم أو يومين.
الثالثة إذا صامه عن قضاء فرض فالصحيح من المذهب أنه لا يكره وعنه يكره صومه قضاء جزم به الشيرازي في الإيضاح وابن هبيرة في الإفصاح وصاحب الوسيلة فيها قال في الفروع فيتوجه طرده في كل واجب للشك في براءة الذمة.
الرابعة إذا وافق نذر معين يوم الشك أو كان النذر مطلقا لم يكره صومه قولا واحدا.
348

الخامسة إذا صامه بنية الرمضانية احتياطا كره صومه ذكره المجد وغيره واقتصر عليه في الفروع.
السادسة إذا صامه تطوعا من غير سبب فالصحيح من المذهب يكره وعليه جماهير الأصحاب كما قطع به المصنف هنا قال في الكافي قاله أصحابنا قال الزركشي هو قول القاضي وأبي الخطاب والأكثرين وقال المجد وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل يحرم صومه فلا يصح وهو احتمال في الكافي ومال إليه فيه واختاره بن البنا وأبو الخطاب في عباداته الخمس والمجد وغيرهم وجزم به بن الزاغوني وغيره ومال إليه في الفروع وهما روايتان في الرعاية.
وعنه لا يكره صومه حكاه الخطابي عن الإمام أحمد.
السابعة يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يكن في السماء علة ليلة الثلاثين ولم يتراءى الناس الهلال قدمه في الفروع وقال القاضي وأكثر الأصحاب أو شهد به من ردت شهادته قال القاضي أو كان في السماء علة وقلنا لا يجب صومه.
قوله (ويوم النيروز والمهرجان).
يعني يكره صومهما وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب واختار المجد أنه لا يكره لأنهم لا يعظمونهما بالصوم.
فوائد
منها قال المصنف والمجد ومن تبعهما وعلى قياس كراهة صومهما كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم.
وقال الشيخ تقي الدين لا يجوز تخصيص صوم أعيادهم.
349

ومنها النيروز والمهرجان عيدان للكفار قال الزمخشري النيروز الشهر الثالث من الربيع والمهرجان اليوم السابع من الخريف.
ومنها يكره الوصال وهو أن لا يفطر بين اليومين فأكثر على الصحيح من المذهب وقيل يحرم واختاره بن البنا قال الإمام أحمد لا يعجبني وأومأ إلى إباحته لمن يطيقه وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها وكذا بمجرد الشرب على ظاهر ما رواه المروذي عنه ولا يكره الوصال إلى السحر نص عليه ولكن ترك الأولى وهو تعجيله الفطر.
ومنها هل يجوز لمن عليه صوم فرض أن يتطوع بالصوم قبله فيه روايتان وأطلقهما في الهداية والمغني والمجد في شرحه والشرح والفروع والفائق.
إحداهما لا يجوز ولا يصح وهو المذهب نص عليه في رواية حنبل وقال في الحاويين لم يصح في أصح الروايتين واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والإفادات والمنور وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين وابن رزين في شرحه وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية يجوز ويصح قدمه في النظم قال في القاعدة الحادية عشرة جاز على الأصح.
قلت وهو الصواب.
فعلى المذهب وهو عدم الجواز فهل يكره القضاء في عشر ذي الحجة أم لا يكره فيه روايتان وأطلقهما في المغني والشرح وشرح المجد والفائق والفروع.
قلت الصواب عدم الكراهة.
وهذه الطريقة هي الصحيحة وهي طريقة المجد في شرحه وتابعه في
350

الفروع وقال هذه الطريقة هي الصحيحة قال المصنف في المغني وهذا أقوى عندي قال في الفروع لأنا إذا حرمنا التطوع قبل الفرض كان أبلغ من الكراهة فلا تصح تفريعا عليه انتهى.
ولنا طريقة أخرى قالها بعض الأصحاب وهي إن قلنا بعدم جواز التطوع قبل صوم الفرض لم يكره القضاء في عشر ذي الحجة بل يستحب لئلا يخلو من العبادة بالكلية وإن قلنا بالجواز كره القضاء فيها لتوفيرها على التطوع لبيان فضله فيها مع فضل القضاء قال في المغني قاله بعض أصحابنا.
وقال في الرعايتين والحاويين ويباح قضاء رمضان في عشر ذي الحجة وعنه يكره وقال في الكبرى أيضا ويحرم نفل الصوم قبل قضاء فرضه لحرمته نص عليه وعنه يجوز.
فائدة لو اجتمع ما فرض شرعا ونذر بدئ بالمفروض شرعا إن كان لا يخاف فوت المنذور وإن خيف فوته بدئ به ويبدأ بالقضاء أيضا إن كان النذر مطلقا.
قوله (ولا يجوز صوم يومي العيدين عن فرض ولا تطوع وإن قصد صيامهما كان عاصيا ولم يجزه عن فرض).
الصحيح من المذهب أنه لا يصح صوم يومي العيدين عن فرض ولا نفل وعليه الأصحاب وحكاه بن المنذر إجماعا وعنه يصح عن فرض نقله مهنا في قضاء رمضان وفي الواضح رواية يصح عن نذره المعين.
قوله (ولا يجوز صيام أيام التشريق تطوعا بلا نزاع وفي صومها عن الفرض روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
351

والكافي والمغني والتلخيص والبلغة وشرح المجد والشرح والرعاية الصغرى والزركشي وشرح بن منجا هنا والحاوي الكبير.
إحداهما لا يجوز اختاره بن أبي موسى والقاضي قال في المبهج وهي الصحيحة وقدمه الخرقي وابن رزين في شرحه قال الزركشي وهي التي ذهب إليها أحمد أخيرا وجزم به في الوجيز والمنتخب.
والرواية الثانية يجوز صححه في التصحيح والنظم واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى في باب صوم النذر والتطوع وجزم به في المنور وذكر الترمذي عن أحمد جواز صومها عن دم المتعة خاصة قال الزركشي خص بن أبي موسى الخلاف بدم المتعة وكذا ظاهر كلام بن عقيل تخصيص الرواية بصوم المتعة وهو ظاهر العمدة فإنه قال ونهى عن صيام أيام التشريق إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد هديا واختاره المجد في شرحه.
قلت وقدم المصنف في هذا الكتاب في باب الفدية أنها تصام عن دم المتعة إذا عدم وجزم به في الإفادات وصححه في الفائق في باب أقسام النسك وقدمه في الرعاية الكبرى في آخر باب الإحرام قال ابن منجا في شرحه في باب الفدية هذا المذهب وقدمه الشارح هناك والناظم.
قوله (ومن دخل في صوم أو صلاة تطوع استحب له إتمامه ولم يجب).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعن أحمد يجب إتمام الصوم ويلزمه القضاء ذكره بن البنا والمصنف في الكافي ونقل حنبل في الصوم إن أوجبه على نفسه فأفطر بلا عذر أعاد قال القاضي أي نذره وخالفه بن عقيل وذكره أبو بكر في النفل وقال تفرد به حنبل وجميع الأصحاب نقلوا عنه لا يقضى وفي الرعاية وغيرها رواية في الصوم لا يقضى المعذور.
352

وعنه يلزم إتمام الصلاة بخلاف الصوم قال المصنف في الكافي والمجد مال إلى ذلك أبو إسحاق الجوزجاني وقال الصلاة ذات إحرام وإحلال كالحج قال المجد والرواية التي حكاها بن البنا في الصوم تدل على عكس هذا القول لأنه خصه بالذكر وعلل رواية لزومه بأنه عبادة يجب بإفسادها الكفارة العظمى فلزمت بالشروع كالحج قال والصحيح من المذهب التسوية.
قوله (وإن أفسده فلا قضاء عليه).
هذا مبني على الصحيح من المذهب كما تقدم ولكن يكره خروجه منه بلا عذر على الصحيح من المذهب قال في الفروع وعلى المذهب يكره خروجه يتوجه لا يكره إلا لعذر وإلا كره في الأصح.
فوائد
الأولى هل يفطر لضيفه قال في الفروع يتوجه أنه كصائم دعي يعني إلى وليمة وقد صرح الأصحاب في الاعتكاف يكره تركه بلا عذر.
الثانية لم يذكر أكثر الأصحاب سوى الصوم والصلاة وقال في الكافي وسائر التطوعات من الصلاة والاعتكاف وغيرهما كالصوم والحج والعمرة وقيل الاعتكاف كالصوم على الخلاف يعني إذا دخل في الاعتكاف وقد نواه مدة لزمته ويقضيها ذكره بن عبد البر إجماعا ورد المصنف والمجد كلام بن عبد البر في ادعائه الإجماع.
الثالثة لو نوى الصدقة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم يلزمه الصدقة بباقيه إجماعا قاله المصنف وغيره ولو شرع في صلاة تطوع قائما لم يلزمه إتمامها قائما بلا خلاف في المذهب وذكر القاضي وجماعة أن الطواف كالصلاة في الأحكام إلا فيما خصه الدليل قال في الفروع فظاهره أنه كالصلاة هنا قال ويتوجه على كل حال إن نوى طواف شوط أو شوطين أجزأ وليس من شرطه تمام الأسبوع كالصلاة.
353

الرابعة لا تلزم الصدقة والقراءة والأذكار بالشروع.
وأما نفل الحج والعمرة فيأتي حكمه في آخر باب الفدية عند قوله ومن رفض إحرامه ثم فعل محظورا فعليه فداؤه.
الخامسة لو دخل في واجب موسع كقضاء رمضان كله قبل رمضان والمكتوبة في أول وقتها وغير ذلك كنذر مطلق وكفارة إن قلنا يجوز تأخيرهما حرم خروجه منه بلا عذر قال المصنف بغير خلاف قال المجد لا نعلم فيه خلافا فلو خالف وخرج فلا شيء عليه غير ما كان عليه قبل شروعه وقال في الرعاية وقيل يكفر إن أفسد قضاء رمضان.
قوله (وتطلب ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان).
هذا المذهب وعليه الأصحاب منهم المصنف في العمدة والهادي وقال في الكافي والمغني تطلب في جميع رمضان
قال الشارح يستحب طلبها في جميع ليالي رمضان وفي العشر الأخير آكد وفي ليالي الوتر آكد انتهى.
قلت يحتمل أن تطلب في النصف الأخير منه لأحاديث وردت في ذلك وهو مذهب جماعة من الصحابة خصوصا ليلة سبعة عشر لا سيما إذا كانت ليلة جمعة.
قوله (وليالي الوتر آكد).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب واختار المجد أن كل العشر سواء.
فائدة قال الشيخ تقي الدين الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين إلى آخره ويكون باعتبار الباقي لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام لتاسعة تبقى فإذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي لأشفاع فليلة الثانية تاسعة تبقى وليلة الرابعة سابعة تبقى كما فسره أبو سعيد الخدري وإن كان الشهر ناقصا كان التاريخ بالباقي كالتاريخ بالماضي.
354

قوله (وأرجاها ليلة سبع وعشرين).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو من المفردات وقال المصنف في الكافي وأرجاها الوتر من ليالي العشر قال في الفروع كذا قال وقيل أرجاها ليلة ثلاث وعشرين وقال في الكافي أيضا والأحاديث تدل على أنها تنتقل في ليالي الوتر قال ابن هبيرة في الإفصاح الصحيح عندي أنها تنتقل في أفراد العشر فإذا اتفقت ليالي الجمع في الأفراد فأجدر وأخلق أن تكون فيها وقال غيره تنتقل في العشر الأخير وحكاه بن عبد البر عن الإمام أحمد.
قلت وهو الصواب الذي لا شك فيه.
وقال المجد ظاهر رواية حنبل أنها ليلة معينة.
فعلى هذا لو قال أنت طالق ليلة القدر قبل مضي ليلة أول العشر وقع الطلاق في الليلة الأخيرة وإن مضى منه ليلة وقع الطلاق في السنة الثانية في ليلة حلفه فيها.
وعلى قولنا إنها تنتقل في العشر إن كان قبل مضي ليلة منه وقع الطلاق في الليلة الأخيرة وإن كان مضى منه ليلة وقع الطلاق في الليلة الأخيرة من العام المقبل واختاره المجد قال في الفروع وهو أظهر قال المجد ويتخرج حكم العتق واليمين على مسألة الطلاق.
قلت هو الصواب.
قلت تلخص لنا في المذهب عدة أقوال.
وقد ذكر الشيخ الحافظ الناقد شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في شرح البخاري أن في ليلة القدر للعلماء خمسة وأربعين قولا وذكر أدلة كل قول أحببت أن أذكرها هنا ملخصه فأقول.
قيل وقعت خاصة بسنة واحدة وقعت في زمنه عليه أفضل الصلاة والسلام خاصة بهذه الأمة ممكنة في جميع السنة تنتقل في جميع السنة ليلة النصف
355

من شعبان مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه أول ليلة منه ليلة النصف منه ليلة سبعة عشر.
قلت أو إن كانت ليلة جمعة ذكره في اللطائف.
ثمان عشرة تسع عشرة حادي عشرين ثاني عشرين ثالث عشرين رابع عشرين خامس عشرين سادس عشرين سابع عشرين ثامن عشرين تاسع عشرين ثلاثين أرجاها ليلة إحدى وعشرين ثلاث وعشرين سبع وعشرين تنتقل في جميع رمضان في النصف الأخير في العشر الأخير كله في أوتار العشر الأخير مثله بزيادة الليلة الأخيرة في السبع الأواخر وهل هي الليالي السبع من آخر الشهر أو في آخر سبع من الشهر منحصرة في السبع الأواخر منه في أشفاع العشر الأوسط والعشر الأخير مبهمة في العشر الأوسط أو آخر ليلة أو أول ليلة أو تاسع ليلة أو سابع عشرة أو إحدى وعشرين أو آخر ليلة في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني ليلة ست عشرة أو سبع عشرة ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين ليلة تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين ليلة اثنتين وعشرين أو ثلاث وعشرين ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين الثالثة من العشر الأخير أو الخامسة منه.
وزدنا قولا على ذلك.
فوائد
إحداها لو نذر قيام ليلة القدر قام العشر كله وإن كان نذره في أثناء العشر فحكمه حكم الطلاق على ما تقدم ذكره القاضي في التعليق في النذور.
الثانية قال جماعة من الأصحاب يسن أن ينام متربعا مستندا إلى شيء نص عليه.
356

الثالثة ليلة القدر أفضل الليالي على الصحيح من المذهب وحكاه الخطابي إجماعا وعنه ليلة الجمعة أفضل ذكرها بن عقيل قال المجد في شرحه وهذه الرواية اختيار بن بطة وأبي الحسن الجوزي وأبي حفص البرمكي لأنها تابعة لأفضل الأيام.
وقال الشيخ تقي الدين ليلة الإسراء أفضل في حقه عليه أفضل الصلاة والسلام من ليلة القدر.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع إجماعا.
وقال يوم النحر أفضل أيام العام وكذا ذكره المجد في شرحه في صلاة العيد قال في الفروع وظاهر ما ذكره أبو حكيم أن يوم عرفة أفضل قال وظهر مما سبق أن هذه الأيام أفضل من غيرها ويتوجه على اختيار شيخنا بعد يوم النحر يوم القر الذي يليه.
قال في الغنية إن الله اختار من الأيام أربعة الفطر والأضحى وعرفة ويوم عاشوراء واختار منها يوم عرفة.
وقال أيضا إن الله اختار للحسين الشهادة في أشرف الأيام وأعظمها وأجلها وأرفعها عند الله منزلة.
الرابعة قال في الفروع عشر ذي الحجة أفضل على ظاهر ما في العمدة وغيرها وسبق كلام شيخنا في صلاة التطوع.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا قد يقال ذلك وقد يقال ليالي عشر رمضان الأخير وأيام ذلك أفضل قال والأول أظهر لوجوه وذكرها.
الخامسة رمضان أفضل الشهور ذكره جماعة من الأصحاب وذكره بن شهاب فيمن زال عذره وذكروا أن الصدقة
فيه أفضل.
وقال في الغنية إن الله اختار من الشهور أربعة رجب وشعبان ورمضان
357

والمحرم واختار منها شعبان وجعله شهر النبي صلى الله عليه وسلم فكما أنه أفضل الأنبياء فشهره أفضل الشهور قال في الفروع كذا قال.
وقال ابن الجوزي قال القاضي في قوله تعالى * (منها أربعة حرم) * إنما سماها حرما لتحريم القتال فيها ولتعظيم انتهاك المحارم فيها أشد من تعظيمه في غيرها كذلك تعظيم الطاعات وذكر بن الجوزي معناه = كتاب الاعتكاف.
تنبيه قوله وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى.
يعني على صفة مخصوصة من مسلم طاهر مما يوجب غسلا.
فائدة قوله وهو سنة إلا أن ينذره فيجب.
بلا نزاع وإن علقه أو قيده بشرط فله شرطه وآكده عشر رمضان الأخير ولم يفرق الأصحاب بين البعيد وغيره وهو المذهب.
ونقل أبو طالب لا يعتكف بالثغر لئلا يشغله عن الثغر.
ولا يصح إلا بالنية ويجب تعيين المنذور بالنية ليتميز وإن نوى الخروج منه فقيل يبطل.
قلت وهو الصواب إلحاقا له بالصلاة والصيام.
وقيل لا لتعلقه بمكان كالحج وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفروع.
ولا يصح من كافر ومجنون وطفل.
ولا يبطل بإغماء جزم به في الرعاية وغيرها واقتصر عليه في الفروع.
قوله (ويصح بغير صوم).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يصح قدمه في نظم نهاية ابن رزين
358

فعلى المذهب أقله إذا كان تطوعا أو نذرا مطلقا ما يسمى به معتكفا لابثا.
قال في الفروع وظاهره ولو لحظة وفي كلام جماعة من الأصحاب أقله ساعة لا لحظة وهو ظاهر كلامه في المذهب وغيره.
وعلى المذهب أيضا يصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها.
وعليه أيضا لو صام ثم أفطر عمدا لم يبطل اعتكافه.
وعلى الثانية لا يصح في ليلة مفردة كما قال المصنف.
ويحتمل قوله ولا بعض يوم أن مراده إذا كان غير صائم فأما إن صائما فيصح في بعض يوم وهو أحد الوجهين.
قال في الفروع جزم بهذا غير واحد.
قلت منهم صاحب الإفادات والرعايتين والحاويين والمحرر واختاره في الفائق.
ويحتمل أن يكون على إطلاقه فلا يصح الاعتكاف بعض يوم ولو كان صائما وهو الوجه الثاني اختاره أبو الخطاب وقدمه في المغني والشرح والفائق وكلامه في الهداية والمستوعب ككلام المصنف هنا.
قال المجد في شرحه اشتراط كونه لا يصح أقل من يوم إذا اشترطنا الصوم اختيار أبي الخطاب وأطلقهما المجد في شرحه والفروع وجزم به في المستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وعلى الرواية الثانية إذا نذر اعتكافا وأطلق يلزمه يوم قال في الفروع ومرادهم إذا لم يكن صائما انتهى.
قلت قال في الفائق ولو شرط الناذر صوما فيوم على الروايتين ثم قال قلت بل مسماه من صائم انتهى.
359

وعلى الرواية الثانية أيضا لا يصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها واعتكافها نذرا ونفلا كصومها نذرا ونفلا.
فإن أتى عليه يوم العيد في أثناء اعتكاف متتابع فإن قلنا يجوز الاعتكاف فيه فالأولى أن يثبت مكانه ويجوز خروجه لصلاة العيد ولا يفسد اعتكافه وإن قلنا لا يجوز خرج إلى المصلى إن شاء وإلى أهله وعليه حرمة العكوف ثم يعود قبل غروب الشمس من يومه لتمام أيامه.
فوائد
الأولى على القول باشتراط الصوم لا يشترط أن يكون الصوم له ما لم ينذره بل يصح في الجملة سواء كان فرض رمضان أو كفارة أو نذرا أو تطوعا.
الثانية لو نذر أن يعتكف رمضان ففاته لزمه شهر غيره بلا نزاع لكن هل يلزمه صوم قدم في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم أنه لا يلزمه لأنه لم يلتزمه.
وقيل يلزمه قال في الرعاية الكبرى وهو أولى ثم قال وقيل إن شرطناه فيه لزمه وإلا فلا وهذا هو الذي في المستوعب وقاله المجد في شرحه وأطلق اللزوم وعدمه في الفروع.
واما إذا شرط فيه الصوم فالصحيح من المذهب أنه يجزئه رمضان آخر قدمه في الفروع وذكر القاضي وجها لا يجزئه وأطلق بعضهم وجهين.
ولم يذكر القاضي خلافا في نذر الاعتكاف المطلق أنه يجزئه صوم رمضان وغيره قال في الفروع وهذا خلاف نص أحمد رحمه الله تعالى ومتناقض لأن المطلق أقرب إلى التزام الصوم فهو أولى ذكره المجد قال في الفروع والقول به في المطلق متعين.
الثالثة لو نذر اعتكاف عشر رمضان الأخير ففاته فالصحيح من
360

المذهب أنه يجوز قضاؤه خارج رمضان ذكره القاضي وقدمه في الفروع والمجد في شرحه وقال ابن أبي موسى يلزمه قضاء العشر الأخير من رمضان في العام المقبل وهو ظاهر رواية حنبل وابن منصور ولأنها مشتملة على ليلة القدر قال في الفروع ولعله أظهر.
قلت وهو الصواب.
قال في الرعاية هذا الأشهر وجزم به في الفائق قال في الفروع ويتوجه من تعيين العشر تعيين رمضان في التي
قبلها.
قلت وهو الصواب لاشتماله على ليلة لا توجد في غيره وهي ليلة القدر.
الرابعة لو نذر أن يعتكف صائما أو يصوم معتكفا لزماه معا فلو فرقهما أو اعتكف وصام فرض رمضان ونحوه لم يجزه وذكر المجد عن بعض الأصحاب يلزمه الجميع لا الجمع فله فعل كل منهما منفردا.
وإن نذر أن يصوم معتكفا فالوجهان في التي قبلها قاله المجد وتبعه في الفروع وقال في التلخيص ولو نذر أن يصوم معتكفا أو يصلي معتكفا لم يلزمه الجميع لأن الصوم من شعار الاعتكاف وليس الاعتكاف من شعار الصوم والصلاة.
وقال في الرعاية الكبرى ولو نذر أن يصوم أو يصلي معتكفا صحا بدونه ولزماه دون الاعتكاف وقيل يلزمه الاعتكاف مع الصوم فقط انتهى.
وإن نذر أن يعتكف مصليا فالوجهان وفيه وجه ثالث لا يلزمه الجمع هنا لتباعد ما بين العبادتين.
ولو نذر أن يصلي صلاة ويقرأ فيها سورة بعينها لزمه الجمع فلو قرأها خارج الصلاة لم يجزه ذكره في الانتصار واقتصر عليه في الفروع.
قوله (ولا يجوز الاعتكاف للمرأة بغير إذن زوجها ولا للعبد
361

بغير إذن سيده بلا نزاع وإن شرعا فيه بغير إذن فلهما تحليلهما).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وخرج المجد في شرحه أنهما لا يمنعان من الاعتكاف المنذور كرواية في المرأة في صوم وحج مندوبين ذكرها القاضي في المجرد والتعليق ونصرها في غير موضع.
والعبد يصوم النذر قال المجد ويتخرج وجه ثالث منعهما وتحليلهما من نذر مطلق فقط لأنه على التراخي كوجه لأصحابنا في صوم وحج منذور قال المصنف والشارح ويحتمل أن لهما تحليلهما إذا أذنا لهما في النذر وهو غير معين.
قال المجد ويتخرج وجه رابع منعهما وتحليلهما إلا من منذور معين قبل النكاح والملك كوجه لأصحابنا في سقوط نفقتهما قال في الفروع ويتوجه إن لزم بالشروع فيه فكالمنذور.
فعلى المذهب إن لم يحللاهما صح وأجزأ على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه المجد في شرحه والفروع.
وقال جماعة من الأصحاب منهم بن البنا يقع باطلا لتحريمه كصلاة في مغصوب ذكره المجد في شرحه وجزم به في المستوعب والرعاية وذكره نص أحمد في العبد.
قوله (وإن كان بإذن فلهما تحليلهما إن كان تطوعا وإلا فلا).
إذا أذنا لهما فتارة يكون واجبا وتارة يكون تطوعا فإن كان تطوعا فلهما تحليلهما بلا نزاع وإن كان واجبا فتارة يكون نذرا معينا وتارة يكون مطلقا فإن كان معينا لم يكن لهما تحليلهما بلا نزاع وإن كان مطلقا فظاهر كلام المصنف هنا وغيره من الأصحاب أنهما ليس لهما تحليلهما قال في الفروع وظاهر كلامهم المنع كغيره واختار المجد في شرحه في النذر المطلق الذي يجوز تفريقه كنذر عشرة أيام قال فيها إن شئت متفرقة أو متتابعة
362

إذا أذن لهما في ذلك يجوز تحليلهما منه عند منتهى كل يوم لجواز الخروج له منه إذن كالتطوع قال ولا أعرف فيه نصا لأصحابنا لكن تعليلهم يدل على ما ذكرت قال في الفروع وهذا متوجه وقال في الرعاية لهما تحليلهما في غير نذر وقيل في غير وقت معين.
فائدتان
إحداهما لو أذنا لهما ثم رجعا قبل الشروع جاز إجماعا.
الثانية حكم أم الولد والمدبر والمعلق عتقه بصفة حكم العبد فيما تقدم.
قوله (وللمكاتب أن يعتكف بغير إذن سيده).
هذا المذهب مطلقا ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى وغيرهما وقال جماعة من الأصحاب له أن يعتكف بغير إذن سيده ما لم يحل نجم جزم به في المحرر والرعاية الكبرى.
قوله (ويحج بغير إذن سيده).
يعني للمكاتب أن يحج بغير إذن سيده وهذا المذهب أيضا مطلقا نص عليه قدمه في الفروع والرعاية الصغرى والشرح وشرح بن منجا وعللوه بأن السيد لا يستحق منافعه ولا يملك إجباره على الكسب وإنما له دين في ذمته فهو كالحر المدين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع هنا قال في المحرر والرعاية الكبرى والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم هنا ما لم يحل نجم انتهوا وقدمه في الفروع في باب الكتابة ولا يمنع من إنفاقه هنا.
وقال المصنف يجوز بشرط أن لا ينفق على نفسه مما قد جمعه ما لم يحل نجم.
ونقل الميموني له الحج من المال الذي جمعه ما لم يأت نجمه وحمله القاضي وابن عقيل والمصنف على إذنه له ويأتي ذلك في باب المكاتب بأتم من هذا
363

فائدة يجوز للمكاتب أن يعتكف ويحج بإذن سيده وأطلقه كثير من الأصحاب وقالوا نص عليه أحمد قال في الفروع ولعل المراد ما لم يحل نجم وصرح به بعضهم وعنه المنع مطلقا.
قوله (ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه).
اعلم أن المعتكف لا يخلو إما أن يأتي عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة وهو ممن تلزمه الصلاة أولا فإن لم يأت عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة فهذا يصح اعتكافه في كل مسجد سواء جمع فيه أو لا وإن أتى عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة لم تصح إلا في مسجد يجمع فيه أي يصلي فيه الجماعة على الصحيح من المذهب في الصورتين وعليه جماهير الأصحاب وهذا مبني على وجوب صلاة الجماعة أو شرطيتها أما إن قلنا إنها سنة فيصح في أي مسجد كان قاله الأصحاب واشتراط المسجد الذي يجمع فيه من مفردات المذهب وقال أبو الخطاب في الانتصار لا يصح الاعتكاف من الرجل مطلقا إلا في مسجد تقام فيه الجماعة قال المجد وهو ظاهر رواية بن منصور وظاهر قول الخرقي.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قوله (إلا المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد إلا مسجد بيتها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ومسجد بيتها ليس مسجدا لا حقيقة ولا حكما قال في الفروع وقال في الانتصار لا بد أن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة وهو ظاهر رواية بن منصور والخرقي كما تقدم ذلك في الرجل.
فوائد
إحداها رحبة المسجد ليست منه على الصحيح من المذهب والروايتين وهو ظاهر كلام الخرقي والحاويين والرعايتين في موضع وقدمه المجد في شرحه ونص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم.
364

قال الحارثي في إحياء الموات اختاره الخرقي وصاحب المحرر وهو من المفردات.
وعنه أنها منه جزم به بعض الأصحاب منهم القاضي في موضع من كلامه وجزم به في الحاويين والرعاية الصغرى في موضع فقالا ورحبة المسجد كهو وأطلقهما في الفروع والفائق والزركشي وجمع القاضي بينهما في موضع من كلامه فقال إن كانت محوطة فهي منه وإلا فلا.
قال المجد ونقل محمد بن الحكم ما يدل على صحة هذا الجمع وهو أنه كان إذا سمع أذان العصر وهو في رحبة المسجد انصرف ولم يصل فيه وقال ليس هو بمنزلة المسجد هذا المسجد هو الذي عليه حائط وباب وقدم هذا الجمع في المستوعب وقال ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين والصحيح أنها رواية واحدة على اختلاف الحالين وقدمه أيضا في الرعاية الكبرى في موضع والآداب الكبرى.
الثانية المنارة التي للمسجد إن كانت فيه أو بابها فيه فهي من المسجد بدليل منع جنب وإن كان بابها خارجا منه بحيث لا يستطرق إليها إلا خارج المسجد أو كانت خارج المسجد قال في الفروع والمراد والله أعلم وهي قريبة منه كما جزم به بعضهم فخرج للأذان بطل اعتكافه على الصحيح من المذهب لأنه مشى حيث يمشي لأمر منه بد كخروجه إليها لغير الأذان.
وقيل لا يبطل اختاره بن البنا والمجد قال القاضي لأنها بنيت له فكأنها فيه وقال أبو الخطاب لأنها كالمتصلة به وقال المجد لأنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان وكانت منه فيما بنيت له ولا يلزمه ثبوت بقية أحكام المسجد لأنها لم تبن له وأطلقهما في المحرر.
الثالثة ظهر المسجد منه بلا نزاع أعلمه.
الرابعة لما ذكر في الآداب الثواب الحاصل بالصلاة في مسجدي مكة
365

والمدينة قال وهذه المضاعفة تختص المسجد على ظاهر الخبر وظاهر قول العلماء من أصحابنا وغيرهم قال ابن عقيل الأحكام المتعلقة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في زمانه لا ما زيد فيه لقوله عليه الصلاة والسلام في مسجدي هذا واختار الشيخ تقي الدين أن حكم الزائد حكم المزيد عليه.
قلت وهو الصواب.
قوله (والأفضل الاعتكاف في الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله).
ولا يلزم فيه وهذا المذهب وعليه الأصحاب وذكر في الانتصار وجها بلزوم الاعتكاف فيه فإن اعتكف في غيره بطل لخروجه إليها.
فائدة يجوز لمن لا تلزمه الجمعة أن يعتكف في غير الجامع الذي يتخلله الجمعة لكن يبطل بخروجه إليها إلا أن يشترط كعيادة المريض.
قوله (ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره).
هذا المذهب إلا ما استثناه المصنف وعليه الأصحاب وقال في الفائق قال أبو الخطاب القياس وجوبه انتهى وجزم به في تذكرة بن عبدوس وقال في الفروع ويتوجه إلا مسجد قباء إذا نذر الاعتكاف أو الصلاة فيه لا يفعله في غيره.
تنبيهان
الأول ظاهر كلام المصنف هنا أنه سواء نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد قريب أو بعيد عتيق أو جديد امتاز بمزية شرعية كقدم وكثرة جمع أو لا وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ومفهوم كلام المصنف في المغني إذا كان المسجد بعيدا يحتاج إلى شد رحل يلزمه فيه وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار فإنه قال القياس لزومه تركناه لقوله
366

عليه أفضل الصلاة والسلام لا تشد الرحال الحديث وذكره أبو الحسين احتمالا في تعيين المسجد العتيق للصلاة وذكر المجد في شرحه أن القاضي ذكر وجها يتعين المسجد العتيق في نذر الصلاة قال المجد ونذر الاعتكاف مثله.
وأطلق الشيخ تقي الدين في تعيين ما امتاز بمزية شرعية كقدم وكثرة جمع وجهين واختار في موضع آخر يتعين.
وقال القاضي وابن عقيل الاعتكاف والصلاة لا يختصان بمكان بخلاف الصوم قال في الفروع كذا قالا.
فعلى المذهب له أن يعتكف ويصلي في غير المسجد الذي عينه والصحيح من المذهب أنه لا كفارة عليه كما جزم به المصنف هنا وهو أحد الوجهين ولم يذكر عدم الكفارة في نسخة قرئت على المصنف وكذا في نسخ كثيرة.
وقيل عليه كفارة قال في الرعايتين وعليه كفارة يمين في وجه إن لم يفعل وجزم بالكفارة في تذكرة بن عبدوس وأطلقهما في الفروع والفائق والحاويين والمحرر ذكره في باب النذر.
الثاني قال في الفروع وفي الكفارة وجهان إن وجبت في غير المستحب انتهى فمحل الخلاف إذا قلنا بوجوب الكفارة في غير المستحب.
الثالث جعل المصنف الصلاة والاعتكاف إذا نذرهما في غير المساجد الثلاثة على حد سواء وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة يصلي في غير مسجد أيضا ولعله مراد غيرهم وهو متجه انتهى.
الرابع قوله فله فعله في غيره يعني من المساجد وهذا الصحيح من المذهب قال في الفروع وظاهر كلام جماعة
يصلي في غير مسجد أيضا ولعله مراد غيرهم وهو متجه انتهى.
فائدة لو أراد الذهاب إلى ما عينه بنذره فإن كان يحتاج إلى شد رحل:
367

خير بين ذهابه وعدمه عند القاضي وغيره وجزم بعض الأصحاب بإباحته واختار المصنف والشارح الإباحة في السفر القصير ولم يجوزه بن عقيل والشيخ تقي الدين وقال في التلخيص لا يترخص قال في الفروع ولعل مراده يكره وذكر بن منجا في شرح المقنع يكره إلى القبور والمشاهد قال في الفروع وهي المسألة بعينها.
وحكى الشيخ تقي الدين وجها يجب السفر المنذور إلى المشاهد.
قال في الفروع ومراده والله أعلم اختيار صاحب الرعاية.
وإن كان لا يحتاج إلى شد رحل خير على الصحيح من المذهب بين الذهاب وغيره ذكره القاضي وابن عقيل وقدمه في الفروع.
وقال في الواضح الأفضل الوفاء قال في الفروع وهذا أظهر.
قوله (إلا المساجد الثلاثة وأفضلها المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم المسجد الأقصى).
الصحيح من المذهب أن مكة أفضل من المدينة نصره القاضي وأصحابه وعليه جماهير الأصحاب وعنه المدينة أفضل اختاره بن حامد وغيره.
ويأتي ذلك أيضا في آخر باب صيد الحرم ونباته.
فعلى المذهب إذا عين المسجد الحرام في نذره لم يجزه في غيره لأنه أفضلها احتج به أحمد والأصحاب قال في الفروع فدل إن قلنا المدينة أفضل أن مسجدها أفضل وهذا ظاهر كلام المجد في شرحه وغيره وصرح به في الرعاية.
وإن عين مسجد المدينة لم يجزه في غيره إلا المسجد الحرام على ما تقدم.
368

وإن عين المسجد الأقصى أجزأه المسجدان فقط نص عليه.
قوله (ومن نذر اعتكاف شهر بعينه لزمه الشروع فيه قبل دخول ليلته إلى انقضائه).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه أو يدخل قبل فجر أول ليلة من أوله قال الزركشي ولعله بناء على اشتراط الصوم له.
فائدتان
إحداهما كذا الحكم والخلاف والمذهب إذا نذر عشرا معينا.
وعنه رواية ثالثة جواز دخوله بعد صلاة الفجر.
الثانية لو أراد أن يعتكف العشر الأخير من رمضان تطوعا دخل قبل ليلته الأولى نص عليه.
وعنه بعد صلاة فجر أول يوم منه.
وتقدم إذا نذر اعتكافا في رمضان وفاته.
ولو نذر أن يعتكف العشر لزمه ما يتخلله من لياليه إلى ليلته الأولى نص عليه وفيهما في لياليه المتخللة تخريج بن عقيل وقول أبي حكيم الآتيان قريبا.
قوله (وإن نذر شهرا مطلقا لزمه شهر متتابع).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال القاضي يلزمه التتابع وجها واحدا كمن حلف لا يكلم زيدا شهرا وكمدة الإيلاء والعنة وبهذا فارق لو نذر صيام شهر.
وعنه لا يلزمه تتابعه اختاره الآجري وصححه بن شهاب وغيره.
369

فائدتان
إحداهما يلزمه أن يدخل معتكفه قبل الغروب من أول ليلة منه على الصحيح من المذهب كما تقدم في نظيرتها.
وعنه أو وقت صلاة المغرب وذكره بن أبي موسى.
وعنه أو قبل الفجر الثاني من أول يوم فيه.
الثانية يكفيه شهر هلالي ناقص بلياليه أو ثلاثين يوما بلياليها قال المجد على رواية أنه لا يجب التتابع يجوز إفراد الليالي عن الأيام إذا لم نعتبر الصوم وإن اعتبرناه لم يجب ووجب اعتكاف كل يوم مع ليلته المتقدمة عليه.
وإن ابتدأ الثلاثين في أثناء النهار فتمامه في تلك الساعة من اليوم الحادي والثلاثين وإن لم نعتبر الصوم وإن اعتبرناه فثلاثين ليلة صحاحا بأيامها الكاملة فيتم اعتكافه بغروب شمس الحادي والثلاثين في الصورة الأولى أو الثاني والثلاثين في الثانية لئلا يعتكف بعض يوم أو بعض ليلة دون يومها الذي يليها.
قوله (وإن نذر أياما معدودة فله تفريقها).
وكذا لو نذر ليالي معدودة وهذا المذهب فيهما وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره واختاره أبو الخطاب وغيره.
وقال القاضي يلزمه التتابع.
وقيل يلزمه التتابع إلا إذا نذر ثلاثين يوما للقرينة لأن العادة فيه لفظ الشهر فعدوله عنه يدل على عدم التتابع.
قلت لو قيل يلزمه التتابع في نذره الثلاثين يوما لكان له وجه لأنه بمنزلة من نذر اعتكاف شهر ثم وجدت بن رزين في نهايته ذكره وجها وقدمه ناظمها.
تنبيه مراد المصنف بقوله فله تفريقها إذا لم ينو التتابع فأما إذا نوى التتابع فإنه يلزمه قاله الأصحاب.
370

فوائد
منها إذا تابع فإنه يلزمه ما يتخللها من ليل أو نهار على الصحيح من المذهب وقيل لا يلزمه.
ومنها يدخل معتكفه فيما إذا نذر أياما قبل الفجر الثاني على الصحيح من المذهب وعنه أو بعد صلاته.
ومنها لو نذر أن يعتكف يوما معينا أو مطلقا دخل معتكفه قبل فجر الثاني على الصحيح من المذهب وخرج بعد غروب شمسه وحكى بن أبي موسى رواية يدخل وقت صلاة الفجر.
ومنها لو نذر شهرا متفرقا جاز له تتابعه.
قوله (أو نذر أياما وليالي متتابعة لزمه ما يتخللها من ليل أو نهار).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وخرج بن عقيل أنه لا يلزمه ما يتخلله واختاره أبو حكيم وخرجه أيضا من اعتكاف يوم لا يلزمه معه ليلة.
وقيل لا يلزمه ليلا ذكره في الرعاية الكبرى.
فائدة لو نذر اعتكاف يوم معينا أو مطلقا فقد تقدم متى يدخل معتكفه ولا يجوز تفريقه بساعات من أيام فلو كان في وسط النهار وقال لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه من ذلك الوقت إلى مثله وفي دخول الليلة الخلاف السابق.
واختار الآجري إن نذر اعتكاف يوم فمن ذلك الوقت إلى مثله.
تنبيه مراده بقوله ولا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لما لا بد منه كحاجة الإنسان.
إجماعا وهو البول والغائط إذا لزمه التتابع في اعتكافه وسواء عين بنذره مدة أو شرط التتابع في عدد.
371

فائدة يحرم بوله في المسجد في إناء وكذا فصد وحجامة وذكر بن عقيل احتمالا لا يجوز في إناء كالمستحاضة مع أمن تلويثه وكذا حكم النجاسة في هواء المسجد قال ابن تميم يكره الجماع فوق المسجد والتمسح بحائطه والبول نص عليه قال ابن عقيل في الفصول في الإجارة في التمسح بحائطه مراده الحظر فإذا بال خارجا وجسده فيه لا ذكره كره وعنه يحرم وقيل فيه الوجهان.
وتقدم بعض ذلك في آخر باب الوضوء.
قوله (والطهارة).
يجوز له الخروج للوضوء عن حدث نص عليه وإن قلنا لا يكره فعله فيه بلا ضرورة ويخرج لغسل الجنابة وكذا لغسل الجمعة إن وجب وإلا لم يجز ولا يجوز الخروج لتجديد الوضوء.
فوائد
يجوز له أيضا الخروج لقئ بغتة وغسل متنجس لحاجته وله المشي على عادته وقصد بيته إن لم يجد مكانا يليق به لا ضرر عليه فيه ولا منه كسقاية لا يحتشم مثله عنها ولا نقص عليه ويلزمه قصد أقرب منزليه لدفع حاجته به.
ويجوز الخروج ليأتي بمأكول ومشروب يحتاجه إن لم يكن له من يأتيه به نص عليه.
ولا يجوز الخروج لأكله وشربه في بيته في ظاهر كلامه وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والمجد وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقال القاضي يتوجه الجواز واختاره أبو حكيم وحمل كلام أبي الخطاب عليه.
وقال ابن حامد إن خرج لما لا بد منه إلى منزله جاز أن يأكل فيه يسيرا كلقمة ولقمتين لا كل أكله.
قوله (والجمعة).
يخرج إلى الجمعة إن كانت واجبة عليه وكذا إن لم تكن واجبة عليه.
372

واشترط خروجه إليها فأما إن كانت غير واجبة عليه ولم يشترط الخروج إليها فإنه لا يجوز له الخروج إليها فإن خرج بطل اعتكافه.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا يخرج إلى الجمعة فله التبكير إليها نص عليه وله إطالة المقام بعدها ولا يكره لصلاحية الموضع للاعتكاف لكن المستحب عكس ذلك ذكره القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود وقدمه في الفروع.
وقال المصنف ويحتمل أن تكون الخيرة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره وفي شرح المجد احتمال أن تبكيره أفضل وأنه ظاهر كلام أبي الخطاب في باب الجمعة لأنه لم يستثن المعتكف.
وقال ابن عقيل في الفصول يحتمل أن يضيق الوقت وأنه إن تنفل فلا يزيد على أربع.
ونقل أبو داود في التبكير أجود وأنه يركع بعدها عادته.
الثانية لا يلزمه سلوك الطريق الأقرب إلى الجمعة قدمه في الفروع وقال وظاهر ما سبق يلزمه كقضاء الحاجة قال بعض الأصحاب الأفضل خروجه لذلك وعوده في أقصر طريق لا سيما في النذر.
والأفضل سلوك أطول الطرق إن خرج لجمعة عبادة وغيرها.
قوله (والنفير المتعين).
بلا نزاع وكذا إذا تعين خروجه لإطفاء حريق وإنقاذ غريق ونحوه.
قوله (والشهادة الواجبة).
يجوز الخروج للشهادة المتعينة عليه فيلزمه الخروج ولا يبطل اعتكافه ولو لم يتعين عليه التحمل ولو كان سببه اختياريا وهذا المذهب وعليه أكثر
373

الأصحاب واختار في الرعايتين إن كان تعين عليه تحمل الشهادة وأداؤها خرج إليها وإلا فلا.
فائدة قوله والخوف من فتنة.
يجوز الخروج إن وقعت فتنة وخاف منها إن أقام في المسجد على نفسه أو حرمته أو ماله نهبا أو حريقا ونحوه ولا يبطل اعتكافه بذلك.
قوله (أو مرض).
اعلم أن المرض إذا كان يتعذر معه القيام فيه أو لا يمكنه إلا بمشقة شديدة يجوز له الخروج وإن كان المرض خفيفا كالصداع والحمى الخفيفة لم يجز له الخروج إلا أن يباح به الفطر فيفطر فإنه يخرج إن قلنا باشتراط الصوم وإلا فلا.
قوله (والحيض والنفاس).
تخرج المرأة للحيض والنفاس إلى بيتها إن لم يكن للمسجد رحبة فإذا طهرت رجعت إلى المسجد وإن كان له رحبة يمكن ضرب خبائها فيها بلا ضرر فعلت ذلك فإذا طهرت رجعت إلى المسجد ذكره الخرقي وابن أبي موسى ونقله يعقوب بن بختان عن أحمد وقدمه في الفروع واقتصر عليه في المغني والشرح وغيرهما ونقل
محمد بن الحكم تذهب إلى بيتها فإذا طهرت بنت على اعتكافها وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قلت الظاهر أن محل الخلاف إذا قلنا إن رحبة المسجد ليست منه وهو واضح.
فعلى الأول إقامتها في الرحبة على سبيل الاستحباب على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والمجد وغيرهما وجزم به في المستوعب والرعاية وغيرهما واختار في الرعاية أنه يسن جلوسها في الرحبة غير المحوطة.
وحكى صاحب التلخيص قولا بوجوب الكفارة عليها.
374

