الكتاب: موارد الظمآن
المؤلف: الهيثمي
الجزء: ١
الوفاة: ٨٠٧
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: حسين سليم أسد الداراني
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١١ - ١٩٩٠ م
المطبعة:
الناشر: دار الثقافة العربية
ردمك:
ملاحظات:

موارد الظمآن
1

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1411 ه - 1990 م
دار الثقافة العربية
دمشق. ص. ب: 4971 - بيروت
ص. ب: 6433 / 112
المدير المسؤول
أحمد يوسف الدقاق
2

موارد الظمآن
إلى زوائد ابن حبان
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي
735 - 807 ه‍
الجزء الأول
حققه و خرج نصوصه
حسين سليم أسد الداراني
دار الثقافة العربية
3

بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
من الواجب علي و أنا أقدم لهذا الكتاب أن أوضح للدارسين أمورا
الأمر الأول: بيان السبب الذي جعلني أقدم ل‍ (موارد الظمآن)
بالمقدمة نفسها التي كتبتها في تقديمي (صحيح ابن حبان).
الثاني: هو أن أجيب على سؤال من يطالبني بطبع صحيح ابن
حبان بتحقيقي، و هو ما أحيل عليه في تخريجاتي (مسند أبي يعلى
الموصلي) الذي نشرته دار المأمون للتراث. الممثلة بالأستاذين أحمد
يوسف الدقاق، و عبد العزيز رباح.
الثالث: توضيح السبب الذي دفعني إلى تحقيق هذا الكتاب الذي
ما هو إلا جزء من صحيح ابن حبان الذي أطالب بإخراجه.
و لتوضيح هذا - محاولا الإيجاز ما استطعت، مختصرا مراحل زمنية
طويلة، سائلا الله تعالى السداد و الرشاد - أقول:
لقد سلمت مؤسسة الرسالة خمسة مجلدات محققة من (صحيح
ابن حبان) مع مقدمة لهذا العمل، و ذلك وفاء بالعقد الموقع بيني و بين
ممثل المؤسسة الأستاذ رضوان الدعبول، بتاريخ 6 / 12 / 1399 ه‍
الموافق 7 / 10 / 1979 و الذي يقضي بأن أقوم بتحقيق هذا السفر العظيم
(صحيح ابن حبان)، و بأن تقوم المؤسسة بتعيين مراجع للعمل قبل
إرساله إلى الطبع، على أن يثبت اسمي عليه محققا، كما يثبت اسم
المراجع عليه أيضا مراجعا.
5

وبالفعل فقد عينت المؤسسة مراجعا يحظى بحبي و احترامي و هو
الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط.
و صدر المجلد الأول من هذا الصحيح و قد كتب على غلافه الخارجي:
حققه و خرج أحاديثه و علق عليه
شعيب الأرناؤوط و حسين أسد
و قلت في نفسي: عسى أن يكون للمؤسسة وجهة نظر تجارية في
هذا، و الشيخ شعيب - كما قدمت - أخ نحبه و نحترمه، غير أنني
استنكرت و استكبرت ما أحدث في المقدمة التي قدمت: فقد حذف منها
و أضاف، و أدخل الحواشي في الأصل، و قدم و أخر... و ليت الأمر
انتهى عند هذا و إنما أدخل فيها: (و كان الرأي الأخير في البت في درجة
كل حديث للأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط).
و رجعت إلى صاحبنا الشيخ شعيب، و طلبت إليه توضيح ذلك
فتجاوز الإجابة عن تساؤلي، و قال بلهجة ما عهدتها منه من قبل: (لقد
أعطيت نعيم العرقوسي المجلدين الأخيرين ليكون شريكا لك في هذا العمل).
و هنا كان لا بد لي من اطلاعه على العقد الموقع بيني و بين الأستاذ
رضوان، فازداد نفورا، و قدمت احتجاجي إلى المؤسسة المذكورة،
و طالبتها بالالتزام بالعقد، و طال الأخذ و الرد، و لكنها - لظروف خاصة
بها - آثرت مصلحتها و إرضاء الشيخ شعيب على إمضاء العقد و الوفاء
بالوعد، و طلب إلي أن أقيلها من العقد لأنها تريد لرئيس مكتب التحقيق
فيها الشيخ شعيب أن يحقق الصحيح المذكور بأسلوب مغاير للأسلوب
الذي اتبعته في عملي.
و هنا تركت الفصل الحق في أمري إلى الله في يوم لا ينفع فيه
مال، و لا شهرة، و لا جاه، و أجبتها إلى طلبها.
و لم يمض طويل زمن حتى رأيت الجزء الثاني من صحيح ابن
6

حبان في الأسواق، و إذا على غلافه الخارجي: الإحسان في تقريب
صحيح ابن حبان.
المجلد الثاني
حققه و شرحه و علق عليه
شعيب الأرناؤوط
و استنكرت ذلك أيضا، و أعلمت المحكمين بذلك فاجتمعا و قابلا
بين تحقيقاتي، و بين ما نشر في الجزء الثاني من تحقيقات، ووقعا على
وثيقة جاء فيها: (و قد تبين لنا أن التحقيقات التي سلمها حسين أسد قد
استخدمت من قبل الشيخ شعيب الأرناؤوط الذي نسب العمل إلى نفسه
بعد أن أضاف في بعض الأماكن ما لا يزيد عن عشرة بالمئة 10 / من
تحقيقات حسين أسد).
و هنا قال الأستاذ بسام الجابي ممثل المؤسسة: (إن هناك خطأ وقع
و علي أو أوضحه إنصافا للشركة، فقد تم ذلك بناء على معلومات قديمة
كان قد اتفق عليها بين الأستاذ حسين أسد، و بسام الجابي، و لكن هذا
الاتفاق نسخ بالاتفاق اللاحق الموقع من قبل الطرفين و الملزم لهما
بالتقيد بما فيه.
و قد تعهد الأستاذ بسام الجابي ألا يتكرر هذا العمل بالنسبة لهذا
الجزء و الإجزاء الأخرى، و بناء عليه نفتح صفحة جديدة، و علي أساسها
نحاسب مسقطين اعتراضنا على هذه الطبعة والله على ما نقول وكيل).
ثم وقع الحكمان و ذلك بتاريخ 21 / 6 / 1407 ه‍ الموافق
21 / 1 / 1987.
و هنا أكد الأستاذ بسام الجابي أن المؤسسة سوف تقوم بإعادة
العمل من جديد و بأسلوب مميز و مختلف عن الأسلوب الذي صدر فيه
الجزءان.
7

و خلال هذه الفترة الطويلة كنت منصرفا إلى تحقيق (مسند أبي
يعلى الموصلي) الذي نشرته دار المأمون للتراث، و كنت أحيل على
تخريجاتي لصحيح ابن حبان ظنا مني بأن العمل سوف يصدر كما قدمته
بترقيمي و تخريجي، و ما كنت أتصور أن للمراجع حقوقا كتلك التي
جعلها الأخ الشيخ شعيب لنفسه.
و في عام 1407 ه‍ الموافق 1987 م نشرت دار الكتب العلمية
(الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) كاملا مع الفهارس، و لكنه غير
محقق التحقيق العلمي اللائق بمثل هذا السفر الجليل الذي حاول
صاحبه أن يستوعب فيه كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت - و قد اقترح
علي بعض الأفاضل - أن تحقيق (موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان)
أصبح واجبا علي لأن تحقيق هذا الكتاب يعد تحقيقا للإحسان بكامله إذ
الأحاديث الواردة في الإحسان قسمان:
الأول منها: ورد في الصحيحين، أو في أحدهما، و ورود هذه
الأحاديث فيهما، أو في أحدهما يزيدنا ثقة بصحتها، و اطمئنانا لوجوب
الالتزام بما جاء فيها.
الثاني منها: هو ما زاد على ما جاء في الصحيحين، و هو ما جمعه
الحافظ الهيثمي في (موارد الظمآن) بعد أن رتبه على أبواب الفقه. و هذا
القسم من الأحاديث هو الذي يحتاج إلى البحث الدقيق، و التحقيق
الجاد، و التأني في الحكم على الأسانيد لبيان حالها.
و لذلك فإنني قد عزمت - معتمدا على الله تعالى - على تحقيق هذا
الكتاب، مقدما له بهذه الدراسة القديمة - الحديثة، التي سميتها (مقدمة
التحقيق) بنصها الذي قدمته إلى مؤسسة الرسالة في التاريخ المدون في
نهايتها، والله ولي التوفيق.
8

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله، نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا،
و من سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل، فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده
و رسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)
[آل عمران: 102].
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، و خلق منها
زوجها. و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به
و الأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء: 1].
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم
و يغفر لكم ذنوبكم. و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما)
[الأحزاب: 70].
أما بعد: (فإن الله - سبحانه - اختار محمدا - صلى الله عليه وسلم - من عباده،
و استخلصه لنفسه من بلاده، فبعثه إلى خلقه بالحق بشيرا، و من النار لمن زاغ
عن سبيله نذيرا، ليدعو الخلق من عباده إلى عبادته، و من اتباع السبل إلى
9

لزوم طاعته. ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة، و لا الهرب عند وجود نازلة
إلا إلى الذي أنزل عليه التنزيل، و تفضل على عباده بولايته التأويل، فسنته
الفاصلة بين المتنازعين، و آثاره القاطعة بين الخصمين) (1).
(فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في
أنفسهم حرجا مما قضيت، و يسلموا تسليما) [النساء: 65].
و قد آمن به من خاطبهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنتم خير أهل الأرض) (2)،
وهم الذين لازموه، و اتبعوا النور الذي أنزل معه، و علموا أن الأخذ بسنته
(اتباع لكتاب الله، و استكمال بطاعة الله، و قوة على دين الله، ليس لأحد
تغييرها و لا تبديلها، و لا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد،
و من استنصر بها فهو منصور، و من تركها اتبع غير سبيل المؤمنين، و ولاه الله
ما تولى، و أصلاه جهنم و ساءت مصيرا) (3).
و لا يخفى على كل ذي بصيرة أن الحديث النبوي هو قول
الرسول - صلى الله عليه وسلم - و فعله، و إقراره. و في كل ذلك هو مبين و موضح لما جاء في
القرآن الكريم، من النصوص العامة، و المطلقة، و المجملة.
و هو مما أمره الله به في قوله: (و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل
إليهم) [النحل: 44].
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أمر - بمقتضى هذا النص - أن يبين معاني القرآن،
و ما يؤخذ عنه من أحكام في العقائد، و العبادات، و المعاملات، و الأخلاق.

(1) (الثقات) لابن حبان 1 / 2 - 3.
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في المغازي (4154) باب: غزوة الحديبية،
و مسلم في الإمارة (1856) (71) باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة
القتال.
(3) (حلية الأولياء) 6 / 324، و سير أعلام النبلاء 8 / 88.
10

فكان - صلى الله عليه وسلم - بسنته القولية و الفعلية، هو المعبر عن كتاب الله، الدال
على معانيه، الهادي إلى طرق تطبيقه.
فالقرآن و الحديث شيئان متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، و هما
المصدران الأساسيان لدين الإسلام.
و لما كان الحديث النبوي مبينا للقرآن و شارحا له - و هو صادر عن
المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، و المسدد بتأييد الله له - فقد افترض الله
- عز وجل - على العباد طاعته، - و قرن ذلك بطاعته - و اتباع سنته، و الرجوع
إليها فيما اختلفوا فيه من شيء، و الرضي بها، و التسليم لها، و طرح ما
سواها، و عدم الاعتداد بقول أحد - كائنا من كان - إذا كان يخالفها، أو يتأولها
على غير وجهها، و قد جاء ذلك صراحة في عدة آيات من كتاب الله.
قال تعالى: (فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا
يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما) [النساء: 65].
و قال: - (و أطيعوا الله و الرسول لعلكم ترحمون) [آل عمران: 132].
و قال: (و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا) [النساء: 69].
و قال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله، و من تولى فما أرسلناك عليهم
حفيظا) [النساء: 80].
و قال: (و أطيعوا الله، و أطيعوا الرسول و احذروا) [المائدة: 92].
و قال: (و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون
لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا)
[الأحزاب: 36].
11

و قال: (و ما آتاكم الرسول فخذوه، و ما نهاكم عنه فانتهوا)
[الحشر: 7].
و من هنا اشتدت عناية صحابة الرسول - صلى الله عليه و سلم - بما صدر عنه من أقوال
و أفعال فحفظوها في صدورهم، و قيد بعضها عدد غير قليل منهم في الصحف
و بلغوها لمن جاء بعدهم من التابعين، بدقة بالغة، و عناية لا نظير لها.
ثم جاء عصر التابعين، فحذوا حذو الصحابة في حفظ الحديث
و كتابته، فكان العالم منهم يتردد على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا
في بلده، فيحفظ مروياتهم، و يعقل فتاويهم، و يعي تأويلهم للآي الكريم.
و استقر الأمر على ذلك إلى رأس المئة الأولى من الهجرة في ولاية
الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فرأى جمع الحديث و السنن، و تدوينها
تدوينا عاما خشية أن يضيع منها شيء بموت حافظيها، فقد روى مالك في
(الموطأ) برواية محمد بن الحسن أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم - و كان إذ ذاك على إمرة المدينة المنورة موئل العلماء
و الحفاظ - أن انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سنته، أو حديث
عمر، أو نحو هذا، فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، و ذهاب العلماء،
و أوصاه أن يكتب ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، و القاسم بن
محمد بن أبي بكر، و هما على رأس من جمع حديث أم المؤمنين عائشة، و ما
عندها من العلم.
و كتب أيضا إلى العالم الجليل، المحدث الحافظ محمد بن مسلم بن
عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ت (124) ه، أن يدون الحديث
و العلم، فكان كما قال أبو الزناد: (يطوف على العلماء، و معه الألواح
12

و الصحف، يكتب كل ما يسمع) (1).
ثم شاع التدوين في الطبقة التي تلي طبقة الزهري، و أبي بكر بن
حزم، فصنف عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة، ت (150) ه‍،
و أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ت (156 ه‍) بالشام، و أبو
عبد الله سفيان بن سعيد الثوري، ت (161 ه‍) بالكوفة، و حماد بن سلمة بن
دينار، ت (176 ه‍) بالبصرة، و معمر بن راشد، ت (151 ه‍) باليمن، كتابه
الجامع (2)، و محمد بن إسحاق، ت (151 ه‍) صاحب السيرة و المغازي،
و عبد الله بن المبارك، ت (181 ه‍) بخراسان، و هشيم بن بشير،
ت (188 ه‍) بواسط، و جرير بن عبد الحميد، ت (188 ه‍) بالري،
و الليث بن سعد ت (175 ه‍) بمصر.
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى
بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، و ذلك على رأس
المئتين، فصنف عبيد الله بن موسى العبسي، ت (213 ه‍) مسندا، و صنف
مسدد بن مسرهد البصري، ت (228 ه‍) مسندا، و صنف أسد بن موسى
الأموي ت (212 ه‍) مسندا، و صنف نعيم بن حماد الخزاعي،
ت (228 ه‍) مسندا - و كان نزيل مصر.
ثم اقتفى الأئمة - بعد ذلك - أثرهم. فقلما نجد إماما من الحفاظ إلا
وصنف حديثه على المسانيد، كالإمام أحمد بن حنبل، ت (241 ه‍).

(1) انظر (الأموال) لأبي عبيد ص 358 - 359، و البخاري في العلم، باب: كيف يقبض
العلم، و سير أعلام النبلاء 5 / 328، و انظر مقدمة فتح الباري ص 6 - 7، و تدريب
الراوي 2 / 90.
(2) و هو ملحق بالمصنف، بدؤه في 10 / 379، و نهايته نهاية المجلد (11).
13

و إسحاق بن راهويه، ت (238 ه‍)، و عثمان بن أبي شيبة، ت (239 ه‍)،
و غيرهم من النبلاء.
و منهم من صنف على الأبواب، و على المسانيد معا، كأبي بكر بن
عبد الله بن أبي شيبة، ت (235 ه‍).
فلما رأى البخاري - رحمه الله تعالى - هذه التصانيف و رواها، و انتشق
رياها، و استجلى محياها، و جدها - بحسب الوضع - جامعة بين ما يدخل
تحت التصحيح و التحسين، و الكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال لغثه
سمين، تحركت همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين.
وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه - أمير المؤمنين في الحديث
و الفقه - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه - و قد كان
البخاري عنده -: لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟.
قال: فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع (الجامع الصحيح) (1).
ثم تلاه تلميذه و صاحبه: أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري،
فصنف ثاني كتابين ملأ الدنيا و شغلا الناس، فكانا البداية - و نعمت البداية -
و كانا النواة و المنهج للباحثين في هذا المضمار الشريف.
و لكنهما - رحمهما الله - لم يستوعبا الصحيح بما جمعاه، و لا التزما
ذلك، و قد روينا عن البخاري أنه قال: (ما أدخلت في كتابي (الجامع) إلا
ما صح، و تركت من الصحاح لملال الطول).
و روينا عن مسلم أنه قال: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هنا
- يعني في صحيحه - و إنما وضعت هنا ما أجمعوا على صحته) (2).

(1) هدي الساري ص (6)، مقدمة ابن الصلاح ص: 10.
(2) هدي الساري ص (7)، مقدمة ابن الصلاح ص: 10.
14

و روى الحازمي و الإسماعيلي عن البخاري قوله: (و ما تركت من
الصحاح أكثر) (1).
و هذه النقول اعتراف صريح منهما بأنهما لم يذكرا في كتابيهما كل
الصحيح. فالمجال إذا واسع، و الميدان فسيح أمام من تتحقق فيه العزيمة،
و صدق القصد، و سعة الاطلاع، و دقة النقد ليتم ما بدأ به هذان الإمامان
العظيمان.
و قد نهض لهذه المهمة، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، إمام الأئمة،
محمد بن إسحاق بن خزيمة (223 - 311 ه‍) محاولا استيعاب الصحيح
في مصنف، قد ضاع مع ما ضاع من ميراثنا العظيم، و لم يبق منه إلا
ربعه (2).
ثم تلقف الراية من بعده تلميذه النجيب، الإمام الحافظ، أبو حاتم
محمد بن حبان البستي، الذي نحن بصدد التعريف به و بكتابه الضخم
المسمى ب‍ (المسند على التقاسيم و الأنواع، من غير وجود قطع
في سندها و لا ثبوت جرح في ناقليها) (3)، و المشهور بين أهل العلم
ب‍ (صحيح ابن حبان).

(1) هدي الساري ص (7)، مقدمة ابن الصلاح ص: 10.
(2) و قد قام بتحقيق ما بقي من هذا المصنف العظيم، الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، و قد
أخرجه في أربعة أجزاء، تبدأ بكتاب (الطهارة) و تنتهي بكتاب (الحج) باب: إباحة العمرة
قبل الحج.
(3) ويقع في (سبعة أسفار). فقد روى الوادي أشي (749) ه‍ في (برنامجه) ص:
(204) أنه قرأ جميع التقاسيم و الأنواع بسنده، بحرم الله تعالى، تجاه الكعبة
المعظمة، على إمام المقام الشريف رضي الدين أبي إسحاق إبراهيم الطبري، و كان
في سبعة أسفار دون ما اتصل به من الكلام عليه، ثم قال: (و ناولنيه الشيخ شمس
الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء الزراد الصالحي، الدمشقي،
بجامع الصالحية، و كان في ستة أسفار).
و هذا النقل يعني أن كتاب (التقاسيم و الأنواع) كانت أصوله متداولة بين أهل العلم
في مكة و الشام، يسمعونه على الشيوخ ليتصل سماعهم بمؤلفه توثقا و ضبطا.
غير أن هذا التداول و هذا الاهتمام، و هذا الجهد كان محدودا، و ما كان بالقدر
الذي يتناسب مع المكانة العظيمة التي يحتلها هذا المصنف الجليل، و الدليل على
ذلك أننا - و للأسف - حتى ساعة كتابة هذه الأسطر لم نقف على أصل خطي كامل
له، على الرغم من البحث و التفتيش عنه في المكتبات العامة و الخاصة، و ربما نقع
على ذلك - إن شاء الله - فيما نستقبل من الأيام.
لذلك فإننا نرجو أهل العلم أن يزودونا بعلمهم فيما إذا اهتدوا إلى مكان وجود
نسخة كاملة من هذا المصنف الجليل لنسعى إلى الحصول عليها، و لن يذهب
العرف بين الله و الناس.
15

ابن حبان (1)
التعريف به و ببيئته:
هو الإمام العلامة، الحافظ المجود، المحقق الفاضل، شيخ خراسان،
محمد بن حبان، بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد، بن سعيد بن سهيد،
و يقال: ابن معبد بن هدية بن مرة، بن سعد بن يزيد بن زيد، بن عبد الله بن
دارم بن مالك، بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرة بن أد، بن
طابخة بن إلياس، بن مضر بن معد بن عدنان، أبو حاتم التميمي البستي،
القاضي، أحد الأئمة الرحالين و المصنفين.

(1) مصادر الترجمة: الأنساب 2 / 209 - 210، معجم البلدان 1 / 415 - 419، إنباء
الرواة 3 / 122، الكامل لابن الأثير 8 / 226، اللباب 1 / 151، المختصر في أخبار
البشر 2 / 105 - 106، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي الورقة
(160)، سير أعلام النبلاء 16 / 92 - 104، تذكرة الحفاظ 3 / 920 - 924، ميزان
الاعتدال 3 / 506 - 508، العبر 2 / 300، دول الإسلام 1 / 220، الوافي بالوفيات
2 / 317 - 318، عيون التواريخ / 11 / الورقة (130)، مرآة الجنان 2 / 357، طبقات
الشافعية للسبكي 3 / 131 - 135، البداية و النهاية 11 / 59، لسان الميزان
5 / 112 - 115، النجوم الزاهرة 3 / 342، طبقات الحفاظ للسيوطي ص:
(374 - 375)، النجوم الزاهرة 3 / 342، شذرات الذهب 3 / 16، هدية العارفين
2 / 44 - 45، الرسالة المستطرفة للكتاني ص (20 - 21). الأعلام 6 / 78، و معجم
المؤلفين 9 / 173 - 174 و فيه كثير من مصادر الترجمة.
17

ولد ببست (1)، تلك البلدة التي ازدهت بجمالها، و كانت درة في عقد
الاسلام إذا ما عرج على ذكر علمائها و رجالها:
إذا قيل: أي الأرض في الناس زينة
أجبنا و قلنا: أبهج الأرض بستها
فلو أنني أدركت يوما عميدها
لزمت يد البستي دهرا وبستها (2)
في هذه البقعة من العالم الاسلامي، التي حمل إليها الفاتحون - مع
العدالة و الديانة، و الرحمة و العمران - الحضارة و العلم و البيان و صنوف
المعرفة.
في هذه البقعة الطيبة ولد هذا الامام العظيم، فكان عدناني النسب،
أفغاني المولد و النشأة.
و تدور عجلة الزمن، و يمضي أكثر من ربع قرن على مولد هذا الإمام
الكبير، دون أن تحدثنا كتب التراجم شيئا عن نشأته الأولى، و الأحداث التي
تعرض لها، و طلبه للعلم، و اشتراكه في أحداث عصره.

(1) مدينة كبيرة بين سجستان و غزنين و هداة، و هي كثيرة الأنهار و البساتين، سئل عنها
بعض الفضلاء فقال: هي كتثنيتها - يعني: بستان. و قد خرج منها جماعة من أعيان
الفضلاء منهم: الإمام الكبير، الفقيه، اللغوي، أبو سليمان الخطابي صاحب (معالم
السنن) و (إعجاز القرآن) و (غريب الحديث) و غيرها.
و منهم الأديب البليغ أبي الفتح علي بن محمد البستي صاحب القصيدة السائرة
في الحكمة، و مطلعها:
زيادة المرء في دنياه نقصان
و ربحه غير محض الخير خسران
(2) قائل ذلك هو عمران بن موسى بن محمد بن عمران الطولقي، يمدح أبا الفتح
البستي، الشاعر، الكاتب، صاحب التخميس. معجم البلدان 1 / 415.
18

لقد ضنت علينا كتب التراجم بكل ذلك، فأصبح ضائعا في متاهة
تاريخ بعيد لم يدرس، و لم تسلط، و لو شعاعا واحدا على جانب من جوانب
هذه الحياة الكريمة!!..
أسباب خروجه من بلده:
بعد مضي هذه الفترة الغامضة، نجد ابن حبان شريدا طريدا، أكره
على مفارقة الأهل الذين أحب، و الموطن الذي هام به و ترعرع فيه. و نسأل
عن سبب ذلك، فتحدد لنا كتب التراجم سببين لهذا الإخراج المقيت:
يقول الذهبي في (ميزان الاعتدال) 3 / 507: (قال أبو إسماعيل
الأنصاري، شيخ الإسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان:
رأيته؟.
فقال: رأيته، و نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، و لم يكن
له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه) (1).
و قال أبو إسماعيل الأنصاري: (سمعت عبد الصمد بن محمد بن

(1) تعقب الإمام الذهبي هذا القول في (سير أعلام النبلاء) 16 / 97 - 98 بقوله: (قلت:
إنكاركم عليه بدعة أيضا، و الخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، و لا أتى نص بإثبات
ذلك و لا بنفيه، و من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، و تعالى الله أن يحد، أو
يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد، بلا مثل و لا كيف
(ليس كمثله شيء و هو السميع البصير). [الشورى: 11]).
و قال ابن حجر في (لسان الميزان) 5 / 114 بعد أن ذكر القول هذا: (و الحق أن
الحق مع ابن حبان).
و قال السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى) 3 / 132 - 133: (قلت: انظر ما
أجهل هذا الجارح! و ليت شعري من المجروح؟ مثبت الحد، أو نافيه؟.
و قد رأيت للحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي - رحمه الله - على هنا
كلاما أحببت نقله بعبارته، قال - رحمه الله - و من خطه نقلت: (يا الله العجب!! من
أحق بالإخراج، و التبديع، و قلة الدين؟).
19

محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله، النبوة: العلم
و العمل، و حكموا عليه بالزندقة، و هجروه، و كتبوا فيه إلى الخليفة، فأمر
بقتله.
و سمعت غيره يقول: لذلك أخرج من سمرقند) (1).

(1) لقد تدبرنا ما كتبه ابن حبان في صحيحه من تعليقات، و ما نثره من تأويلات، علنا
نقع على هذه العبارة، أو على شيء يدل عليها، أو تأويل يقود إليها، فلم نجد من
ذلك شيئا، علما بأن سلوك ابن حبان، و دأبه الدائب في تحصيل الحديث الصحيح،
و حرصه على حفظه من قبل الدارسين للعمل به، بعد عقله و فهمه يجعلنا نرجح أن
هذه المقولة ألصقها به بعض حاسديه من المتزهدين الذين زهدوا في العلم، فناصبوا
أهله العداء، أو القائلين بالحد الذين أغرقوا فيه حتى كادوا أن يقعوا في التجسيم، أو
بعض الذين ضاق صدرهم بالتأويل و المتأولين فاعتبروهم الأعداء الألداء، و اتهموهم
بما هم منه - أو من أكثره - برآء.
قال الجاحظ ابن كثير في (البداية) 11 / 259: (و قد حاول بعضهم الكلام فيه من
جهة معتقده، و نسبه إلى القول بأن النبوة مكتسبة، و هي نزعة فلسفية، والله أعلم
بصحة غزوها إليه، و نقلها عنه).
و قال الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) 16 / 96 - 97: (هذه حكاية غريبة،
و ابن حبان من كبار الأئمة، و لسنا ندعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة قد
يطلقها المسلم، و يطلقها الفيلسوف الزنديق.
فإطلاق المسلم لها لا يبتغي، لكن نعتذر فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في الخير،
و نظير ذلك قوله - عليه الصلاة و السلام -: (الحج عرفة). و معلوم أن الحاج لا يصير
بمجرد الوقوف بعرفة حاجا، بل تبقى عليه فروض و واجبات، و إنما ذكر مهم الحج.
و كذا هذا ذكر مهم النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم و العمل، فلا
يكون أحد نبيا إلا بوجودهما، و ليس كل من برز فيهما نبيا، لأن النبوة موهبة من الحق
تعالى لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللدني، و العمل الصالح.
و أما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم و العمل، و هذا كفر لا يريده
أبو حاتم أصلا، و حاشاه).
وتعقب الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) 5 / 114 هذه المقولة بقوله: (ماذا؟
إلا تعصب زائد على المتأولين، و ابن حبان كان صاحب فنون، و ذكاء مفرط، و حفظ
واسع إلى الغاية).
20

و إمعان النظر في هذين الخبرين يوضح أمورا ينبغي التوقف عندها:
أولا: إنهما يرسمان صورة لبعض أدعياء العلم، الذين نما الحسد في
نفوسهم، و ترعرع الحقد في قلوبهم، فتوهموا أن بيدهم أمر توجيه الفكر بين
الناس، و مصادرة كل ما لا يناسب ميولهم و أهواءهم، سلاحهم في ذلك إثارة
العوام من الناس، و الوشاية بهم إلى الخليفة، يسند ذلك افتراء مرذول،
و يدعمه باطل مخذول.
ثانيا: إنهما يحددان جهة الرحلة التي قام بها ابن حبان، فقد توجه إلى
مشرق الخلافة الإسلامية إشفاقا على نفسه من هياج الغوغاء من العوام،
الذين يقول فيهم أبو يوسف كبير القضاة في زمن الخليفة هارون الرشيد: (لو أن
العوام كلهم عبيدي لأعتقتهم، و تبرأت من ولائهم)، و من المتطفلين على
موائد العلم، الحاقدين، الذين أرادوا به شرا.
و لعله اختار ذلك المكان في أطراف الخلافة حيث تضعف قبضة
السلطان، فلا يناله عقابه، و لا تطاله سياط عذابه، حتى إذا ما هدأ الحال،
و تنوسي ما كان، و شعر بالطمأنينة و الأمن، عاد إلى قلب الخلافة، و جاب
نواحيها المختلفة، ليتم ما بدأ به، و ليشبع نهمه في طلب الحديث، و لقي
الشيوخ، و الأخذ عنهم، و الإفادة منهم، ليتسنى له أن يتبوأ مركز الصدارة
بين أهل العلم في بلده، و يكون الإمام المرجوع إليه في هذا العلم الشريف.
ثالثا: يوضح لنا النص أن سمرقند كانت من أوائل البلدان التي حط
فيها عصا ترحاله، و في هذا البلد الطيب اتصل بشيخه أبي حفص عمر بن
21

محمد الهمداني السمرقندي، المتوفى سنة (311) للهجرة (1).
و إذا ضممنا إلى هذا ما أجمع عليه مترجموا ابن حبان، من أنه توفي
سنة (354 ه‍) و هو في عشر الثمانين يتبين لنا:
أ - أن مولده كان في عشر الثمانين من القرن الثالث، و هذا ما ذهب إليه
بعض من ترجم له.
ب - أن ابن حبان بدأ رحلته و عمره لا يقل عن الخامسة و العشرين، كما أنه لا
يزيد على الخامسة و الثلاثين.
ج - يتحدد لنا معنى ما قاله الذهبي في (ميزانه) 3 / 506 - و تابعه عليه ابن
حجر -: (و طلب العلم على رأس الثلاث مئة)، فإنه يعني: بدأ الرحلة
في طلب العلم، و إلا فإن ابن حبان عندما خرج من بلده، كان قد
استوعب الكثير من معارف العصر، و لا يمكن أن يغيب هذا على مثل
الحافظ الذهبي، و الحافظ ابن حجر.
و قد دامت هذه الرحلة المباركة التي زرع فيها العالم الإسلامي من
أقصاه إلى أقصاه نيفا و ثلاثين عاما، فقد قال الحاكم - و هو تلميذه -: (كان
ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، و اللغة، و الحديث، و الوعظ، و من
عقلاء الرجال.
قدم نيسابور سنة أربع و ثلاثين و ثلاث مئة، فسار إلى قضاء نسا، ثم
انصرف إلينا في سنة سبع، فأقام عندنا في نيسابور، و بنى الخانقاه، و قرئ
عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان عام
أربعين، و كانت الرحلة إليه لسماع حديثه) (2).

(1) شذرات الذهب 2 / 262.
(2) معجم البلدان 1 / 417.
22

و قد تابع الحاكم على هذا معظم المترجمين لابن حبان.
شيوخه في هذه الرحلة و نتائجها
انطلق هذا الإمام العظيم - و قلبه يكتوي بنار الشوق للأهل، و الحنين
إلى الوطن - يجوب الأرض، و يصارع أعباء الحياة و أوهاقها، يذلل الصعاب
متناسيا المتاعب. و يتجاوز العقبات عله يجد ما يعزيه، منصرفا إلى الجمع
و التحصيل، فكان ينتزع العلم من صدور الرجال، و يدون كل ما يسمع،
و يسجل كل ما يشاهد، دون أن يصرفه عن غايته صارف.
يقول في مقدمة صحيحه: (لقد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ...) (1).
فقد زار معظم البلدان في الخلافة الإسلامية المترامية الأطراف، و في
كل بلد حله كان له شيخ. أو شيوخ تلقى عنهم العلم، و روى عنهم
الحديث، و قد سمى لنا مترجموه بعض شيوخه، فقالوا: إنه أخذ العلم في:
1 - مرو: عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن محمود بن سليمان، و عن أبي
يحيى محمد بن محمد بن خالد المديني.
2 - سنج: عن أبي علي الحسين بن محمد بن مصعب السنجي، و عن أبي
عبد الله محمد بن نصر الهورقاني.
3 - نسا: عن الحسن بن سفيان، و عن محمد بن يوسف النسائي، و عن
محمد بن محمود بن عدي النسائي.
4 - نيسابور: عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج، و عن محمد بن
عبد الرحمن بن شيرويه الأزدي.
5 - أرغيان: عن محمد بن المسيب بن إسحاق الأرغياني.

