الكتاب: الإنصاف
المؤلف: المرداوي
الجزء: ٩
الوفاة: ٨٨٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد حامد الفقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٧٧هـ - ١٩٥٧ م
المطبعة: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
ردمك:
ملاحظات: الطبعة الأولى على نسخ محققة ، منها نسخة مكتوبة في حياة المؤلف ، ومقروأة على المؤلف / اعادة طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان / مطبعة السنة المحمدية / ١٧ شارع شريف باشا الكبير - القاهرة - ت ٧٩٠١٧

الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل
تأليف شيخ الإسلام العلامة الفقيه المحقق
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي
الحنبلي تغمده الله برحمته
صححه وحققه
محمد حامد الفقي
الجزء التاسع
الطبعة الأولى
على نسخة محققة، مكتوبة في حياة المؤلف، ومقروءة على المؤلف
حق الطبع محفوظ
1377 ه‍ - 1957 م
إعادة طبعة
دار احياء التراث العربي
بيروت - لبنان
1

مطبعة السنة المحمدية
17 شارع شريف باشا الكبير - القاهرة
ت 79017
2

بسم الله الرحمن الرحيم
باب ما يختلف به عدد الطلاق
قوله (يملك الحر ثلاث طلقات وإن كان تحته أمة ويملك العبد اثنتين وإن كان تحته حرة).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا نص الروايتين وأشهرهما عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعليه الأصحاب.
وعنه أن الطلاق بالنساء فيملك زوج الحرة ثلاثا وإن كان عبدا وزوج الأمة اثنتين وإن كان حرا فعليها يعتبر طريان الرق بالمرأة.
وقال الزركشي والأحاديث في هذا الباب ضعيفة والذي يظهر من الآية الكريمة أن كل زوج يملك الثلاث مطلقا انتهى.
قلت وهو قوي في النظر.
وعلى المذهب لو علق العبد الثلاث بشرط فوجد بعد عتقه طلقت ثلاثا على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق اثنتين ويملك الثالثة.
وإن علق الثلاث بعتقه لغت الثالثة قدمه في الرعاية.
قال في الفروع لغت في الأصح.
وقيل بل تقع وقيل إن قلنا يصح تعليقه على ملكه وقع وإلا فلا.
ولو علق بعد طلقة ملك تمام الثلاث.
ولو علق بعد طلقتين زاد في الرعاية والفروع أو عتقا معا لم يملك ثالثة على الصحيح من المذهب.
3

قال في البلغة لو عتق بعد طلقتين لم يملك نكاحها على الأصح.
قال في الرعاية أظهر الروايتين المنع وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
وعنه يملك عليها طلقة ثالثة فتحل له.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر باب الرجعة والكلام عليه مستوفى إن شاء الله تعالى.
تنبيه قد يقال شمل كلام المصنف ما لو كان حرا حال الزواج ثم صار رقيقا بأن يلحق الذمي بدار الحرب فيسترق وقد كان طلق اثنتين وقلنا ينكح عبد حرة نكحها هنا وبقي له طلقة ذكره المصنف ومن تابعه وفي الترغيب وجهان.
قلت ويأتي عكس ذلك بأن تلحق الذمية بدار الحرب ثم تسترق وكان زوجها ممن يباح له نكاح الإماء هل يملك عليها ثلاثا أو طلقتين.
فائدة المعتق بعضه كالحر على الصحيح من المذهب ونص عليه وجزم به في المغنى والبلغة والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم وقال في الكافي هو كالقن.
قوله (وإن قال أنت الطلاق أو الطلاق لي لازم).
وكذا قوله الطلاق يلزمني أو يلزمني الطلاق أو على الطلاق ونحوه ونوى الثلاث طلقت ثلاثا.
وإن لم ينو شيئا أو قال أنت طالق ونوى الثلاث ففيه روايتان.
اعلم أن الصحيح من المذهب أن قوله أنت الطلاق أو الطلاق لي لازم أو يلزمني الطلاق أو علي الطلاق ونحوه صريح في الطلاق منجزا كان أو معلقا بشرط أو محلوفا به نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم لكن هل هو صريح في الثلاث أو في واحدة يأتي ذلك.
وقيل ذلك كناية.
4

قال في القواعد الفقهية وتبعه في الأصولية لو نوى به ما دون الثلاث فهل يقع به ما نواه خاصة أو يقع به الثلاث ويكون ذلك صريحا في الثلاث فيه طريقان للأصحاب انتهى.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله أن قوله الطلاق يلزمني ونحوه يمين باتفاق العقلاء والأمم والفقهاء وخرجه على نصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وهو خلاف صريحها.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا إن حلف به نحو الطلاق لي لازم ونوى النذر كفر عند الإمام أحمد رحمه الله ذكره عنه في الفروع في كتاب الأيمان ونصره في أعلام الموقعين هو والذي قبله.
وقد ذكر أن أخا الشيخ تقي الدين رحمه الله اختار عدم الكفارة فيهما وهو مذهب بن حزم.
فعلى المذهب إذا لم ينو شيئا فأطلق المصنف هنا في وقوع الثلاث أو وقوع واحدة الروايتين وأطلقهما في القواعد الأصولية وابن منجا في شرحه.
إحداهما تطلق ثلاثا صححها في التصحيح.
قال في الروضة وهو قول جمهور أصحابنا ونص عليها الإمام أحمد رحمه الله في رواية مهنا واختارها أبو بكر.
والرواية الأخرى تطلق واحدة وهو المذهب اختاره المصنف وقال هو الأشبه وإليه ميل الشارح وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
فوائد.
إحداها قال في الواضح أنت طلاق كأنت الطلاق وقال معناه في الانتصار قاله في الفروع.
5

الثانية سأل هارون الرشيد القاضي يعقوب أبا يوسف الحنفي والكسائي عن رفع ثلاث ونصبه في قوله.
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن * وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم.
فأنت طلاق والطلاق عزيمة * ثلاثا ومن يخرق أعق وأظلم.
فبيني بها إن كنت غير رفيقة * وما لامرئ بعد الثلاثة مقدم.
فماذا يلزمه فيهما.
فقالا إن رفع ثلاثا الأولى طلقت واحدة فقط لأنه قال لها أنت طلاق وأطلق فأقله واحدة ثم أخبر ثانيا بأن الطلاق التام العزيمة ثلاث.
وإن نصبها طلقت ثلاثا لأن معناه أنت طالق ثلاثا وما بينهما جملة معترضة.
وقال الجمال بن هشام الأنصاري من أئمتنا في مغني اللبيب ما نصه وأقول إن الصواب أن كلا منهما محتمل لوقوع الثلاث والواحدة أما الرفع فلأن أل في الطلاق إما لمجاز الجنس نحو زيد الرجل أي هو الرجل المعتمد عليه المعتد به في الرجال وإما للعهد الذكري كمثلها في قوله تعالى 73 16 * (فعصى فرعون الرسول) * أي وهذا الطلاق المذكور عزيمته ثلاث ولا تكون للجنس الحقيقي لأنه لا يلزم منه الإخبار عن العام بالخاص كالحيوان إنسان فهو باطل إذ ليس كل حيوان إنسانا ولا كل طلاق عزيمة أو ثلاثا فعلى العهدية تقع الثلاث وعلى الجنسية تقع الواحدة كما قد قاله الكسائي وأبو يوسف تبعا له.
وأما النصب فلأنه محتمل لكونه مفعولا به أو مفعولا مطلقا أو مصدرا وحينئذ يقتضي وقوع الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثا ثم اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة أو لكونه حالا من الضمير المستتر في عزيمة وحينئذ فلا يلزم منه وقوع الثلاث لأن المعنى والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا فإنما يقع ما نواه وهذا ما يقتضيه معنى هذه اللفظة مع قطع النظر عن شيء آخر.
فأما الذي قد نواه هذا الشاعر المعين بقوله في شعره المذكورين فيه فهو الثلاث
6

بدليل البيت الثالث من قوله في شعره المذكورين فيه.
فإن نوى واحدة في محل الثلاث بلا تزويج أو كناية ظاهرة أو عكسه أو لم ينو شيئا بل أطلق فاحتمالان أظهرهما يعمل باليقين والورع التزام المشكوك فيه بإيقاعه يقينا والأصل بقاء النكاح وتمام الثلاث فلا يزول الشك فيهما انتهى والله أعلم.
الثالثة لو قال الطلاق يلزمني ونحوه لا أفعل كذا وفعله وله أكثر من زوجة فإذا كان هناك نية أو سبب يقتضي التعميم أو التخصيص عمل به ومع فقد السبب والنية خرجها بعض الأصحاب على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة لأن الاستغراق في الطلاق يكون تارة في نفسه وتارة في محله.
وفرق بعضهم بينهما بأن عموم الطلاق من باب عموم المصدر لأفراده وعموم الزوجات يشبه عموم المصدر لمفعولاته وعمومه لأفراده أقوى من عمومه لمفعولاته لأنه يدل على أفراده بذاته عقلا ولفظا وإنما يدل على مفعولاته بواسطة مثاله لفظ الأكل والشرب فإنه يعم أنواع الأكل والشرب وهو أبلغ من عموم المأكول إذا كان عاما فلا يلزم من عمومه لأفراده وأنواعه عمومه لمفعولاته.
ذكر مضمون ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقوي في موضع آخر وقوع الطلاق بجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة وفرق بينهما بأن وقوع الطلاق الثلاث بالزوجة الواحدة محرم بخلاف وقوع الطلاق بالزوجات المتعددات انتهى.
قال في الروضة إن قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق وقع بالكل وبمن بقي وإن قال علي الطلاق لأفعلن ولم يذكر المرأة فالحكم على ما تقدم انتهى.
وأما إذا قال أنت طالق ونوى الثلاث فأطلق المصنف هنا في وقوع الثلاث الروايتين.
7

وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والقواعد الفقهية.
إحداهما تطلق ثلاثا وهو المذهب على ما اصطلحناه صححه في الشرح والتصحيح.
قال الزركشي ولعلها أظهر وجزم به في المنور وإليه ميل المصنف وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
والأخرى واحدة وهو المذهب عند أكثر المتقدمين وهي اختيار الخرقي والقاضي وقال عليها الأصحاب.
واختارها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة والشيرازي وغيرهم.
قال في الرعاية الصغرى وقيل هي أصح وجزم به في الوجيز.
فعلى الثانية لو قال أنت طالق وصادف قوله ثلاثا موتها أو قارنه وقع واحدة وعلى الأولى ثلاث لوجود المفسر
في الحياة قاله في الترغيب.
فائدتان
إحداهما لو قال أنت طالق طلاقا أو طالق الطلاق ونوى ثلاثا طلقت ثلاثا بلا خلاف أعلمه وإن أطلق وقع في الأولى طلقة وكذا في الثانية على الصحيح من المذهب.
وعنه بل تطلق ثلاثا.
الثانية لو أوقع طلقة ثم قال جعلتها ثلاثا ولم ينو استئناف طلاق بعدها فواحدة ذكره في الموجز والتبصرة واقتصر عليه في الفروع.
قوله (وإن قال أنت طالق واحدة ونوى ثلاثا لم تطلق إلا واحدة في أحد الوجهين).
8

وهو المذهب صححه في المذهب والشرح والتصحيح والفروع فقال طلقت واحدة في الأصح.
وجزم به في المغني والكافي والوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا وأطلقهما في الهداية والمحرر والنظم والمستوعب.
تنبيه محل الخلاف في هذه المسألة إذا قلنا في المسألة التي قبلها يقع الطلاق الثلاث فأما إن قلنا تطلق هناك واحدة فهنا تطلق واحدة بطريق أولى.
فائدتان
إحداهما قوله وإن قال أنت طالق هكذا وأشار بأصابعه الثلاث طلقت ثلاثا وإن قال أردت بعدد المقبوضتين قبل منه.
بلا خلاف أعلمه لكن إذا لم يقل هكذا بل أشار فقط فطلقة واحدة.
قدمه في الفروع وجزم به في الرعايتين زاد في الكبرى ولم يكن له نية.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب واقتصر عليه في الترغيب فقال توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها.
الثانية قوله وإن قال أنت طالق واحدة بل هذه ثلاثا طلقت الأولى واحدة والثانية ثلاثا.
بلا نزاع ولو قال أنت طالق بل هذه طلقتا نص عليه وإن قال هذه أو هذه وهذه طالق وقع بالثالثة وإحدى الأولتين كهذه أو هذه بل هذه طالق.
وقيل يقرع بين الأولى والأخريين كهذه بل هذه أو هذه طالق.
9

وقيل يقرع بين الأولتين والثالثة.
قوله (وإن قال أنت طالق كل الطلاق أو أكثره أو جميعه أو منتهاه أو طالق كألف أو بعدد الحصا أو القطر أو الريح أو الرمل أو التراب طلقت ثلاثا).
أما إذا قال ذلك في غير أكثر الطلاق فإنها تطلق ثلاثا قطع به الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في كألف.
وقال في الانتصار والمستوعب يأثم بالزيادة.
وأما أكثره فجزم المصنف هنا بأنها تطلق به ثلاثا وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني في موضع والكافي والهادي والبلغة والرعايتين والحاوي والمحرر والنظم والمنور والوجيز وتذكرة بن عبدوس وإدراك الغاية وغيرهم.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
وجزم به الشارح في موضع تبعا للمصنف.
وقيل تطلق واحدة وجزم به في المغني في موضع آخر فقال تطلق واحدة في قياس المذهب واقتصر عليه وتبعه في الشرح في موضع وجزم به بن رزين في شرحه وأطلقهما في الفروع.
فوائد.
إحداها لو قال أنت طالق أقصى الطلاق طلقت ثلاثا كمنتهاه وغايته.
وقال في الرعاية الكبرى أظهر الوجهين أنها تطلق ثلاثا واختاره في المستوعب.
وقيل تطلق واحدة وهو الصحيح من المذهب كأشده وأطوله وأعرضه
10

اختاره القاضي ذكره عنه في المستوعب وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين وأطلقهما في البلغة والرعاية الصغرى والحاوي والفروع.
الثانية لو نوى كألف في صعوبتها فهل يقبل في الحكم فيه الخلاف المتقدم وقدم في الرعايتين أنه لا يقبل.
الثالثة لو قال أنت طالق إلى مكة ولم ينو بلوغها طلقت في الحال جزم به بعض المتأخرين.
قال في القواعد الأصولية ولكن ينبغي أن يحمل الكلام على جهة صحيحة وهو إما أنه يحمل على معنى أنت طالق إن دخلت إلى مكة أو إذا خرجت إلى مكة فإن حمل على الأول لم تطلق إلا بالدخول إليها وهذا أولى لبقاء نفي النكاح وإن حمل على الثاني كان حكمها حكم ما لو قال إن خرجت إلى العرس أو إلى الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت إلى ذلك تقصده ولم تصل إليه ولو قال أنت طالق بعد مكة طلقت في الحال.
ويأتي التنبيه على ذلك في باب الطلاق في الماضي والمستقبل عند قوله وإن قال أنت طالق إلى شهر.
قوله (وإن قال أنت طالق أشد الطلاق طلقت واحدة).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وذكر بن عقيل في الفنون في آخر المجلد التاسع عشر أن بعض أصحابنا قال في أشد الطلاق كأقبح الطلاق يقع طلقة في الحيض أو ثلاثا على احتمال وجهين وقال كيف يسوي بين أشد الطلاق وأهون الطلاق.
قوله (أو أغلظه أو أطوله أو أعرضه أو ملء الدنيا طلقت واحدة إلا أن ينوي ثلاثا).
11

بلا نزاع ونقله بن منصور.
قوله (وإن قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث طلقت اثنتين).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن تطلق ثلاثا.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وخرج وجه بأنها تطلق واحدة ولو لم يقل نويتها من مسألة الإقرار الآتية في آخر الكتاب إلغاء للطرفين.
قوله (وإن قال أنت طالق طلقة في طلقتين ونوى طلقة مع طلقتين طلقت ثلاثا بلا نزاع).
قوله (وإن نوى موجبة عند الحساب وهو يعرفه طلقت طلقتين بلا نزاع).
وإن لم يعرفه فكذلك عند بن حامد.
يعني وإن لم يعرف موجبه عند الحساب ونواه وهذا المذهب.
قال الناظم هذا أصح واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وعند القاضي تطلق واحدة.
واقتصر عليه في المغني وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة والشرح والفروع.
وقال في المنور ومنتخب الآدمي وإن قال واحدة في اثنتين لزم الحاسب اثنتان وغيره ثلاثا ولم يفصل.
12

فائدة لو قال الحاسب أو غيره أردت واحدة قبل قوله على الصحيح من المذهب وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين ونصروه وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
وقال القاضي تطلق امرأة الحاسب اثنتان.
قوله (وإن لم ينو وقع بامرأة الحاسب طلقتان).
هذا المذهب اختاره أبو بكر وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المذهب والمغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل تطلق واحدة وهو احتمال في الهداية.
وقيل تطلق ثلاثا وتقدم كلامه في المنور والمنتخب.
قوله (وبغيرها طلقة).
يعني بغير امرأة الحاسب إذا لم ينو شيئا وهو الصحيح.
جزم به في الكافي والوجيز وابن رزين في شرحه وقدمه في المغني والشرح وظاهر كلامه في المغني أن عليه الأصحاب.
ويحتمل أن تطلق ثلاثا.
وتقدم كلامه في المنور والمنتخب.
وقيل تطلق امرأة العامي ثلاثا دون غيره.
وقيل تطلق اثنتين اختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهن في الفروع.
فائدة قال المصنف ولم يفرق أصحابنا في ذلك بين أن يكون المتكلم بذلك ممن له عرف بهذا اللفظ أم لا.
والظاهر إن كان المتكلم بذلك ممن عرفهم أن في ها هنا بمعنى مع
13

وقعت الثلاث لأن كلامهم يحمل على عرفهم والظاهر إرادته وهو المتبادر إلى الفهم من كلامه انتهى.
وجزم بهذا في الرعايتين.
فائدة لو قال أنت طالق نصف طلقة في نصف طلقة طلقت طلقة بكل حال قاله في الرعاية الكبرى.
فائدة أخرى لو قال أنت طالق مثل ما طلق زيد زوجته وجهل عدده طلقت واحدة على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقيل بل تطلق بعدد ما طلق زيد.
وأطلقهما في المحرر والنظم وشرح المحرر.
قوله (إذا قال أنت طالق نصف طلقة أو نصفي طلقة أو نصف طلقتين طلقت طلقة).
بلا نزاع أعلمه.
قلت ويحتمل أن تطلق طلقتين في الأخيرة وهو قوله أنت طالق نصف طلقتين لأن اللفظ يحتمل إرادة النصف من كل طلقة منهما.
وقال في القواعد الأصولية إذا قال أنت طالق نصف طلقة طلقت طلقة جزم به الأصحاب ونص عليه في رواية صالح والأثرم وأبي الحارث وأبي داود قال ولم أجد أحدا من الأصحاب اشترط في وقوع الطلاق بذلك النية وفيه نظر لأن التعبير بالبعض عن الكل من صفات المتكلم ويستدعي قصده لذلك المعنى بالضرورة وإلا لم يصح أن يعبر به عنه انتهى.
ويأتي في هذا الباب الذي يليه إذا قال أنت طالق ثلاثا إلا ربع طلقة.
قوله (وإن قال نصفي طلقتين أو ثلاثة أنصاف طلقة طلقت طلقتين).
14

وإذا قال لها أنت طالق نصفي طلقتين طلقت طلقتين.
هذا المذهب وقطع به الأصحاب.
وقال في الفروع ولو قال ثلاثة أنصاف طلقة فثنتان.
وقيل واحدة كنصفي ثنتين أو نصف ثنتين.
فظاهره أنه جزم بوقوع واحدة في قوله أنت طالق نصفي طلقتين ولم أره لغيره لأن الصحيح من المذهب فيها أنها تطلق ثنتين.
ثم ظهر لي أن في الكلام تقديما وتأخيرا حصل ذلك من الناسخ أو من تخريج غلط أو يكون على هذا تقدير الكلام لو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة فثنتان كنصفي ثنتين وقيل واحدة كنصف ثنتين.
وأما قوله ثلاثة أنصاف طلقة فالصحيح من المذهب أنها تطلق طلقتين كما قطع به المصنف هنا وعليه جماهير الأصحاب وقيل تطلق واحدة.
فائدة خمسة أرباع طلقة أو أربعة أثلاث طلقة ونحوه كثلاثة أنصاف طلقة على ما تقدم خلافا ومذهبا.
قوله (وإن قال ثلاثة أنصاف طلقتين طلقت ثلاثا).
هذا المذهب نص عليه في رواية مهنا وصححه الناظم وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وتجريد العناية.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه الجمهور.
ويحتمل أن تطلق طلقتين اختاره بن حامد.
قال الناظم وليس بمبعد.
وقال في الفروع ويتوجه مثلها ثلاثة أرباع ثنتين وقال في الروضة يقع اثنتان.
15

قوله (وإن قال نصف طلقة ثلث طلقة سدس طلقة أو نصف وثلث وسدس طلقة طلقت طلقة).
هذا المذهب جزم به الأصحاب في الأولى وقطع به أكثرهم في الثالثة.
وفي الترغيب وجه تقع ثلاثا في الثانية وفي كل مالا يزيد على واحدة إذا جمع.
قوله (وإذا قال لأربع أوقعت بينكن).
وكذا قوله عليكن طلقة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا وقع بكل واحد طلقة.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والنظم والفروع والحاوي الصغير.
وعنه إذا قال أوقعت بينكن ثلاثا ما أرى إلا قد بن منه واختاره أبو بكر والقاضي.
قال في الرعاية الصغرى وعنه إن أوقع ثنتين وقع اثنتان وإن أوقع ثلاثا أو أربعا فثلاث.
قال ابن عبدوس في تذكرته والأقوى يقع ثلاثة في غير الأولى.
قوله (وإن قال أوقعت بينكن خمسا فعلى الأول يقع بكل واحدة طلقتان).
وكذا لو أوقع ستا أو سبعا أو ثمانيا.
وعلى الثانية يقع ثلاث.
وإن أوقع تسعا فأزيد فثلاث على كلا الروايتين.
16

فائدة لو قال أوقعت بينكن طلقة وطلقة وطلقة فثلاث على كلا الروايتين على الصحيح من المذهب.
قلت فيعايى بها.
وقيل واحدة على الرواية الأولى.
قال في القواعد الأصولية في هذه المسألة طريقان.
أحدهما يقع بكل واحدة ثلاث على الروايتين وهو طريق صاحب الترغيب وقدمه صاحب المحرر وقاله في المغني وغيره.
والطريق الثاني حكمها حكم ما لو قال بينكن أو عليكن ثلاثا قال وهذا الطريق أقرب إلى قاعدة المذهب انتهى.
فائدة قوله وإن قال نصفك أو جزء منك أو أصبعك أو أذنك طالق طلقت بلا نزاع.
لكن لو قال أصبعك أو يدك طالق ولا يد لها ولا إصبع أو قال إن قمت فيمينك طالق فقامت بعد قطعها ففي وقوع الطلاق وجهان.
وأطلقهما في المحرر وشرحه والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وقال بناء على أنه هل هو بطريق السراية أو بطريق التعبير بالبعض عن الكل كذا قال شارح المحرر.
قال الزركشي إذا أضاف الطلاق إلى عضو فهل يقع عليها جملة تسمية للكل باسم البعض وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قاله القاضي أو على العضو أو البعض نظرا لحقيقة اللفظ ثم يسري تغليبا للتحريم فيه وجهان وبنى عليهما المسألة.
أحدهما تطلق فيهما جزم به في المنور.
والثاني لا تطلق بهما.
واختار بن عبدوس في تذكرته أنها تطلق في الثانية ولا تطلق في الأولى.
17

قوله (وإن قال دمك طالق طلقت).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والخلاصة وشرح ابن منجا وشرح المحرر والشارح وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال الناظم هذا أولى وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل لا تطلق وجزم به في الترغيب.
قال في المستوعب قال ابن البنا لا تطلق واقتصر عليه وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة لو قال لبنك أو منيك طالق فقيل هما كالدم اختاره في الرعاية.
قال في الفروع ومني كدم.
وقيل بعدم الوقوع قدمه في الرعاية وجزم به في المستوعب في اللبن.
نسب تقديمه إلى صاحب الفروع فيه.
واختاره في الرعاية وغيرها.
وقيل بعدم الوقوع فيهما وقدمه في الرعاية والفروع وغيرهما.
وجزم به في المستوعب والمغني في موضعين في اللبن.
وينبغي أن يقال عن هذا القول إنه قدمه في الفروع أيضا فإنه مدلوله كما لا يخفى على من تأمله فإنه قال فيه وقيل تطلق بسن وظفر وشعر وقيل وسواد وبياض ولبن ومني كدم وفيه وجه وجزم به في الترغيب انتهى.
ففهم بعضهم منه أن قوله ولبن ومني مرفوعان استئنافا وليس كذلك فإنه لم يسبق له في الفروع ذكر حكم الدم بل الظاهر جرهما عطفا على ما قبلهما وحينئذ يستقيم الكلام.
ويؤيده الجزم في المغني فيها بعدم الوقوع في اللبن في موضعين منه كما نقلته
18

عنه هنا وعنه جزم المستوعب حيث قاس الشعر والظفر والسن والدمع والعرق في عدم الوقوع بها عليها.
وإذا كان كذلك في اللبن ففي المني كذلك أيضا لاشتراكهما عند صاحب الفروع في الحكم والمعنى أيضا وإن اختلف الحكم نظرا للتقديرين السابقين في حل قول الفروع فليتأمل.
قوله (وإن قال شعرك أو ظفرك أو سنك طالق لم تطلق).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل تطلق وهو احتمال في المحرر ووجه في المذهب وأطلقهما فيه.
فائدة لو قال سوادك أو بياضك طالق لم تطلق على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والرعاية الكبرى وقدمه في الفروع وغيره وقيل تطلق.
قوله (وإن أضافه إلى الريق والدمع والعرق والحمل لم تطلق).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الانتصار هل يقع ويسقط القول بإضافته إلى صفة كسمع وبصر ونحوهما إن قلنا تسمية الكل الجزء عبارة عن الجميع كناية أو مجازا وهو ظاهر كلامه يعني الإمام أحمد صح وإن قلنا بالسراية فلا.
قوله (وإن قال روحك طالق طلقت).
وهو المذهب قال في المذهب ومسبوك الذهب وإن قال روحك طالق وقع الطلاق في أصح الوجهين.
اختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الهداية والخلاصة والمحرر والشرح والنظم وتجريد العناية.
19

وقال أبو بكر لا تطلق.
فقال لا يختلف قول الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يقع طلاق ولا ظهار ولا عتق ولا حرام بذكر الشعر والظفر والسن والروح وبذلك أقول انتهى.
وجزم به في الوجيز وهذا ظاهر ما قدمه في الفروع فإنه قال وإن طلق جزءا مبهما أو مشاعا أو معينا أو عضوا طلقت نص عليه.
وعنه وكذا الروح اختاره أبو بكر وابن الجوزي وجزم به في التبصرة انتهى.
وما ذكره عن أبي بكر فيه نظر ويرده ما نقله آنفا وما نقله هو عنه في محل آخر أيضا.
ثم وجدت بن نصر الله في حواشي الفروع نقل عن القاضي علاء الدين بن مغلي أنه جزم بأن هذا يغلب على صاحب الفروع في الكلام يعني قوله وكذا الروح وأنه معطوف على قوله جزءا معينا وأن مراده أنها تطلق بالروح على هذه الرواية لكنه وهم في عزوها إلى أبي بكر انتهى وهو كما قال.
قال شيخنا في حواشي الفروع الظاهر أن ذكر أبي بكر سهو.
وقال في الرعاية الكبرى والنص عدم الوقوع.
قال في المستوعب توقف الإمام أحمد رحمه الله فيها.
وأطلقهما في المستوعب والكافي والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير.
وهذا بناء على أن الإشارة في قوله في الفروع وكذا الروح إلى آخره إلى الوقوع في المسألة التي قبلها وهو الظاهر من العبارة وقد أوله به بن نصر الله في حاشيته عليه فجعل مرجع الإشارة فيه هو قوله بخلاف زوجتك بعض وليتي أي فلا تطلق في هذه المسألة الأخرى المشبهة بها فيه لها.
فالتشبيه في أصل انتفاء الحكم وإن اختلف منطق الانتفاءين حينئذ فيكون المقدم في الفروع هو الوقوع في الروح وكذا مسألة الحياة الآتية بعدها
20

إن قيل إن قوله فيه وكذا الحياة عطف على قوله وكذا الروح وقيل إنه عطف على جملة قوله وكذا الروح فيكون قد حكى فيه الخلاف فيها.
والراجح فيه عدم الوقوع عنده كما جعله بن نصر الله في حواشيه عليه مقتضى كلامه فيها خلافا لما سيأتي قريبا من الجزم بالوقوع.
فوائد.
إحداها لو قال حياتك طالق طلقت كبقائك أو نفسك بسكون الفاء لا بفتحها فإنه كريحك وهواؤك ورائحتك وظاهر الفروع أنها لا تطلق وجعله بن نصر الله في حاشيته عليه مقتضى كلامه فيه وكمسألة الروح والدم وإن كان المذهب فيهما الوقوع كما ذكر.
والذي ينبغي أن يقال إن فيها الخلاف كالروح والدم ونحوهما فينبغي أن يكون المذهب فيها كلها عدم الوقوع كإضافة الطلاق إلى السواد والبياض ونحوهما كالرائحة لكونها أعراضا والحياة عرض باتفاق المتكلمين كالبقاء والروح والروح والرائحة والريح والهواء بخلاف الروح.
وهذا ما ظهر لي من تحرير هذا المحل وكما هو في كتب غيرنا كالشافعية وغيرهم لكن الحياة عرض كالهواء لا يستغني الحيوان عنها كالروح والدم والبقاء والنفس بالسكون لا بالفتح بخلاف السواد والبياض ونحوهما فإن الحيوان يعيش بدونها لا بدون جميع الأعراض كلها وليس الكلام فيها جميعا.
الثانية قال في الفروع هنا لو قال أنت طالق شهرا أو بهذا البلد صح ويكمل بخلاف بقية العقود انتهى.
فالظاهر أنه وضع هذه المسألة هنا لكونها شبيهة بتطليق عضو منها فكما أنها تطلق كلها بتطليق عضو منها أو ببعضها فكذلك تطلق أيضا في هذه المسألة
21

في جميع الشهور والبلدان في قوله بخلاف بقية العقود نظر ظاهر كالفسوخ.
الثالثة حكم العتق في ذلك كله حكم الطلاق.
قوله (وإذا قال لمدخول بها أنت طالق أنت طالق طلقت طلقتين إلا أن ينوي بالثانية التأكيد أو إفهامها).
ويشترط في التأكيد أن يكون متصلا وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه مع الإطلاق وجه كالإقرار ونقل أبو داود في قوله اعتدى اعتدى مرتين فأراد الطلاق هي طلقة.
قال في القواعد الأصولية وظاهر هذا النص أنه لا يتكرر الطلاق إذا لم ينو التكرار.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن قال الطلاق يلزمه لا فعل كذا وكرره لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو.
قال في الفروع فيتوجه مثله إن قمت فأنت طالق وكرره ثلاثا.
وحكى الشيخ يعني به المصنف وقوع الثلاث بذلك إجماعا وكان الفرق بينهما أنه يلزمه من الشرط الجزاء فيقع الثلاث معا للتلازم ولا ربط لليمين ذكره في آخر كتاب الأيمان.
فوائد.
الأولى لو قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق ونوى بالثالثة تأكيد الأولى لم يقبل ووقع ثلاثا لعدم اتصال التأكيد وإن أكد الثانية بالثالثة صح وإن أطلق فطلقة واحدة جزم به المغني والشرح وقدمه في الرعاية.
وقيل ثلاث ذكره في الرعاية.
الثانية لو قال أنت طالق طالق طالق طلقت واحدة ما لم ينو أكثر جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع وقال وظاهر ما جزم به في
22

الترغيب أنه إن أطلق تكرر فإنه قال فيه لو قال أنت طالق طالق طالق قبل أيضا قصد التأكيد قاله في القواعد الأصولية.
وقال في الرعاية بعد أن ذكر أحكام أنت طالق أنت طالق والتفصيل إن قال أنت طالق طالق طالق أو أنت طالق طالق أنت طالق وقصد التأكيد.
الثالثة لو قال أنت طالق وطالق وطالق وقال أردت تأكيد الأولى بالثانية لم يقبل قوله وإن قال أردت تأكيد الثانية بالثالثة دين.
وهل يقبل في الحكم على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قال في القواعد الأصولية قبل منه لمطابقتها لها في لفظها ومعناها معا وجزم به وقدمه بن رزين في شرحه وكذا الحكم في الفاء وثم فإن غاير بين الأحرف مثل إن قال أنت طالق وطالق أو ثم طالق أو فطالق لم يقبل قوله في إرادة التأكيد قولا واحدا.
الرابعة لو قال أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة وقال أردت تأكيد الأولى بالثانية والثالثة قبل قوله جزم به في المغني والكافي والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم.
وإن أتى بالواو فقال أنت مطلقة ومسرحة ومفارقة فهل يقبل منه إرادة التأكيد فيه احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والقواعد الأصولية وقدم بن رزين في شرحه عدم القبول.
قوله (وإن قال أنت طالق فطالق أو ثم طالق أو بل طالق أو طالق طلقة بل طلقتين أو بل طلقة أو طالق طلقة بعدها طلقة أو قبل طلقة طلقت طلقتين).
وقوع طلقتين بقوله أنت طالق فطالق أو ثم طالق أو بل طالق لا أعلم.
23

فيه خلافا إلا رواية في المحرر بوقوع طلقة واحدة في قوله أنت طالق بل طالق ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة بل طلقتين هو الصحيح من المذهب كما قطع به المصنف وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر وابن الزاغوني تطلق ثلاثا.
ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة بل طلقة هو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تطلق واحدة فقط ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة قبل طلقة أو بعدها طلقة هو الصحيح من المذهب.
قال في الفروع والأصح يقع اثنتان.
وجزم به في الكافي والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب في بعدها طلقة.
وقدمه أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تطلق واحدة اختاره القاضي.
ويأتي قريبا إذا قلنا تطلق اثنتين هل يقعان معا أو متعاقبتان فيما إذا كانت الزوجة غير مدخول بها ويأتي نظير ذلك في باب الإقرار بالمجمل.
فائدتان
إحداهما لو ادعى أنه أراد قبلها طلقة في نكاح آخر وزوج آخر دين وفي الحكم قيل يقبل وقيل لا يقبل.
وقيل يقبل إن وجد ذلك وإلا فلا.
قلت وهو الصواب.
قال في المغني والشرح والصحيح أنه لا يقبل إذا لم يكن وجد.
24

وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية لو ادعى أنه أراد بقوله بعدها طلقة سأوقعها دين على الصحيح من المذهب وفي الحكم روايتان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية وحكاهما وجهين.
وقال في الروضة لا يقبل في الحكم وفي قبوله في الباطن روايتان انتهى.
قلت الصواب القبول.
قوله (وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأولى ولم يلزمها ما بعدها).
يعني فيما تقدم من المسائل فدخل في كلامه أنت طالق طلقة بعدها طلقة أو قبل طلقة وكذا حكم أنت طالق طلقة بعد طلقة فلا يقع عنده بغير المدخول بها إلا واحدة وهو أحد الوجهين وهو المذهب.
قال في الفروع وهو أشهر وتوقف الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يقعان معا فيقع اثنتان بالمدخول بها وغيرها واختارها أبو الخطاب وغيره في قوله طلقة بعد طلقة.
وجزم به في المذهب والمستوعب وزاد عليها قبل طلقة وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة فكذلك عند القاضي).
حتى تبين بطلقة في غير المدخول بها وهو المذهب.
قال في الفروع وهو أشهر وتوقف الإمام أحمد رحمه الله ونصره الشارح.
25

وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعند أبي الخطاب تطلق اثنتين.
واختاره أبو بكر وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وصححه المصنف.
وظاهر المستوعب والمحرر والفروع الإطلاق.
وأما المدخول بها في هذه المسألة فالصحيح من المذهب أنها تطلق طلقتين.
قال في الفروع الأصح يقع اثنتان وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وقيل تطلق واحدة اختاره القاضي في الخلاف نقله عنه بن البنا ذكر ذلك في المستوعب على ما تقدم.
قوله (وإن قال لها أنت طالق طلقة معها طلقة أو مع طلقة أو طالق وطالق طلقت طلقتين).
وقوع طلقتين بقوله أنت طالق طلقة معها طلقة أو مع طلقة لا نزاع فيه في المذهب في المدخول بها وغيرها ووقوع طلقتين بقوله أنت طالق وطالق لغير المدخول بها هو الصحيح من المذهب ونص عليه في رواية صالح والأثرم وغيرهما لأن الواو ليست للترتيب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تبين غير المدخول بها في الأولى بناء على أن الواو للترتيب قاله بن أبي موسى وغيره.
قال القواعد الأصولية وفي بناء بن أبي موسى نظر بل الأولى في تعليل أنها تبين بالأولى أنها إنشاء والإنشاءات يترتب معناها على ثبوت لفظها.
وقال في الفروع ويتوجه وجه أنها تبين بالأولى ولو لم تكن الواو للترتيب.
قوله (والمعلق كالمنجز في هذا).
وهذا المذهب سواء قدم الشرط أو أخره أو كرره.
فلو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق ثم طالق فدخلت
26

الدار طلقت طلقة واحدة إن كانت غير مدخول بها وثلاثا إن كانت مدخولا بها وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح ذهب القاضي إلى وقوع طلقتين في الحال في حق المدخول بها وتبقى الثالثة معلقة بالدخول قالا وهو ظاهر الفساد وأبطلاه وقالا أيضا ذهب القاضي فيما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق فطالق فطالق أو طالق ثم طالق ثم طالق وكذا لو أخر الشرط إلى أن غير المدخول بها تبين بواحدة في الحال من غير دخول الدار.
قال في الفروع كذا قال يعني به المصنف قال والذي اختاره القاضي وجماعة أن ثم كسكتة لتراخيها فيتعلق بالشرط طلقة فيقع بالمدخول بها إذن اثنتان وطلقة معلقة بالشرط إن تقدم فبالأولى وإن تأخر فبالأخيرة ويقع بغير المدخول بها الثانية منجزة إن قدم الشرط والثالثة لغو والأولى معلقة.
وإن أخره فطلقة منجزة والباقي لغو لبينونتها بالأولى انتهى.
وقال في المذهب فيما إذا قدم الشرط إن القاضي أوقع واحدة فقط في الحال وذكر أبو يعلى الصغير أن المعلق كالمنجز لأن اللغة لم تفرق بينهما وقال إن أخر الشرط فطلقة منجزة وإن قدم لم يقع إلا طلقة بالشرط.
قوله (وإن قال إن دخلت فأنت طالق إن دخلت فأنت طالق فدخلت طلقت طلقتين بكل حال).
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به وحكاه المصنف إجماعا.
وقال في الفروع ويتوجه أنه لا يقع إلا واحدة ولو كرره ثلاثا من قوله الطلاق يلزمه لا فعل كذا وكرره فإنه لا يقع أكثر من واحدة إذا لم ينو قاله الأصحاب والشيخ تقي الدين رحمه الله وفرقوا بين اليمين بالطلاق والتعليق ذكره في الفروع في آخر كتاب الأيمان.
27

باب الاستثناء في الطلاق
قوله (حكي عن أبي بكر رحمه الله أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق).
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول أبي بكر رواية منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله ولكن أكثر أجوبته كقول الجمهور ولا تفريع عليه.
قال في القواعد الأصولية وأكثر الأصحاب خصوا قول أبي بكر بالاستثناء في عدد الطلاق دون عدد المطلقات ومنهم من حكى عنه إبطال الاستثناء في الطلاق مطلقا قال وهو ظاهر انتهى.
قلت ويحتمله كلام المصنف هنا وقطع في الفروع بالأول.
وقال في الترغيب لو قال أربعتكن طوالق إلا فلانة لم يصح على الأشبه لأنه صرح بالأربع وأوقع عليهن ولو قال أربعتكن إلا فلانة طوالق صح الاستثناء انتهى.
قلت وهو ضعيف.
قوله (والمذهب أنه يصح استثناء ما دون النصف).
وهو المذهب كما قال بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
قوله (ولا يصح فيما زاد عليه).
وهو المذهب أيضا كما قال المصنف وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
قال صاحب الفروع في أصوله واستثناء الأكثر باطل عند الإمام أحمد رحمه الله وأصحابه وقيل يصح واختاره أبو بكر الخلال.
فائدة يصح الاستثناء في الطلقات والمطلقات والأقارير ونحو ذلك إلا ما حكي عن أبي بكر وصاحب الترغيب كما تقدم قريبا.
28

قوله (وفي النصف وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والبلغة والشرح والمحرر والنظم
والفروع والقواعد الأصولية.
أحدهما يصح وهو المذهب.
قال ابن هبيرة الصحة ظاهر المذهب.
وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر والرعايتين والحاوي الصغير واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الإرشاد والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وهو ظاهر كلام بن عقيل في التذكرة في الطلاق والإقرار فإنه ذكر فيهما لا يصح استثناء الأكثر واقتصر عليه.
والوجه الثاني لا يصح.
قال في تجريد العناية لا يصح استثناء مثل على الأظهر.
قال الناظم الفساد أجود.
ونقله أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الطوفي في مختصر الروضة وهو الصحيح من مذهبنا.
ونصره شارحه الشيخ علاء الدين العسقلاني في مختصر مختصر الطوفي وهو صاحب تصحيح المحرر واختاره بن عقيل في فصوله.
ويأتي نظير ذلك في باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره.
تنبيه أكثر الأصحاب حكوا الخلاف وجهين وقال أبو الفرج وصاحب الروضة والخلاصة هما روايتان.
وذكر أبو الطيب الشافعي عن الإمام أحمد رحمه الله رواية بالمنع كما تقدم.
29

قوله (وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين أو خمسا إلا ثلاثا طلقت ثلاثا).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب بناء على عدم صحة استثناء الأكثر.
وقيل تطلق اثنتان بناء على القول الآخر وأطلقهما في الرعايتين.
قلت لو قيل تطلق ثلاثا في قوله خمسا إلا ثلاثا وإن أوقعنا في الأولى طلقتين لكان له وجه لأن لنا وجها أن الاستثناء لا يعود إلا إلى ما يملكه وهو هنا لا يملك إلا ثلاث طلقات وقد استثناها فلا يصح فكأنه قد استثنى الجميع كقوله أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا بخلاف ما إذا استثنى اثنتين من ثلاث.
قوله (وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ربع طلقة طلقت ثلاثا).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به القاضي في الجامع الكبير وصاحب المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال في القواعد الأصولية تطلق ثلاثا في أصح الوجهين وصححه بن عقيل في الفصول.
وقيل تطلق طلقتين اختاره القاضي نقله عنه في الفصول.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال أنت طالق طلقتين إلا واحدة فعلى وجهين مبنيين على صحة استثناء النصف وعدمه وقد تقدم المذهب في ذلك).
قوله (وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فهل تطلق ثلاثا أو اثنتين على وجهين).
وأطلقهما في المحرر والفروع.
30

أحدهما تطلق اثنتين وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم لأن الاستثناء من الاستثناء عندنا صحيح واستثناء النصف صحيح على المذهب كما تقدم.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا.
قال المصنف والشارح وغيرهما لا يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق إلا في هذه المسألة فإنه يصح إذا أجزنا النصف وإن قلنا لا يصح وقع الثلاث.
فائدة لو قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة إلا واحدة طلقت اثنتين على الصحيح من المذهب لأنه استثنى من الواحدة المستثناة واحدة فيلغو الاستثناء الثاني ويصح الأول جزم به بن رزين في شرحه.
وقيل تطلق ثلاثا لأن الاستثناء الثاني معناه إثبات طلقة في حقها لكون الاستثناء من النفي إثباتا فيقع فيقبل ذلك في إيقاع طلاقه وإن لم يقبل في نفيه.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قوله (وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة أو طالق وطالق وطالق إلا واحدة أو طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة طلقت ثلاثا وهو المذهب).
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقدمه في النظم والهداية والمذهب والخلاصة في أنت طالق طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة طلقت ثلاثا وهو المذهب.
ويحتمل أن تطلق طلقتان.
وقدمه في المستوعب في الجميع وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
31

لكن صاحب الرعايتين قدم أن الاستثناء بعد العطف بالواو يعود إلى الكل وقطع في الهداية والخلاصة أن الاستثناء بعد العطف لا يعود إلا إلى الأخيرة فإذا قال أنت طالق وطالق وطالق إلا واحدة طلقت ثلاثا وقدمه في المستوعب وصححه في المغني.
قال في القواعد الأصولية وما قاله في المغني ليس بجار على قواعد المذهب.
وقطع القاضي أبو يعلى بوقوع طلقتين في قوله أنت طالق وطالق وطالق إلا واحدة كما قدمه بن حمدان وقطع به بن عقيل في الفصول أيضا.
لكن ذكر في المستوعب عن القاضي أنها تطلق ثلاثا في هذه وفي الجميع.
واختار الشارح وقوع الثلاث في الأولى وأطلق الخلاف في الباقي وأطلق الخلاف في المذهب في الأولى وفي قوله طلقتين ونصفا إلا طلقة.
فإذا قلنا تطلق ثلاثا في قوله طالق وطالق وطالق إلا واحدة لو أراد استثناء من المجموع دين وفي الحكم وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وظاهر كلامه في المنور أنه لا يقبل في الحكم فإنه قال دين واقتصر عليه.
قال ابن رزين في التهذيب كل موضع فسر قوله فيه بما يحتمله فإنه يدين فيه فيما بينه وبين الله دون الحكم انتهى.
ونقله أيضا عنه في تصحيح المحرر وغيره.
قلت الصواب قبوله.
قال الشيخ في مختصره هداية أبي الخطاب فإن قال أردت استثناء الواحدة من الثلاث قبل.
وهذا الجزم من الشيخ الموفق مع إطلاق أبي الخطاب للخلاف على ما نقله المؤلف أحسن ما يستند إليه في تصحيح الوجه الثاني وهو القبول والله أعلم.
32

فائدة لو قال أنت طالق اثنتين واثنتين إلا اثنتين طلقت ثلاثا جزم به القاضي في الجامع الكبير وغيره.
وقدمه في المغني والشرح وشرح بن رزين.
ويحتمل أن تطلق اثنتين قال ابن رزين في شرحه هذا أقيس.
وإن قال اثنتين واثنتين إلا واحدة فالذي جزم به القاضي في الجامع الكبير أنها تطلق اثنتين بناء على قاعدته.
وقاعدة المذهب أن الاستثناء يرجع إلى ما يملكه وأن العطف بالواو يصير الجملتين جملة واحدة.
وأبدى المصنف في المغني احتمالين.
أحدهما ما قاله القاضي.
والثاني لا يصح الاستثناء.
وإن فرق بين المستثنى والمستثنى منه فقال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا واحدة وواحدة وواحدة قال في الترغيب وقعت الثلاث على الوجهين.
قوله (وإن قال أنت طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا واحدة وقعت الثلاث).
أما في الحكم فلا يقبل قولا واحدا.
وأما في الباطن فالصحيح من المذهب أنه لا يدين كما هو ظاهر كلام المصنف وعليه جماهير الأصحاب وجزم به السامري في فروقه وصاحب الوجيز والمستوعب وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والنظم والزركشي وغيرهم.
واختاره المجد في محرره وغيره.
وقال أبو الخطاب يدين واختاره الحلواني.
33

قال في عيون المسائل لأنه لا اعتبار في صريح النطق على الصحيح من المذهب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال نسائي طوالق واستثنى واحدة بقلبه لم تطلق).
فيقبل فيما بينه وبين الله تعالى قولا واحدا.
وظاهر كلام المصنف أنه يقبل في الحكم أيضا وهو الصحيح من الروايتين والمذهب منهما اختاره الشارح وصححه في النظم.
وظاهر ما جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر واختاره القاضي وجزم به الزركشي والمنور.
والرواية الثانية لا يقبل اختاره بن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدتان
إحداهما لو قال نسائي الأربع طوالق واستثنى واحدة بقلبه طلقت في الحكم على الصحيح من المذهب وقطع به الأكثر.
ولم تطلق في الباطن وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل تطلق أيضا وهو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به الزركشي والخرقي.
وقال في الترغيب لو قال أربعتكن طوالق إلا فلانة لم يصح على الأشبه لأنه صرح وأوقع ويصح أربعتكن إلا فلانة طوالق وتقدم ذلك في أول الباب.
الثانية يعتبر للاستثناء والشرط ونحوهما اتصال معتاد لفظا وحكما كانقطاعه بتنفس ونحوه قاله القاضي وغيره واختاره في الترغيب.
34

وقطع به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والنظم وتجريد العناية والمنور وغيرهم.
ويعتبر أيضا نيته قبل تكميل ما ألحقه به.
قال في القواعد الأصولية وهو المذهب.
وقيل يصح بعد تكميل ما ألحقه به قطع به في المبهج والمستوعب والمغني والشرح.
قال في الترغيب هو ظاهر كلام أصحابنا.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال دل عليه كلام الإمام أحمد رحمه الله وعليه متقدمو أصحابه.
وقال لا يضر فصل يسير بالنية وبالاستثناء انتهى.
وقيل محله في أول الكلام قاله في الترغيب توجيها من عنده.
وسأله أبو داود عمن تزوج امرأة فقيل له ألك امرأة سوى هذه فقال كل امرأة لي طالق فسكت فقيل إلا فلانة قال إلا فلانة فإني لم أعنها فأبى أن يفتي فيه.
ويأتي في تعليق الطلاق إذا علقه بمشيئة الله تعالى.
35

باب الطلاق في الماضي والمستقبل
قوله (إذا قال لامرأته أنت طالق أمس أو قبل أن أنكحك ينوي الإيقاع وقع).
هذا المذهب اختاره أبو بكر وحكاه القاضي عن الإمام أحمد رحمه الله وجزم به في المغني والمحرر والشرح
والنظم والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي.
ووقوع الطلاق بقصد وقوعه أمس من مفردات المذهب.
وجعله القاضي وحفيده كمسألة ما إذا لم ينو إلا نية.
وعنه يقع إن كانت زوجته أمس.
نقل مهنا إذا قال أنت طالق أمس وإنما تزوجها اليوم فليس هذا بشيء فمفهومه أنها إن كانت زوجته بالأمس طلقت.
قوله (وإن لم ينو لم يقع في ظاهر كلامه).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال ناظم المفردات عليه الأكثر وهو من المفردات.
وقال القاضي يقع وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله فيلغو ذكر أمس.
وحكي عن أبي بكر لا يقع إذا قال أنت طالق أمس ويقع إذا قال قبل أن أنكحك.
قال القاضي رأيته بخط أبي بكر في جزء مفرد.
وحمل القاضي قول أبي بكر رحمه الله على أنه يتزوجها بعد ذلك ثانيا فيبين وقوعه الآن.
36

قال المصنف والشارح في تعليل قول أبي بكر لأن أمس لا يمكن وقوع الطلاق فيه.
وقبل تزوجها متصور الوجود فإنه يمكن أن يتزوجها ثانيا وهذا الوقت قبله فوقع في الحال كما لو قال أنت طالق قبل قدوم زيد.
قوله (فإن قال أردت أن زوجا قبلي طلقها أو طلقتها أنا في نكاح قبل هذا قبل منه إذا احتمل الصدق في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله).
أما فيما بينه وبين الله تعالى فيدين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يدين فيهما باطنا حكاها الحلواني وابن عقيل.
وأما في الحكم فظاهر كلام المصنف هنا أنه يقبل أيضا وهو مقيد بما إذا لم تكذبه قرينة من غضب أو سؤالها الطلاق ونحوه فلا يقبل قولا واحدا وكلام المصنف هو المذهب وإحدى الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى.
وقال في الرعاية الصغرى قبل حكما إلا أن يعلم من غير جهته ولعله سهو أو نقص من الكاتب وإنما هذا الشرط على التخريج الآتي.
والرواية الثانية لا يقبل.
وقال في المحرر ويتخرج إذا قلنا تطلق بلا نية أن لا يقبل منه في الحكم إلا أن يعلم من غير جهته وتبعه في الرعاية الكبرى وأطلق الروايتين في الفروع وغيره.
وتقدم نظير ذلك في أول باب صريح الطلاق وكنايته عند قوله وإن نوى بقوله أنت طالق من وثاق أو مطلقة من زوج كان قبلي.
37

وتقدم تحرير ذلك فليعاود فإن الأصحاب ذكروا أن الحكم فيهما واحد.
تنبيه ظاهر قوله قبل منه إذا احتمل الصدق أي وجوده أنه يشترط أن يكون قد وجد ذلك منه أو من الزوج الذي قبله.
هذا المذهب واختاره القاضي وغيره وهو قول أبي الخطاب وقدمه في الشرح.
قال في المحرر والرعاية والنظم والحاوي والوجيز وغيرهم إذا أمكن.
قال في الترغيب هو قياس المذهب.
وقال القاضي يقبل مطلقا وقدمه في الفروع.
وهل يشترط أيضا ثبوته عند الحاكم أو إن تداعيا عنده أو لا مطلقا أو يشترط في الحكم دون التدين باطنا وهو الأظهر فيه خلاف.
لكن فرق بين إمكان الصوت ولو لم يكن وجد شيء مطلقا وبين الوجود نفسه سواء اشترط ثبوته في نفس الأمر أو عند الحاكم للحكم أو للتدين مثلا.
فكل من ذلك مسألة مستقلة بنفسها خلافا لمن يجعل الخلف لفظيا في ذلك كله.
قوله (فإن مات أو جن أو خرس قبل العلم بمراده فهل تطلق على وجهين).
وأطلقهما في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا تطلق وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني تطلق.
والخلاف هنا مبني على الخلاف المتقدم في اشتراط النية في أصل المسألة.
38

فإن قيل تشترط النية هناك وهو المذهب لم تطلق هنا لأن شرط وقوع الطلاق النية ولم يتحقق وجودها.
وإن قيل لا تشترط النية هنا طلقت هناك قاله الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن منجا وغيرهم.
قوله (وإن قال أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل مضي شهر لم تطلق).
كذا إذا قدم مع الشهر وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
حتى قال المصنف والشارح في المسألة الأولى لم تطلق بغير اختلاف من أصحابنا.
وقيل هما كقوله أنت طالق أمس وجزم به الحلواني.
فائدة قال في القواعد الأصولية في هذه المسألة جزم بعض أصحابنا بتحريم وطئها من حين عقد الصفة إلى حين موته.
وقال في المستوعب قال بعض أصحابنا يحرم عليه وطؤها من حين عقد هذه الصفة إلى حين موته لأن كل شهر
يأتي يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق فيه ولم يذكر خلافه.
قوله (وإن قدم بعد شهر وجزء يقع الطلاق فيه تبينا وقوعه فيه).
بلا نزاع وكان وطؤه محرما فإن كان وطئ لزمه المهر.
فوائد.
الأولى لها النفقة من حين التعليق إلى أن يتبين وقوع الطلاق.
قلت فيعايى بها.
39

الثانية قوله وإن خالعها بعد اليمين بيوم وكان الطلاق بائنا ثم قدم زيد بعد الشهر بيومين صح الخلع وبطل الطلاق.
وهذا صحيح لا خلاف فيه لأن الطلاق لم يصادفها إلا بائنا والبائن لا يقع عليها الطلاق.
وقوله وإن قدم بعد شهر وساعة وقع الطلاق دون الخلع.
بلا خلاف عليها لكن إذا لم يقع الخلع ترجع بالعوض.
وقوله وكان الطلاق بائنا.
احترازا من الطلاق الرجعي فإنه يصح الخلع مطلقا أعني قبل وقوع الطلاق وبعده ما لم تنقض عدتها.
الثالثة وكذا الحكم لو قال أنت طالق قبل موتي بشهر لكن لا إرث لبائن لعدم التهمة.
ولو قال إذا مت فأنت طالق قبله بشهر لم يصح ذكره في الانتصار لأنه أوقعه بعده فلا يقع قبله لمضيه.
قوله (وإن قال أنت طالق قبل موتي طلقت في الحال).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في التبصرة تطلق في جزء يليه موته كقبيل موتى.
فوائد.
إحداها قوله وإن قال بعد موتي أو مع موتي لم تطلق.
بلا نزاع عند الأصحاب ونص عليه.
لكن قال في القواعد يلزم على قول بن حامد الوقوع هنا في قوله مع موتي لأنه أوقع الطلاق مع الحكم بالبينونة فإيقاعه مع سبب الحكم أولى انتهى
40

الثانية لو قال أنت طالق يوم موتي ففي وقوع الطلاق وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما تطلق في أوله وهو الصواب وصححه في النظم وجزم به في المنور.
والثاني لا تطلق.
الثالثة لو قال أطولكما حياة طالق فبموت إحداهما يقع الطلاق بالأخرى إذن على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق وقت يمينه.
قوله (وإن تزوج أمة أبيه ثم قال إذا مات أبي أو اشتريتك فأنت طالق فمات أبوه أو اشتراها لم تطلق).
وهو أحد الوجهين اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن تطلق.
وهو المذهب وهو رواية في التبصرة.
قال في الشرح وهذا أظهر.
قال أبو الخطاب في الهداية وهذا الصحيح.
قال في الرعايتين طلقت في الأصح.
واختاره القاضي في الخلاف والجامع والشريف وابن عقيل في عمد الأدلة وغيرهم وجزم به في المنور وتذكرة بن عبدوس.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المستوعب وقواعد بن رجب وتجريد العناية.
وتقدم التنبيه على ذلك في باب المحرمات في النكاح.
41

فائدة لو قال إذا ملكتك فأنت طالق فمات الأب أو اشتراها لم تطلق على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لا تطلق في الأصح.
قال في المحرر والحاوي الصغير لم تطلق وجها واحدا وجزم به في الرعاية الصغرى.
قال في القواعد الفقهية في القاعدة السابعة والخمسين لو قال زوج الأمة لها إن ملكتك فأنت طالق ثم ملكها لم تطلق قاله الأصحاب وجها واحدا.
ولا يصح لأن بن حامد يلزمه القول هنا بالوقوع لاقترانه بالانفساخ انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى ولو كان قال إذا ملكتك فأنت طالق وقلنا الملك في زمن الخيارين للمشتري لم تطلق واقتصر عليه وقيل تطلق.
وفي عيون المسائل احتمال يقع الطلاق في مسألة الشراء بناء على أن الملك هل ينتقل زمن الخيار وفيه روايتان.
تنبيه مراده بقوله فإن كانت مدبرة فمات أبوه وقع الطلاق والعتق معا.
إذا كانت تخرج من الثلث.
قوله (وإن قال أنت طالق لأشربن الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه أو لأقتلن فلانا الميت أو لأصعدن السماء أو لأطيرن أو إن لم أصعد السماء ونحوه طلقت في الحال).
هذا تعليق بعدم وجود المستحيل وعدم فعله.
ومن جملة أمثلته إن لم أشرب ماء الكوز ولا ماء فيه أو إن لم أطر وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره
وصححه المصنف والشارح.
42

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب في موضع من كلامه لا تنعقد يمينه.
وحكى في الهداية عن القاضي أنها لا تنعقد فلا يقع به الطلاق.
وقيل تطلق في المستحيل لذاته وفي المستحيل عادة تطلق في آخر حياته.
وقيل إن وقته كقوله لأطيرن اليوم ونحوه طلقت في آخر وقته وذكره أبو الخطاب اتفاقا وإن أطلق طلقت في الحال.
وقيل إن علم موته حنث وإلا فلا لتوهم عود الحياة الفانية.
فائدة لو قال لا طلعت الشمس فهو كقوله لأصعدن السماء.
قوله (وإن قال أنت طالق إن شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو صعدت السماء أو شاء الميت أو البهيمة).
هذا تعليق بوجود مستحيل وفعله وهو قسمان مستحيل عادة ومستحيل لذاته.
فالمستحيل عادة كما مثل المصنف.
ومن جملة أمثلته أنت طالق لا طرت أو إن طرت أو لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو إن قلبت الحجر ذهبا ونحوه.
والمستحيل لذاته كقوله أنت طالق إن رددت أمس أو جمعت بين الضدين أو شربت الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه ونحوه فهذان القسمان لا تطلق بهما في أحد الوجهين وهو المذهب وصححه في المغني والشرح والتصحيح والنظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وتطلق في الآخر وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
43

وقيل تطلق في المستحيل لذاته لا في المحال في العادة.
فائدة حكم العتق والحرام والظهار والنذر حكم الطلاق في ذلك.
وأما اليمين بالله تعالى فكذلك على أصح الوجهين قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وأطلقهما في الفروع.
ويأتي الكلام عليه في كلام المصنف في كتاب الأيمان في الفصل الثاني.
قوله (وإن قال أنت طالق اليوم إذا جاء غد فعلى الوجهين).
يعني المتقدمين قبله وأطلقهما في الشرح.
أحدهما لا تطلق مطلقا بل هو لغو وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي في المجرد وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وصححه في التصحيح.
والثاني تطلق في الحال اختاره القاضي أيضا ذكره الشارح.
قال في الوجيز طلقت انتهى.
وقيل تطلق في غد.
تنبيه قال ابن منجا في شرحه وظاهر كلام المصنف فيما حكاه عن القاضي أن الطلاق لا يقع هنا مع قطع النظر عن تخريجه على تعليق الطلاق بشرط مستحيل.
قال المصنف في المغني اختيار القاضي أن الطلاق يقع في الحال انتهى.
قلت قد ذكر الشارح عن القاضي قولين عدم الطلاق مطلقا ووقوع الطلاق في الحال كما ذكرته عنه.
44

فائدتان
إحداهما لو قال أنت طالق ثلاثا على مذهب السنة والشيعة واليهود والنصارى فقال القاضي في الدعاوى من حواشي التعليق تطلق ثلاثا لاستحالة الصفة لأنه لا مذهب لهم ولقصده التأكيد انتهى.
قلت ويقرب من ذلك قوله أنت طالق ثلاثا على سائر المذاهب لاستحالة الصفة والظاهر أنه أراد التأكيد بل هذه أولى من التي قبلها ولم أرها للأصحاب.
وقال أبو نصر بن الصباغ والدامغاني من الشافعية تطلق في الحال.
وقال أبو منصور بن الصباغ وسمعت من رجل فقيه كان يحضر عند أبي الطيب أن القاضي قال لا يقع لأنه لا يكون قد أوقع ذلك على المذاهب كلها.
قال أبو منصور لا بأس بهذا القول.
الثانية قوله إذا قال أنت طالق غدا أو يوم السبت أو في رجب طلقت بأول ذلك.
بلا نزاع ويجوز له الوطء قبل وقوعه.
وإن قال أنت طالق اليوم أو في هذا الشهر طلقت في الحال.
بلا خلاف أعلمه.
وكذا لو قال أنت طالق في الحول طلقت أيضا بأوله على الصحيح من المذهب قدمه في المستوعب والرعاية والفروع وغيرهم.
وعنه لا يقع إلا في رأس الحول اختاره بن أبي موسى.
قال في الفروع وهو أظهر.
45