وهذا الحكم إذا لم تخف تلويثه فأما إن خافت تلويثه فأين شاءت وكذا بشرط الأمن على نفسها قال الزركشي ولهذا قال بعضهم هذا مع سلامة الزمان.
قوله (بعد ذكر ما يجوز الخروج له ونحو ذلك).
فنحو ذلك إذا تعين خروجه لإطفاء حريق أو إنقاذ غريق كما تقدم وكذا إذا أكرهه السلطان أو غيره على الخروج وكذا لو خاف أن يأخذه السلطان ظلما فخرج واختفى وإن أخرجه لاستيفاء حق عليه فإن أمكنه الخروج منه بلا عذر بطل اعتكافه وإلا لم يبطل لأنه خروج واجب.
فائدة لو خرج من المسجد ناسيا لم يبطل اعتكافه كالصوم ذكره القاضي في المجرد وقدمه في الفروع والرعاية والقواعد الأصولية.
وذكر القاضي في الخلاف وابن عقيل في الفصول يبطل لمنافاته الاعتكاف كالجماع وذكر المجد أحد الوجهين لا ينقطع التتابع ويبنى كمرض وحيض واختاره وذكره قياس المذهب وجزم أيضا أنه لا ينقطع تتابع المكره وأطلق بعضهم وجهين قال في القواعد الأصولية لا يبطل اعتكافه إذا أكره على الخروج ولو خرج بنفسه.
فائدة قوله ولا يعود مريضا ولا يشيع جنازة.
وكذا كل قربة كزيارة وتحمل شهادة وأدائها وتغسيل ميت وغيره إلا أن يشترط وهذا المذهب في ذلك كله نص عليه قال في الفروع اختاره الأصحاب.
وعنه له فعل ذلك كله من غير شرط وذكر الترمذي وابن المنذر رواية عن أحمد بالمنع مع الاشتراط أيضا.
فعلى المذهب لا يقضى زمن الخروج إذا نذر شهرا مطلقا في ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع كما لو عين الشهر قال المجد ولو قضاه صار الخروج المستثنى والمشروط في غير الشهر.
375

تنبيه يستثنى من ذلك لو تعينت عليه صلاة جنازة خارج المسجد أو دفن ميت أو تغسيله فإنه كالشهادة إذا تعينت عليه على ما سبق.
ويأتي آخر الباب ما يجوز له فعله في المسجد.
فائدة لو شرط في اعتكافه فعل ما له منه بد وليس بقربة ويحتاجه كالعشاء في بيته والمبيت فيه جاز على الصحيح من المذهب والروايتين جزم به المصنف في المغني والشارح وغيرهما ونصروه وجزم به في الرعايتين والحاويين.
وعنه المنع من ذلك جزم به القاضي وابن عقيل وغيرهما واختاره المجد وغيره وأطلقهما في الفروع.
ولو شرط الخروج للبيع والشراء أو الإجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز بلا خلاف عن الإمام أحمد وأصحابه.
ولو قال متى مرضت أو عرض لي عارض خرجت فله شرطه على الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وغيرهما وأطلقوا وقدمه في الفروع وقال المجد فائدة الشرط هنا سقوط القضاء في المدة المعينة فأما المطلقة كنذر شهر متتابع فلا يجوز الخروج منه إلا لمرض فإنه يقضى زمن المرض لإمكان حمل شرطه هنا على نفي انقطاع التتابع فقط فنزل على الأقل ويكون الشرط أفاد هنا البناء مع سقوط الكفارة على أصلنا.
قوله (وله السؤال عن المريض في طريقه ما لم يعرج).
إذا خرج إلى ما لا بد منه فسأل عن المريض أو غيره في طريقه ولم يعرج جاز كبيعه وشرائه إذا لم يقف له قال في الفروع ولا وجه لقوله في الرعاية فيسأل عن المريض وقيل أو غيره.
فائدة لو وقف لمسألته بطل اعتكافه.
376

قوله (والدخول إلى مسجد يتم اعتكافه فيه).
إذا خرج لما لا بد منه فدخل مسجدا يتم اعتكافه فيه جاز إن كان الثاني أقرب إلى مكان حاجته من الأول وإن كان أبعد أو خرج إليه ابتداء بلا عذر بطل اعتكافه لتركه لبثا مستحقا جزم به في الفروع وغيره فيهما وكلام المصنف محمول على الأول.
قوله (وإن خرج لغير المعتاد في المتتابع وتطاول خير بين استئنافه وإتمامه مع كفارة يمين).
مراده بالتتابع غير المعين ومراده بالخروج غير المعتاد الخروج للنفير والخوف والمرض ونحو ذلك وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في الرعاية يتمه وفي الكفارة الخلاف وقيل أو يستأنف إن شاء قال في الفروع كذا قال ويتخرج يلزم الاستئناف في مرض يباح الفطر به ولا يجب بناء على أحد الوجهين في انقطاع صوم الكفارة بما يبيح الفطر ولا يوجبه.
واختار القاضي في المجرد أن كل خروج لواجب كمرض لا يؤمن معه تلويث المسجد لا كفارة فيه وإلا كان فيه الكفارة.
واختار المصنف وجوب الكفارة إلا لعذر حيض أو نفاس لأنه معتاد كحاجة الإنسان.
وضعف المجد كلام القاضي والمصنف قال في الفروع كذا قال المجد.
قال في الفروع وظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف لا يقضي ولعله أظهر قال ويتوجه من قول القاضي هنا في الصوم ولا فرق.
فائدة تقييد المصنف الخروج لغير المعتاد يدل على أنه يوجد خروج لمعتاد وهو صحيح فالمعتاد من هذه الأعذار حاجة الإنسان إجماعا والطهارة من الحدث إجماعا والطعام والشراب إجماعا والجمعة وقد تقدم شروط ذلك.
377

وغير المعتاد بقية الأعذار المتقدمة.
ثم إن غير المعتاد إذا خرج له فلا يخلو إما أن يتطاول أو لا فإن تطاول فهو كلام المصنف المتقدم.
وإن لم يتطاول فذكر المصنف والشارح وغيرهما أنه لا يقضي الوقت الفائت بذلك لكونه يسيرا مباحا أو واجبا ويوافقه كلام القاضي في الناسي قال في الفروع وعلى هذا يتوجه لو خرج بنفسه مكرها أن يخرج بطلانه على الصوم وظاهر كلام الخرقي وغيره أنه يقضي واختاره المجد.
قوله (وإن فعله في متعين قضى وفي الكفارة وجهان).
يعني إذا خرج لغير المعتاد وتطاول في متتابع متعين وأطلقهما في المحرر وشرح بن منجا.
أحدهما يكفر مع القضاء وهو المذهب ونص عليه في الخروج لفتنة وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والشرح والرعاية الكبرى قال الزركشي وهو الذي ذكره الخرقي انتهى.
والذي ذكره الخرقي في الفتنة والخروج للنفير وعدة الوفاة وذكره بن أبي موسى في عدة الوفاة.
والوجه الثاني لا كفارة عليه قال الزركشي وعن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة مع العذر انتهى.
قال في الفروع وعن أحمد فيمن نذر صوم شهر بعينه فمرض فيه أو حاضت فيه المرأة في الكفارة مع القضاء روايتان والاعتكاف مثله هذا معنى كلام أبي الخطاب وغيره وقاله صاحب المستوعب والمجد وغيرهما قال فيتخرج جميع الأعذار في الكفارات في الاعتكاف على روايتين.
وعن القاضي إن وجب الخروج فلا كفارة وإن لم يجب وجبت.
378

وقال ابن عبدوس المتقدم وصاحب التلخيص إن كان الخروج لحق نفسه كالمرض والفتنة ونحوهما وجبت وإن كان لحق عليه كالشهادة والنفير والحيض فلا كفارة وقيل تجب.
ونقل المروذي وحنبل عدم الكفارة في الاعتكاف وحمله المجد على رواية عدم وجوبها في الصوم وسائر المنذورات.
فائدتان
إحداهما لو ترك اعتكاف الزمن المعين لعذر أو غيره قضاه متتابعا على الصحيح من المذهب وعنه لا يلزمه التتابع إلا بشرطه أو نيته.
الثانية إذا خرج لغير المعتاد وتطاول في نذر أيام مطلقة فإن قلنا يجب التتابع على قول القاضي السابق فحكمه حكم النذر المتتابع كما تقدم في كلام المصنف وإن قلنا لا يجب تمم ما بقي على ما تقدم لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون متتابعا ولا كفارة عليه هذا المذهب.
وقال المجد قياس المذهب يخير بين ذلك وبين البناء على بعض اليوم ويكفر.
قوله (وإن خرج لما له منه بد في المتتابع لزمه استئنافه).
يعني سواء كان متتابعا بشرط كمن نذر اعتكاف شهر متتابعا أو عشرة أيام متتابعة أو كان متتابعا بنية أو قلنا يتابع في المطلق وهذا المذهب في ذلك كله بشرط أن يكون عامدا مختارا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المجد في شرحه وغيره وقدمه في الفروع وقال في الرعاية يستأنف المطلق المتتابع بلا كفارة وقيل أو يبنى أو يكفر قال في الفروع كذا قال وهذا القول من المفردات.
فائدة خروجه لما له منه بد مبطل سواء تطاول أو لا لكن لو أخرج بعض جسده لم يبطل على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل يبطل.
379

هذا كله إذا كان عالما مختارا فأما إن خرج مكرها أو ناسيا فقد سبق.
قوله (وإن فعله في معين فعليه كفارة).
يعني إذا خرج لما له منه بد وفي الاستئناف وجهان.
واعلم أنه إذا خرج في المعين فتارة يكون نذره متتابعا معينا وتارة يكون معينا ولم يقيده بالتتابع فإن كان معينا ولم يقيده بالتتابع كنذره اعتكاف شهر شعبان وخرج لما له منه بد فعليه كفارة يمين رواية واحدة وفي الاستئناف وجهان وأطلقهما في الفروع والمجد في شرحه والشارح وشرح بن منجا والمستوعب والرعايتين والحاويين.
أحدهما يستأنف لتضمن نذره التتابع قال المجد وهذا أصح في المذهب وهو قياس قول الخرقي وصححه في التصحيح وقدمه في الهداية والخلاصة.
والوجه الثاني يبنى لأن التتابع حصل ضرورة التعيين فسقط وسقط بفواته فصار كقضاء رمضان ويقضي ما فاته.
وأصل هذين الوجهين من نذر صوم شهر بعينه فأفطر فيه روايتين.
وإن كان متتابعا معينا كنذر شعبان متتابعا استأنف إذا خرج وكفر كفارة يمين قولا واحدا.
قوله (وإن وطئ المعتكف في الفرج فسد اعتكافه).
إن وطئ عامدا فسد اعتكافه إجماعا وإن كان ناسيا فظاهر كلام المصنف فساد اعتكافه أيضا وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وخرج المجد من الصوم عدم البطلان وقال الصحيح عندي أنه يبنى.
قوله (ولا كفارة عليه إلا لترك نذره).
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه لا تجب الكفارة بالوطء في الاعتكاف مطلقا نقله أبو داود وهو ظاهر نقل بن إبراهيم قال المصنف والشارح
380

وصاحب الفروع هذا ظاهر المذهب قال في الكافي وابن منجا في شرحه هذا المذهب قال في الفائق ولا كفارة عليه للوطء في أصح الروايتين قال المجد في شرحه وهو الصحيح واختاره المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره وجزم به في المحرر وغيره وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
واختار القاضي وأصحابه وجوب الكفارة إن كان نذرا كرمضان والحج وهو من المفردات قال في المستوعب هذا أصح الروايات وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم.
تنبيهات
الأول قوله إلا لترك نذره يعني إنما تجب الكفارة لترك النذر لا للوطء مثل أن يطأ في وقت عين اعتكافه بالنذر.
الثاني خص جماعة من الأصحاب وجوب الكفارة بالوطء بالاعتكاف المنذور لا غير منهم القاضي وأبو الخطاب وغيرهما واختاره المجد وغيره وقال ابن عقيل في الفصول يجب في التطوع في أصح الروايتين قال المجد في
شرحه لا وجه له قال ولم يذكرها القاضي ولا وقفت على لفظ يدل عليها عن أحمد وهي في المستوعب فهذه ثلاث روايات.
الثالث حيث أوجبنا عليه الكفارة بالوطء فقال أبو بكر في التنبيه عليه كفارة يمين وحكى ذلك رواية عن أحمد واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإفادات وقدمه في الرعاية الكبرى والزركشي والخلاصة قال في الفروع ومراد أبي بكر ما اختاره صاحب المغني والمحرر والمستوعب وغيرهم أنه أفسد المنذور بالوطء وهو كما لو أفسده بالخروج لما له منه بد على ما سبق وهذا معنى كلام القاضي في الجامع الصغير.
وذكر بعض الأصحاب أنه قال إن هذا الخلاف في نذر وقيل معين.
381

وقدمه في الرعايتين والحاويين وجزم به في الإفادات وتجريد العناية والمنور فلهذا قيل يجب الكفارتان كفارة الظهار وكفارة اليمين وحكى القول بذلك في الحاوي وغيره.
وقال القاضي في الخلاف عليه بالوطء كفارة الظهار وقدمه في النظم والفائق والرعاية الصغرى والحاويين واختار في الكبرى وجوبها ككفارة رمضان قال أبو الخطاب في الهداية وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل وتأولها المجد وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والشرح والمذهب الأحمد وهما روايتان عند الشيرازي.
قوله (وإن باشر دون الفرج فأنزل فسد اعتكافه وإلا فلا).
بلا نزاع فيهما ثم رأيت الزركشي حكى عن بن عبدوس المتقدم احتمالا بعدم الفساد مع الإنزال ومتى فسد خرج في إلحاقه بالوطء في وجوب الكفارة وجهان ذكره بن عقيل.
وقال المجد ويتخرج وجه ثالث يجب بالإنزال بالوطء دون الفرج ولا يجب بالإنزال باللمس والقبلة وقال مباشرة الناسي كالعامد على إطلاق أصحابنا واختار هنا لا يبطله كالصوم انتهى.
قلت الأولى وجوب الكفارة إذا أنزل بالمباشرة فيما دون الفرج إذا قلنا بوجوبها بالوطء في الفرج.
فوائد
الأولى لا تحرم المباشرة فيما دون الفرج بلا شهوة على الصحيح من المذهب وذكر القاضي احتمالا بالتحريم وما هو ببعيد.
وتحرم المباشرة بشهوة على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل لا تحرم وجزم به في الرعاية.
الثانية لو سكر في اعتكافه فسد ولو كان ليلا ولو شرب ولم يسكر أو.
382

أتى كبيرة فقال المجد ظاهر كلام القاضي لا يفسد واقتصر هو وصاحب الفروع عليه.
الثالثة لو ارتد في اعتكافه بطل بلا نزاع.
قوله (ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب واجتناب ما لا يعنيه).
من جدال ومراء وكثرة كلام ونحوه قال المصنف لأنه مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى.
وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يكثر ولا بأس أن يأمر بما يريد خفيفا لا يشغله.
فائدتان
إحداهما ليس الصمت من شريعة الإسلام قال ابن عقيل يكره الصمت إلى الليل قال المصنف في المغني والمجد في شرحه وظاهر الأخبار تحريمه وجزم به في الكافي وإن نذره لم يف به.
الثانية لا يجوز أن يجعل القرآن بدلا عن الكلام ذكره بن عقيل وتبعه غيره وجزم في التلخيص والرعاية أنه يكره ولا يحرم وقال الشيخ تقي الدين إن قرأ عند الحكم الذي أنزل له أو ما يناسبه فحسن كقوله لمن دعاه لذنب تاب منه ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك وقوله عند ما أهمه إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.
قوله (ولا يستحب له قراءة القرآن والعلم والمناظرة فيه).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قاله أبو الخطاب في الهداية قال أبو بكر لا يقرأ ولا يكتب الحديث ولا يجالس العلماء
383

قال أبو الخطاب يستحب إذا قصد به الطاعة واختاره المجد وغيره وذكر الآمدي في استحباب ذلك روايتين.
فعلى المذهب فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدي نفعه قال المجد ويتخرج على أصلنا في كراهة أن يقضي القاضي بين الناس وهو معتكف إذا كان يسيرا وجهان بناء على الإقراء وتدريس العلم فإنه في معناه.
فوائد
إحداها لا بأس أن يتزوج ويشهد النكاح لنفسه ولغيره ويصلح بين القوم ويعود المريض ويصلي على الجنازة ويعزي ويهني ويؤذن ويقيم كل ذلك في المسجد.
قال في الفروع ولعل ظاهر الإيضاح يحرم أن يتزوج أو يزوج.
وقال المجد قال أصحابنا يستحب له ترك لبس رفيع الثياب والتلذذ بما يباح قبل الاعتكاف وأن لا ينام إلا عن غلبة ولو مع قرب الماء وأن لا ينام مضطجعا بل متربعا مستندا ولا يكره شيء من ذلك انتهى.
وكره بن الجوزي وغيره لبس رفيع الثياب.
قال المجد ولا بأس بأخذ شعره وأظفاره في قياس مذهبنا وكره بن عقيل إزالة ذلك في المسجد مطلقا صيانة له وذكر غيره يسن ذلك قال في الفروع وظاهره مطلقا ولا يحرم إلقاؤه فيه.
ويكره له أن يتطيب قدمه في الفروع ونقل المروذي لا يتطيب ونقل أيضا لا يعجبني وهو من المفردات.
ونقل بن إبراهيم يتطيب كالتنظف ولظواهر الأدلة قال في الفروع وهذا أظهر وقاس أصحابنا الكراهة على الحج والتحريم على الصوم وأطلق في الرعاية في كراهة لبس الثوب الرفيع والتطيب وجهين.
384

ويحرم الوطء في المسجد على ما يأتي في أواخر الرجعة وجزم به في الفروع هناك وقال ابن تميم يكره الجماع فوق المسجد والتمسح بحائطه والبول عليه نص عليه على ما تقدم قريبا عند خروجه لما لا بد منه.
الثانية ينبغي لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه لا سيما إن كان صائما ذكره بن الجوزي في المنهاج ومعناه في الغنية وقدمه في الفروع ولم ير ذلك الشيخ تقي الدين.
الثالثة لا يجوز البيع والشراء للمعتكف في المسجد وغيره على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية حنبل وجزم به القاضي وابنه أبو الحسين وغيره وصاحب الوسيلة والإيضاح والشرح هنا وابن تميم وغيرهم وقدمه في
الفروع والرعاية الكبرى وغيرهما قال ابن هبيرة منع صحته وجوازه أحمد وجزم في الفصول والمستوعب بالكراهة وجزم به في الشرح والمغني وابن تميم والمجد وشرح بن رزين في آخر كتاب البيع ونقل حنبل عن أحمد ما يحتمل أنه يجوز أن يبيع ويشتري في المسجد ما لا بد منه كما يجوز خروجه له إذا لم يكن له من يأتيه به.
فعلى المذهب لا يجوز في المسجد ويخرج له.
وعلى الثاني يجوز ولا يخرج له.
وعلى المذهب أيضا قيل في صحة البيع وجهان وأطلقهما في الآداب قال في الرعاية الكبرى في صحتهما وجهان مع التحريم.
قلت قاعدة المذهب تقتضي عدم الصحة وتقدم كلام بن هبيرة.
وظاهر ما قدمه في الفروع الصحة هنا وقال في الفروع في آخر كتاب الوقف وفي صحة البيع في المسجد وفاقا للأئمة الثلاثة وتحريمه خلافا لهم روايتان وقال في المغني قبل كتاب السلم بيسير ويكره البيع والشراء في المسجد فإن باع فالبيع صحيح.
385

وقال في الرعاية الكبرى في باب مواضع الصلاة واجتناب النجاسات يسن أن يصان المسجد عن البيع والشراء فيه نص عليه.
وقال ابن أبي المجد في مصنفه في كتاب البيع قبل الخيار يحرم البيع والشراء في المسجد للخبر ولا يصحان في الأصح فيهما انتهى.
قال ابن تميم ذكر القاضي في موضع بطلانه.
وقال الشيخ تقي الدين يصح مع الكراهة.
وقال في الفروع والإجارة فيه كالبيع والشراء.
ويأتي في كتاب الحدود هل يحرم إقامة الحد فيه أم يكره.
وقال ابن بطال المالكي أجمع العلماء أن ما عقده من البيع في المسجد لا يجوز نقضه قال في الفروع كذا قال.
الرابعة يحرم التكسب بالصنعة في المسجد كالخياطة وغيرها والقليل والكثير والمحتاج وغيره سواء قاله القاضي وغيره وجزم به في الإيضاح والمذهب قال المجد قاله جماعة وقدمه في الفروع.
ونقل حرب التوقف في اشتراطه.
ونقل أبو الخطاب ما يعجبني أن يعمل فإن كان يحتاج فلا يعتكف.
وقال في الروضة لا يجوز له فعل غير ما هو فيه من العبادة ولا يجوز أن يتجر ولا أن يصنع الصنائع قال وقد منع بعض أصحابنا من الإقراء وإملاء الحديث قال في الفروع كذا قال.
وقال ابن البناء يكره أن يتجر أو يتكسب بالصنعة حكاه المجد وجزم به في المستوعب وغيره.
وإن احتاج للبسه خياطة أو غيرها للتكسب فقال ابن البنا لا يجوز حكاه المجد واختار هو والمصنف وغيرهما الجواز قالوا وهو ظاهر كلام الخرقي كلف عمامته والتنظيف.
386

الخامسة لا يبطل الاعتكاف بالبيع وعمل الصنعة للتكسب على الصحيح من المذهب وذكر المجد في شرحه قولا بالبطلان إن حرم لخروجه بالمعصية عن وقوعه قربه والله سبحانه وتعالى أعلم = كتاب المناسك.
فائدة الصحيح أن الحج فرض سنة تسع من الهجرة وقيل سنة عشر وقيل سنة ست وقيل سنة خمس.
قوله (يجب الحج والعمرة في العمر مرة واحدة).
وجوب الحج في العمر مرة واحدة إجماع والعمرة إذا قلنا تجب فمرة واحدة بلا خلاف والصحيح من المذهب أنها تجب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف في العمدة والكافي قال المجد هذا ظاهر المذهب قال في الفروع والعمرة فرض كالحج ذكره الأصحاب قال الزركشي جزم به جمهور الأصحاب.
وعنه أنها سنة اختاره الشيخ تقي الدين.
فعليها يجب إتمامها إذا شرع فيها وأطلقهما في الشرح.
وعنه تجب على الآفاقي دون المكي نص عليه في رواية عبد الله والأثرم والميموني وبكر بن محمد واختارها المصنف في المغني والشارح.
قال الشيخ تقي الدين عليها نصوصه وأطلقهن في الفائق.
قوله (بخمسة شروط الإسلام والعقل فلا يجب على كافر ولا مجنون ولا يصح منهما).
إن كان الكافر أصليا لم يجب عليه إجماعا والصحيح من المذهب أنه يعاقب عليه وعلى سائر فروع الإسلام كالتوحيد إجماعا وعنه لا يعاقب عليه وعنه يعاقب على النواهي لا الأوامر وتقدم ذلك في أوائل كتاب الصلاة والزكاة.
387

تنبيه شمل كلام المصنف المرتد وهو كذلك لكن هل يلزمه الحج باستطاعته في حال ردته فإن قلنا يقضي ما فاته من صلاة وصوم لزمه الحج وإلا فلا ولا تبطل استطاعته بردته على الصحيح من المذهب وعنه تبطل ولا يجب عليه الحج باستطاعته في حال ردته فقط على الصحيح من المذهب وعنه يجب.
وإن حج ثم ارتد ثم أسلم وهو مستطيع لم يلزمه حج ثان على الصحيح من المذهب وعنه يلزمه جزم به في الجامع الصغير وابن عقيل في الفصول في كتاب الحج والإفادات.
قال أبو الحسن الجزري وجماعة يبطل الحج بالردة واختاره القاضي وصححه في الرعايتين والحاويين هنا وأطلقهما في الفروع والمحرر والرعاية الكبرى والفائق في كتاب الصلاة.
وتقدم ذلك كله مستوفى في كتاب الصلاة فليراجع.
فوائد
الأولى لا يصح الحج من الكافر ويبطل إحرامه ويخرج منه بردته فيه.
الثانية لا يجب الحج على المجنون إجماعا لكن لا تبطل استطاعته بجنونه ولا يصح الحج منه إن عقده بنفسه إجماعا وكذا إن عقده له الولي اقتصارا على النص في الطفل وقيل يصح قال المجد في شرحه اختاره أبو بكر.
الثالثة هل يبطل إحرامه بالجنون لأنه لم يبق من أهل العبادات أم لا يبطل كالموت فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع وابن عقيل.
أحدهما لا يبطل.
قلت وهو قياس الصوم إذا أفاق جزءا من اليوم والصحيح هناك الصحة وهو قول الأئمة الثلاثة وظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى.
فعليه حكمه حكم من أغمي عليه.
388

والوجه الثاني يبطل وهو من المفردات وهو قياس قول المجد في الصوم.
الرابعة لا يبطل الإحرام بالإغماء على الصحيح من المذهب قال في الفروع وهو المعروف وقيل يبطل.
وأطلق بن عقيل وجهين في بطلانه بجنون وإغماء.
الخامسة لا يبطل الإحرام بالسكر قولا واحدا ووجه في الفروع البطلان من الوجه الذي ذكره بن عقيل في الإغماء.
فائدة قوله والبلوغ والحرية فلا يجب على صبي ولا عبد.
بلا نزاع لكن مال في القواعد الأصولية إلى الوجوب على العبد إذا قلنا يملك وفي يده مال يمكنه أن يحج به وكذا إذا لم يحتج إلى راحلة لكونه دون مسافة القصر ويمكنه المشي بلا ضرر يلحقه ومثله العبد المكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق بعضه.
قوله (إلا أن يبلغ ويعتق في الحج قبل الخروج من عرفة وفي العمرة قبل طوافها).
هذا المذهب من حيث الجملة وعليه الأصحاب ونص عليه وعنه لا يجزئهما.
فائدة لو سعى أحدهما قبل الوقوف وقبل البلوغ وبعد طواف القدوم وقلنا السعي ركن فهل يجزئه هذا السعي أم لا فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي والفروع.
أحدهما يجزئه وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره واختاره القاضي في التعليق وأبو الخطاب وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى والنظم.
والوجه الثاني لا يجزئه وهو الصحيح اختاره المجد وقال هو الأشبه بتعليل أحمد الإجزاء باجتماع الأركان حال الكمال واختاره القاضي في المجرد.
389

وقال هو قياس المذهب واختاره بن عقيل وجزم به في الفائق والرعاية الصغرى والحاويين.
فعلى الثاني لا يجزئه إعادة السعي ذكره المجد في شرحه بأنه لا يشرع مجاوزة عدده ولا تكراره واستدامة الوقوف مشروع ولا قدر له محدود وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يجزئه إعادته قال في الترغيب يعيده على الأصح قال في التلخيص لزمه الإعادة علي أصح الوجهين.
فائدتان
إحداهما حيث قلنا بالأجزاء فلا دم عليهما لنقضهما في ابتداء الإحرام كاستمراره.
الثانية حكم الكافر يسلم والمجنون يفيق حكم الصبي والعبد فيما تقدم.
قوله (ويحرم الصبي المميز بإذن وليه).
الصحيح من المذهب أن الصبي المميز لا يصح إحرامه إلا بإذن وليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال في القواعد الأصولية اختاره الأكثر وقال الزركشي هذا أصح الوجهين.
وقيل يصح إحرامه بدون إذن وليه اختاره المجد وابن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والفائق والحاويين وشرح المجد فعلى الثاني يحلله الولي إذا كان فيه ضرر على الصحيح وقيل ليس له تحليله.
تنبيه ظاهر قوله وغير المميز يحرم عنه وليه.
أنه لا يصح أن يحرم عنه غير الولي وهو صحيح وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والمحرر والوجيز
390

وغيرهم وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وغيره واختاره القاضي وغيره وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد.
وقيل يصح من الأم أيضا وهو ظاهر رواية حنبل واختاره جماعة من الأصحاب منهم بن عقيل وجزم به في المنور وقدمه في الكافي والشرح والنظم وابن رزين في شرحه قال الزركشي وإليه ميل أبي محمد واختار بعض الأصحاب الصحة في العصبة والأم قال في الفائق وكذا الأم والعصبة سواء على أصح الوجهين قال في الرعاية يصح في الأظهر وجزم به بن عبدوس في تذكرته وألحق المصنف والشارح وغيرهما العصبة غير الولي بالأم وقال في الحاويين وفي أمه وعصبته غير وليه وجهان.
فائدة الولي هنا من يلي ماله فيصح إحرامه عنه ولو كان محرما ولو كان لم يحج عن نفسه لأن معنى الإحرام عنه عقده له.
تنبيه ظاهر قوله ويفعل عنه ما يعجز عن عمله.
أنه لا يفعل ما لا يعجز عنه وهو صحيح فيفعل الصغير كل ما يقدر عليه كالوقوف والمبيت وسواء أحضره الولي أو غيره وما يعجز عنه يفعله الولي كما قال المصنف لكن لا يجوز أن يرمى عنه إلا من رمى عن نفسه كالنيابة في الحج فإن قلنا بالإجزاء هناك فكذا هنا وإن قلنا لا يجزئ هناك وقع عن نفسه هنا إن كان محرما بفرضه وإن كان حلالا لم يعتد به وإن قلنا يقع الإحرام باطلا فكذا الرمي هنا وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصاة ناوله وإن لم يمكنه استحب أن توضع الحصاة في كفه ثم تؤخذ منه فيرمى عنه فإن وضعها النائب في يده ورمى بها فجعل يده كالآلة فحسن وإن أمكنه أن يطوف فعله فإن لم يمكنه طيف به محمولا أو راكبا وتعتبر النية من الطائف به وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام.
391

فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي وقع عن الصبي كالكبير يطاف به محمولا لعذر.
ويجوز أن يطوف عنه الحلال والمحرم وسواء كان طاف عن نفسه أو لا وهذا الصحيح من المذهب في ذلك كله
.
وذكر القاضي وجها لا يجزئ عن الصبي كالرمي عن الغير فعلى هذا يقع عن الحامل لأن النية هنا شرط فهي كجزء منه شرعا.
وقيل يقع هنا عن نفسه كما لو نوى الحج عن نفسه وعن غيره والمحمول المعذور وجدت النية منه وهو أهل ويحتمل أن تلغو نيته هنا لعدم التعيين لكون الطواف لا يقع عن غير معين.
وقوله ونفقة الحج في مال وليه.
هذا المذهب وهو إحدى الروايتين اختاره القاضي في بعض كتبه وأبو الخطاب وأبو الوفاء والمصنف والمجد والشارح وصاحب الحاويين قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أقوى الروايتين قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الآدمي وقدمه في المحرر وابن رزين في شرحه وقال إجماعا.
وعنه في ماله اختاره جماعة منهم القاضي في خلافه قدمه في الهداية والخلاصة والهادي والرعايتين والحاويين والفائق وإدراك الغاية ونظم المفردات وهو منها وأطلقهما في الفروع والكافي وشرح المجد والمستوعب والنظم.
تنبيه محل الخلاف يختص فيما يزيد على نفقة الحضر وبما إذا أنشأ السفر للحج به تمرينا على الطاعة زاد المجد وماله كثير يحمل ذلك وهذا الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه وصاحب الفروع والحاوي
392

وغيرهم وقال في الرعايتين والفائق وغيرهم ونفقة الحج وقيل الزائدة على نفقة حضره وكفارته ودماؤه تلزمه في ماله انتهى.
وقال المجد أما سفر الصبي معه لتجارة أو خدمة أو إلى مكة ليستوطنها أو ليقيم بها لعلم أو غيره مما يباح له السفر به في وقت الحج وغيره ومع الإحرام وعدمه فلا نفقة على الولي رواية واحدة بل على الجهة الواجبة فيها بتقدير عدم الإحرام انتهى.
وتابعه في الفروع وقال يؤخذ هذا من كلام غيره من التصرف لمصلحته.
قوله (وكفارته في مال وليه).
وهو المذهب وإحدى الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب واختاره أبو الخطاب وصاحب الحاويين.
قال في المذهب ومسبوك الذهب يلزم ذلك الولي في أقوى الروايتين.
وقدمه في المحرر وشرح بن رزين فقال وما لزمه من الفدية فعلى وليه إجماعا ثم حكى الخلاف قال ابن عبدوس في تذكرته نفقة الحج ومتعلقاته المجحفة بالصبي تلزم المحرم به.
والرواية الثانية تكون في مال الصبي قدمه في الهداية والهادي والتلخيص والخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق واختاره القاضي في الخلاف وأطلقهما في المستوعب والمغني والكافي وشرح المجد والنظم والفروع.
تنبيه محل الخلاف في وجوب الكفارات فيما يفعله الصبي فيما إذا كان يلزم البالغ كفارته مع الخطأ والنسيان قال المجد في شرحه أو فعله به الولي لمصلحته كتغطية رأسه لبرد أو تطبيبه لمرض.
فأما إن فعله الولي لا لعذر فكفارته عليه كمن حلق رأس محرم بغير إذنه.
فأما ما لا يلزم البالغ فيه كفارة مع الجهل والنسيان كاللبس والطيب في
393

الأشهر وقتل الصيد في رواية والوطء والتقليم على تخريج فلا كفارة فيه إذا فعله الصبي لأن عمده خطأ.
فائدتان
إحداهما حيث أوجبنا الكفارة على الولي بسبب الصبي ودخلها الصوم صام عنه لوجوبها عليه ابتداء.
الثانية وطء الصبي كوطء البالغ ناسيا يمضي في فاسده ويلزمه القضاء على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يلزمه قضاؤه وحكاه القاضي في تعليقه احتمالا.
فعلى المذهب لا يصح القضاء إلا بعد البلوغ على الصحيح من المذهب ونص عليه الإمام وقيل يصح قبل بلوغه وصححه القاضي في خلافه.
وكذا الحكم والمذهب إذا تحلل الصبي من إحرامه لفوات أو إحصار لكن إذا أراد القضاء بعد البلوغ لزمه أن يقدم حجة الإسلام على المقضية فلو خالف وفعل فهو كالبالغ يحرم قبل الفرض بغيره على ما يأتي آخر الباب ومتى بلغ في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإنه يمضي فيها ثم يقضيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء كما يأتي نظيره في العبد قريبا.
قلت فيعايى بها.
ويأتي حكم حصر الصبي أيضا في باب الفوات والإحصار.
قوله (وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده).
بلا نزاع فلو خالف وأحرم من غير إذنه انعقد إحرامه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب كالصلاة والصوم وقال ابن عقيل يتخرج بطلان إحرامه بغصبه لنفسه فيكون قد حج في بدن غصب فهو آكد من الحج بمال
394

غصب قال في الفروع وهذا متوجه ليس بينهما فرق مؤثر قال فيكون هذا المذهب ونصره وسبق مثله في الاعتكاف عن جماعة.
قال ودل اعتبار المسألة بالغصب على تخريج رواية إن أجيز صح وإلا فلا انتهى.
قوله (فإن فعلا فلهما تحليلهما).
يعني العبد والمرأة فذكر المصنف هنا حكم العبد والمرأة.
أما حكم العبد إذا أحرم فلا يخلو إما أن يكون بواجب كالنذر أو بتطوع فإن كان بواجب فتارة يحرم بإذنه وتارة يحرم بغير إذنه وإن كان بتطوع فتارة أيضا يحرم بإذنه وتارة يحرم بغير إذنه.
فإن أحرم بتطوع بغير إذنه فله تحليله إذا قلنا يصح وهذا المذهب كما هو ظاهر ما جزم به المصنف هنا وجزم به في الوجيز والمنور وابن منجا في شرحه وغيرهم واختاره بن حامد والمصنف والشارح وغيرهم وقدمه بن رزين وابن حمدان وغيرهما وصححه الناظم وغيره.
وعنه رواية أخرى ليس له تحليله نقلها الجماعة عن الإمام أحمد واختارها أبو بكر والقاضي وابنه قال ناظم
المفردات هذا الأشهر وهو منها وقدمه في المحرر.
وذكر بن عقيل قول أحمد لا يعجبني منع السيد عبده من المضي في الإحرام زمن الإحرام والصلاة والصيام وقال إن لم يخرج منه وجوب النوافل بالشروع كان بلاهة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والفروع.
فإن أحرم بنفل بإذنه فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز له تحليله وعليه الأصحاب وقطع به المصنف هنا وعنه له تحليله.
فائدة لو باعه سيده وهو محرم فمشتريه كبائعه في تحليله وعدمه وله الفسخ إن لم يعلم إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله.
395

وإن علم العبد برجوع السيد عن إذنه فهو كما لو لم يأذن وإن لم يعلم ففيه الخلاف في عزل الوكيل قبل علمه على ما يأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة.
وأما إن كان إحرامه بواجب مثل إن نذر الحج فإنه يلزمه قال المجد لا نعلم فيه خلافا.
وهل لسيده تحليله لا يخلو إما أن يكون النذر بإذنه أو بغير إذنه فإن كان بإذنه لم يجز له تحليله وإن كان بغير إذنه فهل له منعه أم لا لوجوبه عليه كواجب صلاة وصوم قال في الفروع ولعل المراد بأصل الشرع فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والمجد في شرحه.
إحداهما له منعه منه وهو الصحيح من المذهب اختاره بن حامد والقاضي والمصنف والشارح وقدمه في الرعاية الكبرى والنظم.
قلت وهو الصواب.
والرواية الثانية ليس له منعه منه وقدمه في المحرر وقال بعض الأصحاب إن كان النذر معينا بوقت لم يملك منعه منه لأنه قد لزمه على الفور وإن كان مطلقا فله منعه منه قال في الفروع وعنه ما يدل على خلافه وهو ظاهر كلامهم.
فوائد
لو أفسد العبد حجة بالوطء لزمه المضي فيه والقضاء والصحيح من المذهب صحة القضاء في حال الرق وقيل لا يصح.
فعلى المذهب ليس لسيده منعه منه وإن كان شروعه فيما أفسده بإذنه هذا الصحيح وقيل له منعه حكاه القاضي في شرح المذهب نقله عنه بن رجب.
وإذا لم يكن بإذنه ففي منعه من القضاء وجهان كالمنذور وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع.
قلت الأولى جواز المنع ثم وجدت صاحب الفروع قدم ذلك في باب محظورات الإحرام في أحكام العبد.
396

وأيضا فإنه قال كالمنذور والمذهب له منعه من المنذور كما تقدم.
وهل يلزم العبد القضاء لفوات أو إحصار فيه الخلاف المتقدم في الحر الصغير.
وإن عتق قبل أن يأتي بما لزمه من ذلك لزمه أن يبدأ بحجة الإسلام فإن خالف فحكمه كالحر على ما تقدم يبدأ بنذر أو غيره قبل حجة الإسلام.
وإن عتق في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإنه يمضي فيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل عندي أنه لا يصح انتهى.
ويلزمه حكم جناية كحر معسر.
وإن تحللا لحصر أو حلله سيده لم يتحلل قبل الصوم وليس له منعه نص عليه وقيل في إذنه فيه وفي صوم آخر في إحرام بلا إذنه وجهان وأطلقهما قاله في الفروع وإن قلنا يملك بالتمليك ووجد الهدي لزمه ويأتي هذا وغيره في آخر كتاب الأيمان مستوفى.
وإن مات العبد ولم يصم فلسيده أن يطعم عنه ذكره في الفصول وإن أفسد حجه صام وكذا إن تمتع أو أقرن وذكر القاضي أنه على سيده إن أذن فيه انتهى ورده المصنف وقال في الرعايتين والحاويين وهدي تمتع العبد وقرانه عليه وقيل على سيده إن أذنه فيهما وقيل ما لزمه من دم فعلى سيده إن أحرم بإذنه وإلا صام قال في الكبرى قلت بل يلزمه وحده.
ويأتي حكم حصر العبد والصبي في باب الفوات والإحصار أيضا هذا حكم العبد وتقدم أحكام حج المكاتب في أول كتاب الاعتكاف.
واما أحكام المرأة فإذا أحرمت فلا يخلو إما أن يكون بواجب أو تطوع فإن كان بواجب فلا يخلو إما أن يكون بنذر أو بحجة الإسلام وإن كان بتطوع فلا يخلو إما أن يكون بإذنه أو بغير إذنه.
فإن كان بتطوع بغير إذنه فجزم المصنف بأن له تحليلها وهو المذهب
397

وإحدى الروايتين اختاره جماعة منهم المصنف والشارح وقال هذا ظاهر المذهب وابن حامد وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في النظم وجزم به بن منجا في شرحه وصاحب الإفادات والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
والرواية الثانية لا يملك تحليلها اختاره أبو بكر والقاضي وابنه أبو الحسين قال ناظم المفردات هذا الأشهر.
قال الزركشي وهي أشهرهما وهو من المفردات وقدمه في المحرر وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والرعايتين والحاويين ذكروه في باب الفوات والإحصار والفروع والقواعد الفقهية والزركشي.
وإن أحرمت بنفل بإذنه فليس له تحليلها قولا واحدا وله الرجوع ما لم يحرم.
وإن أحرمت بنذر بغير إذنه فإن قلنا في إحرامها بالتطوع بغير إذنه لا يملك تحليلها فهنا بطريق أولى وإن قلنا يملك تحليلها هناك فهل يملك تحليلها هنا فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح والقواعد والرعايتين والحاويين.
إحداهما لا يملك تحليلها وهو ظاهر كلام بعضهم.
قلت وهو الصواب.
والثانية ليس له تحليلها وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب وجزم به بن رزين في شرحه قال في
المغني في مكان وليس له منعها من الحج المنذور وقدمه في المحرر قال الزركشي وهو المذهب المنصوص وبه قطع الشيخان.
وقيل له تحليلها إن كان النذر غير معين وإن كان معينا لم يملكه وجزم به في الرعاية الكبرى.
وإن أحرمت بنذر بإذنه لم يملك تحليلها قولا واحدا.
398

فائدة حيث جاز له تحليلها فحللها فلم نقبل أثمت وله مباشرتها.
قوله (وليس للزوج منع امرأته من حج الفرض ولا تحليلها إن أحرمت به).
اعلم أنه إذا استكملت المرأة شروط الحج وأرادت الحج لم يكن لزوجها منعها منه ولا تحليلها إن أحرمت به هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وعنه له تحليلها قال في التلخيص وقيل فيه روايتان قال في الفروع فيتوجه منه منعها قال وظاهره ولو أحرمت قبل الميقات.
واما إذا لم تستكمل شروط الحج فله منعها من الخروج له والإحرام به فلو خالفت وأحرمت والحالة هذه لم يملك تحليلها على الصحيح من المذهب وقيل يملكه وهو احتمال للمصنف.
فوائد
الأولى حيث قلنا ليس له منعها فيستحب لها أن تستأذنه ونقل صالح ليس له منعها ولا ينبغي أن تخرج حتى تستأذنه.
ونقل أبو طالب إن كان غائبا كتبت إليه فإن أذن وإلا حجت بمحرم.
وقال ابن رجب في قواعده نص أحمد في رواية صالح على أنها لا تحج إلا بإذنه وأنه ليس له منعها قال فعلى هذا يجبر على الإذن لها.
الثانية لو أحرمت بواجب فحلف زوجها بالطلاق الثلاث أنها لا تحج العام لم يجز أن تحل على الصحيح من المذهب ونقل بن منصور هي بمنزلة المحصر واختاره بن أبي موسى كما لو منعها عدو من الحج إلا أن تدفع إليه مالها.
ونقل مهنا وسئل عن المسألة فقال قال عطاء الطلاق هلاك هي بمنزلة المحصر.
399

