الكتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق
المؤلف: الذهبي
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٤٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: مصطفى أبو الغيط عبد الحي عجيب
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٢١ - ٢٠٠٠م
المطبعة: الرياض - دار الوطن
الناشر: دار الوطن
ردمك:
ملاحظات:

365 - [مسألة]:
من شرط وجوبه الزاد والراحلة.
وقال مالك وداود: لا يشترطان.
علي بن سعيد بن مسروق، نا ابن أبي زائدة، عن سعيد، عن قتادة، عن
أنس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' في قوله * (من استطاع إليه سبيلا) * فقال: الزاد
والراجلة '.
عبد الملك بن زياد النصيبي، نا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن
أبي الزبير، أو عمرو بن دينار، عن جابر قال: ' لما نزلت: * (ولله على الناس) *
قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة '.
أخرجهما الدارقطني.
366 - [مسألة]:
المعضوب إذا كان له مال، لزمه أن يستنيب، خلافا لمالك وداود.
(خ م) قال الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش، عن زيد
ابن علي، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي: ' قالت جارية من خثعم:
5

يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، قد أفند، وقد أدركته فريضة الله في الحج، فهل
يجزئ أو أؤدي عنه؟ قال: نعم، فأدي عن أبيك '.
(خ م) معمر، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس؛
حدثني الفضل قال: ' أتت امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته
فريضة الله في الحج، وهو شيخ كبير، لا يستطيع أن يثبت على دابته، قال:
فحجي عن أبيك '.
أحمد، ثنا هشيم، أنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن
عبد الله بن عباس - أو عن الفضل بن عباس - ' أن رجلا قال: يا رسول الله، إن
أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير، لا يثبت على راحلته، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت
لو كان عليه دين، فقضيته عنه، أكان يجزئه؟ قال: نعم. قال: فاحجج عنه '.
(م) عبد الملك بن أبي سليمان، عن عبد الله بن عطاء، عن سليمان بن
بريدة، عن أبيه ' أن امرأة أتت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج،
فيجزئها أن أحج عنها؟ قال: نعم '.
(ت) وكيع، عن شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن
أبي رزين العقيلي أنه قال: ' يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج،
والعمرة، ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر '.
صححه الترمذي.
367 - [مسألة]:
يجوز للفقير أن يستنيب عنه، خلافا لأبي حنيفة.
6

وقال: إنما يستنيب / ذو المال؛ فيحصل له ثواب النفقة حسب [ق 97 - أ].
ولنا خبر الخثعمية.
368 - [مسألة]:
الحج والزكاة لا يسقطان بالموت.
وقال أبو حنيفة ومالك: يسقطان، إلا أن يوصى بهما.
ولنا خبر ابن عباس؛ وأنه شبهه بالدين.
369 - [مسألة]:
الحج لا يسقط لمن يركب البحر، إذا كان الغالب السلامة.
وقال الشافعي، في أحد قوليه: يسقط.
إسماعيل بن زكريا، عن (مطرف)، عن بشر أبي عبد الله، عن بشير،
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يركب البحر إلا حاج، أو
معتمر، أو غاز؛ فإن تحت البحر نارا، وتحت النار بحرا '.
رواه سعيد بن منصور في ' سننه ' عنه.
وقال ليث، عن مجاهد بشطره الأول من قوله.
370 - [مسألة]:
من عليه فرض الحج، لم يحج عن غيره.
وعنه: يجوز - كقول أبي حنيفة ومالك.
لنا عباس الدوري، نا سورة بن الحكم، نا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت،
عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه سمع رجلا يلبي عن آخر، فقال له:
إن كنت حججت عن نفسك، فلب عنه، وإلا فاحجج عن نفسك '.
7

هشيم، نا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سمع رجلا
يلبي عن شبرمة، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: فاحجج عن
نفسك، ثم حج عن شبرمة '.
أخرجهما الدارقطني.
371 - [مسألة]:
الصرورة إذا أحرم بنفل، انعقدت فرضا.
وعن أحمد: تقع نفلا - كقول أبي حنيفة.
والحجة قوله: ' حج عن نفسك ' أي: استدم هذا الحج بعزم أنه لك.
وفي لفظ للدارقطني، من طريق أبي بكر الكليبي؛ نا (الحسن) بن
ذكوان، نا عمرو بن دينار (عن) عطاء، عن ابن عباس: ' سمع رسول الله
رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: هل حججت قط؟ قال: لا. قال: هذه
عنك، وحج عن شبرمة '.
وأخرج من طريق عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة،
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سمع رجلا يقول: لبيك عن
شبرمة. فقال: هل حججت قط؟ قال: لا. قال: فاجعل هذه عنك، ثم لب عن
شبرمة '.
8

ثم ساقه الدارقطني لحميد بن الربيع، نا محمد بن بشر، نا ابن أبي عروبة
نحوه.
فحميد كذبه ابن معين، وعزرة قال يحيى: لا شيء، وابن ذكوان واه.
ثم ساق الدارقطني حجة المخالف من طريق ابن إسحاق؛ نا الحسن بن / [ق 97 - ب]
عمارة - تركوه - عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال: ' مر
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] برجل يقول: لبيك عن نبيشة، فقال: يا هذا المهل عن نبيشة، هذه
عن نبيشة واحجج عن نفسك '.
تفرد به ابن عمارة، ثم إنه رجع إلى الصواب في آخر عمره، فقال: شبرمة.
ووافق الجماعة.
372 - [مسألة]:
الصبي يصح إحرامه، وعليه الكفارة بالمحظورات.
وقال أبو حنيفة: لا يصح.
فأخرج مسلم، من طريق ابن عباس قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] بالروحاء،
فأخذت امرأة بعضد صبي، فأخرجته من محفتها، فقالت: يا رسول الله، ألهذا
حج؟ قال: نعم، ولك أجر '.
(ت) محمد بن سوقة، عن ابن المنكدر، عن جابر قال: ' رفعت امرأة
صبيا لها فقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر '.
(ت) ابن نمير، عن أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
' كنا إذا حججنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان '.
غريب جدا.
9

373 - [مسألة]:
يجب الحج على الفور، خلافا للشافعي.
مروان بن معاوية، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن
عكرمة، حدثني الحجاج بن عمرو الأنصاري، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من كسر،
أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل. قال عكرمة: فسألت أبا هريرة وابن عباس،
فقالا: صدق '.
(ت) هلال بن عبد الله - مجهول - عن أبي إسحاق، عن الحارث،
عن علي قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله،
ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا '.
ضعف الترمذي إسناده.
وأخرج ابن عدي، في ' الكامل ' لعبد الرحمن القطامي، نا أبو المهزم،
عن أبي هريرة مرفوعا: ' من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس، أو
حجة ظاهرة، أو سلطان جائر، فليمت أي الميتتين؛ إما يهوديا أو نصرانيا '.
القطامي وأبو المهزم متروكان.
شريك، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من لم يحبسه مرض، أو حاجة ظاهرة، أو سلطان جائر ولم يحج،
فليمت... ' الحديث.
تفرد به المغيرة بن عبد الرحمن - شيخ لين - عن يزيد، عن شريك، وله
علة.
روي عن شريك بإسناد آخر.
10

هشيم، أنا منصور، عن الحسن قال: قال عمر: ' لقد هممت أن أبعث
رجالا إلى هذه / الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم [ق 98 - أ]
الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين '.
فاحتجوا عن أبي سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أحب أن يرجع بعمرة قبل
الحج، فليفعل '.
فهذا لا يعرف، وإنما المحفوظ: ' من أحب أن يبدأ... ' وذلك التمتع.
ابن إسحاق، حدثني محمد بن الوليد بن [نويفع]، عن كريب، عن ابن
عباس، قال: ' بعث بنو سعد ضمام بن ثعلبة وافدا، فذكر له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فرائض الإسلام: الزكاة، والصيام، والحج '.
رواه شريك، عن كريب فقال فيه: ' كانت بعثة ضمام في رجب سنة
خمس قالوا: لقد أخره النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى سنة عشر؛ فدل على التراخي '.
قلنا: قد جاء أن ضماما وفد سنة تسع، ويحتمل أنه [صلى الله عليه وسلم] أخره لعذر
فقر، أو خوف على نفسه، أو على المدينة، أو أنه ما يفرغ من الجهاد، أو لغلبة
المشركين على مكة، فلما كان سنة تسع، منع المشركين من الحج، وأخره من أجل
النسيء حتى استدار الزمان، فوافقت حجة الصديق في ذي القعدة، ثم حج عليه
السلام في ذي الحجة.
374 - [مسألة]:
الأفضل الإحرام من الميقات.
وقال أبو حنيفة: من أهله.
وعن الشافعي قولان.
قلنا: قد أحرم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بحجة وبعمرة من الميقات، فهو الأفضل.
11

275 - [مسألة]:
الطيب لمن أراد أن يحرم مستحب.
وكرهه مالك.
لنا (خ م) حديث عائشة ' طيبت رسول الله لحرمه حين أحرم '.
وقالت: (خ م) ' كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله بعد
أيام وهو محرم '.
376 - [مسألة]:
الأفضل أن يحرم عصيب ركعتين.
وعنه: آن ذلك، وحين تستوي به راحلته على البيداء سواء.
وقال مالك بأفضلية الثاني.
وقال الشافعي بالأول. وعنه: إذا سارت به راحلته.
لنا حديث ابن إسحاق، نا خصيف، عن سعيد: ' قلت لابن عباس:
عجبت لاختلاف الصحابة في إهلال رسول الله. فقال: إني لأعلم بذلك، كانت
حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، خرج رسول الله حاجا، فلما كان في مسجده
بذي الحليفة، صلى ركعتين، وأوجب في مجلسه، وأهل بالحج حين فرغ من
ركعتيه، فسمع ذلك أقوام، فحفظوه عنه، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهل،
وأدرك ذلك منه أقوام فسمعوه، فقالوا: إنما أهل حين استقلت به ناقته. ثم مضى،
فلما علا شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا: إنما أهل الآن، والله لقد
[ق 98 - ب] أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته / وأهل حين علا شرف البيداء '.
12

ولهم: أبو بكر بن عياش، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس
قال: ' اغتسل رسول الله، ولبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة، صلى ركعتين، ثم قعد
على بعيره، فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج '.
(خ م) عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا
أدخل رجله في الغرز، واستوت به ناقته قائمة، أهل من مسجد ذي الحليفة '.
قلنا: يعقوب ضعف، والحديثان فيهما حكاية بعض الواقع.
377 - [مسألة]:
التلبية: لا يزاد على التلبية النبوية.
وقال أبو حنيفة: يستحب.
لنا قوله: ' خذوا عني مناسككم '.
وقال ابن عجلان، عن عبد الله بن أبي سلمة ' أن سعدا سمع رجلا يقول: لبيك
ذا المعارج. فقال: إنه لذو المعارج، ولكنا كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا نقول ذلك '.
رواه أحمد.
387 - [مسألة]:
يقطع التلبية عند رمي جمرة العقبة.
وفي رواية عن مالك قال: يقطعها بعد الزوال يوم عرفة.
أيوب السختياني، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن عباس، عن أخيه
الفضل، قال: ' كنت ردف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من جمع إلى منى، فلم يزل يلبي حتى
رمى جمرة العقبة '.
متفق عليه.
13

379 - [مسألة]:
ويقطعها في العمرة إذا أخذ في الطواف.
وقال مالك: يقطع إذا دخل الحرم، فإن أحرم من أدنى الحل، قطع إذا رأى
البيت.
(د ت) ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا، قال: ' يلبي
المعتمر حتى يستلم الحجر ' صححه (ت).
قال أبو داود: رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام، عن عطاء، فوقفاه.
380 - [مسألة]:
العمرة واجبة، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
وللشافعي قولان:
ابن المنادي، ثنا يونس بن محمد، نا معتمر، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر،
عن ابن عمر؛ سمعت عمر قال: ' بينما نحن جلوس عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جاء
رجل ليس عليه سجاء سفر، وليس من أهل البلد؛ يتخطى حتى جلس بين يدي
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثم وضع يديه على ركبتي النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا محمد، ما
الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم
الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم
رمضان '.
قالوا: (هذا) في الصحاح بلا هذه الزيادة. قلنا: قد أخرجها الجوزقي في
كتابه المخرج على ' الصحيحين ' وقال الدارقطني: إسناده صحيح.
14

[ق 99 - أ] / ومر في مسألة المعضوب، حديث أبي رزين: ' حج عن أبيك واعتمر '. [ق 99 - أ]
عن عائشة ' قلت: يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد،
لا قتال فيه؛ الحج والعمرة '.
وعن زيد بن ثابت، مرفوعا: ' والحج والعمرة فريضتان، لا يضرك بأيهما
بدأت '.
إسناده ساقط.
الحكم بن موسى، حدثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، حدثني
الزهري، عن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن جده ' أن رسول الله كتب إلى أهل
اليمن [كتابا] وبعث به معه؛ وفيه: وإن العمرة الحج الأصغر '.
لهم حجاج بن أرطأة، عن ابن المنكدر، عن جابر قال: ' أتى النبي [صلى الله عليه وسلم]
أعرابي، فقال: يا رسول الله، أخبرني عن العمرة؛ أواجبة هي؟ قال: لا، وأن
تعتمر خير لك '.
وقال أبو هريرة: ' العمرة تطوع '.
قال الدارقطني: الصحيح وقفه.
381 - [مسألة]:
التمتع أفضل.
وقال أبو حنيفة: القران.
وقال مالك والشافعي: الإفراد.
(خ م) عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب قال: ' اختلف علي وعثمان
وهما بعسفان في المتعة؛ فقال له علي: ما تريد أن تنهى عن أمر فعله رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]! فقال له عثمان: دعنا عنك. فلما رأى ذلك علي، أهل بهما جميعا '.
15

(خ م) عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، أن ابن عمر قال: ' تمتع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى، فساق معه الهدي من
ذي الحليفة، وبدأ رسول الله بالعمرة، ثم أهل بالحج، فتمتع معه الناس بالعمرة إلى
الحج، فكان من الناس من أهدى، فساق الهدي، ومنهم من لم يهد، فلما قدم
النبي [صلى الله عليه وسلم] مكة قال للناس: من كان منكم أهدى؛ فإنه لا يحل لشيء حرم منه
حتى يقضي حجه، ومن لم [يكن] منكم أهدى، فليطف بالبيت وبالصفا
والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج '.
(م ت) مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الله بن نوفل ' سمع
سعد بن أبي وقاص يذكر التمتع بالعمرة، فقال: قد صنعها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
وصنعناه معه '.
أحمد، نا يونس بن محمد، نا عبد الواحد بن زياد، نا ليث، عن
طاوس، عن ابن عباس قال: ' تمتع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى مات، وأبو بكر حتى
مات، وعمر حتى مات، وعثمان حتى مات، وكان أول من نهى عنها معاوية، قال
ابن عباس: فعجبت [ق 99 - ب] / وقد حدثني أنه قصر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمشقص '.
(خ م) قيس بن مسلم، عن طارق، عن أبي موسى الأشعري قال:
' بعثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى أرض قومي، فلما حضر الحج، حج رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
وحججت، فقدمت عليه وهو نازل بالأبطح، فقال لي: بم أهللت يا عبد الله بن
قيس؟ قال: قلت: لبيك بحج كحج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: أحسنت. ثم قال: هل
16

سقت هديا؟ قلت: ما فعلت. قال: اذهب وطف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم
أحلل. فانطلقت، ففعلت ما أمرني، وأتيت امرأة من قومي، فغسلت رأسي
بالخطمي، وفلته، ثم أهللت بالحج يوم التروية '.
(م) أبو الزبير، عن جابر قال: ' خرجنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مهلين
بالحج، فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت، وبالصفا والمروة، فقال لنا: من لم يكن معه
هدي، فليحلل. قلنا: أي الحل؟ قال: الحل كله. قال: فأتينا النساء، ولبسنا
الثياب، ومسسنا الطيب، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج '.
(خ م) وهيب، نا عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال:
' كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم
صفر، يقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن
اعتمر، فقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه لصبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن
يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: الحل
كله '.
(خ م) حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر قال: ' خرج رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فلبى بالحج ولبينا معه، فلما قدم أمر من لم يكن معه الهدي أن يجعلوها
عمرة '.
(خ م) منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ' خرجنا
مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا نرى إلا الحج، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت، فأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
من لم يكن ساق الهدي أن يحل، فحل من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم
يسقن، فأحللن '.
17

(خ م) ابن عمر، عن حفصة، قالت: ' لما أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نساءه أن
يحللن بعمرة قلت: فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا؟ قال: إني [ق 100 - أ] / قد أهديت
ولبدت، فلا أحل حتى أنحر هديي '.
(م) داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: ' خرجنا مع رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]، فصرخ بالحج صراخا حتى إذا طفنا بالبيت، قال: اجعلوها عمرة، إلا من
كان معه هدي. قال: فجعلناها عمرة فحللنا، فلما كان يوم التروية، صرخنا
بالحج، وانطلقنا إلى منى '.
أشعث، عن الحسن، عن أنس ' أن رسول الله وأصحابه قدموا مكة، وقد
لبوا بحج وعمرة، فأمرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعدما طافوا بالبيت، وسعوا بين الصفا
والمروة أن يحلوا، وأن يجعلوها عمرة، فكأن القوم هابوا ذلك، فقال رسول الله:
لولا أني سقت الهدي لأحللت. فحل القوم وتمتعوا '.
إسناده حسن، رواه أحمد في ' مسنده '.
فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لبد رأسه
وأهدى، فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن. قلن: مالك أنت لا تحل؟ قال: إني
قلدت هديي، ولبدت رأسي، فلا أحل حتى أحل من حجتي، وأحلق رأسي '.
هذا على شرط البخاري.
عفان، نا حماد بن سلمة، أنا حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر أنه
قال: ' قدم رسول الله مكة وأصحابه مهلين بالحج، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: من شاء
أن يجعلها عمرة، إلا من كان معه هدي '.
رواته ثقات.
18

فإن قيل: فقد رويتم في أوائل الباب أنه [صلى الله عليه وسلم] تمتع، ثم رويتم أنه تندم
كيف ساق الهدي، ولم يمكنه أن يفسخ؛ فإن نصرتم هذا بطل احتجاجكم بأنه
تمتع، وإن نصرتم مذهبكم في فسخ الحج إلى العمرة، فإنما أمر بالفسخ؛ ليخالف
المشركين، من كونهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.
وقد روى الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال،
عن أبيه، قال: ' قلت: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصة، أم للناس عامة؟ قال:
بل لنا خاصة '.
قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر
' أنه سئل عن متعة الحج، فقال: هي والله لنا؛ أصحاب محمد خاصة، وليست
لسائر الناس إلا لمحصر '.
قلنا: إذا صحت الأحاديث فلا وجه لردها، بل يجمع بينها، فيقال: إنه [صلى الله عليه وسلم]
كان قد اعتمر وتحلل، ثم أحرم بالحج، وساق الهدي، ثم أمرهم بالفسخ
ليفعلوا كفعاله، لأنهم لم يكونوا أحرموا بعمرة، ومنعه من فسخ الحج إلى عمرة ثانية
عمرته الأولى، وسوقه الهدي.
قال كاتبه: هذا جمع بارد ومجرد دعوى ما لم يكن. ثم قال: فإن قالوا:
إنما علل بسوق الهدي، لا بفعل عمرة متقدمة. قلنا: اقتصر على علة واحدة.
قال أحمد: لا يثبت حديث بلال بن الحارث، ولا يرويه غير الدراوردي.
قال: وحديث أبي ذر يرويه رجل من أهل الكوفة، لم يلق أبا ذر، ثم إنه ظن من أبي
ذر.
قال: ولا يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة.
19

القرآن
(خ م) هشيم، نا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس: ' سمعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يلبي بالحج والعمرة، يقول: لبيك عمرة وحجا '.
شعبة، عن يونس بن عبيد، عن أبي قدامة الحنفي قال: ' قلت لأنس: بأي
شيء كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يهل؟ قال: سمعته يقول سبع مرار: بعمرة وحجة،
بعمرة وحجة '.
رواه أحمد في ' المسند ' ثنا روح، نا شعبة.
ورواه يزيد بن زريع، عن يونس، عن حميد، عن أنس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لبيك بحجة وعمرة معا '.
(خ) الأوزاعي، نا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، سمع ابن عباس
يقول: سمعت عمر يقول: ' سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول وهو بالعقيق أتاني
الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة '.
قال الوليد بن مسلم: يعني ذا الحليفة.
عبدة بن أبي لبابة، عن أبي وائل قال: قال الصبي بن معبد: ' كنت نصرانيا
فأسلمت، وأهللت بالحج والعمرة، فسمعني زيد بن صوحان، وسلمان بن ربيعة
وأنا أهل بهما، فقالا: لهذا أضل من بعير أهله فكأنما حمل علي بكلمتهما جبل،
20

فقدمت على عمر - رضي الله عنه - فأخبرته، فأقبل عليهما فلامهما، ثم أقبل
علي، فقال: هديت لسنة نبيك '.
أحمد، نا أبو معاوية، نا حجاج / عن الحسن بن سعد، عن ابن عباس؛ [ق 101 - أ]
أخبرني أبو طلحة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جمع بين الحج والعمرة '.
أحمد، نا يونس، نا داود بن عبد الرحمن، عن عمرو، عن عكرمة، عن
ابن عباس قال: ' اعتمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء
في ذي القعدة، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي مع حجته '.
أحمد، نا مكي بن إبراهيم، نا داود بن يزيد، سمعت عبد الملك
[الزراد]، سمعت النزال بن سبرة، سمعت سراقة يقول: ' قرن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
في حجة الوداع '.
21

الإفراد
(م) مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة لا يوجد ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أفرد الحج '.
عباد بن عباد، وعبد الله بن نافع؛ كلاهما عن عبيد الله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر، قال: ' أهللنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالحج مفردا '.
لفظ عباد.
الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال: ' أقبلنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مهلين
بالحج مفردا '.
فحديث عائشة من أفراد مسلم، وقد مضى في المتفق عليه عنها ضده، ثم
أحاديث المتعة أصح وأكثر، ثم أحاديثها تتضمن زيادة؛ فهي أولى، وقد فسر هذا
الإفراد؛ أي أفرد أعمال العمرة عن أعمال الحج، وكذلك يفعل المتمتع.
ثم لولا أن التمتع أفضل لما أمر به [صلى الله عليه وسلم] أصحابه مع الفسخ، ولما تأسف
هو على المتعة؛ حيث يقول: ' لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لم أسق الهدي،
ولجعلتها عمرة '.
ونقل أبو طالب، عن أحمد بن حنبل أنه قال: كان الإفراد في المدينة، فلما
وصل إلى مكة، فسخ على أصحابه، وتلهف على التمتع؛ فدل على [أنه]
أفضل؛ لأنه آخر الأمرين، وهذا المتعمد عليه في جواب حديث جابر.
وأما حديث ابن عمر؛ فلم يصح.
22

التمتع
382 - [مسألة]:
الأفضل له أن يحرم بالحج يوم التروية.
وقال أبو حنيفة: يستحب قبل ذلك.
وقال الشافعي: إن كان معه هدي أحرم يوم التروية بعد الزوال، وإلا أحرم
ليلة سادس ذي الحجة.
وفي حديث (م) جابر قال: ' أمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالفسخ، فحل الناس
كلهم وقصروا، إلا النبي [صلى الله عليه وسلم] [ق 101 - ب] / ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية،
توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج '.
383 - [مسألة]:
المتمتع إذا ساق هديا لم يتحلل، بل يطوف ويسعى للعمرة، ثم يهل
بالحج.
وروي عن أحمد أنه يحل له التقصير فقط.
وروي عنه: إن قدم قبل العشر جاز له التحلل.
وقد مر حديث ابن عمر في مسألة التمتع قال: ' كنا مع رسول الله متمتعين،
فقال: من ساق الهدي، فلا يتحلل '.
384 - [مسألة]:
فسخ الحج إلى العمرة جائز لمن لم يسق هديا، خلافا للأكثر.
23

قال أحمد: عندي ثمانية عشر حديثا صحيحا في الفسخ.
قال: ويروى الفسخ عن عشرة من الصحابة.
وقال: حديث بلال لا أقول به؛ لأنه لا يعرف، وأحد عشر رجلا من
الصحابة يروون عنه في الفسخ، أين يقع بلال منهم؟!
24

الإحرام
385 - [مسألة]:
المحرمة لا يجوز لها لبس قفاز.
وجوزه أبو حنيفة.
وعن الشافعي كالمذهبين.
الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تنتقب المرأة
الحرام، ولا تلبس القفازين '.
صحيح.
386 - [مسألة]:
لا ينقطع بالموت الإحرام.
مرت المسالة في الجنائز.
387 - [مسألة]:
يستر الرجل وجهه.
وعنه: لا يجوز، وبه يقول أبو حنيفة ومالك.
388 - [مسألة]:
من لبس السراويل لعدم الإزار، فلا فدية عليه، خلافا [.....].
روى عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: ' خطب رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]، فقال: ' إذا لم يجد المحرم إزارا، فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين،
فليلبس الخفين '.
25

متفق عليه.
أحمد، نا يحيى، عن ابن جريج، أخبرني عمرو أن أبا الشعثاء أخبره، أن
ابن عباس أخبره أنه سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من لم يجد إزارا، ووجد
سراويل، فليلبسه، ومن لم يجد نعلين، ووجد خفين، فليلبسهما، قلت: ولم
يقل: ليقطعهما؟ قال: لا '.
(م) زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من لم
يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارا، فليلبس سراويل '.
واحتجوا بحديث (خ م) الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: ' سأل رجل
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: (لا يلبس) القميص [ق 102 - أ]،
ولا البرنس، ولا السراويل، ولا العمامة، ولا ثوبا [ق 102 - أ] / مسه الورس ولا الزعفران،
ولا يلبس الخفين إلا من لا يجد نعلين، فمن لا يجد نعلين، فليلبس الخفين
وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين '.
هذه رواية سفيان عن الزهري؛ متفق عليه.
وقد قال أبو داود: رواه موسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، ومالك،
وأيوب موقوفا. ثم يقول: يجوز القطع.
فصل: فإذا عدم النعلين ولبس الخفين، فلا فدية.
وقال أكثرهم: عليه الفدية إلا أن يقطعهما.
26

389 - [مسألة]:
ولا يجوز لبس المقطوع مع وجود نعل؛ فإن لبس افتدى، خلافا لأبي
حنيفة، وأحد قولي الشافعي.
لنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] شرط عدم النعلين، كما تقدم.
390 - [مسألة]:
تظليل المحمل لا يجوز، فإن ظلل ففي الفدية روايتان.
وأباحه أبو حنيفة والشافعي.
لنا ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه دخلوا مكة مضحين، وقال [صلى الله عليه وسلم]:
خذوا عني '.
فذكروا حديث (د) زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن حصين، عن أم
الحصين، قالت: ' حججنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالا،
وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي [صلى الله عليه وسلم]، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى
جمرة العقبة '.
قلنا: قوله: ' وقد ظلل عليه ' يحتمل كان يستره من جهة الشمس.
قلت: هذا لا يستقيم؛ فإن التظليل عليه [صلى الله عليه وسلم] إنما كان بعد الزوال،
والشمس في فصل الصيف، وهي على أعلى الرءوس؛ فتعين أن التظليل كان
على رأسه الشريف.
قال ابن الجوزي: وتفرد به أبو عبد الرحيم، عن زيد. ثم قال:
وأبو عبد الرحيم ضعيف.
قلت: هذا خطأ؛ فإن الرجل ثقة، وقد احتج به مسلم.
27

391 - [مسألة]:
ومن ادهن بزيت أو شيرج، جاز.
وعنه: عليه الفدية - كقول أبي حنيفة.
وقال الشافعي: لا فدية، إلا إن دهن رأسه أو وجهه.
(ت) وكيع، عن حماد، عن فرقد السبخي، عن سعيد بن جبير، عن
ابن عمر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يدهن بالزيت وهو محرم، غير مقتت؛ والمقتت
المطيب '.
فرقد ضعيف.
392 - [مسألة]:
يجوز له لبس المعصفر، خلافا لمالك وأبي حنيفة.
(د) ابن إسحاق، حدثني نافع، عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه نهى
النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب،
وليلبسن بعد ذلك ما [أحببن] من ألوان الثياب؛ معصفرا وخزا '.
قلت: هذه زيادة منكرة.
393 - [مسألة]:
ولا يجوز له لبس ثوب مبخر، خلافا لأبي حنيفة.
394 - [مسألة]:
ولا تلزمه فدية بشم شيء من الرياحين.
وعنه: عليه فدية.
28

وعنه: يحرم ما نبت بنفسه، دون ما أنبت.
وقال الشافعي: في الورد فدية، وفي الريحان قولان.
استدل أصحابنا بأن عثمان قال: يشم المحرم الريحان.
ابن جريج، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ' المحرم يشم
الريحان، ويدخل الحمام '.
395 - [مسألة]:
فإن اغتسل بسدر أو خطمي جاز.
وعنه: عليه فدية - كقول أبي حنيفة.
وثبت أنه [صلى الله عليه وسلم] قال في الذي وقص: ' اغسلوه بماء وسدر ' كما سبق
في الجنائز.
396 - [مسألة]:
ولا يجوز أن يعقد نكاحا، خلافا لأبي حنيفة.
(م) مالك، عن نافع، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان، عن
عثمان، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' المحرم لا ينكح ولا ينكح، ولا يخطب '.
فاحتجوا (خ م) بابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس ' أن رسول الله
نكح ميمونة وهو محرم '.
حماد بن سلمة، عن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن النبي تزوج
ميمونة وهما محرمان.
قلنا: ميمونة قد أخبرت بضد هذا، وهي أخبر بحال نفسها.
29

حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن
الأصم، عن ميمونة قالت: ' تزوجني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا حلال، بعدما رجعنا من
مكة '.
(م) جرير بن حازم، سمعت أبا فزارة يحدث، عن يزيد بن الأصم، عن
ميمونة ' أن رسول الله تزوجها حلالا، وبنى بها حلالا، وماتت بسرف فدفنها في
الظلة التي بنى بها، فنزلنا أنا وابن عباس في قبرها '.
قلت: لأنها خالتهما.
حماد بن زيد، ثنا مطر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سلميان بن
يسار، عن أبي رافع ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تزوج ميمونة حلالا، وكنت الرسول
بينهما '.
ونقل أبو داود؛ أن سعيد بن المسيب قال: ' وهم ابن عباس في قوله:
تزوجها وهو محرم '.
وقيل: معناه وهو في شهر حرام، وأنشدوا:
* قتلوا ابن عفان الخليفة محرما
*
يعني في شهر حرام.
397 - [مسألة]:
من أفسد الحج أو العمرة، لزمه المضي في فاسدهما.
وقال داود: يخرج منهما.
ابن عينية، نا يزيد بن جابر: ' سألت مجاهدا عن الرجل يأتي امرأته وهو
محرم، قال: كان ذلك على عهد عمر، فقال، يقضيان حجهما، والله أعلم
بحجهما، ثم يرجعان حلالا، حتى إذا كان من قابل، حجا وأهديا '.
30

هشيم، أنا أبو بشر / حدثني رجل من قريش ' أن رجلا وقع بامرأته وهما [ق 103 - أ]
محرمان، فقال ابن عباس: اقضيا ما عليكما من نسككما هذا، وعليكما الحج من
قابل '.
قلت: رواهما سعيد في ' سننه ' وهما منقطعان.
وروينا مثل هذا عن ابن عمر، وعطاء، وإبراهيم.
قلت: ما يندفع داود بهواه.
31

جزاء الصيد
398 - [مسألة]:
يجب الجزاء بقتله خطأ.
وعنه: لا يجب - كقول داود.
(ت) قبيصة، عن جرير بن حازم، نا عبد الله بن عبيد بن عمير، عن
عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر قال: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الضبع،
فقال: هي صيد، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا '.
صححه (ت).
399 - [مسألة]:
[بيض النعام مضمون] وقال داود: لا يضمن بيض النعام.
يروى عن كعب بن عجرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى في بيض النعام أصابه محرم
بقدر ثمنه '.
فهذا فيه ثلاثة ضعفاء: أحدهم إبراهيم بن أبي يحيى، عن حسين بن
عبد الله.
ابن زياد النيسابوري، ثنا عيسى بن أبي عمران، نا الوليد بن مسلم، نا ابن
جريج، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' في بيضة نعام صيام يوم، أو إطعام مسكين '.
قلت: هذا منكر.
32

400 - [مسألة]:
الدال على الصيد يلزمه الجزاء إذا كان محرما.
وقال مالك والشافعي: لا.
لنا حديث أبي قتادة؛ أنه سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: ' أشرتم، أو قتلتم، أو
صدتم؟ قالوا: لا. قال: كلوه '.
رواه هكذا الجوزقي في ' صحيحه '.
401 - [مسألة]:
المتولد كالسبع، والنسر لا يضمن بالجزاء.
وقال أبو حنيفة: يضمن.
(خ م) عن ابن عمر ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ما يقتل المحرم، فقال:
خمس لا جناح في قتلهن: العقرب، والفأرة، والغراب، والحدأة، والكلب
العقور '.
وفي الباب نحوه من حديث حفصة، وعائشة؛ فالسبع يسمى كلبا.
402 - [مسألة]:
إذا اشترك محرمون في قتل صيد، فجزاء واحد.
وقال مالك وأبو حنيفة: على [كل] واحد [منهم] جزاء [كامل].
لنا أنه قال [صلى الله عليه وسلم]: ' في الضبع كبش ' وقد مر.
403 - [مسألة]:
ويحرم على المحرم ما صيد لأجله، خلافا لأبي حنيفة.
33

لنا حديث (خ م) الصعب: ' أهديت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] حمار وحش،
فرده علي، فلما رأى الكراهية في وجهي قال: إنه ليس بنا رد عليك، ولكنا حرم '.
[ق 103 - ب] / وفي ' مسند أحمد ': نا أبو سلمة الخزاعي، نا عبد العزيز، عن عمرو
ابن أبي عمرو، عن رجل من الأنصار، عن جابر قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' كلوا
لحم الصيد وأنتم حرم، ما لم تصيدوه أو يصد لكم '.
وأخرجه الترمذي من حديث يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو بن أبي
عمرو، عن المطلب، عن جابر؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' صيد البر لكم حلال وأنتم
حرم، ما لم تصيدوه، أو يصد لكم '.
قال (ت): لا يعرف للمطلب سماع من جابر، وعمرو ضعف.
معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال:
' خرجت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زمن الحديبية، فأحرم أصحابي ولم أحرم، فرأيت
حمارا، فحملت عليه فاصطدته، فذكرت شأنه لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وقلت: اصطدته
لك، فأمر أصحابه فأكلوا، ولم يأكل '.
قوله: ' اصطدته لك ' تفرد بها معمر، وهو موافق لما جاء عن عثمان؛ أنه
صيد له طائر وهو محرم، فلم يأكل.
404 - [مسألة]:
شجر الحرم مضمون، خلافا لداود.
(خ م) يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، حدثني أبو هريرة قال: ' لما
فتح الله على رسوله مكة، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة
الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لا تحل لأحد من بعدي، وإنما حلت لي
ساعة من نهار؛ لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها '.
34

وفي ' الصحيحين ' نحوه من حديث ابن عباس.
قلت: لم يذكر ضمانا، وكذا التنفير لا ضمان فيه.
405 - [مسألة]:
صيد المدينة وشجرها محرم، خلافا لأبي حنيفة.
الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: ' خطبنا علي، فقال: من
زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة - صحيفة فيها أسنان الإبل،
وأشياء من الجراحات - فقد كذب، قال: وفيها قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: المدينة حرم
ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، وذمة الله
واحدة يسعى بها أدناهم '.
معمر، عن الزهري، عن (ابن) المسيب)، عن أبي هريرة، قال: ' حرم
رسول الله ما بين لابتي المدينة. قال [ق 104 - أ] / أبو هريرة: لو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما
ذكرتها، وجعل حول المدينة اثني عشر ميلا حمى '.
متفق عليهما.
أحمد، نا ابن نمير، عن عثمان بن حكيم؛ أخبرني عامر بن سعد، عن أبيه
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إني أحرم ما بين لابتي المدينة؛ أن يقطع عضاهها، أو
يقتل صيدها '.
أخرجه مسلم.
35

أحمد في ' مسنده ': ثنا علي بن عبد الله، حدثني أنس بن عياض،
حدثني عبد الرحمن بن حرملة، عن يعلى بن عبد الرحمن بن هرمز؛ أن عبد الله بن
عباد الزرقي أخبره ' أنه كان يصيد؛ العصافير في بئر إهاب، قال: فرآني عبادة بن
الصامت وقد أخذت العصفور، فنزعه مني فأرسله، وقال: أي بني، إن رسول الله
حرم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة '.
أحمد؛ نا حسين بن محمد، نا الفضيل بن سليمان، ثنا محمد بن أبي
يحيى، عن عبيد الله بن (حبيش) الغفاري، عن عبد الله بن سلام قال: ' ما بين
كدي وأحد حرام، حرمه رسول الله، ما كنت لأقطع به شجرة، ولا أقتل به
طائرا '.
406 - [مسألة]:
ويضمن صيد المدينة بالجزاء.
وعنه: لا - كقول مالك.
وللشافعي قولان.
والجزاء مقدر بالسلب يتملكه الآخذ له، وأحد قولي الشافعي؛ يتصدق
بالسلب على فقراء المدينة.
قال أحمد: نا أبو عامر (م) نا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن
محمد بن سعد، عن عامر بن سعد ' أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد
غلاما يخبط شجرا أو يقطعه، فسلبه، فلما رجع سعد، جاءه أهل الغلام فكلموه أن
يرد ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبى أن
يرده عليهم '.
36

407 - [مسألة]:
مكة أفضل البلاد.
وعنه: المدينة - كمالك.
روى الزهري، أنا أبو سلمة أن عبد الله بن عدي بن الحمراء أخبره ' أنه سمع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول؛ وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: والله إنك لخير أرض
الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت '.
[ق 104 - ب] / قلت: إسناده صحيح.
قال ابن صاعد: نا ابن أبي بزة، نا مؤمل بن إسماعيل، نا حماد بن سلمة، نا
ثابت، نا عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جعل يقلب بصره في
نواحي مكة، وحوله الأنصار، فقال: والله لقد عرفت أنك أحب البلاد إلى الله،
وأكرمها على الله، ولولا أن قومي أخرجوني ما خرجت '.
قلت: معنى قوله: ' أخرجوني ': أحوجوني إلى الخروج لتبليغ الوحي.
408 - [مسألة]:
المجاورة بمكة لا تكره.
وقال أبو حنيفة: تكره.
قلت: ثم ساق المؤلف بإسناد مظلم - وفيه النقاش - من حديث جابر
مرفوعا: ' صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا
المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة '.
37

الطواف
409 - [مسألة]:
السنة استلام الركن اليماني في طوافه.
وقال أبو حنيفة: لا يسن.
(م) ابن خثيم، عن أبي الطفيل قال: ' كنت مع ابن عباس، ومعاوية
لا يمر بركن إلا استلمه، فقال له ابن عباس: إن رسول الله لم يكن يستلم إلا الحجر
الأسود والركن اليماني. فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا '.
(م) عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان
لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني '.
حجاج بن أرطأة، عن نافع، وعطاء، عن ابن عمر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما دخل
مكة، استلم الركن الأسود والركن اليماني، لم يستلم غيرهما '.
يحيى بن أبي بكير، نا إسرائيل، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد
ابن جبير، عن ابن عباس، قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقبل الركن اليماني، ويضع
خده عليه '.
ابن جريج؛ أخبرني سليمان بن عتيق، عن عبد الله بن بابيه، عن بعض بني
يعلى بن أمية، عن يعلى بن أمية، قال: ' كنت مع عمر، فاستلم الركن، وكنت مما
يلي البيت، فلما بلغت الركن الغربي الذي يلي الأسود، مررت بين يديه لأستلم،
فقال: ما شأنك؟ قلت: ألا تستلم هذين؟ فقال: ألم تطف مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
38

[فقلت: بلى] قال: أرأيته يستلم هذين الركنين؟ يعني: الغربيين. قلت: لا.
قال: أفليس لك فيه أسوة؟ قلت: بلى. قال: فانفذ عنك '.
رواه أحمد.
410 - [مسألة]:
[ق 105 - أ] / يسن تقبيل ما يستلم به الحجر.
[ق 105 - أ]
وقال مالك: لا يسن.
لنا (م) معروف بن خربوذ سمع أبا الطفيل يقول: ' رأيت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن '.
(م) عبيد الله، عن نافع قال: ' رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم
يقبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفعله '.
411 - [مسألة]:
لا يصح طواف المحدث ولا النجس.
وعنه: يصح، ويلزمه دم - كقول أبي حنيفة.
جرير، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه؛ فمن تكلم فيه فلا
يتكلمن إلا بخير '.
تفرد برفعه عطاء.
قال أحمد: اختلط في آخر عمره.
قلت: جرير أخذ عنه في أواخر عمره.
39

ولنا: حديث عائشة أيضا: ' اقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي
بالبيت حتى تطهري '.
وحديث ' أن صفية حاضت، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أكنت أفضت يوم
النحر؟. قالت: نعم. قال: فانفري إذا '.
منع [صلى الله عليه وسلم] من الطواف لعدم الطهارة.
قال الخصم: إنما قال ذلك؛ لأجل دخول المسجد.
قلنا: المنقول حكم وسبب، فظاهر الأمر تعلق الحكم بالسبب.
412 - [مسألة]:
إن ترك الحجر في طوافه، لم نجزه، خلافا لأبي حنيفة.
(ت) الدراوردي، عن علقمة بن بلال، عن أمه، عن عائشة قالت:
' كنت أحب أن أدخل البيت، وأصلي فيه، فأخذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيدي، فأدخلني
الحجر، فقال: صلي فيه إذا أردت دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت، ولكن
قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت '.
صححه (ت).
413 - [مسألة]:
تباح القراءة في الطواف.
وعنه: تكره - كقول مالك.
ابن جريج، أخبرني يحيى بن عبيد مولى السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن
السائب قال: ' سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول بين الركن اليماني والحجر: ربنا آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار '.
40

وعن حبيب بن صهبان / ' أنه رأى عمر وهو يطوف، وما هجيراه إلا أن [ق 105 - ب]
يقول: * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) * الآية '.
414 - [مسألة]:
يباح تلفيق الأسابيع.
وكرهه أبو حنيفة والشافعي.
وهو أن يؤخر ركعتي الطواف حتى إذا فرغ، صلى لكل أسبوع ركعتين.
سعيد في ' سننه ' نا سفيان، حدثني محمد بن السائب بن بركة، عن أمه ' أنها
طافت مع عائشة ثلاثة أسابيع؛ لا تفصل بينهن، ثم صلت لكل أسبوع ركعتين '.
وروى عبد السلام بن أبي الجنوب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ' ان
رسول الله قرن ثلاثة أطواف؛ ليس بينها صلاة '.
هذا حديث منكر جدا، وراويه متروك الحديث. قاله أبو حاتم.
وقال ابن المديني والدارقطني: منكر الحديث.
قال المؤلف: لا يقبل الطعن حتى يبين سببه.
قلت: ورواه عبد السلام أيضا، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة قال: ' طاف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثلاثة أسباع، ثم أتى المقام، فصلى خلفه
ست ركعات. قال أبو هريرة: إنما أراد أن يعلمنا.
قلت: من تفرد عن الزهري بمثل هذين الحديثين النظيفي الإسناد، فقد
استحق الترك.
415 - [مسألة]:
السعي ركن لا ينوب عنه الدم.
وعنه: سنة.
وقال أبو حنيفة: واجب يجبر بالدم.
41

أحمد؛ نا سريج، نا عبد الله بن المؤمل، عن عطاء بن أبي رباح، عن
صفية بنت شيبة، عن حبيبة بنت أبي نحراه، قالت: ' رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يطوف بين الصفا والمروة، والناس بين يديه، وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة
السعي؛ يدور به إزاره، وهو يقول: اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي '.
ابن المؤمل ضعف. وعن ابن معين أنه ليس به بأس.
ابن المبارك، أخبرني معروف بن مشكان، أخبرني منصور بن عبد الرحمن،
عن أمه صفية قالت: أخبرني نسوة من بني عبد الدار قلن: ' دخلنا دار ابن أبي
حسين، فاطلعنا من باب، فرأينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يشتد في السعي، حتى إذا بلغ
زقاق بني فلان، استقبل الناس، فقال: يا أيها الناس، اسعوا؛ فإن السعي قد كتب
عليكم '.
قلت: إسناده صحيح.
416 - [مسألة]:
[ق 106 - أ] / القارن يجزئه طواف واحد، وسعي.
وعنه: طوافان، وسعيان - كأبي حنيفة.
لنا: تسعة أحاديث:
(خ م) نافع، عن ابن عمر ' أنه أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير،
فقيل: إنا نخاف أن يصدوك فقال: إذن أصنع كما صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أشهد كم
أني قد أوجبت عمرة، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء، قال: ما شأن الحج
والعمرة إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي. وأهدي هديا اشتراه
42

بقديد، فلم ينحر - ولم يحل من شيء حرم منه، ولم يحلق، ولم يقصر حتى كان
يوم النحر، فنحر وحلق، ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول.
وقال: كذلك فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من قرن بين حجته وعمرته، أجزأه لهما طواف واحد '.
رواه أحمد والترمذي، ولفظه: ' أجزأه طواف وسعي واحد '.
(خ م) مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: ' خرجنا
مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع، وأهللنا بعمرة، ثم قال: من كان معه الهدي،
فليهل بالحج والعمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما. فطاف الذين أهملوا بالعمرة ثم
حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا بينهما، فإنما
طافوا طوافا واحدا '.
(م) عطاء، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لها: طوافك بالبيت،
وبالصفا والمروة كافيك لحجك وعمرتك '.
الربيع بن صبيح، عن عطاء، عن جابر قال: ' ما طاف لهما رسول الله إلا
طوافا واحدا، وسعيا واحدا لحجه وعمرته '.
حجاج بن أرطأة، عن أبي الزبير، عن جابر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قرن بين
الحج والعمرة؛ فطاف لهما طوافا واحدا '.
حجاج والربيع ضعيفان.
الدارقطني، نا ابن صاعد، نا محمد بن إشكاب، ثنا يحيى بن يعلى
43