قوله (فإن قال أردته في آخر هذه الأوقات دين).
إذا قال أنت طالق غدا أو يوم السبت وقال أردت في آخر ذلك فقطع المصنف هنا أنه يدين وهو أحد الوجهين أو الروايتين ذكرهما في الرعايتين وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير.
قال في الفروع والمنصوص أنه لا يدين وقدمه في المحرر ومال إليه الناظم.
قلت هذا المذهب.
وأطلقهما في الهداية والفروع.
وأما ما عدا هاتين المسألتين فقطع المصنف أيضا أنه يدين وهو المذهب.
قال في الفروع دين في الأصح.
قال في الرعاية الكبرى دين في الأظهر.
قال في الحاوي دين في أصح الوجهين وجزم به في المغني والشرح والرعاية الصغرى والوجيز والنظم وغيرهم.
وقيل لا يدين وقدم في القواعد الأصولية أنه لا يدين إذا قال أنت طالق يوم كذا وقال أردت آخره.
قوله (وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي فيما عدا المسألتين الأولتين وأطلقهما في شرح ابن منجا في الجميع وأطلقهما في الفروع في أنت طالق اليوم أو غدا أو شهر كذا.
أحدهما يقبل وهو الصحيح من المذهب صححه في المغني والشرح والتصحيح والنظم وابن أبي المجد في مصنفه واختاره بن عبدوس في تذكرته.
46

والثانية لا يقبل صححه في الخلاصة وجزم به في المنور.
قال في الوجيز دين فيه.
وقدم في الرعايتين أنه لا يقبل إذا قال غدا أو يوم كذا وجزم به في الحاوي الصغير.
فائدتان
إحداهما قال في بدائع الفوائد فائدة.
ما يقول الفقيه أيده الله * وما زال عنده إحسان.
في فتى علق الطلاق بشهر * قبل ما قبل قبله رمضان.
في هذا البيت ثمانية أوجه.
أحدها هذا.
والثاني بعد ما بعد بعده.
والثالث قبل ما بعد بعده.
والرابع بعد ما قبل قبله فهذه أربعة متقابلة.
الخامس قبل ما بعد قبله.
السادس بعد ما قبل بعده.
السابع بعد ما بعد قبله.
الثامن قبل ما قبل بعده.
وتلخيصها أنك إن قدمت لفظة بعد جاء أربعة.
أحدها أن كلها بعد.
الثاني بعدان وقبل.
الثالث قبلان وبعد.
الرابع بعدان بينهما قبل.
وإن قدمت لفظة قبل فكذلك.
47

وضابط الجواب عن الأقسام أنه إذا اتفقت الألفاظ فإن كانت قبل وقع الطلاق في الشهر الذي تقدمه رمضان بثلاثة شهور فهو ذو الحجة فكأنه قال أنت طالق في ذي الحجة لأن المعنى أنت طالق في شهر رمضان قبل قبل قبله فلو كان رمضان قبله طلقت في شوال.
ولو قال قبل قبله طلقت في ذي القعدة.
وإن كانت الألفاظ كلها بعد طلقت في جمادى الآخرة لأن المعنى أنت طالق في شهر يكون رمضان بعد بعد بعده.
ولو قال رمضان بعده طلقت في شعبان.
ولو قال بعد بعده طلقت في رجب.
وإن اختلفت الألفاظ وهي ست مسائل فضابطها أن كل ما اجتمع فيه قبل وبعد فألغهما نحو قبل بعده وبعد قبله واعتبر الثالث.
فإذا قال قبل ما بعد بعده أو بعد ما قبل قبله فألغ اللفظين الأولين يصير كأنه قال أولا بعده رمضان فيكون شعبان.
وفي الثاني كأنه قال قبله رمضان فيكون شوالا.
وإن توسطت لفظة بين مضادين لها نحو قبل بعد قبله وبعد قبل بعده فألغ اللفظين الأولين ويكون شوالا في الصورة الأولى كأنه قال في شهر قبله رمضان وشعبان في الثانية كأنه قال بعده رمضان.
وإذا قال بعد بعد قبله أو قبل قبل بعده وهي تمام الثمانية طلقت في الأولى في شعبان كأنه قال بعده رمضان وفي الثانية في شوال كأنه قال قبله رمضان انتهى.
الثانية لو قال أنت طالق اليوم أو غدا أو أنت طالق غدا أو بعد غد طلقت في أسبق الوقتين قاله الأصحاب.
48

قوله (وإن قال أنت طالق اليوم وغدا وبعد غد أو في اليوم وفي غد وفي بعده فهل تطلق ثلاثا أو واحدة على وجهين).
أحدهما تطلق واحدة كقوله أنت طالق كل يوم ذكره في الانتصار وصحح هذا الوجه في التصحيح.
والوجه الثاني تطلق ثلاثا كقوله أنت طالق في كل يوم ذكره أيضا في الانتصار.
وقيل تطلق في الأولى واحدة وفي الثانية ثلاثا وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس وقدمه في
المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة في الأولى وقدموه في الثانية.
وأطلقهن ابن منجا في شرحه وأطلق الوجهين فيهما في المغني والشرح والفروع.
وقال ويتوجه أن يخرج أنت طالق كل يوم أو في كل يوم على هذا الخلاف.
ويأتي في كلام المصنف إذا قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق في تعليق الطلاق بالشروط في فصل تعليقه بالمشيئة فإن بعضهم ذكرها هنا.
قوله (وإن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم طلقت في آخر جزء منه).
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
49

قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر وجزم به في الوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الفروع.
وقال أبو بكر لا تطلق قدمه في الخلاصة والرعايتين والنظم.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والحاوي الصغير.
فائدة لو أسقط اليوم الأخير فقط فقال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك فحكمها حكم المسألة التي قبلها خلافا ومذهبا قاله في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ولو أسقط اليوم الأول فقط فقال أنت طالق إن لم أطلقك اليوم طلقت بلا خلاف.
لكن في وقت وقوعه وجهان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
أحدهما تطلق في آخره قدمه بن رزين في شرحه.
والوجه الثاني تطلق بعد خروجه.
ولو أسقط اليوم الأول والأخير فقال أنت طالق إن لم أطلقك فيأتي في كلام المصنف في أول الباب الآتي بعد هذا.
فائدة لو قال لزوجاته الأربع أيتكن لم أطأها الليلة فصواحباتها طوالق ولم يطأ تلك الليلة واحدة منهن فالمشهور عند الأصحاب أنهن يطلقن ثلاثا ثلاثا قاله في القاعدة الستين بعد المائة.
وحكى أبو بكر وجها وجزم به أولا أن إحداهن تطلق ثلاثا والبواقي طلقتين طلقتين وعلله.
فعلى هذا الوجه ينبغي أن يقرع بينهن فمن خرجت عليها قرعة الثلاث حرمت بدون زوج وإصابة قاله في القواعد.
50

قوله (وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فماتت غدوة وقدم بعد موتها يعني في ذلك اليوم فهل وقع بها الطلاق على وجهين).
وأطلقهما ابن منجا في شرحه والناظم.
أحدهما وقع بها الطلاق وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمغني والشرح وجزم في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا يقع بها الطلاق.
وأما إذا قدم ليلا أو نهارا أو حيا أو ميتا أو طائعا أو مكرها فيأتي في كلام المصنف في آخر الباب.
فعلى المذهب تطلق من أول النهار جزم به في المغني والشرح وقدمه في المحرر والحاوي.
وقيل تطلق عقيب قدومه وقدمه في الرعايتين وأطلقهما في الفروع.
وكذا الحكم لو قدم وهي حية في وقت وقوع الطلاق الوجهان.
قوله (وإن قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فماتت قبل قدومه لم تطلق).
هذا أحد الوجهين وهو احتمال في الهداية وصححه في المستوعب وجزم به في الكافي والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
والوجه الثاني تطلق وهو المذهب.
قال في المستوعب ذكر أصحابنا أنه يحكم بطلاقها بناء على ما إذا نذر أن يصوم
51

غدا إذا قدم زيد فقدم وقد أكل فإنه يلزمه قضاؤه لأن نذره قد انعقد انتهى.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر فإنه قال إذا قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فقدم فيه طلقت ولم يفرق بين موتها وعدمه.
وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المذهب.
فعلى المذهب يقع الطلاق عقيب قدومه على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وجزم به في الشرح.
وقال أبو الخطاب تطلق من أول الغد وجزم به بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الفروع.
وقيل محل هذا إذا قدم والزوجان حيان.
فائدتان
إحداهما لو قدم زيد والزوجان حيان طلقت قولا واحدا لكن في وقت وقوعه الوجهان المتقدمان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يكون وقت قدومه وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وهو ظاهر ما قطع به الشارح في بحثه.
والوجه الثاني تطلق من أول الغد اختاره أبو الخطاب كما تقدم.
الثانية قوله وإن قال أنت طالق اليوم غدا طلقت اليوم واحدة إلا أن يريد طالق اليوم وطالق غدا فتطلق اثنتين.
بلا خلاف أعلمه.
وإن أراد نصف طلقة اليوم ونصفها غدا طلقت طلقتين على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا.
52

وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم وقدمه في المغني والشرح.
وقيل تطلق واحدة وهو احتمال للقاضي.
ولم يذكر هذه المسألة في الفروع.
قوله (فإن نوى نصف طلقة اليوم وباقيها غدا احتمل وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح وابن منجا.
أحدهما تطلق واحدة وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم وقدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني تطلق اثنتين.
قوله (وإن قال أنت طالق إلى شهر وكذا إلى حول طلقت عند انقضائه).
هذا المذهب بشرطه وعليه الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والمغني والشرح والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه يقع في الحال وهو مذهب أبي حنيفة.
قوله (إلا أن ينوي طلاقها في الحال).
يعني فتطلق في الحال وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وحكى بن عقيل مع النية الروايتين المتقدمتين مع عدم النية وكقوله أنت طالق إلى مكة على ما تقدم في باب ما يختلف به عدد الطلاق وإن قال بعد مكة وقع في الحال.
53

قوله (وإن قال أنت طالق في آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه).
هذا أحد الوجوه واختاره الأكثر وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وصححه.
وقيل تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
وقيل تطلق في آخر جزء منه قدمه في الفروع وهو الصواب.
قلت وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قوله (أو أول آخره).
يعني لو قال أنت طالق في أول آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه وهو المذهب.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز والمنور.
وصححه في المذهب ومسبوك الذهب والشرح والقواعد الأصولية.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
قلت وعلى قياس قوله تطلق بالزوال منه يوم الخامس عشر إذا تبين أنه كان ناقصا.
فعلى المذهب يحرم وطؤه في تاسع وعشرين ذكره بن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب.
قال في الفروع ويتوجه تخريج لا يحرم.
قوله (وإن قال في آخر أوله طلقت في آخر يوم من أوله).
54

هذا أحد الوجوه.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في المغني والشرح هذا أصح وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وجزم به في الوجيز.
وقيل تطلق بطلوع فجر أول يوم منه وهو المذهب.
قال في الفروع طلقت بفجر أول يوم منه في الأصح وجزم به في المنور وقدمه في المحرر.
وقال أبو بكر تطلق بغروب شمس الخامس عشر منه.
وقال في الرعاية إذا قال أنت طالق في غرة الشهر أو أوله وأراد أحدهما دين في الأظهر وفي الحكم وجهان وقيل روايتان.
وقال في المغني والشرح الثلاث الليالي الأول تسمى غررا.
قوله (وإن قال إذا مضت سنة فأنت طالق طلقت إذا مضى اثني عشر شهرا بالأهلة بلا نزاع ويكمل الشهر الذي حلف في أثنائه بالعدد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يكمل الكل بالعدد وأطلقهما في المحرر.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى مثل تلك الساعة.
وتقدم نظير ذلك في باب الإجارة عند قوله وإذا أجره في أثناء شهر سنة.
قوله (وإذا قال إذا مضت السنة فأنت طالق طلقت بانسلاخ ذي الحجة).
بلا خلاف أعلمه.
55

قال ابن رزين وكذا الحكم إذا أشار فقال أنت طالق في هذه السنة.
فائدة لو قال أردت بالسنة اثني عشر شهرا دين وهل يقبل في الحكم على روايتين وهما وجهان في المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع.
إحداهما يقبل وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والمنور وتذكرة بن عبدوس.
والرواية الثانية لا يقبل وصححه الناظم.
قوله (وإن قال أنت طالق في كل سنة طلقة طلقت الأولى في الحال والثانية في أول المحرم وكذا الثالثة فإن قال
أردت بالسنة اثني عشر شهرا دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وأطلقهما ابن منجا في شرحه والنظم.
إحداهما يقبل وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وصححه في المغني والشرح.
قال في الفروع قبل في الحكم على الأصح.
والرواية الثانية لا يقبل.
تنبيه محل هذا إذا بقيت في عصمته.
أما لو بانت منه ودامت حتى مضت السنة الثالثة ثم تزوجها لم يقع الطلاق ولو نكحها في السنة الثالثة أو الثانية وقعت الطلقة عقب العقد جزم به في الفروع.
قال في المغني اقتضى قول أكثر أصحابنا وقوع الطلاق عقب تزوجه بها إذا
56

تزوجها في أثناء السنة الثانية لأنه جزء من السنة الثانية التي جعلها ظرفا للطلاق.
قال وقال القاضي تطلق بدخول السنة الثالثة وإن كان نكاحها في السنة الثالثة طلقت بدخول السنة الرابعة انتهى.
ومحل هذا أيضا على المذهب.
فأما على قول أبي الحسن التميمي ومن وافقه فتنحل الصفة بوجودها في حال البينونة فلا تعود بحال.
قوله (وإن قال أردت أن يكون ابتداء السنين المحرم دين ولم يقبل في الحكم).
وهو المذهب قطع به القاضي وصاحب المنور وابن عبدوس في تذكرته.
وقال المصنف في المغني والأولى أن يخرج فيه روايتان.
قال في المحرر على روايتين وأطلقهما في الفروع.
وهما وجهان مطلقان في الرعايتين والنظم.
قوله (وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تطلق إلا أن يريد باليوم الوقت فتطلق).
بلا خلاف ومفهومه أنه إذا أطلق النية لا تطلق بقدومه ليلا وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تطلق.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير والمحرر فكنية الوقت.
وقيل كنية النهار يعنون أن المقدم أنها تطلق مع إطلاق النية وقدمه في النظم.
تنبيه مفهوم قوله فقدم ليلا أنه لو قدم نهارا طلقت وهو صحيح بلا خلاف إذا قدم حيا عند الجمهور.
57

وقال الخلال يقع قولا واحدا.
وقال ابن حامد إن كان القادم ممن لا يمتنع من القدوم بيمينه كالسلطان والحاج والأجنبي حنث ولا يعتبر علمه ولا جهله.
وإن كان ممن يمتنع باليمين من القدوم كقرابة لهما أو لأحدهما أو غلام لأحدهما فجهل اليمين أو نسيها فالحكم فيه كما لو حلف على فعل نفسه ففعله جاهلا أو ناسيا فيه روايتان كذلك هنا على ما يأتي آخر الباب الآتي.
فعلى المذهب في وقت وقوع الطلاق وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما تطلق من أول النهار وهو المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
والوجه الثاني تطلق عقيب قدومه.
وفائدة الخلاف الإرث وعدمه.
وتقدم إذا قدم وقد ماتت في ذلك اليوم في هذا الباب فليعاود.
قوله (وإن قدم به ميتا أو مكرها لم تطلق).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والهداية والمذهب والخلاصة وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر في التنبيه تطلق وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
ومحل الخلاف إذا لم تكن نية.
أما مع النية فيحمل الكلام عليها بلا إشكال.
58

باب تعليق الطلاق بالشروط
فائدة يصح تعليق الطلاق مع تقدم الشرط وكذا إن تأخر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يتنجز إن تأخر الشرط ونقله بن هانئ في العتق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وتأخر القسم كأنت طالق لأفعلن كالشرط وأولى بأن لا يلحق.
وذكر بن عقيل إذا قال أنت طالق وكرره أربعا ثم قال عقيب الرابعة إن قمت طلقت ثلاثا لأنه لا يجوز تعليق ما لا يملك بشرط.
وتقدم في آخر باب ما يختلف به عد الطلاق ما يتعلق بذلك.
قوله (ولا يصح من الأجنبي فلو قال إن تزوجت فلانة أو إن تزوجت امرأة فهي طالق لم تطلق إذا تزوجها).
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه تطلق قال في الفروع وعنه صحة قوله لزوجته من تزوجت عليك فهي طالق أو قوله لعتيقته إن تزوجتك فأنت طالق أو قوله لرجعيته إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا وإن أراد التغليظ عليها.
وقال في الرعاية الكبرى وإن قال لعتيقته إن تزوجتك فأنت طالق أو لامرأته إن تزوجت عليك عمرة أو غيرها فهي طالق فتزوجهما طلقتا.
ثم قال قلت إن صح تعليق الطلاق بالنكاح وإلا فلا.
فجزم بالوقوع في هاتين الصورتين وفرق من عنده وجزم بهما غيره.
وقدم في الفروع أن تعليقه من أجنبي كتعليقه عتقا بملك ثم قال والمذهب لا يصح مطلقا.
قوله (وإن علق الزوج الطلاق بشرط لم تطلق قبل وجوده).
59

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تطلق مع تيقن وجود الشرط قبل وجوده.
وخص الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الرواية بالثلاث لأنه الذي يضره كمتعة.
تنبيه في قوله لم تطلق قبل وجودها إشعار بأن الشرط ممكن وهو كذلك.
فأما ما يستحيل وجوده فيذكر في أماكنه.
وقد تقدم في أثناء الباب الذي قبله.
ومفهوم كلامه أن الطلاق يقع بوجود شرطه وهو صحيح ونص عليه وليس فيه بحمد الله خلاف.
قوله (فإن قال عجلت ما علقته لم يتعجل).
هذا المذهب لأنه علقه فلم يملك تغييره وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يتعجل إذا عجله وهو ظاهر بحث الشيخ تقي الدين رحمه الله فإنه قال فيما قاله جمهور الأصحاب نظر.
وأطلقهما في البلغة قال في الفروع ويتوجه مثله دين.
فائدتان
إحداهما إذا علق الطلاق على شرط لزم وليس له إبطاله.
هذا المذهب وعليه والأصحاب قاطبة وقطعوا به.
وذكر في الانتصار والواضح رواية بجواز فسخ العتق المعلق على شرط.
قال في الفروع ويتوجه ذلك في طلاق ذكره في باب التدبير.
قلت وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا لو قال إن أعطيتيني.
60

أو إذا أعطيتيني أو متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق أن الشرط ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده.
قال في الفروع ووافق الشيخ تقي الدين رحمه الله على شرط محض ك إن قدم زيد فأنت طالق.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكناية وقول من قال التعليق لازم دعوى مجردة انتهى.
وتقدم ذلك أيضا في أثناء باب الخلع.
الثانية لو فصل بين الشرط وحكمه بكلام منتظم نحو أنت طالق يا زانية إن قمت لم يضر ذلك على الصحيح من المذهب.
وقيل يقطعه كسكتة وتسبيحة وهو احتمال للقاضي.
قوله (وإن قال أنت طالق ثم قال أردت إن قمت دين ولم يقبل في الحكم نص عليه).
وهو المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في المغني والشرح والمحرر.
قال في الهداية والكافي والنظم يخرج على روايتين.
قلت صرح في المستوعب أن فيها روايتين وأطلقهما هو وصاحب المذهب ولكن حكاهما وجهين.
وقدم هذه الطريقة في الفروع وأطلق الخلاف وقال وقيل لا يقبل انتهى.
وهذه طريقة المصنف وغيره.
وتقدم نظير ذلك في أول باب صريح الطلاق وكنايته إذا قال لها:
61

أنت طالق ثم قال أردت من وثاق أو أن أقول طاهر فسبق لساني أو أنها مطلقة من زوج كان قبله.
قوله (وأدوات الشرط ستة إذ وإذا ومتى ومن وأي وكلما).
أدوات الشرط ست لا غير وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقد تقدم في باب الخلع أن قوله أنت طالق وعليك ألف أو على ألف أو بألف أن ذلك كإن أعطيتيني ألفا عند المصنف.
وقد تقدم حكم ذلك هناك.
قوله (وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما بلا نزاع وفي متى وجهان).
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يقتضي التكرار وهو المذهب اختاره المصنف وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والبلغة وغيرهم وقدمه في المستوعب والفروع وتجريد العناية وغيرهم.
والوجه الثاني يقتضي التكرار اختاره أبو بكر في التنبيه وابن عبدوس في تذكرته.
فائدة من وأي المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا.
قوله (وكلها على التراخي إذا تجردت عن لم).
وكذا إذا تجردت عن نية الفورية أيضا أو قرينة.
فأما إذا نوى الفورية أو كان هناك قرينة تدل على الفورية فإنه يقع في الحال ولو تجردت عن لم.
62

قوله (فإن اتصل بها صارت على الفور).
يعني إذا اتصل بالأدوات لم صارت على الفور.
وهو مقيد أيضا بما إذا لم تكن نية أو قرينة تدل على التراخي.
فإن نوى التراخي أو كان هناك قرينة تدل عليه كانت له.
قوله (فإن اتصل بها صارت على الفور إلا إن).
هذا المذهب في إن مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وعنه يحنث بعزمه على الترك جزم به في الروضة لأنه أمر موقوف على القصد والقصد هو النية ولهذا لو فعله ناسيا أو مكرها لم يحنث لعدم القصد فأثر
فيه تعيين النية كالعبادات من الصوم والصلاة إذا نوى قطعها ذكره في الواضح.
قوله (وفي إذا وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والفروع وتجريد العناية.
أحدهما هي على الفور وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي.
والثاني أنها على التراخي اختاره القاضي.
قال في المذهب ومسبوك الذهب في التمثيل إذا لم أطلقك فأنت طالق كان على التراخي في أصح الروايتين فأطلقا أولا وصححا هنا.
تنبيه قطع المصنف بأن باقي الأدوات غير إن وإذا على الفور وإذا اتصل بها لم وهو المجزوم به عند الأصحاب في كلما ومتى وأي المضافة إلى الوقت وأما أي المضافة إلى الشخص ومن ففيهما وجهان.
63

أحدهما أنهما على الفور إذا اتصلت بهما من ولم وهو المذهب جزم به المصنف هنا وجزم به في المغني والكافي والهادي والعمدة والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
والوجه الثاني أنهما على التراخي نصره الناظم وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال الشارح الذي يظهر أن من على التراخي إذا اتصل بها لم.
قال في الفروع يتوجهان في مهما فإن اقتضت الفورية فهي كمتى.
قوله (فإذا قال إن قمت أو إذا قمت أو من قام منكن أو أي وقت قمت أو متى قمت أو كلما قمت فأنت طالق فمتى قامت طلقت بلا نزاع وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق إلا في كلما وفي متى في أحد الوجهين).
المتقدمين قريبا وقد علمت المذهب منهما.
قوله (ولو قال كلما أكلت رمانة فأنت طالق أو كلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا).
بلا نزاع ولو جعل مكان كلما إن أكلت لم تطلق إلا اثنتين.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تطلق إلا واحدة.
قوله (ولو علق طلاقها على صفات ثلاث فاجتمعن في عين واحدة مثل أن يقول إن رأيت رجلا فأنت طالق وإن رأيت
64

أسود فأنت طالق وإن رأيت فقيها فأنت طالق فرأت رجلا أسود فقيها طلقت ثلاثا).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا تطلق إلا واحدة مع الإطلاق ذكره عنه في القاعدة التاسعة عشرة بعد المائة.
قوله (وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها لم تطلق إلا في آخر جزء من حياة أحدهما إلا أن يكون له نية).
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنه متى عزم على الترك بالكلية حنث حال عزمه ذكرها الزركشي وغيره.
وذكر في الإرشاد رواية يقع بعد موته.
ومحل الخلاف إذا لم ينو وقتا فأن نوى وقتا أو قامت قرينة بفورية تعلقت اليمين به.
وتقدم في الباب الذي قبله إذا قال لها أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم أو طالق اليوم إن لم أطلقك أو طالق إن لم أطلقك اليوم فليعاود.
فائدتان
إحداهما إذا كان المعلق طلاقا بائنا لم يرثها إذا ماتت وترثه هي نص عليه في رواية أبي طالب.
قال في الفروع ويتخرج لا ترثه من تعليقه في صحته على فعلها فيوجد في مرضه قال والفرق ظاهر.
65

وقال في الروضة في إرثهما روايتان لأن الصفة في الصحة والطلاق في المرض وفيه روايتان.
الثانية لا يمنع من وطئها قبل فعل ما حلف عليه على الصحيح من المذهب وعنه يمنع.
قوله (وإن قال من لم أطلقها أو أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه طلقت).
ومتى مثل أي في ذلك والمصنف جعل هنا من لم أطلقها مثل قوله أي وقت لم أطلقك وهو أحد الوجهين.
وجزم به في الوجيز وشرح ابن منجا.
والوجه الثاني أن من كإن لم أطلقك على ما تقدم قبل هذه المسألة.
قال الشارح هذا الذي يظهر لي وتقدم ذلك وأطلقهما في المحرر والفروع.
قوله (وإن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق فهل تطلق في الحال يحتمل وجهين).
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما تطلق في الحال كأي ومتى وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
والوجه الثاني أنها على التراخي نصره القاضي وصححه في المذهب ومسبوك الذهب.
وهذان الوجهان مبنيان على قولنا في إذا هل هي على الفور أو التراخي إذا اتصلت بها لم على ما تقدم.
66

قوله (وإن قال العامي أن دخلت الدار فأنت طالق بفتح الهمزة فهو شرط).
هذا المذهب كنيته جزم به في الوجيز وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
وقال أبو بكر يقع في الحال إن كان دخول الدار قد وجد قبل ذلك.
قوله (وإن قاله عارف بمقتضاه طلقت في الحال).
يعني إن كان وجد وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وحكي عن الخلال أنه إذا لم ينو مقتضاه فهو شرط أيضا.
وفيه في الترغيب وجه يقع في الحال ولو لم يوجد الشرط.
وقال القاضي تطلق سواء دخلت أو لم تدخل من عارف وغيره.
وقال ابن أبي موسى لا تطلق إذا لم تكن دخلت قبل ذلك لأنه إنما طلقها لعلة فلا يثبت الطلاق بدونها.
وكذلك أفتى بن عقيل في فنونه فيمن قيل له زنت زوجتك فقال هي طالق ثم تبين أنها لم تزن أنها لا تطلق وجعل السبب كالشرط اللفظي وأولى ذكره في القاعدة الحادية والخمسين بعد المائة.
قوله (وإن قال إن قمت فأنت طالق طلقت في الحال).
لأن الواو ليست جوابا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل إن الواو كالفاء نقله في الفروع عن صاحب الفروع وهو القاضي أبو الحسين والله أعلم.
قوله (فإن قال أردت الجزاء أو أردت أن أجعل قيامها
67

وطلاقها شرطين لشيء ثم أمسكت دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وهما وجهان في الرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والرعايتين والفروع وظاهر المحرر وغيره القبول.
وكذا الحكم لو قال أردت إقامة الواو مقام الفاء قاله في المستوعب وغيره.
فائدتان
إحداهما لو قال إن قمت أنت طالق من غير فاء ولا واو كان كوجود الفاء على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح ونصراه وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل إن نوى الشرط وإلا وقع في الحال.
الثانية لو قال أنت طالق وإن دخلت الدار وقع الطلاق في الحال.
فإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
وأطلقهما في المغني والشرح.
قلت الصواب عدم القبول.
وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق وإن دخلت الأخرى فمتى دخلت الأولى طلقت سواء دخلت الأخرى أو لا ولا تطلق الأخرى.
وإن قال أردت جعل الثاني شرطا لطلاقها أيضا طلقت بكل واحدة منهما.
فإن قال أردت دخول الثانية شرطا لدخول الثانية فهو على ما أراده.
وإن قال إن دخلت الدار أو إن دخلت هذه الأخرى فأنت طالق فقال المصنف والشارح فقد قيل لا تطلق إلا بدخولهما.
قالا ويحتمل أن تطلق بأحدهما أيهما كان.
68

ولو قال أنت طالق لو قمت كان ذلك شرطا بمنزلة قوله إن قمت قدمه في المغني والشرح وجزم به الكافي.
وقيل يقع الطلاق في الحال.
وإن قال أردت أن أجعلها جوابا دين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح.
قال في الكافي فإن قال أردت الشرط قبل منه لأنه محتمل.
قوله (وإن قال إن قمت فقعدت فأنت طالق أو إن قعدت إذا قمت أو إن قعدت إن قمت لم تطلق حتى تقوم ثم تقعد).
وكذا قوله إن قعدت متى قمت وهذا المذهب ويسميه النحاة اعتراض الشرط على الشرط فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله والشرط يتقدم المشروط.
فلو قال لامرأته إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتيني فأنت طالق لم تطلق حتى تسأله ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية الوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتيني فوعدتك فأعطيتك قاله في المستوعب والمغني والشرح وفوائد بن قاضي الجبل وغيرهم.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب في ذلك كله أنها لا تطلق حتى تقوم ثم تقعد وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المستوعب والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح ونصراه والفروع وغيرهم.
وذكر القاضي إن كان الشرط ب إذا كان كالأول وإن كان بأن كان كالواو فيكون قوله إن قعدت إن قمت كقوله إن قعدت وقمت عنده على ما يأتي بعد هذا فتطلق بوجودهما كيفما وجدا.
قال لأن أهل العرف لا يعرفون ما يقوله أهل العربية.
69

ورده المصنف وذكر جماعة من الأصحاب في الفاء وثم رواية كالواو فيكون قوله إن قمت فقعدت أو ثم قعدت كقوله إن قمت وقعدت على هذه الرواية.
قال في القواعد الأصولية ويتخرج لنا رواية أنها تطلق بوجود أحدهما ولو قلنا بالترتيب بناء على أن الطلاق إذا كان معلقا على شرطين أنها تطلق بوجود أحدهما.
قوله (وإن قال إن قمت وقعدت فأنت طالق طلقت بوجودهما كيفما كان).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والشرح والفروع وغيره وصححه المصنف وغيره.
وعنه تطلق بوجود أحدهما إلا أن ينوي.
قال الشارح وهذه الرواية بعيدة جدا تخالف الأصول ومقتضى اللغة والعرف وعامة أهل العلم.
وخرجه القاضي وجها بناه على إحدى الروايتين فيمن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه.
وخرج في القواعد الأصولية قولا بعدم الوقوع حتى تقوم ثم تقعد بناء على أن الواو للترتيب.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق لا قمت وقعدت قاله في المحرر والفروع وغيرهما.
قوله (وإن قال إن قمت أو قعدت فأنت طالق طلقت بوجود أحدهما).
70

بلا خلاف أعلمه ولو قال أنت طالق لا قمت ولا قعدت فالمذهب أنها تطلق بوجود أحدهما.
قال في الفروع تطلق بوجود أحدهما في الأصح وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله اتفاقا.
وقيل لا تطلق بوجود أحدهما.
قوله (في تعليقه بالحيض إذا قال إذا حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض).
يعني تطلق من حين ترى دم الحيض وهذا المذهب نص عليه في رواية مهنا.
قال في الوجيز وغيره طلقت بأول حيض متيقن وجزم به في الخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم وتذكرة بن عبدوس والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال في المحرر طلقت بأول الحيضة المستقبلة.
وقال في الانتصار والفنون والترغيب والبلغة والرعايتين تطلق بتبينه بمضي أقله.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب طلقت بأول جزء تراه من الدم في الظاهر فإذا اتصل الدم أقل الحيض استقر وقوعه.
تنبيه ظاهر قوله وإن قال إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر.
أنه لا يشترط في وقوع الطلاق غسلها بل مجرد ما تطهر تطلق وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وصححه في النظم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل لا تطلق حتى تغتسل ذكره بن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة.
71

قوله (وإن قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق).
احتمل أن تعتبر نصف عادتها وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور وقدمه في المغني والشرح وصححه.
واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها.
وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والفروع.
واحتمل أن يلغو قوله نصف حيضة.
فيصير كقوله إن حضت.
وحكى هذا عن القاضي وهو احتمال في الهداية وقدمه في الخلاصة فيتعلق طلاقها بأول الدم.
وقيل يلغو النصف ويصير كقوله إن حضت حيضة.
وقيل إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت اختاره القاضي وقدمه في الرعايتين وأطلق الأول وهذا في الفروع.
فقال إذا قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق فمضت حيضة مستقرة وقع لنصفها وفي وقوعه ظاهرا بمضي سبعة أيام ونصف أو لنصف العادة فيه وجهان.
قوله (وإن قال إذا طهرت فأنت طالق طلقت إذا انقطع الدم).
وهذا المذهب نص عليه في رواية إبراهيم الحربي وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر أبو بكر في التنبيه قولا لا تطلق حتى تغتسل.
قوله (وإذا قالت حضت وكذبها قبل قولها في نفسها).
72

هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والرعايتين.
وعنه لا يقبل قولها فتعتبر البينة فيختبرنها بإدخال قطنة في الفرج زمن دعواها الحيض فإن ظهر دم فهي حائض اختاره أبو بكر.
قلت وهو الصواب إن أمكن لأنه يمكن التوصل إلى معرفته من غيرها فلم يقبل فيه مجرد قولها كدخول الدار.
فعلى المذهب هل تستحلف فيه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح وشرح بن رزين والفروع وغيرهم يأتيان في باب اليمين في الدعاوي.
قوله (وإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت قد حضت وكذبها طلقت دون ضرتها).
هذا المذهب جزم به في الخلاصة والمغني والشرح والوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا تطلق إلا ببينة كالضرة فتختبر كما تقدم.
واختاره أبو بكر وهو المختار إن أمكن.
لكن قال في الهداية لا عمل عليه.
وعنه إن أخرجت على خرقة دما طلقت الضرة اختاره في التبصرة وحكاه عنه القاضي.
والخلاف في يمينها كالخلاف المتقدم في التي قبلها.
تنبيه قوله في آخر الفصل فيما إذا قال كلما حاضت إحداكن فضرائرها طوالق فقلن قد حضنا وصدقهن طلقن ثلاثا ثلاثا.
73

وإن صدق واحدة لم تطلق وطلقت ضراتها طلقة طلقة.
وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة وطلقت المكذبتان طلقتين بلا نزاع.
وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا بلا نزاع أيضا وتطلق أيضا كل واحدة من المصدقات طلقتين طلقتين.
فائدة لو قال إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان فالصحيح من المذهب أنهما لا تطلقان حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل تطلقان بحيضة واحدة من إحداهما.
وقيل لا تطلقان مطلقا بناء على أنه لا يقع الطلاق المعلق على مستحيل.
وقيل تطلقان بالشروع فيهما قاله القاضي أبو يعلى وغيره.
قال في الفروع والأشهر تطلق بشروعها وأطلقهن في القواعد الأصولية.
تنبيه هذه المسألة مبنية على قاعدة أصولية وهي إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكاب مجاز إما بارتكاب مجاز الزيادة أو بارتكاب مجاز النقصان فارتكاب مجاز النقصان أولى لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة كرره جماعة من الأصوليين وهذا موافق للقول الأول.
فتقدير الكلام على هذا إن حاضت كل واحدة منكما حيضة ويكون كقوله تعالى 24 2 * (فاجلدوهم ثمانين جلدة) * أي فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة.
والقول الرابع في المسألة مبني على ارتكاب مجاز الزيادة فيلغو قوله حيضة واحدة لأن حيضة واحدة من امرأتين محال فكأنه قال إن حضتما فأنتما طالقتان.
74

قوله (في تعليقه بالحمل إذا قال إن كنت حاملا فأنت طالق فتبين أنها كانت حاملا).
بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر إن كانت توطأ أو لأقل من أكثر من مدة الحمل إن لم تكن توطأ فإن تبين وقوع الطلاق من حين اليمين إلا أن يطأها بعد اليمين وتلده لستة أشهر فصاعدا من أول وطئه فلا تطلق في الأصح عند أصحابنا قاله في المحرر وغيره.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع لم يقع في الأصح انتهى.
وقيل يقع وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
والمنصوص عنه أنه إن ظهر الحمل أو خفي فولدت لغالب المدة تسعة أشهر فما دون طلقت بكل حال.
صحح القاضي في موضع من الجامع هذه الرواية قاله في القواعد.
قوله (وإن قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق فهي بالعكس).
فتطلق في كل موضع لا تطلق فيه في المسألة الأولى ولا تطلق في كل موضع تطلق فيه في المسألة الأولى وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي والنظم.
وقال في المحرر وقيل بعدم العكس في الصورة المستثناة وأنها لا تطلق لئلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق.
وقال في الكافي والمغني والشرح وكل موضع يقع الطلاق في التي قبلها لا يقع هنا وكل موضع لا يقع ثم يقع هنا لأنها ضدها إلا إذا أتت بولد لأكثر من ستة أشهر وأقل من أربع سنين فهل يقع هنا فيه وجهان.
75

أحدهما تطلق لأن الأصل عدم الحمل قبل الوطء.
والثاني لا تطلق لأن الأصل عدم بقاء النكاح وأطلقهما في الرعاية.
قوله (ويحرم وطؤها قبل استبرائها في إحدى الروايتين إن كان الطلاق بائنا).
يعني في المسألتين.
أما المسألة الأولى فالصحيح من المذهب أنه يحرم وطؤها منذ حلف قدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وجزم به في المنور.
وعنه لا يحرم وطؤها عقيب اليمين ما لم يظهر بها حمل قدمه في المحرر والنظم وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه ما ذكر التحريم إلا في المسألة الثانية.
وأما المسألة الثانية فالصحيح من المذهب أنه يحرم وطؤها.
قال في الرعايتين والفروع يحرم الوطء على الأصح حتى يظهر حمل أو تستبرئ أو تزول الريبة وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي الصغير والمنور والنظم.
وعنه لا يحرم الوطء ذكرها أبو الخطاب.
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله إن كان بائنا.
أنه لو كان رجعيا لا يحرم الوطء وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختار القاضي التحريم أيضا ولو كان رجعيا سواء قلنا الرجعية مباحة أو محرمة.
76

الثاني قوله ويحرم وطؤها قبل استبرائها.
الصحيح من المذهب أن الاستبراء يحصل بحيضة موجودة أو مستقبلة أو ماضية لم يطأ بعدها صححه المصنف وغيره وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الشرح الرعايتين والفروع.
وعنه تستبرأ بثلاثة أقراء ذكرها القاضي ومن بعده.
وقيل لا يحصل الاستبراء بحيضة موجودة ولا ماضية وذكره في الترغيب عن أصحابنا.
فوائد.
إحداها لو قال إذا حملت فأنت طالق لم يقع إلا بحمل متجدد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزموا به منهم صاحب الرعايتين والفروع وغيرهم واختاره في المحرر.
لكن قدم أنها إذا بانت حاملا تطلق في ظاهر كلامه وتبعه في الحاوي ولم يعرج على ذلك الأصحاب بل جعلوه خطأ.
فعلى المذهب لا يطأ حتى تحيض ثم يطأ في كل طهر مرة على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والفروع
والحاوي.
وعنه يجوز أكثر.
وقال في المحرر وعندي أنه لا يمنع من قربانها مرة في أول مرة.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل هل يحرم وطؤها في كل طهر أكثر من مرة على روايتين.
الثانية قوله (وإن قال إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا).
77

بلا نزاع وإن ولدت ذكرا فطلقة.
وإن ولدت ذكرين فقطع في الرعاية الصغرى وتبعه في الحاوي الصغير أنها تطلق طلقتين وحكاه في الرعاية الكبرى وجها.
وقيل تطلق طلقة فقط قدمه في الرعاية الكبرى.
قلت وهو الصواب.
والقول بأنها تطلق طلقتين ضعيف جدا.
ولو كان مكان قوله إن كنت حاملا إن كان حملك لم تطلق إذا كانت حاملا بهما على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور منهم القاضي في المجرد وأبو الخطاب وجزم به في الوجيز والفروع وغيرهما.
قال في القواعد الأصولية قال الأصحاب لا تطلق وعللوه بأن حملها ليس بذكر ولا أنثى بل بعضه هكذا وبعضه هكذا انتهى.
وقال القاضي في الجامع في وقوع الطلاق وجهان بناء على الروايتين فيمن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه من غزلها.
الثالثة يستحق الذكر والأنثى الوصية في المسألة الأولى ولا يستحقان في المسألة الثانية بأن يقول في الأولى إن كنت حاملا بذكر فله مائة وإن كنت حاملا بأنثى فلها مائتان فولدت ذكرا وأنثى استحق كل واحد وصيته.
ويقول في الثانية إن كان حملك ذكرا فله مائة وإن كان أنثى فله مائتان فولدت ذكرا وأنثى لم يستحقا شيئا من الوصية.
قوله (في تعليقه بالولادة إذا قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا ثم أنثى طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به ذكره أبو بكر).
78

وهو المذهب.
قال المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وهو الصحيح.
قال ابن رجب في قواعده وعليه أصحابنا.
قال في النكت وعليه أكثر الأصحاب.
قلت منهم أبو بكر وأبو حفص والقاضي وأصحابه والمصنف وجزم به في الوجيز وغيره وصححه في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن حامد تطلق به يعني بالثاني أيضا.
وقال في منتخب الشيرازي وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب ونقل أبو بكر هي ولادة واحدة.
قال أبو بكر في زاد المسافر وفيها نظر.
ونقل بن منصور هذا على نية الرجل إذا أراد بذلك تطليقة وإنما أراد ولادة واحدة.
وأنكر قول سفيان إنه يقع عليها بالأول ما علق به وتبين بالثاني ولا تطلق به كما قاله الأصحاب.
قال ابن رجب في القواعد ورواية بن منصور أصح وهو المنصوص.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأن الحالف إنما حلف على حمل واحد وولادة واحدة والغالب أن لا يكون إلا ولدا واحدا لكنه لما كان ذكرا مرة وأنثى أخرى نوع التعليق عليه فإذا ولدت هذا الحمل ذكرا وأنثى لم يقع به المعلق بالذكر والأنثى جميعا بل المعلق بأحدهما فقط لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين وإنما ردده لتردد كون المولود ذكرا أو أنثى وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذا كان القصد تطليقها بهذا الوضع سواء كان ذكرا أو أنثى لكنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر فيقع به أكثر المعلقين انتهى.
79

ذكره في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام بن حامد أنه لا عدة عليها بعد وضع الثاني.
وصرح الناظم في حكاية قول بن حامد أنها بوضع الحمل الثاني تطلق وتنقضي به العدة وصرح به في الرعايتين وغيرهما.
وهو يدل على ضعف هذا القول لأن كل طلاق لا بد له من عدة متعقبة وعلى هذا يعايى بها.
فيقال على أصلنا طلاق بعد الدخول ولا مانع والزوجان مكلفان لا عدة فيه.
ويعايى بها من وجه آخر.
فيقال طلاق بلا عوض دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح لا رجعة فيه.
وقد يقال عدة بعد الطلاق تسبق البينونة فلم تخل من عدة متعينة إما حقيقة أو حكما.
وبهذا قال ابن الجوزي في حكاية قول بن حامد تطلق الثالثة لقرب زمان البينونة والوقوع فلم يجعل زمانها زمانها ذكر ذلك في النكت.
الثاني قوله فولدت ذكرا ثم أنثى.
احترازا مما إذا ولدتهما معا فإنها تطلق ثلاثا والحالة هذه بلا نزاع أعلمه غير الشيخ تقي الدين رحمه الله ومن تبعه.
ومراده أيضا أن لا يكون بين الولدين ستة أشهر فأكثر فإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر فالثاني حمل مستأنف بلا خلاف بين الأمة فلا يمكن أن تحبل بولد بعد ولد قاله القاضي في الخلاف وغيره في الحامل لا تحيض وفي الطلاق به الوجهان إلا أن يقول لا تنقضي به عدة فيقع الثلاث.
80

وكذا في أصح الوجهين إن ألحقناه به لثبوت وطئه به فتثبت الرجعة على أصح الروايتين فيها.
واختار في الترغيب أن الحمل لا يدل على الوطء المحصل للرجعة.
قوله (فإن أشكل كيفية وضعها وقعت واحدة بيقين ولغا ما زاد).
وهو المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا أظهر.
قال في النكت وهو أصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح ونصراه والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال القاضي قياس المذهب أن يقرع بينهما.
قال في منتخب الشيرازي أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وهو أظهر وجزم به في المنور واختاره بن عقيل.
قال في القواعد ومأخذ الخلاف أن القرعة لا مدخل لها في إلحاق الطلاق لأجل الأعيان المشتبهة فمن قال بالقرعة هنا جعل التعيين إحدى الصفتين وجعل وقوع الطلاق لازما لذلك ومن منعها نظر إلى أن القصد بهما هنا هو اللازم وهو الوقوع ولا مدخل للقرعة فيه وهو الأظهر انتهى.
فائدتان
إحداهما إذا قال إن ولدت فأنت طالق فألقت ما تصير به الأمة أم ولد طلقت وإلا فلا فإن قالت قد ولدت فأنكر كان القول قوله.
قال القاضي وأصحابه هذا إن لم يقر بالحمل.
81

وإن شهد النساء بما قالت طلقت ذكره القاضي وأصحابه وقالوا هذا ظاهر كلامه.
قال في القواعد المشهور الوقوع وجزم به القاضي في خلافه وتبعه الشريف أبو جعفر وأبو المواهب العكبري وأبو الخطاب والأكثرون.
وقيل تطلق إذا كان مثلها يلد ذكره في الرعاية.
وقال في المحرر ويتخرج أن لا تطلق حتى يشهد من يثبت ابتداء الطلاق بشهادته كمن حلف بالطلاق ما غصب أو لا غصب كذا ثم ثبت عليه الغصب برجل وامرأتين أو شاهد ويمين لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وذكره في الفصول والمنتخب والمستوعب والمغني.
وقدمه في الفروع وغيره وجزم به القاضي في المجرد وغيره.
وقيل تطلق واختاره بن عبدوس في تذكرته والسامري.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال المجد في شرحه عندي أن قياس قول من عفا عن الجاهل والناسي في الطلاق أن لا يحكم عليه به ولو ثبت الغصب برجلين ذكره في القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائة.
وحكاهما القاضي في خلافه في كتاب القطع في السرقة روايتين.
الثانية لو قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة معا طلقت ثلاثا وإن ولدتهم متعاقبين طلقت بالأول وانقضت العدة بالثاني ولا تطلق على الصحيح من المذهب.
82

وقال ابن حامد تطلق به كما تقدم عنه في قوله إن ولدت.
ولو قال أنت طالق مع انقضاء عدتك لم تطلق وإن لم يقل ولدا بل قال كلما ولدت فأنت طالق فكذلك عند أبي الخطاب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
واختار في المحرر أنها تطلق واحدة.
قلت وهو الصواب وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين).
بلا نزاع وكذا لو نجزه بعد التعليق إذ التعليق مع وجود الصفة تعليق في أصح الوجهين قاله في الرعاية والحاوي وغيرهما.
لكن لو قال عنيت بقولي هذا أنك تكونين طالقا بما أوقعته عليك ولم أرد إيقاع طلاق سوى ما باشرتك به دين.
وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين وأطلقهما في المستوعب والكافي والمغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع.
قلت الصواب أنه لا يقبل لأنه خلاف الظاهر إذ الظاهر أن هذا تعليق للطلاق بشرط الطلاق ولم يعلل في الكافي بغيره.
تنبيه مراده بقوله في تعليقه بالطلاق وإن قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق طلقت طلقتين إن كانت مدخولا بها.
وإن كانت غير مدخول بها لم تطلق الطلقة المعلقة.
ومراده أيضا بقوله كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم وقع عليها طلاقه بمباشرة أو سبب طلقت ثلاثا إذا وقعت الأولى والثانية رجعيتين.
ولو قال كلما أوقعت عليك طلاقي فأنت طالق فهو كقوله كلما طلقتك فأنت طالق على الصحيح وعليه جماهير الأصحاب.
83

وقال القاضي إن وقع عليها طلاق بصفة عقدها قبل هذه اليمين أو بعدها لم تطلق غيره وعلل بأنه لم يوقعه وإنما
هو وقع وقدمه في الرعاية.
قال المصنف والشارح وفيه نظر.
وقال في المستوعب وعندي أن حكم ما يقع عليها بصفة عقدها قبل هذه اليمين كما قال وحكم ما يقع عليها بصفة عقدها بعد هذه اليمين حكم طلاقه المنجز انتهى.
قوله (وإن قال كلما وقع عليك طلاقي أو إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال أنت طالق فلا نص فيها).
وقال أبو بكر والقاضي تطلق ثلاثا وهو الصحيح عند أكثر الأصحاب.
قال في المستوعب قاله أصحابنا وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال ابن عقيل تطلق بالطلاق المنجز ويلغو ما قبله.
وهو قياس نص الإمام أحمد رحمه الله وأبي بكر في أن الطلاق لا يقع في زمن ماض وقدمه في النظم وأطلقهما في المحرر.
وقيل لا تطلق مطلقا قاله بعض الأصحاب واختاره بن سريج وغيره من الشافعية ونسبت هذه المسألة إليه.
فعلى الأول وهو وقوع الثلاث يقع بالمنجز واحدة ثم يتمم من المعلق على الصحيح وجزم به في المغني والمحرر والمنور والشرح والرعايتين والحاوي وغيرهم.
قال في الترغيب اختاره الجمهور قال في المستوعب قاله أصحابنا.
فعلى هذا إن كانت غير مدخول بها لم تطلق إلا واحدة.
وقيل تقع الثلاث معا فتطلق المدخول بها وغيرها ثلاثا.
وقيل تقع الثلاث المعلقة فيقع بالمدخول بها وغيرها ثلاثا أيضا.
84

فوائد.
إحداها لو قال إن وطئتك وطئا مباحا أو إن أبنتك أو فسخت نكاحك أو راجعتك أو إن ظاهرت أو آليت منك أو لاعنتك فأنت طالق قبله ثلاثا ففعل طلقت ثلاثا على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الكبرى.
قال في الترغيب تلغو صفة القبلية وفي إلغاء الطلاق من أصله الوجهان في التي قبلها.
قال في الفروع ويتوجه الأوجه يعني في التي قبلها.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل لا تطلق في أبنتك وفسخت نكاحك بل تبين بالإبانة والفسخ.
ويحتمل أن يقعا معا ويحتمل أن يقع في الظهار لصحته من الأجنبية فكذا في الإيلاء إذا صح من الأجنبية في وجه وكذا في اللعان إن وقعت الفرقة على تفريق حاكم انتهى.
الثانية لو قال كلما طلقت ضرتك فأنت طالق ثم قال مثله للضرة ثم طلق الأولة طلقت الضرة طلقة بالصفة والأولة اثنتين طلقة بالمباشرة ووقوعه بالضرة تطليق لأنه أحدث فيها طلاقا بتعليقه طلاقا ثانيا.
وإن طلق الثانية فقط طلقتان طلقة.
ومثل هذه المسألة قوله إن طلقت حفصة فعمرة طالق أو كلما طلقت حفصة فعمرة طالق ثم قال إن طلقت عمرة فحفصة طالق أو كلما طلقت عمرة فحفصة طالق فحفصة كالضرة في المسألة التي قبلها.
وعكس المسألة قوله لعمرة إن طلقتك فحفصة طالق ثم قال لحفصة إن طلقتك فعمرة طالق فحفصة هنا كعمرة هناك.
وقال ابن عقيل في المسألة الأولى أرى متى طلقت عمرة طلقت بالمباشرة
85

وطلقت بالصفة أن يقع على حفصة أخرى بالصفة في حق عمرة فيقع الثلاث عليهما وأن قول أصحابنا في كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ووجد رجعيا يقع الثلاث يعطي استيفاء الثلاث في حق عمرة لأنها طلقت طلقة بالمباشرة وطلقة بالصفة والثالثة بوقوع الثانية وهذا بعينه موجود في طلاق عمرة المعلق بطلاق حفصة انتهى.
الثالثة لو علق ثلاثا بتطليق يملك فيه الرجعة ثم طلق واحدة طلقت ثلاثا في أصح الوجهين قاله في الفروع وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم بمعناه في الرعاية الصغرى والحاوي.
وقيل لا يقع شيء.
قال في الرعاية وهو بعيد.
وأما قبل الدخول فيقع ما نجزه.
وأما طلاقها بعوض فلا يقع غيره.
قوله (وإن قال كلما طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وكلما طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلقهن جميعا عتق خمسة عشر عبدا).
هذا المذهب صححه في المغني والشرح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقيل عشرة وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية.
قال في المحرر والنظم وهو خطأ.
قال الشارح وهذا غير صحيح.
86

ويحتمل أن لا يعتق غير أربعة قاله المصنف.
وقيل يعتق ثلاثة عشر.
وقيل يعتق سبعة عشر قال الشارح وهو غير سديد.
وقيل يعتق عشرون وهو احتمال لأبي الخطاب أيضا في الهداية.
قال الشارح أيضا وهو غير سديد.
تنبيه قوله إلا أن يكون له نية.
يعني في جميع الأوجه فيؤاخذ بما نوى.
فائدة لو جعل مكان كلما إن لم يعتق إلا أربع.
قال في الفروع وهو أظهر.
وقيل يعتق عشرة وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والنظم والرعايتين والحاوي وقدمه في الفروع.
وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله في تداخل الصفات عند قوله إن أكلت رمانة فأنت طالق وإن أكلت نصف رمانة فأنت طالق وأنها لا تطلق هناك إلا واحدة.
تنبيه ظاهر قوله وإن قال لامرأته إذا أتاك طلاقي فأنت طالق ثم كتب إليها إذا أتاك كتابي فأنت طالق فأتاها الكتاب طلقت طلقتين.
أنه لو أتى بعض الكتاب وفيه الطلاق ولم ينمح ذكره أنها لا تطلق وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تطلق.
قال في الكافي والرعاية فإن أتاها وقد ذهبت حواشيه أو محى ما فيه سوى الطلاق طلقت وإن ذهب الكتاب إلا موضع الطلاق فوجهان.
87

قوله (فإن قال أردت أنك طالق بذلك الطلاق الأول دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وهما وجهان مطلقان في الرعايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والفروع.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وإليه ميل الشارح.
قلت وهو الصواب.
والثانية لا يقبل في الحكم.
قال الآدمي في منتخبه دين باطنا وقال في المنور دين.
فائدتان
إحداهما لو كتب إليها إذا قرأت كتابي هذا فأنت طالق فقرئ عليها وقع إن كانت لا تحسن القراءة وإن كانت تحسن فوجهان في الترغيب.
الثانية قوله في تعليقه بالحلف إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن قمت أو دخلت الدار طلقت في الحال.
اعلم أنه إذا حلف بطلاقها ثم أعاده أو علقه بشرط وفي ذلك الشرط حث أو منع والأصح أو تصديق خبر أو تكذيبه سوى تعليقه بمشيئتها أو حيض أو طهر تطلق في الحال طلقة في مرة.
ومن الأصحاب من لم يستثن غير هذه الثلاثة ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واختار العمل بعرف المتكلم وقصده في مسمى اليمين وأنه موجب نصوص الإمام أحمد رحمه الله وأصوله.
88

قوله (في تعليقه بالحلف وإن قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فهل هو حلف فيه وجهان).
يعني إن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج.
وأطلقهما ابن منجا في شرحه.
أحدهما ليس بحلف فيكون شرطا محضا وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وصححه في التصحيح والبلغة.
قال في القواعد الأصولية هذا أصح الوجهين وقدمه في المحرر والرعايتين والفروع.
والوجه الثاني هو حلف فتطلق في الحال اختاره أبو الخطاب.
وجزم به في الهداية والمذهب وقدمه في المستوعب وأطلقهما في الحاوي الصغير.
تنبيه مراده بقوله وإن قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق أو قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة وإن أعاده ثلاثا طلقت ثلاثا.
إذا لم يقصد بإعادته إفهامها فإن قصد بذلك إفهامها لم تطلق سوى الأولى قاله الأصحاب.
ويأتي الكلام على هذه المسألة آخر الفصل مستوفى لمعنى مناسب.
قوله (وإن قال لامرأتيه إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان وأعاده طلقت كل واحدة طلقة فإن كانت إحداهما غير مدخول
89

بها فأعاده بعد ذلك يعني بعد الطلقة الأولى لم تطلق واحدة منهما).
بلا خلاف أعلمه لكن لو تزوج بعد ذلك البائن ثم حلف بطلاقها فاختار المصنف أنها لا تطلق وهو معنى ما جزم به في الكافي وغيره لأنه لا يصح الحلف بطلاقها لأن الصفة لم تنعقد لأنها بائن.
وكذا جزم في الترغيب فيما تخالف المدخول بها غيرها أن التعليق بعد البينونة لا يصح.
قال في الفروع والأشهر تطلق كالأخرى طلقة طلقة.
ولو جعل كلما بدل إن طلقت كل واحدة ثلاثا ثلاثا طلقت عقب حلفه ثانيا وطلقتين لما نكح البائن وحلف بطلاقها لأن كلما للتكرار قال ذلك في الفروع.
وقال وفرض المسألة في المغني في كلما قال ما تقدم ذكره في إن وكذا فرضها في الشرح.
وقال في القاعدة السابعة والخمسين لو قال لامرأتيه وإحداهما غير مدخول بها إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم قاله ثانيا طلقتا طلقة طلقة على المذهب المشهور وانعقدت اليمين مرة ثانية في حق المدخول بها وفي انعقادها في غير المدخول بها وجهان.
أحدهما تنعقد وهو قول أبي الخطاب والمجد ومقتضى ما قاله القاضي وابن عقيل في مسألة الكلام الآتية.
والثاني لا تنعقد اختاره صاحب المغني.
فإن أعاده ثالثا قبل تجديد نكاح البائن لم تطلق واحدة منهما على كلا الوجهين.
90

فإن تزوج البائن ثم حلف بطلاقها وحدها فعلى الوجه الثاني لا تطلق وتطلق الأخرى طلقة لوجود الحلف بطلاقها
قبل نكاح الثانية والحلف بطلاق البائنة بعد طلاقها فكمل الشرط في حق الأولى.
وعلى الوجه الأول تطلق كل واحدة منهما طلقة طلقة ذكره الأصحاب.
فائدة لو كان له امرأتان حفصة وعمرة فقال إن حلفت بطلاقكما فعمرة طالق ثم أعاده لم تطلق واحدة منهما.
وإن قال بعد ذلك إن حلفت بطلاقكما فحفصة طالق طلقت عمرة.
فإن قال بعد هذا إن حلفت بطلاقكما فعمرة طالق لم تطلق واحدة منهما.
فإن قال بعده إن حلفت بطلاقكما فحفصة طالق طلقت حفصة.
وعلى هذا فقس.
قوله (في تعليقه بالكلام إذا قال إن كلمتك فأنت طالق فتحقق ذلك أو زجرها فقال تنحي أو اسكتي أو قال إن قمت فأنت طالق طلقت).
هذا المذهب ما لم ينو غيره جزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
في النظم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وصححه.
قوله (ويحتمل أن لا يحنث بالكلام المتصل بيمينه لأن إتيانه به يدل على إرادته الكلام المنفصل عنها).
قلت وهذا هو الصواب.
ويأتي آخر الفصل إذا قال إن كلمتك فأنت طالق وأعاده.
91

قوله (وإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت إن بدأتك به فعبدي حر انحلت يمينه إلا أن ينوي).
وهذا المذهب قال في الفروع انحلت يمينه على الأصح.
قال المصنف والشارح هكذا ذكره أصحابنا.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
ويحتمل أن يحنث ببداءته إياها بالكلام في وقت آخر لأن الظاهر أنه أراد ذلك بيمينه.
وهذا الاحتمال للمصنف.
قلت وهو قوي جدا.
قوله (وإن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته فلم يسمع لتشاغله أو غفلته أو كاتبته أو راسلته حنث).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه في التشاغل والغفلة والذهول.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم كتكليمها غيره وهو يسمع تقصده به.
وعنه لا يحنث إذا كاتبته أو راسلته وهو احتمال في المغني والشرح كنية غيره وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة لو أرسلت إنسانا يسأل أهل العلم عن مسألة حدثت فجاء الرسول فسأل المحلوف عليه لم يحنث قولا واحدا قاله المصنف والشارح.
قوله (وإن أشارت إليه احتمل وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
92

زاد في المستوعب والرعاية سواء أشارت بيد أو بعين.
أحدهما لا يحنث وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والنظم واختاره بن عبدوس.
قال الشارح وهذا أولى وجزم به في الوجيز والمنور واختاره أبو الخطاب وغيره.
والوجه الثاني يحنث اختاره القاضي.
ويأتي بعض ذلك في باب جامع الأيمان.
قوله (وإن كلمته سكران أو أصم بحيث يعلم أنها كلمته أو مجنونا يسمع كلامها حنث).
هذا المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والفروع.
وقيل لا يحنث اختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الأصم في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وصححه في الخلاصة وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يحنث بتكليمها السكران فقط.
وأطلق في السكران وجهين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
فائدة وكذلك الحكم إن كلمت صبيا يسمع ويعلم أنه مكلم حنث.
فأما إن جنت هي وكلمته لم يحنث لأن القلم مرفوع عنها فلم يبق لكلامها حكم.
ولو كلمته وهي سكرى حنث لأن حكمها حكم الصاحي وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في المغني والشرح.
93

وقيل لا يحنث لأنه لا عقل لها.
قوله (وإن كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما لم يحنث).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه وفي المحرر والفروع.
وقال أبو بكر يحنث.
وذكره رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال لامرأتيه إن كلمتما هذين فأنتما طالقتان وكلمت كل واحدة واحدا منهما طلقتا).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وتذكرة بن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ويحتمل أن لا يحنث حتى تكلما جميعا كل واحد منها وهو تخريج لأبي الخطاب.
قال الشارح وهو أولى.
قال ابن عبدوس في تذكرته والأقوى لا يقع وأطلقهما في المغني والفروع.
تنبيه محل الخلاف إذا لم نحنثه ببعض المحلوف فأما إن حنثناه ببعض المحلوف حنثناه هنا قولا واحدا.
فائدة هذه المسألة من جملة قاعدة وهي إذا وجدنا جملة ذات أعداد موزعة
94