ووجه في الفروع تخريجا بمنع الإحرام وقال هو أظهر وأقيس ذكره في أول كتاب الجنائز.
وسأله بن إبراهيم عن عبد قال إذا دخل أول يوم من رمضان فامرأته طالق ثلاثا إن لم يحرم أول يوم من رمضان قال يحرم ولا تطلق امرأته وليس لسيده أن يمنعه أن يخرج إلى مكة إذا علم منه رشدا.
فجوز أحمد إسقاط حق السيد لضرر الطلاق الثلاث مع تأكد حق الآدمي.
وروى عبد الله عنه لا يعجبني أن يمنعه قال في الانتصار فاستحب أن لا يمنعه.
الثالثة ليس للوالد منع ولده من حج واجب ولا تحليله منه ولا يجوز للولد طاعته فيه وله منعه من التطوع كالجهاد لكن ليس له تحليله إذا أحرم للزومه بشروعه.
ويلزمه طاعة والديه في غير معصية ويحرم طاعتهما فيها.
ولو أمره بتأخير الصلاة ليصلي به أخرها نص على ذلك كله قال في المستوعب وغيره ولو كانا فاسقين وهو ظاهر إطلاق الإمام أحمد.
وقال الشيخ تقي الدين هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا انتهى.
وظاهر رواية أبي الحارث وجعفر لا طاعة لهما إلا في البر وظاهر رواية المروذي لا طاعة في مكروه وظاهر رواية جماعة لا طاعة لهما في ترك مستحب وقال المجد وتبعه بن تميم وغيره لا يجوز له منع ولده من سنة راتبة وقال أحمد فيمن يتأخر عن الصف الأول لأجل أبيه لا يعجبني هو يقدر يبر أباه بغير هذا.
وقال في الغنية يجوز ترك النوافل لطاعتهما بل الأفضل طاعتهما.
ويأتي فيمن يأمره أحد أبويه بالطلاق في كتاب الطلاق وكلام الشيخ تقي الدين في أمره بنكاح معينة.
400

الرابعة ليس لولي السفيه المبذر منعه من حج الفرض ولكن يدفع نفقته إلى ثقة لينفق عليه في الطريق وإن أحرم بنفل وزادت نفقته على نفقة الحج ولم يكتسب الزائد فقيل حكمه حكم العبد إذا أحرم بلا إذن سيده وصحح في النظم أنه يمنعه ذكره في أواخر الحجر وقال في الرعاية الكبرى فله في الأصح منعه منه وتحليله بصوم وإلا فلا وأطلقهما في الفروع فإن منعه فأحرم فهو كمن ضاعت نفقته.
قوله (الخامس الاستطاعة وهو أن يملك زادا وراحلة).
هذا المذهب من حيث الجملة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه واعتبر بن الجوزي في كشف المشكل الزاد والراحلة في حق من يحتاجهما فأما من أمكنه المشي والتكسب بالصنعة فعليه الحج واختاره الشيخ عبد الحليم ولد المجد ووالد الشيخ تقي الدين في القدرة بالتكسب وقال هذا ظاهر على أصلنا فإن عندنا يجبر المفلس على الكسب ولا يجبر على المسألة قال ولو قيل بوجوب الحج عليه إذا كان قادرا على الكسب وإن بعدت المسافة كان متوجها على أصلنا وقال القاضي ما قاله في كشف المشكل وزاد فقال تعتبر القدرة على تحصيله بصنعة أو مسألة إذا كانت عادته انتهى.
وقيل من قدر أن يمشي من مكة مسافة القصر لزمه الحج والعمرة لأنه مستطيع فيدخل في الآية ذكره في الرعاية.
فعلى المذهب يستحب الحج لمن أمكنه المشي والتكسب بالصنعة ويكره لمن له حرفة المسألة قال أحمد لا أحب له ذلك.
واختلف الأصحاب في قول أحمد لا أحب كذا هل هو للتحريم أو الكراهة على وجهين على ما يأتي في آخر الكتاب.
وعلى المذهب في أصل المسألة يشترط الزاد سواء قربت المسافة أو بعدت قال في الفروع والمراد إن احتاج إليه ولهذا قال ابن عقيل في الفنون الحج
401

بدني محض ولا يجوز دعوى أن المال شرط في وجوبه لأن الشرط لا يحصل المشروط بدونه وهو المصحح للمشروط ومعلوم أن المكي يلزمه ولا مال له انتهى.
ويشترط ملك الزاد فإن لم يكن في المنازل لزمه حمله وإن وجده في المنازل لم يلزمه حمله إن كان بثمن مثله وإن وجده بزيادة ففيه طريقان.
أحدهما حكمه حكم شراء الماء للوضوء إذا عدم على ما تقدم في باب التيمم وهذا هو الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح وشرح المجد والفروع.
والثاني يلزمه هنا بذل الزيادة التي لا تجحف بماله وإن منعناه في شراء الماء للوضوء وهي طريقة أبي الخطاب وتبعه صاحب المستوعب والمصنف في الكافي والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وفرقوا بين التيمم وبين هذا بأن الماء يتكرر عدمه والحج التزم فيه المشاق فكذا الزيادة في ثمنه إن كانت لا تجحف بماله لئلا يفوت نقله المجد في شرحه.
ويشترط أيضا القدرة على وعاء الزاد لأنه لا بد منه.
وأما الراحلة فيشترط القدرة عليها مع البعد وقدره مسافة القصر فقط إلا مع العجز كالشيخ الكبير ونحوه لأنه لا يمكنه وقال في الكافي وإن عجز عن المشي وأمكنه الحبو لم يلزمه قال في الفروع وهو مراد غيره.
قوله (في الراحلة صالحة لمثله).
يعني في العادة لاختلاف أحوال الناس لأن اعتبار الراحلة للقادر على المشي لدفع المشقة قاله المصنف وجماعة من الأصحاب ولم يذكره بعضهم لظاهر النص واعتبر في المستوعب إمكان الركوب مع أنه قال راحلة تصلح لمثله.
تنبيه ظاهر كلام المصنف في قوله عن الراحلة تصلح لمثله أنه لا يعتبر ذلك في الزاد وهو صحيح قال في الفروع وظاهر كلامهم في الزاد يلزمه لظاهر
402

النص لئلا يفضي إلى ترك الحج بخلاف الراحلة قال ويتوجه احتمال أنه كالراحلة انتهى.
قلت قطع بذلك في الوجيز فقال ووجد زادا ومركوبا صالحين لمثله وقال في الفروع والمراد بالزاد أن لا يحصل معه ضرر لرداءته.
فائدة إذا لم يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره اعتبر من يخدمه لأنه من سبيله قاله المصنف وقال في الفروع وظاهره عادة مثله في الزاد ويلزمه لو أمكنه لزمه عملا بظاهر النص وكلام غيره يقتضي أنه كالراحلة لعدم الفرق.
قوله (فاضلا عن مؤنته ومؤنة عياله على الدوام).
اعلم أنه يعتبر كفايته وكفاية عياله إلى أن يعود بلا خلاف والصحيح من المذهب أنه يعتبر أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام من عقار أو بضاعة أو صناعة وعليه أكثر الأصحاب وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والتلخيص والبلغة وشرح المجد ومحرره والإفادات والنظم والحاويين وإدراك الغاية والمنور وغيرهم لاقتصارهم عليه وقدمه في الفروع وتجريد العناية.
وقال في الروضة والكافي يعتبر كفاية عياله إلى أن يعود فقط قدمه في الرعايتين والفائق نقل أبو طالب يجب عليه الحج إذا كان معه نفقة تبلغه مكة ويرجع ويخلف نفقة لأهله حتى يرجع.
تنبيه ظاهر قوله فاضلا عن قضاء دينه.
أنه سواء كان حالا أو مؤجلا وسواء كان لآدمي أو لله وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في المذهب ومسبوك الذهب وأن لا يكون عليه دين حال يطالب به بحيث لو قضاه لم يقدر على كمال الزاد والراحلة انتهى.
403

فظاهره أنه لو كان مؤجلا أو كان حالا ولكن لا يطالب به أنه يجب عليه ولم يذكره الأكثر بل ظاهر كلامهم عدم الوجوب.
فائدة إذا خاف العنت من يقدر على الحج قدم النكاح عليه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم لوجوبه إذن وحكاه المجد إجماعا لكن نوزع في ادعاء الإجماع.
وقيل يقدم الحج اختاره بعض الأصحاب كما لو لم يخفه إجماعا.
قوله (فاضلا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم).
وكذا ما لا بد له منه.
فائدة لو فضل من ثمن ذلك ما يحج به بعد شرائه منه ما يكفيه لزمه الحج قاله الأصحاب ولو احتاج إلى كتبه لم يلزمه بيعها فلو استغنى بإحدى النسختين لكتاب باع الأخرى قاله المصنف والشارح ومن تبعهما.
وتقدم نظيره في أول باب الفطرة.
قوله (فمن كملت فيه هذه الشروط وجب عليه الحج على الفور).
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير من الأصحاب وعنه لا يجب على الفور بل يجوز تأخيره ذكرها بن حامد واختاره أبو حازم وصاحب الفائق وذكره بن أبي موسى وجها.
زاد المجد مع العزم على فعله في الجملة.
ويأتي في كتاب الغصب إذا حج بمال غصب.
فائدة لو أيسر من لم يحج ثم مات من تلك السنة قبل التمكن من الحج فهل يجب قضاء الحج عنه فيه روايتان أظهرهما الوجوب قاله في القواعد الأصولية والفقهية.
404

قوله (وإن عجز عن السعي إليه لكبر أو مرض لا يرجي برؤه لزمه أن يقيم عنه من يحج عنه ويعتمر من بلده وقد أجزأ عنه وإن عوفي).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به وهو من المفردات ولكن ذكر الأصحاب لو اعتدت من رفع حيضها بسنة لم تبطل عدتها بعود حيضها قال المجد وهي نظير مسألتنا.
يعني إذا استناب العاجز ثم عوفي قال في الفروع فدل على خلاف هنا للخلاف هناك.
فائدتان
إحداهما ظاهر كلام المصنف أنه لو عوفي قبل فراغ النائب أنه يجزئ أيضا وهو صحيح وهو المذهب قال المجد في شرحه هذا أصح قال في الفروع أجزأه في الأصح وجزم به في الوجيز وهو احتمال للمصنف في المغني.
وقيل لا يجزئه قال المصنف الذي ينبغي أنه لا يجزئه وهو أظهر الوجهين عند الشيخ تقي الدين وأطلقهما في الفائق.
وأما إذا بريء قبل إحرام النائب فإنه لا يجزئه قولا واحدا.
الثانية ألحق المصنف وغيره بالعاجز لكبر أو مرض لا يرجي برؤه من كان نضو الخلقة لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة قال الإمام أحمد أو كانت المرأة ثقيلة لا يقدر مثلها أن يركب إلا بمشقة شديدة وأطلق أبو الخطاب وغيره عدم القدرة.
قوله (لزمه أن يقيم عنه من يحج عنه ويعتمر يعني يكون ذلك على القدرة كما تقدم).
قوله من بلده هذا الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
405

وقيل يجزئ أن يحج عنه من ميقاته واختاره في الرعاية.
ويأتي نظير ذلك فيمن مات وعليه حج وعمرة.
فوائد
منها لو كان قادرا على نفقة راجل لم يلزمه الحج على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع قال في الرعاية قيل هذا قياس المذهب واختار هو اللزوم.
ومنها لو كان قادرا ولم يجد نائبا ففي وجوبه في ذمته وجهان بناء على إمكان السير على ما يأتي قريبا قاله المجد وغيره وزاد فإن قلنا يثبت في ذمته كان المال المشترط في الإيجاب على المعضوب بقدر ما نوجبه عليه لو كان صحيحا.
وإن قلنا لا يثبت في ذمته إذا لم يجد نائبا اشترط للمال الموجب عليه أن لا ينقص عن نفقة المثل للنائب لئلا يكون النائب باذلا للطاعة في البعض وهو غير موجب على أصلنا كبذل الطاعة في الكل.
ومنها يجوز للمرأة أن تنوب عن الرجل ولا إساءة ولا كراهة في نيابتها عنه قال في الفروع ويتوجه احتمال يكره لفوات رمل وحلق ورفع صوت وتلبية ونحوها.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لو رجى زوال علته لا يجوز أن يستنيب وهو صحيح فإن فعل لم يجزئه بلا نزاع.
قوله (ومن أمكنه السعي إليه لزمه ذلك إذا كان في وقت المسير ووجد طريقا آمنا لا خفارة فيه يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد).
يشترط في الطريق أن يكون آمنا ولو كان غير الطريق المعتاد إذا أمكن سلوكه برا كان أو بحرا لكن البحر تارة يكون فيه السلامة وتارة يكون فيه الهلاك وتارة يستوي فيه الأمران فإن كان الغالب فيه السلامة لزمه سلوكه وإن كان الغالب فيه الهلاك لم يلزمه سلوكه إجماعا وإن سلم فيه قوم وهلك فيه
406

آخرون فذكر بن عقيل عن القاضي يلزمه ولم يخالفه وجزم به في التلخيص والنظم والصحيح من المذهب أنه لا يلزمه جزم به المصنف وغيره وهو ظاهر كلام المجد في شرحه.
وقال ابن الجوزي العاقل إذا أراد سلوك طريق يستوي فيه احتمال السلامة والهلاك وجب الكف عن سلوكها واختاره الشيخ تقي الدين وقال أعان على نفسه فلا يكون شهيدا وظاهر الفروع إطلاق الخلاف.
ويشترط على الصحيح من المذهب أن لا يكون في الطريق خفارة فإن كان فيه خفارة لم يلزمه وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن حامد إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها وجزم به في الإفادات وتجريد العناية وهو ظاهر الوجيز وتذكرة بن عبدوس وقيده المجد في شرحه والمصنف في الكافي باليسيرة زاد المجد إذا أمن الغدر من المبذول له انتهى.
قلت ولعله مراد من أطلق بل يتعين.
وقال الشيخ تقي الدين الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ولا تجوز مع عدمها كما يأخذه السلطان من الرعايا.
تنبيه ظاهر قوله يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد لا يلزمه حمل ذلك لكل سفره وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب لمشقته عادة وقال ابن عقيل يلزمه حمل علف البهائم إن أمكنه كالزاد قال في الفروع وأظن أنه ذكر في الماء أيضا.
قوله (ومن أمكنه السعي إليه لزمه ذلك إذا كان في وقت المسير ووجد طريقا آمنا).
قدم المصنف أن إمكان المسير وتخلية الطريق من شرائط لزوم الأداء وهو إحدى الروايتين وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وهو ظاهر
407

كلام الخرقي قال المجد في شرحه وتبعه في الفروع اختاره أكثر أصحابنا وصححه في النظم وقدمه بن منجا في شرحه والتلخيص.
وعنه أن إمكان المسير وتخلية الطريق من شرائط الوجوب وهو الصحيح من المذهب على ما يأتي في المحرم قال الزركشي هذا ظاهر كلام بن أبي موسى والقاضي في الجامع واختاره أبو الخطاب وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهادي وأطلقهما في المبهج والإيضاح والشرح والفروع والمستوعب والكافي والمغني وشرح المجد.
فعلى المذهب هل يأثم إن لم يعزم على الفعل إذا قدر قال ابن عقيل يأثم إن لم يعزم كما نقول في طريان الحيض وتلف الزكاة قبل إمكان الأداء والعزم في العبادات مع العجز يقوم مقام الأداء في عدم الإثم قال في الفروع ويتوجه الذي في الصلاة.
وعلى الرواية الثانية لو حج وقت وجوبه فمات في الطريق تبينا عدم الوجوب.
وعلى الأول لو كملت الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد موته وإن أعسر قبل وجودهما بقي في ذمته.
وعلى الرواية الثانية لم يجب عليه الحج قبل وجودهما.
فائدة يلزم الأعمى أن يحج بنفسه بالشروط المذكورة ويعتبر له قائد كبصير يجهل الطريق والقائد للأعمى كالمحرم للمرأة ذكرها بن عقيل وابن الجوزي وأطلقوا القائد.
وقال في الواضح يشترط للأداء قائد يلائمه أي يوافقه ويلزمه أجرة القائد بأجرة مثله على الصحيح من المذهب وقيل وزيادة يسيرة وقيل وغير مجحفة ولو تبرع القائد لم يلزمه للمنة.
408

قوله (ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة).
بلا نزاع وسواء فرط أو لا ويكون من حيث وجب عليه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب ويجوز أن يستنيب من أقرب وطنيه ليتخير المنوب عنه.
وقيل من لزمه بخراسان فمات ببغداد حج منها نص عليه كحياته.
وقيل هذا هو القول الأول لكن احتسب له بسفره من بلده قال في الفروع وفيه نظر لأنه متجه لو سافر للحج.
قال ناظم المفردات ويلزم الورثة أن يحجوا من أصل مال الميت عنه حتى يخرجوا هذا وإن لم تكن بالوصية ولا تجزئ من ميقاتيه.
وقيل يجزئ أن يحج عنه من ميقاته لأنه من حيث وجب واختاره في الرعاية.
فعلى المذهب لو حج عنه خارجا عن بلد الميت إلى مسافة القصر فقال القاضي يجزئه لأنه في حكم القريب وقدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح.
وقيل لا يجزئه وجزم به في الرعاية الكبرى.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وإن كان أكثر من مسافة القصر لم يجزه على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقال في المغني والشرح ويحتمل أن لا يجزئه ويكون مسيئا كمن وجب عليه الإحرام من الميقات فأحرم من دونه.
وتقدم نظيره فيما إذا حج عن المعضوب.
وتقدم إذا أيسر ثم مات قبل التمكن.
409

فائدتان
إحداهما الصحيح أنه يجوز أن يحج عنه غير الولي بإذنه وبدونه اختاره بن عقيل في فصوله والمجد في شرحه وجزم به في الفائق وهو ظاهر ما قدمه في الفروع ذكره في باب حكم قضاء الصوم.
وقيل لا يصح بغير إذنه اختاره أبو الخطاب في انتصاره وتقدم ذلك في الصوم.
وهذه المسألة آخر ما بيضه المجد في شرحه.
الثانية لو مات هو أو نائبه في الطريق حج عنه من حيث مات فيما بقي مسافة قولا وفعلا.
قوله (فإن ضاق ماله عن ذلك أو كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج به من حيث يبلغ).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وعنه يسقط الحج سواء عين فاعله أو لا.
وعنه يقدم الدين لتأكده وهو قول في شرح الزركشي.
فائدة لو وصى بحج نفل أو أطلق جاز من الميقات على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب ما لم تمنع قرينة.
وقيل من محل وصيته وقدمه في الترغيب كحج واجب ومعناه للمصنف.
ويأتي بعض ذلك في باب الموصى به.
قوله (ويشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرمها).
هذا المذهب مطلقا يعني أن المحرم من شرائط الوجوب كالاستطاعة وغيرها وعليه أكثر الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وهو ظاهر كلام
410

الخرقي وقدمه في المحرر والفروع والفائق والحاويين والرعايتين وصححه في النظم وجزم به في المبهج والإيضاح والعمدة والإفادات قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو من المفردات.
وعنه أن المحرم من شرائط لزوم الأداء وجزم به في الوجيز وأطلقهما الزركشي.
فعليها يحج عنها لو ماتت أو مرضت مرضا لا يرجى برؤه ويلزمها أن توصي به وهي أيضا من المفردات.
وعلى المذهب لم تستكمل شروط الوجوب وأطلقهما في الهداية في باب الفوات والإحصار والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والتلخيص والبلغة والشرح والزركشي والمستوعب والهادي.
وعنه لا يشترط المحرم إلا في مسافة القصر كما لا يعتبر في أطراف البلد وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والهادي والتلخيص والمحرر والفائق.
ونقل الأثرم لا يشترط المحرم في الحج الواجب قال الإمام أحمد لأنها لا تخرج مع النساء ومع كل من أمنته.
وعنه لا يشترط المحرم في القواعد من النساء اللاتي لا يخشى منهن ولا عليهن فتنة ذكرها المجد ولم يرتضه صاحب الفروع.
وقال الشيخ تقي الدين تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم وقال هذا متوجه في كل سفر طاعة قال في الفروع كذا قال وظاهر كلام المصنف وغيره أن الخنثى كالرجل.
فائدة قال المجد في شرحه ظاهر كلام الخرقي أن المحرم شرط للوجوب دون أمن الطريق وسعة الوقت حيث شرطه ولم يشترطهما.
وظاهر نقل أبي الخطاب يقتضي رواية بالعكس وهو أنه قطع بأنهما شرطان
411

للوجوب وذكر في المحرر رواية بأنه شرط لزوم قال والتفرقة على كلا الطريقين مشكلة والصحيح التسوية بين هذه الشروط الثلاثة إما نفيا وإما إثباتا انتهى.
قلت ممن سوى بين الثلاثة المصنف في الكافي والشارح وصاحب المستوعب والمحرر فيه والرعايتين والحاويين والفائق والوجيز وابن عقيل وغيرهم وأشار بن عقيل إلى أنها تزاد للحفظ والراحة لنفس السعي قال في الفروع وما قاله المجد صحيح وذكر كلام بن عقيل انتهى.
وممن فرق بين المحرم وسعة الوقت وأمن الطريق المصنف في المقنع والكافي فإنه قدم فيهما أنهما من شرائط
اللزوم وقدم في المحرر أنه من شرائط الوجوب وكذلك فعل الناظم.
وتبع صاحب الهداية صاحب المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهداية فقطعوا بأنهما من شرائط الوجوب وأطلقوا في المحرم الروايتين.
وقطع في الإيضاح أن المحرم شرط للوجوب وأطلق فيهما روايتين عكس صاحب الهداية ومن تابعه.
وقدم في التلخيص أنهما من شرائط اللزوم كالمصنف وأطلق في المحرر الروايتين وظاهر كلامه في الفروع التفرقة فإنه أطلق فيهما الروايتين منه وعنه وقال اختار الأكثر أنهما من شرائط الأداء وقدم أن المحرم من شرائط الوجوب فموافقته للمجد تنافي ما اصطلحه في الفروع وظهر أن للمصنف في هذه المسألة ثلاث طرق في كتبه الكافي والمقنع والهادي.
تنبيهات
الأول دخل في عموم كلام المصنف في قوله وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو بسبب مباح رابها وهو زوج أمها وربيبها وهو بن زوجها وهو صحيح وهو المذهب نص عليهما وعليه الأصحاب.
412

ونقل الأثرم في أم امرأته يكون محرما لها في حج الفرض فقط وهو من المفردات قال الأثرم كأنه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله تعالى * (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن) * الآية.
وعنه الوقف في نظر شعرها وشعر الربيبة لعدم ذكرهما في الآية وهي أيضا من المفردات.
الثاني قوله نسب أو سبب مباح.
يحترز منه عن السبب غير المباح كالوطء بشبهة أو زنا فليس بمحرم لأم الموطأة وابنتها لأن السبب غير مباح.
قال المصنف وغيره كالتحريم باللعان وأولى.
وعنه بلى يكون محرما وهو قول في شرح الزركشي وأطلقهما في الحاوي الكبير واختاره بن عقيل في الفصول في وطء الشبهة لا الزنى وهو ظاهر ما في التلخيص فإنه قال بسبب غير محرم واختاره الشيخ تقي الدين وذكره قول أكثر العلماء لثبوت جميع الأحكام فيدخل في الآية بخلاف الزنى.
الثالث قال في الفروع المراد والله أعلم بالشبهة ما جزم به جماعة أنه الوطء الحرام مع الشبهة كالجارية المشتركة ونحوها.
لكن ذكر الشيخ تقي الدين وأبو الخطاب في الانتصار في مسألة تحريم المصاهرة أن الوطء في نكاح فاسد كالوطء بشبهة.
الرابع ظاهر كلام المصنف هنا وجماعة أن الملاعن يكون محرما للملاعنة لأنها تحرم عليه على التأبيد بسبب مباح ولا أعلم به قائلا فلهذا قال الآدمي البغدادي وصاحب الوجيز بسبب مباح لحرمتها وهو مراد من أطلق.
الخامس قال الشيخ تقي الدين وغيره وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية انتهى.
413

فيكون ذلك مستثنى من كلام من أطلق.
وقال في المحرر المحرم زوجها أو من تحرم عليه أبدا لا من تحريمها بوطء شبهة أو زنا.
فقيل إنما قال ذلك لئلا يرد عليه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأن تحريمهن على المسلم أبدا بسبب مباح وهو الإسلام وليسوا بمحارم لهن.
فقيل كان يجب استثناؤهن كما استثنى المزني بها فأجيب لانقطاع حكمهن فأورد عليه الملاعنة ولا جواب عنه.
السادس ظاهر كلام المصنف أن العبد ليس بمحرم لسيدته لأنها لا تحرم عليه على التأبيد وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به كثير منهم قال الزركشي هذا المذهب المشهور والمجزوم به عند الأكثرين انتهى قال القاضي موفق الدين في شرح مناسك المقنع وهو المشهور المعروف أمره ونقله الأثرم وغيره وكان أيضا لا يؤمن عليها كالأجنبي ولا يلزم من النظر المحرمية وعنه هو محرم لها.
قال المجد لأن القاضي ذكر في شرح المذهب أن مذهب أحمد أنه محرم وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين.
السابع ظاهر كلام المصنف وغيره دخول العبد إذا كان قريبا قال في الفروع وشرط كون المحرم ذكرا مكلفا مسلما نص عليه وكذا قال في الرعاية الصغرى وغيره واشترط الحرية في المحرم في الرعاية الكبرى وجزم به.
فوائد
الأولى قوله إذا كان بالغا عاقلا.
بلا نزاع وهو المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه أنه يشترط فيه
414

أيضا أن يكون مسلما وهو من مفردات المذهب جزم به ناظمها قال في الفروع ويتوجه اشتراط كون المسلم أمينا عليها.
قلت وهو قوي في النظر.
قال ويتوجه أنه لا يعتبر إسلامه إن أمن عليها وقال في الرعاية ويحتمل أن الذمي الكتابي محرم لابنته المسلمة إن قلنا يلي نكاحها كالمسلم انتهى.
قلت يشكل هذا على قول الأصحاب إنهم يمنعون من دخوله الحرم لكن لنا هناك قول بالجواز للضرورة أو للحاجة أو مطلقا فيتمشى هذا الاحتمال على بعض هذه الأقوال.
الثانية نفقة المحرم تجب عليها نص عليه فيعتبر أن تملك زادا وراحلة لها وله.
الثالثة لو بذلت النفقة له لم يلزم المحرم غير عبدها السفر بها على الصحيح من المذهب وعنه يلزمه.
الرابعة ما قاله صاحب الفروع أن ظاهر كلامهم لو أراد أجرة لا تلزمها قال ويتوجه أنها كنفقته كما في التغريب في الزنى وفي قائد الأعمى فدل ذلك كله على انه لو تبرع لم يلزمها للمنة قال ويتوجه أن يجب للمحرم أجرة مثله لا النفقة كقائد الأعمى ولا دليل يخص وجوب النفقة.
الخامسة إذا أيست المرأة من المحرم وقلنا يشترط للزوم السعي أو كان ووجد وفرطت بالتأخير حتى عدم فعنه
تجهز رجلا يحج عنها.
قلت وهو أولى كالمعضوب.
وعنه ما يدل على المنع وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع.
قال المجد يمكن حمل المنع على أن تزوجها لا يبعد عادة والجواز على من أيست ظاهرا أو عادة لزيادة سن أو مرض أو غيره مما يغلب على ظنها عدمه.
415

ثم إن تزوجت أو استنابت من لها محرم ثم فقد فهي كالمعضوب وقال الآجري وأبو الخطاب في الانتصار إن لم يكن محرم سقط فرض الحج ببدنها ووجب أن يحج عنها غيرها قال في الفروع وهو محمول على الإياس قال في التبصرة إن لم تجد محرما فروايتان لتردد النظر في حصول الإياس منه.
قوله (ولا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره ولا نذره ولا نافلة فإن فعل انصرف إلى حجة الإسلام).
اعلم أنه إذا لم يكن حج حجة الإسلام وأراد الحج فتارة يريد الحج عن غيره وتارة يريد الحج عن نفسه غير حجة الإسلام.
فإن أراد الحج عن غيره لم يجز فإن خالف وفعل انصرف إلى حجة الإسلام على الصحيح من المذهب وسواء كان حج الغير فرضا أو نفلا أو نذرا وسواء كان الغير حيا أو ميتا هذا المذهب قاله في الفروع وغيره وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال القاضي في الروايتين لم يختلف أصحابنا فيه وقال أبو حفص العكبري يقع عن المحجوج عنه ثم يقلبه الحاج عن نفسه.
نقل إسماعيل الشالنجي لا يجزئه لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال لمن لبى عن غيره اجعلها عن نفسك.
وعنه يقع باطلا نقله الشالنجي واختاره أبو بكر.
وعنه يجوز عن غيره ويقع عنه قال القاضي وهو ظاهر نقل محمد بن ماهان وفي الانتصار رواية يقع عما نواه بشرط عجزه عن حجه لنفسه.
فعلى المذهب لا ينوب من لم يسقط فرض نفسه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال في الفروع يتوجه ما قيل ينوب في نفل عبد وصبي ويحرم
416

وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وتذكرة بن عبدوس ورجح غير واحد المنع.
وأما إذا أراد أن يحج عن نفسه نذرا أو نافلة فالصحيح من المذهب أن ذلك لا يجوز ويقع عن حجة الإسلام نص عليه وعليه الأصحاب وعنه يقع ما نواه وعنه يقع باطلا ولم يذكرها بعضهم هنا منهم القاضي أبو الحسين في فروعه والمصنف في المغني وصاحب التلخيص وغيرهم وحكوها في التي قبلها.
فعلى المذهب لا تجزئ عن المنذورة مع حجة الإسلام معا على الصحيح من المذهب نص عليه ونقل أبو طالب تجزئ عنهما وأنه قول أكثر العلماء اختاره أبو حفص.
فوائد
إحداها لو أحرم بنفل من عليه نذر ففيه الروايات المتقدمة نقلا ومذهبا قال في الفروع ويتوجه أن هذا وغيره الأشهر في أنه يسلك في النذر مسلك الواجب لا النفل.
الثانية العمرة كالحج فيما تقدم ذكره.
الثالثة لو أتى بواجب أحدهما فله فعل نذره ونفله قبل إتيانه بالآخر على الصحيح من المذهب وقيل لا لوجوبهما على الفور.
الرابعة لو حج عن نذره أو عن نفله وعليه قضاء حجة فاسدة وقعت عن القضاء دون ما نواه على الصحيح من المذهب قاله في القاعدة الحادية عشر.
الخامسة النائب كالمنوب عنه فيما تقدم فلو أحرم النائب بنذر أو نفل عمن عليه حجة الإسلام وقع عنها على الصحيح من المذهب ولو استناب عنه أو عن ميت واحدا في فرضه وآخر في نذره في سنة جاز.
قال ابن عقيل وهو أفضل من التأخير لوجوبه على الفور قال في الفروع
417

كذا قال فيلزمه وجوبه إذا ويحرم بحجة الإسلام قبل الآخر وأيهما أحرم به أولا فعن حجة الإسلام ثم الأخرى عن النذر قال في الفروع وظاهر كلامهم ولو لم ينوه وقال في الفصول يحتمل الإجزاء لأنه قد يعفى عن التعيين في باب الحج وينعقد بهما ثم يعين قال وهو أشبه ويحتمل عكسه لاعتبار تعيينه بخلاف حجة الإسلام.
قوله (وهل يجوز لمن يقدر على الحج بنفسه أن يستنيب في حج التطوع على روايتين).
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والشرح والحاويين والفائق والصرصرى في نظمه.
إحداهما يجوز وهو المذهب قال في الفروع ويصح في الأصح قال في الخلاصة ويجوز على الأصح وصححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي والوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في الهداية والهادي والمحرر والرعايتين وصححه القاضي أبو الحسين وصاحب التصحيح.
والرواية الثانية لا يجوز ولا يصح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يجوز له أن يستنيب إذا كان عاجزا يرجى معه زوال علته من غير خلاف وهي طريقة المصنف وتابعه الشارح.
والصحيح من المذهب أن حكمه حكم القادر بنفسه على الخلاف كما تقدم قدمه في الفروع وغيره وجزم به في التلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين.
فوائد
منها حكم المحبوس حكم المريض المرجو برؤه قاله الزركشي.
418

ومنها يصح الاستنابة عن المعضوب والميت في النفل إذا كانا قد حجا حجة الإسلام.
ومنها يستحب أن يحج عن أبويه قال بعض الأصحاب إن لم يحجا وقال بعضهم يستحب أن يحج عنهما وعن
غيرهما ويستحب أن يقدم الأم ويقدم واجب أبيه على نفل أمه نص عليهما وقد تقدم حكم طاعة والديه في الحج الواجب والنفل عند قوله وليس للزوج منع امرأته من حج الفرض.
ومنها في أحكام النيابة فنقول من أعطى مالا ليحج به عن شخص بلا إجارة ولا جعالة جاز نص عليه كالغزو وقال أحمد لا يعجبني أن يأخذ دراهم ويحج عن غيره إلا أن يتبرع.
قال في الفروع ومراده الإجارة أو أحج حجة بكذا.
والنائب أمين يركب وينفق بالمعروف منه أو مما اقترضه أو استدانه لعذر على ربه أو ينفق من نفسه وينوي رجوعه به وتركه وأنفق من نفسه فقال في الفروع ظاهر كلام أصحابنا يضمن وفيه نظر انتهى.
قال الأصحاب ويضمن ما زاد على المعروف ويرد ما فضل إلا أن يؤذن له فيه لأنه لا يملكه بل أباحه فيؤخذ منه.
ولو أحرم ثم مات مستنيبه أخذه الورثة وضمن ما أنفق بعد موته قال في الفروع ويتوجه لا للزوم ما أذن فيه قال في الإرشاد وغيره في قوله حج عني بهذا فما فضل فلك ليس له أن يشتري به تجارة قبل حجه.
قال في الفروع ويجوز له صرف نقد بآخر لمصلحته وشراء ماء للطهارة به وتداوى ودخول حمام.
وإن مات أو ضل أو صد أو مرض أو تلف بلا تفريط أو أعوز بعده لم يضمن قال في الفروع ويتوجه من كلامهم يصدق إلا أن يدعي أمرا ظاهرا فببينة.
419

وله نفقة رجوعه على الصحيح من المذهب مطلقا.
وعنه إن رجع لمرض رد ما أخذ كرجوعه لخوفه مرضا قال في الفروع ويتوجه فيه احتمال.
وإن سلك طريقا يمكنه سلوك أقرب منه بلا ضرر ضمن ما زاد.
قال المصنف أو تعجل عجلة يمكنه تركها قال في الفروع كذا قال ونقل الأثرم ويضمن ما زاد على أمر بسلوكه.
ولو جاوز الميقات محلا ثم رجع ليحرم ضمن نفقة تجاوزه ورجوعه.
وإن أقام بمكة فوق مدة قصر بلا عذر فمن ماله وله نفقة رجوعه خلافا للرعاية الكبرى إلا أن يتخذها دارا ولو ساعة واحدة فلا.
وهل الوحدة عذر أم لا ظاهر كلام الأصحاب مختلف قال في الفروع والأولى أنه عذر ومعناه في الرعاية وغيره للنهي.
وذكر المصنف إن شرط المؤجر على أجيره أنه لا يتأخر عن القافلة أو لا يسير في آخرها أو وقت القائلة أو ليلا فخالف ضمن.
فدل أنه لا يضمن بلا شرط والمراد مع الأمن قاله في الفروع.
ومتى وجب القضاء فمنه عن المستنيب ويرد ما أخذ لأن الحجة لم تقع عن مستنيبه كجنايته كذا معنى كلام المصنف وكذا في الرعاية نفقة الفاسد والقضاء على النائب ولعله ظاهر المستوعب قاله في الفروع قال وفيه نظر.
فإن حج من قابل بمال نفسه أجزأه ومع عذر ذكر المصنف إن فات بلا تفريط احتسب له بالنفقة.
فإن قلنا يجب القضاء فعليه لدخوله في حج ظنه عليه فلم يكن وفاته وذكر جماعة إن فات بلا تفريط فلا قضاء عليهما إلا واجبا على مستنيب فيؤدى عنه بوجوب سابق.
والدماء عليه والمنصوص ودم تمتع وقران كنهيه على مستنيبه إن أذن كدم إحصار وأطلق في المستوعب في دم إحصار وجهين.
420

ونقل بن منصور إن أمر مريض من يرمى عنه فنسي المأمور أساء والدم على الآمر.
قال في الفروع ويتوجه أن ما سبق من نفقة تجاوزه ورجوعه والدم مع عذر على مستنيبه كما ذكروه في النفقة في فواته بلا تفريط ولعله مرادهم انتهى.
وإن شرط أحدهما أن الدم الواجب عليه على غيره لم يصح شرطه كأجنبي قال في الفروع ويتوجه إن شرطه على نائب لم يصح واقتصر عليه في الرعاية فيؤخذ منه يصح عكسه.
وفي صحة الاستئجار لحج أو عمرة روايتا الإجارة على قربة يأتيان في كلام المصنف في الإجارة والمذهب عدم الصحة ويلزم من استنابه إجارة بدليل استنابة قاض وفي عمل مجهول ومحدث في صلاة قال في الفروع كذا قالوا واختار بن شاقلا تصح وذكر في الوسيلة الصحة عنه وعن الخرقي.
فعلى هذا تعتبر شروط الإجارة.
وإن استأجر عينه لم يستنب على الصحيح من المذهب وقال في الفروع يتوجه كتوكيل وأن يستنيب لعذر.
وإن ألزم ذمته بتحصيل حجة له استناب فإن قال بنفسك قال في الفروع فيتوجه في بطلان الإجارة تردد فإن صحت لم يجز أن يستنيب انتهى.
ولا يستنيب في إجارة العين ويجوز في إجارة الذمة فإن قال بنفسك لم يجز في وجه وفي آخر تبطل الإجارة وأطلقهما في الفروع.
قال الآجري وإن استأجره فقال تحج عنه من بلد كذا لم يجز حتى يقول تحرم عنه من ميقات كذا وإلا فمجهولة.
فإذا وقت مكانا يحرم منه فأحرم قبله فمات فلا أجرة والأجرة من إحرامه مما عينه إلى فراغه.
قال في الفروع ويتوجه لا جهالة ويحمل على عادة ذلك البلد غالبا ومعناه
421

كلام أصحابنا ومرادهم قال ويتوجه إن لم يكن للبلد إلا ميقات واحد جاز.
فعلى قوله يقع الحج عن المستنيب وعليه أجرة مثله.
ويعتبر تعيين النسك وانفساخها بتأخير ويأتي في الإجارة فإن قدم فيتوجه جوازه لمصلحته وعدمه لعدمها وإلا فاحتمالان أظهرهما يجوز قاله في الفروع.
ومعنى كلام المصنف وغيره يجوز وأنه زاد خيرا.
ويملك ما يأخذه ويتصرف فيه ويلزمه الحج ولو أحصر أو ضل أو تلف ما أخذه فرط أو لا ولا يحتسب له بشيء واختار صاحب الرعاية ولا يضمن بلا تفريط والدماء عليه وإن أفسده كفر ومضى فيه وقضاه وتحسب أجرة
مسافر قبل إحرامه جزم به جماعة وقدمه في الفروع وقيل لا وأطلق بعضهم وجهين وعلى الأول قسط ما ساره لا أجرة المثل خلافا لصاحب الرعاية.
وإن مات بعد ركن لزمه أجرة الباقي.
ومن ضمن الحجة بأجرة أو جعل فلا شيء له ويضمن ما تلف بلا تفريط كما سبق.
وقال الآجري وإن استؤجر من ميقات فمات قبله فلا وإن أحرم منه ثم مات احتسب منه إلى موته.
ومن استؤجر عن ميت فهل تصح الإقالة أم لا لأن الحق للميت يتوجه احتمالان قاله في الفروع.
قلت الأولى الجواز لأنه قائم مقامه فهو كالشريك والمضارب والصحيح جواز الإقالة منهما على ما يأتي في الشركة.
وعلى الثاني يعايى بها.
ومن أمر بحج فاعتمر لنفسه ثم حج عن غيره فقال القاضي وغيره يرد كل النفقة لأنه لم يؤمر به وجزم به في الحاوي الكبير ونص أحمد واختاره المصنف وغيره إن أحرم به من ميقات فلا ومن مكة يرد من النفقة ما بينهما
422

ومن أمر بإفراد فقرن لم يضمن كتمتعه وفي الرعاية وقيل يعذر قال في الفروع كذا قال.
ومن أمر بتمتع فقرن لم يضمن وفي الرعاية على الصحيح من المذهب وقال القاضي وغيره يرد نصف النفقة لفوات فضيلة التمتع.
وعمرة مفردة كإفراده ولو اعتمر لأنه أحل فيها من الميقات.
ومن أمر بقران فتمتع وأفرد فللآمر ويرد نفقة قدر ما يتركه من إحرام النسك المتروك من الميقات ذكره المصنف وغيره وقال في الفصول وغيرها يرد نصف النفقة وأن من تمتع لا يضمن لأنه زاده خيرا.
وإن استناب شخصا في حجة واستنابه آخر في عمرة فقرن ولم يأذنا له صحا له وضمن الجميع كمن أمر بحج فاعتمر أو عكسه ذكره القاضي وغيره وقدمه في الفروع واختار المصنف وغيره يقع عنهما ويرد نصف نفقة من لم يأذن لأن المخالفة في صفته قال في الفروع وفي القولين نظر لأن المسألة تشبه من أمر بالتمتع فقرن قال في الفروع ويتوجه منهما لا ضمان هنا وهو متجه إن عدد أفعال النسكين وإلا فاحتمالان انتهى.
قلت الصواب عدم الصحة عن واحد منهما وضمان الجميع.
وإن أمر بحج أو عمرة فقرن لنفسه فالخلاف.
وإن فرغه ثم حج أو اعتمر لنفسه صح ولم يضمن وعليه نفقة نفسه مدة مقامه لنفسه.
وإن أمر بإحرام من ميقات فأحرم قبله أو من غيره أو من بلده فأحرم من ميقات أو في عام أو في شهر فخالف فقال ابن عقيل أساء لمخالفته وذكر المصنف يجوز لإذنه فيه بالجملة وقال في الانتصار ولو نواه بخلاف ما أمره به وجب رد ما أخذه.
ويأتي في أواخر باب الإحرام في كلام المصنف وغيره بعض أحكام من حج عن غيره.
423

باب المواقيت.
فوائد
الأولى قوله وميقات أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام ومصر والمغرب من الجحفة وأهل اليمن يلملم وأهل نجد قرن وأهل المشرق ذات عرق.
اعلم أن بين ذي الحليفة وبين مكة عشرة أيام أو تسعة وهو أبعد المواقيت وقيل أكثر من سبعين فرسخا وقيل مائتا ميل إلا ميلين وبينها وبين المدينة ميل قاله في الرعاية الكبرى قال الزركشي ستة أميال أو سبعة وبينهما تباين كبير والصواب أن بينهما ستة أميال ورأيت من وهم قول من قال إن بينهما ميلا.
ويليه في البعد الجحفة وهي على ثلاث مراحل من مكة وقيل خمس مراحل أو ستة ووهم من قال ثلاث والثلاثة الباقية بينها وبين مكة ليلتان وقيل أقربها ذات عرق حكاه في الرعاية.
وقال الزركشي قرن عن مكة يوم وليلة ويلملم ليلتان.
ورأيت في شرح الحافظ بن حجر أن بين يلملم وبين مكة مرحلتين ثلاثون ميلا وبين ذات عرق وبين مكة مرحلتان والمسافة اثنان وأربعون ميلا.
فقرن لأهل نجد وهي نجد اليمن ونجد الحجاز والطائف وذات عرق للمشرق والعراق وخراسان.
الثانية هذه المواقيت كلها ثبتت بالنص على الصحيح من المذهب وأومأ أحمد أن ذات عرق باجتهاد عمر قال في الفروع والظاهر أنه خفي النص فوافقه فإنه موافق للصواب قال المصنف ويجوز أن يكون عمر ومن سأله لم
424

يعلموا بتوقيته عليه أفضل الصلاة والسلام ذات عرق فقال ذلك برأيه فأصاب فقد كان موفقا للصواب انتهى.
قلت يتعين ذلك ومن المحال أن يعلم أحد من هؤلاء بالسنة ثم يسألونه أن يوقت لهم.
الثالثة الأولى أن يحرم من أول جزء من الميقات فإن أحرم من آخره جاز ذكره في التلخيص وغيره.
قوله (وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم).
وهو المذهب وعليه الأصحاب فلو مر أهل الشام وغيرهم على ذي الحليفة أو من غير أهل الميقات على غيره لم يكن لهم مجاوزته إلا محرمين نص عليه وقال الشيخ تقي الدين يجوز تأخيره إلى الجحفة إذا كان من أهل الشام وجعله في الفروع توجيها من عنده وقواه ومال إليه وهو مذهب عطاء وأبي ثور ومالك.
قوله (ومن منزله دون الميقات فميقاته من موضعه).
بلا نزاع لكن لو كان له منزلان جاز أن يحرم من أقربهما إلى البيت والصحيح من المذهب أن الإحرام من البعيد أولى وقيل هما سواء.
قوله (وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل).
سواء كان من أهلها أو من غيرهم وسواء كان في مكة أو في الحرم هذا الصحيح من المذهب وكلما تباعد كان أفضل.
وذكر بن أبي موسى أن من كان بمكة من غير أهلها إذا أراد عمرة واجبة فمن الميقات فلو أحرم من دونه لزمه دم وإن أراد نفلا فمن أدنى الحل.
وعنه من اعتمر في أشهر الحج أطلقه بن عقيل وزاد غير واحد فيها من أهل مكة أهل بالحج من الميقات وإلا لزمه دم قال في الفروع وهي ضعيفة عند الأصحاب وأولها بعضهم بسقوط دم المتعة عن الآفاقي وبخروجه إلى الميقات.
425