(1) عند الانتهاء من تحقيق الصحيح، سنقوم - إن شاء الله - بجمع شيوخه، و سنترجم
لكل من نستطيع العثور على ترجمة له في بطون كتب التراجم.
23

6 - جرجان: عن عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني، و أحمد بن
محمد بن عبد الكريم الوزان الجرجاني.
7 - الري: عن العباس بن الفضل بن عاذان المقرئ، و علي بن الحسن بن
مسلم الرازي.
8 - الكرج: عن أحمد بن عمارة بن الحجاج الحافظ، و الحسين بن
إسحاق الأصبهاني.
9 - عسكر مكرم: عن عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي المعروف
ب‍ (عبدان الأهوازي).
10 - تستر: عن محمد بن أحمد الرقام، و أحمد بن محمد بن زهير الحافظ.
11 - جنديسابور: عن عمر بن حفص البزار.
12 - الأهواز: عن محمد يعقوب الخطيب.
13 - الأبلة: عن محمد بن زهير الأبلي، و عن عمر بن عبد الله بن عمر
الهجري، و الحسين بن محمد بن بسطام الأبلي.
14 - البصرة: عن الفضل بن الحباب الجمحي، و أحمد بن عمرو الزيبقي،
و بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي، و زكريا بن يحيى الساجي،
و محمد بن علي الصيرفي، و عبد الكريم بن عمر الخطابي، و محمد بن
إبراهيم البدوري، و محمد بن غدار الحارثي.
15 - واسط: عن جعفر بن أحمد بن سنان القطان، و أحمد بن موسى،
و الخليل بن محمد الواسطي.
16 - فم الصلح: عن عبد الله بن قحطبة بن مرزوق الصلحي.
17 - نهر سابس: عن خلاد بن محمد بن خالد الواسطي.
18 - بغداد: عن حامد بن محمد بن شعيب البلخي، و الهيثم بن خلف
الدوري، و أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، و عبد الله بن
محمد بن عبد العزيز البغوي.
24

19 - الكوفة: عن أبي عبد الله بن زيدان البجلي.
20 - مكة المكرمة: عن محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري،
و المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي.
21 - سامراء: عن علي بن سعيد العسكري.
22 - الموصل: عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي،
و هارون بن المسكين البلدي، و زيد بن علي بن عبد العزيز حبان
الموصلي، و روح بن عبد المجيد الموصلي، و إبراهيم بن علي بن عبد
العزيز العمري.
23 - سنجاد: عن علي بن إبراهيم بن الهيثم الموصلي.
24 - نصيبين: عن هاشم بن يحيى النصيبيني، و مسدد بن يعقوب بن
إسحاق الفلوسي.
25 - كفر توثا، من ديار ربيعة، عن محمد بن الحسين بن أبي معشر السلمي.
26 - سرغامرطا، من ديار مضر: عن أحمد بن خالد بن عبد الملك بن مسرح
الحراني.
27 - الرافقة: عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ البغدادي.
28 - الرقة: عن الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان. و أحمد بن محمد بن
يحيى الشحام. و علي بن الحسين العسكري.
29 - منبج: عن عمر بن سعيد بن سنان الحافظ، و صالح بن الأصبغ بن عامر
التنوخي.
30 - حلب: عن أحمد بن داود بن محسن بن هلال المصيصي.
31 - أنطاكية: عن وصيف بن عبد الله الحافظ.
32 - طرسوس: عن محمد بن يزيد الدرقي، و إبراهيم بن أبي أمية
الطرسوسي. و الحسن بن إسحاق بن إبراهيم الخولاني.
25

33 - أذنة: عن محمد بن علان الأذني.
34 - صيداء: عن محمد بن أبي المعافى بن سليمان الصيداوي.
35 - صور: عن جعفر بن محمد الهمداني.
36 - بيروت: عن محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي - مكحول -.
37 - حمص: عن محمد بن عبد الله بن الفضل الكلاعي الراهب.
38 - دمشق: عن أحمد بن عمير بن جوصاء الحافظ الدمشقي، و عن جعفر
ابن أحمد بن عاصم الأنصاري الدمشقي، و عن حاجب بن أركين الفرغاني.
39 - عسقلان: عن محمد بن قتيبة اللخمي.
40 - بيت المقدس: عن عبد الله بن محمد بن مسلم الخطيب المقدسي.
41 - الرملة: عن محمد بن الحسن أبي بكر بن قتيبة العسقلاني.
42 - الفسطاط من مصر: عن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، و عن
سعيد بن داود بن وردان المصري، و علي بن الحسين بن سليمان.
43 - هراة: محمد بن المنذر بن سعيد المعدل (1).
رحم الله ابن حبان ما كان أصبره على تحمل المشاق في سبيل العلم،
و جمع الحديث النبوي الشريف، و تلقيه من أفواه أساتيذه الذين عرفوا به في
كل مصر من الأمصار.
و هذا غيض من فيض، من الشيوخ و العلماء الذين اتصل بهم و أخذ
عنهم العلم.
و لكن ما الذي خلفه ابن حبان للمكتبة الإسلامية؟
قال الخطيب البغدادي الحافظ، فيما رواه عنه ياقوت في (معجم

(1) معجم البلدان 1 / 415 - 417، مقدمة موارد الظمآن ص: 7 - 10. و روضة العقلاء
للمؤلف. و كذلك الصحيح فإنه يذكر في كثير من الحالات موطن الشيخ الذي أخذ
العلم عنه، و لو استقصينا لأطلنا.
26

البلدان) 1 / 417: (و من الكتب التي تكثر منافعها، إن كانت على قدر ما
ترجمها به واضعها، مصنفات أبي حاتم محمد بن حبان البستي، التي ذكرها
لي مسعود بن ناصر السجزي و وقفني على تذكرة بأسمائها، و لم يقدر لي
الوصول إلى النظر فيها، لأنها غير موجودة بيننا، و لا معروفة عندنا، و أنا أذكر
ما استحسنته سوى ما عدلت عنه و أطرحته).
و قد ذكر الخطيب أسماء طائفة كبيرة من مؤلفات ابن حبان نقلها عنه
ياقوت، فكان لهما الفضل في حفظ أسماء هذا التراث العلمي العظيم.
تآليف ابن حبان:
و أما الكتب التي انتهت إلينا من مؤلفات هذا الإمام البارع، و الحافظ
الناقد، فهي:
1 - (المسند الصحيح على التقاسيم و الأنواع، من غير وجود قطع في
سندها، و لا ثبوت جرح في ناقليها) و المشهور عند العلماء ب‍ (صحيح
ابن حبان) و سنتحدث عنه فيما بعد.
2 - (كتاب الثقات) يقول ابن حبان في مقدمته 1 / 3: (فلما رأيت معرفة
السنن من أعظم أركان الدين، و أن حفظها يجب على أكثر المسلمين،
و أنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من الصحيح، و لا صحة إخراج الدليل
من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين، و كيفية ما كانوا عليه من
الحالات، فأردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين، و من الفقهاء من أهل
الفضل و الصالحين، و من سلك سبيلهم من الماضين).
لقد بين لنا في هذا النص الدافع إلى كتابة (الثقات) و (الضعفاء)
أيضا. و لكن ما الخطة التي اتبعها في تأليف كتابه (الثقات)؟.
يقول في مقدمته 1 / 10: (و أبدأ منهما بالثقات، فنذكر ما كانوا عليه
27

من الحالات: فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى - صلى الله عليه وسلم -،
و مولده، و مبعثه، و هجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته.
ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين بأيامهم إلى أن قتل علي
- رحمة الله عليه - ثم نذكر صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا واحدا على
المعجم إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في الأقاليم كلها على المعجم، إذ هم خير الناس بعد الصحابة قرنا،
ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين، فأذكرهم على نحو ما
ذكرنا الطبقتين الأوليين،
ثم نذكر القرن الرابع الذين هم أتباع التابعين على سبيل من
قبلهم. و هذا القرن ينتهي إلى زماننا هذا، و لا أذكر في هذا الكتاب إلا
الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم).
و نسأل: متى يجوز الاحتجاج بخبر هذا الثقة؟ فيجيبنا: (إذا تعرى
خبره عن خصال خمس، فإذا وجد خبر منكر عن واحد ممن أذكره في
كتابي هذا، فإن الخبر لا ينفك من إحدى خصال خمس:
1 - إما أن يكون فوق الشيخ الذي ذكرت اسمه في كتابي هذا، في
الإسناد رجل ضعيف.
2 - أو يكون دونه رجل واه لا يجوز الاحتجاج بروايته.
3 - أو الخبر يكون مرسلا لا يلزمنا به الحجة.
4 - أو يكون منقطعا لا تقوم بمثله الحجة.
5 - أو يكون في الإسناد رجل مدلس لم يبين سماعه في الخبر من الذي
سمعه منه) الثقات 1 / 12.
28

(فكل من ذكرته في كتابي هذا، إذا تعرى خبره عن الخصال
الخمس التي ذكرتها، فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره، لأن العدل من
لم يعرف منه الجرح، و الجرح ضد التعديل، فمن لم يعلم بجرح، فهو
عدل إذا لم يبين ضده، إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب
عنهم، و إنما كلفوا الحكم بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم، جعلنا
الله ممن أسبل عليهم جلابيب الستر في الدنيا، و اتصل ذلك بالعفو عن
جناياته في العقبى، إنه الفعال لما يريد). الثقات 1 / 13 - 14 آخر
مقدمته.
و قد طبع هذا الكتاب في تسعة أجزاء، و صنعت له فهارس في
مجلد عاشر (1).
3 - كتاب (الجرح و التعديل) و هو في تراجم الرجال من جهة منازلهم في
الرواية. و هو مكمل لكتابه (الثقات).
4 - كتاب (الضعفاء) الذي قام بتحقيقه المحقق الفاضل محمود إبراهيم زايد
بعنوان (المجروحين من المحدثين و الضعفاء و المتروكين). و تم طبعه
بثلاثة أجزاء. و قد قال في تقدمته: 1 / 1. (من خير الكتب و أجمعها، فإن
ابن حبان يخطو في هذا الكتاب خطوة واسعة في هذا الفن،
أ - هو أولا وضع قواعده العشرين في التضعيف و الجرح و ترك الرجال.
ب - يذكر اسم الرجل كاملا، و الحكم عليه، و الأسباب التي استند إليها
في تكوين هذا الحكم، بينما كان النسائي - و هو أستاذ ابن حبان -
و من عاصره أو من سبقه من الشيوخ يكتفون في مصنفاتهم عن

(1) عندما كتبت هذه الدراسة في 1 / شعبان / 1403 ه‍ الموافق 13 / أيار 1983 م كان
كتاب الثقات يصدر الجزء بعد الجزء، ففصلنا بعض التفصيل غير أن الكتاب قد تم
تحقيقه و طبعه بفضل الله فاستبدلنا ذاك، بهذا الذي كتبنا، والله ولي التوفيق.
29

ضعفاء الرجال بذكر اسم الراوي، و الرأي فيه باختصار شديد مثل:
فلان ضعيف، منكر الحديث، ضعفه فلان، تركه فلان.
ج - ينقل بعد هذا رأي الأئمة في الرجال.
د - ينهي الترجمة برواية الأحاديث التي أنكرها المحدثون عليه، و يصدر
ذلك بقوله: (قال أبو حاتم:....) لكن لا يسلم له بكل ما جاء
فيه، فقد يند عن الصواب في بعض ما ذهب إليه كما بينه النقاد.
5 - كتاب (روضة العقلاء و نزهة الفضلاء) و هو كتاب نفيس في مكارم
الأخلاق و الخصال المحمودة، و هو مطبوع بتحقيق محي الدين عبد
الحميد، و محمد عبد الرزاق حمزة، و محمد حامد الفقي سنة (1949).
6 - كتاب (مشاهير علماء الأمصار) قام بتحقيقه م‍: فلايشهمر سنة (1959). و قد
ضم (1602) ترجمة من الصحابة، و التابعين، و أتباع التابعين، و من
تبعهم من الأخيار و الصالحين: من الحجاز بحواليها، و العراق بنواحيها،
و الشام بأطرافها، و مصر بجوانبها، و اليمن بما والاها، و خراسان بما دار عليها.
هذا ما اطلعنا عليه من مؤلفات هذا الإمام التي انتهت إلينا، أما مؤلفاته
التي ذكرها من ترجم له، و لم نقف عليها، و يغلب على الظن أنها أصبحت
في حكم المفقود فهي:
1 - كتاب (الهداية إلى علم السنن) الذي قصد فيه إظهار الصناعتين، و هما
صناعتا الحديث و الفقه، يذكر فيه الحديث، و يترجم له، ثم يذكر من
يتفرد بذلك الحديث، و من مفاريد أي بلد هو:
ثم يذكر كل اسم في إسناده من الصحابي إلى شيخه بما يعرف
من نسبته، و مولده، و تاريخ وفاته، و كنيته و قبيلته، و فضله و تيقظه،
ثم يذكر ما في الحديث من الفقه و الحكمة. فإن عارضه خبر
ذكره و جمع بينهما، و إن تضاد لفظه مع خبر آخر تلطف للجمع بينهما
حتى يعلم ما في كل خبر من صناعة الحديث و الفقه معا.
30

و قال الكثير من العلماء: و هذا من أنبل كتبه و أعزها.
2 - كتاب (شعب الإيمان) يعد ابن حبان من أقدم من ألف في ذلك، ثم
تبعه الحليمي و البيهقي.
3 - كتاب (الصحابة) و يتألف من خمسة أجزاء.
4 - كتاب (التابعين) و يتألف من اثني عشر جزءا.
5 - كتاب (أتباع التابعين) و يتألف من خمسة عشر جزءا.
6 - كتاب (تبع الأتباع) و يتألف من سبعة أجزاء.
7 - كتاب (تبع التبع) و يتألف من عشرين جزءا.
8 - كتاب (الفصل بن النقلة) و يتألف من عشرة أجزاء.
9 - كتاب (علل أوهام التواريخ) و يتألف من عشرة أجزاء.
10 - كتاب (ما انفرد به أهل المدينة من السنن) و يتألف من عشرة أجزاء.
11 - كتاب (ما انفرد به أهل مكة من السنن) و يتألف من عشرة أجزاء.
12 - كتاب (غرائب الأخبار) و يتألف من عشرين جزءا.
13 - كتاب (ما أغرب الكوفيون عن البصريين) و يتألف من عشرة أجزاء.
14 - كتاب (ما أغرب البصريون عن الكوفيين) و يتألف من ثمانية أجزاء.
15 - كتاب (الفصل و الوصل) و يتألف من عشرة أجزاء.
16 - كتاب (موقوف ما رفع) و يتألف من عشرة أجزاء.
17 - كتاب (أدب الرحالة) و هو جزآن.
18 - كتاب (علل مناقب أبي حنيفة و مثالبه) و هو عشرة أجزاء.
19 - كتاب (علل ما استند إليه أبو حنيفة) عشرة أجزاء.
20 - كتاب (ما خالف الثوري فيه شعبة) ثلاثة أجزاء.
21 - كتاب (علل حديث الزهري) و هو عشرون جزءا.
22 - كتاب (مناقب مالك بن أنس) جزآن.
23 - كتاب (علل حديث مالك) عشرة أجزاء.
31

24 - كتاب (مناقب الشافعي) جزآن.
25 - كتاب (المعجم على المدن) عشرة أجزاء.
26 - كتاب (المقلين من الحجازيين) عشرة أجزاء.
27 - كتاب (المقلين من العراقيين) عشرون جزءا.
28 - كتاب (الجمع بين الأخبار المتضادة) جزآن.
29 - كتاب (وصف المعدل و المعدل) جزآن.
30 - كتاب (ما عند شعبة عن قتادة و ليس عند سعيد عن قتادة) جزآن.
31 - كتاب (أسامي من يعرف بالكنى) ثلاثة أجزاء.
32 - كتاب (كنى من يعرف بالأسامي) ثلاثة أجزاء.
33 - كتاب (التمييز بين حديث النضر الحداني، و النضر الخزاز) جزآن.
34 - كتاب (الفصل بين حديث أشعث بن مالك، و أشعث بن سوار) جزآن.
35 - كتاب (الفصل بين حديث منصور بن المعتمر و منصور بن زاذان) ثلاثة
أجزاء.
36 - كتاب (الفصل بين مكحول الشامي و مكحول الأزدي) جزء واحد.
37 - كتاب (ما أسند جنادة عن عبادة) جزء واحد.
38 - كتاب (الفصل بين حديث ثور بن يزيد، و ثور بن زيد) جزء واحد.
39 - كتاب (ما جعل عبد الله بن عمر، عبيد الله بن عمر) جزآن.
40 - كتاب (ما جعل شيبان سفيان، أو سفيان شيبان) ثلاثة أجزاء.
41 - كتاب (الأبواب المتفرقة) ثلاثون جزءا.
42 - كتاب (الفصل بين حدثنا و أخبرنا) جزء واحد.
43 - كتاب (التاريخ)، و هو من الكتب الكبيرة لذلك لجأ إلى تأليف (الثقات)
و (الضعفاء) منه ليسهل العودة إليهما على من يريد ذلك. انظر مقدمة
(الثقات).
44 - كتاب (وصف العلوم و أنواعها) ثلاثون جزءا.
32

45 - كتاب (صفة الصلاة) ذكره في (صحيحه).
46 - كتاب (محجة المبتدئين) ذكره في الصفحة (19) من (روضة العقلاء).
47 - كتاب (العالم و المتعلم) ذكره في الصفحة (27) من (روضة العقلاء).
48 - كتاب (حفظ اللسان) ذكره في الصفحة (36) من (روضة العقلاء).
49 - كتاب (مراعاة العشرة) ذكره في الصفحة (74) من (روضة العقلاء).
50 - كتاب (الثقة بالله) ذكره في الصفحة (111) من (روضة العقلاء).
51 - كتاب (التوكل) ذكره في الصفحة (135) من (روضة العقلاء).
52 - كتاب (مراعاة الإخوان) ذكره في الصفحة (159) من (روضة العقلاء).
53 - كتاب (الفصل بين الغنى و الفقر) ذكره في الصفحة (200) من (روضة
العقلاء).
54 - كتاب (السخاء و البذل) ذكره في الصفحة (205) من (روضة العقلاء).
قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي لما وقف على تذكرة ابن ناصر
السجزي المتضمنة أسماء مصنفات ابن حبان: (سألت مسعود بن ناصر،
فقلت له: أكل هذه الكتب موجودة عندكم و مقدور عليها ببلادكم؟
فقال: إنما يوجد منها الشيء اليسير و النزر الحقير) و كان هذا بعد مئة
سنة من عصر ابن حبان.
قال الخطيب البغدادي: (و مثل هذه الكتب الجليلة كان يجب أن يكثر
بها النسخ، فيتنافس فيها أهل العلم و يكتبونها و يجلدونها إحرازا لها، و لا
أحسب المانع من ذلك كان إلا قلة معرفة أهل تلك البلاد بمحل العلم
و فضله و زهدهم فيه، و رغبتهم عنه، و عدم بصيرتهم به) (1).
فإذا ما علمنا أن هذه الثروة الهائلة من الكتب - على تنوع أبحاثها

(1) معجم البلدان 1 / 418.
33

و اختلاف حجوم أجزائها - قد ضاعت، ما عدا اليسير منها، أدركنا بالغ
الخسارة التي منيت بها المكتبة الإسلامية بضياع هذا العلم العظيم.
موقفه مما جمع:
لقد وفق ابن حبان في رحلته الطويلة أيما توفيق، فقد اجتمع له من
الشيوخ، و الروايات، و الأخبار، الشيء الكثير، و العدد الوفير، فقد جاء في
مقدمة صحيحه أنه كتب عن أكثر من ألفي شيخ، و هذا العدد الجم من
الشيوخ يندر أن تجده في إمام من الأئمة، إلا أنه حين شرع في تدوينه
الصحيح، أسقط كثيرا من الشيوخ، و لم يعتد بمروياتهم، لأنه لم تتحقق فيهم
شروط الصحة التي أبان عنها في مقدمة كتابه، و اقتصر على مئة و خمسين
شيخا منهم، أقل أو أكثر، و قد عول على عشرين منهم أدار السنن عليهم،
و اقتنع بروايتهم عن رواية غيرهم، فقد جاء في المقدمة:
(و لم نرو في كتابنا هذا إلا عن مئة و خمسين شيخا، أقل أو أكثر، و لعل
معول كتابنا هذا يكون على نحو من عشرين شيخا، أدرنا السنن عليهم،
و اقتنعنا بروايتهم عن رواية غيرهم).
و يعلق الإمام الذهبي على هذا النص، فيقول: (كذا فلتكن الهمة،
هذا مع ما كان عليه من الفقه، و العربية، و الفضائل الباهرة، و كثرة
التصانيف) (1).
و أما الشيخ أحمد شاكر فيقول: (و في هذا مقنع لمن أراد علما
و طمأنينة) (2).
فابن حبان إذا لم يكن جامعا فحسب، و إنما كان ناقدا فذا، و عالما
حصيفا، و مدققا ذكيا، و مجتهدا جريئا، له منهجه و أسلوبه، شجاعا متقحما،

(1) (سير أعلام النبلاء) 16 / 94.
(2) مقدمته لصحيح ابن حبان ص (2).
34

تجاوز هيبة الصحيحين، و نقد الشيخين، بل نقض أسلوب ترتيبهما. و لم
يسلم منه حتى شيخه ابن خزيمة، علما بأنه احتل من نفسه مكانة لم يحتلها
غيره من المشايخ الذين اتصل بهم، و نقل العلم عنهم (1).
يقول ابن حبان فيما نقله عنه الحازمي: (فإن الحديث إذا صح سنده،
و سلم من شوائب الجرح فلا عبرة بالعدد و الأفراد، و قد يوجد - على ما
ذكرت - حديث، فينبغي أن يناقش البخاري في ترك إخراج أحاديث هي من
شرطه، و كذلك مسلم، و من بعده) (2).
و لم نعلم - فيما اطلعنا عليه - أنه كتب في الصحيح بعد مسلم إلا ابن
خزيمة.
و يقول أيضا في مقدمة صحيحه: (و إني لما رأيت الأخبار طرقها
كثرت، و معرفة الناس بالصحيح منها قلت، لاشتغالهم بكتبة الموضوعات،
و حفظ الخطأ و المقلوب، حتى صار الخبر الصحيح مهجورا، لا يكتب،
و المنكر المقلوب عزيزا يستغرب، و أن من جمع السنن من الأئمة الماضين
المرضيين، و تكلم عليها أهل الفقه و الدين، أمضوا في ذكر الطرق للأخبار،
و أكثروا من تكرار المعاد للآثار، قصدا منهم لتحصيل الألفاظ على من دام
حفظها من الحفاظ فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب،
و ترك المقتبس التحصيل للخطاب، فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على
المتعلمين، و أمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين) (3).

(1) قال ابن حبان في (المجروحين) 1 / 93: (ما رأيت على وجه الأرض من يحسن
صناعة السنن، و يحفظ ألفاظها الصحاح و زياداتها، حتى كأن السنن بين عينيه إلا
محمد بن إسحاق بن خزيمة). نقله الحافظ الذهبي في (تذكرة الحفاظ) 2 / 723.
(2) شروط الأئمة الخمسة للحازمي ص: (62).
(3) مقدمة الصحيح لابن حبان 1 / 58.
35

فابن حبان إذا لم يكن سائحا في العالم الاسلامي، تخلبه الظواهر،
و تخدعه المظاهر، و إنما كان باحثا عن العلم، متشوقا إلى الإحاطة بالحقائق،
متطلعا إلى معرفة الأسباب و النتائج ليحكم عليها حكم العالم المجرب
الخبير، و الناقد المتأني البصير. و لعلنا لا نجانب الحق إذا قلنا: إن قمة حصيلة
هذه الرحلة المباركة كتابه العظيم (التقاسيم و الأنواع...) أو (صحيح ابن
حبان).
صحيح ابن حبان:
إن الاسم الكامل الذي وضعه أبو حاتم لمصنفه العظيم هو: (المسند
الصحيح على التقاسيم و الأنواع، من غير وجود قطع في سندها، و لا ثبوت
جرح في ناقليها).
غير أن العلماء الذين تعرضوا لذكره في مصنفاتهم اختلفوا في
تسميته. و كل منهم قد أطلق عليه جزءا من هذه التسمية الطويلة. فالذهبي
ينقل عن الإدريسي قوله: (صنف - يعني ابن حبان - المسند الصحيح) (1)
و يذكره في الصفحة نفسها باسم (الأنواع) و يقول فيها أيضا: (و في صحيحه)
أي: صحيح ابن حبان. بينما يطلق عليه في (تذكرة الحفاظ) (2) اسم (الأنواع)
و (كتاب الأنواع و التقاسيم).
و أما أبو عمرو بن الصلاح فقد أطلق عليه في (مقدمته) اسم (صحيح
أبي حاتم ابن حبان) و سماه العراقي (صحيح ابن حبان) و قال أيضا:
(و صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي)، المسمى ب‍ (التقاسيم
و الأنواع). و أطلق عليه محمد بن إسماعيل الصنعاني في كتاب (توضيح

(1) سير أعلام النبلاء 16 / 94، و تذكرة الحفاظ 3 / 921.
(2) تذكرة الحفاظ 3 / 921.
(3) مقدمة ابن الصلاح ص: (11).
36

الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار) 1 / 64 (صحيح ابن حبان) و بهذه التسمية
وسمه السيوطي في (التدريب) 1 / 109 إذ قال: (صحيح ابن حبان ترتيبه
مخترع).
و هذا الصحيح - بترتيبه المخترع - ليس موجودا كاملا، و إنما الموجود
بين أيدينا (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) الذي رتبه الفارسي على
أبواب الفقه، غير أنه لم يترك شاردة و لا واردة إلا أثبتها، حتى رموز التقاسيم
و الأنواع التي تدل على مكان وجودها في الأصل.
فالفارسي - بحق - قمة شامخة في الأمانة العلمية، و في المحافظة على
الأصل، و في عمله هذا إبقاء على النسب الواضح بين المؤلف و بين صاحبه.
و أما نحن فقد اخترنا هذه التسمية (صحيح ابن حبان) للأسباب التالية:
1 - لأن هذا الاسم هو الشائع الذائع في الأوساط العلمية، و العامة، و في
المؤلفات التي يتعرض أصحابها لذكر هذا الصحيح.
2 - لأنه أخصر التسميات، و أسهلها نطقا على اللسان، و أعذبها وقعا على
الآذان.
3 - تأسيا ب‍ (الجامع الصحيح) للإمام البخاري، الذي لم يذع و لم ينتشر بهذا
الاسم، و إنما انتشر و ذاع باسم (صحيح البخاري).
شروط ابن حبان و موقف العلماء منها:
تربع ابن حبان على كرسي الأستاذية - و هو به جدير - بعد أن أفنى
نصف عمره جوابا في الأفاق، جماعا للعلم، طلابا للحق، حتى أصبح
الأستاذ العلم في أكثر من فن، و بخاصة في هذا العلم الشريف، و أصبحت
الرحلة إليه لقراءة كتبه عليه، و الإفادة منه.
لقد أصبح الإمام المجتهد الذي يتدبر الصحاح بفكر ثاقب، و روية
37

مدهشة عمدته في ذلك ذكاء نادر، و خبرة طويلة، و ممارسة أصيلة، و شجاعة
في الحق نادرة. فهو بذلك كله الإمام القادر على الأخذ و الرد، من كل شيخ
سابق له في هذا المضمار النبيل.
فما الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الحديث ليكون من مروياته، مثبتا
في مدوناته؟
إنه يقرر ذلك - بلهجة الأستاذ الواثق في مقدمة صحيحه:
(و أما شرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإننا لم نحتج فيه
إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.
و الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
و الثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
و الرابع: العلم بما يحيل من معاني الآثار.
و الخامس: المتعري خبره عن التدليس.
فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه، و بنينا
الكتاب على روايته و كل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس، لم
نحتج به) (1).
لقد كتب هذا المحقق العظيم عن أكثر من ألفي شيخ، و لكن معول
صحيحه على نحو من عشرين شيخا، اقتنع بروايتهم و اطرح الباقي.
فكيف كانت تحصل له القناعة؟ و ما الطريق الذي يسلكه للوصول
إليها؟

(1) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 139 بتحقيقنا.
38

يقول: (و قد اعتبرنا حديث شيخ شيخ، على ما وصفنا من الاعتبار
على سبيل الدين، فمن صح عندنا منهم أنه عدل احتججنا به، و قبلنا ما
رواه، و أدخلناه في كتابنا هذا، و من صح عندنا أنه غير عدل بالاعتبار الذي
وصفنا لم نحتج به، و أدخلناه في كتاب (المجروحين من المحدثين) بأحد
أسباب الجرح) (1).
فابن حبان يعتد بهذه الشروط الآنفة الذكر في كل شيخ من رواة السند،
و من ثم يحكم على الحديث بالصحة، و يدرجه في كتابه هذا، إذا استوفى
الشروط المذكورة، أو يطرحه و يدرجه في (كتاب الضعفاء) إذا أخل بواحد
منها، و هو في صنيعه هذا يعد نفسه إماما مجتهدا، لا يقلد أحدا من الأئمة
الذين تقدموه، و لا يعبأ بمخالفتهم له فيما انتهى إليه، يقول: (فمن صح
عندي منهم بالبراهين الواضحة، و صحة الاعتبار - على سبيل الدين - أنه ثقة
احتججت به، و لم أعرج على قول من قدح فيه.
و من صح عندي بالدلائل النيرة، و الاعتبار الواضح - على سبيل
الدين - أنه غير عدل، لم أحتج به، و إن وثقه بعض أئمتنا) (2).
و هذه الشروط التي شرطها ابن حبان لتصحيح الحديث في كتابه - و هي
شروط دقيقة تتطلب جهدا كبيرا، و يقظة تامة، و إحاطة واسعة - قد التزمها،
و وفى بها في عامة ما أدرجه في صحيحه هذا من الأحاديث، و لم يخل بذلك
إلا فيما لا يخلو منه عالم أو كتاب من السهو و الغلط، أو من اختلاف الرأي
في الجرح و التعديل، و التوثيق و التضعيف، و التعليل و الترجيح.
ترتيبه، و موقف العلماء منه:
إن ابن حبان الذي يعتقد أن في لزوم السنة (تمام السلامة، و جماع

(1) انظر صحيح ابن حبان 1 / 144 بتحقيقنا.
(2) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 141 بتحقيقنا.
39

الكرامة، لا تطفأ سرجها، و لا تدحض حججها، من لزمها عصم، و من
خالفها ندم، إذ هي الحصن الحصين، و الركن الركين) (1)، لم يرض عن
ترتيب الذين (أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار، و أكثروا من تكرار المعاد للآثار،
قصدا منهم لتحصيل الألفاظ على من رام حفظها من الحفاظ، فكان ذلك
سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب، و ترك المقتبسين التحصيل
للخطاب) (2).
فلا بد إذا - و الحال هذه - من حيلة يحتالها، ليحفظ الناس السنن،
و لأن لا يعرجوا على الكتبة و الجمع إلا عند الحاجة، دون الحفظ و العلم
به.
فما الحيلة التي احتالها، لتحقيق هذه الغاية النبيلة؟!
يقول: (فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين، و أمعنت
الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين، فرأيتها تنقسم خمسة أقسام
متساوية، متفقة التقسيم غير متنافية.
فأولها: الأوامر التي أمر الله عباده بها.
و الثاني: النواهي التي نهى عباده عنها.
و الثالث: إخباره عما احتيج إلى معرفتها.
و الرابع: الإباحات التي أبيح ارتكابها.
و الخامس: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي انفرد بفعلها.
ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعا كثيرة) (3). (فجميع أنواع السنن

(1) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 86 بتحقيقنا.
(2) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 86 بتحقيقنا.
(3) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 86 - 87 بتحقيقنا.
40

أربع مئة نوع على حسب ما ذكرناها) (1).
فهذه إذا تقاسيمه الخمسة التي يتألف منها الصحيح، و التي تشمل
على أربع مئة نوع من الأنواع و قد وضع لكل نوع منها عنوانا يدل على فقه
سليم، و فهم مستقيم، و قد كشف عن غايته من هذا التنويع، و أوضح ما
يريد بقوله - في المقدمة 1 / 137 - (قصدنا في تنويع السنن الكشف عن
شيئين:
أحدهما: خبر تنازع الأئمة فيه و في تأويله،
و الآخر: عموم خطاب صعب على أكثر الناس الوقوف على معناه).
فهو إذا - و الحق نقول - العالم الذكي، و الأستاذ الكفء الذي يدرك
مواطن الصعوبة فيذللها، و يدري الأسباب في تشعب الآراء، فيحاول جمعها
و تسليط الأضواء عليها لئلا يضل الفهم، و تتشعب الآراء.
و إذا سألنا: ما المثال الذي احتذاه في ترتيب صحيحه؟ وجدنا إجابته
مشفوعة بالتعليل (لأن قصدنا في نظم السنن حذو تأليف القرآن، لأن القرآن
ألف أجزاء فجعلنا السنن أقساما بإزاء القرآن.
و لما كانت الأجزاء من القرآن كل جزء منها يشتمل على سور، جعلنا
كل قسم من السنن يشتمل على أنواع، فأنواع السنن بإزاء سور القرآن.
و لما كانت كل سورة من القرآن تشتمل على آي، جعلنا كل نوع من
أنواع السنن يشتمل على أحاديث، و الأحاديث من السنن بإزاء الآي من
القرآن) (2).