على جملة أخرى فهل تتوزع أفراد الجملة الموزعة على أفراد الأخرى أو كل فرد منها على مجموع الجملة الأخرى وهي على قسمين.
الأول أن توجد قرينة تدل على تعيين أحد الأمرين فلا خلاف في ذلك.
فمثال ما دلت القرينة فيه على توزيع الجملة على الجملة الأخرى فيقابل كل فرد كامل بفرد يقابله إما لجريان العرف أو دلالة الشرع على ذلك وإما لاستحالة ما سواه أن يقول لزوجتيه إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان فإذا أكلت كل واحدة منهما رغيفا طلقت لاستحالة أكل كل واحدة الرغيفين أو يقول لعبديه إن ركبتما دابتيكما أو لبستما ثوبيكما أو تقلدتما سيفيكما أو دخلتما بزوجتيكما فأنتما حران فمتى وجد من كل واحد ركوب دابته ولبس ثوبه وتقلد سيفه أو الدخول بزوجته ترتب عليه العتق لأن الانفراد بهذا عرفي وفي بعضه شرعي فيتعين صرفه إلى توزيع الجملة على الجملة ذكره المصنف في المغني.
ومثال ما دلت القرينة فيه على توزيع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى أن يقول رجل لزوجتيه إن كلمتما زيدا أو كلمتما عمرا فأنتما طالقتان فلا تطلقان حتى تكلم كل واحدة منها زيدا وعمرا.
القسم الثاني أن لا يدل دليل على إرادة أحد التوزيعين فهل يحمل التوزيع عند هذا الإطلاق على الأول والثاني في المسألة خلاف.
والأشهر أن يوزع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى إذا أمكن وصرح به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب في مسألة الظهار من نسائه بكلمة واحدة ذكر ذلك بن رجب في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة.
وتقدم من مسائل القاعدة في باب مسح الخفين والوقف والربا والرهن وغيره.
95

ومسألة المصنف هنا من القاعدة لكن المذهب هنا خلاف ما قاله في القواعد.
قوله (وإن قال إن أمرتك فخالفتيني فأنت طالق فنهاها فخالفته لم يحنث إلا أن ينوي مطلق المخالفة).
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الخلاصة والشرح والفروع والنظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
ويحتمل أن تطلق مطلقا جزم به في المنور وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقال أبو الخطاب إن لم تعرف حقيقة الأمر والنهي حنث.
قلت وهو قوي جدا.
قال في القواعد الأصولية ولعل هذا أقرب إلى الفقه والتحقيق.
فائدتان
إحداهما عكس هذه المسألة مثل قوله إن نهيتك فخالفتيني فأنت طالق فأمرها وخالفته لم يذكرها الأصحاب.
وقال في القواعد الأصولية ويتوجه تخريج على هذه المسألة ألا يفرق بينهما بفرق مؤثر ليمتنع التخريج انتهى.
قلت علل المصنف والشارح القول بأنها تطلق بكل حال بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عنه أمر بضده انتهيا.
وقد قال معنى ذلك الأصوليون.
الثانية لو قال إن كلمتك فأنت طالق ثم قاله ثانيا طلقت واحدة وإن
96

قاله ثالثا طلقت ثانية وإن قاله رابعا طلقت ثلاثا وتبين غير المدخول بها بطلقة ولم تنعقد يمينه الثانية ولا الثالثة على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره.
وجزم به في المغني وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقال في المحرر وعندي تنعقد الثانية بحيث إذا تزوجها وكلمها طلقت إلا على قول التميمي تنحل الصفة مع البينونة فإنها قد انحلت بالثانية لأنه قد كلمها.
ولا يجيء مثله في الحلف بالطلاق لأنه لم ينعقد لعدم إمكان إيقاعه انتهى.
قال في الفروع ويتوجه أنه لا فرق في المعنى بينها وبين مسألة الحلف السابقة فإما لا يصح فيهما وهو أظهر كالأجنبية وإما أن يصح فيهما كما سبق من قول الإمام أحمد رحمه الله.
أما التفرقة بين مسألة الحلف وبين مسألة الكلام كما هو ظاهر كلام بعضهم فلا وجه له من كلام الإمام أحمد رحمه الله ولا معنى يقتضيه ولم أجد من صرح بالتفرقة انتهى.
وقال في القاعدة السابعة والخمسين لو قال لامرأته التي لم يدخل بها إن كلمتك فأنت طالق ثم أعاده طلقت بالإعادة لأنها كلام في المشهور عند الأصحاب.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة قياس المذهب عندي أنه لا يحنث بهذا الكلام وعلله.
فإذا وقع الطلاق بالإعادة ثانيا فهل تنعقد به يمين ثانية أم لا فيه وجهان.
أحدهما لا تنعقد وهو قول القاضي في الجامع والخلاف ومن اتبعه.
97

كالقاضي يعقوب وابن عقيل وهو قياس قول صاحب المغني وله مأخذان وذكرهما.
والوجه الثاني تنعقد اليمين وهو اختيار صاحب المحرر بناء على أن الطلاق يقف وقوعه على تمام الإعادة.
قوله (في تعليقه بالإذن إذا قال إذا خرجت بغير إذني أو إلا بإذني أو حتى آذن لك فأنت طالق ثم أذن لها فخرجت ثم خرجت بغير إذنه طلقت).
هذا المذهب جزم به في الوجيز والخرقي وصححه في الخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه والزركشي هذا المذهب وقدمه في الهداية والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا تطلق إلا أن ينوي الإذن في كل مرة.
قلت وهو قوي كإذنه في الخروج كلما شاءت نص عليه.
وأطلقهما في المذهب.
وقال في الروضة إن أذن لها بالخروج مرة أو مطلقا أو أذن بالخروج لكل مرة فقال أخرجي متى شئت لم يكن إذنا إلا لمرة واحدة.
والمذهب أنه إذا قال أخرجي كلما شئت يكون إذنا عاما نص عليه.
قوله (وإن أذن لها من حيث لا تعلم فخرجت طلقت).
نص عليه وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
قال في القواعد هذا أشهرهما.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
98

والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا تطلق وهو لأبي الخطاب بناء على ما قاله في عزل الوكيل أنه يصح من غير أن يعلم.
وقال في القاعدة الرابعة والستين ولأبي الخطاب في الانتصار طريقة ثانية وهي أن دعواه الإذن غير مقبولة لوقوع الطلاق في الظاهر فلو أشهد على الإذن نفعه ذلك ولم تطلق.
قال صاحب القواعد وهذا ضعيف.
فائدتان
إحداهما لو قال إلا بإذن زيد فمات زيد لم يحنث إذا خرجت على الصحيح من المذهب وحنثه القاضي وجعل المستثنى محلوفا عليه وجزم به في الرعاية الكبرى.
الثانية لو أذن لها فلم تخرج حتى نهاها ثم خرجت فعلى وجهين.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما تطلق صححه في النظم وجزم به في المنور.
والثاني لا تطلق قال ابن عبدوس في تذكرته لا تطلق.
قال ابن عبدوس في تذكرته لا يقع إذا أذن لها ثم نهى وجهلته.
قوله (وإن قال إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت تريد الحمام وغيره طلقت).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر
99

والنظم والرعايتين والحاوي وتذكرة بن عبدوس والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن لا يحنث وأطلقهما في الشرح.
قوله (وإن خرجت إلى الحمام ثم عدلت إلى غيره طلقت).
هذا المذهب.
قال أبو الخطاب والمصنف والشارح هذا قياس المذهب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره وقدمه في الفروع والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أن لا تطلق وهو لأبي الخطاب.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (في تعليقه بالمشيئة إذا قال أنت طالق إن شئت أو كيف شئت أو حيث شئت أو متى شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت سواء شاءت على الفور أو التراخي).
وهذا المذهب ولو شاءت كارهة جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يقف على المجلس كالاختيار.
وقيل تختص إن بالمجلس دون غيرهما.
وقيل تطلق وإن لم تشأ إذا قال كيف شئت أو حيث شئت دون غيرهما.
فائدة لو رجع قبل مشيئتها لم يصح رجوعه على الصحيح من المذهب كبقية التعاليق.
100

وعنه يصح كاختاري وأمرك بيدك.
قوله (وإن قال أنت طالق إن شئت وشاء أبوك لم تطلق حتى يشاءا).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل تطلق بمشيئة أحدهما ذكره في الفروع.
قلت هو بعيد والمشيئة منهما أو من أحدهما على التراخي على الصحيح من المذهب.
وقيل تختص بالمجلس.
فائدة لو قال أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد فشاءهما ولا نية وقعا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
ونقل أبو طالب يقعان ولو تعذرت الإشاءة بموت ونحوه اختاره أبو بكر وابن عقيل.
وحكى عنه أو غاب.
وحكاه في المنتخب عن أبي بكر.
قوله (وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق).
أما إذا مات أو جن فإنها لا تطلق على الصحيح من المذهب.
قال في المذهب والخلاصة لم يقع في أصح الوجهين وصححه في النظم واختاره بن حامد وغيره.
101

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والشرح والفروع.
واختار أبو بكر في الهداية وابن عقيل أنها لا تطلق حكاه في المغني والشرح عن أبي بكر وحكاه في الرعاية عن بن عقيل ونقله أبو طالب.
وأما الأخرس فالصحيح من المذهب أنه إن فهمت إشارته فهي كنطقه.
قدمه في الكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وهو الصواب.
وقيل إن خرس بعد يمينه لم تطلق.
وجزم به المصنف هنا وجزم به في الوجيز.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح.
فائدة لو غاب لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وحكى عن بن عقيل تطلق وحكاه في المنتخب عن أبي بكر كما تقدم.
قوله (وإن شاء وهو سكران خرج على الروايتين المتقدمتين في طلاقه).
ذكره الأصحاب.
واختار المصنف والشارح هنا عدم الوقوع وإن وقع هناك وفرقا بينهما وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
قوله (وإن كان صبيا يعقل المشيئة فشاء طلقت وإلا فلا).
الصحيح من المذهب أن الصبي المميز إذا شاء تطلق قال الأصحاب هو كطلاقه.
وتقدم في أوائل كتاب الطلاق أن الصحيح من المذهب أن طلاقه يقع على زوجته.
102

قال في الفروع والرعاية وإن شاء فميز فكطلاقه.
وجزم بالوقوع في الشرح وغيره.
وعلى الرواية الثانية لا تطلق كطلاقه في إحدى الروايتين وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت).
إذا مات أو جن طلقت بلا نزاع وفي وقت الوقوع أوجه.
أحدها يقع في الحال وهو المذهب جزم به في الشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الرعايتين والفروع.
الثاني تطلق آخر حياته جزم به في المنور وقدمه في المحرر والنظم.
الثالث يتبين حنثه من حين حلف.
وذكره القاضي في أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء زيد يقع الطلاق وليس باستثناء.
وأما إذا خرس فالصحيح من المذهب أن إشارته المفهومة كنطقه مطلقا.
وقيل إن حصل خرسه بعد يمينه فليس كنطقه وجزم به المصنف هنا وصاحب الوجيز كما تقدم.
وقال الناظم لو قيل بعدم وقوع الطلاق إذا خرس أو جن إلى حين الموت لم يكن ببعيد.
قوله (وإن قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء زيد ثلاثا فشاء ثلاثا طلقت ثلاثا في أحد الوجهين).
وهو المذهب صححه في المذهب والتصحيح واختاره أبو بكر وجزم به الوجيز وقدمه في الخلاصة والمحرر والفروع والرعايتين.
103

وفي الآخر لا تطلق يعني لا تطلق غير الواحدة المنجزة لأن الاستثناء من الإثبات نفي.
فائدة وكذا الحكم لو قال أنت طالق واحدة إلا أن تشائي ثلاثا فشاءت ثلاثا ووقوع الثلاث هنا من المفردات ونص عليه.
وكذا عكس هذه المسألة مثلها في الحكم كقوله أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء زيد أو تشائي واحدة فيشاء زيد أو هي واحدة.
قوله (وإن قال أنت طالق إن شاء الله طلقت وإن قال لأمته أنت حرة إن شاء الله عتقت).
وكذا لو قدم الشرط وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة منهم بن منصور وحنبل والحسن بن ثواب وأبو النضر والأثرم وأبو طالب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه الناظم وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه يصح الاستثناء فيهما.
وقال الخرقي أكثر الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله أنه توقف عن الجواب.
قلت ممن نقل ذلك عبد الله وصالح وإسحاق بن هانئ وأبو الحارث والفضل بن زياد وإسماعيل بن إسحاق.
وحكى عنه أنه يقع العتق دون الطلاق.
104

حكاه عنه بعض الشافعية وهو أبو حامد الإسفراييني ومن تبعه.
وقطع المجد وغيره بأن ذلك غلط على الإمام أحمد رحمه الله وكذا قال القاضي في خلافه وبينوا وجه الغلط.
وقال في الترغيب يقع الطلاق دون العتق.
وعنه لا يقعان اختاره جماعة من الأصحاب بناء على أنهما من جملة الأيمان.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يكون معناه هي طالق إن شاء الله الطلاق بعد هذا والله لا يشاؤه إلا بتكلمه بعد ذلك.
وقال أيضا إن أراد بذلك وقوع الطلاق عليها بهذا التطليق طلقت لأنه كقوله أنت طالق بمشيئة الله وليس قوله إن شاء الله تعليقا بل تأكيد للوقوع وتحقيق وإن أراد بذلك حقيقة التعليق على مشيئة مستقبله لم يقع به الطلاق حتى يطلق بعد ذلك فإذا طلقها بعد ذلك فقد شاء الله وقوع طلاقها حينئذ وكذا إن قصد بقوله إن شاء الله أن يقع هذا الطلاق الآن فإنه يكون معلقا أيضا على المشيئة فإذا شاء الله وقوعه فيقع حينئذ ولا يشاء الله وقوعه حتى يوقعه ثانيا انتهى.
قال في الترغيب لو قال يا طالق إن شاء الله تعالى تطلق بل هي أولى بالوقوع من قوله إن شاء الله وفي الرعاية في ذلك وجهان.
قوله (وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله طلقت).
وهو المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والفروع.
وقيل لا تطلق.
قوله (وإن قال إن لم يشأ الله فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
105

أحدهما يقع وهو المذهب لتضاد الشرط والجزاء فلغا تعليقه بخلاف المستحيل وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي البغدادي.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لا يقع اختاره القاضي ذكره في المستوعب.
فائدة وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال أنت طالق ما لم يشأ الله.
قوله (وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله أو قال أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله فدخلت فهل تطلق على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والمغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي.
أحدهما لا تطلق صححه في التصحيح وقال لا تطلق من حيث الدليل.
قال وهو قول محققي الأصحاب وجزم به في منتخب الآدمي البغدادي.
والرواية الثانية تطلق وجزم به في الوجيز واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في المذهب والخلاصة.
قال ابن نصر الله في حواشيه أصحهما تطلق وقدمه في الرعايتين.
تنبيه قال في المحرر والرعاية والنظم والفروع وغيرهم إن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع كقوله أنت طالق لا فعلت أو لأفعلن إن شاء الله وإلا فروايتان.
قال ابن نصر الله في حواشيه وفيه نظر.
يعني في عدم الوقوع إذا نوى رد المشيئة إلى الفعل لأنه علقه على فعل يوجد بمشيئة الله وقد وجد بمشيئة الله فما المانع من وقوعه انتهى.
106

وقد حرر العلامة بن رجب في هذه المسألة وفي صيغة القسم كقوله أنت طالق لا تدخلين الدار إن شاء الله أو أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله ونحوه للأصحاب سبع طرق.
أحدها أن الروايتين في المسألة مطلقا سواء كان الحلف بصيغة القسم أو بصيغة الجزاء.
وهذه الطريقة مقتضى كلام أكثر المتقدمين كأبي بكر والقاضي وابن عقيل وغيرهم.
الطريقة الثانية أن الروايتين في الحلف بصيغة القسم وفي التعليق على شرط يقصد به الحض أو المنع دون التعليق على شرط يقصد به وقوع الطلاق بتة.
وهذه الطريقة اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو مقتضى كلام كثير من الأصحاب.
الطريقة الثالثة أن الروايتين في صيغة التعليق إذا قصد رد المشيئة إلى الطلاق أو أطلق فأما إن رد المشيئة إلى الفعل فإنه ينفعه قولا واحدا.
وكذا إن حلف بصيغة القسم فإنه ينفعه الاستثناء قولا واحدا.
وهي طريقة صاحب المحرر والنظم والفروع وغيرهم كما تقدم.
الطريقة الرابعة أن الروايتين في صورة التعليق بالشرط إذا لم يرد المشيئة إلى الطلاق فإن ردها إلى الطلاق فهو كما لو نجز الطلاق واستثنى فيه.
وهي طريقة صاحب المغني.
وإن أطلق النية فالظاهر رجوعه إلى الفعل دون الطلاق ويحتمل عوده إلى الطلاق وإن رد المشيئة إلى الفعل نفعه قولا واحدا.
وهذه الطريقة توافق طريقة صاحب المحرر إلا أنها مخالفة لها في أنه إذا عاد
107

الاستثناء إلى الطلاق لم ينفع كما لا ينفع في المنجز وهو الذي ذكره بن عقيل وغيره وهو واضح.
الطريقة الخامسة أن الروايتين محمولتان على اختلاف حالين فإن كان الشرط نفيا لم تطلق نحو أن يقول أنت طالق إن لم أفعل كذا إن شاء الله فلم يفعله فلا يحنث.
فإن كان إثباتا حنث نحو إن فعلت كذا فأنت طالق إن شاء الله.
وهي طريقة صاحب التلخيص.
قال في القواعد الأصولية وهي مخالفة للمذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله.
الطريقة السادسة طريقة القاضي في الجامع الكبير فإنه قال عندي فيها تفصيل.
ثم ذكر ما مضمونه أنه إذا لم توجد الصفة التي هي الشرط المعلق على الطلاق انبنى الحكم على علة وقوع الطلاق المنجز المستثنى فيه.
فإن قلنا العلة أنه علقه بمشيئة لا يتوصل إليها لم يقع رواية واحدة لأنه علقه بصفتين إحداهما دخول الدار مثلا والأخرى المشيئة وما وجدتا فلا يحنث.
وإن قلنا العلة علمنا بوجود مشيئة الله لوجود لفظ الطلاق انبنى على أصل آخر وهو ما إذا علق الطلاق بصفتين مثل أن يقول إن دخلت الدار وشاء زيد فدخلت ولم يشأ زيد فهل يقع الطلاق على روايتين كذا هنا يخرج على روايتين.
وأما إن وجدت الصفة وهي دخول الدار فإنه ينبني على التعليلين أيضا.
فإن قلنا قد علمنا مشيئة الطلاق وقع رواية واحدة لوجود الصفتين جميعا.
108

وإن قلنا لم نعلم مشيئته انبنى على ما إذا علقه على صفتين فوجدنا إحداهما ويخرج على الروايتين.
الطريقة السابعة طريقة بن عقيل في المفردات فإنه جعل الروايتين في وقوع الطلاق بدون وجود الصفة فأما مع وجودها فيقع الطلاق قولا واحدا قاله في القواعد الأصولية.
وهي أضعف الطرق وذكر فسادها من وجهين.
قوله (وإن قال أنت طالق لرضا زيد أو مشيئته طلقت في الحال بلا نزاع أعلمه).
فإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين.
عند الأكثر وهما وجهان في الرعايتين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين وشرح ابن منجا.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع قبل حكما على الأصح وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الكافي والمنور وقدمه في المحرر والحاوي الصغير وهو ظاهر ما قدمه الشارح.
والرواية الثانية لا يقبل جزم به في الوجيز وتجريد العناية.
قال الآدمي في منتخبه دين باطنا.
فائدة لو قال إن رضي أبوك فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لأنه معلق فكان متراخيا ذكره في الفنون.
وقال قال قوم ينقطع بالأول.
ولو قال إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت
109

ثم قال رضيت طلقت لأنه علقه على رضى مستقبل وقد وجد بخلاف إن كان أبوك راضيا به لأنه ماض.
قوله (وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فأنت طالق فقالت أنا أحبه).
فقد توقف أحمد رحمه الله تعالى عنها وقال دعنا من هذه المسائل وكذا قال في الهداية والمستوعب وغيرهما.
وقال القاضي تطلق.
وذكره بن عقيل مذهبنا ومذهب العلماء كافة سوى محمد بن الحسن.
وجزم به في الوجيز واقتصر عليه في الخلاصة في الأولى وصححه في الثانية وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال المصنف هنا والأولى أنها لا تطلق إذا كانت كاذبة.
وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به في النظم واختاره بن عقيل وقال لاستحالته عادة كقوله إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت أعتقده فإن عاقلا لا يجوزه فضلا عن اعتقاده.
وقيل لا تطلق مطلقا ذكره في الرعايتين.
وقيل لا تطلق في قوله إن كنت تحبينه بقلبك وإن طلقت في الأولى وهو احتمال في الهداية.
فائدتان
إحداهما مثل ذلك خلافا ومذهبا لو قال إن كنت تبغضين الجنة فأنت طالق فقالت أنا أبغضها وكذا لو قال إن كنت تبغضين الحياة ونحو ذلك مما يعلم أنها تحبه قاله في المستوعب.
110

الثانية لو قالت امرأته أريد أن تطلقني فقال إن كنت تريدين أو إذا أردت أن أطلقك فأنت طالق فظاهر الكلام يقتضي أنها تطلق بإرادة مستقبلة ودلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها قاله بن عقيل في الفنون.
ونصر الثاني العلامة بن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين.
قوله (فصل في مسائل متفرقة).
إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رئي أو أكملت العدة إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا يحنث حتى تراه.
إذا نوى حقيقة رؤيتها لم يحنث حتى تراه بلا نزاع أعلمه ويدين بلا نزاع ويقبل قوله في الحكم على الصحيح من المذهب مطلقا.
قال في الفروع قبل حكما على الأصح.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وصححه في المذهب.
وعنه لا يقبل وأطلقهما في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب.
وقيل يقبل بقرينة.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله طلقت إذا رئي الهلال أنها تطلق إذا رئي سواء رئي قبل الغروب أو بعده وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغني والشرح.
والوجه الثاني أنها لا تطلق إلا إذا رئي بعد الغروب وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والرعاية
والحاوي.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى.
111

الثاني تقدم في أول كتاب الصيام إذا قال أنت طالق ليلة القدر متى تطلق.
فوائد.
إحداها لو لم ير الهلال حتى أقمر لم تطلق وهل يقمر بعد ثالثة قدمه في الرعاية الكبرى أو باستدارته أو ببهر ضوئه فيه ثلاثة أقوال.
قال القاضي لا يبهر ضوؤه إلا في الليلة السابعة حكاه عن أهل اللغة وأطلقهن في الكافي والمغني والشرح والفروع.
الثانية لو قال إن رأيت فلانا فأنت طالق فرأته ولو ميتا طلقت ولو رأته في ماء أو في زجاج شفاف طلقت إلا مع نية أو قرينة.
ولو رأته مكرهة لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق.
ولو رأت خياله في ماء أو مرآة لم تطلق.
ولو جالسته وهي عمياء لم تطلق على الصحيح من المذهب.
وقيل تطلق وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثالثة ظاهر قوله وإن قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبرته به امرأتاه طلقت الأولى منهما إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها فتطلق وحدها.
أنه لو أخبرتاه معا تطلقان وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا.
قوله (وإن قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق فكذلك عند القاضي).
يعني أن حكمها حكم المسألة التي قبلها من التفصيل والحكم.
112

وكذا قال في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وعند أبي الخطاب إن أخبرتاه وقع الطلاق بهما على الأحوال الثلاثة لأن الخبر يدخله الصدق والكذب ويسمى خبرا وإن تكرر والبشارة القصد بها السرور وإنما يكون ذلك مع الصدق ويكون من الأولى لا غير.
وقيل تطلقان مع الصدق فقط واختاره في المحرر.
فائدتان
إحداهما لو قال إن لبست ثوبا فأنت طالق ونوى معينا دين على الصحيح من المذهب.
وقال ابن البنا لا يدين وقدمه في التبصرة وخرجه الحلواني على روايتين.
قال في القاعدة الخامسة والعشرين بعد المائة وشذ طائفة فحكوا الخلاف في تديينه في الباطن منهم الحلواني وابنه.
وكذلك وقع في موضع من مفردات بن عقيل في الأيمان.
وكذلك وقع للقاضي في المجرد قال المجد وهو سهو انتهى.
ويقبل حكما على الصحيح من المذهب.
وعنه لا يقبل.
وإن لم يقل ثوبا فالحكم كذلك على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله في القواعد وقدمه.
وقيل لا يقبل حكما واختاره القاضي في كتاب الحيل وأطلقهما في الفروع.
وقال في الترغيب وإن حلف لا لبس ونوى معينا دين وفي الحكم روايتان سواء بطلاق أو غيره على الأصح انتهى.
الثانية لو قال إن قربت دار أبيك بكسر الراء من قربت فأنت
113

طالق لم يقع حتى تدخلها وإن قال إن قربت بضم الراء طلقت بوقوفها تحت فنائها ولصوقها بجدارها لأن مقتضاها ذلك قاله في الروضة.
قوله (وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا وكذا جاهلا حنث في الطلاق والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب وهو المذهب).
وقال في القواعد الأصولية هي المذهب عند الأصحاب.
قال في المحرر وهو الأصح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره وقال اختاره الأكثر وذكروه في المذهب.
وعنه يحنث في الجميع.
قدمه في الرعايتين والحاوي ذكروه في أول كتاب الأيمان.
وعنه لا يحنث في الجميع بل يمينه باقية وقدمه في الخلاصة وهو في الإرشاد عن بعض أصحابنا.
قال في الفروع وهذا أظهر.
قلت وهو الصواب.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال إن رواتها بقدر رواة التفريق وإن هذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به.
واختارها بن عبدوس في تذكرته أيضا ذكره في أول كتاب الأيمان.
قال في القواعد الأصولية وقال الأصحاب على هذه الرواية يمينه باقية بحالها.
ويأتي أيضا في كلام المصنف إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا في أثناء كتاب الأيمان.
قوله (وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا أو لا يكلمه أو
114

لا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه
حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله بحقه ففارقه ظنا أنه قد بر خرج على الروايتين في الناسي والجاهل).
وكذا قال الشارح وقاله في المحرر في غير الكلام والسلام.
قال الشارح وكذلك إن حلف لا يبيع لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه إلى الحالف فباعه من غير علمه فهي كالناسي.
وكذلك إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا.
وأطلق في الترغيب الروايات الثلاث فيما إذا حلف أن لا يدخل على فلان فدخل ولم يعلم أو لا يفارقه إلا بقبض حقه فقبضه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله ففارقه يظن أنه قد بريء أو لا يكلمه فسلم عليه وجهله.
وجزم في الوجيز أنه يحنث.
وجزم في المنتخب أنه يحنث بالحوالة.
وذكر المصنف وغيره في باب الضمان أن الحوالة كالقضاء.
وقال في المحرر والفروع وغيرهما لو سلم على جماعة وهو فيهم ولم يعلم وقلنا يحنث كالناسي فهل يحنث هنا على روايتين أصحهما لا يحنث.
وإن علم به فلم ينوه ولم يستثنه بقلبه فروايتان أصحهما يحنث وإن قصده حنث.
وفي الترغيب وجه لا يحنث.
قال في الفروع وذكر جماعة مثلها الدخول على فلان.
وقال ابن منجا في شرحه وإن علم به ونوى السلام على الجميع أو كلامهم حنث رواية واحدة وإن نوى السلام على غيره أو كلام غيره لم يحنث رواية واحدة وإن أطلق فروايتان.
115

فوائد.
الأولى لو حلف على من يمتنع بيمينه وقصد منعه كالزوجة والولد ونحوهما ففعله ناسيا أو جاهلا ففيه الروايات المتقدمة قاله في المحرر والرعايتين والحاوي وجزم به في الكافي وغيره وهو الصحيح.
وقدمه في الفروع.
وجزم في الوجيز أنه يحنث في الطلاق والعتاق دون غيرهما وهو ماش على المذهب في الناسي والجاهل.
وقيل يحنث هنا وإن لم يحنث هناك.
واختار في الترغيب إن قصد أن لا يخالفه لم يحنث الناسي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حلف على غيره ليفعلنه فخالفه لم يحنث إن قصد إكرامه لا إلزامه به لأنه كالأمر ولا يجب لأمره عليه أفضل الصلاة والسلام أبا بكر رضي الله عنه بوقوفه في الصف ولم يقف ولأن أبا بكر أقسم ليخبرنه بالصواب والخطأ لما فسر الرؤيا فقال لا تقسم لأنه علم أنه لم يقصد الإقسام عليه مع المصلحة المقتضية للكتم.
وقال أيضا إن لم يعلم المحلوف عليه بيمينه فكالناسي.
قال في الفروع وعدم حنثه هنا أظهر انتهى.
وأما إن قصد بمنعهم أن لا يخالفوه وفعلوه كرها لم يحنث قاله في الرعايتين والحاوي وغيرهم.
الثانية قال في الكافي والوجيز وغيرهما وإن كان الحلف على من لا يمتنع بيمينه كالسلطان والحاج استوى العمد والسهو والإكراه وغيره وقاله في الوجيز والرعاية الكبرى في السلطان.
الثالثة لو فعله في حال جنونه لم يحنث كالنائم على الصحيح من المذهب وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
116

وقيل حكمه حكم الناسي.
الرابعة لو حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها لم يحنث على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال اختاره الأكثر.
وعنه يحنث وقيل هو كالناسي.
قال في المحرر ويتخرج أن لا يحنث إلا في الطلاق والعتاق.
ويأتي معنى ذلك في باب جامع الأيمان.
الخامسة لو حلف لا تأخذ حقك مني فأكره على دفعه إليه أو أخذه منه قهرا حنث جزم به المصنف وغيره لأن المحلوف عليه فعل الأخذ مختارا وإن أكره صاحب الحق على أخذه تخرج على الخلاف إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها خرجه الأصحاب على ذلك.
قوله (وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث).
هذا المذهب ما لم يكن له نية أو سبب أو قرينة.
قال الشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم واختاره أبو الخطاب وغيره قاله المصنف.
وعنه يحنث إلا أن ينوي جميعه.
اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البناء وابن عقيل في التذكرة وغيرهم.
قال في الخلاصة حنث على الأصح.
وأطلقهما في المغني والرعايتين والحاوي الصغير.
117

قوله (وإن حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو دخل طاق الباب أو لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه خرج على الروايتين).
وكذا لو حلف لا يبيع عبده ولا يهبه فباع نصفه ووهب نصفه وجزم به الشارح وصاحب الفروع وغيرهما وقاله المجد وغيره في غير مسألة الدار.
قال الزركشي ومن صور المسألة عند الأكثرين القاضي وغيره لو حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده وفيها روايتان منصوصتان.
فالقاضي والأكثرون على التحنيث كمسألة الغزل وأبو بكر وأبو الخطاب اختارا عدم التحنيث.
واختار أبو بكر في مسألة الغزل وغيرها الحنث كالجماعة.
وأطلق في المحرر في مسألة الدار الروايتين.
فائدة لو حلف لا ألبس من غزلها ولم يقل ثوبا فلبس ثوبا فيه منه أو لا آكل طعاما اشترته فأكل طعاما شوركت في شرائه فقيل هو على الخلاف اختاره القاضي وأبو الخطاب.
وقيل يحنث هنا قولا واحدا وهو الصحيح.
قدمه في الفروع واختاره المجد في محرره والمصنف وجزم به في المغني.
قوله (وإن حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه زيد فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشترياه أو أكل من طعام طبخاه فعلى روايتين).
وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا.
118

إحداهما يحنث وهو الصحيح من المذهب اختاره أبو بكر وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
وتقدم اختيار المجد في المشاركة في الشراء.
واختاره المصنف أيضا واختاره القاضي والشريف وأبو الخطاب وابن البنا وغيرهم في الجميع.
والثانية لا يحنث وبعض الأصحاب قال يحنث قولا واحدا ولم يحك فيها خلافا كما حكى في المسائل المتقدمة منهم القاضي والشريف وأبو الخطاب وابن البنا وغيرهم.
قوله (وإن اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه فأكل أكثر مما اشتراه شريكه حنث وإن أكل مثله فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع ذكره في أواخر جامع الأيمان.
أحدهما لا يحنث وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والثاني يحنث.
تنبيه مفهوم كلامه أنه لو أكل أقل منه أنه لا يحنث وهو صحيح وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحنث وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح.
فائدتان
إحداهما لو اشتراه لغيره أو باعه حنث بأكله منه على الصحيح من المذهب وفيه احتمال.
الثانية الشركة والتولية والسلم والصلح على مال شراء.
119

باب التأويل في الحلف
تنبيه شمل قوله وإن لم يكن ظالما فله تأويله.
أنه لو لم يكن ظالما ولا مظلوما ينفعه تأويله وهو صحيح وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وغيرهما وهو ظاهر كلام المجد وغيره.
وقيل لا ينفعه تأويله والحالة هذه حكاه الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله المنع من اليمين به.
ويأتي ما يشبه هذا قريبا في التعريض.
فوائد.
الأولى قوله وإن لم يكن ظالما فله تأويله فعلى هذا ينوي باللباس الليل وبالفراش والبساط الأرض وبالأوتاد الجبال وبالسقف والبناء السماء وبالأخوة أخوة الإسلام وما ذكرت فلانا أي ما قطعت ذكره وما رأيته أي ما ضربت رئته وبنسائي طوالق أي نساؤه الأقارب منه وبجواري أحرار سفنه وبما كاتبت فلانا مكاتبة الرقيق وبما عرفته جعلته عريفا ولا أعلمته أو أعلم السفه ولا سألته حاجة وهي الشجرة الصغيرة ولا أكلت له دجاجة وهي الكبة من الغزل ولا فروجة وهي الدراعة ولا في بيتي فراش وهي الصغار من الإبل ولا حصير وهو الحبس ولا بارية وهي السكين التي يبرى بها ويقول والله ما أكلت من هذا شيئا ويعني به الباقي وكذا ما أخذت منه شيئا.
قال المصنف والشارح فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه إذا عناه بيمينه فهو تأويل لأنه خلاف الظاهر.
ويأتي آخر الباب زيادات على هذا.
الثانية يجوز التعريض في المخاطبة لغير ظالم بلا حاجة على الصحيح من المذهب اختاره أكثر الأصحاب.
120

وقيل لا يجوز ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله واختاره لأنه تدليس كتدليس البيع وكره الإمام أحمد رحمه الله التدليس وقال لا يعجبني.
والمنصوص لا يجوز التعريض مع اليمين ويقبل في الحكم مع قرب الاحتمال من الظاهر ولا يقبل مع بعده ومع توسطه روايتان وأطلقهما في المحرر والنظم والزركشي والحاوي الصغير والفروع.
وأطلق الروايتين في المذهب والمستوعب يعني سواء قرب الاحتمال أو توسط.
إحداهما يقبل وجزم به أبو محمد الجوزي وقدمه في الرعايتين في أول باب جامع الأيمان والزبدة وصححه في تصحيح المحرر.
والثانية لا يقبل.
الثالثة قوله فإذا أكل تمرا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحد إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه.
قاله كثير من الأصحاب وقدمه في الرعايتين وقال وقيل إن نواه وإلا حنث.
واعلم أن غالب هذا الباب مبني على التخلص مما حلف عليه بالحيل.
والمذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن الحيل لا يجوز فعلها ولا يبر بها.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على مسائل.
من ذلك أنه إذا حلف ليطأنها في نهار رمضان ثم سافر ووطئها فنصه لا يعجبني ذلك لأنه حيلة.
وقال أيضا من احتال بحيلة فهو حانث.
ونقل عنه الميموني نحن لا نرى الحيلة إلا بما يجوز.
121

فقال له إنهم يقولون لمن قال لامرأته وهي على درجة سلم إن صعدت أو نزلت فأنت طالق فقالوا تحمل عنه أو تنتقل عنه إلى سلم آخر.
فقال ليس هذا حيلة هذا هو الحنث بعينه.
وقالوا إذا حلف لا يطأ بساطا فوطئ على اثنين وإذا حلف لا يدخل دارا فحمل وأدخل إليها طائعا.
قال ابن حامد وغيره جملة مذهبه أنه لا يجوز التحيل في اليمين وأنه لا يخرج منها إلا بما ورد به سمع كنسيان وإكراه واستثناء قاله في الترغيب.
وقال قال أصحابنا لا يجوز التحيل لإسقاط حكم اليمين ولا يسقط بذلك.
ونقل المروذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له وقالت عائشة لعن الله صاحب المرق لقد احتال حتى أكل.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيمن حلف بالطلاق الثلاث ليطأنها اليوم فإذا هي حائض أو ليسقين ابنه خمرا لا يفعل وتطلق فهذه نصوصه وقول أصحابه.
وقد ذكر أبو الخطاب وجماعة كثيرة من الأصحاب جواز ذلك.
وذكروا من ذلك مسائل كثيرة مذكورة في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وعيون المسائل وغيرهم.
وأعظمهم في ذلك صاحب المستوعب والرعايتين فيهما وذكر المصنف هنا بعضها.
قلت الذي نقطع به أن ذلك ليس بمذهب للإمام أحمد رحمه الله مع هذه النصوص المصرحة بالحنث ولم يرد عنه ما يخالفها ولكن ذكر ذلك بعض الأصحاب.
فنحن نذكر شيئا من ذلك حتى لا يخلو كتابنا منه في آخر الباب تبعا للمصنف.
122

فمن ذلك ما قاله المصنف هنا وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا يدخله بارية فإنه يدخله قصبا فينسجه فيه.
قاله جماعة وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال وقيل إن أدخل بيته قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده وحلفه والقصب فيه فوجهان.
قوله (وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه ولا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا).
قاله جماعة وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يحنث للتعيين.
وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا ولتصعد السفلى فتنحل يمينه.
وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل إلى سلم آخر.
قوله (وإن حلف لا أقمت في هذا الماء ولا خرجت منه فإن كان جاريا لم يحنث إذا نوى ذلك الماء بعينه).
قدمه الشارح وقال هذا الذي ذكره القاضي في المجرد.
وقال في الفروع في باب جامع الأيمان حنث بقصد أو سبب انتهى.
وقال في الرعايتين إن كان في ماء جار ولا نية له لم تطلق.
وقيل إن نوى الماء بعينه وإلا حنث كما لو قصد خروجها من النهر أو أفادت قرينة.
123

قال القاضي في كتاب آخر قياس المذهب أنه يحنث إلا أن ينوي عين الماء الذي هي فيه لأن إطلاق يمينه تقتضي خروجها من النهر أو إقامتها فيه.
قوله (وإن كان واقفا حمل منه مكرها).
هذا قول أبي الخطاب وجماعة كثيرة.
والصحيح من المذهب أنه يحنث لأنه حيلة كما تقدم وقدمه في الفروع.
قوله (وإن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة وكانت له عنده وديعة فإنه يعني بما الذي ويبر في يمينه).
ويبر أيضا إذا نوى غير الوديعة واستثنى بقلبه فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها ويكفر على الصحيح من المذهب والروايتين ذكرهما بن الزاغوني وعزاهما الحارثي إلى فتاوى أبي الخطاب.
قال في الفروع ولم أرهما فيها.
وذكر القاضي أنه يجوز جحدها بخلاف اللقطة.
فائدة لو لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب.
وعند بن عقيل لا يسقط ضمانه كخوفه من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه.
وفي فتاوى بن الزاغوني إن أبى اليمين بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر انتهى.
فائدة قوله وإن حلف له ما فلان ها هنا.
وعنى موضعا معينا بر في يمينه.
وقد فعل هذا المروذي عند الإمام أحمد رحمه الله فلم ينكر عليه بل تبسم.
تنبيه قوله وإن حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعة لم يحنث إلا أن ينوي.
قال في الفروع حنث بقصد أو سبب.
124

فوائد.
مما ذكر ها هنا بعض المتأخرين زيادة على ما تقدم لو كان في فمها رطبة فقال إن أكلتيها أو ألقيتيها أو أمسكتيها فأنت طالق فإنها تأكل بعضها وترمي الباقي ولا تطلق في إحدى الروايتين بناء على من حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه على ما تقدم.
وإن حلف لتصدقن هل سرقت مني أم لا وكانت قد سرقت فقالت سرقت منك ما سرقت منك لم تطلق.
فإن قال إن قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت أنت طالق بكسر التاء فقال مثلها وعلقه بشرط يتعذر لم تطلق قاله في المستوعب والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وتقدم حكم ذلك إذا كسر التاء أو فتحها أو ما أشبه ذلك في أول باب صريح الطلاق وكناياته مستوفى فليعاود ذلك.
وإن قال لها أنت طالق إن سألتيني الخلع ولم أخلعك عقب سؤالك فقالت عبدي حر إن لم أسألك الخلع اليوم.
فخلاصها أن تسأله الخلع في اليوم فيقول الزوج قد خلعتك على ما بذلت إن فعلت اليوم كذا فتقول الزوجة قد قبلت ولا تفعل هي ما علق خلعها على فعله فقد بر في يمينه.
وإن اشترى خمارين وله ثلاث نسوة فحلف لتختمرن كل واحدة عشرين يوما من الشهر اختمرت الكبرى والوسطى عشرة أيام وأخذته الصغرى من الكبرى إلى آخر الشهر واختمرت الكبرى بخمار الوسطى بعد العشرين إلى آخر الشهر وكذا ركوبهن لبغلين ثلاثة فراسخ.
فإن حلف ليقسمن بينهن ثلاثين قارورة عشرة مملوءة وعشرة فارغة وعشرة منصفة قلب كل منصفة في أخرى فلكل واحدة خمسة مملوءة وخمسة فارغة.
125

فإن كان له ثلاثون نعجة عشر نتجت كل واحدة ثلاث سخلات وعشر نتجت كل واحدة سخلتين وعشر نتجت كل واحدة سخلة ثم حلف بالطلاق ليقسمنها بينهن لكل واحدة ثلاثون رأسا من غير أن يفرق بين شيء من السخال وأمهاتهن فإنه يعطي إحداهن العشر التي نتجت كل واحدة سخلتين ويقسم بين الزوجتين ما بقي بالسوية لكل واحدة خمس مما نتاجها ثلاث وخمس مما نتاجها واحدة.
وإن حلف لا شربت هذا الماء ولا أرقتيه ولا تركتيه في الإناء ولا فعل ذلك غيرك فإذا طرحت في الإناء ثوبا فشرب الماء ثم جففته بالشمس لم يحنث.
وإن حلف لتقسمن هذا الدهن نصفين ولا تستعير كيلا ولا ميزانا وهو ثمانية أرطال في ظرف ومعه آخر يسع خمسة وآخر يسع ثلاثة أخذ بظرف الثلاثة مرتين وألقاه في ظرف الخمسة وترك الخمسة في ظرف الثمانية وما بقي في الثلاثي يضعه في الخماسي ثم ملأ الثلاثي من الثماني وألقاه في الخماسي فيصير فيه أربعة وفي الثماني أربعة.
وإن ورد الشط أربعة فأكثر معهم نساؤهم والسفينة لا تسع غير اثنين فحلف كل واحد لا ركبت زوجته مع رجل فأكثر إلا وأنا معها فإنه يعبر رجل وامرأته ثم يصعد زوجها وتعود هي فتعبر أخرى وتصعد الأولى إلى زوجها وتعود الثانية فتعبر بزوجها فيصعد وتعود امرأته فتعبر الثالثة وتصعد هي إلى زوجها وتعود الثالثة فيعبر زوجها فيصعد هو وتعود هي فتعبر الرابعة وتصعد الثالثة إلى زوجها وتعود الرابعة فيعبر زوجها فيصعدان معا.
وعلى هذه الطريقة يتخلصون ولو كانوا ألفا.
وإن كانوا ثلاثة فحلف كل واحد لا قربت جانب النهر وفيه رجل إلا وأنا معك فتعبر امرأتان فتصعد إحداهما وترجع الأخرى فتأخذ الثالثة وترجع
126

إلى زوجها وينزل زوجا المرأتين فيصعدان إليهما وينزل رجل وامرأته فيعبران فتصعد امرأته وينزل الرجل مع الرجل فيعبران وتنزل المرأة الثالثة فتعبر بالمرأتين واحدة واحدة فيصعدن الثلاث إلى أزواجهن.
قال في الهداية ولا تتصور هذه الطريقة في أكثر من ثلاثة.
فإن قال فإن ولدت ولدين ذكرين أو أنثيين أو حيين أو ميتين فأنت طالق فولدت اثنين فلم تطلق فقد ولدت ذكرا وأنثى حيا وميتا.
وإن حلف لا يقر على سارق وسئل عن قوم فقال لا وسئل عن خصمه فسكت وعلم به لم يحنث قدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي.
وقيل يحنث إن سأله الوالي عن قوم هو فيهم فبرأهم وسكت يريد التنبيه عليه إلا أن يريد حقيقة النطق والغمز.
فإن حلف على زوجته في شعبان بالثلاث أن يجامعها في نهار شهرين متتابعين فدخل رمضان فالحيلة أن يسافر بها.
قدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
واختاره المصنف والعلامة بن القيم في أعلام الموقعين.
فإن حاضت وطئ وكفر بدينار أو نصف دينار على ما تقدم في باب الحيض.
وتقدم نص الإمام أحمد رحمه الله في ذلك أنه لا يفعل ويطلق وهو الصواب.
فإن حلف بالطلاق أني أحب الفتنة وأكره الحق وأشهد بما لم تره عيني ولا أخاف من الله ولا من رسوله وأنا عدل مؤمن مع ذلك لم يقع الطلاق فهذا رجل يحب المال والولد قال الله تعالى 64 15 * (أنما أموالكم وأولادكم فتنة) * ويكره الموت وهو حق ويشهد بالبعث والحساب ولا يخاف من الله ولا من رسوله الظلم والجور.
127

وإن حلف أن امرأته بعثت إليه فقالت قد حرمت عليك وتزوجت بغيرك وأوجبت عليك أن تنفذ إلي بنفقتي ونفقة زوجي وتكون على الحق في جميع ذلك.
فهذه امرأة زوجها أبوها من مملوكه ثم بعث المملوك في تجارة ومات الأب فإن البنت ترثه وينفسخ نكاح العبد وتقضي العدة وتتزوج برجل فتنفذ إليه ابعث لي من المال الذي معك فهو لي.
وتقدم ذلك في أواخر باب المحرمات في النكاح.
فإن كان له زوجتان إحداهما في الغرفة والأخرى في الدار فصعد في الدرجة فقالت كل واحدة إلي فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إليك ولا أقمت مقامي ساعتي فإن التي في الدار تصعد والتي في الغرفة تنزل وله أن يصعد وينزل إلى أيهما شاء.
وتقدم ذلك في كلام المصنف.
فإن حلف على زوجته لا لبست هذا القميص ولا وطئتك إلا فيه فلبسه ووطئها لم يحنث.
وإن حلف ليجامعنها على رأس رمح فنقب السقف فانفرج منه رأس الرمح يسيرا وجامعها عليه بر.
وإن حلف لتخبرنه بشيء رأسه في عذاب وأسفله في شراب ووسطه في طعام وحوله سلاسل وأغلال وحبسه في بيت صغر فهو فتيلة القنديل.
وإن حلف أنه يطأ في يوم ولا يغتسل فيه مع قدرته على استعمال الماء ولا تفوته صلاة جماعة مع الإمام فإنه يصلي معه الفجر والظهر والعصر ويطأ بعدها ويغتسل بعد غروب الشمس ويصلي معه.
فإن حلف في يوم إن الله فرض عليه خمسة عشر ركعة وصدق فهو يوم الجمعة.
128

وإن قال تسعة عشر فهو يوم عيد إن وجبت صلاته.
وإن حلف أنه باع تمرا كل رطل بنصف درهم وتبنا كل رطل بدرهمين وزبيبا كل رطل بثلاثة فبلغ الثمن عشرين درهما والوزن عشرون رطلا وبر فالتمر أربعة عشر رطلا والتين خمسة والزبيب رطل.
فإن حلف أني رأيت رجلا يصلي إماما بنفسين وهو صائم ثم التفت عن يمينه فنظر إلى قوم يتحدثون فحرمت عليه امرأته وبطل صومه وصلاته ووجب جلد المأمومين ونقض المسجد وهو صادق.
فهذا رجل تزوج بامرأة قد غاب عنها زوجها وشهد المأمومان بوفاته وأنه وصى بداره أن تجعل مسجدا وكان على طهارة صائما فالتفت فرأى زوج المرأة قد قدم والناس يقولون قد خرج يوم الصوم ودخل يوم العيد وهو لم يعلم بأن هلال شوال قد رئي ورئي على ثوبه نجاسة أو كان متيمما فرأى الماء بقربه فإن المرأة تحرم بقدوم الزوج وصومه يبطل برؤية هلال شوال وصلاته تبطل برؤية الماء والنجاسة ويجلد الرجلان لكونهما قد شهدا بالزور ويجب نقض المسجد لأن الوصية ما صحت والدار لمالكها.
فإن حلف على زوجته لا أبصرتك إلا وأنت لابسة عارية حافية راجلة راكبة فأبصرها ولم تطلق فإنها تجيئه بالليل عريانة حافية راكبة في سفينة فإن الله تعالى قال 78 10 * (وجعلنا الليل لباسا) * وقال * (اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها) *.
فإن حلف أنه رأى ثلاثة إخوة لأبوين أحدهم عبد والآخر مولى والآخر عربي وبر فإن رجلا تزوج أمة فأتت بابن فهو عبد ثم كوتبت فأدت وهي حامل بابن فتبعها في العتق فهو مولى ثم ولدت بعد الأداء ابنا فهو عربي.
وإن حلف أن خمسة زنوا بامرأة لزم الأول القتل والثاني الرجم والثالث الجلد والرابع نصف الجلد ولم يلزم الخامس شيء وبر في يمينه فالأول ذمي والثاني محصن والثالث بكر والرابع عبد والخامس حربي.
129

فوائد.
في المخارج من مضايق الأيمان وما يجوز استعماله حال عقد اليمين وما يتخلص به من المأثم والحنث.
إذا أراد تخويف زوجته بالطلاق إن خرجت من دارها فقال لها أنت طالق ثلاثا إن خرجت من الدار إلا بإذني ونوى بقلبه طالق من وثاق أو من العمل الفلاني كالخياطة والغزل أو التطريز ونوى بقوله ثلاثا ثلاثة أيام فله نيته.
فإن خرجت لم تطلق فيما بينه وبين الله تعالى رواية واحدة ولا في الحكم على إحدى الروايتين.
وأطلقهما في المستوعب والحاوي والرعايتين.
قلت الصواب وقوع الطلاق لأن هذا احتمال بعيد.
وكذلك الحكم إذا نوى بقوله طالق الطالق من الإبل وهي الناقة التي يطلقها الراعي وحدها أول الإبل إلى المرعى ويحبس لبنها ولا يحلبها إلا عند الورود أو نوى بالطالق الناقة التي يحل عقالها.
وكذا إن نوى إن خرجت ذلك اليوم أو إن خرجت وعليها ثياب خز أو إبريسم أو غير ذلك وإن خرجت عريانة أو راكبة بغلا أو حمارا أو إن خرجت ليلا أو نهارا فله نيته.
ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها لم يحنث.
وكذا الحكم إذا قال أنت طالق إن لبست ونوى ثوبا دون ثوب فله نيته.
وكذا الحكم إن كانت يمينه بعتاق.
وكذا إن وضع يده على ضفيرة شعرها وقال أنت طالق ونوى مخاطبة الضفيرة أو وضع يده على شعر عبده وقال أنت حر ونوى مخاطبة الشعر.
130

أو إن خرجت من الدار أو إن سرقت مني أو إن خنتيني في مال أو إن أفشيت سري أو غير ذلك مما يريد منعها منه فله نيته.
وكذا إن أراد ظالم أن يحلفه بطلاق أو عتاق أن لا يفعل ما يجوز له فعله أو أن يفعل ما لا يجوز له فعله أو أنه لم يفعل كذا لشيء لا يلزمه الإقرار به فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا لم يحنث.
وكذا إن قال له قل زوجتي أو كل زوجة لي طالق إن فعلت كذا أو إن كنت فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فقال ونوى زوجته العمياء أو اليهودية أو كل زوجة له عمياء أو يهودية أو نصرانية أو عوراء أو خرساء أو حبشية أو رومية أو مكية أو مدنية أو خراسانية أو نوى كل امرأة تزوجتها بالصين أو بالبصرة أو بغيرها من المواضع فمتى لم يكن له زوجة على الصفة التي نواها وكان له زوجات على غيرها من الصفات لم يحنث.
وكذا حكم العتاق.
وكذلك إن قال نساؤه طوالق ونوى بنسائه بناته أو عماته أو خالاته للآية على ما تقدم أول الباب.
وكذا إن قال إن كنت فعلت كذا ونوى إن كنت فعلته بالصين ونحوه من الأماكن التي لم يفعله فيها لم يحنث.
فإن أحلفه مع الطلاق بصدقة جميع ما يملك فحلف ونوى جنسا من الأموال ليس في ملكه منه شيء لم يحنث.
وكذا إن أحلفه بالمشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة فقال عليه المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة ونوى بقوله بيت الله مسجد الجامع وبقوله الحرام الذي بمكة المحرم الذي بمكة لحج أو عمرة ثم وصله بقوله يلزمه تمام حجة وعمرة فله نيته ولا يلزمه شيء.
فإن ابتدأ إحلافه بالله تعالى فقال له قل والله فالحيلة أن يقول هو
131

الله الذي لا إله إلا هو ويدغم الهاء في الواو حتى لا يفهم محلفه ذلك.
فإن قال له المحلف أنا أحلفك بما أريد وقل أنت نعم كلما ذكرت أنا فصلا ووقفت فقل أنت نعم وكتب له نسخة اليمين بالطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام وصدقه جميع ما يملكه فالحيلة أن ينوي بقوله نعم بهيمة الأنعام ولا يحنث.
فإن قال له اليمين التي أحلفك بها لازمة لك قل نعم أو قال له قل اليمين التي تحلفني بها لازمة لي فقال ونوى باليمين يده فله نيته.
وكذا إن قال له أيمان البيعة لازمة لك أو قال له قل أيمان البيعة لازمة لي فقال ونوى بالأيمان الأيدي التي تنبسط عند أخذ الأيدي ويصفق بعضها على بعض فله نيته.
وكذا إن قال له واليمين يميني والنية نيتك فقال ونوى بيمينه يده وبالنية البضعة من اللحم فله نيته.
فإن قال له قل إن كنت فعلت كذا فامرأتي علي كظهر أمي.
فالحيلة أن ينوي بالظهر ما يركب من الخيل والبغال والحمير والإبل فإذا نوى ذلك لم يلزمه شيء ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل وقال هذا من الحيل المباحة.
قال وكذلك إن قال له قل فأنا مظاهر من زوجتي فالحيلة أن ينوي بقوله مظاهر مفاعل من ظهر الإنسان كأنه يقول ظاهرتها فنظرت أينا أشد ظهرا قال والمظاهر أيضا الذي قد لبس حريرة بين درعين وثوبا بين ثوبين فأي ذلك نوى فله نيته.
فإن قال له قل وإلا فقعيدة بيتي التي يجوز عليها أمري طالق أو هي حرام فقال ونوى بالقعيدة نسيجة تنسج كهيئة العبية فله نيته.
132

فإن قال قل وإلا فمالي على المساكين صدقة فالحيلة أن ينوي بقوله ماله على المساكين من دين ولا دين عليهم فلا يلزمه شيء.
فإن قال قل وإلا فكل مملوك لي حر فالحيلة أن ينوي بالمملوك الدقيق الملتوت بالزيت والسمن.
فإن قال قل فكل عبد لي حر فالحيلة أن ينوي بالحر غير ضد العبد وذلك أشياء فالحر اسم للحية الذكر والحر أيضا الفعل الجميل والحر أيضا من الرمل الذي ما وطئ.
فإن قال قل وإلا فكل جارية لي حرة فالحيلة أن ينوي بالجارية السفينة والجارية أيضا العادة التي جرت فأي ذلك نوى فله نيته.
وكذلك إن نوى بالحرة الأذن فإنها تسمى حرة والحرة أيضا السحابة الكثيرة المطر والحرة أيضا الكريمة من النوق فأي ذلك نوى فله نيته.
وكذلك إن قال قل وإلا فعبيدي أحرار فقال ونوى بالأحرار البقل فله نيته.
وكذلك إن قال له قل وإلا فجواري حرائر فقال ونوى بالحرائر الأيام فله نيته لأن الأيام تسمى حرائر.
وكذلك إن قال قل كل شيء في ملكي صدقة فقال ونوى بالملك محجة الطريق فله نيته.
وكذا إن قال قل جميع ما أملكه من عقار ودار وضيعة فهو وقف على المساكين فقال ونوى بالوقف السوار من العاج فله نية.
وكذا إن قال قل وإلا فعلي الحج فقال ونوى بالحج أخذ الطبيب ما حول الشجة من الشعر فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فأنا محرم بحجة وعمرة فقال ونوى بالحجة القصة
133

من الشعر الذي حول الشجة ونوى بالعمرة أن يبني الرجل بامرأة في بيت أهلها فله نيته لأن ذلك يسمى معتمرا.
وكذا إن قال قل وإلا فعلى حجة بكسر الحاء ونوى بها شحمة الأذن فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فلا قبل الله منه صوما ولا صلاة فقال ونوى بالصوم ذرق النعام أو النوع من الشجر ونوى بالصلاة بيتا لأهل الكتاب يصلون فيه فله نيته.
وكذا إن قال قل وإلا فما صليت لليهود والنصارى فقال ونوى بقوله صليت أي أخذت بصلي الفرس وهو ما اتصل بخاصرته إلى فخذيه أو نوى بصليت أي شويت شيئا في النار فله نيته.
قلت أو ينوي ب ما النافية.
وكذا إن قال قل وإلا فأنا كافر بكذا وكذا فقال ونوى بالكافر المستتر المتغطي أو الساتر المغطى فله نيته.
134

فوائد.
في الأيمان التي يستحلف بها النساء أزواجهن.
إذا استحلفته زوجته أن لا يتزوج عليها فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا أولا فله نيته.
فإن أرادت إحلافه بطلاق كل امرأة يتزوجها عليها أو إن تزوج عليها فلانة فهي طالق وقلنا يصح على رواية تقدمت.
أو أرادت إحلافه بعتق كل جارية يشتريها عليها وقلنا يصح على رأي.
فإذا قال كل امرأة أتزوجها عليك وكل جارية أشتريها ونوى جنسا من الأجناس أو من بلد بعينه أو نوى أن يكون صداقها أو ثمن الجارية نوعا من أنواع المال بعينه فمتى تزوج أو اشترى بغير الصفة التي نواها لم يحنث.
وكذا إن نوى كل زوجة أتزوجها عليك أي على طلاقك أو نوى بقوله عليك أي على رقبتك أي تكون رقبتك صداقا لها فله نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقبل في الحكم لأنه خلاف الظاهر.
ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل.
فإن أحلفته بطلاق كل امرأة يطؤها غيرها ولم يكن تزوج غيرها فأي امرأة تزوجها بعد ذلك ووطئها لا تطلق.
وكذلك إن قال كل جارية أطؤها حرة ولم يكن في ملكه جارية ثم اشترى جارية ووطئها فإنها لا تعتق سواء قلنا يصح تعليق العتاق والطلاق قبل الملك أو لا يصح لأن هذه يمين في غير ملك ولا مضافة إلى ملك فلا تنعقد لأنه لم يقل كل امرأة أتزوجها فأطؤها أو كل جارية أشتريها فأطؤها.
قال في المستوعب وغيره وقد ذكرنا أنه لا يختلف المذهب أنه إذا قال لأجنبية إن دخلت داري فأنت طالق ثم تزوجها ودخلت داره أنها لا تطلق.
وكذا إن قال لأمة غيره إن ضربتك فأنت حرة ثم اشتراها وضربها فإنها لا تعتق.
135

فأما إن كان له وقت اليمين زوجات أو جوار وقالت له قل كل امرأة أطؤها غيرك طالق أو حرة وقال ذلك من غير نية فأي زوجة وطئ غيرها منهن طلقت وأي جارية وطئها منهن عتقت.
فإن نوى بقوله كل جارية أطؤها وكل امرأة أطؤها غيرك برجلي يعني يطؤها برجله فله نيته ولا يحنث بجماع غيرها زوجة كانت أو سرية.
فإن أرادت امرأته الإشهاد عليه بهذه اليمين التي يحلف بها في جواريه وخاف أن يرفع إلى الحاكم فلا يصدقه فيما نواه.
فالحيلة أن يبيع جواريه ممن يثق به ويشهد على بيعهن شهودا عدولا من حيث لا تعلم الزوجة ثم بعد ذلك يحلف بعتق كل جارية يطؤها منهن فيحلف وليس في ملكه شيء منهن ويشهد على وقت اليمين شهود البيع ليشهدوا له بالحالين جميعا.
فإن أشهد غيرهم وأرخ الوقتين وبينهما من الفصل ما يتميز كل وقت منهما عن الآخر كفاه ذلك ثم بعد اليمين يقايل مشتري الجواري أو يعود ويشتريهن منه ويطؤهن ولا يحنث.
فإن رافعته إلى الحاكم وأقامت البينة باليمين بوطئهن أقام هو البينة أنه لم يكن وقت اليمين في ملكه شيء منهن.
فإن قالت له قل كل جارية أشتريها فأطؤها فهي حرة فليقل ذلك وينوي به الاستفهام ولا ينوي به الحلف فلا يحنث ذكر ذلك صاحب المستوعب ومن تابعه.
قلت وهذا كله صحيح متفق عليه إذا كان الحالف مظلوما على ما تقدم.
وقال في المستوعب وجدت بخط شيخنا أبي حكيم قال حكى أن رجلا سأل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عن رجل حلف أن لا يفطر في رمضان فقال له اذهب إلى بشر بن الوليد فاسأله ثم ائتني فأخبرني فذهب فسأله.
136

فقال له بشر إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر فإذا كان السحر فكل واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم هلموا إلى الغداء المبارك فاستحسنه الإمام أحمد رحمه الله انتهى.
وفيما ذكرناه من هذه المسألة كفاية والله أعلم بالصواب.
137