ويأتي في كلام المصنف في صفة العمرة أن العمرة من التنعيم أفضل وبعدها إذا أحرم من الحرم بها وفعل العمرة في كل سنة وتكرارها.
قوله (وإذا أرادوا الحج فمن مكة).
هذا المذهب سواء كان مكيا أو غير مكي إذا كان فيها قال في الفروع وظاهره لا ترجيح يعني أن إحرامه من المسجد وغيره سواء في الفضيلة ونقل حرب ويحرم من المسجد قال في الفروع ولم أجد عنه خلافه ولم يذكره الأصحاب إلا في الإيضاح فإنه قال يحرم به من الميزاب.
قلت وكذا قال في المبهج.
فائدة يجوز لهم الإحرام من الحرم والحل ولا دم عليهم على الصحيح من المذهب نقله الأثرم وابن منصور ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه إن فعل ذلك فعليه دم.
وعنه إن أحرم من الحل فعليه دم لإحرامه دون الميقات بخلاف من أحرم من الحرم صححه في تصحيح المحرر والناظم وجزم به المصنف وقال إن مر في الحرم قبل مضيه إلى عرفة فلا دم عليه وأطلق الأولى والثالثة في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
وعنه فيمن اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة يهل بالحج من الميقات فإن لم يفعل فعليه دم.
وعن أحمد المحرم من الميقات عن غيره إذا قضى نسكه ثم أراد أن يحرم عن نفسه واجبا أو نفلا أو أحرم عن نفسه ثم أراد أن يحرم عن غيره أو عن إنسان ثم عن آخر يحرم من الميقات وإلا لزمه دم اختاره القاضي وجماعة وقال في الترغيب لا خلاف فيه قال في الفروع كذا قال واختاره المصنف
426

والشارح وغيرهما قال الزركشي وهو المشهور بخلاف ما جزم به القاضي وغيره وروى هو ظاهر كلام الخرقي والإمام أحمد لكن بعضهم تأوله.
ويأتي بعض ذلك في أول باب صفة الحج.
قوله (ومن لم يكن طريقه على ميقات فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم).
وهذا بلا نزاع لكن يستحب الاحتياط فإن تساويا في القرب إليه فمن أبعدهما عن مكة وأطلق الآجري أن ميقات من خرج عن المواقيت إذا حاذاها.
فائدة قال في الرعاية ومن لم يحاذ ميقاتا أحرم عن مكة بقدر مرحلتين قال في الفروع وهذا متجه.
قوله (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات بغير إحرام).
هذا المذهب نص عليه سواء أراد نسكا أو مكة وكذا لو أراد الحرم فقط وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجوز تجاوزه مطلقا من غير إحرام إلا أن يريد نسكا ذكرها القاضي وجماعة وصححها بن عقيل قال في الفروع وهي أظهر للخبر واختاره في الفائق قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وظاهر النص.
تنبيه قوله ولا يجوز لمن أراد دخول مكة.
مراده إذا كان مسلما مكلفا حرا فلو تجاوز الميقات كافر أو عبد أو صبي ثم لزمهم بأن أسلم أو بلغ أو عتق أحرموا من موضعهم من غير دم على الصحيح من المذهب نص عليه واختاره جماعة منهم المصنف والشارح.
قال في القواعد الأصولية والمذهب لا دم على الكافر عند أبي محمد وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاويين.
427

قلت فيعايى بها.
وعنه في الكافر يسلم يحرم من الميقات نصره القاضي وأصحابه لأنه حر بالغ عاقل كالمسلم وهو متمكن من المانع.
قال المصنف والشارح يتخرج في الصبي والعبد وكذلك قال في الرعاية الصغرى والحاوي والفائق بعد ذكر الرواية وهما مثله وقال في الرعاية الكبرى وغيره مثله وأولى انتهى.
قلت لو قيل بالدم عليهما دون الكافر والمجنون لكان له وجه لصحته منهما من الميقات بخلاف الكافر والمجنون ومنع الزركشي من التخريج وقال الرواية التي كانت في الكافر مبنية على أنه مخاطب بفروع الإسلام انتهى.
وقال في القواعد الأصولية وبنا بعضهم الخلاف في الكافر على أنه مخاطب بفروع الإسلام.
وعنه يلزم الجميع دم إن لم يحرموا من الميقات.
وأما المجنون إذا أفاق بعد مجاوزة الميقات فإنه يحرم من موضع إفاقته ولا دم عليه.
فائدة لو تجاوز المحرم المسلم المكلف الميقات بلا إحرام لم يلزمه قضاء الإحرام ذكره القاضي في المجرد وجزم به المصنف والشارح وقدمه في الفروع والمستوعب قال في الرعايتين والحاويين لم يلزمه قضاء الإحرام الواجب في الأصح وذكر القاضي أيضا وأصحابه يقضيه وأن أحمد أومأ إليه كنذر الإحرام.
قوله (إلا لقتال مباح أو حاجة متكررة كالحطاب).
والفيج ونقل الميرة والصيد والاحتشاش ونحو ذلك وكذا تردد المكي إلى قريته بالحل ويأتي في آخر كتاب الحدود هل يجوز القتال بمكة.
428

قوله (ثم إن بدا له النسك أحرم من موضعه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يلزمه أن يرجع فيحرم من الميقات ولا دم عليه ذكرها في الرعاية قولا واحدا.
قوله (ومن جاوزه مريدا للنسك رجع فأحرم منه).
يعني يلزمه الرجوع وهذا الصحيح من المذهب لكن ذلك مقيد بما إذا لم يخف فوت الحج أو غيره بلا نزاع.
قال في الفروع وأطلق في الرعاية في وجوب الرجوع وجهين وظاهر المستوعب أنهما بعد إحرامه وكل منهما
ضعيف انتهى.
قلت قال في الرعاية وفي وجوب رجوعه محلا ليحرم منه مع أمن عدو وفوت وقت حج وجهان.
وقال في المستوعب ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات بعد إحرامه بحال ذكره القاضي وحكى بن عقيل أنه إن لم يخف عدوا ولا فوتا لزمه الرجوع والإحرام من الميقات انتهى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لو رجع فأحرم من الميقات قبل إحرامه أنه لا شيء عليه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وحكى وجه عليه دم.
قوله (فإن أحرم من موضعه فعليه دم وإن رجع إلى الميقات).
هذا المذهب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق وغيرهما.
وعنه يسقط الدم إن رجع إلى الميقات وأطلقهما في المستوعب.
فائدتان
إحداهما الجاهل والناسي كالعالم العامد بلا نزاع والمكره كالمطيع.
429

على الصحيح من المذهب وقدمه في الرعاية وقال في الفروع وقال أصحابنا في المكره قال ويتوجه أن لا دم على مكره أو أنه كإتلاف.
وقال في الرعاية قلت ويحتمل أنه لا يلزم المكره دم.
الثانية لو أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوز على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وغيره وعليه الأصحاب ونقل مهنا يسقط بقضائه وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
تنبيه ظاهر قوله والاختيار أن لا يحرم قبل ميقاته.
أنه لا يجوز الإحرام قبل الميقات لكنه لو فعل غير الاختيار فيكون مكروها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدم في الرعاية الكبرى الجواز من غير كراهة وأن المستحب من الميقات وهو ظاهر كلام جماعة فيكون مباحا ونقل صالح إن قوي على ذلك فلا بأس.
قوله (ولا يحرم بالحج قبل أشهره).
يعني أن هذا هو الاختيار فإن فعل فهو محرم لكن يكره ويصح وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
نقل أبو طالب وسندي يلزمه الحج إلا أن يريد فسخه بعمرة فله ذلك.
قال القاضي بناء على أصله في فسخ الحج إلى العمرة وعنه ينعقد عمرة اختاره الآجري وابن حامد.
قال الزركشي ولعلها أظهر وقال وقد يبنى الخلاف على الخلاف في الإحرام فإن قلنا شرط صح كالوضوء وإن قلنا ركن لم يصح وقد يقال على القول بالشرطية لا يصح أيضا انتهى.
ونقل عبد الله يجعله عمرة ذكره القاضي موافقا للأول قال في الفروع ولعله أراد إن صرفه إلى عمرة أجزأ عنها وإلا تحلل بعملها ولا يجزئ عنها.
430

وقوله يتحلل بعملها ولا يجزئ عنها ونقله بن منصور ويكره.
قال القاضي أراد كراهة تنزيه وذكر بن شهاب العكبري رواية لا يجوز.
قوله (وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة).
فيكون يوم النحر من أشهر الحج وهو يوم الحج الأكبر هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
واختار الآجري آخره ليلة النحر واختار بن هبيرة أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملا وهو مذهب مالك.
فائدة الصحيح من المذهب أن فائدة الخلاف تعلق الحنث به وقاله القاضي وهو مذهب الحنفية وجزم به في الفروع وقال يتوجه أنه جواز الإحرام فيها على خلاف ما سبق وهو مذهب الشافعي وعند مالك فائدة الخلاف تعلق الدم بتأخير طواف الزيارة عنها.
وقال المولى من الشافعية لا فائدة فيه إلا في كراهة العمرة عند مالك فيها.
ونقل في الفائق عن بن الجوزي أنه قال فائدة الخلاف خروج وقت الفضيلة بتأخير طواف الزيارة عن اليوم العاشر ولزوم الدم في إحدى الروايتين وتأتي أحكام العمرة في صفة العمرة.
باب الإحرام
فائدتان
إحداهما الإحرام هو نية النسك وهي كافية على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وذكر أبو الخطاب في الانتصار رواية أن نية النسك كافية مع التلبية أو سوق الهدي واختاره الشيخ تقي الدين.
الثانية لو أحرم حال وطئه انعقد إحرامه صرح به المجد وقطع به بن
431

عقيل وقال بعض الأصحاب في البيع الفاسد لا يجب المضي فيه فدل على أنه لا ينعقد فيكون باطلا ذكره في الفروع والقواعد الأصولية.
وتقدم في أول كتاب المناسك هل يبطل الإحرام بالإغماء والجنون.
تنبيه شمل قوله ويستحب لمن أراد الإحرام أن يغتسل.
الحائض والنفساء وهو صحيح بلا نزاع وتقدم ذلك.
فائدة إذا لم يجد ماء فالصحيح من المذهب ونقله صالح أنه يتيمم قال في الفروع في باب الغسل ويتيمم في الأصح لحاجة.
قال في الرعاية الكبرى يتيمم في الأشهر وقدمه في الرعاية الصغرى وجزم به في المستوعب والإفادات والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة واختاره القاضي وغيره.
وقيل لا يستحب له التيمم اختاره المصنف والشارح وصاحب الفائق وابن عبدوس في تذكرته.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في التلخيص والحاويين والزركشي.
قوله (ويتطيب).
يعني في بدنه وسواء كان له جرم أو لا فأما تطييب ثوبه فالصحيح من المذهب أنه يكره وعليه أكثر الأصحاب وقال الآجري يحرم.
وقيل تطييب ثوبه كتطييب بدنه ويحتمله كلام المصنف هنا.
قال الزركشي وقد شمله كلام كثير من الأصحاب.
ويأتي هل له استدامة ذلك وهل تجب الفدية به في آخر باب الفدية عند قوله وليس له لبس ثوب مطيب.
432

فائدتان
إحداهما قوله ويلبس ثوبين أبيضين نظيفين إزارا ورداءا.
فالرداء يضعه على كتفيه والإزار في وسطه على الصحيح من المذهب وذكر الحلواني في التبصرة إخراج كتفه الأيمن من الرداء أولى.
الثانية يجوز إحرامه في ثوب واحد قال في التبصرة بعضه على عاتقه.
قوله (ويصلي ركعتين ويحرم عقيبهما).
الصحيح من المذهب أنه يستحب أن يحرم عقب صلاة إما مكتوبة أو نفل نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يستحب أن يحرم عقيب مكتوبة فقط وإذا ركب وإذا سار سواء.
واختار الشيخ تقي الدين أنه يستحب أن يحرم عقيب فرض إن كان وقته وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه.
فائدة لا يصلي الركعتين في وقت نهي على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه فيه الخلاف الذي في صلاة الاستسقاء في وقت النهي وقد مر ولا يصليهما أيضا من عدم الماء والتراب.
تنبيهات
الأول قوله وينوي الإحرام بنسك معين ولا ينعقد إلا بالنية.
قال ابن منجا إن قيل الإحرام ما هو فإن قيل النية قيل فكيف ينوي النية ونية النية لا تجب لما فيه من التسلسل وإن قيل التجرد فالتجرد ليس ركنا في الحج ولا شرطا وفاقا والإحرام قيل إنه أحدهما.
فالجواب أن الإحرام النية والتجرد هيئة لها والنية لا تجب لها النية.
وقول المصنف هنا وينوي الإحرام بنسك معين معناه ينوي بنيته نسكا
433

معينا والأشبه أنه شرط كما ذهب إليه بعض أصحابنا كنية الوضوء انتهى.
الثاني ظاهر قوله ويشترط أي يستحب فيقول اللهم إني أريد النسك الفلاني إلى آخره.
أنه يقول ذلك بلسانه أو بما في معناه وهو صحيح فلا يصح الاشتراط بقلبه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل يصح لأنه تابع للإحرام وينعقد بالنية فكذا الاشتراط وهما احتمالان مطلقان في المغني والشرح والزركشي واستحب الشيخ تقي الدين الاشتراط للخائف فقط ونقل أبو داود إن اشترط فلا بأس.
فائدة الاشتراط يفيد شيئين.
أحدهما إذا عاقه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو نحوه جاز له التحلل.
الثاني لا شيء عليه بالتحلل وصرح المصنف بذلك في آخر باب الفوات والإحصار لكن قولنا جاز له التحلل هو المذهب وعليه الأكثر منهم القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي وصاحب التلخيص وأبي البركات أنه يحل بمجرد الحصر وهو ظاهر الحديث.
قوله (وأفضلها التمتع ثم الإفراد).
هذا الصحيح من المذهب نص عليه مرارا كثيرة وعليه جماهير الأصحاب قال في رواية عبد الله وصالح يختار التمتع لأنه آخر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو من مفردات المذهب.
وعنه إن ساق الهدى فالقران أفضل ثم التمتع رواها المروذي واختارها الشيخ تقي الدين وقال هو المذهب وقال وإن اعتمر وحج في سفرتين أو اعتمر قبل أشهر الحج فالإفراد أفضل باتفاق الأئمة الأربعة ونص عليه أحمد في الصورة الأولى وذكره القاضي في الخلاف وغيره وهي أفضل من الثانية.
434

نص عليه واختاره صاحب الفائق في الصورة الأولى.
فائدة اختلف العلماء في حجة النبي صلى الله عليه وسلم بحسب المذاهب حتى اختلف كلام القاضي وغيره هل حل من عمرته فيه وجهان قال في الفروع والأظهر قول أحمد لا شك أنه كان قارنا والمتعة أحب إلي قال الشيخ تقي الدين وعليه متقدمو الصحابة.
قوله (وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج).
هذا هو الصحيح نص عليه وجزم به الخرقي وفي الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمستوعب والمغني والتلخيص والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
وقال بعض الأصحاب هو أن يحرم بالعمرة وأطلق منهم صاحب المبهج وقدمه في الفروع وقطع جماعة أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده وأطلقوا منهم المصنف في الكافي وابن عقيل في تذكرته قال في الفروع ومرادهم في أشهر الحج.
قوله (ويفرغ منها).
هكذا قال الأصحاب قال في الفروع قال الأصحاب ويفرغ منها.
قلت جزم به في الهداية والمبهج والتذكرة والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والمغني والتلخيص والخرقي والنظم والرعاية الكبرى والوجيز وغيرهم وقال في المستوعب ويتحلل.
وقال الزركشي وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامه قال وقد أشار الشيخان إلى ذلك فقالا حقيقة التمتع ذلك قال ولا يغرنك ما وقع في كلام أبي محمد وغيره من أن التمتع أن يحرم بالعمرة في
435

أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من مكة الخ فإن هذا التمتع الموجب للدم.
ومن هنا قلنا إن تمتع حاضر المسجد الحرام صحيح على المذهب انتهى.
وقال في المحرر فالتمتع أن يعتمر قبل الحج في أشهره وتبعه في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق ولم يقولوا
ويفرغ منها ويأتي أيضا في شروط وجوب العمرة على التمتع هل النية شرط في التمتع أم لا.
قلت ما قاله الزركشي لا يرد على كلام الأصحاب في قولهم ويفرغ منها إذ الفراغ لا بد منه على كل متمتع سواء كان آفاقيا أو مكيا إذ لو أحرم بالحج قبل فراغ العمرة لكان قارنا لا دم عليه لأجل تمتعه لأنه انتقل عن التمتع إلى القران فلذلك أوجبنا عليه دم القران كما يأتي في شروط وجوب الدم على المتمتع وقاله هو في الشروط والمصنف في المغني ولا يلزم مما ادعاه عدم صحة عمرة المكي فإن الأصحاب قالوا يفرغ منها وقالوا يصح تمتع المكي فإذا تمتع المكي وأحرم بالعمرة فلا بد من فراغه منها وإلا صار قارنا فلا سبيل إلى التمتع إلا بفراغه من العمرة.
وظاهر كلام الزركشي أنه لا يشترط ذلك للمكي وليس الأمر كذلك.
ويأتي في آخر باب دخول مكة هل يحل المتمتع إذا فرغ من العمرة ولم يسق الهدى إذا كان ملبدا أم لا.
ويأتي أيضا في شروط وجوب الدم على المتمتع هل النية شرط في التمتع أم لا.
قوله (ثم يحرم بالحج من مكة أو من قريب منها في عامه).
هكذا زاد جماعة منهم صاحب الفائق والرعايتين والحاويين ونقله حرب وأبو داود يعني أنهم قالوا من مكة أو من قريب منها ومنهم صاحب الوجيز لكن قيد القرب بالحرم والذي عليه أكثر الأصحاب أنه يحرم
436

في عامه ولم يقولوا من مكة ولا من قريب منها ونسبه في الفروع إلى الأصحاب منهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وزاد بعض الأصحاب فقال يحرم في عامه من مكة ولم يذكر قريبا منها منهم صاحب الهداية والمستوعب والتلخيص والكافي وابن عقيل في تذكرته.
قوله (والإفراد أن يحرم بالحج مفردا).
هذا بلا نزاع ولكن يعتمر بعد ذلك ذكره جماعة من الأصحاب وأطلقوا منهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في الفروع.
قال جماعة يحرم بالحج من الميقات ثم يحرم بالعمرة من أدنى الحل.
قال في الفائق هو أن يحج ثم يعتمر من أدنى الحل وكذا في الرعايتين والحاويين قال ابن عقيل في تذكرته والإفراد أن يحرم بالحج من الميقات زاد بعضهم على ذلك وعنه بل يحرم بالعمرة من الميقات وهو صاحب الرعاية الكبرى.
وقال في المحرر وغيره الإفراد أن لا يأتي في أشهر الحج بغيره قال الزركشي وهو أجود.
قال القاضي وغيره ولو تحلل منه في يوم النحر ثم أحرم فيه بعمرة فليس بمتمتع في ظاهر ما نقله بن هانئ ليس على معتمر بعد الحج هدي لأنه في حكم ما ليس من أشهره بدليل فوات الحج فيه وقاله بن عقيل في مفرداته.
قال في الفروع فدل على أنه لو أحرم بعد تحلله من الأول صح.
وقال في الفصول الإفراد أن يحرم بالحج في أشهره فإذا تحلل منه أحرم بالعمرة من أدنى الحل.
قوله (والقران أن يحرم بهما جميعا).
هكذا أطلق جماعة منهم صاحب المبهج والمحرر قال في الخلاصة والقران أن يجمع بينهما في مدة الإحرام وقال آخرون يحرم بهما جميعا من الميقات.
437

منهم صاحب الهداية وابن عقيل في التذكرة والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاويين والفائق.
قوله (أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج).
أطلق ذلك أكثر الأصحاب وقال بعض الأصحاب من مكة أو قربها.
فائدتان
إحداهما لا يعتبر لصحة إدخال الحج على العمرة الإحرام به في أشهره على الصحيح من المذهب وقيل يعتبر ذلك.
الثانية لو شرع في طواف العمرة لم يصح إدخال الحج عليها كما لو سعى إلا لمن معه هدى فإنه يصح ويصير قارنا بناء على المذهب من أن من معه الهدى لا يجوز له التحلل.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يستحب أن ينطق بما أحرم به من عمرة أو حج أو هما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الهداية وعن أبي الخطاب لا يستحب ذكر ما أحرم به نقله الزركشي.
قوله (ولو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها ولم يصر قارنا).
هذا الصحيح من المذهب بناء على أنه لا يلزم بالإحرام الثاني شيء فيه خلاف.
وقيل يجوز إدخال العمرة على الحج ضرورة.
فعلى المذهب يستحب أن يرفضها لتأكد الحج بفعل بعضه وعليه برفضها دم ويقضيها.
فائدة مذهب الإمام أحمد وأكثر الأصحاب أن عمل القارن كالمفرد في الإجزاء نقله الجماعة عن الإمام أحمد.
438

ويسقط ترتيب العمرة ويصير الترتيب للحج كما يتأخر الحلاق إلى يوم النحر فوطؤه قبل طوافه لا يفسد عمرته قال الزركشي هو المذهب المختار للأصحاب وعنه على القارن طوافان وسعيان وعنه على القارن عمرة مفردة اختارها أبو بكر وأبو حفص لعدم طوافها.
ويأتي في كلام المصنف في آخر صفة الحج أن عمرة القارن تجزئ عن عمرة الإسلام على الصحيح من المذهب.
فعلى الرواية الثانية يقدم القارن فعل العمرة على فعل الحج كمتمتع ساق هديا فلو وقف بعرفة قبل طوافه وسعيه لها فقيل تنتقض عمرته ويصير مفردا بالحج ثم يعتمر قدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا تنتقض عمرته فإذا رمى الجمرة طاف لها ثم سعى ثم طاف للحج ثم سعى وأطلقهما في الفروع.
ويأتي هل للقران إحرامان أو إحرام واحد في آخر باب الفدية قبل قوله وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم.
قوله (ويجب على القارن والمتمتع دم نسك).
فالواجب عليهما دم نسك لا دم جبران.
أما القارن فيلزمه دم كما قال المصنف وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب ونقل بكر بن محمد عليه هدى
وليس كالمتمتع إن الله أوجب على المتمتع هديا في كتابه والقارن إنما روى أن عمر قال للصبي اذبح تيسا.
وسأله بن مشيش القارن يجب عليه الدم وجوبا فقال كيف يجب عليه وجوبا وإنما شبهوه بالمتمتع قال في الفروع فتتوجه منه رواية لا يلزمه دم.
فعلى المذهب يكون الدم دم نسك كما قال المصنف وهو الصحيح من
439

المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في المبهج وعيون المسائل ليس بدم نسك يعينان بل دم جبران.
فائدة لا يلزم الدم حاضري المسجد الحرام كما قال المصنف وقاله في الفروع وغيره وقال والقياس أنه لا يلزم من سافر سفر قصر أو إلى الميقات إن قلنا به كظاهر مذهب الشافعي وكلامهم يقتضي لزومه لأن اسم القران باق بعد السفر بخلاف التمتع انتهى.
وأما المتمتع فيجب الدم عليه بسبعة شروط.
أحدها ما ذكره المصنف هنا وهو إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام وهذا شرط في وجوبه إجماعا وفسر المصنف حاضري المسجد الحرام أنهم أهل مكة ومن كان منها دون مسافة القصر فظاهره أن ابتداء مسافة القصر من نفس مكة وهو اختيار بعض الأصحاب وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وصاحب التلخيص وقاله الإمام أحمد وهو ظاهر كلام بن منجا في شرحه.
وقيل أول مسافة القصر من آخر الحرم وهو المذهب وذكره بن هبيرة قول أحمد وجزم به في الهداية والمستوعب والرعايتين والحاويين وقدمه في الفروع.
فوائد
الأولى من له منزل قريب دون مسافة القصر ومنزل بعيد فوق مسافة القصر لم يلزمه دم على الصحيح من المذهب لأن بعض أهله من حاضري المسجد الحرام فلم يوجد الشرط وله أن يحرم من القريب واعتبر القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول إقامته أكثر بنفسه ثم بماله ثم ببنيه ثم الذي أحرم منه.
الثانية لو دخل آفاقي مكة متمتعا ناويا الإقامة بها بعد فراغ نسكه أو نواها
440

بعد فراغه منه فعليه دم على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وحكاه بن المنذر إجماعا وحكى وجها لا دم عليه.
الثالثة لو استوطن آفاقي مكة فهو من حاضري المسجد الحرام.
الرابعة لو استوطن مكي الشام أو غيرها ثم عاد مقيما متمتعا لزمه الدم على الصحيح من المذهب جزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في المجرد والفصول لا دم عليه كسفر غير مكي ثم عودة.
الشرط الثاني أن يعتمر في أشهر الحج قال الإمام أحمد عمرته في الشهر الذي أهل فيه والاعتبار عندنا بالشهر الذي أحرم فيه فلو أحرم بالعمرة في رمضان ثم حل في شوال لم يكن متمتعا نص عليه في رواية جماعة.
الشرط الثالث أن يحج من عامه.
الشرط الرابع أن لا يسافر بين العمرة والحج فإن سافر مسافة قصر فأكثر أطلقه جماعة منهم المصنف والشارح قال في الفروع ولعل مرادهم فأحرم فلا دم عليه نص عليه وجزم به بن عقيل في التذكرة وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين وقالا ولم يحرم به من ميقات أو يسافر سفر قصر وقال في الفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر والمنور ولا يحرم بالحج من الميقات فإن أحرم به من الميقات فلا دم عليه ونص عليه أحمد وقدمه في الرعاية الكبرى وحمله القاضي على أن بينه وبين مكة مسافة قصر وقال ابن عقيل هو رواية وقال في الترغيب والتلخيص إن سافر إليه فأحرم به فوجهان.
ونظير أثر الخلاف في قرن ميقات أهل نجد فإنه أقل ما تقصر فيه الصلاة أما ما عداه فإن بينهما وبين مكة مسافة قصر على ظاهر ما قاله الزركشي
441

في المواقيت وتقدم قول إن أقربها ذات عرق وقال في الفروع ويتوجه احتمال يلزمه دم وإن رجع.
الشرط الخامس أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج يحل أولا فإن أحرم به قبل حله منها صار قارنا.
الشرط السادس أن يحرم بالعمرة من الميقات ذكره أبو الفرج والحلواني وجزم به بن عقيل في التذكرة وقدمه في الفروع وقال القاضي وابن عقيل وجزم به في المستوعب والتلخيص والرعاية وغيرهم إن بقي بينه وبين مكة مسافة قصر فأحرم منه لم يلزمه دم المتعة لأنه من حاضري المسجد الحرام بل دم المجاوزة.
واختار المصنف والشارح وغيرهما أنه إذا أحرم بالعمرة من دون الميقات يلزمه دمان دم المتعة ودم الإحرام من دون الميقات لأنه لم يقم ولم ينوها به وليس بساكن وردوا ما قاله القاضي.
قال المصنف والشارح ولو أحرم الآفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامه فهو متمتع نص عليه وعليه دم قالا وفي نصه على هذه الصورة تنبيه على إيجاب الدم في الصورة الأولى بطريق الأولى.
الشرط السابع نية المتمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها قاله القاضي وأكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وقال ذكره القاضي وتبعه الأكثر.
قلت جزم به في الهداية والمبهج والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص.
قال في الرعاية الكبرى وينوي في الأصح وقال في الصغرى والحاويين وينوي في الأظهر وقيل لا تشترط نية التمتع اختاره المصنف والشارح وقدمه في المحرر والفائق.
442

فوائد
إحداها لا يعتبر وقوع التسكين عن واحد ذكره بعض الأصحاب منهم المصنف والمجد قاله الزركشي واقتصر عليه في الفروع فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو عكسه أو فعل ذلك عن اثنين كان عليه دم المتعة.
وقال في التلخيص في الشرط الثالث أن يكون النسكان عن شخص واحد إما عن نفسه أو عن غيره فإن كان عن شخصين فلا تمتع لأنه لم يختلف أصحابنا أنه لا بد من الإحرام بالنسك الثاني من الميقات إذا كان عن غير الأول.
والمصنف يخالف صاحب التلخيص في الأصلين اللذين بنى عليهما والمجد يوافقه في الأصل الثاني وظاهر كلامه
مخالفته في الأول.
الثانية لا تعتبر هذه الشروط في كونه متمتعا على الصحيح وقدمه في الفروع وقال معنى كلام الشيخ يعني به المصنف يعتبر وجزم به في الرعاية إلا الشرط السادس فإن المتعة تصح من المكي كغيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقل الجماعة عن أحمد كالإفراد ونقل المروذي ليس لأهل مكة متعة.
قال القاضي والمصنف والشارح وغيرهم معناه ليس عليهم دم متعة.
وقال الزركشي قلت قد يقال إن هذا من الإمام أحمد بناء على أن العمرة لا تجب عليهم فلا متعة عليهم أي الحج كافيهم لعدم وجوبها عليهم فلا حاجة إليها انتهى.
وذكر بن عقيل رواية لا تصح المتعة منهم قال ابن أبي موسى لا متعة لهم وأطلقهما في الفائق.
الثالثة لا يسقط دم التمتع والقران بإفساد نسكهما على الصحيح من المذهب نص عليه وعنه يسقط وأطلقهما في الحاويين وقال القاضي إن قلنا يلزم القارن للإفساد دمان سقط دم القران انتهى.
443

الرابعة لا يسقط دمهما أيضا بفواته على الصحيح من المذهب وعنه يسقط.
الخامسة إذا قضى القارن قارنا لزمه دمان لقرانه الأول دم ولقرانه الثاني آخر وفي دم فواته الروايتان المتقدمتان وقال المصنف يلزمه دمان دم لقرانه ودم لفواته وإذا قضى القارن مفردا لم يلزمه شيء لأنه أفضل جزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع وجزم غير واحد أنه يلزمه دم لقرانه الأول وفيه لفواته الروايتان وزاد في الفصول يلزمه دم ثالث لوجوب القضاء قال في الفروع كذا قال.
فإذا فرغ من قضى مفردا أحرم بالعمرة من الأبعد كمن فسد حجه وإلا لزمه دم وإذا قضى متمتعا فإذا تحلل من العمرة أحرم بالحج من الأبعد.
السادسة يلزم دم التمتع والقران بطلوع فجر يوم النحر على الصحيح من المذهب وجزم به القاضي في الخلاف ورد ما نقل عنه خلافه إليه وجزم به في البلغة وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والفروع والرعايتين والحاويين وعنه يلزم الدم إذا أحرم بالحج وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب وعنه يلزم الدم بالوقوف وذكره المصنف والشارح اختيار القاضي قال الزركشي ولعله في المجرد وأطلقها والتي قبلها في الكافي ولم يذكر غيرهما وكذا قال في المغني والشرح.
وقال ابن الزاغوني في الواضح يجب دم القران بالإحرام قال في الفروع كذا قال وعنه يلزم بإحرام العمرة لنية التمتع إذا قال في الفروع ويتوجه أن يبني عليها ما إذا مات بعد سبب الوجوب يخرج عنه من تركته.
وقال بعض الأصحاب فائدة الروايات إذا تعذر الدم وأراد الانتقال إلى الصوم فمتى يثبت العذر فيه الروايات.
445.
تنبيهان
444

أحدهما هذا الحكم المتقدم في لزوم الدم.
وأما وقت ذبحه فجزم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وغيرهم أنه لا يجوز ذبحه قبل وجوبه قال في الفروع وقال القاضي وأصحابه لا يجوز قبل فجر يوم النحر قال فظاهره يجوز إذا وجب لقوله * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) * فلو جاوز قبل يوم النحر لجاز الحلق لوجود الغاية قال وفيه نظر لأنه في المحصر وينبني على عموم المفهوم ولأنه لو جاز لنحره عليه أفضل الصلاة والسلام وصار كمن لا هدى معه وفيه نظر لأنه كان مفردا أو قارنا وكان له نية أو فعل الأفضل ولمنع التحلل بسوقه انتهى.
وقد جزم في المحرر والنظم والحاوي والفائق وغيرهم أن وقت دم المتعة والقران وقت ذبح الأضحية على ما يأتي في بابه.
واختار أبو الخطاب في الانتصار يجوز له نحره بإحرام العمرة وأنه أولى من الصوم لأنه بدل وحمل رواية بن منصور بذبحه يوم النحر على وجوبه يوم النحر.
ونقل أبو طالب إن قدم قبل العشر ومعه هدي ينحره لا يضيع أو يموت أو يسرق قال في الفروع وهذا ضعيف قال في الكافي وإن قدم قبل العشر نحره وإن قدم به في العشر لم ينحره حتى ينحره بمنى استدل بهذه الرواية واقتصر عليه.
الثاني هذا الحكم مع وجود الهدى لا مع عدمه.
ويأتي في كلام المصنف في أثناء باب الفدية.
445

قوله (ومن كان قارنا أو مفردا أحببنا له أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك).
اعلم أن فسخ القارن والمفرد حجهما إلى العمرة مستحب بشرطه نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة وعبر القاضي وأصحابه والمجد وغيرهم بالجواز وأرادوا فرض المسألة مع المخالف قاله في الفروع وهو من مفردات المذهب لكن المصنف هنا ذكر الفسخ بعد الطواف والسعي وقطع به الخرقي والمصنف في المغني والشارح وصاحب الفائق وقدمه الزركشي وقال هذا ظاهر الأحاديث.
وعن بن عقيل الطواف بنية العمرة هو الفسخ وبه حصل رفض الإحرام لا غير فهذا تحقيق الفسخ وما ينفسخ به.
قال الزركشي قلت وهذا جيد والأحاديث لا تأباه انتهى.
وقال في الهداية وتبعه في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو معنى كلام القاضي وغيره للقارن والمفرد أن يفسخا نسكهما إلى العمرة بشرط أن لا يكونا وقفا بعرفة ولا ساقا هديا فلم يفصحوا بوقت الفسخ بل ظاهر كلامهم جواز الفسخ سواء طافا وسعيا أو لا إذا لم يقفا بعرفة.
قال الزركشي ولا يغرنك كلام بن منجا فإنه قال ظاهر كلام المصنف أن الطواف والسعي شرط في استحباب الفسخ قال وليس الأمر كذلك لأن الأخبار تقتضي الفسخ قبل الطواف والسعي لأنه إذا طاف وسعى ثم فسخ يحتاج إلى طواف وسعي لأجل العمرة ولم يرد مثل ذلك.
قال ويمكن تأويل كلام المصنف على أن إذا ظرف لأحببنا له أن يفسخ وقت طوافه أي وقت جواز طوافه انتهى
كلام بن منجا وغفل عن كلام الخرقي
446

والمصنف في المغني والشارح وكلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهما لا يأبى ذلك.
قال الزركشي وليس في كلامهم ما يقتضي أنه يطوف طوافا ثانيا كما زعم بن منجا انتهى.
قلت قال في الكافي يسن لهما إذا لم يكن معهما هدي أن يفسخا نيتهما بالحج وينويا عمرة ويحلا من إحرامهما بطواف وسعي وتقصير ليصيرا متمتعين انتهى.
قال الزركشي وقول بن منجا إن الأخبار تقتضي الفسخ قبل الطواف والسعي ليس كذلك بل قد يقال إن ظاهرها إن الفسخ إنما هو بعد الطواف ويؤيده حديث جابر فإنه كالنص فإن الأمر بالفسخ إنما هو بعد طوافهم انتهى.
وقال في الفروع لهما أن يفسخا نيتهما بالحج زاد المصنف إذا طافا وسعيا فينويان بإحرامهما ذلك عمرة مفردة فإذا فرغا منها وحلا أحرما بالحج ليصيرا متمتعين.
وقال في الانتصار وعيون المسائل لو ادعى مدع وجوب الفسخ لم يبعد.
وقال الشيخ تقي الدين يجب على من اعتقد عدم مساغه نقله في الفائق.
قوله (إلا أن يكون قد ساق هديا فيكون على إحرامه).
هذا شرط في صحة فسخ القارن والمفرد حجهما إلى العمرة على الصحيح من المذهب ويأتي حكاية الخلاف بعد هذا.
ويشترط أيضا كونه لم يقف بعرفة قاله الأصحاب.
قوله (ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل).
هذا المذهب بلا ريب فعلى هذا يحرم بالحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما معا نص عليه.
447

نقل أبو طالب الهدي يمنعه من التحلل من جميع الأشياء في العشر وغيره وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحل كمن لم يهد وهو مقتضى ما نقله يوسف بن موسى قاله القاضي.
ونقل أبو طالب أيضا فيمن يعتمر قارنا أو متمتعا ومعه هدي له أن يقصر من شعر رأسه خاصة.
وعنه إن قدم قبل العشر نحر الهدي وحل.
ونقل يوسف بن موسى فيمن قدم متمتعا معه هدي إن قدم في شوال نحره وحل وعليه هدي آخر وإن قدم في العشر لم يحل فقيل له خبر معاوية فقال إنما حل بمقدار التقصير.
قال القاضي ظاهره يتحلل قبل العشر لأنه لا يطول إحرامه وقال المصنف يحتمل كلام الخرقي أن له التحلل وينحر هديه عند المروة.
ويأتي هذا أيضا في كلام المصنف في آخر باب دخول مكة.
فائدتان
إحداهما حيث صح الفسخ فإنه يلزمه دم على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وذكره القاضي في الخلاف وذكر المصنف عن القاضي أنه لا يلزم دم لعدم النية وجزم به في الرعاية الكبرى.
الثانية قال في المستوعب لا يستحب الإحرام بنية الفسخ قال في الرعاية الكبرى يكره ذلك واقتصر في الفروع على حكاية قولهما.
قوله (والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت قبل فوت الحج أحرمت بالحج وصارت قارنة نص عليه ولم تقض طواف القدوم).
448

وهذا بلا نزاع في ذلك كله وكذا الحكم لو خاف غيرها فوات الحج نص عليه ويجب دم القران وتسقط عنه العمرة نص عليه وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف واقتصر عليه في الفروع.
قوله (ومن أحرم مطلقا بأن نوى نفس الإحرام ولم يعين نسكا صح وله صرفه إلى ما شاء).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال الإمام أحمد يجعله عمرة وقال الإمام أحمد أيضا يجعله عمرة وقال القاضي يجعله عمرة إن كان في غير أشهر الحج.
وذكر غيره أنه أولى كابتداء إحرام الحج في غير أشهر الحج وقال في الرعاية إن شرطنا تعيين ما أحرم به بطل العقد المطلق قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإن أحرم بمثل ما أحرم به فلان انعقد إحرامه بمثله).
وكذا لو أحرم بما أحرم به فلان بلا خلاف فيهما نعلمه ثم إن علم ما أحرم به فلان انعقد مثله وكذا لو كان إحرام الأول مطلقا فحكمه حكم ما لو أحرم هو به مطلقا على ما تقدم.
قال في الفروع فظاهره لا يلزمه صرفه إلى ما يصرف إليه ولا إلى ما كان صرفه إليه وأطلق بعض الأصحاب احتمالين.
قال في الفروع وظاهر كلام الأصحاب يعمل بقوله لا بما وقع في نفسه.
ولو كان إحرام من أحرم بمثله فاسدا فقال في الفروع يتوجه الخلاف لنا فيما إذا نذر عبادة فاسدة هل تنعقد صحيحة أم لا على ما يأتي في النذر.
ولو جهل إحرام الأول فحكمه حكم من أحرم بنسك ونسيه على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
ولو شك هل أحرم الأول أو لا فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم
449

ما لو لم يحرم فيكون إحرامه مطلقا قال في الفروع هذا الأشهر وقال فظاهره ولو أعلم أنه لم يحرم لجزم بالإحرام بخلاف قوله إن كان محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما وقال في الكافي حكمه حكم من أحرم بنسك ونسيه وقدمه في الفروع والرعاية.
فائدة قوله وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد بإحداهما.
بلا نزاع قال في الفروع معللا لأن الزمان يصلح لواحدة فيصح به كتفريق الصفقة قال فدل على خلاف هنا
كأصله قال وهو متوجه بمعنى أنه لا يصح بواحدة منهما في قول وقال أيضا يتوجه الخلاف في انعقاده بهما.
قوله (وإن أحرم بنسك ونسيه جعله عمرة).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقله أبو داود وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والفائق وغيرهما قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقال القاضي يصرفه إلى أيهما شاء وهو رواية عن أحمد وقطع به جماعة وحمل القاضي نص أحمد على الاستحباب وقدمه في الشرح.
قلت وهو الصواب لأنه على كل تقدير جائز.
قال في المحرر ومن أحرم بنسك فأنسيه أو أحرم به مطلقا ثم عينه بتمتع أو إفراد أو قران جاز وسقط عنه فرضه إلا الناسي لنسكه إذا عينه بقران أو بتمتع وقد ساق الهدي فإنه يجزيه عن الحج دون العمرة وأطلق جماعة وجهين هل يجعله عمرة أو ما شاء.
فائدة لو عين المنسي بقران صح حجه ولا دم عليه على الصحيح وقيل يلزمه دم قران احتياطا وقيل وتصح عمرته بناء على إدخال العمرة على الحج لحاجة فيلزمه دم قران ولو عينه بتمتع فحكمه حكم فسخ الحج إلى العمرة ويلزمه دم المتعة ويجزيه عنهما.
450

ولو كان شكه بعد طواف العمرة جعله عمرة لامتناع إدخال الحج إذن لمن لا هدي معه فإذا سعى وحلق فمع بقاء وقت الوقوف يحرم بالحج ويتممه ويجزئه ويلزمه دم الحلق في غير وقته وإن كان حاجا وإلا قدم متعة.
ولو كان شكه بعد طواف العمرة وجعله حجا أو قرانا تحلل بفعل الحج ولم يجزه واحد منهما للنسك لأنه يحتمل أن المنسى عمرة فلا يصح إدخاله عليها بعد طوافها ويحتمل أنه حج فلا يصح إدخالها عليه ولا دم ولا قضاء للشك في سببهما.
فائدة قوله وإن أحرم عن رجلين وقع عن نفسه.
بلا نزاع وكذا لو أحرم عن نفسه وعن غيره.
قوله (وإن أحرم عن أحدهما لا بعينه وقع عن نفسه).
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم وهو من المفردات.
وقال أبو الخطاب يصرفه إلى أيهما شاء قال في الهداية وعندي له صرفه إلى أيهما شاء واختاره القاضي أيضا وأطلقهما في المحرر والفائق.
فعلى القول الثاني لو طاف شوطا أو سعى أو وقف بعرفة قبل جعله لأحدهما تعين جعله عن نفسه على الصحيح وقدمه في الفروع وعنه يبطل كذا قال في الرعاية ويضمن.
فائدة يؤدب من أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عام واحد لفعله محرما نص عليه فإن استنابه اثنان في عام في نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ونسبه أو تعذر معرفته فإن فرط أعاد الحج عنهما وإن فرط الموصى إليه بذلك غرم ذلك وإلا فمن تركه الموصيين إن كان النائب غير مستأجر لذلك وإلا لزماه.
وإن أحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح ولم يصح إحرامه للآخر بعد نص عليه.
451

قلت قد قيل إنه يمكن فعل حجتين في عام واحد بأن يقف بعرفة ثم يطوف للزيارة بعد نصف ليلة النحر بيسير ثم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع فجر ليلة النحر.
قوله (وإذا استوى على راحلته لبى).
يعني إذا استوت به راحلته قائمة وهذا أحد الأقوال قطع به جماعة منهم الخرقي والمصنف والشارح وقدمه في الفائق.
وقيل يستحب ابتداء التلبية عقب إحرامه وهو المذهب.
قال الزركشي المشهور في المذهب أن الأولى أن تكون التلبية حين يحرم وجزم به في التلخيص وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين.
ونقل حرب يلبي متى شاء ساعة يسلم وإن شاء بعد.
فائدتان
إحداهما التلبية سنة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل واجبة اختاره في الفائق.
الثانية يستحب أن يلبي عن أخرس ومريض نقله بن إبراهيم قال جماعة وعن مجنون ومغمى عليه زاد بعضهم ونائم.
وقد ذكر الأصحاب أن إشارة الأخرس المفهومة كنطقه.
قلت الصواب الذي لا شك فيه أن إشارة الأخرس بالتلبية تقوم مقام النطق بها حيث علمنا إرادته لذلك.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله لبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم إلى آخره.
أنه لا يزيد عليها وهو صحيح فلا تستحب الزيادة عليها ولكن لا يكره.
452