المحاربي، نا أبي، نا غيلان بن جامع، حدثني ليث، نا عطاء وطاوس ومجاهد، عن
جابر، وعن ابن عمر، وعن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يطف هو وأصحابه بين
الصفا والمروة، إلا طوافا واحدا لعمرتهم وحجهم '.
[ق 106 - ب] / علي بن عاصم، عن حصين قال: ' قال لي منصور: أنت يا حصين
حدثتني عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه طافوا لحجهم
وعمرتهم طوافا واحدا '.
علي ضعيف.
وعن عطية، عن أبي سعيد ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جمع بين الحج والعمرة، فطاف
لهما طوافا واحدا، وسعيا واحدا '.
عطية، وراويه عنه - ابن أبي ليلى - ضعيفان.
منصور بن أبي الأسود، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن
عباس ' أن رسول الله طاف طوافا واحدا لحجه وعمرته '.
قال المصنف: عبد الملك ضعيف.
قلت: بل هو صدوق.
فاحتجوا بحفص بن أبي داود، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي ' انه جمع بين الحج والعمرة؛ فطاف لهما
طوافين، وسعى لهما سعيين، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعل '.
حفص متروك الحديث.
عباد بن يعقوب، نا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، حدثني
أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان قارنا، فطاف طوافين،
وسعى سعيين '.
عيسى تركه الدارقطني.
44

جعفر بن محمد بن مروان، نا أبي، نا عبد العزيز بن أبان، نا أبو بردة، عن
حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: ' طاف رسول الله لعمرته
وحجته طوافين، وسعى سعيين، وأبو بكر وعمر، وعلي وابن مسعود '.
قال الدارقطني: أبو بردة هو عمرو بن يزيد، هو ومن دونه ضعفاء.
عبد الله بن داود، عن شعبة، عن حميد بن هلال، عن مطرف، عن عمران
ابن حصين ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] طاف طوافين؛ وسعى سعيين '.
تفرد به محمد بن يحيى الأزدي، عن عبد الله.
قال الدارقطني: ثناه ابن صاعد عنه؛ يقال أنه حدث به من حفظه فوهم،
وقد حدث به مرارا على الصواب، ويقال أنه رجع عن ذكر الطواف والسعي.
عبد الله بن بزيع، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن
عمر ' أنه جمع بين حجة وعمرة، فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين، وقال:
هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صنع '.
ابن عمارة متروك.
417 - [مسألة]:
طواف الوداع واجب، يلزمه بتركه دم، خلافا لمالك، وأحد قولي الشافعي.
سليمان الأحول سمع طاوسا، عن [ق 107 - أ] / ابن عباس قال: ' كان الناس ينفرون من
منى إلى وجههم، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت
ورخص للحائض.
(ت) عيسى بن يونس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال:
' من حج البيت، فليكن آخر عهده بالبيت الطواف، إلا الحيض؛ رخص لهن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] '.
صححه (ت).
45

(ت) حجاج بن أرطأة، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن
(البيلماني)، عن عمرو بن أوس، عن الحارث بن عبد الله بن أوس؛ سمعت
النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من حج هذا البيت أو اعتمر، فليكن آخر عهده بالبيت. فقال له
عمر: خررت من يديك، سمعت هذا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ولم تخبرنا به '.
قلت: إسناده ضعيف.
418 - [مسألة]:
فإن طاف ولم يعقبه الخروج، لزمته الإعادة، خلافا لأبي حنيفة.
46

الوقوف
419 - [مسألة]:
ووقته من طلوع الفجر يوم عرفه إلى الفجر من يوم النحر.
وقال أبو حنيفة: والشافعي: أوله بعد الزوال من يوم عرفة.
وقال مالك: وقت الإجزاء ليلة النحر فقط.
ابن أبي خالد، نا الشعبي، حدثني عروة بن مضرس قال: ' جئت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] [....] فقلت: يا رسول الله، جئت من جبلى طيء، أكللت مطيتي،
وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أدرك هذه الصلاة - يعني صلاة الفجر - وأتى
عرفات قبل ذلك، ليلا أو نهارا، تم حجه، وقضى تفثه '. صححه الترمذي.
420 - [مسألة]:
فإن دفع من عرفات قبل الغروب، فعليه دم، خلافا لأحد قولي الشافعي.
الثوري، عن (عبد الرحمن بن الحارث بن عياش)، عن زيد بن علي،
عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: ' وقف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعرفة،
فأفاض حين غابت الشمس '.
(د) ابن إسحاق، حدثني إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن أسامة،
قال: ' كنت ردف رسول الله، فلما وقعت الشمس، دفع '.
47

421 - [مسألة]:
يجوز الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز حتى يطلع الفجر.
الضحاك بن عثمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:
' أرسل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أم سلمة ليلة النحر، فرمت قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت '.
رواه الدارقطني.
[ق 107 - ب] / فاحتجوا بحديث زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن
ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقف بجمع، فلما أضاء كل شيء قبل أن تطلع
الشمس، أفاض '.
زمعة ضعيف.
قلت: بل حديثه حسن، لكن الدلالة به لا تنهض.
422 - [مسألة]:
من دفع قبل نصف الليل، لزمه دم.
وقال أبو حنيفة: لا دم عليه.
وللشافعي قولان.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' خذوا عني مناسككم '.
وروى أبو داود؛ من حديث ابن عمر ' أن رجلا قال له: إنا نبيت بمكة؟
فقال: أما رسول الله فبات بمنى، وظل '.
ومن حديث عائشة، قالت: ' مكث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمنى ليالي أيام التشريق '.
قلت: هكذا احتج المؤلف على هذه المسألة؛ فيحرر.
48

التحلل
423 - [مسألة]:
يجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا، حتى يطلع الفجر.
لنا: حديث أم سلمة المذكور.
فذكروا حديث المسعودي [الحكم]، عن مقسم، عن ابن عباس: ' أن
رسول الله قدم ضعفة أهله، وقال: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس '.
صححه الترمذي.
424 - [مسألة]:
لا يجوز الرمي إلا بالحجارة.
وقال أبو حنيفة: يجوز بجميع جنس الأرض.
أحمد، نا سفيان، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي معبد، عن
ابن عباس؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' عليكم بمثل حصى الحذف '.
(د) يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أمه
قالت: ' رأيت رسول الله عند جمرة العقبة، ورأيت بين أصابعه حجرا، فرمى،
ورمى الناس '.
425 - [مسألة]:
لا يرمى بما رمي به.
49

وجوزه أكثرهم.
يحيى بن سعيد الأموي [نا أبي]، نا يزيد بن سنان، عن زيد بن أبي
أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن ابن لأبي سعيد، عن أبي سعيد قال: قلنا:
' يا رسول الله، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام، نحسب أنها تنقص؟ قال: إنه
ما يقبل منها يرفع، ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال '.
قلت: يزيد ضعفه أحمد وابن المديني، وولد أبي سعيد فيه جهالة.
الكديمي، نا أبو عاصم، عن عبيد الله بن هرمز، عن سعيد بن جبير،
قال: ' الحصى قربان؛ فما قبل منه رفع، وما [ق 108 - أ] / لم يقبل بقي '.
426 - [مسألة]:
لو نكس؛ فرمى جمرة العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى، لم يجزه.
وقال أبو حنيفة: يجزئه.
لنا: ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رمى مرتبا، وقال: خذوا عني '.
وقال (خ) سالم، عن أبيه ' أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات،
يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم
طويلا، ويدعو ويرفع يديه، ويقوم طويلا، ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي،
ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفعل '.
427 - [مسألة]:
في النفر الأول خطبة.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا.
50

لنا: ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خطب في ثاني يوم من أيام التشريق، وقال:
خذوا عني '.
(د) أبو عاصم، نا ربيعة بن عبد الرحمن، حدثتني جدتي سراء بنت
نبهان [قالت]: ' خطبنا النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم الرؤوس؛ فقال: أي يوم هذا؟. قلنا:
الله ورسوله أعلم. قال: أليس أوسط أيام التشريق '.
428 - [مسألة]:
من ترك المبيت بمنى ليالي منى، لزمه دم.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة.
(خ) قال ابن عمر: ' استأذن العباس النبي [صلى الله عليه وسلم] ليبيت بمكة ليالي منى؛
من أجل سقايته، فأذن له '.
لو لم يكن واجبا لما احتاج إلى إذن.
429 - [مسألة]:
لا يجزئه في التحلل حلق بعض رأسه.
وقال أبو حنيفة: يجزئه ما يجزئه مسحه في الطهارة.
(خ م) هشام، عن ابن سيرين، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رمى
الجمرة ثم نحر البدن، ثم حلق أحد شقيه الأيمن، وقسمه بين الناس فأخذوه وحلق
الآخر فأعطاه أبا طلحة '.
قلت: حلق بعض الرأس منهي عنه.
51

الإحصار
430 - [مسألة]:
يجب على المحصر إذا ذبح أن يحلق.
وعنه: لا حلاق عليه - كقول أبي حنيفة.
(خ م) قال ابن عمر: ' خرجنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فحال كفار قريش
دون البيت، فنحر رسول الله هديه، وحلق رأسه '.
431 - [مسألة]:
يجوز للمتمتع والقارن أن يقدما الحلاق على الذبح والرمي.
وعنه: إن تعمدا ذلك، فعليهما دم.
وقال أبو حنيفة: عليهما الدم وإن نسيا.
(خ م) الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو قال:
' رأيت [ق 108 - ب] / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واقفا على راحلته بمنى، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله
إني كنت أرى الحلق قبل الذبح؟ قال: اذبح ولا حرج. ثم جاءه آخر فقال:
يا رسول الله، إني كنت أرى الذبح قبل الرمي؛ فذبحت قبل أن أرمي؟ قال: ارم،
ولا حرج. فما سئل عن شيء قدمه رجل قبل شيء إلا قال: افعل، ولا حرج '.
(خ م) ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل عن
الذبح والرمي والحلق، والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج '.
52

432 - [مسألة]:
يجب الهدي في حق المحصر.
وقال مالك: لا يجب.
الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر: ' نحرنا يوم الحديبة سبعين بدنة؛ البدنة
عن سبعة، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' (ليشترك النفر) في الهدي. قال تعالى:
* (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) *.
433 - [مسألة]:
ويذبح الهدي حيث أحصر.
وقال أبو حنيفة: لا يذبحه إلا في الحرم.
لنا: أنهم نحروا بالحديبية؛ وهي حل.
434 - [مسألة]:
ومن أحصر في حج التطوع، لم يلزمه القضاء.
وعنه: يلزمه - كقول أبي حنيفة.
لنا: أنه [صلى الله عليه وسلم] أحرم بالعمرة سنة ست، ومعه ألف وأربعمائة، ثم عاد
من قابل، ومعه جمع يسير، فلو وجب قضاء، لبينه لهم.
435 - [مسألة]:
إذا اشترط أنه متى مرض تحلل، وإن حصره عدو، أو إن أخطأ العدد،
كان شرطا صحيحا يستفيد به التحلل، ولا دم عليه.
53

وقال أبو حنيفة ومالك: وجود هذا الشرط كعدمه، فعند أبي حنيفة لا
[يتحلل] إلا بالهدي، وعند مالك لا يتحلل إذا أخطأ العدد.
(خ م) الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ' دخل النبي [صلى الله عليه وسلم] على
ضباعة بنت الزبير، فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج، وأنا شاكية؟ فقال النبي
[صلى الله عليه وسلم]: حجي، واشترطي أن محلي حيث حبستني '.
(ت) سفيان بن حسين، عن أبي بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن
ضباعة أرادت الحج، فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: اشترطي عند إحرامك: محلي
حيث حبستني، فإن ذلك لك '.
صححه (ت).
436 - [مسألة]:
والمحصر بمرض لا يباح له التحلل، إلا أن يكون قد اشترط في ابتداء
إحرامه أنه يتحلل به.
وقال أبو حنيفة: حكمه حكم الإحصار بالعدد.
لنا حديث ضباعة؛ ولو كان الاشتراط يبيحها التحلل، ما كان لاشتراطها
معنى.
فذكروا حديث حجاج بن عمرو، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' من كسر،
أو عرج [ق 109 - أ] / فقد حل '.
فهذا حمله أصحابنا على ما إذا شرط.
54

437 - [مسألة]:
لا يجوز لامرأة تحج (بغير) محرم.
وجوزه مالك والشافعي؛ إذا كان معها نساء ثقات.
(خ م) عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم '.
(خ م) عبد الملك بن عمير، سمعت قزعة؛ سمعت أبا سعيد قال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا تسافر امرأة مسيرة يومين، أو ليلتين، إلا ومعها
زوجها، أو ذو محرم '.
(خ م) سعيد المقربي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم '.
438 - [مسألة]:
لا فرق بين طويل السفر وقليله.
وقال أبو حنيفة: العبرة بالطويل.
وعن أحمد نحوه.
55

الفوات
439 - [مسألة]:
من فاته الحج، انقلب نسكه عمرة.
وعنه: إحرامه بحاله، ويتحلل منه بفعل عمرة، وبه قال أكثرهم.
يحيى بن عيسى الرملي، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من فاته عرفات، فقد فاته الحج، فليحل بعمرة، وعليه الحج
من قابل '.
رحمة بن مصعب، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء ونافع، عن ابن عمر؛ أن
رسول الله قال: ' من فاته الحج، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل '.
يحيى ورحمة ضعيفان.
هشيم، أنا مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود ' أن رجلا فاته الحج، فأمره عمر
أن يحل بعمرة، وعليه الحج من قابل '.
56

الهدى
440 - [مسألة]:
إشعار البدن وتقليدها سنة.
وقال أبو حنيفة: يكره الإشعار.
شعبة وغيره عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس ' أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] أشعر بدنه من الجانب الأيمن، ثم سلت الدم عنها، وقلدها نعلين بذي
الحليفة '.
صححه (ت).
ويروى عن إبراهيم النخعي، قال: الإشعار مثلة.
قلت: ما كأنه بلغه الحديث.
441 - [مسألة]:
وصفته شق صفحة سنامها الأيمن.
وعنه: الأيسر - كقول أبي يوسف ومحمد.
442 - [مسألة]:
ويسن تقليد الغنم.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يسن.
(خ) منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ' كنت
افتل قلائد هدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كلها غنما '.
57

صححه (ت).
443 - [مسألة]:
يجوز النحر في كل الحرم.
وقال مالك: لا ينحر الحاج إلا بمنى، ولا المعتمر إلا بمكة.
(ت) أسامة بن زيد، عن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: [ق 109 - ب] /
' منى كلها منحر، وكل فجاج مكة منحر وطريق، وكل عرفة موقف، وكل
المزدلفة موقف '.
444 - [مسألة]:
لا يأكل من الدماء الواجبة، إلا من هدى التمتع والقرآن.
وقال الشافعي: لا يأكل منهما أيضا.
لنا: ما روى عبد الرحمن بن أبي حاتم في ' سننه ' من حديث علي، قال:
' أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بهدي التمتع؛ أن أتصدق بلحومها سوى ما يأكل '.
فذكروا حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن ناجية صاحب بدن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' قلت: يا رسول الله، كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال: انحره،
واغمس نعله في دمه، واضرب صفحته، وخل بين الناس وبينه، فليأكلوه '.
صححه (ت).
(م) أبو التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
بعث بثماني عشرة بدنة مع رجل، وأمره فيها بأمره، فانطلق، ثم رجع إليه فقال:
58

أرأيت إن أزحف علينا منها شيء؟ فقال: انحرها، ثم اصبغ نعلها في دمها، ثم
اجعلها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك '.
(م) معمر، عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس ' أن ذؤيب
ابن حلحه أخبره أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بعث معه ببدنتين، وأمره إن عرض لهما شيء، أو
عطبتا؛ أن ينحرهما، ثم يغمس نعليها في دمائهما، ثم يضرب بنعل كل واحدة
صفحتها، ويخليها والناس، ولا يأكل منها هو، ولا أحد من أصحابه '.
والجواب؛ أنا نحمله على غير مسألتنا.
445 - [مسألة]:
من نذر بدنة وأطلق، فهو مخير بين الجزور والبقرة.
وعنه: لا ينتقل إليها إلا عند عدم الجزور - كقول الشافعي.
لنا: حديث جابر ' كنا ننحر البدنة عن سبعة؛ قيل له: والبقرة؟ فقال: وهل
هي إلا من البدن '.
446 - [مسألة]:
ويجوز أن يشترك سبعة في بدنه.
قال أبو حنيفة: إن كان بعضهم يريد اللحم، لم يصح.
وقال مالك: لا يصح الاشتراك في الهدي الواجب.
لنا (م) أبو الزبير، عن جابر: ' قدمنا مكة، فقال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: من
لم يكن معه هدي فليحل. وأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر؛ كل سبعة منا في
بدنة '.
59

[ق 110 - أ]
مالك، عن أبي الزبير، عن جابر ' نحرنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] / عام الحديبية البقرة
عن سبعة، والبدنة عن سبعة '.
صححه (ت).
(ت) حسين بن واقد، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس
قال: ' كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في البقرة سبعة،
وفي الجزور عشرة '.
60

الأضحيه
447 - [مسألة]:
سنة.
وعنه: واجبة - كقول أبي حنيفة.
(م) مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم
سلمة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي،
فليمسك عن شعره وأظفاره '.
فوجه الحجة؛ أنه علقه بالإرادة، واستدلوا بحديث عن ابن عباس، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' ثلاث هن علي فريضة، ولكم تطوع... ' منها النحر.
وهذا يرويه أبو جناب؛ وهو متروك.
قيس بن الربيع، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' كتب علي النحر، ولم يكتب عليكم '.
جابر الجعفي ضعيف.
عثمان بن عبد الرحمن الحراني، ثنا يحيى بن أبي أنيسة، عن جابر، عن
عكرمة، عن ابن عباس، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' أمرت بالنحر، وليس بواجب '.
قلت: إسناده واه.
61

فاحتجوا بالمقرئ؛ نا عبد الله بن عياش، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من وجد سعة فلم يضح، فلا يقربن مصلانا '.
رواه أحمد في ' مسنده ' عنه، وقال: هذا منكر. وقال الدارقطني: الأصح
وقفه، ثم لا يدل على الوجوب، كما قال: ' من أكل الثوم، فلا يقربن مسجدنا '.
زائدة، نا أبو جناب الكلبي، نا يزيد بن البراء بن عازب، عن البراء قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إنما الذبح بعد الصلاة. فقام أبو بردة بن نيار فقال: عجلت؛
ذبحت شاتي، وعندي جذعة؟ فقال: لن تفي عن أحد بعدك ' وفي لفظ: ' لن
تجزئ '.
أبو جناب متروك، ثم المراد: لن تفي في إقامة السنة؛ يدل عليه [ق 110 - ب] / ما في
' الصحيحين ' للشعبي، عن البراء ' خطبنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن أول ما نبدأ
به في يومنا هذا؛ إن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك أصاب السنة، ومن
ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء. فقال أبو بردة:
يا رسول الله، ذبحت، وعندي جذعة خير من مسنة؟ قال: اجعلها مكانها، ولن
تجرئ - أو توفي - عن أحد بعدك '.
ابن عون، عن ابن أبي رملة، قال: نبأه مخنف بن سليم، قال: ' بينا
نحن مع النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو واقف بعرفة، فقال: أيها الناس، إن على كل أهل بيت في
كل عام أضحية وعتيرة، تدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول الناس: الرجبية '.
رواه أحمد في ' المسند ' وابن أبي عامر مجهول، ثم العتيرة لا تسن
أصلا.
62

الهيثم بن سهل، نا المسيب بن شريك، ثنا عبيد المكتب، عن عامر، عن
مسروق، عن علي، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' نسخ الأضحى كل ذبح، وصوم رمضان
كل صوم '.
المسيب متروك، والهيثم ضعيف.
يعقوب بن محمد الزهري، نا رفاعة بن هرير، نا أبي، عن عائشة قالت:
' يا رسول الله، أستدين وأضحي؟ قال: نعم؛ فإنه دين مقضي '.
قال الدارقطني: إسناده ضعيف، وهرير هو ابن عبد الرحمن بن رافع بن
خديج، لم يدرك عائشة.
448 - [مسألة]:
يكره لمن أراد أن يضحي إذا دخل العشر أن يحلق شعره، أو يقلم ظفره،
خلافا لأبي حنيفة.
ومن أصحابنا من قال: يحرم لحديث أم سلمة المذكور.
449 - [مسألة]:
الأفضل الإبل، ثم البقر، ثم الغنم.
وقال مالك: الغنم، ثم البقر، ثم الإبل.
ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كان يوم الجمعة، وقفت الملائكة على أبواب المسجد، يكتبون
الأول فالأول، فمثل المهجر إلى الجمعة، كمثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي
يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي كبشا، ثم كالذي يهدي دجاجة [ق 111 - أ] / ثم كالذي يهدي
بيضة، فإذا خرج الإمام، وقعد على المنبر، طووا صحفهم وجلسوا يستمعون
الذكر '.
63

450 - [مسألة]:
لا يجوز أن يضحي بعضباء القرن والأذن.
وقال مالك: إن كان قرنها يدمي لم يجز، وجوز المقطوعة الأذن.
وقال أبو حنيفة: يجوز بعضباء القرن.
قتادة، عن جري بن كليب، عن علي قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن
نضحي بعضباء القرن والأذن '.
هذا من ' المسند '.
451 - [مسألة]:
لا يجوز ذبحها قبل صلاة الإمام.
وقال أبو حنيفة: هذا في الأمصار، أما أهل القرى؛ فيجوز أن يذبحوا بعد
طلوع الفجر.
وقال مالك: وقت الذبح؛ إذا صلى الإمام وذبح.
وقال الشافعي: وقته أن يمضي بعد دخول وقت الصلاة زمان خطبتين
وركعتين.
لنا: حديث البراء ' إن أول ما نبدأ به أن نصلي... ' الحديث كما سبق.
(خ م) الأسود بن قيس، عن جندب ' أنه صلى مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم
أضحى، قال: فانصرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى، فعرف
رسول الله أنها ذبحت قبل أن يصلي، فقال رسول الله: من كان ذبح قبل أن
يصلي، فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا، فليذبح باسم الله '.
64

452 - [مسألة]:
لا يجوز بيع جلود الأضاحي.
وجوزه أبو حنيفة.
(خ م) عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن علي:
' أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحومها وجلودها،
وأجلتها، وأن لا أعطي الجازر منها شيئا، وقال: نحن نعطيه من عندنا '.
453 - [مسألة]:
العقيقة مستحبة.
وقال أبو حنيفة: لا تستحب.
وقال داود: واجبة.
ونقلها أبو بكر عبد العزيز، عن أحمد.
لنا: داود بن قيس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: ' سئل رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] عن العقيقة، فقال: من أحب منكم أن ينسك عن ولده، فليفعل؛ عن
الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة '.
حسين بن واقد، نا ابن بريدة، عن أبيه قال: ' عق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن
الحسن والحسين '.
(خ) قتادة، عن ابن سيرين، عن سلمان بن عامر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه الدم، وأميطوا عنه الأذى '.
[ق 111 - ب] / (ت) علي بن مسهر، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن [ق - 111 - ب]
65

سمرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع،
ويسمى، ويحلق رأسه '.
العقيقة هي الشاة المذبوحة، لأنها تعق مذابحها. أي تشق.
وقيل: العقيقة الشعر الذي يحلق عن الصبي.
454 - [مسألة]:
والمستحب شاتان عن الغلام، وشاة عن الجارية.
وقال مالك: شاة عن الجميع.
روى إسماعيل بن عياش، عن ثابت بن عجلان، عن مجاهد، عن أسماء
بنت يزيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' العقيقة حق؛ عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن
الجارية شاة '.
ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن حبيبة بنت ميسرة، عن أم كرز
الكعبية، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' عن الغلام شاتان فكافئتان، وعن الجارية شاة '.
قال أحمد بن حنبل بعد أن رواهما في ' مسنده ': مكافئتان: مستويتان
أو متقاربتان.
66

البيوع
455 - [مسألة]:
بيع ما لم يره المتبايعان من غير صفة لا يصح.
وعنه: يصح.
وهل يثبت فيه خيار الرؤية؟ على روايتين.
وبه قال أبو حنيفة.
(م) عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الغرر '.
أحمد في ' المسند ' نا أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن
عطاء، عن ابن عباس: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الغرر '.
أحمد في ' المسند ' نا أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن
عطاء، عن ابن عباس: ' نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع لبغرر '.
أبو بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام ' قلت: يا رسول الله،
الرجل يأتيني يسألني البيع ليس عندي، فأبيعه منه، ثم أبتاعه من السوق؟ قال:
لا تبع ما ليس عندك '.
فاحتجوا بما روى داهر بن نوح، نا عمر بن إبراهيم بن خالد، نا وهب
اليشكري، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ' من
اشترى شيئا لم يره، فهو بالخيار إذا رآه '.
ورواه عمر، عن فضيل بن عياض، عن هشام، عن محمد.
67

قال الدارقطني: عمر هو الكردي؛ كان يضع الحديث. وإنما ورد هذا من
قول ابن سيرين.
سعيد في ' سننه ' نا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن
مكحول؛ رفع [ق 112 - أ] / الحديث إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من اشترى شيئا لم يره، فهو
بالخيار إذا رآه؛ إن شاء أخذه، وإن شاء تركه '.
مع إرساله؛ فابن أبي مريم ضعيف.
68

الخيار
456 - [مسألة]:
خيار المجلس ثابت، خلافا لأبي حنيفة ومالك.
ابن عينية (خ م) حدثني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يكون بيع خيار '.
(خ م) ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن
الحارث، عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' البيعان بالخيار ما لم
يتفرقا، فإن صدقا وبينا رزقا بركة بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما '.
(خ م) يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر؛ سمعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يقول: ' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يختارا. وكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا
وهو قاعد قام ليجب له '.
هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا '.
حماد بن زيد، عن حميد بن مرة، عن أبي الوضيء، قال: ' كنا في سفر،
ومعنا أبو برزة، فقال: إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا '.
457 - [مسألة]:
يجوز الخيار أكثر من ثلاث، خلافا لأكثرهم.
69

قال [صلى الله عليه وسلم]: ' المؤمنون عند شروطهم '.
واحتجوا بابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى قال: ' كان جدي (حبان
ابن منقذ) لا يدع التجارة، ولا يزال يغبن، فأتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فذكر ذلك
له، فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث
ليال '.
أحمد بن عبد الله بن ميسرة - أحد المتروكين - نا أبو علقمة الفروي، نا
نافع، عن ابن عمر مرفوعا: ' الخيار ثلاثة أيام '.
قلنا: حديث حبان خاص به، والثاني لم يثبت، إذ أنه خرج مخرج الأغلب،
وليس ذلك بمانع من الزيادة على ثلاث للحاجة، كالاستجمار بثلاثة أحجار.
70

الربا
458 - [مسألة]:
علة الربا مكيل جنس.
وعنه: أن العلة بمطعوم جنس - كقول الشافعي.
وعنه؛ أن العلة الكيل والطعم إذا اجتمعا.
وقال مالك: العلة القوت وما يصلحه.
فوجه الأولى (م) خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن
عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الذهب بالذهب، والفضة
بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر [ق 112 - ب] / والملح بالملح، مثلا بمثل يدا
بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد '.
الحجة أنه اشترط الممثالة، ولا تتحقق إلا بالكيل.
(م) فضيل بن غزوان، عن أبي (زرعة) عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح،
كيلا بكيل، وزنا بوزن، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، إلا ما اختلف ألوانه '.
أبو بكر بن عياش، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن عبادة وأنس، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا، وما كيل فمثل ذلك، وإذا
اختلف النوعان فلا بأس به '.
71

الدراوردي، عن عبد المجيد بن سهيل، عن سعيد بن المسيب؛ أن أبا سعيد
وأبا هريرة حدثاه ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث سواد بن غزية، وأمره على خيبر، فقدم
عليه بتمر جنيب - يعني: الطيب - فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أكل تمر خيبر هكذا؟
قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنشتري الصاع بالصاعين، والصاعين بثلاثة آصع من
الجمع. قال: لا تفعل، ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا ' وكذلك الميزان -
يعني: ما يدخل في الوزن '.
احتجوا بما رواه ابن وهب، أنا عمرو بن الحارث؛ أن أبا النضر حدثه أن بسر
ابن سعيد حدثه، عن معمر بن عبد الله، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الطعام بالطعام مثلا
بمثل '.
وحجتهم أن الطعام مشتق من الطعم؛ فهو يعم المطعوم.
459 - [مسألة]:
لا يجوز بيع تمرة بتمرتين، ولا حفنة بحفنتين.
وجوزه أبو حنيفة.
لنا قوله: ' إلا مثلا بمثل '.
460 - [مسألة]:
علة الربا في الدراهم والدنانير الوزن؛ فتعدى العلة إلى كل موزون.
وقال مالك والشافعي: العلة كونهما ثمنا.
لنا: ما تقدم من حديث عبادة وأنس.
461 - [مسألة]:
لا يجوز التفرق في بيع ما يجري فيه الربا بعلة واحدة قبل القبض،
كالمكيل بالمكيل، والموزون بالموزون.
72

وقال أبو حنيفة: يجوز.
لنا حديث عبادة: ' يدا بيد '.
(خ) الزهري، عن مالك بن أوس أنه أخبره ' أنه التمس صرفا بمائة دينار،
قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها
في يده، ثم قال: [ق 113 - أ] / حتى يأتي خازني من الغابة. وعمر يسمع ذلك، فقال: والله لا [ق 113 - أ]
تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: الذهب بالورق ربا، إلا ها وها، والبر
بالبر ربا (إلا ها وها) والشعير بالشعير ربا، إلا ها وها، والتمر بالتمر ربا '.
وفي لفظ أخرجه البرقاني على ' الصحيحين ': ' والذهب بالذهب ربا، إلا
ها وها '.
شعبة، حدثني حبيب، عن أبي المنهال، سمعت زيد بن أرقم والبراء يقولان:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الذهب بالورق دينا '.
رواه أحمد.
462 - [مسألة]:
ما لا يدخله ربا لا يحرم فيه النساء؛ وهو غير المكيل والموزون.
' وعنه: يحرم إذا كان جنسا واحدا - كقول أبي حنيفة.
وقال مالك: يحرم النساء في الجنس الواحد إذا كان متفاضلا، فأما الجنسان
فلا.
ابن وهب، أنا ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره، عن أبيه، عن عبد الله
ابن عمرو ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يجهز جيشا، قال عبد الله بن عمرو: وليس
عندي ظهر، قال: فأمره رسول الله أن يبتاع ظهرا إلى خروج المصدق بأمر رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] '.
73

رواه الدارقطني، عن ابن زياد، عن يونس بن عبد الأعلى عنه.
(م) مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] استسلف من رجل بكرا، فأتته إبل من إبل الصدقة، فقال: أعطوه.
فقالوا: لا نجد إلا رباعيا خيارا. فقال: أعطوه؛ فإن خير الناس أحسنهم قضاء '.
فاحتجوا (خ م) بابن جريج؛ أخبرني عمرو بن دينار أن أبا صالح الزيات
أخبره أنه سمع أبا سعيد يقول: ' الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم. فقلت له: فإن
ابن عباس لا يقوله. فقال أبو سعيد: سألته، فقلت: سمعته من النبي [صلى الله عليه وسلم]، أو
وجدته في كتاب الله؟ قال: كل ذلك لا أقول، وأنتم أعلم برسول الله [صلى الله عليه وسلم] مني،
ولكني أخبرني أسامة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: لا ربا إلا في النسيئة '.
قتادة، عن الحسن، عن سمرة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الحيوان بالحيوان
نسيئة '.
حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر: ' نهى رسول الله عن بيع الحيوان بالحيوان
نسيئة؛ اثنين بواحد، ولا بأس به يدا بيد '.
رواهما أحمد في ' مسنده '.
أبو أحمد الزبيري، نا سفيان، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن
عكرمة، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن [ق 113 - ب] / بيع الحيوان بالحيوان نسيئة '.
463 - [مسألة]:
الحنطة والشعير جنسان يجوز التفاضل فيهما، خلافا لمالك.
74

قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني،
عن عبادة بن الصامت قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يباع الذهب بالذهب، إلا
وزنا بوزن، والورق بالورق إلا وزنا؛ تبره وعينه. وذكر الشعير بالشعير، والبر بالبر،
ولا بأس بالشعير بالبر يدا بيد، والشعير أكثرهما '.
رواه الدارقطني من طريق همام بن يحيى عنه.
464 - [مسألة]:
لا يجوز بيع الحنطة المبلولة باليابسة.
وجوزه أبو حنيفة.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' أينقص إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك '.
وسيأتي بإسناده.
465 - [مسألة]:
العبرة بمكيال المدينة، وميزان مكة.
وقال أبو حنيفة: الاعتبار في كل بلد بعادته.
(د) الثوري، عن حنظلة، عن طاوس، عن ابن عمر، قال رسول الله:
' الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة '.
قال (د): رواه بعضهم؛ فقال: عن ابن [عباس] مكان ابن عمر،
ورواه الوليد بن مسلم، فقال فيه: ' الوزن وزن أهل المدينة، ومكيال مكة '.
466 - [مسألة]:
لا يجوز الرطب بالتمر.
وجوزه أبو حنيفة.
75

لنا: مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد أبي عياش، عن سعد بن أبي
وقاص، سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] ' يسأل عن الرطب بالتمر، فقال: ينقص إذا يبس؟
قالوا: نعم. قال: فلا إذن '.
صححه الحاكم، وقال أبو حنيفة: أبو عياش مجهول.
قلنا: قد عرفه غيره، وعدله ابن خزيمة.
فإن قيل: إنما نهى عنه نسيئة.
معاوية بن سلام وغيره، عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني عبد الله بن
يزيد أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعدا يقول: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الرطب
بالتمر نسيئة '.
خالفه مالك، وإسماعيل بن أمية، والضحاك بن عثمان، وأسامة بن زيد
فرووه عن عبد الله المذكور، ولم يقولوا: نسيئة. وإجماعهم على خلاف ما رواه
يحيى يدل على ضبطهم، ثم إنا لا نجوزه نسيئة ولا نقدا.
عن يحيى بن أبي أنيسة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: ' نهى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يباع الرطب بالتمر الجاف '.
[ق 114 - أ]
موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار / عن ابن عمر ' نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن المزابنة؛ أن يباع الرطب باليابس كيلا '.
رواهما الدارقطني، وقال: يحيى وموسى متروكان.
467 - [مسألة]:
إذا باع جنسا فيه الربا بجنسه ومع أحدهما أو معهما من غير الجنس، كمد
ودرهم بدرهمين، لم يصح.
وعنه: يصح - كقول أبي حنيفة.
76

(م) حدثني أبو الطاهر، نا ابن وهب، عن قرة بن عبد الرحمن، أنا عامر
ابن يحيى، عن حنش قال: ' كنا مع فضالة بن عبيد في غزاة، فقال: فطارت لي
ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة،
فقال: انزع ذهبها، فجعله (في) كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذن
إلا مثلا بمثل؛ فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل '.
ثم قال (م) ابن وهب: وأخبرني أبو هانئ الخولاني؛ سمع علي بن رباح
يقول: سمعت فضالة يقول: ' أتي رسول الله وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب،
وهي في المغانم تباع، فأمر بالذهب فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
الذهب بالذهب وزنا بوزن '.
(م) الليث، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران،
عن حنش الصنعاني، عن فضالة قال: ' اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينار
فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك
للنبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: لا تباع حتى تفصل '.
فإن قيل: إنما فعله لأن الذهب كان أكثر من الثمن، ومتى كان كذلك،
فالبيع عندنا باطل، وكذلك لو كان الثمن مثل الذهب؛ لأن الزيادة تكون ربا.
قلنا: قد منع نبي الله صحة البيع، ومد المنع إلى غاية التمييز، لا لعلة زيادة
الثمن.
فإن قالوا: فقد رويتم أن الثمن سبعة أو تسعة، كما في حديث ابن المبارك،
عن سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، ورويتم: اثنا عشر.
قلنا: يحتمل أن تكون قصتين.
77

468 - [مسألة]:
لا يجوز بيع اللحم بالحيوان المأكول، ويجوز بغير المأكول، كالعبد
والحمار.
وقال أبو حنيفة: يجوز.
وقال مالك: لا يجوز بيع اللحم بحيوان معد للحم.
زيد بن أسلم، عن ابن المسيب ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 114 - ب] / نهى عن بيع اللحم
بالحيوان.
المرسل عندنا حجة، وهو في ' الموطأ ' ورواه شيخ متهم، عن مالك، عن
الزهري، عن سهل بن سعد مرفوعا.
78

الشروط في البيع
469 - [مسألة]:
إذا باعه بشرط العتق صح.
وعنه: يلغى الشرط.
وعن الشافعي كالروايتين.
وقال أبو حنيفة: يبطل البيع.
لنا: ' أن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق، فأجازه النبي [صلى الله عليه وسلم] ' وإنما بين
بطلان شرط الولاء لغير المعتق، ولم يذكر بطلان شرط العتق.
(خ) يحيى بن سعيد، عن عمرة؛ عن عائشة قالت: ' أتت بريرة تسأل
في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك، ويكون الولاء لي. وقال أهلها: إن
شئت أعتقتيها، ويكون لنا الولاء. فلما جاء النبي [صلى الله عليه وسلم] ذكرت ذلك له، فقال:
ابتاعيها فأعتقيها؛ فإنما الولاء لمن أعتق '.
(م) سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ قال: ' أرادت عائشة أن تشتري
جارية تعتقها، فأبى أهلها إلا أن يكون لهم الولاء، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: لا يمنعك
ذلك؛ فإنما الولاء لمن أعتق '.
470 - [مسألة]:
يجوز اشتراط منفعة المبيع مدة معلومة، كأن يبيع دارا؛ ويشترط سكناها
شهرا، أو عبدا؛ ويشترط خدمته سنة، أو جرزة ويشترط حملها، أو قلعة؛
ويشترط على البائع حذوها، خلافا لأكثرهم.
79

ووافقنا أبو حنيفة في القلعة والجرزة، ومالك في الزمان اليسير لا الكثير.
(خ م) زكريا، حدثني الشعبي، عن جابر قال: ' كنت أسير على جمل
لي فأعيى، فأردت أن أسيبه، فلحقني رسول الله، فضربه برجله، ودعا له، فسار
سيرا لم يسر مثله، وقال: بعنيه بوقية. فكرهت أن أبيعه، فقال: بعنيه. فبعته منه،
واشترطت حملانه إلى المدينة، فلما قدمنا، أتيته بالجمل، فقال: ظننت حين
ماكستك أني أذهب بجملك، خذ جملك وثمنه هما لك '.
عبد العزيز بن عبد الرحمن [ق 115 - أ] / البالسي، عن خصيف، عن عروة، عن عائشة
' عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق '.
وعن خصيف، عن عطاء، عن أنس قال: قال رسول الله: ' المسلمون على
شروطهم ما وافق الحق من ذلك '.
رواه الدارقطني.
قلت: لم يصح هذا.
80

الثمار
471 - [مسألة]:
من باع نخلا عليه طلع لم يؤبر، فثمرته للمشتري، إلا أن يشترط البائع.
وقال أبو حنيفة: هي للبائع.
(خ م) الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من باع
نخلا مؤبرا، فالثمرة للبائع، إلا أن يشترط المبتاع '.
وجه الحجة أنه جعلها للبائع بشرط التأبير.
472 - [مسألة]:
لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها، إلا أن يشترط القطع.
وقال أبو حنيفة: يجوز، ويؤمر بالقطع.
(خ م) زهير، عن أبي الزبير، عن جابر: ' نهى رسول الله عن بيع الثمر
حتى يطيب '.
(ت) أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع
النخل حتى تزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة؛ نهى البائع
والمشتري '.
صححه (ت).
81

عفان، نا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى
عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد '.
قال (ت): غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد.
473 - [مسألة]:
فإن باع بعد بدو الصلاح بشرط التبقية صح.
وقال أبو حنيفة: البيع باطل.
474 - [مسألة]:
يجوز بيع الباقلاء في قشرته، والحنطة في سنبلها، وكذا الجوز واللوز،
خلافا للشافعي.
لنا: نهيه عن بيع الحب حتى يشتد، وهذا قد اشتد.
475 - [مسألة]:
ما تهلكه الجوائح فمن ضمان البائع.
وعنه: إن كان ذلك الثلث فصاعدا فهو من ضمان البائع، وما دون الثلث
فمن ضمان المشتري، خلافا للأكثر.
فنا: ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق المكي، عن جابر
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع السنين [ق 115 - ب] / ووضع الجوائح '.
أخرج مسلم منه: ' أمر بوضع الجوائح '.
(م) ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: إن
بعت من أخيك ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل له أن يأخذ منه شيئا؛ بم يأكل
أحدكم مال أخيه بغير حق؟ '.
82

476 - [مسألة]:
يجوز بيع العرايا؛ وهو بيع الرطب في النخل بخرصه تمرا على الأرض،
وهل يجوز ذا في سائر الثمار التي لها رطب ويابس؟ على وجهين.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز.
روى (خ م) سالم، ونافع، عن ابن عمر قال: أخبرني زيد بن ثابت ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رخص في بيع العرية: أن تؤخذ بمثل خرصها تمرا، يأكلها أهلها
رطبا '.
ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، أن أباه قال: ' رخص
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بيع العرايا؛ أن تباع بمثل خرصها كيلا '.
(خ م) يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة:
' نهى رسول الله عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا؛ أن تشترى بخرصها،
يأكلها أهلها رطبا '.
(خ م) مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان، عن أبي هريرة ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] رخص في العرايا؛ أن تباع بخرصها في خمسة أوسق، أو فيما دونها '.
477 - [مسألة]:
ولا يجوز ذلك نسيئة.
وجوزه مالك.
لنا: حديث سعد قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الرطب بالتمر نسئة '.
وقد تقدم.
83

ويجوز للحاجة؛ وهو أن لا يكون للرجل ما يشتري به الرطب غير التمر،
خلافا للشافعي.
قال أصحابنا: إنما رخص عند الحاجة؛ فإن قوما شكوا إلى رسول الله،
وقالوا: إنه يجنى الرطب، وليس في أيدينا إلا فضول تمرنا. فأباحهم ذلك.
قلت: حتى يصح هذا.
ولا يجوز إلا فيما دون خمسة أوسق.
وجوزه الشافعي في خمسة أوسق.
قلنا: الخمسة أوسق مشكوك فيها؛ فتطرح.
84

القبض
478 - [مسألة]:
يجوز للمشتري التصرف في المبيع المتعين قبل قبضه.
وقال أبو حنيفة [ق 116 - أ] /: لا يجوز إلا في العقار. ومنع الشافعي مطلقا.
لنا: إسرائيل، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: ' كنت
أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير،
فأتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو يريد أن يدخل حجرته، فأخذت بثوبه فسألته، فقال: إذا
أخذت واحدا منهما بالآخر، فلا يفارقك وبينك وبينه بيع '.
واحتجوا بما في ' الصحيحين ' عن ابن عباس قال: ' أما الذي نهى عنه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يباع حتى يقبض فالطعام '.
قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله.
يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن
عصمة، عن حكيم بن حزام؛ قلت: ' يا رسول الله، إني رجل أبتاع هذه البيوع،
فما يحل لي منها، وما يحرم علي منها؟ قال: لا تبيعن شيئا حتى تقبضه '.
ابن إسحاق، حدثني أبو الزناد، عن عبيد بن حنين، عن ابن عمر، قال:
' قدم رجل من أهل الشام بزيت، فساومته فيمن ساومه من التجار حتى ابتعته منه،
فقام إلي رجل فأربحني منه حتى أرضاني، فأخذت بيده لأضرب عليها، فأخذ رجل
بذراعي من خلفي، فالتفت إليه، فإذا زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته
حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله نهى عن ذلك، فأمسكت يدي '.
حمل أصحابنا هذه الأحاديث على غير المتميز.
85

479 - [مسألة]:
التخلية في المبيع المنقول ليست قبضا.
وعنه: أنها قبض، كقول أبي حنيفة.
عبيد الله بن عمر، ثنا نافع، عن ابن عمر قال: ' كانوا يتبايعون الطعام جزافا
على السوق، فنهاهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يبيعوه حتى ينقلوه '.
شعبة، أنا عبد الله بن دينار؛ سمعت ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من
ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه '.
متفق عليهما.
480 - [مسألة]:
إذا أتلف المبيع المتعين قبل قبضه، فهو من ضمان المشتري.
وقال مالك: يكون من ضمانه إن امتنع من القبض مع قدرته عليه.
وقال أبو حنيفة والشافعي: من ضمان البائع.
وعن أحمد نحوه.
ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف، عن عروة، عن عائشة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] [ق 116 - ب] / قال: ' الخراج بالضمان '.
الزنجي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أن رجلا ابتاع غلاما، ثم استغله،
ثم وجد به عيبا، فرده به، فقال البائع: غلته. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: الغلة بالضمان '.
قال أبو عبيد: تكون له الغلة طيبة، وهي الخراج، وإنما طابت له؛ لأنه كان
ضامنا للعبد، لو مات مات من مال المشتري؛ لأنه في يده.
86

الرد بالتدليس وبالعيب
481 - [مسألة]:
ومن اشترى مصراة، ثبت له خيار الفسخ.
وقال أبو حنيفة: لا يثبت.
أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا تصروا
الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها؛ إن رضيها أمسكها، وإن
سخطها ردها وصاعا من تمر '.
482 - [مسألة]:
ومن اشترى حيوانا وقبضه، فحدث به عنده عيب، لم يثبت له فسخ.
وقال مالك: إن حدث في مدة ثلاث ملك، إلا الجذام، والبرص، والجنون؛
فإنها يملك بها الفسخ إلى سنة.
ونحن نقيس على ما لو ظهر بعد السنة.
هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' عهدة الرقيق أربع ليال '.
ثم قال قتادة: فأهل المدينة يقولون: ثلاث ليال.
شعبة، عن قتادة، ولفظه: ' ثلاثة أيام ' رواهما أحمد، وقال: لا تثبت.
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن - إن شاء الله - عن سمرة بن
جندب، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' عهدة الرقيق ثلاثة أيام '.
87