باب الشك في الطلاق
فوائد.
إحداها قوله إذا شك هل طلق أم لا لم تطلق.
بلا نزاع لكن قال المصنف ومن تابعه الورع التزام الطلاق.
فإن كان المشكوك فيه رجعيا راجع امرأته إن كانت مدخولا بها وإلا جدد نكاحها إن كانت غير مدخول بها أو قد انقضت عدتها.
وإن شك في طلاق ثلاث طلقها واحدة وتركها حتى تنقضي عدتها فيجوز لغيره نكاحها.
وأما إذا لم يطلقها فيقين نكاحه باق فلا تحل لغيره انتهى.
الثانية لو شك في شرط الطلاق لم يلزمه مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمه مع شرط عدمي نحو لقد فعلت كذا أو إن لم أفعله اليوم فمضى وشك في فعله.
وأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حلف ليفعلن شيئا ثم نسيه أنه لا يحنث لأنه عاجز عن البر.
الثالثة لو أوقع بزوجته كلمة وجهلها وشك هل هي طلاق أو ظهار فقيل يقرع بينهما.
قال في الفنون لأن القرعة تخرج المطلقة فيخرج أحد اللفظين.
وقيل لغو قدمه في الفنون كمني وجد في ثوب لا يدرى من أيهما هو وأطلقهما في الفروع.
قال في الفروع ويتوجه مثله من حلف يمينا ثم جهلها.
138

يؤيد أنه لغو قول الإمام أحمد رحمه الله لما سأله رجل حلف بيمين لا أدري أي شيء هي قال ليت أنك إذا دريت دريت أنا.
وقدمه في القاعدة الستين بعد المائة فقال والمنصوص لا يلزمه شيء.
قال في رواية بن منصور في رجل حلف بيمين لا يدري ما هي طلاق أو غيره قال لا يجب عليه الطلاق حتى يعلم أو يستيقن.
وتوقف في رواية أخرى.
وفي المسألة قولان آخران.
أحدهما يقرع فما خرج بالقرعة لزمه قال وهو بعيد.
والثاني يلزمه كفارة كل يمين شك فيها وجهلها ذكرهما بن عقيل في الفنون.
وذكر القاضي في بعض تعاليقه أنه استفتى في هذه المسألة فتوقف فيها ثم نظر فإذا قياس المذهب أنه يقرع بين الأيمان كلها الطلاق والعتاق والظهار واليمين بالله تعالى فأي يمين وقعت عليه القرعة فهي المحلوف عليها.
قال ثم وجدت عن الإمام أحمد رحمه الله ما يقتضي أنه لا يلزمه حكم هذه اليمين وذكر رواية بن منصور انتهى.
قلت فالمذهب المنصوص أنه لا يلزمه شيء.
قال في الفروع وحكى عن بن عقيل أنه ذكر رواية أنه يلزمه كفارة يمين ورواية أنه لغو.
يؤيد كفارة اليمين الرواية التي في قوله أنت علي كالميتة والدم ولا نية كما تقدم لأنه لفظ محتمل فثبت اليقين.
قوله (وإن شك في عدد الطلاق بنى على اليقين).
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه الأصحاب خلاف الخرقي قاله الزركشي.
139

قال المصنف والشارح وظاهر قول أصحابنا أنه إذا راجعها حلت له.
قال في القواعد تصح الرجعة عند أكثر أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا لا يحل له وطؤها حتى يتيقن لشكه في حله بعد حرمته فتباح الرجعة ولم يبح الوطء فتجب نفقتها وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي ولضعف هذا القول لم يلتفت إليه القاضي في تعليقه وحمل كلامه على الاستحباب انتهى.
قال في القاعدة الثامنة والستين في تعليل كلام الخرقي لأنه قد تيقن سبب التحريم وهو الطلاق فإنه إن كان ثلاثا فقد حصل به التحريم بدون زوج وإصابة وإن كان واحدة فقد حصل به التحريم بعد البينونة بدون عقد جديد فالرجعة في العدة لا يحصل بها الحل إلا على هذا التقدير فقط فلا يزيل الشك مطلقا فلا يصح لأن تيقن سبب وجود التحريم مع الشك في وجود هذا المانع منه يقوم مقام تحقق وجود الحكم مع الشك ووجود المانع فيستصحب حكم السبب كما يعمل بالحكم ويلغي المانع المشكوك فيه كما يلغي مع تيقن وجود حكمه.
قال وقد استشكل كثير من الأصحاب كلام الخرقي في تعليله بأنه تيقن التحريم وشك في التحليل فظنوا أنه يقول بتحريم الرجعية وليس بلازم لما ذكرنا انتهى.
قوله (وكذلك قال يعني الخرقي فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله).
140

وتابعه على ذلك بن البنا.
وقال أبو الخطاب هي باقية على الحل إذا لم يتحقق أنه أكلها وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
ومحل الخلاف إذا شك هل أكلت أم لا أما أن تحقق أنه أكلها فإنه يحنث وإن تحقق عدم أكلها لم يحنث قولا واحدا فيهما.
فائدة لو علق الطلاق على عدم شيء وشك في وجوده فهل يقع الطلاق على وجهين.
أحدهما لا يقع وهو المذهب عند صاحب المحرر لأن الأصل بقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق.
والثاني يقع.
ونقل مهنا عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
وجزم به بن أبي موسى والشيرازي والسامري ورجحه بن عقيل في فنونه.
قوله (وإن قال لامرأتيه إحداكما طالق ينوي واحدة معينة طلقت وحدها بلا خلاف وإن لم ينو أخرجت المطلقة بالقرعة).
على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية جماعة.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه عامة الأصحاب حتى إن القاضي في تعليقه وأبا محمد وجماعة لا يذكرون خلافا انتهى.
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
141

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الفقهية وهو من مفردات المذهب.
وعنه يعينها الزوج وذكر هذه الرواية بن عقيل في المفردات وغيرها في العتق أيضا وتوقف الإمام أحمد رحمه الله مرة فيها في رواية أبي الحارث.
فوائد.
الأولى لا يجوز له أن يطأ إحداهما قبل القرعة أو التعيين على الرواية الأخرى وليس الوطء تعيني لغيرها على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وقطع به في الفروع وناظم المفردات وغيرهما.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين وأطلقهما في القواعد الأصولية.
وذكر في الترغيب وجها أن العتق كذلك كما ذكره القاضي.
الثانية لا يقع الطلاق بالتعيين بل تبين وقوعه به على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى.
الثالثة لو مات أقرع وارثه بينهما فمن وقعت عليها القرعة بالطلاق فحكمها في الميراث حكم ما لو عينها بالتطليق عنهما قاله الشارح.
قال في الفروع وإن مات أقرع وارثه.
وقال في الرعاية وإن مات فوارثه كهو في ذلك.
وقيل يقف الأمر حتى يصطلحوا.
قال في القاعدة الستين بعد المائة تخرج المطلقة بالقرعة وترث البواقي كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية الجماعة على أن الورثة يقرعون بينهن.
والمصنف يوافق على القرعة بعد الموت وإن لم يقل بها في المنسية.
142

الرابعة إذا ماتت إحداهما ثم مات هو قبل البيان فكذلك قدمه في الرعاية الكبرى.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي.
والإقراع إذا ماتت واحدة من مفردات المذهب.
وقيل هل للورثة البيان مطلقا على وجهين.
وإن صح بيانهم فعينوا الميتة قبل قولهم وإن عينوا الحية حلفوا أنهم لا يعلمون طلاق الميتة.
الخامسة إذا ماتت المرأتان أو إحداهما عين المطلق لأجل الإرث فإن كان نوى المطلقة حلف لورثة الأخرى أنه لم ينوها وورثها أو الحية ولم يرث الميتة.
وإن كان ما نوى إحداهما أقرع على الصحيح أو يعين على الرواية الأخرى.
فإن عين الحية للطلاق صح وحلف لورثة الميتة أنه لم يطلقها وورثها وإن عينها للطلاق لم يرثها وحلف للحية.
وعنه يعتبر لهما ما إذا ماتا حتى يتبين الحال.
السادسة لو قال لزوجتيه أو أمتيه إحداكما طالق أو حرة غدا فماتت إحداهما قبل الغد طلقت وعتقت الباقية على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقيل لا تطلق ولا تعتق إلا بقرعة تصيبها كموتهما.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته في مسألة الزوجتين وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن طلق واحدة بعينها وأنسيها فكذلك عند أصحابنا).
يعني أن المنسية تخرج بالقرعة وهذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
143

قال في القواعد هذا المشهور وهو المذهب.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه عامة الأصحاب الخرقي والقاضي وأصحابه وغيرهم.
وقال المصنف هنا والصحيح أن القرعة لا مدخل لها هنا ويحرمان عليه جميعا كما لو اشتبهت أخته بأجنبية.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها المصنف وإليه ميل الشارح وأطلقهما في الفروع.
فعلى المذهب يحل له وطء الباقي من نسائه على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال في القاعدة السادسة بعد المائة ويحل له وطء البواقي على المذهب الصحيح المشهور.
فعلى اختيار المصنف يجب عليه نفقتهن وكذا على المذهب قبل القرعة.
قوله (وإن تبين أن المطلقة غير التي خرجت عليها القرعة ردت إليه في ظاهر كلامه إلا أن تكون قد تزوجت أو تكون أي القرعة بحكم حاكم).
وهذا المذهب فيهما وعليه جمهور الأصحاب ونص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع.
وقال أبو بكر وابن حامد تطلق المرأتان.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما الزركشي.
وظاهر كلام بن رزين أنها ترد إليه مطلقا فإنه قال إن ذكر المطلق أن المعينة غير التي وقعت عليها القرعة طلقت ورجعت إليه التي وقعت عليها القرعة.
قوله (وإن طار طائر فقال إن كان هذا غرابا ففلانة طالق
144

وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق ولم يعلم حاله فهي كالمنسية).
يعني في الخلاف والمذهب وهو صحيح وقاله الأصحاب.
فائدة لو قال إن كان غرابا فامرأتي طالق وقال آخر إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ولم يعلماه لم تطلقا ويحرم عليهما الوطء إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر في أصح الوجهين فيهما.
نقل بن القاسم فليتقيا الشبهة قاله في الفروع.
قال في القواعد فيها وجهان.
أحدهما يبني كل واحد منهما على يقين نكاحه ولا يحكم عليه بالطلاق لأنه متيقن لحل زوجته شاك في تحريمها وهذا اختيار القاضي وأبي الخطاب وكثير من المتأخرين.
وقال في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد وغيرهم إن اعتقد أحدهما خطأ الآخر فله الوطء وإن شك ولم يدر كف حتما عند القاضي.
وقيل ورعا عند بن عقيل.
وقال في المنتخب إمساكه عن تصرفه في العبيد كوطئه ولا حنث.
واختار أبو الفرج في الإيضاح وابن عقيل والحلواني وابنه في التبصرة والشيخ تقي الدين رحمه الله وقوع الطلاق.
وجزم به في الروضة فيقرع.
وذكره القاضي المنصوص وقال أيضا هو قياس المذهب.
قال في القاعدة الرابعة عشر وذكر بعض الأصحاب احتمالا يقتضي وقوع الطلاق بهما.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وذكره.
145

قال في الفروع ويتوجه مثله في المعتق يعني في المسألة الآتية بعد ذلك.
قوله (وإن قال إن كان غرابا ففلانة طالق وإن كان حماما ففلانة طالق لم تطلق واحدة منهما إذا لم يعلم).
لا أعلم فيه خلافا.
قلت لو قيل إن هذه المسألة تتمشى على كلام الخرقي في مسألة الشك في عدد الطلاق وأكل التمرة لما كان بعيدا.
قوله (وإن قال إن كان غرابا فعبدي حر فقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يعلماه لم يعتق عند واحد منهما).
قال في القواعد فالمشهور أنه لا يعتق واحد من العبدين فدل على خلاف والظاهر أن القول الآخر هو القول بالقرعة.
وقال في القاعدة الرابعة عشر لو كانتا أمتين ففيهما الوجهان.
وقياس المنصوص هنا أن يكف كل واحد عن وطء أمته حتى يتيقن.
قوله (فإن اشترى أحدهما عبد الآخر أقرع بينهما حينئذ).
هذا المذهب اختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح.
قال في القاعدة الأخيرة وهذا أصح وقاله في الرابعة عشر وقدمه في النظم.
وقال القاضي يعتق الذي اشتراه مطلقا.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير ذكراه في باب الولاء والنهاية وإدراك الغاية وغيرهم.
وأطلقهما في المستوعب وغيره.
وقيل يعتق الذي اشتراه إن كانا تكاذبا قبل ذلك.
قال في المحرر وقيل إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا يعتق أحدهما بالقرعة وهو الأصح وتبعه في تجريد العناية وأطلقهما في الفروع.
146

وذكر هذه ونظيرتها في الطلاق في آخر كتاب العتق.
فعلى قول القاضي ولاؤه موقوف حتى يتصادقا على أمر يتفقان عليه.
وعلى المذهب إن وقعت الحرية على المشتري فكذلك وإن وقعت على عبده فولاؤه له.
قال في القواعد ويتوجه أن يقال يقرع بينهما فمن قرع فالولاء له كما تقدم مثل ذلك في الولد الذي يدعيه أبوان وأولى.
فائدة لو كان عبد مشترك بين موسرين فقال أحدهما إن كان غرابا فنصيبي حر وقال الآخر إن لم يكن غرابا فنصيبي حر عتق على أحدهما فيميز بالقرعة والولاء له.
قوله (وإن قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق أو قال سلمى طالق واسم امرأته سلمى طلقت امرأته فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته وإن ادعي ذلك دين وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وهما وجهان مخرجان في المذهب والمستوعب.
إحداهما لا يقبل في الحكم إلا بقرينة وهو المذهب نص عليه.
وجزم به الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رجل تزوج امرأة فقال لحماته ابنتك طالق وقال أردت ابنتك الأخرى التي ليست بزوجتي فلا يقبل منه.
ونقل أبو داود فمن له امرأتان اسمهما واحد ماتت إحداهما فقال فلانة طالق ينوي الميتة فقال الميتة تطلق.
147

كأن الإمام أحمد رحمه الله أراد أنه لا يصدق حكما.
والرواية الثانية يقبل مطلقا وهو تخريج في المحرر وقول في الرعاية الصغرى.
وفي الانتصار خلاف في قوله لها ولرجل إحداهما طالق هل يقع بلا نية.
قوله (وإن نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقتا).
في إحدى الروايتين واختارها بن حامد قاله الشارح.
والأخرى تطلق التي ناداها فقط نقله مهنا وهو المذهب.
قال أبو بكر لا يختلف كلام الإمام أحمد رحمه الله أنها لا تطلق غير المناداة.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع.
قال في القاعدة السادسة والعشرين بعد المائة هذا اختيار الأكثرين أبي بكر وابن حامد والقاضي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال في القواعد ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أحمد بن الحسين أنهما تطلقان جميعا ظاهرا وباطنا.
وزعم صاحب المحرر أن المجيبة إنما تطلق ظاهرا.
قوله (وإن قال علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة طلقتا معا وإن قال أردت طلاق الثانية طلقت وحدها).
بلا خلاف أعلمه.
تنبيه ظاهر قوله (وإن لقي أجنبية فظنها امرأته فقال يا فلانة أنت طالق طلقت امرأته).
148

أنه إذا لم يسمها بل قال أنت طالق أنها لا تطلق وهو أحد الوجهين.
والصحيح من المذهب أنها لا تطلق سواء سماها أو لا.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الفروع.
فائدة لو لقي امرأته فظنها أجنبية عكس مسألة المصنف فقال أنت طالق ففي وقوع الطلاق روايتان.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الفقهية والأصولية وهما أصل هذه المسائل وغيرها وبناهما أبو بكر على أن الصريح هل يحتاج إلى نية أم لا.
قال القاضي إنما هذا على الخلاف في صورة الجهل بأهلية المحل ولا يطرد مع العلم.
إحداهما لا يقع قال ابن عقيل وغيره العمل على أنه لا يقع.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو بكر وهو ظاهر ما قدمه في الشرح والمغني وصححه في تصحيح المحرر.
والرواية الثانية يقع جزم به في تذكرة بن عقيل والمنور.
قال في تذكرة بن عبدوس دين ولم يقبل حكما وكذا حكم العتق على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل لا يقع وهو احتمال في المغني والشرح.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال يا غلام أنت حر يعتق الذي نواه.
وقال في المنتخب لو نسي أن له عبدا وزوجة فبان له.
149

باب الرجعة
قوله (إذا طلق امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث أو العبد واحدة بغير عوض فله رجعتها ما دامت في العدة).
رضيت أو كرهت هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحا وأمسك بمعروف فلو طلق إذا ففي تحريمه الروايات.
وقال القرآن يدل على أنه لا يملكه وأنه لو أوقعه لم يقع كما لو طلق البائن ومن قال إن الشارع ملك الإنسان ما حرم عليه فقد تناقض.
تنبيه ظاهر قوله بعد دخوله بها أنه لو خلا بها ثم طلقها يملك عليها الرجعة لأن الخلوة بمنزلة الدخول وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقال أبو بكر لا رجعة بالخلوة من غير دخول وأطلقهما في الخلاصة.
فائدة الصحيح من المذهب أن ولي المجنون يملك عليه الرجعة.
وقيل لا يملكها.
قوله (وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها).
الصحيح من المذهب أن هذه الألفاظ الخمسة ونحوها صريح في الرجعة وعليه الأصحاب.
ولو زاد بعد هذه الألفاظ للمحبة أو الإهانة ولا نية وجزم به في الوجيز وغيره.
150

وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل الصريح من ذلك لفظ الرجعة وهو تخريج للمصنف واحتمال في الرعاية.
قوله (فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين).
عند الأكثر وهما روايتان في الإيضاح.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والزبدة والمذهب الأحمد والبلغة والمبهج والإيضاح والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما لا تحصل الرجعة بذلك صححه في التصحيح وتصحيح المحرر والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
واختاره القاضي قاله في المبهج.
والوجه الثاني تحصل الرجعة بذلك أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله قاله في المغني والشرح واختاره القاضي وابن حامد.
وقال في الموجز والتبصرة والمغني والشرح تحصل الرجعة بذلك مع نية واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في المنور فنكحتها وتزوجتها كناية.
وقال في الترغيب هل تحصل الرجعة بكناية نحو أعدتك أو استدمتك فيه وجهان.
قال في الرعايتين ينوي في قوله أعدتك أو استدمتك فقط.
وقال في القاعدة التاسعة والثلاثين إن اشترطنا الإشهاد في الرجعة لم تصح رجعتها بالكناية وإلا فوجهان.
151

وأطلق صاحب الترغيب وغيره الوجهين والأولى ما ذكرنا انتهى.
قوله (وهل من شرطها الإشهاد على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والفروع والمذهب الأحمد.
ويأتي قريبا الخلاف في محل هاتين الروايتين.
إحداهما لا يشترط وهو المذهب نص عليه في رواية بن منصور وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
والثانية يشترط ونص عليها في رواية مهنا وعزيت إلى اختيار الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا في تعاليقه وقدمه بن رزين في شرحه.
فعلى هذه الرواية إن أشهد وأوصى الشهود بكتمانها فالرجعة باطلة نص عليه.
ويأتي إذا ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم في كلام المصنف.
قوله (والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء).
وكذا اللعان وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا يصح الإيلاء منها.
فعلى المذهب ابتداء المدة من حين اليمين على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
152

وأخذ المصنف من قول الخرقي بتحريم الرجعية أن ابتداء المدة لا يكون إلا من حين الرجعة.
قال الزركشي يجيء هذا على قول أبي محمد إذا كان المانع من جهتها لم يحتسب عليه بمدته أما على قول غيره بالاحتساب فلا يتمشى.
تنبيه ظاهر قوله والرجعية زوجة أن لها القسم وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وصرح المصنف في المغني أنه لا قسم لها ذكره في الحضانة عند قول الخرقي وإذا أخذ الولد من الأم إذا تزوجت ثم طلقت.
قوله (ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها ولها أن تتشرف له وتتزين).
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال القاضي هذا ظاهر المذهب.
قال في إدراك الغاية هذا أظهر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في المذهب ومسبوك الذهب هذا أصح الروايتين وصححه في الهداية والمستوعب أيضا.
قال الزركشي والمذهب المشهور المنصوص حلها وعليه عامة الأصحاب وقدمه في الرعايتين والنظم وغيرهم.
وعنه ليست مباحة حتى يراجعها بالقول وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في القواعد الفقهية.
فعلى هذا هل من شرطها الإشهاد على الروايتين المتقدمتين.
وبناهما على هذه الرواية في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي وهو واضح.
153

أما إن قلنا تحصل الرجعة بالوطء فكلام المجد يقتضي أنه لا يشترط الإشهاد رواية واحدة.
قال الزركشي وعامة الأصحاب يطلقون الخلاف وهو ظاهر كلام القاضي في التعلق.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وألزم الشيخ تقي الدين رحمه الله بإعلان الرجعة والتسريح والإشهاد كالنكاح والخلع عنده لا على ابتداء الفرقة.
قوله (وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة به أو لم ينو).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم بن حامد والقاضي وأصحابه.
قال في المذهب وتجريد العناية تحصل الرجعة بوطئها وجزم به في العمدة والوجيز وغيرهما.
قال في الكافي هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وعنه لا تحصل الرجعة بذلك إلا مع نية الرجعة نقلها بن منصور.
قال ابن أبي موسى إذا نوى بوطئه الرجعة كانت رجعة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقيل لا تحصل الرجعة بوطئها مطلقا وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو ظاهر كلام الخرقي.
تنبيه قال الزركشي واعلم أن الأصحاب مختلفون في حصول الرجعة بالوطء هل هو مبني على القول بحل الرجعية أم مطلق على طريقتين.
154

إحداهما وهي طريقة الأكثرين منهم القاضي في الروايتين والجامع وجماعة عدم البناء.
والطريقة الثانية وهو مقتضى كلام أبي البركات ويحتملها كلام القاضي في التعليق البناء.
فإن قلنا الرجعية مباحة حصلت الرجعة بالوطء وإن قلنا غير مباحة لم تحصل وهي طريقة أبي الخطاب في الهداية فإنه قال لعل الخلاف مبني على حل الوطء وعدمه.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين وهل تحصل الرجعة بوطئها على روايتين مأخذهما عند أبي الخطاب الخلاف في وطئها هل هو مباح أو محرم.
والصحيح بناؤه على اعتبار الإشهاد للرجعية وعدمه وهو البناء المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله ولا عبرة بحل الوطء ولا عدمه فلو وطئها في الحيض وغيره كان رجعة انتهى.
فعلى القول بالرجعة لا تحصل بوطئه وأن وطئها غير مباح جزم المصنف بأن لها المهر إذا أكرهها على الوطء إن لم يرتجعها بعده وهو أحد الوجوه.
وقيل يجب المهر سواء ارتجعها أو لم يرتجعها وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والخلاصة وقدمه في المستوعب.
قال في البلغة والرعاية وهو ضعيف انتهى.
والصحيح من المذهب أنه لا يلزمه مهر إذا أكرهها على الوطء سواء ارتجعها أو لم يرتجعها وسواء قلنا تحصل الرجعة بوطئها أو لم تحصل اختاره الشارح والقاضي في الجامع والتعليق والشريف في خلافه وصححه في الرعاية الصغرى وإليه ميل المصنف.
وقدمه في الرعاية الكبرى والزبدة والفروع وأطلقهن الزركشي وأطلق في المحرر والنظم في وجوب المهر على المكره وجهين.
155

قوله (ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى فرجها والخلوة بها لشهوة نص عليه).
في رواية بن القاسم في المباشرة والنظر.
يعني إذا قلنا تحصل بالوطء لا تحصل الرجعة بذلك.
أما مباشرتها والنظر إلى فرجها فلا تحصل الرجعة بأحدهما على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي عليه الأصحاب وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وخرجه بن حامد على وجهين من تحريم المصاهرة بذلك.
قال القاضي يخرج رواية أنها تحصل بناء على تحريم المصاهرة.
وخرجه المجد من نصه على أن الخلوة تحصل بها الرجعة.
قال فاللمس ونظر الفرج أولى انتهى.
وأما الخلوة فالصحيح من المذهب أيضا أن الرجعة لا تحصل بها كما قدمه المصنف هنا واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف في المغني والشارح وغيرهم وصححه في الرعاية الكبرى وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والحاوي وغيرهم.
وقيل تحصل الرجعة بالخلوة وهو رواية نقلها بن منصور وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الهداية والمستوعب وغيرهما هذا قول أصحابنا.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها وجزم به في المنور.
وأطلق الخلاف في المذهب والرعاية الصغرى والخلاصة.
تنبيه ظاهر قول المصنف هنا أن قوله نص عليه يشمل الخلوة.
156

قال الزركشي وليس كذلك فإن النص إنما ورد في المباشرة والنظر فقط.
قلت وحكى في الرعايتين في حصول الرجعة بالخلوة روايتين وحكاهما في المذهب والخلاصة وجهين.
فائدتان
إحداهما لا تحصل الرجعة بإنكار الطلاق قاله في الترغيب في باب التدبير وقاله في الرعايتين وغيرهما.
الثانية قوله ولا يصح تعليق الرجعة بشرط.
فلو قال راجعتك إن شئت أو كلما طلقتك فقد راجعتك لم يصح بلا نزاع لكن لو عكس فقال كلما راجعتك فقد طلقتك صح وطلقت.
قوله (ولا يصح الارتجاع في الردة).
إن قلنا تتعجل الفرقة بمجرد الردة لم يصح الارتجاع لأنها قد بانت.
وإن قلنا لا تتعجل فجزم المصنف هنا أن الارتجاع لا يصح وهو الصحيح من المذهب جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل يصح وأطلقهما في الفروع.
وقال ابن حامد والقاضي إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة.
قال الشارح تبعا للمصنف فهذا ينبغي أن يكون فيما إذا راجعها بعد إسلام أحدهما انتهى.
وتقدم حكم الرجعة في الإحرام في باب محظورات الإحرام.
قوله (فإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين).
157

ذكرهما بن حامد وأطلقهما في الفروع والنظم والحاوي والمذهب والمحرر وذكره في العدة.
إحداهما له رجعتها وهو المذهب نص عليه في رواية حنبل وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح قاله بن كثير من أصحابنا.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما قال أصحابنا له أن يرتجعها.
قال الزركشي هي أنصهما عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي والشريف والشيرازي وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والرعايتين.
قال في الخلاصة له ارتجاعها قبل أن تغتسل على الأصح وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية ليس له رجعتها بل تنقضي العدة بمجرد انقطاع الدم اختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته.
قال في مسبوك الذهب وهو الصحيح وتقدم نظير ذلك في مسائل الطلاق.
تنبيه ظاهر الرواية الأولى أن له رجعتها ولو فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك القاضي عشرين سنة.
وذكرها بن القيم في الهدى إحدى الروايات.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة.
ويأتي حكايته عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه يمضي وقت صلاة جزم به في الوجيز وغيره.
ويأتي نظير ذلك عند قوله والقرء الحيض.
فائدتان
إحداهما محل الخلاف في إباحتها للأزواج وحلها لزوجها بالرجعة.
158

أما ما عدا ذلك من انقطاع نفقتها وعدم وقوع الطلاق بها وانتفاء الميراث وغير ذلك فيحصل بانقطاع الدم رواية واحدة قاله القاضي وغيره وذلك قصرا على مورد حكم الصحابة قاله الزركشي.
وجعله بن عقيل محلا للخلاف وما هو ببعيد.
الثانية لو كانت العدة بوضع الحمل فوضعت ولدا وبقي معها آخر فله رجعتها قبل وضعه قاله الأصحاب.
وقال في المستوعب وهل له رجعتها بعد وضع الجميع وقبل أن تغتسل من النفاس.
قال ابن عقيل له رجعتها على رواية حنبل.
والصحيح أنه لا يملك رجعتها وتباح لغيره سواء طهرت من النفاس أو لا نص عليه وذكره القاضي في المجرد انتهى.
وجزم بهذا في الرعاية الصغرى.
ويأتي نظير ذلك في أوائل العدد.
قوله (وإن انقضت عدتها ولم يراجعها بانت ولم تحل إلا بنكاح جديد وتعود إليه على ما بقي من طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث نقلها حنبل وتلقب هذه المسألة بالهدم وهو أن نكاح الثاني هل يهدم نكاح الأول أم لا قاله الزركشي.
قوله (وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم
159

فاعتدت وتزوجت من أصابها ردت إليه ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها).
هذا المذهب قال الزركشي هذا المذهب بلا ريب اختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه أنها زوجة الثاني إن كان أصابها نقلها الخرقي.
فعلى الرواية الثانية هل تضمن المرأة لزوجها المهر أم لا على وجهين وأطلقهما في القواعد.
أحدهما تضمن اختاره القاضي لأن خروج البضع متقوم.
والثاني لا تضمن.
ويأتي في باب الرضاع أن الصحيح من المذهب أن خروج البضع غير متقوم.
قوله (فإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها لكن متى بانت منه عادت إلى الأول بغير عقد جديد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح إن صدقته لم يقبل إلا أن يحال بينهما.
فائدة لا يلزمها مهر الأول له إن صدقته على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمها اختاره القاضي.
وقال في الواضح إن صدقته لزمها للثاني مهرها أو نصفه.
160

وهل يؤمر بطلاقها فيه روايتان انتهى.
فإن مات الأول والحالة هذه وهي في نكاح الثاني فقال المصنف ومن تبعه ينبغي أن ترثه لإقراره بزوجتيها وتصديقها له وإن ماتت لم يرثها لتعلق حق الثاني بالإرث وإن مات الثاني لم ترثه لإنكارها صحة نكاحه.
قال الزركشي قلت ولا يمكن من تزويج أختها ولا أربع سواها.
قوله (وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة).
هذا المذهب نص عليه.
قال في الوجيز إذا ادعته الحرة بالحيض في أقل من تسعة وعشرين يوما ولحظة لم يقبل إلا ببينة.
وجزم بما جزم به المصنف هنا الشارح وابن منجا في شرحه.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والفروع والزركشي وغيرهم كخلاف عادة منتظمة في أصح الوجهين.
وظاهر قول الخرقي قبول قولها مطلقا إذا كان ممكنا واختاره أبو الفرج.
وذكره ابن منجا في شرحه والفروع رواية عن الإمام أحمد رحمه الله كثلاثة وثلاثين يوما ذكره في الواضح.
والطريق الأقرب ذكره في الفروع في باب العدد وأقل ما يصدق في ذلك تسعة وعشرون يوما ولحظة وهو من المفردات.
قوله (وأقل ما يمكن انقضاء العدة به من الأقراء تسعة وعشرون يوما ولحظة إذا قلنا الأقراء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما وللأمة خمسة عشر ولحظة
161

وإن قلنا الطهر خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة وللأمة سبعة عشر ولحظة وإن قلنا القرء الأطهار فثمانية وعشرون يوما ولحظتان وللأمة أربعة عشر ولحظتان.
وإن قلنا أقل الطهر خمسة عشر يوما فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان وللأمة ستة عشر ولحظتان).
هكذا قال كثير من الأصحاب.
وقال في الرعاية يكون تسعة وعشرين يوما ولحظة إن قلنا القرء حيضة وإن أقلها يوم وإن أقل الطهر ثلاثة عشر.
وإن قلنا القرء طهر ففي أقلهما مرتين واللحظة المذكورة بقرء لحظة من حيضة ثالثة في وجه وذلك ثمانية وعشرون ولحظتان.
وإن طلق في سلخ طهر وقلنا القرء حيضة ففي ثلاث حيض وطهرين وذلك تسعة وعشرون فقط.
وإن قلنا القرء طهر ففي ثلاثة أطهار وثلاث حيض ولحظة من حيضة رابعة في وجه وذلك أحد وأربعون يوما ولحظة.
وإن طلق في سلخ حيضة وقلنا القرء حيضة ففي ثلاث حيض وثلاثة أطهار وذلك اثنان وأربعون يوما فقط.
وإن قلنا القرء طهر ففي ثلاثة أطهار وحيضتين ولحظة في وجه من حيضة ثالثة وذلك أحد وأربعون يوما ولحظة.
وأقل عدة الأمة أقل الحيض مرتين.
وأقل الطهر مرة ولحظة من طهر طلقها فيه بلا وطء وذلك خمسة عشر يوما ولحظة إن قلنا إن القرء حيضة.
162

وإن قلنا القرء طهر فأقلهما ولحظة من طهر طلق فيه بلا وطء ولحظة من حيضة أخرى في وجه قاله في الرعاية الكبرى.
قوله (وإذا قالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها).
بلا نزاع أعلمه.
قوله (فإن سبق فقال ارتجعتك فقالت قد انقضت عدتي قبل رجعتك فالقول قوله).
هذا المذهب.
قال في الفروع والأصح القول قوله.
قال في الرعايتين قبل قوله في الأصح وصححه في النظم واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والترغيب والحاوي الصغير وقدمه في المحرر وغيره.
وقال الخرقي القول قولها.
قال في الواضح في الدعاوى نص عليه.
وجزم به أبو الفرج الشيرازي وصاحب المنور.
قال في الفروع جزم به بن الجوزي.
والذي رأيته في المذهب ومسبوك الذهب ما ذكرته أولا فلعله اطلع على غير ذلك وأطلقهما الزركشي.
قوله (وإن تداعيا معا قدم قولها).
هذا المذهب صححه في المغني والشرح وجزم به في الوجيز وغيره.
163

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والنظم والمغني والشرح والمحرر وصححه في تصحيح المحرر.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقيل يقدم قول من تقع له القرعة.
وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية وأطلقهما في المحرر والزركشي.
وقيل يقدم قوله مطلقا وأطلقهن في الفروع.
تنبيه محل الخلاف إذا قلنا القول قوله في المسألة التي قبلها وهو واضح.
فائدة متى قلنا القول قولها فمع يمينها عند الخرقي والمصنف.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقال القاضي قياس المذهب لا يجب عليها يمين وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في الرعايتين والزركشي والحاوي.
وكذا لو قلنا القول قول الزوج.
فعلى الأول لو نكلت لم يقض عليها بالنكول قاله القاضي وغيره.
وللمصنف احتمال يستحلف الزوج إذا نكلت وله الرجعة بناء على القول برد اليمين.
تنبيه مراده بقوله وإذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويطأ في القبل.
إذا كان مع انتشار قاله الأصحاب.
وظاهر قوله وأدنى ما يكفي من ذلك تغييب الحشفة.
ولو كان خصيا أو نائما أو مغمى عليه وأدخلت ذكره في فرجها أو مجنونا أو ظنها أجنبية وهو المذهب في ذلك كله.
وقيل يشترط في الخصي أن يكون ممن ينزل.
164

وقيل لا تحل بوطء نائم ومغمى عليه ومجنون.
وقيل لا يحلها وطء مغمى عليه ومجنون.
وقيل لو وطئها يظنها أجنبية لم يحلها فالمذهب خلافه مع الإثم.
فائدة قوله وإن كان مجبوبا وبقي من ذكره قدر الحشفة فأولجه أحلها.
هذا بلا نزاع وكذا لو بقي أكثر من قدر الحشفة فأولج قدرها على الصحيح من المذهب وفي الترغيب وجه لا يحلها إلا بإيلاج كل البقية.
قوله (أو وطئها مراهق أحلها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى.
وقال القاضي يشترط أن يكون بن اثني عشر سنة ونقله مهنا ورده المصنف والشارح.
وعنه عشر سنين وجزم به في المستوعب.
ويأتي في باب اللعان أقل سن يحصل به البلوغ للغلام وتقدم في باب الغسل.
قوله (وإن وطئت في نكاح فاسد لم تحل في أصح الوجهين).
وكذا قال في المذهب كالنكاح الباطل وفي الردة وهو المذهب نص عليه.
قال في الفروع لم يحلها في المنصوص وجزم به في الوجيز وغيره ونصره المصنف وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
165

وقيل تحل وهو تخريج لأبي الخطاب.
فيجيء عليه إحلالها بنكاح المحلل.
ورده المصنف والشارح.
وأطلق الوجهين في الهداية والمستوعب والخلاصة.
قوله (وإن وطئها زوج في حيض أو نفاس أو إحرام وكذا في صوم فرض أحلها).
هذا اختيار المصنف والشارح وهو احتمال لأبي الخطاب.
وكذا قال أصحابنا لا يحلها.
وهو المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب كما قال المصنف هنا وأطلق وجهين في الخلاصة.
فائدة لو وطئها وهي محرمة الوطء لمرض أو ضيق وقت صلاة أو في المسجد أو لقبض مهر ونحوه أحلها لأن الحرمة لا لمعنى فيها بل لحق الله تعالى.
وفي عيون المسائل والمفردات منع وتسليم.
وقال بعض أصحابنا لا نسلم لأن الإمام أحمد رحمه الله علله بالتحريم فنطرده وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله في جميع الأصول كالصلاة في دار غصب وثوب حرير.
وقال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة لو نكحت المطلقة ثلاثا زوجا آخر فخلا بها ثم طلقها وقلنا يجب عليها العدة بالخلوة وتثبت الرجعة وهو ظاهر المذهب ثم وطئها في مدة العدة فهل يحلها لزوجها الأول على روايتين حكاهما صاحب الترغيب.
قلت الصواب أنه يحلها.
166

قوله (وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها لم تحل).
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب ويحتمل أن تحل.
قوله (وإن طلق العبد امرأته طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره سواء عتقا أو بقيا على الرق).
هذا المذهب قال المصنف والشارح وهذا ظاهر المذهب.
قال في البلغة والنظم لم يملك نكاحها على الأصح.
قال في الرعاية لم تحل له في أظهر الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يملك تتمة الثلاث إذا عتق بعد طلقتين ككافر طلق ثنتين ثم استرق ثم تزوجها وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى.
وكذا تأتي هذه الرواية في عتقهما معا.
فعليها يملك الرجعة.
وتقدم معنى ذلك في أول باب ما يختلف به عدد الطلاق.
فائدة لو علق العبد طلاقا ثلاثا بشرط فوجد الشرط بعد عتقه لزمته الثلاث على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يبقى له طلقة كما لو علق الثلاث بعتقه على أصح الوجهين.
تنبيه هذه المسائل كلها مبنية على أن الطلاق بالرجال.
وتقدم التنبيه على ذلك في أول باب ما يختلف به عدد الطلاق فبعض الأصحاب يذكرها هنا وبعضهم يذكرها هناك.
قوله (وإذا غاب عن مطلقته فأتته فذكرت أنها نكحت
167

من أصابها وانقضت عدتها وكان ذلك ممكنا فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها وإلا فلا).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب وقيل لا يقبل قولها إلا أن تكون معروفة بالثقة والديانة.
فائدتان
إحداهما لو كذبها الزوج الثاني في الوطء فالقول قوله في تنصيف المهر والقول قولها في إباحتها للأول لأن قولها في الوطء مقبول.
ولو ادعت نكاح حاضر وإصابته فأنكر الإصابة حلت للأول على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تحل قاله في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي وغيرهم بعد ما تقدم.
وكذا إن تزوجت حاضرا وفارقها وادعت إصابته وهو منكرها انتهوا.
قال في القواعد الأصولية في القاعدة الأولى وهذان الفرعان مشكلان جدا.
الثانية مثل ذلك في الحكم لو جاءت امرأة حاكما وادعت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها كان له تزويجها إن ظن صدقها كمعاملة عبد لم يثبت عتقه قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله لا سيما إن كان الزوج لا يعرف.
168

باب الإيلاء
فائدة الإيلاء محرم في ظاهر كلام الأصحاب لأنه يمين على ترك واجب قاله في الفروع في آخر الباب.
تنبيه المراد بقوله وهو الحلف على ترك الوطء.
امرأته سواء كانت حرة أو أمة مسلمة أو كافرة عاقلة أو مجنونة صغيرة أو كبيرة.
وتطالب الصغيرة والمجنونة عند تكليفهما.
ويأتي حكم الرتقاء ونحوها عند الجب.
ومن شرط صحته الحلف على زوجته فلو حلف أن لا يطأ أمته أو أجنبية مطلقا أو أن يتزوجها لم يكن موليا على المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج الشريف أبو جعفر وغيره الصحة من الظهار قبل النكاح.
وخرجها المجد بشرط إضافته إلى النكاح كالطلاق في رواية.
قوله (ويشترط له أربعة شروط).
أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل.
بلا نزاع في الجملة وتقدم صحة إيلاء الرجعية.
قوله (فإن تركه بغير يمين لم يكن موليا لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم له بحكمه على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح ومسبوك الذهب.
إحداهما تضرب له مدته ويحكم له بحكمه وهو الصواب.
169

واختاره القاضي في خلافه وتبعه جماعة ومال إليه المصنف والشارح.
قال ابن منجا في شرحه وهذا أولى.
قال في البلغة والرعايتين والحاوي ضربت له مدة الإيلاء في أصح الروايتين.
والرواية الثانية لا تضرب له مدة الإيلاء ولا يحكم له بحكمه صححه في التصحيح وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
فائدة وكذا حكم من ظاهر ولم يكفر.
قال في الرعايتين والحاوي آخر الباب ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه تضرب له مدة الإيلاء.
ذكره بن رجب في تزويج أمهات الأولاد.
تنبيه ظاهر كلامه أنه لو تركه من غير مضارة أنه لا يحكم له بحكم الإيلاء من غير خلاف وهو صحيح وهو المذهب وقطع به الأكثر.
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة والمفردات عندي إن قصد الإضرار خرج مخرج الغالب وإلا فمتى حصل إضرارها بامتناعه من الوطء وإن كان ذاهلا عن قصد الإضرار تضرب له المدة.
وذكر في آخر كلامه أنه إن حصل الضرر بترك الوطء لعجزه عنه كان حكمه كالعنين.
قال ابن رجب في كتاب تزويج أمهات الأولاد يؤخذ من كلامه أن حصول الضرر بترك الوطء مقتض للفسخ بكل حال سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد وسواء كان مع عجزه أو قدرته.
وكذا ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في العاجز وألحقه بمن طرأ عليه جب أو عنة.
170

قوله (وإن حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح وقوله ولا أدخلت ذكري في فرجك).
لم يدين فيه.
قوله (وللبكر خاصة لا افتضضتك لم يدين فيه).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال في المستوعب وغيره وتختص البكر بلفظين وهما والله لا افتضضتك ولا أبتني بك وجزم به في الوجيز.
وقال في الترغيب والبلغة وغيرهما يشترط في هذين اللفظين أن يأتي بهما عربي فإن أتى بهما غيره دين وجزم به في الوجيز.
قلت لعله مراد من لم يذكره.
قوله (وإن قال والله لا وطئتك أو لا جامعتك أو لا باضعتك أو لا باشرتك أو لا باعلتك أو لا قربتك أو لا مسستك أو لا أتيتك أو لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل عبد الله في لا اغتسلت منك أنه كناية وهو في الحيلة في اليمين.
وقال في الواضح الإبضاع المنافع المباحة بعقد النكاح دون عضو مخصوص من فرج مخصوص أو غيره على ما يعتقده المتفقه والمباضعة مفاعلة من المتعة به والمتفقهة تقول منافع البضع.
قوله (وسائر الألفاظ لا يكون موليا فيها إلا بالنية).
شمل مسائل.
171

منها ما هو صريح في الحكم على الصحيح من المذهب ومنها ما هو كناية.
فمن الألفاظ الصريحة في الحكم على الصحيح من المذهب والله لا غشيتك فهي صريحة في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى نص عليه وقدمه في الفروع.
وقيل هي كناية تحتاج إلى نية أو قرينة وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
ومنها قوله والله لا أفضيت إليك صريح في الحكم على الصحيح من المذهب صححه في الفروع.
وقيل هي كناية تحتاج إلى نية أو قرينة وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا.
ومنها والله لا لمستك صريح على الصحيح من المذهب ويدين وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وذكر القاضي في الخلاف أن الملامسة اسم لالتقاء البشرتين.
وفي الانتصار لمستم ظاهر في الجس باليد ولامستم ظاهر في الجماع فيحمل الأمر عليهما لأن القرائن كالآيتين وذكر القاضي هذا المعنى أيضا.
ومنها ما ذكره جماعة من الأصحاب أن قوله والله لا افترشتك صريح في الحكم.
وظاهر كلام المصنف هنا أنه كناية يحتاج إلى نية أو قرينة وهو المذهب جزم به في المحرر.
وأما ألفاظ الكناية التي لا يكون موليا بها إلا بنية أو قرينة.
فمنها قوله والله لا ضاجعتك والله لا دخلت عليك والله لا دخلت علي والله لا قربت فراشك والله لا بت عندك ونحوها.
فائدة قوله (الشرط الثاني:
أن يحلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته).
172

وذلك لاختصاص الدعوى بها واختصاصها باللعان وسواء كان في الرضى أو الغضب.
قوله (وإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق لم يصر موليا في الظاهر عنه).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور والمنصوص والمختار لعامة الأصحاب.
قال في البلغة لا يصح الإيلاء بذلك على المشهور.
قال المصنف والشارح هذه المشهورة.
قال في الهداية هذا ظاهر مذهبه.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع ونظم المفردات وغيرهم.
وصححه في الخلاصة والنظم وهو من المفردات.
وعنه يكون موليا بذلك وبتحريم المباح ونحوهما.
قال في الفروع وغيره وبعتق وطلاق فلا بد أن يلزم باليمين حق.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
وعنه يكون موليا بحلفه بيمين مكفرة كنذر وظهار ونحوهما اختاره أبو بكر في الشافي.
فعلى القول بصحة الإيلاء بالطلاق لو علق طلاقها ثلاثا بوطئها يؤمر بالطلاق ويحرم الوطء على الصحيح من المذهب وعنه لا يحرم.
ومتى أولج أو تمم أو لبث لحقه نسبه وفي المهر وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في المنتخب لا مهر ولا نسب.
173

وجزم في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير أنه يجب المهر وقدمه في الرعاية الكبرى.
ولا يجب عليه الحد على الصحيح من المذهب.
وقيل يجب وجزم به الترغيب وفيه ويعزر جاهل انتهى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
وإن نزع فلا حد ولا مهر لأنه تارك.
وإن نزع ثم أولج فإن جهلا التحريم فالمهر والنسب ولا حد والعكس بعكسه.
وإن علمه لزمه المهر والحد ولا نسب.
وإن علمته فالحد والنسب ولا مهر وكذا إن تزوجت في عدتها.
ونقل بن منصور لها المهر بما أصاب منها ويؤدبان.
وقيل لا حد في التي قبلها.
قال في الفروع ويتوجه طرده في الثانية وتعزير جاهل في نظائره.
ونقل الأثرم في جاهلين وطئا أمتهما ينبغي أن يؤدبا.
فائدة لو علق طلاق غير مدخول بها بوطئها ففي إيلائه الروايتان فلو وطئها وقع رجعيا.
والروايتان في قوله إن وطئتك فضرتك طالق فإن صح فأبان الضرة انقطع.
فإن نكحها وقلنا تعود الصفة عاد الإيلاء ويبني على المدة والروايتان في إن وطئت واحدة فالأخرى طالق.
ومتى طلق الحاكم هنا طلق على الإبهام ولا مطالبة.
فإذا عينت بقرعة سمعت دعوى الأخرى.
قوله (الثالث أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر).
174

هذا الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المنصوص المختار للأصحاب.
وعنه يصح أيضا على أربعة أشهر فقط.
قوله (أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى بن مريم أو يخرج الدجال أو ما عشت).
فيكون موليا بذلك لا أعلم فيه خلافا.
قوله (أو يقول والله لا وطئتك حتى تحبلي لأنها لا تحبل إذا لم يطأها).
فيكون موليا بذلك وهو أحد الوجهين.
قدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقال القاضي إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن موليا.
وجزم به في الهداية والمستوعب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير فإن قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها فوجهان.
وقيل إن لم يكن وطئ أو وطئ وحملنا يمينه على حبل جديد صار موليا وإلا فروايتان.
قال في المحرر والنظم والفروع وإن قال حتى تحبلي ولم يكن وطئها أو وطئها وحملنا يمينه على حبل متجدد فهو مول وإلا فعلى روايتين.
قال في الوجيز وإن لم يكن وطئها أو وطئ ونيته حبل متجدد فهو مول.
175

وقال ابن عبدوس في تذكرته ويكون موليا بحبل موطوءة قصده بمتجدد أو غيرها.
وقال ابن عقيل إن آلى ممن يظاهر منها أو عكسه لم يصح منهما في رواية.
قوله (وإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر موليا حتى يوجد الشرط).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يصير موليا في الحال وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قال في الفروع وإن علقه بشرط صار موليا بوجوده.
وقيل تعتبر مشيئتها في الحال نحو قوله والله لا وطئتك إن شئت أو دخلت الدار.
قوله (وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يصر موليا حتى يطأها وقد بقي منها أكثر من أربعة أشهر بلا نزاع).
قوله (وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين).
يعني أنه لا يصير موليا حتى يطأها وقد بقي من السنة أكثر من أربعة أشهر هذا المذهب.
قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
وجزم به في المحرر والوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
176

وفي الآخر يصير موليا في الحال.
فائدة لو قال والله لا وطئتك سنة بالتنكير إلا يوما لم يصر موليا حتى يطأ وقد بقي منها أكثر من أربعة أشهر وهذا المذهب.
قدمه في المغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يصير موليا في الحال اختاره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
وقيل لا يصير موليا هنا وإن حكمنا بأنه مول في التي قبلها.
قوله (وإن قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك أربعة أشهر لم يصر موليا).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ويحتمل أن يصير موليا وهو لأبي الخطاب وصححه الشارح وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني والفروع.
فائدة وكذا الحكم لو حلف على مدة ثم قال إذا مضت فوالله لا وطئتك مدة بحيث يكون مجموع المدتين أكثر من أربعة أشهر قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم.
تنبيه ظاهر قوله وإن قال والله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار موليا.
أنه سواء شاءت في المجلس أو في غيره وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل تعتبر مشيئتها في الحال.
177

قوله (وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر موليا).
وهو المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي في المجرد وغيره ونصره المصنف وغيره.
وقال أبو الخطاب إن لم تشأ في المجلس صار موليا.
جزم به في الهداية والمذهب والتبصرة وقدمه في المستوعب.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن قال لنسائه والله لا وطئت واحدة منكن صار موليا منهن).
فيحنث بوطء واحدة وتنحل يمينه.
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة إذا قال لا وطئت واحدة منكن فالمذهب الصحيح أنه يعم الجميع وهو قول القاضي والأصحاب بناء على أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم.
وحكى القاضي عن أبي بكر أنه يكون موليا من واحدة غير معينة ورده في القواعد.
قال وحكى صاحب المغني عن القاضي كذلك والقاضي مصرح بخلافه انتهى.
وقيل يبقى الإيلاء لهن في طلب الفيئة وإن لم يحنث بوطئهن.
178

قال في المحرر وهو أصح.
وقيل تتعين واحدة بقرعة.
قوله (إلا أن يريد واحدة بعينها فيكون موليا منها وحدها).
وهذا بلا نزاع وإن أراد واحدة مبهمة فقال أبو بكر تخرج بالقرعة.
واقتصر عليه المصنف هنا وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يعين هو واحدة.
قوله (وإن قال والله لا وطئت كل واحدة منكن كان موليا من جميعهن وتنحل يمينه بوطء واحدة).
هذا المذهب وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال القاضي لا تنحل في البواقي.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وقدمه في المستوعب.
وقيل يبقى الإيلاء لهن في طلب الفيئة وإن لم يحنث بوطئهن.
قال في المحرر أيضا وهو أصح.
قوله (وإن قال والله لا أطؤكن فهي كالتي قبلها في أحد الوجهين وفي الآخر لا يصير موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير موليا من الرابعة).
صرح المصنف في الوجه الأول أن حكم هذه المسألة حكم التي قبلها وهي قوله والله لا وطئت كل واحدة منكن فيجيء على هذا الوجه الوجهان اللذان في التي قبلها عنده.
179

والوجه الثاني مخالف للمسألة الأولى وهو أنه لا يصير موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير موليا من الرابعة.
هذا ظاهر كلامه بل هو كالصريح وعليه شرح ابن منجا.
والذي قطع به في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم أن أصل الوجهين الروايتان في فعل بعض المحلوف عليه.
فإن قلنا يحنث بفعل البعض صار موليا في الحال وانحلت يمينه بوطء واحدة كالأولى.
وإن قلنا لا يحنث إلا بفعل الجميع لم يصر موليا حتى يطأ ثلاثا.
فحينئذ يصير موليا من الرابعة على الصحيح من المذهب.
وقيل على القول بأنه لا يحنث إلا بفعل الجميع يكون موليا منهن في الحال وأطلقهما في المحرر.
وأخر هذه الطريقة ابن منجا في شرحه.
ولم أر ما شرح عليه ابن منجا مع أنه ظاهر في كلام المصنف.
وقال في القاعدة التاسعة بعد المائة وإن قال لزوجاته الأربع والله لا وطئتكن وقلنا لا يحنث بفعل البعض فأشهر الوجهين أنه لا يكون موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير حينئذ موليا من الرابعة وهو قول القاضي في المجرد وأبي الخطاب.
والوجه الثاني هو مول في الحال من الجميع وهو قول القاضي في خلافه وابن عقيل في عمده وقالا هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله وذكر مأخذ الخلاف.
قوله (وإن آلى من واحدة وقال للأخرى شركتك معها لم يصر موليا من الثانية).
180

هذا المذهب نص عليه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى ذكره في آخر الباب.
وقال القاضي يصير موليا منها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
وعنه يصير موليا منها إن نواه وإلا فلا.
وأطلقهن في الفروع ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته.
وتقدم نظير ذلك في باب صريح الطلاق وكنايته ويأتي نظيرتهما في الظهار.
فائدة قال في الرعاية الكبرى وإن قال إن وطئتك فأنت طالق وقال للأخرى أشركتك معها ونوى وقلنا يكون إيلاء من الأولى صار موليا من الثانية.
قوله (الرابع أن يكون من زوج يمكنه الجماع).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج صاحب المحرر ومن تبعه صحة إيلاء من قال لأجنبية والله لا وطئت فلانة أو لا وطئتها إن تزوجتها مع لزوم الكفارة له بوطئها.
وخرج أيضا صحة إيلائه بشرط إضافته إلى النكاح كالطلاق في رواية على ما تقدم أول الباب.
قوله (ويلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه).
بلا نزاع.
قوله (فأما العاجز عن الوطء بجب أو شلل فلا يصح إيلاؤه).
181

وكذا لو كانت رتقاء ونحوها وهذا المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع والمحرر وغيرهم.
وصححه في البلغة وأورده أبو الخطاب مذهبا.
ويحتمل أن يصح.
وهو لأبي الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختاره القاضي وأصحابه وقدمه الزركشي.
وفيئته لو قدرت لجامعتك.
فائدة على المذهب لو حلف ثم جب ففي بطلانه وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
قلت الصواب البطلان.
ثم وجدت بن نصر الله في حواشي الفروع صححه أيضا.
قوله (ولا يصح إيلاء الصبي).
إن كان غير مميز لم يصح إيلاؤه وإن كان مميزا صح إيلاؤه على الصحيح من المذهب جزم به في الفروع وغيره.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم يصح من كل زوج يصح طلاقه.
واختار المصنف أنه لا يصح إيلاء الصبي ولا ظهاره ذكره في هذا الكتاب في كتاب الظهار على ما يأتي.
قال في القواعد الأصولية في القاعدة الثانية وإذا قلنا يصح طلاقه فهل يصح ظهاره وإيلاؤه أم لا الأكثرون من أصحابنا على صحة ذلك.
وحكى كلام المصنف ثم قال قلت وحكى في المذهب في انعقاد يمينه وجهين انتهى.
182

والوجهان إنما هما مبنيان على صحة طلاقه وعدمها كما صرح بذلك في الهداية والمستوعب فإنهما لما حكيا الوجهين وأطلقاهما قالا بناء على طلاقه.
وقد حكى الوجهين في الخلاصة من غير بناء وهو وصاحب المذهب تابعان لصاحب الهداية.
وقدم الزركشي أنه لا يصح إيلاؤه وإن صح طلاقه.
قوله (وفي إيلاء السكران وجهان).
بناء على طلاقه على ما مضى في بابه محررا قاله الأصحاب.
قوله (ومدة الإيلاء في الأحرار والرقيق سواء).
هذا المذهب وعليه الجماهير.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنها في العبد على النصف.
نقل أبو طالب أن الإمام أحمد رحمه الله رجع إليه وأنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده واختاره أبو بكر عبد العزيز.
وذكر في عيون المسائل هذه الرواية وقال لأنها لا تختلف فمتى كان أحدهما رقيقا يكون على النصف فيما إذا كانا حرين.
قوله (وإذا صح الإيلاء ضربت له مدة أربعة أشهر يعني من وقت اليمين).
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في الموجز تضرب لكافر بعد إسلامه وقدمه الزركشي وقال قاله القاضي في تعليقه.
قوله (فإن كان بالرجل عذر يمنع الوطء احتسب عليه بمدته).
183

بلا نزاع أعلمه وإن كان ذلك بها لم يحتسب عليه.
كصغرها وجنونها ونشوزها وإحرامها ومرضها وحبسها وصيامها واعتكافها المفروضين وهذا المذهب جزم به في الكافي والمغني والشرح وشرح ابن منجا وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
وقيل يحتسب عليه كالحيض قطع به القاضي في تعليقه والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا وغيرهم وقدمه في المحرر.
قال في الوجيز تضرب مدته من اليمين سواء كان في المدة مانع من قبلها أو من قبله وأطلقهما في الفروع والحاوي الصغير والزركشي.
وقيل مجنونة لها شهوة كعاقلة.
قوله (وإن طرأ بها استؤنفت المدة عند زواله إلا الحيض فإنه يحتسب بمدته).
إذا طرأ بها عذر غير الحيض والنفاس من الأعذار المتقدمة ونحوها فالصحيح من المذهب أنها تستأنف المدة عند
زواله جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحتسب عليه بمدته فلا تستأنف المدة.
وأما إن كان حيضا فإنها تحتسب بمدته بلا نزاع وفي النفاس وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والبلغة والشرح والفروع والزركشي والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي وهما وجهان عند الأكثر وفي البلغة والفروع روايتان.
184

أحدهما لا يحتسب عليه صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في إدراك الغاية.
والثاني يحتسب عليه كالحيض اختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في تجريد العناية.
قوله (وإن طلق في أثناء المدة انقطعت).
إن كان طلاقا بائنا انقطعت المدة.
وإن كان طلاقا رجعيا فظاهر كلام المصنف هنا أن المدة تنقطع أيضا وهو أحد الوجهين وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا.
والوجه الثاني لا تنقطع ما لم تنقض عدتها وهو المذهب نص عليه.
وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
قوله (فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائنا استؤنفت المدة).
هذا مبني في الرجعة على ما جزم به أولا من أن الطلاق الرجعي يقطع المدة.
وأما على المذهب فلا أثر لرجعتها قبل انقضاء عدتها.
فعلى الأول إن بقي بعد استئناف المدة أقل من مدة الإيلاء سقط الإيلاء وإلا ضربت له.
وعلى المذهب تكمل المدة على ما قبل الطلاق.
وقال المصنف في المغني مقتضى كلام بن حامد أن المدة تستأنف من حين الطلاق ونازعه الزركشي في ذلك.
قوله (وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء لم تملك طلب الفيئة).
185

هذا الصحيح من المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل لمن بها مانع شرعي طلب الفيئة بالقول.
قوله (وإن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء أمر أن يفيء بلسانه فيقول متى قدرت جامعتك).
فيقول لها ذلك بهذا اللفظ وهو الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هذا أحسن.
وقطع به الخرقي واختاره القاضي في المجرد.
وعنه أن فيئة المعذور أن يقول فئت إليك.
وحكاه أبو الخطاب عن القاضي.
قال الزركشي وهو قول عامة أصحابه.
وعند بن عقيل فيئته حكه حتى يبلغ به الجهد من تفتير الشهوة.
تنبيهان
أحدهما قوله أمر أن يفيء بلسانه يعني في الحال من غير مهلة.
الثاني قوله فيقول متى قدرت جامعتك.
هذا في حق المريض ونحوه.
فأما المجبوب فإنه يقول لو قدرت جامعت زاد القاضي في التعليق وقد ندمت على ما فعلت.
قوله (ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو تطلق).
هذا المذهب قاله في الفروع وأومأ إليه في رواية حنبل وقطع به الخرقي وقدمه في المغني والشرح.
186

قال الزركشي وإليه ميل القاضي في الروايتين وهو لازم قوله في المجرد.
وقال أبو بكر إذا فاء بلسانه لم يلزمه ولم يطالب بالفيئة مرة أخرى وخرج من الإيلاء.
واختاره القاضي في التعليق وجمهور أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
قال أبو بكر والقاضي هو ظاهر كلامه في رواية مهنا.
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف بل هو كالصريح في ذلك أن الخلاف السابق مبني على قوله متى قدرت جامعت.
وقال الزركشي بعد أن ذكر الروايتين أعني في صفة الفيئة وانبنى عليه على ذلك إذا قدر على الوطء هل يلزمه فالخرقي وأبو محمد يقولان يلزمه.
واختاره القاضي وأصحابه وأبو بكر لا يلزمه انتهى.
وعند صاحب المحرر والفروع وغيرهما أن عدم اللزوم مبني على رواية قوله قد فئت إليك.
الثاني ظاهر قوله وإن كان مظاهرا فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام.
أنه لا يمهل لصوم شهري الظهار وهو صحيح فيطلق على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي.
وقيل يصوم فيفيء كمعذور وهو احتمال في المحرر.
فائدة قوله (وإن وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يخرج من الفيئة).
187

بلا نزاع والصحيح من المذهب أنه لا يحنث في يمينه بفعل ذلك وقيل يحنث.
قوله (وإن وطئها في الفرج وطئا محرما مثل أن يطأ في حال الحيض أو النفاس أو الإحرام أو صيام فرض من
أحدهما فقد فاء لأن يمينه انحلت به).
وهذا المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع.
وقال أبو بكر الأصح أنه لا يخرج من الفيئة.
وقال هو قياس المذهب وذكره بن عقيل رواية.
فائدتان
إحداهما لو استدخلت ذكره وهو نائم أو وطئها نائما أو ناسيا أو جاهلا بها أو مجنونا ولم نحنث الثلاثة أو كفر يمينه بعد المدة قبل الوطء ففي خروجه من الفيئة وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي.
قال في الكافي وإن وطئها وهو مجنون لم يحنث ويسقط الإيلاء ويحتمل أن لا يسقط.
وإن وطئها ناسيا فأصح الروايتين لا يحنث.
فعليها هل يسقط الإيلاء على وجهين كالمجنون.
وقال في المحرر لو استدخلت ذكره وهو نائم أو وطئها ناسيا أو في حال جنونه وقلنا لا يحنث خرج من الفيئة.
وقيل لا يخرج.
وقدم فيما إذا كفر بعد المدة قبل الوطء أنه لم يخرج من الفيئة.
وقال في المنور يخرج بتغييب الحشفة في قبل مطلقا.
188