(1) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 137 بتحقيقنا.
(2) مقدمة ابن حبان لصحيحه 1 / 138 بتحقيقنا.
41

هذا هو الترتيب الذي ابتدعته عقلية جبارة، عميقة الغور، دقيقة
التنظيم، قد اجتمع لصاحبها من الصفات، ما لا يجتمع إلا في القليل النادر
من الناس، فهو الذكي الألمعي، و هو الباحث المنقب، و هو العالم المطلع،
و هو الناقد العبقري.
اطلع على كل ما تركه السابقون - و قد أنضجه الزمان، و صقلته
التجربة، و محصته الاختبارات، فنفذ ببصيرته إلى لبه، و تغلغل في أعماقه،
و تعرف أسراره، مراعيا القانون الجامع، ليربط به الجزئيات، و يجمع حوله
الأشتات التي تربطها به رابطة من معنى، فيوصف ذلك في تقسيم واحد
متفرع إلى أنواع.
هذا هو الترتيب الذي وصفه السيوطي في (التدريب) بقوله: (صحيح
ابن حبان ترتيبه مخترع، ليس على الأبواب، و ليس على المسانيد، و لهذا
سماه (التقاسيم و الأنواع)...) (1).
فكيف استقبل هذا الترتيب، و ماذا قال العلماء فيه؟
أول عبارة نطالعها في الحكم على أسلوب ابن حبان و ترتيبه لصحيحه
- فيما اطلعنا عليه - عبارة قالها الإمام الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (2):
(و قد اعترف - يعني ابن حبان - أن صحيحه لا يقدر على الكشف منه إلا من
حفظه، كمن عنده مصحف لا يقدر على موضع آية يريدها منه إلا من
حفظه). و هي عبارة مبتورة، تناولها الذهبي بحذر ليجعلها دليلا على صحة
حكمه.
و لعظيم مكانة الحافظ الذهبي في النفوس - و هو بها جدير - و هو

(1) تدريب الراوي 1 / 109.
(2) سير أعلام النبلاء 16 / 97.
42

المعروف بالاستقصاء التام المشهود له بالإمامة في هذا الفن - تلقف من جاء
بعده هذا الحكم، و عبر عنه بأسلوبه الخاص دون سبر لأبعاده و امتحان
لمسوغاته.
فالأمير علاء الدين الفارسي - و هو الذي أعاد ترتيب صحيح ابن حبان
على أبواب الفقه - يقول: (لكنه أي صحيح ابن حبان - لبديع صنعه، و منيع
وضعه قد عز جانبه، فكثر مجانبه) (1).
و عبارته - كما ترى - لا تصف الصحيح بعسر الترتيب بمقدار ما تصف
الناس بفتور الهمم في طلب العلم، و ضعف العزائم أمام مناعة الصنع
و عزة الجانب.
و أما الحافظ السيوطي فقد قال: (و الكشف من كتابه - يعني صحيح ابن
حبان - عسر جدا) (2).
و لكن الشيخ أحمد شاكر قد أطال في التعبير فقال: (و قد قصد بهذا
الترتيب الذي اخترعه و تفنن فيه إلى مقصد لم يتحقق، و صار الكشف من
كتابه عسرا جدا).
و قال أيضا: (و لكن حيلته للحفظ لم تفلح، ثم نجح أي نجاح في
تصعيب الكشف من كتابه) (3).
و هنا نسأل: هل العسر الذي وصفت به طريقه ابن حبان منفي عن
الطرق التي ألفها الناس و اعتادوها؟

(1) مقدمة علاء الدين الفارسي لصحيح ابن حبان 1 / 79 بتحقيقنا.
(2) تدريب الراوي 1 / 109.
(3) تدريب الراوي 1 / 109.
(3) مقدمة أحمد شاكر لصحيح ابن حبان 1 / 11.
43

إن كل من مارس هذا الفن يدرك الصعوبة الجسيمة التي يلقاها الباحث
عن حديث في المسند، و بخاصة إذا كان هذا الحديث في مسند أبي هريرة
مثلا، أو مسند عبد الله بن عمر، أو عبد الله بن عباس، دون استخدام
الفهارس، و من البديهي أن هذه الفهارس لم تكن معروفة في عصر ابن
حبان.
و لكي نتصور الأمر على شكل قريب من الواقع، بالنسبة إلى أسلوب
الكتب و الأبواب، لا بد لنا من إجراء الموازنة التالية:
من المعلوم أن صحيح البخاري يتألف من سبعة و تسعين كتابا مجموع
أبوابها (3731) بابا.
أما صحيح ابن حبان فيبتني على خمسة تقاسيم، تنطوي على أربع
مئة نوع.
فهل يتصور عقلا أن البحث عن حديث في الأول أيسر و أسهل منه في
الثاني لمن لم يتمرس أي الأسلوبين سابقا؟
الجواب النظري ليس لصالح الأسلوب الأول: أسلوب الكتب
و الأبواب، فلماذا إذا وصفت طريقة ابن حبان بالعسر؟
و لو عدنا إلى عبارة الحافظ الذهبي و أمعنا النظر فيها لوجدنا أن الحكم
الذي أطلقه على هذا الأسلوب حكم مستنبط من مقدمة الصحيح، و ليس
حكما قائما على التجربة و الاختبار.
فالخطيب البغدادي المتوفى (463) ه‍ - و الزمن بينه و بين ابن حبان
قريب نسبيا - لم يطلع على كتب ابن حبان، و إنما تحدث عنها بأسف
لضياعها، ففي أي ميدان جربت بعد ذلك طريقة ابن حبان، و من مارسها
و طبقها فظهر له نجاحها أو عدمه؟
44

و في رأينا أن هذا الحكم غير صحيح، و إنما هو تسويغ لموقف غير
عملي من جديد قد يكون مفيدا، دفعهم إليه الحرص و المحافظة على
أسلوب ألفوه و تمرسوا به و عايشوه، حتى أصبح جزءا من شخصيتهم العلمية
و هو المتبع في تصنيف أقدس ما يكون بعد كتاب الله العزيز الحميد.
لقد حكموا على هذه الطريقة دون أية ممارسة، و وصفوها بالعسر دون
اختبار و تجريب، و لم يتبعها أحد بعد ابن حبان فماتت بعده.
أقوال العلماء في ابن حبان و مصنفاته:
مما لا يختلف فيه اثنان، أن من أكثر الناس معرفة بالرجل تلاميذه
الذين تطول ملازمتهم له، لأنهم يطلعون على كل أحواله: في الرضي،
و الغضب، و العسر، و اليسر، و المنشط، و المكره لذلك نبدأ بأقوال الحاكم
في شيخه الإمام محمد بن حبان.
قال الحاكم: (أبو حاتم البستي القاضي كان من أوعية العلم في
اللغة، و الفقه، و الحديث، و الوعظ، و من عقلاء الرجال صنف فخرج له من
التصنيف في الحديث ما لا يسبق إليه) (1).
و قال أيضا: (سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ - و ذكر كتاب
المجروحين لأبي حاتم البستي - فقال: كان لعمر بن سعيد بن سنان ابن
رحل في طلب الحديث، و أدرك هؤلاء الشيوخ، و هذا تصنيفه، و أساء القول
في أبي حاتم.
قال الحاكم: أبو حاتم كبير في العلوم، و كان يحسد لفضله
و تقدمه) (2).

(1) معجم البلدان 1 / 417.
(2) معجم البلدان 1 / 419.
45

و وصفه الخطيب البغدادي بقوله: (و كان ابن حبان ثقة نبيلا
فاضلا) (1).
و قال الخطيب - بعد أن ذكر عددا من مصنفات ابن حبان -: (و مثل هذه
الكتب الجليلة، كان يجب أن يكثر بها النسخ فيتنافس فيها أهل العلم،
و يكتبوها و يخلدوها إحرازا لها، و لا أحسب المانع من ذلك إلا قلة معرفة
أهل تلك البلاد بمحل العلم و فضله، و زهدهم فيه و رغبتهم عنه، و عدم
بصيرتهم به) (2).
و قال عبد الله بن محمد الأسترآبادي: (و كان - ابن حبان - من فقهاء
الدين، و حفاظ الآثار، و المشهورين في الأمصار و الأقطار، عالما بالطب
و النجوم، و فنون العلم) (3).
و قال أبو سعد الإدريسي: (كان من فقهاء الدين، و حفاظ الآثار، عالما
بالطب، و النجوم، و فنون العلم) (4).
و قال ياقوت الحموي: (كان - ابن حبان - مكثرا من الحديث،
و الرحلة، و الشيوخ، عالما بالمتون و الأسانيد، أخرج من علوم الحديث ما
عجز عنه غيره، و من تأمل تصانيفه تأمل منصف، علم أن الرجل كان بحرا في
العلوم) (5).
و قال أحمد بن علي بن ثابت البغدادي: (من الكتب التي تكثر منافعها

(1) سير أعلام النبلاء 16 / 94.
(2) معجم البلدان 1 / 418.
(3) معجم البلدان 1 / 418.
(4) سير أعلام النبلاء 16 / 94.
(5) معجم البلدان 1 / 415.
46

- إن كانت على قدر ما ترجمها به واضعها - مصنفات أبي حاتم البستي...
و لم يقدر لي الوصول إلى النظر فيها، لأنها غير موجودة ببننا) (1).
و قال الإمام الذهبي: (و كان عارفا بالطب، و النجوم، و الفقه، رأسا في
معرفة الحديث) (2).
و قال السمعاني: (كان أبو حاتم إمام عصره صنف تصانيف لم يسبق
إلى مثلها) (3).
و قال ابن الأثير: (إمام عصره، له تصانيف لم يسبق إليها) (4).
و قال الحافظ ابن حجر: (كان من أئمة زمانه، و طلب الحديث على
رأس سنة ثلاث مئة).
و قال أيضا: (و كان عارفا بالطب، و النجوم، و الكلام، و الفقه، رأسا
في معرفة الحديث).
و قال أيضا: (و ابن حبان كان صاحب فنون، و ذكاء مفرط، و حفظ
واسع إلى الغاية) (5).
و قال علاء الدين الفارسي: (فإن من أجمع المصنفات في الأخبار
النبوية، و أنفع المؤلفات في الآثار المحمدية كتاب: التقاسيم و الأنواع) (6).
و قال ابن العماد: (العالم الحبر، و العلامة البحر، كان حافظا ثبتا إماما

(1) معجم البلدان 1 / 417.
(2) ميزان الاعتدال 3 / 506.
(3) الأنساب 2 / 209، و انظر طبقات الشافعية الكبرى 3 / 132.
(4) اللباب 1 / 151.
(5) لسان الميزان 5 / 112، 114.
(6) مقدمة الصحيح 1 / 79 بتحقيقنا.
47

حجة، أحد أوعية العلم... و كان من أوعية العلم في الحديث، و الفقه،
و اللغة، و الوعظ، و غير ذلك، حتى الطب، و النجوم، و الكلام) (1).
و قال الأسنوي: (كان من أوعية العلم، لغة، و حديثا، و فقها، و وعظا،
و من عقلاء الرجال) (2).
و قال الصفدي: (كان من فقهاء الدين، و حفاظ الآثار، عالما بالطب،
و النجوم و فنون العلم) (3).
و قال الحافظ ابن كثير: (محمد بن حبان صاحب (الأنواع و التقاسيم)
و أحد الحفاظ الكبار المصنفين، المجتهدين) (4).
فهذه شهادات - دون الحصول على واحدة منها خرط القتاد - صدرت
عن علماء ثقات - متخصصين في الحديث النبوي الشريف رواية و دراية، و في
غيره من العلم و فنون المعرفة، تدل كلها على أن ابن حبان بلغ مرتبة الإمامة
في علم الحديث، و في غيره من العلوم، و تدل أيضا على مصنفاته غاية في
النفاسة، و الدقة، و الجدة، و الجودة، و الاتقان.
آراء العلماء في هذا الصحيح و مناقشتها:
إنه لمن المؤسف جدا أن مصنفا عظيما في الحديث النبوي الشريف،
يحاول جامعه أن يستوعب فيه ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون نصيبه
الترك و الإهمال، حتى الضياع، إذ لم نجد عالما تعقب ابن حبان في
صحيحه، ولا شارحا له، و لا دارسا منصفا استقصاه.

(1) شذرات الذهب 3 / 16.
(2) شذرات الذهب 3 / 16.
(3) الوافي بالوفيات 2 / 318، و انظر طبقات الحفاظ للسيوطي ص (374).
(4) البداية و النهاية 11 / 259.
48

نعم لقد أعاد الأمير علاء الدين الفارسي (675 - 739) ترتيبه على
أبواب الفقه، و سماه (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان).
و قد خطا الحافظ مغلطاي خطوة أوسع من هذه و لكنها لم تتكامل. قال
الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) 6 / 74: (و من تخريجاته - يعني:
مغلطاي - ترتيب بيان (الوهم و الإيهام) لابن القطان، و زوائد ابن حبان على
الصحيحين، و ترتيب صحيح ابن حبان على أبواب الفقه رأيتهما بخطه و لم
يكملا...).
كما جرد الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي زوائده
على الصحيحين و سماه (موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان).
كما قام عمر بن علي المعروف بابن الملقن، و المتوفى سنة (804)
باختصاره و ترتيبه على أبواب الفقه أيضا.
و جميع هذه الخدمات ظاهر أنها تتعلق بالشكل، و لم تمس المضمون
بشرح أو تعليق، أو تقويم يعتمد على النقد الصحيح للإسناد و المتن وفق
القواعد التي أرسى قواعدها أساطين هذا الفن.
و قد بدأ فعلا بخدمة هذا المصنف الجليل الخدمة الفعلية الشيخ
الأستاذ أحمد شاكر، فحقق في جزء واحدا و ثلاثين و مئة حديث نشرها
مع مقدمات كتبها الحافظ ابن حبان مقدما بها أنواعه و تقاسيمه، و قد جمعها
الأمير علاء الدين في (الإحسان) في مكان واحد.
و أما ما عدا ذلك فأحكام يطلقها قائلها على عجالة من أمره، ثم يتناولها
من بعده إما مسلما بها لحسن ظنه و ثقته بقائلها، و إما رادا لها ردا لا يعتمد
أيضا على الدراسة الشاملة، و النقد البصير، و الاستقصاء التام، و إليك ما
اطلعنا عليه من أقوال، و قد جعلناها في قسمين ليسهل أمر مناقشتها و الرد عليها:
49

1 - القسم الأول:
إن أول عبارة نقدية نقرؤها - فيما اطلعنا عليه - هي قول الحازمي في
(شروط الأئمة الخمسة) ص: (31 - 32): (ابن حبان أمكن في الحديث من
الحاكم). و بين وفاتيهما ثلاث و مئة سنة.
ثم نقرأ في مقدمة أبي عمرو بن الصلاح المتوفى (643 ه‍)
ص: (11) بعد وصفه للحاكم بأنه واسع الخطو في شرط الحديث قوله:
(و يقاربه في حكمه صحيح ابن حبان).
و يشرح العراقي مراد ابن الصلاح بقوله: (أراد أنه يقاربه في التساهل،
فالحاكم أشد تساهلا منه، و هو كذلك). ثم استشهد بقول الحازمي السابق.
و يقول السخاوي في شرح (ألفية الحديث) 1 / 35: (و ابن حبان يداني
الحاكم في التساهل و ذلك يقتضي النظر في أحاديثه أيضا، لأنه غير متقيد
بالمعدلين، بل ربما يخرج للمجهولين (1) و لا سيما و مذهبه إدراج الحسن في

(1) قال النووي في مقدمة شرحه صحيح مسلم 1 / 22: (المجهول أقسام: مجهول
العدالة ظاهرا و باطنا، و مجهولها باطنا مع وجودها ظاهرا و هو المستور، و مجهول
العين.
فأما الأول فالجمهور على أنه لا يحتج به، و أما الآخران فاحتج بهما كثيرون من
المحققين).
و لكن ما أكثر ما تصافح أعيننا عبارة (و وثقه ابن حبان على عادته في توثيق
المجاهيل)، و أقوال أخرى مثل قول الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) 7 / 65:
(أبو سلمة الجهني، حدث عنه فضيل بن مرزوق، لا يدرى من هو.
و قد ذكره ابن حبان في الثقات، و أخرج حديثه في صحيحه، و أحمد في مسنده،
و الحاكم في مستدركه، و تعقبه المؤلف - يعني الذهبي في الميزان - بما ذكره هنا
فقط...... و الحق أنه مجهول الحال، و ابن حبان يذكر أمثاله في الثقات، و يحتج
به في الصحيح إذا كان ما رواه ليس بمنكر).
و قال أيضا في الميزان 1 / 556 ترجمة حفص بن بغيل: (... فإن ابن القطان
يتكلم في كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذاك الرجل - أو أخذ عمن عاصره - ما يدل
على عدالته، و هذا شيء كثير، ففي الصحيحين من هذا النمط خلق كثير مستورون،
ما ضعفهم أحد، و لا هم بمجاهيل).
و قال أيضا في الميزان 2 / 66 ترجمة الزبير بن جنادة الهجري: (.. ذكره ابن
حبان في الثقات و أخطأ من قال: فيه جهالة......).
و قال الحافظ ابن حجر في (شرح نخبة الفكر) ص (99 - 100): (فإن سمي
الراوي، و انفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين، كالمبهم فلا يقبل حديثه إلا
أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، و كذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك).
و هل فعل ابن حبان أكثر من هذا؟.
و أما ما وقع فيه من خطأ، أو سهو، أو اضطراب، فهذه صفات بشرية لا يمكن
لبشر تجاوزها لذا قال العزيز الحكيم في وصف كتابه الكريم: (أفلا يتدبرون القرآن؟
و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء: 82].
و من المسلم أيضا أن هذه الأمور تزداد نسبتها بازدياد عطاء الرجل و كثرة إنتاجه،
الصحيح مع أن شيخنا - يعني الحافظ ابن حجر - قد نازع في نسبته إلى
التساهل إلا من هذه الحيثية. وعبارته - يعني عبارة ابن حجر -: إن كانت
باعتبار وجدان الحسن في كتابه فهي مشاحة في الاصطلاح لأنه يسميه
صحيحا، و إن كانت باعتبار خفة شروطه، فإنه يخرج في الصحيح ما كان
راويه ثقة غير مدلس سمع ممن فوقه و سمع منه الآخذ عنه، و لا يكون هنا
إرسال و لا انقطاع، و إذا لم يكن في الراوي جرح و لا تعديل، و كان كل من
شيخه و الراوي عنه ثقة، و لم يأت بحديث منكر، فهو عنده ثقة. و في كتاب
(الثقات) له كثير ممن هذه حاله، ولأجل هذا ربما اعترض عليه في جعلهم
من الثقات من لم يعرف اصطلاحه، و لا اعتراض عليه فإنه لا يشاح في ذلك)
قلت - القائل هو السخاوي -: و يتأيد بقول الحازمي: ابن حبان أمكن في
الحديث من الحاكم، و كذا قال العماد ابن كثير: (قد التزم ابن خزيمة و ابن
حبان الصحة و هما خير من المستدرك، و أنظف أسانيد و متونا).
و جاء في كشف الظنون 2 / 77: (قال ابن حجر في (النكت): و فيه
- يعني صحيح ابن حبان - تساهل، لكنه أقل من تساهل الحاكم في
المستدرك.
و ابن حبان واحد من المكثرين، بل و المكثرين جدا، و لو وازنا نسبة أخطائه إلى
إنتاجه لوجدناها عنده أقل منها عند غيره بكثير.
و انظر تدريب الراوي 1 / 316 - 324، سنن البيهقي 4 / 105، توضيح الأفكار
2 / 173 - 198، قواعد في علوم الحديث ص (202 - 209)، و ألفية السيوطي في
علم الحديث تحقيق أحمد شاكر ص (251 - 252). و مقدمة ابن الصلاح
ص (54)، و الباعث الحثيث ص: (206 - 208)، و هدي الساري ص: 9 - 12،
و شروط الأئمة الخمسة للحازمي ص (40 - 47)، و شروط الأئمة الخمسة لابن طاهر
المقدسي ص (11 - 13).
و انظر أيضا الفصل الآتي بعنوان: آراء العلماء في هذا الصحيح و مناقشتها. و شرح
نخبة الفكر ص (100). و إحكام الأحكام 1 / 262 نشر مكتبة عاطف.
50

و بعد التتبع و الدرس و التمحيص وجدنا أن المجاهيل الذين يوثقهم ابن حبان - كما
يزعم الكثير - فريقان:
الفريق الأول: و هم الذين لا يروي عنهم غير واحد، و هو الأهم.
و الفريق الثاني: و هم الذين روى عنهم أكثر من واحد.
نقول: أما بالنسبة للفريق الأول، فإن عبد الرحمن بن نمر قد تفرد بالرواية عنه
الوليد بن مسلم، و قد غمز جانبه بعض أئمة الجرح، و مع ذلك فهو من رجال
الشيخين.
و قد انفرد البخاري في الرواية عن:
1 - زيد بن رباح المدني.
2 - و عمر بن محمد بن جبير بن مطعم.
3 - و محمد بن الحكم المروذي.
4 - و الوليد بن عبد الرحمن بن حبيب الجارودي.
و لم يرو عن كل واحد منهم إلا راو واحد.
كما تفرد مسلم بالرواية عن جابر بن إسماعيل الحضرمي، و لم يرو عنه غير راو
واحد أيضا.
و قال شيخ الإسلام ابن حجر: (... و أما زيد بن رباح فقال فيه أبو حاتم: ما
أرى بحديثه بأسا، و قال الدارقطني، و غيره: ثقة. و قال ابن عبد البر: ثقة مأمون،
و ذكره ابن حبان في الثقات فانتفت عنه الجهالة بتوثيق هؤلاء.
و أما الوليد فوثقه أيضا الدارقطني، و ابن حبان.
و أما جابر فوثقه ابن حبان، و أخرج له ابن خزيمة في صحيحه و قال: إنه ممن
يحتج به).
و قال ابن الصلاح في المقدمة ص: (54): (قد خرج البخاري في صحيحه
حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد، منهم: مرداس الأسلمي، لم يرو عنه غير
قيس بن أبي حازم.
و كذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد، منهم: ربيعة بن كعب
الأسلمي، لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن، و ذلك منهما مصير إلى أن
الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه.
و الخلاف في ذلك متجه في التعديل نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء
بواحد في التعديل على ما قدمناه والله أعلم).
و قال ابن حزم في (المحلى) 4 / 53: (... و عبد الله بن بدر ثقة مشهور، و ما
نعلم أحدا عاب عبد الرحمن - يعني: ابن علي بن شيبان - بأكثر من أنه لم يرو عنه
إلا عبد الله بن بدر، و هذا ليس بجرحة).
و قد زعم الحاكم في (المدخل) أن الشيخين لم يخرجا في الصحيحين عن أحد
من الصحابة الوحدان،
و تعقبه النووي في مقدمته لشرح صحيح مسلم 1 / 22 بقوله: (و أما قول الحاكم:
إن من لم يرو عنه إلا راو واحد فليس هو من شرط البخاري و مسلم، فمردود، غلطه
الأئمة فيه بإخراجهما حديث المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب في وفاة
أبي طالب، لم يرو عنه غير ابنه سعيد،
و بإخراج البخاري حديث عمرو بن تغلب (إني لأعطي الرجل و الذي أدع أحب
إلي)، لم يرو عنه غير الحسن.
و حديث قيس بن أبي حازم، عن مرداس الأسلمي (يذهب الصالحون)، لم يرو
عنه غير قيس.
و بإخراج مسلم حديث رافع بن عمرو الغفاري، لم يرو عنه غير عبد الله بن
الصامت.
و حديث ربيعة بن كعب الأسلمي، لم يرو عنه غير أبي سلمة، و نظائر
- في الصحيحين - لهذا كثيرة. والله أعلم.
و تبع البيهقي الحاكم، و تعقبه ابن التركماني بمثل ما تعقب به النووي الحاكم.
انظر سنن البيهقي 4 / 105.
و قال محمد بن إبراهيم الوزير في (تنقيح الأنظار): (بل الذي تقتضيه الأدلة أنه لو
وثقه واحد، و لم يرو عنه أحد، أو روى عنه واحد، و وثقه هو بنفسه، لخرج عن حد
الجهالة، فقد نص أهل الحديث أن التعديل يثبت بخبر الواحد). انظر (توضيح
الأفكار) 2 / 187.
و قال أبو الحسن بن القطان - و وافقه ابن حجر -: (إن زكاه أحد من أئمة الجرح
و التعديل مع رواية واحد عنه، قبل، و إلا فلا).
و أما بالنسبة للفريق الثاني، فإن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الصواف روى عنه
جماعة، و لم يوثقه غير ابن حبان، و من وثقه بعده فقد تابعه، و هو من رجال
البخاري.
و قد روى مسلم للوليد بن سريع، و عبد الله بن سلمان الأغر، و قد روى عن كل
منهما أكثر من واحد و لكن لم يوثقهما غير ابن حبان.
و هناك كثير ممن هذه حالهم، و قد أخرج لهم أصحاب السنن كأبي الأحوص،
و أبي أرطاة، و أبي إبراهيم الأشهلي، و أبي راشد، و يزيد بن الحوتكية، و محمد بن
عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث.......... غير أنني اكتفيت في إيراد
بعض من هذا وصفه، و له رواية في الصحيح ليكون دفع ما وصف فيه ابن حبان
أبلغ، و نفيه عنه أحكم.
و قال الذهبي في (ميزان الاعتدال) 3 / 426: (و في رواة الصحيحين عدد كثير ما
علمنا أن أحدا نص على توثيقهم. و الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى
عنه جماعة، و لم يأت بما ينكر عليه، أن حديثه صحيح).
51

قيل: هذا غير مسلم، و ليس عند البستي تساهل و إنما غايته أن يسمى
الحسن صحيحا، فإنه وفى بالتزامه، و لم يوف الحاكم. ذكره البقاعي).
و قد رد الإمام اللكنوي في (الرفع و التكميل) صفحة 139 دعوى
التساهل هذه فقال: (و قد نسب بعضهم التساهل إلى ابن حبان و قال: هو
واسع الخطو في باب التوثيق، يوثق كثيرا ممن يستحق الجرح و هو قول
ضعيف. فإنك قد عرفت سابقا - يعني في الصفحة (117 - 120) حيث ذكر
وصف الذهبي له بالتقعقع، و وصفه بالخساف، و ذكر وصف الحافظ ابن حجر
له بالتشدد و اعتبره من المتعنتين المتشددين، - أن ابن حبان معدود ممن له
تعنت و إسراف في جرح الرجال، و من هذا حاله لا يمكن أن يكون متساهلا
في تعديل الرجال، و إنما يقع التعارض بين توثيقه و بين جرح غيره لكفاية ما لا
يكفي في التوثيق عند غيره، عنده).
و يقول ابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) 3 / 16: (و أكثر نقاد
الحديث على أن صحيح ابن حبان أصح من سنن ابن ماجة).
و يقول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) 16 / 97: (و إن كان في تقاسيمه
من الأقوال، و التأويلات البعيدة، و الأحاديث المنكرة عجائب).
و ردنا على كل تعميم سابق أن نضع بين يدي القارئ الكريم ما انتهينا
إليه نتيجة دراستنا لأسانيد هذا الكتاب دراسة فاحصة متأنية ماثلة للعيان في
تخريجاتنا و تعليقاتنا.
لقد ضم الجزء الأول الذي نقدم له (304) أربعة و ثلاث مئة حديث
بالمكرر، و قد قمنا بتصنيفها فكانت ثلاث مجموعات:
الأولى: ما شاركه فيها البخاري و مسلم أو أحدهما، أو البخاري في
55

غير صحيحه، و أصحاب السنن، و أحمد و غيره، و بلغت (188) ثمانية
و ثمانين و مئة حديث.
و الثانية: ما شاركه فيها أصحاب السنن الأربعة أو بعضهم، أو الإمام
أحمد، أو مالك، أو الدارقطني، و منها ما هو صحيح لذاته أو لغيره، و منها ما
هو حسن لذاته أو لغيره، و كلها صالحة للاحتجاج. و قد بلغت (110) عشرة
و مئة حديث.
و الثالثة: و قد حكمنا بضعفها بمقتضى القواعد التي اتفق عليها جمهور
المحدثين و قد يشاركه غيره في أصحاب السنن بتخريجها أو ينفرد بها.
و عددها (6) ستة أحاديث.
و هذه الإحصائية القائمة على الاستقراء، و الدراسة الجادة، تبين لنا أن
نسبة الضعيف في صحيح ابن حبان أقل من 2 %، و هذه نسبة قلما يخلو منها
كتاب من كتب السنة التي تحرى أصحابها الصحة في مروياتهم. و صدق
الإمام الشافعي في قوله: (أبى الله أن تكون العصمة لغير كتابه).
و في رأينا أن الرد على كل ما سبق من تعميمات، كامن في هذه
الدراسة و الحمد لله أولا و آخرا.
2 - القسم الثاني:
لقد جاء في كتاب (توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار) 1 / 64 قول
ابن النحوي - المعروف بابن الملقن -: (غالب صحيح ابن حبان منتزع من
صحيح شيخه إمام الأئمة محمد بن خزيمة).
و لسبر ما في هذا القول من الحق أو المجانبة له، قمنا بإحصاء ما جاء
في المجلد الأول من صحيح ابن حبان فبلغ مجموع ما فيه (595) خمسة
56

و تسعين و خمس مئة حديث، ثم رتبناها بحسب شيوخه الذين أكثر الرواية
عنهم، فكانت:
1 - من طريق الحسن بن سفيان (64) حديثا.
2 - من طريق أبي يعلى الموصلي (48) حديثا.
3 - من طريق عبد الله بن محمد الأزدي (41) حديثا.
4 - من طريق الفضل بن الحباب (36) حديثا.
5 - من طريق الحسن بن قتيبة اللخمي (34) حديثا.
6 - من طريق محمد بن خزيمة (13) حديثا.
7 - و من طريق....
ثم أحصينا كتاب الطهارة عند كل من ابن خزيمة، و تلميذه ابن حبان
فوجدناه (300) ثلاث مئة حديث عند الشيخ. و ثمانية و أربع مئة حديث
(408) عند التلميذ، منها (28) ثمانية و عشرون حديثا من طريق شيخه ابن
خزيمة، فأين إذا هذا الانتزاع المدعى؟ وهب أن كلام ابن الملقن صحيح
- و هو غير صحيح كما رأيت - فإن نشر هذا الكتاب القيم يكون العوض عن
صحيح ابن خزيمة الذي ضاع ثلاثة أرباعه مع ما ضاع من تراثنا العظيم.
قيمة هذا الصحيح:
لقد أسلفنا القول: إن هذا الصحيح لقي من الإهمال و الترك ما لا
يستحقه كتاب لا يتمتع بمعشار ما يتمتع به هذا المصنف العظيم، و لم يلق
من الدراسة و العناية و الاهتمام ما لقيه غيره من كتب السنة المطهرة حتى قام
علاء الدين الفارسي (675 - 735 ه‍) بإعادة ترتيبه على أبواب الفقه،
فتضلع به، و سبر ما فيه و هو عالم ذو شأن في هذا المضمار فقال بحق: (فإن
من أجمع المصنفات في الأخبار النبوية، و أنفع المؤلفات في الآثار
المحمدية كتاب (التقاسيم و الأنواع).
57

و قال العلامة أحمد شاكر في مقدمة الجزء الذي حققه ص (11):
(صحيح ابن حبان كتاب نفيس، جليل القدر، عظيم الفائدة، حرره مؤلفه
أدق تحرير، و جوده أحسن تجويد، و حقق أسانيده و رجاله، و علل ما احتاج
إلى تعليل من نصوص الأحاديث و أسانيدها، و توثق من صحة كل حديث
اختاره على شرطه، و ما أظنه أخل بشيء مما التزم إلا ما يخطئ فيه البشر،
و ما لا يخلو منه عالم محقق).
و نحن - بعد الدرس - نقول: إن هذا الصحيح الذي نقدمه الآن للقراء،
فيه من المزايا ما يجعله بالفعل محط أنظار الدارسين الغيورين على السنة
المطهرة، الساعين لجمعها و نشرها، فهو يجمع كل خصائص الكتب التي
ألفت في بابه، و يزيد عليها:
1 - فهو المحاولة الثانية الجادة في تاريخنا العلمي لاستيعاب الأحاديث
الصحيحة كلها في مصنف واحد، و اطراح ما سواها. لذلك فهو - برأينا -
أكثر من نواة لمعلمة الحديث الصحيح التي آن وقت جمعها لتكون منار
الهدى في يد كل مسلم، تجمع شعث الآراء، و توحد منهج الحياة،
و تطرح أسباب الفرقة و الخلاف، إذ ليس لأحد قول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و إننا لنرجو الله تعالى أن يلهم الغيورين على ذلك العمل، و أن يهبهم
القدرة على جمعها إنه خير مسؤول و أسرع من يجيب.
2 - لقد توج الإمام ابن حبان كل حديث بعنوان فقهي، استنبطه من نص
الحديث - صنيع البخاري رحمه الله في صحيحه - و لكنه زاد عليه كثيرا،
لأنه درس كل حديث أولا، و لأن عدد الأحاديث في صحيح ابن حبان
تزيد على ما عند البخاري ثانيا.
و من تصفح العناوين يدرك القارئ مقدرة خارقة على النفاذ إلى
النص و استشفاف مؤداه، و ذكاء مدهشا في صياغة العنوان الذي يدل على
المحتوى و يوضح المقصود.
58