على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وقال ابن هبيرة في الإفصاح تكره الزيادة عليها وقيل له الزيادة بعد فراغها لا فيها.
الثاني ظاهر قوله ويستحب رفع الصوت بها.
الإطلاق فيدخل فيه لو أحرم من بلده لكن الأصحاب قيدوا ذلك بأنه لا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصارها والمنقول عن أحمد إذا أحرم من مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز.
فيكون كلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيدا بذلك.
وعند الشيخ تقي الدين لا يلبي بوقوفه بعرفة ومزدلفة لعدم نقله قال في الفروع كذا قال.
فائدتان
إحداهما قوله والدعاء بعدها.
يعني يستحب الدعاء بعد التلبية بلا نزاع ويستحب أيضا بعدها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانية لا يستحب تكرار التلبية في حالة واحدة قاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر وغيرهم من الأصحاب وقدمه في الفروع والفائق وقال له الأثرم ما شئ يفعله العامة يكبرون دبر الصلاة ثلاثا فتبسم وقال لا أدري من أين جاؤوا به قلت أليس يجزيه مرة قال بلى لأن المروي التلبية مطلقا.
وقال القاضي في الخلاف يستحب تكرارها في حالة واحدة لتلبيته بالعبادة.
وقال المصنف والشارح تكراره ثلاثا حسن فإن الله وتر يحب الوتر.
وقال في الرعاية يكره تكرارها في حالة واحدة قال في الفروع كذا قال.
453

قوله (ويلبي إذا علا نشزا أو هبط واديا وفي دبر الصلوات لمكتوبات وإقبال الليل والنهار وإذا التقت الرفاق).
بلا نزاع ويلبي أيضا إذا سمع ملبيا أو أتى محظورا ناسيا أو ركب دابة.
زاد في الرعاية أو نزل عنها وزاد في المستوعب وإذا رأى البيت.
قوله (ولا ترفع المرأة صوتها بالتلبية إلا بمقدار ما تسمع رفيقتها).
السنة أن لا ترفع صوتها حكاه بن المنذر إجماعا ويكره جهرها بها أكثر من إسماع رفيقتها على الصحيح من المذهب خوف الفتنة ومنعها في الواضح من ذلك ومن أذان أيضا هذا الحكم إذا قلنا إن صوتها ليس بعورة.
وإن قلنا هو عورة فإنها تمنع وظاهر كلام بعض الأصحاب أنها تقتصر على إسماع نفسها قال في الفروع وهو متجه وفي كلام أبي الخطاب والمصنف وصاحب المستوعب وجماعة لا تجهر إلا بقدر ما تسمع رفيقتها.
فوائد
الأولى لا تشرع التلبية بغير العربية لمن يقدر عليها قاله الأصحاب.
الثانية يستحب أن يذكر نسكه في التلبية على الصحيح من المذهب وقدمه المصنف والشارح ونصراه وقدمه في الفائق.
وقيل لا يستحب جزم به في الهداية والمستوعب وأطلقها في الفروع.
وقيل يستحب ذكره فيها أول مرة اختاره الآجري.
وحيث ذكره يستحب للقارن ذكر العمرة قبل الحج على الصحيح من المذهب نص عليه فيقول لبيك عمرة وحجا للحديث المتفق عليه.
وقال الآجري يذكر الحج قبل العمرة فيقول لبيك حجا وعمرة.
الثالثة لا بأس بالتلبية في طواف القدوم قاله الإمام أحمد وأصحابه.
وحكى المصنف عن أبي الخطاب لا يلبي لأنه مشتغل بذكر يخصه.
454

فعلى الأول قال الأصحاب لا يظهر التلبية في طواف القدوم قاله في الفروع وقال في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم لا يستحب إظهارها فيه.
ومعنى كلام القاضي يكره إظهارها فيه وصرح به المصنف والشارح.
وذكر في الرعاية وجها يسن إظهارها فيه.
وأما في السعي بعد طواف القدوم فقال في الفروع يتوجه أن حكمه كذلك وهو مراد أصحابنا.
الرابعة لا بأس أن يلبي الحلال ذكره المصنف وتبعه الشارح وغيره وقال في الفروع ويتوجه احتمال يكره لعدم نقله.
قال ويتوجه أن الكلام في أثناء التلبية ومخاطبته حتى بسلام ورده منه كالأذان انتهى.
قلت قال في المذهب يقطع التلبية فإن سلم عليه رد وبنى.
تنبيه هذه أحكام فعل التلبية أما وقت قطعها فيأتي في كلام المصنف في آخر باب دخول مكة فليعاود.
باب محظورات الإحرام.
قوله (وهي تسعة حلق الشعر وتقليم الأظفار).
يمنع من إزالة الشعر إجماعا وسواء كان من الرأس أو غيره من أجزاء البدن على الصحيح من المذهب.
وقال في المبهج إن أزال شعر الأنف لم يلزمه دم لعدم الترفه قال في الفروع كذا قال وظاهر كلام غيره خلافة وهو أظهر.
والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة أن تقليم الأظافر كحلق الشعر وحكاه بن المنذر إجماعا.
ووجه في الفروع احتمالا لا شيء في تقليم الأظفار وحكى المصنف ومن تبعه
455

رواية لا شيء فيها قال في الفروع وظاهره أن الرواية عن أحمد ولم أجده لغيره.
وعبارته في المغني في باب الفدية أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره وعليه الفدية بأخذها في قول أكثرهم حماد ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وروى عن عطاء وعنه لا فدية عليه لأن الشرع لم يرد فيه فدية انتهى.
هذا لفظه والظاهر أن قوله وعنه يعود إلى عطاء لا إلى الإمام أحمد لأنه لم يتقدم له ذكر نبه على ذلك بن نصر الله في حواشيه وهو كما قال.
قوله (فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم).
هذا المذهب قاله القاضي وغيره ونصره هو وأصحابه ونص عليه وجزم به في الوجيز والمحرر والإفادات والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق والشرح والخلاصة وغيرهم.
وعنه لا يجب الدم إلا في أربع شعرات فصاعدا.
نقلها جماعة واختاره الخرقي وقدمه في المغني والرعاية الصغرى والحاويين وجزم به في الطريق الأقرب قال الزركشي وهي الأشهر عنه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
وذكر بن أبي موسى رواية لا يجب الدم إلا في خمس فصاعدا واختاره أبو بكر في التنبيه قال في الفروع ولا وجه لها قال الزركشي وهي أضعفها وأطلقهن في التلخيص.
ووجه في الفروع احتمالا لا يجب الدم إلا فيما يماط به الأذى وهو مذهب مالك.
قال في الفائق والمختار تعلق الدم بمقدار ترفهه بإزالته.
قوله (وفيما دون ذلك في كل واحد مد من طعام).
هذا المذهب ونص عليه وعليه الأصحاب قال في الفروع وهو المذهب
456

عند الأصحاب قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وهو الذي ذكره الخرقي قال الزركشي هذا المشهور من الروايات والمختار لعامة الأصحاب الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى والقاضي وأصحابه وغيرهم انتهى.
وعنه قبضة.
لأنه لا تقدير فيه من الشارع قال في الفروع فدل على أن المراد يتصدق بشيء.
وعنه درهم وعنه نصف درهم وعنه درهم أو نصفه.
ذكرها أصحاب القاضي وخرجها القاضي من ليالي منى وهو قول في الرعاية وقدمه في المستوعب قال الزركشي ويلزم على تخريج القاضي أن يخرج أن لا شيء عليه وأن يجب دم كما جاء ذلك في ليالي منى.
ووجه في الفروع تخريجا يلزمه في كل شعرة أو ظفر ثلث دم وما هو ببعيد.
قوله (وإن حلق رأسه بإذنه فالفدية عليه).
يعني على المحلوق رأسه ولا شيء على الحالق وهذا المذهب وعليه الأصحاب وفي الفصول احتمال أن الضمان على الحالق إذا كان محرما كشعر الصيد قال في الفروع كذا قال.
فائدة لو حلق رأسه وهو ساكت ولم ينهه فقيل الفدية على المحلوق رأسه لأنه أمانة عنده كوديعة صححه في المذهب ومسبوك الذهب وتصحيح المحرر وجزم به الكافي.
قلت وهو الصواب وهو ظاهر المنور.
وقيل على الحالق كإتلافه ماله وهو ساكت وجزم به في الإفادات ومنتخب الآدمي وهو ظاهر كلام المصنف هنا وأطلقهما في المستوعب والمغني والتلخيص والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق.
457

قوله (وإن كان مكرها أو نائما فالفدية على الحالق).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقيل على المحلوق رأسه وذكر في الإرشاد وجها أن القرار على الحالق.
ووجه في الفروع احتمالا أنه لا فدية على واحد منهما لأنه لا دليل عليه.
ويأتي إذا أكره على الحلق وحلق بنفسه في كلام المصنف في آخر الفدية.
قوله (وإن حلق محرم رأس حلال فلا فدية عليه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الفصول احتمال يجب الضمان على المحرم الحالق.
فائدة لو طيب غيره فحكمه حكم الحالق على ما تقدم من الخلاف والتفصيل.
قلت لو قيل بوجوب الفدية على المطيب المحرم لكان متجها لأنه في الغالب لا يسلم من الرائحة بخلاف الحلق وفي كلام بعض الأصحاب أو ألبس غيره فكالحالق.
قوله (وقطع الشعر ونتفه كحلقه).
وكذا قطع بعض الظفر وهذا المذهب وعليه الأصحاب وخرج بن عقيل وجها يجب عليه بنسبته كأنملة إصبع وما هو ببعيد وجزم به بن عبدوس في تذكرته وهو احتمال لأبي حكيم ذكره عنه في المستوعب وذكره في الفائق وغيره قولا.
قوله (وشعر الرأس والبدن واحد).
هذا الصحيح من المذهب والروايتين واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح وقال هذا ظاهر المذهب وظاهر كلام الخرقي وجزم به في الهادي وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق.
وعنه لكل واحد حكم منفرد نقلها الجماعة عن أحمد واختارها القاضي
458

وابن عقيل وجماعة وجزم به في المبهج ونظم المفردات وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والمذهب ومسبوك الذهب والفروع.
وقال في المبهج إن أزال شعر الأنف لم يلزمه دم لعدم الترفه قال في الفروع كذا قال قال وظاهر كلام غيره خلافه وهو أظهر.
وتظهر فائدة الروايتين لو قطع من رأسه شعرتين ومن بدنه شعرتين فيجب الدم على المذهب ولا يجب على الرواية الثانية.
فائدة ذكر جماعة من الأصحاب أنه لو لبس أو تطيب في رأسه وبدنه أن فيه الروايتين المتقدمتين والمنصوص عن أحمد أن عليه فدية واحدة وجزم به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم وهو المذهب.
وذكر بن أبي موسى الروايتين في اللبس وتبعه في الرعايتين والحاويين وقدما أن عليه فدية واحدة.
قوله (وإن خرج في عينيه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينيه فقصه أو انكسر ظفره فقصه.
يعني قص ما احتاج إلى قصه).
أو قطع جلدا عليه شعر فلا فدية عليه.
وكذا لو افتصد فزال الشعر لأن التابع لا يضمن أو حجم أو احتجم ولم يقطع شعرا قال في الفروع ويتوجه في الفصد مثله.
والمذهب في ذلك كله أنه لا فدية عليه بفعل شيء من ذلك.
وقال الآجري إن انكسر ظفره فآذاه قطعه وفدى.
فوائد
الأولى لو حصل له أذى من غير الشعر كشدة حر وقروح وصداع أزاله وفدى كأكل صيد لضرورة.
459

الثانية يجوز له تخليل لحيته ولا فدية بقطعه بلا تعمد نقله بن إبراهيم وقدمه في الفروع.
والصحيح من المذهب أنه إن بان بمشط أو تخليل فدى قال الإمام أحمد إن خللها فسقط شعر أو كان ميتا فلا شيء عليه قاله في الفروع وجزم به المصنف والشارح وغيرهم.
الثالثة يجوز له حك رأسه وبدنه برفق نص عليه ما لم يقطع شعرا وقيل غير الجنب لا يحكهما بيديه ولا يحكهما بمشط ولا ظفر.
الرابعة يجوز غسله في حمام وغيره بلا تسريح وقال في الفروع ويتوجه قول إن ترك غطسه في الماء وتغييب رأسه أولى أو الجزم به.
الخامسة يجوز له غسل رأسه بسدر أو خطمى على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وصححه في الكافي وقدمه في الفروع.
وذكر جماعة يكره وجزم به صاحب المستوعب والمصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه.
وعنه يحرم ويفدي نقل صالح قد رجل شعره ولعله يقطعه من الغسل.
وعلى القول بالكراهة حكى صاحب المستوعب والمصنف وغيرهما في الفدية روايتين وقدموا مذهب الوجوب.
وقيل الروايتان على القول بتحريم ذلك فإن قلنا يحرم فدى وإلا فلا.
قلت وهو الصواب كالاستظلال بالمحمل على ما يأتي قريبا.
وقال الشيخ تقي الدين فيمن احتاج إلى قطعه بحجامة أو غسل لم يضره قال في الفروع كذا قال.
تنبيه قوله الثالث تغطية الرأس.
تقدم في باب السواك أن الصحيح من المذهب أن الأذنين من الرأس.
460

وأن ما فوقهما من البياض من الرأس على الصحيح وتقدم في باب الوضوء ما هو من الرأس وما هو من الوجه والخلاف في ذلك مستوفى فما كان من الرأس حرم تغطيته هنا وعليه الفدية.
قوله (فمتى غطاه بعمامة أو خرقة أو قرطاس فيه دواء أو غيره أو عصبة ولو بسير أو طينة بطين أو حناء أو غيره ولو بنورة فعليه الفدية).
فائدة فعل بعض المنهي عنه كفعله كله في التحريم.
قوله (وإن استظل بالمحمل ففيه روايتان).
وكذا ما في معناه كالهودج والعمارية والمحفة ونحو ذلك.
واعلم أن كلام المصنف يحتمل أن يكون في تحريم الاستظلال وفيه روايتان.
إحداهما يحرم وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي هذا المشهور عن أحمد والمختار لأكثر الأصحاب حتى إن القاضي في التعليق وفي غيره وابن الزاغوني وصاحب العقود والتلخيص وجماعة لا خلاف عندهم في ذلك.
قال في الفروع اختاره الأكثر وهو ظاهر ما قدمه.
والرواية الثانية يكره اختارها المصنف والشارح وقالا هي الظاهر عنه وجزم به بن رزين في شرحه وصاحب الوجيز وصححه في تصحيح المحرر.
قال القاضي موفق الدين هذا المشهور وأطلقهما في الكافي والمذهب الأحمد والمحرر والفروع وابن منجا في شرحه والرعايتين والحاويين.
وعنه يجوز من غير كراهة ذكرها في الفروع.
461

ويحتمل أن يكون كلام المصنف في وجوب الفدية بفعل ذلك وهو الظاهر لقوله قبل ذلك فمتى فعل كذا وكذا فعليه الفدية وإن استظل بالمحمل ففيه روايتان.
فسياقه يدل على ذلك وعليه شرح بن منجا وفيها روايات.
إحداها لا تجب الفدية بفعل ذلك واختاره المصنف وصححه في التصحيح وقدمه في الشرح قال ابن رزين في شرحه وهو أظهر قال في إدراك الغاية وتجريد العناية ولا يستظل بمحمل في رواية وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وهذا المذهب على ما اصطلحنا عليه في الخطبة.
والرواية الثانية تجب عليه الفدية بفعل ذلك قال في الفروع اختاره الأكثر وجزم به الخرقي وصاحب الإفادات وتذكرة بن عقيل وعقود بن البنا والإيضاح وصححه في الفصول والمبهج واختاره القاضي في التعليق وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة وأطلقهما في الكافي والهادي والمذهب الأحمد والمحرر ونهاية بن رزين.
والرواية الثالثة إن كثر الاستظلال وجبت الفدية وإلا فلا وهو المنصوص عن أحمد في رواية جماعة اختاره القاضي والزركشي وغيرهما وأطلقهن في المذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق.
تنبيه اختلف الأصحاب في محل الروايتين الأولتين فعند بن أبي موسى والمصنف في الكافي والمجد والشارح وابن منجا في شرحه أنهما مبنيتان على الروايتين في تحريم الاستظلال وعدمه فإن قلنا يحرم وجبت الفدية وإلا فلا وهي طريقة بن حمدان.
وعند القاضي وصاحب المبهج والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والفروع وغيرهم أنهما مبنيتان على القول بالتحريم في الاستظلال.
462

إذ لا جواز عندهم إلا أن القاضي يستثني اليسير فيبيحه ولا يوجب فيه فدية كما تقدم.
فوائد
إحداها وكذا الخلاف والحكم إذا استظل بثوب ونحوه نازلا وراكبا قاله القاضي وجماعة واقتصر عليه في الفروع.
الثانية لا أثر للقصد وعدمه فيما فيه فدية وفيما لا فدية فيه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال ابن عقيل إن قصد به الستر فدى مثل أن يقصد بحمل شيء على رأسه الستر.
الثالثة يجوز تلبيد رأسه بغسل أو صمغ ونحوه لئلا يدخله غبار أو دبيب ولا يصيبه شعث.
قوله (وإن حمل على رأسه شيئا أو نصب حياله ثوبا أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت فلا شيء عليه).
ولو قصد به الستر لم يستثن بن عقيل إذا حمل على رأسه شيئا وقصد الستر به مما تجب فيه الفدية.
قوله (وفي تغطية الوجه روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين والفروع والفائق.
إحداهما يباح ولا فدية عليه هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله في الفروع.
463

قلت منهم القاضي في تعليقه وجامعه وابن عقيل والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية والجواز أصح وصححه في الفصول والتصحيح وتمام أبي الحسين وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز وعقود بن البنا وغيرهما وهو ظاهر ما جزم به في العمدة والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب وتجريد العناية وغيرهم لاقتصارهم على المنع من تغطية الرأس وقدمه في الكافي وابن رزين في شرحه وإدراك الغاية.
والرواية الثانية لا يجوز وعليه الفدية بتغطيته نقلها الأكثر عن الإمام أحمد وقدمه في المبهج.
قوله (الرابع لبس المخيط والخفين إلا أن لا يجد إزارا فيلبس سراويل أو نعلين فيلبس خفين ولا يقطعهما ولا فدية عليه).
هذا المذهب نص عليه الإمام أحمد في رواية الجماعة وعليه الأصحاب وهو من المفردات.
وعنه إن لم يقطع الخفين إلى دون الكعبين فعليه الفدية.
قال الخطابي العجب من الإمام أحمد في هذا يعني في قوله بعدم القطع فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه.
وقلت سنة لم تبلغه.
قال الزركشي قلت والعجب كل العجب من الخطابي في توهمه عن أحمد مخالفة السنة أو خفاؤها وقد قال المروذي احتجيت على أبي عبد الله بقول بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقلت هو زيادة في الخبر فقال هذا حديث وذاك حديث.
فقد اطلع على السنة وإنما نظر نظرا لا ينظره إلا الفقهاء المتبصرون وهذا يدل على غايته في الفقه والنظر انتهى.
464

وفي الانتصار احتمال يلبس سراويل للعورة فقط.
ويأتي في أول جزاء الصيد إذا لبس مكرها.
تنبيه ظاهر قوله ولا يقطعهما.
أنه لا يجوز قطعهما وهو صحيح قال الإمام أحمد هو إفساد واحتج المصنف والشارح وغيرهما بالنهي عن إضاعة المال وقدمه في الفروع.
وجوز القطع أبو الخطاب وغيره وقاله القاضي وابن عقيل وأن فائدة التخصيص كراهته لغير إحرام.
قال المصنف والأولى قطعهما عملا بالحديث الصحيح وخروجا عن حالهما من غير قطع.
فوائد
الأولى الران كالخف فيما تقدم.
الثانية لو لبس مقطوعا دون الكعبين مع وجود نعل لم يجز وعليه الفدية على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع والفائق والمغني والشرح وقال القاضي وابن عقيل في مفرداته والمجد والشيخ تقي الدين يجوز له لبسه ولا فدية عليه لأنه ليس بخف.
فلبس اللالكة والجمجم ونحوهما يجوز على الثاني لا الأول وقال
465

المصنف والشارح وقياس قول الإمام أحمد في اللالكة والجمجم عدم لبسهما لا مع عدم النعلين.
الثالثة لو وجد نعلا لا يمكنه لبسها لبس الخف ولا فدية وقدمه في الفروع واختاره المصنف والشارح.
قلت وهو الصواب.
والمنصوص عن الإمام أحمد أن عليه الفدية بلبس الخف وقدمه في الرعايتين والحاويين.
قلت هذا المذهب.
الرابعة يباح النعل كيفما كانت على الصحيح من المذهب لإطلاق إباحتها وقدمه في الفروع.
وعنه تجب الفدية في عقب النعل أو قيدها وهو السير المعترض على الزمام وذكره في الإرشاد.
وقال القاضي مراده العريضين وصححه بعضهم لأنه معتاد فيها.
تنبيه شمل قوله لبس المخيط ما عمل على قدر العضو وهذا إجماع ولو كان درعا منسوجا أو لبدا معقودا ونحو ذلك قال جماعة بما عمل على قدره وقصد به.
وقال القاضي وغيره ولو كان غير معتاد كجورب في كف وخف في رأس فعليه الفدية.
فائدتان
الأولى لا يشترط في اللبس أن يكون كثيرا بل الكثير والقليل سواء.
قوله (ولا يعقد عليه منطقة ولا رداء ولا غيره).
نص عليه وليس له أن يحكمه بشوكة أو إبرة أو خيط ولا يزره في عروته ولا يغرزه في إزاره فإن فعل أثم وفدى.
466

الثانية يجوز شد وسطه بمنديل وحبل ونحوهما إذا لم يعقده قال الإمام أحمد في محرم حزم عمامته على وسطه لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض جزم به في المغني والشرح وقال الشيخ تقي الدين يجوز له شد وسطه بحبل وعمامة ونحوهما وبرداء لحاجة.
قوله (ولا يعقد عليه منطقة).
اعلم أن المنطقة لا تخلو إما أن تكون فيها نفقته أو لا فإن كان فيها نفقته فحكمها حكم الهميان على ما يأتي في كلام المصنف وإن لم يكن فيها نفقته فلا يخلو إما أن يلبسها لوجع أو لحاجة أو غيرهما فإن لبسها لوجع أو لحاجة
فالصحيح أنه يفدي وكذا لو لبسها لغير حاجة بطريق أولى.
وفي المستوعب والترغيب رواية أن المنطقة كالهميان اختاره الآجري وابن أبي موسى وابن حامد وذكر المصنف وغيره أن الفرق بينهما النفقة وعدمها وإلا فهما سواء قال في الفروع وهو أظهر.
قوله (إلا إزاره وهميانه الذي فيه نفقته إذا لم يثبت إلا بالعقد).
أما الإزار إذا لم يثبت إلا بالعقد فله أن يعقده بلا نزاع.
وأما الهميان فله أيضا أن يعقده إذا لم يثبت إلا بالعقد إذا كانت نفقته فيه.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وفي روضة الفقه لبعض الأصحاب ولم يعلم من هو مصنفها لا يعقد سيور الهميان وقيل لا بأس احتياطا على النفقة.
قوله (وإن طرح على كتفيه قباء فعليه الفدية).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والهداية وغيرهم قال في الفروع اختاره الأكثر.
قلت منهم القاضي في خلافه وأبو الخطاب والمجد.
467

وقال الخرقي لا فدية عليه إلا أن يدخل يديه في الكمين وهو رواية عن أحمد صححها في التلخيص والترغيب والخلاصة ورجحه المصنف في المغني والشارح وغيرهما وجزم به في المبهج وقدمه في المستوعب وأطلقهما في الفائق.
وقال في المذهب ومسبوك الذهب إذا طرح القباء على كتفيه ولم يدخل يديه في الكمين فليس عليه شيء وجها واحدا وإن أدخل يديه ففي الفدية وجهان.
قلت وهو ضعيف ولم أره لغيره ولعله سها.
وقال في الواضح أن أدخل إحدى يديه فدى.
تنبيه مفهوم قوله ويتقلد بالسيف عند الضرورة.
أنه لا يتقلد به عند عدمها وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقدمه في الفروع والشرح والفائق وغيرهم وقطع به كثير منهم.
وعنه يتقلد به لغير ضرورة اختاره بن الزاغوني.
قال في الفروع ويتوجه أن المراد في غير مكة لأن حمل السلاح فيها لا يجوز إلا لحاجة نقل الأثرم لا يتقلد بمكة إلا لخوف وإنما منع منه لأنه في معنى اللبس عنده وقال المصنف في المغني والقياس إباحته من غير ضرورة لأن ذلك ليس في معنى الملبوس المنصوص على تحريمه.
قال في الفروع كذا قال فظاهره أنه يباح عنده في الحرم انتهى.
قلت الذي يظهر أن المصنف ما أراد ذلك وإنما أراد جواز التقلد به للمحرم من غير ضرورة في الجملة أما المنع من ذلك في مكة فله موضع غير هذا وكذا بن الزاغوني وكذا الرواية.
فائدة الخنثى المشكل إن لبس المخيط أو غطى وجهه وجسده لم يلزمه فدية للشك وإن غطى وجهه ورأسه فدى لأنه إما رجل أو امرأة قدمه في
468

الفروع وقال أبو بكر يغطي رأسه ويفدي وذكره أحمد عن بن المبارك ولم يخالفه وجزم به في الرعايتين والحاويين.
قوله (الخامس شم الأدهان المطيبة والأدهان بها).
يحرم الإدهان بدهن مطيب وتجب به الفدية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وذكر في الواضح رواية لا فدية بذلك.
ويأتي قريبا حكم الأدهان غير المطيبة.
قوله (وأكل ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه).
إذا أكل ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه فدى ولو كان مطبوخا أو مسته النار بلا نزاع أعلمه وإن كانت رائحته ذهبت وبقي طعمه فالمذهب كما قال المصنف يحرم وعليه الفدية نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال في الفروع اختاره الأكثر.
وقيل لا فدية عليه وهو ظاهر كلام الخرقي.
ويأتي إذا اشترى طيبا وحمله وقلبه ولم يقصد شمه عند قوله وإن جلس عند العطار.
قوله (وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده فلا فدية عليه).
بلا نزاع كمسك غير مسحوق وقطع كافور وعنبر ونحوه ومفهومه أنه إذا علق بيده أن عليه الفدية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب كغالية وماء ورد.
وقيل أو جهل ذلك كمسك مسحوق قاله في الرعاية.
ويأتي في باب الفدية قبل قوله وإن رفض إحرامه لو مس طيبا يظنه يابسا فبان رطبا هل تجب عليه الفدية أم لا.
469

فائدة قوله وله شم العود والفواكه والشيح والخزامى.
بلا نزاع وكذا كل نبات الصحراء وما ينبته الآدمي لا لقصد الطيب كالحناء والعصفر وكذا القرنفل والدارصيني ونحوها.
قوله (وفي شم الريحان والنرجس والورد والبنفسج والبرم ونحوها والادهان بدهن غير مطيب في رأسه روايتان).
شمل كلام المصنف شيئين أحدهما الادهان بدهن غير مطيب والثاني شم ما عدا ذلك مما ذكره ونحوه وهو ينقسم إلى قسمين.
أحدهما ما ينبته الآدمي للطيب ولا يتخذ منه طيب كالريحان الفارسي والنمام والبرم والنرجس والمرزجوش ونحوها فالصحيح من المذهب أنه يباح شمه ولا فدية فيه قال في الفروع اختاره الأصحاب وقدمه بن رزين وإدراك الغاية وجزم به في الإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وعقود بن البنا.
والرواية الثانية يحرم شمه وفيه الفدية وصححه في النظم وصحح في التصحيح أنه لا شيء في شم الريحان وأوجب الفدية في شم النرجس والبرم وهو غريب أعني التفرقة بين الريحان وغيره وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والشرح والفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق والمذهب الأحمد والزركشي.
وذكر القاضي وغيره أنه يحتمل أن المذهب رواية واحدة لا فدية فيه وأن قول أحمد ليس من آلة المحرم للكراهية.
وذكر القاضي أيضا رواية أخرى أنه يحرم شم ما نبت بنفسه فقط.
القسم الثاني ما ينبت للطيب ويتخذ منه طيب كالورد والبنفسج
470

والخيري وهو المنثور واللينوفر والياسمين وهو الذي يتخذ منه الزنبق فالصحيح من المذهب أنه يحرم شمه وعليه الفدية إن شمه اختاره القاضي والمصنف والشارح قال في الفروع وهو أظهر كماء الورد وصححه في النظم والتصحيح والكافي وقدمه بن رزين وجزم به في الوجيز وابن البنا في عقوده.
والرواية الثانية أنه يباح شمه ولا فدية فيه وجزم به في الإفادات والمنور والمنتخب وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق والمذهب الأحمد والزركشي.
تنبيهان
الأول مراده بالريحان الريحان الفارسي صرح به الأصحاب وقال في إدراك الغاية وله شم ريحان وعنه بري.
الثاني تابع المصنف أبا الخطاب في حكاية الروايتين في جميع ذلك وتابع أبا الخطاب أيضا صاحب المذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمذهب الأحمد والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
وحكى المصنف في الكافي في الريحان الفارسي الروايتين ثم قال وفي سائر النبات الطيب الرائحة الذي لا يتخذ منه طيب وجهان قياسا على الريحان.
وقدم بن رزين أن جميع القسمين فيه وجهان في الريحان وغيره ثم قال وقيل في الجميع الروايتان انتهى.
فتلخص للأصحاب في حكاية الخلاف ثلاث طرق.
فائدة الريحان وغيره نحوه كأصله على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وفي الفصول احتمال بالمنع كماء ورد وقال في الفروع ويتوجه عليه انتهى.
أما الإدهان بدهن لا طيب فيه كالزيت والشيرج ودهن البان الساذج
471

ونحوها فالصحيح من المذهب والروايتين جواز ذلك ولا فدية فيه نص عليه وصححه في التصحيح والرعاية الكبرى وجزم به في المبهج والإفادات والوجيز والمنور ونظم المفردات وغيرهم.
قال ناظم المفردات.
أو يدهن في رأسه بالشيرج * أو زيت المنصوص لا من خرج.
وقدمه في الفروع والمحرر وصححه بن البنا في عقوده.
والرواية الثانية عدم الجواز فإن فعل فعليه الفدية قال في الفروع ذكر القاضي أنه اختيار الخرقي.
قلت قال الخرقي في مختصره لا يدهن بما فيه طيب ولا ما لا طيب فيه فعطفه على ما فيه الفدية والظاهر التساوي ويأتي في التنبيه الثالث.
قال القاضي هذه الرواية نص الروايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والترغيب والرعاية الصغرى والنظم والحاويين والفائق وابن منجا في شرحه والشرح ولكن إنما حكى الخلاف في التحريم وعدمه لا في وجوب الفدية.
تنبيهات
الأول شمل قول المصنف الادهان بدهن غير مطيب الزيت والشيرج والسمن والشحم والبان الساذج وذكره جماعة كثيرة واقتصر القاضي وابن عقيل على الزيت والشيرج وذكر جماعة أن السمن كالزيت.
الثاني ظاهر قوله في رأسه أن الخلاف مخصوص بالرأس فقط وفي غيره يجوز وهو اختيار المصنف في المغني والشارح وتبعهما بن منجا وناظم المفردات كما تقدم.
قال في الفروع فكان ينبغي أن يقول والوجه ولهذا قال بعض أصحابنا
472

في دهن شعره فلم يخص الرأس وقال القاضي وغيره الروايتان في رأسه ويديه.
قلت وعلى هذا الأكثر كالمصنف في الكافي وصاحب الرعايتين والحاويين والفائق والمحرر والتلخيص والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم قال الزركشي هذه طريقة الأكثرين.
قلت ورد النص عن أحمد بالمنع في الرأس فلذلك اقتصر عليه المصنف ومن أجرى الخلاف في جميع البدن نظر إلى تعليل الإمام أحمد بالشعث وهو موجود في البدن وفي الرأس أكثر.
الثالث حيث قلنا بالتحريم فإن الفدية تجب على ظاهر كلام الأصحاب قاله الزركشي قال وكذلك قال القاضي في تعليقه إنه ظاهر كلام أحمد لأنه منع منه واختيار الخرقي انتهى.
قلت جزم به في الفروع.
ولم يوجب المصنف الفدية على كلا الروايتين وقال هو ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم به في الشرح والحاويين.
وقد ذكر ذلك القاضي أيضا في تعليقه لكنه جعل المنع من أحمد بمعنى الكراهة من غير فدية.
قوله (وإن جلس عند العطار أو في موضع ليشم الطيب فشمه).
مثل من قصد الكعبة حال تجميرها فعليه الفدية وإلا فمتى قصد شم الطيب حرم عليه وعليه الفدية إذا شم وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وحكى القاضي في التعليق وأبو الخطاب في الانتصار عن بن حامد يباح ذلك.
فائدتان
إحداهما يجوز لمشتري الطيب حمله ونقله إذا لم يشمه ولو ظهر ريحه لأنه
473

لم يقصد الطيب ولا يمكن لتحرز منه ذكره بن عقيل والمصنف والشارح وابن رزين وغيرهم وقدمه في الفروع وقال ويتوجه ولو علق بيده لعدم القصد ولحاجة التجارة وعن بن عقيل إن حمله مع ظهور ريحه لم يجز وإلا جاز ونقل بن القاسم لا يصلح للعطار يحمله للتجارة إلا ما لا ريح له.
الثانية لو لبس أو تطيب أو غطى رأسه جاهلا فقال في الفروع يتوجه أن يكون كالأكل في الصوم جاهلا وقد قال القاضي لخصمه يجب أن يقول ذلك.
قوله (السادس قتل الصيد واصطياده وهو ما كان وحشيا مأكولا).
وهذا في قتله الجزاء إجماعا مع تحريمه إلا أن في بقر الوحش رواية لا جزاء فيها على ما يأتي ويأتي إذا قتل الصيد مكرها أو ناسيا في باب الفدية.
قوله (أو متولدا منه ومن غيره).
شمل قسمين قسم متولد بين وحشي وأهلي وقسم متولد بين وحشي وغير مأكول وكلاهما يحرم قتله قولا واحدا وعليه الجزاء على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال في الرعاية الكبرى ما أكل أبواه فدي وحرم قتله وكذا ما أكل أحد أبويه دونه وقيل لا يفدي كمحرم الأبوين انتهى وفي الفروع هنا سهو في النقل من الرعاية.
تنبيه يأتي حكم غير الوحشي وما هو مختلف فيه عند قوله ولا تأثير للحرم ولا للإحرام في تحريم حيوان انتهى.
فائدة قوله ويضمن ما دل عليه أو أشار إليه.
هذا المذهب مطلقا نقله بن منصور وابن إبراهيم وأبو الحارث في الدال ونقله عبد الله في المشير ونقله أبو طالب في المشير وفي الذي يغير وعليه أكثر
474

الأصحاب وقال في المبهج إن كانت الدلالة له ملجئة لزمه الجزاء للمحرم كقوله دخل الصيد في هذه المفازة وإن كانت غير ملجئة لم يلزمه كقوله ذهب إلى تلك البرية لأنه لا يضمن بالسبب مع المباشرة إذا لم يكن ملجئا لوجوب الضمان على القاتل والدافع دون الممسك والحافر.
وقال في الفائق والمختار تحريم الدلالة والإشارة دون لزوم الضمان بهما.
وقال أبو حكيم في شرحه إذا أمسك المحرم صيدا حتى قتله الحلال لزمه الجزاء ويرجع به على الحلال.
قال في المستوعب هذا محمول على أنه لم يمسكه ليقتله بل أمسكه للتملك فقتله الحلال بغير إذنه فيرجع عليه بالجزاء لأنه ألجأه على الضمان بقتله.
فوائد
إحداها لا ضمان على دال ومشير إذا كان قد رآه من يريد صيده قبل ذلك وكذا لو وجد من المحرم عند رؤية الصيد ضحك أو استشراف ففطن له غيره فصاده أو أعاره آلة لغير الصيد فاستعملها فيه.
قال في الفروع وظاهر ما سبق لو دله فكذبه لم يضمن.
الثانية لا يحرم دلالة على طيب ولباس ذكره القاضي وابن شهاب وغيرهما واقتصر عليه في الفروع لأنه لا يضمن بالسبب ولأنه لا يتعلق بهما حكم مختص والدلالة على الصيد يتعلق بها حكم مخصوص وهو مختص وهو تحريم الأكل والإثم.
الثالثة لو نصب شبكة ثم أحرم أو أحرم ثم حفر بئرا بحق كداره أو للمسلمين بطريق واسع لم يضمن ما تلف بذلك وإلا ضمن كالآدمي إذا تلف في هذه المسألة وأطلق في الانتصار ضمانه وأنه لا تجب به كفارة قتل.
قال في الفروع ومراد من أطلق من أصحابنا والله أعلم إذا لم يتحيل فالمذهب رواية واحدة وإذا يتحيل فالخلاف قال وعدمه أشهر وأظهر.
475

وقال في الفصول في أواخر الحج في دبق قبل إحرامه لا يضمن به بل بعده كنصب أحبولة وحفر بئر ورمى اعتبارا بحالة النصب والرمي ويحتمل الضمان اعتبارا بحال الإصابة.
وقال أيضا يتصدق من آذاه أو أفزعه بحسب أذيته استحسانا.
قال وتقريبه كلبا من مكان الصيد جناية كتقريبه الصيد من مهلكة.
قوله (إلا أن يكون القاتل محرما فيكون جزاؤه بينهما).
يعني إذا كان القاتل محرما والمتسبب في قتله محرما فجزم المصنف هنا أن الجزاء بينهما وهو المذهب وإحدى الروايات اختارها بن حامد والمصنف والشارح وجزم به في الإرشاد والهداية ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز وابن منجا في شرحه وقدمه في الكافي وصححه وهو من المفردات.
والرواية الثانية على كل واحد جزاء اختارها أبو بكر وحكاهما في المذهب وجهين وأطلقهما.
والرواية الثالثة عليهما جزاء واحد إلا أن يكون صوما فعلى كل واحد صوم تام.
ولو أهدى واحد وصام الآخر فعلى المهدي بحصته وعلى الصائم صوم تام.
نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد الجماعة ونصرها القاضي وأصحابه وقال الحلواني عليها الأكثر وقدمها في المبهج وقال هي أظهر.
وقيل لا جزاء على محرم ممسك مع محرم قاتل.
قال في الفروع فيؤخذ من هذا لا يلزم متسببا مع مباشر قال ولعله أظهر لا سيما إذا أمسكه ليملكه فقتل محل انتهى.
وقيل القرار على القاتل لأنه هو جعل فعل الممسك علة قال في الفروع:
476

وهذا متوجه وجزم بن شهاب أن الإجزاء على الممسك لتأكده وأن عليه المال قال في الفروع كذا قال.
ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في آخر باب جزاء الصيد عند قوله وإن اشترك جماعة في قتل صيد.
فوائد
الأولى وكذا الحكم والخلاف لو كان الشريك سبعا فإن سبق حلال أو سبع فجرحه أحدهما ثم قتله المحرم فعليه جزاؤه مجروحا وإن سبق هو فجرحه وقتله أحدهما فعلى المحرم أرش جرحه فلو كانا محرمين ضمن الجارح نقصه وضمن القاتل قيمة الجزاء.
ولو جرح المحل والمحرم معا قيل على المحرم بقسطه اختاره أبو الخطاب في خلافه وقدمه بن رزين في شرحه وقيل عليه جزاء كامل جزم به القاضي أبو الحسين والشارح وأطلقهما الزركشي والمصنف في المغني.
الثانية لو كان الدال والشريك لا ضمان عليه كالمحل مع المحرم فالجزاء جميعه على المحرم على الصحيح من المذهب قال في الفروع في الأشهر وجزم به في المغني والشرح ونصراه وقالا هذا ظاهر قول أحمد وجزم به في المبهج قال ابن البنا نص عليه.
قال في الفروع والمنقول عن أحمد إطلاق القول ولم يبين.
قال القاضي فيحتمل أن يريد به جميعه ويحتمل بحصته.
وذكر بعضهم وجهين لأنه اجتمع موجب ومسقط فغلب الإيجاب قال في القاعدة الثامنة والعشرين قال القاضي في المجرد مقتضى الفقه عندي أنه يلزمه نصف الجزاء.
الثالثة لو دل حلال حلالا على صيد في الحرم فهي كما لو دل محرم محرما على صيد قاله ناظم المفردات وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
477

وقدمه في الفروع وقال جماعة لا ضمان على دال في حل بل على المدلول وحده كحلال دل محرما.
ويأتي ذلك في أول باب صيد الحرم.
قوله (ويحرم عليه الأكل من ذلك كله وأكل ما صيد لأجله).
يحرم على المحرم الأكل من كل صيد صاده أو ذبحه إجماعا وكذا إن دل محرم حلالا عليه فقتله أو أعانه أو أشار إليه ويحرم عليه ما صيد لأجله على الصحيح من المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وعليه الأصحاب وعليه الجزاء إن أكله وإن أكل بعضه ضمنه بمثله من اللحم وفي الإنتصار احتمال بجواز أكل ما صيد لأجله.
فائدتان
إحداهما ما حرم على المحرم بدلالة أو إعانة أو صيد له لا يحرم على محرم غيره على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقيل يحرم.
الثانية لو قتل المحرم صيدا ثم أكله ضمنه لقتله لا لأكله نص عليه وكذا إن حرم عليه بالدلالة والإعانة عليه أو الإشارة فأكل منه لم يضمن للأكل لأنه صيد مضمون بالجزاء مرة فلم يجب به جزاء ثان كما لو أتلفه وهذا المذهب وجزم به الأكثر وقال في الغنية عليه الجزاء.
تنبيه دخل في قوله ولا يحرم عليه الأكل من غير ذلك.
لو ذبح محل صيدا لغيره من المحرمين فإنه يحرم على المذبوح له ولا يحرم على غيره من المحرمين على الصحيح من المذهب وجزم به في التلخيص وغيره.
وقيل يحرم عليه أيضا وأطلقهما في القاعدة الثانية بعد المائة.
قوله (وإن أتلف بيض صيد أو نقله إلى موضع آخر ففسد فعليه ضمانه بقيمته).
إذا أتلف بيض صيد بفعله أو بنقل ونحوه فحكمه حكم الصيد على ما تقدم.
478

تنبيه ظاهر قوله فعليه ضمانه بقيمته أنه إذا لم يكن له قيمة كالمذر لا شيء عليه فيه ولو كان فيه فرخ ميت وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب لكن يستثنى من المذر بيض النعام فإن الأصحاب قالوا لقشر بيضة قيمة.
وعنه لا شيء في قشره أيضا اختاره المصنف والشارح.
وقال الحلواني في الموجز إن تصور وتخلق الفرخ في بيضته ففيه ما في جنين صيد سقط بالضربة ميتا انتهى.
وإن كسر بيضة فخرج منها فرخ فعاش فلا شيء فيه على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح.
وقال ابن عقيل يحتمل أن يضمنه إلا أن يحفظه من الخارج إلى أن ينهض فيطير ويحتمل أن لا يضمنه لأنه لم يجعله غير ممتنع بعد أن كان متمنعا بل تركه على صفته انتهى.
ويأتي إذا قتل حاملا فألقت جنينها ميتا في جزاء الصيد.
قوله (ولا يملك الصيد بغير الإرث).
لا يملك الصيد ابتداء بشراء ولا باتهاب ولا باصطياد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية ولا يملك صيدا باصطياده بحال ولا بشراء ولا باتهاب في الأصح فيهما فحكى وجها بصحة الملك بالشراء والاتهاب.
وقال في الفروع وفي الرعاية يملك بشراء أو اتهاب والظاهر أنه سقط لفظ قول.
فعلى المذهب لو قبضه ثم تلف فعليه جزاؤه وعليه قيمة المعين لمالكه وقال في الرعاية لا شيء لواهبه انتهى.
479