وقال ابن عبدوس في تذكرته ويكفر بوطء ولو مع إكراه ونسيان.
وقال في المغني والشرح وإن كفر بعد الأربعة أشهر وقبل الوقف صار كالحالف على أكثر منها إذا مضت يمينه قبل وقفه انتهيا.
الثانية لو أكره على الوطء فوطئ فقد فاء إليها.
قال في الترغيب إذ الإكراه على الوطء لا يتصور.
قوله (وإن لم يفئ وأعفته المرأة سقط حقها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يسقط وهو لأبي الخطاب في الهداية ولها المطالبة بعد كسكوتها وإليه ميل المصنف والشارح.
قوله (وإن لم تعفه أمر بالطلاق فإن طلق واحدة فله رجعتها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم.
وعنه أنها تكون بائنة.
ويأتي طلاق الحاكم إذا قلنا يطلق هل هو رجعي أو بائن.
قوله (فإن لم يطلق حبس وضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين).
189

وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وفي الأخرى يطلق الحاكم عليه وهو المذهب.
قال الشارح هذا أصح.
قال في الفروع وهو أظهر واختاره الخرقي والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والفروع والقواعد.
قال ابن عبدوس في تذكرته وأبيها وطلاق يحبس ثم يطلق عليه الحاكم.
فعلى المذهب وهو أن الحاكم يطلق عليه فقال المصنف هنا وإن طلق واحدة فهو كطلاق المولى.
يعني أنها هل تقع رجعية أو بائنة وأن الصحيح من المذهب أنها تقع رجعية وهذا المذهب.
وعنه أن طلاق الحاكم بائن وإن قلنا إن طلاق المولى رجعي.
قال القاضي المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن فرقة الحاكم تكون بائنا.
وعنه فرقة الحاكم كاللعان فتحرم على التأبيد اختاره أبو بكر قاله الزركشي.
وقال امتنع بن حامد والجمهور من إثبات هذه الرواية.
وقال والطريقان في كل فرقة من الحاكم.
قوله (وإن طلق ثلاثا أو فسخ صح ذلك).
يعني لو طلق الحاكم ثلاثا أو فسخ صح وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
190

قال القاضي هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله ونص عليه في الطلاق الثلاث في رواية أبي طالب.
وقطع به في المغني والشرح ونصراه والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدم في التبصرة أنه لا يملك ثلاثا.
وعنه يتعين الطلاق فلا يملك الفسخ.
وعنه يتعين الفسخ فلا يملك الطلاق.
فائدة لو قال فرقت بينكما فهو فسخ على الصحيح من المذهب.
وعنه طلاق.
قوله (وإن ادعى أن المدة ما انقضت أو أنه وطئها وكانت ثيبا فالقول قوله).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب احتمال أن القول قولها في عدم الوطء بناء على رواية في العنة.
فعلى المذهب لو طلقها فهل له رجعة أم لا لأنه ضرورة وفي الترغيب احتمالان في ذلك.
قوله (وإن كانت بكرا وادعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل فالقول قولها وإلا فالقول قوله بلا نزاع).
قوله (وهل يحلف من القول قوله على وجهين).
وهما روايتان.
وقال في الرعايتين والحاوي في الثيب روايتان وفي البكر وجهان.
191

وأطلقهما في الفروع والهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي.
أحدهما يحلف اختاره الخرقي في بعض النسخ.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والمحرر والمستوعب.
والوجه الثاني لا يحلف.
قال في رواية الأثرم لو ادعى وطء الثيب لا يمين عليه وصححه في التصحيح واختاره أبو بكر.
قال القاضي وهو أصح.
وقدمه بن رزين في شرحه وقال نص عليه لأنه لا يقضي فيه بالنكول.
قال في المغني وظاهر كلام الخرقي أنه لا يمين هنا إذا شهد بالبكارة لقوله في باب العنين فإن شهدت بما قالت أجلت سنة ولم يذكر يمينا وهذا قول أبي بكر.
وقال الناظم.
ودعواه بقيا الوقت أو وطء ثيب * فقلده وليحلف على المتأكد.
وإن تك بكرا ثم تشهد عدلة * بعذرتها تقبل وتحلف بمبعد.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الوجهين يشمل البكر إذا شهد بأنها بكر وأن فيها وجها يحلفها وهو صحيح.
ذكر هذا الوجه في الشرح والرعايتين والترغيب والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وظاهر كلامه في الفروع أن حكاية الوجهين فيها لم يذكره إلا في الترغيب فقط فإنه قال إذا شهد بالبكارة امرأة قبل وفي الترغيب في يمينها وجهان.
192

كتاب الظهار
قوله (وهو أن يشبه امرأته أو عضوا منها).
الصحيح من المذهب أن تشبيه عضو من امرأته كتشبيهها كلها وعليه الأصحاب.
وعنه ليس بمظاهر حتى يشبه جملة امرأته.
قوله (بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي أو كيد أختي أو خالتي من نسب أو رضاع).
الصحيح من المذهب أن من تحرم عليه بسبب كالرضاع ونحوه حكمها حكم من تحرم عليه بنسب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يكون مظاهرا إذا أضافه إلى من تحرم عليه بسبب.
وقيل إن كان السبب مجمعا عليه فهو مظاهر وإلا فلا.
قوله (وإن قال أنت علي كأمي).
وكذا قوله أنت عندي أو مني أو معي كأمي أو مثل أمي كان مظاهرا.
إن نوى به الظهار كان ظهارا وإن أطلق فالصحيح من المذهب أنه صريح في الظهار أيضا نص عليه واختاره أبو بكر قاله الشارح.
وجزم به في المحرر وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
193

وعنه ليس بظهار اختاره بن أبي موسى في الإرشاد فقال فيه روايتان أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه.
واختاره المصنف فقال والذي يصح عندي في قياس المذهب إن وجدت نية أو قرينة تدل على الظهار فهو ظهار وإلا فلا.
قوله (وإن قال أردت كأمي في الكرامة أو نحوه دين بلا نزاع وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين).
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع.
وهما روايتان في المحرر والفروع ووجهان في المستوعب والرعاية.
إحداهما يقبل في الحكم وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح وصححه في التصحيح وقدمه بن رزين في شرحه.
قال في الإرشاد أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه.
والرواية الثانية لا يقبل.
قوله (وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي فذكر أبو الخطاب فيها روايتين).
يعني يكون كقوله أنت علي كأمي هل هو صريح أو كناية.
قال المصنف هنا والأولى أن هذا ليس بظهار إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على إرادته وهو المذهب اختاره بن أبي موسى.
قال في المحرر ولو لم يقل علي لم يكن مظاهرا إلا بالنية.
وقال في الفروع وإن قال أنت أمي أو كأمي أو مثل أمي وأطلق فلا ظهار.
وقال في البلغة أما الكناية فنحو قوله أمي أو كأمي أو مثل أمي لم يكن مظاهرا إلا بالنية أو القرينة وجزم به في الرعاية الصغرى.
194

وعنه أنه يكون ظهارا اختاره أبو بكر.
قال في الترغيب وهو المنصوص.
قال في الهداية والمذهب والهادي والمستوعب فهو صريح في الظهار نص عليه وقدمه في الخلاصة.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير وإن قال أنت كأمي أو مثلها فصريح نص عليه.
وقيل ليس ظهارا بلا نية ولا قرينة.
وإن قال نويت في الكرامة دين وفي الحكم على روايتين.
وقيل هو كناية في الظهار.
وقيل إن قال أنت علي كأمي أو مثلها ولم ينو الكرامة فمظاهر وإن نواها دين وفي الحكم روايتان.
وإن أسقط علي فلغو إلا أن ينوي الظهار ومع ذكر الظهر لا يدين انتهيا فذكر الطريقتين.
قوله (وإن قال أنت علي كظهر أبي أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين).
وأطلقهما في المستوعب والشرح.
وأطلقهما في الأولتين في الخلاصة.
إحداهما هو ظهار وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واختاره فيما إذا قال كظهر أجنبية الخرقي وأبو بكر في التنبيه وجماعة من الأصحاب على ما حكاه القاضي.
واختاره القاضي أيضا في موضع من كلامه.
195

والرواية الثانية ليس بظهار واختاره فيما إذا قال كظهر الأجنبية بن حامد والقاضي في التعليق والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وكذا أبو بكر على ما حكاه عنه المصنف.
قال الزركشي وفي معنى مسألة الخرقي إذا شبه امرأته بأخت زوجته ونحوها لأن تحريمها تحريم مؤقت.
وعنه هو ظهار إن قال أنت علي كظهر أبي أو كظهر رجل نصره القاضي وأصحابه.
قال في الفروع وعكسها أبو بكر.
فعلى الرواية الثانية عليه كفارة يمين على الصحيح من المذهب.
وعنه لغو لا شيء فيه وأطلقهما الزركشي.
قوله (وإن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا).
هذا هو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الشرح والرعايتين.
وقيل يكون مظاهرا إذا نواه.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير والفروع والمغني وحكاهما روايتين والمعروف وجهان.
قوله (وإن قال أنت علي حرام فهو مظاهر إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين).
وأطلقهما في الفروع إذا قال أنت علي حرام وأطلق فالصحيح من المذهب أنه ظهار كما جزم به المصنف هنا واختاره الخرقي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
196

وعنه هو يمين.
وعنه هو طلاق بائن حتى نقل حنبل والأثرم الحرام ثلاث حتى لو وجدت رجلا حرم امرأته وهو يرى أنها واحدة فرقت بينهما مع أن أكثر الروايات عنه كراهة الفتيا في الكنايات الظاهرة.
قال في المستوعب لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في باب صريح الطلاق وكنايته.
وأما إذا نوى بذلك طلاقا أو يمينا فعنه يكون ظهارا أيضا وهو الصحيح من المذهب نقله الجماعة.
قال في الفروع وهو الأشهر وكذا قال في المغني والشرح.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الخلاصة وغيرها.
والرواية الثانية يقع ما نواه.
جزم به في المنور واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وأطلقهما في الرعايتين والفروع.
وتقدم ذلك مستوفى في باب صريح الطلاق وكنايته.
فائدة لو قال أنت حرام إن شاء الله فلا ظهار على الصحيح من المذهب نص عليه خلافا لابن شاقلا وابن بطة وابن عقيل.
قوله (ويصح من كل زوج يصح طلاقه).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب فيصح ظهار الصبي حيث صححنا طلاقه.
قال في عيون المسائل سوى الإمام أحمد رحمه الله بينه وبين الطلاق.
197

قال في القواعد الأصولية أكثر الأصحاب على صحة ظهاره وإيلائه.
قال ناظم المفردات هذا هو المشهور وهو من مفردات المذهب.
وقال المصنف هنا والأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار ولا إيلاء لأنه يمين مكفرة فلم تنعقد في حقه.
قال في المذهب ومسبوك الذهب في باب الأيمان وتنعقد يمين الصبي المميز في أحد الوجهين.
وقال في الموجز يصح من زوج مكلف.
قال في عيون المسائل يحتمل أن لا يصح ظهاره لأنه تحريم مبني على قول الزور وحصول التكفير والمأثم وإيجاب مال أو صوم.
قال وأما الإيلاء فقال بعض أصحابنا تصح ردته وإسلامه وذلك متعلق بذكر الله وإن سلمنا فإنما لم يصح لأنه ليس من أهل اليمين بمجلس الحكم لرفع الدعوى.
قال في الرعاية الكبرى من صح ظهاره صح طلاقه إلا المميز في الأصح فيه.
وقيل ظهار المميز كطلاقه.
وقال في الترغيب يصح الظهار من مرتدة.
قوله (مسلما كان أو ذميا).
الصحيح من المذهب صحة ظهار الذمي كالمسلم.
قال في الفروع وعلى الأصح وكافر.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وعنه لا يصح ظهاره لتعقبه كفارة ليس من أهلها ورد.
فعلى المذهب يكفر بالمال لا غير على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وجزم في القواعد الأصولية بصحة التكفير بالإطعام والعتق.
198

وإذا لزمته الكفارة فهل يحتاج إلى نية.
قال الدينوري ويعتبر في تكفير الذمي بالعتق والإطعام النية.
وقال ابن عقيل ويعتق أيضا بلا نية وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وقال ابن عقيل أيضا يصح العتق من المرتد.
وقال في عيون المسائل لأن الظهار من فروع النكاح أو قول منكر وزور والذمي أهل لذلك ويصح منه في غير الكفارة فصح منه فيها بخلاف الصوم.
وصححه في الانتصار من وكيل فيه.
تنبيهان
أحدهما شمل قوله يصح من كل زوج يصح طلاقه العبد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره وقدمه في المغني والشرح وقيل لا يصح ظهاره.
فعلى المذهب يأتي حكم تكفيره في آخر كتاب الأيمان.
الثاني مفهوم كلامه أن من لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره وهو صحيح كالطفل والزائل العقل بجنون أو إغماء أو نوم أو غيره وكذا المكره إذا لم نصحح طلاقه وحكم ظهار السكران مبني على طلاقه.
قوله (وإن ظاهر من أمته أو أم ولده لم يصح بلا نزاع وعليه كفارة يمين).
هذا المذهب نقله الجماعة.
قال الزركشي وهو المشهور والمختار.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
199

ويحتمل أن يلزمه كفارة ظهار وهو لأبي الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها حنبل قاله في الفروع.
وقال في المحرر نقلها أبو طالب.
وقال أبو الخطاب ويحتمل أن لا يلزمه شيء وهو تخريج في المحرر والفروع من رواية فيما إذا ظاهرت هي من زوجها الآتية.
وذكر في عمد الأدلة والترغيب رواية بالصحة.
قوله (وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة).
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع هذا المذهب.
قال الزركشي هذا المعروف والمشهور والمجزوم به عند كثير من الأصحاب حتى قال القاضي في روايتيه لم تكن مظاهرة رواية واحدة انتهى.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر وغيره وهو من مفردات المذهب.
وعنه أنها تكون مظاهرة اختاره أبو بكر وابن أبي موسى فتكفر إن طاوعته.
وإن استمتعت به أو عزمت فكمظاهر.
قوله (وعليها كفارة ظهار).
هذا المذهب قاله في الفروع وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور واختيار الخرقي والقاضي وجماعة من أصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابنه أبي الحسين.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
200

وهو من مفردات المذهب.
وعنه عليها كفارة يمين.
قال المصنف والشارح هذا أقيس على مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأشبه بأصوله.
وعنه لا شيء عليها ومنها خرج في التي قبلها كما تقدم.
قوله (وعليها التمكين قبل التكفير).
يعني إذا قلنا إنها ليست مظاهرة وعليها كفارة الظهار وهذا المذهب وجزم به في المحرر وغيره.
قال في الرعاية الصغرى وعليها أن تمكنه قبلها في الأصح.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الكبرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا تمكنه قبل التكفير.
وحكى ذلك عن أبي بكر حكاه عنه في الهداية.
قال المصنف وليس بجيد لأن ظهار الرجل صحيح وظهارها غير صحيح.
قال الزركشي قلت قول أبي بكر جار على قوله من أنها تكون مظاهرة.
وقال في المحرر وغيره وليس لها ابتداء القبلة والاستمتاع.
فائدتان
إحداهما يجب عليها كفارة الظهار قبل التمكين على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل بعده.
قال ابن عقيل رأيت بخط أبي بكر العود التمكين.
الثانية وكذا الحكم لو علقته المرأة بتزويجها مثل إن قالت إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي.
201

قال في الفروع فكذلك ذكره الأكثر وهو ظاهر نصوصه ولم يفرق بينهما الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في المحرر فهو ظهار وعليها كفارة الظهار نص عليه في رواية أبي طالب وجزم به في الرعايتين والحاوي وغيرهم وقالوا نص عليه.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أنه لغو.
قوله (وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر).
يصح الظهار من الأجنبية ولا يطؤها إذا تزوجها حتى يكفر على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الرعاية الكبرى صح في الأشهر.
قال الزركشي هذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله وعليه أصحابه.
وجزم به في الرعاية الصغرى والوجيز وغيرهما.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يصح كالطلاق.
قال في الانتصار هذا قياس المذهب كالطلاق.
وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله رواية.
والفرق أن الظهار يمين والطلاق حل عقد ولم يوجد.
فائدة وكذا الحكم إذا علقه فتزوجها بأن قال إذا تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي خلافا ومذهبا.
قوله (وإن قال أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك يعني إذا قال ذلك للأجنبية وهذا بلا نزاع).
(وإن أراد في تلك الحال فلا شيء عليه لأنه صادق).
202

وكذا إذا أطلق وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب وجه فيما إذا أطلق أنها كالتي قبلها في أنه يصح ولا يطأ إذا تزوجها حتى يكفر.
وقال في الرعايتين وكذا إن قال أنت علي حرام ونوى أبدا وإن نوى في الحال فلغو وإن أطلق احتمل وجهين.
فائدتان
إحداهما لو قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله.
فالصحيح من المذهب أنه ليس بظهار نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل هو ظهار اختاره بن عقيل.
الثانية لو ظاهر من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى أشركتك معها أو أنت مثلها فهو صريح في حق الثانية أيضا على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الهداية والمحرر والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
ويحتمل أنه كناية وهو رواية.
وقال في الرعاية الكبرى آخر باب الإيلاء إذا قال ذلك فقد صار مظاهرا منهما وفي اعتبار نيته وجهان.
وتقدم ذلك مستوفى في باب صريح الطلاق وكنايته فليعاود.
قوله (ويحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير).
إن كان التكفير بالعتق أو الصيام حرم الوطء إجماعا للنص وإن كان بالإطعام حرم أيضا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
منهم القاضي في خلافه وروايتيه والشريف والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
203

وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يحرم وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام اختاره أبو بكر وأبو إسحاق.
قوله (وهل يحرم الاستمتاع منها بما دون الفرج على روايتين).
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي.
إحداهما يحرم وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
وصححها في الهداية والمذهب والخلاصة والهادي واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الفروع وتجريد العناية والمستوعب.
قال في القواعد أشهرهما التحريم.
والرواية الثانية لا يحرم نقلها الأكثرون.
وذكر في الترغيب أنها أظهرهما عنه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وقدمه في المحرر والنظم.
قوله (وتجب الكفارة بالعود وهو الوطء نص عليه الإمام أحمد رحمه الله وأنكر على الإمام مالك رحمه الله أنه العزم على الوطء).
وهذا المذهب اختاره الخرقي وصاحب الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
204

وقال القاضي وأبو الخطاب هو العزم.
قال في المحرر وغيره وقال القاضي وأصحابه العود العزم.
قال الزركشي قطع به القاضي وأصحابه وذكره بن رزين رواية.
قال القاضي نص عليه في رواية جماعة منهم الأثرم واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في البلغة وهو العزم على الأظهر.
قوله (ولو مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه).
وهذا مبني على المذهب وهو أن العود هو الوطء.
وأما إن قلنا إن العود هو العزم على الوطء لو عزم ثم مات أو طلقها قبل الوطء وجبت الكفارة.
فرعه في المحرر وغيره على قول القاضي وأصحابه.
وعن القاضي لا تجب قاله في الفروع.
وقال المصنف والشارح وقال القاضي وأصحابه العود العزم على الوطء.
إلا أنهم لم يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء إذا مات أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه قال إذا مات بعد العزم أو طلق فعليه الكفارة.
قوله (وإن وطئ قبل التكفير أثم واستقرت عليه الكفارة).
اعلم أن الوطء قبل التكفير محرم عليه ولا تسقط الكفارة بعد وطئه بموت ولا طلاق ولا غير ذلك وتحريمها عليه باق حتى يكفر ولو كان مجنونا نص عليه قاله في المحرر وغيره.
قال في الفروع ونصه تلزم مجنونا بوطئه.
قلت فيعايى بها.
205

قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يلزم المجنون كفارة بوطئه وأنه كاليمين.
قال وهو أظهر وفي الترغيب وجهان كإيلاء.
قوله (وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وابن حامد والقاضي وغيرهم وجزم به في الخلاصة وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو بكر في الخلاف يبطل الظهار وتحل له فإن وطئها فعليه كفارة يمين واختاره أبو الخطاب.
ويتخرج أنه لا كفارة عليه كظهاره من أمته.
قوله (وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة).
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر وابن حامد والقاضي.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب القاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
206

وعنه إن كرره في مجلس واحد فكفارة واحدة وإن كرره في مجالس فكفارات.
قال الزركشي وحكى أبو محمد في المقنع رواية إن كرره في مجالس فكفارات قال ولا أظنه إلا وهما.
قلت ليس الأمر كما قال فإن الشارح ذكرها وقال وهو مذهب أصحاب الرأي وروى عن علي رضي الله عنه وعمرو بن دينار رحمه الله وذكرها في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه تتعدد الكفارة بتعدد الظهار ما لم ينو التأكيد أو الإفهام.
قال الزركشي وأبو محمد في الكافي يحكي هذه الرواية إن نوى الاستئناف تكررت وإلا لم تتكرر وهو ظاهر كلام القاضي في روايتيه وليس بجيد فإن مأخذ هذه الرواية في الرجل يحلف على شيء واحد أيمانا كثيرة فإن أراد تأكيد اليمين فكفارة واحدة انتهى.
وعنه تتعدد مطلقا.
قوله (وإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة فإن كان بكلمات فلكل واحدة كفارة).
هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال ابن حامد إذا ظاهر بكلمات فلكل واحدة كفارة رواية واحدة.
قال القاضي المذهب عندي ما قاله بن حامد.
قال المصنف والشارح إذا ظاهر بكلمة واحدة فكفارة واحدة بغير خلاف في المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
207

وعنه عليه كفارة واحدة سواء كان بكلمة أو بكلمات اختاره أبو بكر وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وعنه عليه كفارات مطلقا.
وعنه إن كان بكلمات في مجالس فكفارات وإلا فواحدة.
فائدة قوله في كفارة الظهار هي على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
عدم استطاعة الصوم إما لكبر أو مرض مطلقا.
وقال في الكافي لمرض لا يرجى زواله أو يخاف زيادته أو تطاوله.
وقال المصنف وغيره أو لشبق واختاره في الترغيب.
أو لضعفه عن معيشة تلزمه وهو خلاف ما نقله أبو داود رحمه الله وغيره.
وفي الروضة لضعف عنه أو كثرة شغل أو شدة حر أو شبق انتهى.
قوله (وكفارة الوطء في رمضان مثلها في ظاهر المذهب).
يعني أنها على الترتيب ككفارة الظهار.
وعنه أن كفارة رمضان على التخيير.
وتقدم ذلك مستوفى في كلام المصنف في آخر باب ما يفسد الصوم.
قوله (وكفارة القتل مثلهما يعني أنها على الترتيب في العتق والصيام إلا في الإطعام ففي وجوبه روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والبلغة والزركشي.
إحداهما لا يجب الإطعام في كفارة القتل وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
208

وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر.
وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي الخطاب والشريف في خلافيهما.
والرواية الثانية يجب اختاره في التبصرة والطريق الأقرب وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والنظم وغيرهم وصححه في التصحيح وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
قوله (والاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين).
وكذا قال في الهداية والمستوعب وهو المذهب كالحد نص عليهما والقود وصححه في التصحيح.
قال ناظم المفردات هذا مذهبنا المختار وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع ونصره المصنف والشارح.
قال الزركشي وهو اختيار القاضي في تعليقه والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وابن شهاب وأبي الحسين والشيرازي وابن عقيل وغيرهم انتهى.
وهو ظاهر كلام الخرقي حيث قال إذا وجبت وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه كفارة الصوم لا يجزئه غيره.
وهو من مفردات المذهب.
فعليها إمكان الأداء مبني على الزكاة على ما تقدم.
وعليها إذا وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزه إلا العتق وإن وجبت وهو معسر ثم أيسر لم يلزمه العتق وله الانتقال إليه إن شاء مطلقا على الصحيح من المذهب.
209

جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
قال في البلغة وهو الصحيح عندي.
قال في الترغيب العتق هنا هدى المتعة أولى.
وقال في المذهب ظاهر المذهب لا يجزئه عتق.
وعنه في العبد إذا عتق لا يجزئه غير الصوم اختاره الخرقي وتقدم لفظه.
وخرج أبو الخطاب فيمن أيسر لا يجزئه غير الصوم كالرواية التي في العبد وهو رواية في الانتصار والترغيب.
وعليها أيضا وقت الوجوب في الظهار من حين العود لا وقت المظاهرة ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين وفي القتل زمن الزهوق لا زمن الجرح.
وتقديم الكفارة قبل الوجوب تعجيل لها قبل وجوبها لوجود سببها كتعجيل الزكاة قبل الحول بعد كمال النصاب قاله المصنف والشارح وغيرهما.
والرواية الثانية من أصل المسألة الاعتبار بأغلظ الأحوال.
اختارها القاضي في روايتيه وحكاها الشريف وأبو الخطاب عن الخرقي قال الزركشي وكأنهما أخذا ذلك من قوله ومن دخل في الصوم ثم أيسر لم يكن عليه الخروج من الصوم إلى العتق أو الإطعام إلا أن يشاء.
إذ ظاهره أن من لم يدخل في الصوم كان عليه الانتقال قال وما تقدم أظهر انتهى.
فمن أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين التكفير لا يجزئه غيره.
وقيل إن حنث عبد صام.
وقيل أو يكفر بمال.
وقيل إن اعتبر أغلظ الأحوال.
210

وذكر الشيرازي في المبهج وابن عقيل رواية أن الاعتبار بوقت الأداء.
قوله (وإذا شرع في الصوم ثم أيسر لم يلزمه الانتقال عنه).
هذا المذهب وجزم به في المغني والوجيز وغيرهما.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب.
قال في القاعدة السابعة لو شرع في كفارة ظهار أو يمين أو غيرهما ثم وجد الرقبة فالمذهب لا يلزمه الانتقال وصححه في الشرح وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يلزمه.
تنبيه قد يقال إن ظاهر كلام المصنف أن له أن ينتقل إلى العتق والإطعام وهو كذلك وصرح به الخرقي وغيره.
وخرج أبو الخطاب قولا في الحر المعسر أنه كالعبد لا يجزئه غير الصوم على ما يأتي في آخر كتاب الأيمان.
فائدة قوله فمن ملك رقبة أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام وغيرها من حوائجه الأصلية بثمن مثلها لزمه العتق بلا نزاع.
ويشترط أيضا أن يكون فاضلا عن وفاء دينه على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع وغيره وصححه المصنف وغيره.
وعنه لا يشترط ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الرعايتين.
ومحل الخلاف عند المصنف وجماعة إذا لم يكن مطالبا بالدين أما إن كان مطالبا به فلا تجب وغيرهم يطلق الخلاف.
تنبيه قوله (ومن له خادم يحتاج إلى خدمته أو دار يسكنها
211

أو دابة يحتاج إلى ركوبها أو ثياب يتجمل بها أو كتب يحتاج إليها).
يعني إذا كان ذلك صالحا لمثله فلو كان عنده خادم يمكن بيعه ويشتري به رقبتين يستغني بخدمة أحدهما ويعتق الأخرى لزمه ذلك.
وكذا لو كان عنده ثياب فاخرة تزيد على ملابس مثله أو دار يمكنه بيعها وشراء ما يكفيه لسكنى مثله قال ذلك المصنف والشارح وغيرهما.
قال في الفروع فاضلا عما يحتاج إليه من أدنى مسكن صالح لمثله.
قوله (وإن وجدها بزيادة لا تجحف به فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح ابن منجا.
أحدهما يلزمه وهو المذهب اختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
قال في البلغة لا يلزمه إذا كانت الزيادة تجحف بماله.
وهو ظاهر كلامه في الفروع لأنه قاس الوجهين على الوجهين في الماء وصحح في الماء اللزوم.
والوجه الثاني لا يلزمه.
قوله (وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة لزمه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم
212

والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والقواعد وغيرهم.
قال الزركشي بلا نزاع أعلمه.
وقيل لا يلزمه اختاره الشارح وأطلقهما في الكافي.
قال في الشرح إذا كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة فقد ذكر شيخنا فيما إذا عدم الماء فبذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجهين اللزوم اختاره القاضي وعدمه اختاره أبو الحسن التميمي.
فيخرج هنا على وجهين والأولى إن شاء الله أنه لا يلزمه لذلك انتهى.
فائدة وكذا الحكم لو كان له مال ولكنه دين قاله في الرعاية.
قال المصنف والشارح وغيرهما وحكم الدين المرجو الوفاء حكم المال الغائب.
تنبيه ظاهر كلامه أن الرقبة إذا لم تبع بالنسيئة أنه يصوم وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الرعايتين صام في الأصح.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل لا يجوز له الصوم والحالة هذه.
قال الزركشي في كتاب الكفارات وهو مقتضى كلام الخرقي ومختار عامة الأصحاب حتى إن أبا محمد وأبا الخطاب والشيرازي وغيرهم جزموا به.
وقيل لا يجوز في غير الظهار للحاجة لتحريمها قبل التكفير.
قال في الرعاية الكبرى وقيل يصوم في الظهار فقط إن رجى إتمامه قبل حصول المال.
213

وقيل أو لم يرج.
قال الشارح تبعا للمصنف وإن لم يمكنه شراؤها نسيئة فإن كان مرجو الحضور قريبا لم يجز الانتقال إلى الصيام وإن كان بعيدا لم يجز الانتقال للصيام في غير كفارة الظهار لأنه لا ضرر في الانتظار.
وهل يجوز في كفارة الظهار على وجهين انتهى.
قوله (ولا يجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة بلا نزاع للآية وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يجزئه رقبة كافرة اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة وغيرهم.
فعلى الرواية الثانية هل تجزئ رقبة كافرة مطلقا أو يشترط أن تكون كتابية أو ذمية فيه ثلاثة أوجه وأطلقهن في الفروع.
قال في المغني والشرح وعنه يجزئ عتق رقبة ذمية.
قال الزركشي تجزئ الكافرة نص عليها في اليهودي والنصراني.
وقال في المحرر والهداية والمذهب والخلاصة والحاوي وغيرهم إحدى الروايتين تجزئ الكافرة وقدمه في الرعايتين.
وذكر أبو الخطاب وغيره أنه لا تجزئ الحربية والمرتدة اتفاقا.
214

تنبيه ظاهر قوله ولا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا كالعمى.
أن الأعور يجزئ وهو إحدى الروايتين وهو المذهب.
قدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وعنه لا يجزئ قدمه في التبصرة وأطلقهما في الرعايتين.
قوله (وشلل اليد والرجل أو قطعهما أو قطع إبهام اليد أو سبابتها أو الوسطى أو الخنصر أو البنصر من يد واحدة).
يعني لا يجزئ وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه إن كانت إصبعه مقطوعة فأرجو هذا يقدر على العمل.
تنبيه ظاهر كلامه أنه يجزئ عتق المرهون وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الرعايتين وجزم به في الفروع.
وقيل لا يجزئ ولا يصح إلا مع يسار الراهن.
وظاهر كلامه أنه يجزئ الجاني وهو صحيح ولو قتل في الجناية قاله في الرعايتين وغيره.
قال في الفروع يجزئ إن جاز بيعه.
فائدة قطع أنملة الإبهام كقطع الإبهام وقطع أنملتين من إصبع كقطعها وقطع أنملة من غير الإبهام لا يمنع الإجزاء.
تنبيهات
أحدها مفهوم كلامه أنه لو قطع واحدة من الخنصر والبنصر أو قطعا من يدين أنه يجزئه وهو صحيح وهو المذهب لا أعلم فيه خلافا.
215

ومفهوم كلامه أيضا أنه لو قطع إبهام الرجل أو سبابتها أنه لا يمنع الإجزاء وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح والوجيز.
وقطع في الرعاية الكبرى أنه لا يمنع الأجزاء قطع أصابع القدم.
والذي قدمه في الفروع أن حكم القطع من الرجل حكم القطع من اليد.
الثاني مفهوم قوله ولا يجزئ المريض الميئوس منه.
أنه لو كان غير ميئوس منه أنه يجزئ وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي والوجيز وغيرهم.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع.
وقيل لا يجزئ أيضا.
قال في الرعايتين ولا يجزئ مريض أيس منه أو رجي برؤه ثم مات في وجه.
الثالث ظاهر قوله لا يجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا أن الزمن والمقعد لا يجزئان وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يجزئ كل واحد منهما.
قال في الفروع ويتوجه مثلهما النحيف.
قوله (ولا غائب لا يعلم خبره).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع ولا يجزئ من جهل خبره في الأصح.
قال في القواعد الفقهية المشهور عدم الإجزاء.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم وغيرهم.
216

وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقيل يجزئ وهو احتمال في الهداية.
وحكاه بن أبي موسى في شرح الخرقي وجها.
وجزم القاضي في الخلاف أنه يجزئ من جهل خبره عن كفارته.
تنبيه محل الخلاف إذا لم يعلم خبره مطلقا أما إن أعتقه ثم تبين بعد ذلك كونه حيا فإنه يجزئ قولا واحدا قاله الأصحاب.
قوله (ولا أخرس لا تفهم إشارته).
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهما.
وقدمه في الفروع وفيه وجه يجزئ اختاره القاضي وجماعة من أصحابه قاله الزركشي.
وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله جوازه في رواية أبي طالب.
ويأتي قريبا في كلام المصنف حكم من فهمت إشارته.
فائدة لا يجزئ الأخرس الأصم ولو فهمت إشارته على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
واختار أبو الخطاب والمصنف الإجزاء إذا فهمت إشارته.
ويأتي في كلام المصنف إذا كان أصم فقط.
قوله (ولا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
217

قال الزركشي هو المشهور والمختار للأصحاب.
قال في المحرر ولا يجزئ على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزئ.
قوله (ولا أم الولد في الصحيح عنه).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في المحرر لا تجزئ على الأصح.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تجزئ.
قلت ويجيء عند من يقول بجواز بيعها الإجزاء.
وأطلقهما في الرعايتين.
قوله (ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال القاضي هذا الصحيح.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي وأصحابه.
وقطع به الخرقي والأدمي في منتخبه وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزئ مطلقا اختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
218

قال في النظم وهو الأولى.
وعنه لا يجزئ مكاتب بحال.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
وأطلق الثانية والثالثة في الرعايتين.
فائدة لو أعتق عن كفارته عبدا لا يجزئ في الكفارة نفذ عتقه ولا يجزئ عن الكفارة ذكره المصنف وغيره.
قوله (ويجزئ الأعرج يسيرا بلا نزاع والمجدوع الأنف والأذن والمجبوب والخصي).
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم منهم صاحب الفروع وغيره وصححه الزركشي وغيره.
وعنه لا يجزئ ذلك وتقدم حكم الأعور.
قوله (ومن يخنق في الأحيان).
يعني أنه لا يجزئ.
اعلم أنه إن كانت إفاقته أكثر من خنقه فإنه يجزئ وإن كان خنقه أكثر أجزأ أيضا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجماعة كثيرة من الأصحاب وقدمه في المحرر والفروع وغيرهما.
وقيل لا يجزئ.
قال في الفروع وهو أولى.
وجزم به في الرعاية الكبرى.
قوله (والأصم والأخرس الذي يفهم الإشارة وتفهم إشارته).
يجزئ عتق الأصم على الصحيح من المذهب.
219

وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال في الوجيز والتبصرة لا يجزئ.
وأما الأخرس الذي تفهم إشارته ويفهم الإشارة فالصحيح من المذهب أنه يجزئ.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
واختاره القاضي وجماعة من أصحابه والمصنف والشارح.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وعنه لا يجزئ الأخرس مطلقا.
تنبيه قوله والمدبر.
يعني أنه يجزئ ومراده إذا قلنا بجواز بيعه قاله الأصحاب.
قوله (والمعلق عتقه بصفة).
يعني أنه يجزئ.
واعلم أن المصنف ذكر قبل ذلك أنه لا يجزئ عتق من علق عتقه بصفة عند وجودها.
وقطع هنا بإجزاء عتق من عتق علقه بصفة.
فمراده هنا إذا أعتقه قبل وجود الصفة وهو صحيح في المسألتين ولا أعلم فيه نزاعا.
قوله (وولد الزنى).
يعني أنه يجزئ وهو المذهب ولا أعلم فيه خلافا.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحصل له أجره كاملا خلافا لمالك رحمه الله فإنه يشفع مع صغره لأمه لا أبيه.
220

قوله (والصغير).
يعني أنه يجزئ وهو المذهب.
قال المصنف والشارح وقال أبو بكر وغيره من الأصحاب يجوز إعتاق الطفل في الكفارة.
قال الزركشي هذا اختيار الأكثرين فيجوز عتق الطفل الصغير.
وجزم به في الهداية والمذهب والمنور ومنتخب الآدمي.
واختاره المصنف وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع.
وقيل يعتبر أن يكون له سبع سنين إن اشترط الإيمان.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
قال في الوجيز ويجزئ بن سبع.
وقال الخرقي يجزئ إذا صام وصلى.
وقيل يجزئ وإن لم يبلغ سبعا.
ونقل الميموني يعتق الصغير إلا في قتل الخطأ فإنه لا يجزئ إلا مؤمنة وأراد التي قد صلت.
وقال القاضي في موضع من كلامه يجزئ إعتاق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين.
فائدة لا يجزئ إعتاق المغصوب على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع في موضع.
وفيه وجه آخر أنه يجزئ.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
وقال في الفروع في مكان آخر وفي مغصوب وجهان في الترغيب.
قوله (وإن أعتق نصف عبد وهو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه إلا على رواية وجوب الاستسعاء).
221

وهو صحيح وقاله الأصحاب.
واختار في الرعايتين الإجزاء مع القول بوجوب الاستسعاء.
قوله (وإن أعتقه وهو موسر فسرى لم يجزه نص عليه).
وهو المذهب اختاره أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز والمصنف والشارح والناظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن يجزئه يعني إذا نوى عتق جميعه عن كفارته كعتقه بعض عبده ثم بقيته اختاره القاضي وأصحابه.
قال في الحاوي الصغير وهو الأقوى عندي.
قال القاضي قال غير الخلال وأبي بكر عبد العزيز يجزئه إذا نوى عتق جميعه عن كفارته.
قوله (وإن أعتق نصفا آخر أجزأه عند الخرقي).
يعني أنه كمن أعتق نصفي عبدين وهو المذهب.
قال في الروضة هذا الصحيح من المذهب.
قال في عيون المسائل هذا ظاهر المذهب.
قال الشريف أبو جعفر هذا قول أكثرهم.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي في تعليقه وعامة أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وابن البنا والشيرازي وصححه في الخلاصة وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
ولم يجزئه عند أبي بكر.
واختاره بن حامد فيما حكاه القاضي في روايتيه وجزم به في العمدة.
وذكر بن عقيل وصاحب الروضة هذين القولين روايتين.
222

وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر والرعايتين والحاوي.
وعند القاضي إن كان باقيهما حرا أجزأ وإلا فلا واختاره المصنف.
وجزم به في الوجيز وقدمه في النظم.
وقيل إن كان باقيهما حرا أو أعتق كل واحدة منهما عن كفارتين أجزأه وإلا فلا.
قال في المحرر والحاوي وهذا أصح.
وجزم بالثاني ناظم المفردات وهو منها.
وذكر هذه الأقوال في الهدى روايات عن الإمام أحمد رحمه الله.
فائدة وكذا الحكم لو أعتق نصفي عبدين أو أمتين أو أمة وعبدا بل هذه هي الأصل في الخلاف.
وقيل إن كان باقيهما حرا أجزأ وجها واحدا لتكميل الحرية.
قال في القاعدة الحادية بعد المائة وخرج الأصحاب على الوجهين لو أخرج في الزكاة نصفي شاتين وزاد في التلخيص لو أهدى نصفي شاتين.
قال في القواعد وفيه نظر إذ المقصود من الهدى اللحم ولهذا أجزأ فيه شقص من بدنة.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الإجزاء هنا انتهى.
قوله (فمن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان أو عبدا).
قال الشارح يستوي في ذلك الحر والعبد عند أهل العلم لا نعلم فيه خلافا.
قوله (ولا تجب نية التتابع).
223

هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والنظم والزركشي وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل يجب وأطلقهما في البلغة والرعايتين.
فعلى القول بالوجوب في الاكتفاء بالليلة الأولى والتجديد كل ليلة وجهان ذكرهما في الترغيب.
قلت قواعد المذهب تقتضي أنه لا يكتفى بالليلة الأولى وأنه لا بد من التجديد كل ليلة ويبيت النية.
وفي تعيينها جهة الكفارة وجهان ذكرهما في الترغيب أيضا.
قلت الصواب وجوب التعيين.
وقد تقدم في باب النية أن الصحيح من المذهب وجوب نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض ونية الأداء للحاضرة فهنا بطريق أولى.
قوله (فإن تخلل صومها صوم شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد أو الفطر لحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع).
إذا تخلل صوم الشهرين صوم شهر رمضان أو فطر يومي العيدين أو حيض أو جنون انقطع التتابع نص عليه في العيد والحيض ولم يلزمه كفارة عند الأصحاب.
وكون الصوم لا ينقطع إذا تخلله رمضان أو يوم العيد من مفردات المذهب.
وقال في الروضة إن أفطر لعذر كمرض وعيد بنى وكفر كفارة يمين انتهى.
وإذا تخلل ذلك مرض ومخوف لم يقطع التتابع ولم يلزمه كفارة.
224

جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمغني والشرح والوجيز والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
قال في الفروع قال جماعة ومرض مخوف.
وتقدم قول صاحب الروضة.
وإذا أفطرت الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع لا أعلم فيه خلافا.
وإذا أفطرت لأجل النفاس فجزم المصنف هنا أنه لا ينقطع التتابع أيضا وهو أحد الوجهين والصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
والوجه الثاني ينقطع التتابع وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز والخلاصة فإنهما لم يذكراه فيما لا يقطع التتابع.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
قوله (وكذلك إن خافتا على ولديهما).
يعني إذا أفطرتا لخوفهما على ولديهما لم يقطع التتابع وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
اختاره أبو الخطاب في الهداية وصححه في الخلاصة.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس والمصنف وغيرهم وقدمه في الفروع.
ويحتمل أن ينقطع وهو للقاضي واختاره.
225

وهو ظاهر ما جزم به الناظم.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدتان
إحداهما لو أفطر مكرها أو ناسيا كمن وطئ كذلك أو خطأ كمن أكل يظنه ليلا فبان نهارا لم يقطع التتابع على الصحيح من المذهب كالجاهل به.
جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يقطعه وأطلقهما الزركشي.
قال المصنف ومن تبعه لو أكل ناسيا لوجوب التتابع أو جاهلا به أو ظنا منه أنه قد أتم الشهرين انقطع تتابعه.
الثانية قوله وإن أفطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف بلا نزاع.
ويقع صومه عما نواه على الصحيح من المذهب.
وقال في الترغيب هل يفسد أو ينقلب نفلا فيه وفي نظائره وجهان.
قوله (وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما لا ينقطع التتابع به وهو المذهب.
قدمه في الكافي والفروع وجزم به الآدمي في منتخبه وابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل المصنف وهو ظاهر كلام الخرقي.
226

قال الشارح لا ينقطع التتابع بفطره في السفر المبيح له على الأظهر وأطلق الوجهين في المرض.
والوجه الثاني يقطعه وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وقيل يقطع السفر لأنه أنشأه باختياره ولا يقطع المرض اختاره القاضي وجماعة من أصحابه.
وقال القاضي نص عليه.
قال الزركشي هو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قوله (وإن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع).
هذا المذهب مطلقا جزم به في الوجيز.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي الصغير والفروع.
ويأتي كلامه في الرعاية الكبرى.
قال الناظم هذا أولى.
وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا فيهما.
قال في الرعاية الصغرى وإن وطئ من ظاهر منها ليلا عمدا أو نهارا سهوا انقطع على الأصح.
وقال في الكبرى وإن وطئ من ظاهر منها ليلا عمدا.
وقيل أو سهوا أو نهارا سهوا لم ينقطع التتابع على الأصح فيهما فاختلف تصحيحه.
قال الزركشي فيما إذا وطئ ليلا هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي وأصحابه والشيخين وغيرهم.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه إذا أصاب المظاهر منها ليلا عمدا أنه ينقطع قولا واحدا لأنه إنما حكى الخلاف في
النسيان.
227

وليس الأمر كذلك بل الخلاف جار في العمد والسهو بلا نزاع عند الأصحاب.
قال الزركشي وهو غفلة من المصنف انتهى.
قلت الظاهر أن سبب ذلك متابعته لظاهر كلامه في الهداية فإنه قال إذا وطئ المظاهر منها ليلا أو نهارا ناسيا انقطع التتابع في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا ينقطع.
فظاهره أن قوله ناسيا راجع إلى الليل والنهار وإنما هو راجع إلى النهار فتابعه على ذلك وغير العبارة فحصل ذلك.
فائدتان
إحداهما قوله فإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع.
وهذا بلا خلاف أعلمه وكذا لو أصابها نهارا ناسيا أو لعذر يبيح الفطر.
الثانية لا ينقطع بوطئه في أثناء الإطعام والعتق على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ونقله بن منصور في الإطعام ومنعهما في الانتصار ثم سلم الإطعام لأنه بدل والصوم مبدل كوطء من لا يطيق الصوم في الإطعام.
وقال في الرعاية وفي استمتاعه بغيره روايتان.
وذكر المصنف أنه ينقطع إن أفطر.
قوله (فإن لم يستطع لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما).
يشترط الإسلام في المسكين في دفع الكفارة إليه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج أبو الخطاب جواز دفعها إلى الذمي إذا كان مسكينا من جواز عتقه في الكفارة.
228

وخرج الخلال جواز دفعها إلى كافر.
قال ابن عقيل لعله أخذه من المؤلفة.
قال الزركشي وحكى الخلال في جامعه رواية بالجواز.
قال القاضي لعله بنى ذلك على جواز عتق الذمي في الكفارة انتهى.
واقتصر بن القيم رحمه الله في الهدى على الفقراء والمساكين لظاهر القرآن.
قوله (صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام).
هذا إحدى الروايتين يعني أنه يشترط في جواز دفعها إلى الصغير أن يكون ممن يأكل الطعام وهذه الرواية اختيار الخرقي والقاضي والمصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته.
قال المجد هذه الرواية أشهر عنه.
وجزم به في الخلاصة والبلغة ونظم المفردات ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وعدم الإجزاء فيما إذا لم يأكل الطعام من مفردات المذهب.
والرواية الثانية يجوز دفعها إلى الصغير سواء كان يأكل الطعام أو لا وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والنظم والفروع.
وتقدم نظيره في باب ذكر أهل الزكاة.
قوله (ولا يجوز دفعها إلى مكاتب).
هذا إحدى الروايتين واختاره القاضي في المجرد والمصنف والشارح ونصراه وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وصححه والبلغة.
229

وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله أحرار.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
والرواية الثانية يجوز دفعها إليه وهو تخريج في الهداية وتابعه جماعة وهو المذهب اختاره القاضي وأبو الخطاب والشريف في خلافاتهم وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر والنظم.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (فإن دفعها إلى من يظنه مسكينا فبان غنيا فعلى روايتين كالروايتين اللتين في الزكاة حكما ومذهبا على ما تقدم في أواخر باب ذكر أهل الزكاة).
وتقدم أن الصحيح من المذهب الإجزاء.
قوله (وإن ردها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزه إلا أن لا يجد غيره فيجزيه في ظاهر المذهب).
وإن وجد غيره من المساكين لم يجزه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في المحرر هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا اختيار الخرقي والقاضي وأصحابه وعامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يجزيه اختاره بن بطة وأبو محمد الجوزي.
قال الزركشي اختاره أبو البركات.
وإن لم يجد غيره فالصحيح من المذهب الإجزاء وعليه جماهير الأصحاب.
230

قال المصنف والمجد وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يجزئه اختاره أبو الخطاب في الانتصار وصححها في عيون المسائل وقال اختارها أبو بكر.
قوله (وإن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الشارح هذا اختيار الخرقي وهو أقيس وأصح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يجزئه فيجزئ عن واحدة.
والأخرى إن كان أعلمه أنها كفارة رجع عليه وإلا فلا.
قال المصنف والشارح ويتخرج عدم الرجوع من الزكاة.
قوله (والمخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
واقتصر الخرقي على البر والشعير والتمر.
وإخراج السويق والدقيق هنا من مفردات المذهب.
وفي الخبز روايتان.
وكذا السويق وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والهادي والبلغة والشرح والنظم ونظم المفردات والمذهب الأحمد.
إحداهما لا يجزئ وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
231

والرواية الثانية يجزئ وهو اختيار الخرقي.
قال المصنف وهذه أحسن.
قلت وهو الصواب.
وصححه في التصحيح وجزم به الآدمي في منتخبه.
قال الزركشي اختاره القاضي وأصحابه ذكره في باب الظهار.
وقال في باب الكفارات اختاره القاضي وعامة أصحابه وقال يقرب من الإجماع.
وذكر المصنف على الإجزاء احتمالا أن الخبز أفضل المخرجات وما هو ببعيد.
واختار المصنف أن أفضل المخرج هنا البر قال للخروج من الخلاف.
والمذهب أن التمر أفضل.
قال الإمام أحمد رحمه الله التمر أعجب إلي.
قوله (وإن كان قوت بلده غير ذلك أجزأه منه لقوله تعالى 5 89 * (من أوسط ما تطعمون أهليكم) *).
هذا أحد الوجهين اختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قلت وهو الصواب.
وقال القاضي لا يجزئه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم والزركشي.
232

قوله (ولا يجزئ من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدين).
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الإيضاح يجزئ مد أيضا من غير البر كالبر وذكره المجد رواية ونقله الأثرم.
تنبيه قوله ولا من الخبز أقل من رطلين بالعراقي.
يعني إذا قلنا يجزئ إخراج الخبز وهو واضح إلا أن يعلم أنه مد فيجزئ ولو كان أقل من رطلين وكذا ضعفه من الشعير ونحوه قاله الأصحاب.
قوله (وإن أخرج القيمة أو غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والوجيز والمنتخب وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع وغيرهم.
وعنه يجزئه إذا كان قدر الواجب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله الإجزاء ولم يعتبر القدر الواجب وهو ظاهر نقل أبي داود وغيره فإنه قال أشبعهم قال ما أطعمهم قال خبزا ولحما إن قدرت أو من أوسط طعامكم.
قوله (ولا يجزئ الإخراج إلا بنية وكذا الإعتاق والصيام).
واعلم أنه يشترط النية في الإطعام والإعتاق والصيام ولا يجزئ نية التقرب فقط.
233

وتقدم هل تجب نية التتابع أم لا في كلام المصنف قريبا.
قوله (وإن كان عليه كفارات من جنس فنوى إحداها أجزأه عن واحدة).
ولا يجب تعيين سببها على الصحيح من المذهب اختاره القاضي.
قال في الفروع لم يشترط تعيين سببها في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقيل يشترط تعيين سببها.
قوله (وإن كانت من أجناس فكذلك عند أبي الخطاب).
يعني أنه لا يجب تعيين السبب وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع وغيره وصححه في المحرر وقال هو قول غير القاضي.
قال ابن شهاب على أن الكفارات كلها من جنس قال ولأن آحادها لا يفتقر إلى تعيين النية بخلاف الصلوات
وغيرها.
وعند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها كتيممه وكوجه في دم نسك ودم محظور وكعتق نذر وعتق كفارة في الأصح قاله في الترغيب.
قوله (فإن كانت عليه كفارة واحدة نسي سببها أجزأه كفارة واحدة على الوجه الأول).
قاله أبو بكر وغيره.
وعلى الوجه الثاني تجب عليه كفارات بعدد الأسباب.
واختار أبو الخطاب في الانتصار إن اتحد السبب فنوع وإلا جنس.
فائدة لو كفر مرتد بغير الصوم لم يصح على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع وقال القاضي المذهب صحته.
تنبيه تقدم في آخر باب ما يفسد الصوم هل تسقط جميع الكفارات بالعجز عنها أم لا وحكم أكله من كفاراته هل يجوز أم لا.
234

كتاب اللعان.
فوائد.
الأولى اللعان مصدر لاعن إذا فعل ما ذكر أو لعن كل واحد من الاثنين الآخر.
قال المصنف والشارح وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذبا.
وقال القاضي سمى بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذبا فتحصل اللعنة عليه انتهى.
وأصل اللعن الطرد والإبعاد قاله الأزهري يقال لعنه الله أي أبعده.
الثانية قوله وإذا قذف الرجل امرأته بالزنى فله إسقاط الحد باللعان.
بلا نزاع ويسقط الحد عنه بلعانه وحده.
ذكره المصنف وصاحب الترغيب.
وله إقامة البينة بعد اللعان ويثبت موجبهما.
الثالثة قوله وإذا قذف الرجل امرأته بالزنى يعني سواء قذفها به في طهر أصابها فيه أم لا وسواء كان في قبل أو دبر.
قوله (فله إسقاط الحد باللعان لا نزاع كما تقدم).
قال الأصحاب وله إسقاط بعضه به ولو بقي منه سوط واحد.
قوله (وصفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى).
هذا أحد الوجوه وهو المذهب جزم به في المغني والكافي والشرح.
235

وشرح ابن منجا والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يشترط أن يذكر الرمي بالزنى بل يقول بعد أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه.
وذكره الإمام أحمد رحمه الله وجزم به في المحرر والنظم والوجيز.
وقيل يقول بعد أشهد بالله إني لمن الصادقين فقط وأطلقهن في الفروع.
قوله (ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ثم تقول في الخامسة وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى).
فقطع المصنف هنا أنها تقول في الخامسة بعد ذلك فيما رماني به من الزنى فظاهره أنه يشترط ذكر ذلك وهو أحد الوجهين.
وهذا ظاهر ما جزم به في البلغة والرعايتين والحاوي وتذكرة بن عبدوس فإن عباراتهم كعبارة المصنف.
والصحيح من المذهب أنه لا يشترط ذكر ذلك.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وأخذ بن هبيرة بالآية 24 6 10 في ذلك كله.
ونقل بن منصور على ما في كتاب الله تعالى يقول الرجل أربع مرات أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين ثم يوقف عند الخامسة فيقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين والمرأة مثل ذلك.
236

قوله (وإن أبدل لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بالإبعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين).
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما لا يصح وهو المذهب.
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه في التصحيح.
قال في الهداية أحدهما لا يعتد بذلك وهو الأظهر.
قال في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة لا يعتد بذلك في أصح الوجهين.
قال في المستوعب لا يعتد بذلك في أظهر الوجهين.
قال الناظم ويلغي بذلك على المتجود.
قال في الفروع والأصح لا يصح.
قال في البلغة ويتعين لفظ الشهادة ولا يجوز إبداله وكذلك صيغة اللعنة والغضب على الأصح.
قال المصنف والصحيح أن ما اعتبر فيه لفظ الشهادة لا يقوم غيره مقامه كالشهادات.
قال الزركشي لو أبدل لفظة اللعنة بالإبعاد أو بالغضب ففي الإجزاء ثلاثة أوجه.
ثالثها الإجزاء بالغضب لا بالإبعاد.
وفي إبدال لفظة أشهد بأقسم أو أحلف وجهان أصحهما لا يجزئ انتهى.
237

والوجه الثاني يصح.
قال ابن عبدوس في تذكرته ولا يبطل بتبديل لفظ بما يحصل معناه.
وأما إذا أبدلت الغضب باللعنة فإنه لا يجزئ قولا واحدا.
قوله (ومن قدر على اللعان بالعربية لم يصح منه إلا بها وإن عجز عنها لزمه تعلمها في أحد الوجهين).
وهما احتمالان مطلقان في الهداية وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والنظم.
أحدهما يصح بلسانه وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني لا يصح ويلزمه تعلمها.
وتقدم نظير ذلك في أركان النكاح وصفة الصلاة.
قوله (وإن فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي وشرح ابن منجا والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وصححه في النظم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وعنه لا يصح اختاره المصنف وقدمه في الشرح.
قوله (وهل يصح لعان من اعتقل لسانه وأيس من نطقه بالإشارة على وجهين).
238

وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما يصح وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وقدمه في الرعاية الكبرى وجزم به في الوجيز والمنور.
قال في الكافي هو كالأخرس.
الوجه الثاني لا يصح.
قوله (وهل اللعان شهادة أو يمين على روايتين).
وهذه المسألة من الزوائد.
إحداهما هو يمين قدمه في الرعايتين.
والثانية هو شهادة.
قوله (والسنة أن يتلاعنا قياما بمحضر جماعة).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وقدمه في الفروع.
وقيل بمحضر أربعة فأزيد جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والوجيز.
قال المصنف والشارح يسن أن يكون بمحضر جماعة من المسلمين ويستحب أن لا ينقصوا عن أربعة انتهى.
قلت لعل المسألة قولا واحدا وأن بعض الأصحاب قال جماعة وبعضهم قال أربعة ومراد من قال جماعة أن لا ينقصوا عن أربعة ولكن صاحب الفروع غاير بين القولين.
فإن كان أحد من الأصحاب صرح في قوله جماعة أنهم أقل من أربعة.
239

فمسلم وإلا فالأولى أن المسألة قولا واحدا كما قال المصنف والشارح والله أعلم.
قوله (في الأوقات والأماكن المعظمة).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يسن تغليظه بمكان ولا زمان اختاره القاضي والمصنف وقدمه في الكافي وصححه في المغني.
وأطلقهما في الفروع.
وخص في الترغيب هذين الوجهين بأهل الذمة وهو احتمال في المغني والشرح.
فائدة الزمان بعد العصر وقال أبو الخطاب في موضع آخر بين الأذانين والمكان بمكة بين الركن والمقام وبالمدينة عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها.
ويأتي لهذا مزيد بيان في باب اليمين في الدعاوى.
قوله (وأن يكون ذلك بحضرة الحاكم).
يشترط في صحة اللعان أن يكون بحضرة الحاكم أو نائبه وهو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن ظاهر كلام المصنف هنا أن حضوره مستحب ولم أره لغيره.
وقد يقال لا يلزم من كون المصنف جعله سنة انتفاء الوجوب إذ السنة في قوله والسنة أعم من أن يكون مستحبا أو واجبا.
فائدة لو حكما رجلا يصلح للقضاء وتلاعنا بحضرته فقال الشارح قد ذكرنا أن من شرط صحة اللعان أن يكون بحضرة الإمام أو نائبه.
240

وحكى شيخنا في آخر كتاب القضاء يعني في المقنع إذا تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما نفذ حكمه في اللعان في ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى وحكاه أبو الخطاب.
قلت وهو المذهب لأنه كحاكم الإمام.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره على ما يأتي هناك إن شاء الله تعالى.
وقال القاضي لا ينفذ إلا في الأموال خاصة.
وحاصله أنهما إذا حكما رجلا هل يكون كالحاكم من جميع الوجوه أم لا على ما يأتي بيانه.
قوله (فإن كانت المرأة خفرة بعث الحاكم من يلاعن بينهما).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في عيون المسائل في مسألة فسخ الخيار بلا حضور الآخر للزوج أن يلاعن مع غيبتها وتلاعن هي مع غيبته.
قوله (وإذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة منهن بلعان).
هذا المذهب وإحدى الروايات.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب يفرد كل واحدة منهن بلعان على ظاهر كلام أصحابنا.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
241

وعنه يجزئه لعان واحد وهو احتمال في الهداية وأطلقهما في الخلاصة.
وعنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعان واحد وإن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان.
فعلى القول بأنه يفرد كل واحدة بلعان يبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة فإن طالبن جميعا وتشاححن بدأ بإحداهن بالقرعة وإن لم يتشاححن بدأ بلعان من شاء منهن ولو بدأ بواحدة منهن بغير قرعة مع المشاحة صح.
تنبيه قوله في تتمة الرواية الثانية فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى وتقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى.
هذه الزيادة وهي قوله فيما رميتكن به من الزنى وفيما رماني به من الزنى مبنية على القول الذي جزم به في أول الباب عند صفة ما يقول هو وتقول هي.
وتقدم الخلاف هناك فكذا الحكم هنا.
قوله (ولا يصح إلا بشروط ثلاثة).
أحدها أن يكون بين زوجين عاقلين بالغين سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
قال الزركشي هذا اختيار القاضي في تعليقه وجماعة من أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا واختيار أبي محمد الجوزي أيضا وغيره انتهى.
242

وصححه في الهداية والمستوعب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الأخرى لا يصح إلا بين زوجين مكلفين مسلمين حرين عدلين اختاره الخرقي قاله القاضي والشريف وأبو الخطاب وغيرهم.
وعنه يصح من زوج مكلف وامرأة محصنة فإذا بلغت من يجامع مثلها ثم طلبت حد إن لم يلاعن إذن فلا لعان لتعزير.
قال الزركشي وهذه الرواية ظاهر كلام الخرقي لأنه اعتبر في الزوجة البلوغ والحرية والإسلام ولم يعتبر ذلك من الزوج.
ثم قال في كلام الخرقي تساهل وبينه.
وقال وعنه لا لعان بقذف غير محصنة إلا لولد يريد نفيه.
وذكر أبو بكر يلاعن بقذف صغيرة كتعزير.
وقال في الموجز ويتأخر لعانها حتى تبلغ.
وفي مختصر بن رزين إذا قذف زوجة محصنة بزنا حد بطلب وعزر بترك ويسقطان بلعان أو ببينة.
وفي الانتصار في زانية وصغيرة لا يلحقها عار بقوله فلا حد ولا لعان.
وعنه يلاعن بقذف غير محصنة لنفي الولد فقط.
قال الزركشي وهذا اختيار القاضي في المجرد.
وفي المذهب لابن الجوزي كل زوج صح طلاقه صح لعانه في رواية.
وعنه لا يصح إلا من مسلم عدل.
والملاعنة كل زوجة عاقلة بالغة.
وعنه مسلمة حرة عفيفة.
243

قوله (وإن قذف أجنبية أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد ولم يلاعن).
إذا قذف الأجنبية حد ولم يلاعن بلا نزاع.
وإذا قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ولم يلاعن.
وعنه أنه يلاعن مطلقا.
وعنه يلاعن لنفي الولد إن كان.
قوله (وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح أو قذفها في نكاح فاسد وبينهما ولد لاعن لنفيه وإلا حد ولم يلاعن).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في الانتصار عن أصحابنا إن أبانها ثم قذفها بزنا في الزوجية لاعن.
وفيه أيضا لا ينتفي ولد بلعان من نكاح فاسد كولد أمته.
ونقل بن منصور إن طلقها ثلاثا ثم أنكر حملها لاعنها لنفي الولد وإن قذفها بلا ولد لم يلاعنها.
قوله (وإذا قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ولا لعان بينهما).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والنظم والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه يصح اللعان من زوج مكلف وامرأة محصنة دون البلوغ كما تقدم.
244