3 - إنه يذيل بعض الأحاديث التي يعتقد أن تأويلها مثار اختلاف بتعليقات
يكشف المراد منها - حسب رأيه - و هي في كثير من الأحيان لا تعدو
الحق، و في كل الأحيان تدل على سعة علم، و دقة فهم، و تعمق مذهل في
كل معارف العصر، و معطيات الحياة.
4 - إنه - و هو الإمام المجتهد في الجرح و التعديل - يعرف ببعض الأشخاص
الذين تتشابه أسماؤهم و ينص على كل منهم، و يبين درجة كل منهم،
حسب الأصول التي أصلها في كتابيه: (الثقات) و (المجروحين).
5 - و هو لتضلعه بالسنة، و لعلمه الغزير، و لملاحظته النافذة، و ذكائه المتوقد،
يدرك بثاقب نظره أين يمكن أن يكون التعارض بين حديثين أو أكثر،
فيحاول الجمع بينهما، و يبين المراد منهما، و يكشف عن الحالات التي
ينبغي العمل بكل منهما، فيها.
إننا نقول ذلك لا لننصف الرجل، لأن إنصاف هذا الإمام العظيم يكمن
فيما ترك من آثار، و بخاصة في هذا السفر الجليل الذي شرفنا الله بخدمته
و إخراجه للناس، و هم واجدون فيه تصديقا لما قاله ياقوت في (معجم
البلدان) 1 / 415: (و من تأمل تصانيفه تأمل منصف، علم أن الرجل كان
بحرا في العلوم).
نهاية المطاف:
لا شك أن ابن حبان قد تعب من السفر الطويل - و السفر قطعة من
العذاب - و قد آن لهذا الإمام العظيم أن يعود إلى وطنه - و في الإنسان ميل
أصيل إلى مدارج الصبا، و ملاعب الطفولة - ليضع عصا الترحال، و ليمسح
عن جبينه المكدود غبار السفر، و شقاوة البعاد، و ليريح جسمه من الضنى
و ألم الفرقة للأهل و الأصحاب، ثم ليوزع بعد ذلك ما في جعبته من خير على
طالبيه.
59

لقد تجول في المدرسة الواسعة - العالم الإسلامي - ليجمع خير ما
فيه، و ليضع خير ما جمع في مدرسة صغيرة - في بيته - ليوفر على طلاب
العلم سنوات العمر و مشاق الرحلات.
قال الحاكم: (أبو حاتم ابن حبان، داره التي هي اليوم مدرسة
لأصحابه، و مسكن للغرباء الذين يقيمون بها من أهل الحديث و المتفقهة،
و لهم جرايات يستنفقونها، و فيها خزانة كتبه في يدي وصي سلمها إليه ليبذلها
لمن يريد نسخ شيء منها في الصفة، من غير أن يخرجها منها، شكر الله
عنايته في تصنيفها، و أحسن مثوبته على جميل نيته في أمرها، بفضله و منته).
رحمك الله أيها الإمام العظيم، و أسكنك فسيح جنانه، ما أشد غيرتك
على الإسلام! و ما أكبر حرصك على المسلمين! تجوب العالم الاسلامي
كله، متحملا المصاعب و المتاعب و المشاق، لتجمع ما يتشوق كل طالب
علم إلى جمعه - و ليسوا عليه بقادرين، ثم تخضه لتستخرج ما فيه من
زبدة، و لا تكتفي بتيسير الوصول إليه، و إنما ترصد نفقة لكل طالب دخل
مدرستك العظيمة، حتى لا يشعر بذل الحاجة، و حتى لا تدفعه عن غايته كآبة
الأيام!!
لقد تعبت فيما جمعت فكنت الحريص عليه من الضياع (من غير أن
يخرجها منها).
و عاينت من الغربة، و شظف العيش و قساوة الحياة فكنت الأب البار
لرواد مدرستك، بيتك الكريم! فماذا فعل الطاعن الحاسد، و المفتري
الحاقد؟!
كانت هذه المأثرة العظيمة خاتمة عمله، فأين و متى كانت وفاة هذا
الإمام الكريم؟
60

لقد نقل ياقوت الحموي بسنده أن أبا حاتم توفي ليلة الجمعة
لثماني ليال بقين من شوال سنة أربع و خمسين و ثلاث مئة (354) للهجرة،
و دفن بعد صلاة الجمعة في الصفة التي ابتناها بمدينة (بست) بقرب داره.
بينما ذكر الحافظ أبو عبد الله الغنجار في (تاريخ بخارى) أنه مات
بسجستان سنة (354) و تعقبه ياقوت بقوله: (و قبره ببست معروف يزار إلى
الآن، فإن لم يكن نقل من سجستان إليها بعد الموت، و إلا فالصواب أنه
مات ببست). تغمده الله بواسع رحمته، و أسكنه فسيح جنته.
61

عملنا في هذا الكتاب
[صحيح ابن حبان]
و أما خدمتنا لهذا الكتاب النفيس، و الجهد الذي بذلناه و نبذله في سبيل
ذلك، فإنه خدمة للسنة النبوية المطهرة و هو شرف لنا و قربى، و إننا لنحتسب
ذلك عند من لا يضيع أجر من أحسن عملا. و إننا إذ نذكر بعض الخطوات
التي كانت لنا منهجا في إخراج هذا الصحيح، إنما نذكرها طمعا في الإفادة
من آراء إخوة لنا يعملون في هذا المضمار الشريف توجيها، و إرشادا، و تداركا
لنقص، ليكون الإخراج أجود و أحكم.
1 - لقد نسخنا النص، ثم قمنا بتفصيله و تنقيطه.
2 - قابلنا المنسوخ على المخطوط مقابلة واعية لنتدارك الخطأ و النسيان،
و لنتلافى السقط و التحريف و التصحيف، فالقلب قد يسهو، و النظر
يزيغ، و القلم يطغى.
3 - درسنا الأسانيد دراسة جادة وفق القواعد التي اتفق عليها جمهور علماء
الحديث الشريف، و أثبتنا ما أوصلتنا إليه هذه الدراسة لكل إسناد، في
بداية كل حديث من أحاديث هذا الصحيح.
4 - دللنا على مصادر التخريج، مرتبين هذه المصادر بحسب أقرب شيخ
إلى المصنفين الذين خرجوا هذا الحديث، ثم الشيخ الذي يليه،
و هكذا، و أخيرا نذكر الطرق الأخرى له إن وجدت - و هذا أمر يفيد كثيرا
62

في الوصول إلى المتابعين لكل راو من رواته.
5 - الدلالة على الشواهد، و ذكر عدد الصحابة الذين رووا الحديث،
و بذلك يعرف المتواتر، و المشهور، و المستفيض، و العزيز،
و الغريب...
6 - أشرنا إلى كثير من التصحيفات و التحريفات، و صححناها في مواضعها،
و أشرنا إلى ذلك في التعليقات...
فقد قال الدوري - تاريخ ابن معين 4 / 248 برقم (4195) -: (قلت
ليحيى: ما تقول في الرجل يقوم للرجل حديثه، ينزع عنه اللحن؟
فقال: لا بأس به).
و أخرج الخطيب أيضا في الكفاية ص (194) بإسناده إلى
عيسى بن يونس قال: (قال رجل للأعمش: إن كان ابن سيرين ليسمع
الحديث فيه اللحن فيحدث به على لحنه.
فقال الأعمش: إن كان ابن سيرين يلحن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم
يلحن، يقول: قومه).
و قال الخطيب في الكفاية ص (198): (و هذا إجماع منهم أن
إصلاح اللحن جائز).
و قد أخرج الخطيب في الكفاية ص (248) بإسناده إلى الأوزاعي
أنه قال: (لا بأس بإصلاح الخطأ، و اللحن، و التحريف في الحديث).
و سئل النسائي عن اللحن في الحديث فقال: (إن كان شيء تقوله
العرب - و إن كان لغة غير قريش - فلا تغير، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكلم
الناس بكلامهم، و إن كان مما لا يوجد في لغة العرب، فرسول
الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلحن). انظر معجم البلدان 5 / 282.
7 - شكلنا النص شكلا كاملا، ثم شرحنا غريبه، معتمدين في ذلك كتب
63

اللغة، و أمهات كتب الحديث و غريبه.
8 - ذيلنا الحديث بما يستنبط منه من الأحكام الفقهية، من فتح الباري الذي
هو بحق قاموس السنة، للحافظ ابن حجر، و شرح مسلم للنووي،
و إكمال إكمال المعلم للأبي، و المفهم لابن المزين القرطبي
(578 - 656 ه‍).
9 - دللنا على المواطن، و الأماكن، و حددناها، مع الضبط بالشكل،
و بالكتابة.
10 - ضبطنا الأعلام، و الأنساب، و دللنا على مصادرها.
11 - أشرنا في كثير من الأحيان إلى الاختلاف في بعض ألفاظ الرواية بين
المصنف و بين الشيخين و غيرهما.
12 - قسمنا الكتاب إلى أجزاء متقاربة الحجم، بغض النظر عن الكتب
و الأبواب و الأحاديث التي يحتويها كل جزء.
13 - ناقشنا الكثير من آراء الحافظ ابن حبان، و أثبتنا ما ذهبنا إليه و اعتقدنا أنه
الصواب في تعليقاتنا.
14 - أعطينا الأحاديث أرقاما متسلسلة من أول الكتاب إلى آخره.
15 - وضعنا لكل جزء فهرسا بحسب العناوين الفقهية التي جعلها المصنف
عناوين لحديث أو أحاديث الباب أو الفصل.
16 - صنعنا لكل جزء فهرسا لأحاديثه، و ذلك ليسهل على المراجع معرفة
مكان الحديث.
و الله نسأل أن يجزل لنا الثواب، و يغفر لنا يوم الحساب، إنه خير
مسؤول و أكرم من يجيب.
1 شعبان سنة (1403) ه‍
الموافق 13 أيار لعام 1983 م.
64

المصنف و الكتاب
أعني: الحافظ الهيثمي، و موارد الظمآن
أما المصنف فإنني أدع التعريف به لحافظ عصره شمس الدين
محمد بن عبد الرحمن السخاوي، في كتابه (الضوء اللامع) 5 / 200 - 203
إذ يقول: هو (علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح،
نور الدين، أبو الحسن الهيثمي، القاهري، الشافعي، الحافظ، و يعرف
بالهيثمي.
كان أبوه صاحب حانوت بالصحراء فولد له هذا في رجب سنة خمس
و ثلاثين و سبع مئة، و نشأ فقرأ القرآن. ثم صحب الزين العراقي (1) و هو بالغ،
و لم يفارقه - سفرا و حضرا حتى مات - بحيث حج معه جميع حجاته، و رحل
معه سائر رحلاته، و رافقه في جميع مسموعه بمصر، و القاهرة، و الحرمين،
و بيت المقدس، و دمشق، و بعلبك، و حلب، و حماة، و حمص، و طرابلس،
و غيرها، و ربما سمع الزين بقراءته، و لم ينفرد عنه الزين بغير ابن

(1) هو زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي، الإمام
الأوحد، و العلامة الحجة، و الحبر الناقد، حافظ الإسلام، فاق أقرانه بالحفظ
و الاتقان، و شهد له بالتفرد في فنة أئمة عصره، برع بالحديث متنا و إسنادا.
كان رحمه الله صالحا، خيرا، ورعا، عفيفا، صينا، متواضعا، حسن النادرة
و الفكاهة، جميل الصورة، كثير الوقار، قليل الكلام، تاركا لما لا يعنيه، كثير
الحياء، واسع الصدر... توفي سنة ست و ثمان مئة بالقاهرة.
انظر ذيل تذكرة الحفاظ ص (220 - 234)، و البدر الطالع 1 / 354 - 356،
و معجم المؤلفين 5 / 204 و فيه كثير من المصادر التي ترجمت هذا الإمام.
65

البابا (1)، و التقي السبكي (2)، و ابن شاهد الجيش (3).
كما أن صاحب الترجمة لم ينفرد عنه بغير صحيح مسلم على ابن عبد
الهادي (4).

(1) هو الشهاب أحمد بن أبي الفرج بن البابا، الإمام، العلامة الحافظ، الجامع لعلوم
شتى منها: الفقه، و الحديث، و الأصول، و الكلام، و النحو، و الطب، و الموسيقى،
سمع جماعة منهم الحافظ أبو محمد الدمياطي، و تقي الدين بن دقيق العيد، و قرأ
عليه الحافظ أبو الفضل العراقي، توفي سنة تسع و أربعين و سبع مئة. و انظر ذيل
تذكرة الحفاظ ص: (128).
(2) هو أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي، المصري، ثم
الدمشقي، عني بالحديث أتم عناية، و كتب بخطه المليح الصحيح المتقن شيئا كثيرا
في سائر علوم الإسلام، و كان ممن جمع فنون العلم و الأدب و الفقه و النحو و اللغة
و الشعر و الفصاحة و الزهد و الورع و العبادة و الشجاعة، و الشدة في دينه، توفي بالقاهرة
سنة ست و خمسين و سبع مئة.
انظر ذيل تذكرة الحفاظ ص: (39 - 40)، و تذكرة الحفاظ 4 / 1507، و الدرر
الكامنة 3 / 63 - 71، و الطبقات الكبرى 10 / 139 و قد ترجم له ترجمة مطولة، و ذكر
محققاه الفاضلان عددا كبيرا من المصادر التي ترجمت له.
(3) هو محمد بن عبد الله تاج الدين بن عبد الله بن بهاء الدين المصري، و يعرف أيضا
بابن الشاهد.
كان فقيها، تولى شهادة ديوان شيخو فعظم في زمنه، و ولي بعده إفتاء دار العدل،
و شهادة الجيش و وكالة الخاص، و خرج مع الحجاج في رجب فمات في رمضان سنة
ثنتين و سبع و سبعين و سبع مئة.
انظر الدرر الكامنة 3 / 488.
(4) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن
قدامة الصالحي، الشيخ، المعمر، المسند، الأصيل، شمس الدين أبو عبد الله.
حضر علي ابن البخاري و تفرد عنه برواية جزء ابن نجيب. و حضر على الشريف
علي بن الرضا عبد الرحمن أربعين حديثا منتقاة من موطأ يحيى بن بكير. سمع منه
: الزين العراقي، و نور الدين الهيثمي، و الشهاب ابن حجي. توفي يوم الثلاثاء
ثاني ذي الحجة، سنة تسع و سبعين و سبع مئة بالصالحية، و أوصى أن يدفن بالروضة
في السفح. و انظر الدرر الكامنة 3 / 482، و تاريخ الصالحية 2 / 568، و شذرات
الذهب 6 / 216.
66

و ممن سمع عليه سوى ابن عبد الهادي: الميدومي (1)، و محمد بن
إسماعيل بن الملوك (2)، و محمد بن عبد الله النعماني، و أحمد بن
الرصدي (3)، و ابن القطرواني (4)، و العرضي (5)، و مظفر الدين محمد بن

(1) هو أحمد بن أبي بكر بن عمر بن يوسف الميدومي، حفظ القرآن، و العمدة،
و المنهاجين، و ألفيه ابن مالك، ناب في القضاء، و تصدر بالجامع العمري، كان له
حضور و هو في الرابعة، و كان تام العقل، متواضعا سمع عنه الفضلاء، و توفي سنة
ثمان و ستين و ثماني مئة.
انظر الضوء اللامع 1 / 258.
(2) هو محمد بن إسماعيل عبد العزيز بن عيسى المعروف بابن الملوك، حدث، و تفرد،
و قرأ عليه الحافظ العراقي، و كان حسن الخط، توفي سنة ست و خمسين و سبع مئة
و قد تجاوز الثمانين.
انظر الدرر الكامنة 3 / 387 - 388.
(3) هو أحمد بن محمد بن الحسن الجزائري بن المرصدي - و في نسخة الرصدي -.
سمع من العز الحراني، و حدث عنه، و مات بغزة سنة ستين و سبع مئة.
أرخه ابن رافع، و سمع أيضا من النظام الخليلي و هو آخر من حدث عنه بالسماع.
و انظر الدرر الكامنة 1 / 262.
(4) هو محمد بن علي بن عبد العزيز بن مصطفى قطب الدين القطرواني المصري،
سمع الصحيح علي العز الحراني و غيره، و سمع السيرة - بقراءة المزي - علي محمد
ابن ربيعة، مات سنة ستين و سبع مئة. و انظر الدرر الكامنة 4 / 68.
(5) هو محمد بن خليل بن محمد شمس الدين أبو الحسن العرضي الغزي، الشافعي،
اشتغل بالفقه فمهر فيه إلى أن فاق الأقران و صار يستحضر أكثر المذاهب مع
المعرفة بالطب، توفي سنة أربع عشرة و ثماني مئة.
انظر شذرات الذهب 7 / 107.
67

محمد بن يحيى العطار (1)، و ابن الخباز (2)، و ابن الحموي (3)، و ابن قيم
الضيائية (4)، و أحمد بن عبد الرحمن المرداوي (5).
فمما سمعه على المظفر: صحيح البخاري، و على ابن الخباز:

(1) هو محمد بن محمد بن يحيى بن عبد الكريم العسقلاني الأصل، المصري، مظفر
الدين ابن النحاس، العطار، أسمع حاضرا و هو في الرابعة على العز الحراني، و كان
مكثرا، صحيح السماع توفي سنة إحدى و ستين و سبع مئة. و انظر الدرر الكامنة
4 / 242.
(2) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم بن بركات المعروف بابن الخباز، قال
تلميذه العراقي: (كان مسند الآفاق في زمانه، و تفرد برواية مسلم بالسماع
المتصل، و كان صدوقا مأمونا، محبا للحديث و أهله، كان صبورا على السماع،
و كان يكتب بالنسخ...). توفي سنة ست و خمسين و سبع مئة.
انظر الدرر الكامنة 3 / 384 - 385، و شذرات الذهب 6 / 181.
(3) هو محمد بن إسماعيل بن عمر بن المسلم بن حسن ابن الحموي، أحضر على
الرشيد العامري، و ألحق بالكبار و الصغار. و قال الذهبي: (مكثر جدا على الفخر
و غيره). و قال ابن رجب: (تفرد بسماع السنن الكبير، و له مسموعات في
مجلدين). و قد أكثر عنه العراقي، توفي سنة سبع و خمسين و سبع مئة.
انظر الدرر الكامنة 3 / 389 - 390.
(4) هو تقي الدين عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر المقدسي أبو محمد البزوري،
العطار، المعروف بابن قيم الضيائية، سمع منه الذهبي، و الحسيني، و ابن رجب،
و كان مكثرا، مسندا، فقيها، و كان له حانوت في الصالحية يبيع فيه العطر، توفي
سنة إحدى و ستين و سبع مئة و قد بلغ من العمر واحدا و تسعين عاما.
و انظر شذرات الذهب 6 / 191. و تاريخ الصالحية 2 / 394.
(5) هو أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمود المرداوي،
الحنبلي، قاضي حماة، تفقه و مهر و سمع من ابن الشحنة و الذهبي و غيرهما،
و درس و أفاد، و له نظم و نثر. توفي سنة سبع و ثمانين و سبع مئة. و انظر الدرر الكامنة
1 / 168، و شذرات الذهب 6 / 295 - 296 و قد جاء اسمه فيها (أحمد بن عبد الله
ابن محمد...).
68

صحيح مسلم، و عليه، و على العرضي: مسند أحمد، و على العرضي،
و الميدومي: سنن أبي داود، و على الميدومي، و ابن الخباز: جزء ابن عرفة.
و هو مكثر سماعا و شيوخا، و لم يكن الزين يعتمد في شيء من أموره إلا
عليه حتى أنه أرسله مع ولده الولي (1) لما ارتحل بنفسه إلى دمشق، و زوجه
ابنته خديجة، و رزق منها عدة أولاد، و كتب الكثير من تصانيف الشيخ، بل
قرأ عليه أكثرها، و تخرج به في الحديث، بل دربه في إفراد زوائد كتب:
كالمعاجم الثلاثة للطبراني، و المسانيد: لأحمد، و البزار، و أبي يعلى، على
الكتب الستة.
و ابتدأ أولا بزوائد أحمد فجاء في مجلدين، و كل واحد من الخمسة
الباقية في تصنيف مستقل إلا الطبراني الأوسط و الصغير فهما في تصنيف. ثم
جمع الجميع في كتاب واحد محذوف الأسانيد سماه (مجمع الزوائد) و كذا أفرد
زوائد (صحيح ابن حبان) على الصحيحين، و رتب أحاديث (الحلية)
لأبي نعيم على الأبواب، و مات عنه مسودة، فبيضه و أكمله شيخنا
في مجلدين، و أحاديث (الغيلانيات) (2)، و (الخلعيات) (3) و فوائد

(1) هو أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي، ولي الدين، أبو زرعة، الإمام
العلامة، الفريد، الحافظ، ذو الفضل، و الذكاء، و التواضع، و حسن الشكل،
و شرف النفس، و سلامة الباطن، كل هذا إلى الدين المتين، و الانجماع، و حسن
الخلق و الخلق حتى قيل: قل أن ترى العيون مثله. توفي سنة ست و عشرين و ثمان
مئة. و انظر (ذيل التذكرة) ص: (284 - 289)، و الضوء اللامع 1 / 336 - 345،
و معجم المؤلفين 1 / 270 - 271 و فيه عدد من المصادر التي ترجمت هذا العلم.
(2) الغيلانيات من أجزاء الحديث: هي فوائد حديثية من حديث أبي بكر محمد بن
عبد الله بن إبراهيم المعروف بالشافعي، المتوفي سنة أربع و خمسين و ثلاث مئة إملاء
عن شيوخه، رواية أبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار المتوفي
سنة أربع و خمسين و ثلاث مئة. انظر كشف الظنون 2 / 1214.
(3) الخلعيات: هي الفوائد العشرون التي صنفها أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين
ابن محمد الخلعي، و خرجها له أحمد بن الحسن الشيرازي أبو نصر في عشرين
جزءا.
و انظر سير أعلام النبلاء 19 / 74، و معجم المؤلفين 7 / 62، و الأعلام 4 / 273.
69

تمام (1)، و الأفراد للدارقطني أيضا على الأبواب في مجلدين، و رتب كلا من
(ثقات ابن حبان) و (ثقات العجلي) على الحروف. و أعانه بكتبه، ثم بالمرور
عليها، و تحريرها، و عمل خطبها، و نحو ذلك، و عادت بركة الزين عليه في
ذلك و في غيره. كما أن الزين استروح بعد بما عمله سيما (المجمع).
و كان عجبا في الدين و التقوى و الزهد و الإقبال على العلم، و العبادة،
و الأوراد، و خدمة الشيخ، و عدم مخالطة الناس في شيء، من الأمور،
و المحبة في الحديث و أهله.
و حدث بالكثير رفيقا للزين، بل قل أن حدث الزين بشيء إلا و هو معه.
و كذلك قل أن حدث هو بمفرده لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه. و مع ذلك
فلم يغير حاله، و لا تصدر، و لا تمشيخ. و كان مع كونه شريكا للشيخ يكتب
عنه الأمالي بحيث كتب عنه جميعها. و ربما استملى عليه، و يحدث بذلك عن
الشيخ لا عن نفسه إلا لمن يضايقه، و لم يزل على طريقته حتى مات في ليلة
الثلاثاء تاسع عشر رمضان سنة سبع بالقاهرة، و دفن من الغد خارج باب
البرقية منها، رحمه الله و إيانا.
و قد ترجمه ابن خطيب الناصرية (2) في حلب، و التقي

(1) الفوائد: ثلاثون جزءا في الحديث، خرجها تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر
الرازي، من الحفاظ و المحدثين توفي سنة أربع عشرة و أربع مئة.
انظر (سير أعلام النبلاء) 7 / 289 - 293، و تاريخ التراث العربي 1 / 379،
و الأعلام 2 / 87، و معجم المؤلفين 3 / 93، و كشف الظنون 2 / 1296.
(2) هو علي بن محمد بن سعد بن محمد بن علي، مؤرخ، من القضاة من أهل حلب، رحل إلى دمشق، و القاهرة و ولي القضاء في طرابلس، ثم قضاء حلب، و درس
و أفتى، و كان محمود السيرة توفي سنة ثلاث و أربعين و ثمان مئة. انظر الأعلام 5 / 8،
و معجم المؤلفين 7 / 200.
70

الفاسي (1) في (ذيل التقييد)، و شيخنا (2) في معجمه، و إنبائه، و مشيخة البرهان
الحلبي (3)، و الغرس خليل الأقفهسي (4) في (معجم ابن ظهيرة)، و التقي ابن

(1) تقي الدين هو محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن الفاسي، المكي،
قاضي مكة و شيخ الحرم، محدث مؤرخ، أصولي. ولد بمكة و نشأ بها و بالمدينة،
و دخل اليمن و الشام و مصر مرارا، توفي بمكة سنة اثنتين و ثلاثين و ثماني مئة. و ترك
عددا من المؤلفات منها: العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، و ذيل سير أعلام
النبلاء في مجلدين، و ذيل على التقييد لمعرفة رواة السند و الأسانيد لابن نقطة.
انظر الأعلام 5 / 331، و معجم المؤلفين 8 / 300 و فيهما عدد من المصادر التي
ترجمت له.
(2) هو الإمام الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث أحمد بن علي بن حجر العسقلاني،
حافظ الإسلام، من تهادت كتبه الملوك و الأمراء، و انكب عليها طلاب العلم.
ولع بالأدب و الشعر، ثم أقبل على الحديث فكان الإمام العلم الذي إليه المرجع،
توفي سنة اثنين و خمسين و ثماني مئة. و قد اختصرت الحديث عنه لأنه أشهر من أن
يعرف.
و انظر الأعلام 1 / 178 - 179، و معجم المؤلفين 2 / 20 - 24 و فيهما عدد من
المصادر التي ترجمت له.
(3) هو إبراهيم بن محمد بن خليل، الطرابلسي الأصل - طرابلس الشام -، الحلبي
المولد و الدار، المعروف بالبرهان، وبسبط ابن العجمي، رحل و جمع، و درس
و حصل، ولد بالجلوم - حارة من حارات حلب -، و مات بحلب سنة إحدى و أربعين
و ثماني مئة.
وانظر الضوء اللامع 1 / 138 - 145، و الأعلام 1 / 65، و معجم المؤلفين
1 / 92 - 93 و فيهما عدد من المصادر التي ترجمت له.
(4) هو غرس الدين خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم أبو الصفاء الأقفهسي،
المحدث، الرحالة، الأديب الفرائضي، العالم بالحساب، له نظم حسن. حج
و جاور بمكة مدة، و رحل.
و خرج للشيخ مجد الدين إسماعيل الحنفي (مشيخة) و لجمال الدين بن ظهيرة
(معجما)، كما خرج لنفسه (المتباينات) نحو مئة حديث، و أحاديث فقهاء الشافعية،
و له تعاليق و فوائد.
و انظر الضوء اللامع 3 / 202 - 204، و الأعلام 2 / 322، و معجم المؤلفين
4 / 127 و فيهما عدد من مصادر الترجمة أيضا. و انظر أيضا ترجمة الجلال محمد بن
ظهيرة أبي السعادات في الضوء اللامع 9 / 214 - 216.
71

فهد (1) في معجمه، و ذيل الحفاظ، و خلق كالمقريزي (2) في عقوده.
قال شيخنا في معجمه: و كان خيرا، ساكنا، لينا، سليم الفطرة، شديد
الإنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا و لأولاده، محبا في الحديث و أهله، ثم
أشار لما سمعه منه و قرأه عليه. و أنه قرأ عليه إلى أثناء الحج من (مجمع
الزوائد) سوى المجلس الأول منه و مواضع يسيرة من إثنائه، و من أول زوائد
مسند أحمد إلى قدر الربع منه.
قال: و كان يودني كثيرا و يعينني عند الشيخ، و بلغه أنني تتبعت أوهامه

(1) هو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد التقي أبو الفضل، من
علماء الشافعية، يتصل نسبه بمحمد بن الحنفية، ولد بأصفون من صعيد مصر،
و انتقل مع أبيه إلى مكة سمع فأكثر السماع و أجازه خلق كثيرون منهم العراقي،
و الهيثمي، و من كتبه: لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ، و مختصر أسماء الصحابة
انتفع به خلق منهم خليل الأقفهسي، و توفي سنة إحدى و سبعين و ثماني مئة.
انظر الضوء اللامع 9 / 271 - 283، و الأعلام 7 / 48، و معجم المؤلفين
11 / 291 و فيهما عدد من مصادر الترجمة لهذا العلم.
(2) هو أحمد بن علي بن عبد القادر، تقي الدين، مؤرخ الديار المصرية، أصله من
بعلبك، و نسبته إلى حارة المقارزة، و لي فيها الحسبة و الخطابة، و الإمامة مرات،
و اتصل بالملك الظاهر برقوق و قد دخل دمشق مع ابنه، و أبى أن يتولى قضاءها و عاد
إلى مصر، من تآليفه: خطط المقريزي، و تاريخ بناء الكعبة، و درر العقود الفريدة.
و قال السخاودي: قرأت بخطه أن تصانيفه زادت على مئتي مجلد كبار،
انظر الضوء اللامع 2 / 21 - 25، و الأعلام 1 / 177، و معجم المؤلفين
2 / 11 - 12 و فيهما عدد كبير من المصادر التي ترجمت له.
72

في (مجمع الزوائد) فعاتبني، فتركت ذلك إلى الآن، و استمر على المحبة
و المودة.
قال: و كان كثير الاستحضار للمتون، يسرع الجواب بحضرة الشيخ،
فيعجب الشيخ ذلك.
و قد عاشرتهما مدة فلم أرهما يتركان قيام الليل، و رأيت من خدمته
لشيخنا و تأدبه معه من غير تكلف لذلك ما لم أره لغيره، و لا أظن أحدا يقوى
عليه.
و قال في إنبائه: إنه صار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة،
و كان هينا، دينا، خيرا، محبا في أهل الخير، لا يسأم و لا يضجر من خدمة
الشيخ و كتابة الحديث، سليم الفطرة، كثير الخير و الاحتمال للأذى،
خصوصا من جماعة الشيخ. و قد شهد لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني
خيرا.
قال: و كنت قد تتبعت أوهامه في كتابه (المجمع) فبلغني أن ذلك شق
عليه فتركته رعاية له.
قلت: و كأن مشقته لكونه لم يعلمه هو بل أعلم غيره. و إلا فصلاحه ينبو
عن مطلق المشقة أو لكونها غير ضرورية بحيث ساغ لشيخنا الإعراض عنها.
و الأعمال بالنيات.
و قال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة، و من أهل الخير،
غالب نهاره في اشتغال و كتابة، مع ملازمة خدمة الشيخ في أمر وضوئه و ثيابه،
و لا يخاطبه إلا بسيدي حتى كان في أمر خدمته كالعبد، مع محبته للطلبة
و الغرباء و أهل الخير و كثرة الاستحضار جدا.
و قال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون و الآثار، صالحا خيرا.
73

و قال الأقفهسي: كان إماما، عالما، حافظا، زاهدا، متواضعا، متوددا
إلى الناس، ذا عبادة و تقشف و ورع. انتهى.
و الثناء على دينه، و زهده، و ورعه، و نحو ذلك كثير جدا بل هو في ذلك
كلمة اتفاق.
و أما في الحديث فالحق ما قاله شيخنا أنه كان يدري منه فنا واحدا،
يعني: الذي دربه فيه شيخهما العراقي.
قال: و قد كان من لا يدري يظن لسرعة جوابه بحضرة الشيخ أنه
أحفظ، و ليس كذلك. بل الحفظ: المعرفة. رحمه الله و إيانا) (1).
و أما الكتاب فإننا قد بذلنا وسعنا في (مقدمة التحقيق) كي نظهر
- بالدليل - المكانة الحقة التي تحتلها هذه الموسوعة الحديثية الكبرى في دنيا
كتب الحديث، و ليس موارد الظمآن إلا جزءا من هذه الموسوعة، و هو يمثل
أكثر من ثلث ما جاء فيها من أحاديث.
فقد اشتمل صحيح ابن حبان على ثمانية و أربعين و أربع مئة و سبعة
آلاف حديث تقريبا، اشترك ابن حبان و الشيخان أو أحدهما في تخريج واحد
و ثمان مئة، و أربعة آلاف حديث منها، و الباقي و هو سبعة و أربعون، و ست مئة
و ألفا حديث تقريبا ليس منها شيء في الصحيحين - إلا ما سها عنه الهيثمي،
و جل من لا يسهو - و إنما شارك ابن حبان في تخريجها - أو بعضها - مالك،
و عبد الرزاق، و أحمد، و أصحاب السنن، أو بعضهم، و هناك قسم - و هو
قليل - تفرد به ابن حبان.