483 - [مسألة]:
شرط البراءة من العيوب حال العقد لا يصح، وهل يبطله، أم لا؟ مبني
على الشروط الفاسدة، هل تبطل العقد؟ على روايتين.
وعنه: أنه تصح البراءة من العيوب المعلومة.
وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة: تصح بكل حال.
وعن الشافعي كقولنا، وقول أبي حنيفة.
وقول ثالث: إن كان العيب ظاهرا، لم يصح، وإن كان باطنا صح.
ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة، عن عقبة بن عامر،
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' المسلم أخو المسلم؛ لا يحل له أن يغيب ما بسلعته عن
أخيه؛ إن علم بذلك تركها '.
رواه أحمد.
أبو جعفر الرازي [يزيد بن أبي مالك] ثنا أبو سباع، قال: ' اشتريت
ناقة، فلما خرجت [ق 117 - أ] / بها، أدركنا واثلة بن الأسقع يجر رداءه، فقال: يا عبد الله،
اشتريت؟ قلت: نعم. قال: هل بين لكما فيها؟ قلت: وما فيها، إنها لسمينة،
ظاهرة الصحة. فقال: أردت بها سفرا أم لحما؟ قلت: بل أردت عليها الحج، قال:
فإن بخفها نقبا. فقال صاحبها: أصلحك الله، ما تريد إلى هذا، تفسد علي! قال:
إني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل
لمن يعلم ذلك إلا بينه '.
رواه أحمد، عن أبي النضر عنه.
88

484 - [مسألة]:
يصح الإبراء من الدين المجهول.
وعنه: لا يصح - كقول الشافعي.
لنا: حديث أم سلمة ' أن رجلين اختصما إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مواريث
درست، فقال: استهما، وتوخيا الحق، وليحل كل واحد منكما صاحبه '.
فجوز لهما الإبراء من الحقوق الدارسة.
485 - [مسألة]:
العبد لا يملك إذا ملك.
وعنه: يملك - كقول مالك، والشافعي في القديم.
قال تعالى: * (لا يقدر على شيء) *.
ولهم (خ م) سالم، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من باع عبدا وله
مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع '.
(د) الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن بكير، عن نافع، عن ابن
عمر، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أعتق عبدا وله مال، فمال العبد له إلا أن
يشترط السيد '.
قلنا: أضافه إلى العبد إضافة محل، كقولهم: السرج للدابة.
وعبيد الله ليس بالقوي. قاله أحمد.
486 - [مسألة]:
الغبن يثبت الفسخ.
89

وقال أبو حنيفة والشافعي: لا
وقال داود: يبطل البيع.
موسى بن عمير، عن مكحول، عن أبي أمامة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من
استرسل إلى مؤمن فغبنه، كان غبنه ذلك ربا '.
موسى ضعيف.
يعيش بن هشام القرقساني، عن مالك، عن الزهري، عن أنس مرفوعا:
' غبن المسترسل ربا '.
قلت: المتهم بوضعه يعيش.
487 - [مسألة]:
من باع سلعة بثمن مؤجل لم يجز (أن) يعود فيشتريها بأنقص منه
حالا.
وجوزه الشافعي.
محمد بن شعيب بن شابور، أخبرني شيبان، قال: أخبرني يونس بن أبي
إسحاق، عن أمه العالية، قالت: [ق 117 - ب] / ' حججت أنا وأم محبة، فدخلنا على عائشة،
فقالت لها أم محبة: يا أم المؤمنين، كانت لي جارية، وإني بعتها من زيد بن أرقم
بثمانمائة درهم إلى عطائه، وإنه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة نقدا، فقال: بئسما
شريت وما اشتريت، فأبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا أن
يتوب '.
رواه الدارقطني.
قالوا: العالية مجهولة.
90

قلنا: بل جليلة معروفة.
قال ابن سعد: العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق، سمعت من
عائشة.
488 - [مسألة]:
إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن، تحالفا إذا كانت السلعة باقية، فإن
كانت قد تلفت، تحالفا أيضا، ويفسخ البيع، ويرجع على المشتري بالقيمة.
وعنه: القول قول المشتري ولا يتحالفان، وبه قال أبو حنيفة.
وعن مالك كالروايتين.
أحمد، نا الشافعي، أنا سعيد بن سالم، أنا ابن جريج أن إسماعيل بن أمية
أخبره، عن عبد الملك بن عمير قال: ' حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود،
وأتاه رجلان تبايعا سلعة، فقال هذا: أخذت بكذا وكذا، وقال هذا: بعت بكذا
وكذا. فقال أبو عبيدة: أتي ابن مسعود في مثل هذا فقال: حضرت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] في مثل هذا، فأمر البائع أن يستحلف، ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ، وإن شاء
ترك '.
المسعودي، عن القاسم، عن ابن مسعود، قال رسول الله: ' إذا اختلف
البيعان وليس بينهما بينة، فالقول ما يقول صاحب السلعة، أو يترادان '.
قلت: منقطع.
(ت) ابن عجلان، عن عون بن عبد الله، عن ابن مسعود، قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار '.
قلت: منقطع أيضا.
91

هشام بن عمار، نا ابن عياش، عن موسى بن عقبة، عن ابن أبي ليلى، عن
القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' إذا اختلف المتبايعان في البيع، والسلعة كما هي، فالقول ما قال البائع [ق 188 - أ] / أو
يترادان البيع '.
هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن القاسم، عن أبيه، قال: ' باع ابن مسعود
من الأشعث رقيقا من رقيق الإمارة، واختلفا في الثمن، فقال عبد الله: بعتك
بعشرين ألفا، وقال الأشعث: اشتريت منك بعشرة آلاف، فقال عبد الله: إن
شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال: هات، قال: سمعت
رسول الله يقول: إذا اختلف البيعان والبيع قائم بعينه، وليس بينهما بينة، فالقول
ما قال البائع، أو يترادان البيع ' فقال الأشعث: أرى أن نرد البيع.
رواهما الدارقطني، ثم ساق عن الحسن بن عمارة، عن القاسم، عن
أبيه، عن عبد الله مرفوعا، ' إذا اختلف البيعان، فالقول ما قال البائع، فإذا
استهلك، فالقول ما قال المشتري ' الحسن واه.
إبراهيم بن مجشر، نا أبو بكر بن عياش، عن سعيد بن المرزبان، عن
الشعبي، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا
اختلف البيعان، فالقول ما قال البائع '.
فهذه الأحاديث ضعاف؛ أبو عبيدة وعبد الرحمن لم يسمعا من أبيهما،
ولا عون وابن المرزبان ضعف.
92

ما يصح بيعه وما لا يصح
489 - [مسألة]:
لا يجوز بيع رباع مكة.
وعنه: يجوز - كقول الشافعي.
روى الدارقطني من طريق أبي حنيفة، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن أبي
نجيح، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' مكة حرام، وحرام بيع
رباعها، وأجر بيوتها '.
قال الدارقطني: وهم النعمان في رفعه، الصحيح وقفه.
عبد الله بن نمير، نا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن عبد الله
ابن باباه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله: ' مكة حرام؛ لا تباع
رباعها، ولا تؤجر بيوتها '.
إسماعيل ضعيف.
أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، قال رسول الله: ' إن مكة حرام
حرمها الله، لا يحل بيع رباعها، ولا أجور بيوتها '.
واحتجوا بحديث (خ م) الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن
عثمان، عن أسامة ' قلت: يا رسول الله، أين تنزل غدا؟ - في حجته - فقال:
وهل ترك لنا عقيل منزلا؟! نحن / نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة '. [ق 118 - ب]
ثم قال: ' لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر '.
93

يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب بهذا،
ولفظه: ' يا رسول الله، أتنزل دارك بمكة؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع، أو
دور... ' الحديث.
490 - [مسألة]:
لا يجوز بيع الزيت النجس.
وجوزه أبو حنيفة.
(خ م) يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء؛ سمع جابرا يقول: قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة. فقيل له: أرأيت شحوم الميتة؛
فإنه يدهن به السفن، ويستصبح به الناس؟ قال: لا، هو حرام '.
أخرجاه.
أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: سمعت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] يقول: ' إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير. فقيل: يا رسول الله،
أرأيت شحوم الميتة؛ فإنه تدهن بها السفن والجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال:
لا، هي حرام '.
(خ) الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة
' أنها استفتت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في فأرة سقطت في سمن لهم جامد، فقال:
' ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم '.
(د) معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال رسول الله:
' إذا وقعت الفأرة في السمن؛ فإن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا،
فلا تقربوه '.
94

الدارقطني، نا عبيد الله بن عبد الصمد، نا بكر بن سهل، نا شعيب بن
يحيى، نا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن
عمر قال: سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الفأرة تقع في السمن والودك، فقال:
اطرحوها، واطرحوا ما حولها إن كان جامدا، وإن كان مائعا فانتفعوا به
ولا تأكلوه '.
الدارقطني من طريق سعيد بن بشير، عن أبي هارون، عن أبي سعيد:
' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الفأرة تقع في السمن والزيت، قال: استصبحوا به،
ولا تأكلوه ' أو نحو ذلك.
ضعف المؤلف الخبرين.
491 - [مسألة]:
لا يجوز بيع الصوف على الظهر.
وعنه: يجوز - كقول مالك.
يعقوب الحضرمي، نا عمر بن فروخ، عن حبيب بن الزبير، عن عكرمة،
عن ابن عباس، قال: ' نهى رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] عن بيع اللبن في ضروعها، والصوف
على ظهورها '.
قلت: لم يصح هذا، أخرجه الدارقطني.
492 - [مسألة]:
لا يجوز بيع السرقين.
95

وجوزه أبو حنيفة.
خالد بن عبد الله، عن خالد الخذاء، عن بركة أبي الوليد، عن ابن عباس
مرفوعا: ' إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه '.
شبابة، نا أبو مالك النخعي، عن مهاجر أبي الحسن، عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن، عن تميم الداري، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إنه لا يحل ثمن شيء
لا يحل أكله وشربه '.
493 - [مسألة]:
لا يحل، ولا يصح بيع العنب ممن يتخذه خمرا.
وصححه أكثرهم.
وكيع، نا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن أبي طعمة مولاهم، وعن
عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي، أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' لعنت الخمر بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها،
ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها '.
ابن حبان، ثنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، نا عبد الكريم بن عبد الله،
ثنا الحسن بن مسلم، عن الحسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من حبس العنب زمن القطاف حتى يبتعه من يهودي، أو
نصراني، أو ممن يعلم أنه يتخذه خمرا، فقد تقدم على النار على بصيرة '.
قال ابن حبان: لا أصل لهذا المنكر.
494 - [مسألة]:
لا يجوز بيع الكلب وإن كان معلما.
وجوزه أبو حنيفة.
96

(خ م) ابن شهاب، أنا أبو بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا مسعود
يقول: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن '.
(ت) محمد بن يوسف، ثنا السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج ' أن
نبي الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' شر الكسب ثمن الكلب، وكسب الحجام، ومهر البغي '.
صححه (ت).
إسرائيل، عن عبد الكريم الجزري، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس ' نهى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن مهر البغي، وثمن الكلب، وثمن الخمر '.
رواه أحمد في ' مسنده ' ثم قال: وثنا عبد الجبار بن محمد، نا عبيد الله
بن عمرو، عن عبد الكريم، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس، قال: قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ثمن الكلب خبيث، فإذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفيه
ترابا '.
ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن ثمن الكلب،
وثمن السنور '.
أحمد، نا هاشم، نا عيسى بن المسيب، حدثني أبو زرعة، عن أبي هريرة
قال: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يأتي دار قوم [119 - ب] / من الأنصار، ودونهم دار، فشق ذلك
عليهم، فقالوا: يا رسول الله، تأتي دار فلان، ولا تأتي دارنا. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
لأن في داركم كلبا. قالوا: فإن في دارهم سنورا. قال: إن السنور سبع '.
قلت: عيسى ضعفه أبو داود.
97

وحجتهم؛ روي عن أبي هريرة مرفوعا: ' ثلاث كلهن سحت: كسب
الحجام، ومهر البغي، وثمن الكلب، إلا الكلب الضاري '.
خرجه الدارقطني، وإسناده ضعيف.
الهيثم بن جميل، نا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: ' نهى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ثمن الكلب والسنور، إلا كلب صيد '.
رواه سويد بن عمرو، عن حماد، فوقفه، وهو أصح.
عباد بن العوام، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر: ' نهى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ثمن الكلب والهر، إلا الكلب المعلم '.
الحسن هو الجفري؛ تركه النسائي.
ورواه أحمد في ' مسنده ' عن عباد بدون ' الهر '.
495 - [مسألة]:
بيع الحاضر للبادي باطل؛ بشرط أن يكون البادي حضر لبيع السلعة بسعر
يومه، أو يكون بالناس حاجة إلى سلعته، وأن يكون البادي جاهلا بالأسعار،
ويكون الحاضر قصد التأخير.
(م) أبو الزبير، عن جابر، قال رسول الله: ' لا يبيعن حاضر لباد، دعوا
الناس يرزق الله بعضهم من بعض '.
496 - [مسألة]:
لا يجوز أن يفرق في البيع بين كل ذي رحم محرم.
ووافق مالك في الأم فقط، والشافعي في الأبوين وإن علوا.
98

غندر، نا ابن أبي عروبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن علي، قال:
أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أبيع غلامين أخوين، فبعتهما؛ ففرقت بينهما، فذكرت
ذلك له، فقال: أدركهما، ارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعا '.
رواه أحمد عنه.
(ت) حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن الحكم، عن ميمون بن أبي
شبيب، عن علي قال: ' وهب لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غلامين أخوين، فبعت
أحدهما، فقال: يا علي، ما فعل غلامك؟ فأخبرته، فقال: رده، رده '.
عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن الدالاني، عن الحكم، عن
ميمون، عن علي ' أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي [صلى الله عليه وسلم] فرد البيع '.
خرجه الدارقطني.
قلت: يزيد أقوى من الحجاج.
عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن طليق بن عمران، عن
أبي بردة، عن أبي موسى، قال: ' لعن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من فرق بين الوالدة
وولدها، وبين الأخ وأخيه '.
رواه الدارقطني، وإبراهيم فيه ضعف.
(ت) حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي أيوب؛
سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين [ق 120 - أ] / أحبته
يوم القيامة '.
99

ولا يجوز التفريق بعد البلوغ.
وعنه: يجوز - كقول أبي حنيفة.
لنا مطلق الأخبار المتقدمة.
فذكروا حديث عبد الله بن عمرو الواقعي - وقد كذبه ابن المديني - عن
سعيد بن عبد العزيز، سمع مكحولا يقول: ثنا نافع بن محمود بن الربيع، عن أبيه؛
أنه سمع عبادة بن الصامت يقول: ' نهى رسول الله أن يفرق بين الأم وولدها،
قيل: يا رسول الله، إلى متى؟ [قال]: حتى يبلغ الغلام، وتحيض الجارية '.
497 - [مسألة]:
لا تجوز المعاوضة على عسب الفحل.
وجوزه مالك.
(خ) علي بن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن
ثمن عسب الفحل '.
ولهم حديث (ت) إبراهيم بن حميد الرواسي، عن هشام بن عروة، عن
محمد بن إبراهيم التيمي، عن أنس ' أن رجلا من كلاب سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن
عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله، إنا نطرق الفحل، فنكرم. فرخص له في
الكرامة '.
قال الترمذي: حسن غريب.
قلت: الرؤاسي ثقة.
100

القرض
498 - [مسألة]:
يجوز قرض الحيوان والثياب.
وبه قال مالك، والشافعي وزادا قرض الإماء والعبيد.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز شيء من ذلك.
(خ م) الثوري، حدثني سلمة بن كهيل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
' أن رجلا تقاضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعيرا، فقالوا: ما نجد إلا أفضل من سنه. فقال:
أعطوه. فقال: أوفيني، أوفى الله لك. فقال: خيار الناس أحسنهم قضاء '.
(ت) علي بن صالح، عن سلمة بهذا؛ ولفظه: ' استقرض رسول الله
سنا، فأعطاه خيرا من سنه '.
(ت) نا عبد، نا روح (م) نا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن
يسار، عن أبي رافع؛ قال: ' استسلف رسول الله بكرا، فجاءته إبل الصدقة،
فأمرني أن أقضي الرجل بكره، فقلت: لا أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا،
فقال: أعطوه إياه، فإن خياركم أحسنكم قضاء '.
رواه (م).
499 - [مسألة]:
ويجوز قرض الخبز، وهل يجوز بالعدد، أو بالوزن؟
وقال أبو حنيفة: لا.
101

الزبير بن بكار، حدثتني أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب، حدثتني صفية بنت
الزبير بن هشام بن عروة، عن جدها، عن أبيه، عن عائشة: ' سألت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] عن الخميرة أو الخبز تقرضه الجيران، فيردون أكثر أو أقل، فقال: ليس بذلك
بأس، إنما هو أمر توافق بين الجيران، وليس يراد به الفضل ' رواه ابن ناجية عنه.
محمد بن مصفى، نا بقية، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن معاذ ' أنه
سئل عن / استقراض الخمير والخبز، فقال: سبحان الله، هذا مكارم الأخلاق؛
فخذ الصغير، وأعط الكبير، وخذ الكبير، وأعط الصغير، خيركم أحسنكم قضاء؛
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول ذلك '.
قلت: إسناده صالح، وفيه انقطاع.
500 - [مسألة]:
لا يحل له أن ينتفع من المقترض بشيء لم يكن لديه عادة.
وقال الشافعي: يجوز ما لم يشترط.
وعن أحمد مثله.
سعيد في ' سننه ' نا إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن حميد الضبي، عن
يزيد بن أبي يحيى، قال: ' سألت أنسا، فقلت: يا أبا حمزة، الرجل منا يقرض
أخاه المال، فيهدي إليه، فقال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إذا أقرض أحدكم قرضا
فأهدى إليه طبقا فلا يقبله، أو حمله على دابة فلا يركبها، إلا أن يكون بينه وبينه
قبل ذلك '.
عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، قال: ' جاء رجل إلى ابن عباس،
فقال: إني أقرضت رجلا يبيع السمك عشرين درهما، فأهدى إلي سمكة؛ قومتها
ثلاثة عشر درهما، فقال: خذ منه سبعة دراهم '.
سمعه ابن عيينة منه.
102

السلم
501 - [مسألة]:
يصح السلم في المعدوم الآن.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز.
(خ م) ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن
عباس؛ قال: ' قدم رسول الله المدينة، وهم يسلفون في التمر العام والعامين أو
ثلاثة، فقال: من أسلف في تمر، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم؛ إلى أجل
معلوم '.
أحمد، نا هشيم، أنا أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن أبي المجالد
مولى بني هاشم، قال: ' أرسلني ابن شداد وأبو بردة، فقالا: انطلق إلى ابن أبي أوفى،
فقل له: إن عبد الله بن شداد وأبا بردة يقرآنك السلام، ويقولان: هل كنتم تسلفون
في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في البر والشعير والزيت؟ قال: نعم، كنا نصيب غنائم في
عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فنسلفها في البر والشعير والتمر والزيت. فقلت له: عند من
كان له زرع، أو عند من لم يكن له زرع؟ فقال: ما كنا نسألهم عن ذلك. فقالا:
انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزى فسله، فقال مثل ما قال ابن أبي أوفى '.
502 - [مسألة]:
يصح السلم في الحيوان، خلافا لأبي حنيفة.
سبق حديث عبد الله بن عمرو: ' وأمرني رسول الله أن أبتاع البعير بالبعيرين
إلى خروج المصدق '.
103

جرير بن حازم، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن جبير،
عن [ق 121 - أ] / عمرو بن الحريش، قال: ' سألت عبد الله بن عمرو بن العاص؛ فقلت:
إنا بأرض ليس بها دينار ولا درهم، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل. فما ترى
في ذلك؟ فقال: على الخبير سقطت؛ جهز رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جيشا على إبل من
إبل الصدقة حتى نفدت، وبقي ناس، فقال رسول الله: اشتر لنا إبلا بقلائص من
إبل الصدقة إذا جاءت، حتى نؤديها إليهم، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث
قلائص حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من إبل الصدقة ' رواه
أحمد.
ولهم الدارقطني، ثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأبلي، نا عبد الله بن
إسماعيل، أنا إسحاق بن إبراهيم، نا عبد الملك الذماري، عن سفيان الثوري،
حدثني معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] نهى عن السلف في الحيوان '.
عبد الملك مختلف فيه، وإسحاق مجهول.
503 - [مسألة]:
يجوز السلم في الخبز، خلافا لأكثرهم؛ لقوله: ' ووزن معلوم ' والخبز
موزون.
504 - [مسألة]:
إذا أسلم في سلعة، ثم تقايلا بعد قبض الثمن، لم يجز أن يصرف ذلك
في شيء آخر حتى يقبضه.
وقال الشافعي: يجوز.
104

أبو بدر، نا زياد بن خيثمة عن سعد الطائي، عن عطية، عن أبي سعيد،
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أسلم في شيء، فلا يصرفه في غيره، [وقال
إبراهيم بن سعيد:] فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه، أو رأس ماله '.
قلت: عطية ضعيف. رواه الدارقطني.
505 - [مسألة]:
لا يجوز التسعير.
وقال مالك: يجوز أن يقول لمن حط سعرا: إما أن تلحق بالناس، أو تنصرف
عنهم.
حماد بن سلمة، عن قتادة وثابت، عن أنس قال: ' غلا السعر على عهد
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: يا رسول الله، لو سعرت، فقال: إن الله هو الخالق القابض
الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه
في دم ولا مال '.
صححه الترمذي.
105

الرهن
506 - [مسألة]:
يجوز سفرا وحضرا.
ولم يجزه داود في الحضر.
(خ م) إبراهيم، عن الأسود، عن [ق 121 - ب] / عائشة [قالت]: ' اشترى رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] من يهودي طعاما نسيئة، فأعطاه درعا له رهنا '.
(ت) عكرمة، عن ابن عباس قال: ' قبض النبي [صلى الله عليه وسلم] وإن درعه مرهونة
عند رجل من يهود على ثلاثين صاعا من شعير؛ أخذها رزقا لعياله '. صححه
(ت).
507 - [مسألة]:
إذا قال الراهن: إن جئت بالحق في وقت كذا، وإلا فالرهن لك. بطل
الشرط، وصح الرهن. وكذلك إذا شرط سائر الشروط الفاسدة.
وقال الشافعي: إن كانت الشروط مما تنقص من حق المرتهن، مثل أن يشرط
أن لا يسلم إليه الرهن، أو لا يبيعه في محله، فالرهن باطل، وإن كان مما يزيد
حقه، مثل أن يشرط دخول النماء المنفصل منه في الرهن، ففيه قولان؛ أحدهما:
لا يصح. والثاني: يصح الرهن، ويبطل الشرط.
106

لنا: حديث ابن عيينة، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد، عن
أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يغلق الرهن؛ له غنمه، وعليه غرمه '.
قال الدارقطني: إسناده حسن.
إسماعيل بن عياش، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بهذا، وقال: ' لصاحبه
غنمه، وعليه غرمه '.
عبد الله بن نصر الأصم، نا شبابة، نا ابن أبي ذئب بنحوه.
قلت: الأصم ليس بعمدة.
قال إبراهيم النخعي: كانوا يرهنون، ويقولون: إن جئتك بالمال إلى وقت
كذا، وإلا فالرهن لك. فقال [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يغلق الرهن '.
فاحتجوا بخبر لإسماعيل بن أبي أمية، نا سعيد بن راشد، نا حميد، عن
أنس، سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' الرهن بما فيه '.
قال الدارقطني: هذا باطل، وإسماعيل كان يضع الحديث.
وعن هشام بن زياد - متروك - عن حميد بهذا الحديث؛ وذلك من طريق
غلام خليل - أحد الكذبة.
508 - [مسألة]:
وما أنفقه على الرهن في غيبة صاحبه، فهو دين على الراهن، وللمرتهن
استيفاؤه من ظهر الرهن ودره.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: متى أنفق من غير أمر الحاكم، كان متطوعا.
واحتجوا بأبي عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الرهن مركوب ومحلوب '.
[ق 122 - أ] / قلنا: يعني أن المرتهن إذا أنفق عليه، ركب وشرب؛ يدل عليه:
107

(خ) زكريا، عن الشعبي، عن أبي هريرة؛ قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الرهن
يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي
يركب ويشرب النفقة '.
509 - [مسألة]:
ليس للراهن أن ينتفع بالرهن.
وقال الشافعي: له ذلك.
واحتج بما سبق، وقد بينا أن ذلك للمرتهن.
108

الإفلاس
510 - [مسألة]:
من أفلس بالثمن، فوجد البائع عين ماله، والمفلس حي، ولم يقبض من
ثمنه شيئا، فهو أحق به من سائر الغرماء.
وقال أبو حنيفة: هو أسوة الغرماء في الموت والحياة.
وقال الشافعي: هو أحق به في الموت والحياة.
(خ م) يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز،
عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من
وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحق به ممن سواه '.
عمر بن إبراهيم العبدي، نا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' من وجد متاعه عند مفلس بعينه، فهو أحق به '.
رواه أحمد.
فاحتجوا بجعفر الفريابي، نا عبد الله بن عبد الجبار، نا إسماعيل بن عياش،
عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' أيما رجل باع سلعة، فأدرك سلعته عند رجل قد أفلس، ولم يكن
قبض من ثمنها شيئا، فهي له، وإن كان قضاه من ثمنها شيئا، فما بقي فهو أسوة
الغرماء، وأيما امرئ هلك وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يقتض، فهو
أسوة الغرماءطز
109

قال الدارقطني: إسماعيل مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهري
مسندا، إنما هو مرسل.
511 - [مسألة]:
من أفلس، وفرق ماله، وبقي عليه دين، وله حرفة تفضل أجرتها عن
كفايته، جاز للحاكم إجارته في قضاء دينه.
وعنه: لا يؤجره - كقول أكثرهم.
عبد الصمد بن عبد الوارث، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، نا
(زيد) ابن أسلم، قال: رأيت شيخا بالإسكندرية يقال له: سرق [ق 122 - ب] / فقلت له:
ما هذا الاسم؟! قال: اسم سمانيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولن أدعه. قلت: ولم سماك؟
قال: قدمت المدينة، وأخبرتهم أن مالي يقدم، فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا
بي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: أنت سرق. وباعني بأربعة أبعرة، فقال الغرماء للذي
اشتراني: ما تصنع به؟ قال: أعتقه. قالوا: فلسنا بأزهد من الأجر منك، فأعتقوني
بينهم، وبقي اسمي '.
أخرجه الدارقطني عن الثقة، عن ابن خزيمة، عن بندار، عنه.
لم يبع رقبته؛ لأنه حر بل باع منافعه، والمعنى: أعتقوني من الاستخدام.
512 - [مسألة]:
من امتنع من وفاء دينه، حجر عليه الحاكم، وباع ماله في الوفاء.
وقال أبو حنيفة: يحبس حتى يبيع.
لنا: الدارقطني نا عمر بن أحمد المروزي، نا عبد الله بن أبي جبير
المروزي، ثنا إبراهيم بن معاوية الخزاعي، نا هشام بن يوسف، عن معمر، عن
110

الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجر على معاذ
ماله، وباعه في دين كان عليه '.
رواه ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب،
قال: ' كان معاذ شابا سخيا، لا يمسك شيئا، فأغرق ماله في الدين، فأتى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكلمه ليكلم غرماءه، فلو تركوا لأحد، لتركوا لمعاذ من أجل
رسول الله، فباع رسول الله لهم ماله حتى قام معاذ بغير شيء '.
رواه سعيد في ' سننه '.
111

الحجر
513 - [مسألة]:
الإنبات علم البلوغ.
ولم يعتبره أبو حنيفة.
وقال الشافعي: هو علم في المشركين، وفي المسلمين على قولين.
هشيم، أنا عبد الملك بن عمير، عن عطية القرظي قال: ' عرضت على النبي
[صلى الله عليه وسلم] يوم قريظة، فشكوا في، فأمر بي النبي [صلى الله عليه وسلم] أن ينظروا هل نبت بعد، فنظروا
فلم يجدوني أنبت، فخلى عني، وألحقني بالسبي '.
514 - [مسألة]:
البلوغ بالسن خمس عشرة سنة.
وقال أبو حنيفة: ثماني عشرة، وفي الجارية تسعة عشرة.
(خ م) قال ابن عمر: ' عرضت يوم أحد على النبي [صلى الله عليه وسلم] فلم يجزني،
وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة، فأجازني '.
515 - [مسألة]:
[ق 123 - أ] / يحجر على المبذر.
وقال أبو حنيفة: لا.
لنا: حديث معاذ.
112

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس ' أن رجلا كان في عقدته ضعف،
وكان يبايع، وأن أهله أتوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: احجر عليه. فدعاه، فنهاه عن
البيع، فقال: يا رسول الله، لا أصبر عن البيع. فقال: إذا بايعت فقل: ' لا خلابة '.
صححه (ت).
قلنا: لما سألوه الحجر، ما أنكر عليهم النبي [صلى الله عليه وسلم] وإنما علمه ما يدفع به الغبن،
ولم يكن مبذرا في المعاصي.
113

الحوالة
516 - [مسألة]:
لا يعتبر رضى المحال.
وقال أكثرهم: يعتبر.
(خ م) الأعرج، عن أبي هريرة؛ عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' مطل الغني ظلم،
ومن أتبع على مليء فليتبع '.
517 - [مسألة]:
إذا توي المال على المحال عليه، لم يرجع المحال على المحيل.
وقال أبو حنيفة: يرجع في موضعين؛ أن يجحد المحال عليه الدين ويحلف،
أو يموت مفلسا، أما إن أفلس وهو حي، لم يرجع عليه.
وقال مالك: إن أحاله على مفلس والمحتال لا يعلم رجع.
لنا حديث حزن - رضي الله عنه - جد سعيد بن المسيب ' أنه كان له دين
على علي بن أبي طالب، فسأله أن يحيله به على رجل فأحاله، ثم أتاه فقال: قد
مات، فقال له: اخترت علينا، أبعدك الله. ولم يقل له: لك علي الرجوع '.
114

الضمان
518 - [مسألة]:
يصح ضمان دين الميت.
وقال أبو حنيفة: لا يصح إلا أن يخلف وفاء.
لنا حديث (خ) يزيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: ' كنت جالسا مع
النبي [صلى الله عليه وسلم] فأتي بجنازة، فقال: هل ترك من دين؟ قالوا: لا. قال: هل ترك من
شيء؟ قالوا: لا. فصلى عليه، ثم أتي بأخرى، فقال: هل ترك من دين؟ قالوا:
لا. قال: هل ترك من شيء؟. قالوا: نعم. ثلاثة دنانير. قال بأصابعه: ثلاث
كيات. ثم أتي بالثالثة، فقال: هل ترك من دين؟ قالوا: نعم. قال: هل ترك من
شيء؟ قالوا: لا. قال: صلوا على صاحبكم. فقال رجل من الأنصار: علي دينه
يا رسول الله. فصلى عليه '.
لفظ أحمد: نا حماد بن مسعدة عن يزيد.
وقال أحمد: نا يزيد بن هارون، أنا محمد بن عمرو، عن سعيد المقبري،
عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: ' أتي النبي [صلى الله عليه وسلم] بجنازة ليصلي عليها،
فقال: أعليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران [ق 123 - ب] / قال: أترك لهما وفاء؟ قالوا: لا. قال:
صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله. فصلى عليه رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] '.
أحمد، نا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن
جابر: ' كان النبي لا يصلي على رجل عليه دين، فأتي بميت فسأل عنه: هل عليه
115

دين؟ قالوا: ديناران. قال: صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة: هما علي.
فصلى عليه '.
أحمد، نا عبد الصمد، نا زائدة، عن ابن عقيل، عن جابر بنحو منه،
وقال رسول الله: ' حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ فقال أبو قتادة: نعم. فصلى
عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران. قال: إنما مات أمس. قال: فعاد
إليه من الغد، فقال: قد قضيتهما يا رسول الله. قال: الآن بردت عليه جلده '.
إسماعيل بن عياش، عن عطاء بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن
ضمرة، عن علي قال: ' كان رسول الله يسأل عن الميت أعليه دين؟ فإن قيل:
نعم. كف عن الصلاة عليه؛ فقالوا عن ميت: عليه ديناران. فقال: صلوا على
صاحبكم. فقال علي: هما علي، برئ منهما. فتقدم رسول الله فصلى عليه... '
الحديث.
رواه الدارقطني.
519 - [مسألة]:
لا ينتقل الحق من ذمة المضمون عنه بالضمان.
وقال داود: ينتقل.
لنا أنه [صلى الله عليه وسلم] قال للضامن حين أدى: ' الآن بردت جلده '.
520 - [مسألة]:
إذا تكفل رجل إلى مدة، فلم يسلمه وقت المحل مع بقائه، ضمن ما عليه.
وقال الأكثر: لا يضمن.
لنا حديث (ت) إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي
أمامة قال رسول الله: ' الزعيم غارم '.
116

521 - [مسألة]:
لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد.
وقال أكثرهم: تصح، ويجبر على إحضاره.
بقية، عن عمر الدمشقي؛ حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا كفالة في حد '.
هذا منكر، وعمر مجهول.
522 - [مسألة]:
إذا أراق خمرا لذمي، لم يضمنها، وكذا إذا قتل خنزيرا له.
وقال أبو حنيفة ومالك: يضمن.
معاوية بن صالح، عن عبد الوهاب بن بخت، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الله حرم الخمر وثمنها، وحرم الخنزير
وثمنه '.
مر في بيع السرقين مرفوعا: ' إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه '.
وأنه قال: ' لا يحل [ق 124 - أ] / ثمن شيء لا يحل أكله وشربه.
ونهى [صلى الله عليه وسلم] عن ثمن الخمر.
فإن قيل: فقد قال عمر: ولوهم بيعها. قلنا: معناه اتركوهم، وما يفعلونه
بها.
117

الشركة
523 - [مسألة]:
شركة الأبدان جائزة، سواء اتفقت الصنعة أو اختلفت، أو عملا جميعا:
أو أحدهما.
وقال مالك: تصح مع اتفاق الصنعة.
ومنع الشافعي.
زياد البكائي، نا إدريس الأودي، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن
ابن مسعود، قال: ' أشرك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيني وبين عمار وسعد في درقة
سلمناها، واشتركنا فيما أصبنا؛ فأخفقت أنا وعمار، وجاء سعد بأسيرين '.
524 - [مسألة]:
دعوة العبد التاجر، وهديته، وعاريته جائزة من غير إذن السيد، فأما هبته
الدراهم وكسوته الثياب، فلا تجوز.
ومنع الشافعي من الكل.
لنا أنه [صلى الله عليه وسلم] قبل هدية بريرة.
قلت: كانت قد عتقت.
هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت:
' كان الناس يتصدقون على بريرة فتهدي لنا، فذكرت للنبي [صلى الله عليه وسلم] ذلك، فقال: هو
عليها صدقة، وهو لكم هدية '.
118

آدم، نا شعبة، نا مسلم الأعور، سمعت أنسا يقول: ' كان رسول الله يعود
المريض، ويأتي دعوة المملوك '.
525 - [مسألة]:
تصرف الفضولي باطل.
وعنه: يصح، ويقف على إجازة المالك، كقول أبي حنيفة.
قال [صلى الله عليه وسلم] لحكيم: ' لا تبع ما ليس عندك '.
(ق) أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' لا يحل بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لم تضمن '.
عبد العزيز بن عبد الصمد، نا مطر الوراق، عن عمرو، عن أبيه، عن جده؛
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يجوز طلاق، ولا عتاق، ولا بيع ما لا تملك '.
وحجتهم: سعيد بن زيد، نا الزبير بن الخريت، ثنا أبو لبيد، عن عروة بن
أبي الجعد البارقي: ' عرض للنبي [صلى الله عليه وسلم] جلب، فأعطاني دينارا، وقال: أي عروة،
ائت الجلب، فاشتر لنا شاة. فأتيت الجلب، فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين
بدينار، فجئت أسوقهما، فلقيني رجل، فساومني، فبعته شاة بدينار، وجئت
بالدينار وبالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم. قال:
وصنعت كيف؟ ' فحدثته [ق 124 - ب] / الحديث، فقال: اللهم بارك في صفقة يمينه '.
(ت) أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن حبيب بن أبي ثابت،
عن حكيم بن حزام ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية
بدينار، فاشترى أضحية، فربح بها دينارا، فاشترى أخرى مكانها، فأتى بالأضحية
والدينار إلى رسول الله فقال: ضح بالشاة، وتصدق بالدينار '.
قال الترمذي: لا يعرف إلا من هذا الوجه، وحبيب لم يسمع من حكيم.
119

526 - [مسألة]:
إذا وكله في شراء شاة بدينار فاشترى شاتين؛ كل واحدة تساوي الدينار،
فالبيع صحيح فيهما.
وقال أبو حنيفة: يلزم الموكل شاة بنصف دينار، ويلزم الوكيل الأخرى
بنصف دينار.
وعن الشافعي كقولنا.
وعنه: يلزمه شاة، وهو بالخيار في الأخرى.
لنا: حديث عروة، وأنه اشترى شاتين كما سبق.
120

العارية
527 - [مسألة]:
العارية مضمونة بكل حال.
وعنه: أنها مضمونة، إلا أن يشترط إسقاط الضمان.
وقال أبو حنيفة: إن فرط ضمن، كالوديعة.
وقال مالك: هي كالرهن، ما كان يخفى هلاكه كالثياب والأثمان ضمن،
وما لا، كالدار والدابة لم يضمن.
لنا: أحمد نا يزيد، نا شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أمية بن
صفوان بن أمية، عن أبيه ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استعار منه يوم حنين أدراعا،
فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة. فضاع بعضها، فعرض عليه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يضمنها، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب '.
قيس بن الربيع، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن أمية بن
صفوان، عن أبيه، قال: ' استعار مني النبي [صلى الله عليه وسلم] أدراعا من حديد، فقلت:
مضمونة يا رسول الله؟ قال: مضمونة. فضاع بعضها، فقال: إن شئت غرمتها.
قال: لا، إن قلبي في الإسلام غير ما كان يومئذ '.
إسحاق بن عبد الواحد، نا خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن
عكرمة، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استعار من صفوان بن أمية أدراعا
وسلاحا في غزوة حنين، فقال: يا رسول الله، عارية مؤداة؟ قال: عارية مؤداة '.
121

رواهما الدارقطني.
(ت) إسماعيل بن عياش [ق 125 - أ] / عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة؛
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' العارية مؤداة، والزعيم غارم، والدين مقضي '.
علي بن حرب، ثنا عمرو بن عبد الجبار، عن عبيدة بن حسان، عن عمرو
ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليس على المستعير غير المغل
ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان '.
قال الدارقطني: عمرو، وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى هذا عن شريح قوله.
528 - [مسألة]:
إذا أعاره أرضه مطلقا؛ ليبني فيها، فبنى أو غرس، فللمعير أن يسترد
الأرض، ويضمن قيمة البناء والغراس، ولا ضمان.
لنا: قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' ليس لعرق ظالم حق ' وسيعاد؛ دل على أن العرق
إذا لم يكن ظالما، فله حق.
ولنا: قوله: ' من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته '.
122

الغصب
529 - [مسألة]:
إذا مثل بعبده، عتق عليه.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يعتق.
لنا: أحمد ثنا معمر بن سليمان، نا الحجاج، عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من مثل به، أو حرق بالنار فهو حر،
وهو مولى الله ورسوله. قال: فأتي برجل قد خصي، يقال له: سندر، فأعتقه '.
530 - [مسألة]:
إذا غير صفة المغصوب؛ بأن طحن الحنطة، أو خبز الدقيق، أو شوى
الشاة، أو قطع الثوب قميصا، أو ضرب الزبرة أواني، لم يزل عنه ملك المالك.
وقال أبو حنيفة: كلها للغاصب بالتغيير، ويجب عليه البدل لمالكها.
الدارقطني، نا المحاملي، نا عبد الله بن شبيب، ثنا يحيى بن إبراهيم بن
أبي قتيلة، نا الحارث بن محمد الفهري، عن يحيى بن سعيد، عن أنس؛ أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه '.
قلت: إسناده واه.
حميد بن الربيع، نا ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل
من الأنصار، قال: ' دعت امرأة من قريش رسول الله [ق 125 - ب] / [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه فأتاها، فلما
أتي بالطعام، وضع رسول الله يده، ووضع القوم، فبينا هو يأكل إذ كف يده،
123

فقال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها، فأرسلت المرأة يا رسول الله، إني كنت
أرسلت إلى البقيع أطلب شاة فلم أصب، فبلغني أن جارا لي اشترى شاة، فأرسلت
إليه، فلم نقدر عليه، فبعثت بها امرأته، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أطعموها
الأسارى '.
حميد كذبه ابن معين.
531 - [مسألة]:
إذا غصب ساجة، وبنى عليها، أو آجرا، فجعله في أساسه وجب رده.
وقال أبو حنيفة: زال حق المالك عنها، وله القيمة.
ولنا: سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' على
اليد ما أخذت حتى تؤديه '.
532 - [مسألة]:
إذا غصب أرضا فزرعها، فصاحبها بالخيار؛ إن شاء أن يقر الزرع إلى
حصاده، وإن شاء أن يدفع إليه قيمة الزرع، أو ما أنفقه عليه - على اختلاف
الروايتين في ذلك - ويكون الزرع له، وليس له إجباره على قلعه بغير عوض.
وقال أكثرهم: له إجباره على القلع، [ولا على تسليم العوض عن الزرع].
شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن رافع بن خديج،
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من زرع أرضا بغير إذن أهلها، فله نفقته، وليس له من
الزرع شيء ' رواه أحمد.
(ت) أيوب السختياني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن
زيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق '.
124

قال (ت): نا ابن مثنى، سألت أبا الوليد الطيالسي عن العرق الظالم،
قال: هو الغاصب يغرس في أرض غيره.
فاحتجوا بخبر يعلى بن عبيد، عن ابن إسحاق، عن يحيى، وهشام بن
عروة، عن عروة ' أن رجلين من الأنصار اختصما في أرض؛ غرس أحدهما فيها
نخلا، والأرض للآخر، فقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب
النخل يخرج نخله، وقال: ليس لعرق ظالم حق '.
فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث [ق 126 - أ] / أنه رأى النخل تقلع أصولها
بالفئوس.
هذا مرسل، وفيه ابن إسحاق.
533 - [مسألة]:
إذا كسر آلة اللهو، لم يضمن.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يضمن.
فرج بن فضالة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم]، قال: ' إن الله أمرني أن أمحق المزامير والمعازف والأوثان التي كانت تعبد '.
القاسم وعلي ضعيفان.
قلت: وفرج أيضا.
رواه أحمد، عن يزيد بن هارون عنه.
125

الشفعة
534 - [مسألة]:
لا تستحق الشفعة بالجوار.
وقال أبو حنيفة: تستحق.
لنا (خ) الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر قال: ' إنما جعل رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا
شفعة '.
(م) ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر: ' قضى رسول الله في كل
شركة لم تقسم؛ ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه؛ فإن شاء
أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به '.
فاحتجوا (خ م) ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن
الشريد، عن أبي رافع ' أنه قال لسعد بن أبي وقاص: ابتع مني بيتي في دارك،
ولولا أني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: الجار أحق بصقبه، ما أعطيتكها بأربعة
آلاف '.
أحمد، نا عفان، نا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة مرفوعا:
' جار الدار أحق بالدار من غيره '.
126

أحمد، نا روح، نا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو بن
الشريد بن سويد، عن أبيه ' أن رجلا قال: يا رسول الله، أرض ليس لأحد فيها
شرك ولا قسم إلا الجوار؟ فقال: الجار أحق بسقبه ما كان '.
أحمد؛ وثنا إسحاق بن سليمان، نا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى؛
سمعت عمرو بن الشريد، عن أبيه؛ قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' أحق بسقبه '.
أحمد؛ نا هشيم، أنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، قال: قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الجار أحق بشفعة جاره؛ ينتظر بها إذا كان [ق 126 - ب] / غائبا، إذا كان طريقهما
واحدا '.
قلنا: حديث أبي رافع محمول على أنه كان شريكا مخالطا. وأحاديث
سمرة من كتاب.
قلت: قد ثبت سماعه منه. فعلى مذهب البخاري يقتضي اتصال نسخة
الحسن عن سمرة.
قال: وحديث الشريد؛ فقال ابن المنذر: منكر، لا أصل له.
قلت: بل إسناده صالح.
قال: وأما حديث جابر، فقال شعبة: سها عبد الملك بن أبي سليمان؛ فإن
روى حديثا آخر مثله، طرحت حديثه.
وقال أحمد: هو حديث منكر.
ثم تحمل الأحاديث على الشريط المخالط؛ وقد يسمى جارا.
قلت: قوله: ' الجار أحق ' لا يقتضي وجوب الحق له؛ بل للاستحباب.
127

قال: واحتجوا بما رووا عن أبي سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' الخليط أحق
من الشفيع، والشفيع أحق من غيره ' فهذا الحديث لا يعرف.
سعيد في ' سننه ': نا ابن المبارك، عن هشام بن المغيرة الثقفي، قال: قال
الشعبي. قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الشفيع أولى من الجار، والجار أولى من الجنب '.
535 - [مسألة]:
إذا اشترى أرضا فيها زرع، أو ثمر، لم تجب الشفعة فيهما.
وقال أبو حنيفة ومالك: تجب.
لنا حديث (م) جابر - من سمعه منه أبو الزبير - قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الشفعة في كل شرك؛ في أرض، أو ربع، أو حائط '.
فلم تثبت شفعة في سوى ذلك.
536 - [مسألة]:
لا شفعة في ما لا يقسم، كالحمام والرحا.
وقال أبو حنيفة بالشفعة.
وعن أحمد نحوه.
وعن مالك كالمذهبين.
قال سعيد بن منصور: نا ابن أبي الزناد، حدثني محمد بن عمارة، أن أبا
بكر بن محمد قال: ' خطب عمر الناس، فقال: لا شفعة في بئر، ولا فحل '.
وقد روى أصحابنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا شفعة في فناء ولا طريق
ولا منقبة '.
المنقبة: الطريق الضيق بين القوم؛ لا تمكن قسمته.
128