وعلى المذهب أيضا لو قبضه رهنا فتلف فعليه جزاؤه فقط وإن لم يتلف فعليه رده فإن أرسله فعليه ضمانه لمالكه وليس عليه جزاء ويرد المبيع ولا يرسله.
قال المصنف ويحتمل أن يلزمه إرساله وجزم به في الرعاية.
ويرد الموهوب على واهبه على الصحيح كالمبيع فإن تلف بعد رده فهدر وقبل الرد من ضمانه.
ولا يتوكل لمحرم خرج به إلى الحل في بيع الصيد ولا شرائه فلو خالف لم يصح عقده.
ولا يسترد المحرم الصيد الذي باعه وهو حلال بخيار ولا عيب في ثمنه ولا غير ذلك لأنه ابتداء ملك وإن رده المشتري عليه بخيار أو عيب فله ذلك ويلزم المحرم إرساله.
وأما ملكه بالإرث فالصحيح من المذهب أنه يملكه به وعليه جماهير الأصحاب وقيل لا يملكه به أيضا.
فعليه يكون أحق به فيملكه إذا حل وأطلقهما في القاعدة الخمسين والمحرر والرعاية وغيرهم.
قوله (وإن أمسك صيدا حتى تحلل ثم تلف أو ذبحه ضمنه وكان ميتة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا أبا الخطاب فإنه قال له أكله ويضمن كما قاله المصنف وأطلقهما في المحرر.
فوائد
الأولى وكذا الحكم لو أمسك صيد الحرم وخرج به إلى الحل.
الثانية لو جلب الصيد بعد إخراجه إلى الحل أو بعد حله ضمنه
480

بقيمته وهل يحرم أم لا لأن تحريم الصيد لعارض ففيه احتمالان في الفنون.
قلت الأولى تحريمه كأصله قال في الفروع فيتوجه مثله بيضه.
الثالثة لو ذبح المحرم صيدا أو قتله فهو ميتة نص عليه وعليه الأصحاب فيحرم أكله على المحرم والحلال.
الرابعة لو ذبح محل صيد حرم فكالمحرم.
ويأتي إذا اضطر إلى أكل صيد فذبحه هل هو ميتة أو يحل بذبحه عند قول المصنف ومن اضطر إلى أكل الصيد فله أكله.
الخامسة لو كسر محرم بيض صيد حرم عليه أكله ويباح أكله للحلال على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع لأن حله له لا يقف على كسره ولا يعتبر له أهليته فلو كسره مجوسي أو بغير تسمية حل وقال القاضي يحرم على الحلال أيضا كالصيد لأن كسره جرى مجرى الذبح بدليل حله للمحرم بكسر الحلال له وتحريمه عليه بكسر المحرم.
وقال في الرعاية يحرم عليه ما كسره وقيل وعلى حلال ومحرم.
قوله (وإن أحرم وفي يده صيد أو دخل الحرم بصيد لزمه إزالة يده المشاهدة دون الحكمية عنه).
إذا أحرم وفي يده صيد لزمه إزالة يده المشاهدة مثل ما إذا كان في قبضته أو خيمته أو رحله أو قفصه أو مربوطا بحبل معه ونحوه وملكه باق عليه فيرده من أخذه ويضمنه من قتله دون الحكمية مثل أن يكون في بيته أو بلده أو في يد نائب له أو في غير مكانه وملكه باق عليه أيضا ولا يضمنه إن تلف وله التصرف فيه بالبيع والهبة وغيرهما ومن غصبه لزمه رده وهذا المذهب فيهما وعليه الأصحاب وقال في الفروع وجزم في الرعاية لا يصح نقل ملكه عما بيده المشاهدة قال فيه نظر انتهى.
481

قلت لم أجد ذلك في الرعايتين بل صرح في الكبرى بالجواز فقال ومن أحرم أو دخل الحرم وله صيد أو ملكه بعد لم يزل ملكه عنه وإن كان بيده ابتداء أو دواما أو معه في قفص أو حبل أرسله وملكه فيه باق وله بيعه وهبته بشرطهما انتهى.
وقال في عيون المسائل إن أحرم وعنده صيد زال ملكه عنه لأنه لا يجوز ابتداء ملكه والنكاح يراد للاستدامة والبقاء فلهذا لا يزول قال في الفروع كذا قال.
وأما إذا دخل الحرم بصيد فالمذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة أنه يلزمه إزالة يده عنه وإرساله فإن أتلفه أو تلف ضمنه كما قال المصنف كصيد الحل في الحرم وقال في الفروع ويتوجه أنه لا يلزمه إرساله وله ذبحه ونقل الملك فيه لأن الشارع إنما نهى عن تنفير صيد مكة ولم يبين مثل هذا الحكم الخفي مع كثرة وقوعه والصحابة مختلفون وقياسه على الإحرام فيه نظر لأنه آكد لتحريمه ما لا يحرمه.
قوله (فإن لم يفعل فتلف ضمنه).
إذا أحرم وفي ملكه صيد وهو في يده المشاهدة لزمه إرساله فإن لم يفعل حتى تلف فجزم المصنف هنا أنه يضمن مطلقا وهو أحد الوجهين وجزم به في الوجيز وابن منجا في شرحه وهو تخريج لابن عقيل وهو ظاهر ما جزم به الناظم كالمصنف.
والوجه الثاني إن أمكنه إرساله فلم يرسله حتى تلف ضمنه وإلا فلا لعدم تفريطه وهذا المذهب وعليه الأصحاب قاله في الفروع ونص أحمد على التفرقة بين اليدين وجزم به في المغني والشرح والقواعد الفقهية وشرح بن رزين وقدمه في الفصول ويحتمله كلام المصنف هنا أيضا وأطلقهما في الفروع.
وأما إذا ملك الصيد في الحل ودخل به في الحرم ولم يرسله حتى أتلفه
482

أو تلف في يده فإنه يضمنه قولا واحدا عند الأصحاب ونقله الجماعة كما تقدم.
فائدة لو أمسك صيدا في الإحرام لزمه إرساله فإن مات قبل إرساله ضمنه مطلقا قولا واحدا.
قوله (وإن أرسله إنسان من يده قهرا فلا ضمان على المرسل).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع وعند أبي حنيفة يضمنه لأن ملكه محترم فلا يبطل بإحرامه وقوى أدلته ومال إليها وقال بعد ذلك يظهر أن قول أبي حنيفة متوجه.
قلت قطع بذلك في المبهج فقال في فصل جزاء الصيد فإن كان في يده صيد قبل الإحرام ثم أحرم فأرسله من يده غيره بغير إذنه لزمه ضمانه سواء كان المرسل حلالا أو محرما انتهى.
ونقل هذا في القاعدة السادسة والتسعين ثم قال اللهم إلا أن يكون المرسل حاكما أو ولي صبي فلا ضمان للولاية.
ثم قال هذا كله بناء على قولنا يجب إرساله وإلحاقه بالوحشي وهو المنصوص.
أما إن قلنا يجوز له نقل يده عنه إلى غيره بإعارة أو إيداع كما قاله القاضي في المجرد وابن عقيل في باب العارية فالضمان واجب بغير إشكال انتهى.
فائدة لو أمسكه حتى حل فملكه باق عليه على الصحيح من المذهب وقاله القاضي وغيره من الأصحاب وجزم به في المغني وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في الكافي يرسله بعد حله كما لو صاده وهو محرم وجزم به في الرعاية الكبرى قال في الفروع كذا قال.
قوله (وإن قتل صيدا صائلا عليه دفعا عن نفسه لم يضمنه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاله القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد
483

وقياس قوله وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم ولا فرق بين أن يخشي منه التلف أو مضرة كجرحه أو إتلاف ماله أو بعض حيوانه قاله الأصحاب وقال أبو بكر في التنبيه عليه الجزاء.
قوله (أو بتخليصه من سبع أو شبكة ليطلقه لم يضمنه إذا تلف).
يعني إذا فكه بسبب تخليصه من سبع أو شبكة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في الأشهر وقيل يضمنه.
ويأتي في باب الغصب إذا حال حيوان بينه وبين ماله وقتله هل يضمنه أم لا ويأتي في كلام المصنف إذا أتلف بعض الصيد أو جرحه.
قوله (ولا تأثير للحرم ولا للإحرام في تحريم حيوان إنسي ولا محرم الأكل).
ذكر المصنف هنا شيئين.
أحدهما الحيوان الإنسي.
والثاني الحيوان المحرم أكله.
فأما الحيوان الإنسي فلا يحرم على المحرم ولا في الحرم إجماعا لكن الاعتبار في الوحشي والأهلي بأصله فالحمام الوحشي وإن تأهل نص عليه ففيه الجزاء كالمتوحش قطع به الأصحاب والصحيح من المذهب أن البط كالحمام فهو وحشي وإن تأهل قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال الزركشي المصحح وجوب الجزاء وعنه لا يضمنه إذا كان أهليا لأنه مألوف بأصل الخلقة قال في الفروع كذا قالوا.
وأطلق بعض الأصحاب في الدجاج روايتين وخصهما بن أبي موسى ومن
484

تابعه في دجاج السندي وصحح المصنف والشارح أن الدجاج السندي وحشي كالحمام وأطلق في الفائق في دجاج السندي والبط الروايتين وقدم في الرعايتين والحاويين أن في الدجاج الأهلي الجزاء.
قلت هذا مشكل جدا وربما كان مخالفا للإجماع والاعتبار في الأهلي بأصله فلو توحش بقر أو غيره فهو أهلي.
قال الإمام أحمد في بقرة توحشت لا شيء فيها.
والصحيح من المذهب أن الجواميس أهلية مطلقا ذكره القاضي وغيره وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال في الرعاية وما توحش من إنسي أو تأنس من وحشي فليس صيدا.
وقيل ما توحش من إنسي فهو على الإباحة لربه ولغيره وما تأنس من وحشي فكما لو لم يستأنس وقيل ما تلف من وحشي لم يحل وفيه الجزاء ولو توحش إنسي لم يحرم انتهى.
وأما محرم الأكل فالصحيح من المذهب أنه لا جزاء في قتله إلا ما سبق من المتولد وما يأتي في القمل وعليه أكثر الأصحاب من حيث الجملة.
قال الإمام أحمد لا فدية في الضفدع وقال في الإرشاد فيه حكومة وقدمه في الرعايتين والحاويين ونقله عبد الله.
قال في المستوعب لا أعرف له وجها وقال ابن عقيل في القملة لقمة أو تمرة إذا لم تؤذه.
قال المصنف والشارح ويتخرج مثل ذلك في النحلة وفي أم حسين وجه يضمنها بجدي اختاره بعض الأصحاب.
قال المصنف والشارح وهو خلاف القياس وأم حسين هي الحرباء قال في الفروع وهي دابة معروفة مثل أم عرس وابن آوى.
485

قال المصنف والشارح هي دابة منتفخة البطن.
قال في الفروع فيتوجه مثله في كل محرم لم يؤمر بقتله انتهى.
وفي السنور الأهلي وجه أن فيه الجزاء ويأتي الكلام على الثعلب والسنور الأهلي والهدهد والقرد ونحوها في باب جزاء الصيد.
قوله (إلا القمل في رواية إذا قتله المحرم).
اعلم أن في جواز قتل القمل وصئبانه للمحرم روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي والمغني والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وشرح بن منجا.
إحداهما يباح قتلها كالبراغيث جزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وصححه في التصحيح والخلاصة والنظم فلا تفريع عليها.
والرواية الثانية لا يباح قتلها كالبراغيث وهي صحيحة من المذهب وهي ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي هي أنصر الروايتين واختيار الخرقي وجزم به في الإفادات وقدمه في الفروع وشرح بن رزين والزركشي والمحرر.
فعلى المذهب هل يجب عليه في قتلها جزاء فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والزركشي والكافي.
إحداهما لا جزاء عليه وهي المذهب قال في العمدة لا شيء فيما حرم أكله إلا المتولد وقدمه في المغني والشرح وابن رزين وصححه في النظم فلا تفريع عليها.
والثانية عليه جزاء وقال في المحرر إن حرم قتله ففيه الفدية وإلا فلا وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم.
فعليها أي شيء تصدق به كان خيرا منه كما جزم به المصنف وجزم به
486

في المغني والشرح والفائق والفروع والزركشي والمحرر والرعاية وغيرهم.
وقال في المذهب إذا قلنا لا يباح قتله وكان قد جعل في رأسه زئبقا قبل الإحرام ثم يقع فيها بعد الإحرام صيد على ما تقدم.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الروايتين في تحريم قتل القمل لا فرق فيهما بين قتله ورميه أو قتله بالزئبق ونحوه من رأسه وبدنه وثوبه ظاهره وباطنه وهو اختيار المصنف والشارح وجزم به بن رزين وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقيل رميه من غير ظاهر ثوبه كقتله وقال في المذهب إذا قلنا لا يباح قتله وكان قد جعل في رأسه زئبقا قبل الإحرام فتلف الإحرام لم يضمن انتهى.
قلت هذا يفتي من نصب الأحبولة قبل الإحرام ثم يقع فيها بعد الإحرام صيد ما تقدم وأطلقهما في الفروع.
وقال القاضي وابن عقيل إنما الروايتان فيما إذا أزاله من شعره وبدنه وباطن ثوبه ويجوز من ظاهره نقله عنهما في الفروع.
وحكى المصنف والشارح أن الروايتين فيما أزاله من شعره أما ما ألقاه من ظاهر بدنه وثوبه فلا شيء فيه رواية واحدة انتهيا.
قال الزركشي قال القاضي في الروايتين وموضع الروايتين إذا ألقاها من شعر رأسه أو بدنه أو لحمه أما إن ألقاها من ظاهر بدنه أو ثيابه أو بدن محل أو محرم غيره فهو جائز ولا شيء عليه رواية واحدة.
فائدة يجوز قتل البراغيث مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقال في الفروع ظاهر تعليق القاضي أن البراغيث كالقمل قال وهو متوجه وجزم في الرعاية في موضع لا يقتل البراغيث ولا البعوض وذكره
487

في موضع آخر قولا وزاد ولا قرادا وقال الشيخ تقي الدين إن قرصه ذلك قتله مجانا وإلا فلا يقتله.
تنبيه مفهوم قوله إلا القمل إذا قتله المحرم أنه لا يحرم قتله في الحرم وهو صحيح فيباح بلا نزاع بين الأصحاب.
فوائد
يستحب قتل كل مؤذ من حيوان وطير جزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال هو مراد من أباحه انتهى.
فمنه الفواسق الخمسة وهي الغراب الأسود والأبقع وقيل المراد في الحديث الأبقع قاله الزركشي والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور والأسود البهيم وفي مسلم والحية أيضا وفيه يقتلن في الحرم والإحرام وفيه أنه عليه أفضل الصلاة والسلام أمر محرما بقتل حية في منى فنص من كل جنس على أدناه تنبيها والتنبيه مقدم على المفهوم إن كان وللدارقطني يقتل المحرم الذئب.
نقل حنبل يقتل المحرم الكلب العقور والذئب والسبع وكل ما عدا من السباع.
ونقل أبو الحارث يقتل السبع عدا أو لم يعد انتهى.
ومما يقتل أيضا النمر والفهد وكل جارح كنسر وبازي وصقر وباشق وشاهين وعقاب ونحوها وذباب ووزغ وعلق وطبوع وبق وبعوض ذكره صاحب المستوعب والمصنف والشارح وغيرهم.
ونقل حنبل يقتل القرد والنسر والعقاب إذا وثب ولا كفارة.
وقال قوم لا يباح مثل غراب البين قال في الفروع ولعله ظاهر المستوعب فإنه مثل بالغراب الأبقع فقط.
488

فإن قتل شيئا من هذه الأشياء من غير أن يعدو عليه فلا كفارة عليه ولا ينبغي له.
وما لا يؤذي بطبعه لا جزاء فيه كالرخم والبوم ونحوهما قال بعض الأصحاب ويجوز قتله منهم الناظم.
وقيل يكره وجزم به في المحرر وغيره وقيل يحرم.
نقل أبو داود ويقتل كل ما يؤذيه.
وللأصحاب وجهان في نمل ونحوه وجزم في المستوعب يكره قتله من غير أذى وذكر منها الذباب قال في الفروع والتحريم أظهر للنهي.
ونقل حنبل لا بأس بقتل الذر.
ونقل مهنا ويقتل النملة إذا عضته والنحلة إذا آذته.
واختار الشيخ تقي الدين لا يجوز قتل نحل ولو بأخذ كل عسله وقال هو وغيره إن لم يندفع نحل إلا بقتله جاز.
قال الإمام أحمد يدخن للزنابير إذا خشي أذاهم هو أحب إلي من تحريقها والنمل إذا آذاه يقتله.
فائدتان
إحداهما قوله ولا يحرم صيد البحر على المحرم.
هذا إجماع واعلم أن البحر الملح والأنهار والعيون سواء.
والثانية ما يعيش في البر والبحر كالسلحفاة والسرطان ونحوهما كالسمك على الصحيح من المذهب جزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ونقل عبد الله عليه الجزاء.
قال في الفروع ولعل المراد أن ما يعيش في البر له حكمه وما يعيش في البحر له حكمه وأما طير الماء فبري بلا نزاع لأنه يفرخ ويبيض في البر.
489

قوله (وفي إباحته في الحرم روايتان).
وأطلقهما في الفروع والفائق وشرح بن منجا والزركشي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص.
وقال في الفروع أيضا في أحكام صيد المدينة وفي صيد السمك في الحرمين روايتان وقد سبقتا.
إحداهما لا يباح صححه في التصحيح والشرح والشيخ تقي الدين في منسكه وقدمه في المغني وشرح بن رزين.
قال في الوجيز ويحرم صيد الحرم مطلقا وهو ظاهر كلام الخرقي.
والثانية يباح جزم به في المنور والإفادات وهو ظاهر كلام بن أبي موسى وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين قال في الفصول وهو اختياري وصححه الناظم.
قوله (ويضمن الجراد بقيمته).
الصحيح من المذهب أن الجراد إذا قتل يضمن جزم به في الوجيز والإفادات والمنور قال ابن منجا هذا المذهب قال في تجريد العناية يضمن على الأظهر وقدمه في الفروع والكافي والمبهج وصححه في النظم وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه لا يضمن الجراد وقدمه في الرعايتين والحاويين وشرح بن رزين وجزم به في نهاية بن رزين ونظمها وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والفائق والشرح والزركشي.
فعلى المذهب يضمنه بقيمته كما قال المصنف على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والشرح وابن منجا في شرحه وغيرهم.
490

وعنه يتصدق بتمرة عن كل جرادة وجزم به في الإرشاد والمبهج وقدمه في الفصول.
قال القاضي هذه الرواية تقويم لا تقدير فتكون المسألة رواية واحدة.
قوله (فإن انفرش في طريقه فقتله بالمشي عليه ففي الجزاء وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والشرح والحاويين والرعايتين والفروع
والفائق وشرح بن منجا.
أحدهما عليه الجزاء وجزم به في الوجيز وصححه في التصحيح.
والثاني لا جزاء عليه قال الناظم.
ويفدى جراد في الأصح بقيمة * ولو في طريق دسته بمبعد.
قال في الفصول وهذا أصح وقدمه بن رزين في شرحه.
فائدة حكم بيض الطير إذا أتلفه لحاجة كالمشي عليه حكم الجراد إذا افترش في طريقه قاله المصنف وصاحب الفروع وغيرهما.
قوله (ومن اضطر إلى أكل الصيد فله أكله).
وهذا بلا نزاع بين الأصحاب لكن إذا ذبحه فهو كالميتة لا يحل أكله إلا لمن يجوز له أكل الميتة أو يحل بالذبح.
قال القاضي هو ميتة واحتج بقول أحمد كل ما اصطاده المحرم وقتله فإنما هو قبل قتله قال في الفروع كذا قال القاضي قال ويتوجه حله لحل أكله انتهى.
قوله (وعليه الفداء).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل لا فداء عليه والحالة هذه وحكى عن أبي بكر قاله الزركشي.
491

تنبيه يأتي في آخر كتاب الأطعمة في كلام المصنف لو اضطر للأكل ووجد ميتة وصيدا وهو محرم أو في الحرم.
وأما إذا احتاج إلى فعل شيء من هذه المحظورات مثل أن احتاج إلى حلق شعره لمرض أو قمل أو غيره أو إلى تغطية رأسه أو لبس المخيط ونحو ذلك وفعله فعليه الفدية بلا خلاف أعلمه.
ويجوز تقديم الفدية بعد وجود العذر وقبل فعل المحظور.
فائدة لو كان بالمحرم شيء لا يجب أن يطلع عليه أحد جاز له اللبس وعليه الفداء نص عليه.
قلت فيعايى بها.
وتقدم إذا دل على طيب أو لباس عند عقد الدلالة على الصيد.
قوله (السابع عقد النكاح لا يصح منه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة وسواء زوج غيره أو تزوج محرمة أو غيرها وليا كان أو وكيلا.
وعنه إن زوج المحرم غيره صح سواء كان وليا أو وكيلا اختاره أبو بكر كما لو حلق المحرم رأس حلال قاله الزركشي.
فعلى المذهب الاعتبار بحالة العقد فلو وكل محرم حلالا فعقده بعد حله صح على الصحيح من المذهب وقيل لا يصح.
ولو وكل حلال حلالا فعقده بعد أن أحرم لم يصح على الصحيح من المذهب وقيل يصح.
ولو وكله ثم أحرم لم ينعزل وكيله على الصحيح من المذهب وقيل ينعزل.
فعلى المذهب لو حل الموكل كان لوكيله عقده في الأقيس قاله في الرعاية والفروع.
492

فلو قال عقده قبل إحرامي قبل قوله وكذا لو قال عقده بعد إحرامي لأنه يملك فسخه فيملك إقراره ولكن يلزمه نصف المهر.
ويصح العقد مع جهلهما وقوعه لأن الظاهر من المسلمين تعاطي الصحيح.
فائدتان
إحداهما لو قال الزوج تزوجتك بعد أن أحللت فقالت بل وأنا محرمة صدق الزوج وتصدق هي في نظيرتها في العدة لأنها مؤتمنة ذكره بن شهاب وغيره.
الثانية لو أحرم الإمام منع من التزويج لنفسه وتزويج أقاربه وأما بالولاية العامة فقال القاضي في التعليق لم يجز له أن يزوج وإنما يزوج خلفاؤه ثم سلمه لأنه يجوز بولاية الحكم ما لا يجوز بولاية النسب.
وذكر بن عقيل احتمالين في عدم تزويجه وجوازه للحرج لأن الحكام إنما يزوجون بإذنه وولايته واختار الجواز لحله حال ولايته والاستدامة أقوى لأن الإمامة لا تبطل بفسق طرأ.
واقتصر في المغني والشرح على حكاية كلام بن عقيل.
وذكر بعض الأصحاب أن نائبه إذا أحرم مثل الإمام.
قلت قال ابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب للإمام الأعظم ونائبه أن يزوج وهو محرم بالولاية العامة على ظاهر المذهب انتهى.
قلت وظاهر كلام كثير من الأصحاب عدم الصحة منهما.
قوله (وفي الرجعة روايتان).
يعني في إباحتها وصحتها وأطلقهما في الإرشاد والهداية والمبهج ومسبوك الذهب والمستوعب ذكره في باب الرجعة والحاويين وناظم المفردات والمحرر.
493

إحداهما تباح وتصح وهو المذهب اختارها الخرقي والقاضي في كتاب الروايتين والمصنف والشارح وصححه في الهداية والمستوعب هنا والتلخيص والبلغة والرعاية الكبرى والتصحيح وتصحيح المحرر والفائق.
قال ناظم المفردات عليها الجمهور وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب والإفادات وقدمه في الكافي والرعاية الصغرى.
والرواية الثانية المنع وعدم الصحة نقلها الجماعة عن أحمد ونصرها القاضي وأصحابه قال ابن عقيل لا تصح على المشهور قال في الإيضاح وهي أصح ونصرها في المبهج قال الزركشي هي الأشهر عن أحمد.
فوائد
الأولى تكره خطبة المحرم كخطبة العقد وشهوده على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل يحرم ذلك لتحريم دواعي الجماع وأطلق أبو الفرج الشيرازي تحريم الخطبة.
الثانية تكره الشهادة فيه على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل تحرم وقدمه القاضي واحتج بنقل حنبل لا يخطب قال ومعناه لا يشهد النكاح ثم سلمه وقال في الرعاية وغيرها يكره لمحل خطبة محرمة وأن في كراهة شهادته فيه وجهان قال في الفروع كذا قال.
الثالثة يصح شراء الأمة للوطء وغيره قال المصنف لا أعلم فيه خلافا.
الرابعة يجوز اختيار من أسلم على أكثر من أربع نسوة لبعضهن في حال إحرامه على الصحيح من المذهب قدمه في المغني والشرح ونصراه وابن رزين وقال القاضي لا يختار والحالة هذه.
ويأتي ذلك في باب نكاح الكفار فإنه محله.
494

قوله (الثامن الجماع في الفرج قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره فمتى فعل ذلك قبل التحلل الأول فسد نسكه).
هذا المذهب قولا واحدا وعليه أكثر الأصحاب إلا أن بعضهم خرج عدم الفساد بوطء البهيمة من عدم الحد بوطئها وأطلق الحلواني وجهين.
أحدهما لا يفسد وعليه شاة وأطلق في مسبوك الذهب في فساد النسك بوطء البهيمة وجهين وقال في المذهب وإذا وطئ بهيمة فكالوطء في غيرها في أصح الوجهين.
وتقدم إذا أحرم حال وطئه في أول باب الإحرام.
قوله (عامدا كان أو ساهيا).
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن الساهي في فعل ذلك كالعامد وقطع به كثير منهم وكذا الجاهل والمكره قاله المصنف وغيره ونقله الجماعة في الجاهل.
وذكر في الفصول رواية لا يفسد حج الناسي والجاهل والمكره ونحوهم.
وخرجها القاضي في كتاب الروايتين واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق ومال إليه في الفروع وقال هذا متجه ورد أدلة الأصحاب وقال فيه نظر.
وقال في الروضة المكرهة لا يفسد حجها وعليها بدنة.
ويأتي في كلام المصنف ما يجب بالوطء في باب الفدية في آخر الضرب الثاني وبعده إذا وطئ عامدا أو مخطئا.
قوله (وعليهما المضي في فاسده).
حكمه حكم الإحرام الصحيح نقلها الجماعة وعليه الأصحاب وقال في رواية بن إبراهيم أحب إلي أن يعتمر من التنعيم يعني يجعل الحج عمرة ولا يقيم على حجة فاسدة وهو مذهب مالك.
495

قوله (والقضاء على الفور إن كان ما أفسده حجا واجبا).
بلا نزاع في وجوب القضاء وتجزئه الحجة من قابل وإن كان الذي أفسده تطوعا فالمنصوص عن الإمام أحمد وجوب القضاء وعليه الأصحاب وقطعوا به قال في الفروع والمراد وجوب إتمامه لا وجوبه في نفسه لقولهم إن تطوع فيثاب عليه ثواب نفل.
وفي الهداية والانتصار وعيون المسائل رواية لا يلزم القضاء قال المجد لا أحسبها إلا سهوا.
قوله (والقضاء على الفور من حيث أحرما أولا).
إن كانا أحرما قبل الميقات أو من الميقات أحرما في القضاء من الموضع الذي أحرما منه أولا وإن كانا أحرما من دون الميقات أحرما من الميقات وهذا بلا نزاع ونص عليه الإمام أحمد وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه أن يحرم من الميقات مطلقا ومال إليه.
قوله (ونفقة المرأة في القضاء عليها إن طاوعت).
بلا نزاع وإن أكرهت فعلى الزوج.
وهو المذهب ولو طلقها نقل الأثرم على الزوج حملها ولو طلقها وتزوجت بغيره ويجبر الزوج الثاني على إرسالها إن امتنع.
ويأتي في باب الفدية في آخر الضرب الثاني وجوب فدية الوطء على المرأة في الحج والعمرة.
قوله (ويتفرقان في القضاء من الموضع الذي أصابها فيه إلى أن يحلا).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم قال في الفروع هذا ظاهر المذهب.
496

وعنه يتفرقان من الموضع الذي يحرمان منه.
قوله (وهل هو واجب أو مستحب على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والهادي والمستوعب والتلخيص والشرح والفائق وشرح بن منجا.
أحدهما يستحب وهو المذهب قال في الشرح وهو أولى وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين واختاره بن عبدوس في تذكرته.
والوجه الثاني أن ذلك واجب جزم به أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
تنبيهان
أحدهما معنى التفرق أن لا يركب معها في محمل ولا ينزل معها في فسطاط ونحو ذلك قال الإمام أحمد يتفرقان في النزول والفسطاط والمحمل ولكن يكون بقربها انتهى وذلك ليراعي أحوالها فإنه محرمها.
الثاني ظاهر كلام المصنف أن زوجها الذي وطئها يجوز ويصلح أن يكون محرما لها في حجة القضاء وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع وقد ذكر المصنف والشارح وابن منجا في شرحه يكون بقربها ليراعي أحوالها لأنه محرمها ونقل محمد بن الحكم يعتبر أن يكون معها محرم غير الزوج.
قلت فيعايى بها.
فوائد
الأولى حكم العمرة حكم الحج في فسادها بالوطء قبل الفراغ من السعي ووجوب المضي في فسادها ووجوب القضاء وغيره فإن كان مكيا أو حصل بها مجاورا أحرم للقضاء من الحل سواء أحرم بها منه أو من الحرم.
497

وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى فيها وأتمها فقال الإمام أحمد يخرج إلى الميقات فيحرم منه بعمرة فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم فإذا فرغ من الحج أحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدي لما أفسد من عمرته وهذا المذهب وجزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع.
ونقل أبو طالب والميموني فإذا فرغ منها أحرم من ذي الحليفة بعمرة مكان ما أفسد قال القاضي ومن تبعه تفريعا على رواية المروذي إن دم المتعة والقران يسقط بالإفساد فقال إن أهل بعمرة للقضاء فهل هو متمتع إن أنشأ سفر قصر فمتمتع وإلا فلا على ظاهر نقل بن إبراهيم إذا أنشأ سفر قصر فمتمتع.
ونقل بن إبراهيم رواية أخرى تقتضي إن بلغ الميقات فمتمتع فقال لا تكون متعة حتى يخرج إلى ميقاته.
الثانية قضاء العبد كنذره والصحيح من المذهب أنه يصح في حال رقه لأنه وجب عليه بإيجابه قال في الفروع هذا أشهر وقيل لا يصح وأطلقهما في الفروع وتقدم ذلك في كتاب المناسك في أحكام العبد.
وإن كان الذي أفسده مأذونا فيه قضى متى قدر نقله أبو طالب ولم يملك منعه منه لأن إذنه فيه إذن في موجبه ومقتضاه.
وإن كان غير مأذون فيه ملك السيد منعه على الصحيح من المذهب لتفويت حقه وقيل لا يملكه لوجوبه وتقدم أيضا هناك.
وإن أعتق قبل القضاء انصرف إلى حجة الإسلام على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل عندي لا يصح.
الثالثة يلزم الصبي القضاء على الصحيح من المذهب إذا أفسده نص عليه لأنه يلزمه البدنة والمضي في فاسده كبالغ.
وقيل لا يلزمه القضاء لعدم تكليفه وحكاه القاضي في تعليقه احتمالا.
498

فعلى المذهب يكون القضاء بعد بلوغه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يصح قبل بلوغه وصححه القاضي في خلافه.
الرابعة يكفي العبد والصبي حجة الإسلام والقضاء إن كفت أو صحت كالأولى على الصحيح من المذهب وخالف بن عقيل.
وتقدم ذلك مع أحكام العبد بأتم من هذا في أول كتاب الحج فليعاود.
الخامسة لو أفسد القضاء لزمه قضاء الواجب الأول لا القضاء.
قوله (وإن جامع بعد التحلل الأول لم يفسد حجه).
هذا المذهب سواء كان مفردا أو قارنا وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه أن حجه يفسد إن بقي إحرامه وفسد بوطئه.
وذكر أبو بكر في التنبيه أن من وطئ في الحج قبل الطواف فسد حجه وحمله بعضهم على ما قبل التحلل الأول.
قال في المستوعب عن كلام أبي بكر يريد إذا لم يكن رمى جمرة العقبة فلا يكون قبل التحلل الأول وقال في الرعايتين والحاويين وإن جامع قبل تحلله الأول وقيل قبل جمرة العقبة ويأتي في صفة الحج بم يحصل التحلل الأول.
فائدة هل يكون بعد التحلل الأول محرما ذكر القاضي وغيره أنه يكون محرما لبقاء تحريم الوطء المنافي وجوده صحة الإحرام.
وقال القاضي أيضا لإطلاق المحرم على من حرم عليه الكل.
وقال ابن عقيل في الفنون يبطل إحرامه على احتمال وقال في مفرداته هو محرم لوجوب الدم.
وذكر المصنف في المغني هنا وتبعه في الشرح أنه محرم وقال في مسألة ما يباح بالتحلل الأول نمنع أنه محرم وإنما ننفي بعض أحكام الإحرام.
ونقل بن منصور والميموني ومحمد بن الحكم فيمن وطئ بعد الرمي
499

ينتقض إحرامه قال الزركشي لو وطئ بعد الطواف وقبل الرمي فظاهر كلام جماعة أنه كالأول ولأبي محمد في موضع في لزوم الدم احتمالان وجزم في مواضع أخر بلزوم الدم تبعا للأصحاب.
قوله (ويمضي إلى التنعيم فيحرم ليطوف وهو محرم).
اعلم أن المذهب أن الوطء بعد التحلل الأول يفسد الإحرام قولا واحدا ويلزمه أن يحرم من الحل ليجمع بين الحل والحرم ليطوف في إحرام صحيح لأنه ركن الحج كالوقوف وهذا ظاهر كلام الخرقي واختاره المصنف والشارح وغيره وجزم به في الوجيز والفائق وقاله القاضي في المجرد وقدمه في الفروع واختاره الشيخ تقي الدين وقال سواء أبعد أو لا ومعناه كلام غيره قاله في الفروع وقال المصنف والشارح ومن تابعهما والمنصوص عن أحمد أنه يعتمر فيحتمل أنه أراد هذا المعنى يعني ما تقدم وسماه عمرة لأن هذا أفعال العمرة.
ويحتمل أنه أراد عمرة حقيقة فيلزم سعي وتقصير قالوا والأول أصح.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا يعتمر مطلقا وعليه نصوص أحمد وجزم به القاضي في الخلاف وابن عقيل في مفرداته وابن الجوزي في كتاب أسباب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمبهج.
قال أبو الخطاب في رؤوس المسائل يأتي بعمل عمرة وبالطواف والسعي وبقية أفعال الحج.
قوله (وهل يلزمه بدنة أو شاة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والفروع والزركشي.
إحداهما يلزمه بدنة جزم به في الوجيز والمنتخب والإفادات والقاضي والموفق في شرح مناسك المقنع ونصره وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق والنظم.
500

والرواية الثانية يلزمه شاة وهي المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح قال في عقود بن البنا والخلاصة يلزمه دم وجزم به في الإرشاد والإيضاح والمنور والكافي والعمدة وشرحها وقدمه في المغني والشرح ونصراه وصححه القاضي في كتاب الروايتين.
فائدتان
إحداهما لو طاف للزيارة ولم يرم ثم وطئ فقدم في المغني والشرح أنه لا يلزمه إحرام من الحل ولا دم عليه
لوجود أركان الحج ويحتمل أن يلزمه قال في الفروع وظاهر كلام جماعة كما سبق.
الثانية العمرة كالحج فيما تقدم وتفسد قبل فراغ الطواف وكذا قبل سعيها إن قلنا هو ركن أو واجب وقال في الترغيب إن وطئ قبل السعي خرج على الروايتين في كونه ركنا أو غيره انتهى.
ولا تفسد قبل الحلق إن لم يجب وكذا إن وجب على الصحيح من المذهب ويلزمه دم وقدم في الترغيب أنها تفسد وقال في التبصرة في فداء في محظورها قبل الحلق الروايتان وقال في الرعاية وعنه يفسد الحج فقط قال في الفروع كذا قال.
ويأتي في باب الفدية في آخر الضرب الثاني ما يجب بالوطء في العمرة.
قوله (التاسع المباشرة فيما دون الفرج بشهوة وكذا إن قبل أو لمس بشهوة فإن فعل فأنزل فعليه بدنة).
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وعليه الأصحاب وقال في الإرشاد قولا واحدا وهو من المفردات.
وعنه عليه شاة إن لم يفسد ذكرها القاضي وغيره وقدم بن رزين في
501

نهايته أن عليه شاة وجزم به ناظمها وأطلقهما الحلواني كما لو لم يفسد قال في الفروع والقياسان ضعيفان.
ويأتي أيضا في كلام المصنف في باب الفدية في الضرب الثالث في قوله ومتى أنزل بالمباشرة دون الفرج فعليه بدنة.
قوله (وهل يفسد نسكه على روايتين).
وأطلقهما في الإرشاد والإيضاح والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والفروع والحاويين.
إحداهما لا يفسد وهي المذهب صححها في التصحيح وجزم به في الوجيز واختارها المصنف والشارح وصاحب الفائق وابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه الناظم.
الثانية يفسد نصرها القاضي وأصحابه قال في المبهج فسد في أصح الروايتين وقدمه في الهداية وغيرها وصححه في البلغة واختارها الخرقي وأبو بكر في الوطء دون الفرج إذا أنزل قال الزركشي هذا أشهرهما.
وعنه رواية ثالثة إن أمنى بالمباشرة فسد نسكه دون غيره.
قوله (وإن لم ينزل لم يفسد).
قال المصنف وتبعه الشارح وغيره لا نعلم فيه خلافا وقال في الفروع وسبق في الصوم خلاف ومثله الفدية فظاهر كلام الحلواني أن فيه خلافا.
ويأتي ما يجب عليه بذلك في باب الفدية.
قوله (والمرأة إحرامها في وجهها).
هذا بلا نزاع فيحرم عليها تغطيته ببرقع أو نقاب أو غيرهما ويجوز لها أن تسدل على وجهها لحاجة على الصحيح من المذهب وأطلق جماعة من الأصحاب جواز السدل وقال الإمام أحمد إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل.
502

قال المصنف كأن أحمد يقصد أن النقاب من أسفل على وجهها.
وقال القاضي ومن تبعه تسدل ولا يصيب البشرة فإن أصابها فلم ترفعه مع القدرة فدت لاستدامة الستر.
قال المصنف ليس هذا الشرط عن أحمد ولا في الخبر والظاهر خلافه فإن المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة فلو كان شرطا لبينه.
قال في الفروع وما قاله صحيح.
قال الشيخ تقي الدين ولو مس وجهها فالصحيح جوازه لأن وجهها كيد الرجل.
تنبيه مفهوم كلام المصنف وغيره أن غير الوجه لا يحرم تغطيته وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقال أبو الفرج الشيرازي في الإيضاح والمرأة إحرامها في وجهها وكفيها قال في المبهج وفي الكفين روايتان وقال في الانتصار المرأة أبيح لها كشف الوجه في الصلاة والإحرام.
فائدة يجتمع في حق المحرمة وجوب تغطية الرأس وتحريم تغطية الوجه ولا يمكنها تغطية كل الرأس إلا بتغطية جزء من الوجه ولا كشف جميع الوجه إلا بكشف جزء من الرأس والمحافظة على ستر الرأس كله أولى لأنه آكد لأنه عورة ولا يختص بالإحرام قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع والزركشي وغيرهم.
قلت لعلهم أرادوا بذلك الاستحباب وإلا حيث قلنا يجب كشف الوجه فإنه يعفى عن الشيء اليسير منه وحيث قلنا يجب ستر الرأس فيعفى عن الشيء اليسير كما قلنا في مسح الرأس في الوضوء على ما تقدم.
قوله (ولا تلبس القفازين).
يعني أنه يحرم عليها لبسهما نص عليه وهما شيء يعمل لليدين كما يعمل
503

للبزاة وفيه الفدية كالرجل فإنه أيضا يمنع من لبسهما ولا يلزم من تغطيتهما بكمها لمشقة التحرز جوازه بهما بدليل تغطية الرجل قدميه بإزاره لا بخف وإنما جاز تغطية قدمها بكل شيء لأنها عورة في الصلاة ولنا في الكفين روايتان أو الكفان يتعلق بهما حكم التيمم كالوجه.
فائدة لو لفت على يديها خرقا أو خرقة وشدتها على حناء أولا كشده على جسده شيئا ذكره في الفصول عن أحمد فقال في الفروع ظاهر كلام الأكثر لا يحرم عليها ذلك واختاره في الفائق وقال القاضي وغيره هما كالقفازين واقتصر عليه في المستوعب.
قوله (والخلخال ونحوه).
الصحيح من المذهب أنه يباح لها لبس الخلخال والحلي ونحوهما نص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهما هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفروع وغيره قال الزركشي عليه جمهور الأصحاب وعنه يحرم ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا لكن قال في المطلع عن كلام المصنف وإنما عطف الخلخال ونحوه على القفازين وإن كان لبس القفازين محرما ولبس الخلخال والحلي مباحا في ظاهر المذهب لأن لبسه مكروه ففيهما اشتراك في رجحان الترك انتهى.
وحمل صاحب المستوعب والمصنف كلام الخرقي على الكراهة وكلام المصنف ككلام الخرقي لكن بن منجا
شرح على أنه محرم فحمله على ظاهره ولم يحك خلافا.
فائدة لا يحرم عليها لباس زينة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والرعاية وزاد ويكره وقال الحلواني في التبصرة يحرم لباس زينة وقال في الفروع ويتوجه أنه كحلي.
504

قوله (ولا تكتحل بالإثمد).
قال الشارح تبعا للمصنف في المغني الكحل بالإثمد مكروه للمرأة والرجل وإنما خصت المرأة بالذكر لأنها محل الزينة والكراهة في حقها أكثر من الرجل انتهى وقدمه.
فظاهر كلام المصنف الكراهة مطلقا أعني سواء كان الكحل للزينة أو غيرها وهذا اختيار المصنف والشارح وغيرهما.
والصحيح من المذهب أنه لا يكره إلا إذا كان للزينة نص عليه وقدمه في الفروع وقيل لا يجوز نقل بن منصور لا تكتحل المرأة بالسواد.
فظاهره التخصيص بالمرأة وهو ظاهر كلام بن أبي موسى.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف وحمل صاحب المستوعب كلام صاحب الإرشاد على الكراهة.
وقال الزركشي ظاهر كلام الخرقي التحريم وقد يقال ظاهره وجوب الفدية وقد أقره بن الزاغوني على ذلك فقال هو كالطيب واللباس وجعله المجد مكروها وكذا أبو محمد ولم يوجب فيه فدية وسوى بين الرجل والمرأة.
قوله (ويجوز لبس المعصفر والكحلي).
يجوز لبس المعصفر على الصحيح من المذهب نقلها الجماعة وعليه الأصحاب سواء كان اللابس رجلا أو امرأة وقال في الواضح يجوز لبس ما لم ينفض عليه.
ويأتي في آخر باب ستر العورة أنه يكره للرجل في غير الإحرام ففيه أولى.
أما الكحلي وغيره من الصباغ فالصحيح من المذهب أنه يجوز لبسه من غير استحباب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به المصنف وغيره وقدمه في الفروع وقال في الرعاية وغيرها يسن لبس ذلك قال في الفروع وهو أظهر.
505

قوله (والخضاب بالحناء).
يعني لا بأس به للمرأة في إحرامها وهو اختيار المصنف والشارح فإنهما قالا لا بأس به.
والصحيح من المذهب أنه يكره ذكره القاضي وجماعة وقدمه في الفروع وغيره.
فعليه إن فعلت فإن شدت يدها بخرقة فدت وإلا فلا.
فائدة يستحب لها الخضاب بالحناء عند الإحرام قاله الأصحاب ويستحب في غير الإحرام لمتزوجة لأن فيه زينة وتحبيبا للزوج كالطيب قال في الرعاية وغيرها ويكره لأيم لعدم الحاجة مع خوف الفتنة وفي المستوعب لا يستحب لها وقال في مكان آخر كرهه أحمد وقال الشيخ تقي الدين هو بلا حاجة.
فأما الخضاب للرجل فقال المصنف والشارح وجماعة لا بأس به فيما لا تشبه فيه بالنساء.
وأطلق في المستوعب لها الخضاب بالحناء مختص بالنساء وظاهر ما ذكره القاضي أنه كالمرأة في الحناء لأن ذكر المسألة واحدة انتهى ويباح لحاجة.
قوله (والنظر في المرآة لهما جميعا).
يعني يجوز للرجل والمرأة النظر في المرآة للحاجة كمداواة جرح وإزالة شعر نبت في عينه ونحو ذلك وهو مراد المصنف وإن كان النظر لإزالة شعث أو تسوية شعر أو شيء من الزينة كره ذلك ذكره الخرقي وغيره وجزم به في المغني والشرح وشرح بن منجا وقدمه في الفروع وقيل يحرم.
وقال في الفروع ويتوجه أنه لا يكره وفي ترك الأولى نظر لأنه لا يمنع من أن يأتوا شعثا غبرا وأطلق جماعة من الأصحاب لا بأس به وبعض من أطلق قيد في مكان آخر بالحاجة.
فائدة قال الآجري وابن الزاغوني وغيرهما ويلبس الخاتم.
506