(1) الضوء اللامع 5 / 200 - 203، و انظر ذيل تذكرة الحفاظ ص: (239 - 241)،
و ذيل الذيل ص: (372)، و شذرات الذهب 7 / 70، و كشف الظنون ص (957،
1400)، و إيضاح المكنون 1 / 186، 2 / 566، و هدية العارفين 1 / 727، و فهرست
الفهارس 1 / 337، و الأعلام 4 / 266 - 267، و معجم المؤلفين 7 / 45.
74

لقد استل الحافظ الهيثمي الأحاديث التي لم ترد في الصحيحين - أو
أحدهما - من صحيح ابن حبان و رتبها على أبواب الفقه ليسهل الرجوع إليها،
و ليس أجمل من حديث صاحب العمل عن إنتاجه: بدءا، و غاية، يوضح
الدافع الذي دفعه إلى هذا العمل، و الأسلوب الذي اتبعه في عمله، و الغاية
التي ينشدها و يسعى إلى تحقيقها بعمله هذا.
يقول الحافظ الهيثمي في مقدمته لهذا العمل الجليل: (فقد رأيت أن
أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي - رضي الله عنه - على
صحيح البخاري و مسلم - رضي الله عنهما - مرتبا ذلك على كتب فقه
أذكرها لكي يسهل الكشف منها، فإنه لا فائدة في عزو الحديث إلى (صحيح
ابن حبان) مع كونه في شيء منهما (1).
و أردت أن أذكر الصحابي فقط، و أسقط الإسناد اعتمادا على
تصحيحه، فأشار علي سيدي الشيخ الإمام، العلامة، الحافظ، و لي الدين
أبو زرعة، ابن سيدي الشيخ الإمام العلامة، شيخ الإسلام أبي الفضل عبد
الرحيم بن العراقي بأن أذكر الحديث بسنده، لأن فيه أحاديث تكلم فيها بعض
الحفاظ، فرأيت أن ذلك هو الصواب...).
و هذا النص يضعنا وجها لوجه أمام العمل، و الغاية المرجوة منه،
و الأسلوب المتبع في ذلك.
1 - أما العمل فهو إفراد زوائد صحيح ابن حبان على صحيح البخاري
و مسلم.
2 - و أما الغاية المرجوة فهي ذات شقين:

(1) انظر تعليقنا على ذلك، ص (89).
75

أ - تسهيل الكشف عن الحديث عند الحاجة إلى الرجوع إليه في بابه.
ب - معرفة الأحاديث الصحيحة التي في غير الصحيحين، و هي في هذا
الكتاب، و تكلم بعض الحفاظ على بعض أحاديث وردت فيه لا يقلل من
شأن هذه الموسوعة، فقد أبى الله - تعالى - أن تكون العصمة لغير كتابه.
3 - و الأسلوب المتبع في هذا العمل يقوم على دعامتين:
أ - استلال الأحاديث هذه من صحيح ابن حبان بأسنادها كي يتخلص
من عهدة ما قد يكون غير متفق عليه تصحيحه بين الحفاظ.
ب - جمع هذه الأحاديث و ترتيبها على أبواب الفقه ليكون الرجوع إليها
ميسورا، و الكشف عنها سهلا.
و هنا لا بد لنا من السؤال: هل وفى الحافظ الهيثمي بما ألزم به نفسه
في هذا الكتاب؟
و بين يدي الإجابة نرى أن نذكر بأن الإنسان محدود، و نساء، و لا
يستطيع أن يصرف كل شاردة أو واردة على ذهنه، و لذا فلا بد من سهو أو
خطأ.
و كمية الأخطاء تبدو كبيرة إذا كان حجم العمل ضخما و إن كانت نسبة
الخطأ ثابتة، فكمية الخطأ في عمل ما شيء، و نسبة الخطأ في هذا العمل
شيء آخر.
و قد سها الهيثمي كما يسهو غيره، و أخطأ أيضا و كل بني آدم خطأ، و قد
علق الحافظ ابن حجر على هوامش هذه النسخة، فبين الأحاديث التي في
الصحيحين، أو في أحدهما و أوردها الهيثمي في موارده، و لكن هناك أحاديث
أخرى جازت على الحافظ ابن حجر، و قد نبهنا على ذلك في تخريجاتنا
و تعليقاتنا.
76

و أمر آخر أريد أن أنبه عليه و هو أن الحافظ الهيثمي ألزم نفسه بإيراد كل
حديث على شرطه في هذا الكتاب من جميع الطرق الموجودة في صحيح ابن
حبان، و هو لا يذكر اللفظ، و لكنه يشير إليه بقوله: (بمثله) أو (بنحوه)، كما
هو في الأحاديث: (43 - 44، 45 - 46، 54 - 55، 69 - 70، 75 -
76).
و قد فاته ذلك في بعضها كما في الحديث (634)، فهو في الإحسان
4 / 103 برقم (2524)، و لكن الهيثمي لم يورد الطريق الأخرى التي أوردها
ابن حبان برقم (2525).
و كما هو الحال أيضا في الحديث (636) و هو في الإحسان 4 / 86
برقم (2474)، غير أن الهيثمي لم يورد الطريق الثانية التي أوردها ابن حبان
برقم (2473).
و قد يذكر شيخ ابن حبان ثم يسهو عن إتمام الإسناد و عن ذكر الحديث
كما حدث برقم (499) مكرر.
كما قد يذكر جزءا من الإسناد و يقول: (بنحوه) أي: بنحو الحديث
السابق له، كما في الحديث (526) و تكون الإحالة خطأ، و قد بينا ذلك في
موضعه.
و إنما ذكرنا ما ذكرنا لنؤكد أن الكمال لله وحده، و أن كتابا غير القرآن لا
يمكن أن يخلو من خطأ أو سهو، و هذا لا يقلل من شأن الكتاب، و لا يضع من
قيمة صاحبه.
رحم الله هذين الإمامين، و أجزل ثوابهما، و أسكنهما فسيح جنته.
77

وصف المخطوطة
لقد اعتمدنا في عملنا هذا على مخطوطتين: الأولى مصورة المخطوطة
الموجودة في المكتبة المحمودية، و التي انتقلت إلى مكتبة الملك عبد العزيز
بالمدينة المنورة.
و قد قام قسم تصوير المخطوطات بالجامعة الإسلامية - بالمدينة المنورة
حرسها الله - بتصويرها لنا بواسطة الأستاذ الفاضل محمد محمد حسن
شراب، جزاهم الله جميعا كل خير، و أجزل لهم الثواب، و وقانا و إياهم سوء
الحساب.
تتألف هذه النسخة من ثماني عشرة و مئتي ورقة، على كل ورقة
صفحتان، و في كل صفحة واحد و ثلاثون سطرا، و في كل سطر خمس عشرة
إلى سبع عشرة كلمة، و قد كتبت بخط نسخ واضح جميل، أصابت الرطوبة
بعض الأماكن، لم تكن بالكثيرة، و لا بالواسعة، قليلة الأخطاء، أكلت الرطوبة
الورقة الأخيرة منها فلم يتضح لنا اسم الناسخ، و لا تاريخ النسخ.
و هذه النسخة منقولة عن نسخة المصنف - رحمه الله تعالى - و قد قرئت
على الحافظ ابن حجر العسقلاني الذي زينها باستدراكاته و تعليقاته.
و على ورقة الغلاف الأولى منها سماعات غير مقروءة، و تقريظات غير
78

واضحة، و من الواضح منها: (نسخت من خط المؤلف، و قوبلت على
شيخ الإسلام ابن حجر رحمهما الله).
و على الصفحة الأخيرة ما نصه: (و كتبت هذه النسخة من نسخة كتبت
من خط المصنف، و قوبلت على شيخ الإسلام ابن حجر - رحمه الله تعالى -
و كان الفراغ من نسخها يوم الخميس المبارك السابع و العشرين من شهر ربيع
الأول...) و ضاعت الورقة التي فيها تمام الكلام.
و قد قرئت على الحافظ العراقي أيضا، فعلى الورقة (153 / 1) ما
نصه: (هذه الزيادة بخط شيخنا العراقي).
و التصويبات التي على هامش هذه النسخة، مضافة إلى استدراكات
الحافظ ابن حجر، و عبارة (بلغ مقابلة) المبثوثة على الأوراق: (10 / 2)،
(20 / 1)، (30 / 1)، (40 / 1)، (50 / 1)، (64 / 2)، (70 / 1)،
(75 / 2)، (88 / 1)، (121 / 2)، (131 / 1)، (146 / 1)، (151 / 1)،
(158 / 2)، (165 / 1)، (181 / 1)، لتدل الدلالة الأكيدة على نفاسة هذه
النسخة و على قيمتها الكبيرة التي جعلت الحفاظ يهتمون بها مقابلة،
و تصويبا، و استدراكا. و لذلك فقد جعلناها أما لعملنا و رمزنا إليها بالحرف
(م).
و المخطوطة الثانية هي مصورة النسخة الموجودة في المكتبة العالية بمنطقة
السند، و قد قدمها إلينا الأستاذ الفاضل، و الأخ النبيل محمد قاسم سومر
ومدير المكتبة القاسمية - كمالديرو - سند - باكستان.
و هي نسخة ناقصة من أولها حتى الصفحة (32)، أي: من الحديث
رقم (1) إلى نهاية الحديث رقم (79).
و من الصفحة (35) إلى الصفحة (38)، أي من قوله: (يعمل به من
79

بعده) في الحديث رقم (84)، إلى قوله: (... أفضل؟ قال: من عقر
جواده...) في الحديث رقم (94).
و من الصفحة (1019) إلى الصفحة (1020)، أي: من قوله:
(أخبرنا أحمد...) في الحديث (2525)، إلى قوله: (لقد أوذيت في
الله...) في الحديث (2528).
و من الصفحة (1033) إلى الصفحة (1040) أي: من قوله: (ماعز،
عن سفيان...) في الحديث (2544) إلى نهاية الحديث (2567).
و من الصفحة (1043)، إلى الصفحة (1044) أي: من أواخر
الحديث (2572) إلى قوله: (عن الزبيدي...) في الحديث (2579).
و من الصفحة (1053) حتى نهاية الكتاب، أي: من قوله: (فذلك
الذي ضحكت به من الضحى) في الحديث (2589)، إلى نهاية الحديث
الأخير رقم (2647).
و هي مكتوبة بخط نسخ جميل، قليلة الضبط، لا نجد على حواشيها ما
يدل على قراءة العلماء لها، و لا على ما يدل على مقابلتها على غيرها، و كأنها
نسخت عن (م) لأن ما وقع في (م) من أخطاء وقع فيها. و هذا يعني أنها قليلة
الأخطاء أيضا، جيدة الضبط. مفيدة على ما فيها من نقص، و قد رمزنا إليها
بحرف (س).
هذا و يقوم كتاب (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) نشر دار الكتب
العلمية، مقام النسخة الثالثة لعملنا الذي نرجو الله - عز و جل - أن ييسره لنا،
و أن يسدد خطانا، و الله من وراء القصد.
80

عملنا في هذا الكتاب
(أعني: موارد الظمآن)
إن منهج التحقيق الذي التزمناه في تحقيق هذا الكتاب هو ذاته المنهج
الذي حددنا معالمه في الدراسة التي قدمناها بين يدي هذا العمل (1)، غير أن
هناك ما ينبغي أن نعرج على ذكره:
1 - لقد قابلت النسخة التي حققها الأستاذ الفاضل محمد عبد الرزاق حمزة
على الأصل غير أنني لم أشر إلى أي سهو، أو سقط، أو تصحيف وقع
فيها، و اكتفيت بتصحيحه في مكانه
2 - التزمت أن أترجم لمن أستطيع ترجمته من شيوخ ابن حبان عند أول مرة
يرد في الكتاب - إلا إذا وجدنا ترجمته أثناء عملنا لشيخ سبق و لم نجد له
ترجمة، و هذا قليل جدا - و أحيل على هذه الترجمة عند وروده بعد ذلك
عددا من المرات ثم أدع الإحالة ترجيحا مني أنه قد حفظ.
3 - الأحاديث التي في الصحيحين، أو في أحدهما، و أوردها الحافظ الهيثمي
سهوا، قد نكتفي بتخريجها و الدلالة على مكان وجودها فيهما - أو فيه -
دون التنبيه في كل مرة على أن الهيثمي قد أخل بشرطه.

(1) انظر الصفحة (62 - 64).
81

4 - ما أكثر ما يذكر الهيثمي جزءا من الإسناد بعد حديث في الباب، ثم
يقول: بنحوه، أو بمثله دون أن يذكر لفظ الحديث، و نحن في هذه
الحالة لا نثقل الحاشية بإتمام النص و إنما نكتفي بالإحالة على مكان
وجوده في الإحسان، لأن الرجوع إليه أمر ميسور، و بخاصة على العاملين
في هذا الميدان الشريف.
5 - لا بد من تعيين مكان وجود الحديث في (صحيح ابن حبان). و إننا نحيل
ما هو في الجزئين اللذين نشرتهما مؤسسة الرسالة - و قد تبين لك أنهما
بتحقيقنا - إلى مكان وجوده فيهما، و ما عدا ذلك فإننا نعين مكان وجوده في
الإحسان - نشر دار الكتب العلمية - بذكر الجزء، و الصفحة، و رقم
الحديث.
6 - أعطينا الكتب، و الأبواب أرقاما لمعرفة الأبواب في الكتاب الواحد، و عدد
الكتب في هذا المصنف.
7 - عدلنا عن صنع فهرس الأحاديث لكل جزء، و أخرنا ذلك إلى نهاية
الكتاب حتى لا يتكرر العمل.
و أخيرا فإنني أقول معتمدا على الله، غير راج سواه:
اللهم إليك أبرأ من حولي و قوتي، و أسألك أن لا تكلني إلى
نفسي، و أن تسدد خطاي، و أن تجعل عملي خالصا لوجهك إنك على ما
تشاء قدير.
داريا 20 شعبان 1407 الموافق 19 / 4 / 1987..
أبو سليم
حسين أسد الداراني
82

الوجه الأول من غلاف، النسخة المحمودية
83

الصفحة الأولى من النسخة المحمودية
84

الصفحة الأخيرة من النسخة المحمودية
85

الصفحة (33) من النسخة (س)
86

موارد الظمآن
إلى زوائد ابن حبان
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي
735 - 807 ه‍
87

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها يوم
البعث والنشور، وأشهد أن محمدا " عبده ورسوله المنعوت في القرآن والتوراة
والإنجيل والزبور. صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه صلاة تضاعف
لصاحبها الأجور.
وبعد فقد رأيت أن أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي
- رضي الله عنه - على صحيح البخاري ومسلم - رضي الله عنهما - مرتبا " ذلك
على كتب فقه أذكرها لكي يسهل الكشف منها، فإنه لا فائدة في عزو الحديث إلى
صحيح ابن حبان مع كونه في شيء منهما. وأردت أن أذكر الصحابي
فقط، وأسقط السند اعتمادا " على تصحيحه. فأشار علي سيدي الشيخ الإمام
العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن سيدي الشيخ الإمام العلامة شيخ
الإسلام أبي الفضل عبد الرحيم بن العراقي بأن أذكر الحديث بسنده، لأن
89

فيه أحاديث تكلم فيها بعض الحفاظ فرأيت أن ذلك هو الصواب. فجمعت
زوائده ورتبتها على كتب أذكرها وهي: كتاب الإيمان. كتاب العلم. كتاب
الطهارة. كتاب الصلاة. كتاب الجنائز. كتاب الزكاة. كتاب الصيام. كتاب
الحج. كتاب الأضاحي، وفيه الصيد، والذبائح، والعقيقة، والوليمة. كتاب
البيوع. كتاب الأيمان والنذور. كتاب القضاء. كتاب العتق. كتاب الوصايا.
كتاب الفرائض. كتاب النكاح والطلاق والعدة. كتاب الأطعمة. كتاب
الأشربة. كتاب الطب وفيه الرقي وغير ذلك. كتاب اللباس والزينة. كتاب
الحدود والديات. كتاب الإمارة. كتاب الجهاد. كتاب السير وفتح فارس وغيرها. كتاب التفسير. كتاب التعبير. كتاب القدر. كتاب الفتن. كتاب
الأدب. كتاب البر والصلة. كتاب علامات النبوة وفيه من ذكر من الأنبياء
صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين. كتاب المناقب. كتاب الأذكار. كتاب
الأدعية. كتاب التوبة. كتاب الزهد. كتاب البعث. كتاب صفة النار. كتاب
صفة الجنة.
وقد سميته (موارد الظمآن، إلى زوائد ابن حبان) وأسأل الله النفع به لي
وللمسلمين آمين.
وقد أخبرني بصحيح ابن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع - خلا ما فيه
من الكلام على الحديث - الشيخان الإمامان الحافظان: العلامة بهاء الدين
عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل المكي - بقراءتي عليه -، وقاضي
90

المسلمين عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي (2 / 1) المسلمين بدر
الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني قراءه عليه وأنا أسمع - بقراءة
سيدي وشيخي شيخ الإسلام زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين
العراقي - قالا: أخبرنا الشيخ الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم
الطبري - قال الشيخ بهاء الدين: بقراءتي عليه، وقال الآخر: قراءة عليه
وأنا أسمع - قال: أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن
محمد بن أبي الفضل المرسي قال: أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد
91

الهروي.
ح قال ابن جماعة: وأنبأنا به أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن
عساكر، عن أبي روح، قال: أنبأنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني، قال:
أنبأنا علي بن محمد البحاثي، قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن هارون
الزوزني، قال: أنبأنا أبو حاتم ابن حبان البستي.
92

1 - كتاب الإيمان
1 - باب فيمن شهد أن لا إله إلا الله
1 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن يحيى
الأزدي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن
مسلم بن يسار، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان.
عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعلم
كلمة " لا يقولها عبد حقا " من قلبه فيموت - وهو على ذلك - إلا حرمه الله
على النار: لا إله إلا الله)).
93

2 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، أنبأنا هارون بن
إسحاق، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا مسعر، عن إسماعيل بن
أبي خالد، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية
قالت:
مر عمر بن الخطاب بطلحة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو
مكتئب فقال: أساءتك إمرة ابن عمك؟ قال: لا، ولكني سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إني لأعلم كلمة " لا يقولها عبد عند موته إلا
كانت له نورا " لصحيفته، وإن جسده وروحه ليجدان لها روحا " عند
الموت)). فقبض ولم أسأله. فقال: ما أعلمها إلا الكلمة التي أراد
94

عليها عمه، ولو علم أن شيئا " أنجى له منها، لأمره به.
3 - أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن
وهب، أخبرني حياة، حدثنا ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن
سعيد بن الصلت.
عن سهيل بن بيضاء قال: بينا نحن في سفر مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، فحبس من كان بين يديه ولحقه من كان خلفه، حتى إذا
اجتمعوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه من شهد أن لا إله إلا الله، حرمه الله
على النار، وأوجب له الجنة)).
95

4 - أخبرنا علي بن الحسين العسكري بالرقة، حدثنا
عبدان بن محمد الوكيل، حدثنا ابن أبي زائدة، عن سفيان، عن
عمرو بن دينار.
عن جابر، أن معاذا " لما حضرته الوفاة، قال: اكشفوا عني سجف
القبة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [يقول]: ((من شهد أن لا إله إلا الله
مخلصا " من قلبه، دخل الجنة)).
97

5 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا مسدد بن مسرهد، عن
ابن أبي عدي، حدثنا حجاج الصواف، أخبرني حميد بن هلال، حدثني
هصان بن كاهل قال: جلست مجلسا " فيه عبد الرحمن بن سمرة. فلا
أعرفه. فقال:
حدثنا معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ما على
الأرض نفس تموت ولا تشرك بالله شيئا "، وتشهد أن لا إله إلا الله
وأني (2 / 2) رسول الله، يرجع ذلك إلى قلب موقن، إلا غفر لها)).
98

6 - أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف، حدثنا نصر بن علي
الجهضمي، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا خالد الحذاء، عن
الوليد بن مسلم أبي بشر قال: سمعت حمران بن أبان يقول:
سمعت عثمان بن عفان يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله، دخل الجنة))
99

7 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا حفص بن عمر
الحوضي، حدثنا محرز بن قعنب الباهلي، حدثنا رياح بن عبيدة،
عن ذكوان السمان.
عن جابر بن عبد الله قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ناد في
الناس: من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة)). فخرج فلقيه عمر في
الطريق فقال: أين تريد؟ قلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا وكذا.
قال: ارجع. فأبيت، فلهزني لهزة " في صدري ألمها، فرجعت ولم
أجد بدا ". قال: يا رسول الله، بعثت هذا بكذا وكذا؟ قال: ((نعم)). قال:
يا رسول الله، إن الناس قد طمعوا وخبثوا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
100

((اقعد)).
8 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب، عن الأوزاعي قال:
حدثني المطلب بن حنطب، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة.
عن أبيه قال: ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فأصاب الناس
مخمصة، فاستأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نحر بعض ظهرهم،
101

فقال عمر: يا رسول الله فكيف بنا إذا لقينا عدونا جياعا " رجالا "؟ ولكن
إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقية أزوادهم، فجاءوا به،
يجيء الرجل بالحفنة من الطعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم الذي
جاء بالصاع من التمر، فجمعه على نطع، ثم دعا الله بما شاء أن
يدعو، ثم دعا الناس بأوعيتهم، فما بقي في الجيش وعاء إلا مملوء، وبقي
مثله. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: ((أشهد أن
لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، وأشهد عند الله: لا يلقاه عبد مؤمن
بهما إلا حجبتاه عن النار يوم القيامة)).
9 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن
102

إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن
أبي كثير، حدثني هلال بن أبي ميمونة قال، حدثني عطاء بن يسار قال:
حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال: صدرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من مكة، فجعل ناس يستأذنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يأذن لهم، فقال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أبغض إليكم من الشق الآخر؟)) قال فلم نر من القوم إلا باكيا ". قال:
يقول أبو بكر: إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه في نفسي. فقام رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه - وكان إذا حلف قال: ((والذي نفسي
بيده - أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن بالله، ثم يسدد إلا سلك في
الجنة. ولقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة بلا حساب ولا
عذاب، وإني لأرجو أن لا تدخلوها حتى تبوؤوا أنتم ومن صلح من
أزواجكم وذراريكم (3 / 1) مساكن في الجنة)).
ثم قال: ((إذا مضى شطر الليل - أو ثلثاه - ينزل الله إلى السماء
الدنيا فيقول: لا يسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه،
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له.
حتى ينفجر الصبح)).
103

10 - أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة، حدثنا
هشام بن عمار، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح.
104

عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال.. مثله. يعني مثل حديث
قبله....
105

ومتنه: ((كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحرة المدينة
فاستقبلنا أحد فقال: ((يا أبا ذر، ما يسرني أن [لي] أحدا ذهبا " أمسي
وعندي منه دينار إلا أن أرصده لدين)). ثم مشى ومشيت معه، فقال:
((يا أبا ذر))، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: ((الأكثرون هم
الأقلون يوم القيامة)). ثم قال: ((يا أبا ذر، لا تبرح حتى آتيك)). ثم انطلق
حتى توارى، فسمعت صوتا "، فقلت: أنطلق. ثم ذكرت قول
النبي - صلى الله عليه وسلم - فلبثت حتى جاء، فقلت: يا رسول الله إني سمعت صوتا "،
فأردت أن آتيك، فذكرت قولك لي، فقال: ((ذاك جبريل أتاني
فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا "، دخل الجنة)). قلت:
يا رسول الله، وإن زنى، وإن سرق؟ قال: ((وإن زنى وإن سرق)).
107

2 - باب ما يحرم دم العبد
11 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا شيبان بن أبي
شيبة، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال قال: أتاني
108

أبو العالية - وصاحب لي - فقال: هلما فإنكما أشب شبابا " وأوعى
للحديث مني، فانطلقنا حتى أتينا بشر بن عاصم الليثي، قال أبو العالية
حدث هذين، قال بشر:
حدثنا عقبة بن مالك وكان من رهطه - قال: بعث رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - سرية فغارت على قوم، فشذ من القوم رجل واتبعه رجل من
السرية ومعه السيف شاهره، فقال: إني مسلم، فلم ينظر فيما قال،
فضربه فقتله، فنمي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه قولا "
شديدا " فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، إذ قال: والله يا رسول الله ما قال
الذي قال: إلا تعوذا " من القتل، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن من
قبله من الناس، فلم يصبر أن قال الثانية، فأقبل عليه تعرف المساءة في
وجهه فقال: ((إن الله حرم علي أن أقتل مؤمنا ")) (ثلاث مرات).
12 - أخبرنا أحمد بن عمير بن يوسف بدمشق، حدثنا محمد بن
حماد الظهراني، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن
109

عطاء بن يزيد، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار.
أن عبد الله بن عدي حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس بين
ظهراني الناس، إذ جاءه رجل يستأذنه أن يساره، فأذن له، فساره في
قتل رجل من المنافقين، فجهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكلامه وقال: ((أليس
يشهد أن لا إله إلا الله؟)). قال: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له. قال:
((أليس يصلي؟)). قال: بلى يا رسول الله، ولا صلاة له. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أولئك الذين نهيت عن قتلهم)).
13 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر (3 / 2) بن أبي
110

شيبة، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إسرائيل، عن سماك، عن
عكرمة.
عن ابن عباس قال: مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنم، فسلم عليهم فقالوا: ما سلم عليكم إلا
ليتعوذ منكم، فعدوا عليه فقتلوه، وأخذوا غنمه فأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا)
[النساء: 94]
111

إلى آخر الآية.
112

3 - باب بيعة النساء
14 - أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان، أنبأنا أحمد بن أبي بكر،
عن مالك، عن محمد بن المنكدر.
عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوة
نبايعه، فقلن: نبايعك - يا رسول الله - على أن لا نشرك بالله شيئا "، ولا
نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا
وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فيما استطعتن وأطقتن)). قالت:
فقلت: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا. هلم نبايعك، يا رسول الله، قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمئة امرأة كقولي
لامرأة واحدة)).
113

15 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا
إسحاق بن عثمان، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عطية.
عن جدته أم عطية قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة جمع
نساء الأنصار في بيت، فأرسل إلينا عمر بن الخطاب، فقام على الباب
فسلم علينا، فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إليكن. فقلن: مرحبا " برسول الله، وبرسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: تبايعنني
على أن لا تشركن بالله شيئا "، ولا تسرقن ولا تزنين)) الآية. قالت:
فقلنا: نعم، فمد يده من خارج البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت،
ثم قال: ((اللهم اشهد)). قالت: وأمرنا بالعيدين، وأن نخرج فيه الحيض
والعتق، ولا جمعة علينا. قال إسماعيل: فسألت جدتي عن قوله ((ولا
يعصينك في معروف)). قالت: نهانا عن النياحة.
114

4 - باب في قواعد الدين
16 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا يوسف بن
واضح الهاشمي، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن
يعمر قال:
قلت - يعني لابن عمر - يا أبا عبد الرحمن، إن أقواما " يزعمون
أن ليس قدر؟! قال: هل عندنا منهم أحد؟ قلت: لا. قال: فأبلغهم عني
إذا لقيتهم أن ابن عمر يبرأ إلى الله منكم. وأنتم برآء منه.
حدثنا عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - في أناس إذ جاءه رجل ليس عليه سحناء سفر وليس من
115

أهل البلد يتخطى، حتى ورك، فجلس بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
يا محمد ما الإسلام؟ فقال: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا " رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج، وتعتمر،
وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان)).
قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: ((نعم)). قال: (4 / 1)
صدقت.
قال: يا محمد ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته،
وكتبه، ورسله، وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد
الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره)). قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟
قال: ((نعم)). قال: صدقت.
قال: يا محمد ما الإحسان؟ قال: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك
تراه، فإنك إن لا تراه فإنه يراك)). قال: فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟
قال: ((نعم)). قال: صدقت.
116

قال: فمتى الساعة؟ قال: ((سبحان الله! ما المسؤول عنها بأعلم
من السائل، ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها)). قال: أجل. قال:
((إذا رأيت الحفاة العراة يتطاولون في البناء وكانوا ملوكا ")). قال: ما العالة
الحفاة العراة؟ قال: ((العريب)). قال: ((وإذا رأيت الأمة تلد ربها
فذاك من أشراط الساعة)). قال: صدقت. ثم نهض فولى، فقال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((علي بالرجل)). فطلبناه كل مطلب، فلم نقدر عليه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون من هذا؟ هذا جبريل - عليه السلام -
أتاكم ليعلمكم دينكم، خذوا عنه، والذي نفسي بيده ما شبه علي منذ
117

أتاني قبل مرتي هذه، وما عرفته حتى ولى)).
قلت: رواه مسلم
باختصار.
118

17 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس، حدثنا
حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن
أبي هلال حدثه، عن نعيم المجمر: أن صهيبا " مولى العتواريين حدثه.
أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد يخبران عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
جلس على المنبر ثم قال: ((والذي نفسي بيده - ثلاث مرات -)). ثم
سكت، وأكب كل رجل منا يبكي حزينا " ليمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم
قال: ((ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويجتنب
الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها
لتصطفق)). ثم تلا (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
وندخلكم مدخلا " كريما ") [النساء: 31].
119

18 - أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم،
حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن
عبد الرحمن بن أبي عمرة.
عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من آمن بالله
ورسله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا " على الله أن يدخله
الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس حيث ولدته أمه)).
120

19 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا
يحيى بن معين، حدثنا الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عيسى بن طلحة.
عن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
121

يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت
الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان، وقمته، فممن أنا؟
قال: ((من الصديقين والشهداء)).
20 - حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن أبي
بكر المقدمي، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، حدثنا
عبد الله بن سلمان الأغر، عن أبيه.
عن أبي أيوب قال: قال (4 / 2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد
يعبد الله لا يشرك به شيئا "، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم
رمضان، ويجتنب الكبائر إلا دخل الجنة)).
21 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا علي بن الجعد،
أنبأنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل.
122

وعن عمير بن هانئ، عن عبد الرحمن بن غنم.
أنه سمع معاذ بن جبل، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت:
حدثني بعمل يدخلني الجنة. قال: ((بخ بخ، سألت عن أمر عظيم،
وهو يسير لمن يسره. الله عليه: تقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي
الزكاة المفروضة، ولا تشرك بالله شيئا ")).
123

22 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن المنهال
الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن
أبي كثير، عن أبي جعفر.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الأعمال عند
الله تعالى إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحج مبرور)).
قال أبو هريرة: حجة مبرورة تكفر خطايا سنة.
124

5 - باب في الإسلام
23 - والإيمان أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا محمد بن كثير، أنبأنا
سفيان، عن منصور، عن ربعي.
عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يؤمن العبد حتى يؤمن
بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويؤمن بالبعث بعد
الموت، ويؤمن بالقدر)).
24 - أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبراء، أنبأنا
125

إسماعيل بن موسى الفزاري حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن.
عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البذاء من الجفاء،
والجفاء في النار. والحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة)).
126

25 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا عبد
الوارث بن عبيد الله، أنبأنا الليث بن سعد، حدثني أبو هانئ الخولاني،
عن عمرو بن مالك الجنبي، قال:
127

حدثني فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة
الوداع: ((ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم.
والمسلم؟ من سلم الناس من لسانه ويده. والمجاهد؟ من جاهد نفسه
في طاعة الله، والمهاجر؟ من هجر الخطايا والذنوب)).
128

26 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدثنا أبو نصر
التمار، حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، وحميد - وذكر
الصوفي آخر معهما -
عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المؤمن من أمنه
الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من
هجر السوء. والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره
بوائقه)).
27 - أخبرنا عبدان، حدثنا محمد بن معمر، حدثنا أبو
عاصم، عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير.
أنه سمع جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((أسلم الناس إسلاما " من سلم المسلمون من لسانه ويده)).
129

قلت: هو في الصحيح بلفظ ((المسلم من سلم...)).
28 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج
السامي، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي قزعة، عن حكيم بن معاوية.
عن أبيه أنه قال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما أتيتك حتى
حلفت عدد أصابعي (5 / 1) هذه أن لا آتيك، فما الذي بعثك به؟ قال:
((الإسلام)). قال وما الإسلام؟ قال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن توجه
وجهك لله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة
- أخوان نصيران - لا تقبل من عبد توبة أشرك بعد إسلامه)).
130

29 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن إسماعيل
ابن أبي سمينة حدثنا ابن أبي عدي، عن حسين المعلم، عن قتادة.
عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان
حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير)).
30 - أخبرنا عبد الله بن قحطبة، حدثنا العباس بن عبد العظيم
العنبري، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا شعبة، عن معلى بن عطاء،
عن وكيع بن عدس.
عن عمه أبي رزين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمن مثل
النحلة، لا تأكل إلا طيبا "، ولا تضع إلا طيبا ")).
131