537 - [مسألة]:
لا شفعة لذمي على مسلم.
وهو قول الشعبي، خلافا لأكثرهم.
نائل بن نجيح، نا الثوري، عن حميد، عن أنس [ق 127 - أ] / أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا شفعة لنصراني '. هكذا رواه حفص الربالى، عن نائل.
ورواه عنه محمد بن سنان القزاز، فقال: رفعه مرة، ومرة لم يرفعه.
قال الدارقطني: وهو وهم، الصواب: حميد الطويل عن الحسن من قوله.
وضعف نائلا.
قال الخطيب: رواه وكيع، وأبو حذيفة، عن سفيان، عن حميد، عن
الحسن.
129

الإجارة
538 - [مسألة]:
إذا استأجر دارا؛ كل شهر بشيء معلوم، لزمه في الشهر الأول، وما بعده
من الشهور يلزم بالدخول فيه.
وعنه: لا يصح في الكل - كقول الشافعي.
أحمد، نا إسماعيل، أنا أيوب، عن مجاهد، قال علي: ' جعت مرة
بالمدينة جوعا شديدا، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا امرأة قد
جمعت مدرا، فظننتها تريد بله، فقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فمددت ستة عشر
ذنوبا حتى مجلت يداي، ثم أتيت الماء، فأصبت منه، ثم أتيتها، فقلت بكفي
هكذا بين يديها، فعدت لي ست عشرة تمرة، فأتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فأخبرته، فأكل
معي منها '.
وقد رواه عكرمة، عن ابن عباس نحوه.
539 - [مسألة]:
لا يجوز أخذ أجرة على القرب، كالأذان، والصلاة، وتعليم القرآن،
والفرائض، ورواية الحديث.
وجوزه مالك والشافعي.
حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن مطرف بن
عبد الله؛ أن عثمان بن أبي العاص، قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي؛
قال: اقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا '.
130

وكيع، نا مغيرة بن زياد، عن عبادة بن نسي، عن الأسود بن ثعلبة، عن
عبادة بن الصامت، قال: ' علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلي
رجل منهم قوسا، فقلت: أرمي عنها في سبيل الله، فسألت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن
سرك أن تطوق بها طوقا من نار، فاقبلها '.
مغيرة ضعيف.
قلت: بل صالح؛ احتجوا به في السنن [ق 127 - ب] / الأربعة.
(ق) يحي القطان، عن ثور، حدثني عبد الرحمن بن سلم، عن عطية
الكلاعي، عن أبي بن كعب قال: ' علمت رجلا القرآن، فأهدى لي قوسا،
فذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال: إن أخذتها، أخذت قوسا من نار.
فرددتها '.
قلت: وعبد الرحمن فيه لين.
فاحتج أصحابنا بخبر موضوع لأحمد بن عبد الله الجويباري، نا هشام بن
سليمان، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' المعلمون خير الناس؛ كلما خلق الذكر جددوه، عظموهم ولا تستأجروهم
فتحرجوهم، فإن المعلم إذا قال للصبي: قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها كتب
الله براءة للصبي ولأبويه، وللمعلم من النار ' رواه أحمد بن كامل القاضي، عن
علي بن حماد عنه.
قلت: وعلي بن حماد بن السكن، قال الدارقطني: متروك.
ولهم حديث (خ م) أبي المتوكل، عن أبي سعيد ' أن ناسا من أصحاب
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أتوا على حي فلم يقروهم، فبيناهم على ذلك؛ إذ لدغ سيد أولئك،
131

فقيل: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولن نفعل حتى تجعلوا
لنا جعلا، فجعلوا لهم قطيعا من الغنم؛ فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل
فبرأ، فأتوا بالشاء، وقالوا: لا نأخذ حتى نسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فسألوه،
فضحك، وقال: وما يدريك أنها رقية؟ خذوها، واضربوا لي بسهم '.
وحديث (خ م) ابن عباس ' أن نفرا من أصحاب رسول الله مروا بماء
فيهم لديغ... ' وفيه: ' فقرأ بالفاتحة على شاء، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه،
فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا! حتى قدموا المدينة، فقالوا:
يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا؟ فقال [صلى الله عليه وسلم]: إن أحق ما أخذتم
عليه أجرا كتاب الله '.
فأجاب أصحابنا بأن القوم كانوا كفارا، فجاز أخذ أموالهم. والثاني: حق
الضيف لازم، ولم يضيفوهم. الثالث: أن الرقية ليست بقربة محضة، فجاز أخذ
أجرة عليها.
قلت: إنما نأخذ بعموم قوله [صلى الله عليه وسلم]، لا بخصوص السبب؛ وقد
قال: ' إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله '.
540 - [مسألة]:
لا تجوز [ق 128 - أ] / أجرة على الحجامة، فإن دفع إليه من غير شرط لم يجز أكله،
لكن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه.
وقال أكثرهم: يجوز.
معمر، عن يحيى، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد،
عن رافع بن خديج، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كسب الحجام خبيث '.
الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة ' أن محيصة سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن
132

كسب حجام له، فنهاه عنه، فلم يزل يكلمه حتى قال: أعلفه ناضحك، وأطعمه
رقيقك '.
رواه أحمد.
قلت: هو مرسل.
الليث؛ أنا يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عفير الأنصاري، عن محمد بن
سهل بن أبي حثمة، عن محيصة بن مسعود ' أنه كان له غلام حجام يقال له: نافع
أبو طيبة، فانطلق إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسأله عن خراجه، فقال: لا تقربه. فردد على
رسول الله، فقال: اعلف به الناضح، واجعله في كرشه '.
(هشام الدستوائي، عن يحيى) عن محمد بن أيوب؛ أن رجلا يقال له:
محيصة حدثه ' أنه كان له غلام حجام، فزجره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن كسبه، فقال:
ألا أطعمه أيتاما لي؟ قال: لا. قال: أفلا أتصدق به؟ قال: لا. فرخص له أن يعلفه
ناضحه '.
رواهما أحمد.
فاحتجوا بزمعة بن صالح، عن أبي طاوس، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن
عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] احتجم، وأعطى الحجام أجره '.
تابعه، وخرجه (خ م).
وخرج مسلم، عن ابن عباس ' أن رسول الله دعا غلاما لبني بياضة،
133

فحجمه، وأعطاه أجره مدا ونصفا، وكلم مواليه فحطوا عنه نصف مد، وكان عليه
مدان '.
(ت) إسماعيل بن جعفر، عن حميد: ' سئل أنس عن كسب الحجام،
فقال: احتجم رسول الله، حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاعين من طعام، وكلم
أهله، فوضعوا عنه من خراجه. صححه (ت).
قلنا: في أحاديثنا زيادة بيان.
541 - [مسألة]:
يجوز استئجار الظئر والخادم بطعامه وكسوته.
وعنه: لا يجوز - كقول الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يجوز في الظئر دون الخادم.
[ق 128 - ب] / (ق) ثنا ابن مصفى، نا بقيه، عن مسلمة بن علي، عن سعيد بن أبي
أيوب، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، سمعت عتبة بن النذر يقول: ' كنا
عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقرأ: ' طس ' حتى بلغ قصة موسى، فقال: إن موسى أجر
نفسه ثمان سنين، أو عشرا، على عفة فرجه، وطعام بطنه '.
542 - [مسألة]:
لا يصح الاستئجار لحمل الخمر، ومتى حمله لم يستحق شيئا.
وعنه: ويستحق الأجرة - كقول أبي حنيفة.
لنا: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لعنت الخمر وحاملها... ' الحديث.
134

المساقاة
543 - [مسألة]:
تجوز في النخل والكرم والشجر، وكل أصل له ثمرة.
وقال أبو حنيفة: لا تجوز بحال.
وقال الشافعي: تجوز في النخل والكرم، وفي باقي الشجر على قولين. وجوز
داود في النخل.
ابن إسحاق، حدثني نافع، عن ابن عمر، عن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
ساقى يهود خيبر عن تلك الأموال على الشطر. وسهامهم معلومة '.
(خ م) عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دفع خيبر
إلى أهلها على الشطر مما يخرج منها '.
ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
دفع خيبر، أرضها ونخلها مقاسمة على النصف '.
وحجتهم (ت) أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن
المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة '.
صححه (ت).
قال ابن الأعرابي: أصل المخابرة من خيبر؛ لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان أقرها في
أيدي أهلها على النصف، فقيل: خابرهم - أي: عاملهم في خيبر، ثم تنازعوا؛
فنهى عن ذلك.
135

(م) ابن عيينة، سمع عمرا سمع ابن عمر، قال: ' كنا نخابر، ولا نرى
بذلك بأسا، حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عنه، فتركه '.
والجواب؛ إنما نهى عن ذلك لأجل خصومات كانت تقع.
روى (خ) أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ' أنه كان يكري مزارعه على
عهد النبي - [صلى الله عليه وسلم] - إلى أيام معاوية، ثم حدث عن رافع أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
نهى عن كري المزارع، فذهب ابن عمر إلى [ق 129 - أ] / رافع، فذهبت معه، فسأله، فقال:
نهى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن كراء المزارع، فقال ابن عمر: قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا
على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بما على الأربعاء وبشيء من التبن '.
(خ م) يحيى بن سعيد، عن حنظلة بن قيس، سمع رافع بن خديج قال:
' كنا أكثر أهل المدينة مزارعا، كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد
الأرض، قال: فربما يصاب ذلك، وتسلم الأرض، فنهينا، وأما الذهب والورق فلم
يكن يومئذ '.
أحمد، نا إسماعيل، نا عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي عبيدة بن
محمد بن عمار، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عروة بن الزبير، قال: قال زيد بن
ثابت: ' يغفر الله لرافع بن خديج، إنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان قد
اقتتلا، فقال رسول الله: إن كان هذا شأنكم، فلا تكروا المزارع. فسمع رافع قوله:
لا تكروا المزارع '.
والجواب الثاني: إنهم إنما كانوا يكرون بما يخرج على الأربعاء؛ وهي
جوانب الأنهار، وما على الماذيانات، وذلك أمر يفسد العقد.
136

الثالث: يحمل النهي على التنزيه، ولهذا قال [صلى الله عليه وسلم]: ' لأن يمنح
أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها أجرا معلوما '.
544 - [مسألة]:
تصح المزارعة ببعض ما تخرج الأرض.
وقال الشافعي: لا تجوز في الأرض البيضاء، وتجوز إذا كان في الأرض نخل
أو كرم تبعا.
ومنع أبو حنيفة ومالك مطلقا.
لنا: حديث ابن عمر في المساقاة. فاحتجوا بحديث النهي عن المخابرة.
545 - [مسألة]:
لا ضمان على الأجير المشترك فيما لم تجن يداه، كالقصار لا يضمن ما لم
تعرف جناية من يده.
وعنه: يضمن.
وقال مالك: عليه ضمان ما جنى، وما لم يجن.
وللشافعي قولان.
لنا: حديث سمرة: ' على اليد ما أخذت '.
وحديث الدارقطني، نا المحاملي، نا عبد الله بن شبيب، نا إسحاق بن
محمد، نا يزيد بن عبد الملك، عن محمد بن عبد الرحمن الحجبي، عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا ضمان على مؤتمن '.
[ق 129 - ب] / قلت: لم يصح.
137

546 - [مسألة]:
يجوز كراء الأرض بالثلث والربع مما تخرج.
وعنه: لا - كأكثرهم.
روى أصحابنا من حديث ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من كان مكريا،
فليكر بالربع، أو بالثلث '.
أحمد، نا وكيع، نا شريك، عن أبي حصين، عن مجاهد، عن رافع بن
خديج: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن تستأجر الأرض بالدراهم المنقودة، أو بالثلث، أو
الربع '.
وساق الدارقطني من طريق محمد بن حميد، نا ابن مغراء، عن عبيدة
الضبي، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن سالم، عن أبيه، عن عائشة ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] خرج في مسير له، فإذا هو بزرع يهتز، فقال: لمن هذا؟ قالوا: لرافع بن
خديج. فأرسل إليه - وكان أخذ الأرض بالنصف أو الثلث - فقال: انظر نفقتك
فخذها من صاحب الأرض، وادفع إليه أرضه '.
الجواب: شريك، قال أبو حاتم: له أغاليط، ولا نعلم أن مجاهدا سمع من
رافع.
قلت: قد سمع من عائشة؛ وهو أقدم منه، وعبيدة ضعيف، وابن مغراء
وابن حميد متكلم فيهما.
138

إحياء الموات
547 - [مسألة]:
لا يجوز إحياء ما باد أهله.
وعنه: يجوز - كقول أبي حنيفة ومالك.
سعيد في ' سننه ' نا إسماعيل بن عياش، حدثني ليث، عن طاوس،
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' عادي الأرض لله ولرسوله، ثم لكم بعد، ومن أحيا
مواتا من الأرض، فله رقبتها '.
548 - [مسألة]:
لا يفتقر التملك بالإحياء إلى إذن الإمام، خلافا لأبي حنيفة.
وقال مالك: ما كان في الفلوات لم يفتقر، وما قرب من العمران افتقر.
صحح الترمذي حديث وهب بن كيسان، عن جابر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' من
أحيا أرضا ميتة، فهي له '.
549 - [مسألة]:
من حوط على موات ملكه.
خلافا للشافعي؛ فإنه قال: لا يملك حتى يستخرج لها ماء، ويزرعها، ولا
دارا حتى يقطعها بيوتا مسقفة.
قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال رسول الله: ' من أحاط حائطا على
أرض، فهي له '.
لفظ أحمد.
139

550 - [مسألة]:
حريم البئر العادي خمسون ذراعا، والبدي خمسة وعشرون.
وقال أبو حنيفة: أربعون.
وقال الشافعي: ما يحتاج [ق 130 - أ] / إليه.
روى الدارقطني من طريق يحيى بن أبي الخصيب، نا هارون بن
عبد الرحمن، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي
هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعا، وحريم
البئر العادي خمسون ذراعا '.
قال الدارقطني: من أسنده فقد وهم، والصحيح مرسل.
واحتجوا (ق) بعبد الوهاب بن عطاء، ثنا إسماعيل المكي، عن الحسن،
عن عبد الله بن مغفل أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من حفر بئرا، فله أربعون ذراعا عطنا
لماشيته '.
إسماعيل متروك.
(ق) منصور بن صقير، نا ثابت بن محمد، عن نافع أبي غالب، عن
أبي سعيد الخدري، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' حريم البئر مد رشائها '.
منصور فيه لين.
551 - [مسألة]:
ما نبت من الكلأ، ونبع من الماء في أرض إنسان، فليس يملكه.
وعنه: يملك - كقول الشافعي.
140

ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، أن أبا المنهال أخبره أن إياس بن عبد
قال: ' إن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع فضل الماء '.
صححه الترمذي من طريق داود العطاء، عن عمرو، ولفظه: ' نهى عن
بيع الماء '.
552 - [مسألة]:
يلزمه بذل ما فضل عنه من الماء.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة والشافعي.
لنا: الحديث؛ تراه.
141

الوقف
553 - [مسألة]:
يلزم الوقف بلا حاكم.
وقال أبو حنيفة: لا يصح إلا بحكم، أو أن يخرجه مخرج الوصية. وصاحباه
معنا.
(خ م) ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ' أصاب عمر أرضا
بخيبر، فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فاستأمره فيها، قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت
بها. فتصدق بها عمر؛ أن لا تباع ولا توهب، ولا تورث، فتصدق بها في القربى،
وفي سبيل الله. وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها
بالمعروف، أو يطعم صديقا غير متأثل فيه مالا '.
554 - [مسألة]:
يجوز وقف المنقول النافع مع بقاء عينه.
وقال أبو حنيفة: لا يصح. وصححه أبو يوسف في الخيل، وفي السلاح،
وبقر الضيعة، وآلاتها.
(خ م) ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج [ق 130 - ب] / عن أبي هريرة؛ قال: ' بعث
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل، وخالد، والعباس. فقال
النبي [صلى الله عليه وسلم]: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم
تظلمون خالدا، فقد احتبس أدراعه في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها '.
142

555 - [مسألة]:
إذا وقف على غيره فاستثنى منه نفقة نفسه صح.
وقال مالك والشافعي: لم يصح.
لنا: حديث عمر المذكور ' لا جناح على من وليها أن يأكل ' وكان هو
وليها.
143

الهبة
556 - [مسألة]:
هبة المشاع تصح.
وقال أبو حنيفة: لا تصح فيما ينقسم.
' أحمد، نا عبد الصمد، نا حماد، نا ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده، قال: ' شهدت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم حنين، وجاءته وفود
هوازن، فقالوا: من علينا من الله عليك. فقال: اختاروا من نسائكم وأموالكم
وأبنائكم. قالوا: نختار أبناءنا. فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لكم.
وقال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقالت الأنصار مثل ذلك '.
557 - [مسألة]:
العمري تمليك الرقبة؛ وصفتها أن يقول: أعمرتك داري. أو هي لك مدة
حياتك. فإن مات من جعلت له، انتقلت إلى ورثته، فإن لم يكن له ورثة، ففي
بيت المال.
وقال مالك: هي تمليك المنافع؛ فإن مات، رجعت إلى المعمر.
(خ م) يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر قال: ' قضى النبي
[صلى الله عليه وسلم] بالعمرى لمن وهبت له '.
الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال رسول الله: ' أمسكوا عليكم
أموالكم، ولا تعطوها أحدا؛ فمن أعمر شيئا فهو له '.
144

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عطاء، عن جابر؛ قال رسول الله: ' العمرى
جائزة لأهلها، أو ميراث لأهلها '.
الثوري، عن حميد بن قيس، عن محمد بن إبراهيم، عن جابر ' أن رجلا
من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها، فماتت، فجاء إخوته، فقالوا: نحن
فيه شرع سواء. فأبى، فاختصموا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقسمها بينهم ميراثا '.
ابن جريج، أنا عطاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا [ق 131 - أ] / عمرى، ولا رقبى؛ فمن أعمر شيئا وأرقبه فهو له حياته
ومماته '.
عمرو بن دينار، عن طاوس، عن حجر المدري، عن زيد بن ثابت ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] جعل العمرى للوارث '.
أبو الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس؛ قال رسول الله: ' من أعمر عمرى،
فهي لمن أعمرها جائزة، ومن أرقب رقبى، فهي لمن أرقبها جائزة، ومن وهب هبة،
ثم عاد فيها، فهو كالعائد في قيئه '.
هذه الأحاديث من ' مسند أحمد '.
558 - [مسألة]:
حكم الرقبى حكم العمري، وصفتها أن يقول: أرقبتك داري. أو يقول:
الدار لك، فإن مت قبلي رجعت إلي، وإن مت قبلك فهي لك ولعقبك.
وقال أبو حنيفة: الرقبى باطلة.
145

قال أحمد: نا إبراهيم بن خالد، نا رباح، عن عمر بن حبيب، عن عمرو
ابن دينار عن طاوس، عن حجر المدري، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' لا ترقبوا، فمن أرقب فسبيل الميراث '.
سعيد في ' سننه ': نا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' لا ترقبوا ولا تعمروا؛ فمن أعمر عمرى، أو أرقب رقبى فهي
سبيل الميراث '.
559 - [مسألة]:
إذا فضل بعض ولده على بعض في العطية مع تساويهم في الذكورية
والأنوثية أساء، وأمر بارتجاع ذلك وبالتسوية.
وقال أكثرهم: لا يرجع.
أحمد: نا يحيى بن سعيد، عن مجالد، نا عامر، سمعت النعمان بن
بشير يقول: ' إن أبي وهب لي هبة، فقالت أمي: أشهد عليها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فأخذ بيدي، فأتينا النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله، إن أم هذا الغلام سألتني أن
أهب له هبة، فوهبتها له، فقالت: أشهد عليها رسول الله، فأتيتك لأشهدك. قال:
رويدك، ألك ولد غيره؟ قال: نعم. قال: كلهم أعطيته؟ قال: لا. قال: فلا
تشهدني على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم '.
معمر، عن الزهري، أخبرني محمد بن النعمان، وحميد بن عبد الرحمن،
عن النعمان بن بشير قال: ' ذهب أبي بشير إلى رسول الله ليشهده على نحل
نحلنيه، فقال: أكل بنيك نحلت مثل هذا؟ قال: لا. قال: فأرجعها '.
أحمد، نا ابن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي، عن النعمان قال:
' حملني أبي [ق 131 - ب] / فقال: يا رسول الله، اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا.
146

فقال: أكل ولدك نحلت مثل الذي نحلته؟ قال: لا. قال: فأشهد غيري، أليس
يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذا '.
هذه الطرق في الصحاح.
حماد بن زيد، عن حاجب بن المفضل بن المهلب بن أبي صفرة، عن أبيه:
' سمعت النعمان بن بشير يخطب، يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: اعدلوا بين
أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم '.
واحتجوا سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف،
عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء '.
إسماعيل وشيخه ضعيفان.
قلت: وليس هو بمعارض لما مر.
560 - [مسألة]:
للأب الرجوع في هبته لولده. وعنه: إنه متى بان يقع ذلك عليه، مثل أن
يستدين على ذلك، أو يزوج البنت لأجله، لم يكن، له الرجوع.
وهو قول مالك.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز له الرجوع بحال.
ابن أبي عروبة، عن عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده، والعائد في
هبته، كالعائد في قيئه '.
حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن طاوس؛ أن ابن عمر، وابن عباس
- رفعاه إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - أنه قال: ' لا يحل لرجل أن يعطي العطية، فيرجع
فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده '.
147

561 - [مسألة]:
لا يملك الأجنبي الرجوع في هبته.
وقال أبو حنيفة: له الرجوع ما لم يثب منها، أو يكون بينهما رحم محرم، أو
زوجية، أو يزيد الموهوب زيادة متصلة.
(خ م) ابن عباس أن رسول الله قال: ' ليس لنا مثل السوء، العائد في
هبته، كالكلب يعود في قيئه '.
فاحتجوا؛ حنظلة بن أبي سفيان، سمعت سالم بن عبد الله، عن ابن عمر
مرفوعا قال: ' من وهب هبة، فهو أحق بها ما لم يثب منها '.
تفرد برفعه علي بن سهل بن المغيرة، عن (عبيد الله) بن موسى، قال
الدارقطني: الصواب: عن ابن عمر، عن عمر قوله.
أبو سعيد الأشج، نا إبراهيم بن إسماعيل، عن عمرو بن دينار، عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الرجل أحق بهبته ما لم [ق 132 - أ] / يثب منها '.
إبراهيم هو ابن مجمع؛ ضعفوه.
الدارقطني، نا الصفار، نا عبد العزبز بن عبد الله الهاشمي، نا عبد الله بن
جعفر، عن ابن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كانت الهبة لذي رحم محرم، لم يرجع فيها ' عبد الله بن
جعفر ضعفوه.
قلت: بل هو الرقي، ثقة، والذي ضعفوه فالمديني، لكن الحديث منكر.
148

إبراهيم بن أبي يحيى، عن محمد بن عبيد الله، عن عطاء، عن ابن عباس،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من وهب هبة فارتجع بها، فهو أحق بها ما لم يثب منها،
ولكنه كالكلب يعود في قيئه '.
إبراهيم والعرزمي متروكان.
562 - [مسألة]:
للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، إذا لم يجحف بماله، خلافا
لأكثرهم؛ وقالوا: يأخذ قدر الحاجة.
أحمد، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبيد الله بن الأخنس، حدثني عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده قال: ' أتى أعرابي فقال: يا رسول الله، أبي يريد أن
يجتاح مالي؟ قال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن
أموال أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئا '.
(ق) عيسى بن يونس، نا يوسف بن إسحاق، عن ابن المنكدر، عن
جابر ' أن رجلا قال: إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي! فقال: أنت
ومالك لأبيك '.
149

اللقطة
563 - [مسألة]:
لا يجوز التقاط الإبل والبقر والطيور.
وجوزه أبو حنيفة.
(خ م) ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] سأله رجل عن اللقطة، فقال: اعرف وكاءها - أو قال: وعاءها - وعفاصها،
ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها، فأدها إليه. قال: فضالة الإبل؟
فغضب حتى احمرت وجنتاه أو وجهه، فقال: ما لك ولها، معها سقاؤها
وحذاؤها، ترد الماء، وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها. قال: فضالة الغنم؟
قال: لك أو لأخيك أو للذئب '.
564 - [مسألة]:
يجوز التقاط الغنم، ولا يملكها قبل الحول.
وقال مالك وداود: إذا وجدها بفلاة فله أكلها بلا تعريف.
لنا حديث: ' عرفها حولا '.
الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد [ق 132 - ب] / عن زيد بن خالد
الجهني: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن اللقطة، فقال: عرفها سنة، فإن اعترفت،
فأدها '.
ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن جده، عن أبيه ' سمعت رجلا
150

من مزينة يسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: جئت يا رسول الله، أسألك عن الضالة من
الإبل. فقال: معها حذاؤها وسقاؤها، تأكل الشجر، وترد الماء، فدعها حتى يأتيها
باغيها. قال: الضالة من الغنم؟ قال: هي لك، أو لأخيك، أو للذئب يجمعها
حتى يأتيها باغيها ' رواه أحمد.
أحمد، ثنا سريج بن النعمان، نا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن
بكر بن سوادة، عن أبي سالم الجيشاني عن زيد بن خالد الجهني، قال رسول الله:
' من آوى ضالة، فهو ضال ما لم يعرفها '.
أبو حيان التيمي، حدثني الضحاك خال المنذر بن جرير، عن المنذر بن جرير،
عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يأوي الضالة إلا ضال '.
565 - [مسألة]:
إذا عرف اللقطة حولا ملكها إن كانت أثمانا، وإن كانت عروضا أو حليا
أو ضالة لم يملكها، ولم ينتفع بها، سواء كان غنيا أو فقيرا، فإن كان فقيرا جاز
له الانتفاع بها.
وقال مالك والشافعي وداود: يملك جميع اللقطات وإن كان غنيا.
وقال أبو حنيفة: لا يملك شيئا من اللقطات بحال، ولا ينتفع بها إذا كان
غنيا، فإن كان فقيرا جاز له الانتفاع بها.
لنا: حديث زيد بن خالد المذكور.
وسعيد في ' سننه ': نا الدراوردي، سمعت ربيعة يحدث عن يزيد مولى
المنبعث، عن زيد ' أن رجلا وجد في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مائة دينار، فقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: اعرف وعاءها، ووكاءها، ولا يدخل ركب إلا أنشدت تذكرها، ثم
أمسكها حولا؛ فإن جاء صاحبها، فأدها إليه، وإلا فاصنع بها ما تصنع بمالك '.
151

ابن إسحاق، عن عمرو، عن أبيه، عن جده: ' سمعت رجلا من مزينة
يسأل رسول الله، فقال: يا رسول الله، اللقطة في السبيل العامرة؟ قال: عرفها
حولا، فإن وجد باغيها، فأدها إليه، وإلا فهي لك '.
واحتجوا [ق 133 - أ] / (خ م) الثوري، عن سلمة بن كهيل، حدثني سويد بن
غفلة، عن أبي بن كعب، قال: ' التقطت مائة دينار على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فسألته، فقال: عرفها سنة. فلم أجد من يعرفها، فقال: اعرف عددها ووكاءها،
ثم عرفها سنة؛ فإن جاء صاحبها، وإلا فهي كسبيل مالك '.
وفي لفظ في ' الصحيح ': ' أنه عرفها سنتين أو ثلاثا '.
فهذه الروايات لعلها غلط؛ يدل على هذا؛ أن شعبة قال: سمعت سلمة بعد
عشر سنين يقول: عرفها عام واحدا. أو يكون [صلى الله عليه وسلم] علم أن تعريفها لم يقع
كما ينبغي، فلم يعتد بالتعريف الأول، أو أنه عرفها عاما آخر تورعا.
566 - [مسألة]:
لقطة الحرم لا تحل إلا لمن يعرفها أبدا.
وعن أحمد؛ أنها كسائر اللقط.
وعن أصحاب الشافعي كالروايتين.
(خ م) مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله يوم
الفتح: ' إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطه
إلا لمن عرفها '.
معلوم أن لقط كل بلد تعرف؛ فلو كان الحرم كغيره، لم يكن للتخصيص
معنى.
152

(م) عمرو بن الحارث، عن بكير، عن يحيى بن حاطب، عن
عبد الرحمن بن عثمان التيمي ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن لقطة الحاج '.
567 - [مسألة]:
إذا جاء مدعي اللقطة، فأخبر بعددها وعفاصها ووكائها. دفعت إليه.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تدفع إليه إلا ببينة.
لنا قوله: ' اعرف عفاصها ووكاءها، وعددها ' ولو كان التسليم موقوفا على
البينة لم يكن في معرفة العفاص، والوكاء فائدة.
حماد بن سلمة، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن أبي بن
كعب ' أنه التقط لقطة، فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: عرفها سنة. فعرفها، فقال:
عرفها سنة أخرى، ثم أتاه، فقال له: أحص عددها ووكاءها، واستمتع بها، فإن
جاء صاحبها فعرف عدتها ووكاءها، فأعطها إياه ' صحيح.
أحمد، نا هشيم، نا خالد، عن يزيد بن الشخير، عن أخيه، عن عياض
ابن حمار قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من وجد لقطة، فليشهد ذوي عدل،
وليحفظ عفاصها ووكاءها، فإن جاء صاحبها فلا يكتم، وهو أحق بها [ق 133 - ب] / وإن لم
يجيء صاحبها، فهو مال الله يؤتيه من يشاء '.
568 - [مسألة]:
من وقفت دابته، فتركها بأرض مهلكة، فجاء غيره فأطعمها وسقاها حتى
صحت ملكها، خلافا لأكثرهم.
153

حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن حميد بن عبد الرحمن، أن الشعبي
حدثه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها؛
فسيبوها، فأخذها رجل فأحياها، فهي له '.
رواه الدارقطني مرسل.
وقال سعيد في ' سننه ': نا هشيم، نا منصور، عن عبيد الله بن حميد
الحميري، سمع الشعبي يقول: ' من قامت عليه دابة فتركها فهي لمن أحياها. قيل:
عمن هذا يا أبا عمرو؟ قال: إن شئت عددت لك كذا وكذا من الصحابة '.
569 - [مسألة]:
يصح إسلام الصبي وردته، خلافا للشافعي.
لنا: إسلام علي وهو ابن ثمان سنين. وقيل أسلم وله عشر.
وروى جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: ' قتل علي وهو ابن ثمان
وخمسين، ومات لها الحسن، وقتل لها الحسين '.
قلت: هذا القول غلط؛ فإن الحسن مات عن بضع وأربعين سنة.
154

الوصية
570 - [مسألة]:
تستحب للقريب الذي لا يرث.
وقال أبو بكر وأصحابنا: تجب - كقول داود.
أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ما حق امرئ أن
يبيت ليلتين وله مال يريد أن يوصي فيه، إلا ووصيته مكتوبة عنده '.
وجه الحجة أنه علقه بالإرادة، فدل على عدم الوجوب.
571 - [مسألة]:
من أوصى لجيرانه؛ دخل فيه من كل جانب أربعون دارا.
ولأبي حنيفة: الملاصق فقط.
هقل بن زياد، نا الأوزاعي، عن يونس، عن ابن شهاب، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' أربعين دارا جار. قلت لابن شهاب: وكيف؟ قال: أربعين عن يمينه،
وأربعين عن يساره، وخلفه، وبين يديه '.
قلت: لا يحتج بمثل هذا.
572 - [مسألة]:
تصح الوصية للقاتل.
وقال أبو حنيفة: لا تصح.
155

وعن الشافعي قولان.
لنا: قوله: * (من بعد وصية) *.
[ق 134 - أ] / مبشر بن عبيد - أحد المتروكين - عن حجاج بن أرطأة، عن الحكم، عن
ابن أبي ليلى، عن علي، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ليس لقاتل وصية '.
573 - [مسألة]:
من أوصى لرجل بسهم من ماله، كان له السدس، إلا أن تعول الفريضة؛
فيعطى سدسا عائلا.
وعنه: أنه يعطى أقل سهام الورثة، فإن زاد على السدس، أعطي السدس.
وعن أبي حنيفة كهذا.
وقال الشافعي: يعطى ما شاء الورثة.
ابن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع، عن الحسن ' في رجل أوصى بسهم من
ماله، قال: له السدس على كل حال '.
574 - [مسألة]:
تصح الوصية بما زاد على الثلث، وتقف على تنفيذ الورثة، خلافا لأحد
قولي الشافعي؛ أنها لا تصح.
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' لا وصية لوارث إلا أن
يجيزها الورثة '.
يونس بن راشد، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة '.
أخرجهما الدارقطني.
156

احتجوا بإسماعيل بن عياش، ثنا شرحبيل بن مسلم، سمعت أبا أمامة
' سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول في خطبته عام حجة الوداع: إن الله قد أعطى كل
ذي حق حقه، فلا وصية لوارث '.
وقد رواه سعيد بن أبي سعيد الساحلي، عن أنس، ورواه شهر بن حوشب،
عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن خارجة، كلاهما عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قلنا: الساحلي مجهول، وابن عياش وشهر ضعيفان.
قلت: بل حديث ابن عياش صحيح، خرجه أحمد.
قال: وفي خبرنا زيادة حكم.
157

الفرائض
575 - [مسألة]:
ذوو الأرحام يرثون، خلافا لمالك والشافعي.
الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش، عن حكيم بن حكيم، عن
أبي أمامة بن سهل ' أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال،
فكتب في ذلك أبو عبيدة إلى عمر، فكتب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: الخال وارث من
لا وارث له '.
شعبة، عن بديل، عن علي بن أبي طلحة، عن راشد بن سعد، عن أبي عامر
الهوزني، عن المقدام أبي كريمة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' الخال وارث من لا
وارث له؛ يرثه ويعقل عنه ' رواهما أحمد.
[ق 134 - ب] / احتجوا بمسعدة بن اليسع، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن
أبي هريرة قال: ' سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ميراث العمة والخالة، فقال: لا أدري
حتى يأتيني جبريل. ثم قال: أين السائل عن ميراث العمة والخالة؟ فأتى الرجل،
فقال: سارني جبريل أنه لا شيء لهما '.
قال الدارقطني: لم يسنده غير مسعدة، وهو وضاع للحديث.
قلت: وكذبه أبو داود، والصواب مرسل.
الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] ركب
إلى قباء يستخبر في ميراث العمة والخالة، قال: فأنزل الله أن لا ميراث لهما '.
158

576 - [مسألة]:
قاتل الخطأ لا يرث.
وقال مالك: يرث من المال دون الدية.
(ت) الليث، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن الزهري، عن
حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' القاتل لا يرث '.
إسحاق متروك.
إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده، قال رسول الله: ' ليس للقاتل شيء من الميراث '.
إسماعيل عن الحجازيين ضعيف.
وعن ابن المسيب، عن عمر، سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليس لقاتل ميراث '.
قلت: إسناده ضعيف. رواهما الدارقطني.
فاحتجوا بالحسن بن صالح بن حي، عن محمد بن سعيد، عن عمرو بن
شعيب، أخبرني أبي، عن جدي عبد الله ' أن رسول الله قام يوم فتح مكة فقال: لا
يتوارث أهل ملتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها ما
لم يقتل أحدهما الآخر عمدا؛ فإنه لا يرثه، وإن قتل صاحبه خطأ، ورث من ماله
ولم يرث من ديته '.
قال الدارقطني: محمد بن سعيد هو الطائفي - ثقة - ثناه محمد بن
جعفر المطيري، ثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون، نا عبيد الله بن موسى، ثنا
الحسن. قال المؤلف: الحسن مجروح.
قلت: والخبر منكر.
159

وفي المراسيل لأبي داود من حديث الزهري، عن ابن المسيب، قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يرث قاتل عمد ولا خطأ من الدية '.
وعن مسلمة بن علي، عن هاشم بن عروة، عن أبيه ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال
في الرجل يقتل وليه خطأ؛ أنه يرث من ماله دون ديته '.
مسلمة تركوه.
577 - [مسألة]:
لا يرث اليهودي النصراني، وكذلك كل ملتين.
وعنه؛ يتوارثون. وهو قول أبي حنيفة والشافعي.
[ق 135 - أ] / لنا: يعقوب بن عطاء - أحد الضعفاء - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يتوارث أهل ملتين شيء '.
(ت) حصين بن نمير، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يتوارث أهل ملتين '.
ابن أبي ليلى فيه ضعف.
وعن عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
أن رسول الله قال: ' لا يرث أهل ملة ملة '.
ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن
عثمان، عن أسامة، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم
الكافر '.
أخرجاه.
160

ابن وهب، أخبرني محمد بن عمرو، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن
جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يرث المسلم النصراني، إلا أن يكون عبده أو
أمته '.
قال الدارقطني: المحفوظ موقوف.
578 - [مسألة]:
إذا كان للميت أقارب كفار فأسلموا قبل قسمة التركية ورثوا.
وعنه: لا.
وبه قال الأكثر.
لنا: محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن
ابن عباس قال: ' قال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم،
وكل قسم أدركه الإسلام، فإنه على قسم الإسلام '.
(ق) ابن لهيعة، عن عقيل؛ أنه سمع نافعا يخبر عن ابن عمر، أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' ما كان من قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية، وما كان من
ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام '.
شعبة، عن عمرو بي أبي حكيم، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن
أبي الأسود الديلي، قال: ' كان معاذ باليمن، فارتفعوا إليه في يهودي مات، وترك
أخاه مسلما، فقال معاذ: إني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: إن الإسلام يزيد
ولا ينقص فورثه '.
رواه أحمد.
161

حيوة بن شريح، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أسلم على شيء فهو له '.
قلت: لا دلالة في هذه الأحاديث على المسألة.
579 - [مسألة]:
الجد يقاسم الإخوة للأب، ولا يحجبهم.
وقال أبو حنيفة: يسقطهم.
لنا: أن التوريث بالإخوة منصوص عليه؛ فلا يثبت حجبهم إلا بنص أو إجماع.
احتجوا (خ م) بطاوس [ق 135 - ب] / عن ابن عباس؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ألحقوا
الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر '.
قالوا: فالجد أولى رجل، وقالوا: والتعصيب منه نشأ.
قلنا: تعصيب البنوة مقدم على تعصيب الأبوة، والجد أسبق من الأب،
والأب يسقطه.
580 - [مسألة]:
الأخوات مع البنات عصبة، خلافا لابن عباس.
لنا: (خ) الثوري، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، قال: ' جاء
رجل إلى أبي موسى، وسلمان بن ربيعة، فسألهما عن ابنه، وابنة ابن، وأخت
لأبوين، فقالا: للابنة النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود؛ فإنه
سيتابعنا. فأتى ابن مسعود، فسأله، فقال: لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين،
سأقضي فيها بما قضى به رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: للابنة النصف، ولابنة الابن السدس
تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت '.
162

581 - [مسألة]:
ترث الجدة أم الأم، وأم الأب، وأم الجد.
وقال أبو حنيفة والشافعي: ترث الجدات وإن كثرن.
وقال مالك وداود: لا ترث إلا جدتان: أم أمه، وأم أبيه، وأمهاتهما وإن
علون.
خارجة بن مصعب، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن
يزيد، قال: ' أعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثلاث جدات السدس، ثنتين من قبل
الأب، وواحدة من قبل الأم '.
رواه الدارقطني.
قلت: مرسل، وخارجة ليس بحجة.
582 - [مسألة]:
لا ترث أم الأب مع الأب.
وعنه: ترث - كقولهم.
لنا: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] ورث جدة وابنها حي.
(ت) يزيد بن هارون، عن محمد بن سالم، عن الشعبي، عن مسروق،
عن عبد الله قال: ' في الجدة مع ابنها؛ أنها أول جدة أطعمها رسول الله سدسها مع
ابنها وابنها حي '.
قلت: محمد بن سالم ضعفوه.
163

583 - [مسألة]:
عصبة ولد الملاعنة أمه، فإن عدمت، فعصباؤها من بعدها. وعنه: عصبته
عصبة أمه.
وقال أبو حنيفة: ترثه أمه بالفرض والرد.
وقال مالك والشافعي: لها الثلث، والباقي لبيت المال.
محمد بن حرب الحمصي، ثنا عمر بن رؤبة، سمعت عبد الواحد النصري،
سمعت واثلة بن الأسقع يذكر أن [ق 136 - أ] / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' المرأة تحوز ثلاثة
مواريث: عتيقها، ولقيطها، والولد الذي لاعنت عليه '.
قال أبو حاتم: عبد الواحد لا يحتج به.
قلت: قد احتج به البخاري، لكن عمر بن رؤبة، قال البخاري: فيه نظر.
وفي مراسيل أبي داود، من طريق داود بن أبي هند، عن عبد الله بن
عبيد، عن رجل من أهل الشام؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ولد الملاعنة عصبته
عصبة أمه '.
584 - [مسألة]:
لا يرث المولود ولا يورث حتى يستهل صارخا. وقال أبو حنيفة
والشافعي: إذا تحرك، يورث.
(ق) نا هشام بن عمار، نا الربيع بن بدر، نا أبو الزبير، عن جابر قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا استهل الصبي، صلي عليه، وورث '.
قلت: الربيع إن كان عليلة فمتروك.
(د) ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا استهل المولود ورث '.
164

العتق
585 - [مسألة]:
المعتق بعضه يرث ويورث بقدر ما عتق.
وقال مالك: لا يرث ولا يورث.
وقال الشافعي: لا يرث، وهل يورث؟ على قولين.
ولا يتصور مع أبي حنيفة؛ فإن عنده يستسعى وهو حر.
(س) حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس، عن علي، وعن أيوب،
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' المكاتب يعتق بقدر ما أدى،
ويقام عليه الحد بقدر ما عتق منه، ويرث بقدر ما عتق منه '.
586 - [مسألة]:
إذا أعتق عن الغير بغير إذنه، فالولاء للمعتق.
وقال مالك: للمعتق عنه.
لنا: (خ م) حديث عائشة: ' إنما الولاء لمن أعتق '.
587 - [مسألة]:
إذا أعتق المسلم ذميا، ورثه بالولاء.
وقال أكثرهم: لا يرثه، إلا أن يسلم.
لنا: ' الولاء لمن أعتق ' وحديث جابر مرفوعا: ' لا يرث المسلم النصراني،
إلا أن يكون عبده '.
165

588 - [مسألة]:
بنت المولى ترث بالولاء.
وعنه: لا - كقول أكثرهم.
سليمان بن داود المنقري، نا يزيد بن زريع، نا سعيد، عن قتادة، عن جابر
ابن زيد، عن ابن عباس ' أن مولى لحمزة توفي، وترك بنته وابنة حمزة، فأعطى
[ق 136 - ب] / النبي [صلى الله عليه وسلم] بنته النصف ولابنة حمزة النصف '.
قلت: المنقري هو الشاذكوني؛ واه.
166

كتاب النكاح
589 - [مسألة]:
الاشتغال به أفضل من نوافل العبادة.
وقال الشافعي: نفل العبادة لغير التائق أفضل.
لنا: (خ م) الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال
عبد الله: ' كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شبابا ليس لنا شيء، فقال: يا معشر الشباب،
من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإن الصوم له
وجاء '.
(خ م) عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ' لكني أصوم وأفطر، وأتزوج النساء،
فمن رغب عن سنتي، فليس مني '.
عن أنس: ' كان رسول الله يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا،
ويقول: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر الأنبياء بكم يوم القيامة '.
رواه أحمد.
عن أبي ذر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لعكاف بن بشر: هل لك زوجة؟ قال: لا.
قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت موسر؟ قال: وأنا موسر. قال: أنت إذا من
إخوان الشياطين، إن سنتنا النكاح، شراركم عذابكم، وأراذل موتاكم عذابكم،
أبا لشياطين تمرسون '.
رواه أحمد.
167

واحتجوا (خ م) بحديث: ' يقول الله: الصوم لي '.
و (خ) بحديث أبي هريرة: ' وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه... ' الحديث.
وبحديث الأعمش، عن سالم، عن ثوبان قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة '.
590 - [مسألة]:
لا يجوز للمرأة أن تلي عقد النكاح.
وجوزه أبو حنيفة.
وقال محمد بن الحسن: إن أذن لها وليها صح.
وقال مالك: لا تلي، وهل لها أن تأذن لرجل أن يزوجها؟ على ثلاث
روايات: إحداهن: يجوز. الثاني: لا. الثالثة: إن كانت شريفة لم يجز، وإن
كانت دنية جاز.
وقال داود: إن كان ثيبا جاز.
لنا: حديث ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة،
عن عائشة أن رسول الله [ق 137 - أ] / [صلى الله عليه وسلم] قال: ' أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها
باطل، فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي
من لا ولي له '.
فإن قيل: قد قال ابن جريج: لقيت الزهري، فأخبرته بهذا الحديث فأنكره.
قلنا: الحديث صحيح، خرجه الحاكم في ' مستدركه '.
168

قال الترمذي: هذا القول لم يذكره عن ابن جريج إلا ابن علية، وسماعه من
ابن جريج ليس بذاك.
قال المؤلف: لعل الزهري نسي، وسليمان ثقة، والحديث فقد رواه جعفر بن
ربيعة، وقرة بن عبد الرحمن، وابن إسحاق، عن الزهري.
قال أحمد بن حنبل: كان ابن عيينة يحدث بأشياء، ثم يقول: ليس هذا من
حديثي، ولا أعرفه.
أحمد، نا معمر بن سليمان، نا حجاج، عن الزهري، عن عروة، عن
عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له '.
حجاج بن أرطأة ضعف.
محمد بن يزيد بن سنان، نا أبي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل '.
قال النسائي: يزيد متروك.
خالد بن الوضاح، عن أبي الخصيب، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة
مرفوعا: ' لا بد في النكاح من أربعة: الولي، والزوج، والشاهدين '.
قال الدارقطني: أبو الخصيب نافع بن ميسرة؛ مجهول.
قلت: والخبر منكر جدا.
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، قال رسول الله:
' لا نكاح إلا بولي تابعه شريك، وزهير، وأبو عوانة، وغيرهم.
ورواه شعبة وسفيان، عن أبي إسحاق، فلم يذكرا أبا موسى.
قال الترمذي: قول من وصله أصح.
169