فإذا بلغت من يجامع مثلها ثم طلبته حد إن لم يلاعن.
وذكر أبو بكر يلاعن صغيرة لتعزير.
وقال في الموجز ويتأخر لعانها حتى تبلغ.
وفي مختصر بن رزين إذا قذف زوجة محصنة بزنا حد بطلب وعزر بترك ويسقطان بلعان أو بينة.
وفي الانتصار في زانية وصغيرة لا يلحقهما عار بقوله فلا حد ولا لعان.
وتقدم هذا قريبا بزيادة.
وقال في الترغيب لو قذفها بزنا في جنونها أو قبله لم يحد وفي لعانه لنفي ولد وجهان.
قوله (فإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة فلا لعان بينهما).
إذا قال لها وطئت بشبهة فقدم المصنف هنا أنه لا لعان بينهما مطلقا ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال في الهداية وغيره اختاره الخرقي.
وقطع به في المغني والوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الشرح والنظم والفروع.
والخرقي إنما قال إذا جاءت امرأته بولد فقال لم تزن ولكن هذا الولد ليس مني فهو ولده في الحكم انتهى فظاهره كما قال في الهداية.
وعنه إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا فينتفي بلعان الرجل وحده نص عليه أيضا وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال في المحرر وهي أصح عندي وقدمه في الخلاصة.
قال الزركشي هذا اختيار أبي بكر وابن حامد والقاضي في تعليقه وفي
245

روايتيه والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما والشيرازي وأبي البركات انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي والزركشي.
وإذا قال لها وطئت مكرهة وكذا مع نوم أو إغماء أو جنون.
فقدم المصنف هنا أنه لا لعان بينهما وهو إحدى الروايتين ونص عليه اختاره الخرقي والمصنف.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الفروع والنظم والشرح ونصره.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا فينتفي بلعانه وحده نص عليه.
قال في الفروع اختاره الأكثر منهم القاضي وأبو بكر وابن حامد والشريف وأبو الخطاب والشيرازي وغيرهم.
قال في المحرر وهو الأصح عندي.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والبلغة والرعايتين والحاوي والزركشي وهما وجهان في البلغة.
فائدة لو قال وطئك فلان بشبهة وكنت عالمة فعند القاضي هنا لا خلاف أنه لا يلاعن.
واختار المصنف وغيره أنه يلاعن وهو الصواب انتهى.
قوله (وإن قال لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم ولا لعان بينهما).
هذا إحدى الروايتين ونص عليه اختاره الخرقي والمصنف.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
246

وقدمه في النظم والفروع والشرح ونصره.
وعنه يلاعن لنفي الولد نص عليه اختاره أكثر الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي وابن حامد والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
قال في المحرر وهو الأصح عندي.
قال في الفروع اختاره الأكثر وهو ظاهر ما قدمه في الخلاصة.
واعلم أن هذه المسائل الثلاث على حد سواء.
فائدة وكذا الحكم لو قال ليس هذا الولد مني وقلنا إنه لا قذف بذلك أو زاد عليه ولا أقذفك.
قوله (وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت بذلك امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه).
يعني إذا قال لها بعد أن أبانها لم تزن ولكن هذا الولد ليس مني وكذا لو قال ذلك لزوجته التي هي في حباله أو لسريته.
فكلام المصنف في المسألة التي قبلها في اللعان وعدمه.
وكلامه هنا في لحوق نسب الولد به وعدمه.
فإذا قال ذلك لمطلقته أو لزوجته التي هي في حباله أو لسريته فلا يخلو إما أن يشهد به أنه ولد على فراشه أو لا فإن شهد به لحقه نسبه بلا نزاع وتكفى امرأة واحدة مرضية على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا وعليه الأصحاب.
وعنه امرأتان.
ولها نظائر تقدم حكمها ويأتي.
وإن لم يشهد به أحد أنه ولد على فراشه فالقول قول الزوج على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وكلام صاحب الوجيز والنظم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
247

وقيل القول قولها ذكره القاضي في موضع من كلامه.
وقيل القول قول الزوجة دون السرية والمطلقة.
قوله (وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ويلاعن لنفي الحد).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح.
وقال القاضي يحد ولا يملك إسقاطه باللعان وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وأطلقهما في الفروع.
وقال في الانتصار إن استلحق أحد توأميه ونفى الآخر ولاعن له لا يعرف فيه رواية وعلة مذهبه جوازه فيجوز أن يرتكبه.
فائدة التوأمان المنفيان أخوان لأم فقط على الصحيح من المذهب وفي الترغيب وجه يتوارثان بأخوة أبوية.
قوله (فإن صدقته أو سكتت لحقه النسب ولا لعان في قياس المذهب).
واقتصر عليه الشارح وهو المذهب نص عليه فيهما وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقيل ينتفي عنه بلعانه وحده مطلقا كدرء الحد.
وقيل يلاعن لنفي الولد.
نقل بن أصرم فيمن رميت بالزنى فأقرت ثم ولدت فطلقها زوجها قال الولد للفراش حتى يلاعن.
248

فائدة وكذا الحكم لو عفت عنه أو ثبت زناها بأربعة سواه أو قذف مجنونة بزنى قبله أو محصنة فجنت أو خرساء أو ناطقة ثم خرست نص على ذلك.
نقل بن منصور أو صماء.
وقال في الترغيب لو قذفها بزنا في جنونها أو قبله لم يحد وفي لعانه لنفي الولد وجهان.
قوله (وإن لاعن ونكلت الزوجة خلي سبيلها ولحقه الولد ذكره الخرقي).
إذا لاعن الزوج ونكلت المرأة فلا حد عليها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم حتى قال الزركشي أما انتفاء الحد عنها فلا نعلم فيه خلافا في مذهبنا.
وقال الجوزجاني وأبو الفرج والشيخ تقي الدين رحمه الله عليها الحد.
قال في الفروع وهو قوي.
وقدم المصنف رحمه الله أنه يخلي سبيلها وهو إحدى الروايتين اختاره الخرقي وأبو بكر.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في تجريد العناية.
وعن الإمام أحمد رحمه الله تحبس حتى تقر أو تلاعن اختاره القاضي وابن البنا والشيرازي.
وصححه في المذهب ومسبوك الذهب.
وقدمه في الخلاصة والكافي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
وجزم به الآدمي في منتخبه والمنور.
249

قلت وهذا المذهب لاتفاق الشيخين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والمغني والشرح والفروع بعنه وعنه.
فائدة قوله في الرواية الثانية تحبس حتى تقر ويكون إقرارها بالزنى أربع مرات ولا يقام نكولها مقام إقراره مرة على الصحيح من المذهب وهو اختيار الخرقي وغيره من الأصحاب.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع.
قال في المستوعب ومن الأصحاب من أقام النكول مقام إقرارها مرة.
وقال إذا أقرت بعد ذلك ثلاث مرات لزمها الحد وهو ظاهر كلام أبي بكر في التنبيه قاله في المستوعب.
وأشكل توجيه هذا القول على الزركشي وابن نصر الله في حواشيه لأنهما لم يطلعا على كلامه في المستوعب.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو أقرت دون أربع مرات من غير تقدم نكول منها.
قوله (ولا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة).
فلو كانت مجنونة أو محجورا عليها أو صغيرة أو أمة فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك وإلا فلا.
وإن كان بينهما ولد فقال القاضي يشرع له أن يلاعن وجزم المصنف أن له أن يلاعن فيحتمل ما قاله القاضي.
وقال المصنف والشارح ويحتمل أن لا يشرع اللعان هنا قال وهو المذهب.
قال في المحرر وتبعه الزركشي لا يشرع مع وجود الولد على أكثر نصوص الإمام أحمد رحمه الله لأنه أحد موجبي القذف فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد.
250

ويحتمله كلام المصنف أيضا.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قوله (فإذا تم الحد بينهما ثبت أربعة أحكام أحدها سقوط الحد عنه أو التعزير بلا نزاع ولو قذفها برجل بعينه سقط الحد عنه لهما).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشارح وقال بعض أصحابنا القذف للزوجة وحدها ولا يتعلق بغيرها حق في المطالبة ولا الحد.
قوله (الثاني الفرقة بينهما).
يعني تحصل الفرقة بتمام تلاعنهما فلا يقع الطلاق هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره أبو بكر وغيره فيما حكاه المصنف وغيره.
وعنه لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما.
وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم وابن البنا وغيرهم ويلزم الحاكم الفرقة بلا طلب.
قال ابن نصر الله فيعايى بها فيقال حكم يلزم الحاكم بغير طلب وكذا أحكام الحسبة.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمصنف وأبي بكر فيما حكاه القاضي في تعليقه وغيرهم.
251

قال في الخلاصة فإذا تلاعنا فرق بينهما.
وعنه لا تحصل الفرقة إلا بحكم الحاكم بالفرقة فينتفي الولد.
قال في الانتصار واختاره عامة الأصحاب.
قوله (الثالث التحريم المؤبد).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
قال المصنف وغيره هذا ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وصححه في النظم وفي الخلاصة هنا.
وعنه إن أكذب نفسه حلت له.
قال ابن رزين وهي أظهر.
قال المصنف والشارح هي رواية شاذة شذ بها حنبل عن أصحابه.
قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمصنف في هذا الكتاب في باب المحرمات في النكاح كما تقدم.
وعنه تباح له بعقد جديد حكاها الشيرازي والمجد.
تنبيه قال الزركشي اختلف نقل الأصحاب في رواية حنبل.
فقال القاضي في الروايتين نقل حنبل إن أكذب نفسه زال تحريم الفراش وعادت مباحة كما كانت بالعقد الأول.
وقال في الجامع والتعليق إن أكذب نفسه جلد الحد وردت إليه.
فظاهر هذا أنها ترد إليه من غير تجديد عقد وهو ظاهر كلام أبي محمد.
قال في الكافي والمغني نقل حنبل إن أكذب نفسه عاد فراشه كما كان.
252

زاد في المغني وينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم فأما مع تفريق الحاكم بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحال.
قال وفيما قال نظر فإنه إذا لم يفرق الحاكم فلا تحريم حتى يقال حلت له انتهى.
قلت النظر على كلامه أولى فإن رواية حنبل ظاهرها سواء فرق الحاكم بينهما أو لا فإنه قال إن أكذب نفسه حلت له وعاد فراشه بحاله.
والصحيح أن الفرقة تحصل بتمام التلاعن من غير تفريق من الحاكم كما تقدم.
وقوله إن أكذب نفسه حلت له فيه دليل على أنها محرمة عليه قبل تكذيب نفسه.
قال الزركشي والذي يقال في توجيه هذه الرواية ظاهر هذا أن الفرقة إنما استندت للعان وإذا أكذب نفسه كان اللعان كأن لم يوجد وإن لم يزل ما يترتب عليه وهو الفرقة وما نشأ عنها وهو التحريم.
قال وأعرض أبو البركات عن هذا كله فقال إن الفرقة تقع فسخا متأبد التحريم.
وعنه إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد أو ملك يمين إن كانت أمة.
وقد سبقه إلى ذلك الشيرازي فحكى الرواية بإباحتها بعقد جديد انتهى.
قوله (وإن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له إلا أن يكذب نفسه على الرواية الأخرى).
وهي رواية حنبل.
والصحيح من المذهب أنها لا تحل له كما لو كانت حرة كما تقدم.
قوله (الرابع انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر).
اعلم أن الولد ينتفي بتمام تلاعنهما على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
253

وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا ينتفي إلا بحكم حاكم.
وعنه لا ينتفي إلا بحكم الحاكم بالفرقة فينتفي حينئذ كما تقدم ومتى تحصل الفرقة.
وقال في المحرر ويتخرج أن ينتفي نسب الولد بمجرد لعان الزوج وقاله في الانتصار.
قال الزركشي وكأنه خرجه من القول إن تعذر اللعان من جهة المرأة يلاعن الزوج وحده لنفي الولد.
وأما ذكر الولد في اللعان فاختار أبو بكر أنه لا يعتبر ذكره في اللعان وأنه ينتفي عنه بمجرد اللعان.
وقال القاضي يشترط أن يقول هذا الولد من زنا وليس هو مني.
وقال الخرقي لا ينتفي حتى يذكره هو في اللعان فإذا قال أشهد بالله لقد زنيت يقول وما هذا الولد ولدي وتقول هي أشهد بالله لقد كذب وهذا الولد ولده.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي والمصنف والشارح وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في المحرر وإن قذفها وانتفى من ولدها لم ينتف حتى يتناوله اللعان إما صريحا كقوله أشهد بالله لقد زنت وما هذا الولد ولدي وتقول هي بالعكس وإما ضمنا بأن يقول من قذفها بزنا في طهر لم يصبها فيه وادعى أنه اعتزلها حتى ولدت أشهد بالله إني لصادق فيما ادعيت عليها أو فيما رميتها به من الزنى ونحوه
254

وقيل ينتفي بنفيه في اللعان من الزوج وإن لم تكذبه المرأة في لعانها.
فائدة لو نفى أولادا كفاه لعان واحد.
قوله (وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن).
هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي عليه عامة الأصحاب.
قال في القاعدة الرابعة والثمانين هذا المذهب عند الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وناظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل يصح نفيه قبل وضعه واختاره المصنف والشارح ونقله بن منصور في لعانه وهي في الموجز في نفيه أيضا.
قال الخلال عن رواية بن منصور هذا قول أول.
وذكر النجاد أن رواية بن منصور المذهب.
وينبني على هذا الخلاف استلحاقه.
فعلى الأول لا يصح ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن القاسم.
وعلى الثاني يصح قاله الزركشي.
وعلى المذهب يلاعن لدرء الحد على الصحيح.
وقال في الانتصار نفيه ليس قذفا بدليل نفيه حمل أجنبية فإنه لا يحد.
قوله (ومن شرط نفي الولد أن لا يوجد دليل على الإقرار به فإن أقر به أو بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه أو هنئ به
255

فسكت أو أمن على الدعاء أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه ولم يملك نفيه).
اعلم أن من شرط صحة نفيه أن ينفيه حالة علمه من غير تأخير إذا لم يكن عذر على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل له تأخير نفيه ما دام في مجلس علمه.
وقال في الانتصار في لحوق الولد بواحد فأكثر إن استلحق أحد توأميه ونفى الآخر ولاعن له لا يعرف فيه رواية وعلة مذهبه جوازه فيجوز أن يرتكبه.
قوله (وإن قال لم أعلم به أو لم أعلم أن لي نفيه أو لم أعلم أن ذلك على الفور وأمكن صدقه قبل قوله ولم يسقط نفيه).
شمل بمنطوقه مسألتين.
إحداهما أن يكون قائل ذلك حديث عهد بالإسلام أو من أهل البادية فيقبل قوله بلا نزاع أعلمه.
الثانية أن يكون عاميا فلا يقبل قوله في ذلك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والقواعد الأصولية وقطع به القاضي في المجرد.
وقيل يقبل وهو ظاهر كلام المصنف هنا واختاره المصنف والشارح.
وأما إذا كان فقيها وادعى ذلك فلا يقبل قوله على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاله المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يقبل وهو احتمال للمصنف ويحتمله كلامه هنا.
واختار في الترغيب القبول ممن يجهله.
256

قوله (وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه).
هذا المذهب مطلقا وقدمه في الفروع.
وقال المصنف في المغني والشارح إن كانت مدة ذلك تتطاول وأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان فلم يفعل بطل نفيه وإن لم يمكنه أشهد على نفيه فإن لم يفعل بطل خياره وقطعا بذلك وجزم به في الوجيز.
قوله (ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه نسبه ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وينجر أيضا نسبه من جهة الأم إلى جهة الأب كالولاء ويتوارثان.
قال في الفروع ويتوجه في الإرث وجه كما لا يرثه إذا أكذب نفسه انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه هذا كلام لم يظهر معناه وتوقف فيه شيخنا ومولانا القاضي علاء الدين بن مغلي ولعل كما زائدة فيصير ويتوجه وجه لا يرثه إذا أكذب نفسه وهو ظاهر.
وفي المستوعب رواية لا يحد.
وسأله مهنا إن أكذب نفسه قال لا حد ولا لعان لأنه قد أبطل عنه القذف انتهى.
ولو أنفقت الملاعنة على الولد ثم استلحقه الملاعن رجعت عليه بالنفقة.
ذكره المصنف قال لأنها إنما أنفقت عليه لظنها أنه لا أب له.
فوائد.
الأولى لو استلحق الولد لم يصح استلحاقه حتى يقول بعد الوضع بضد ما قاله قبل ذلك قاله ناظم المفردات وهو منها.
257

الثانية لا يلحقه نسبه باستلحاق ورثته له بعد موته والتعانه على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يلحقه.
الثالثة لو نفى من لا ينتفي وقال إنه من زنا حد إن لم يلاعن على الصحيح من المذهب.
اختاره أبو الخطاب والمصنف وابن عبدوس في تذكرته.
وعنه يحد وإن لاعن اختاره القاضي وغيره.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قوله (فيما يلحق من النسب من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
ونقل حرب فيمن طلق قبل الدخول وأتت بولد فأنكره ينتفي بلا لعان.
فأخذ الشيخ تقي الدين رحمه الله من هذه الرواية أن الزوجة لا تصير فراشا إلا بالدخول.
واختاره هو وغيره من المتأخرين منهم والد الشيخ تقي الدين قاله بن نصر الله في حواشيه.
وقال في الانتصار لا يلحق بمطلق إن اتفقا أنه لم يمسها.
ونقل مهنا لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول.
وقال في الإرشاد في مسلم صائم في رمضان خلا بزوجة نصرانية ثم طلق ولم يطأ وأتت بولد لممكن لحقه في أظهر الروايتين.
258

قوله (ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه).
وهذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين.
ويأتي قريبا من يصلح أن يولد له.
تنبيه قوله وإن لم يمكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها.
وكذا قال غيره من الأصحاب.
قال في الفروع ومرادهم وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها انتهى.
قوله (أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها).
لم يلحقه نسبه بلا نزاع.
ويأتي في العد هل تنقضي به العدة قبل قوله وأقل مدة الحمل.
قوله (أو أقرت بانقضاء عدتها بالقرء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها لم يلحقه نسبه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر بعضهم قولا إن أقرت بفراغ العدة أو الاستبراء من عتق ثم ولدت بعد فوق نصف سنة لحقه نسبه.
وقال ناظم المفردات.
إمكان وطء في لحوق النسب * فعندنا معتبر في المذهب.
كامرأة تكون في شيراز * وزوجها مقيم في الحجاز.
فإن تلد لستة من أشهر * من يوم عقد واضحا في النظر.
فمدة الحمل مع المسير * لا بد أن تمضي في التقدير
259

إن مضتا به غدا ملتحقا * ومالك والشافعي وافقا.
وعندنا في صورتين حققوا * والمدتان إن مضت لا يلحق.
من كان كالقاضي وكالسلطان * وسيره لا يخف عن عيان.
أو غاصب صد عن اجتماع * ونحوه فامنع ولا تراعي.
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله أو تزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها لم يلحقه نسبه أنه لو أمكن وصوله إليها في المدة التي أتت بالولد فيها لحقه نسبه.
وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وقال في التعليق والوسيلة والانتصار ولو أمكن ولا يخف المسير كأمير وتاجر كبير.
ومثل في عيون المسائل بالسلطان والحاكم.
نقل بن منصور إن علم أنه لا يصل مثله لم يقض بالفراش وهي مثله.
ونقل حرب وغيره في وال وقاض لا يمكن أن يدع عمله فلا يلزمه فإن أمكنه لحقه.
الثاني مفهوم قوله أو يكون صبيا دون عشر سنين لم يلحقه نسبه أن بن عشر سنين يولد لمثله ويلحقه نسبه وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعبارته في العمدة ومنتخب الآدمي كذلك.
قال في القواعد الأصولية هذا المذهب.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وتذكرة بن عبدوس لا يلحق النسب من صبي له تسع سنين فما دون.
وقدمه في الفروع وابن تميم ذكره في باب ما يوجب الغسل.
وقدمه في الكافي والرعايتين والشرح وغيرهم.
260

وقيل يولد لابن تسع جزم به في عيون المسائل ذكره عنه في الفروع في أثناء كتاب الإقرار في أحكام إقرار الصبي وقاله القاضي نقله عنه في القواعد الأصولية والكافي.
قال في المحرر والنظم والحاوي الصغير أو كان الزوج صبيا له دون تسع سنين.
وقيل عشر سنين.
وقيل اثنتي عشر سنة انتهى.
وقيل لا يولد إلا لابن ثنتي عشرة سنة.
واختار أبو بكر وأبو الخطاب وابن عقيل لا يلحقه نسبه حتى يعلم بلوغه وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
فعلى الأول لا يحكم ببلوغه إن شك فيه به ولا يستقر به مهر ولا تثبت به عدة ولا رجعة.
قال في الفروع ويتوجه فيه قول كثبوت الأحكام بصوم يوم الغيم.
قوله (أو مقطوع الذكر أو الأنثيين لم يلحقه نسبه).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ونقله بن هانئ فيمن قطع ذكره وأنثياه قال إن دفق فقد يكون الولد من الماء القليل وإن شك في ولده أرى القافة.
وسأله المروذي عن خصي قال إن كان مجبوبا ليس له شيء فإن أنزل فإنه يكون منه الولد وإلا فالقافة.
قوله (وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه وفيه بعد).
شمل كلامه مسألتين.
261

إحداهما أن يكون خصيا بأن تقطع أنثياه ويبقى ذكره فقال أكثر الأصحاب يلحقه نسبه قاله في الفروع.
وقال المصنف هنا قاله أصحابنا وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقيل لا يلحقه نسبه وقطع به في الشرح وهو عجيب منه إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وقدمه في الفروع وجزم به في المحرر والحاوي والنظم وأطلقهما في الرعايتين.
والمسألة الثانية أن يكون مجبوبا بأن يقطع ذكره وتبقى أنثياه فقال جماهير الأصحاب يلحقه نسبه وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه في الفروع.
وقال في الرعاية الكبرى بعد أن أطلق الخلاف والأصح أنه يلحق المجبوب دون الخصي انتهى.
وقيل لا يلحقه نسبه اختاره المصنف.
وجزم به في المحرر والحاوي والنظم وأطلقهما في الرعايتين.
وقال الناظم.
وزوجة من لم ينزل الماء عادة * لجب الفتى أو لاختصاء ليبعد.
وإن جب إحدى الأنثيين من الفتى * فالحق لدى أصحابنا في مبعد.
انتهى.
ولم أر حكم جب إحدى الأنثيين لغيره ولعله أخذه من قول المصنف وإن قطع إحداهما.
فائدة قال في الموجز والتبصرة لو كان عنينا لم يلحقه نسبه انتهيا.
والصحيح من المذهب أنه يلحقه وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
262

قوله (وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين).
منذ طلقها يعني وقبل انقضاء عدتها صرح به في المستوعب وهو مراد غيره ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه على وجهين وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والكافي والمحرر والشرح والحاوي الصغير والنظم.
أحدهما يلحقه نسبه وهو المذهب.
قال في المستوعب لحقه نسبه في أصح الوجهين.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والرعايتين.
والوجه الثاني لا يلحقه نسبه.
تنبيه عبارته في الخلاصة كعبارة المصنف ولم يذكر في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي إلا في المسألة الأولى.
وعبارته في المحرر والرعايتين والحاوي والوجيز والفروع والنظم وإن ولدت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقها ولدون ستة أشهر منذ أخبرت بانقضاء عدتها أو لم تخبر بانقضائها أصلا فهل يلحقه نسبه ذكروا روايتين.
قوله (ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه وإن ادعى العزل إلا أن يدعي الاستبراء).
متى اعترف بوطء أمته في الفرج فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله مطلقا فلا ينتفي بلعان ولا غيره إلا أن يدعي الاستبراء وهذا المذهب في ذلك كله قدمه في الفروع.
وقال أبو الحسين أو يرى القافة نقله الفضل.
263

وقال في الانتصار ينتفي بالقافة لا بدعوى الاستبراء.
ونقل حنبل يلزمه الولد إذا نفاه وألحقته القافة وأقر بالوطء.
وقال في الفصول إن ادعى استبراء ثم ولدت انتفى عنه وإن أقر بالوطء وولدت لمدة الولد ثم ادعى استبراء لم ينتف لأنه لزمه بإقراره كما لو أراد نفي ولد زوجته بلعان بعد إقراره.
قال في الفروع كذا قال.
قوله (أو دونه).
أي اعترف بوطء أمته دون الفرج فهو كوطئه في الفرج وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس كوطئه في الفرج وقدمه في المغني والشرح.
قوله (وإن ادعى العزل).
يعني لو اعترف بالوطء في الفرج أو دونه وادعى أنه عزل عنها لا يقبل قوله ويلحقه نسبه وكذا لو ادعى عدم إنزاله وهذا المذهب فيهما.
قال في الفروع وعلى الأصح أو يدعي العزل أو عدم إنزاله.
وجزم به في المغني والشرح والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وعنه يقبل قوله ولا يلحقه نسبه.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وهما روايتان في المحرر والحاوي والفروع.
ووجهان في الرعايتين.
فعلى الأول قال الإمام أحمد رحمه الله لأن الولد يكون من الريح.
قال ابن عقيل وهذا منه يدل أنه أراد ولم ينزل في الفرج لأنه لا ريح يشير إليها إلا رائحة المني وذلك يكون بعد
إنزاله فتتعدى رائحته إلى ماء المرأة فتعلق بها كريح الكش الملقح لإناث النخل.
264

قال وهذا من الإمام أحمد رحمه الله علم عظيم انتهى.
تنبيه جعل في المحرر والرعايتين والحاوي محل الخلاف فيما إذا قال ذلك الواطئ دون الفرج.
وظاهر كلام الشارح أن ذلك فيما إذا كان يطؤها في الفرج وهو طريقة في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وظاهر كلام صاحب الفروع أن الخلاف جار سواء قال كنت أطؤها في الفرج وأعزل عنها أو لم أنزل أو كنت أطأ دون الفرج وأفعل ذلك وهو الصواب وهو ظاهر كلام المصنف.
قوله (وهل يحلف على وجهين).
يعني إذا ادعى الاستبراء.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
أحدهما يحلف وهو المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة بن عبدوس وصححه في التصحيح.
قال ابن نصر الله وفيما جزم به في الوجيز نظر لأنه صحح أن الاستيلاد لا يجب فيه يمين.
والوجه الثاني يقبل قوله من غير يمين.
فائدة مثل ذلك خلافا ومذهبا لو ادعى عدم إنزاله هل يحلف أم لا قاله بن عبدوس في تذكرته وغيره.
قوله (فإن أعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده بلا نزاع والبيع باطل).
265

قوله (وكذلك إن لم يستبرئها فأتت بولد لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه).
أي من البائع فهو ولد البائع سواء ادعاه البائع أو لم يدعه وهذا بلا نزاع.
لكن لو ادعاه المشتري فقيل يلحقه جزم به في المغني والشرح.
وقيل يرى القافة نقله صالح وحنبل.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وأطلقهما في الفروع.
ونقل الفضل هو له قلت في نفسه منه شيء قال فالقافة.
وأما إذا ادعى كل واحد منهما أنه للآخر والمشتري مقر بالوطء فقيل يكون للبائع وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
وقيل يرى القافة جزم به في المغني ذكره قبيل قول الخرقي وتجتنب الزوجة المتوفى عنها زوجها الطيب وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه وكذا إن لم تستبرأ ولم يقر المشتري له به بلا نزاع).
وإن ادعاه بعد ذلك وصدق المشتري لحقه نسبه وبطل البيع.
قوله (فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال إلا أن يتفقا عليه فيلحقه نسبه هذا المذهب).
قال في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير ولو لم يكن أقر بوطئها حتى باع لم يلحقه الولد بحال إلا أن يدعيه ويصدقه المشتري.
266

وقيل يلحقه نسبه بدعواه في المسألتين وهو ملك المشتري إن لم يدعه وكذا ذكروا ذلك في آخر باب الاستبراء.
قوله (وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري هذا المذهب).
وظاهر كلام المصنف أنه يكون عبدا للمشتري مع عدم لحوق النسب بالبائع وهو أحد الوجهين إن لم يدعه المشتري ولدا له.
والوجه الثاني وهو الذي ذكره المصنف احتمالا أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا ادعى البائع أنه ما باع حتى استبرأ وحلف المشتري أنه ما وطئها فقال إن أتت به بعد الاستبراء لأكثر من ستة أشهر فقيل لا يقبل قوله ويلحقه النسب قاله القاضي في تعليقه.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل ينتفي النسب اختاره القاضي في المجرد وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم.
فعلى هذا هل يحتاج إلى اليمين على الاستبراء فيه وجهان المشهور لا يحلف انتهى كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فوائد.
منها يلحقه الولد بوطء الشبهة كعقد نص عليه وهو المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا المذهب.
267

وذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا.
وقال أبو بكر لا يلحقه.
قال القاضي وجدت بخط أبي بكر لا يلحق به لأن النسب لا يلحق إلا في نكاح صحيح أو فاسد أو ملك أو شبهة ولم يوجد شيء من ذلك وذكره بن عقيل رواية.
وفي كل نكاح فاسد فيه شبهة نقله الجماعة.
وقيل إذا لم يعتقد فساده.
وفي كونه كصحيح أو كملك يمين وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وهل يلحق النكاح الفاسد بالصحيح أو بملك اليمين على وجهين انتهى.
قلت الصواب أنه كالنكاح الصحيح.
وقال في الفنون لم يلحقه أبو بكر في نكاح بلا ولي.
ومنها لو أنكر ولدا بيد زوجته أو مطلقته أو سريته فشهدت امرأة بولادته لحقه على الصحيح من المذهب.
وقيل امرأتان.
وقيل يقبل قولهما بولادته.
وقيل يقبل قول الزوج.
ثم هل له نفيه فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
وعلى الأول نقل في المغني عن القاضي يصدق فيه لتنقضي عدتها به.
ومنها أنه لا أثر لشبهة مع فراش ذكره جماعة من الأصحاب وقدمه في الفروع.
268

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله تبعيض الأحكام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتجبي منه يا سودة وعليه نصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قال في عيون المسائل أمره لسودة رضي الله عنها بالاحتجاب يحتمل أنه رأى قوة شبهه من الزاني فأمرها بذلك أو قصد أن يبين أن للزوج حجب زوجته عن أخيها.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله إن استلحق ولده من الزنى ولا فراش لحقه.
ونص الإمام أحمد رحمه الله فيها لا يلحقه.
وقال في الانتصار في نكاح الزانية يسوغ الاجتهاد فيه.
وقال في الانتصار أيضا يلحقه بحكم حاكم.
وذكر أبو يعلى الصغير وغيره مثل ذلك.
ومنها إذا وطئت امرأته أو أمته بشبهة وأتت بولد يمكن أن يكون من الزوج والواطئ لحق الزوج لأن الولد للفراش.
وإن ادعى الزوج أنه من الواطئ فقال بعض الأصحاب منهم صاحب المستوعب يعرض على القافة فإن ألحقته بالواطئ لحقه ولم يملك نفيه عنه.
وانتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج لحق به ولم يملك نفيه باللعان في أصح الروايتين قاله في المغني والشرح.
وعنه يملك نفيه باللعان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
وتقدم بعض ذلك في كلام المصنف في آخر باب اللقيط.
وإن ألحقته بهما لحق بهما ولم يملك الواطئ نفيه عن نفسه.
وهل يملك الزوج نفيه باللعان على روايتين وأطلقهما في المغني والشرح.
269

كتاب العدد.
قوله (كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة فلا عدة عليها بلا نزاع).
وقوله وإن خلا بها وهي مطاوعة فعليها العدة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والمرض والجب والعنة أو لم يكن.
هذا المذهب مطلقا بشرطه الآتي سواء كان المانع شرعيا أو حسيا كما مثله المصنف وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
واختار في عمد الأدلة لا عدة بخلوة مطلقا.
وعنه لا عدة بخلوة مع وجود مانع شرعي كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والظهار والإيلاء والاعتكاف قدمه في الرعاية الكبرى.
وقال في الفروع ويتخرج في عدة بخلوة كصداق.
وقد تقدم أحكام استقرار الصداق كاملا بالخلوة في الفوائد في كتاب الصداق بعد قوله ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه سواء كان النكاح صحيحا أو فاسدا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقال ابن حامد لا عدة بخلوة في النكاح الفاسد بل بالوطء كالنكاح الباطل إجماعا.
وعند بن حامد أيضا لا عدة بالموت في النكاح الفاسد.
ويأتي هذا قريبا في كلام المصنف فيما إذا مات عن امرأة نكاحها فاسد.
فائدة لا عدة بتحمل المرأة بماء الرجل ولا بالقبلة ولا باللمس من غير
270

خلوة على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وابن عبدوس في تذكرته وغيرهما.
وصححه بن نصر الله في حواشيه.
وقيل تجب العدة بذلك وقطع به القاضي في المجرد فيما إذا تحملت بالماء.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم.
وقال في الرعاية الكبرى فإن تحملت بماء رجل وقيل أو قبلها أو لمسها بلا خلوة فوجهان.
ثم قال قلت إن كان ماء زوجها اعتدت وإلا فلا.
).
وكذا لو كانت طفلة.
وضابط ذلك أن يكون الطفل ممن لا يولد له والطفلة ممن لا يوطأ مثلها.
تنبيه ظاهر قوله إحداهن 65 4 * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) *.
أنها لا تنقضي عدتها إلا بوضع جميع ما في بطنها وهو صحيح للآية الكريمة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم لبقاء تبعيته للأم في الأحكام.
وقال ابن عقيل وغسلها من نفاسها إن اعتبر غسلها من حيضة ثالثة.
وعنه تنقضي عدتها بوضع الولد الأول وذكرها بن أبي موسى.
واحتج القاضي وتبعه الأزجي بأن أول النفاس من الأول وآخره منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة يتعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما كذلك مدة النفاس.
قال في الفروع كذا قال.
271

وتقدم نظير ذلك في باب الرجعة بعد قول المصنف وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل.
قوله (والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان).
اعلم أن ما تنقضي به العدة من الحمل هو ما تصير به الأمة أم ولد على ما تقدم في أول باب أحكام أمهات الأولاد فما حكمنا هناك بأنها تصير به أم ولد نحكم هنا بانقضاء العدة به وما نحكم هناك بأنها لا تصير به أم ولد نحكم هنا بعدم انقضاء عدتها به هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا تنقضي العدة هنا بالمضغة وإن صارت بها هناك أم ولد نقلها الأثرم قاله المصنف وغيره.
قوله (فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والشرح وشرح ابن منجا والمذهب الأحمد.
إحداهما لا تنقضي به العدة وهو المذهب اختاره أبو بكر وقدمه في الكافي وقال هذا المنصوص.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية تنقضي به العدة صححه في التصحيح ونهاية بن رزين وجزم به في الوجيز.
272

فائدة لو ألقت مضغة لم تتبين فيها الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي انقضت به العدة جزم به في الكافي والمغني والشرح.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنها لو وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من خلق الإنسان أنها لا تنقضي عدتها بها وهو صحيح وهو المذهب والمشهور عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه الأصحاب.
ونقل حنبل تصير به أم ولد.
فخرج القاضي وجماعة من ذلك انقضاء العدة به ورده المصنف.
وأما إذا ألقت نطفة أو دما أو علقة فإن العدة لا تنقضي به قولا واحدا عند أكثر الأصحاب.
وأجرى القاضي الخلاف في العلقة والمضغة التي لم يتبين أنها مبدأ خلق الإنسان.
قوله (وإن أتت بولد لا يلحقه نسبه كامرأة الطفل وكذا المطلقة عقب العقد ونحوه لم تنقض عدتها به).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وعنه تنقضي به العدة وفيه بعد.
وتابع أبا الخطاب على قول ذلك وتابعه في المحرر وغيره أيضا.
وعنه تنقضي به إذا كان من غير امرأة الطفل للحوقه باستلحاقه.
قال الزركشي وأظن هذا اختيار القاضي.
وقال في المنتخب إن أتت به امرأة بائن لأكثر من أربع سنين انقضت عدتها كالملاعنة وقاله القاضي أيضا.
273

وقال في الهداية والمذهب والمستوعب فإن وضعت ولدا بعد مدة أكثر الحمل لم يلحق الزوج إذا كان الطلاق بائنا.
وهل تنقضي به العدة على وجهين.
والمذهب أن العدة لا تنقضي بذلك قدمه في الرعايتين والحاوي والشرح وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي وهو المذهب بلا ريب.
قوله (وأقل مدة الحمل ستة أشهر).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل أقل من ستة أشهر ولحظتان.
قوله (وأكثرها أربع سنين).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
وعنه سنتان اختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير ونهاية بن رزين وشرحه.
وتقدم قريبا قبل ذلك إذا ولدت بعد أكثر مدة الحمل هل تنقضي به العدة أم لا.
قوله (وأقل ما يتبين به الولد أحد وثمانون يوما).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وأكثرهم قطع به.
274

وقيل بل ثمانون ولحظتان ذكره في الرعاية وهو إذن مضغة غير مصورة ويصور بعد أربعة أشهر على الصحيح.
وقيل ولحظتين.
وقيل بل وساعتين ذكرهما في الرعاية.
تنبيه قوله المتوفى عنها زوجها.
يعني غير الحامل منه قاله في المحرر وغيره وهو صحيح عدتها أربعة أشهر وعشرا إن كانت حرة وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة يعني عشرة أيام وخمسة أيام بلياليها فتكون عشر ليال وخمس ليال وهذا المذهب جزم به في المغني والشرح والنظم وقدمه في الفروع.
وقال جماعة من الأصحاب عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
وكذا نقل صالح وغيره اليوم مقدم قبل الليلة لا يجزئها إلا أربعة أشهر وعشرة.
فائدة من نصفها حر عدتها ثلاثة أشهر وثمانية أيام.
قوله (فإن مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته وسقطت عدة الطلاق).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تعتد بأطولهما.
قال الشارح بعد أن نقله عن صاحب المحرر وهو بعيد.
275

فائدتان
إحداهما لو قتل المرتد في عدة امرأته فإنها تستأنف عدة الوفاة نص عليه في رواية بن منصور لأنه كان يمكنه تلافي النكاح بالإسلام بناء على أن الفسخ يقف على انقضاء العدة.
الثانية لو أسلمت امرأة كافر ثم مات قبل انقضاء العدة فإنها تنتقل إلى عدة الوفاة في قياس التي قبلها ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله (وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها بلا نزاع وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة).
وهذا المذهب قاله في الفروع.
قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب.
قال في المحرر والحاوي وهو الصحيح وقواه الناظم.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وعنه تعتد للوفاة لا غير وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تعتد عدة الطلاق لا غير.
ذكر هاتين الروايتين في المجرد.
تنبيه محل الخلاف إذا كانت ترثه فأما الأمة والذمية فلا يلزمهما غير عدة الطلاق قولا واحدا.
فوائد.
إحداها لو مات بعد انقضاء عدة الرجعية أو بعد انقضاء عدة البائن فلا عدة عليهما للوفاة على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وصححه في النظم وغيره.
276

وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه تعتد للوفاة إن ورثت منه اختارها جماعة من الأصحاب.
الثانية لو طلق في مرض الموت ثم انقضت عدتها ثم مات لزمها عدة الوفاة جزم به ناظم المفردات وهو منها وهي بعض ما قبلها فيما يظهر.
الثالثة لو طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة ثم أنسيها ثم مات اعتدت كل واحدة للأطول منهما ما لم تكن حاملا قاله في المغني والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قوله (وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة بلا نزاع).
قوله (وإن تزوجت قبل زوالها لم يصح النكاح).
يعني إذا تزوجت المرتابة قبل زوال الريبة لم يصح النكاح مطلقا وهذا المذهب.
قال في الفروع لم يصح في الأصح.
قال في القواعد الأصولية هذا الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي.
وقيل يصح إذا كان بعد انقضاء العدة وهو احتمال في المغني والشرح.
قوله (وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم يفسد).
إن كان بعد الدخول لم يفسد قولا واحدا لكن لا يحل لزوجها وطؤها حتى تزول الريبة قاله في المغني والشرح وغيرهما.
277

وإن كان قبل الدخول وبعد العقد فالصحيح من المذهب أن النكاح لا يفسد إلا أن تأتي بولد لدون ستة أشهر.
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقيل فيها وجهان كالتي بعدها وأطلقهما في الرعايتين.
تنبيه ظاهر كلامه أنها لو ظهر بها أمارات الحمل قبل نكاحها وبعد شهور العدة أن نكاحها فاسد بعد ذلك وهو أحد
الوجهين وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه بن رزين في شرحه والمجد في محرره.
والوجه الثاني يحل لها النكاح ويصح لأنا حكمنا بانقضاء العدة وحل النكاح وسقوط النفقة والسكنى فلا يزول ما حكمنا به بالشك الطارئ.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والفروع.
فعلى المذهب في التي قبلها والوجه الثاني في هذه المسألة لو ولدت بعد العقد لدون ستة أشهر تبينا فساد العقد فيهما.
قوله (وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد).
كالنكاح المختلف فيه فقال القاضي عليها عدة الوفاة نص عليه في رواية جعفر بن محمد وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي والمحرر والنظم وغيرهم.
وقال ابن حامد لا عدة عليها للوفاة كذلك.
وتقدمت المسألة في أول الباب بما هو أعم من ذلك.
وإن كان النكاح مجمعا على بطلانه لم تعتد للوفاة من أجله وجها واحدا.
قوله (الثالث ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة وقرآن إن كانت أمة).
278

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه عدة المختلعة حيضة واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله في بقية الفسوخ وأومأ إليه في رواية صالح.
فائدة المعتق بعضها كالحرة.
قطع به في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم.
قوله (والقرء الحيض في أصح الروايتين).
وكذا قال في الهداية والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم وغيرهم وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال القاضي الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله أن الأقراء الحيض وإليه ذهب أصحابنا ورجع عن قوله بالأطهار.
فقال في رواية النيسابوري كنت أقول إنه الأطهار وأنا أذهب اليوم إلى أن الأقراء الحيض.
وقال في رواية الأثرم كنت أقول الأطهار ثم وفقت لقول الأكابر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية القروء الأطهار.
قال ابن عبد البر رجع الإمام أحمد رحمه الله إلى أن القروء الأطهار.
وقال في رواية الأثرم رأيت الأحاديث عمن قال القرء الحيض مختلفة والأحاديث عمن قال إنه أحق بها حتى تدخل في الحيضة الثالثة أحاديثها صحاح قوية.
فعلى المذهب لا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها بلا نزاع.
وكذا على الرواية الثانية بطريق أولى وأحرى.
279

وعلى المذهب لو انقطع دمها من الحيضة الثالثة حلت للأزواج قبل الاغتسال في إحدى الروايتين.
واختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته.
قال في مسبوك الذهب وهو الصحيح.
والرواية الثانية لا تحل للأزواج حتى تغتسل وهو المذهب.
قال الزركشي هي أنصهما عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار أصحابه الخرقي والقاضي والشريف والشيرازي وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما قال أصحابنا للزوج الأول ارتجاعها.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المستوعب والرعايتين وغيرهم.
وصححه في الخلاصة وغيره.
وقال في الوجيز لا تحل حتى تغتسل أو يمضي وقت صلاة.
وأطلقهما في المحرر والشرح والفروع.
وتقدم ذلك في باب الرجعة في كلام المصنف في قوله وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين.
تنبيه ظاهر الرواية الثانية وهي أنها لا تحل للأزواج إذا انقطع دمها حتى تغتسل أنها لا تحل إذا فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك القاضي عشرين سنة.
وذكره بن القيم رحمه الله في الهدى إحدى الروايات.
قال الزركشي ظاهر كلام الخرقي وجماعة أن العدة لا تنقضي ما لم تغتسل وإن فرطت في الاغتسال مدة طويلة.
وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله فإن أخرت الغسل متعمدة فينبغي إن كان الغسل من أقرائها أن لا تبين وإن أخرته قال هكذا كان يقول شريك.
280

وظاهر هذا أنه أخذ به انتهى.
وعنه تحل بمضي وقت صلاة وجزم به في الوجيز كما تقدم.
وتقدم كل ذلك في باب الرجعة.
وأما بقية الأحكام كقطع الإرث ووقوع الطلاق واللعان والنفقة وغيرها فتنقطع بانقطاع الدم على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي رواية واحدة.
وجعلها بن عقيل على الخلاف انتهى.
وتقدم ذلك أيضا هناك.
وأما على رواية أن القروء الأطهار فتعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة والأمة إذا طعنت في الحيضة الثانية حلت على الصحيح من المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا تحل إلا بمضي يوم وليلة.
فعلى هذا ليس اليوم والليلة من العدة في أصح الوجهين.
قلت فيعايى بها.
وقيل منها.
قلت فيعايى بها.
تنبيه قوله الرابع اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر إن كن حرائر وإن كن إماء فشهران.
يعني يكون ابتداء العدة من حين وقع الطلاق سواء كان في أول الليل أو النهار أو في أثنائهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
281

قال الزركشي هذا المشهور من الوجهين.
وقال ابن حامد لا يعتد به إلا من أول الليل أو النهار.
قوله (وإن كن إماء فشهران).
هذا المذهب نقله الأكثر عن الإمام أحمد رحمه الله وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع نقله واختاره الأكثر.
وقال المصنف والشارح أكثر الروايات عنه أن عدتهن شهران.
وقطع به الخرقي وصاحب العمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم.
واختاره القاضي وأصحابه وأبو بكر فيما حكاه القاضي في الروايتين وابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الخلاصة والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه ثلاثة أشهر قدمه في المحرر.
وعنه شهر ونصف اختاره أبو بكر فيما حكاه عنه المصنف وغيره.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب.
وعنه شهر قاله في الفروع وفيه نظر.
قوله (وعدة المعتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة).
على الروايات في الأمة وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقدم في الترغيب أنها كحرة.
قوله (وحد الإياس خمسون سنة).
282

هذا المذهب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمذهب الأحمد في باب الحيض وقدموه هنا.
وجزم به أيضا في باب الحيض في الطريق الأقرب.
وجزم به أيضا في نظم المفردات وغيره.
وقدمه هنا في النظم وغيره.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير هنا وهي بنت خمسين سنة على الأظهر.
وصححه في البلغة في باب الحيض وغيره.
قال ابن الزاغوني هذا اختيار عامة المشايخ.
قال في مجمع البحرين في باب الحيض هذا أشهر الروايات.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه أن ذلك حده في نساء العجم وحده في نساء العرب ستون سنة.
قال في المستوعب وغيره وعنه إن كانت من العجم والنبط فإلى الخمسين والعرب إلى الستين زاد في الرعاية النبط ونحوهم والعرب ونحوهم.
وعنه حده ستون سنة مطلقا.
جزم به في الإرشاد والإيضاح وتذكرة بن عقيل وعمدة المصنف والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي والتسهيل.
واختاره أبو الخطاب في خلافه وابن عبدوس في تذكرته.
قال في النهاية وهي اختيار الخلال والقاضي.
وأطلق الأولى والثانية في المغني والمحرر والشرح وشرح بن عبيدان والفروع.
وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر ذكره القاضي وغيره وصححه في الكافي.
283

قال في المغني والصحيح أنه متى بلغت خمسين سنة فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب فقد صارت آيسة وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض في الصحيح لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان وهذا يمكن وجود الحيض فيه وإن كان نادرا انتهى.
قلت وهو الصواب الذي لا شك فيه.
وعنه بعد الخمسين مشكوك فيه فتصوم وتصلي اختاره الخرقي وناظمه.
قال في الجامع الصغير هذا أصح الروايات واختارها الخلال.
فعليها تصوم وجوبا قدمه في الرعاية ومختصر بن تميم.
وعنه استحبابا ذكره بن الجوزي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه لا حد لأكثر سن الحيض.
وتقدم ذلك مستوفى في باب الحيض.
فللمصنف رحمه الله في هذه المسألة ثلاث اختيارات.
قوله (وإن حاضت الصغيرة في عدتها انتقلت إلى القرء ويلزمها إكمالها وهل يحسب ما قبل الحيض قرء إذا قلنا القرء الأطهار على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والهادي والكافي والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والزركشي.
أحدهما لا يحسب قرء وهو المذهب جزم به في الوجيز.
قال في المنور وإن حاضت الصغيرة ابتدأت.
قال ابن عبدوس في تذكرته وتبدأ حائض في العدة بالأقراء.
284

فليس في شيء من ذلك دليل على ما قلنا لأن عند هؤلاء أن القرء الحيض.
قال في إدراك الغاية والطهر الماضي غير معتبر به في وجه.
والوجه الثاني يحسب قرءا صححه في التصحيح وقدمه بن رزين في شرحه.
قوله (وإن يئست ذات القرء في عدتها انتقلت إلى عدة الآيسات وإن عتقت الأمة الرجعية في عدتها بنت على عدة حرة وإن كانت بائنا بنت على عدة أمة بلا نزاع في ذلك كله).
قوله (الخامس من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب).
وجزم به في المغني والخرقي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
وقيل تعتد للحمل أكثر مدته وهو قول المصنف.
ويحتمل أن تعتد للحمل أربع سنين وهو لأبي الخطاب في الهداية.
فائدة لا تنتقض عدتها بعود الحيض بعد السنة وقبل العقد على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي أصح الوجهين أنها لا تنتقل إلى الحيض للحكم بانقضاء العدة.
وقدمه في المحرر وشرح بن رزين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تنتقض فتنتقل إلى الحيض.
جزم به بن عبدوس في تذكرته والمنور والمستوعب.
285

وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والرعايتين والفروع.
تنبيه قوله وإن كانت أمة اعتدت بأحد عشر شهرا.
هذا مبني على الصحيح من المذهب من أن عدة الأمة التي يئست من الحيض أو لم تحض شهران على ما تقدم.
وإن قلنا عدتها ثلاثة أشهر فهي كالحرة.
وإن قلنا عدتها شهر ونصف فتعتد بعشرة أشهر ونصف.
وإن قلنا عدتها شهر فبعشرة أشهر.
وهذا الأخير جزم به ناظم المفردات وهو منها.
قوله (وعدة الجارية التي أدركت ولم تحض والمستحاضة الناسية ثلاثة أشهر).
عدة الجارية الحرة التي أدركت ولم تحض ثلاثة أشهر والأمة شهران على الصحيح من المذهب كالآيسة وهو ظاهر كلام الخرقي.
واختاره أبو بكر والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عدتها كعدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه على ما تقدم اختاره القاضي وأصحابه قاله في الفروع.
قال الزركشي اختارها القاضي في خلافه وفي غيره وعامة أصحابه الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وابن البنا.
وهذه الرواية نقلها أبو طالب لكن قال أبو بكر خالف أبو طالب أصحابه.
والصحيح من المذهب أن عدة المستحاضة الناسية لوقتها والمبتدأة المستحاضة ثلاثة أشهر كالآيسة وعليه أكثر الأصحاب.
286

وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه تعتد سنة كمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه.
وقدمه ناظم المفردات في المستحاضة الناسية وهو منها.
وقال في عمد الأدلة المستحاضة الناسية لوقت حيضها تعتد بستة أشهر.
فائدة لو كانت المستحاضة لها عادة أو تمييز فإنها تعمل بذلك.
وإن علمت أن لها حيضة في كل شهر أو شهرين أو أربعين يوما ونسيت وقتها فعدتها ثلاثة أمثال ذلك نص عليه وقاله الأصحاب.
قوله (فأما التي عرفت ما رفع الحيض من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به إلا أن تصير آيسة فتعتد عدة آيسة حينئذ).
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وأبي طالب وابن منصور والأثرم وعليه الأصحاب.
وعنه تنتظر زواله ثم إن حاضت اعتدت به وإلا اعتدت بسنة ذكره محمد بن نصر المروزي عن مالك رضي الله عنه ومن تابعه منهم الإمام أحمد رضي الله عنه وهو ظاهر عيون المسائل والكافي.
قلت وهو الصواب.
ونقل بن هانئ أنها تعتد بسنة.
ونقل حنبل إن كانت لا تحيض أو ارتفع حيضها أو صغيرة فعدتها ثلاثة أشهر.
ونقل أبو الحارث في أمة ارتفع حيضها لعارض تستبرأ بتسعة أشهر للحمل وشهر للحيض.
287

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله إن علمت عدم عوده فكآيسة وإلا اعتدت سنة.
قوله (السادسة امرأة المفقود الذي انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله أو في مفازة أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك فإنها تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
واعلم أن الخلاف هنا في مقدار تربص المرأة ثم اعتدادها فيما ظاهره الهلاك كالخلاف المتقدم في باب ميراث المفقود فيما ظاهره الهلاك حكما ومذهبا قاله الأصحاب فليعاود ذلك.
فائدتان
إحداهما تربص الأمة كالحرة في ذلك على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أبو بكر وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تتربص على النصف من الحرة ورواه أبو طالب ورده المصنف والشارح وغيرهما.
الثانية هل تجب لها النفقة في مدة العدة أم لا فيه وجهان.
أحدهما لا تجب وهو الذي ذكره بن الزاغوني في الإقناع.
قال المجد في شرحه هو قياس المذهب عندي لأنه حكم بوفاته بعد مدة الانتظار فصارت معتدة للوفاة.
والثاني يجب قاله القاضي لأن النفقة لا تسقط إلا بيقين الموت ولم يوجد.
288

هنا وذكره في المغني وزاد أن نفقتها لا تسقط بعد العدة لأنها باقية على نكاحه ما لم تتزوج أو يفرق الحاكم بينهما.
قلت فعلى الثاني يعايى بها.
قوله (وهل يفتقر إلى رفع الأمر إلى الحاكم ليحكم بضرب المدة وعدة الوفاة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والرعاية الكبرى والنظم والفروع.
إحداهما يفتقر إلى ذلك فيكون ابتداء المدة من حين ضربها الحاكم لها كمدة العنة جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وشرح بن رزين.
والرواية الثانية لا يفتقر إلى ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يعتبر الحاكم على الأصح فلو مضت المدة والعدة تزوجت.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وهو الصواب.
وقدمه في الرعاية الكبرى في أول كلامه.
وعدم افتقار ضرب المدة إلى الحاكم من مفردات المذهب.
تنبيه ظاهر كلامه أنه لا يشترط أن يطلقها ولي زوجها بعد اعتدادها للوفاة وهو إحدى الروايتين والمذهب منهما وهو الصواب.
قال المصنف والشارح وهو القياس.
وقدمه في الرعاية الكبرى وصححه في النظم.
وقال ابن عقيل لا يعتبر فسخ النكاح على الأصح كضرب المدة انتهى.
289

وعنه يعتبر طلاق وليه بعد اعتدادها للوفاة ثم تعتد بعد طلاق الولي بثلاثة قروء وقدمه بن رزين في شرحه.
وأطلقهما في المستوعب والمغني والشرح والفروع.
قوله (وإذا حكم الحاكم بالفرقة نفذ حكمه في الظاهر دون الباطن فلو طلق الأول صح طلاقه).
لبقاء نكاحه وكذا لو ظاهر منها صح وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويتخرج أن ينفذ حكمه باطنا فينفسخ نكاح الأول ولا يقع طلاقه ولا ظهاره وهو لأبي الخطاب في الهداية وذكره في الفروع وغيره رواية.
قلت قد ذكر المصنف في هذا الكتاب في آخر باب طريق الحكم وصفته رواية ذكرها بن أبي موسى بأن حكم الحاكم يزيل الشيء عن صفته في الباطن من العقود والفسوخ.
وقال أبو الخطاب القياس أنا إذا حكمنا بالفرقة نفذ ظاهرا وباطنا.
وقال في الفروع ويتوجه الإرث على الخلاف.
فائدة لو تزوجت امرأة المفقود قبل الزمان المعتبر ثم تبين أنه كان ميتا أو أنه طلقها قبل ذلك بمدة تنقضي فيها العدة ففي صحة النكاح قولان ذكرهما القاضي.
الصحيح منهما عدم الصحة اختاره المصنف والشارح.
290

وقال في الفروع وإن بان موته وقت الفرقة ولم يجز التزويج ففي صحته وجهان انتهى.
قوله (وإذا فعلت ذلك).
يعني إذا تربصت أربع سنين واعتدت للوفاة ثم تزوجت ثم قدم زوجها الأول ردت إليه إن كان قبل دخول الثاني بها.
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وذكر القاضي رواية أنه يخير أخذ ذلك من قول الإمام أحمد رحمه الله إذا تزوجت امرأته فجاء خير بين الصداق وبين امرأته.
قال المصنف والشارح والصحيح أن عموم كلام الإمام أحمد رحمه الله يحمل على خاص كلامه في رواية الأثرم وأنه لا تخيير إلا بعد الدخول فتكون زوجة الأول رواية واحدة.
قوله (وإن كان بعده).
يعني بعد الدخول والوطء خير الأول بين أخذها وبين تركها مع الثاني وهو المذهب كما قال المصنف.
وقدمه في الشرح وشرح ابن منجا والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وقال المصنف هنا والقياس أنها ترد إلى الأول ولا خيار إلا أن يفرق الحاكم بينهما ونقول بوقوع الفرقة باطنا فتكون زوجة الثاني بكل حال.
وكذا قال في الهداية والمحرر.
وحكاه في الفروع عن جماعة من الأصحاب.
291

وعنه التوقف في أمره.
ونقل أبو طالب لا خيار للأول مع موتها وأن الأمة كنصف الحرة كالعدة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله هي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا.
وجعل في الروضة التخيير المذكور إليها فأيهما اختارته ردت على الآخر ما أخذته منه انتهى.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وترث الثاني ذكره أصحابنا وهل ترث الأول.
قال الشريف أبو جعفر ترثه كذا قال في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع وصوابه وقال أبو حفص.
وخالفه غيره وأنه متى ظهر الأول حيا فالفرقة ونكاح الثاني موقوف فإن أخذها بطل نكاح الثاني حينئذ وإن أمضى ثبت نكاح الثاني.
فعلى المذهب إن اختار الأول أخذها فله ذلك بالعقد الأول من غير افتقار إلى طلاق الثاني على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في المغني والشرح والفروع وغيرهم والمنصوص وإن لم يطلق.
وقيل لا بد من طلاق الثاني.
قال القاضي قياس قوله يحتاج إلى الطلاق انتهى.
وإن اختار أن يتركها للثاني تركها له فتكون زوجته من غير تجديد عقد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وقدمه في الشرح والفروع.
قلت فيعايى بها.
وقال المصنف الصحيح أنه يجدد العقد.
قوله (ويأخذ صداقها منه).
292

يعني إذا تركها الأول للثاني أخذ صداقها منه وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال ابن عقيل القياس أنه لا يأخذه.
قوله (وهل يأخذ صداقها الذي أعطاها أو الذي أعطاها الثاني على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
إحداهما يأخذ قدر صداقها الذي أعطاها هو لا الثاني وهو المذهب صححه في التصحيح.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة هذا أصح الروايتين وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات.
واختاره أبو بكر وقدمه في الخلاصة والكافي وشرح بن رزين.
والرواية الثانية يأخذ صداقها الذي أعطاها الثاني.
وعلى كلا الروايتين يرجع الثاني على الزوجة بما أخذه الأول منه على الصحيح.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة وشرح بن رزين.
وعنه لا يرجع به عليها.
قال في المغني وهو أظهر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد.
293

قوله (فأما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتاجر والسائح فإن امرأته تبقى أبدا إلى أن يتيقن موته).
هذا إحدى الروايات قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح وقالا هذا المذهب ونصراه وجزم به في العمدة.
وعنه أنها تتربص تسعين عاما من يوم ولد ثم تحل هذا المذهب.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والمصنف في هذا الكتاب في باب ميراث المفقود وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه تنتظر أبدا.
فعليها يجتهد الحاكم فيه كغيبة بن تسعين سنة ذكره في الترغيب.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير في هذا الباب وإن جهل بغيبة ظاهرها السلامة ولم يثبت موته بقيت ما رأى الحاكم ثم تعتد للموت وقدموا هذا.
وتقدم الخلاف في ذلك مستوفى في باب ميراث المفقود فليعاود.
قوله (وكذلك امرأة الأسير).
وقاله غيره من الأصحاب أيضا.
قوله (ومن طلقها زوجها أو مات عنها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة).
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وعنه إن ثبت ذلك ببينة أو كانت بوضع الحمل فكذلك وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر.
قوله (وعدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة).
294

هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وحكاه أبو الخطاب في الانتصار إجماعا وكذا عدة من نكاحها فاسد.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن كل واحدة منهما تستبرأ بحيضة وأنه أحد الوجهين في الموطوءة بشبهة.
قوله (وكذلك عدة المزني بها).
يعني أن عدتها كعدة المطلقة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه تستبرأ بحيضة ذكرها بن أبي موسى كالأمة المزني بها غير المزوجة.
واختارها الحلواني وابن رزين والشيخ تقي الدين.
واختاره أيضا في كل فسخ وطلاق ثلاث.
وحكى في الرعايتين والحاوي رواية ثالثة أن الموطوءة بشبهة والمزني بها ومن نكاحها فاسد تعتد بثلاث حيض فقالا ومن وطئت بشبهة أو زنا أو بعقد فاسد تعتد كمطلقة.
وعنه تستبرأ الزانية بحيضة كأمة غير مزوجة وعنه بثلاث.
فائدة إذا وطئت امرأته أو سريته بشبهة أو زنا حرمت عليه حتى تعتد.
وفيما دون الفرج وجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي والنظم والزركشي والفروع.
أحدهما لا تحرم عليه اختاره بن عبدوس في تذكرته وهو الصواب.
295

والثاني تحرم.
قوله (وإذا وطئت المعتدة بشبهة أو غيرها).
مثل النكاح الفاسد أتمت عدة الأول.
لكن لا يحتسب منها مدة مقامها عند الواطئ الثاني على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ولا يحسب منها مقامها عند الثاني في الأصح.
وجزم به المصنف في كتبه والشارح.
وقيل يحسب منها.
وجزم به القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم.
وأطلقهما في النظم والزركشي والمحرر والرعاية الكبرى والحاوي وغيرهم.
وقال في الرعاية الصغرى ومنذ وطئ لا يحتسب من مدة الأول.
وقيل بلى.
وقال في الكبرى بعد أن أطلق الوجهين قلت منذ وطئ لا يحتسب من عدة الأول في الأصح انتهى.
وله رجعتها في مدة تتمة العدة على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع وله رجعة الرجعية في التتمة في الأصح واختاره المصنف والشارح.
وقيل ليس له رجعتها فيها.
وجزم به القاضي في خلافه قاله في آخر الفائدة الرابعة عشر.
قلت فيعايى بها.
قوله (ثم استأنفت العدة من الوطء).
296

هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان.
وذكر أبو بكر إذا وطئت زوجة الطفل ثم مات عنها ثم وضعت قبل تمام عدة الوفاة أنها لا تحل له حتى تكمل عدة الوفاة.
قال المجد وظاهر هذا تداخل العدتين.
ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة.
قوله (وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك).
يعني أنها كالموطوءة بشبهة من الأجنبي في عدتها وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجعلها في الترغيب كوطئه البائن منه بشبهة الآتية بعد هذه.
قوله (وإن أصابها بشبهة).
يعني المطلق طلاقا بائنا استأنفت العدة للوطء ودخلت فيها بقية الأولى.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به المصنف والشارح وصاحب الوجيز والفروع وغيرهم.
وقال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة وإن كان الواطئ بشبهة هو الزوج تداخلت العدتان لأنهما من رجل واحد إلا أن تحمل من أحد الوطأين ففي التداخل وجهان لكون العدتين من جنسين.
فائدتان
إحداهما لو وطئت امرأته بشبهة ثم طلقها رجعيا اعتدت له أولا ثم اعتدت للشبهة على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
297

وقيل تعتد للشبهة أولا ثم تعتد له ثانيا وهو احتمال في المحرر واختاره بن عبدوس في تذكرته.
قال في الرعاية الكبرى وهو أقيس.
وفي رجعته قبل عدته وجهان.
وأطلقهما في الفروع.
أحدهما ليس له ذلك قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وجزم به بن عبدوس في تذكرته وصححه بن نصر الله في حواشيه.
والوجه الثاني له ذلك.
وفي وطء الزوج إن حملت منه وجهان وهما احتمالان في الرعاية والحاوي.
وأطلقهما في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقدم في الرعاية الكبرى صحة تحريم الوطء.
وصحح بن نصر الله في حواشي الفروع عدم التحريم.
الثانية كل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة أو في نكاح فاسد قياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره في العدة قاله الشارح.
وقال قال المصنف والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها لأن العدة لحفظ مائة وصيانة نسبه.
ومن لا يلحقه نسب ولدها كالزانية لا يحل له نكاحها لأنه يفضي إلى اشتباه النسب.
وتقدم حكم ذلك في باب المحرمات في النكاح بعد قوله وتحرم الزانية حتى تتوب مستوفى فليعاود.
قوله (وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع عدتها حتى يدخل بها
298

فتنقطع حينئذ ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول واستأنفت العدة من الثاني).
لا أعلم فيه خلافا.
وقوله (وإن أتت بولد من أحدهما انقضت عدتها به منه ثم اعتدت للآخر أيهما كان وإن أمكن أن يكون منهما أري القافة معهما فألحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت عدتها به منهما).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الانتصار احتمال تستأنف عدة الآخر كموطوءة لاثنين.
وقيل في الموطوءة لاثنين بزنى عليها عدة واحدة فيتداخلان.
وتقدم كلام المجد.
وعند أبي بكر إن أتت به لستة أشهر من نكاح الثاني فهو له ذكره عنه القاضي وابن عقيل في المفقود.
ونقل بن منصور مثله وزاد فإن ادعياه فالقافة ولها المهر بما أصابها ويؤدبان.
قوله (وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في النظم ونصره المصنف.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقطع به الخرقي وغيره.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور والمختار للأصحاب.
وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد.
وعنه تحرم على التأبيد في النكاح الفاسد.
299

وقال المصنف له نكاحها بعد انقضاء عدة الأول ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه كالوطء في النكاح.
وتقدم نظيرها في الفائدة قبل ذلك وهي أعم.
وتقدم في المحرمات في النكاح.
قوله (وإن وطئ رجلان امرأة فعليها عدتان لهما).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ومراده إذا وطئاها بشبهة إذ تقدم غيره.
وصرح به في الوجيز وغيره.
قوله (وإن طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة بلا نزاع).
وإن راجعها ثم طلقها بعد دخوله بها استأنفت العدة بلا نزاع.
وإن طلقها قبل دخوله بها فهل تبني أو تستأنف على روايتين.
وأطلقهما في المذهب والمغني والشرح.
إحداهما تستأنف العدة نقله بن منصور كمن فسخت بعد الرجعة بعتق أو غيره وهو المذهب جزم به في الوجيز.
قال في المغني والشرح أولى الروايتين أنها تستأنف.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية تبني اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة ونظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
300

وقولي اختاره الخرقي هو من كلام صاحب الفروع.
قال ابن نصر الله في حواشيه ليست هذه المسألة في الخرقي ولا عزاها إليه في المغني وإنما ذكرها في فصل مفرد ولم ينقل عنه فيها قولا انتهى.
قوله (وإن طلقها طلاقا بائنا ثم نكحها في عدتها ثم طلقها فيها قبل دخوله بها فعلى روايتين أولاهما أنها تبني على ما مضى من العدة الأولى لأن هذا طلاق من نكاح لا دخول فيه فلا يوجب عدة).
هذا المذهب بلا ريب.
قال القاضي في كتاب الروايتين لا يلزمها استئناف العدة رواية واحدة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره المصنف وغيره.
والرواية الثانية تستأنف عدة.
وقال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة فيها طريقان.
أحدهما هي على الروايتين اللتين في الرجعية وهو المذكور في المجرد والفصول والمحرر.
والثاني تبني هنا رواية واحدة وهو ما في تعليق القاضي وعمد الأدلة لانقطاع النكاح الأول عن الثاني بالبينونة بخلاف الرجعية.
قوله فصل:
(ويجب الإحداد على المعتدة من الوفاة) بلا نزاع.
(وهل يجب على البائن على روايتين).
301

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والمحرر والشرح وغيرهم.
إحداهما لا يجب الإحداد وهو المذهب على ما قدمنا في الخطبة اختاره أبو بكر في الخلاف وابن شهاب والمصنف في العمدة.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
والرواية الثانية يجب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع اختاره الأكثر.
قال الزركشي اختاره الخرقي والقاضي وعامة أصحابه.
وجزم به في العمدة والوجيز وتذكرة بن عبدوس.
ونقل أبو داود يجب على المتوفى عنها والمطلقة ثلاثا والمحرمة.
والأصحاب يحكون الخلاف في البائن فيشمل المطلقة واحدة وثلاثا والمختلعة.
ونقل أبو داود مخصوص بالثلاث.
والخرقي قال والمطلقة ثلاثا.
قال الزركشي ويلحق بالمطلقة ثلاثا كل بائن.
وقال في المستوعب وفي وجوبه على البائن بالثلاث أو خلع أو فسخ أو غير ذلك روايتان انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى وفي البائن بطلاق وخلع وفسخ روايتان انتهى.
وقيل المختلعة كالرجعية.
قال الشارح وذكر شيخنا في كتاب الكافي أن المختلعة كالبائن فيما ذكرنا من الخلاف.
والصحيح أنه لا يجب عليها لأنها يحل لزوجها الذي خالعها أن يتزوجها في عدتها بخلاف البائن بالثلاث انتهى.
302

فظاهر كلامه أن الخلاف مخصوص بالبائن بالثلاث وجزم به في العمدة.
وأكثر الأصحاب أطلقوا البائن.
وقال في الانتصار وغيره لا يلزم الإحداد بائنا قبل الدخول.
تنبيه حيث قلنا لا يجب الإحداد فإنه يجوز إجماعا لكن لا يسن ذكره في الرعاية.
قوله (ولا يجب في نكاح فاسد).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقال القاضي في الجامع المنصوص يلزم الإحداد في نكاح فاسد.
وجزم به في القواعد الأصولية وقال نص عليه في رواية أحمد بن محمد البرائي القاضي ومحمد بن أبي موسى.
قوله (وسواء في الإحداد المسلمة والذمية).
وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى الذين ألزموا به الذمية لا يلزمونها به في عدتها من الذمي فصار هذا كعقودهم قال في الفروع كذا قال.
تنبيهان
أحدهما قوله والإحداد اجتناب الزينة والطيب.
فتجتنب الطيب ولو كان في دهن نص عليه كدهن الورد والبنفسج والياسمين والبان وغيره.
قال في الفروع وتترك دهنا مطيبا فقط نص عليه كدهن ورد.
303

وفي المغني ودهن راس ولعله بان كما صرح به في المغني.
وصرح أيضا أنه لا بأس بالادهان بالزيت والشيرج والسمن ولم يخص غير الرأس بل أطلق.
قلت وكذا قال الشارح.
الثاني قوله واجتناب الحناء والخضاب والكحل الأسود.
مراده باجتناب الكحل الأسود إذا لم تكن حاجة قاله في الفروع وغيره وقدمه في الرعاية وغيره.
قال المصنف والشارح فإن اضطرت الحادة إلى الكحل بالإثمد للتداوي فلها أن تكتحل ليلا وتمسحه نهارا وقطعوا به وأفتت به أم سلمة رضي الله عنها.
قلت ذلك معارض بما في الصحيحين أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال لا مرتين.
فيحتمل أن يكون ذلك منسوخا ويحتمل أنه كان يمكنها التداوي بغيره فمنعها منه ويحتمل أنها لم تكن وصلت إلى الاضطرار إلى ذلك والله أعلم.
قوله (والخفاف).
تمنع الحادة من الخفاف على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع وفيه وجه سهو.
وقال في المطلع والمحرم عليها إنما هو نتف وجهها فأما حفه وحلقه فمباح نص عليه أصحابنا.
قلت الذي يظهر أنه اشتبه عليه فجعل الممنوعة منه في الإحداد وغيره وهو النتف ممنوعة منه هنا وجعل الذي لا تمنع منه الزوجة مع زوجها وغير
304

الحادة وهو الحف والحلق لا تمنع منه الحادة هنا والظاهر أنه سهو ولعل صاحب الفروع عناه بما قال.
فائدة لا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط.
قوله (ولا يحرم عليها الأبيض من الثياب وإن كان حسنا ولا الملون لدفع الوسخ كالكحلي ونحوه).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل يحرم الأبيض المعد للزينة وما هو ببعيد فإن بعضها أعظم مما منعت منه من غيره.
وقال في الترغيب لا يحرم في الأصح ملون لدفع وسخ كأسود وكحلي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي.
فائدة هل تمنع من الذي صبغ غزله ثم نسج أم لا فيه احتمالان مطلقان ذكرهما المصنف والشارح والزركشي بناء على تفسير العصب المستثنى في الحديث بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام إلا ثوب عصب.
وأطلق الوجهين في الرعاية الكبرى فقال القاضي هو ما صبغ غزله قبل نسجه فيباح ذلك.
وصحح المصنف والشارح أنه نبت ينبت في اليمن تصبغ به الثياب ونقلاه عن صاحب الروض الأنف وصححا أن ما صبغ غزله يحرم عليها لبسه وأنه ليس بعصب.
والمذهب يحرم ما صبغ غزله ثم نسج قدمه في الفروع.
305

قوله (قال الخرقي وتجتنب النقاب).
هذا مما انفرد به الخرقي وتابعه في الرعايتين والحاوي وجماعة.
والصحيح من المذهب وعليه الأصحاب إلا الخرقي ومن تابعه ونص عليه أن النقاب لا يحرم عليها.
قال الزركشي عند كلام الخرقي وتجتنب النقاب كأنه لا نص فيه عن الإمام أحمد رحمه الله لأن كثيرا من الأصحاب عزا ذلك إلى الخرقي لأن المعتدة كالمحرمة وعلى هذا تمنع مما في معنى ذلك كالبرقع.
وقال فظاهر كلام الخرقي أن البائن التي تحد لا تجتنب النقاب وصرح به أبو محمد في الكتاب الكبير.
وظاهر كلامه في كتابه الصغير وكذلك المجد منعها من ذلك.
قوله (فصل).
وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه بأن يحولها مالكه أو تخشى على نفسها فتنتقل بلا نزاع.
وظاهر كلام المصنف هنا أنها تنتقل حيث شاءت وهو أحد الوجهين والمذهب منهما على ما اصطلحناه.
اختاره القاضي والمصنف والشارح.
وجزم به في الكافي وقدمه بن رزين في شرحه.
والوجه الثاني أنها لا تنتقل إلا إلى أقرب ما يمكن من المنزل الذي وجبت فيه جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والمنور والوجيز وإدراك الغاية والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
306

وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما في الفروع.
فائدة لو بيعت الدار التي وجبت فيها العدة وهي حامل فقال المصنف لا يصح البيع لأن الباقي من مدة العدة مجهول.
قلت فيعايى بها.
وقال المجد قياس المذهب الصحة.
قلت وهو الصواب.
وتقدم ذلك أيضا في باب الإجارة عند قوله ويجوز بيع العين المستأجرة.
تنبيه قوله بأن يحولها مالكه صحيح.
وقال في المغني أو يطلب به فوق أجرته.
وقال أيضا هو والشارح أو لم تجد ما تكتري به.
وقال في الترغيب إن قلنا لا سكنى لها فعليها الأجرة وليس للورثة تحويلها منه.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام جماعة.
قال وظاهر المغني وغيره خلافه.
وقال الزركشي ذكره أبو محمد من صور الأعذار المبيحة للانتقال إذا لم تجد أجرة المنزل إلا من مالها فلها الانتقال.
وصرح أن الواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه.
قال وفيما قالاه نظر وذكره ثم قال والذي يظهر لي أنه يجب عليها بذل الأجرة من مالها إن قدرت عليها وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
فائدة يجوز نقلها لأذاها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل ليس لهم ذلك بل ينتقلون عنها واختاره في الترغيب.
307

تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله ولا تخرج ليلا.
ولو كان لحاجة وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلامه في الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى.
وجزم به في الكافي والمحرر.
وقطع في المغني والشرح أنه لا يجوز لها الخروج ليلا إلا لضرورة.
والوجه الثاني يجوز لها الخروج ليلا للحاجة.
قال في الرعاية الصغرى ولها الخروج ليلا لحاجة في الأشهر.
قال في الحاوي والهادي ولها ذلك في أظهر الوجهين.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في الفروع.
وظاهر كلامه في الواضح أن لها الخروج مطلقا قاله في الفروع.
الثاني ظاهر قوله ولها الخروج نهارا لحوائجها.
أنه سواء وجد من يقضيها الحوائج أو لا وهو ظاهر كلام غيره وأطلقوا.
قال الحلواني لها ذلك مع وجود من يقضيها فصرح وبين المطلق من كلامهم.
وظاهر قوله أيضا لحوائجها أنها لا تخرج لغير حوائجها وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح وتذكرة بن عبدوس والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل لها الخروج نهارا لحوائجها وغيرها.
قال في الوسيلة نص عليه.
نقل حنبل تذهب بالنهار.
308

قال الزركشي اشترط كثير من الأصحاب لخروجها الحاجة والإمام أحمد رحمه الله وجماعة لم يشترطوا ذلك.
ولا حاجة في التحقيق إلى اشتراطه لأن المرأة وإن لم تكن متوفى عنها تمنع من خروجها من بيتها لغير حاجة مطلقا.
فائدة لو خالفت وفعلت ما هي ممنوعة منه أثمت وانقضت عدتها بمضي زمنها كالصغيرة.
قوله (وإذا أذن لها في النقلة إلى بلد السكنى فيه فمات قبل مفارقة البنيان لزمها العود إلى منزلها بلا نزاع أعلمه).
وإن مات بعده فلها الخيار بين البلدين.
يعني إذا مات بعد مفارقة البنيان هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يلزمها العدة في البلد الثاني كما لو وصلت.
قلت لو قيل بلزومها في أقرب البلدين إليها لكان متجها بل أولى.
فائدة الحكم في النقلة من دار إلى دار كذلك على ما تقدم.
تنبيه قوله وإن سافر بها فمات في الطريق وهي قريبة لزمها العود وإن تباعدت خيرت بين البلدين.
مراده إذا كان سفره بها لغير النقلة على ما تقدم جزم به في الفروع وغيره.
وإن سافر بها لغير النقلة وهو مراد المصنف فالحكم كما قال المصنف من أنها إن كانت قريبة وهو دون مسافة القصر لزمها العود وإن كانت بعيدة وهو مسافة القصر فأزيد خيرت بين البلدين.
309

فائدة لو أذن لها في السفر لغير النفلة فالصحيح من المذهب أنها إن كانت قريبة ومات يلزمها العود وإن كانت بعيدة تخير قدمه في الفروع.
وقال في التبصرة عن أصحابنا فيمن سافرت بإذن يلزمها المضي مع البعد فتعتد فيه.
فشمل كلامه في التبصرة عن الأصحاب سفر النقلة وغيره.
فائدة قوله وإن أذن لها في الحج وكانت حجة الإسلام فأحرمت به ثم مات فخشيت فوات الحج مضت في سفرها وإن لم تخش وهي في بلدها أو قريبة يمكنها العود أقامت لتقضي العدة في منزلها وإلا مضت في سفرها.
قوله (وإن لم تكن أحرمت أو أحرمت بعد موته فحكمها حكم من لم تخش الفوات).
في أنها تقيم إذا كانت في بلدها لم تخرج أو خرجت لكنها قريبة يمكنها العود وإن لم تكن كذلك مثل أن تكون قد تباعدت أو لا يمكنها العود فإنها تمضي.
واعلم أنها إذا أحرمت قبل موته أو بعده فلا يخلو إما أن يمكن الجمع بين الإتيان بالعدة في منزلها أو الحج أو لا يمكن.
فإن كان لا يمكن الجمع بين ذلك فقال في المحرر إن لم يمكن الجمع قدمت مع البعد الحج فإن رجعت منه وقد بقي من عدتها شيء أتمته في منزلها.
وأما مع القرب فهل تقدم العدة أو أسبقهما لزوما على روايتين.
قال في الوجيز وإن لم يمكن الجمع قدمت الحج مع البعد.
وقال في الكافي إن أحرمت بحج أو عمرة في حياة زوجها في بلدها
310

ثم مات وخافت فواته مضت فيه لأنه أسبق فإذا استويا في خوف الفوات كان أحق بالتقديم.
وقال الزركشي إن كانت قريبة ولم يمكن الرجوع فهل تقدم العدة وهو ظاهر كلامه في رواية حرب ويعقوب أو الحج إن كانت قد أحرمت به قبل العدة وهو اختيار القاضي على روايتين.
وإن كانت بعيدة مضت في سفرها وظاهر كلام الخرقي وجوب ذلك وجعله أبو محمد مستحبا وفصل المجد ما تقدم.
وقدم في الفروع أنها هل تقدم الحج مطلقا أو أسبقهما على وجهين وأطلقهما بقيل وقيل.
وأما إذا أمكن الجمع بينهما فالصحيح من المذهب أنه يلزمها العود ذكره المصنف وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وجزم به في الكافي وغيره.
وقال في المحرر يلزمها العود مع موته بالقرب وخيرت مع البعد.
وقال في الشرح إن أحرمت بحج الفرض أو بحج أذن لها فيه وكان وقت الحج متسعا لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة لزمها الاعتداد في منزلها وإن خشيت فوات الحج لزمها المضي فيه.
وإن أحرمت بالحج بعد موته وخشيت فواته احتمل أن يجوز لها المضي فيه واحتمل أن تلزمها العدة في منزلها انتهى.
تنبيهات
أحدهما القريب دون مسافة القصر والبعيد عكسه.
الثاني حيث قلنا تقدم العدة فإنها تتحلل لفوات الحج بعمرة وحكمها
311

في القضاء حكم من فاته الحج وإن لم يمكنها السفر فهي كالمحصرة التي يمنعها زوجها من السفر وحكم الإحرام بالعمرة كذلك إذا خيف فوات الرفقة أو لم يخف.
قوله (وأما المبتوتة فلا تجب عليها العدة في منزله وتعتد حيث شاءت).
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وعنه أنها كالمتوفى عنها زوجها.
تنبيه قوله وتعتد حيث شاءت يعني في بلدها على الصحيح من المذهب والروايتين.
والصحيح من المذهب أنها لا تبيت خارجا عن منزلها.
وعنه يجوز ذلك.
فوائد.
الأولى إذا أراد زوج البائن إسكانها في منزله أو غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه ولا محذور فيه لزمها ذلك ذكره القاضي وغيره ولو لم يلزمه نفقتها كالمعتدة بشبهة أو نكاح فاسد أو مستبرأة لعتق وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والحاوي والوجيز والزركشي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة لا يلزمها ذلك.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه في الرعايتين.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن أراد ذلك وأنفق عليها فله ذلك وإلا فلا.
312

وسوى المصنف في العمدة بين من يمكن زوجها إمساكها والرجعية في نفقة وسكنى.
الثانية لو كانت دار المطلق متسعة لهما وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينهما باب مغلق جاز وسكن الزوج في الباقي كما لو كانا حجرتين متجاورتين.
وإن لم يكن بينهما باب مغلق لكن لها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها ومعها محرم تتحفظ به جاز أيضا وتركه أولى.
الثالثة لو غاب من لزمته السكنى لها أو منعها من السكنى اكتراه الحاكم من ماله أو اقترض عليه أو فرض أجرته.
وإن اكترته بإذنه أو إذن حاكم أو بدونها للعجز عن إذنه رجعت ومع القدرة على إذنه فيه الخلاف السابق في أوائل باب الضمان.
ولو سكنت في ملكها فلها أجرته ولو سكنته أو اكترت مع حضوره وسكوته فلا أجرة لها.
الرابعة حكم الرجعية في العدة حكم المتوفى عنها زوجها على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته وغيره وقاله القاضي في خلافه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية والفروع وغيرهم.
وقيل بل كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا.
الخامسة ليس له الخلوة بامرأته البائن إلا مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما قدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يجوز مع أجنبية فأكثر.
313

قال في الترغيب وأصله النسوة المنفردات هل لهن السفر مع أمن بلا محرم.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وهل يجوز دخوله على البائن منه مع أجنبية ثقة فيه وجهان.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويحرم سفره بأخت زوجته ولو معها.
وقال في ميت عن امرأة شهد قوم بطلاقه ثلاثا مع علمهم عادة بخلوته بها لا يقبل لأن إقرارهم يقدح فيهم.
ونقل بن هانئ يخلو إذا لم تشتهي ولا يخلو أجانب بأجنبية.
قال في الفروع ويتوجه وجه لقصة أبي بكر رضي الله عنه مع زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما رأى جماعة من بني هاشم عندها رواه مسلم والإمام أحمد رحمهما الله.
وقال القاضي من عرف بالفسق منع من الخلوة بالأجنبية.
قال في الفروع كذا قال والأشهر تحرم مطلقا وذكره جماعة إجماعا.
قال ابن عقيل ولو لإزالة شبهة ارتدت بها أو لتداو.
وفي آداب عيون المسائل لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان الشيطان ثالثهما ولو كانت عجوزا شوهاء.
وقال في المغني لمن احتج بأن العبد محرم لمولاته بدليل نظره لا يلزم منه المحرمية بدليل القواعد من النساء وغير أولي الإربة.
وفي المغني أيضا لا يجوز إعارة أمة جميلة لرجل غير محرم إن كان يخلو بها أو ينظر إليها لأنه لا يؤمن عليها.
وكذا في الشرح إلا أنه اقتصر على عبارة المقنع بالكراهة.
قال في الفروع فحصل من النظر ما ترى.
وقال الشارح كما هو ظاهر المغني فإن كانت شوهاء أو كبيرة فلا بأس لأنها لا يشتهى مثلها وهذا إنما يكون مع الخلوة أو النظر كما ترى.
314

قال في الفروع وهذا في الخلوة غريب.
وفي آداب صاحب النظم تكره الخلوة بالعجوز.
قال في الفروع كذا قال وهو غريب ولم يعزه.
قال وإطلاق كلام الأصحاب في تحريم الخلوة والمراد به من لعورته حكم.
فأما من لا عورة له كدون سبع فلا تحريم.
وسبق ذلك في الجنائز في تغسيل الأجنبي لأجنبية وعكسه.
وتقدم في كتاب النكاح هل يجوز النظر إلى هؤلاء أو إلى الأجنبية أم لا.
السادسة يجوز إرداف محرم.
قال في الفروع ويتوجه في غيرها مع الأمن وعدم سوء الظن خلاف بناء على أن إرادته عليه الصلاة والسلام إرداف أسماء رضي الله عنها مختص به والله أعلم.
315

باب استبراء الإماء
قوله (ويجب الاستبراء في ثلاثة مواضع).
أحدها إذا ملك أمة لم يحل له وطؤها ولا الاستمتاع بها بمباشرة أو قبلة حتى يستبرئها.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والعمدة والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يختص التحريم بمن تحيض فيجوز الاستمتاع والوطء بمن لا تحيض.
وعنه يختص التحريم بالوطء فقط ذكرها في الإرشاد واختاره بن القيم رحمه الله في الهدى واحتج بجواز الخلوة والنظر وقال لا أعلم في جواز هذا نزاعا.
فعلى هذه الرواية يجوز الاستمتاع بما دون الفرج ممن لا تحيض.
وعنه لا يجب الاستبراء في المسنة ذكرها الحلواني.
وذكر في الترغيب وجها لا يجب الاستبراء فيما إذا ملكها بإرث.
وعنه لا يجب الاستبراء إذا كان المالك طفلا.
وقيل لا يجب الاستبراء إذا ملكها من مكاتبه على ما يأتي.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله جواز وطء البكر ولو كانت كبيرة والآيسة وإذا أخبره صادق أنه لم يطأها أو أنه استبرأ.
ويأتي بعد ذلك الخلاف فيما إذا ملكها من كبير أو صغير أو ذكر أو أنثى ويأتي بعد ذلك إذا كانت الأمة صغيرة.
قوله (إلا المسبية هل له الاستمتاع بها فيما دون الفرج على روايتين.
يعني إذا منعنا من الاستمتاع في غير المسبية.
316

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي والمغني والشرح.
أحدهما لا يحل وهو المذهب.
قال الشارح وهو الظاهر عن الإمام أحمد رحمه الله وظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية يحل له ذلك وجزم به بن البنا والشيرازي.
وصححه في البلغة والقاضي في المجرد قاله في القواعد.
قوله (سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه لا يلزمه الاستبراء إذا ملكها من طفل أو امرأة.
قلت وهو مقتضى قواعد الشيخ تقي الدين رحمه الله.
فائدة لو ملكتها امرأة من امرأة أخرى لم يجب استبراؤها على الصحيح من المذهب.
وقد يقال هذا ظاهر كلام المصنف.
وعنه يلزمها استبراؤها كما لو ملكها طفل على الصحيح من المذهب فيه كما تقدم.
317

قوله (وإن أعتقها قبل استبرائها لم يحل له نكاحها حتى يستبرئها).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه يحل نكاحها ولا يطأ حتى يستبرئ.
فعلى المذهب لو خالف وعقد النكاح لم يصح على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
قال أبو الخطاب في رؤوس المسائل ظاهر المذهب لا يصح.
وعنه يصح النكاح ولا يطؤها حتى يستبرئها وأطلقهما في المحرر والنظم.
قوله (ولها نكاح غيره إن لم يكن بائعها يطؤها).
هذا إحدى الروايتين قال في المحرر وهو الأصح.
قال في الرعاية الصغرى ولها نكاح غيره على الأصح.
وقال في الكبرى ولها نكاح غيره على الأقيس وقواه الناظم.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وشرح ابن منجا وتذكرة بن عبدوس وقدمه في الحاوي الصغير.
وعنه ليس لها ذلك وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قدمه في المحرر والنظم والفروع والمستوعب.
قلت في النفس من كون هذا المذهب بتقديم هؤلاء شيء فإن صاحب المحرر والنظم وإن كانا قد قدماه فقد صححا غيره.
فائدة لو أراد السيد تزويج أمته قبل عتقها ولم يكن يطؤها قبل ذلك.
318

فحكمه حكم ما لو أعتقها وأراد تزويجها ولم يكن يطؤها على ما تقدم إلا أن المصنف والشارح قالا ليس له نكاحها قبل استبرائها.
قوله (والصغيرة التي لا يوطأ مثلها هل يجب استبراؤها على وجهين وهما روايتان).
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما لا يجب الاستبراء وهو المذهب اختاره بن أبي موسى.
وصححه المصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه.
ولا يلتفت إلى قول ابن منجا إن ظاهر كلامه في المغني ترجيح الوجوب وهو قد صحح عدمه كما حكيناه.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والثاني يجب استبراؤها.
قال المصنف وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في أكثر الروايات عنه.
وهو ظاهر كلام الخرقي والشيرازي وابن البنا وغيرهم.
وجزم به بن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن اشترى زوجته أو عجزت مكاتبته أو فك أمته من الرهن).
حلت بغير استبراء وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن يستحب له الاستبراء في الزوجة ليعلم هل حملت في زمن الملك أو غيره.
وأوجبه بعض الأصحاب فيما إذا ملك زوجته لتجديد الملك قاله في الروضة.
319

قوله (أو أسلمت المجوسية أو المرتدة أو الوثنية التي حاضت عنده أو اشترى مكاتبه ذوات رحمه فحضن عنده ثم عجز).
حلت بغير استبراء وهذا المذهب.
قال في الفروع وفي الأصح لا يلزمه إن أسلمت مجوسية أو وثنية أو مرتدة أو رجع إليه رحم مكاتبه المحرم لعجزه.
قال الزركشي هذا المذهب.
قال الناظم هذا الأقوى.
وصححه في المحرر والحاوي فيما إذا أسلمت الكافرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقيل يجب الاستبراء في ذلك كله وأطلقهما في الرعايتين.
تنبيه ظاهر كلامه أن السيد لو أخذ من المكاتب أمة من ذوات محارمه بعد أن حاضت عنده أنه يلزمه الاستبراء وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع لزمه في الأصح.
وصححه في المحرر والحاوي وقدمه الزركشي وغيره.
وقيل لا يلزمه.
قوله (وإن وجد الاستبراء في يد البائع قبل القبض أجزأه).
هذا هو المذهب قاله ابن منجا وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
واختاره القاضي وجماعة من أصحابه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والمحرر والنظم والفروع وغيرهم.
320

قال في الخلاصة حصل الاستبراء على الأصح.
ويحتمل أن لا يجزئه وهو وجه في الكافي وغيره ورواية عند الأكثر.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في المذهب والكافي والرعايتين والحاوي والزركشي.
فوائد.
إحداها وكيل البائع إذا وجد الاستبراء في يده كالبائع على الصحيح من المذهب.
وقيل يجب الاستبراء هنا.
الثانية قال في المحرر ويجزئ استبراء من ملكها بشراء أو وصية أو غنيمة أو غيرها قبل القبض.
وعنه لا يجزئ.
قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والموصى بها والموروثة والمغنومة كالمبيعة.
زاد في الرعايتين فقال قلت والموهوبة.
وأطلق الروايتين في الرعاية الكبرى.
وعنه تجزئ في الموروثة دون غيرها.
الثالثة لو حصل استبراء زمن الخيار ففي إجزائه روايتان.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير والزركشي.
واختار بن عبدوس في تذكرته الإجزاء وجزم به في المنور.
قال في الخلاصة حصل الاستبراء على الأصح.
وقيل إن قلنا الملك للمشترى مع الخيار كفى وإلا فلا جزم به في الهداية والمستوعب والمصنف.
321

قال في المحرر ومن اشتريت بشرط الخيار فهل يجزئ استبراؤها إذا قلنا بنقل الملك على وجهين وأطلقهما في النظم.
وقدم في الرعاية الصغرى عدم الإجزاء مطلقا.
قوله (وإن باع أمته ثم عادت إليه بفسخ أو غيره كالإقالة والرجوع في الهبة بعد القبض وجب استبراؤها وإن كان قبله فعلى روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والشرح.
إحداهما يجب استبراؤها وهو المذهب اختاره الشريف وأبو الخطاب والشيرازي وغيرهم.
قال في البلغة وجب استبراؤها على الأصح وصححه الناظم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية لا يجب استبراؤها اختاره بن عبدوس في تذكرته.
تنبيه محل الخلاف في الفسخ حيث قلنا بانتقال الملك إلى المشتري.
أما إن قلنا بعدم انتقاله عن البائع ثم عاد إليه بفسخ كخيار الشرط والمجلس لم يجب استبراؤه قولا واحدا.
قوله (وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج قبل الدخول لزم استبراؤها بلا نزاع أعلمه ونص عليه).
وإن كان بعده لم يجب في أحد الوجهين.
اكتفاء بالعدة وهو المذهب.
صححه في المغني والشرح والتصحيح وغيرهم.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
322

وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس.
والوجه الثاني يجب استبراؤها بعد العدة اختاره القاضي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
فائدة مثل ذلك خلافا ومذهبا لو اشترى أمة معتدة أو مزوجة فمات زوجها.
قوله (الثاني إذا وطئ أمته ثم أراد تزويجها لم يجز حتى يستبرئها).
ولم ينعقد العقد هذا المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمستوعب والخلاصة والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والفروع والنظم واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وعنه يجوز من غير استبراء فيصح العقد ولا يطأ الزوج حتى يستبرئ نقله الأثرم وغيره.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله (وإن أراد بيعها فعلى روايتين).
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والهداية والمذهب وغيرهم.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وقدمه بن رزين في شرحه.
والرواية الثانية لا يلزمه استبراؤها قبل ذلك صححه في التصحيح واختاره بن عبدوس في تذكرته وصححه الناظم.
323

وعنه لا يصح وأطلقهما في الرعايتين والحاوي والفروع.
تنبيه خص المصنف والشارح والناظم الخلاف بما إذا كانت تحمل.
فأما إن كانت آيسة لم يلزمه استبراؤها إذا أراد بيعها قولا واحدا عندهم.
وأكثر الأصحاب أطلقوا الخلاف من غير تفصيل.
قوله (وإن لم يطأها لم يلزمه استبراؤها في الموضعين).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
ونقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وقال هذا المذهب.
قال في المستوعب وغيره والمستحب أن يستبرئها.
وعنه يلزمه الاستبراء وإن لم يطأها ذكرها أبو بكر في مقنعه واختارها.
ونقل حنبل إن كانت البالغة امرأة قال لا بد أن يستبرئها وما يؤمن أن تكون قد جاءت بحمل وهو ظاهر ما نقله جماعة قاله في الفروع.
وقال في الانتصار إن اشتراها ثم باعها قبل الاستبراء لم يسقط الأول في الأصح.
قوله (الثالث إذا أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها أو مات عنها لزمها استبراء نفسها بلا نزاع إلا أن تكون مزوجة أو معتدة فلا يلزمها استبراء).
وكذا لو أراد تزويجها أو استبرأها بعد وطئه ثم أعتقها أو باعها فأعتقها مشتر قبل وطئه بلا نزاع في ذلك.
وإن أبانها قبل دخوله أو بعده أو مات فاعتدت ثم مات السيد فلا
324

استبراء إن لم يطأ لزوال فراشه بتزويجها كأمة لم يطأها وهذا الصحيح من المذهب نقله بن القاسم وسندي وقدمه في الفروع وغيره.
واختار المصنف وغيره وجوبه لعود فراشه.
وإن باع ولم يستبرئ فأعتقها مشتر قبل وطء واستبراء استبرأت أو تممت ما وجد عند مشتر.
تنبيه قوله وإن مات زوجها وسيدها ولم يعلم السابق منهما وبين موتهما أقل من شهرين وخمسة أيام لزمها بعد موت الآخر منهما عدة الحرة من الوفاة حسب وإن كان بينهما أكثر من ذلك أو جهلت المدة لزمها بعد موت الآخر منهما أطول الأمرين من عدة الحرة أو الاستبراء.
ولا ترث الزوج هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه لا يلزمها سوى عدة حرة للوفاة فقط مطلقا.
فائدة لو ادعت أمة موروثة تحريمها على وارث بوطء موروثه ففي تصديقها وجهان وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما تصدق في ذلك لأنه لا يعرف إلا من جهتها.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع وهو أظهر.
والثاني لا تصدق.
قوله (وإن اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراءان)
325

هذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والهداية والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وقيل يكفي استبراء واحد اختاره في الرعاية الكبرى.
قلت وهو الصواب.
وتقدم في آخر اللعان إذا اشترك البائع والمشتري في وطئها وأتت بولد هل يكون عبدا للمشتري أو يكون للبائع وتفاصيل ذلك.
قوله (والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كانت حاملا بلا نزاع).
وقوله أو بحيضة إن كانت ممن تحيض.
هو المذهب سواء كانت أم ولد أو غيرها وعليه الأصحاب.
وذكر في الواضح رواية تعتد أم الولد بعتقها أو بموته بثلاث حيض.
قال في الفروع وهو سهو.
وذكر في الترغيب رواية تعتد أم الولد بعتقها بثلاث حيض.
وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرا.
وحكى أبو الخطاب رواية ثالثة أنها تعتد بشهرين وخمسة أيام كعدة الأمة المزوجة للوفاة.
قال المصنف ولم أجد هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في الجامع ولا أظنها صحيحة عنه.
قلت قد أثبتها جماعة من الأصحاب.
قوله (أو بمضي شهر إن كانت آيسة أو صغيرة).
وكذا لو بلغت ولم تحض وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
326

وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه بثلاثة أشهر نقلها الجماعة.
قال المصنف والشارح والزركشي هذا هو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وابن عقيل والمصنف.
قال في الفروع وهي أظهر.
وعنه بشهر ونصف نقلها حنبل.
وعنه بشهرين ذكره القاضي كعدة الأمة المطلقة.
قال المصنف ولم أر لذلك وجها.
ولو كان استبراؤها بشهرين لكان استبراء ذات القرء بقرأين ولم نعلم به قائلا.
فائدة تصدق في الحيض فلو أنكرته فقال أخبرتني به فوجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يصدق هو وجزم به في الرعاية الكبرى.
والثاني تصدق هي.
قال ابن نصر الله في حواشيه وهو أظهر إلا في وطئه أختها بنكاح أو ملك انتهى.
قوله (وإن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر نص عليه).
تسعة للحمل وشهر للاستبراء وهو المذهب نص عليه.
327

وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وابن منجا في شرحه وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه تستبرأ بأحد عشر شهرا.
وعنه بسنة وعنه بعشرة ونصف فالزائد عن التسعة أشهر مبني على الخلاف في عدتها على ما تقدم.
قال في الفروع فإن ارتفع حيضها فكعدة.
فائدتان
إحداهما لو علمت ما رفع حيضها انتظرته حتى يجيء فتستبرئ به أو تصير من الآيسات فتعتد بالشهور كالمعتدة.
الثانية يحرم الوطء في الاستبراء فإن فعل لم ينقطع الاستبراء.
وإن أحبلها قبل الحيضة استبرأت بوضعه وإن أحبلها في الحيضة حلت في الحال لجعل ما مضى حيضة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الرعايتين والحاوي وغيرهم وقدمه في الفروع.
قلت فيعايى بها.
ونقل أبو داود من وطئ قبل الاستبراء يعجبني أن يستقبل بها حيضة.
وإنما لم يعتبر استبراء الزوجة لأن له نفي الولد باللعان.
ذكر بن عقيل في المنثور أن هذا الفرق ذكره له الشاشي وقد بعثني شيخنا لأسأله عن ذلك.
328

كتاب الرضاع.
تنبيه قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وإذا حملت المرأة من رجل ثبت نسب ولدها منه فثاب لها لبن فأرضعت به طفلا.
هكذا عبارة الأصحاب وأطلقوا.
وزاد في المبهج فقال وأرضعت به طفلا ولم يتقيأ.
قوله (صار ولدا لهما في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت المحرمية وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وصار أبويه وآباؤهما أجداده وجداته وإخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته وإخوة الرجل وأخواته أعمامه وعماته وتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع إلى أولاده وأولاد أولاده وإن سفلوا فيصيرون أولادا لهما بلا نزاع في ذلك).
قوله (ولا تنتشر إلى من في درجته من أخوته وأخواته).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الروضة لو ارتضع ذكر وأنثى من امرأة صارت أما لهما فلا يجوز لأحدهما أن يتزوج بالآخر ولا بأخواته الحادثات بعده ولا بأس أن يتزوج بأخواته اللاتي ولدن قبله ولكل منهما أن يتزوج أخت الآخر انتهى.
ولا أعلم به قائلا غيره ولعله سهو.
ثم وجدت بن نصر الله في حواشيه قال هذا خلاف الإجماع.
قوله (ولا تنتشر إلى من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه
329

وعماته وأخواله وخالاته فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ولا أخيه ولا تحرم أم المرتضع ولا أخته على أبيه من الرضاع ولا أخيه) بلا نزاع.
قوله (وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنى طفلا صار ولدا لها وحرم على الزاني تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي).
وهو المذهب اختاره بن حامد وابن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال أبو بكر تثبت.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
قوله (قال أبو الخطاب وكذلك الولد المنفي باللعان).
وهو الصحيح يعني أن حكم لبن ولدها المنفي باللعان كحكم لبن ولدها من الزنى من كون المرتضع يحرم على الملاعن تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حق الملاعن على المذهب أو تثبت على قول أبي بكر وهو ظاهر كلام الخرقي.
وجزم به في المذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ويحتمل أن لا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال لأنه ليس بلبنه حقيقة ولا حكما بخلاف الزاني.
قلت وهو الصواب.
330

وإن وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه بلا نزاع.
وإن ألحق بهما كان المرتضع ابنا لهما بلا خلاف.
زاد في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والترغيب وغيرهم فقالوا وكذا الحكم لو مات ولم يثبت نسبه فهو لهما.
قلت وهو صحيح.
قوله (وإن لم يلحق بواحد منهما).
إما لعدم القافة أو لأنه أشكل عليهم.
ثبت التحريم بالرضاع في حقهما.
كالنسب وهو أحد الوجهين والمذهب منهما.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في المحرر والحاوي الصغير.
والوجه الآخر هو لأحدهما مبهما فيحرم عليهما اختاره في الترغيب.
قال في المغني والكافي وتبعه الشارح وإن لم يثبت نسبه منهما لتعذر القافة أو لاشتباهه عليهم ونحو ذلك حرم عليهما تغليبا للحظر.
وجزم به بن رزين في شرحه وابن منجا وأطلقهما في الفروع.
قوله (وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم).
قال جماعة منهم بن حمدان في رعايتيه أو من وطء تقدم.
لم ينشر الحرمة نص عليه في لبن البكر.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع لم ينشر الحرمة في ظاهر المذهب.
قال الزركشي وهو المنصوص والمختار للقاضي وعامة أصحابه.
قال ناظم المفردات عليه الأكثر.
331

وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير ونظم المفردات وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
قال جماعة من الأصحاب لأنه ليس بلبن حقيقة بل رطوبة متولدة لأن اللبن ما أنشز العظام وأنبت اللحم وهذا ليس كذلك.
وعنه ينشزها ذكرها بن أبي موسى.
قال في المستوعب اختاره بن أبي موسى.
قال المصنف هنا والظاهر أنه قول بن حامد.
قال الشارح وهو قول بن حامد.
واختاره المصنف والشارح.
قال في الرعايتين ولا يحرم لبن غير حبلى ولا موطوءة على الأصح.
فعلى القول بأنه ينشر فلا بد أن تكون بنت تسع سنين فصاعدا صرح به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام المصنف هنا وغيره لقوله وإن ثاب لامرأة.
قوله (ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة فلو ارتضع طفلان من بهيمة أو رجل أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة بلا نزاع).
إذا ارتضع طفلان من بهيمة لم ينشر الحرمة بلا نزاع.
وإن ارتضع من رجل لم ينشر الحرمة أيضا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وذكر الحلواني وابنه رواية بأنه ينشر.
وإن ارتضعا من خنثى مشكل فإن قلنا لا ينشر لبن المرأة الذي حدث من غير حمل فهنا لا ينشر بطريق أولى وأحرى.
وقد تقدم أنه لا ينشر على الصحيح المنصوص.
332

وإن قلنا هنا ينشر على الرواية التي ذكرها بن أبي موسى فهل ينشر الحرمة هنا لبن الخنثى المشكل فيه وجهان.
هذه طريقة صاحب المحرر والحاوي والفروع وهي الصواب.
والصواب أيضا عدم الانتشار ولو قلنا بالانتشار من المرأة وهو ظاهر كلام المصنف.
وظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم أن الخلاف في الخنثى مطلقا.
ولذلك ذكروا المسألة من غير بناء فقالوا لو ارتضع من كذا وكذا ومن خنثى مشكل لم ينشر الحرمة.
وقال ابن حامد يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمره.
ولهذا قال في الرعايتين ولا تثبت حرمة لبن رجل وخنثى.
وقيل يقف أمره حتى ينكشف.
وقيل إن حرم لبن بغير حبل ولا وطء ففي الخنثى المشكل وجهان انتهى.
فعلى قول بن حامد يثبت التحريم إلا أن يتبين كونه رجلا قاله المصنف والشارح.
قال في المستوعب فيكون هذا الوقوف عن الحكم بالبنوة والأخوة من الرضاع يوجب تحريما في الحال من حيث الشبهة وإن لم تثبت الأخوة حقيقة كاشتباه أخته بأجانب.
وقال في الرعاية الكبرى فعلى قول بن حامد لا تحريم في الحال وإن أيسوا منه بموت أو غيره فلا تحريم.
قوله (ولا تثبت الحرمة بالرضاع إلا بشرطين.
أحدهما أن يرتضع في العامين فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت).
333

وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقال أبو الخطاب لو ارتضع بعد الحولين بساعة لم يحرم.
وقال القاضي وصاحب الترغيب لو شرع في الخامسة فحال الحول قبل كمالها لم يثبت التحريم.
قال المصنف ولا يصح هذا لأن ما وجد من الرضعة في الحولين لبن كاف في التحريم بدليل ما لو انفصل مما بعده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ثبوت الحرمة بالرضاع إلى الفطام ولو بعد الحولين أو قبلهما.
فأناط الحكم بالفطام سواء كان قبل الحولين أو بعده.
واختار أيضا ثبوت الحرمة بالرضاع ولو كان المرتضع كبيرا للحاجة نحو كونه محرما لقصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه مع زوجة أبي حذيفة رضي الله عنهما.
فائدة لو أكرهت على الرضاع ثبت حكمه ذكره القاضي في الجامع محل وفاق.
قوله (الثاني أن يرتضع خمس رضعات في ظاهر المذهب).
وهذا المذهب بلا ريب.
قال المصنف والشارح هذا الصحيح من المذهب.
قال المجد في محرره وغيره هذا المذهب.
قال الزركشي هو مختار أصحابه متقدمهم ومتأخرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه ثلاث يحرمن وعنه واحدة.
وقدمه في المحرر وأطلقهن في الهداية.
334

قوله (ومتى أخذ الثدي فامتص منه ثم تركه أو قطع عليه فهي رضعة فمتى عاد فهي رضعة أخرى بعد ما بينهما أو قرب وسواء تركه شبعا أو لأمر يلهيه أو لانتقاله من ثدي إلى غيره أو من امرأة إلى غيرها).
وهذا المذهب في ذلك كله وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي والفروع وغيرهم واختاره أبو بكر وغيره.
وقال ابن حامد إن لم يقطع باختياره فهما رضعة إلا أن يطول الفصل بينهما.
وذكر الآمدي أنه لو قطع باختياره لتنفس أو إعياء يلحقه ثم عاد ولم يطل الفصل فهي رضعة واحدة.
قال ولو انتقل من ثدي إلى آخر ولم يطل الفصل فإن كان من امرأة واحدة فهي رضعة واحدة وإن كان من امرأتين فوجهان ذكره في القاعدة الثالثة بعد المائة.
وقال ابن أبي موسى حد الرضعة أن يمتص ثم يمسك عن امتصاص لتنفس أو غيره سواء خرج الثدي من فمه أو لم يخرج نقله الزركشي.
وعنه رضعة إن تركه عن قهر أو لتنفس أو ملل.
وقيل إن انتقل من ثدي إلى ثدي آخر أو إلى مرضعة أخرى فرضعتان على أصح الروايتين.
قال في الرعايتين فإن قطع المصة للتنفس أو ما ألهاه أو قطعت عليه المرضعة قهرا فرضعة وعنه لا.
وإذا انتقل من ثدي إلى آخر أو إلى مرضعة أخرى فرضعتان على الأصح
335

قال في الوجيز فإن قطع المصة لتنفس أو شبع أو أمر ألهاه أو قطعت عليه المرضعة قهرا فرضعة.
فإن انتقل إلى ثدي آخر أو مرضعة أخرى فثنتان قرب ما بينهما أو بعد.
قوله (والسعوط والوجور كالرضاع في إحدى الروايتين).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم.
قال في الفروع والسعوط والوجور كالرضاع على الأصح.
قال الناظم هو كالرضاع في الأصح.
قال المصنف والشارح هذا أصح الروايتين.
قال في الرعايتين فرضاع على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
والرواية الثانية لا يثبت التحريم بهما اختاره أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قوله (ويحرم لبن الميتة).
هذا المذهب نص عليه في رواية إبراهيم الحربي وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح عليه أكثر الأصحاب منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والمذهب وغيرهما.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم والخلاصة وغيرهما كحلبه من حية ثم شربه بعد موتها بلا خلاف فيه.
وقال أبو بكر الخلال لا يحرم قاله المصنف والشارح والمجد وصاحب الهداية والحاوي والمستوعب والفروع والزركشي وغيرهم.
336

وذكره بن عقيل وغيره رواية.
فائدة لو حلف لا شربت من لبن هذه المرأة فشرب من لبنها وهي ميتة حنث ذكره أبو الخطاب في الانتصار.
قوله (واللبن المشوب).
يعني يحرم ذكره الخرقي وهو المذهب.
قال في الفروع فيحرم لبن شيب بغيره على الأصح.
واختاره القاضي والشريف والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز والخرقي وغيرهما.
وقدمه في المذهب والمحرر والحاوي والنظم وغيرهم.
وعنه لا يحرم اختاره أبو بكر عبد العزيز.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين.
ويأتي بناء هاتين الروايتين على ماذا قريبا.
وقال ابن حامد إن غلب اللبن حرم وإلا فلا.
وذكر في عيون المسائل أنه الصحيح من المذهب.
واختاره أبو الخطاب في خلافه الصغير.
تنبيهات
أحدها محل الخلاف عند المصنف والشارح فيما إذا كانت صفات اللبن باقية.
فأما إن صب في ماء كثير لم يتغير به لم يثبت به التحريم.
وقدمه في الفروع فإنه قال وقيل بل وإن لم يغيره.
وعند القاضي يجري الخلاف فيه لكن بشرط شرب الماء كله ولو في دفعات وتكون رضعة واحدة ذكره في خلافه.
337

وأطلقهما في القواعد الفقهية في القاعدة الثانية والعشرين.
الثاني قول المصنف بعد أن ذكر اللبن المشوب ولبن الميتة وقال أبو بكر لا يثبت التحريم بهما ظاهر أنه قول أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال وأنه اختار عدم ثبوت التحريم بهما.
والحال أن الأصحاب إنما حكوا عدم تحريم لبن الميتة عن أبي بكر الخلال وعدم تحريم اللبن المشوب عن أبي بكر عبد العزيز فظاهره التعارض.
فيمكن أن يقال قد اطلع المصنف على نقل لأبي بكر عبد العزيز في المسألتين.
ويحتمل أن يكون قد حصل وهم في ذلك ولم أر من نبه على ذلك.
الثالث بنى القاضي في تعليقه وصاحب المحرر والفروع والزركشي وغيرهم الخلاف في التحريم في اللبن المشوب على القول بالتحريم بالسعوط والوجور.
قال الزركشي ومن ثم قال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد رحمه الله هنا أنه لا يحرم لأنه وجور.
فائدة يحرم الجبن على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يحرم.
قوله (والحقنة لا تنشر الحرمة نص عليه).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب لأن العلة إنشاز العظم وإنبات اللحم لحصوله في الجوف بخلاف الحقنة بالخمر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
338

والكافي والهادي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن حامد تنشرها وحكاه رواية واختاره بن أبي موسى.
فائدة لا أثر للواصل إلى الجوف الذي لا يغذي كالذكر والمثانة.
قوله (وإذا تزوج كبيرة ولم يدخل بها وثلاث صغائر فأرضعت الكبيرة إحداهن في الحولين حرمت الكبيرة على التأبيد).
لأنها صارت من أمهات النساء وثبت نكاح الصغرى لأنها ربيبة ولم يدخل بأمها.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وابن عقيل.
قال في القواعد الفقهية هذه الرواية أصح.
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين.
ونصره المصنف والشارح وغيرهما.
وجزم به في العمدة والوجيز والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه ينفسخ نكاحها.
يعني الصغرى لأنهما صارا أما وبنتا واجتمعا في نكاحه والجمع بينهما محرم فانفسخ نكاحهما كما لو كانا أختين وكما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا واحدا.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة.
339

قوله (وإن أرضعت اثنتين منفردتين انفسخ نكاحهما على الرواية الأولى).
وهو المذهب كإرضاعهما معا.
وعلى الثانية ينفسخ نكاح الأولى ويثبت نكاح الثانية.
قوله (وإن أرضعت الثلاث متفرقات انفسخ نكاح الأولتين وثبت نكاح الثالثة على الرواية الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الجميع).
فائدة لو أرضعت الثلاثة أجنبية في حالة واحدة بأن حلبته في ثلاث أوان وأجرتهن في حالة واحدة ولا يتصور في غير ذلك انفسخ نكاحهن.
وإن أرضعتهن واحدة بعد واحدة انفسخ نكاح الأولتين ولم ينفسخ نكاح الثالثة.
تنبيه مراده بقوله وإن أفسدت نكاح نفسها سقط مهرها إذا كان الإفساد قبل الدخول وهو واضح.
ومراده بقوله بعد ذلك ولو أفسدت نكاح نفسها لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب.
إذا كان الإفساد بعد الدخول بدليل ما قبل ذلك وما بعده من كلام المصنف وهو واضح.
فائدتان
إحداهما قوله وكل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليه بنصف مهرها الذي يلزمه لها بلا نزاع.
قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة وله ثلاثة مآخذ.
340

أحدها أن خروج البضع من الزوج متقوم فيتقوم بنصف المسمى.
وقيل بنصف مهر المثل.
والثاني ليس بمتقوم لكن المفسد قرر على الزوج هذا النصف.
والثالث أن المهر كله يسقط بالفرقة ويجب لها نصفه وجوبا مبتدأ بالفرقة التي استقل بها الأجنبي ذكره القاضي في خلافه وفيه بعد انتهى.
الثانية قال في أول القاعدة المذكورة خروج البضع من الزوج هل هو متقوم أم لا بمعنى أنه هل يلزم المخرج له قهرا ضمانه للزوج بالمهر فيه قولان في المذهب.
ويذكران روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله.
وأكثر الأصحاب كالقاضي ومن بعده يقولون ليس بمتقوم وخصوا هذا الخلاف بمن عدا الزوجة فقالوا لا يضمن الزوج شيئا بغير خلاف.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه متقوم عليها أيضا وحكاه قولا في المذهب.
ويتخرج على هذه المسألة جميع المسائل التي يحصل بها الفسخ.
قوله (وإن أفسدت نكاح نفسها سقط مهرها بلا نزاع وإن كان بعد الدخول وجب لها مهرها يعني إذا أفسده غيرها ولم يرجع به على أحد).
هذا اختيار المصنف والمجد في محرره وصاحب الحاوي.
وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه ابن منجا في شرحه.
قال في القواعد واختاره طائفة من المتأخرين.
وذكر القاضي أنه يرجع به أيضا ورواه عن الإمام أحمد رحمه الله.
341

وهو المذهب نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن القاسم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
واعتبر بن أبي موسى للرجوع العمد والعلم بحكمه.
وقاس في الواضح النائمة على المكرهة.
قوله (ولو أفسدت نكاح نفسها لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
قال المصنف لا نعلم فيه خلافا بينهم في ذلك.
قلت لو خرج السقوط من المنصوص في التي قبلها لكان متجها.
وحكى في الفروع عن القاضي أنها إذا أفسدت نكاح نفسها يلزم الزوج نصف المسمى وهو قول في الرعاية.
ثم رأيته في القواعد حكى أنه اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله (وإن أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحها فعليه نصف مهر الصغرى يرجع به على الكبرى بلا نزاع).
قوله (ولا مهر للكبرى إن كان لم يدخل بها بلا نزاع وإن كان دخل بها فعليه صداقها).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
ويأتي هنا ما خرجناه في التي قبلها.
ويأتي في قول القاضي الذي ذكر قبل من وجوب نصف المسمى فقط هنا.
قوله (وإن كانت الصغرى هي التي دبت إلى الكبرى وهي نائمة
342

فارتضعت منها فلا مهر لها ويرجع عليها بنصف مهر الكبرى إن كان لم يدخل بها وبجميعه إن كان دخل بها على قول القاضي).
وهو المذهب المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية بن القاسم كما تقدم.
وعلى ما اختاره المصنف والمجد وغيرهما لا يرجع بعد الدخول بشيء.
وتقدم أيضا قول بن أبي موسى واشتراطه للرجوع العمد والعلم بحكمه.
وتقدم أن صاحب الواضح قاس النائمة على المكرهة فإن الحكم في هذا كله واحد.
فائدة حيث أفسد نكاح المرأة فلها الأخذ ممن أفسده على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله متى خرجت منه بغير اختياره بإفسادها أولا أو بيمينه لا تفعل شيئا ففعلته فله مهره.
وذكره رواية كالمفقود لأنها استحقت المهر بسبب هو تمكينها من وطئها وضمنته بسبب هو إفسادها.
واحتج بالمختلعة التي تسببت إلى الفرقة.
قوله (ولو كان لرجل خمس أمهات أولاد لهن لبن منه فأرضعن امرأة له أخرى كل واحدة منهن رضعة حرمت عليه في أحد الوجهين ولم تحرم أمهات الأولاد وهو المذهب).
قال الناظم هذا الأقوى.
واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
343

وقدمه في المحرر والحاوي والفروع وصححه في الخلاصة واختاره بن حامد.
والوجه الثاني لا تحرم عليه.
قال في الهداية هو قول غير بن حامد.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والمذهب.
وأما أمهات الأولاد فلا يحرمن إلا إذا قلنا تثبت الحرمة برضعة.
قوله (ولو كان له ثلاث نسوة لهن لبن منه فأرضعن امرأة له صغرى كل واحدة منهن رضعتين لم تحرم المرضعات وهل تحرم الصغرى على وجهين أصحهما تحرم وتثبت الأبوة).
وهو المذهب صححه في المغني والشارح والناظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والحاوي الصغير والفروع.
والوجه الثاني لا تحرم عليه فلا تثبت الأبوة كما لا تثبت الأمومة.
تنبيه قوله وعليه نصف مهرها يرجع به عليهن على قدر رضاعهن يقسم بينهن أخماسا.
فيلزم الأولى خمس المهر لأنه وجد منها رضعتان والثانية كذلك وعلى الثالثة نصف الخمس لأن التحريم كمل بالرضعة الخامسة.
فوائد.
الأولى لو أرضعت أمهات أولاده الخمس طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وصار المولى أبا له على الصحيح من المذهب لأن الجميع لبنه وهن كالأوعية.
وقيل لا تثبت الأبوة أيضا.
344

الثانية لو كان له خمس بنات فأرضعن طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وهل يصير الرجل جدا له وأولاده أخواله وخالاته على وجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى.
أحدهما لا يصير كذلك لأن ذلك فرع الأمومة لأن اللبن ليس له والتحريم هنا بين المرضعة وابنها بخلاف الأولى لأن التحريم فيها بين المرتضع وصاحب اللبن.
قال المصنف في المغني والشارح وهذا الوجه يترجح في هذه المسألة لأن الفرعية متحققة بخلاف التي قبلها.
وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى.
والوجه الثاني يصير جدا له وأولاده أخواله وخالاته لوجود الرضاع منهن كبنت واحدة.
فعلى هذا الوجه وهو أنه يصير أخوهن خالا لا تثبت الخؤولة في حق واحدة منهن لأنه لم يرتضع من بن أخواتها خمس رضعات ولكن يحتمل التحريم لأنه قد اجتمع من اللبن المحرم خمس رضعات قاله المصنف والشارح.
ولو كمل للطفلة خمس رضعات من أم رجل وأخته وابنته وزوجته وزوجة ابنه من كل واحدة رضعة خرج على الوجهين قاله المصنف والشارح.
وقال في الفروع لم يحرم على الرجل في الأصح لما سبق.
وهو ظاهر ما رجحه الشارح والمصنف وجزم به في الرعاية الصغرى فقال لم تحرم إن لم تحرم الرضعة.
وقيل تحرم وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
الثالثة لو أرضع زوجته الصغيرة خمس بنات زوجته رضعة رضعة فلا أمومة وتصير أمهن جدة.
345

قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا تصير جدة ورجحه في المغني وأطلقهما في الفروع.
ولو كان لامرأة لبن من زوج فأرضعت به طفلا ثلاث رضعات وانقطع لبنها فتزوجت آخر فصار لها منه لبن فأرضعت منه الطفل رضعتين أخريين صارت أما له بلا خلاف عند القائلين بأن الخمس محرمات ولم يصر واحد من الزوجين أبا له لأنه لم يكمل عدد الرضاعات من لبنه ويحرم على الرجلين لكونه ربيبهما لا لكونه ولدهما.
قوله (فإن كان لرجل ثلاث بنات امرأة لهن لبن فأرضعن ثلاث نسوة له صغارا حرمت الكبرى وإن كان دخل بها حرم الصغار أيضا لا أعلم فيه خلافا).
قوله (وإن لم يدخل بها فهل ينفسخ نكاح من كمل رضاعها أولا على روايتين).
بناء على الروايتين اللتين فيما إذا أرضعت زوجته الكبرى زوجته الصغرى فإن الكبرى تحرم وهل ينفسخ نكاح الصغرى على روايتين تقدمتا.
وتقدم أن المذهب لا ينفسخ نكاح الصغرى.
وقال في الرعايتين وإن لم يدخل بها بطل نكاحهن على الأصح.
وقيل نكاح من كمل رضاعها.
قوله (وإن أرضعن واحدة كل واحدة منهن رضعتين فهل تحرم الكبرى بذلك على وجهين).
وأطلقهما في الفروع وشرح ابن منجا.
أحدهما لا تحرم وهو الصحيح.
346