6 - باب في الموجبتين ومنازل الناس في الدنيا والآخرة
31 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا
أبو داود، حدثنا شيبان النحوي، حدثنا الركين بن الربيع، عن أبيه، عن
عمه - وهو يسير بن عميلة -.
عن خريم بن فاتك الأسدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الناس
أربعة، والأعمال ستة: موجبتان، ومثل بمثل، وحسنة بعشر أمثالها،
وحسنة بسبع مئة ضعف.
والناس موسع عليه في الدنيا والآخرة وموسع عليه في الدنيا
مقتور عليه في الآخرة، ومقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة،
ومقتور عليه في الدنيا والآخرة، وشقي في الدنيا، وشقي في الآخرة.
والموجبتان من قال: لا إله إلا الله - أو قال مؤمنا " بالله - دخل
الجنة، ومن مات وهو يشرك بالله، دخل النار، ومن هم بحسنة فعملها،
كتبت له عشرة أمثالها، ومن هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة،
133

ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبت له حسنة. ومن هم بسيئة فعملها كتبت
له سيئة واحدة غير مضعفة، ومن أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله، فسبع
مئة ضعف)).
134

7 - باب ما جاء في الوحي والإسراء
32 - أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق، حدثنا علي بن
الحسين بن إشكاب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن
مسروق.
135

عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله إذا تكلم بالوحي
سمع أهل السماء للسماء صلصلة " كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون،
فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم، فزع عن
قلوبهم، فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق. فينادون:
الحق)).
136

33 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا خلف بن هشام
البزار، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عاصم بن أبي النجود.
عن زر بن حبيش قال: أتيت حذيفة فقال: من أنت يا أصلع؟
قلت: أنا زر بن حبيش، حدثني بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت
المقدس حين أسري به.
قال: من أخبرك يا أصلع؟ قلت: القرآن، قال: القرآن؟! فقرأت
(سبحان الذي أسرى بعبده من الليل) [الإسراء: 1]. وهكذا هي في
قراءة عبد الله، إلى قوله (إنه هو السميع (5 / 2) البصير).
قال: فهل تراه صلى فيه؟ قلت: لا. قال: إنه أتي بدابة - قال
حماد: وصفها عاصم لا أحفظ صفتها - قال: فحمله عليها جبريل:
أحدهما رديف صاحبه. فانطلق معه من ليلته حتى أتى بيت المقدس،
فأري ما في السماوات وما في الأرض، ثم رجعا عودهما على بدئهما،
فلم يصل فيه، ولو صلى فيه لكانت سنة ".
138

34 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا عبد الرحمن بن المتوكل
المقرئ، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا الزبير بن جنادة، عن
عبد الله بن بريدة.
140

عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليلة أسري بي انتهيت إلى
بيت المقدس، فخرق جبريل الصخرة بأصبعه، وشد بها البراق)).
35 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن المنهال
الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا هشام الدستوائي، حدثنا
المغيرة ختن مالك بن دينار، عن مالك بن دينار.
141

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيت ليلة
أسري بي رجالا " تقرض شفاههم بمقاريض من النار، فقلت: من
هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك الذين يأمرون الناس بالبر
وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون)).
36 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا
حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مررت ليلة أسري بي
برائحة طيبة، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال: هذه ماشطة ابنة فرعون
كانت تمشطها، فوقع المشط من يدها، فقالت: بسم الله. فقالت ابنة
فرعون: أبي فقالت: ربي وربك ورب أبيك. قالت: أقول له؟ قالت:
قولي. فقالت. فقال لها: ألك من رب غيري؟
قالت: ربي وربك الذي في السماء. قال: فأحمى لها نقرة "
142

من نحاس، وقالت له: لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك؟ قالت:
حاجتي أن تجمع بين عظامي وبين عظام ولدي. قال: ذلك لك، لما
لك علينا من الحق. فألقاها وولدها في البقرة واحدا " واحدا "، وكان
لها صبي فقال: يا أمتاه فاصبري، فإنك على الحق)).
قال ابن عباس: أربعة تكلموا وهم صغار: ابن ماشطة فرعون،
وصبي جريج، وعيسى بن مريم، والرابع لا أحفظه.
37 - أخبرنا جعفر بن أحمد بن صليح بواسط، حدثنا عبد
الحميد بن بيان السكري، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة،
فذكر بإسناده نحوه، باختصار حاجتها.
143

8 - باب في الرؤية
38 - أخبرنا أحمد بن عمرو المعدل بواسط، أنبأنا أحمد بن
سنان القطان، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي
سلمة.
عن ابن عباس قال: ((قد رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه)).
39 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن
144

إسماعيل البخاري، حدثنا الحجاج بن المنهال، حدثنا حماد بن سلمة،
عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس.
عن عمه أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله، هل نرى
ربنا يوم القيامة؟ قال: ((هل ترون ليلة البدر القمر - أو الشمس بغير
سحاب؟)). قالوا: نعم. قال: ((فالله أعلم)). قلت: يا رسول الله، أين
كان ربنا قبل أن يخلق (6 / 1) السماوات والأرض؟ قال: ((في عماء، ما
فوقه هواء، وما تحته هواء)).
9 - باب إن للملك لمة، وللشيطان لمة
40 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا هناد بن السرى،
145

حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني.
عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للشيطان لمة "،
وللملك لمة ". فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة
الملك فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق. فمن وجد ذلك فليحمد الله،
ومن وجد الآخر فليتعوذ من الشيطان)) ثم قرأ (الشيطان يعدكم
الفقر). [البقرة: 268]. الآية.
10 - باب ما جاء في الوسوسة
41 - أخبرنا العباس بن أحمد بن حسان السامي بالبصرة،
حدثنا كثير بن عبيد المذحجي، حدثنا مروان بن معاوية، عن
هشام بن عروة، عن أبيه.
عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لن يدع الشيطان أن
يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماوات والأرض؟ فيقول: الله،
فيقول: فمن خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا أحس
أحدكم بذلك فليقل: آمنت بالله وبرسله)).
146

42 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا
محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، إنا لنجد في أنفسنا
شيئا " ما نحب أن نتكلم به، وأن لنا ما طلعت عليه الشمس. فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: ((قد وجدتم ذلك؟)) قالوا: نعم. قال: ((ذاك صريح
الإيمان)).
43 - أخبرنا أبو عروبة بحران، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا
ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح.
عن أبي هريرة، إنهم قالوا: يا رسول الله إنا لنجد في أنفسنا شيئا " لأن
147

يكون أحدنا حممه أحب إليه من أن يتكلم به. قال: ((ذاك محض الإيمان)).
44 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا مسدد، حدثنا خالد، عن
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، فذكر نحوه.
45 - أخبرنا محمد بن مسرور بن يسار بأرغيان، حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا سفيان،
عن حماد، عن سعيد بن جبير.
148

عن ابن عباس، ان رجلا " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله،
إني لأجد في صدري الشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الله أكبر، الحمد لله الذي رد أمره إلى
الوسوسة)).
46 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، حدثنا
قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن منصور، عن ذر، عن عبد الله بن
شداد بن الهاد.
عن ابن عباس.. فذكر نحوه.
149

11 - باب فيما يخالف كمال الإيمان
47 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا الحسن بن الصباح البزار، حدثنا
مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن ثابت.
عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال في
خطبته: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)).
48 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن يزيد
الرفاعي أبو هشام، حدثنا أبو بكر بن عياش، حدثنا الحسن بن عمرو
الفقيمي، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه.
عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6 / 2): ((ليس المؤمن
بالطعان، ولا اللعان، ولا البذيء، ولا الفاحش)).
12 - باب ما جاء في الكبر
49 - أخبرنا محمد بن زهير بالأبلة، حدثنا عبد الله بن سعيد
150

الكندي، حدثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله - جل وعلا:
((الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني في شيء منه أدخلته
النار)).
13 - باب في الكبائر
50 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا هارون بن معروف،
حدثنا المقرئ، حدثنا حياة، حدثني أبو هانئ، عن أبي علي عمرو بن
مالك الجنبي.
151

عن فضالة بن عبيد، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا تسأل
عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامة. وعبد أبق من سيده فمات
ومات عاصيا "، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فخانته
بعده.
وثلاثة لا تسأل عنهم: رجل نازع الله رداءه، فإن رداءه الكبر
وإزاره العز، ورجل في شك من أمر الله، والقانط من رحمة الله)).
152

51 - أخبرنا القطان بالرقة، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا
صدقة بن خالد، حدثنا خالد بن دهقان، حدثنا عبد الله بن أبي زكريا،
قال: سمعت أم الدرداء تقول:
سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كل
ذنب عسى الله أن يغفره. إلا من مات مشركا "، أو قتل مؤمنا " متعمدا ")).
153

52 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا
عبد الرحمن بن أبي الموال، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب،
عن عمرة.
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ستة لعنهم الله، وكل نبي
مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط
بالجبروت ليذل بذلك من أعز الله، ويعز به من أذل الله، والمستحل
لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي)).
154

53 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا
عبد الملك بن عمرو - يعني أبا عامر العقدي - حدثنا زهير بن أحمد،
عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة.
عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لعن الله من ذبح لغير
الله، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمه أعمى عن
السبيل، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من تولى غير مواليه، ولعن
الله من عمل عمل قوم لوط))، قالها ثلاثا " في عمل قوم لوط.
54 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، حدثنا حماد بن مسعدة، عن ابن عجلان، عن أبيه.
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم
يوم القيامة: الشيخ الزاني، والإمام الكذاب، والعائل المزهو)).
155

55 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست، حدثنا
إسماعيل بن مسعود الجحدري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عبد الرحمن
بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري.
عن أبي هريرة. فذكره بنحوه.
56 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا يزيد بن
موهب، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمر بن محمد، عن عبد الله بن
يسار، سمع سالم بن عبد الله يقول:
قال ابن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم
القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى)).
156

57 - أخبرنا أحمد بن عمير (7 / 1) بن جوصاء بدمشق، حدثنا
يونس بن عبد الأعلى، حدثنا بشر بن محمد، عن الأوزاعي قال:
حدثني إسماعيل بن عبيد الله، قال: حدثتني كريمة بنت الحسحاس
المزنية قالت:
سمعت أبا هريرة وهو في بيت أم الدرداء يقول: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاث من الكفر: شق الجيب، والنياحة، والطعن في
النسب)).
157

58 - أخبرنا عبد الأعلى بن محمد بن سالم، قال: حدثنا عبد
الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الفريابي قال: حدثنا الأوزاعي.. فذكر
نحوه، إلا أنه قال: ((ثلاث هي الكفر بالله)).
14 - باب المراء في القرآن
59 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم
158

الحنظلي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المراء في القرآن
كفر)).
15 - باب فيمن أكفر مسلما "
60 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا الحسن بن عمر بن
شقيق، حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن
عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد.
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أكفر رجل رجلا "
إلا باء أحدهما بها، إن كان كافرا "، وإلا كفر بتكفيره)).
159

16 - باب ما جاء في النفاق
61 - أخبرنا أحمد بن علي في عقبة، قال: حدثنا أبو
الربيع، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان.
160

عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال... مثله.
قلت: وهو: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أربع خلال من كن فيه كان
منافقا " خالصا ": من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر،
وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من
النفاق)).
62 - أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان، حدثنا يحيى بن
داود، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن محمد بن عمرو، عن عبيدة بن
سفيان.
161

عن أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك
الجمعة ثلاثا " من غير عذر، فهو منافق)).
17 - باب في إبليس وجنوده
63 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا
محمد بن عبد الله الزبيري، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن
أبي عبد الرحمن السلمي.
عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أصبح إبليس، بث
جنوده فيقول: من أضل اليوم مسلما "، ألبسته التاج. قال: فيخرج هذا
فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوج.
ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه فيقول: يوشك
أن يبرهما.
ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك. فيقول: أنت أنت.
ويجيء هذا ويقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت،
ويلبسه التاج)).
162

64 - أخبرنا أبو عروبة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن
مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير.
عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن إبليس قد يئس أن يعبده
المصلون، ولكنه في التحريش بينهم)).
18 - باب في أهل الجاهلية
65 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا الحارث بن سريج
النقال، حدثنا يحيى بن يمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
163

عن أبي (7 / 2) هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مررتم بقبورنا
وقبوركم من أهل الجاهلية، فأخبروهم أنهم في النار)).
66 - أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا، أنبأنا
مسروق بن المرزبان، حدثنا ابن أبي زائدة، حدثنا أبي، عن عامر،
قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الوائدة والموؤودة في النار)).
67 - أخبرنا ابن ذريح في عقبة، حدثنا مسروق بن المرزبان.
164

حدثنا ابن أبي زائدة، قال: قال أبي: فحدثني أبو إسحاق أن عامرا " حدثه
بذلك عن علقمة.
عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال... مثله.
68 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا علي بن الجعد
الجوهري، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت مري بن
قطري يحدث.
عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله إن أبي كان يصل
الرحم، وكان يفعل ويفعل.
قال: ((إن أباك أراد أمرا " فأدركه)) يعني الذكر.
165

قال: قلت: يا رسول الله إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا
تحرجا "، قال: ((لا تدع شيئا " ضارعت النصرانية فيه)).
69 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست، حدثنا
أحمد بن المقدام العجلي، حدثنا معتمر بن سليمان، حدثني أبي، عن
قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر.
166

عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليأخذن
الرجل بيد أبيه يوم القيامة يريد أن يدخله الجنة فينادى: إن الجنة لا
يدخلها مشرك، إن الله قد حرم الجنة على كل مشرك. فيقول أي رب،
أبي! فيتحول إلى صورة قبيحة وريح منتنة)).
قال أبو سعيد: فكان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يرون أنه إبراهيم.
ولم يزدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك.
70 - أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر، حدثنا أحمد بن
المقدام العجلي. قلت: فذكر نحوه.
167

2 - كتاب العلم
1 - باب فيما بثه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
71 - أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة، حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا سفيان، عن قطر، عن أبي الطفيل.
عن أبي ذر قال: تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يطير بجناحيه إلا
عندنا منه علم.
168

2 - باب رواية الحديث لمن فهمه ومن لا يفهمه
72 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا أبو داود، حدثنا
شعبة، عن عمر بن سليمان، قال سمعت عبد الرحمن بن أبان يحدث
عن أبيه قال:
خرج زيد بن ثابت من عند مروان نصف النهار، قال: قلت: ما
بعث إليه هذه الساعة إلا لشيء سأله عنه، فسألته فقال: سألنا عن أشياء
سمعناها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((نضر الله
امرءا " سمع منا حديثا " فبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه
منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه.
ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله،
ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من
ورائهم. ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين
169

عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له. ومن كانت الآخرة نيته، جمع
الله أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة)).
170

73 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد،
عن شعبة، حدثني عمر بن سليمان (8 / 1) - هو ابن عاصم بن عمر بن
الخطاب -، عن عبد الرحمن بن أبان - هو ابن عثمان بن عفان - فذكر
نحوه إلا أنه قال: ((رحم الله امرءا ")).
74 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا صفوان بن صالح،
حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سليمان، حدثني سماك بن حرب، عن
عبد الرحمن بن عبد الله يعني ابن مسعود.
عن أبيه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((رحم الله من سمع منا
حديثا " فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع)).
75 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا محمد بن عثمان العجلي، حدثنا
171

عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن سماك.. فذكره. إلا أنه قال:
((نضر الله امرءا ")).
76 - أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف، حدثنا نصر بن علي
الجهضمي، أخبرنا عبد الله بن داود، عن علي بن صالح، عن سماك..
فذكر نحوه.
77 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد الله بن جعفر
البرمكي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن
عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تسمعون، ويسمع منكم
[ويسمع] ممن يسمع منكم)).
172

3 - باب طلب العلم والرحلة فيه
78 - أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي الزاهد، أنبأنا
يعقوب بن إبراهيم، حدثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، عن أبي صالح.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سلك طريقا "
يطلب فيه علما " سهل [الله] له به طريقا " إلى الجنة. ومن أبطأ به عمله،
لم يسرع به نسبه)).
173

79 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا محمد بن يحيى، ومحمد بن
رافع قالا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن عاصم، عن زر قال:
أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال: ما جاء بك؟ قلت:
جئت أنبط العلم. قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من
174

خارج يخرج من بيته يطلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا "
بما يصنع)).
175

قلت: وله طرق تأتي.
80 - أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا عبد الأعلى بن
حماد، حدثنا عبد الله بن داود الخريبي قال: سمعت عاصم بن
[رجاء بن] حياة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال:
كنت جالسا " مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال:
يا أبا الدرداء إني أتيتك من مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث بلغني أنك
تحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقال أبو الدرداء: أما جئت لحاجة؟ أما جئت لتجارة؟
أما جئت إلا لهذا الحديث؟ قال: نعم. قال فإني سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من سلك طريقا " يطلب فيه علما "، سلك الله
به طريقا " من طرق الجنة، والملائكة تضع أجنحتها رضا " لطالب العلم،
وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في
الماء. وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر
الكواكب. إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا " ولا
176

درهما "، وأورثوا العلم، فمن أخذه، أخذ بحظ وافر)).
177

81 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا
المقرئ، حدثنا حياة، حدثني أبو صخر، أن سعيدا " المقبري أخبره.
أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من دخل
مسجدنا هذا ليتعلم خيرا " أو ليعلمه، كان كالمجاهد في سبيل الله
(8 / 2)، ومن دخله لغير ذلك، كان كالناظر إلى ما ليس له)).
4 - باب الخير عادة
82 - أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل، حدثنا هشام بن
عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا مروان بن جناح، عن يونس بن
ميسرة بن حابس، قال:
سمعت معاوية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الخير عادة،
والشر لجاجة. ومن يرد الله به خيرا " يفقهه في الدين)).
179

قلت: في الصحيح منه ((من يرد الله به خيرا " يفقهه في الدين))
فقط.
5 - باب في المجالس
83 - أخبرنا ابن سلم، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب،
أخبرني حرملة، عن دراج، عن أبي الهيثم.
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المجالس ثلاثة:
سالم، وغانم، وشاجب)).
181

6 - باب فيمن علم علما "
84 - أخبرنا أبو عروبة، حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة،
حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي
أنيسة، عن فليح بن سليمان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن أبي قتادة.
عن أبيه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((خير ما يخلف المرء
بعد موته ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها،
وعلم يعمل به من بعده)).
182

85 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي
كريمة: هو الحراني، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم،
عن زيد بن أبي أنيسة... فذكر نحوه.
7 - باب فيمن لا يشبع من العلم ويجمع العلم
86 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس، حدثنا
حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث: أن أبا
السمح حدثه، عن ابن حجيرة.
عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سأل موسى ربه عن
ست خصال كان يظن أنها له خالصة "، والسابعة لم يكن موسى يحبها،
قال: يا رب، أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى. قال: فأي
عبادك أهدى؟ قال: الذي يتبع الهدى. قال: فأي عبادك أحكم؟ قال:
الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه. قال: فأي عبادك أعلم؟ قال:
الذي لا يشبع من العلم، يجمع علم الناس إلى علمه. قال: فأي عبادك
أعز؟ قال: الذي إذا قدر، غفر. قال: فأي عبادك أغنى؟ قال: الذي
183

يرضى بما يؤتى. قال: فأي عبادك أفقر؟، قال: صاحب مبغوض)) قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الغنى عن ظهر، إنما الغنى غنى النفس. وإذا
أراد الله بعبد خيرا "، جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه، وإذا أراد بعبد شرا "
جعل فقره بين عينيه)).
184

8 - باب فيمن له رغبة في العلم
87 - أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون، حدثنا أبو بشر
بكر بن خلف، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد.
عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يليه
المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه.
88 - أخبرنا الصوفي ببغداد، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا
الجراح بن مليح البهراني، قال: سمعت بكر بن زرعة الخولاني قال:
سمعت أبا عنبة الخولاني - وهو من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو
ممن صلى القبلتين (9 / 1) كلتيهما، وأكل الدم في الجاهلية - يقول:
185

سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا "
بغرس يغرس، يستعملهم في طاعته)).
9 - باب في النية في طلب العلم
89 - أخبرنا محمد بن عبد الله [بن يحيى] بن محمد بن
مخلد، حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود (ح).
وأخبرنا عمر بن محمد بن بحير، حدثنا أبو الطاهر بن السرح،
قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني أبو يحيى بن سليمان الخزاعي، عن
186

عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن سعيد بن يسار.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تعلم علما " مما
يبتغي به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب عرضا " من الدنيا، لم يجد
عرف الجنة يوم القيامة)).
90 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي بالبصرة،
187

حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، حدثنا ابن أبي مريم، عن يحيى بن
أيوب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير.
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تعلموا العلم لتباهوا به
العلماء، ولا تماروا به السفهاء، ولا تجيزوا به المجالس، فمن فعل
ذلك، فالنار النار)).
10 - باب جدال المنافق
91 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا خليفة بن خياط، حدثنا خالد بن
الحارث، حدثنا حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة.
عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أخوف ما
أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان)).
188

11 - باب معرفة أهل الحديث بصحته وضعفه
92 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو عامر العقدي،
حدثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد
الملك بن سعيد بن سويد.
عن أبي حميد وأبي أسيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا سمعتم
الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه
منكم قريب، فأنا أولاكم به.
وإذا سمعتم الحديث تنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم
وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه)).
189

12 - باب النهي عن كثرة السؤال لغير فائدة
93 - أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بن سالم، حدثنا نصر بن
علي، خبرنا يزيد بن زريع، حدثنا عبد الرحمن، عن سعيد المقبري.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كره لكم قيل
وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).
190

13 باب السؤال للفائدة
94 - أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني، والحسين بن عبد الله
القطان بالرقة، وابن سلم - واللفظ للحسن - قالوا: حدثنا إبراهيم بن
هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي
إدريس الخولاني.
عن أبي ذر قال: دخلت المسجد فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس
وحده، فقال: ((يا أبا ذر، إن للمسجد تحية "، وإن تحيته ركعتان، فقم
فاركعهما)).
قال: فقمت فركعتهما، ثم عدت فجلست إليه، فقلت: يا رسول
191

الله، إنك أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: ((خير موضوع، استكثر أو
استقل)).
قال قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله،
وجهاد في سبيل الله)) (9 / 2).
قال قلت: يا رسول الله، فأي المؤمنين أكمل إيمانا "؟ قال:
((أحسنهم خلقا ")).
قلت: يا رسول الله، فأي المؤمنين أسلم؟ قال: ((من سلم الناس
من لسانه ويده)).
قلت: يا رسول الله، فأي الصلاة أفضل؟ قال: ((طول القنوت)).
قلت: يا رسول الله، فأي الهجرة أفضل؟ قال: ((من هجر
السيئات)).
قلت: يا رسول الله، فما الصيام؟ قال: ((فرض مجزي، وعند الله
أضعاف كثيرة)).
قلت: يا رسول الله، فأي الجهاد أفضل؟ قال: ((من عقر جواده
وأهريق دمه)).
قلت: يا رسول الله، فأي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل يسر
إلى فقير)).
192

قلت: يا رسول الله، فأي ما أنزل عليك أعظم؟ قال: ((آية
الكرسي)) ثم قال: ((يا أبا ذر، ما السماوات السبع مع الكرسي إلا
كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة
على الحلقة)).
قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: ((مئة ألف وعشرون ألفا ")).
قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟ قال: ((ثلاث مئة وثلاثة
عشر جما " غفيرا ")).
قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟ قال: ((آدم عليه السلام)).
قلت: يا رسول الله، أنبي مرسل؟ قال: ((نعم، خلقه الله بيده،
ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا ")).
ثم قال: ((يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ
- وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم - ونوح.
وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك محمد)).
- صلى الله عليهم أجمعين -.
قلت: يا رسول الله، كم كتابا " أنزله؟ قال: ((مئة كتاب، وأربعة
كتب: أنزل على شيث خمسون صحيفة "، وأنزل على أخنوخ ثلاثون
صحيفة "، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل
التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان)).
193

قلت: يا رسول الله، ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: ((كانت أمثالا "
كلها: أيها الملك المسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا
بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا
أردها وإن كانت من كافر.
وعلى العاقل - ما لم يكن مغلوبا " على عقله - أن تكون له
ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة
يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته في المطعم
والمشرب.
وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا " إلا لثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة
لمعاش، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيرا " بزمانه، مقبلا " على شأنه، حافظا "
للسانه. ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه)).
قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى عليه السلام؟ قال:
((كانت عبرا " كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح.
عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك.
عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب.
عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها.
عجبت لمن أيقن بالحساب غدا " ثم لا يعمل)).
194

قلت يا رسول الله أوصني. قال: ((أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس
الأمر كله)).
قلت: يا رسول الله، زدني قال: ((عليك بتلاوة القرآن، وذكر
الله، فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء)).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((إياك وكثرة الضحك (10 / 1)
فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه)).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((عليك بالصمت إلا من خير،
فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك)).
قلت: يا رسول الله، زدني قال: ((عليك بالجهاد، فإنه رهبانية
أمتي)).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((أحب المساكين وجالسهم)).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((انظر إلى من هو تحتك ولا
تنظر إلى من هو فوقك: فإنه أجدر أن لا تزدري بنعمة الله عندك)).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((قل الحق وإن كان مرا ")).
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: ((ليردك عن الناس ما تعلم من
نفسك، ولا تجد عليهم فيما يأتي، وكفى بك عيبا " أن تعرف من الناس
ما تجهل من نفسك، وتجد عليهم فيما تأتي)).
ثم ضرب بيده على صدري فقال: ((يا أبا ذر، لا عقل كالتدبير،
195

ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق)).
196

قلت: فيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، قال أبو حاتم
وغيره: كذاب.
14 - باب فيمن كتم علما "
95 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا النضر بن شميل، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن
الحكم البناني، عن عطاء بن أبي رباح.
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كتم علما "، يلجم
بلجام من نار يوم القيامة)).
96 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا أبو الطاهر بن
السرح، حدثنا ابن وهب، حدثني عبد الله بن عياش بن عباس، عن
أبيه، عن أبي عبد الرحمن الحبلي.
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كتم علما "
ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)).
198

15 - باب اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم
97 - أخبرنا [محمد بن] عبيد الله بن الفضل الكلاعي
بحمص، حدثنا كثير بن عبيد المذحجي، حدثنا محمد بن حرب، عن
الزبيدي، عن مروان بن روبة، عن ابن أبي عوف.
عن المقدام بن معدي كرب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
((إني أوتيت الكتاب وما يعدله، يوشك شبعان على أريكته أن يقول:
بيني وبينكم هذا الكتاب فما كان [فيه] من حلال أحللناه، ومن كان فيه
من حرام حرمناه. ألا وإنه ليس كذلك)).
199

98 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن عبد
الرحمن بن سهم، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن مالك بن أنس، عن
سالم أبي النضر، عن عبيد الله بن أبي رافع.
عن أبي رافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لا أعرفن الرجل يأتيه
الأمر من أمري: إما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما ندري ما هذا؟
عندنا كتاب الله ليس هذا فيه)).
200

99 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا صفوان بن صالح،
حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، عن زيد بن أسلم، قال:
((رأيت ابن عمر [يصلي] محلول الإزرار، فسألته عن ذلك
فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي كذلك.
100 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا علي بن الجعد،
201

حدثنا زهير بن معاوية، عن عروة بن عبد الله بن قشير، قال: حدثني
معاوية بن قرة.
عن أبيه، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من مزينة فبايعناه
وإنه لمطلق الإزرار، فأدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم،
فما رأيت معاوية - ولا ابنه - قط في شتاء ولا حر (10 / 2) إلا مطلقي
202

الإزرار لا يزران أبدا ".
101 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا يزيد بن
خالد بن عبد الله بن موهب، حدثني الليث بن سعد، عن ابن شهاب،
عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن، [عن أمية بن عبد الله بن
خالد]، أنه قال:
لعبد الله بن عمر: إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في
القرآن، ولا نجد صلاة السفر في القرآن، فقال له عبد الله بن عمر: ابن
203

أخي، إن الله - جل وعلا - بعث إلينا محمدا " رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نعلم
شيئا "، فإنما نفعل كما رأيناه يفعل.
102 - أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي، حدثنا
علي ابن المديني، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، حدثني
خالد بن معدان، حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن
حجر الكلاعي قالا:
204

أتينا العرباض بن سارية وهو من الذين نزل فيهم (ولا على الذين
إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) [التوبة: 92] فسلمنا
وقلنا: أتيناك زائرين ومقتبسين. فقال العرباض: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة " بليغة " ذرفت منها العيون،
ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة
مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: ((أوصيكم بتقوى الله، والسمع
والطاعة، وإن كان عبدا " حبشيا " مجدعا "، فإنه من يعش منكم فسيرى
اختلافا " كثيرا "، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،
فتمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل
محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).
205

16 - باب ما جاء في البر والإثم
103 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا عثمان بن
أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن هشام الدستوائي، عن
يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده.
عن أبي أمامة قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال:
((إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك، فأنت مؤمن)). قال: يا
رسول الله، فما الإثم؟ قال: ((إذا حك في صدرك شئ فدعه)).
207

17 - باب في الصدق والكذب
104 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن
208

بكير، حدثنا زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث.
عن أبي برزة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((يقول ألا إن الكذب يسود
الوجه، والنميمة عذاب القبر)).
105 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن عبد
الملك بن زنجويه، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن أيوب، عن ابن
أبي مليكة.
عن عائشة قالت: ما كان خلق أبغض إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
الكذب، فإن كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما يزال في نفسه عليه
حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة ".
209

106 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا إسحاق بن إسماعيل
الطالقاني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة، قال: حدثني يزيد بن
خمير، قال: سمعت سليم بن عامر يحدث عن أوسط بن إسماعيل قال:
سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم
بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور
وهما في النار)).
210

107 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو الربيع
الزهراني، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا عمرو (11 / 1) بن أبي
عمرو، عن المطلب بن حنطب.
عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اضمنوا لي
ستا " أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا
إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم)).
18 - باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل
108 - أخبرنا ابن سلم، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب،
أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن قتادة بن دعامة،
عن أبي حسان.
عن عبد الله بن عمرو أنه قال: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثنا
211

اليوم والليلة عن بني إسرائيل، لا يقوم إلا لحاجة.
212

109 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا إبراهيم بن بشار
الرمادي، حدثنا سفيان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حدثوا عن بني إسرائيل
ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا علي)).
213

110 - أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب،
حدثنا يونس، عن ابن شهاب، أن نملة بن أبي نملة الأنصاري حدثه.
أن أبا نملة أخبره أنه: بينما هو جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه
رجل من اليهود فقال: أتتكلم هذه الجنازة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الله
أعلم)). فقال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا
حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله،
وملائكته، وكتبه، ورسله، فإن كان حقا " لم تكذبوهم، وإن كان باطلا "
لم تصدقوهم)).
وقال: ((قاتل الله اليهود، لقد أوتوا علما ")).
215

19 - باب ما جاء في القصص
111 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن عبد
الملك بن زنجويه، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن
عبيد الله بن عمر، عن نافع.
عن ابن عمر قال: لم يكن يقص في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا
أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان. إنما كان القصص زمن الفتنة.
216

112 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا عثمان بن
أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي،
عن ابن أبي السائب قاص أهل المدينة قال:
قالت عائشة قص في الجمعة مرة "، فإن أبيت فمرتين، فإن أبيت
فثلاث. ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديثهم فتقطعه عليهم، ولكن إن
استمعوا حديثك فحدثهم، واجتنب السجع في الدعاء، فإني عهدت
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يكرهون ذلك
20 - باب التاريخ
113 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا هدبة بن
خالد، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن.
عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تسألوني عن الساعة،
217

والذي نفسي بيده ما على الأرض نفس منفوسة يأتي عليها مئة سنة)).
114 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا هدبة بن خالد.. فذكر نحوه.
21 - باب رفع العلم
115 - أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عدي أبو نعيم،
218

وحاجب بن أركين قالا: حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب،
قال: سمعت الليث بن سعد يقول: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة، عن
الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير أنه قال:
حدثني عوف بن مالك الأشجعي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (11 / 2)
نظر إلى السماء فقال: ((هذا أوان رفع العلم)). فقال رجل من الأنصار
يقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله، يرفع العلم وقد أثبت ووعته القلوب؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن كنت لأحسبك أفقه أهل المدينة)).
- ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله - قال
فلقيت شداد بن أوس وحدثته بحديث عوف بن مالك فقال: صدق
عوف، ثم قال: ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟ قلت بلى. قال: الخشوع
حتى لا ترى خاشعا ".
219

3 - كتاب الطهارة
1 - باب ما جاء في الماء
116 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، أنبأنا أبو معمر، حدثنا
أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة.
عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الماء لا ينجسه
شيء)).
117 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن
عبيد الله - يعني بن عبد الله بن عمر -
221

عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء وما ينوبه من السباع
والدواب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان الماء قلتين لم ينجسه
شيء)).
118 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير:
أن عبيد الله بن عبد الله بن عمر حدثهم أن أباه عبد الله بن عمر
حدثهم... قلت: فذكر نحوه.
119 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا القعنبي،
عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة من آل بني
الأزرق: أن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبد الدار - أخبره.
أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا
222

به، عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال: ((هو الطهور ماؤه، الحل
ميتته)).
223

120 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا أحمد بن
حنبل، حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، قال: أخبرني إسحاق بن حازم،
عن ابن مقسم - يعني عبيد الله -.
عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماء البحر فقال: ((هو الطهور
ماؤه، الحل ميتته)).
225

2 - باب في سؤر الهر
121 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا القعنبي، عن مالك،
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة،
عن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة -:
أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا " فجاءت هرة تشرب منه،
فأصغى لها أبو قتادة الإناء، فشربت منه.
قالت كبشة: فرآني أنظر إليه قال: أتعجبين يا بنت أخي؟ قالت:
فقلت: نعم. فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنها ليست بنجس، إنما هي
من الطوافين عليكم أو الطوافات)).
226

3 - باب في جلود الميتة تدبغ
122 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا زهير بن عباد الرؤاسي،
حدثنا مالك، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن عبد
الرحمن بن ثوبان، عن أبيه.
227

عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا
(12 / 1) دبغت.
123 - أخبرنا الحسن بن سفيان بخبر غريب، حدثنا إبراهيم بن
228

يعقوب الجوزجاني، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا شريك، عن
الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن الأسود.
عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دباغ جلود الميتة
طهورها)).
229

124 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
أنبأنا عبيد الله بن موسى، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن
جون بن قتادة.
عن سلمة بن المحبق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى في غزوة تبوك
على بيت في فنائه قربة معلقة، فاستسقى فقيل له: إنها ميتة، فقال:
((ذكاة الأديم دباغه)).
230

4 - باب في من أراد
الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى
125 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع، حدثنا هدبة بن
خالد القيسي، حدثنا همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري.
عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء
وضع خاتمه.
5 - باب ما يقول إذا دخل الخلاء
126 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي، حدثنا
232

علي بن خشرم، أنبأنا عيسى بن يونس، عن شعبة، عن قتادة، عن
القاسم الشيباني.
عن زيد بن أرقم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن هذه الحشوش
محتضرة، فإذا أراد أحدكم أن يدخل فليقل: أعوذ بالله من الخبث
والخبائث)).
127 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن عبد
الأعلى حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت النضر
بن أنس يحدث.
عن زيد بن أرقم...
قلت: فذكر نحوه.
6 - باب آداب الخلاء والاستجمار بالحجر
128 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا محمد بن يحيى بن سعيد
233

القطان: صالح حدثني أبي، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن
حكيم، عن أبي صالح.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما أنا لكم
الوالد، فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا
يستدبرها، ولا يستطب بيمينه)). وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن
الروث والرمة.
234

129 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي،
حدثنا وهيب، عن ابن عجلان.. قلت: فذكر نحوه.
130 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا
الوليد بن شجاع، حدثنا ابن وهب، أخبرني حياة والليث، عن ابن
عجلان... فذكر بعضه.
236

131 - أخبرنا هاشم بن يحيى أبو السرى بنصيبين،
حدثنا محمد بن معمر، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو عامر الخزاز،
عن عطاء.
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا استجمر أحدكم
فليوتر، فإن الله تعالى وتر يحب الوتر، أما يرى السماوات سبعا "، والأيام
سبعا "، والطواف سبعا "؟)). وذكر أشياء.
237

132 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول
ببيروت، حدثنا سليمان بن سيف، حدثنا أبو عاصم، [قال: حدثنا
ثور بن يزيد]، حدثنا حصين الحميري، عن أبي سعد الخير.
238

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا استجمر أحدكم
فليوتر، وإذا اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن أتى الغائط
فليستتر، وإن لم يجد إلا كثيبا " من رمل، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني
آدم)).
241

133 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا غوث بن
سليمان بن زياد المصري، حدثنا أبي (12 / 2) قال:
دخلنا على عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي في يوم جمعة،
فدعا بطست وقال للجارية: استريني فسترته، فبال فيه، ثم قال:
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن يبول أحدكم مستقبل القبلة.
242

134 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عمرو بن محمد الناقد،
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق: حدثني أبان بن
صالح، عن مجاهد.
عن جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نستقبل القبلة أو
نستدبرها بفروجنا إذا أهرقنا الماء.
244

قال: ثم قد رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة.
135 - أخبرنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بالموصل، حدثنا
إبراهيم بن إسماعيل الجوهري، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، حدثنا
هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن نافع.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تبل قائما ")).
245

136 - أخبرنا إسحاق بن أحمد القطان بتنيس، حدثنا
محمد بن إشكاب، حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا سفيان، عن أبي
الزبير.
عن جابر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمس الرجل ذكره
بيمينه.
247

137 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن أبي بكر
المقدمي، حدثنا إسماعيل بن سنان، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا
يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن هلال الأنصاري.
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يقعد الرجلان
على الغائط يتحدثان، يرى كل واحد منهما عورة صاحبه، فإن الله يمقت
على ذلك)).
249

7 - باب الاستنجاء بالماء
138 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبيد بن آدم بن أبي
إياس، حدثنا أبي، حدثنا شريك، حدثنا إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة.
عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخلاء، فأتيته بماء
250

في تور - أو ركوة - فاستنجى به ومسح يده اليسرى على الأرض
فغسلها، ثم أتيته بإناء فتوضأ.
8 - باب الاحتراز من البول
139 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا
محمد بن خازم، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب.
عن عبد الرحمن بن حسنة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
يده كهيئة الدرقة، فوضعها، فبال إليها، فقال بعض القوم: انظروا إليه
251

يبول كما تبول المرأة. قال: فسمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ويحك! ما
علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل، كانوا إذا أصابهم شيء من البول
قرضوه بالمقاريض، فنهاهم، فعذب في قبره)).
140 - أخبرنا أبو عروبة، حدثنا محمد بن وهب بن أبي
كريمة، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني
زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث.
عن أبي هريرة قال: كنا نمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررنا على
قبرين، فقام فقمنا معه، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه،
فقلنا: مالك يا نبي الله؟ قال: ((ما تسمعون ما أسمع؟)). قلنا: وما ذاك
يا نبي الله؟ قال: ((هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا " شديدا " في
ذنب هين)). قلنا: فيم ذاك؟ قال: ((أحدهما لا يستنزه من البول،
وكان الآخر يؤذى الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة)) (13 / 1).
252

فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة.
قلنا: وهل ينفعهم ذلك يا رسول الله؟ قال: ((نعم، يخفف عنهما ما دامتا
رطبتين)).
9 - باب البول في القدح
141 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا
يحيى بن معين، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: حدثتني
حكيمة بنت أميمة.
عن أمها أميمة بنت رقيقة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول في قدح من
253

عيدان، ثم يوضع تحت سريره.
254

10 - باب ما جاء في السواك
142 - أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون، حدثنا يعقوب بن
حميد، حدثنا إسماعيل - هو ابن أبي أويس - حدثنا سليمان بن بلال،
عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي سلمة.
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لولا أن أشق على أمتي،
لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة)).
255

143 - أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني، حدثنا روح بن
عبد المؤمن المقرئ، حدثنا يزيد بن زريع، عن عبد الرحمن بن أبي
عتيق، عن أبيه، قال:
سمعت عائشة تقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((السواك مطهرة
للفم، مرضاة للرب)).
144 - أخبرنا ابن زهير بتستر، حدثنا عبد القدوس بن
257

محمد بن عبد الكبير، حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا حماد بن سلمة،
عن عبيد الله بن عمر، عن المقبري.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بالسواك،
فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب)).
11 - باب فرض الوضوء
145 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا علي بن
الجعد، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت أبا المليح يحدث.
عن أبيه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يقبل الله صلاة بغير
طهور، ولا صدقة من غلول)).
258

12 - باب فضل الوضوء
146 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا حماد بن
سلمة، عن عاصم، عن زر.
عن عبد الله أنهم قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من لم تر من
259

أمتك؟ قال: ((غر محجلون، بلق من آثار الطهور)).
13 - باب البداء باليمين
147 - أخبرنا أبو عروبة، حدثنا عبد الرحمن بن عمر البجلي،
حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح.
260

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا لبستم، وإذا
توضأتم، فابدؤوا بميامنكم)).
14 - باب ما جاء في الوضوء
148 - أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن
261

وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن
أبيه.
أن أبا جبير الكندي قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر له رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء قال: ((توضأ يا أبا جبير)). فبدأ، بفيه، فقال له رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - ((لا تبدأ بفيك، فإن الكافر يبدأ بفيه)). ثم دعا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فغسل يديه حتى أنقاهما، ثم تمضمض و استنثر، ثم
غسل وجهه ثلاثا "، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا "، ثم غسل يده
اليسرى إلى المرفق ثلاثا "، ثم مسح برأسه، وغسل رجليه.
149 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا محمد بن كثير
العبدي، أنبأنا سفيان الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف.
عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا
262

توضأت، فاستنثر، وإذا استجمرت فأوتر)).
150 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا (13 / 2) حبان بن
موسى، أنبأنا عبد الله، أنبأنا زائدة بن قدامة، حدثنا خالد بن علقمة الهمداني.
عن عبد خير، قال: دخل على - رضوان الله عليه - الرحبة بعدما
صلى الفجر فجلس، في الرحبة، ثم قال لغلام: إئتني بطهور. فأتاه
الغلام بإناء فيه ماء وطست.
263

قال عبد خير: ونحن جلوس ننظر إليه، فأخذه بيده اليسرى فأفرغ
على يده اليمنى، ثم غسل كفيه، ثم أخذ بيده اليمنى فأفرغ على يده
اليسرى، ثم غسل كفيه، كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى غسلها
ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فغسل وجهه ثلاث مرات،
ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى إلى المرفق
ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء حتى غمرها، ثم رفعها بما
حملت من الماء، ثم مسحها بيده اليسرى، ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما
مرة "، ثم صب بيده اليمنى ثلاث مرات على قدمه اليمنى، ثم غسلها بيده
اليسرى، ثم صب بيده اليمنى على قدمه اليسرى، ثم أدخل يده في
الإناء فغرف بكفه فشرب منه. ثم قال: هذا طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فمن
أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا طهوره.
264

151 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا زائدة بن قدامة، فذكر
نحوه.
152 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن
منصور، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال:
صليت مع علي بن أبي طالب الظهر، فذكر نحوه. إلا أنه قال:
ومسح برأسه، ومسح رجليه.
266

153 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا يعقوب بن
إبراهيم الدورقي، حدثنا ابن علية، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني
محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد الله الخولاني.
عن ابن عباس قال: دخل على بيتي وقد بال.. فذكر بعضه.
154 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا ابن نمير، حدثنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل،
قال:
267

رأيت عثمان - رضي الله عنه - توضأ فخلل لحيته ثلاثا "، وقال:
هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله.
268

155 - أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، حدثنا أبو كريب،
حدثنا ابن أبي زائدة، عن شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم.
عن عمه عبد الله بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بثلثي مد ماء " فتوضأ
فجعل يدلك ذراعيه.
269

156 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا
يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة.. فذكر نحوه أخصر منه.
157 - أخبرنا أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصاء أبو
الحسن، حدثنا إبراهيم بن يعقوب، حدثنا زيد بن الحباب، عن ابن
ثوبان، قال: حدثني عبد الله بن الفضل، عن الأعرج.
عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين.
270

158 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان، أنبأنا عبد الله،
أنبأنا الأوزاعي، عن أبي المطلب.
أن عبد الله بن عمرو كان يتوضأ ثلاثا " ثلاثا "، يسند ذلك إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم -
271

15 - باب إسباغ الوضوء
159 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا سريج بن يونس،
حدثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن
صبرة.
عن أبيه قال: كنت وافد بني المنتفق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فقدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نصادفه في منزله، وصادفنا (14 / 1)
عائشة، فأمرت لنا بخزيرة، فصنعت، وأتينا بقناع - والقناع: الطبق فيه
التمر - فأكلنا. ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((هل أصبتم شيئا "، أو أمر
لكم بشيء؟)). قلنا: نعم يا رسول الله. فبينما نحن مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوس إذ دفع الراعي غنمه إلى المراح ومعه
272

سخلة تيعر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ولدت؟)). قال بهمة ".
قال: ((اذبح مكانها شاة ")). ثم أقبل علينا فقال لا يحسبن - ولم يقل: لا
تحسبن - أنا من أجلك ذبحناها، إن لنا غنما " مئة " لا تزيد، فإذا
273

ولدت بهمة "، ذبحنا مكانها شاة ".
قال: قلت: يا رسول الله، إن لي امرأة وفي لسانها شيء، قال:
((فطلقها إذا ")). قال: قلت يا رسول الله، إن لي منها ولدا " ولها صحبة؟.
قال: ((عظها فإن يك فيها خير فستقبل، ولا تضرب ظعينتك ضربك
أمتك)).
قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء. فقال: ((أسبغ
الوضوء، وخلل بين أصابعك، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون
صائما ")).
274

160 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي.. فذكر نحوه.
161 - أخبرنا أبو عروبة بحران، حدثنا هوبر بن معاذ الكلبي،
حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة،
عن شرحبيل بن سعد.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ألا أدلكم على
ما يمحو الله به الخطايا، ويكفر به الذنوب؟)). قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ((إسباغ الوضوء على المكروهات، وكثرة الخطا إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذالكم الرباط)).
276

162 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد
الرحيم، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان، حدثني عبد الله بن أبي بكر،
عن سعيد بن المسيب.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم
على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات؟)). قالوا: بلى
يا رسول الله. قال: ((إسباغ الوضوء - أو الطهور - في
المكاره...)).
278

قلت: فذكر الحديث، وهو بتمامه في الصلاة.
163 - أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، حدثنا محمد بن أبي
279

صفوان الثقفي، حدثنا أبي، عن سفيان، عن سماك، عن عبد
الرحمن بن عبد الله بن مسعود.
عن أبيه قال: صفقتان في صفقة الربا "، وأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بإسباغ الوضوء.
280

16 - باب المحافظة على الوضوء
164 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا سريج بن يونس وأبو خيثمة، قالا:
حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن ثوبان، حدثني حسان بن عطية: أن أبا
كبشة السلولي حدثه.
أنه سمع ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سددوا وقاربوا،
281

واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا
مؤمن)).
282

165 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا يحيى بن طلحة
اليربوعي، حدثنا أبو الأحوص، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود.
عن عائشة قالت: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صائما " العشرة قط، ولا
خرج من الخلاء إلا مس ماء ".
283

17 - باب فيمن توضأ كما أمر وصلى كما أمر
166 - أخبرنا [محمد بن] الحسن بن قتيبة اللخمي، حدثنا
يزيد بن موهب، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سفيان بن
عبد الرحمن، عن عاصم بن سفيان الثقفي أنهم غزوا غزوة (14 / 2)
السلاسل، ففاتهم العدو، وأبطأوا، ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب
وعقبة بن عامر، فقال عاصم بن سفيان:
يا أبا أيوب، فاتنا العدو العام، وقد أخبرنا أنه من صلى في
المساجد الأربعة، غفر له ذنبه.
284

قال: يا ابن أخي، أدلك على ما هو أيسر من ذلك، إني سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من توضأ كما أمر، وصلى كما أمر، غفر له ما
تقدم من ذنبه)). أكذاك يا عقبة؟ قال: نعم.
285

18 - باب في من بات على طهارة
167 - حدثنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبراء، حدثنا أبو
عاصم أحمد بن جواس الحنفي، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن
ذكوان، عن سليمان الأحول، عن عطاء.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بات على طهارة،
بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك
فلان، فإنه بات طاهرا ")).
286

19 - باب فيمن استيقظ فتوضأ
168 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا حرملة بن
يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة
حدثه.
أنه سمع عقبة بن عامر يقول: لا أقول اليوم على رسول الله ما لم
يقل، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كذب علي متعمدا "، فليتبوأ بيتا " من جهنم)).
وسمعته يقول: (([يقوم] الرجل من أمتي من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ
وجهه انحلت عقدة، و إذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه،
انحلت عقدة. فيقول الله - عز وجل - للذين وراء الحجاب: انظروا
288

إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني، ما سألني عبدي هذا، فهو له، ما
سألني عبدي هذا، فهو له)).
169 - حدثنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان.
عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم ذكر ولا أنثى ينام
إلا وعليه جرير معقود، وإن هو توضأ وقام إلى الصلاة، أصبح نشيطا " قد
أصاب خيرا "، وقد انحلت عقده كلها، وان استيقظ ولم يذكر الله أصبح
وعقده عليه، وأصبح ثقيلا " كسلان، ولم يصب خيرا ")).
289

170 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي،
حدثنا عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش. قال: سمعت
أبا سفيان.. فذكر نحوه باختصار.
20 - باب كراهية الاعتداء في الطهور
171 - أخبرنا أبو يعلى: حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا حماد بن
سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي نعامة.
عن عبد الله بن المغفل، سمع ابنا له في دعائه يقول: اللهم إني
أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. قال: أي بني، سل
الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور)).
290

172 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا أبو الوليد الطيالسي،
عن حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء قال:
سمع عبد الله بن مغفل ابنا له.. فذكر نحوه.
21 - باب المسح على الخفين
173 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو كامل (15 / 1)
الجحدري، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي
حازم.
291

عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل: يا رسول الله،
أرأيت الرجل يحدث فيتوضأ ويمسح على خفيه، أيصلي؟ قال: ((لا
بأس بذلك)).
292

174 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست، حدثنا
قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي يعفور قال:
سألت أنس بن مالك عن المسح على الخفين فقال: كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عليهما.
175 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن إسحاق
المسيبي، حدثنا عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس، عن زيد بن
أسلم، عن عطاء بن يسار.
عن أسامة بن زيد قال: دخل بلال ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
293

الأسواق، فذهب لحاجته، ثم خرج. قال أسامة: فسألت بلالا ": ماذا
صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال بلال: ذهب لحاجته، ثم توضأ، فغسل
وجهه ويديه، ومسح برأسه ومسح على الخفين، ثم صلى.
294

22 - باب المسح على الجوربين والنعلين والخمار
176 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا زيد بن
الحباب، حدثنا سفيان، عن أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل.
عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على
الجوربين والنعلين.
295

177 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا
داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي
مسلم مولى زيد بن صوحان قال:
كنت مع سلمان الفارسي، فرأى رجلا " قد أحدث وهو يريد أن
ينزع خفيه للوضوء، فقال له سلمان: امسح عليهما، وعلى عمامتك،
297

فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على خماره وعلى خفيه.
178 - أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم، حدثنا
زيد بن الحريش الأهوازي، حدثنا عبد الله بن الزبير بن معبد، حدثنا
أيوب السختياني، عن داود بن أبي الفرات.. فذكر نحوه باختصار.
298

23 - باب التوقيت في المسح
179 - أخبرنا أبو عروبة، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو
البجلي، حدثنا زهير بن معاوية، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال:
أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقلت له: حك في نفسي
المسح على الخفين؟ فهل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر شيئا "؟ قال:
نعم، أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا سفرا " - أو مسافرين - أن لا ننزع - أو
نخلع - خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن من غائط ولا بول، إلا من جنابة.
299

180 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن عاصم.. فذكر نحوه أتم
منه.
300

قلت: وله طريق في العلم أتم منه.
181 - أخبرنا [محمد بن] عبد الله بن الجنيد ببست، حدثنا
قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم
التيمي، عن أبي عبد الله الجدلي.
301

عن خزيمة بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن المسح على
الخفين فقال: ((للمسافر ثلاثا "، وللمقيم يوما ")).
182 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو كامل الجحدري، حدثنا أبو عوانة.
قلت: فذكر نحوه إلا أنه قال: ((إن أعرابيا " (15 / 2) سأل)).
302

183 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو خيثمة، أنبأنا
جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله
الجدلي.
عن خزيمة بن ثابت قال: رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نمسح
ثلاثا، ولو استزدنا، لزادنا.
303

184 - أخبرنا القطان بالرقة، حدثنا عمر بن يزيد
السياري، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا المهاجر أبو مخلد، عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة.
عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت في المسح على الخفين
ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، وللمقيم يوما " وليلة.
304

185 - أخبرنا الخليل بن محمد ابن بنت تميم بن المنتصر
بواسط، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب. فذكر نحوه.
186 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا هارون بن
305

معروف، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر قال.
أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء
العلم. قال: فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا " لما
يطلب.
قلت: حك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط
والبول، وكنت امرءا " من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيتك أسألك:
هل سمعت في ذلك شيئا "؟
306

قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرا " أو مسافرين - أن لا ننزع خفافنا
ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط ونوم وبول.
قلت: سمعته يذكر شيئا " في الهوى؟ قال: نعم، بينا نحن معه في
مسير فناداه أعرابي بصوت جهوري: يا محمد، فأجابه على نحو من
كلامه. قال: هاؤم.
قلنا: ويلك اغضض من صوتك، فإنك قد نهيت عن ذلك.
قال: أرأيت رجلا " أحب قوما " ولم يلحق بهم؟ قال: ((هو يوم القيامة
مع من أحب)).
ثم لم يزل يحدثنا حتى قال: ((إن من قبل المغرب بابا فتحه الله
للتوبة مسيرة أربعين سنة، فتحه يوم خلق السماوات والأرض، فلا
يغلقه حتى تطلع الشمس منه)).
307

وفي رواية: أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناها على
طهور ثلاثا " إذا سافرنا.
قلت: تقدم لصفوان بن عسال في أول هذا الكتاب طرق في
هذا.
24 - باب فيمن كان على طهارة وشك في الحدث
187 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست، حدثنا
الحسن بن علي الحلواني، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن
308

يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن هلال.
عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا جاء أحدكم الشيطان
فقال: إنك قد أحدثت، فليقل في نفسه: كذبت، حتى يسمع صوتا "
بأذنه، أو يجد ريحا " بأنفه)).
188 - وأخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن المنهال
الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير..
فذكر نحوه في حديث السهو.
309

25 - باب الذكر والقراءة على غير وضوء
189 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن
المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن،
عن حضين بن المنذر.
عن المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو
يتوضأ، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توضأ، ثم
اعتذر إليه فقال: ((إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)) (16 / 1).
310

190 - أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي بالبصرة، وابن
خزيمة، قالا: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى.. فذكر
نحوه.
191 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم،
حدثنا عبد الله بن يحيى، عن حياة بن شريح، عن يزيد بن الهاد، أن
نافعا " حدثه.
عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل من الغائط، فلقيه رجل
عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل
311

على الجدار، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على الحائط، ثم مسح وجهه
ويديه، ثم رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرجل السلام.
192 - أخبرنا أبو قريش محمد بن جمعة الأصم، حدثنا
محمد بن ميمون المكي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن شعبة ومسعر
- وذكر أبو قريش وآخر معهما -، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة.
عن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحجبه
عن قراءة القرآن شيء ما خلا الجنابة.
312

193 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة بن
يحيى، حدثنا سفيان... فذكر نحوه.
26 - باب صلاة الحاقن
194 - أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري، أنبأنا أحمد بن
أبي بكر، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه.
320

أن عبد الله بن الأرقم كان يؤم أصحابه، فحضرت الصلاة يوما "
فذهب لحاجته، ثم رجع فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا
وجد أحدكم الغائط، فليبدأ به قبل الصلاة)).
195 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو الربيع
الزهراني، حدثنا أبو شهاب هو: عبد ربه بن نافع، عن إدريس بن يزيد
الأودي، عن أبيه.
321

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يصلي أحدكم
وهو يدافعه الأخبثان)).
322

27 - باب التيمم
196 - أخبرنا محمد بن علي الصيرفي غلام طالوت بن عباد
بالبصرة، حدثنا الفضيل بن الحسين الجحدري، حدثنا يزيد بن زريع،
حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان قال:
سمعت أبا ذر قال: اجتمعت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غنم
الصدقة غنم فقال: ((أبد يا أبا ذر)). فبدوت فيها إلى الربذة. قال:
فكان يأتي على الخمس والست وأنا جنب قال: فوجدت في نفسي،
323

فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مسند ظهره إلى الحجرة، فلما رآني قال:
((ما لك يا أبا ذر ثكلتك أمك؟)) قلت: يا رسول الله! جنب. فأمر جارية
سوداء فجاءت بعس، فيه ماء فاستترت بالبعير وبالثوب فاغتسلت. قال
فكأنما وضع عني جبلا "، فقال: ((أدن، فإن الصعيد الطيب وضوء
المسلم، فإذا وجد الماء، فليمس بشرته الماء)) وفي رواية ((وإن لم يجد
الماء عشر سنين)).
324

197 - أخبرنا أحمد بن عيسى بن المسكين بواسط، وكان يحفظ
الحديث ويذاكر به، حدثنا عبد الحميد بن محمد بن المستام، حدثنا
مخلد بن يزيد، حدثنا سفيان الثوري، عن أيوب السختياني وخالد
الحذاء، عن أبي قلابة... فذكر نحوه باختصار.
325

198 - أخبرنا شباب بن صالح، حدثنا وهب بن بقية، أنبأنا
خالد، عن خالد، عن أبي قلابة... قلت: فذكر نحوه، أتم منه.
199 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا عبد الله بن
محمد بن أسماء ابن أخي جويرية، حدثنا جويرية، عن مالك (16 / 2)
بن أنس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه.
326

عن عمار قال: تيممنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب.
قلت: وقد تقدم حديث ابن عمر في تيمم النبي - صلى الله عليه وسلم - على
الجدار في باب: الذكر والقراءة على غير وضوء.
200 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ببست، حدثنا حماد بن
327

يحيى بن حماد بالبصرة، حدثنا أبي، حدثنا أبو عوانة، عن سليمان،
عن مجاهد، عن عبيد بن عمير.
عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((أعطيت خمسا لم
يعطهن أحد قبلي: بعثت إلى الأحمر والأسود، وأحلت لي الغنائم ولم
تحل لأحد قبلي، ونصرت بالرعب فرعب العدو مني مسيرة شهر،
وجعلت لي الأرض طهورا " ومسجدا "، وقيل لي: سل تعطه. فاختبأت
دعوتي شفاعة لأمتي في القيامة، وهي نائلة - إن شاء الله - لمن لا يشرك
بالله شيئا ")).
328

201 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن
يحيى الذهلي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي قال:
أخبرني الوليد بن عبد الله بن أبي رباح أن عطاء عمه حدثه.
عن ابن عباس: أن رجلا أجنب في شتاء فسأل، فأمر بالغسل،
فمات، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما لهم قتلوه قتلهم الله - ثلاثا " - جعل
الله الصعيد - أو التيمم - طهورا ")). قال: شك ابن عباس، ثم أثبته
بعد.
202 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا حرملة بن
يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي
حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي
قيس مولى عمرو بن العاص.
329

أن عمرو بن العاص كان على سرية، وأنهم أصابهم برد شديد لم
ير مثله، فخرج لصلاة الصبح، قال: والله لقد احتلمت البارحة.
فغسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم. فلما قدم على
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فقال: ((كيف وجدتم
عمرا " وأصحابه؟)) فأثنوا عليه خيرا "، وقالوا: يا رسول الله صلى بنا
وهو جنب! فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمرو فسأله، فأخبره بذلك،
وبالذي لقي من البرد، وقال: يا رسول الله إن الله قال: (ولا تقتلوا
أنفسكم) [النساء: 29] ولو اغتسلت مت، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إلى عمرو.
330

28 - باب ما ينقض الوضوء
203 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن
صالح، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان،
عن مسلم بن سلام.
عن علي بن طلق قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنا
نكون في أرض الفلاة، ويكون منا الرويحة، وفي الماء قلة؟.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا فسا أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في
أعجازهن، فإن الله لا يستحي من الحق)).
332

204 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير بن عبد
الحميد، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام.
عن علي بن طلق الحنفي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا فسا
أحدكم في الصلاة، فلينصرف، ثم ليتوضأ وليعد صلاته، ولا تأتوا النساء
في أدبارهن.
333

205 - أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمود بن غيلان
(17 / 1)، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه.
عن عائشة [عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] قال: ((إذا أحدث أحدكم
وهو في الصلاة، فليأخذ على أنفه، ثم لينصرف)).
334

206 - أخبرنا عمرو بن علي بن عبد العزيز بنصيبين، حدثنا
عمر بن شبة، حدثنا عمر بن علي المقدمي، عن هشام.. فذكره.
29 - باب ما جاء في مس الفرج
207 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا نصر بن علي بن نصر
الجهضمي، أنبأنا ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن قيس بن
طلق.
335

عن أبيه قال: خرجنا وفدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل فقال:
يا نبي الله ما تقول في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال: ((هل هو إلا
مضغة - أو بضعة - منه؟)).
336

208 - أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه
بمكة، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا حسين بن الوليد، عن
عكرمة بن عمار، عن قيس بن طلق.
عن أبيه أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يمس ذكره وهو في
الصلاة، قال: ((لا بأس به، إنه كبعض جسده)).
209 - حدثنا ابن قتيبة بعسقلان، حدثنا محمد بن أبي السرى،
حدثنا ملازم بن عمرو، حدثني عبد الله بن بدر، حدثني قيس بن طلق،
338

حدثني أبي.. فذكر نحوه.
310 - أخبرنا علي بن أحمد بن سليمان المعدل
بالفسطاط وعمران بن فضالة الشعيري بالموصل، قالا: حدثنا
أحمد بن سعيد الهمداني، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا عبد
الرحمن بن القاسم، عن يزيد بن عبد الملك، ونافع بن عبد الرحمن بن
339

أبي نعيم القاري، عن المقبري.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أفضى أحدكم
بيده إلى فرجه، وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ)).
340

211 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن
رافع، حدثنا ابن أبي فديك، أخبرني ربيعة بن عثمان، عن هشام بن
عروة، عن أبيه، عن مروان.
عن بسرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من مس فرجه فليتوضأ)).
341

قال عروة: فسألت بسرة، فصدقته.
212 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا مسلم بن
إبراهيم، حدثنا علي بن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه.
عن بسرة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((من مس فرجه، فليعد
الوضوء)).
344

213 - أخبرنا أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش، حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا عبد الله بن الوليد العدني،
عن سفيان الثوري، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان.
عن بسرة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مس ذكره فليتوضأ
وضوءه للصلاة)).
214 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا بن
أحمد بن ذكوان الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد
الرحمن بن نمر اليحصبي، عن الزهري، عن عروة.
عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مس أحدكم فرجه
فليتوضأ. والمرأة مثل ذلك)).
346

30 - باب فيما مسته النار
215 - أخبرنا عبد الله بن الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا الثوري، عن الأعمش، عن عبد الله بن
عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
عن البراء: أن رجلا " قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنصلي في أعطان الإبل؟
فقال: ((لا)). قيل: أنصلي في مرابض الغنم، قال: ((نعم)). قيل:
أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم)). قيل: أنتوضأ من لحوم الغنم؟
قال: ((لا)).
349

216 - أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر، حدثنا
محمد بن وهب بن أبي كريمة، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد
الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن شرحبيل بن سعد.
عن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أهديت إلى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فشوى له بطنها فأكل منها، ثم قام فصلى ولم يتوضأ.
قلت: وبسنده إلى أبي رافع قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فمر بقدر لبعض أهله فيها لحم نضيج، فناوله بعضهم منها كتفا فأكلها
وهو قائم، ثم صلى ولم يتوضأ.
352

217 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا
عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه.
عن أبي هريرة أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من أثوار أقط. ثم رآه
أكل كتف شاة، فصلى ولم يتوضأ.
353

قلت: هو في الصحيح باختصار نسخ الوضوء.
218 - أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا
وهب بن جرير، حدثنا أبي حدثنا محمد بن المنكدر.
عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى امرأة من الأنصار، قال فبسطت لهم
عند ظل صور، ورشت بالماء حوله، وذبحت شاة فأكل وأكلنا معه،
ثم قال تحت الصور، فلما استيقظ، توضأ، ثم صلى الظهر، فقالت
المرأة: يا رسول الله، فضلت عندنا فضلة من طعام، فهل لك فيها؟
قال: ((نعم)). فأكل وأكلنا، ثم صلى ولم يتوضأ.
354

219 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا شيبان بن أبي
شيبة، حدثنا جرير بن حازم.. فذكر نحوه.
220 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، أنبأنا
عبد الله، عن معمر، حدثنا محمد بن المنكدر.
عن جابر قال: أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لحم، ومعه أبو بكر
وعمر، ثم قاموا إلى الصف ولم يتوضؤوا.
قال جابر: ثم شهدت أبا بكر أكل طعاما "، ثم قام إلى الصلاة ولم
يتوضأ. ثم شهدت عمر أكل من جفنة، ثم قام فصلى ولم يتوضأ.
221 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريج، أخبرني محمد بن
المنكدر.
سمع جابر بن عبد الله يقول....
قلت: فذكر نحوه، إلا أنه قال: ثم دخلت مع أبي بكر فقال: هل
من شيء؟ فلم يجدوا. فقال: أين شأنكم الوالد؟ فأمرني بها فاعتقلت
355