محمد بن مخلد السعدي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل
بحديث: ' لا نكاح إلا بولي '. فقلت لعبد الرحمن: إن شعبة وسفيان يوقفانه على
أبي بردة، فقال: إسرائيل عن أبي إسحاق أحب إلي منهما.
وقال صالح جزرة، نا علي بن المديني، سمعت عبد الرحمن يقول: كان
إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ سورة الحمد.
ثم قد روينا عن شعبة وصله:
فروى محمد بن موسى الحرشي، نا يزيد بن زريع، عن شعبة بذلك.
ثم يحتمل أن أبا إسحاق حدث به على الوجهين.
أحمد، نا معمر الرقي، عن الحجاج [ق 137 - ب] / عن عكرمة، عن ابن عباس
مرفوعا: ' لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له '.
قتيبة، نا الربيع بن بدر، عن النهاس بن قهم، عن عطاء، عن ابن عباس
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن؛ لا يجوز النكاح إلا
بولي وشاهدين، ومهر قل أو كثر '.
النهاس ضعيف.
بكر بن بكار، ثنا عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن
حصين، عن ابن مسعود قال: ' قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا نكاح إلا بولي وشاهدي
عدل '.
ابن محرر تركه الدارقطني.
ثابت بن زهير، نا نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا نكاح إلا بولي
وشاهدي عدل '.
ثابت واه.
170

محمد بن مروان العقيلي، نا هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي
التي تزوج نفسها '.
تفرد به جميل بن الحسن عنه.
قلت: قال عبدان الأهوازي: جميل كاذب فاسق.
وقد رواه موسى بن هارون، ثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي، نا مخلد بن
الحسين، عن هشام بن حسان. مسلم لا يعرف.
قلت: أخرجهما الدارقطني.
(خ) عبد الوهاب الثقفي، عن يونس، عن الحسن ' أن معقل بن يسار
زوج أختا له، فطلقها الرجل، ثم أنشأ يخطبها، فقال: زوجتك كريمتي فطلقتها،
ثم أنشأت تخطبها، فأبى أن يزوجه، وهويته المرأة؛ فأنزل الله - تعالى -: * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) *.
عن أبي عصمة نوح، عن مقاتل بن حيان، عن قبيصة بن ذؤيب، عن معاذ
مرفوعا: ' أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية '.
نوح متروك.
واحتجوا بحديث (م) مالك، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن
جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الأيم أحق بنفسها من وليها
والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها '.
171

فشارك بينها وبين وليها، وجعلها أحق، وقد صح العقد منه، فوجب أن
يصح منها.
سعيد في ' سننه ' ثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي سلمة
ابن عبد الرحمن، قال: ' جاءت امرأة إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 138 - أ] / فقالت: إن أبي
أنكحني رجلا وأنا كارهة، فقال لأبيها: لا نكاح لك، اذهبي انكحي من شئت '.
هذا مرسل.
591 - [مسألة]:
ولاية الفاسق لا تصح.
وعنه: تصح - كقول أبي حنيفة ومالك.
لنا: حديثان ضعيفان.
عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبي الزبير، عن جابر قال رسول الله:
' لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل '.
العرزمي متروك.
عدي بن الفضل، عن عبد الله بن عثمان بن [خثيم] عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس، قال رسول الله: ' لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل، وأيما
امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه، فنكاحها باطل '.
عدي متروك. رواه الدارقطني.
592 - [مسألة]:
يملك الأب إجبار البكر البالغ على النكاح.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة.
172

ابن عيينة، عن زياد بن سعد، عن عبد الله بن الفضل، سمع نافع بن جبير
يذكر عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الثيب أحق بنفسها من وليها،
والبكر يستأمرها أبوها في نفسها '. رواه الدارقطني.
فإن قيل: لفظ الصحيح الأيم، وهي التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا.
قلنا: لفظ الثيب صحيح.
قال الدارقطني: رواه جماعة عن مالك: ' الثيب... ' ثم المراد بالأيم الثيب؛
لأنه ذكر معها البكر، وليس ثم قسم ثالث.
هشيم، نا ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن الحسن، قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' تستأمر الأبكار في أنفسهن، فإن أبين أجبرن '.
عبد الكريم البصري واه، ثم هو مرسل.
واحتجوا بقوله: ' والبكر تستأمر '.
وبحديث أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن جارية بكرا أتت النبي
[صلى الله عليه وسلم] فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس ' أن خذاما أبا وديعة
أنكح بنته رجلا، فأتت النبي [صلى الله عليه وسلم] فاشتكت إليه أنها أنكحت وهي كارهة، فانتزعها
من زوجها، وقال: لا تكرهوهن '.
كهمس، عن ابن بريدة، عن عائشة قالت: ' جاءت فتاة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]
فقالت: يا رسول الله، إن أبي - ونعم الأب هو - زوجني ابن أخيه ليرفع من
خسيسته، قالت: [ق 138 - ب] / فجعل الأمر إليها، فقالت: إني قد أجزت ما صنع أبي ولكني
أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء '.
عن عبد الملك الذماري، عن سفيان، عن هشام الدستوائي، عن يحيى، عن
عكرمة، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما
173

وهما كارهتان، فرد النبي نكاحهما ' رواه الدارقطني.
الوليد بن مسلم، قال: قال ابن أبي ذئب: أخبرني نافع، عن ابن عمر ' أن
رجلا زوج بنته بكرا، فكرهت ذلك، فرد النبي [صلى الله عليه وسلم] نكاحها '.
وفي رواية أخرى عن ابن عمر: ' كان النبي [صلى الله عليه وسلم] ينتزع النساء من أزواجهن
ثيبات وأبكارا بعد أن يزوجهن الآباء؛ إذا كرهوا ذلك '.
الحكم بن موسى، نا شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن
جابر ' أن رجلا زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها، فأتت النبي [صلى الله عليه وسلم] ففرق بينهما '.
رواهما الدارقطني.
قلنا: أما استئمار البكر فلتطييب قلبها، وجمهور الأحاديث محمول على أنه
زوج من غير كفء. وقولها: زوجني ابن أخيه، يكون ابن عمها من الأم؛ على أنه
قد قال الدارقطني: حديث ابن عباس وعائشة وجابر مراسيل.
ابن بريدة لم يسمع من عائشة. وقد أنكر أحمد حديث جابر، ثم قال:
الصحيح أنه مرسل عن عطاء، وهم شعيب.
وحديث الذماري أخطأ فيه على سفيان، والصواب مرسل عن عكرمة.
قال: وحديث ابن أبي ذئب لا يثبت، لم يسمعه من نافع، إنما سمعه من
عمر بن حسين، وقد سئل أحمد عن هذا الحديث، فقال: باطل.
593 - [مسألة]:
لا يملك الأب إجبار الثيب الصغيرة، في أحد الوجهين، وفي الآخر:
يملك، كقول أبي حنيفة.
لنا قوله: ' الثيب أحق بنفسها '.
174

وحديث يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال رسول الله: ' لا تنكح
الثيب حتى تستأمر ' صححه (ت).
(خ) مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن
ومجمع ابني يزيد بن حارثة، عن خنساء ابنة خذام ' أن أباها زوجها وهي كارهة -
وكانت ثيبا - فرد النبي [صلى الله عليه وسلم] نكاحه '.
أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني عطاء الخراساني،
عن ابن عباس ' أن خذاما أبا وديعة أنكح ابنته وهي كارهة، فانتزعها النبي [صلى الله عليه وسلم] من
زوجها، وقال: لا تكرهوهن. [ق 139 - أ] / قال: فنكحت أبا لبابة بعد ذلك، وكانت ثيبا '.
ابن إسحاق، عن الحجاج بن السائب بن أبي لبابة، قال: كانت بنت خذام
عند رجل، فآمت منه، فزوجها أبوها رجلا من بني عوف، وخطبت هي إلى أبي لبابة،
فأبى أبوها إلا أن يلزمها العوفي، وأبت هي حتى ارتفع شأنهما إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال:
' هي أولى بأمرها ' فألحقها بهواها، فزوجت أبا لبابة، فولدت له أبا السائب '.
معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ليس للولي مع الثيب أمرا '.
قال الدارقطني: لم يسمعه صالح من نافع، إنما سمعه من عبد الله بن
الفضل عنه.
وقيل: أخطأ فيه معمر.
594 - [مسألة]:
إذا ذهبت بكارتها بزنا، زوجت ثيبا.
وقال أبو حنيفة ومالك: تزوج تزويج البكر.
لنا: قوله: ' الثيب أحق بنفسها '.
175

الليث، نا عبد الله بن عبد الرحمن، عن عدي بن عدي الكندي، عن أبيه،
أن رسول الله قال: ' الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها '.
595 - [مسألة]:
لا يجوز إنكاح الصغير والصغيرة اليتيمين.
وجوزه الشافعي للجد فقط.
وعن أحمد يجوز للعصبة، ويثبت لها الخيار إذا بلغت.
وهو قول أبي حنيفة.
ابن إسحاق، حدثني عمر بن حسين، عن نافع، عن ابن عمر قال: ' توفي
عثمان بن مظعون، وترك بنتا، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: هي يتيمة لا تنكح إلا بإذنها '
رواه الدارقطني.
فإن قالوا: المراد باليتيمة البالغة؛ إذ غير البالغة لا إذن لها.
أحمد، نا وكيع، نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي
موسى، قال رسول الله: ' تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن
أبت، فلا جواز عليها '.
قلنا: إنما يشير بذلك إلى زمان جواز الإذن؛ وهو البلوغ، فسماها يتيمة
بالاسم الذي كان لها.
احتجوا بأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زوج أمامة بنت حمزة من عمر بن أبي سلمة،
وكانت صغيرة، وكان رسول الله ابن عمها.
قلنا: زوجها بولاية النبوة؛ بدليل أن العباس أقرب منه، والرجل المتزوج سلمة
ابن أبي سلمة، ومن قال: عمر، فقد غلط.
596 - [مسألة]:
تستفاد ولاية النكاح بالنبوة، خلافا للشافعي.
176

لنا: أن عمر بن أبي سلمة زوج أمه برسول الله.
أحمد، نا عفان، نا حماد، أنا ثابت، حدثني ابن عمر بن أبي سلمة، عن
أبيه ' أن أم سلمة لما انقضت عدتها من أبي سلمة، بعث إليها رسول الله [ق 139 - ب] / [صلى الله عليه وسلم]
فقالت: مرحبا برسول الله وبرسوله، أخبر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أني امرأة غيرى، وأني
مصبية، وأنه ليس أحد من أوليائي شاهد، فبعث إليها: أما قولك: إني مصبية، فإن
الله سيكفيك صبيانك، وأما قولك: إني غيرى، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك،
وأما الأولياء، فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضى بي. فقالت: يا عمر،
قم فزوج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
كذا روي هذا الحديث أنها قالت: ' قم يا عمر ' وأصحابنا قد ذكروا أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' قم يا غلام، فزوج '.
وفي هذا الحديث نظر؛ لأن عمر كان له من العمر يوم تزوجها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
ثلاث سنين، وكيف يقال له: زوج. قال: ومات النبي [صلى الله عليه وسلم] ولعمر تسع سنين.
قلت: بل كان رجلا متزوجا، استفتى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن مباشرة الصائم.
قال: فيحمل قولها: قم فزوج رسول الله على وجه المداعبة للصغير، ثم إن
النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يفتقر نكاحه إلى ولي.
قال ابن عقيل: ظاهر كلام أحمد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] يجوز له أن يزوج بغير ولي؛
لأنه مقطوع بكفاءته.
ابن الأصبهاني، نا شريك، عن أبي هارون، عن أبي سعيد قال: ' لا نكاح
إلا بولي وشهود ومهر، إلا ما كان من النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
وعن أحمد قال: من يقول: إن عمر كان صغيرا؟ فهذا إن ثبت عن أحمد،
فلعله قاله قبل أن يعلم مقدار سنه، وقد ذكر سنه ابن سعد، وغيره.
واعتذر الخصم بأن عمر كان ابن عم لأمه.
177

قلنا: كان لها من الأولياء أخوها عبد الله بن أبي أمية، لكنه كان لم يسلم
بعد.
يزيد بن هارون، أنا حماد، عن ثابت، عن أنس ' أن أبا طلحة خطب أم
سليم، فقالت: يا أبا طلحة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد خشبة نخرها حبشي
بني فلان؟ إن أنت أسلمت، لم أرد منك صداقا غيره. قال: حتى أنظر في أمري.
فذهب ثم جاء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قالت:
يا أنس، زوج أبا محمد '.
قال: وهذا فيه نظر؛ لأن أبا طلحة شهد العقبة، وقدم النبي [صلى الله عليه وسلم] ولأنس
عشر سنين، ولعل هذا قبل تقرير الأحكام.
597 - [مسألة]:
يصح إذن بنت تسع في النكاح، خلافا لأكثرهم.
عبد الملك بن مهران، نا سهل بن أسلم العدوي [ق 140 - أ] / حدثني محمد بن قرة
اليزني، سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا أتى على الجارية تسع
سنين، فهي امرأة '.
في إسناده مجاهيل.
(عمير) بن المتوكل، حدثني أحمد بن موسى الضبي، نا عباد بن عباد
المهلبي، قال: ' أدركت فيها امرأة صارت جدة وهي بنت ثماني عشرة سنة؛ ولدت
لتسع سنين ابنة، فولدت ابنتها لتسع سنين ابنة '.
رواهما الدارقطني.
178

الشهادة
598 - [مسألة]:
هي شرط في النكاح.
وعنه: ليست شرطا - كقول مالك.
لنا حديث: ' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ' وقد مر.
(ت) عبد الأعلى السامي، عن سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد،
عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة '.
قال الترمذي: لا نعلم أحدا رفعه إلا عبد الأعلى، وقد وفقه مرة، والصحيح
وقفه.
قلنا: عبد الأعلى ثقة.
عن عبد الله بن سلمة بن أسلم، حدثني محمد بن عبد الله بن
عبد الرحمن بن أبي صعصة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يضر أحدكم أبقليل من ماله تزوج أو بكثير، بعد أن يشهد '.
قال الدارقطني: ابن أسلم ضعيف.
قال أحمد: لم يثبت في الشهادة شيء، وقال ابن المنذر: الأحاديث في
الشهادة لا تصح.
599 - [مسألة]:
لا ينعقد النكاح بشهادة فاسقين؛ لقوله: ' وشاهدي عدل '.
179

وقال أبو حنيفة: ينعقد.
600 - [مسألة]:
ولا ينعقد بشاهد وامرأتين؛ (لقول): '... وشاهدي عدل '.
وجوزه أبو حنيفة.
وقد قال الزهري: مضت السنة من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه لا تجوز شهادة النساء
في الحدود والنكاح والطلاق.
601 - [مسألة]:
لا ينعقد نكاحه للذمية بشهادة أهل الذمة.
وقال أبو حنيفة: ينعقد.
180

الكفاءة
601 - [مسألة]:
وشروطها: النسب والدين والحرية والصناعة والمال.
وعنه [ق 140 - ب] / الكفاءة: النسب والدين.
وقال أبو حنيفة: النسب، والدين، والحرية، والسلامة من العيوب.
لنا: سويد، ثنا بقية، حدثني محمد بن الفضل، عن عبيد الله، عن نافع،
عن ابن عمر، قال رسول الله: ' الناس أكفاء؛ قبيلة لقبيلة، وعربي لعربي، مولى
لمولى، إلا حائك أو حجام '.
قلت: هذا باطل.
محمد بن عبد الله بن عمار، نا عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عروة،
عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: ' العرب بعضها لبعض أكفاء، والموالي بعضها
لبعض أكفاء، إلا حائك أو حجام '.
قلت: وعلي متروك، وكذا عثمان.
احتجوا بضمرة، عن إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي وابن سمعان، عن
الزهري، عن عروة، عن عائشة ' أن أبا هند مولى بياضة حجم النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال النبي
[صلى الله عليه وسلم]: من سره أن ينظر إلى من صور الله الكتاب في قلبه، فلينظر إلى أبي هند،
أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه '.
قال ابن عدي: هذا منكر من حديث الزبيدي؛ تفرد به إسماعيل. وابن
سمعان كذبه ابن معين.
181

603 - [مسألة]:
فقد الكفاءة يبطل النكاح.
وعنه: يقف على اعتراض الأولياء - كقول أكثرهم.
الحارث بن عمران، الجعفي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: سمعت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' تخيروا لنطفكم، ولا تضعوها إلا في الأكفاء '.
ولفظ أبي سعيد الأشج، عن الحارث: ' فأنكحوا الأكفاء، وانكحوا
إليهم '.
الحارث ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: يضع الحديث.
ولهم حديث عائشة: ' جاءت فتاة فقالت: يا رسول الله إن أبي - ونعم
الأب هو - زوجني ابن أخيه؛ ليرفع من خسيسته. فجعل الأمر إليها... '
الحديث.
مر هذا في إجبار البكر.
604 - [مسألة]:
لا ينعقد النكاح إلا بلفظي الإنكاح والتزويج، أو معناهما الخاص في حق
من لم يحسن اللفظين.
وقال أبو حنيفة: ينعقد بكل لفظ يدل على التمليك، كلفظ البيع والهبة
والملك.
وأصحابنا يستدلون بقوله: * (وامرأة مؤمنة إن وهبت) * إلى قوله:
* (خالصة لك من دون المؤمنين) *.
موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن [ق 141 - أ] / رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' أيها الناس، إن النساء عوان عندكم، لا يملكن لأنفسهن ضرا ولا نفعا،
182

أخذتموهن بأمانة الله - عز وجل - واستحللتم فروجهن بكلمة الله '.
قلت: موسى واه.
قالوا: وكلمة الله هي المذكورة في القرآن، ولم يذكر إلا الإنكاح والتزويج؛
فدل على أن غير ذلك لا تحل بها.
فاحتجوا (خ م) بعبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، قال:
' جاءت امرأة إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت: يا رسول الله، جئت أهب لك
نفسي، فنظر إليها، فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه
لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها
حاجة فزوجنيها. فقال: هل عندك من شيء؟. فقال: لا والله. قال: اذهب
إلى أهلك فانظر، هل تجد شيئا؟. فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله، ما وجدت شيئا. قال: انظر ولو خاتما من حديد. فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله، ولا
خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري، فلها نصفه. قال: ما تصنع بإزارك، إن
لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء. فجلس
الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] موليا، فأمر به فدعي،
فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟. قال: معي سورة كذا وسورة كذا
عددها. فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم. قال: اذهب فقد ملكتكها
بما معك من القرآن.
قلنا: رواه مالك، والثوري، وابن عيينة، وحماد بن زيد، وزائدة ووهيب،
والدراوردي، وفضيل بن سليمان؛ كلهم قالوا: ' زوجتكها '.
ورواه أبو غسان، فقال: ' أنكحناكها ' وإنما روى ' ملكتكها ' ابن أبي حازم،
ويعقوب الإسكندراني، وليسا بحافظين، ومعمر وكان كثير الغلط.
قلت: هذا ضرب من التعسف.
183

605 - [مسألة]:
إذا زوج بنته بدون مهر مثلها جاز.
ومنع الشافعي.
وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز في الصغيرة لا الكبيرة.
لنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زوج بنته فاطمة بمهر قليل مع شرفها.
إبراهيم بن بشار، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح [ق 141 - ب] / عن أبيه، أخبرني من سمع
عليا قال: ' خطبت فاطمة، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: هل عندك شيء؟. قلت: لا.
قال: فأين درعك الحطمية التي كنت أعطيتك يوم كذا وكذا؟ قلت: عندي.
قال: فائت بها. فأتيت بها، فأنكحنيها '.
عن عبد الملك بن حيان، نا محمد بن دينار، نا هشيم، عن يونس، عن
الحسن، عن أنس، قال رسول الله: ' يا علي، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة،
وإني قد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة '.
قلت: أيها المؤلف، كيف تروي الباطل، وتكاسر عنه، وعن محمد بن
دينار المتهم بهذا؟!
606 - [مسألة]:
إذا أذنت لوليين، فزوج أحدهما بعد الآخر فالنكاح للأول، وقال مالك:
إن دخل بها الثاني فهو أحق بها.
لنا: حديث أبان، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أن نبي الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا أنكح الوليان، فهي للأول منهما، وإذا باع الرجل بيعا من رجلين،
فهو للأول منهما ' رواه أحمد.
هشام، نا قتادة، عن الحسن، عن سمرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا
184

أنكح الوليان، فهي للأول، وإذا باع وليان، فالبيع للأول '.
رواه أيضا أحمد.
607 - [مسألة]:
إذا كان الولي ممن يجوز له التزويج، لم يتول طرفي العقد، كابن العم
والمعتق.
وعنه: يجوز - كقول أبي حنيفة ومالك.
استدل أصحابنا بحديث: ' لا بد في النكاح من أربعة... ' كما تقدم.
وعن ابن المسيب، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يتزوج الرجل امرأة حتى
يكون الولي غيره '.
قلت: لا ينهض ذلك.
احتجوا (خ م) بهشيم، نا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس ' أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها '.
قالوا: ولم ينقل أنه تولاها غيره.
608 - [مسألة]:
إذا قال: أعتقت أمتي، وجعلت عتقها صداقها ' بحضرة شاهدين صح
النكاح.
وعنه: لا يصح - كقول أكثرهم.
185

لنا أنه جعل عتق صفية صداقها.
609 - [مسألة]:
لا يتزوج عبد أزيد من امرأتين.
وقال مالك وداود: يتزوج أربعا.
ابن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن سليمان بن
يسار، عن عبد الله بن عتبة، عن عمر، قال: ' ينكح العبد امرأتين، ويطلق
تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين '.
وقال الحكم: أجمع أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 142 - أ] / أن العبد لا ينكح أكثر من
امرأتين.
610 - [مسألة]:
إذا كانت معتدة من طلاقه، لم يجز له أن يتزوج أختها [أو] أربعا
سواها.
وقال مالك، والشافعي: إن كانت العدة من طلاق بائن جاز.
لنا: * (وأن تجمعوا بين الأختين) *.
ويروى مرفوعا: ' ملعون من جمع ماءه في رحم أختين '.
قلت: هذا منكر، فأين إسناده؟
611 - [مسألة]:
إذا دخل بامرأة، حرمت عليه بنتها.
وقال داود: لا تحرم إلا إذا كانت في حجره.
186

لنا (ت) ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' أيما رجل نكح امرأة فدخل بها، فلا يحل له نكاح ابنتها، وإن لم يكن
دخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة، فدخل بها، فلا يحل له نكاح
أمها '.
قال الترمذي: لا يصح من قبل إسناده، إنما رواه ابن لهيعة، والمثنى بن
الصباح، وهما يضعفان.
معلى بن منصور، نا حفص بن غياث، عن ليث، عن حماد، عن إبراهيم،
عن علقمة، عن عبد الله قال: ' لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها '.
قال الدارقطني: ليث وحماد ضعيفان.
612 - [مسألة]:
لا يجوز نكاح زانية إلا بعد انقضاء عدتها.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز. إلا أن أبا حنيفة قال: لا توطأ إلا بعد
العدة.
لنا: ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تجيب، عن
رويفع بن ثابت قال: ' كنت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حين افتتح خيبر، فقام فينا خطيبا فقال:
لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره '.
(د) ابن جريج، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن المسيب، عن رجل
من الأنصار يقال له بصرة، قال: ' تزوجت بكرا في سترها، فدخلت بها، فإذا هي
حبلى، فقال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد عبد
لك، فإذا ولدت فاجلودها '.
187

قوله: ' عبد لك ' أي: كالعبد لك.
613 - [مسألة]:
لا يجوز للزاني أن يتزوج الزانية حتى يتوبا، خلافا لأكثرهم.
(د) عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
' أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي، كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة [ق 142 - ب] / بغي يقال
لها عناق، وكانت صديقته فجئت، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فسكت
عني، فنزلت * (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) * فدعاني، فقرأها علي،
وقال: لا تنكحها '.
(د) عبد الوارث، عن حبيب، حدثني عمرو بن شعيب، عن سعيد
المقبري، عن أبي هريرة، قال رسول الله: ' لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله '.
(....) معلوم أنه بعد التوبة لا يسمى زانيا.
614 - [مسألة]:
الزنا يثبت تحريم المصاهرة، خلافا للشافعي.
وعن مالك كالمذهبين.
عن عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الحلال لا يفسد بالحرام '.
رواه الهيثم بن يمان، ومغيرة بن إسماعيل، عن عثمان، وزاد مغيرة: ' سئل
النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الرجل يتبع المرأة حراما ثم ينكح ابنتها، أو يتبع البنت ثم ينكج أمها،
فقال: لا يحرم الحرام الحلال '.
عثمان: هو الوقاصي متروك.
188

إسحاق بن محمد الفروي، نا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يحرم الحرام الحلال '.
عبد الله؛ قال ابن حبان: فحش خطؤه، فاستحق الترك.
615 - [مسألة]:
إذا أسلم وتحته أكثر من أربع اختار منهن أربعا، وكذا في الأختين.
وقال أبو حنيفة: إن تزوجهن في عقد واحد، بطل نكاح الكل، وإن كن في
عقود، بطل ما بعد أربع، والثانية من الأختين.
لنا: ابن علية، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ' أن غيلان بن
سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]: أختر منهن أربعا. فلما
كان في عهد عمر، طلق نساءه، وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني
لأظن الشيطان في ما يسترق من السمع سمع موتك، فقذفه في نفسك، وأيم الله
لتراجعن نساءك، ولترجعن بمالك، أو لأورثهن منك، ولآمرن بقبرك فيرجم كما
رجم قبر أبي رغال ' رواه أحمد عنه.
(ت) ابن أبي عروبة، عن معمر بشطره الأول؛ ولفظه: أسلم وله عشر
نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يتخير أربعا منهن '.
قال الترمذي: سمعت محمدا يقول: هذا غير محفوظ. والصحيح ما روى
شعيب وغيره، عن الزهري قال: حدثت عن [ق - 143 - أ] / محمد بن سويد الثقفي ' أن غيلان
أسلم وعنده عشر نسوة ' وإنما حديث سالم، عن أبيه ' أن رجلا من ثقيف طلق
نساءه، فقال له عمر: لتراجعن نساءك... ' الحديث.
الواقدي، ثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن عبد الله بن أبي سفيان، عن
أبيه، عن ابن عباس قال: أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة، فأمره النبي
[صلى الله عليه وسلم] أن يمسك أربعا، ويفارق سائرهن ' رواه الدارقطني.
189

جرير بن حازم، سمعت يحيى بن أيوب، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن
أبي وهب الجيشاني، عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال: ' قلت:
يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان؟ قال: طلق أيهما شئت '.
إسناده قوي.
616 - [مسألة]:
إذا هاجرت الحربية بعد الدخول وقعت الفرقة على انقضاء العدة.
وقال أبو حنيفة: تقع الفرقة باختلاف الدارين.
لنا: ' أن صفوان وعكرمة فرا يوم الفتح إلى الطائف والساحل، فأسلمت
امرأتاهما، فأخذتا أمانا لهما، وأسلم أبو سفيان بمر الظهران، وامرأته مقيمة بمكة،
وأقرهم النبي [صلى الله عليه وسلم] على النكاح، وكانت مكة واليمن والطائف والساحل دار
شرك '.
617 - [مسألة]:
أنكحة الكفار صحيحة.
وقال مالك: باطلة.
الواقدي، حدثني محمد بن عبد الله، عن عمه الزهري، عن عروة، عن
عائشة، قال رسول الله: ' خرجت من نكاح غير سفاح '.
الواقدي هالك.
618 - [مسألة]:
نكاح الشغار باطل، خلافا لأبي حنيفة.
وهو: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك بغير صداق.
وقال الشافعي: هذه صفته، وأن يقول: وتضع كل واحدة منهما مهر
190

الأخرى، فإن لم يقل، فالنكاح صحيح.
(خ م) قال نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن
الشغار '.
619 - [مسألة]:
من تزوج وشرط لها دارا، أو أن لا يتسرى، فمتى لم يف فلها الخيار،
خلافا للأكثر.
(خ م) يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر،
أن رسول الله قال: ' إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج '.
فاحتجوا (خ م) بالزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في
كتاب الله، فليس له وإن [ق 143 - ب] / شرط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق '.
قلنا: نقول بهذا، ولا نسلم أن هذا الشرط ليس في كتاب الله؛ فإن الله
يقول: * (أوفوا بالعقود) *.
وقال [صلى الله عليه وسلم]: ' من شرط شرطا لزمه الوفاء به '.
قلت: هذا لا أعرفه، ولم يذكر المؤلف له إسنادا.
620 - [مسألة]:
إذا تزوج امرأة على أنه متى أحلها لمطلقها فارقها، لم يصح.
وقال أبو حنيفة: يصح، ويلغي الشرط.
191

(ت) سفيان، عن أبي قيس، عن هذيل بن شرحبيل، عن ابن مسعود
قال: ' لعن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المحلل والمحلل له '.
صححه (ت) واسم أبي قيس: عبد الرحمن بن ثروان.
621 - [مسألة]:
يفسخ النكاح بالجنون والجذام والبرص والقرن والفتق. والجب، والعنة.
وافق الشافعي ومالك، إلا في الفتق.
وقال أبو حنيفة: لا يفسخ (بالجب، والعنة).
سعيد في ' سننه ' نا أبو معاوية، نا جميل بن زيد، عن زيد بن كعب بن
عجرة قال: ' تزوج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] امرأة من بني غفار، فلما دخلت عليه،
وضعت ثيابها، فرأى بكشحها بياضا، فقال: البسي ثيابك، والحقي بأهلك '.
قلت: هذا مرسل، وجميل غير ثقة.
هشيم، أنا يحيى بن سعيد، ثنا ابن المسيب؛ أن عمر قال: ' أيما رجل تزوج
امرأة، فدخل بها، فوجد بها برصا أو مجنونة، أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه
إياها، وهو له على من غره منها '.
شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد ' قضى عمر في البرصاء، والجذماء،
والمجنونة إذا دخل بها، فرق بينهما، والصداق لها بمسيسه، وهو له على وليها '.
622 - [مسألة]:
إذا أعتقت أمة تحت حر، لم يثبت لها الخيار.
192

وقال أبو حنيفة: لها الخيار.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ' كان زوج بريرة عبدا، فخيرها
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فاختارت نفسها، ولو كان حرا لم تخير '.
الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ' كان زوج بريرة
حرا، فخيرها رسول الله '.
قال البخاري: قول الأسود منقطع، ثم إن عروة أخبر بخالته عائشة، وتابعه
القاسم [ق 144 - أ] / عن عمته عائشة.
فإن عتقت تحت عبد فمكنته فوطئها، سقط الخيار.
وعن الشافعي كقولنا. وعنه: لها الخيار إلى ثلاث. وعنه: إن لم تختر على
الفور، فلا خيار لها.
خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ' لما خيرت بريرة رأيت
زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته، فكلم العباس ليكلم فيه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال رسول الله: يا بريرة، إنه زوجك. قالت: تأمرني به
يا رسول الله؟ قال: إنما أنا شافع. قال: فخيرها، فاختارت نفسها، وكان عبدا
لآل المغيرة يقال له: مغيث.
قلت: قوله: فكلم العباس، شيء منكر؛ فإن عتق بريرة كان قبل إسلام
العباس، ويحتمل أن ذلك كان وقت فدائه بعد بدر.
أحمد، نا يحيى بن إسحاق، نا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر،
عن الفضل بن عمرو بن أمية، عن أبيه، قال: سمعت رجالا يتحدثون عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' إذا عتقت الأمة، فهي بالخيار ما لم يطأها، إن شاءت فارقته، وإن
وطئها فلا خيار لها ولا تستطيع فراقه '.
193

الزهري، عن سالم ' أن أمة لبني عدي أعتقت ولها زوج، فقالت لها
حفصة: إني مخبرتك بشيء، وما أحب أن تفعليه؛ لك الخيار ما لم يمسك
زوجك. قالت: فاشهدي أني قد فارقته. ثم فارقته '.
623 - [مسألة]:
لا يحل للرجل إتيان المرأة في الدبر.
ويحكى الجواز عن مالك.
وهيب، حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها ' رواه أحمد.
وروى النهي جماعة من الصحابة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منهم: عمر وعلي،
وابن مسعود وأبو ذر، وجابر وعبد الله بن عمرو، وابن عباس والبراء، وعقبة بن
عامر وخزيمة بن ثابت، وطلق بن علي.
وجاء النهي عن جماعة من الصحابة والتابعين؛ أفردت لها جزءا.
194

الصداق
624 - [مسألة]:
[ق 144 - ب] / لا يتقدر أقل المهر.
وقال أبو حنيفة ومالك: يتقدر بما يقطع به السارق، مع اختلافهما في ذلك.
لنا (ت) شعبة، عن عاصم، عن عبيد الله، سمع عبد الله بن عامر بن
ربيعة، عن أبيه ' أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم. فأجازه '.
صالح بن مسلم بن رومان، أخبرني أبو الزبير، عن جابر؛ أن رسول الله
قال: ' لو أن رجلا أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعاما، كانت له حلالا '.
رواه أحمد.
يزيد بن هارون، أنا موسى بن مسلم بن رومان، عن أبي الزبير، عن جابر
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من أعطى في نكاح ملء كف، فقد استحل. قال:
من دقيق، أو طعام، أو سويق '.
رواه الدارقطني.
إسماعيل بن عياش، عن برد بن سنان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد،
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يضر أحدكم أبقليل من ماله تزوج أم بكثير، بعد أن
يشهد '.
195

عمرو بن خالد الحراني، نا صالح بن عبد الجبار، عن محمد بن البيلماني،
عن أبيه، عن ابن عباس، قال رسول الله: ' أنكحوا الأيامى، وأدوا العلائق. قيل:
وما العلائق بينهم؟ قال: ما تراضى عليه الأهلون؛ ولو قضيب من أراك '.
فهذه أحاديث معلولة؛ عاصم ضعفه ابن معين. وكذا صالح بن مسلم.
وقد رواه عن صالح أيضا أبو عاصم، وإنما يزيد هو سماه موسى؛ ولا يعرف
موسى.
وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن صالح فأوقفه، ورواه عبد الله بن
المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر قال: ' إن كنا لننكح المرأة على الحفنة والحفنتين
من الدقيق '.
ابن المؤمل ضعيف، وأبو هارون كذلك، وابن البيلماني ليس بشيء، وإنما
الحجة: ' التمس ولو خاتما من حديد '.
احتجوا بأبي المغيرة الحمصي، نا مبشر بن عبيد، نا حجاج بن أرطأة، عن
عطاء وعمرو، عن جابر قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تنكحوا النساء إلا
الأكفاء، ولا يزوجهن إلا الأولياء، ولا مهر أقل من عشرة دراهم '.
مبشر كذاب.
محمد بن ربيعة، ثنا داود الأودي، عن الشعبي، قال: قال علي: ' لا يكون
مهر أقل من عشرة [ق 145 - أ] / دراهم '.
داود ضعف.
قال أبو سيار البغدادي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لقن غياث بن إبراهيم
داود الأودي، عن الشعبي، عن علي: ' لا مهر أقل من عشرة دراهم ' فصار
حديثا، وغياث تركوه.
وعن الحسن بن دينار، عن عبد الله الداناج، عن عكرمة، عن ابن عباس،
196

عن علي، قال: ' لا مهر أقل من خمسة دراهم '.
رواه الدارقطني.
قال أحمد: الحسن بن دينار لا يكتب حديثه.
625 - [مسألة]:
لا يجوز أن يجعل تعليم القرآن صداقا.
وعنه: الجواز - كقول مالك والشافعي.
أبو معاوية، عن أبي عرفجة القابسي، عن أبي النعمان الأزدي، قال:
' زوج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] امرأة على سورة من القرآن، ثم قال: لا تكون لأحد
بعدك مهرا '.
قلت: هذا لا يثبت. رواه سعيد في ' سننه '.
(د) ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، نا أبي، نا محمد بن راشد، عن
مكحول ' أن رسول الله زوج رجلا على ما معه من القرآن ' قال مكحول: ليس
ذا لأحد بعد النبي [صلى الله عليه وسلم].
قلت: وهذا منقطع.
واحتجوا بحديث: ' زوجتكها على ما معك من القرآن ' وقد مر؛ وهذا كان
لضرورة الفقر في أول الإسلام.
عتبة بن السكن، نا الأوزاعي، نا محمد بن عبد الله بن أبي طلحة، أخبرني
زياد بن أبي زياد، حدثني عبد الله بن سخبرة، عن ابن مسعود ' أن امرأة أتت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت: رأ في رأيك. فقال: من ينكح هذه؟ فقام رجل عليه بردة
عاقدها في عنقه، فقال: أنا يا رسول الله. فقال: ألك مال؟. قال: لا. قال:
197

اجلس. ثم جاءت امرأة أخرى، فقالت: يا رسول الله، رأ في رأيك. فقال: من
ينكح هذه؟. فقام ذلك الرجل، فقال: أنا. قال: ألك مال؟. قال: لا. قال:
اجلس. ثم جاءت الثالثة، فذكر مثل ذلك، فقال: هل تقرأ من القرآن شيئا؟.
قال: نعم، سورة البقرة، وسورة المفصل. فقال: قد أنكحتكها على أن تقرئها
وتعلمها، وإذا رزقك الله عوضها. فتزوجها الرجل على ذلك '.
عتبة متروك. قاله الدارقطني.
626 - [مسألة]:
يجب للمفوضة مهر المثل بالعقد، ويستقر بالموت.
وقال مالك: لا يجب لها شيء.
وقال الشافعي: لا يجب بالعقد شيء، وفي وجوبه بالموت قولان.
[ق 145 - ب] / لنا أنه لو لم يجب بالعقد، لم يجب بالوطء.
ولنا على استقراره:
منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: ' أتي عبد الله في امرأة تزوجها
رجل، ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقا، ولم يكن دخل بها، فاختلفوا إليه،
فقال: أرى لها مثل صداق نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة. فشهد معقل بن
سنان أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى في ربوع بنت واشق بمثل ما قضى '.
صححه الترمذي:
627 - [مسألة]:
يثبت المسمى في النكاح الفاسد.
وقال الشافعي: يثبت مهر المثل.
198

وقال أبو حنيفة: يثبت أقلهما [أو من المثل].
لنا حديث عائشة: ' أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل؛ فإن
أصابها، فلها مهرها بما أصاب منها '.
628 - [مسألة]:
الخلوة الصحيحة تقرر المهر.
وقال مالك والشافعي: لا يتكمل إلا بالوطء.
ابن لهيعة، أنا أبو الأسود، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من كشف خمار امرأة ونظر إليها، وجب الصداق، دخل بها أو
لهم يدخل '.
هذا مرسل، والمرسل عندنا حجة، وابن لهيعة فقد روى عنه العلماء.
يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قال: ' من أغلق بابا،
وأرخى سترا، فقد وجب عليه الصداق '.
شريك، عن ميسرة، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، عن علي قال: ' إذا
أغلق بابا، وأرخى سترا، أو رأى عورة، فقد وجب عليه الصداق '.
199

الوليمة والقسمة
629 - [مسألة]:
يكره نثار العرس.
وعنه: لا - كقول أبي حنيفة.
لنا (خ) شعبة، عن عدي بن ثابت: سمعت عبد الله بن يزيد يحدث،
قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن النهبة والمثلة '.
ابن أبي ذئب، حدثني مولى لجهينة، عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد، عن
أبيه ' أنه سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن النهبة، والخلسة '.
الحارث بن عمير، عن حميد، عن الحسن، عن عمران بن حصين؛ أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من انتهب فليس منا ' رواه أحمد.
معمر، عن ثابت عن أنس مرفوعا: ' من انتهب فليس منا '.
صححه (ت).
630 - [مسألة]:
الأمة على النصف من الحرة في القسم.
وقال داود: هما سواء.
وعن مالك كالمذهبين.
هشيم، ثنا ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن
200

علي أنه كان يقول: ' إذا تزوج الحرة على الأمة؛ للأمة الثلث، وللحرة الثلثان '.
[ق 146 - أ] / داود بن أبي هند: سمعت سعيد بن المسيب يقول: تنكح الحرة على
الأمة، ولا تنكح الأمة على الحرة، ويقسم بينهما؛ الثلث للأمة، والثلثان للحرة.
631 - [مسألة]:
تفضيل البكر بسبع، والثيب بثلاث.
وقال أبو حنيفة وداود: يقضى في حق الجميع.
(م) سفيان الثوري، ثنا محمد بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر
ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أم سلمة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما تزوجها أقام
عندها ثلاثة أيام، وقال: إنه ليس بك هوان على أهلك، إن شئت سبعت لك، وإن
سبعت لك سبعت لنسائي '.
ابن إسحاق، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقول: ' للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاث، ثم يعود إلى نسائه '.
(ت) خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس قال: ' لو شئت أن أقول:
قال رسول الله؛ ولكنه السنة إذا تزوج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعا، وإذا
تزوج الثيب على امرأته، أقام عندها ثلاثا '.
صححه (ت).
201

الخلع
632 - [مسألة]:
يكره بأكثر من المهر، ويصح.
وقال أكثرهم: لا يكره.
ابن جريج، أنا أبو الزبير ' أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت
عبد الله بن أبي بن سلول، وكان أصدقها حديقة فكرهته، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: أتردين
عليه حديقته؟. قالت: نعم، وزيادة. فقال: أما الزيادة فلا، ولكن حديقته؟.
قالت: نعم. فأخذها له، وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس، قال: قد
قبلت قضاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' إسناد جيد.
قال الدارقطني: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
ابن جريج، عن عطاء؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يأخذ من المختلعة أكثر مما
أعطاها ' مرسل.
واحتجوا بما في نسخة عمر بن زرارة؛ ثنا مسروح بن عبد الرحمن، عن
الحسن بن عمارة، عن عطية، عن أبي سعيد قال: ' كانت أختي تحت رجل من
الأنصار تزوجها على حديقة، فكان بينهما كلام، فارتفعا، إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
تردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، وأزيده. قال: ردي عليه حديقته، وزيدية '.
عطية وابن عمارة لا شيء.
202

[ق 146 - ب] / الطلاق
633 - [مسألة]:
لا يصح طلاق قبل النكاح، وفي العتاق روايتان.
وقال أبو حنيفة: يصح.
وقال مالك: يصح في خصوصهن.
لنا مطر الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' ليس على رجل طلاق فيما لا يملك، ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما
لا يملك '.
رواه أحمد.
عبد المجيد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن معاذ
ابن جبل؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يجوز طلاق ولا عتق، ولا بيع ولا وفاء نذر
فيما لا يملك '.
وعن يزيد بن عياض، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن معاذ؛ قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا طلاق إلا بعد نكاح وإن سميت المرأة بعينها '.
رواهما الدارقطني.
وروى علي بن قرين، عن بقية، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي ثعلبة
الخشني قال: ' قال لي عمر: اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي. فقلت: إن
203

تزوجتها فهي طالق ثلاثا، ثم بدا لي أن أتزوجها، فسألت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
تزوجها؛ فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح. فتزوجتها؛ فولدت لي أسعد وسعيدا '.
خالد بي يزيد القرني، ثنا عبد الرحمن بن مسهر، نا أبو خالد الواسطي، عن
أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' أنه
سئل عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق. قال: طلق ما لا يملك '.
قلت: إسناده ضعيف.
عمر بن يونس اليمامي، عن سليمان بن أبي سليمان الزهري، عن يحيى
ابن أبي كثير، عن طاوس، عن ابن عباس، قال رسول الله: ' لا نذر إلا في ما
أطيع الله فيه، ولا يمين في قطيعة رحم، ولا عتاق ولا طلاق في ما لا يملك '.
الوليد بن سلمة الأردني، ثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة،
قالت: ' بعث رسول الله أبا سفيان على نجران، فكان فيما عهد إليه أن لا يطلق
الرجل ما لا يتزوج، ولا يعتق ما لا يملك '.
رواهما الدارقطني، وهي ضعاف.
634 - [مسألة]:
جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد بدعة.
وعنه: مباح - كقول الشافعي.
(خ م) نافع، عن ابن عمر ' أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر
رسول الله [ق 147 - أ] / عن ذلك، فقال: مرة فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض،
ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس؛ فتلك العدة التي أمر
الله أن تطلق لها النساء '.
204

معلى بن منصور، نا شعيب بن زريق، ثنا عطاء الخراساني، عن الحسن، ثنا
عبد الله بن عمر ' أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين
أخريين عند القرءين، فبلغ ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا ابن عمر، ما هكذا أمرك
الله، إنك قد أخطأت السنة، والسنة أن تستقبل الطهر، فتطلق لكل قرء. فأمرني
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فراجعتها ثم قال: إذا طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت:
يا رسول الله، أرأيت لو أني طلقتها ثلاثا، أكان يحل لي أن أرتجعها؟ قال: لا،
كانت تبين منك، ويكون معصية '.
قال ابن حبان: لم يشافه الحسن ابن عمر.
قلت: فقد صرح هنا بمشافهته. وهذا إسناد قوي.
635 - [مسألة]:
إذا قال لها: أنت خلية، أو برية، أبو بائن، أو بتة، أو بتلة، أو طالق،
لا رجعة لي فيها ولا مثنوية، وأراد بذلك الطلاق، وقعت ثلاث؛ نوى أو لم ينو.
وقال الشافعي: يرجع إلى نيته؛ فيقع.
إسماعيل بن أمية الكوفي، نا عثمان بن مطر، عن عبد الغفور، عن أبي هاشم،
عن زاذان، عن علي قال: ' سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] رجلا طلق البتة، فغضب وقال:
يتخذون آيات الله هزوا - أو لعبا - من طلق البتة ألزمناه ثلاثا، لا تحل له حتى تنكح
زوجا غيره '.
إسماعيل ضعفه الدارقطني.
قلت: وشيخه ضعفوه. وعبد الغفور، قال ابن حبان: يضع الحديث.
أبو حفص الأبار، عن عطاء بن السائب، عن الحسن، عن علي قال:
' الخلية، والبرية، والبتة، والبائن، والحرام: ثلاث، لا تحل حتى تنكح زوجا '.
الحسن لم يسمع من علي. رواهما الدارقطني.
205