وتقدم جواز لبسه للزينة فيما يباح من فضة للرجال.
قال في الفروع وإذا لم يكره في غير الإحرام فيتوجه في كراهته للمحرم لزينة ما في كحل ونظر في مرآة.
فائدة يجتنب المحرم ما نهى الله عنه مما فسر به الرفث والفسوق وهو السباب وقيل المعاصي والجدال والمراء قال المصنف والشارح المحرم ممنوع من ذلك كله وقال في الفصول يجب اجتناب الجدال والمراء قال وهو المماراة فيما لا يعني وقال في المستوعب يحرم عليه الفسوق وهو السباب والجدال وهو المماراة فيما لا يعني وقال في الرعاية يكره كل جدال ومراء فيما لا يعنيه وكل سباب.
وقيل يحرم كما يحرم على المحل بل أولى قال في الفروع كذا قال.
وقال في الروضة وغيرها يستحب أن يتوقى الكلام إلا فيما ينفع والجدال والمراءاة واللغو وغير ذلك مما لا حاجة به إليه ويستحب قلة الكلام إلا فيما ينفع.
وقال في الرعاية يكره له كثرة الكلام بلا نفع انتهى.
ويجوز له التجارة وعمل الصنعة قال في الفروع والمراد ما لم يشغله عن مستحب أو واجب.
باب الفدية.
قوله (وهي على ثلاثة أضرب أحدها ما هو على التخيير وهو نوعان أحدهما يخير فيه بين صيام). ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة وهي فدية حلق الرأس وتقليم الأظفار وتغطية الرأس واللبس والطيب.
هذا المذهب في ذلك كله من حيث الجملة.
507

وأما من حيث التفصيل فإن كان بالصيام فيجزئه ثلاثة أيام على الصحيح من المذهب وقاله الإمام أحمد والأصحاب وقال الآجري يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
وإن كان بالإطعام فالصحيح من المذهب والروايتين أنه يطعم لكل مسكين مد بر كما جزم به المصنف هنا وجزم به في الوجيز والرعايتين والحاويين والمنور وشرح بن منجا وقدمه في الفائق قال في الفروع وهي أشهر.
وعنه لا يجزئه إلا نصف صاع بر لكل مسكين كغيره وجزم به في الكافي وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف أنه لا يجزئ الخبز وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين الإجزاء ويكون رطلين عراقيين كرواية ذكرها المصنف وغيره في كفارة الظهار وقال وينبغي أن يكون بأدم وإن كان مما يؤكل من بر وشعير فهو أفضل.
الثاني ظاهر كلامه أنه سواء كان معذورا أو غير معذور وذكره الرواية بعد ذلك يدل عليه وهو صحيح وهو المذهب نقله جعفر وغيره قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع وغيرهم.
وعنه يجب الدم إلا أن يفعله لعذر فيخير جزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف قال المصنف اختاره بن عقيل.
فعلى هذه الرواية يتعين الدم فإن عدمه أطعم فإن تعذر صام فيكون على الترتيب.
508

فائدة يجوز له تقديم الكفارة على الحلق ككفارة اليمين.
قوله (الثاني جزاء الصيد يخير فيه بين المثل أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاما فيطعم كل مسكين). مدا أو يصوم عن كل مد يوما وإن كان مما لا مثل له خير بين الإطعام والصيام.
أي تقويم المثل بدراهم يشترى بها طعاما فيطعم كل مسكين مدا أو يصوم عن كل مد يوما وإن كان مما لا مثل له خير بين الإطعام والصيام.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن كفارة جزاء الصيد على التخيير نص عليه وعليه الأصحاب قاله في الفروع وغيره.
قال الزركشي هو المنصوص والمختار للأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمغني والشرح والمحرر وغيرهم.
وعنه أن جزاء الصيد على الترتيب فيجب المثل فإن لم يجد لزمه الإطعام فإن لم يجد صام نقلها محمد بن الحكم.
فعلى المذهب يخير بين الثلاثة الأشياء التي ذكرها المصنف وهي إخراج المثل أو التقويم بطعام أو الصيام عنه وهذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه الخيرة بين شيئين وهي إخراج المثل والصيام والإطعام فيها وإنما ذكر في الآية ليعدل به الصيام لأن من قدر على الإطعام قدر على الذبح نقلها الأثرم.
وعلى المذهب أيضا لو أراد الإطعام فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه أن يقوم المثلي كما قال المصنف بدراهم ويشترى بها طعاما.
وعنه لا يقوم المثلى وإنما يقوم الصيد مكان إتلافه أو بقربه وأطلقهما
509

في الإرشاد وحيث قوم المثلي أو الصيد فإنه يشترى به طعاما للمساكين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه له الصدقة بالدراهم وليست القيمة مما خير الله فيه ذكرها بن أبي موسى وقال المصنف وتبعه الشارح وهل يجوز إخراج القيمة فيه احتمالان.
تنبيهات
الأول التقويم يكون بالموضع الذي أتلفه فيه وبقربه نقلها بن القاسم وسندى وجزم به القاضي وغيره وقدمه في الفروع وجزم غير واحد يقومه بالحرم لأنه محل ذبحه.
وتقدم رواية أنه يقوم الصيد مكان إتلافه أو بقربه.
الثاني الطعام هنا هو الذي يخرج في الفطرة وفدية الأدنى على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يجزئ أيضا كل ما يسمى طعاما وهو احتمال في المغني وغيره وجزم به القاضي في الخلاف.
الثالث ظاهر قوله فيطعم كل مسكين مدا أنه سواء كان من البر أو من غيره وكذا هو ظاهر الخرقي وأجراه بن منجا على ظاهره وشرح عليه ولم يتعرض إلى غيره.
وقال الشارح والأولى أنه لا يجزئ من غير البر أقل من نصف صاع لأنه لم يرد في الشرع في موضع بأقل من ذلك في طعمة المساكين.
قال الزركشي هذا المنصوص والمشهور وجزم به في الرعاية الصغرى والحاويين والمحرر.
قلت وهو المذهب المنصوص.
510

الرابع ظاهر قوله أيضا أو يصوم عن كل مد يوما أنه سواء كان من البر أو من غيره وهو ظاهر كلام الخرقي أيضا وتابعه في الإرشاد والجامع الصغير وعقود بن البنا والإيضاح وقدمه في التلخيص والشرح وهو رواية أثبتها بعض الأصحاب.
والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه يصوم عن طعام كل مسكين يوما قدمه في الفروع وجزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين.
فوائد
الأولى أطلق الإمام أحمد في رواية عنه فقال يصوم عن كل مد يوما وأطلق في رواية أخرى فقال يصوم عن كل مدين يوما.
فنقل المصنف في المغني والشارح وصاحب التلخيص عن القاضي أنه قال المسألة رواية واحدة وحمل رواية المد على البر ورواية المدين على غيره.
قال الزركشي والذي رأيته في روايتي القاضي أن حنبلا وابن منصور نقلا عنه أنه يصوم عن كل نصف صاع يوما وأن الأثرم نقل في فدية الأذى عن كل مد يوما وعن نصف صاع تمرا أو شعيرا يوما قال وهو اختيار
الخرقي وأبي بكر قال ويمكن أن يحمل قوله عن كل نصف صاع يوما على أن نصف الصاع من التمر والشعير لا من البر انتهى.
قال الزركشي وعلى هذا فإحدى الروايتين مطلقة والأخرى مقيدة لا أن الروايتين مطلقتين وإذا يسهل الحمل ولذلك قطع أبو البركات وغيره إلى أن عزا ذلك إلى الخرقي وفيه نظر انتهى.
وقال في الفروع فأقر بعض الأصحاب النصين على ظاهرهما وحمل بعض الأصحاب ذلك على ما سبق يعني حمل رواية المد على البر ورواية المدين على غيره قال وهو أظهر انتهى.
511

الثانية لو بقي من الطعام ما لا يعدل يوما صام عنه يوما نص عليه لأنه لا يتبعض.
الثالثة لا يجب التتابع في هذا الصيام بلا نزاع أعلمه للآية.
الرابعة لا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه نص عليه ولا أعلم فيه خلافا.
قوله (الضرب الثاني على الترتيب وهو ثلاثة أنواع أحدها دم المتعة والقران فيجب الهدي).
ولا خلاف في وجوبه وقد تقدم وقت وجوبه ووقت ذبحه في باب الإحرام عند قوله ويجب على القارن والمتمتع دم نسك فإن لم يجد يعني في موضعه فلو وجده في بلده أو وجد من يقرضه فهو كمن لم يجده نص عليه فصيام ثلاثة أيام في الحج والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة.
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب منهم القاضي في التعليق قال في الفروع هذا الأشهر عن أحمد وعليه الأصحاب وعلل بالحاجة قال في الفروع وفيه نظر.
وعنه الأفضل أن يكون آخرها يوم التروية وذكر القاضي في المجرد أن ذلك مذهب أحمد وإليه ميل صاحب الفروع.
فعلى المذهب قال المصنف وغيره يقدم الإحرام على يوم التروية فيحرم يوم السابع وعلى الرواية الثانية يحرم يوم السادس.
قلت فيكون مستثنى من قولهم يستحب للمتمتع الذي حل الإحرام منه بالحج يوم التروية فيعايى بها.
فوائد
الأولى يجوز تقديم صيام الثلاثة الأيام بإحرام العمرة على الصحيح
512

من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قال في الفروع وهو أشهر وفي كلام المصنف إيماء إليه لقوله والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة.
وعنه يصومها إذا حل من العمرة.
الثانية لا يجوز صومها قبل الإحرام بالعمرة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه يجوز قال في الفروع والمراد في أشهر الحج ونقله الأثرم ليكون السبب.
قال ابن عقيل أحد نسكي التمتع فجاز تقديمها عليه كالحج.
قال المصنف والشارح عن هذه الرواية وليس بشيء وأحمد منزه عن هذه المخالفة لأهل العلم.
الثالثة وقت وجوب صوم الأيام الثلاثة وقت وجوب الهدي على ما تقدم في باب الإحرام على الصحيح من المذهب قال في الفروع ذكره الأصحاب لأنه بدل كسائر الأبدال وقال القاضي وعندنا يجب إذا أحرم بالحج وقد قال أحمد في رواية بن القاسم وسندي عن صيام المتعة متى يجب قال إذا عقد الإحرام قال في الفروع كذا قال.
وقال القاضي أيضا لا خلاف أن الصوم يتعين قبل يوم النحر بحيث لا يجوز تأخيره إليه بخلاف الهدي انتهى.
الرابعة ذكر القاضي وأصحابه وصاحب المستوعب وغيرهم إن أخر صيام أيام التشريق والأيام الثلاثة إلى يوم النحر فقضاء قال في الفروع ولعله مبني على منع صيامه وإلا كان أداء ولعل كلام صاحب الفروع مبني على عدم منع صيام أيام التشريق بزيادة عدم وبها يتضح المعنى.
قوله (وسبعة إذا رجع إلى أهله وإن صام قبل ذلك أجزأ).
يعني بعد إحرامه بالحج لكن لا يجوز صومها في أيام التشريق نص
513

عليه وعليه الأصحاب لبقاء أعمال الحج قاله في الفروع ويجوز صومها بعد أيام التشريق يعني إذا كان قد طاف طواف الزيارة قاله القاضي والمراد بقوله تعالى * (إذا رجعتم) * يعني من عمل الحج لأنه المذكور والمعتبر لجواز الصوم.
قوله (فإن لم يصم قبل يوم النحر).
يعني الأيام الثلاثة صام أيام منى.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في المغني والشرح والنظم والرعاية الكبرى في باب أقسام النسك وجزم به في الإفادات وصححه في الفائق وعنه لا يصومها.
وتقدم ذلك مع زيادة حسنة في أواخر باب صوم التطوع وذكر من قدم وأطلق وصحح.
فعلى القول بأنه يصوم أيام منى لو صامها فلا دم عليه جزم به جماعة منهم المصنف والشارح وصاحب الرعاية وغيرهم وقدمه في الفروع وقال لعله مراد القاضي وأصحابه وصاحب المستوعب وغيرهم بتأخير الصوم عن أيام الحج.
وقوله ويصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم.
يعني إذا قلنا لا يجوز صوم أيام منى وكذا لو قلنا يجوز صومها ولم يصمها فقدم المصنف هنا أن عليه دما على هذه الرواية وهذا إحدى الروايات جزم به في الإفادات والمنور والمنتخب واختارها الخرقي وقدمه في المحرر والفائق.
وعنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه قضاؤه وإن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم اختاره القاضي في المجرد وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص في المعذور دون غيره وقدم بن منجا في شرحه أنه إن تركه لغير عذر عليه دم وأطلق الروايتين في المعذور.
وعنه لا يلزمه دم بحال اختاره أبو الخطاب كما قاله المصنف عنه قال
514

الزركشي وهي التي نصها القاضي في تعليقه وأطلقهن في المستوعب والمغني والكافي والرعايتين والحاويين
والزركشي والفروع وقال الترجيح مختلف وأطلق الخلاف في غير المعذور في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص.
وأما تأخير الهدي عن أيام النحر فهل يلزمه فيه دم أم يلزمه مع عدم العذر ولا يلزمه مع العذر فيه الروايات المتقدمة في الدم وأطلقهن في الفروع والحاويين والمستوعب.
إحداهن يلزمه دم آخر مطلقا قدمه في المحرر والفائق.
والثانية لا يلزمه دم بحال سوى الهدي وقدمه في إدراك الغاية.
والثالثة إن أخره لعذر لم يلزمه وقدمه في الرعايتين وصححه في الكبرى وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والتلخيص والشرح وإدراك الغاية وشرح بن منجا في المعذور دون غيره.
قلت هذا المذهب.
والصحيح من المذهب أيضا وجوب الدم على غير المعذور وأطلق الخلاف في غير المعذور في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والشرح والتلخيص.
وحكى جماعة الخلاف في المعذور وجهين وفي غير المعذور روايتين.
فائدتان
إحداهما قوله ولا يجب التتابع في الصيام.
اعلم أنه لا يجب تتابع ولا تفريق في الأيام الثلاثة والسبعة نص عليه وعليه الأصحاب لإطلاق الأمر ولا يجب التفريق ولا التتابع بين الثلاثة والسبعة إذا قضى كسائر الصوم.
515

الثانية لو مات قبل الصوم فحكمه حكم صوم رمضان على ما سبق يمكن منه أو لا نص عليه.
قوله (ومتى وجب عليه الصوم فشرع فيه ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه إلا أن يشاء).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وفي الفصول وغيره تخريج يلزمه الانتقال إليه وخرجوه من اعتبار الأغلظ في الكفارة وقال ابن الزاغوني في واضحه إن قرعه ثم قدر يوم النحر عليه نحره إن وجب إذن وإن دم القران يجب بإحرام قال في الفروع كذا قال قال في القاعدة الخامسة لو كفر المتمتع بالصوم ثم قدر على الهدي وقت وجوبه فصرح بن الزاغوني في الإقناع بأنه لا يجزئه الصوم وإطلاق الأكثرين يخالفه بل وفي كلام بعضهم تصريح به.
قوله (وإن وجب ولم يشرع فيه فهل يلزمه الانتقال على روايتين).
وأطلقهما في الكافي والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وشرح بن منجا والزركشي وغيرهم.
إحداهما لا يلزمه وهي المذهب قال في القواعد الفقهية هذه المذهب انتهى وصححه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص.
والرواية الثانية يلزمه كالمتيمم يجد الماء صححه في التصحيح والنظم والقاضي الموفق في شرح المناسك وجزم به في الإفادات وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والخرقي والمنور والمنتخب لأنهم قالوا لا يلزمه الانتقال بعد
516

الشروع قال في التلخيص ومبنى الخلاف هل الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب أو بأغلظ الأحوال فيه روايتان انتهى.
قلت المذهب الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب كما يأتي في كلامه في كفارة الظهار.
فعلى المذهب لو قدر على الشراء بثمن في الذمة وهو موسر في بلده لم يلزمه ذلك بخلاف كفارة الظهار واليمين وغيرهما قاله في القواعد.
فائدة قال في القواعد الفقهية في القاعدة السادسة عشر إذا عدم هدي المتعة ووجب الصيام عليه ثم وجد الهدي قبل الشروع فيه فهل يجب عليه الانتقال أم لا ينبني على أن الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب أو بحال الفعل وفيه روايتان وقاله في التلخيص فإن قلنا بحال الوجوب صار الصوم أصلا لا بدلا وعلى هذا فهل يجزئه فعل الأصل وهو الهدي المشهور أنه يجزئه وحكى القاضي في شرح المذهب عن بن حامد أنه لا يجزئه.
قلت يأتي في كلام المصنف في أثناء الظهار بخلاف في ذلك وأن الصحيح من المذهب الاعتبار بحال الوجوب.
قوله (النوع الثاني المحصر يلزمه الهدي فإن لم يجد صام عشرة أيام ثم حل).
اعلم أنه إذا أحصر عن البيت بعدو فله التحلل بأن ينحر هديا بنية التحلل وجوبا مكانه ويجوز أن ينحره في الحل على الصحيح من المذهب وعنه ينحره في الحرم وعنه ينحره المفرد والقارن يوم النحر.
ويأتي ذلك في قوله ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر.
فإن لم يجد الهدي صام عشرة أيام بالنية ثم حل وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونقله الجماعة وقدمه في الفروع وغيره.
517

ولا إطعام فيه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وعنه بلى وقال الآجري إن عدم الهدي مكانه قومه طعاما وصام عن كل مد يوما وحل قال وأحب أن لا يحل حتى يصوم إن قدر فإن صعب عليه حل ثم صام.
ويأتي حكم الفوات قريبا وتأتي أحكام المحصر في بابه بأتم من هذا.
قوله (النوع الثالث فدية الوطء تجب بدنة فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا). رجع كدم المتعة لقضاء الصحابة رضي الله عنهم.
هذا المذهب يعني أنه ينتقل من الهدي إلى الصيام.
قال المصنف والشارح هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز والمنتخب وقدمه في الفروع والكافي وتجريد العناية.
وقال القاضي إن لم يجد البدنة أخرج بقرة فإن لم يجد فسبعا من الغنم فإن لم يجد أخرج بقيمتهما أي البدنة طعاما فإن لم يجد صام عن كل مد يوما.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وقالوا فإن لم يجد صام عن كل مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير يوما وقال في الفروع وقال القاضي
يتصدق بقيمة البدنة طعاما فإن لم يجد صام عن طعام كل مسكين يوما كجزاء الصيد لا ينتقل في إحدى الروايتين إلا إلى الإطعام مع وجود المثل ولا إلى الصيام مع القدرة على الإطعام ونقله أيضا المصنف والشارح عن القاضي.
ويأتي في كلام المصنف من وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة ويجزئه أيضا سبع من الغنم على ما يأتي هناك.
518

قال المصنف هنا وظاهر كلام الخرقي أنه مخير في هذه الخمسة فبأيها كفر أجزأه وكذا نقله عنه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والحاويين وغيرهم.
قال الشارح إنما صرح الخرقي بإجزاء سبع من الغنم مع وجود البدنة هكذا ذكر في كتابه ولعل ذلك قد نقله بعض الأصحاب عنه في غير كتابه المختصر انتهى.
فائدة قال ابن منجا في شرحه قال صاحب النهاية فيها يعني بعد هذا منشأ الخلاف بين الخرقي والقاضي أن الوطء هل هو من قبيل الاستمتاعات أو من قبيل الاستهلاكات فعلى هذا إن قيل هو من قبيل الاستمتاعات وجب أن تكون كفارته على التخيير لأن الطيب واللبس استمتاع وهما على التخيير على الصحيح وإن قيل هو من قبيل الاستهلاك وجب أن يكون على الترتيب لأن قتل الصيد استهلاك وكفارته على الترتيب على الصحيح انتهى.
فائدة قال ابن منجا في شرحه واعلم أن الانتقال من البدنة إلى الصيام لم أجد به قولا لأحمد ولا لأحد من الأصحاب وكأنه والله أعلم اختاره لما فيه من موافقة العبادلة إلا أن فيه نظرا نقلا وأثرا.
أما النقل فقال في المغني يجب على المجامع بدنة فإن لم يجد فشاة.
وأيضا فإنه شبه هنا فدية الوطء بفدية المتعة والشبه إنما يكون في ذات الواجب أو في نفس الانتقال.
ويرد على الأول أنه لا يجب فيها بدنه بل شاة وعلى الثاني أنه لا يجوز الانتقال في المتعة مع القدرة على الشاة.
قلت في كلام بن منجا شيء وهو أنه نقل عن المصنف في المغني أنه قال يجب على المجامع بدنة فإن لم يجد فشاة وهذا لم ينقله المصنف في المغني عن أصحاب
519

المذهب وإنما نقله عن الثوري وإسحاق فلعله كان في النسخة التي عنده نقص فسقط هذا النقل والاعتراض.
وقوله والشبه إنما يكون في ذات الواجب أو في نفس الانتقال فيرد على الأول أنه لا يجب فيها بدنة بل شاة.
قلت هذا غير وارد والجامع بينهما أن هذا هدي وهذا هدي ولا يلزم المساواة من كل وجه بل يكتفى بجامع ما.
وقوله ويرد على الثاني أنه لا يجوز الانتقال في المتعة مع القدرة على الشاة.
قلت وهذا مسلم فإنا نقول لا يجوز الانتقال من الهدي الواجب بالوطء مع القدرة عليه وهكذا قال المصنف فلا يرد عليه.
وقوله وأما الأثر فإن المروي عن العبادلة أن من أفسد حجه أفتوه إذا لم يجد الهدي انتقل إلى صيام عشرة أيام ولا يلزم في حق من لم يجد بدنة أن يقال عنه لم يجد الهدي لأنه قد لا يجد بدنة ويجد بقرة أو شاة.
قلنا هذا مسلم والمصنف رحمه الله قد نبه على هذا بعد ذلك بقوله ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة ويجزئه أيضا سبع من الغنم على ما يأتي فلم يمنع ذلك المصنف غايته أن ذلك ظاهر كلامه فيرد بصريح كلامه الآتي ونقيده به وكلام المصنف يقيد بعضه بعضا وهذا عجب منه إذ هو شارح كلامه.
قوله (ويجب بالوطء في الفرج بدنة).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وسواء كان قارنا أو غيره وعنه يلزم القارن بدنة للحج وشاة للعمرة إن لزمه طوافان وسعيان قال في الحاوي وغيره اختاره القاضي.
وقال في الفروع وعند أبي حنيفة إن وطئ قبل طواف العمرة فسدت وعليه شاة للحج وبعد طوافها لا تفسد بل حجة وعليه دم.
520

قال القاضي ويتخرج لنا مثل هذا على روايتنا عليه طوافان وسعيان قال في الفروع كذا قال.
وقال المصنف وتبعه الشارح ويتخرج لنا أن يلزمه بدنة للحج وشاة للعمرة وقال في الرعاية وإن أفسد قارن نسكه بوطء لزمه بدنة نص عليه وشاة مع دم القران وقيل إن لزمه طوافان وقيل وسعيان لزمه كفارتان لهما وبدنة وشاة وسقط دم القران.
قوله (وشاة إن كانا من العمرة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونقله أبو طالب وقال الحلواني في الموجز الأشبه أنه تجب بدنة كالحج.
قوله (وجوب البدنة بوطئه في الحج والشاة بوطئه في العمرة إنما هو من حيث الجملة أما من حيث). التفصيل فقد تقدم في آخر محظورات الإحرام فإنه تارة يكون قبل التحلل الأول وتارة بعده وما فيه من الخلاف فليعلم ذلك.
قوله (ويجب على المرأة مثل ذلك إن كانت مطاوعة).
الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد أن المرأة كالرجل إذا طاوعت قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع وغيرهم وعنه يجزئهما هدي واحد وعنه لا فدية عليها لأنه لا وطء منها ذكره القاضي وغيره واختاره بن حامد وصححه بن عقيل وغيره.
قوله (وإن كانت مكرهة فلا فدية عليها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه عليها الفدية وعنه يفدى عنها الواطئ ووجه في الفروع رواية أنها تفدى وترجع على الواطئ من الرواية التي في الصوم.
521

وقال في الروضة المكرهة يفسد صومها ولا يلزمها كفارة ولا يفسد حجها وعليها بدنة قال في الفروع كذا قال.
قوله (الضرب الثالث الدماء الواجبة للفوات أو لترك واجب أو للمباشرة في غير الفرج فما أوجب). منه بدنة فحكمها حكم البدنة الواجبة بالوطء في الفرج.
إذا فاته الحج لعدم وقوفه بعرفة لعذر حصر أو غيره ولم يشترط أن محلي حيث حبستني فعليه هدي على الصحيح من المذهب وعنه لا هدي عليه وأطلقهما المصنف في هذا الكتاب في باب الفوات والإحصار.
فعلى المذهب يجزئ من الهدي ما استيسر مثل هدي المتعة قاله المصنف والشارح وغيرهما وقال في الموجز هو
بدنة.
وعلى المذهب أيضا إن عدم الهدي زمن وجوبه صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب من أن دم الفوات مقيس على دم المتعة فهو مثله سواء فهو داخل في كلام القاضي الآتي وعلى كلام صاحب الموجز حكمها حكم صاحب البدنة الواجبة بالوطء في الفرج هذا ما يظهر.
وأما الخرقي فإنه جعل الصوم عن دم الفوات كالصوم عن جزاء الصيد عن كل مد يوما ويأتي ذلك في باب المحصر بأتم من هذا.
وأما إذا باشر دون الفرج وأوجبنا عليه بدنة فإن حكمها حكم البدنة الواجبة بالوطء في الفرج على ما تقدم من غير خلاف أعلمه.
قوله (وما عداه).
يعني ما عدا ما تجب فيه البدنة.
522

فقال القاضي ما وجب لترك واجب ملحق بدم المتعة وما وجب للمباشرة ملحق بفدية الأذى.
مثال ترك الواجب الذي يجب به دم ترك الإحرام من الميقات والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس أو المبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل أو طواف الوداع أو المبيت بمنى أو الرمي أو الحلاق ونحوها فحكم هذه الدماء الواجبة بترك الواجب حكم دم المتعة على ما تقدم جزم به الأصحاب.
قال في الفروع ومن ترك واجبا ولو سهوا جبره بدم فإن عدمه فكصوم المتعة والإطعام عنه.
ومثال فعل المباشرة الموجبة للدم كل استمتاع يوجب شاة كالوطء في العمرة وبعد التحلل الأول في الحج إذا قلنا به والمباشرة من غير إنزال ونحو ذلك إذا قلنا يجب شاة فحكمها حكم فدية الأذى على ما تقدم في أول الباب وهذا أيضا من غير خلاف جزم به الشارح وابن منجا وغيرهما.
قوله (ومتى أنزل بالمباشرة دون الفرج فعليه بدنة).
هذا المذهب ونقله الجماعة عن أحمد وعليه الأصحاب قاله في الفروع وهو من المفردات وعنه عليه شاة وإن لم يفسد نسكه ذكرها القاضي وغيره وأطلقهما الحلواني وتقدم ذلك في كلام المصنف في الباب الذي قبله في قوله التاسع المباشرة فيما دون الفرج وهل يفسد نسكه بذلك.
قوله (فإن لم ينزل فعليه شاة).
هذا المذهب وإحدى الروايتين قال الشارح فعليه شاة في الصحيح وصححه الناظم قال الزركشي هذا الأشهر وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والكافي وشرح بن رزين وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وعنه بدنة نصرها القاضي وأصحابه قاله الزركشي وأطلقهما في الفروع وشرح بن منجا والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص.
523

فائدة وكذا الحكم لو قبل أو لمس بشهوة على الصحيح من المذهب اختاره القاضي والمصنف والمجد والشارح وغيرهم.
والخرقي حكم بأنه إذا أنزل بالمباشرة دون الفرج يفسد حجه وحكى الروايتين فيمن أنزل بالقبلة وعكسه بن أبي موسى فحكى الروايتين في الوطء دون الفرج وجزم بعدم الإفساد بالقبلة.
قوله (وإن كرر النظر فأنزل أو استمنى فعليه دم هل هو بدنة أو شاة على روايتين).
وأطلقهما في الشرح وشرح بن منجا والزركشي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي.
إحداهما عليه بدنة وهو المذهب نص عليه وعليه الجمهور منهم القاضي وأصحابه والخرقي وغيره وقدمه في الفروع والمحرر.
والثانية عليه شاة جزم به في الوجيز قال في الخلاصة لزمه دم.
قال الزركشي هي المنصوصة قال ناظم المفردات.
ومحرم بالنظر المكرر * أمنى فدى بالشاة أو بالجزر.
فائدة لو نظر نظرة فأمنى فعليه شاة بلا نزاع وإن لم يمن فلا شيء عليه على الصحيح من المذهب وذكر القاضي رواية يفدى بمجرد النظر أنزل أم لا قال في الفروع ومراده إن كرر.
قوله (وإن أمذى بذلك فعليه شاة).
يعني إذا أمذى بتكرار النظر وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمجرد وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي اتفق عليه الأصحاب وقال في الكافي لا فدية بمذي بتكرار
524

نظر قال في الفروع فيتوجه منه تخريج لا فدية بمذي بغير النظر وجزم به الآدمي البغدادي في كتابه فقال إن أمذى باستمناء.
قلت وجزم به في الوجيز فقال وإن أمذى باستمناء فلا فدية وتقدمت الرواية التي ذكرها القاضي.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يكرر النظر وأمنى لا شيء عليه وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام الأكثر وقدمه في الفروع وغيره وقال في الروضة والمستوعب عليه شاة بذلك.
قلت وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال وإن نظر فصرف بصره فأمذى فعليه دم وشرح على ذلك بن الزاغوني.
قوله (وإن فكر فأنزل فلا فدية عليه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعن أبي حفص وابن عقيل أنه كالنظر لقدرته عليه ومرادهما إذا استدعاه أما إذا غلبه فلا نزاع أنه لا شيء فيه قاله الزركشي وغيره وأطلقهما في المحرر.
فائدتان
إحداهما الخطأ هنا كالعمد على الصحيح من المذهب كالوطء وقيل لا كما سبق في الصوم.
الثانية المرأة كالرجل مع وجود الشهوة منها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه في خطأ ما سبق.
قوله (ومن كرر محظورا من جنس مثل أن حلق ثم حلق أو وطئ ثم وطئ المرأة الأولى أو غيرها قبل التكفير عن الأول فكفارة واحدة).
وكذا لو قلم ثم قلم أو لبس ثم لبس ولو بمخيط على رأسه أو بدواء مطيب
525

فيه أو تطيب ثم تطيب وهذا المذهب في ذلك كله ونص عليه وعليه الأصحاب وسواء تابعه أو فرقه فظاهره أنه لو قلم خمسة أظفار في خمسة أوقات يلزمه دم وهو صحيح وقاله القاضي وعلله بأنه لما ثبتت الجملة فيه على الجملة في تداخل الفدية كذا الواحد على الواحد في تكميل الدم واقتصر عليه في الفروع.
وعنه أن لكل وطء كفارة وإن لم يكفر عن الأول لأنه سبب للكفارة فأوجبها كالأول قال في الفروع فيتوجه تخريج في غيره.
وعنه إن تعدد سبب المحظور مثل أن لبس لشدة الحر ثم لبس للبرد ثم للمرض فعليه كفارات وإلا واحدة.
ونقل الأثرم فيمن لبس قميصا أو جبة أو عمامة لعلة واحدة فكفارة واحدة قلت فإن اعتل فلبس جبة ثم بريء ثم اعتل فلبس جبة قال عليه كفارتان.
وقال ابن أبي موسى في الإرشاد إن لبس وغطى رأسه متفرقا وجب دمان وإن كان في وقت واحد فعلى روايتين انتهى.
قوله (وإن كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ولا أجد فيه خلافا إلا أن المصنف والشارح وصاحب الفروع ذكروا الخلاف المتقدم بعد ذكر هذه المسألة وذكر في الرعاية الرواية الأولى في المسألة الأولى وأعادها في الثانية وليس بشيء.
قوله (وإن قتل صيدا بعد صيد فعليه جزاؤهما).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة عن أحمد وعنه عليه جزاء واحد سواء كفر عن الأول أو لا وحكاها في الفروع بصيغة التمريض.
ونقل حنبل لا يتعدد إن لم يكفر عن الأول ونقل حنبل أيضا إن تعدد قتله ثانيا فلا جزاء فيه وينتقم الله منه.
فائدة لو قتل صيدين فأكثر معا تعدد الجزاء قولا واحدا قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
526

قوله (وإن فعل محظورا من أجناس فعليه لكل واحد فداء).
اعلم أنه إذا فعل محظورا من أجناس فلا يخلو إما أن تتحد كفارته أو تختلف فإن اتحدت وهي مراد المصنف لحكايته الخلاف مثل أن حلق ولبس وتطيب ونحوه فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف أن عليه لكل واحد كفارة ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع وهو أشهر وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في التلخيص وتصحيح المحرر وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وعنه عليه فدية واحدة وأطلقهما في المحرر.
وعنه إن كانت في وقت واحد ففدية واحدة وإن كانت في أوقات فعليه لكل واحد فدية اختاره أبو بكر.
وقيل إن تباعد الوقت تعدد الفداء وإلا فلا.
فائدة قال الزركشي وغيره إذا لبس وغطى رأسه ولبس الخف ففدية واحدة لأن الجميع جنس واحد وأن لا تختلف الكفارة مثل إن حلق أو لبس أو تطيب ووطئ تعددت الكفارة قولا واحدا.
قوله (وإن حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا أو مخطئا فعليه الكفارة).
إذا حلق أو قلم فعليه الكفارة سواء كان عامدا أو غير عامد هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وقيل لا فدية على مكره وناس وجاهل ونائم ونحوهم وهو رواية مخرجة من قتل الصيد وذكره بعضهم رواية واختاره أبو محمد الجوزي وغيره وهو قول المصنف ويخرج في الحلق مثله واختاره في الفائق في حلق الرأس وتقليم الأظفار.
واما إذا وطئ فإن عليه الكفارة سواء كان عامدا أو غير عامد.
527

هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به إلا المرأة إذا كانت مكرهة على ما تقدم فيها من الخلاف قريبا مع أنها لا تدخل في كلام المصنف هنا.
وأما إذا قتل صيدا فعليه الكفارة سواء كان عامدا أو غير عامد هذا الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب ونقله الجماعة عن أحمد رحمه الله تعالى منهم صالح قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب قال في الفروع وغيره عليه الأصحاب وعنه لا جزاء بقتل الخطأ نقله صالح أيضا واختاره أبو محمد الجوزي وغيره.
فائدتان
إحداهما قال في الفروع المكره عندنا كمخطئ وذكر الشيخ يعني به المصنف في كتاب الأيمان في موضعين أنه لا يلزمه إنما يلزم المكره يعني بكسر الراء وجزم به بن الجوزي قاله في القواعد الأصولية.
الثانية عمد الصبي ومن زال عقله بعد إحرامه خطأ وتقدم ذلك قوله وإن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا فلا كفارة عليه.
وكذا إن كان جاهلا أو مكرها وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي في كتاب الروايتين ونقله الجماعة عن أحمد وذكره المصنف والشارح وغيرهما ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره واختاره الخرقي وغيره.
وعنه تجب الكفارة نصرها القاضي في تعليقه وأصحابه.
وقال في الفروع ويتوجه أن الجاهل بالحكم هنا كالصوم على ما تقدم وقاله القاضي لخصمه يجب أن تقول ذلك.
528

فائدتان
إحداهما متى زال عذر من تطيب غسله في الحال فلو أخر غسله بلا عذر فعليه الفدية ويجوز له غسله بيده وبمائع وغيره.
ويستحب أن يستعين في غسله بحلال فإن كان الماء لا يكفي الوضوء وغسله غسل الطيب وتيمم للحدث لأن
الوضوء له بدل.
قلت فيعايى بها.
ومحل هذا إذا لم يقدر على قطع رائحته بغير الماء فإن قدر على قطع الرائحة بغير الماء فعل وتوضأ لأن القصد قطعها.
وإن لم يجد الماء مسحه بخرقة أو حكه بتراب أو غيره حسب الإمكان.
الثانية لو مس طيبا يظنه يابسا فبان رطبا ففي وجوب الفدية بذلك وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الكبير والقواعد الأصولية.
أحدهما يلزمه الفدية لأنه قصد مس الطيب.
والثاني لا فدية عليه لأنه جهل تحريمه فأشبه من جهل تحريم الطيب.
قلت وهو الصواب وقدمه في الرعاية الكبرى في موضع.
قوله (ومن رفض إحرامه ثم فعل محظورا فعليه فداؤه).
اعلم أنه لا يفسد الإحرام برفضه بالنية ولو كان محصرا لم يبح له التحلل بل حكمه باق نص عليه وعليه الأصحاب فإذا فعل محظورا بعد رفضه فعليه جزاؤه وكذا لو فعل جميع محظورات الإحرام بعد رفضه فعليه لكل محظور كفارة وإن لم يتداخل كمن لم يرفض إحرامه وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجزئه كفارة واحدة ذكرها في المستوعب في آخر باب ما يحرم على المحرم.
529

فائدة يلزمه لرفضه دم ذكره في الترغيب وغيره وقدمه في الفروع وقال المصنف في المغني والشارح وغيرهما لا شيء عليه لرفضه لأنها نية لم تفد شيئا.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وتقدم إذا أفسد الحج التطوع والعمرة رواية أنه لا يلزم القضاء عند قوله وعليه المضي في فاسده في الباب الذي قبل هذا.
قوله (ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامة ذلك).
وهذا بلا نزاع لكن لو نقله من مكان إلى مكان من بدنه أو نقله عنه ثم رده إليه أو مسه بيده فعليه الفدية بخلاف سيلانه بعرق وشمس.
قوله (وليس له لبس ثوب مطيب).
يعني بعد إحرامه وأما عند إحرامه فيجوز لكن الصحيح من المذهب كراهة تطييب ثوبه وعليه أكثر الأصحاب وقال الآجري يحرم ويحتمله كلام المصنف.
وقيل هو كتطييب بدنه وتقدم ذلك في أول باب الإحرام.
فائدة قوله وإن أحرم وعليه قميص خلعه ولم يشقه.
وكذا لو كان عليه سراويل أو جبة أو غيرهما صرح به الأصحاب.
قوله (فإن استدام لبسه فعليه الفدية).
مراده ولو استدام لحظة فأكثر فوق المعتاد في خلعه.
قوله (وإن لبس ثوبا كان مطيبا فانقطع ريح الطيب منه وكان بحيث إذا رش فيه ماء فاح ريحه فعليه الفدية).
وهذا بلا نزاع وكذا لو افترشه نص عليه ولو كان تحت حائل غير ثياب بدنه ولو كان ذلك الحائل لا يمنع ريحه ومباشرته وإن منع فلا فدية على
530

الصحيح من المذهب وأطلق الآجري أنه إذا كان بينهما حائل كره ولا فدية عليه.
فائدة القارن كغيره فيما تقدم من الأحكام نص عليه وعليه الأصحاب قاله في الفروع وغيره لظاهر الكتاب والسنة واختار القاضي أنهما إحرامان قال في الفروع ولعله ظاهر قول أحمد فإنه شبهه بحرمة الحرم وحرم الإحرام لأن الإحرام هو نية النسك ونية الحج غير نية العمرة واختار بعضهم أنه إحرام واحد كبيع عبد ودار صفقة واحدة فهو عقد واحد والمبيع اثنان.
وعنه يلزمه بفعل محظور ذكرها في الواضح وذكره القاضي وغيره تخريجا إن لزمه طوافان وسعيان وقال المصنف في المغني قال القاضي إذا قلنا عليه طوافان لزمه جزآن انتهى وخصها بن عقيل بالصيد كما لو أفرد كل واحد بإحرام قال في الفروع والفرق ظاهر وكما لو وطئ وهو محرم صائم.
قال القاضي لا يمتنع التداخل ثم لم يتداخلا لاختلاف كفارتهما أو لأن الإحرام والصيام لا يتداخلان والحج والعمرة يتداخلان عندنا وخرج في المغني لزوم بدنة وشاة فيما إذا أفسد نسكه بالوطء إذا قلنا يلزمه طوافان.
قوله (وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم).
يعني إذا كان متعلقا بالإحرام أو الحرم فالهدايا والضحايا مختصة بمساكين الحرم كهدي التمتع والقران وغيرهما وكذا ما وجب لترك واجب كالإحرام من الميقات وطواف الوداع ونحوهما وكذا أجزاء المحظورات إذا فعلها في الحرم نص عليه فيجب نحره بالحرم ويجزئه في أي نواحي الحرم كان.
قال الإمام أحمد ومكة ومنى واحد.
وقال مالك لا ينحر في الحج إلا بمنى ولا في العمرة إلا بمكة.
قال في الفروع وهو متوجه.
531

وأما الإطعام فهو تبع للنحر ففي أي موضع قيل في النحر فالطعام كذلك.
فوائد
إحداها الأفضل أن ينحر في الحج بمنى وفي العمرة بالمروة جزم به في التلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
الثانية اختصاص فقراء الحرم بهدي المحصر من مفردات المذهب قال ناظمها.
وهديه فعندنا يختص * بفقراء الحرم قد نصوا.
الثالثة لو سلمه للفقراء فنحروه أجزأ فإن لم يفعلوا استرده ونحره فإن أبى أو عجز ضمنه وقال في الفروع ويتوجه احتمال لا يضمن ويجب تفرقة لحمه بالحرم وإطلاقه لمساكينه.
الرابعة مساكين الحرم من كان فيه من أهله ومن ورد إليه من الحاج وغيرهم وهم الذين تدفع إليهم الزكاة.
تنبيه مفهوم قوله إن قدر على إيصاله أنه إذا لم يقدر على إيصاله إليهم أنه يجوز ذبحه وتفرقته هو والطعام في غير الحرم وهو صحيح والصحيح من الروايتين قال في الفروع والجواز أظهر وجزم به الشارح وقدمه في الرعاية.
والرواية الثانية لا يجوز وهو قول في الرعاية.
قوله (إلا فدية الأذى أو اللبس ونحوهما).
كالطيب ونحوه وزاد في الرعايتين والحاويين ودم المباشرة دون الفرج إذا لم ينزل وقال في الفروع وما وجب بفعل محظور فحيث فعله ولم يستثن سوى جزاء الصيد وكذا قال الزركشي إذا وجد سببها في الحل فيفرقها حيث وجد سببها وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
532

وعنه يفرقها في الحرم وقاله الخرقي في غير الحلق قال في الفصول والتبصرة لأنه الأصل خولف فيه لما سبق.
واعتبر في المجرد والفصول العذر في المحظور وإلا فغير المعذور كسائر الهدي.
قال الزركشي وقال القاضي وابن عقيل وأبو البركات ما فعله لعذر ينحر هديه حيث استباحه وما فعله لغير عذر اختص بالحرم.
تنبيهان
أحدهما حيث قيل النحر في الحل فذلك على سبيل الجواز على مقتضى كلام المصنف والمجد وغيرهما وظاهر كلام المصنف والخرقي والتلخيص الوجوب.
الثاني مفهوم كلامه أن فدية الأذى واللبس ونحوهما إذا وجد سببها في الحرم يفرقها فيه وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه يفرقه حيث فعله كحلق الرأس ذكرها القاضي قال المصنف وتقدم ذلك.
فوائد
الأولى جزاء الصيد لمساكين الحرم على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب والشارح وهذا يخالف نص الكتاب ومنصوص أحمد فلا يعول عليه وقيل يفرقه حيث قتله لعذر.
الثانية دم الفوات كجزاء الصيد.
الثالثة وقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوهما وما ألحق به حين فعله إلا أن يستبيحه لعذر فله الذبح قبله قال في المحرر وغيره وكذلك ما وجب لترك واجب.
الرابعة لو أمسك صيدا أو جرحه ثم أخرج جزاءه ثم تلف المجروح
533

أو الممسك أو قدم من أبيح له الحلق فديته قبل الحلق ثم حلق أجزأ نص عليه.
وقال في الرعاية إن أخرج فداء صيد بيده قبل تلفه فتلف أجزأ عنه وهو بعيد قال في الفروع كذا قال.
قوله (ودم الإحصار يجزئه حيث أحصر).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه لا يجزئه إلا في الحرم فيبعثه إليه ويواطئ رجلا على نحره وقت تحلله.
قال في المبهج قال بعض أصحابنا لا ينحر هدي الإحصار إلا بالحرم.
قال المصنف هذا فيمن كان حصره خاصا أما الحصر العام فلا يقوله أحد.
وتقدم التنبيه على ذلك عند قوله الثاني دم المحصر.
فوائد
إحداها قوله وأما الصيام فيجزئه بكل مكان.
قال في الفروع ويجزئ صوم وفاقا والحلق وفاقا وهدي تطوع ذكره القاضي وغيره وفاقا وما يسمى نسكا بكل مكان.
الثانية قوله وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة.
ويجزئ أيضا سبع بقرة والأفضل ذبح بدنة أو بقرة لكن إذا ذبحها عن الدم هل تلزمه كلها كما لو اختار الأعلى من خصال الكفارة اختاره بن عقيل وقدمه في الخلاصة ذكره في المنذور وقدمه في الرعايتين والحاويين وصححه في تصحيح المحرر أم يلزمه سبعها فقط والباقي له أكله والتصرف فيه لجواز تركه مطلقا كذبحه سبع شياه.
قال ابن أبي المجد في مصنفه فإن ذبح بدنة لم تلزمه كلها في الأشهر انتهى وقدمه بن رزين في شرحه وقال هذا أقيس فيه وجهان وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والفروع والفائق والقواعد الأصولية وقال قلت:
534