فحلبت، ثم صنع له طعاما " فأكلنا، ثم صلى قبل أن يتوضأ، فذكر
نحوه.
356

222 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا بشر بن معاذ
العقدي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن
محمد بن المنكدر.
عن جابر. قلت: فذكر نحوه، إلا أنه قال: ((ودخلنا على أبي بكر
فدعا بطعام فلم يجده، فقال: أين شاتكم التي ولدت؟ قالت: هي ذه.
فدعا بها فحلبها بيده، ثم صنعوا لنا فأكل فصلى، ولم يتوضأ.
وتعشيت مع عمر فأتى بقصعتين فوضعت واحدة بين يديه
والأخرى بين يدي القوم. فأكل فصلى ولم يتوضأ)).
223 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة بن
يحيى، حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث، حدثنا سليمان بن
زياد الحضرمي.
357

أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء يقول: كنا نأكل على عهد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد (18 / 1) الخبز واللحم، ثم نصلي ولا
نتوضأ.
358

31 - باب فضل طهور المرأة
224 - أخبرنا علي بن أحمد بن بسطام بالبصرة، حدثنا
عمرو بن علي بن بحر، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، قال عاصم
الأحول: سمعت أبا حاجب يحدث.
عن الحكم ابن عمرو الغفاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن
يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة.
359

225 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عاصم بن النضر، حدثنا
معتمر بن سليمان، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع.
عن ابن عمر أنه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يتطهرون. الرجال
والنساء من إناء واحد يتطهرون منه.
360

226 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، أنبأنا
عبد الله، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة.
عن ابن عباس: أن امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من
جنابة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بفضلها، فقالت له، فقال: ((إن الماء لا
ينجسه شيء)).
362

227 - أخبرنا الحسن بن محمد بن مصعب، حدثنا محمد بن
إشكاب، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا إبراهيم بن نافع، حدثنا
عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد.
363

عن أم هانئ: أن ميمونة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغتسلا في قصعة
فيها أثر العجين.
32 - باب ما يوجب الغسل
228 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، أنبأنا
عبد الله، حدثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سهل بن سعد.
عن أبي بن كعب قال: إنما كان الماء من الماء رخصة " في أول
الإسلام، ثم نهى عنها.
364

29 - أخبرنا الحسن بن سفيان، أنبأنا محمد بن مهران الجمال،
حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن محمد بن مطرف أبي غسان، عن أبي
حازم.
عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي...
قلت: فذكر نحوه.
367

230 - أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان، حدثنا إبراهيم بن
يعقوب الجوزجاني، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة، حدثنا أبو
حمزة، حدثنا الحسين بن عمران عن الزهري، قال: سألت عروة عن
الذي يجامع ولا ينزل.
قال: على الناس أن يأخذوا بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل،
وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك وأمر الناس بالغسل.
368

33 - باب في الجنب يأكل أو ينام
231 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا محمد بن الصباح الدولابي منذ
ثمانين سنة، حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة.
عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب لم
ينم حتى يتوضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه وأكل.
قلت: هو في الصحيح غير قصة الأكل.
232 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أحمد بن عبدة
الضبي، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. عن عمر - رضوان الله عليهما - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينام
أحدنا وهو جنب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم، ويتوضأ إن شاء)).
370

34 - باب التستر عند الاغتسال
233 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا عبد
الرحمن بن بشر بن (18 / 2) الحكم، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر،
عن ابن طاوس، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب.
عن أم هانئ. قالت: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلى مكة فأتيته
فجاء أبو ذر بجفنة فيها ماء، قالت: إني لأرى فيها أثر العجين، قالت:
فستره أبو ذر فاغتسل، ثم ستر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا ذر فاغتسل.
قلت: فذكر الحديث.
371

35 - باب الغسل لمن أسلم
234 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا عمرو بن علي،
عن يحيى القطان، حدثنا سفيان، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن
حصين.
عن قيس بن عاصم، أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء
وسدر.
372

36 - باب ما جاء في دم الحيض
235 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن بشار،
حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن ثابت الحداد، عن عدي بن دينار مولى
أم قيس بنت محصن.
عن أم قيس بنت محصن قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن دم
373

الحيض يصيب الثوب. فقال: ((اغسليه بالماء والسدر، وحكيه
بضلع)).
374

37 - باب ما جاء في الثوب الذي يجامع فيه
236 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا مخلد بن أبي
زميل، وعبد الجبار بن عاصم، قالا: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن
عبد الملك بن عمير.
عن جابر بن سمرة قال: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلى في
الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: ((نعم، إلا أن ترى فيه شيئا "
فتغسله)).
237 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا أبو الوليد، حدثنا ليث،
عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن خديج، عن
معاوية بن أبي سفيان.
عن أخته أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سألها: هل كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم ير
فيه أذى.
375

38 - باب ما جاء في الحمام 238 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا
يحيى بن معين، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحيى بن
أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن
عبد الله بن سويد الخطمي.
عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل
خيرا " أو ليصمت. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم، فلا
يدخل الحمام)).
قال فنميت بذلك إلى عمر بن عبد العزيز في خلافته، فكتب إلى
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن سل محمد بن ثابت عن حديثه
376

فإنه رضا "، فسأله، ثم كتب إلى عمر فمنع النساء عن الحمام.
377

39 - باب ما جاء في المذي
239 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا
يزيد بن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن أبي نجيح، عن
عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج.
أن عليا " أمر عمارا " أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المذي، فقال:
((يغسل مذاكيره ويتوضأ)).
378

240 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة (19 / 1)، حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن
عبيد بن السباق، عن أبيه.
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة "، فكنت أكثر
الاغتسال منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: ((إنما يجزيك
منه الوضوء)). فقلت: فكيف بما أصاب ثوبي منه؟ قال: ((يكفيك أن
تأخذ كفا " من ماء فتنضح بها من ثوبك)).
380

241 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا أبو الوليد
الطيالسي، حدثنا زائدة بن قدامة، حدثنا الركين بن الربيع الفزاري، عن
حصين بن قبيصة.
عن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلا " مذاء "، فسألت
النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((إذا رأيت المذي، فاغسل ذكرك، وإذا رأيت الماء
فاغتسل)).
381

242 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن عثمان
العجلي، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن أبي حصين، عن أبي
عبد الرحمن السلمي.
عن علي.. فذكر نحوه.
243 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا بشر بن معاذ
العقدي، حدثنا عبيدة بن حميد الحذاء، حدثنا الركين بن الربيع بن
عميلة، عن حصين بن قبيصة.
عن علي... فذكر نحوه.
382

244 - أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان، أنبأنا أحمد بن أبي بكر،
عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن
يسار، عن المقداد بن الأسود.
أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل
إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته، وأنا
أستحيي أن أسأله.
قال المقداد: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((إذا وجد ذلك
أحدكم، فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة)).
383

245 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا القعنبي، عن مالك... فذكر
نحوه.
40 - باب طهارة المسجد من البول
246 - أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني أبو
بكر، حدثنا علي بن خشرم، أنبأنا الفضل بن موسى، عن محمد بن
عمرو، عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة قال: دخل أعرابي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المسجد، وهو جالس فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد، ولا تغفر لأحد
معنا. قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((لقد احتظرت
385

واسعا ")). ثم ولى الأعرابي حتى إذا كان في ناحية المسجد فحج
ليبول، فقال الأعرابي - بعد أن فقه في الإسلام -: فقام إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤنبني، ولم يسبني، وقال: ((إنما بني هذا المسجد لذكر
الله والصلاة، وإنه لا يبال فيه)). ثم دعا بسجل من ماء فأفرغه عليه.
قلت: لأبي هريرة حديث في الصحيح في بول الأعرابي في
المسجد باختصار عن هذا.
41 - باب في بول الغلام والجارية
247 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا بندار، حدثنا معاذ بن هشام،
حدثنا أبي، [عن] قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه.
386

عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بول الرضيع: ((ينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية)).
42 - باب إزالة القذر من النعل
248 - أخبرنا محمد بن الحسين بن الخليل حدثنا عبد
الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن سعيد بن أبي
سعيد المقبري، عن أبيه.
387

عن (19 / 2) أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا وطئ
أحدكم بنعله في الأذى، فإن التراب له طهور)).
249 - أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون، حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي، حدثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن ابن
عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه.
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا وطئ أحدكم الأذى
بخفيه، فطهورهما التراب)).
388

43 - باب ما يعفى عنه من الدم
250 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، أنبأنا
عبد الله، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني صدقة بن يسار، عن
عقيل بن جابر.
عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر
غزوة ذات الرقاع، فأصاب رجل من المسلمين امرأة رجل من
المشركين. فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى زوجها، وكان غائبا "، فلما
أخبر، حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - دما "،
فخرج يتبع أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلا " فقال:
((من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه))؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من
الأنصار فقالا: نحن يا رسول الله.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فكونا بفم الشعب)).
قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نزلوا إلى شعب من
الوادي، فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب، قال الأنصاري
للمهاجري. أي الليل أحب إليك أن أكفيك: أوله أو آخره؟ قال: بل
اكفني أوله.
قال فاضطجع المهاجري فنام، وقام الأنصاري يصلي. وأتى زوج
389

المرأة فلما رأى شخص الرجل، عرف أنه ربيئه القوم، فرماه
بسهم، فوضعه فيه، فنزعه، فوضعه، وثبت قائما " يصلي، ثم رماه بسهم
آخر فوضعه فيه، فنزعه وثبت قائما " يصلي، فلما عاد الثالثة، فوضعه فيه
فنزعه فوضعه، ثم ركع وسجد، ثم أهب صاحبه فقال: اجلس، فقد
أتيت، فوثب. فلما رآهما الرجل عرف أنه نذر به فلما رأى
المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله، أفلا أهبتني أول
ما رماك؟ قال: كنت في سورة أقرأها، فلم أحب أن أقطعها حتى
أنفدها، فلما تابع علي الرمي ركعت فأذنتك، وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا "
أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه لقطع [نفسي] قبل أن أقطعها أو أنفدها.
390

4 - كتاب الصلاة
1 - باب فرض الصلاة
قلت: قد تقدم في ((كتاب الإيمان)) أحاديث تدل على فرض
الصلاة والزكاة في ((باب: فيمن أدى الفرائض واجتنب الكبائر)).
ويأتي في الزكاة شيء من ذلك إن شاء الله.
251 - أخبرنا علي بن أحمد بن عمران الجرجاني بحلب، حدثنا
نصر بن علي بن نصر، حدثنا نوح بن قيس، أنبأنا خالد بن قيس، عن قتادة.
عن أنس: أن رجلا قال: يا رسول الله، ما افترض الله على
عباده؟ قال: ((خمس صلوات)).
قال: هل قبلهن أو بعدهن شيء؟ قال: ((افترض الله على عباده
خمس صلوات)). قال: هل قبلهن أو بعدهن شيء؟.
392

قال: فحلف الرجل بالله لا يزيد عليهن ولا ينقص منهن، فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ان صدق دخل الجنة)).
252 - أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط، حدثنا يزيد
(20 / 1) بن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، عن محمد بن يحيى بن
حبان، [عن ابن محيريز]، عن المخدجي.
أنه قال لعبادة بن الصامت: إن أبا محمد - رجلا " من الأنصار
كانت له صحبة - يزعم أن الوتر حق، فقال: كذب أبو محمد، سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من جاء بالصلوات الخمس قد أكملهن لم
ينتقص من حقهن شيئا "، كان له عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء بهن
وقد انتقص من حقهن شيئا "، فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه، وإن
شاء عذبه)). وفي رواية ((خمس صلوات افترضهن الله على عباده)).
393

253 - أخبرنا عبد الله بن قحطبة بن مرزوق بفم الصلح،
حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشام، أنبأنا يحيى بن سعيد، أنبأنا
محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، عن ابن محيريز قال:
جاء رجل إلى عبادة بن الصامت.. قلت: فذكر نحوه.
395

2 - باب فيمن حافظ على الصلاة ومن تركها
254 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا سلمة بن
شبيب، حدثنا المقرئ، حدثني سعيد بن أبي أيوب، عن كعب بن
علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي.
عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر الصلاة يوما "
فقال: ((من حافظ عليها، كانت له نورا " وبرهانا " ونجاة يوم القيامة، ومن لم
يحافظ عليها، لم يكن له برهان، ولا نور، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع
قارون، وهارون، وفرعون، وأبي بن خلف)).
396

255 - أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون، حدثنا أبو عمار
الحسين بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد،
عن عبد الله بن بريدة.
عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن العهد الذي بيننا وبينهم
الصلاة، فمن تركها فقد كفر)).
397

256 - أخبرنا يحيى بن محمد عمرو بالفسطاط، حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، حدثنا محمد بن حمير، حدثنا
الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن عمه.
398

عن بريدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بكروا بالصلاة في يوم
الغيم، فإنه من ترك الصلاة، فقد كفر)).
399

257 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم المروزي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد العزيز بن
400

إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، قال: حدثني سليمان بن حبيب.
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لتنقضن عرى
الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة، تشبث الناس بالتي تليها،
فأولهن نقضا " الحكم، وآخرهن الصلاة)).
401

3 - باب فضل الصلاة
258 - أخبرنا عمر بن محمد بن بجير الهمداني، حدثنا أبو
الطاهر بن السرح، حدثنا ابن وهب، أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي
عبد الرحمن الحبلي.
عن عبد الله بن عمرو: أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن
أفضل الأعمال. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الصلاة)). قال: ثم مه؟
قال: ((ثم الصلاة)). قال: ثم مه؟ قال: ((ثم الصلاة)). ثلاث مرات. قال:
ثم مه؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)). قال: فإن لي والدين. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: ((آمرك بوالديك خيرا ")). فقال: ((والذي بعثك بالحق نبيا
لأجاهدن ولأتركنهما))، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((أنت أعلم)).
402

259 - أخبرنا ابن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا
الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثني شداد أبو عمار.
حدثني واثلة بن (20 / 2) الأسقع قال: جاء رجل إلى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا " فأقمه علي، فأعرض
عنه. ثم قال: يا رسول الله إني أصبت حدا " فأقمه علي، فأعرض عنه.
ثم قال: يا رسول الله إني أصبت حدا " فأقمه علي..
وأقيمت الصلاة، فلما سلم - صلى الله عليه وسلم - قال له الرجل: يا رسول الله
إني أصبت حدا " فأقمه علي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هل توضأت
حين أقبلت؟)). قال: نعم، قال: ((وصليت معنا؟)). قال: نعم. قال:
((فاذهب، فان الله قد غفر لك)).
403

قلت: قد تقدم حديث ثوبان: ((واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)).
في الطهارة، في الوضوء.
قلت: ويأتي حديث أبي أمامة: ((صلوا خمسكم، وأدوا زكاة
أموالكم)) في الزكاة.
260 - أخبرنا ابن سلم، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن
وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي عشانة.
عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((يعجب ربنا من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذن بالصلاة
ويصلي، فيقول الله - جل وعلا -: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم
الصلاة يخاف مني، غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)).
405

261 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا معتمر بن
سليمان، قال: سمعت عبد الملك بن أبي جميلة يحدث عن أبي بكر بن
بشير.
عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا كعب بن
عجرة، إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت، النار أولى به
يا كعب بن عجرة، الناس غاديان، فغاد في فكاك نفسه
فمعتقها، وغاد موبقها.
يا كعب بن عجرة، الصلاة قربان، والصدقة برهان، والصوم
جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا)).
406

5 - كتاب المواقيت
1 - باب وقت صلاة الصبح
262 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني
أبي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة.
عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فغلس
بها، ثم صلى الغداة فأسفر بها، ثم قال: ((أين السائل عن وقت صلاة
الغداة؟ فيما بين صلاتي أمس واليوم)).
263 - أخبرنا أبو يعلى. حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يحيى بن سعيد
القطان، عن ابن عجلان، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد.
عن رافع بن خديج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أصبحوا بالصبح،
408

فإنكم كلما أصبحتم بالصبح، كان أعظم لأجوركم، أو لأجرها)).
264 - أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا سريج بن يونس،
حدثنا يزيد بن هارون، ومحمد بن يزيد، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن
عمر.. فذكر نحوه، إلا أنه قال: ((أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر)).
409

265 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل، حدثنا ابن أبي
عمر العدني، حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، عن عاصم بن
عمر بن قتادة.. فذكر نحو الطريق الأولى من حديث رافع.
266 - أخبرنا ببيت المقدس عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي،
حدثني نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمي قال:
صلى بنا عبد الله بن الزبير الغداة فغلس بها، فالتفت إلى ابن عمر
فقلت: ما هذه الصلاة؟
قال: هذه صلاتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (21 / 1) وأبي بكر،
وعمر - رضوان الله عليهما - فلما قتل عمر، أسفر بها عثمان - رضوان الله
عليه)).
411

قلت: ويأتي حديث أبي مسعود في التغليس بها في ((باب جامع
في مواقيت الصلاة)).
2 - باب وقت صلاة الظهر
267 - أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط، حدثنا
عمرو بن علي الفلاس، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن
عمرو، عن سعيد بن الحارث.
عن جابر بن عبد الله قال: كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شدة
الحر، فيعمد أحدنا إلى قبضة من الحصى فيجعلها في كفه هذه، ثم في
كفه هذه، فإذا بردت، سجد عليها.
268 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا ابن أبي السري،
حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن الزهري.
عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج فصلى الظهر حين
زاغت الشمس.
412

269 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا أحمد بن
حنبل، حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا شريك، عن بيان، عن قيس بن
أبي حازم.
عن المغيرة بن شعبة قال: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بالهاجرة فقال: ((أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)).
413

3 - باب ما جاء في صلاة العصر
270 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا هاشم بن الحارث
المروزي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن
عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش.
عن حذيفة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الخندق:
((شغلونا عن صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا " - أو ((قلوبهم)).
قال: ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس.
414

4 - باب وقت صلاة المغرب
271 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا غسان بن الربيع، حدثنا حماد بن
سلمة، عن أبي الزبير.
عن جابر: أنهم كانوا يصلون المغرب - يريد مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ينتضلون.
5 - باب وقت صلاة العشاء الآخرة
272 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عوانة،
عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن حبيب بن سالم.
عن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة
- يعني العشاء - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليها لسقوط القمر لثالثة.
415

273 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد بن
خازم، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة.
عن جابر قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ذات ليلة
وهم ينتظرون العشاء فقال: ((صلى الناس ورقدوا، وأنتم تنتظرونها. أما
إنكم في صلاة ما انتظرتموها)). ثم قال: ((لولا ضعف الضعيف - أو كبر
417

الكبير - لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل)).
274 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا صفوان بن صالح،
حدثنا الوليد، حدثنا شيبان، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن
حبيش.
عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء، ثم
خرج والناس ينتظرون الصلاة، فقال: ((أما إنه ليس من أهل الأديان أحد
يذكر الله هذه الساعة غيركم)). ثم نزلت عليه (ليسوا سواء من أهل
الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)
[آل عمران: 113].
418

6 - باب الحديث بعدها
275 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حميد بن مسعدة
(21 / 2)، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه.
قال: سمعتني عائشة وأنا أتكلم بعد العشاء الآخرة فقالت:
يا عري، ألا تريح كاتبيك؟ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ينام قبلها ولا
يتحدث بعدها.
276 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة.
عن عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يسمر
عند أبي بكر الليلة في الأمر من أمور المسلمين، وإنه سمر عنده ذات
ليلة وأنا معه.
419

277 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، عن
عطاء بن السائب، عن أبي وائل.
عن ابن مسعود قال: جدب لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السمر بعد صلاة
العتمة.
421

7 - باب جامع في أوقات الصلوات
278 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، أنبأنا
عبد الله، أنبأنا حسين بن علي بن حسين، عن وهب بن كيسان.
عن جابر قال: جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين زالت الشمس
فقال: قم يا محمد، فصل الظهر، فقام فصلى الظهر. ثم جاءه حين
صار ظل كل شيء مثله فقال: قم فصل العصر. فقام فصلى العصر. ثم
جاءه حين غابت الشمس فقال: قم فصل المغرب، [فقام فصلى
422

المغرب]. ثم مكث حتى ذهب الشفق فجاءه فقال: قم فصل العشاء،
فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر بالصبح فقال: قم يا محمد
فصل [الصبح] فقام فصلى الصبح، وجاءه من الغد حين صار ظل كل
شيء مثله فقال: قم فصل الظهر، فقام فصلى الظهر. ثم جاءه حين صار
ظل كل شيء مثليه، فقال: قم فصل العصر، فقام فصلى العصر. ثم
جاءه حين غابت الشمس وقتا " واحدا " لم يزل عنه. فقال: قم فصل
المغرب، فقام فصلى المغرب. ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل
فقال: قم فصل العشاء، فقام فصلى العشاء، ثم جاءه الصبح حين أسفر
جدا " فقال: قم فصل الصبح فقال: ما بين هذين وقت كله)).
423

279 - أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا الربيع بن سليمان، أنبأنا ابن
وهب، أخبرني أسامة: أن ابن شهاب أخبره: أن عمر بن عبد العزيز كان
قاعدا " على المنبر فأخر الصلاة شيئا "، فقال عروة بن الزبير:
424

أما علمت أن جبريل قد أخبر محمدا " - صلى الله عليه وسلم - بوقت الصلاة؟
فقال له عمر: اعلم ما تقول يا عروة!
فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود
الأنصاري يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((نزل جبريل فأخبرني
بوقت الصلاة فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت
معه)). - فحسب بأصابعه خمس صلوات -.
ورأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر حين تزول الشمس، وربما
أخرها حين يشتد الحر، ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل
أن تدخلها الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة، فيأتي ذا الحليفة قبل
غروب الشمس، ويصلي المغرب حين تسقط الشمس، ويصلي العشاء
حين يسود الأفق وربما أخرها حتى يجمع الناس، وصلى الصبح
بغلس، ثم صلى مرة أخرى (22 / 1) فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد
ذلك بالغلس حتى مات - صلى الله عليه وسلم - لم يعد إلى أن يسفر
425

قلت: في الصحيح طرف من أوله.
8 - باب في الصلاة لوقتها
280 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، وعمر بن محمد
الهمداني قالا: حدثنا محمد بن بشار، حدثني عثمان بن عمر بن
فارس، عن مالك بن مغول، عن الوليد بن العيزار، عن أبي عمرو
الشيباني.
427

عن عبد الله بن مسعود قال: قلت يا رسول الله، أي الأعمال
[أفضل]؟ قال: ((الصلاة في أول وقتها)).
قلت: هو في الصحيح غير قوله: ((في أول وقتها)).
428

9 - باب المحافظة على الصبح والعصر
281 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا هشيم،
عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود،
عن فضالة بن عبيد الليثي، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمني
الصلوات الخمس ومواقيتها، قال: فقلت له: إن هذه ساعات أشتغل
فيها، فمرني بجوامع. فقال: ((إن شغلت فلا تشغل عن العصرين))،
قلت: وما العصران؟ قال: ((صلاة الغداة، وصلاة العصر)).
282 - أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح، حدثنا
إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن
عبد الله بن فضالة الليثي.
عن أبيه، قال: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان فيما علمنا قال:
((حافظوا على الصلوات، وحافظوا على العصرين)).
قلت: يا رسول الله، وما العصران؟ قال: ((صلاة قبل طلوع
الشمس، وصلاة قبل غروبها)).
429

282 مكرر - وعن عمارة بن رويبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من
صلى البردين دخل الجنة)).
431

10 - باب فيمن أدرك ركعة من الصلاة
283 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم،
حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه. عن ابن عباس.
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أدرك ركعة من العصر
قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن
تطلع الشمس، وركعة بعد ما تطلع الشمس، فقد أدركها)).
قلت: هو في الصحيح غير قوله: ((وركعة بعدما تطلع الشمس)).
11 - باب فيمن نام عن صلاة
284 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا
حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سماك، عن القاسم بن عبد
الرحمن، عن أبيه.
432

عن عبد الله بن مسعود قال: سرنا ذات ليلة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقلنا: يا رسول الله، لو أمسستنا الأرض فنمنا ورعت ركابنا؟ قال: ((فمن
يحرسنا؟)). قال: قلت: أنا. فغلبتني عيني فلم يوقظني إلا وقد طلعت
الشمس، ولم يستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بكلامنا. قال: فأمر بلالا "
فأذن، ثم أقام فصلى.
12 - باب ترتيب الفوائت
285 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا محمد بن
433

بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا سعيد
المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري.
عن أبيه قال: حبسنا يوم الخندق حتى كان بعد المغرب، وذلك
قبل أن ينزل في القتال: وذلك قول الله: (وكفى الله المؤمنين القتال
وكان الله قويا " عزيزا ") [الأحزاب: 25]. أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا "،
فأقام الظهر فصلاها (22 / 2) كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام العصر
فصلاها كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان
يصليها في وقتها.
434

13 - باب فيمن فاتته الصلاة من غير عذر
286 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو عامر، عن
ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام.
عن نوفل بن معاوية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من فاتته الصلاة
فكأنما وتر أهله وماله)).
435

14 - باب فيما جاء في الأذان
287 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا عمرو بن محمد
الناقد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثنا
محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه.
حدثني عبد الله بن زيد قال: لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس
ليضرب به ليجمع الناس إلى الصلاة، أطاف بي من الليل - وأنا نائم -
رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، فقلت: يا عبد الله،
أتبيع الناقوس؟ قال: فما تصنع به؟ قلت: أدعو به إلى الصلاة: قال:
أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: بلى. قال: إذا أردت أن تؤذن
تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله،
أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا " رسول الله، أشهد أن محمدا "
رسول الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح، حي
على الفلاح. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم استأخر عني غير
بعيد، ثم قال: تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا
إله إلا الله، أشهد أن محمدا " رسول الله، حي على الصلاة، حي على
436

الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلما أصبحت، غدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: ((إنها
لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، قم فألق على بلال الذي رأيت فليؤذن، فإنه
أندى صوتا منك)). فقمت إلى بلال فجعلت ألقي عليه ويؤذن بذلك،
فسمع عمر صوته وهو في بيته على الزوراء، فخرج يجر رداءه فقال:
والذي بعث محمدا " بالحق لأريت مثل ما رأى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
((فلله الحمد)).
437

288 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا عفان، حدثنا همام، عن عامر الأحول، أن مكحولا " حدثه: أن
عبد الله بن محريز حدثه.
أن أبا محذورة حدثه قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان تسع
عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة.
438

قلت: فذكر الأذان كما في مسلم، قال: والإقامة: الله أكبر الله
أكبر، الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله - مرتين - أشهد أن محمدا "
رسول الله - مرتين - حي على الصلاة - مرتين - حي على الفلاح
- مرتين - قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله
إلا الله.
289 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا مسدد بن
مسرهد، حدثنا الحارث بن عبيد، عن محمد بن عبد الملك بن أبي
محذورة، عن أبيه.
عن جده قال: قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان، قال:
فمسح تقدم رأسي.
قلت: فذكر الحديث كما في صحيح مسلم، إلا أنه زاد: ((فإن
كانت (23 / 1) صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير
من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)).
439

290 - أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بنسأ، حدثنا
محمد بن إسماعيل الجعفي، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا أبو جعفر،
قال [سمعت أبا المثنى قال]:
سمعت ابن عمر يقول: كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مثنى مثنى، والإقامة واحدة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة
- مرتين -.
440

291 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا
محمد بن جعفر، حدثنا شعبة....
قلت: فذكر نحوه.
441

15 - باب فضل الأذان
والمؤذن وإجابته والدعاء بين الأذان والإقامة
292 - أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا
شعبة، عن موسى بن أبي عثمان، قال: سمعت أبا يحيى قال:
سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤذن يغفر له
مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس
وعشرون حسنة، ويكفر عنه ما بينهما)).
442

293 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن منصور، عن عباد بن
أنيس.
عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المؤذنون أطول
الناس أعناقا يوم القيامة)).
443

294 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا حرملة بن
يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن
عبد الله بن الأشج، عن علي بن خالد الدؤلي: أن النضر بن سفيان
الدؤلي حدثه: أنه سمع
أبا هريرة يقول: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بتلعات النخل، فقام
بلال ينادي، فلما سكت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال مثل ما يقول
هذا يقينا "، دخل الجنة)).
444

295 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست، حدثنا أبو
الطاهر بن السرح، حدثنا ابن وهب، عن حيي بن عبد الله، عن أبي عبد
الرحمن الحبلي.
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله، إن المؤذنين
يفضلوننا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قل كما يقولون، فإذا انتهيت، فسل
تعط)).
445

296 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن المنهال
الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن
يزيد بن أبي مريم السلولي.
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الدعاء بين الأذان
والإقامة مستجاب، فادعوا)).
446

297 - أخبرنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن بجرجان، أنبأنا
مؤمل بن إهاب، حدثنا أيوب بن سويد، حدثنا مالك، عن أبي حازم.
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ساعتان لا ترد
على داع دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله)).
447

298 - أخبرنا أحمد بن محمد بن الفضل السجستاني بدمشق،
448

حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر،
عن مالك، عن أبي خازم.
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ساعتان تفتح
فيهما أبواب السماء: عند حضور الصلاة، وعند الصف)).
16 - باب ما جاء في المساجد
229 - أخبرنا الفضل بن الحباب بن عمرو القرشي، بالبصرة،
حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن
السائب، عن محارب بن دثار (23 / 2).
عن ابن عمر: أن رجلا " سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي البقاع شر؟ قال:
((لا أدري حتى أسأل جبريل - عليه السلام)). فسأل جبريل فقال: ((لا
أدري حتى أسأل ميكائيل))، فجاء فقال: ((خير البقاع المساجد، وشرها
الأسواق)).
449

300 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن
أسامة، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة.
عن عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((من بنى لله مسجدا " يذكر فيه، بنى الله له بيتا في الجنة)).
450

301 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن
إبراهيم التيمي.
عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بنى لله مسجدا " ولو
كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة)).
451

302 - أخبرنا الخليل بن محمد ابن ابنة تميم بنت المنتصر
452

البزاز بواسط، حدثنا محمد بن حرب الشيباني، حدثنا محمد بن
عبيد، عن أخيه يعلى بن عبيد، عن الأعمش.. فذكر نحوه.
303 - أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا مسدد بن مسرهد،
حدثنا ملازم بن عمرو، حدثني عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق.
عن أبيه قال: بنيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد المدينة،
وكان يقول: ((قدموا اليمامي من الطين، فإنه من أحسنكم له مسا)).
304 - وبسنده إلى طلق بن علي قال: خرجنا ستة وفدا " إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خمسة من بني حنيفة، ورجل من بني ضبيعة بن
ربيعة، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه وصلينا معه، وأخبرناه
453

أن بأرضنا بيعة لنا، واستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ منه،
ومضمض، ثم صب لنا في إداوة، ثم قال: ((اذهبوا بهذا الماء، فإذا
قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم، ثم انضحوا مكانها من هذا الماء،
واتخذوا مكانها مسجدا ")). فقلنا: يا رسول الله، البلد بعيد، والماء
ينشف. قال: ((فأمدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا)). فخرجنا، فتشاححنا
على حمل الإداوة أينا يحملها، فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوبا
بيننا: لكل رجل منا يوما " وليلة، فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي
أمرنا، وراهب القوم رجل من طيء، فنادينا بالصلاة، فقال الراهب:
دعوة حق، ثم هرب فلم ير بعد.
305 - أخبرنا عبد الله بن قحطبة، حدثنا محمد بن الصباح،
454

حدثنا سفيان بن عيينة، عن سفيان الثوري، عن أبي فزارة، عن يزيد بن
الأصم.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أمرت بتشييد
المساجد)).
قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود و النصارى.
306 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو كريب، حدثنا
455

الحسن بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه.
عن عائشة قالت: أمر سول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المساجد في الدور،
وأن تطيب وتنظف.
17 - باب المباهاة (24 / 1) في المساجد
307 - أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا أبو يحيى
محمد بن عبد الرحيم، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا
أيوب، عن أبي قلابة.
عن أنس بن مالك قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتباهى الناس
في المساجد.
456

308 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي،
حدثنا حماد بن سلمة...
قلت: فذكر بإسناده نحوه إلا أنه قال: ((لا تقوم الساعة حتى
يتباهى الناس في المساجد)).
* * *
انتهى بحمد الله الجزء الأول من كتاب موارد الضمان
ويتبعه في الجزء الثاني
باب الجلوس في المسجد للخير
* * *
457