احتجوا (ت) بجرير بن حازم، نا الزبير بن سعيد الهاشمي، عن عبد الله
ابن علي بن ركانة، عن أبيه، عن جده، قال: ' طلقت امرأتي البتة، فأتيت النبي
[صلى الله عليه وسلم] فقلت: يا رسول الله، إني طلقت امرأتي البتة. [ق 147 - ب] / قال: ما أردت بهذا؟ قلت:
واحدة. قال: آلله؟ قلت: آلله. قال: فهو ما أردت '.
(د) الشافعي، نا عمي محمد بن علي، عن عبد الله بن علي بن
السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد، عن ركانة ' أنه طلق سهيمة البتة، فأخبر
النبي [صلى الله عليه وسلم] بذلك، فقال: آلله ما أردت إلا واحدة؟. فقال: والله ما أردت إلا
واحدة. فردها إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمن
عثمان '.
قال أبو داود: هذا الحديث صحيح.
قلنا: قال أحمد: حديث ركانة ليس بشيء.
636 - [مسألة]:
المكره لا يصح طلاقه، ولا يمينه، ولا نكاحه.
وقال أبو حنيفة: يصح.
ابن إسحاق، حدثني ثور بن يزيد، عن محمد بن عبيد المكي، عن صفية
بنت شيبة، عن عائشة: سمعت رسول الله يقول: ' لا طلاق ولا عتاق في إغلاق '
رواه أحمد.
قال ابن قتيبة: الإغلاق الإكراه؛ من أغلقت الباب. كان المكره أغلق عليه
الباب حتى يفعل.
206

خالد بن عبد الله، عن هشام، عن الحسن، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الله
عفا لكم عن ثلاث: عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهتم عليه '.
سعيد بن منصور، ثنا إبراهيم بن قدامة الجمحي، سمعت أبي ' أن
رجلا على عهد عمر بن الخطاب تدلى يشتار عسيلا، فأقبلت امرأته، فجلست على
الحبل، فقالت: ليطلقنها ثلاثا، وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت،
فطلقها ثلاثا، ثم خرج إلى عمر فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك، فليس هذا
بطلاق '.
قلت: منقطع عن عمر.
احتجوا (ت) بحاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حبيب، عن
عطاء، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ثلاث جدهن جد،
وهزلهن جد: النكاح، والطلاق والرجعة '.
عطاء هو ابن عجلان؛ متروك.
قلت: بل هو ابن أبي رباح؛ لكن عبد الرحمن، قال النسائي، منكر
الحديث.
(ت) مروان بن معاوية، عن عطاء بن عجلان، عن عكرمة بن خالد
المخزومي، عن أبي هريرة مرفوعا: ' كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه، والمغلوب
على عقله '.
' قال الترمذي: وعطاء ذاهب الحديث.
[ق 148 - أ] / نعيم بن حماد، نا بقية، عن الغاز بن جبلة، عن صفوان بن الأصم، عن
رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أن رجلا كان نائما مع امرأته، فقامت فأخذت
سكينا، وجلست على صدره، ووضعت السكين على حلقه وقالت له: أتطلقني،
207

أو لأذبحنك. فناشدها الله فأبت، فطلقها ثلاثا، فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: لا
قيلولة في الطلاق '.
قال البخاري: هذا منكر لا يتابع عليه صفوان ولا الغازي.
637 - [مسألة]:
الخلع فسخ.
وعنه: طلاق - كقول أبي حنيفة.
وللشافعي قولان.
سعيد في ' سننه ': نا سفيان عن عمرو، عن طاوس قال: ' سمعت
إبراهيم بن سعد يسأل عبد الله بن عباس عن رجل طلق امرأته تطليقتين، ثم اختلعت
منه، فقال: ينكحها إن شاء؛ إنما ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع
فيما بين ذلك '.
واحتجوا عن عباد بن كثير الرملي، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس
' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جعل الخلع تطليقة بائنة '.
عباد تركوه.
الدارقطني؛ نا ابن قانع، نا إبراهيم بن أحمد بن مروان، نا إسماعيل بن
يزيد البصري، نا (هشام) بن يوسف، نا معمر، عن عمرو بن مسلم، عن
عكرمة، عن ابن عباس ' أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فأمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] أن
تعتد بحيضة '.
عمرو بن مسلم ضعفه أحمد ويحيى.
208

ورووا عن سعيد بن المسيب، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' الخلع طلقة بائن '.
قلنا: لا يصح، ثم (نحمله) على ما إذا نوى.
638 - [مسألة]:
المختلعة لا يلحقها طلاق.
وقال أبو حنيفة: يلحقها ما دامت في العدة، ويلحقها من الكنايات:
اعتدي، واستبرئي، وأنت واحدة، دون بقية الكنايات.
لنا حديث: ' لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك '.
والمختلعة لا ملك عليها.
فذكروا حديثا؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' المختلعة يلحقها الطلاق ما دامت في
العدة '.
قلنا: ذا موضوع.
639 - [مسألة]:
إصابة الزوج الثاني شرط في إباحتها للأول، خلافا لابن المسيب، وداود.
لنا حديث (خ م) الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ' دخلت امرأة
رفاعة وأنا وأبو بكر عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالت: إن رفاعة طلقني البتة، وإن عبد الرحمن
ابن الزبير تزوجني، وإنما معه مثل الهدبة، فقال: [ق 148 - ب] / كأنك تريدين أن ترجعي إلى
رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك '.
640 - [مسألة]:
إذا قال: أنت طالق إن شاء الله وقع، وكذا العتق.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقع.
209

لنا حديث ابن عمر: ' كنا معاشر أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نرى الاستثناء
جائزا في كل، إلا في الطلاق والعتاق '.
قلت: أين إسناده؟
احتجوا بإسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك، عن مكحول، عن
معاذ، قال: ' قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: يا معاذ، ما خلق الله شيئا على وجه الأرض
أحب إليه من العتاق، ولا أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر
إن شاء الله فهو حر، ولا استثناء له، وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله فله
استثناؤه، ولا طلاق عليه '.
إسحاق الختلي، ثنا عمر بن إبراهيم، ثنا حميد بن مالك، ثنا مكحول،
عن مالك بن يخامر، عن معاذ مرفوعا: ' من طلق واستثنى فله ثنياه '.
هذا لم يثبت مع نكارته وانقطاعه، وضعف حميد.
الجارود بن يزيد متروك.
عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال رسول الله: ' إذا قال لامرأته:
أنت طالق إلى سنة إن شاء الله. فلا حنث عليه '.
إسحاق بن أبي يحيى، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن
عطاء، عن ابن عباس؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من قال لامرأته: أنت طالق إن
شاء الله، أو غلامه، حر إن شاء الله، أو عليه المشي إلى بيت الله إن شاء الله فلا
شيء عليه ' إسحاق؛ قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يحل
الاحتجاج به.
210

الظهار
641 - [مسألة]:
يصح الظهار المؤقت، وتلزم الكفارة إن عزم على الوطء في المدة، وإن لم
يعزم حتى مضت المدة، فلا كفارة عليه.
وقال مالك: يبطل التوقيت، ويتأبد التحريم.
وعن الشافعي كقولنا.
وعنه: لا يكون ظهارا.
[ق 149 - أ] / ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن
سلمة بن صخر قال: ' كنت امرأ قد أوتيت من الجماع ما لم يؤت غيري، فلما
دخل رمضان، تطهرت من امرأتي حتى ينسلخ؛ فرقا من أن أصيب في ليلتي شيئا،
فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع. قال: فبينا هي تحدثني
من الليل، إذا انكشف لي منها شيء، فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على
قومي، فأخبرتهم خبري وقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخبره بأمري،
فقالوا: لا والله لا نفعل؛ نتخوف أن ينزل فينا قرآن؛ أن يقول فينا رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك. قال: فخرجت
حتى أتيته، فأخبرته، فقال لي: أنت بذاك؟ قلت: أنا بذاك. قال: أنت بذاك؟.
قلت: نعم، ها أنا ذا، فأمض في حكم الله، فإني صابر له. قال: أعتق رقبة.
فضربت صفحة رقبتي بيدي، وقلت: لا، والذي بعثك بالحق، ما أصبحت أملك
غيرها، قال: فصم شهرين. قلت: وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام. قال:
فتصدق. فقلت: والذي بعثك بالحق، لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا، ما لنا عشاء.
211

قال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له، فليدفعها إليك، فأطعم عنك
منها وسقا من تمر ستين مسكينا، ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك. فرجعت
إلى قومي، فقلت: وجدت عندكم التضييق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] السعة والبركة، قد أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي '.
642 - [مسألة]:
المظاهر إذا وطئ قبل التكفير أثم، واستقرت الكفارة.
وقال أبو حنيفة: لا تستقر، فإن عزم على الوطء ثانيا أمرته بالكفارة كما أمرته
أولا.
لنا: أنه [صلى الله عليه وسلم] أمر [ق 149 - ب] / سلمة المذكور بالتكفير بعد أن وطئ.
643 - [مسألة]:
الإيمان للرقبة شرط في الكفارة.
وعنه: أنه شرط في كفارة القتل، وأما كفارة اليمين والظهار فلا. وهو
قول أبي حنيفة.
لنا: حماد بن سلمة، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن الشريد ' أن
أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك، وقال:
عندي سوداء نوبية، أفأعتقها عنها؟ قال: ائت بها. قال: فدعوتها، فجاءت، فقال
لها: من ربك؟. قالت: الله. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال:
أعتقها؛ فإنها مؤمنة '.
رواه أحمد.
معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن رجل من الأنصار ' أنه
212

جاء بأمة سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه
مؤمنة أعتقها؟ فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم.
قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم.
قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟
قالت: نعم. قال: أعتقها '.
644 - [مسألة]:
الطلاق بالرجال؛ فالحر طلاقه ثلاث، والعبد اثنتان.
وقال أبو حنيفة: يعتبر بالنساء.
وفي الطرفين أحاديث واهية.
صغدي بن سنان، عن (...) مظاهر بن أسلم، عن القاسم، عن عائشة،
قال رسول الله: ' طلاق العبد اثنتان، وقرء الأمة حيضتان '.
قال يحيى بن سعيد: مظاهر ليس بشيء.
ويروى عن ابن عباس مرفوعا، والصواب وقفه: ' الطلاق بالرجال، والعدة
بالنساء '.
(ت) نا محمد بن يحيى، نا أبو عاصم، عن ابن جريج، نا مظاهر بن
أسلم، نا القاسم، عن عائشة؛ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' طلاق الأمة تطليقتان،
وعدتها حيضتان '.
صالح بن عبد الله الترمذي، ثنا سلم بن سالم، عن ابن جريج، عن نافع،
عن ابن عمر؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كانت الأمة تحت رجل فطلقها تطليقتين، ثم
اشتراها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره '.
سلم غير ثقة.
213

عمر بن شبيب المسلي، نا عبد الله بن عيسى، عن عطية، عن ابن عمر، قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' طلاق الأمة اثنتان [ق 150 - أ] / وعدتها حيضتان '.
المسلي وهاه أبو زرعة، والصحيح أنه من قول ابن عمر.
645 - [مسألة]:
الإطعام للمسكين مد بر، أو نصف صاع شعير أو تمر.
وقال أبو حنيفة: نصف صاع بر، أو صاع من تمر أو شعير.
وقال الشافعي: مد من الجميع.
ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار قال: ' أدركت الناس
وهم يعطون في طعام المساكين مدا مدا، ويرون أن ذلك يجزئ عنهم '.
214

اللعان
646 - [مسألة]:
الأمة تصير فراشا بالوطء، فما تأتي به من الأولاد يلحق به.
وقال أبو حنيفة: لا يلحق به إلا باعترافه.
(خ م) الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ' اختصم عبد بن زمعة
وسعد بن أبي وقاص عند النبي [صلى الله عليه وسلم] في ابن أمة زمعة، فقال: يا رسول الله، أخي
وابن أمة أبي، ولد على فراشه. وقال سعد: أوصاني أخي: إذا قدمت مكة فانظر
ابن أمة زمعة فاقبضه؛ فإنه ابني، فرأى النبي [صلى الله عليه وسلم] شبها بينا بعتبة بن أبي وقاص،
فقال: هو لك يا عبد؛ الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة '.
647 - [مسألة]:
موجب قذف الزوج الحد، ويسقط باللعان.
وقال أبو حنيفة: موجبه اللعان، ولا يحد إلا إن كذب نفسه.
(خ) هشام بن حسان، ثنا عكرمة، عن ابن عباس ' أن هلال بن أمية
قذف امرأته عند النبي [صلى الله عليه وسلم] بشريك بن سحماء، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: البينة، أو حد
في ظهرك. قال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا، ينطلق يلتمس
البينة؟! فجعل النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: البينة، وإلا حد في ظهرك. قال: والذي
بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل،
فنزل عليه: * (والذين يرمون أزواجهم) * حتى بلغ: * (إن [ق 150 - ب] / كان من
الصادقين) *.
215

648 - [مسألة]:
العبد، والذمي، والمحدود في القذف من أهل اللعان، في إحدى الروايتين.
وهو قول الشافعي.
وفي الأخرى: لا؛ فإن قذفوا فالحد أو البينة.
لنا: * (والذين يرمون أزواجهم) * وهذا عام.
فللدارقطني من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن عثمان بن
عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' أربعة
ليس بينهم لعان: ليس بين الحر والأمة لعان، وليس بين العبد والحرة لعان، وليس بين
المسلم واليهودية لعان، وليس بين المسلم والنصرانية لعان '.
وضمرة، عن ابن عطاء، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب بمعناه.
وعن حماد بن عمرو، عن زيد بن رفيع، عن عمرو. رواهم الدارقطني.
فعثمان تركوه، وعثمان بن عطاء ضعيف، وحماد كذاب.
ثم قد رواه ابن جريج والأوزاعي، عن عمرو موقوفا.
649 - [مسألة]:
لا يصح لعان على نفي الحمل.
وقال مالك والشافعي: يلاعن لنفي الحمل.
وذكروا: أحمد، حدثنا وكيع، حدثنا عباد بن منصور، عن عكرمة،
عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لاعن بالحمل '.
قال أحمد: ونا يزيد، ثنا عباد؛ وفيه: ' لاعن بين هلال بن أمية وامرأته،
216

وفرق بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى
ولدها فعليه الحد. قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرا على مصر، وكان يدعى لأمه،
وما يدعى لأب '.
قلنا: قال أحمد: إنما وكيع أخطأ؛ فقال: لاعن بالحمل، وإنما لاعن رسول الله
لما جاء فشهد بالزنا، ولم يلاعن بالحمل.
650 - [مسألة]:
لا تقع فرقة اللعان إلا بلعانهما وتفريق الحاكم.
وعنه: تقع بلعانهما.
وهو قول مالك.
وقال الشافعي: تقع بلعان الزوج.
الزهري، عن سهل ' أن رسول الله لاعن بن عويمر وامرأته، فقال عويمر: إن
انطلقت بها يا رسول الله، لقد كذبت عليها. قال: ففارقها قبل أن يأمره رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فصارت سنة المتلاعنين '.
ابن إسحاق، عن الزهري، عن سهل قال: ' لما لاعن أخو بني العجلان [ق 151 - أ] /
امرأته قال: يا رسول الله، ظلمتها إن أمسكتها، هي الطلاق، وهي الطلاق، وهي
الطلاق، قال: إن انطلقت بها لقد كذبت عليها ' فاعتقد أنه يجوز له إمساكها،
وأقره الرسول - [صلى الله عليه وسلم] - على ذلك؛ فدل على أن الفرقة لم تقع.
الثاني: أنه طلقها ثلاثا، ولو كانت الفرقة قد حصلت لم يقع الطلاق.
الثالث: قوله: ' فكانت سنة المتلاعنين ' أخبر أن السنة استقرت على أنه
يحتاج إلى التفرقة.
أحمد، نا يحيى بن سعيد، نا عبد الملك بن أبي سليمان، سمعت سعيد
217

ابن جبير، يقول: ' سألت ابن عمر فقلت: المتلاعنان، أيفرق بينهما؟ فقال: لاعن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بينهما، ثم فرق بينهما '.
متفق عليه.
قيل: ففي ' الصحيحين ' من حديث ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال له:
' لا سبيل لك عليها '.
قلنا: إنما ظن أن له المطالبة بالمهر؛ ولهذا في تمام الحديث أنه لما قال: ' لا
سبيل لك عليها. قال: يا رسول الله، مالي. قال: لا مال لك؛ إن كنت صدقت
عليها؛ فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها، فذاك أبعد لك
منها '.
651 - [مسألة]:
فرقة اللعان مؤبدة.
وعنه: إذا لاعن امرأته وأكذب نفسه جلد، وردت إليه امرأته.
وهو قول أبي حنيفة.
لنا حديث: ' لا سبيل لك عليها ' وهذا عام، أكذب نفسه أو لم يكذب.
ابن وهب، عن عياض بن عبد الله، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد،
قال: ' حضرت المتلاعنين عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فطلقها ثلاث تطليقات عند
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأنفذه رسول الله، فكان ما صنع عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سنة،
فمضت السنة بعد في المتلاعنين يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدا '.
أبو معاوية، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا '.
218

وعن عاصم، عن زر، عن عبد الله وعلي قالا: ' مضت السنة أن لا يجتمع
المتلاعنان '.
رواهم الدارقطني.
219

العدة
652 - [مسألة]:
الأقراء: الحيض.
وعنه: الأطهار - كقول مالك والشافعي.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' عدة الأمة حيضتان '.
653 - [مسألة]:
المبتوتة لا سكنى لها ولا نفقة.
[ق 151 - ب] / وعنه: لها السكنى - كقول مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة: لها السكنى والنفقة.
(م) مالك، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود، عن أبي سلمة، عن
فاطمة بنت قيس ' أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها
وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]، فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة. وأمرها أن تعتد في بيت
أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن [أم] مكتوم؛
فإنه رجل أعمى '.
حجاج بن أرطأة، نا عطاء، عن ابن عباس: ' حدثتني فاطمة بنت قيس أن
رسول الله لم يجعل لها سكنى ولا نفقة '.
مجالد، ثنا عامر قال: ' قدمت المدينة، فأتيت فاطمة بنت قيس، فحدثني
أن زوجها طلقها، فبعثه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سرية، فقال لي أخوه: أخرجي
من
220

الدار، فقلت: إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل. قال: لا. فأتيت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فقلت: إن فلانا طلقني، وإن أخاه أخرجني، ومنعني السكنى والنفقة. فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة،
فإذا لم يكن له عليها رجعة، فلا نفقة ولا سكنى '.
قلت: حجاج ومجالد ليسا بحجة، أخرجهما أحمد.
فذكروا حديث حرب بن أبي العالية، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة '.
حرب ضعفه ابن معين.
ت) جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: قالت فاطمة: ' طلقني
زوجي ثلاثا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال رسول الله: لا سكنى لك ولا نفقة.
فذكرته لإبراهيم، فقال: قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا
ندري أحفظت أو نسيت. وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة '.
هذا منقطع عن عمر، وقد رواه جماعة، أن عمر قال: ' لا نترك كتاب الله '
ولم يقل: ' سنة نبيه ' وهو أصح، ثم قول الشارع مقدم على قول الصحابي.
654 - [مسألة]:
[ق 152 - أ] / المبتوتة لا تلزمها العدة في بيت الزوج، خلافا لأبي حنيفة والشافعي.
لنا: أنه [صلى الله عليه وسلم] أمر فاطمة أن تعتد عند ابن أم مكتوم.
655 - [مسألة]:
البائن يجوز لها أن تخرج في حوائجها.
221

وقال أبو حنيفة: لا تخرج إلا لعذر ملجئ.
وعن الشافعي كالمذهبين.
(س) ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر ' أن خالته طلقت فأرادت أن
تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلا فنهاها، فجاءت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: أخرجي
فجذي نخلك لعلك أن تصدقي وتفعلي معروفا '.
222

الرضاع
656 - [مسألة]:
لا يثبت إلا بخمس رضعات.
وعنه: بواحدة - كقول أبي حنيفة ومالك.
وعنه؛ بثلاث - كقول داود.
(م د ت) مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة،
قالت: ' أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات، فنسخ من ذلك خمس، وصار
إلى خمس رضعات، فتوفي رسول الله والأمر على ذلك '.
(م) أيوب، عن أبي مليكة، عن ابن الزبير، عن عائشة، أن نبي الله -
[صلى الله عليه وسلم] - قال: ' لا تحرم المصة والمصتان '.
657 - [مسألة]:
مدة الرضاع حولان.
وقال أبو حنيفة: سنتان ونصف.
وقال مالك: سنتان وشئ.
وقال زفر: ثلاث سنين.
الهيثم بن جميل، نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال
223

رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا رضاع إلا ما كان في الحولين '.
قال الدارقطني: لم يسنده غير الهيثم، وهو ثقة حافظ.
طلحة بن يحيى، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس
قال: ' لا رضاع بعد حولين كاملين '.
224

النفقات
658 - [مسألة]:
نفقة الزوجة غير مقدرة، إنما هي الكفاية، وذلك يعتبر بحال الزوجين.
وقال الشافعي: هي مقدرة، وتختلف؛ فعلى الموسر مدان، وعلى المتوسط
مد ونصف، وعلى الفقير مد.
(خ م) هشام، عن أبيه، عن عائشة ' أن هندا قالت: يا رسول الله، إن
أبا سفيان، رجل شحيح، وليس لي إلا ما يدخل بيتي. قال: خذي ما يكفيك
وولدك بالمعروف '.
659 - [مسألة]:
إعساره بالنفقة يثبت لها الفسخ.
وقال أبو حنيفة: لا تملك؛ بل يرفع يده عنها.
حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح [ق 152 - ب] / عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] ' في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: يفرق بينهما '.
رواه الدارقطني.
قلت: وهو منكر.
225

فارغة.
226

كتاب الجنايات
660 - [مسألة]:
لا يقتل مسلم بكافر.
وقال أبو حنيفة: يقتل بالذمي.
لنا (خ) مطرف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة: ' سألت عليا: هل
عندكم من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شيء بعد القرآن؟ قال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ
النسمة، إلا فهم يؤتيه الله رجلا في القرآن، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في
هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر '.
أحمد، نا يحيى، نا ابن أبي عروبة، نا قتادة، عن الحسن، عن قيس بن
عباد قال: ' انطلقت أنا والأشتر إلى علي - عليه السلام - فقلنا: هل عهد
إليك نبي الله شيئا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في كتابي هذا.
قال: وكتاب في قراب سيفه، فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم وأعراضهم، وهم
يد على يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده '.
محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى أن لا يقتل مسلم بكافر '.
إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد بن عمير، عن
عائشة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث
خصال: زان محصن فيرجم، ورجل يقتل مسلما متعمدا، ورجل يخرج من
الإسلام، فيحارب الله ورسوله، فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض '.
227

احتجوا بعمار بن مطر، نا إبراهيم بن أبي يحيى، عن ربيعة، عن ابن
البيلماني، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قتل مسلما بمعاهد، وقال: أنا أكرم من
وفى بذمته '.
قال الدارقطني: لم يسنده غير إبراهيم؛ وهو متروك، وصوابه مرسل، وابن
البيلماني ضعيف.
قال عبد الرحمن بن زياد: ' قلت لزفر: إنكم تقولون: إنا ندرأ الحدود
بالشبهات [ق 153 - أ] / وإنكم جئتم إلى أعظم الشبهات، فأقدمتم عليها. قال: وما هو؟
قلت: المسلم يقتل بالكافر. قال: فاشهد أنت على رجوعي عن هذا '.
وقد ذكروا أن الذي قتله رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالذمي عمرو بن أمية الضمري؛
وعمرو عاش بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] سنين.
قالوا: فقد قتل علي - رضي الله عنه - مسلما بكافر.
قلنا: ليس كذا الحديث.
قال الدارقطني: نا ابن عقدة، نا محمد بن أحمد بن الحسن، نا محمد بن
عديس، نا يونس بن أرقم، عن شعبة، عن الحكم، عن حسين بن ميمون، عن
أبي الجنوب قال: قال علي: ' من كانت له ذمتنا، فدمه كدمائنا '.
أبو الجنوب ضعيف.
ثم نحمله على أن دمه محرم، كتحريم دمائنا.
661 - [مسألة]:
لا يقتل حر بعبد.
وقال أبو حنيفة: يقتل بعبد غيره.
وقال داود: يقتل بعبده.
228

لنا الدارقطني من طريق عثمان البري، عن جويبر، عن الضحاك، عن
ابن عباس، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يقتل حر بعبد '.
إسرائيل، عن جابر الجعفي، عن عامر، قال علي: ' من السنة أن لا يقتل
مسلم بكافر، ولا حر بعبد '.
إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي [عن عمرو بن شعيب] عن أبيه، عن
جده ' أن رجلا قتل عبده متعمدا، فجلده النبي [صلى الله عليه وسلم] مائة، ونفاه سنة، ومحا سهمه
من المسلمين، وأمره أن يعتق رقبة '.
رواه الدارقطني.
نا الحسين بن الحسن الأنطاكي، نا محمد بن عبد الحكم الرملي، نا محمد
ابن عبد العزيز الرملي، نا إسماعيل.
فجويبر والبري، وجابر وابن عياش ضعفاء.
فاحتجوا بهشام، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من قتل عبده
قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ' فالحسن لم يسمع من سمرة. قاله ابن حبان.
ثم هذا على وجه الوعيد؛ وقد يتوعد بما لا يفعل، ومنه: ' فإن شربها في
الرابعة فاقتلوه '.
قلت: هذا خلف من القول.
662 - [مسألة]:
لا يقتل أب بابنه.
وقال مالك: إذا أضجعه فذبحه، قتل به.
229

وقال داود: يقتل بابنه.
لنا: ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده [عن عمر] أن
[ق 153 - ب] / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يقاد والد من ولده '.
رواه أحمد.
(ت) أبو خالد الأحمر، عن حجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده، عن عمر، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا يقاد الوالد
بالولد '.
(ت) إسماعيل بن عياش، نا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده، عن عمر، سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا يقاد الوالد
بالولد '.
(ت) إسماعيل بن عياش، حدثنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده، عن سراقة بن مالك قال: حضرت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقيد الأب من ابنه، ولا يقيد الابن من أبيه '.
هؤلاء ضعفاء.
(ت) إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن
عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يقتل الوالد بالولد '.
إسماعيل واه.
230

663 - [مسألة]:
تقتل الجماعة بالواحد.
وعنه: لا يقتلون - كقول داود.
يحيى بن سعيد الأنصاري، عن ابن المسيب ' أن إنسانا قتل بصنعاء، فقتل به
عمر سبعة، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به '.
664 - [مسألة]:
يجب القتل بالمثل إذا كان مما يقصد به القتل غالبا.
وقال أبو حنيفة: لا يجب إلا في ما له حد.
لنا: (خ م) حديث قتادة، عن أنس ' أن يهوديا رضخ رأس امرأة بين
حجرين فقتلها، فرضخ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأسه بين حجرين '.
ابن جريج، أنا عمرو بن دينار؛ أنه سمع طاوسا يخبر عن ابن عباس، عن
عمر ' أنه نشد قضاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الجنين، فجاء حمل بن مالك فقال: كنت
بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] في جنينها بغرة، وأن تقتل بها '.
واحتجوا بشعبة عن أيوب، عن القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو،
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن قتيل الخطأ شبه العمد، قتيل السوط والعصا: فيه
مائة، منها أربعون في بطونها أولادها '.
هذا يرويه القاسم هذا مرة عن يعقوب بن أوس، وتارة عن عقبة بن أوس،
عن رجل له صحبة، وتارة يقول: عن ابن عمر.
ثم نحمله على العصا الصغيرة؛ وقد قرنها بالسوط.
إسحاق بن سنين، نا خالد بن مرداس، نا معلى بن هلال، عن أبي إسحاق،
231

عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا قود في النفس وغيرها
إلا بحديدة '.
وهذا [ق 154 - أ] / فيه معلى، قال ابن معين: كان يضع الحديث. ثم لو صح لكان
معناه: لا قود يستوفى إلا بحديدة؛ وهي رواية لنا.
نعيم بن حماد، نا بقية، عن أبي معاذ، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن
أبي هريرة مرفوعا: ' لا قود إلا بالسيف '.
المسيب بن واضح، نا بقية، عن أبي معاذ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق،
عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود أن رسول الله قال: ' لا قود إلا بسلاح '.
رواهما الدارقطني، وأبو معاذ متروك.
سليمان بن كثير، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال
رسول الله: ' من قتل في عمياء أو رميا بحجر أو سوط أو عصا؛ فعقله عقل
خطأ '.
إسناده جيد، لكن هذا في الخطأ.
الثوري، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' كل شيء خطأ إلا السيف، وفي كل خطأ أرش '.
جابر واه.
ورواه ورقاء، عن جابر ففسر اسم أبي عازب، فقال: عن مسلم بن أراك،
عن النعمان.
رواه الدارقطني.
232

665 - [مسألة]:
إذا أمسك رجلا وقلته آخر؛ حبس الممسك وقتل القاتل.
وعنه: يقتلان - كقول مالك.
أبو داود الحفري، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا: ' إذا أمسك الرجل الرجل وقتله آخر يقتل القاتل، ويحبس الذي أمسك '.
رواه الدارقطني.
قلت: وهو حديث منكر، لعله من قول ابن عمر.
666 - [مسألة]:
لولي الدم أن يعفو عن القود إلى الدية من غير رضى الجاني.
وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا برضا الجاني.
ابن إسحاق، حدثني المقبري، عن أبي شريح الخزاعي ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال يوم الفتح حدثني: من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين؛ إن شاءوا فدم
قاتله، وإن شاءوا فعقله '.
رواه أحمد.
محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن الفضل،
عن سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريح، قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من أصيب بدم أو خبل - والخبل عرج - فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد
الرابعة فخذوا على يديه: بين أن يقيض [ق 154 - ب] / أو يعفو أو يأخذ العقل، فإن قبل شيئا من
ذلك ثم عدا بعد ذلك، فله النار خالدا فيها مخلدا '.
233

667 - [مسألة]:
الواجب بالعمد القصاص أو الدية.
وعنه الواجب القود حسب - كقول أبي حنيفة ومالك.
وعن الشافعي كالروايتين.
فائدة الخلاف إذا عفا مطلقا، ثبتت الدية على الرواية الأولى، ولنا حديث
أبي شريح.
(خ م) وحديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من
قتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إما أن يفدى، وإما أن يقتل '.
محمد بن راشد، نا سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من قتل متعمدا، دفع إلى أولياء المقتول؛ فإن شاءوا
قتلوه، وإن شاءوا أخذوا الدية '.
668 - [مسألة]:
يجري القصاص في كسر السن كما يجري في قلعه، خلافا للشافعية.
لنا حديث (خ) حميد، عن أنس ' أن الربيع بنت النضر عمته لطمت
جارية فكسرت سنها، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا فطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي
[صلى الله عليه وسلم] فأمرهم بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر، فقال: يا رسول الله، أتكسر
سن الربيع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر سنها، فقال: يا أنس، كتاب الله
القصاص! فعفا القوم، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إن من عباد الله من لو أقسم على الله
لأبره '.
(س) أبو خالد الأحمر، حدثنا حميد، عن أنس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قضى بالقصاص في السن '.
234

669 - [مسألة]:
لا يقتص من الجناية إلا بعد الاندمال.
وقال الشافعي: يقتص في الحال.
يعقوب بن كاسب، نا عبد الله بن عبد الله الأموي، عن ابن جريج وغيره،
عن أبي الزبير، عن جابر ' أن رجلا جرح، فأراد أن يستقيد، فنهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح ' رواه الدارقطني.
قلت: هذا من مناكير يعقوب.
فإن اقتص قبل الاندمال، فسرت الجناية إلى موضع آخر، فلا ضمان على
الجاني، خلافا لأكثرهم.
القواريري، حدثنا محمد بن حمران، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده [ق 155 - أ] / ' أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]
فقال: أقدني؟ قال: حتى يبرأ. ثم جاء إليه، فقال: أقدني، فأقاده. ثم جاء فقال:
يا رسول الله، عرجت. قال: قد نهيتك فعصيتني؛ فأبعدك الله وبطل عرجك. ثم
نهى رسول الله أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه.
670 - [مسألة]:
لا قود إلا بالسيف.
وعنه: يقتل بمثل الآلة التي قتل بها.
وهو قول مالك والشافعي.
لنا: حديث ابن مسعود وأبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' لا قود إلا بالسيف '
وقد مضيا.
فذكروا بما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من غرق غرقناه، ومن حرق حرقناه '
وهذا ليس يصح؛ بل قاله زياد في خطبته.
235

671 - [مسألة]:
قتل عمد الخطأ لا يوجب القود، وهو ما وجد فيه عمد في الفعل، وخطأ
في القصد.
وقال مالك: قتل عمد الخطأ محال، وفيه القود.
سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن
ينزو الشيطان بين الناس، فيكون رميا في عميا في غير فتنة ولا سلاح '.
ومر حديث القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' إن قتل الخطأ شبه العمد قتل السوط والعصا؛ فيه مائة، منها أربعون في
بطونها أولادها '.
672 - [مسألة]:
دية الخطأ أخماس: عشرون جذعة، ومثلها حقة، ومثلها بنت لبون،
ومثلها بنت مخاض، ومثلها ابن مخاض.
وقال مالك والشافعي: بل ابن لبون.
حجاج بن أرطأة، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك، عن ابن
مسعود: ' قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بني
مخاض ذكور، وعشرين ابنة لبون، وعشرين حقة، وعشرين جذعة '.
ولهم حديث حماد بن سلمة، أنا سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن
أبي عبيدة، أن ابن مسعود قال: ' دية الخطأ خمسة أخماس: عشرون حقة،
وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بنو لبون
ذكور '.
قال الدارقطني: رواته ثقات، وحديث خشف غير ثابت [ق 155 - ب] / بجهالة خشف،
236

وحجاج مدلس. ثم قد اختلف الرواة فيه على ححاج. قال المؤلف: يعارض هذا أن
أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ثم إنما حكي عنه فتواه.
قال: ومتى كان الإنسان ثقة، فينبغي أن يقبل قوله، وكيف يقال عن الثقة
مجهول؟!
واشتراط المحدثين أن يروي عنه اثنان لا وجه له.
قلت: فمن وثق هذا، فدع الهوى والخبط.
673 - [مسألة]:
الدراهم والدنانير أصل مقدر في الدية، يجوز أخذها مع القدرة على
الإبل.
وقال الشافعي: الأصل الإبل؛ فإن عدمت، عدل إلى ألف دينار، أو اثني
عشر ألف درهم. وعنه: يعدل إلى قيمة الإبل.
(ت) محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن
ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه جعل الدية اثنى عشر ألفا '.
قيل: فرواه ابن عيينة، عن عمرو، فأسقط ابن عباس. ثم الطائفي قد ضعفه
أحمد.
قلنا: وقد وثقه يحيى، والوصل زيادة.
الدارقطني، حدثنا ابن صاعد، حدثنا محمد بن ميمون الخياط، حدثنا
سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى باثني عشر
ألفا في الدية '.
قال الخياط: إنما قال عن ابن عباس مرة، وأكثر ذلك كان يرسله.
237

674 - [مسألة]:
والبقر، والغنم، والحلل أصل في الدية أيضا؛ مقدرة بمائتي بقرة، وألفي
شاة، ومائتي حلة.
وهو قول أبي يوسف ومحمد، خلافا للأكثر.
(د) ابن إسحاق قال: ذكر عطاء، عن جابر قال: ' فرض رسول الله في
الدية؛ على أهل الإبل مائة، وعلى أهل البقر مائتين، وعلى أهل الشاء ألفي شاة،
وعلى أهل الحلل مائتي حلة '.
675 - [مسألة]:
في أشراف الأذنين الدية.
وقال مالك: فيها حكومة.
يونس، عن ابن شهاب قال: ' قرأت في كتاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى عمرو
ابن حزم حين بعثه إلى نجران - وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم - فكتب
رسول الله فيه: في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعي جدعه مائة من
الإبل، وفي العين خمسون من الإبل، وفي الأذن خمسون '.
676 - [مسألة]:
في العين القائمة، واليد الشلاء، ولسان الأخرس، والذكر الأشل،
والأصبع [ق 156 - أ] / الزائدة ثلث دية العضو.
وعنه: فيها حكومة - كقول أكثرهم.
(س) الهيثم بن حميد، أنبأنا العلاء بن الحارث، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى في العين السادة لمكانها إذا طمست
238

بثلث ديتها، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت
بثلث ديتها '.
أبو هلال، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس، أنه
قال: ' في اليد الشلاء ثلث الدية، وفي العين القائمة إذا خسفت ثلث الدية '.
677 - [مسألة]:
في موضحة الوجه خمس من الإبل.
وقال مالك: في موضحة الأنف واللحى الأسفل حكومة.
(ت) يزيد بن زريع، حدثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' في المواضح خمس خمس '.
678 - [مسألة]:
إذا ضربت حامل فماتت، ثم انفصل منها جنين ميت، وجبت فيه الغرة.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا شيء فيه.
(خ م) هشام بن عروة، عن أبيه، عن المغيرة ' أن عمر استشارهم في
إملاص المرأة، فقال المغيرة: قضى النبي [صلى الله عليه وسلم] بالغرة؛ عبد أو أمة. فشهد محمد بن
مسلمة أنه شهد النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى به '.
(م) منصور، عن إبراهيم، عن عبيد بن نضلة، عن المغيرة ' أن امرأة
ضربتها ضرتها بعمود فسطاط، فقتلتها وهي حبلى، فأتي فيها النبي [صلى الله عليه وسلم] فقضى
فيها على عصبة القاتلة بالدية، وفي الجنين بغرة، فقال عصبتها: أندي من لا أكل
ولا شرب ولا صاح فاستهل، ومثل ذلك يطل؟! فقال: سجع كسجع الأعراب '.
239

679 - [مسألة]:
يبدأ في القسامة بأيمان المدعين.
وقال أبو حنيفة: بأيمان المدعى عليهم.
(خ م) الليث، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن
أبي حثمة، قال: ' خرج عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مسعود، حتى إذا [ق 156 - ب] / كانا
بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك، فإذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا، فدفنه،
ثم أقبل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هو وحويصة بن مسعود، وعبد الرحمن بن سهل،
وكان أصغر القوم، فذهب ليتكلم قبل صاحبيه، فقال رسول الله: كبر. فصمت،
وتكلم صاحباه، وتكلم معهما؛ فذكروا مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم:
أتحلفون خمسين يمينا، فتستحقون صاحبكم - أو قاتلكم؟. قالوا: وكيف نحلف
ولم نشهد؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينا. قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفار.
فلما رأى ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أعطى عقله '.
قالوا: ففي ' الصحيح ' غير هذا.
(خ) حدثنا أبو نعيم، نا سعيد بن عبيد، عن بشير بن يسار، ' زعم أن
رجلا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى
خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلا، فانطلقوا فأخبروا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال
لهم: تأتون بالبينة على قتله. قالوا: ما لنا بينة. قال: فيحلفون. قالوا: لا نرضى
بأيمان اليهود. فكره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة '.
قلنا: هذا يرويه سعيد بن عبيد، وروايتنا أكثر وأولى، وأكمل لفظا، فليس
في حديثكم إلا عرض اليمين على المدعى عليهم، وذلك في حديثنا أيضا، لكن بعد
عرضها على المدعي، فتضمنت روايتنا زيادة، ويقويها قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' البينة
240

على من ادعى، واليمين على من أنكر إلا في القسامة ' وسيأتي سنده في الأيمان.
680 - [مسألة]:
الذمي إذا انتقل إلى دين، لم يقبل منه سوى الإسلام.
وقال أبو حنيفة: يقر.
وعن الشافعي قولان.
أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال رسول الله: ' من بدل دينه
فاقتلوه '.
681 - [مسألة]:
لا يجوز اتباع المنهزم من البغاة [ق 157 - أ] / ولا يجاز على جريحهم.
وقال أبو حنيفة: إن كان لهم فئة، جاز ذلك.
عبد العزيز الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين،
عن مروان بن الحكم، قال: ' صرخ صارخ لعلي يوم الجمل: لا يقتلن مدبر، ولا
يذفف على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن '.
241

فارغة.
242

الحدود
682 - [مسألة]:
يجمع الجلد والرجم على من أحصن.
وقال بذلك داود.
وعن أحمد: لا يجتمعان - كقول أكثرهم.
(م) ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله
الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا نزل عليه الوحي
كرب لذلك، وتربد وجهه، فأنزل الله عليه ذات يوم، فلما سري عنه قال: خذوا
عني، قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة
ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة، ثم نفي سنة '.
أحمد، نا وكيع، نا الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن
حريث، عن سلمة بن المحبق، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' خذوا عني، خذوا
عني، قد جعل الله لهن سبيلا؛ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب
جلد مائة والرجم '.
أحمد، نا حسين بن محمد، نا شعبة، عن سلمة ومجالد، سمعا الشعبي
يحدث ' أن عليا حين رجم المرأة من أهل الكوفة، ضربها يوم الخميس، ورجمها يوم
الجمعة، وقال: أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بسنة نبي الله [صلى الله عليه وسلم] '.
683 - [مسألة]:
الإسلام ليس بشرط في الإحصان.
243

وقال أبو حنيفة ومالك: هو شرط.
شريك، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: ' رجم النبي [صلى الله عليه وسلم] يهوديا
ويهودية '.
مالك، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله رجم يهوديا ويهودية '.
فذكروا: أبو بكر بن أبي مريم، عن علي بن أبي طلحة، عن كعب بن مالك
' أنه أراد أن يتزوج يهودية أو نصرانية، فسأل النبي [صلى الله عليه وسلم] فنهاه عنها وقال: إنها
لا تحصنك '.
[ق 157 - ب] / ابن أبي مريم واه، وابن أبي طلحة ما لقي كعبا.
إسحاق بن راهويه، نا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله، عن نافع، عن
ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أشرك بالله فليس بمحصن '.
قيل: رجع إسحاق عن رفعه، وصوابه موقوف.
684 - [مسألة]:
جراح المرأة تساوي جراح الرجل في ما دون الثلث، فإذا بلغ الثلث،
فعلى النصف منه.
وعنه: تساويه.
وقال أبو حنيفة، والشافعي في الجديد: على النصف في الكل.
(س) إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ
الثلث من ديتها '.
قلت: إسماعيل في الحجازيين ضعيف.
244

هشيم، نا أشعث بن عبد الملك، عن الحسن ومحمد قالا: ' القصاص بين
الرجل والمرأة، فيما كان من العمد إلى ثلث الدية '.
زكريا وغيره، عن الشعبي ' أن عليا كان يقول: جراحات النساء على
النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر '.
685 - [مسألة]:
دية الذمي إذا قتله المسلم عمدا دية المسلم، فإن قتله خطأ، فالنصف.
وعنه: الثلث.
ودية المجوسي ثمانمائة درهم.
وقال أبو حنيفة: دية الكافر منهما دية المسلم.
وقال مالك: نصفها.
وقال الشافعي: ثلثها في العمد والخطأ، والمجوسي كقولنا.
لنا: علي بن الجعد، أنا أبو كرز القرشي، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' دية ذمي دية مسلم '.
قال ابن حبان: لا يحل أن يحتج بابن كرز؛ واسمه: عبد الله بن عبد الملك
ابن كرز.
أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' جعل
رسول الله دية العامرتين دية المسلم '.
قال أبو بكر: كان لهما عهد. أبو سعد هو سعيد بن المرزبان: واه.
عثمان الوقاصي، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان،
عن أسامة ' أن رسول الله جعل دية المعاهد كدية المسلم '.
245

عثمان متروك، رواهم الدارقطني.
واحتجوا لقتله خطأ بمحمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن
جده، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' دية الكافر نصف دية المسلم '.
محمد بن راشد، نا سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ' أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل [ق 158 - أ] / دية المسلم '.
فهذا يحمل على قتل الخطأ. رواهما أحمد.
زائدة، عن منصور، عن ثابت أبي المقدام، عن سعيد بن المسيب ' أن عمر
جعل دية اليهودي، والنصراني أربعة آلاف، والمجوسي ثمانمائة '.
686 - [مسألة]:
قيمة العبد إذا قتل خطأ في مال الجاني، وكذا الجناية على أطرافه.
وقال أبو حنيفة: بدل نفسه على عاقلة الجاني، والأطراف في ماله.
وعن الشافعي كقولنا.
وعنه: الكل على العاقلة.
وكيع، عن عبد الملك بن حسين النخعي، عن عبد الله بن أبي السفر،
عن عامر، عن عمر قال: ' العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله
العاقلة '.
687 - [مسألة]:
اللواط يوجب الحد.
وقال أبو حنيفة: يوجب التعزير.
246

أحمد، نا أبو القاسم بن أبي الزناد، أخبرني ابن أبي حبيبة [عن]
داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' اقتلوا
الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط، والبهيمة، والواقع عليها، ومن وقع على ذات
محرم فاقتلوه '.
قلت: أبو القاسم؛ قال ابن معين: ليس به بأس.
688 - [مسألة]:
إتيان البهيمة يوجب الحد كحد اللوطي.
وعنه: يوجب التعزير - كقول أبي حنيفة ومالك.
لنا: الحديث نراه.
وحديث سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن
عباس، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من وقع على بهيمة، فاقتلوه واقتلوا البهيمة '.
689 - [مسألة]:
إذا تزوج ذات محرمه، ووطئ حد.
وقال أبو حنيفة: يعزر.
لنا: ما في الحديث المذكور: ' من وقع على ذات محرم، فاقتلوه '.
أحمد، نا وكيع، نا حسن بن صالح، عن السدي، عن عدي بن ثابت،
عن البراء، قال: ' لقيت خالي - يعني: أبا بردة - ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟
قال: بعثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده؛ أن أضرب عنقه،
وآخذ ماله '.
247