وينبغي أن ينبني على الخلاف أيضا زيادة الثواب فإن ثواب الواجب أعظم من ثواب التطوع انتهى والشرح والفروع.
ويأتي نظيرها في باب الهدي والأضاحي عند قوله إذا نذر هديا مطلقا فأقل ما يجزئ شاة أو سبع بدنة.
وتقدم نظيرها فيما إذا كان عنده خمسون من الإبل فأخرج زكاتها بعيرا في باب زكاة بهيمة الأنعام.
الثالثة حكم الهدي حكم الأضحية نص عليه قياسا عليها فلا يجزئ في الهدي ما لا يضحى به على ما يأتي في باب الأضحية.
قوله (ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة).
وكذا عكسها وتجزئه أيضا البقرة في جزاء الصيد عن البدنة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل لا تجزئه لأنها تشبه النعامة وذكر القاضي وغيره رواية في غير النذر لا تجزئ البقرة عن البدنة مطلقا إلا لعدمها وقدمه في الرعاية ويأتي في باب الهدي والأضاحي في فصل سوق الهدي إذا نذر بدنة أجزأته بقرة.
فائدة من لزمته بدنة أجزأه سبع شياه مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تجزئ عند عدمها اختاره بن عقيل نقله المصنف وغيره.
وعنه لا يجزئ إلا عشر شياه والبقرة كالبدنة في إجزاء سبع شياه عنها بطريق أولى.
ومن لزمته سبع شياه أجزأه بدنة أو بقرة ذكره المصنف في الكافي لإجزائها عن سبعة وقدمه في الفروع.
وذكر جماعة تجزئ إلا في جزاء الصيد وجزم به في التلخيص والرعاية الكبرى.
535

قال المصنف لا تجزئ البدنة عن سبع شياه في الصيد والظاهر عنه لأن الغنم أطيب لحما فلا يعدل عن الأعلى إلى الأدنى وجزم به الزركشي.
ويأتي في باب الهدي إذا نذر بدنة تجزئه بقرة في كلام المصنف.
باب جزاء الصيد.
تنبيه مفهوم قوله وهو ضربان أحدهما ما له مثل من النعم فيجب فيه مثله وهو نوعان أحدهما قضت فيه الصحابة رضوان الله عليهم ففيه ما قضت.
أنه لو قضى بذلك غير الصحابي أنه لا يكون كالصحابي وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب.
وقد نقل إسماعيل الشالنجي هو على ما حكم الصحابة.
وقال في الفروع ويتوجه أن فرض الأصحاب المسألة في الصحابة إن كان بناء على أن قول الصحابي حجة قلنا فيه روايتان وإن كان لسبق الحكم فيه فحكم غير الصحابي مثله في هذه الآية وقد احتج بالآية القاضي.
ونقل بن منصور كل ما تقدم من حكم فهو على ذلك.
ونقل أبو داود ويتبع ما جاء قد حكم وفرع منه وقد رجع الأصحاب في بعض المثل إلى غير الصحابي على ما يأتي انتهى.
قوله (وفي حمار الوحش وبقرته والأيل والتيتل والوعل بقرة).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه في حمار الوحش بدنة وأطلقهما في الكافي وعنه في كل واحد من الأربعة بدنة ذكرها في الواضح والتبصرة وعنه الإجزاء في بقرة الوحش.
536

فائدة الأيل ذكر الأوعال والوعل هو الأروى وهو التيس الجبلي قاله الجوهري وغيره ففي الأروى بقرة كما تقدم في الوعل جزم به في النظم وغيره وقدمه في المغني والشرح والفائق وغيرهم قال القاضي فيها عضب وهو ما قبض قرنه من البقر وهو دون الجذع وجزم به في المستوعب والرعاية.
قوله (وفي الضبع كبش).
بلا نزاع إلا أنه قال في الفائق في الضبع شاة وقال في الرعايتين والحاويين كبش أو شاة.
قوله (وفي الغزال والثعلب عنز).
والغزال ذكر الظبية إلى حين يقوى ويطلع قرناه ثم هي ظبية والذكر ظبي فإذا كان الغزال صغيرا فالعنز الواجبة فيه صغيرة مثله وإن كان كبيرا فمثله.
وأما الثعلب فقطع المصنف هنا أن فيه عنزا وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والنظم والوجيز والمنتخب والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين وشرح بن منجا.
وقيل فيه شاة في الجماعة وهو المذهب جزم به في المبهج وعقود بن البنا والمحرر والفروع والإفادات وتذكرة بن عبدوس والمنور وشرح بن رزين وقدمه في الشرح وحكاه بن منجا في شرحه رواية.
وعنه لا شيء عليه فيه لأنه سبع وأطلقهما في المبهج قال في الرعاية قلت أن حرم أكله انتهى.
تنبيه ظاهر كلام المصنف هنا أنه سواء أبيح أكله أم لا وهو ظاهر كلامه في الهداية وعقود بن البنا والخلاصة والهادي والشرح والتلخيص
537

والنظم وشرح بن منجا والمحرر والوجيز والفائق وتذكرة بن عبدوس وإدراك الغاية وغيرهم لاقتصارهم على وجوب القضاء من غير قيد وهو أحد الوجهين تغليبا وقدمه في الرعاية الكبرى.
قال في الكافي في باب محظورات الإحرام وفي الثعلب الجزاء مع الخلاف في أكله تغليبا للحرمة وذكره بن عقيل رواية نقل بكر عليه الجزاء هو صيد لكن لا يؤكل.
وقيل إنما يجب الجزاء على القول بإباحته وهو المذهب.
قال الزركشي هذا أصح الطريقين عند القاضي وأبي محمد وغيرهما وجزم به في الحاويين واختاره في الرعاية الصغرى وقدمه في الفروع.
قال في الخلاصة والهدهد والصرد فيه الجزاء إذا قلنا إنه مباح.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف حيث قال في محظورات الإحرام ولا تأثير للحرم والإحرام في تحريم حيوان إنسي ولا محرم الأكل.
قال في المستوعب وما في حله خلاف كثعلب وسنور وهدهد وصرد وغيرها ففي وجوب الجزاء الخلاف.
وقال في المذهب ومسبوك الذهب يحرم قتل السنور والثعلب وفي وجوب القيمة بقتلهما روايتان.
وقال في المبهج وفي الثعلب روايتان إحداهما أنه صيد فيه شاة والأخرى ليس بصيد ولا شيء فيه.
قوله (وفي الوبر والضب جدي).
الصحيح من المذهب أن في قتل الوبر جديا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والإفادات والحاويين وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والمستوعب والرعايتين والفائق وغيرهم.
538

وعنه فيه شاة اختاره بن أبي موسى وجزم به في الهادي وأطلقهما في التلخيص وقيل فيه جفرة اختاره القاضي.
وأما الضب فالصحيح من المذهب أن في قتله جديا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والإفادات وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه فيه شاة اختاره القاضي وأطلقهما في التلخيص.
قوله (وفي اليربوع جفرة لها أربعة أشهر).
هذا المذهب نص عليه جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر
والفائق والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والمستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم.
وعنه جدي وقيل شاة وقيل عناق.
قوله (وفي الأرنب عناق).
هذا المذهب نص عليه قاله في الفائق وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والوجيز والفروع وغيرهم وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين.
وقيل فيه جفرة ذكره في الرعايتين والحاويين.
لكن قال في الرعاية الكبرى العناق لها ما بين ثلث سنة ونصفها قبل أن تصير جذعة والجفرة عناق من المعز لها ثلث سنة فقط وقال في الفائق الجفرة لها أربع شهور وقال في الفروع الجفرة من المعز لها أربع شهور والعناق أنثى من ولد المعز دون الجفرة انتهى.
قوله (وفي الحمام وهو كل ما عب وهدر شاة).
وجوب الشاة في الحمام لا خلاف فيه والعب وضع المنقار في الماء فيكرع كالشاة ولا يشرب قطرة قطرة كبقية الطيور والهدر الصوت.
539

فالصحيح من المذهب أن الحمام كل ما عب وهدر وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال الكسائي كل مطوق حمام وقال صاحب التبصرة والغنية وغيرهما من الأصحاب فمما يعب ويهدر الحمام وتسمي العرب القطا حماما وكذا الفواخت والوراشين والقمرى والدبسي والسفانين وأما الحجل فإنه لا يعب وهو مطوق ففيه الخلاف.
قوله (النوع الثاني ما لم يقض فيه الصحابة فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة ويجوز أن يكون القاتل أحدهما).
نص عليه وأن يكون القاتلين أيضا وهذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما تقدم عن صاحب الفروع من أنه يقبل قول غير الصحابي في أول الباب وقيد بن عقيل المسألة بما إذا كان قتله خطأ قال لأن العمد ينافي العدالة فلا يقبل قوله إلا أن يكون جاهلا تحريمه لعدم فسقه.
قلت وهو قوي ولعله مراد الأصحاب.
قال بعضهم وعلى قياسه قتله لحاجة أكله.
ويأتي في أواخر باب شروط من تقبل شهادته قبول شهادة الإنسان على فعل نفسه.
وتقدم هل تجب فدية في الضفدع والنملة والنحلة وأم حبين والسنور الأهلي أم لا وهل يجب في البط والدجاج ونحوه أم لا عند قوله ولا تأثير للمحرم ولا للإحرام في تحريم حيوان إنسي ومحرم الأكل.
فائدة في سنور البر والهدهد والصرد حكومة إن ألحق على الصحيح من المذهب وقيل مطلقا وتقدم التنبيه على ذلك في الثعلب.
540

قوله (ويجب في كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب مثله).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال في الفروع وقياس قول أبي بكر في الزكاة يضمن معيبا بصحيح ذكره الحلواني وخرجه في الفصول احتمالا من الرواية هناك وفيها يعتبر الكبير أيضا فهنا مثله قاله في الفروع.
فلو قتل فرخ حمام كان فيه صغير من أولاد الغنم وفي فرخ النعامة جزاء وفيما عداها قيمته إلا ما كان أكبر من الحمام ففيه ما يذكره قريبا.
قوله (إلا الماخض تفدى بقيمة مثلها).
هذا أحد الوجهين واختاره القاضي والمصنف وجزم به في الوجيز.
وقال أبو الخطاب يجب فيها مثلها وهو المذهب جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والفائق وأطلقهما في الشرح.
وقيل تضمن بقيمة مثلها أو بحائل لأن هذا لا يزيد في لحمها كلونها قاله في الفائق على الأول ولو فداها بغير ماخض فاحتمالان.
وقال في الرعايتين والحاويين وتفدى الماخض بمثلها فإن عدم الماخض فقيمة ماخض مثلها وقيل قيمة غير ماخض.
فائدتان
إحداهما لو جنى على حامل فألقت جنينها ميتا ضمن نقص الأم فقط وهذا المذهب وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره لأن الحمل في البهائم زيادة وقال في المبهج إذا صاد حاملا فإن تلف حملها
541

ضمنه وقال في الفصول يضمنه إن تهيأ لنفخ الروح لأن الظاهر أنه يصير حيوانا كما يضمن جنين امرأة بعده.
وقال جماعة من الأصحاب منهم المصنف في الكافي وصاحب التلخيص والرعاية وغيرهم إن ألقته حيا ثم مات فعليه جزاؤه.
وقال جماعة من الأصحاب إذا كان لوقت يعيش لمثله وإن كان لوقت لا يعيش لمثله فهو كالميت وجزم به في المغني والشرح.
وقاس في القاعدة الرابعة والثمانين وجوب عشر قيمة أمه على قول أبي بكر في وجوب عشر قيمة جنين الدابة على ما يأتي في الغصب ومقادير الديات.
وتقدمت أحكام البيض المذر وما فيه من الفراخ وكذا لو خرج من كسرة البيضة فرخ فعاش أو مات عند قوله وإن أتلف بيض صيد.
الثانية قوله ويجوز فداء أعور من عين بأعور من أخرى.
وهذا بلا نزاع وكذا يجوز فداء أعرج من قائمة بأعرج من أخرى لأنه يسير ولا يجوز فداء أعور بأعرج ولا
عكسه لعدم المماثلة.
قوله (ويجوز فداء الذكر بالأنثى وفي فدئها به وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة والمغني والهادي والشرح والرعاية الصغرى والحاويين والفروع والفائق.
أحدهما لا يجوز صححه في النظم قال في الخلاصة والأنثى أفضل فيفدي بها واقتصر عليه وقال في المحرر والمنور وابن عبدوس في تذكرته تفدى أنثى بمثلها فظاهر ذلك عدم الجواز.
والوجه الثاني يجوز صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح بن رزين.
542

قوله (الضرب الثاني ما لا مثل له وهو سائر الطير ففيه قيمته).
بلا نزاع إلا ما استثناه بقوله إلا ما كان أكبر من الحمام كالأوز والحبارى والحجل على قول غير الكسائي والكبير من طير الماء والكركي والكروان ونحوه فهل تجب فيه قيمته أو شاة على وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والمغني والهادي والتلخيص والشرح والفروع والفائق والزركشي.
أحدهما تجب فيه قيمته لأن القياس خولف في الحمام وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في المحرر والوجيز والعمدة وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلامه في النظم والمنور والمنتخب وإدراك الغاية وغيرهم لاقتصارهم على وجوب الشاة في الحمام دون غيره.
والوجه الثاني فيه شاة اختاره بن حامد وابن أبي موسى وقدمه بن رزين في شرحه قال في الخلاصة فأما طير الماء ففيه الجزاء كالحمام وقيل القيمة انتهى.
قوله (ومن أتلف جزءا من صيد ففيه ما نقص من قيمته أو قيمة مثله إن كان مثليا).
إذا أتلف جزءا من صيد واندمل وهو متمتع فلا يخلو إما أن يكون الصيد مما لا مثل له أو مما له مثل فإن كان مما لا مثل له فإنه يضمنه بقيمته لأن جملته تضمن بقيمته فكذلك أجزاؤه.
وإن كان له مثل فهل يضمن بمثله من مثله لحما أو يضمن بقيمة مثله فيه وجهان وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح.
أحدهما يضمن بمثله من مثله لحما وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في
543

الوجيز قال في المغني والشرح وهو أولى وقدمه في الرعايتين والحاويين وشرح بن رزين والفروع وقال ويضمن بعضه بمثله لحما لضمان أصله بمثله من النعم ولا مشقة فيه لجواز عدوله إلى عدله من طعام أو صوم.
وقال القاضي في الخلاف لا يعرف فيما دون النفس فلو قلنا به لم يمتنع وإن سلمنا فهو الأشبه بأصوله لأنه لم يوجب في شعره ثلث دم لأن النقص فيما يضمن بالمثل لا يضمن به كطعام مسوس في يد الغاصب ولأنه يشق فلم نوجب كما في الزكاة انتهى.
والوجه الثاني تجب قيمة مثله كما جزم به المصنف هنا وجزم به بن منجا في شرحه وقدمه في الخلاصة.
فائدتان
إحداهما قوله لو نفر صيدا فتلف بشيء ضمنه.
وكذا لو نقص في حال نفوره ضمنه بلا خلاف فيهما ولا يضمن إذا تلف في مكانه بعد أمنه من نفوره على الصحيح من المذهب وقيل يضمن.
ولو تلف في حال نفوره بآفة سماوية ففي ضمانه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الأولى الضمان لأنه اجتمع سبب وغيره ولا يمكن إحالته على غير السبب هنا فيغير السبب ثم وجدته في الرعاية الكبرى وقدمه وقال وقيل لا يضمن بآفة سماوية في الأصح.
قلت والضمان ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو كالصريح في كلامه في الكافي.
الثانية لو رمى صيدا فأصابه ثم سقط على آخر فماتا ضمنهما فلو مشى المجروح قليلا ثم سقط على آخر ضمن المجروح فقط على الصحيح وقال في الفروع وظاهر ما سبق يضمنهما.
544

قلت هي شبيهة بما إذا تلف في مكانه بعد أمنه على ما تقدم.
قوله (وإن جرحه فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقص).
يعني إذا كان الجرح غير موح والصحيح من المذهب أن عليه أرش ما نقص بالجرح كما قال المصنف وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يضمنه كله وهو ظاهر إطلاق كلام القاضي وأصحابه على ما يأتي بعد ذلك.
فعلى المذهب يقومه صحيحا أو جريحا غير مندمل لعدم معرفة اندماله فيجب ما بينهما فإن كان سدسه فقيل يجب سدس مثله.
قلت وهو الصحيح.
وقدمه في الرعايتين والحاويين قياسا على ما إذا أتلف جزءا من الصيد على ما تقدم قريبا وقد صرح في الهداية والمذهب والمستوعب وغيرهم بذلك وكذا في الرعايتين والحاويين وقدموا وجوب مثله من مثله لحما كما تقدم.
وقيل يجب قيمة سدس مثله وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.
قوله (وكذلك إن وجده ميتا ولم يعلم موته بجنايته).
إذا جرحه وغاب عنه ثم وجده ميتا ولا يعلم هل موته بجنايته أم لا فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم ما جرحه وغاب ولم يعلم خبره جزم به في الوجيز والنظم وغيرهما وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يضمنه كله هنا وهو احتمال في المغني والشرح لأنه وجد سبب إتلافه منه ولم يعلم له سببا آخر فوجب إحالته على السبب المعلوم.
545

قال الشارح وهذا أقيس قال في الفروع وهذا أظهر كنظائره وأطلقهما في المحرر والقواعد.
فائدة لو جرحه جرحا غير موح فوقع في ماء أو تردى فمات ضمنه لتلفه بسببه.
قوله (وإن اندمل غير ممتنع فعليه جزاء جميعه).
وكذا إن جرحه جرحا موحيا وهذا المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر المصنف والشارح تخريجا أنه لا يضمن سوى ما نقص فيما إذا اندمل غير ممتنع وأطلق القاضي وأصحابه في كتب الخلاف وجوب الجزاء كاملا فيما إذا جرحه وغاب وجهل خبره.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف على ما تقدم فإن كلامه مطلق.
فظاهر كلامهم أن الجرح لو كان غير موح وغاب أن عليه الجزاء كاملا.
قوله (وإن نتف ريشه فعاد فلا شيء عليه).
وكذا إن نتف شعره وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره قال في المستوعب هو قول غير أبي بكر من الأصحاب وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح والفروع والرعايتين وشرح المناسك وغيرهم وصححه في تصحيح المحرر.
وقيل عليه قيمته لأنه غير الأول وجزم به في الإفادات وأطلقهما في المحرر والحاويين والقواعد الفقهية.
وقال في المستوعب ذكر أبو بكر أن عليه حكومة ويأتي نظيرها إذا قطع غصنا ثم عاد في الباب الذي بعده وتقدم إذا تلف بيض صيد في كلام المصنف في محظورات الإحرام.
546

فائدة لو صاد غير ممتنع بنتف ريشه أو شعره فكالجرح على ما سبق وإن غاب ففيه ما نقص لإمكان زوال نقصه كما لو جرحه وغاب وجهل حاله.
قوله (وكلما قتل صيدا حكم عليه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد.
وعنه لا يجب إلا في المرة الأولى وعنه إن كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة وإلا فلا.
وتقدم ذلك في محظورات الإحرام في قوله وإن قتل صيدا بعد صيد فعليه جزاؤهما بأتم من هذا.
قوله (وإذا اشترك جماعة في قتل صيد فعليهم جزاء واحد).
وهذا إحدى الروايات والمذهب منهما وسواء باشروا القتل أو كان بعضهم ممسكا والآخر مباشرا اختاره بن حامد وابن أبي موسى والقاضي أيضا والمصنف والشارح وقدمه في الكافي وصححه.
قال الزركشي هذا المختار من الروايات وجزم به في الوجيز والخلاصة وعنه على كل واحد جزاء اختاره أبو بكر.
وعنه إن كفروا بالمال فكفارة واحدة وإن كفروا بالصيام فعلى كل واحد كفارة ومن أهدى فبحصته وعلى الآخر صوم تام نقله الجماعة عن أحمد واختاره القاضي وأصحابه وذكره الحلواني عن الأكثر وأطلقهن في الفروع.
وقيل لا جزاء على محرم ممسك مع محرم مباشر.
قال في الفروع فيؤخذ منه لا يلزم مسببا مع مباشر قال ولعله أظهر لا سيما إذا أمسكه ليملكه فقتله محل.
وقيل القران على المباشرة لأنه هو الذي جعل فعل الممسك علة قال في الفروع وهذا متجه وجزم بن شهاب أن الجزاء على الممسك وأن عكسه
547

المال قال في الفروع كذا قال وتقدم نظير ذلك في محظورات الإحرام في قتل الصيد عند قوله إلا أن يكون القاتل محرما فإن حكم المسألتين واحد ذكره الأصحاب وتقدم هناك شريك السبع وشريك الحلال.
باب صيد الحرم ونباته.
قوله (فمن أتلف من صيده شيئا فعليه ما على المحرم في مثله).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وقيل يلزم جزاءان جزاء للحرم وجزاء للإحرام.
فائدتان
إحداهما لو أتلف كافر صيدا في الحرم ضمنه ذكره أبو الخطاب في انتصاره في بحث مسألة كفارة ظهار الذمي وهو ظاهر ما قطع به وبناه بعضهم على أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا قال في القواعد الأصولية وليس ببناء جيد وهو كما قال.
الثانية لو دل محل حلالا على صيد في الحرم فقتله ضمناه معا بجزاء واحد على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وجزم به ناظم المفردات وهو منها وجزم جماعة منهم القاضي أنه لا ضمان على الدال في حل بل على المدلول وحده كحلال دل محرما.
قوله (وإن رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدا على غصن في الحرم أصله في الحل أو أمسك طائرا في الحل فهلك فراخه في الحرم ضمن في أصح الروايتين).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ولا يضمن الأم فيما تلف فراخه في
548

الحرم قال في القواعد لو رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم فقتله فعليه ضمانه نص عليه وجزم به بن أبي موسى والقاضي والأكثرون.
وحكى القاضي وأبو الخطاب وجماعة رواية بعدم الضمان وهو ضعيف ولا يثبت عن أحمد وردوه لوجوه جيدة.
والثانية لا يضمن لأن القاتل حلال في الحل وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي والتلخيص إلا أنهما استثنيا إذا هلك فراخ الطائر الممسك فقدموا الضمان مطلقا.
قال في المذهب ومسبوك الذهب الضمان ظاهر المذهب.
فائدتان
إحداهما لو رمى الحلال صيدا ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه ولو رمى المحرم صيدا ثم حل قبل الإصابة لم يضمنه اعتبارا بحال الإصابة فيهما ذكره القاضي في خلافه في الجنايات قال ويجيء عليه قول أحمد إنه يضمن في الموضعين قال في القواعد ويتخرج عدم الضمان عليه.
الثانية هل الاعتبار بحال الرمي أو بحال الإصابة فيه وجهان.
أحدهما الاعتبار بحال الإصابة جزم به القاضي في خلافه وأبو الخطاب في رؤوس المسائل فلو رمى بينهما وهو محرم فوقع بالصيد وقد حل حل أكله ولو كان بالعكس لم يحل.
والوجه الثاني الاعتبار بحالة الرامي والمرمي قاله القاضي في كتاب الصيد.
قوله (وإن قتل من الحرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه أو صيدا على غصن في الحل أصله في الحرم أو أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل لم يضمن في أصح الروايتين).
وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
549

في الفروع وغيره وصححه المصنف والشارح وصاحب الخلاصة وغيرهم.
والرواية الثانية يضمن اختاره أبو بكر والقاضي وغيرهما اعتبارا بالقاتل وقدمه في المستوعب.
قال في الإرشاد فإن أرسل كلبه في الحرم فاصطاد في الحل فالأظهر عنه أن لا جزاء عليه وقيل عنه عليه الجزاء قال وهو اختياري وقدمه في الهداية والهادي والتلخيص فيما إذا هلك فراخ الطائر الممسك.
وقال في المذهب ومسبوك الذهب إنه ظاهر المذهب وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والهداية والهادي والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص إلا ما تقدم.
قال في الفروع ويتوجه احتمال في الطائر على الغصن يضمن لأنه تابع لأصله وقال أيضا ويتوجه ضمان الفراخ إذا تلف في الحل وقدمه أيضا في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب كما تقدم لأنه سبب تلفه.
فوائد
منها لو فرخ الطير في مكان يحتاج إلى نقله عنه فنقله فهلك ففيه الوجهان المتقدمان.
ومنها لو كان بعض قوائم الصيد في الحل وبعضها في الحرم حرم قتله ووجب الجزاء به على الصحيح من المذهب تغليبا للحرمة وفي المستوعب رواية لا يحرم لأن الأصل الإباحة ولم يثبت أنه من صيد الحرم.
ومنها لو كان رأسه في الحرم وقوائمه الأربعة في الحل فقال القاضي يخرج على الروايتين واقتصر.
قلت الأولى هنا عدم الضمان وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
550

وحكى في الرعايتين والحاويين الخلاف وجهين وأطلقهما.
قوله (وإن أرسل كلبه من الحل على صيد في الحل فقتل صيدا في الحرم فعلى وجهين).
وأطلقهما في الكافي.
أحدهما لا يضمنه مطلقا وهو المذهب ونص عليه وعليه جماهير الأصحاب قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا ظاهر المذهب وصححه في التصحيح وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاويين والفروع والفائق وغيرهم.
والثاني يضمنه مطلقا اختاره أبو بكر.
وعنه يضمنه إن رسله بقرب الحرم لتفريطه وإلا فلا وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور والمنتخب واختاره بن أبي موسى وابن عقيل وابن عبدوس في تذكرته والخلاف روايات عن أحمد وأطلقهن في الرعاية الكبرى.
فعلى الرواية الثالثة لو قتل الكلب صيدا غير الصيد المرسل إليه لم يضمن على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمغني والشرح وعنه يضمن لتفريطه.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الصيد المقتول في الحرم غير الصيد الذي أرسله عليه.
واعلم أن جمهور الأصحاب إنما يحكون الخلاف المتقدم فيما إذا قتل الصيد المرسول عليه في الحرم ولكن صرح في الكافي بالمسألتين وأن حكمهما واحد.
قلت لكن عدم الضمان فيما إذا قتل غير المرسول عليه أولى وأقوى.
551

قوله (وإن فعل ذلك بسهمه ضمنه).
إن قتل السهم صيدا قصده وكان الصيد في الحرم فقد تقدم في كلام المصنف وإن قتل صيدا غير الذي قصده بأن شطح السهم فدخل الحرم فقتله فالصحيح من المذهب أن حكمه حكم الكلب قدمه في الفروع والفائق.
وقيل يضمنه مطلقا وجزم به في الخلاصة والمصنف هنا والشارح.
واما إذا رمى صيدا في الحل فقتله بعينه في الحرم فهذه نادرة الوقوع وظاهر كلام كثير من الأصحاب يضمنه منهم صاحب الفائق وغيره بل هو كالصريح في ذلك.
فائدتان
إحداهما لو دخل سهمه وكلبه الحرم ثم خرج فقتله في الحل لم يضمن ولو جرح الصيد في الحل فتحامل فدخل الحرم ومات فيه حل أكله ولم يضمن كما لو جرحه ثم أحرم فمات.
قال المصنف والشارح ويكره أكله لموته في الحرم قال في الفروع كذا قال.
الثانية يحرم عليه الصيد في هذه المواضع سواء ضمنه أو لا لأنه قتل في الحرم ولأنه سبب تلفه.
قوله (ويحرم قلع شجر الحرم وحشيشه).
يحرم قلع شجر الحرم إجماعا وهو المذهب وعليه الأصحاب أنه يحرم قلع حشيشه ونباته حتى السواك والورق.
إلا اليابس فإنه مباح على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وفيه احتمال.
552

فائدتان
إحداهما لا بأس بالانتفاع بما زال بغير فعل آدمي نص عليه وعليه الأصحاب قال المصنف لا نعلم فيه خلافا لأن الخبر في القطع انتهى.
قال بعض الأصحاب لا يحرم عود وورق زالا من شجرة أو زالت هي بلا نزاع فيه وما انكسر ولم ينقطع فهو كالظفر المنكسر على ما تقدم.
الثانية تباح الكمأة والفقع والتمرة كالإذخر.
قوله (وما زرعه الآدمي).
ما زرعه الآدمي من البقول والزرع والرياحين لا يحرم أخذه ولا جزاء فيه بلا نزاع ولا جزاء أيضا فيما زرعه الآدمي من الشجر على الصحيح من المذهب نقل المروذي وابن إبراهيم وأبو طالب وقد سئل عن الريحان والبقول في الحرم فقال ما زرعته أنت فلا بأس وما نبت فلا.
قال القاضي وغيره ظاهره أن له أخذ جميع ما زرعه وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف لأنه أنبته
كالزرع وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص والمحرر والوجيز والحاوي وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق والرعاية وغيرهم.
وجزم بن البنا في خصاله بالجزاء في الشجر للنهي عن قطع شجرها سواء أنبته الآدمي أو نبت بنفسه ونسبه بن منجا في شرحه إلى قول القاضي وأطلقهما الزركشي ونقل عن القاضي أنه قال ما أنبته في الحرم أولا ففيه الجزاء وإن أنبته في الحل ثم غرسه في الحرم فلا جزاء فيه.
واختار المصنف في المغني إن كان ما أنبته الآدمي من جنس شجرهم كالجوز واللوز والنخل ونحوها لم يحرم قياسا على ما أنبتوه من الزرع والأهلي من الحيوان.
553

تنبيه يحتمل قول المصنف وما زرعه الآدمي اختصاصه بالزرع دون الشجر فيكون مفهوم كلامه تحريم قطع الشجر الذي أنبته وعليه الجزاء كما جزم به بن البنا قال ابن منجا في شرحه وهو ظاهر كلام المصنف لأن المفهوم من إطلاق الزرع ذلك انتهى.
ويحتمل أن يكون على إطلاقه فيعم الشجر كما هو المذهب.
قلت وهو أقرب لأن الأصل العمل بالعموم حتى يقوم دليل على التخصيص لا سيما إذا وافق الصحيح ولأن ما من ألفاظ العموم ولكن فيه تجوز.
ويحتمل أن يريد ما ينبت الآدميون جنسه كما اختاره المصنف في المغني وذكر هذه الاحتمالات الشارح في كلام المصنف.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يباح إلا ما استثنياه فلا يباح قطع الشوك والعوسج وما فيه مضرة وهو أحد الوجهين اختاره المصنف والشارح وغيرهما.
قال في المحرر وشجر الحرم ونباته محرم إلا اليابس والإذخر وما زرعه الإنسان أو غرسه فظاهره عدم الجواز.
قلت ثبت في الصحيحين لا يعضد شوكه.
وقدمه بن رزين في شرحه واختار أكثر الأصحاب جواز قطع ذلك منهم القاضي وأصحابه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى لأنه يؤذي بطبعه أشبه السباع قال الزركشي عليه جمهور الأصحاب.
قوله (وفي جواز الرعي وجهان).
أكثر الأصحاب حكى الخلاف وجهين كالمصنف وحكاه أبو الحسين
554

وجماعة روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والتلخيص والمحرر والشرح والنظم وشرح بن منجا والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وغيرهم.
أحدهما لا يجوز جزم به أبو الخطاب وابن البنا وغيرهما في كتب الخلاف ونصره القاضي في الخلاف وابنه وغيرهما وقدمه في المستوعب وشرح بن رزين وجزم به الأزجي في المنتخب والتنبيه ورؤوس المسائل وصححه في تصحيح المحرر.
الوجه الثاني يجوز اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والإفادات.
قلت وهو الصواب.
وقال القاضي في التعليق محل الخلاف إذا أدخل بهائمه لرعيه أما إن أدخلها لحاجة لم يضمنه.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز الاحتشاش للبهائم وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقد منع المصنف في أول الباب من الاحتشاش مطلقا وقال في المستوعب إن احتشه لبهائمه فهو كرعيه وكذا قال في الرعايتين والحاويين والفائق إن فيه وجهين وأطلقهما.
قوله (ومن قلعه ضمن الشجرة الكبيرة ببقرة).
هذا المذهب نقله الجماعة وجزم به في الوجيز والنظم والمنور والمنتخب وتجريد العناية وإدراك الغاية والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والهادي والكافي وغيرهم وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والرعاية الصغرى والحاويين وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف.
وعنه يضمنها ببدنة جزم به في المحرر والإفادات واختاره بن عبدوس
555

في تذكرته وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق وعنه يضمنها بقيمتها وأطلقهن في الفروع.
وأما الشجرة الصغيرة فالصحيح من المذهب أنها تضمن بشاة وجزم به أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه في كتب الخلاف ومنهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمستوعب والهادي والكافي والمحرر والنظم والوجيز والمنور والمنتخب وتذكرة بن عبدوس والحاويين والرعاية الصغرى وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع ومنه يضمنها بقيمتها.
فائدة يضمن الشجرة المتوسطة ببقرة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه بقيمتها.
وأما ضمان الحشيش والورق بقيمته فلا أعلم فيه خلافا ونص عليه.
وأما الغصن فيضمن بما نقص على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والمحرر والنظم والحاويين والفائق والمنور والوجيز وتجريد العناية وإدراك الغاية وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع.
وقيل يضمنه بقيمته وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل يضمنه بنقص قيمة الشجرة وعنه يضمن الغصن الكبير بشاة وجزم به في المستوعب.
قوله (فإن استخلف هو أو الحشيش سقط الضمان في أحد الوجهين).
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والكافي والحاويين وشرح بن منجا والقواعد الفقهية.
556

أحدهما يسقط الضمان وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في المستوعب ذكره أصحابنا قال في الفروع ويسقط الضمان باستخلافه في أشهر الوجهين واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الخلاصة والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والهادي والمحرر والشرح والرعايتين وشرح بن رزين وغيرهم
.
والوجه الثاني لا يسقط الضمان جزم به في الإفادات قال في المستوعب هو الصحيح عندي كحلق المحرم شعرا ثم عاد وتقدم نظيرها إذا نتف ريشه فعاد في الباب الذي قبله.
فوائد
إحداها لا يجوز الانتفاع بالمقطوع مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه كالصيد وقيل ينتفع به غير قاطعه وهو احتمال في المغني وغيره.
الثانية لو قلع شجرا من الحرم فغرسه في الحل لزمه رده فإن تعذر أو يبس ضمنه فإن رده وثبت كما كان فلا شيء عليه وإن ثبت ناقصا فعليه ما نقص.
الثالثة إذا لم يجد الجزاء قومه ثم صام نقله بن القاسم قاله في الفروع قال في الفصول من لم يجد قوم الجزاء طعاما كالصيد قال في الوجيز ويخير بين إخراج البقرة وبين تقويمها وأن يفعل في ثمنها كما قلنا في جزاء الصيد.
فائدة قوله ومن قطع غصنا في الحل أصله في الحرم ضمنه.
بلا نزاع وكذا لو كان بعضه في الحل وبعضه في الحرم.
قوله (وإن قطعه في الحرم وأصله في الحل لم يضمنه في أحد الوجهين).
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع والشرح وشرح بن منجا والرعايتين والحاويين والهادي.
557

أحدهما لا يضمنه وهو المذهب اختاره القاضي وصححه في التصحيح والنظم والفائق وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الخلاصة.
والوجه الثاني يضمنه اختاره بن أبي موسى وجزم به في الإفادات وقدمه في الهداية.
فوائد
منها قال الإمام أحمد لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل إليه من الحل ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل والخروج أشد واقتصر بعض الأصحاب على كراهة إخراجه وجزم في مكان آخر بكراهتهما وقال بعضهم يكره إخراجه إلى حل وفي إدخاله إلى الحرم روايتان وقال في الفصول لا يجوز في تراب الحل إلى الحرم نص عليه قال في الفروع والأولى أن تراب المسجد أكره وظاهر كلام جماعة يكره إخراجه للتبرك ولغيره قال في الفروع ولعل مرادهم يحرم.
ومنها لا يكره إخراج ماء زمزم قال أحمد أخرجه كعب ولم يزد على ذلك.
ومنها حد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال عند بيوت السقيا وقال القاضي حده من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال ومن اليمن سبعة أميال عند إضاحة أضاة لبن ومن العراق سبعة أميال على ثنية رجل وهو جبل بالمنقطع وقيل تسعة أميال ومن الجعرانة تسعة أميال في شعب ينسب إلى عبد الله بن خالد بن أسد ومن جدة عشرة أميال
558

عند منقطع الأعشاش ومن الطائف سبعة أميال عند طرف عرنة ومن بطن عرنة أحد عشر ميلا.
قال ابن الجوزي ويقال عند أضاة لبن مكان أضاحة لبن قال في الفروع وهذا هو المعروف والأول ذكره في الهداية وغيرها.
قوله (ويحرم صيد المدينة).
نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب لكن لو فعل وذبح صحت تذكيته على الصحيح من المذهب وذكر القاضي في صحتها احتمالان والمنع ظاهر كلامه في المستوعب الآتي وغيره.
وشجرها وحشيشها إلا ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل والعارضة والقائمة ونحوها كالوسادة والمسند وهو عود البكرة.
ومن حشيشها للعلف ومن أدخل إليها صيدا فله إمساكه.
وهذا ما لا أعلم فيه نزاعا وقال في المستوعب وغيره حكم حرم المدينة حكم حرم مكة فيما سبق إلا في مسألة من أدخل صيدا أو أخذ ما تدعو الحاجة إليه من الشجر والحشيش.
قوله (ومن أدخل إليه صيدا فله إمساكه وذبحه).
قد تقدم قريبا أن القاضي ذكر في صحة تذكية الصيد احتمالان وأن الصحيح من المذهب الصحة.
قوله (ولا جزاء في صيد المدينة).
هذا المذهب قال في الفروع اختاره غير واحد.
قلت منهم المصنف.
وجزم به في الوجيز والمنتخب وقدمه في الفروع والخلاصة والنظم والكافي وتجريد العناية وإدراك الغاية ونهاية بن رزين.
559

وعنه جزاؤه سلب القاتل لمن أخذه وهو المنصوص عند الأصحاب في كتب الخلاف قاله في الفروع ونقله الأثرم والميموني وحنبل واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور ونظم نهاية بن رزين وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق وناظم المفردات وهو منها وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والتلخيص والشرح والمذهب الأحمد وشرح بن منجا.
فائدتان
إحداهما سلب القاتل ثيابه قال جماعة منهم المصنف والشارح والسراويل وقال في الفصول وغيره والزينة من السلب كالمنطقة والسوار والخاتم والجبة قال وينبغي أن يكون من آلة الاصطياد لأنها آلة الفعل المحظور كما قال في سلب المقتول قال غيره وليست الدابة منه.
الثانية إذا لم يسلبه أحد فإنه يتوب إلى الله تعالى مما فعل.
قوله (وحرمها ما بين ثور إلى عير).
وهو ما بين لابتيها وقدره بريد في بريد نص عليه قال المصنف في المغني والشارح وغيرهما قال أهل العلم
بالمدينة لا يعرف بها ثور ولا عير وإنما هما جبلان بمكة فيحتمل أنه عليه أفضل الصلاة والسلام أراد قدر ما بين ثور إلى عير ويحتمل أنه أراد جبلين بالمدينة وسماهما ثورا وعيرا تجوزا والله أعلم.
وقال في المطلع عير جبل معروف بالمدينة مشهور وقد أنكره بعضهم قال مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور.
وأما ثور فهو جبل بمكة معروف فيه الغار الذي توارى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال المدينة حرم ما بين عير إلى ثور.
قال عياض أكثر الروايات في البخاري ذكروا عيرا فأما ثور فمنهم
560

من كنى عنه بكذا ومنهم من ترك مكانه بياضا لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ.
قال أبو عبيد أصل الحديث من عير إلى أحد وكذا قال الحازمي وجماعة وقال الرواية صحيحة وقدروا كما قدر المصنف والشارح.
قال في المطلع وهذا كله لأنهم لا يعرفون ثورا بالمدينة وقد أخبرنا العلامة عفيف الدين عبد السلام بن مزروع البصري قال صحبت طائفة من العرب من بني هيثم وكنت إذا صحبت العرب أسألهم عما أراه من جبل أو واد وغير ذلك فمررنا بجبل خلف أحد فقلت ما يقال لهذا الجبل قالوا هذا جبل ثور فقلت ما تقولون قالوا هذا ثور معروف من زمن آبائنا وأجدادنا فنزلت وصليت ركعتين انتهى.
قال العلامة بن حجر في شرح البخاري وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي نزيل المدينة في مختصره لأخبار المدينة أن خلف أهل المدينة ينقلون عن سلفهم أن خلف أحد من جهة الشمال جبلا صغيرا إلى الحمرة بتدوير يسمى ثورا قال وقد تحققته بالمشاهدة انتهى.
وقال المحب الطبري بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه قال أخبرني الثقة العالم عبد السلام البصري أن حد أحد عن يساره جانحا إلى ورائه جبل صغير يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور وتواردوا على ذلك قال فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه قال وهذه فائدة جليلة انتهى.
وقال في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وحرمها ما بين جبليها وقيل كما بين ثور إلى عير.
قال في الفروع وحرمها ما بين لابتيها بريد في بريد نص عليه انتهى.
561

وقد ورد أحرم ما بين لابتيها وفي رواية ما بين جبليها وفي رواية ما بين مأزميها.
قال الحافظ العلامة بن حجر في شرحه رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواية عليها ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل جبل لابة أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة المشرق والمغرب وعاكسه في المطلع.
وأما رواية مأزميها فالمأزم المضيق بين الجبلين وقد يطلق على الجبل نفسه.
فوائد
الأولى مكة أفضل من المدينة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونصره القاضي وأصحابه وغيرهم.
وأخذه من رواية أبي طالب وقد سئل عن الجوار بمكة فقال كيف لنا به وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إنك لأحب البقاع إلى الله وإنك لأحب البقاع إلى وعنه المدينة أفضل اختاره بن حامد وغيره.
وقال ابن عقيل في الفنون الكعبة أفضل من مجرد الحجرة فأما وهو فيها فلا والله ولا العرش وحملته والجنة لأن في الحجرة جسدا لو وزن به لرجح قال في الفروع فدل كلام الأصحاب أن التربة على الخلاف.
وقال الشيخ تقي الدين لا أعلم أحدا فضل التربة على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه أحد.
وقال في الإرشاد وغيره محل الخلاف في المجاورة وجزموا بأفضلية الصلاة.
562

وغيرها في مكة واختاره الشيخ تقي الدين وغيره قال في الفروع وهو ظاهر ومعنى ما جزم به في المغني وغيره أن مكة أفضل وأن المجاورة بالمدينة أفضل.
الثانية يستحب المجاورة بمكة ويجوز لمن هاجر منها المجاورة بها.
ونقل حنبل إنما كره عمر رضي الله عنه الجوار بمكة لمن هاجر منها قال في الفروع فيحتمل القول به فيكون فيه روايتان.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله المجاورة في مكان يتمكن فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان انتهى.
الثالثة تضاعف الحسنة والسيئة بمكان أو زمان فاضل ذكره القاضي وغيره وابن الجوزي والشيخ تقي الدين.
وقد سئل في رواية بن منصور تكتب السيئة أكثر من واحدة قال لا إلا بمكة وذكر الآجري أن الحسنات تضاعف ولم يذكر السيئات.
الرابعة لا يحرم صيد وج وشجره وهو واد بالطائف وفيه حديث رواه أحمد وأبو داود عن الزبير مرفوعا إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله لكن الحديث ضعفه الإمام أحمد وغيره من النقاد.
وقال في الرعايتين والحاويين ويباح للمحرم صيد وج وهو خطأ لا شك فيه لأن الخلاف الذي وقع بين العلماء إنما هو في إباحته للمحل فعند الإمام أحمد يباح له وعند الشافعي لا يباح وأما المحرم فلا يباح له بلا نزاع والله أعلم.
تم طبعا وتصحيحا قدر الطاقة الجزء الثالث من كتاب الإنصاف.
بمطبعة السنة المحمدية في يوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر شعبان سنة 1375 هجرية. الموافق 27 مارس سنة 1956 ميلادية. وبه تم الجزء الأول من الأصل المعتمد. ويليه بمعونة الله وحسن توفيقه وتسديده الجزء الرابع. وأوله إن شاء الله (باب ذكر دخول مكة) والله المستعان على الإتمام. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
563