690 - [مسألة]:
ومن أذنت لزوجها في وطء جاريتها ففعل جلد مائة. وقال أكثرهم: حده
حد الزاني.
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن حبيب بن سالم - رفعه إلى النعمان بن بشير -
' في رجل أحلت له امرأته جاريتها، فقال: لأقضين فيها بقضية رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؛
إن كانت أحلتها له، لأجلدنه مائة، وإن لم تكن أحلتها [ق 158 - ب] / له، لأرجمنه. فوجدها
قد أحلتها له، فجلده مائة '.
رواه أحمد، عن يزيد عنه.
691 - [مسألة]:
إذا أقر بزنا امرأة فجحدت، لم يسقط عنه الحد.
وقال أبو حنيفة: يسقط.
أحمد، نا حسين بن محمد، نا مسلم بن خالد، عن عباد بن إسحاق،
عن أبي حازم، عن سهل ' أن رجلا من أسلم جاء إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال إنه قد
زنى بامرأة سماها، فأرسل النبي [صلى الله عليه وسلم] إليها، فأنكرت، فحده وتركها '.
مسلم؛ قال البخاري: منكر الحديث.
قلت: وشيخه لين.
692 - [مسألة]:
حد الزنا لا يثبت بإقراره مرة، خلافا لمالك والشافعي.
لنا: حديث ماعز:
أبو عوانة: عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ' لقي
248

رسول الله ماعز بن مالك، فقال: أحق ما بلغني عنك؟. قال: وما بلغك عني؟.
قال: إنك فجرت بأمة آل فلان. قال: نعم. فرده حتى شهد أربع مرات، ثم أمر
برجمه '.
تابعه شريك مختصرا.
ورواه إسرائيل، عن سماك، ولفظه: ' اعترف عنده مرتين، فقال: اذهبوا به
ثم قال: ردوه. فاعترف مرتين حتى اعترف أربعا، فقال: ارجموه '.
أحمد، نا أسود بن عامر، ثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن
عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر قال: ' كنت جالسا عند النبي [صلى الله عليه وسلم]، فجاء
ماعز، فاعترف عنده فرده، فاعترف الثانية فرده، ثم جاء فاعترف الثالثة، فرده،
فقلت له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك. فاعترف الرابعة فحبسه، ثم سأل عنه،
فقالوا: ما نعلم إلا خيرا، فأمر برجمه '.
قلت: جابر واه.
حجاج بن أرطأة، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الله بن المقدام، عن ابن
شداد، عن أبي ذر قال: ' كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأتاه رجل، فقال: إن الآخر قد
زنى. فأعرض عنه، ثم ثنى، ثم ثلث، ثم ربع، فأمرنا فحفرنا له، فرجم '.
هشام بن سعد، أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال، عن أبيه قال: ' كان ماعز
ابن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فأخبره بما صنعت، لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له
مخرج، فأتاه فقال: يا رسول الله، زنيت فأقم علي كتاب الله. فأعرض عنه إلى أن
أتاه الرابعة، فقال له: إنك قد قلتها أربع مرات؛ فبمن؟ قال: بفلانة. قال:
هل ضاجعتها؟. قال: نعم. قال هل باشرتها؟. قال: نعم. قال: هل جامعتها؟
[ق 159 - أ] / قال: نعم. فأمر به أن يرجم، فوجد مس الحجارة، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله
249

ابن أنيس، فنزع له بوظيف بعير فقتله، وذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: هلا تركتموه
لعله يتوب؛ فيتوب الله عليه. فحدثني نعيم بن هزال، عن أبيه ' أن
رسول الله قال له حين رآه: والله يا هزال، لو كنت سترته بثوبك، كان خيرا مما
صنعت به '.
قلت: هذا القول مرسل. روى الأحاديث أحمد.
(م) بشير بن المهاجر، نا عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: ' كنت عند
النبي [صلى الله عليه وسلم] إذ جاءه ماعز، فقال: إني قد زنيت... ' الحديث، وفيه: ' فأمر فحفر له
حفرة جعل فيها إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه '.
قال بريدة: فكنا نتحدث - أصحاب نبي الله [صلى الله عليه وسلم] - بيننا أنه لو جلس بعد
اعترافه ثلاثا لم يطلبه، وإنما رجمه عند الرابعة.
(خ م) عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن
أبي هريرة قال: ' أتى رسول الله رجل من أسلم وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله،
إن الآخر قد زنى. فأعرض عنه، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال: إني
زنيت. فأعرض عنه، فجاء لشق وجهه الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه
أربع شهادات، دعاه النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: أبك جنون؟ قال: لا، يا رسول الله. قال:
أحصنت؟ قال: نعم. قال: اذهبوا به فارجموه '.
(ت) محمد بن عمرو، نا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: ' جاء ماعز
إلى رسول الله، فقال إنه قد زنى، فأعرض عنه... ' وفيه: ' فلما وجد مس
الحجارة مر يشتد ' وفيه قال: ' هلا تركتموه '.
قلت: وفي الباب أحاديث أخر.
250

فاحتجوا بحديث العسيف؛ وفيه: ' واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن
اعترفت فارجمها '.
قلنا: إن اعترفت الاعتراف المعلوم بالتردد.
693 - [مسألة]:
إذا أقر بالزنا، ثم أنكر سقط الحد، خلافا لداود، ولإحدى الروايتين عن
مالك.
لنا: أن ماعزا لما رجم هرب، فقال [صلى الله عليه وسلم]: ' هلا تركتموه '.
694 - [مسألة]:
للسيد إقامة الحد على رقيقه، خلافا لأبي حنيفة.
[ق 159 - ب] / الثوري عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي جميلة الطهوي، عن علي ' أن
خادما للنبي [صلى الله عليه وسلم] أحدث، فأمرني النبي [صلى الله عليه وسلم] أن أقيم عليها الحد، فأتيتها فوجدتها
لم تجف من دمها، فأتيته فأخبرته فقال: إذا جفت من دمها، فأقم عليها الحد،
أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ' رواه أحمد.
(ت) أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثا، فإن عادت
فليبعها ولو بحبل من شعر '.
صححهما (ت).
(خ م) الزهري، عن عبيد الله، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد وشبل،
قالوا: ' سئل رسول الله عن الأمة تزني قبل أن تحصن، قال: اجلدوها؛ فإن عادت
فاجلدوها، فإن عادت فاجلدوها، فإن عادت فبيعوها ولو بضفير '.
251

695 - [مسألة]:
حد شارب الخمر ثمانون.
وعنه؛ أربعون.
(ت) شعبة، سمعت قتادة، عن أنس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه أتي برجل
قد شرب الخمر، فضربه بجريدتين نحو الأربعين. وفعله أبو بكر، فلما كان عمر،
استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر '.
لم يحد رسول الله في ذلك حدا، ولو حده لم يتجاوزه، وإنما ضرب تأديبا
وعقوبة، فبلغ الضرب نحو أربعين، وفهمت الصحابة أن المقصود الزجر، فألحقوه
بحد القذف.
وهذا مذهب عمر، وعثمان، وابن عوف، وطلحة، والزبير.
696 - [مسألة]:
يضرب في الحدود جميع الجسد سوى الرأس والوجه والفرج.
وقال مالك: الظهر وما قاربه حسب.
ابن أبي ليلى، عن عدي بن ثابت، أخبرني هنيدة بن خالد ' أنه شهد عليا
أقام على رجل حدا، فقال للجلاد: اضربه، وأعط كل عضو منه حقه، واتق وجهه
ومذاكيره '.
697 - [مسألة]:
لا يحد في دار الحرب، خلافا لمالك والشافعي.
ابن لهيعة، نا عياش [ق 160 - أ] / بن عباس، عن شييم بن بيتان، عن جنادة بن أبي أمية
' أنه قال على المنبر بروذ حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس، فقال: إنه لم
يمنعني من قطعهما إلا أن بسر بن أرطأة وجد رجلا سرق في الغزو، فجلده ولم
252

يقطع يده، وقال: نهانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن القطع في الغزو '.
فيه ابن لهيعة.
سعيد في ' سننه ' نا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن
حميد بن عقبة، عن أبي الدرداء ' أنه كان ينهى أن تقام الحدود على الرجل وهو غاز
حتى يقفل؛ مخافة أن تلحقه الحمية، فيلحق بالكفار '.
قلت: ابن أبي مريم ضعيف، ومن حميد هذا؟!
واحتجوا بهذا:
(د) الحسن بن يحيى الخشني، عن زيد بن واقد، عن مكحول، عن
عبادة بن الصامت، قال رسول الله: ' أقيموا الحدود في الحضر والسفر، على
القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم '.
إسناده واه.
ولكن حجتهم العموم، ومن خصص الغزو طولب بالحجة.
253

التعزير
698 - [مسألة]:
لا يبلغ به أعلى الحدود.
وقال مالك: يعزر الإمام باجتهاده وإن زاد على الحد.
(خ م) يزيد بن أبي حبيب، عن بكير، عن سليمان بن يسار، عن
عبد الرحمن بن جابر، عن أبي بردة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يجلد فوق عشر
جلدات، إلا في حد '.
وروى أصحابنا مرفوعا: ' من بلغ حدا في غير حد، فهو من المعتدين '.
254

699 - [مسألة]:
نصابها ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو قيمة ذلك.
وهو قول مالك.
وقال أبو حنيفة: نصابها دينار، أو عشرة دراهم، أو قيمتها.
وقال الشافعي: ربع دينار، أو القيمة.
لنا: (خ م) أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله قطع في
مجن ثمن ثلاثة دراهم '.
(خ م) الزهري، عن عمرة، عن عائشة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقطع
في ربع دينار فصاعدا '.
أحمد، نا هاشم، نا محمد بن راشد، عن يحيى بن يحيى الغساني، عن
أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة قالت: [ق 160 - ب] / قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' اقطعوا
في ربع الدينار، ولا تقطعوا فيما أدنى منه. قالت: وكان قيمته يومئذ تلكم '.
احتجوا بابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ' أن قيمة
المجن كان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عشرة دراهم '.
سلم بن قتيبة، نا زفر بن الهذيل، نا حجاج بن أرطاة، عن عمرو، عن أبيه،
عن جده مرفوعا: ' لا يقطع السارق إلا في عشرة دراهم '.
255

(س) الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن أيمن قال: ' لم تكن تقطع
اليد، على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا في ثمن المجن، وقيمته يومئذ دينار '.
قال الدارقطني: أيمن تابعي.
قال المؤلف: وابن إسحاق وسلم وحجاج ضعفاء.
700 - [مسألة]:
يجب القطع على جاحد العارية، خلافا لأكثرهم.
(م) الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ' كانت امرأة مخزومية
تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة، فكلموه،
فكلم أسامة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقال: يا أسامة، ألا أراك تكلمني في حد من حدود
الله! ثم قام خطيبا، فقال: إنما هلك من كان قبلكم، بأنه إذا سرق فيهم الشريف
تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده، لو كانت فاطمة بنت
محمد لقطعت يدها. فقطع يد المخزومية ' تفرد به مسلم.
قال عبد الرزاق: ونا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال:
' كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بقطع يدها '.
701 - [مسألة]:
إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا.
وبه قال مالك: واشترط بأن يخرجوا النصاب معا.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا قطع بحال.
(خ م) أبو صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله: ' لعن الله السارق؛
يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده '.
256

فهذا لا يصح إلا على قولنا؛ وهو أن يخرج كل واحد بيضة، أو حبلا.
702 - [مسألة]:
يجتمع الغرم مع القطع.
قال أبو حنيفة: القطع ينفي الضمان.
وقال مالك: إن كان السارق موسرا كمذهبنا [ق 161 - أ] / وإن كان معسرا كمذهبهم.
لنا: قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' على اليد ما أخذت حتى تؤديه ' وقد مر في
البيوع.
ولهم: سعيد بن عفير، نا مفضل بن فضالة، عن يونس بن يزيد، عن سعد
ابن إبراهيم، عن أخيه مسور بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا غرم على السارق بعد قطع يمينه '.
سعيد؛ قال الدارقطني: مجهول. والمسور لم يدرك ابن عوف.
703 - [مسألة]:
إذا ملك السارق العين المسروقة بوجه، لا يسقط الحد، خلافا لأبي حنيفة.
محمد بن أبي حفصة؛ نا الزهري، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن
أبيه، أن صفوان بن أمية قال: ' بينا أنا راقد، إذ جاء سارق، فأخذ ثوبي من تحت
رأسي، فأدركته، فأتيت به النبي [صلى الله عليه وسلم] فأمر بقطعه، قلت: يا رسول الله، ليس هذا
أردت، هو عليه صدقة. قال: هلا قبل أن تأتيني به '.
وروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله
قال: ' تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب '.
257

704 - [مسألة]:
ويقطع النباش إذا بلغت قيمة الكفن نصابا، خلافا لأبي حنيفة.
روى أصحابنا أنه [صلى الله عليه وسلم] قطع نباشا.
إسرائيل، عن عبد الله بن المختار، عن معاوية بن قرة قال: يقطع.
يونس، عن الحسن ومحمد قالا: يقطع النباش.
705 - [مسألة]:
إذا سرق في المرة الثالثة وما بعدها لم يقطع؛ بل يحبس، في أصح
الروايتين.
وهو قول أبي حنيفة.
وفي الأخرى: تقطع في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى.
وهو قول مالك والشافعي.
إسماعيل الشالنجي، نا محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن عمرو بن
مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي قال: ' إذا سرق السارق، قطعت يده
اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى،، فإن عاد ضمن السجن حتى يحدث خيرا؛
إني لأستحيي أن أدعه يعيش بلا رجل ولا يد '.
احتجوا بيزيد بن سنان الرهاوي، نا هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن
جابر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به قد سرق، فقطع رجله،
ثم أتي به قد سرق، فقطع يده، ثم أتي به قد سرق، فقطع رجله، ثم أتي به قد
سرق، فأمر به، فقتل '.
[ق 161 - ب] / تفرد به محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه؛ وهو ضعيف.
الدارقطني، نا محمد بن الحسن المقرئ، نا أحمد بن العباس، نا إسماعيل
258

ابن سعيد، حدثنا الواقدي، عن ابن أبي ذئب، عن خالد بن سلمة - أراه عن
أبي سلمة - عن أبي هريرة مرفوعا: ' إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد
فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله '.
الواقدي هالك.
خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' شهدت عمر قطع بعد يد
ورجل يدا '.
706 - [مسألة]:
حد الزنا يسقط بالتوبة، وكذا السرقة والشرب.
وعنه: لا يسقط - كقول أبي حنيفة ومالك.
وعن الشافعي كالمذهبين.
سلم بن سالم، ثنا سعيد الحمصي، عن عاصم الجذامي، عن عطاء، عن ابن
عباس، قال رسول الله: ' التائب من الذنب كمن لا ذنب له '.
قلت: إسناده مظلم.
707 - [مسألة]:
المرتدة تقتل، خلافا لأبي حنيفة.
لقوله [صلى الله عليه وسلم]: ' من بدل دينه فاقتلوه '.
معمر بن بكار السعدي، نا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن محمد بن
المنكدر، عن جابر ' أن امرأة يقال لها: أم رومان ارتدت عن الإسلام، فأمر النبي
[صلى الله عليه وسلم] أن يعرض عليها الإسلام؛ فإن رجعت، وإلا قتلت '.
قلت: معمر لينه العقيلي.
259

عن عبد الله بن أذينة، عن هشام بن الغاز، عن ابن المنكدر، عن جابر
نحوه، وزاد: ' فأبت أن تسلم، فقتلت '.
عن محمد بن عبد الملك الأنصاري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة
قالت: ' ارتدت امرأة يوم أحد، فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أن تستتاب '.
رواهم الدارقطني.
قلت: لم يصح ذلك.
عبد الله بن عيسى الخزري، نا عفان، نا شعبة، عن عاصم، عن أبي رزين،
عن ابن عباس، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تقتل المرأة إذا ارتدت '.
قال الدارقطني: الخزري كذاب.
260

الصول
708 - [مسألة]:
ما أتلفته البهائم نهارا، فلا ضمان على صاحبها إذا لم يكن معها، وما
أتلفته ليلا، فضمانه عليه.
وقال أبو حنيفة: لا يضمن إلا أن يكون معها قائد، أو سائق، أو راكب، أو
يكون قد أرسلها.
أحمد، نا محمد بن مصعب، نا الأوزاعي [ق 162 - أ] / عن الزهري، عن حرام بن
محيصة، عن البراء ' أنه كانت له ناقة ضارية، فدخلت حائطا، فأفسدت فيه،
فقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل
على أهلها، وأن ما أصابت الماشية بالليل، فهو على أهلها '.
709 - [مسألة]:
ما أتلفته البهيمة برجلها وصاحبها راكبها لا يضمنه.
وقال مالك: لا يضمن، سواء أتلفت بيدها أو رجلها، إذا لم يكن من جهة
من هو معها سبب.
وقال الشافعي: يضمن ما جنت بيدها ورجلها.
(خ) همام، عن أبي هريرة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' العجماء جبار،
والمعدن جبار، والبئر جبار '.
سفيان بن حسين، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال
رسول الله: ' الرجل جبار '.
261

قال الدارقطني: لم يتابع عليه، وهو وهم، رواه أبو صالح والأعرج، وابن
سيرين ومحمد بن زياد وغيرهم. ولم يذكروا الرجل.
وتفرد آدم، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن رسول الله:
' الرجل جبار '.
العجماء: البهيمة. وجبار: هدر.
710 - [مسألة]:
إذا عض يد إنسان، فانتزعها من فيه، فسقطت أسنانه، فلا ضمان عليه.
وقال مالك: يضمن.
لنا (خ م) شعبة، نا قتادة، سمعت زرارة، عن عمران بن حصين قال:
' قاتل يعلى بن أمية رجلا، فعض أحدهما يدي صاحبه، فانتزع يده من فيه، فانتزع
ثنيته، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل، لا دية
له '.
(خ م) ابن جريج، أنا عطاء، أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه
قال: ' قاتل أجيري رجلا، فعض يده، فنزعها من فيه، فأندر ثنيته، فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم]
فأهدره، وقال: فيدع يده في فيك تقضمها كما يقضمها الفحل؟! '.
711 - [مسألة]:
إذا اطلع في بيت إنسان على أهله، فله أن يرمي عينه، فإن فقأها فلا
ضمان عليه.
وقال أبو حنيفة: يضمن.
(خ م) الزهري، عن سهل بن سعيد قال: ' اطلع رجل من جحر في
262

حجرة النبي [صلى الله عليه وسلم] ومعه مدرى يحك به رأسه، فقال: لو أعلمك تنظر لطعنت به في
عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر '.
(خ م) حماد بن زيد، عن عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس ' أن رجلا
اطلع من بعض حجر (النبي [صلى الله عليه وسلم]) فقام [ق 162 - ب] / النبي بمشقص - أو مشاقص - فكأني
أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه '.
(خ م) أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم
[صلى الله عليه وسلم]: ' لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة، ففقأت عينه، لم يكن
عليك جناح '.
(م) سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: ' من اطلع على قوم في
بيتهم بغير إذنهم، فقد حل لهم أن يفقئوا عينه '.
قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، ففقئوا عينه، ولا دية ولا قصاص '.
رواه أحمد.
712 - [مسألة]:
الختان واجب على الرجل، وفي المرأة روايتان.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب.
(خ م) أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله:
' اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة '.
263

ابن جريج، أخبرت عن عثيم بن كليب، عن أبيه، عن جده ' أنه جاء
النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: قد أسلمت. فقال: ألق عنك شعر الكفر '.
قال: وأخبرني آخر معه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لآخر: ' ألق عنك شعر الكفر،
واختتن '.
قلت: هذا منقطع.
(س) عبد الرحمن بن إسحاق، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله: ' خمس من الفطرة... ' فذكر منهن الختان.
حجاج بن أرطاة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه؛ أن رسول الله قال:
' الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء '.
حجاج ضعيف.
264

السير
713 - [مسألة]:
لا يستعان في الحرب بكافر.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يستعان بهم. وزاد الشافعي: إذا احتيج إليهم،
وحسن رأيهم في المسلمين.
أحمد، ثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر، نا مالك، عن الفضيل بن
أبي عبد الله، عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عن عروة، عن عائشة ' أن رجلا تبع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: أتبعك لأصيب معك. فقال رسول الله: تؤمن بالله
ورسوله؟ قال: لا. قال: فإنا لا نستعين بمشرك. فقال له في المرة الثانية: تؤمن بالله
[ق 163 - أ] / ورسوله؟ قال: نعم. قال: فانطلق. فتبعه '.
رواه مسلم.
مستلم بن سعيد، نا خبيب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده قال:
' أتيت رسول الله وهو يريد غزوا، أنا ورجل من قومي - ولم نسلم - فقلنا: إنا
نستحيي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم. قال: أو أسلمتما؟ قلنا: لا.
قال: فإنا لا نستعين بالمشركين. فأسلمنا وشهدنا معه '.
احتجوا: ابن عيينة، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن الزهري ' أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] استعان بناس من اليهود في حربه، فأسهم لهم '.
ابن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن الزهري ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أسهم ليهود
غزوا معه مثل سهام المسلمين '.
265

رواهما أبو داود في المراسيل.
قلت: مراسيل الزهري ضعيفة.
714 - [مسألة]:
لا يقتل الشيخ الفاني، ولا راهب ولا زمن ولا أعمى، إلا أن يكون لهم
رأي ونكاية، خلافا لقول للشافعي.
الليث، عن نافع، أن ابن عمر أخبره ' أن امرأة وجدت في بعض معارك
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [مقتولة] فأنكر ذلك، ونهى عن قتل النساء والصبيان '.
صححه (ت).
715 - [مسألة]:
إذا استولى المشركون على أموال لنا، لم يملكوها.
وقال أبو حنيفة ومالك: يملكونها.
لنا (م) أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين،
قال: كانت العضباء لرجل من عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل،
وأخذت العضباء معه، فحبسها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لرحله، ثم إن المشركين أغاروا على
سرح المدينة، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين، فكانوا إذا نزلوا
أناخوا إبلهم بأفنيتهم، فقامت المرأة ذات ليلة بعدما ناموا، فجعلت كلما أتت على
بعير رغا، حتى أتت على العضباء؛ ناقة ذلول، فركبتها، ثم وجهتها قبل المدينة،
ونذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة، عرفت الناقة، وقيل: ناقة
266

رسول الله. فأخبر النبي [صلى الله عليه وسلم] بنذرها - أو أتته فأخبرته - فقال: ' بئسما جزيتها، إن
الله نجاها عليها لتنحرنها ' ثم قال: ' ولا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك
ابن آدم '.
(د) عبيد الله [ق 163 - ب] / عن نافع، عن ابن عمر قال: ذهب فرس له فأخذها
العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله، وأبق عبد له، فلحق
بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فرد عليه خالد بن الوليد بعد وفاة رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] '.
احتجوا بالحسن بن عمارة، عن عبد الملك، عن طاوس، عن ابن عباس، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] في ما أحرز العدو، فاستنقذه المسلمون: ' إن وجده صاحبه قبل أن
يقسم، فهو أحق به، وإن وجده قد قسم؛ فإن شاء أخذه بالثمن '.
ابن عمارة متروك.
716 - [مسألة]:
إذا نازل الإمام حصنا، لم يجز أن يفتح البثوق ليغرقهم، ولا يقطع
أشجارهم، إلا بأحد شرطين: أحدهما: أن يفعلوا بنا مثل ذلك. أو يكون بنا
حاجة إلى قطع ذلك.
وجوزه الشافعي مطلقا.
روى أصحابنا ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا بعث جيشا، قال: لا تغوروا عينا،
ولا تعقروا شجرا، إلا شجرا يمنعكم من القتال '.
احتجوا بحديث نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرق نخل بني النضير
وقطع؛ وهي البويرة، فأنزل الله: * (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) * '.
267

أحمد، نا وكيع، نا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة،
عن أسامة بن زيد قال: ' بعثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى قرية يقال لها: أبنى، فقال:
ائتها صباحا، ثم حرق '.
268

الغنيمة
717 - [مسألة]:
يخير الإمام في الأسرى بين القتل والرق، والفداء والمن.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الفداء والمن.
لنا قوله تعالى: * (فإما منا بعد وإما فداء) *.
الليث، حدثني المقبري، سمع أبا هريرة يقول: ' بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيلا
قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة،
فربطوه بسارية، فخرج إليه رسول الله، فقال له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي
يا محمد خير؛ إن تقتل [تقتل] ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت
تريد المال، فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى كان الغد، [ق 164 - أ] / فقال
له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك. فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ما
عندك يا ثمامة؟ فأعاد ذلك القول، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: انطلقوا بثمامة. فانطلق
به إلى نخل قريب من المسجد، فاغستل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله
إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله '.
وقد من النبي [صلى الله عليه وسلم] على أبي عزة الجمحي، وفدى الأسارى يوم بدر.
(د) عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل فداء
أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة '.
أحمد، نا علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس قال: ' استشار النبي
[صلى الله عليه وسلم] الناس في الأسارى يوم بدر، فقال أبو بكر: نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم
269

الفداء، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء '.
(ت) أيوب، عن أبي قلابة، عن عمه، عن عمران ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] فدى
رجلا من المشركين برجل '.
718 - [مسألة]:
السلب للقاتل.
وعنه: لا يستحقه إلا أن يشترط له ذلك.
وقال مالك: يستحق بالشرط، ويكون محسوبا من خمس الخمس.
(خ م) مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح، عن
أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من قتل قتيلا
له عليه بينة، فله سلبه '.
أحمد، نا أبو المغيرة، نا صفوان بن عمرو، نا عبد الرحمن بن جبير، عن
أبيه، عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يخمس
السلب '.
719 - [مسألة]:
يصح أمان العبد.
وقال أبو حنيفة: لا، إلا أن يأذن له السيد في القتال.
الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: ' خطبنا علي فقال: من زعم
أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة - صحيفة فيها أسنان الإبل،
وأشياء من الجراحات - فقد كذب. وفيها: وذمة الله واحدة، يسعى بها أذناهم '.
270

سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يجير على أمتي أدناهم '.
رواه أحمد.
(م) أبو صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: ' ذمة المسلمين واحدة، يسعى
بها أدناهم '.
عاصم الأحول، عن فضيل بن زيد ' أن عبدا أمن قوما، فأجازه عمر '.
رواه سعيد في ' سننه '.
271

الخيل
720 - [مسألة]:
[ق 164 - ب] / للفارس ثلاثة أسهم.
وقال أبو حنيفة: سهمان.
ابن المبارك، نا فليح بن محمد، عن المنذر بن الزبير، عن أبيه ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
أعطى الزبير سهما، وفرسه سهمين '.
محمد بن حمران، حدثني عبد الله بن بسر، عن أبي كبشة الأنماري
قال: ' لما فتح رسول الله مكة، كان الزبير على المجنبة اليسرى، وكان المقداد على
المجنبة اليمنى، فلما دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مكة، وهدأ الناس خلا بفرسيهما، فقام
رسول الله يمسح الغبار عنهما، وقال: إني قد جعلت للفرس سهمين، وللفارس
سهما، فمن نقصهما نقصه الله '.
قلت: عبد الله بن بسر هو الحبراني؛ ضعفوه. وقال النسائي: ليس بثقة.
قيس بن الربيع، عن محمد بن علي، عن أبي حازم، عن أبي رهم قال:
' غزوت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنا وأخي، ومعنا فرسان، فأعطانا ستة أسهم '.
رواه الدارقطني.
قلت: قيس ضعيف.
أبو أسامة، نا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: ' أسهم رسول الله
للفرس سهمين، ولصاحبه سهما '.
272

فاحتجوا: أحمد، نا إسحاق بن عيسى، نا مجمع بن يعقوب، سمعت
أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد، عن عمه مجمع بن جارية قال: ' قسم
رسول الله خيبر؛ فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما '.
قال أبو داود: فيه وهم.
وابن نمير، نا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل
للفارس سهمين، وللراجل سهما '.
رواه أبو بكر النيسابوري، عن الرمادي، عن أبي بكر بن أبي شيبة عنه، ثم
قال: وهم ابن أبي شيبة، أو الرمادي؛ لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشير
وغيرهما رووه عن ابن نمير بخلاف هذا.
قال: ورواه نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن عبيد الله كابن أبي شيبة،
فلعل الوهم من نعيم.
721 - [مسألة]:
يسهم لفرسين.
وقال أكثرهم: لا يسهم لأكثر من واحد.
سعيد بن منصور، نا ابن عياش، عن الأوزاعي ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
كان يسهم للخيل، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة [ق 165 - أ] /
أفراس '.
سعيد، نا فرج بن فضالة، نا الزبيدي، عن الزهري ' أن عمر كتب إلى
أبي عبيدة؛ أن أسهم للفرس سهمين، وللفرسين أربعة أسهم، ولصاحبها سهما؛
فذلك خمسة أسهم، وما كان فوق الرسفين فهو جنائب '.
273

722 - [مسألة]:
لا يفرق في السبي بين كل ذي رحم محرم.
وقال أكثرهم: يجوز. مع اختلاف قولهم في البيع كما مر.
وحديث أبي موسى: ' لعن الله من فرق بين والدة وولدها '.
723 - [مسألة]:
إذا عدم أبوا الطفل أو أحدهما حكم بإسلامه، خلافا للأكثر.
(خ م) همام، عن أبي هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ما من مولود يولد
إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه '.
724 - [مسألة]:
إذا غل، أحرق رحله إلا السلاح والمصحف والحيوان.
وقال أكثرهم: لا يجوز.
الدراوردي، نا صالح بن محمد بن زائدة، عن سالم بن عبد الله ' أنه كان
مع مسلمة في أرض الروم، فوجد في متاع رجل غلول، فسأل سالما فقال: حدثني
عبد الله عن عمر، أن رسول الله قال: من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه - قال:
وأحسبه قال: واضربوه - قال: فأخرج متاعه إلى السوق، فوجد فيه مصحف،
فسأل سالما، فقال: بعه وتصدق بثمنه '.
صالح ضعفه يحيى والدارقطني وقال: لم يتابع عليه، ولا أصل له.
وقال أحمد: ما أرى بصالح بأسا.
725 - [مسألة]:
هدايا الأمراء كبقية أموال الفيء؛ لا يختصمون بها.
274

وعنه: يختصون - كقول أبي حنيفة.
(خ م) الزهري، عن عروة، عن أبي حميد الساعدي قال: ' استعمل
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رجلا يقال له: ابن اللتبية على صدقة، فجاء فقال: هذا لكم،
وهذا أهدي لي [فقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على المنبر، فقال: ما بال العامل نبعثه،
فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي] أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدي إليه
أم لا، والذي نفسي بيده لا يأتي أحد منكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على
رقبته '.
أحمد، ثنا إسحاق بن عيسى، نا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن
سعيد، عن عروة، عن أبي حميد الساعدي، أن رسول الله [ق 165 - ب] / [صلى الله عليه وسلم] قال: ' هدايا
العمال غلول '.
ويروى عن ابن عباس مرفوعا: ' هدايا الأمراء غلول '.
275

الأراضي
726 - [مسألة]:
مكة فتحت عنوة.
وعنه: صلحا - كقول الشافعي.
لنا (خ م) الليث، عن المقبري، عن أبي شريح، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه قال
من الغد من يوم فتح مكة: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص
لقتال رسول الله فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة
من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب '.
(خ م) الأوزاعي، حدثني يحيى، نا أبو سلمة، حدثني أبو هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها
لا تحل لأحد من بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار '.
(م) سليمان بن المغيرة، عن ثابت، نا عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة
' أنه ذكر فتح مكة، فقال: أقبل النبي [صلى الله عليه وسلم]، فدخل مكة، فبعث الزبير على أحد
المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الجسر، فأخذوا
بطن الوادي ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] في كتيبته، وقد وبشت قريش أوباشها، وقالوا: نقدم
هؤلاء؛ فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا. قال
أبو هريرة: ففطن فقال لي: يا أبا هريرة. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: ' اهتف
لي بالأنصار، ولا يأتني إلا أنصاري. فهتفت بهم فجاءوا، فأطافوا به، فقال:
276

' ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم، ثم قال بيده إحداهما على الأخرى.
احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا. قال أبو هريرة: فانطلقا [ق 166 - أ] / فما يشاء أحد
منا أن يقتل منهم ما شاء، فقال أبو سفيان: أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد
اليوم. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبو سفيان فهو
آمن. فغلق الناس أبوابهم، فأقبل رسول الله إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت
وفي يده قوس آخذ بسيته، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه،
فجعل يطعن بها في عينه، ويقول: جاء الحق وزهق الباطل. ثم أتى الصفا فعلاه
حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه '.
محمد بن الحسن بن زبالة، نا مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قال
رسول الله: ' فتحت القرى بالسيف، وفتحت المدينة بالقرآن '.
قال أحمد: هذا حديث منكر، إنما هذا من قول مالك، وقد رأيت هذا
الشيخ - يعني: ابن زبالة - وكان كذابا.
727 - [مسألة]:
يجوز بيع رباع مكة، كقول الشافعي.
وعنه: لا.
وهذا مبني على الصلح والعنوة؛ فإن قلنا: فتحت عنوة. صارت وقفا على
المسلمين. وإن قلنا: صلحا. فهي باقية على أهلها.
728 - [مسألة]:
إذا ملكت الأرض عنوة، الإمام مخير بين قسمتها بين الغانمين وبين
وقفيتها.
وعنه: يجب قسمتها - كقول مالك.
وقال أبو حنيفة: يخير بين قسمتها، بين إقرارها على أهلها بالخراج، وبين
صرفهم عنها، ويأتي بقوم آخرين يضرب عليهم الخراج، وليس له أن يقفها.
277

(د) أسد بن موسى، نا يحيى بن زكريا، عن سفيان، عن يحيى بن
سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة قال: قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيبر
نصفين: نصف لنوائبه وحاجته، ونصف بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية
عشر سهما '.
729 - [مسألة]:
يجوز إخراج النفل من أربعة أخماس الغنيمة.
وقال مالك: والشافعي: يكون من خمس الخمس الذي للمصالح.
(خ م) أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ' أن رسول الله بعث سرية إلى
نجد، فبلغت سهامهم اثني عشر بعيرا، ونفلنا رسول الله بعيرا بعيرا '.
العلاء بن الحارث، عن [ق 166 - ب] / مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن
مسلمة ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نفل الربع بعد الخمس في بداءته، ونفل الثلث بعد
الخمس في رجعته '.
730 - [مسألة]:
ما فضل من مال الفيء عن المصالح، فإنه لجميع الأمة؛ غنيهم وفقيرهم.
وقال الشافعي: يختص بالمصالح.
الزهري: عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر: ' إن الله خص نبيه
من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره، فقال: * (ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) * فكانت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] خاصة، والله
ما استأثر بها عليكم، ولا احتازها دونكم، وكان ينفق على أهله منه سنة، ثم يجعل
ما بقي منه مجعل مال الله - عز وجل '.
وجه الحجة؛ أن الآيات استوعبت كل الناس.
278

الجزية
731 - [مسألة]:
المجوس لا كتاب لهم، خلافا لأحد قولي الشافعي.
(د) محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن أبي جمرة، عن ابن
عباس قال: ' إن أهل فارس لما مات نبيهم، كتب لهم إبليس المجوسية '.
الشافعي، نا سفيان، عن سعيد بن المرزبان، عن نصر بن عاصم قال: قال
فروة بن نوفل: ' علام تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب؟ فقام إليه
المستورد، فأخذ بلببه وقال: يا عدو الله، تطعن على أبي بكر، وعمر، وعلي، وقد
أخذوا منهم الجزية. فذهب به إلى القصر، فخرج عليهم علي، فقال ابتداء: أنا
أعلم الناس بالمجوس؛ كان لهم علم يعلمونه، وكتاب يدرسونه، وإن ملكهم سكر،
فوقع على بنته - أو أمه - فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما ضحى جاءوا يقيمون
عليه الحد، فامتنع منهم، فدعا أهل مملكته، فقال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم،
قد كان آدم ينكح بنيه من بناته، فأنا على دين آدم، وما نرغب بكم عن دينه.
فبايعوه وقاتلوا من خالفهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسري على كتابهم، فرفع
وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم [أهل] كتاب، وقد أخذ رسول الله،
وأبو بكر وعمر منهم الجزية '.
[ق 167 - أ] / سعيد ضعف.
مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه ' أن عمر بن الخطاب ذكر
المجوس، فقال: ما أدري ما أصنع في أمرهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف:
279

أشهد لسمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب '.
ابن عيينة، عن عمرو، سمع بجالة يقول: ' لم يكن عمر قبل الجزية من
المجوس حتى شهد ابن عوف أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذها من مجوس هجر '.
732 - [مسألة]:
إذا مر حربي بتجارة أخذ منه العشر، وإن كان ذميا نصف العشر.
وقال أبو حنيفة: لا يؤخذ منهم إلا إن كانوا يأخذون منا.
وقال مالك: يؤخذ منهم إذا باعوا أمتعتهم.
وقال الشافعي: إن شرط عليهم، جاز أخذه.
أحمد، نا جرير، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن هلال، عن
أبي أمية - رجل من تغلب - أنه سمع رسول الله يقول: ' ليس على المسلمين
عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى '.
عبد السلام بن حرب، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله الثقفي، عن
جده، - رجل من بني تغلب - قال: ' أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فأسلمت، وعلمني
الإسلام، وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي، فقلت: يا رسول الله، أعشرهم؟
قال: لا، إنما العشور على النصارى واليهود '.
733 - [مسألة]:
إذا ذكر الذمي الله ورسوله وكتبه بما لا ينبغي، نقض عهده.
وقال أبو حنيفة: لا ينتقض بذلك.
(د) إسماعيل بن جعفر، نا إسرائيل، عن عثمان الشحام، عن عكرمة،
عن ابن عباس ' أن أعمى كان على عهد رسول الله، وكان له أم ولد كانت تشتم
280

رسول الله فيزجرها وينهاها فلا تنتهي، فلما كانت ذات ليلة، وقعت في النبي [صلى الله عليه وسلم]
فأخذ المعول، فوضعه في بطنها، واتكأ عليه فقتلها، فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فجمع
الناس وناشدهم، فأقبل الأعمى يتزلزل، فقال: أنا صاحبها، كانت تشتمك، وتقع
فيك.... ' الحديث. فقال: ' اشهدوا أن دمها هدر '.
(س) شعبة، عن توبة العنبري، عن عبد الله بن قدامة، عن أبي برزة،
قال: ' أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، فقلت: أقتله. فانتهرني، وقال: ليس هذا
لأحد بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
734 - [مسألة]:
[ق 167 - ب] / إذا عاقدهم الإمام: من جاءنا من الرجال مسلما، رد إليهم، أو صالحهم
على مال يعطيهم، لزمه الوفاء.
وقال الشافعي: لا يلزمه إلا أن يكون من جاءه مسلما له عشيرة تمنع منه،
فيرده.
(خ) عروة، عن المسور ومروان قالا: ' خرج رسول الله زمن الحديبية،
وكتبوا بينهم كتابا، ورد أبا جندل، ورجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، فرده '.
735 - [مسألة]:
يمنع الذمي من استيطان الحجاز.
وجوزه أبو حنيفة.
(ت) ابن جريج، أنا أبو الزبير، سمع جابرا يقول: أخبرني عمر أنه سمع
رسول الله يقول: ' لأخرجن النصارى واليهود من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا
مسلما '.
281

صححه (ت).
736 - [مسألة]:
ما تشعث من البيع والكنائس أو انهدم لم يبن.
وهذه الرواية اختيار أبي سعيد الإصطخري، وابن أبي هريرة من الشافعية.
وعنه: يجوز - كقول أكثر الفقهاء.
وعنه: يعمر ما تشعث.
ويروى عن عمر مرفوعا: ' لا تبنى كنيسة في الإسلام، ولا يجدد ما خرب
منها '.
قلت: لم يصح.
282

الصيد
737 - [مسألة]:
الكلب إذا أكل من الصيد لم يبح.
وعنه: يباح - كقول مالك.
وعن الشافعي قولان.
(خ م) شعبة، عن ابن أبي السفر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم:
' سألت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل، فإذا أكل فلا تأكل،
فإنما أمسكه على نفسه '.
ولهم: حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ' أن
رجلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] يقال له: أبو ثعلبة - فقال: يا رسول الله، إن لي كلابا مكلبة،
فأفتني في صيدها. قال: كل ما أمسكن عليك. قال: ذكي وغير ذكي؟ قال:
ذكي وغير ذكي. قال: وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه. قال: يا رسول الله، أفتني
في قوسي؟ قال: كل ما رد عليك. قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير
ذكي. قال: وإن تغيب عني؟ قال: وإن تغيب عنك، ما لم يضل، أو تجد فيه أثرا
غير سهمك '.
رواه الدارقطني.
738 - [مسألة]:
إذا قتل الكلب بصدم ونحوه فمات لم يحل، خلافا لأحد قولي الشافعي.
283

(خ م) الثوري، حدثني أبي، عن عباية بن رافع، عن جده رافع
[ق 168 - أ] / قلت: ' يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدا، وليست معنا مدى. قال: ما أنهر
الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، وسأحدثك؛ أما السن فعظم،
وأما الظفر فمدى الحبش '.
739 - [مسألة]:
لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم، خلافا لأكثرهم.
يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لولا
أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم '.
فقتله يقتضي النهي عن إمساكه، وتعليمه.
740 - [مسألة]:
إذا أصاب صيدا بالرمي فغاب عنه ثم وجده ميتا حل
وعنه: إن وجده في يومه حل، وإن بات لم يحل.
وعنه: إن كانت الإصابة موحية حل. وإلا فلا. وهكذا إذا [أرسل]
كلبه، فغاب عنه، ثم وجده قتيلا.
وقال أبو حنيفة: إن اشتغل بطلبه حل، وإلا فلا.
وقال الشافعي في أحد القولين: لا يحل بحال.
لنا حديث عمرو بن شعيب.
وحديث أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم قال: ' سألت
رسول الله قلت: يرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين، فيجده وفيه سهمه؟
284

قال: إذا وجدت سهمك، ولم تجد فيه أثر غيره، وعلمت أن سهمك قتله، فكله '.
صححه الترمذي.
وفي لفظ: ' ولم تر فيه أثر سبع، فكل '.
ثم ساق من طريق عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عدي: ' سألت رسول الله
عن الصيد، فقال: إذا رميت بسهمك، فاذكر اسم الله، فإن وجدته قد قتل، فكل
إلا أن تجده قد وقع في ماء، فلا تأكل؛ فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك '.
صححه (ت).
وأخرجه الدارقطني من طريق عباد بن عباد، عن عاصم، ولفظه: ' إني
أصيب بسهمي، فلا أقدر عليه إلا بعد يوم أو يومين؟ فقال: إذا قدرت عليه، وليس
فيه أثر ولا خدش إلا رميك، فكل، وإن وجدت فيه أثرا غير رميتك، فلا تأكله،
فإنك لا تدري أنت قتلته أو غيرك '.
741 - [مسألة]:
إذا توحش الإنسي، كالفرس [ق 168 - ب] / والبعير، فذكاته حيث جرح من بدنه.
وكذا إن تردى في بئر.
وقال مالك. لا تجوز ذكاته إلا في الحلق واللبة.
(خ م) الثوري، نا أبي، عن عباية، عن جده رافع بن خديج قال:
' [أصبنا] نهب إبل، فند منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إن [لهذه] الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها
شيء، فافعلوا به هكذا '.
285

742 - [مسألة]:
متروك التسمية لا يحل، وإن سها عنها.
وعنه: إن تركها عمدا لم يحل.
وهو قول أبي حنيفة ومالك.
وعنه: إن نسيها على السهم حلت، فأما على الكلب والفهد فلا.
وقال الشافعي: تحل وإن تعمد تركها.
لنا قوله: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) *.
وحديث رافع بن خديج: ' ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل '.
وحديث (خ م) شعبة، عن أبي السفر، عن الشعبي، عن عدي بن
حاتم، قلت: يا رسول الله، أرسل كلبي، فأجد معه كلبا؟ قال: فلا تأكل، فإنما
سميت على كلبك، ولم تسم على كلب آخر '.
معمر، عن عاصم بن سليمان، عن الشعبي، عن عدي، قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' كل ما أمسك عليك كلبك، وإن قتل، فإن أكل منه فلا تأكل؛ فإنه إنما أمسك
على نفسه '.
فاحتجوا (خ) نا محمد بن عبيد الله، نا أسامة بن حفص، عن هشام،
عن أبيه، عن عائشة ' أن قوما قالوا للنبي [صلى الله عليه وسلم]: إن قوما يأتونا باللحم، لا ندري
أذكر اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا عليه أنتم وكلوه. قالت: وكانوا حديثي عهد
بالكفر '.
تفرد به (خ).
فالظاهر تسميتهم.
286

مروان بن سالم، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
' سأل رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل منا يذبح، وينسى أن يسمي الله؟
فقال: اسم الله على فم كل مسلم '.
مروان متروك.
الدارقطني، نا المحاملي، نا أبو حاتم، نا محمد بن يزيد، نا معقل، عن
عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' المسلم إن نسي
أن يسمي حين يذبح، فليسم وليتذكر اسم الله، ثم ليأكل '.
وفي مراسيل أبي داود من طريق ثور بن يزيد، عن الصلت، قال
رسول الله [ق 169 - أ] / [صلى الله عليه وسلم]: ' ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم [الله] أو لم يذكر '.
743 - [مسألة]:
لا يشرع عند الاصطياد والذبح الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم].
واستحبه الشافعي.
وقد روى أصحابنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' موطنان لاحظ لي فيهما: عند
العطاس، والذبح '.
287

فارغة.
288

الذبائح
744 - [مسألة]:
لا تجوز تذكية بالسن والظفر.
وجوزها إذا كانا منفصلين أبو حنيفة.
وعن مالك الجواز بالسن والعظم.
لنا حديث رافع المذكور؛ وفيه: ' وسأحدثك: أما السن فعظم، وأما الظفر
فمدى الحبشة '.
745 - [مسألة]:
يجزئ في الذكاة قطع الحلقوم والمريء.
وعنه: لا بد معهما من الودجين.
وبه قال مالك.
فالحلقوم مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام، والودجان عرقان محيطان
بالحلقوم.
وقال أبو حنيفة: يجزئ قطع ثلاثة من الأربعة.
سعيد بن سلام، نا عبد الله بن بديل، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة
قال: ' بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بديل بن ورقاء على جمل أورق؛ يصيح في فجاج
منى: ألا إن الذكاة في الحلق واللبة '.
قلت: سعيد ليس بثقة. ورواه الدارقطني.
746 - [مسألة]:
لا تحل ذبائح نصارى العرب.
289

وجوزها أبو حنيفة.
روى أصحابنا لابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن ذبائح نصارى العرب '.
قلت: لم يصح.
هشيم، عن يونس، عن محمد، عن عبيدة، عن علي قال: ' لا تأكلوا من
ذبائح نصارى بني تغلب؛ فإنهم لم يتمسكوا من النصرانية بشيء إلا بشرب
الخمر '.
747 - [مسألة]:
الجراد إذا مات بلا سبب حل أكله.
وقال مالك: لا يحل إلا أن يموت بسبب، نحو أن تقطف رأسه، أو يقع في
نار.
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، قال رسول الله:
' أحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطحال '. رواه أحمد.
ويروى عن عطاء بن [ق 169 - ب] / يسار، عن أبي سعيد مرفوعا.
748 - [مسألة]:
يحل السمك الطافي، خلافا لأبي حنيفة.
(م) زهير، نا أبو الزبير، عن جابر قال: ' بعثنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؛ وأمر
علينا أبا عبيدة، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة
تمرة، فرفع لنا على ساحل البحر على هيئة الكثيب الضخم؛ فإذا هو دابة تدعى
العنبر، فأكلنا منه حتى سمنا، فلما قدمنا أتينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فذكرنا ذلك له،
فقال: ' هل معكم من لحمه شيء، فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منه،
فأكله '.
290

فاحتجوا بإسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن وهب بن
كيسان، عن جابر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كلوا ما حسر عنه البحر وما ألقى، وما
وجدتموه ميتا أو طافيا فوق الماء، فلا تأكلوه '.
قال الدارقطني: عبد العزيز ضعيف. وقال النسائي: متروك.
أبو بكر النيسابوري، ثنا محمد بن علي الكوفي، نا أبو أحمد الزبيري، نا
سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا طفا فلا تأكله، وإذا
جزر عنه فكله، وما كان على حافتيه فكله '.
قال الدارقطني: لم يسنده غير أبي أحمد. ورواه وكيع وعبد الرزاق ومؤمل،
عن الثوري موقوفا.
ورواه أيوب، وابن جريج، وجماعة، عن أبي الزبير موقوفا.
(د) يحيى بن سليم، نا إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات وطفا فلا تأكلوه '.
إسماعيل بن أمية متروك.
قلت: بل ثقة باتفاق، لكن الصحيح وقفه.
749 - [مسألة]:
الجنين يتذكى بالأم، خلافا لأبي حنيفة.
وقال مالك كقولنا؛ إن خرج وقد كمل خلقه ونبت شعره، وكقولهم إذا لم
يكن كذلك.
لنا: يونس بن أبي إسحاق [عن مجالد] عن أبي الوداك، عن أبي سعيد،
291

قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ذكاة الجنين ذكاة أمه '.
مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد ' قال رسول الله - وسألناه عن الجنين
يكون في بطن الناقة أو البقرة أو الشاة، فقال: كلوه إن شئتم؛ فإن ذكاته ذكاة
أمه '.
رواهما [ق 170 - أ] / أحمد.
مبارك بن مجاهد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال في الجنين: ' ذكاته ذكاة أمه، أشعر أو لم يشعر '.
الصواب أن ذا قول ابن عمر. قاله الدارقطني.
قلت: مبارك ضعف.
750 - [مسألة]:
السنة نحر الإبل، ويجوز الذبح.
وقال داود: لا يجوز.
وعن مالك كالمذهبين.
لنا حديث: ' لا ذكاة إلا في الحلق أو اللبة '.
751 - [مسألة]:
لا يحل أكل الثعلب.
وعنه: يحل، وتحل الضبع.
وقال أبو حنيفة: لا يحلان.
ابن جريج، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي عمار قال: ' قلت
292

لجابر: الضبع صيد هي؟ قال: نعم. قلت: فنأكلها؟ قال: نعم. قلت: أقاله
رسول الله؟ قال: نعم '.
صححه (ت).
752 - [مسألة]:
ويحل الضب، وفي اليربوع روايتان.
وقال أبو حنيفة: لا يحل.
(خ م) يونس، عن الزهري، أخبرني أبو أمامة بن سهل، أن ابن عباس
أخبره ' أن خالد بن الوليد أخبره أنه دخل مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ميمونة، فوجد
عندها ضبا محنوذا، فقدمت الضب لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأهوى إليه، فقالت امرأة:
أخبرن رسول الله ما قدمتن إليه. قلن: هو الضب. فرفع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يده، فقال
خالد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني
أعافه. قال خالد: فاجتررته، فأكلته، ورسول الله ينظر إلي، فلم ينهني '.
شعبة، عن قتادة، عن سليمان، عن جابر؛ أن عمر قال: ' إن نبي الله لم
يحرم الضب، ولكنه قذره '.
753 - [مسألة]:
يحل الفرس.
وقال أبو حنيفة: لا يحل.
(خ م) حماد بن زيد، نا عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأذن في لحوم الخيل '.
293

(خ م) هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر: عن أسماء قالت:
' نحرنا في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرسا، فأكلناه '.
ولهم: صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب، عن أبيه، عن جده، عن
خالد بن الوليد قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير '.
قال أحمد: هذا حديث منكر.
وقال الدارقطني: هذا حديث ضعيف.
754 - [مسألة]:
[ق 170 - ب] / يحرم البغل والحمار الأهلي.
وقال مالك: لا يحرم، بل يكره.
لنا حديث خالد المتقدم، وحديث: (خ م) أبي ثعلبة قال: ' حرم
رسول الله لحوم الحمر الأهلي '.
أحمد، نا زكريا بن عدي، نا بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن
جبير بن نفير، عن أبي ثعلبة قال: ' غزوت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيبر، فأصبنا بها
حمرا من الحمر الإنسية فذبحناها، فأخبر رسول الله، فأمر عبد الرحمن بن عوف،
فنادى في الناس: إن لحوم الحمر الأهلية لا تحل لمن شهد أني رسول الله '.
أحمد، نا معاوية بن عمرو، نا زائدة، نا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة: ' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع،
والحمار الإنسي '.
عكرمة بن عمار، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن جابر: ' حرم رسول الله
294

[صلى الله عليه وسلم] الحمر الإنسية، ولحوم الثعالب، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب
من الطير '.
أحمد نا [يعقوب]، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن
عمرو بن ضمرة الفزاري، عن عبد الله بن أبي سليط، عن أبيه قال: أتانا نهي
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن أكل الحمر الإنسية والقدور تفور بها، فكفأناها على وجوهها '.
(خ م) شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء: ' أصبنا يوم خيبر حمرا،
فنادى منادي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أن اكفئوا القدور '.
سفيان، عن عمرو، عن جابر: ' أطعمنا رسول الله لحوم الخيل، ونهانا عن
لحوم الحمر '.
هذا حديث صحيح، وقد مر في رواية حماد، عن عمرو، عن محمد بن
علي.
قال البخاري: سفيان أحفظ.
(س) ابن عيينة، عن أيوب، عن محمد، عن أنس قال: ' أتانا منادي
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن الله ورسوله ينهيانكم على لحوم الحمر؛ فإنها رجس '.
295

755 - [مسألة]:
الحيوان ذو الناب كالأسد والذئب والنمر والفهد حرام، وكذلك ما له
مخلب، كالبازي والشاهين والعقاب.
وقال مالك: يكره.
لنا ما تقدم.
وأبو بشر، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: ' نهى رسول الله عن
كل ذي ناب من السبع، وعن كل ذي مخلب من الطير '.
حسين المعلم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي ' أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن كل ذي ناب من السبع، وذي مخلب من الطير، وعن لحم
الحمر الأهلية، وعن عسب الفحل '.
[ق 171 - أ] / (م) مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عبيدة بن سفيان، عن
أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كل ذي ناب من السباع فأكله حرام '.
رواه ابن مهدي عنه.
756 - [مسألة]:
المستخبث من الطير كالنسر والرخم، والغراب الأبقع والغراب الأسود
الكبير حرام.
وقال مالك: يحل.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' خمس لا جناح على من قتلهن... '.
فذكر منهن الغراب كما مر في الحج.
757 - [مسألة]:
ويحرم القنفذ، وابن عرس.
296

وقال مالك والشافعي، يباح.
سعيد، نا الدراوردي، حدثني عيسى بن ثميلة الفزاري، عن أبيه قال:
' كنت عند ابن عمر، فسأله رجل عن أكل القنفذ، فقال شيخ عنده: سمعت أبا
هريرة يقول: ذكر عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: خبيثة من الخبائث. فقال ابن عمر:
إن كان رسول الله قاله، فهو كما قاله '.
758 - [مسألة]:
كل ما يعيش في البحر حلال، إلا الضفدع، والتمساح، والكوسج.
وقال أبو حنيفة: لا يحل إلا السمك.
وقال مالك: يحل كله.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' الحل ميتته ' كما مضى في المياه.
ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن
ابن عثمان قال: ' ذكر طبيب عند النبي [صلى الله عليه وسلم] دواء، فذكر الضفدع يجعل فيه،
فنهى رسول الله عن قتل الضفدع '.
شبابة، نا حمزة، عن عمر بن دينار، عن جابر، قال رسول الله: ' ما من
دابة في البحر إلا قد ذكاها الله لبني آدم '.
فهير بن زياد، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله
ابن سرجس، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ذبح كل نون في البحر لبني آدم '.
رواهما الدارقطني.
قلت: هما ضعيفان.
297

759 - [مسألة]:
تحرم الجلالة ولبنها وبيضها؛ ما لم تحبس؛ فالطائر ثلاثة أيام، والدابة
أربعين.
وعنه: ثلاثا، والبقر ثلاثين، والغنم سبعة، والدجاج ثلاثة.
وقال أكثرهم: لا تحرم.
(لنا): قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن
لبن الشاة الجلالة '.
ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: ' نهى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن أكل الجلالة وألبانها '.
رواه الترمذي.
[ق 171 - ب] / إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، حدثني أبي، عن عبد الله بن باباه، عن
عبد الله بن عمرو قال: ' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها،
ولا تشرب ألبانها، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة '.
إسماعيل وأبوه ضعيفان.
760 - [مسألة]:
إذا مر بالثمار المعلقة، ولا حائط عليها، جاز له الأكل.
وعنه: يأكل عند الضرورة.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يأكل المضطر ويضمن.
الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا أتيت
على راعي إبل، فناد: يا راعي الإبل. فإن أجابك، وإلا فاحلب واشرب في غير أن
298

تفسد، وإذا أتيت على حائط، فناد، يا صاحب الحائط - ثلاثا - فإن أجابك، وإلا
فكل في غير أن تفسد '.
761 - [مسألة]:
يجب على المسلم ضيافة المسلم المسافر المار به ليلة.
وقال أكثرهم: لا يجب.
منصور، عن الشعبي، عن المقدام أبي كريمة، سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ليلة الضيف واجبة على كل مسلم؛ فإن أصبح بفنائه محروما، كان دينا له عليه،
إن شاء اقتضى، وإن شاء ترك '.
شعبة، عن أبي الجودي، عن ابن المهاجر، عن المقدام أبي كريمة، عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' أيما مسلم أضاف قوما، فأصبح الضيف محروما، فإن حقا على كل
مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله '.
الليث، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة، قلنا: ' يا رسول الله، إنك
تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا، فما ترى؟ قال: إذا نزلتم بقوم، فأمروا لكم بما ينبغي
للضيف، فاقبلوا، وإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم '.
الليث، عن معاوية بن صالح، عن أبي طلحة، عن أبي هريرة؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' أيما ضيف نزل بقوم، فأصبح الضيف محروما، فله أن يأخذ بقدر قراه، ولا
حرج عليه '.
رواهم أحمد.
299

فارغة.
300

الأشربة
762 - [مسألة]:
[ق 172 - أ] / كل شراب يسكر كثيره فقليله حرام، وفيه الحد، ويسمى خمرا.
وقال أبو حنيفة: الخمر عصير العنب النيئ إذا اشتد وقذف بزبده، فيسيره
يحرم، فأما ما عمل من التمر والزبيب؛ فإن كان مطبوخا أدنى طبخ، فهو حلال،
وإن كان نيئا، فهو محرم، لكن لا يسمى خمرا بل نبيذا، وما عمل من القمح
والذرة والشعير والرز والعسل ونحوها، فحلال وإن طبخ، وإنما يحرم منه السكر.
قلنا: علة تحريم الخمر الشدة المطربة، وهي موجودة في كل شراب مسكر.
وعند أبي حنيفة تحريم الخمر غير معلل.
ودليلنا أن الخمر كل ما أسكر.
أحمد، نا روح، نا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع
[عن] ابن عمر، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كل مسكر خمر، وكل خمر
حرام '.
(خ) أبو حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر قال: ' خطب عمر
على منبر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إنه نزل تحريم الخمر؛ وهي من خمسة أشياء:
العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل. والخمر ما خامر العقل '.
ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' من الحنطة خمر، ومن الشعير خمر، ومن الزبيب خمر، ومن العسل
خمر '.
301

رواه أحمد.
الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن خالد بن كثير، سمع السري بن
إسماعيل؛ أن الشعبي حدثه، أنه سمع النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]: ' إن من الحنطة خمرا، ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر
خمرا. وأنا أنهى عن كل مسكر '.
وقال أنس: ' الخمر من العنب والتمر والعسل والذرة، فما خمرت من ذلك
فهو الخمر '.
رواه المختار بن فلفل عنه.
(خ م) وقال حميد، عن أنس: ' كنت أسقي أبا عبيدة وأبي بن كعب
وسهيل بن بيضاء، ونفرا عند أبي طلحة حتى كاد الشراب يأخذ فيهم، فأتى آت
فقال: أما شعرتم أن الخمر قد حرمت. فما قالوا: حتى ننظر ونسأل. وقالوا: يا
أنس، اكفأ ما في إنائك. فوالله ما عادوا فيها، وما هي إلا التمر والبسر؛ وهي
خمرهم يومئذ '.
وهذا لفظ أحمد، عن القطان عنه.
فإن قيل: حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء [ق 172 - ب] / قال ذلك ابن عمر.
قلنا: عني به ماء العنب، ولا يمنع هذا أن [يسمى] غيره خمرا.
قال أحمد بن حنبل: هذا أشد ما على الخصم، وهو أن الخمر حرمت،
وشرابهم الفضيخ.
ثم قال: جاء تحريم المسكر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من عشرين وجها.
302

(خ م) شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله
قال: كل مسكر حرام '.
القطان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' كل مسكر خمر، ما أسكر كثيره، فقليله حرام '.
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' ما أسكر كثيره، فقليله
حرام '.
رواهما أحمد.
وروى حديث أبي معشر، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، قال
رسول الله: ' كل مسكر خمر '.
أحمد، نا يحيى بن إسحاق، أنا مهدي بن ميمون، حدثني أبو عثمان
الأنصاري، عن القاسم، عن عائشة مرفوعا: ' ما أسكر الفرق منه، فملء الكف
منه حرام '.
الفرق ثلاثة آصع.
رجح الدارقطني وقفه.
علي بن بذيمة، أنا قيس بن حبتر، عن ابن عباس، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كل
مسكر حرام '.
أحمد، ثنا عبد الله بن إدريس، سمعت المختار بن فلفل: ' سألت أنسا
عن الأوعية، فقال: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن المزفتة، وقال: كل مسكر حرام '.
303

أحمد، نا مؤمل، نا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن
أبيه، قال رسول الله: ' نهيتكم عن الظروف، وإنها لا تحرم شيئا، وكل مسكر
حرام '.
شعبة، عن سلمة بن كيهل، سمعت أبا الحكم، قال: ' سألت ابن عباس
عن نبيذ الجر والدباء، قال: من سره أن يحرم ما حرم الله ورسوله، فليحرم النبيذ '.
شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده قال: ' بعثني رسول الله
ومعاذا إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض يصنع بها شراب من العسل يقال
له: البتع، وشراب من الشعير يقال له: المزر. فقال: كل مسكر حرام '.
فاحتجوا بخبر شعبة، عن يحيى بن عبيد، عن ابن عباس ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان ينبذ له يوم الخميس، فيشربه يوم الخميس ويوم الجمعة - قال: وأراه قال: يوم
السبت - فإذا كان عند العصر، فإن بقي منه شيء، سقاه الخدم، أو أمر به
فأهريق '.
قالوا: لو كان حراما ما سقاه الخدم.
يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور [ق 173 - أ] / عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود
' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] عطش وهو يطوف، فأتي بنبيذ من السقاية، فقطب، فقال له
رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا، علي بذنوب من ماء زمزم. فصبه عليه،
ثم شرب وهو يطوف بالبيت '.
رواه الدارقطني وقال: هذا معروف بابن يمان، يقال أنه انقلب عليه
الإسناد، واختلط عليه بحديث الكلبي، عن أبي صالح، ورواه اليسع بن إسماعيل،
وهو ضعيف، عن زيد بن الحباب، عن الثوري، وقال النسائي وغيره: لا يحتج
بيحيى بن يمان، لسوء حفظه وكثرة خطئه.
عمر بن علي المقدمي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن المطلب بن أبي وداعة
304

السهمي قال: ' طاف رسول الله بالبيت في يوم شديد الحر، فاستسقى، فأرسل
رجل إلى امرأته، فجاءت جارية معها نبيذ زبيب، فلما رآه النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ألا
خمرتموه ولو بعود، فلما أدنى الإناء منه وجد له رائحة شديدة، فقطب، ورد
الإناء، فقال الرجل: يا رسول الله، إن يكن حراما لم نشربه، فاستعاد الإناء، وصنع
مثل ذلك، وقال الرجل مثل ذلك، فدعا بدلو من ماء زمزم، فصبه عليه، وقال: إذا
اشتد عليكم شرابكم، فاصنعوا هكذا '.
الكلبي ليس بثقة.
جرير، عن أبي إسحاق الشيباني، عن مالك بن القعقاع، قال: ' سألت ابن
عمر عن النبيذ الشديد، فقال: جلس رسول الله في مجلس، فوجد من رجل ريح
نبيذ، فقال: ما هذه الرياح؟ قال: ريح نبيذ. قال: فأرسل، فائتونا منه. فأرسل،
فأتي به، فوضع فيه رأسه فشمه، ثم رده حتى إذا قطع الرجل البطحاء، رجع فقال:
أحرام هو يا رسول الله؟ فوضع رأسه فيه فوجده شديدا، فصب عليه الماء ثم شرب،
فقال: إذا اغتلمت أسقيتكم فاكسروها بالماء '.
رواهما الدارقطني. وعبد الملك بن نافع مجهول. والشيباني يسميه مالك
ابن نافع؛ وهو ضعيف.
ويروى نحوه من حديث ابن عباس.
قلت: لا يصح حديثه أيضا.
[ق 173 - ب] / سماك بن حرب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' نهيتكم عن الظروف، فاشربوا فيم شئتم، ولا تسكروا '.
قالوا: وروى أبو سعيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إن الله حرم الخمر بعينها،
والسكر من كل شراب '.
305

قلنا: الصحيح أنه موقوف.
يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وابن أبي السفر، عن سعيد بن ذي لعوة،
قال: ' شرب أعرابي نبيذا من إداوة عمر، فسكر، فأمر به فجلد، فقال: إنما شربت
نبيذا من إداوتك. قال: إنما نجلدك على السكر '.
قال ابن حبان: سعيد بن ذي لعوة شيخ دجال.
العقيلي، نا جعفر الفريابي، نا أحمد بن خالد الخلال قال: قلت لأحمد
ابن حنبل: نا محمد بن عبيد، عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة قال: ' شربت
مع أنس الطلاء على النصف، فغضب أحمد وقال: لا ترى هذا في كتاب إلا
حككته، ما أعلم في تحليل النبيذ حديثا صحيحا '.
قال المؤلف: وصالح بن حيان، قال النسائي: ليس بثقة.
ويروى عن عائشة قالت: ' يا بني، إن الله لم يحرم الخمر لاسمها، وإنما
حرمها لعاقبتها؛ فكل شراب تكون عاقبته كعاقبة الخمر، فهو حرام كتحريم
الخمر '.
763 - [مسألة]:
لا يجوز شرب الخمر للعطش، ولا للتداوي.
وجوزه أبو حنيفة.
وعن الشافعي ثلاثة أقوال؛ كالمذهبين. الثالث: يجوز للتداوي.
لنا حماد بن سلمة، نا سماك، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سويد
قال: قلت: ' يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعصرها، فنشربها؟ قال: لا.
فعاودته، فقال: لا. فقلت: نستشفي بها المريض. قال: إن ذاك ليس بشفاء،
ولكنه داء '.
306

(م) إسرائيل عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه ' أن رجلا سأل
النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الخمر، فنهاه عنها. قال: إنما أصنعها للدواء، قال: إنها داء،
وليست دواء '.
307

فارغة.
308

السبق
764 - [مسألة]:
لا تجوز المسابقة على الأقدام بعوض.
وجوزه أبو حنيفة.
وعن الشافعي كالمذهبين.
محمد بن عمرو، عن أبي الحكم مولى الليثيين [ق 174 - أ] / عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا سبق إلا في خف أو حافر '.
رواه أحمد.
309

فارغة.
310

الإيمان
765 - [مسألة]:
إذا قال: إن فعلت كذا فأنا يهودي، أو بريء من الإسلام، انعقدت
يمينه، ويكفر.
وقال مالك والشافعي: لا كفارة.
روى أصحابنا من حديث زيد، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أنه سئل عن رجل يقول:
هو يهودي أو نصراني، فقال: عليه كفارة يمين '.
766 - [مسألة]:
إذا قال: أقسمت، أو أقسم أو أحلف أو أشهد لا فعلت كذا، انعقدت
يمينه، وعنه: لا، إلا أن ينوي اليمين.
وبه قال مالك.
وقال الشافعي: لا تنعقد.
(خ م) الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس ' أن رجلا رأى رؤيا،
فقصها على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال أبو بكر: ائذن لي فلأعبرها. فأذن له فعبرها، ثم
قال: أصبت يا رسول الله؟ قال: أصبت وأخطأت. قال: أقسمت يا رسول الله،
لتخبرني. قال: لا تقسم '.
لفظ مسند أحمد.
وفي لفظ صح: ' والله لتحدثني بالذي أخطأت. فقال: لا تقسم '.
311

767 - [مسألة]:
يصح يمين الكافر، خلافا لأبي حنيفة.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' تبرئكم يهود بخمسين يمينا '.
768 - [مسألة]:
إذا حلف لا يأكل أدما فأكل لحما أو بيضا أو جبنا حنث.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا أن يأكل ما يصطبغ به، كالخل والشيرج.
لنا (خ م) سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن
أبي سعيد قال: قال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفأها
الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهله. فأتى رجل من اليهود،
فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبركم بإدامهم؟ قال: بلى. قال:
إدامهم بالام ونون. قالوا: ما هذا؟ قال: ثور ونون. يأكل من زائدة كبدهما
سبعون ألفا '.
جعل اللحم أدما.
الأصمعي، عن أبي هلال، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم '.
769 - [مسألة]:
إذا حلف لا يهب لفلان، فتصدق عليه. لم يحنث.
وقال مالك والشافعي: يحنث.
(خ م) عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة [ق 174 - ب] / قالت: ' كان
الناس يتصدقون على بريرة، فتهدي لنا، فذكرت ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: هو عليها
صدقة، وهو لكم هدية '.
312

770 - [مسألة]:
إذا حلف لا مال له، وله أثاث ودور، حنث.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا أن يملك مالا زكاتيا.
أحمد، نا روح، نا أبو نعامة العدوي، عن مسلم بن بديل، عن إياس بن
زهير، عن سويد بن هبيرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' خير مال امرئ له؛ مهرة مأمورة
أو سكة مأبورة '.
771 - [مسألة]:
إذا قال: هذا الطعام أو الأمة علي حرام، كان يمينا.
وقال الشافعي: لا يلزمه في الطعام شيء، وفي الأمة كفارة بنفس اللفظ.
لنا أنه [صلى الله عليه وسلم] حرم مارية. وقيل: العسل، فنزل قوله: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) *.
محمد بن سعد العوفي، نا أبي، نا عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن
عباس، قال: ' كانت حفصة وعائشة متحابتين، فذهبت حفصة إلى أبيها تحدث عنده، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، فرجعت حفصة
فوجدتها في بيتها، فخرجت الجارية، ودخلت حفصة، فقالت: لقد رأيت من كان
عندك، والله لقد سؤتني، قال: والله لأرضينك، فإني مسر إليك سرا فاحفظيه.
قالت: ما هو؟ قال: أشهدك أن سريتي هذه علي حرام رضى لك. فأنزل الله
تعالى: * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) *.
(خ م) ابن جريج، عن عطاء، سمع عبيد بن عمير يحدث قال:
سمعت عائشة تخبر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يمكث عند زينب، ويشرب عندها عسلا،
313

قالت: فتواصيت أنا وحفصة، أيتنا ما دخل عليها فلتقل: إني أجد منك ريح
مغافير، أكلت مغافير، فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك، فقال: بل شربت
عسلا عند زينب، ولن أعود له. فنزل قوله: * (لم تحرم ما أحل الله لك) * '.
772 - [مسألة]:
يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث، خلافا لأبي حنيفة.
قال المؤلف: وهو اختياري؛ أنه لا يجوز.
ولأصحابنا (خ م) حديث الحسن، نا عبد الرحمن بن سمرة قال: قال
لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن
يمينك، وائت الذي هو خير '.
(م) سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن [ق 175 - أ] / أبي هريرة؛ أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال: ' من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل
الذي هو خير '.
قال المؤلف: الواو لا تقتضي الترتيب.
قلت: لو كانت للترتيب لوجب تقديم الكفارة للأمر، بل الواو لمجرد
الجمع، فمن رتب فقد خالف مقتضى الواو، فعليه الدليل.
شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن عمرو - مولى الحسن بن علي،
عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من حلف على يمين، فرأى غيرها
خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه '.
أحمد، ثنا هشيم، أنا منصور ويونس، عن الحسن، عن عبد الرحمن ابن
سمرة قال: قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' يا عبد الرحمن بن سمرة، إذا آليت على يمين،
314

فرأيت غيرها خيرا منها، فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك '.
(س) ابن عيينة، نا أبو الزعراء، عن عمه أبي الأحوص، عن أبيه،
قلت: ' يا رسول الله، أرأيت ابن عم لي آتيه أسأله، فلا يعيطيني، ثم يحتاج إلي
فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله. فأمرني ان آتي الذي هو خير، وأكفر
عن يميني '.
قلت: وتأخير الكفارة لا يوجب ترتيبا.
315

فارغة.
316

النذور
773 - [مسألة]:
إذا نذر شيئا على وجه اللجاج والغضب، كإن فعلت كذا فمالي صدقة أو
علي حجة أو صوم سنة، فهو بالخيار بين الوفاء وبين كفارة يمين.
وعنه: الواجب كفارة حسب.
وعن الشافعي كالروايتين.
وقال أبو حنيفة: يجب الوفاء.
وقال مالك: في المال يلزمه الثلث، وفي غيره الوفاء.
لنا (م) حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله: ' كفارة النذر كفارة
اليمين '.
أبو بكر النهشلي، عن محمد بن الزبير، عن الحسن، عن عمران بن حصين،
قال رسول الله: ' لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين '.
عمر بن يونس اليمامي، نا سليمان بن أبي سليمان، عن يحيى بن أبي كثير،
عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا نذر إلا في ما أطيع
الله، ولا يمين في غضب، ولا طلاق ولا عتاق فيما [ق 175 - ب] / لا يملك '.
عن غالب بن (عبيد الله) العقيلي - واه - عن عطاء، عن عائشة قالت:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من جعل عليه نذرا في معصية فكفارة يمين، ومن جعل عليه
317

نذرا فيما لا يطيق فكفارة يمين، ومن جعل عليه نذرا فيما لم يسمه فكفارة يمين،
ومن جعل ماله هديا إلى الكعبة في أمر لا يريد به وجه الله، فكفارة يمين... '.
الحديث بطوله رواه الدارقطني.
774 - [مسألة]:
إذا قال: إن شفى الله مريضي فمالي صدقة، لزمه أن يتصدق بالثلث.
وعنه: يلزمه ما نوى.
وقال أبو حنيفة: يلزمه ماله الزكاتي.
وفي رواية عنه: بكل ما يملك، كقول الشافعي.
ابن جريج، أنا ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبره ' أن
أبا لبابة بن عبد المنذر قال لما تاب الله عليه: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر
دار قومي وأساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله. فقال: يجزئ عنك
الثلث '.
رواه أحمد.
775 - [مسألة]:
يمين الغموس لا توجب كفارة، خلافا للشافعي.
بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن أبي المتوكل، عن أبي هريرة؛ أنه
سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' ليس لها كفارة يمين صابرة لتقتطع بها مالا بغير
حق '.
776 - [مسألة]:
يمين المكره لا تنعقد.
318

وقال أبو حنيفة: تنعقد.
عن واثلة وأبي أمامة مرفوعا: ' ليس على مقهور يمين '.
قلت: أظنه موضوعا.
777 - [مسألة]:
ينعقد نذر المعصية، وكفارته كفارة يمين.
وقال أكثرهم: لا ينعقد.
لنا حديث عمران بن حصين ' في التي نجت على العضباء فنذرت لتنحرنها،
فقال [صلى الله عليه وسلم]: لا وفاء لنذر في معصية '.
(ت) نا قتيبة، نا أبو صفوان، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن
أبي سلمة، عن عائشة؛ قال رسول الله: ' لا نذر في معصية، وكفارته كفارة
يمين '.
778 - [مسألة]:
نذر المباح ينعقد، خلافا لأكثرهم.
حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة، حدثني بريدة ' أن أمة سوداء
أتت رسول الله وقد رجع من بعض مغازيه، فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله
صالحا أن [ق 176 - أ] / أضرب على رأسك بالدف. فقال: إن كنت فعلت فافعلي '.
319

فارغة.
320

القضاء
779 - [مسألة]:
شرط الحاكم أن يكون من أهل الاجتهاد، خلافا لبعض الحنفية.
(د) خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار؛ فالأول رجل
عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل
قضى للناس على جهل فهو في النار '.
780 - [مسألة]:
لا يجوز أن يلي القضاء امرأة.
وجوزه أبو حنيفة.
مبارك (خ) عن الحسن، عن أبي بكرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لن يفلح
قوم تملكم امرأة '.
781 - [مسألة]:
يصح التحكيم، خلافا لأحد قولي الشافعي.
لنا:
ما يروى عن عبد الله بن جراد مرفوعا: ' من حكم بين اثنين تحاكما إليه
وارتضياه، فلم يقل بينهما بالحق، فعليه لعنة الله '.
782 - [مسألة]:
يجوز القضاء على الغائب، وعلى الحاضر الممتنع من مجلس الحكم.
321

وعنه: لا يقضى عليه - كقول أبي حنيفة.
لنا قوله [صلى الله عليه وسلم]: ' خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف '.
783 - [مسألة]:
حكم القاضي لا يحيل الشيء عن صفته.
وقال أبو حنيفة: يحيله في العقود والفسوخ.
(خ م) صالح بن كيسان، عن ابن شهاب. أخبرني عروة، أن زينب
بنت أم سلمة أخبرته عن أمها، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' أنه سمع خصومة بباب
حجرته، فخرج إليهم فقال: إنما أنا (بشر) وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن
يكون أبلغ من بعض - وأحسب أنه قد صدق - فأقضي له بذلك، فمن قضيت له
بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها '.
فذكروا ما يروى؛ أن شاهدين شهدا عند علي على امرأة بالنكاح، فقالت
المرأة: لم يكن بيننا نكاح، فإن كان ولا بد فزوجني منه. فقال علي: شاهداك
زوجاك.
قلت: علي لم يطلع على الباطن؛ إنما حكم بالظاهر، فأما الأخذ بظاهر
علم منافاة باطنه فقبيح.
784 - [مسألة]:
إذا شهد شاهدان على قضاء الحاكم وهو لا يذكر قبل شهادتهما.
وقال الشافعي: لا.
لنا:
' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رجع في قصة ذي اليدين إلى قول غيره '.
322

[ق 176 - ب] / القسمة
إذا طلبها أحدهما وفيها ضرر على الآخر لم تقسم وتباع.
وقال أبو حنيفة: إذا كان لأحدهما منفعة أجبرا على القسمة.
وقال مالك: يجبر عليها بكل حال.
وقال الشافعي: إن كان المطالب ينتفع بذلك أجبر، وإن كان يستضر فعلى
وجهين.
روح بن عبادة، نا ابن جريج، أخبرني صديق بن موسى، عن محمد بن
أبي بكر، عن أبيه مرفوعا: ' لا تعضية على أهل الميراث إلا ما حمل القسم '.
عباس الدوري، ثنا عثمان بن محمد بن عثمان، نا عبد العزيز بن محمد،
عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا ضرر ولا
إضرار '.
رواهما الدارقطني.
قلت: لم يصحا.
323

الدعاوى
786 - [مسألة]:
إذا تداعيا شيئا في يد ثالث، فأقر به لأحدهما - لا يعينه - أقرع بينهما مع
الحلف.
وقال أكثرهم: يوقف الأمر حتى ينكشف.
لنا:
همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا كره الاثنان اليمين
فاستحباها، فليستهما عليها '.
أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة قالت: ' أتى رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم يكن لهما بينة، فقال: إنكم
لتختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته، فمن قضيت له من حق
أخيه شيئا فلا يأخذ منه شيئا؛ فإنما أقطع له قطعة من النار. فبكى الرجلان، وجعل
كل واحد منهما حقه له، فقال لهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أما إذ فعلتما ما فعلتما،
فتوخيا الحق ثم استهما، ثم تحالا '.
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة ' أن
رجلين اختصما في متاع إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ليس لواحد منهما بينة، فقال: استهما على
اليمين ما كان. [أحبا] ذلك أو كرها '.
واحتجوا بشعبة، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده ' أن
رجلين اختصما إلى نبي الله [صلى الله عليه وسلم] في دابة؛ ليس لواحد منهما بينة، فجعلها بينهما
نصفين '.
324

787 - [مسألة]:
[ق 177 - أ] / له وضع خشبه على جدار جاره بشرط أن لا يضر الحائط، ويجبره
الحاكم على وضعه.
وبه قال الشافعي، لكن قال: لا يجبره الحاكم.
وقال أكثرهم: لا يجوز إلا برضاه.
(خ م) أبو هريرة، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يمنعن أحدكم جاره أن
يضع خشبه على جداره ' ثم يقول أبو هريرة: ' ما لي أراكم معرضين عنها،
والله لأرمين بها بين أكتافكم '.
788 - [مسألة]:
إذا وطئا أمة بشبهة فأتت بولد عرض على القافة؛ فإن ألحقوه بهما أو
بأحدهما لحق، وإن أشكل عليهم وقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهما شاء.
وقال أبو حنيفة: لا يعرض على القافة.
عن عائشة: ' دخل قائف ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] شاهد وأسامة وأبوه مضطجعان،
فقال: هذه الأقدام بعضها من بعض، فتبسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأعجبه، وأخبر به
عائشة. قال إبراهيم بن سعد: كان أسامة مثل الليل، وكان أبوه أشقر '.
789 - [مسألة]:
لا ترد اليمين في شيء من الدعاوى، ويقضى بالنكول.
وقال مالك والشافعي: ترد.
لنا (خ م) ابن أبي مليكة: كتب إلي ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
325

' لو أن الناس أعطوا بدعواهم ادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، ولكن اليمين
على المدعى عليه '.
وبإسناد ضعيف عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: ' البينة على المدعي، واليمين
على المدعى عليه '.
ويروى نحوه من حديث أبي هريرة، ولفظه: ' واليمين على من أنكر إلا في
القسامة '.
واحتجوا بحديث سليمان ابن بنت شرحبيل، أنا محمد بن مسروق، عن
إسحاق بن الفرات، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رد اليمين
على طالب الحق '.
رواه الدارقطني، وفيه مجاهيل.
قلت: لا؛ بل هو منكر.
326

الشهادات
790 - [مسألة]:
لا يجب الإشهاد في البيع، خلافا لداود.
لنا:
' أنه [صلى الله عليه وسلم] اشترى فرسا من أعرابي ولم يشهد '.
791 - [مسألة]:
تقبل في الولادة شهادة واحدة، وكذا في كل ما لم يطلع الرجال عليه.
وعنه: لا تقبل إلا امرأتان - كقول مالك.
وقال الشافعي: لا تقبل إلا [ق 177 - ب] / أربع.
بإسناد واه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أجاز
شهادة القابلة '.
رواه الدارقطني ووهاه.
وروى أصحابنا من حديث ابن عمر، أن النبي - [صلى الله عليه وسلم] - قال:
' يجزئ في الرضاع شهادة امرأة '.
792 - [مسألة]:
لا تقبل شهادة العدو على عدوه، خلافا لأبي حنيفة.
لنا أحمد، نا عبد الرزاق، نا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى،
327

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع
لأهل البيت '.
محمد بن راشد ضعيف.
(ت) مروان بن معاوية، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن
عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة،
ولا مجلود في حد، ولا ذي غمر، ولا القانع لأهل البيت لهم، ولا ظنين في ولاء
ولا قرابة '.
الظنين: المتهم في دينه.
يزيد ضعفه الدارقطني.
793 - [مسألة]:
لا تقبل شهادة الوالد لولده، ولا هو له.
وعنه: تجوز شهادة الابن لأبيه.
وعنه جواز شهادتهما في ما لا تهمة فيه كالنكاح والطلاق والمال، وكل
منهما مستغن عن صاحبه.
وقال داود والمزني وأبو ثور: تجوز مطلقا.
لنا الحديث المتقدم.
قلت: قد ضعفته.
794 - [مسألة]:
لا تقبل شهادة بدوي على قروي.
328

وأجازها أبو حنيفة والشافعي.
وقال مالك كقولنا في ما عدا الجراح.
ابن الهاد، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي
هريرة، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تقبل شهادة البدوي على القروي '.
رواه الدارقطني من طريق ابن وهب، أنا يحيى بن أيوب، ونافع بن يزيد عنه.
795 - [مسألة]:
لا تقبل شهادة الذمة بعضهم على بعض.
وقال أبو حنيفة: تقبل.
عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن
رسول الله وقال: ' لا ترث ملة ملة، ولا تجوز شهادة أهل ملة عل ملة، إلا أمتي '.
رواه الدارقطني ملينا لعمر.
ولهم (ق) مجالد، عن عامر، عن جابر ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أجاز شهادة أهل
الكتاب بعضهم على بعض '.
[ق 178 - أ] / الحسن بن عرفة، أنا (عبد الرحمن) بن سليمان، عن مجالد، عن
الشعبي، عن جابر قال: ' أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] يهودي ويهودية زنيا، فقال لليهود:
ما يمنعكم أن تقيموا عليهما الحد؟ فقالوا: كنا نفعل إذ كان الملك لنا، فلا تجترئ
على الفعل. فقال: ائتوني بأعلم رجلين منكم. فأتوه بابني صوريا. قال: فأنشدكما
بالذي أنزل التوراة على موسى، كيف تجدون حدكما في التوراة؟. قالا: إذا شهد
أربعة أنهم رأوه يدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة رجم، قال: ائتوني
بالشهود، فشهد أربعة، فرجمهما النبي [صلى الله عليه وسلم] '.
329

مجالد، قال أحمد: ليس بشيء.
قلت: وعبد الرحمن هو ابن أبي الجون؛ قال أبو حاتم: لا يحتج به.
796 - [مسألة]:
يجوز الحكم بشاهد ويمين في المال وما يقصد به المال، خلافا لأبي حنيفة.
أحمد، نا عبد الوهاب الثقفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر
' أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى باليمين مع الشاهد '.
شبابة، نا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن
علي ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق. وقضى به علي
بالعراق '.
وقد روى هذا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] عمر وابن عباس، وأبو هريرة وابن عمر، وابن
عمرو وزيد، وأبو سعيد وسعد بن عبادة، وعامر بن ربيعة وسهل بن سعد، وعمارة
ابن حزم وعمرو بن حزم، والمغيرة وبلال بن الحارث، وسلمة بن قيس وتميم
الداري، وأنس وزبيب بن ثعلبة وسرق.
797 - [مسألة]:
إذا ترك ابنا لا وارث له غيره، فأقر بأخ ثبت نسبه.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يثبت حتى يقر اثنان.
لنا حديث عبد بن زمعة، وقوله: أخي وابن وليدة أبي. فأثبت النسب
بإقراره.
330

العتق
798 - [مسألة]:
إذا أعتق الموسر نصيبه من عبد، عتق عليه نصيب شريكه.
وقال أبو حنيفة: يخير الشريك بين أن يعتق، أو يستسعى العبد، أو يقومه
على شريكه. فإن أعتق المعسر نصيبه، لم يجب عليه عتق الباقي.
وقال أبو حنيفة: [ق 178 - ب] / يجب بالاستسعاء، أو بعتق الشريك.
لنا حديث يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' من أعتق نصيبا له في مملوك، كلف أن يتم عتقه بقيمة عدل؛ فإن لم يكن له
مال يعتقه به، فقد جاز ما عتق '.
أحمد، نا عبد الرزاق، نا (عمر) بن حوشب، حدثني إسماعيل بن
أمية، عن أبيه، عن جده قال: ' كان لهم غلام، فأعتق جده نصفه، فجاء العبد إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: تعتق في عتقك، وترق في رقك. فكان يخدم سيده
حتى مات '.
واحتجوا بابن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك،
عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من كان له شقص في مملوك فأعتق نصيبه،
فعليه خلاصه إن كان له مال، وإلا استسعي في ثمن رقبته غير مشقوق عليه '.
بشير بن نهيك مجروح.
قلت: بل احتج به الشيخان، ووثقه جماعة. وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
331

أحمد، نا عبد الله بن بكر، نا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه
' أن رجلا من هذيل أعتق شقصا له في مملوك، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: هو حر كله؛
ليس لله شريك '.
حجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب قال: ' حفظنا
من ثلاثين من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: من أعتق شقصا له في مملوك ضمن
بقيته '.
رواه أحمد.
799 - [مسألة]:
إذا أعتق في مرض موته عبيدا؛ لا مال له سواهم، جمع العتق في الثلث
بالقرعة.
وقال أبو حنيفة: يعتق من كل واحد ثلثه، ويستسعى في باقيه.
(م) أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران ' أن رجلا أعتق
ستة عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجزأهم ثلاثا، ثم
أقرع بينهم؛ فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا '.
800 - [مسألة]:
إذا ملك ذا رحم محرم، عتق عليه.
وقال مالك: يعتق الولدان والأولاد والإخوة.
وقال الشافعي: يعتق عمود النسب.
حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من ملك ذا رحم، فهو عتيق ' وفي لفظ: ذا رحم محرم فهو حر ' قال ابن
المديني: أحاديث سمرة صحاح.
332

المدبر
801 - [مسألة]:
بيعه جائز.
وعنه: لا، إلا أن يكون السيد مديونا.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز [ق 179 - أ] / إذا أطلق التدبير.
وقال مالك: لا يجوز في حال الحياة، ويجوز بعد الموت إن كان على السيد
دين.
عمرو بن دينار، عن جابر ' أن رجلا دبر غلاما له، فمات ولم يترك مالا
غيره، فباعه النبي [صلى الله عليه وسلم] فاشتراه نعيم بن النحام '.
الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال: ' أعتق رجل عبدا له عن دبر، فبلغ
ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: ألك مال غيره؟ قال: لا. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: من
يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك،
فإن فضل من أهلك شيء فلذوي قرابتك، فإن فضل من قرابتك شيء، فهكذا،
وهكذا وهكذا - يقول: من بين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك '.
ابن أبي ذئب، عن ابن المنكدر، عن جابر: ' أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ببيع
المدبر '.
شريك، عن سلمة بن كهيل، عن عطاء وأبي الزبير، عن جابر ' أن رجلا
مات وترك مدبرا ودينا، فأمرهم النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يبيعوه في دينه، فباعوه بثمانمائة '.
قال ابن زياد النيسابوري، قول شريك: مات. خطأ؛ لأن في حديث
333

الأعمش، عن سلمة: ' ودفع إليه ثمنه ' وكذلك رواه غيره.
جرير الضبي، عن عبد الغفار بن القاسم، عن أبي جعفر قال: ' شهدت
الحديث من جابر؛ إنما أذن في بيع خدمته '.
قال أبو داود وغيره: عبد الغفار كذاب.
334

المكاتب
802 - [مسألة]:
يجوز بيع رقبته.
وقال أكثرهم: لا.
ابن شهاب، عن عروة ' أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم
يكن قضت منها شيئا، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق '.
335

أم الولد
803 - [مسألة]:
لا يجوز بيعها، خلافا لداود.
عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع أمهات الأولاد،
وقال: ' لا يبعن، ولا يهبن، ولا يورثن؛ يستمتع منها سيدها ما دام حيا، فإذا مات
فهي حرة '.
رواه عبد العزيز بن مسلم، وعبيد الله بن عمر عنه مرفوعا.
والمحفوظ أن الذي قضى بذلك عمر - رضي الله عنه.
ولهم: شعبة، عن زيد العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد ' أنه قال في
أمهات الأولاد: كنا نبتاعهن على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] '.
زيد غير حجة.
مغيرة، عن الشعبي، عن عبيدة قال: ' خطب علي فقال: شاورني عمر في
أمهات الأولاد، فرأيت أنا وعمر أن أعتقهن، فقضى بها عمر حياته، وعثمان
حياته، فلما وليت رأيت أن أرقهن '.
قال عبيدة: فرأي علي وعمر في الجماعة أحب إلي من رأي علي وحده.
336