قال المصنف في المغني والصحيح أن الكبيرة لا تحرم بهذا.
قال الشارح وهذا أولى.
والوجه الثاني تحرم.
قال الناظم وهو الأقوى.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي.
قوله (وإذا طلق امرأته ولها منه لبن فتزوجت بصبي فأرضعته بلبنه انفسخ نكاحها منه وحرمت عليه وعلى الأول أبدا لأنها صارت من حلائل أبنائه ولو تزوجت الصبي أولا ثم فسخت نكاحه لعيب).
وكذا لو طلق وليه وقلنا يصح ثم تزوجت كبيرا فصار لها منه لبن فأرضعت به الصبي حرمت عليهما على الأبد بلا نزاع أعلمه.
أما الكبير فلأنها حليلة ابنه من الرضاع.
وأما الصغير فلأنها أمه من الرضاع ولأنها زوجة أبيه أيضا.
قال في المستوعب وهي مسألة عجيبة لأنه تحريم طرأ لرضاع أجنبي.
قال وكذلك لو زوج أمته بعبد له يرضع ثم أعتقها فاختارت فراقه ثم تزوجت بمن أولدها فأرضعت بلبن هذا الولد زوجها المعتوق حرمت عليهما جميعا لما ذكرنا.
قلت فيعايى بها.
تنبيه حكى في الرعاية الصغرى مسألة المصنف ثم قال وكذا إن زوج أم ولده بعد استبرائها بحر رضيع فأرضعته ما حرمها.
وحكاه في الكبرى قولا.
347

والذي يظهر أن ذلك خطأ لأن تزويج الأمة للحر لا يصح إلا بشرطين كما تقدم في باب المحرمات في النكاح وليسا موجودين في هذا الطفل والله أعلم.
قوله (وإذا شك في الرضاع أو عدده بنى على اليقين بلا نزاع).
وقوله وإن شهد به امرأة مرضية ثبت بشهادتها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وعنه أنها إن كانت مرضية استحلفت فإن كانت كاذبة لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها.
وذهب في ذلك إلى قول بن عباس رضي الله عنهما.
وعنه لا يقبل إلا بشهادة امرأتين.
قوله (وإذا تزوج امرأة ثم قال قبل الدخول هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح فإن صدقته فلا مهر وإن كذبته فلها نصف المهر بلا نزاع أعلمه).
قوله (وإن قال ذلك بعد الدخول انفسخ النكاح ولها المهر بكل حال).
يعني إذا تزوج امرأة وقال بعد الدخول هي أختي من الرضاع فإن النكاح ينفسخ والصحيح من المذهب أن لها المهر سواء صدقته أو كذبته.
وهو معنى قول المصنف ولها المهر بكل حال.
وجزم به في المحرر والمغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع.
وقيل يسقط بتصديقها له.
قال في الفروع ولعل مراده يسقط المسمى فيجب مهر المثل.
348

لكن قال في الروضة لا مهر لها عليه.
تنبيه محل هذا في الحكم.
أما فيما بينه وبين الله فينبني ذلك على علمه وتصديقه فإن علم أن الأمر كما قال فهي محرمة عليه وإن علم كذب نفسه فالنكاح بحاله وإن شك في ذلك لم يزل عن اليقين بالشك هذا المذهب.
وقيل في حلها له إذا علم كذب نفسه روايتان.
قاله المصنف والشارح وقالا والصحيح ما قلناه أولا.
قوله (وإن كانت هي التي قالت هو أخي من الرضاع وأكذبها فهي زوجته في الحكم بلا نزاع).
لكن إن كان قولها قبل الدخول فلا مهر لها.
وإن كان بعد الدخول فإن أقرت بأنها كانت عالمة بأنها أخته وبتحريمها عليه وطاوعته في الوطء فلا مهر لها أيضا.
وإن أنكرت شيئا من ذلك فلها المهر لأنه وطء بشبهة وهي زوجته في ظاهر الحكم وفيما بينه وبين الله.
فإن علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها وعليها أن تفر منه وتفتدي نفسها كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثا وأنكر.
وينبغي أن يكون الواجب لها من المهر بعد الدخول أقل الأمرين من المسمى أو مهر المثل.
قوله (ولو قال الزوج هي ابنتي من الرضاع وهي في سنه أو أكبر منه لم تحرم لتحققنا كذبه بلا نزاع).
وإن احتمل أن تكون منه فكما لو قال هي أختي من الرضاعة على ما تقدم.
349

فائدة لو ادعى الأخوة أو البنوة وكذبته لم تقبل شهادة أمه ولا ابنته وتقبل شهادة أمها وابنتها على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تقبل.
وإن ادعت ذلك المرأة وكذبها فشهدت به أمها أو ابنتها لم تقبل وإن شهدت أمه أو ابنته قبل على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تقبل.
وفي الترغيب لو شهد بها أبوها لم يقبل بل أبوه يعني بلا دعوى.
فائدة أخرى لو ادعت أمة أخوة سيد بعد وطء لم تقبل وإلا احتمل وجهين قاله في الفروع.
قال ابن نصر الله في حواشيه أظهرهما القبول في تحريم الوطء وعدمه في ثبوت العتق.
وتشبه المسألة السابقة في الاستبراء إذا ادعت أمة موروثة تحريمها على وارث.
قوله (ولو تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله فحملت ولم يزد لبنها فهو للأول وإن زاد لبنها فأرضعت به طفلا صار ابنا لهما بلا نزاع).
وعليه الأصحاب لكن إن كانت الزيادة في غير أوانها فهو للأول بلا نزاع وكذا لو لم تحمل وزاد بالوطء.
قوله (وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحملها من الثاني فكذلك عند أبي بكر).
يعني أنه يصير ابنا لهما وهو المذهب.
قدمه في الخلاصة والرعايتين والفروع.
وجزم به أبو الخطاب في رؤوس المسائل ونصره.
350

وعند أبي الخطاب في الهداية هو بن للثاني وحده وهو احتمال للقاضي.
قلت وهو الصواب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في النظم وتجريد العناية وإدراك الغاية.
وأطلقهما في المغني والكافي والمحرر والشرح والمذهب والحاوي والمستوعب.
وتقدم استحباب إعطاء الظئر عند الفطام عبدا أو أمة إذا كان المسترضع موسرا في باب الإجارة في كلام المصنف.
فائدتان
إحداهما متى ولدت فاللبن الثاني وحده إلا إذا لم يزد لبنها ولم ينقص من الأول حتى ولدت فإنه يكون لهما على الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم ونص عليه.
وذكر المصنف أنه للثاني كما لو زاد.
جزم به في المغني والكافي والشرح وحكاه بن المنذر إجماعا.
الثانية كره الإمام أحمد رحمه الله أن يسترضع الرجل لولده فاجرة أو مشركة وكذا حمقاء أو سيئة الخلق.
وفي المجرد وبهيمة وفي الترغيب وعمياء.
قال في المستوعب وحكى القاضي في المجرد أن من ارتضع من أمة حمقاء خرج الولد أحمق ومن ارتضع من سيئة الخلق تعدى إليه ومن ارتضع من بهيمة كان به بلادة البهيمة انتهى.
قال ابن نصر الله في حواشيه وينبغي أن يكره من جذماء أو برصاء انتهى.
قلت الصواب المنع من ذلك.
351

كتاب النفقات.
قوله (يجب على الرجل نفقة امرأته ما لا غنى لها عنه وكسوتها بالمعروف ومسكنها بما يصلح لمثلها وليس ذلك مقدرا لكنه معتبر بحال الزوجين).
وقوله فإن تنازعا فيها رجع الأمر إلى الحاكم فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه الذي جرت عادة مثلها بأكله وما تحتاج إليه من الدهن.
فظاهره أنه يفرض لها لحما بما جرت عادة الموسرين بذلك الموضع وهو الصواب وبه قطع بن عبدوس في تذكرته.
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم.
وذكره في الرعاية قولا وقال هو أظهر.
قال في تجريد العناية وهو الأظهر وجزم به في البلغة.
وقيل في كل جمعة مرتين.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وقال في الفروع ويتوجه العادة لكن يخالف في إدمانه قال ولعل هذا مرادهم.
تنبيه وأدمه الذي جرت عادة أمثالها بأكله.
قال في البلغة والفروع وغيرهما ولو تبرمت بأدم نقلها إلى أدم غيره.
قوله (وما يكتسى مثلها به من جيد الكتان والقطن والخز).
352

وهو الذي ينسج من الصوف أو الوبر مع الحرير.
والإبريسم على ما تقدم في باب ستر العورة.
وأقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة في الشتاء وللنوم الفراش واللحاف والمخدة.
بلا نزاع زاد في التبصرة والإزار نقله عنه في الفروع.
قلت وهو عجيب منه لكنه خصه بصاحب التبصرة فقد قطع بذلك في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
ومرادهم بالإزار الإزار للنوم.
ولهذا قال في الرعاية وغيره بعد ذلك ولا يجب لها إزار للخروج.
قوله (وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد وأدمه ودهنه بلا نزاع).
قال جماعة من الأصحاب لا يقطعها اللحم فوق أربعين يوما.
قيل للإمام أحمد رحمه الله كم يأكل الرجل اللحم قال في أربعين يوما.
وقيل كل شهر مرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقيل يرجع في ذلك إلى العادة.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام الأكثر.
قلت وهو الصواب.
قال في البلغة ويفرض للفقيرة تحت الفقير أدون خبز البلد ومن الأدم ما يناسبه وكذلك اللحم انتهى.
وأطلقهن في تجريد العناية.
353

وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر.
قال إبراهيم الحربي يعني إذا أكثر منه.
قوله (وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا ما بين ذلك كل على حسب عادته).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وكون نفقة الزوجات معتبرة بحال الزوجين من مفردات المذهب.
وظاهر كلام الخرقي أن الواجب عليه أقل الكفاية وأن الاعتبار بحال الزوج.
وصرح به أبو بكر في التنبيه.
وأومأ إليه في رواية أحمد بن سعيد.
وأومأ في رواية صالح أن الاعتبار بحالها.
وقال في المغني والشرح والترغيب لا يلزمه خف ولا ملحفة.
وقال في الترغيب والبلغة عن القاضي لموسرة مع فقير أقل كفاية والبقية في ذمته وهو قول في الرعاية وغيرها.
فوائد.
الأولى لا بد من ماعون الدار ويكتفى بخزف وخشب والعدل ما يليق بهما قال الناظم.
ومن خير ماعون لحاجة مثلها * لشرب وتطهير وأكل فعدد
354

الثانية من نصفه حر إن كان معسرا فهو معها كالمعسرين وإن كان موسرا فكالمتوسطين ذكره في الرعاية.
وقال قلت والموسر من يقدر على النفقة بماله أو كسبه والمعسر من لا يقدر عليها لا بماله ولا بكسبه.
وقيل بل من لا شيء له ولا يقدر عليه.
والمتوسط من يقدر على بعض النفقة بماله أو كسبه.
وقال قلت ومسكين الزكاة معسر ومن فوقه إن كلف أكثر من نفقة مسكين حتى صار مسكينا فهو متوسط وإلا فهو معسر انتهى.
الثالثة النفقة مقدرة بالكفاية وتختلف باختلاف من تجب عليه النفقة في مقدارها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي والرعاية الصغرى والمنور وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
وقال القاضي الواجب مقدر بمقدار لا يختلف في الكثرة والقلة فيجب لكل يوم رطلان من الخبز يعني بالعراقي في حق الموسر والمعسر والمتوسط اعتبارا بالكفارات وإنما تختلفان في صفة جودته انتهى.
ورده المصنف وغيره.
ويجب الدهن بحسب البلد.
قوله (وعليه ما يعود بنظافة المرأة من الدهن والسدر وثمن الماء).
وكذا المشط وأجرة القيمة ونحوه وهذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي
355

والبلغة والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع هنا.
قال في المغني والشرح في باب عشرة النساء وإن احتاجت إلى شراء الماء فقيمته عليه.
قال في الرعاية والحاوي في باب الغسل وثمن ماء الغسل من الحيض والنفاس والجنابة على الزوج.
وقيل على المرأة.
وفي الواضح وجه لا يلزمه ذلك.
قال في عيون المسائل لأن ما كان من تنظيف على مكتر كرش وكنس وتنقية الآبار وما كان من حفظ البنية كبناء حائط وتغيير الجذع على مكر فالزوج كمكر والزوجة كمكتر وإنما يختلفان فيما يحفظ البنية دائما من الطعام فإنه يلزم الزوج انتهى.
وقال في الفروع في آخر باب الغسل وهل ثمن الماء على الزوج أو عليها أو ماء الجنابة فقط عليه أو عكسه فيه أوجه وماء الوضوء كالجنابة قاله أبو المعالي.
قال في الفروع ويتوجه شراء ذلك لرقيقه ولا يتيمم في الأصح.
قوله (فأما الطيب والحناء والخضاب ونحوه فلا يلزمه).
أما الحناء والخضاب ونحوهما فلا يلزمه بلا خلاف أعلمه.
وأما الطيب فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم أنه لا يلزمه أيضا.
وفي الواضح وجه يلزمه.
تنبيه قوله (إلا أن يريد منها التزين).
356

يعني فيلزمه.
ومفهومه أنه لو أراد قطع رائحة كريهة منها لم يلزمه وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأكثر وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقال في المغني والترغيب يلزمه.
فائدة يلزمها ترك حناء وزينة نهاها عنه الزوج ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
قوله (وإن احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها أو لمرضها لزمه ذلك).
إذا احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها لزمه ذلك بلا خلاف أعلمه.
قلت وينبغي أن يحمل ذلك على ما إذا كان قادرا على ذلك إذ لا يزال الضرر بالضرر.
وإن كان لمرضها لزمه ذلك أيضا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم
صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقال في الترغيب لا يلزمه.
وقال في الرعايتين وقيل لا يلزمه إخدام مريضة ولا أمة.
وقيل غير حميله انتهى.
فائدة لا يلزمه أجرة من يوضئ مريضه بخلاف رقيقه ذكره أبو المعالي واقتصر عليه في الفروع.
357

تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يجوز أن يكون الخادم كتابية وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام أكثرهم.
وصححه في المغني والشرح.
قال في الفروع ويجوز كتابية في الأصح إن جاز نظرها.
وقيل يشترط في الخادم الإسلام.
وأطلقهما في الكافي والرعاية الكبرى.
فعلى المذهب هل يلزمها قبولها على وجهين كالوجهين فيما إذا قال أنا أخدمك وأطلقهما في الفروع.
والصواب اللزوم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قوله (وتلزمه نفقته بقدر نفقة الفقيرين).
وكذا كسوته.
قال الأصحاب مع خف وملحفة للخروج.
قوله (إلا في النظافة).
لا يلزم الزوج للخادم ما يعود بنظافتها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر سوى النظافة.
وقيل يلزمه أيضا.
فائدة إن كان الخادم له أو لها فنفقته عليه.
قال في الرعاية وكذا نفقة المؤجر والمعار في وجه.
قال في الفروع كذا قال وهو ظاهر كلامهم ولم أجده صريحا وليس بمراد في المؤجر فإن نفقته على مالكه.
358

وأما في المعار فيحتمل وسبقت المسألة في آخر الإجارة.
وقوله في وجه يدل أن الأشهر خلافه ولهذا جزم به في المعار في بابه انتهى.
قوله (ولا يلزمه أكثر من نفقة خادم واحد).
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والوجيز وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
واختار في الرعاية لا يكفي خادم مع الحاجة إلى أكثر منه انتهى.
وقيل يلزمه أكثر من خادم بقدر حالها.
فائدة إن كان الخادم ملكها كان تعيينه إليهما وإن كان ملكه أو استأجره أو استعاره فتعيينه إليه قاله الأصحاب.
قوله (وإن قال أنا أخدمك فهل يلزمها قبول ذلك على وجهين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
أحدهما لا يلزمها قبول ذلك وهو المذهب.
جزم به في المنور وصححه في النظم.
وقدمه في الخلاصة والمغني والشرح.
والوجه الثاني يلزمها صححه في التصحيح.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين وتجريد العناية.
359

واختار في الرعاية له ذلك فيما يتولاه مثله لمن يكفيها خادم واحد.
قوله (وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء بلا نزاع).
وقوله وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى.
وكذا الكسوة هذا المذهب بلا نزاع في الجملة وتستحق النفقة كل يوم تأخذها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وفيه وجه آخر أنها إذا وضعت استحقت ذلك لجميع مدة الحمل.
وهو احتمال في الهداية فقال ويحتمل أن لا يجب عليه تسليم النفقة حتى تضع الحمل لأن مذهبه أن الحمل لا يعلم ولهذا لا يصح اللعان عليه عنده انتهى.
قال في الفروع يلزمه لبائن حامل نفقة وكسوة وسكنى نص عليه.
وعند أبي الخطاب بوضعه.
قال في القواعد وهو ضعيف مصادم لقوله تعالى 65 6 * (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) *.
وقال في الموجز والتبصرة رواية لا تلزمه.
قال في الفروع وهي سهو.
قال في القواعد الفقهية وحكى الحلواني وابنه رواية لا نفقة لها كالمتوفى عنها.
360

وخصها ابنه بالمبتوتة بالثلاث وبناها على أن النفقة للمرأة والمبتوتة لا تستحق النفقة وإنما تستحق النفقة إذا قلنا هي للحمل.
قال ابن رجب وهذا متوجه في القياس إلا أنه ضعيف مخالف للنص والإجماع فيما إذا ظن ووجوب النفقة للمبتوتة الحامل يرجح القول بأن النفقة للحامل انتهى.
وقال في الروضة تلزمه النفقة وفي السكنى روايتان.
قوله (وإلا فلا شيء لها).
يعني وإن لم تكن حاملا فلا شيء لها وهذا المذهب.
جزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور المعروف.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لها السكنى خاصة اختارها أبو محمد الجوزي.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة.
وقال في الانتصار لا تسقط بتراضيهما كالعدة.
وعنه لها أيضا النفقة والكسوة ذكرها في الرعاية.
وعنه يجب لها النفقة والسكنى حكاها بن الزاغوني وغيره.
والظاهر أنها الرواية التي في الرعاية.
وقيل هي كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة.
فائدة لو نفى الحمل ولاعن فإن صح نفيه فلا نفقة عليه فإن استلحقه لزمه
361

نفقة ما مضى وإن قلنا لا ينتفي بنفيه أو لم ينفه وقلنا يلحقه نسبه فلها السكنى والنفقة.
قوله (فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى هذا المذهب).
قال في الفروع والقواعد الأصولية رجعت عليه على الأصح.
قال في الرعاية الكبرى قضى على الأصح.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وعنه لا تلزمه نفقة ما مضى.
قوله (وإن أنفق عليها يظنها حاملا ثم بانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما يرجع عليها وهو المذهب.
قال في الفروع رجع عليها على الأصح.
قال في القواعد الأصولية المذهب الرجوع.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
والرواية الثانية لا يرجع عليها.
وقال في الوسيلة إن بقي الحمل ففي رجوعه روايتان.
362

فائدة لو ادعت أنها حامل أنفق عليها ثلاثة أشهر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
وعنه ينفق ذلك إن شهد به النساء وإلا فلا.
وقيل لا ينفق عليها قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير فقالا إن ادعت حملا ولا أمارة لم تعط شيئا.
وقيل بلى ثلاثة أشهر.
وعنه لا تجب حتى تشهد النساء.
وجزم بن عبدوس أنها لا تعطى بلا أمارة وتعطى معها.
فعلى الأولين إن مضت المدة ولم يتبين حمل رجع عليها على الصحيح من المذهب.
جزم به بن عبدوس في تذكرته والمنور وقدمه في الفروع.
وعنه لا يرجع كنكاح تبين فساده لتفريطه كنفقته على أجنبية.
قال في الفروع كذا قالوا قال ويتوجه فيه الخلاف.
وأطلق الروايتين في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى وفي رجوعه بما أنفق وقيل بعد عدتها روايتان.
ثم قال قلت إن قلنا يجب تعجيل النفقة رجع وإلا فلا.
وقال المصنف والشارح وإن كتمت براءتها منه فينبغي أن يرجع قولا واحدا.
قلت وهذا عين الصواب الذي لا شك فيه ولعله مرادهم.
قوله (وهل تجب النفقة لحملها أو لها من أجله على روايتين).
وهما وجهان في الكافي.
363

وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والهادي والمحرر والشرح والفروع.
إحداهما هي للحمل وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصحهما أنها للحمل.
قال الزركشي هي أشهرهما.
واختارها الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه.
وقدمه بن رزين في شرحه.
والرواية الثانية هي لها من أجله صححه في التصحيح واختاره بن عقيل وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وأوجبهما الشيخ تقي الدين رحمه الله له ولها من أجله وجعلها كمرضعة له بأجرة.
تنبيه لهذا الخلاف.
فوائد كثيرة.
منها لو كان أحد الزوجين رقيقا.
فعلى المذهب لا تجب لأنه إن كان هو الرقيق فلا تجب عليه نفقة أقاربه وإن كانت هي الرقيقة فالولد مملوك لسيد الأمة فنفقته على مالكه.
وعلى الثانية تجب على العبد في كسبه أو تتعلق برقبته حكاه بن المنذر إجماعا.
وقال في الهداية على سيده وتابعه في المذهب.
ومنها لو نشزت المرأة.
364

فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
ومنها لو كانت حاملا من وطء شبهة أو نكاح فاسد.
فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
قال في القواعد إلا أن يسكنها في منزل يليق بها تحصينا لمائة فيلزمها ذلك ذكره في المحرر وتقدم ذلك.
ويجب لها النفقة حينئذ ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
وقال في الترغيب والبلغة إذا حملت الموطوءة بشبهة فالنفقة على الواطئ إذا قلنا تجب لحمل المبتوتة.
وهل لها على الزوج نفقة ينظر فإن كانت مكرهة أو نائمة فنعم وإن طاوعته تظنه زوجها فلا نفقة.
فائدة الفسخ لعيب كنكاح فاسد قدمه في الفروع وقاله القاضي وابن عقيل وقاله الزركشي.
وعند القاضي هو كصحيح واختاره المصنف.
قال في الفروع وهو أظهر.
قال في الرعاية الكبرى وإن دخل بها وانفسخ نكاحها برضاع أو عيب فلها السكنى والنفقة وإن كانت حاملا حتى تضع وإلا فلا انتهى.
ومنها ما قاله في القواعد الأصولية وملخصه.
إذا وطئت الرجعية بشبهة أو نكاح فاسد ثم بان بها حمل يمكن أن يكون من الزوج والواطئ.
فعلى المذهب يلزمها النفقة حتى تضع ولا ترجع المرأة على الزوج.
وعلى الثانية لا نفقة لها على واحد منهما مدة الحمل حتى ينكشف الأب
365

منهما وترجع المرأة على الزوج بعد الوضع بنفقة أقصر المدتين من مدة الحمل.
أو قدر ما بقي من العدة بعد الوطء الفاسد.
ثم إذا زال الإشكال أو ألحقته القافة بأحدهما بعينه فاعمل بمقتضى ذلك.
فإن كان معها وفق حقها من النفقة وإلا رجعت على الزوج بالفضل.
ولو كان الطلاق بائنا فالحكم كما تقدم في جميع ما ذكرنا إلا في مسألة واحدة وهي أنها لا ترجع بعد الوضع بشيء على الزوج سواء قلنا النفقة للحمل أو لها من أجله ذكر ذلك كله في المجرد.
ومتى ثبت نسبه من أحدهما فقال القاضي في موضع من المجرد يرجع عليه الآخر بما أنفق لأنه لم ينفق متبرعا.
قال في القواعد وهو الصحيح.
وجعله في موضع آخر من المجرد كقضاء الدين على ما مضى في باب الضمان.
ومنها لو كانت حاملا من سيدها فأعتقها.
فعلى المذهب يجب.
وعلى الثانية لا يجب إلا حيث تجب نفقة الرقيق.
ونقل الكحال في أم الولد تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
ومنها لو غاب الزوج فهل تثبت النفقة في ذمته فيه طريقان.
أحدهما البناء.
فعلى المذهب لا تثبت في ذمته وتسقط بمضي الزمان لأن نفقة الأقارب لا تثبت في الذمة.
وعلى الثانية تثبت في ذمته ولا تسقط بمضي الزمان.
366

قال في القواعد على المشهور من المذهب.
والطريق الثاني لا تسقط بمضي الزمان على كلا الروايتين وهي طريقة المصنف في المغني.
ومنها لو مات الزوج وله حمل.
فعلى المذهب تلزم النفقة الورثة.
وعلى الثانية لا تلزمهم بحال.
ومنها لو كان الزوج معسرا.
فعلى المذهب لا تجب لأن نفقة الأقارب مشروطة باليسار دون نفقة الزوجية.
وعلى الثانية تجب.
ومنها لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها يصح.
وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملكها.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين.
ومنها لو كان الحمل موسرا بأن يوصى له بشيء فيقبله الأب.
فإن قلنا النفقة له وهو المذهب سقطت نفقته عن أبيه.
وإن قلنا لأمة وهي الرواية الثانية لم تسقط ذكره القاضي في خلافه.
ومنها لو دفع إليها النفقة فتلفت بغير تفريطه.
فعلى المذهب يجب بدلها لأن ذلك حكم نفقة الأقارب.
وعلى الثانية لا يلزمه بدلها.
ومنها فطرة المطلقة.
فعلى المذهب فطرة الحمل على أبيه غير واجبة على الصحيح.
367

وعلى الثانية يجب لها الفطرة.
ومنها هل تجب السكنى للمطلقة الحامل.
فعلى المذهب لا سكنى ذكره الحلواني في التبصرة.
وعلى الثانية لها السكنى أيضا.
ومنها لو تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة وهو ممن يباح له نكاح الإماء ففسخ بعد الدخول وهي حامل منه ففيه طريقان.
أحدهما وجوب النفقة عليه على كلا الروايتين.
وفي المحرر في كتاب النفقات ما يدل عليه.
قال ابن رجب وهو الصحيح.
والطريق الثاني إن قلنا النفقة للحمل وجبت على الزوج.
وإن قلنا للحامل لم تجب ذكره في المحرر في كتاب النكاح.
ومنها البائن في الحياة بفسخ أو طلاق إذا كانت حاملا.
وقد تقدمت المسألة في كلام المصنف في قوله وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا شيء لها وأحكامها.
ومنها المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا.
وتأتي في كلام المصنف وهي.
قوله (وأما المتوفى عنها زوجها فإن كانت حائلا فلا نفقة لها ولا سكنى).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به صاحب الشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع وقال وعنه لها السكنى اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم.
368

قال في المستوعب حكى شيخنا رواية أن لها السكنى بكل حال.
وقال المصنف أيضا والشارح إن مات وهي في مسكنه قدمت به.
قوله (وإن كانت حاملا فهل لها ذلك على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والقواعد الفقهية.
إحداهما لا نفقة لها ولا كسوة ولا سكنى وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قال القاضي هذه الرواية أصح.
والرواية الثانية لها ذلك.
وبناهما بن الزاغوني على أن النفقة هل هي للحمل أو لها من أجله.
فإن قلنا للحمل وجبت من التركة كما لو كان الأب حيا.
وإن قلنا لها لم تجب.
قال في القواعد وهذا لا يصح لأن نفقة الأقارب لا تجب بعد الموت.
قال والأظهر أن الأمر بالعكس وهو أنا إن قلنا النفقة للحمل لم تجب للمتوفى عنها لهذا المعنى.
وإن قلنا لها وجبت لأنها محبوسة على الميت لحقه فتجب نفقتها في ماله انتهى.
وعنه لها السكنى خاصة اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم فهي عنده كالحائل.
قال في الرعاية وعنه لها السكنى بكل حال وتقدم بها على الورثة والغرماء إن كان قد أفلسه الحاكم قبل موته.
وقال المصنف في المغني أيضا إن مات وهي في مسكنه قدمت به فهي عنده والحالة هذه كالحائل كما تقدم قريبا.
369

فائدتان
إحداهما لو بيعت الدار التي هي ساكنتها وهي حامل لم يصح البيع عند المصنف لجهل المدة الباقية إلى الوضع وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى.
وقال المجد قياس المذهب الصحة وهو الصواب.
وتقدمت المسألة قريبا في باب الإجارة.
الثانية نقل الكحال في أم الولد الحامل تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
وتقدم ذلك أيضا قريبا في الفوائد.
قال في الرعايتين ومن أحبل أمته ومات فهل نفقتها من الكل أو من حق ولدها على روايتين.
وقال في القاعدة الرابعة والثمانين في نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات.
إحداها لا نفقة لها نقلها حنبل وابن بختان.
والثانية ينفق عليها من نصيب ما في بطنها نقلها الكحال.
والثالثة إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا وإن كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار ينفق عليها من نصيب ولدها نقلها جعفر بن محمد.
قال وهي مشكلة جدا وبين معناها.
واستشكل المجد الرواية الثانية فقال الحمل إنما يرث بشرط خروجه حيا ويوقف نصيبه فكيف يتصرف فيه قبل تحقق الشرط.
ويجاب بأن هذا النص يشهد لثبوت ملكه بالإرث من حين موت مورثه وإنما خروجه حيا يتبين به وجود ذلك.
370

فإذا حكمنا له بالملك ظاهرا جاز التصرف فيه بالنفقة الواجبة عليه وعلى من تلزمه نفقته لا سيما والنفقة على أمة يعود نفعها إليه كما يتصرف في مال المفقود.
قوله (وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم إلا أن يتفقا على تأخيرها أو تعجيلها مدة قليلة أو كثيرة فيجوز).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يلزمه تمليك بل ينفق ويكسو بحسب العادة فإن الإنفاق بالمعروف ليس هو التمليك.
وقال في الانتصار لا يسقط فرضه عمن زوجته صغيرة أو مجنونة إلا بتسليم ولي أو بإذنه.
قوله (وإن طلب أحدهما دفع القيمة لم يلزم الآخر ذلك بلا نزاع).
قال في الفروع وظاهر ما سبق أو صريحه أن الحاكم لا يملك فرض غير الواجب كدراهم مثلا إلا باتفاقهما فلا يجبر من امتنع.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا أصل لفرض الدراهم في كتاب ولا سنة ولا نص عليه أحد من الأئمة لأنها معاوضة بغير الرضى عن غير مستقر.
قال في الفروع وهذا متوجه مع عدم الشقاق وعدم الحاجة فأما مع الشقاق والحاجة كالغائب مثلا فيتوجه الفرض للحاجة إليه على ما لا يخفى ولا يقع الفرض بدون ذلك بغير الرضى انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويجوز التعوض عن النفقة والكسوة بنقد وغيره عما يجب.
تنبيه قوله وعليه كسوتها في كل عام.
يعني عليه كسوتها مرة بلا نزاع.
371

ومحلها أول كل عام من حين الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر الحلواني وابنه أول كل صيف وشتاء.
واختاره في الرعاية فقال قلت في أول الشتاء كسوته وفي أول الصيف كسوته.
وقال في الواضح وعليه كسوتها كل نصف سنة.
قوله (وإذ قبضتها فسرقت أو تلفت لم يلزمه عوضها).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب لأنها تمليك.
قال في الفروع فإن سرقت أو بليت فلا بدل في الأصح.
وجزم به في الوجيز والنظم والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل يلزمه عوضها.
قال في الرعاية الكبرى وقيل هي إمتاع فيلزمه بدلها ككسوة القريب.
وقال في الكافي فإن بليت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها لزمه بدلها لأن ذلك من تمام كسوتها وإن تلفت قبله لم يلزمه بدلها.
قوله (وإذا انقضت السنة وهي صحيحة فعليه كسوة السنة الأخرى).
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يلزمه وهو لأبي الخطاب في الهداية.
372

قلت وهو قوي جدا.
قال في الرعاية إن قلنا هي تمليك لزمه وإن قلنا إمتاع فلا كالمسكن وأوعية الطعام والماعون والمشط ونحو ذلك وأطلقهما في الشرح.
وقال في الكافي وإن مضى زمان تبلى فيه ولم تبل ففيه وجهان.
أحدهما لا يلزمه بدلها لأنها غير محتاجة إلى الكسوة.
والثاني يجب لأن الاعتبار بالمدة بدليل أنها لو تلفت قبل انقضاء المدة لم يلزمه بدلها.
فائدتان
إحداهما تملك المرأة الكسوة بقبضها على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تملكها.
والمسألتان المتقدمتان مبنيتان على هذا الخلاف.
الثانية حكم الغطاء والوطاء ونحوهما حكم الكسوة فيما تقدم خلافا ومذهبا.
واختار بن نصر الله في حواشيه أن ذلك يكون إمتاعا لا تمليكا.
قوله (وإن ماتت أو طلقها قبل مضي السنة فهل يرجع عليها بقسطه على وجهين).
وكذا الحكم لو تسلفت النفقة فماتت أو طلقها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح.
أحدهما يرجع وهو المذهب.
قال في الفروع رجع على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
373

واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا يرجع.
وقيل يرجع بالنفقة دون الكسوة.
وقيل عكسه.
وقيل ذلك كزكاة معجلة.
وجزم به ولد الشيرازي في المنتخب.
وجزم في عيون المسائل أنه لا يرجع بما وجب كيوم وكسوة سنة بل يرجع بما لم يجب إذا دفعه.
فائدة لا يرجع ببقية اليوم الذي فارقها فيه ما لم تكن ناشزا على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر والحاوي لا يرجع قولا واحدا.
قال في الفروع ولا يرجع في الأصح.
قال في الوجيز والرعاية وغيرهما وكذا يوم السلف لا يرجع به.
وتقدم كلامه في عيون المسائل لا يرجع به.
وقيل يرجع به.
وأما إذا كانت ناشزا فالصحيح من المذهب أنه يرجع عليها بذلك.
وقيل لا يرجع أيضا.
تنبيه في قول المصنف إذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها.
إشعار بأنها تملكها وهو صحيح.
صرح به في الترغيب والوجيز والرعايتين وقطعوا به كالكسوة.
قوله (وإن غاب مدة ولم ينفق فعليه نفقة ما مضى).
374

هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وصححه المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها.
اختاره في الإرشاد وهو ضعيف.
وقال في الرعاية لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها أو فرضها الزوج برضاها.
وقال في الانتصار الإمام أحمد رحمه الله أسقطها بالموت.
وعلل في الفصول الرواية الثانية بأنه حق ثبت بقضاء القاضي.
قال في الفروع وهو ظاهر الكافي فإنه فرع عليها لا يثبت في ذمته ولا يصح ضمانها لأنه ليس مآلها إلى الوجوب.
فوائد.
الأولى لو استدانت وأنفقت رجعت على زوجها مطلقا نقله أحمد بن هاشم.
وذكره في الإرشاد وقدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الروايتان فيمن أدى عن غيره واجبا انتهى.
الثانية لو أنفقت في غيبته من ماله فبان ميتا رجع عليها الوارث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويرجع بنفقتها من مال غائب بعد موته بظهوره على الأصح.
وقدمه في الرعايتين وجزم به في الوجيز.
وعنه لا يرجع عليها.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
الثالثة لو أكلت مع زوجها عادة أو كساها بلا إذن ولم يتبرع سقطت عنه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
375

وقال في الرعاية وهو ظاهر كلامه في المغني إن نوى اعتد بها وإلا فلا.
قوله (وإذا بذلت المرأة تسليم نفسها وهي ممن يوطأ مثلها أو يتعذر وطؤها لمرض أو حيض أو رتق ونحوه لزم زوجها نفقتها سواء كان الزوج كبيرا أو صغيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه كالعنين والمجبوب والمريض).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يلزمه إذا كان صغيرا.
وعنه يلزمه بالعقد مع عدم منع لمن يلزمه تسلمها لو بذله.
وقيل ولصغيرة وهو ظاهر كلام الخرقي قاله في الفروع.
فعليها لو تساكنا بعد العقد مدة لزمه.
وقال في الترغيب وغيره دفع النفقة لا يلزم إلا بالتمكين سواء قدر على الوطء أو عجز عنه.
فائدة مثل القاضي والمجد وغيرهما من الأصحاب بابنة تسع سنين وهو مقتضى نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله وصالح.
وأناط الخرقي وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف وغيرهم الحكم بمن يوطأ مثلها وهو أقعد فإن تمثيلهم بالسن فيه نظر بل الاعتبار بالقدرة على ذلك أولى أو متعين وهذا مختلف فقد تكون ابنة تسع تقدر على الوطء وبنت عشر لا تقدر عليه باعتبار كبرها وصغرها من نحولها وسمنها وقوتها وضعفها.
376

لكن الذي يظهر أن مرادهم بذلك في الغالب.
وقال الزركشي وقد يحمل إطلاق من أطلق من الأصحاب على ذلك انتهى.
قلت وفيه نظر.
قوله (وإن كانت صغيرة لا يمكن وطؤها لم تجب نفقتها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والزركشي وغيرهم.
وقاله في الفروع.
وتقدم قول بلزوم النفقة للصغيرة بالعقد حكاه في الفروع فبعد الدخول بطريق أولى.
فائدة لو زوج طفل بطفلة فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب لعدم الموجب.
وقيل لها النفقة.
قوله (فإن بذلته والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله الحاكم أو يمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله).
وهذا بلا نزاع ويأتي عند النشوز ما يشابه هذا.
قوله (وإن منعت تسليم نفسها أو منعها أهلها فلا نفقة لها إذا منعت نفسها فلا نفقة لها بلا نزاع).
وظاهر قوله أو منعها أهلها ولو كانت باذلة للتسليم ولكن أهلها يمنعونها وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وذكره في الروضة وقال ذكره الخرقي قال وفيه نظر.
قلت وهو الصواب.
377

وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة لها النفقة.
قوله (إلا أن تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال فلها ذلك وتجب نفقتها).
هذا المذهب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وقال وظاهر كلام جماعة لا نفقة لها ذكره في كتاب الصداق.
قوله (وإن كان بعده فعلى وجهين).
وأطلقهما المصنف في هذا الكتاب أيضا في آخر كتاب الصداق.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
أحدهما لا تملك المنع فلا نفقة لها إذا امتنعت وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع واختاره الأكثر.
قلت منهم بن بطة وابن شاقلا.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك فيجب لها النفقة اختاره بن حامد.
وتقدم نظير ذلك في آخر كتاب الصداق.
تنبيه قوله بخلاف الآجل.
يعني أنها لا تملك منع نفسها إذا كان الصداق مؤجلا فلو فعلت لم يكن لها عليه نفقة.
378

وظاهره سواء حل الأجل أو لا.
واعلم أن المؤجل لا يخلو إما أن يحل قبل الدخول أو لا.
فإن لم يحل قبل الدخول فليس لها الامتناع فلو امتنعت لم يكن لها نفقة بلا نزاع.
وإن حل قبل الدخول لم تملك ذلك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف.
وقيل لها الامتناع ويجب لها النفقة ويحتمله كلام المصنف وأطلقهما الزركشي.
قوله (وإن سلمت الأمة نفسها ليلا ونهارا فهي كالحرة).
يعني سواء رضي بذلك الزوج أو لم يرض وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قلت يتوجه أنه إذا حصل للزوج بذلك ضرر لفقره لا يلزمه.
قوله (وإن كانت تأوي إليه ليلا وعند السيد نهارا فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده).
فيلزم الزوج نفقة الليل من العشاء وتوابعه كالوطء والغطاء ورهن المصباح ونحوه وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقيل تجب عليهما نصفين وكذلك الكسوة قطعا للتنازع اختاره المصنف وأطلقهما الزركشي.
قال الشارح بعد أن ذكر الأول فعلى هذا على كل واحد منهما نصف النفقة ففسر الأول بالقول الثاني.
ووجوب نفقة الليل على الزوج والنهار على السيد من مفردات المذهب.
فائدة لو سلمها سيدها نهارا فقط لم يكن له ذلك.
379

قوله (وإذا نشزت المرأة فلا نفقة لها).
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ولو بنكاح في عدة.
وقال في الترغيب من مكنته من الوطء دون بقية الاستمتاع فسقوط النفقة يحتمل وجهين.
فائدتان
إحداهما تشطر النفقة لناشز ليلا فقط أو نهارا فقط لا بقدر الأزمنة.
وتشطر النفقة لناشز بعض يوم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل تسقط كل نفقته.
الثانية لو نشزت المرأة ثم غاب الزوج فأطاعت في غيبته فعلم بذلك ومضى زمن يقدم في مثله عادت لها النفقة.
قال في الرعاية وقيل تجب بعد مراسلة الحاكم له انتهى.
وكذا الحكم لو سافر قبل الزفاف.
وكذا لو أسلمت مرتدة أو متخلفة عن الإسلام في غيبته عند بن عقيل.
والصحيح من المذهب أنها تعود بمجرد إسلامهما.
قوله (أو سافرت بغير إذنه فلا نفقة لها).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا تسقط ذكره في الرعاية.
وقال ابن عقيل في الفنون سفر التغريب يحتمل أن تسقط فيه النفقة.
قلت ويتصور ذلك فيما إذا كانت بالغة عاقلة ولم يدخل بها وهي باذلة للتسليم والمنع من الدخول منه.
380

قوله (أو تطوعت بصوم أو حج فلا نفقة لها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا تسقط النفقة بصوم التطوع اختاره في الرعاية.
وقال إن جاز له إبطاله فتركه.
وفي الواضح في حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط.
فائدتان
إحداهما لو صامت لكفارة أو نذر أو لقضاء رمضان ووقته متسع بلا إذنه فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب.
وقيل لها النفقة في صوم قضاء رمضان.
ونقل أبو زرعة الدمشقي تصوم النذر بلا إذن.
وقال في الواضح في صلاة وصوم واعتكاف منذور وجهان.
الثانية لو حبست بحق أو ظلما فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب جزم به أكثر الأصحاب.
وقيل لها النفقة وهو احتمال في الرعاية الكبرى.
وهل له البيتوتة معها فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قلت الصواب أن له البيتوتة معها.
قوله (وإن بعثها في حاجة يعني له أو أحرمت بحجة الإسلام فلها النفقة).
381

هذا المذهب وعليه الأصحاب بشرط أن تحرم في الوقت من الميقات.
وقال في التبصرة في حج فرض احتمال كنفقة زائدة على الحضر.
فائدة لو سافرت لنزهة أو تجارة أو زيارة أهلها فلا نفقة لها وفيه احتمال وهو وجه في المذهب وغيره.
قوله (وإن أحرمت بمنذور معين في وقته فعلى وجهين).
وكذلك الصوم المنذور والمعين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة وشرح ابن منجا والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما لها النفقة ذكره القاضي مطلقا وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني لا نفقة لها مطلقا وهو الوجه الثاني في كلام المصنف ذكره ابن منجا.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور والوجيز.
وقيل إن كان نذرها بإذنه أو قبل النكاح لم تسقط النفقة وإلا سقطت.
وجعله الشارح الوجه الثاني من كلام المصنف.
قوله (وإن سافرت لحاجتها بإذنه فلا نفقة لها).
ذكره الخرقي في بعض النسخ وعليها شرح المصنف.
واختاره القاضي والمصنف وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وهو المذهب.
ويحتمل أن لها النفقة وهو لأبي الخطاب في الهداية واختاره بن عبدوس في تذكرته.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والفروع.
382

وتقدم نظير ذلك في باب عشرة النساء.
قوله (وإن اختلفا في نشوزها أو تسليم النفقة إليها فالقول قولها مع يمينها).
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والشرح وتذكرة بن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الآمدي إن اختلفا في النشوز فإن وجبت بالتمكين صدق وعليها إثباته وإن وجبت بالعقد صدقت وعليه إثبات
المنع وإن اختلفا بعد إثبات التمكين لم يقبل قوله.
وقال في التبصرة يقبل قوله قبل الدخول وقولها بعده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في النفقة أن القول قول من يشهد له العرف.
قوله (وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع يمينه بلا خلاف أعلمه).
قوله (وإن أعسر الزوج بنفقتها أو ببعضها أو بالكسوة).
وكذا ببعضها خيرت بين فسخ النكاح والمقام وتكون النفقة دينا في ذمته.
يعني نفقة الفقير ومحله إذا لم تمنع نفسها.
الصحيح من المذهب أن لها الفسخ بذلك مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا المذهب.
383

وقدمه في الفروع والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وفسخها للإعسار بنفقتها من مفردات المذهب.
وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار بحال.
قال الزركشي نقل بن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ به ما لم يوجد منه غرور.
وذكر بن البنا وجها أنه يؤجل ثلاثا.
وقيل إن أعسر بكسوة يسار فلا فسخ.
فعلى القول بعدم الفسخ يرفع يده عنها لتكتسب ما تقتات به.
فائدة إذا ثبت إعساره فللحاكم الفسخ بطلبها قدمه في الفروع وقاله أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما وقالا في النفقة ولا تجد من يدينها عليه.
وذكره المصنف وغيره في الغائب ولم يذكروه في الحاضر الموسر المانع.
ورفع النكاح هنا فسخ بطلبها أو فسخت قدمه في الفروع.
وقال في الترغيب هو قول جمهور أصحابنا فيعتبر الرفع إلى الحاكم.
فإذا ثبت إعساره فسخ بطلبها أو فسخت بأمره ولا ينفذ بدونه على الصحيح من المذهب.
وقيل ظاهرا.
وفي الترغيب ينفذ مع تعذره.
وقال في الرعاية وإن تعذر إذنه مطلقا.
وقيل هذه الفرقة طلاق.
فعلى هذا يأمره الحاكم بطلبها بطلاق أو نفقة فإن أبى طلق عليه الحاكم.
جزم به في التبصرة والرعاية والوجيز وغيرهم.
384

فإن راجع فقيل لا يصح مع عسرته.
قلت فيعايى بها.
وقيل يصح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
فإن راجع طلق عليه ثانية فإن راجع طلق عليه ثالثة.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل إن طلب المهلة ثلاثة أيام أجيب فلو لم يقدر فقيل ثلاثة أيام.
وقيل إلى آخر اليوم المتخلفة نفقته.
وقال في المغني يفرق بينهما.
وأطلقهما في الفروع.
قوله (فإن اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك).
وهو المذهب قال في الفروع لها ذلك في الأصح.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه ليس لها ذلك كما لو رضيت بعسرته في الصداق.
قال في المحرر فعلى هذا هل خيارها الأول على التراخي أو على الفور على روايتي خيار العيب على ما تقدم في بابه.
فوائد.
الأولى لو اختارت المقام جاز لها أن لا تمكنه من نفسها وليس له أن يحبسها.
الثانية لو رضيت بعسرته أو تزوجته عالمة بها فلها الفسخ بعد ذلك على الصحيح من المذهب.
385

قال في الفروع لها ذلك على الأصح فيهما.
وقدمه في المحرر والنظم والمغني والشرح ونصراه.
وقيل ليس لها ذلك.
قال في الرعايتين ليس لها ذلك في الأصح فيهما.
وجزم به في الحاوي الصغير.
فعلى هذا القول خيارها على الفور وقدمه في الرعايتين.
وقيل على التراخي وهو المذهب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وأطلقهما في الحاوي.
وظاهر المحرر أنه كخيار العيب.
وقال في الرعاية الكبرى بل بعد ثلاثة أيام وهو أولى فإن حصل في الرابع نفقة فلا فسخ بما مضى وإن حصلت في الثالث فهل يفسخ في الخامس أو السادس يحتمل وجهين.
قال وإن مضى يومان ووجد نفقة الثالث ثم أعسر في الرابع فهل يستأنف المدة يحتمل وجهين انتهى.
واختار بن القيم رحمه الله في الهدى أنها لو تزوجته عالمة بعسرته أو كان موسرا ثم افتقر أنه لا فسخ لها.
قال ولم يزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم يرفعهم أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم.
قال في الفروع كذا قال.
الثالثة لو قدر على التكسب أجبر عليه على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الترغيب أجبر على الأصح.
386

وقال فيه أيضا الصانع الذي لا يرجو عملا أقل من ثلاثة أيام فإذا عمل دفع نفقة ثلاثة أيام لا فسخ ما لم يدم.
قال في الكافي إن كانت نفقته عن عمل فمرض فاقترض فلا فسخ وإن عجز عن الاقتراض وكان لعارض يزول لثلاثة أيام فما دون فلا فسخ انتهى.
وقال في المغني والشرح وإن تعذر عليه الكسب في بعض زمانه أو تعذر البيع لم يثبت الفسخ لأنه يمكن الاقتراض إلى زوال العارض وحصول الاكتساب.
وكذلك إن عجز عن الاقتراض أياما يسيرة لأن ذلك يزول عن قريب ولا يكاد يسلم منه كثير من الناس.
وقالا أيضا إن مرض مرضا يرجى زواله في أيام يسيرة لم يفسخ لما ذكرنا وإن كان ذلك يطول فلها الفسخ.
وكذلك إن كان لا يجد النفقة إلا يوما دون يوم انتهيا.
وتقدم كلامه في الرعاية.
قوله (وإن أعسر بالنفقة الماضية أو نفقة الموسر أو المتوسط أو الأدم أو نفقة الخادم فلا فسخ لها).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال ابن عقيل في التذكرة إن كانت ممن جرت عادتها بأكل الطيب ولبس الناعم لزمه ذلك فإن كان معسرا ملكت الفسخ إذا عجز عن القيام به.
قال في الرعاية الكبرى وإن اعتادت الطيب والناعم فعجز عنهما فلها الفسخ.
قلت فالأدم أولى انتهى.
387

وقيل لها الفسخ إذا أعسر بالأدم.
وفي الانتصار احتمال لها الفسخ في ذلك كله مع ضررها.
قوله (وتكون النفقة دينا في ذمته).
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تسقط أي الزيادة عن نفقة المعسر أو المتوسط لأن كلام المصنف في ذلك وصرح به الأصحاب لا أنها تسقط مطلقا.
وقال في المحرر والنظم والفروع وقال القاضي تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قال في الرعايتين وقيل تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قلت غير الأدم.
قوله (وإن أعسر بالسكنى أو المهر فهل لها الفسخ على وجهين).
إذا أعسر بالسكنى فأطلق المصنف في جواز الفسخ لها وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما لها الفسخ وهو الصحيح صححه في التصحيح واختاره بن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور.
والثاني لا فسخ لها ذكره القاضي.
وجزم به في منتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
388

وأطلق في جواز الفسخ إذا أعسر بالمهر وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما لها الفسخ مطلقا اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني ليس لها ذلك اختاره بن حامد وغيره.
قال المصنف وهو أصح ونصره.
وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الخلاصة.
قلت وهو الصواب.
وقيل إن أعسر قبل الدخول فلها الفسخ وإن كان بعده فلا.
قال الشارح وتبعه في التصحيح هذا المشهور في المذهب.
قال الناظم هذا أشهر.
ونقل بن منصور إن تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره.
وتقدم ذلك محررا بأتم من هذا في آخر باب الصداق فليعاود.
قوله (وإن أعسر زوج الأمة فرضيت أو زوج الصغيرة أو المجنونة لم يكن لوليهن الفسخ وهو المذهب).
قال في الفروع لا فسخ في المنصوص لولي أمة راضية وصغيرة ومجنونة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في الرعايتين والحاوي فلا فسخ لهم في الأصح.
وقدمه في الكافي والمحرر.
(ويحتمل أن له ذلك).
389

وقال في الكافي وحكى عن القاضي أن لسيد الأمة الفسخ لأن الضرر عليه.
قوله (وإن منع النفقة أو بعضها مع اليسار وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف بغير إذنه).
للحديث الذي ذكره المصنف وهو في الصحيحين وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الروضة القياس منعها تركناه للخبر.
وذكر في الترغيب وجها أنها لا تأخذ لولدها.
ويأتي حكم الحديث في آخر باب طريق الحكم وصفته.
قوله (فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ).
هذا المذهب جزم به الخرقي والوجيز وتذكرة بن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال في الرعايتين لها الفسخ في الأقيس.
قال في الحاوي الصغير فلها الفسخ في أصح الوجهين.
قال في تجريد العناية فإن أصر فارقته عند الأكثر.
وقدمه في المستوعب والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح.
قال الناظم.
فإن منع الإنفاق ذو اليسر أو يغب * أو البعض أن يظفر بمال المقلد.
فإن تعذر يلجئه حاكم فإن * أبى يعطها عنه ولو قيمة أعبد.
(وقال القاضي ليس لها ذلك).
390

قال في الترغيب اختاره الأكثر وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب.
قوله (وإن غاب ولم يترك لها نفقة ولم تقدر له على مال ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ).
هذا المذهب جزم به في الوجيز والنظم ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال القاضي ليس لها ذلك إذا لم يثبت إعساره.
قال في الترغيب اختاره الأكثر.
وتقدم أن لها أن تستدين وتنفق.
قوله (ولا يجوز الفسخ في ذلك إلا بحكم حاكم).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وحكى المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم في كتاب الصداق لها أن تفسخ بغير حكم حاكم فيما إذا أعسر بالمهر.
وتقدم ذلك في آخر كتاب الصداق فليعاود.
391

باب نفقة الأقارب والمماليك
قوله (يجب على الإنسان نفقة والديه وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه أيضا وكذلك يلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا).
اعلم أن الصحيح من المذهب وجوب نفقة أبويه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا بالمعروف أو بعضها إن كان المنفق عليه قادرا على البعض.
وكذلك يلزمه لهم الكسوة والسكنى مع فقرهم إذا فضل عن نفسه وامرأته.
وكذا رقيقه يومه وليلته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويأتي حكم اختلاف الدين في كلام المصنف قريبا.
وعنه لا تلزمه نفقتهم إلا بشرط أن يرثهم بفرض أو تعصيب كبقية الأقارب وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين وظاهر ما جزم به الشرح فإنه قال يشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط.
الثالث أن يكون المنفق وارثا فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة لم تجب عليه النفقة.
والظاهر أنه أراد أن يكون وارثا في الجملة بدليل قوله فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة.
وعنه تختص العصبة مطلقا بالوجوب نقلها جماعة.
392

فيعتبر أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال فلا تلزم بعيدا موسرا يحجبه قريب معسر.
وعنه بل إن ورثه وحده لزمته مع يساره ومع فقره تلزم بعيدا معسرا.
فلا تلزم جدا موسرا مع أب فقير على الأولى وتلزم على الثانية على ما يأتي.
ويأتي أيضا ذكر الرواية الثالثة وما يتفرع عليها في المسألة الآتية بعد هذه.
ويأتي تفاريع هذه الروايات وما ينبني عليها.
تنبيهان
أحدهما شمل قوله وأولاده وإن سفلوا الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب ويأتي الخلاف في ذلك.
الثاني قوله فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه يعني يومه وليلته كما تقدم صرح به الأصحاب.
من كسبه أو أجرة ملكه ونحوهما لا من أصل البضاعة وثمن الملك وآلة عمله.
قوله (وتلزمه نفقة من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم سواء ورثه الآخر أو لا كعمته وعتيقه).
هذا المذهب قطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
393

قال ابن منجا هذا المذهب وصرحوا بالعتيق.
وعنه أنها تختص العصبة من عمودي النسب وغيرهم نقلها جماعة كما تقدم.
فلا تجب على العمة والخالة ونحوها.
فعليها هل يشترط أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال على روايتين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي والزركشي.
إحداهما يشترط وهو الصحيح فلا نفقة على بعيد موسر يحجبه قريب معسر.
قدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
والأخرى يشترط ذلك في الجملة.
لكن إن كان يرثه في الحال ألزم بها مع اليسار دون الأبعد.
وإن كان فقيرا جعل كالمعدوم ولزمت الأبعد الموسر.
فعلى هذا من له بن فقير وأخ موسر أو أب فقير وجد موسر لزمت الموسر منهما النفقة ولا تلزمهما على التي قبلها.
وعلى اشتراط الإرث في غير عمودي النسب خاصة تلزم الجد دون الأخ.
قال المصنف وهو الظاهر.
وقال في البلغة والترغيب لو كان بعضهم يسقط بعضا لكن الوارث معسر وغير الوارث موسر فهل تجب النفقة على البعيد الموسر فيه ثلاثة أوجه.
الثالث إن كان من عمودي النسب وجب وإلا فلا انتهى.
وعنه يعتبر توارثهما اختاره أبو محمد الجوزي.
فلا تجب النفقة لعمته ولا لعتيقه وقدمه في الخلاصة.
وأطلق هذه الرواية والرواية الأولى في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
394

فائدة وجوب الإنفاق على الأقارب غير عمودي النسب مقيد بالإرث لا بالرحم نص عليه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
تنبيه شمل قوله وعتيقه لو كان العتيق فقيرا وله معتق أو من يرثه بالولاء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب.
وممن صرح بعتيقه مع عمته صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح والرعايتين وغيرهم.
قوله (فأما ذووا الأرحام فلا نفقة له عليهم رواية واحدة ذكره القاضي).
وهو المذهب نقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المنصوص والمجزوم به عند الأكثرين.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ونقل جماعة تجب لكل وارث.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام بل أولى.
وقال أبو الخطاب وابن أبي موسى يخرج في وجوبها عليهم روايتان.
قال في المحرر وخرج أبو الخطاب وجوبها على توريثهم.
قال الزركشي وهو قوي.
وقال في البلغة وأما ذوو الأرحام فهل يلزم بعضهم نفقة بعض عند عدم ذوي الفروض والعصبات على روايتين.
395

وقيل تلزم رواية واحدة انتهى.
ولعله وقيل لا تلزم بزيادة لا.
تنبيه قد يقال عموم كلام المصنف هنا أن أولاد البنات ونحوهم لا نفقة عليهم لأنهم من ذوي الأرحام.
وعموم كلامه في أول الباب أن عليهم النفقة وهو قوله وكذلك تلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا أو العمل على هذا الثاني وأن النفقة واجبة عليهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والنظم والوجيز والزركشي والحاوي وغيرهم فإنهم قالوا ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب نص عليه.
فعموم كلام المصنف هنا مخصوص بغير من هو من عمودي النسب من ذوي الأرحام وأدخلهم في الفروع في الخلاف.
ثم قال بعد ذلك وأوجبها جماعة لعمودي نسبه فقط يعني من ذوي الأرحام.
فظاهر ما قدمه أنه لا نفقة لهم وقدمه في الرعايتين.
قوله (وإن كان للفقير وارث فنفقته عليهم على قدر إرثهم منه فإذا كان أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد).
وكذا بن وبنت.
فإن كانت أم وبنت فالصحيح من المذهب أنها عليهم أرباعا وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتخرج وجوب ثلثي النفقة عليهم بإرثهما فرضا.
قوله (وعلى هذا حساب النفقات إلا أن يكون له أب فتكون النفقة عليه وحده).
396

هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح هذا ما دامت أمه أحق به.
وقال القاضي وأبو الخطاب القياس في أب وابن يلزم الأب السدس فقط لكن تركه أصحابنا لظاهر الآية.
وقال ابن عقيل في التذكرة الولد مثل الأب في ذلك.
وعنه الجد والجدة كالأب في ذلك ذكرهما بن الزاغوني في الإقناع.
فائدة لو كان أحد الورثة موسرا لزمه بقدر إرثه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال هذا المذهب.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصح الروايتين أنه لا يلزمه أكثر من مقدار إرثه منه وصححه في النظم.
وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه يلزمه كل النفقة.
وأطلقهما في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والزركشي.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع محل الخلاف في الجد والجدة خاصة وأما سائر الأقارب فلا تلزم الغني منهم النفقة إلا بالحصة بغير خلاف.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع في الجد والجدة روايتان هل يكونان كالأب في وجوب النفقة كاملة على كل واحد منهما لو انفرد أو كسائر الأقارب.
قوله (ومن له بن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما).
هذا المذهب جزم به القاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب والوجيز وغيرهم.
397

وقدمه في الفروع كما تقدم في التفريع على الرواية الثانية.
قال الشارح هذا الظاهر.
وعنه تجب النفقة على الأخ وهو تخريج وجه للمصنف.
واختاره في المستوعب وتقدم ذلك.
قوله (ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها).
يعني على الجدة وهذا إحدى الروايتين وذكره القاضي.
وذكره أيضا في أب معسر وجد موسر.
وجزم به في الوجيز والمنور.
قال في الشرح هذا الظاهر.
وصرح به بن عقيل في كفاية المفتي.
واختاره في المستوعب وقدمه في المحرر.
وعنه لا نفقة عليهما وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وعلى رواية اشتراط الإرث في عمودي النسب يلزم النفقة الجد دون الأخ.
وتقدم بناء هذه المسائل على روايات تقدمت فليعاود.
قوله (ومن كان صحيحا مكلفا لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته على روايتين).
قال القاضي كلام الإمام أحمد رحمه الله يحتمل روايتين.
وهما وجهان في المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح والقواعد الفقهية.
إحداهما تجب له لعجزه عن الكسب وهو المذهب.
قال الناظم وهو أولى.
398

وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
وجزم به ناظم المفردات في الأولاد وهو منها كما تقدم.
والرواية الثانية لا تجب.
تنبيهان
أحدهما ظاهر قوله سوى الوالدين أنهما إذا كانا صحيحين مكلفين لا حرفة لهما تجب نفقتهما من غير خلاف فيه وهو أحد الطرق.
وقطع به جماعة من الأصحاب منهم ابن منجا في شرحه والقاضي نقله عنه في القواعد.
قال الزركشي لا خلاف فيهما فيما علمت وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وفرق القاضي في زكاة الفطر من المجرد بين الأب وغيره وأوجب النفقة للأب بكل حال وشرط في الابن وغيره الزمانة انتهى.
وهي الطريقة الثانية.
والطريقة الثالثة فيهما روايتان كغيرهما وتقدم المذهب منهما.
الثاني مفهوم كلامه أن غير المكلف كالصغير والمجنون وغير الصحيح يلزمه نفقتهما من غير خلاف وهو صحيح.
فائدتان
إحداهما هل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه على الروايتين في المسألة الأولى قاله في الترغيب.
399

وقال في الفروع وجزم جماعة يلزمه ذكروه في إجارة المفلس واستطاعة الحج.
قال في القواعد وأما وجوب النفقة على أقاربه من الكسب فصرح القاضي في خلافه والمجرد وابن عقيل في مفرداته وابن الزاغوني والأكثرون بالوجوب.
قال القاضي في خلافه وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا فرق في ذلك بين الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب.
وخرج صاحب الترغيب المسألة على روايتين انتهى.
الثانية القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه.
صرح به القاضي في خلافه.
ذكره صاحب الكافي وغيره واقتصر عليه في القواعد.
قوله (فإن لم يفضل عنده إلا نفقة واحد بدأ بالأقرب فالأقرب).
الصحيح من المذهب أنه يقدم الأقرب فالأقرب ثم العصبة ثم التساوي.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقيل يقدم وارث مع التساوي.
قال في المحرر وغيره وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإن تعارضت المرتبتان أو فقدتا فهما سواء.
فائدة لو فضل عنده نفقة لا تكفي واحدا لزمه دفعها.
قوله (فإن كان له أبوان جعله بينهما).
هذا أحد الوجوه اختاره الشارح.
وقدمه في الهداية والخلاصة ومال إليه الناظم.
وقيل تقدم الأم وهو احتمال في الهداية.
وقيل يقدم الأب وهو المذهب جزم به في الوجيز.
400

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وأطلقهن في المذهب والمستوعب.
قوله (فإن كان معهما بن ففيه ثلاثة أوجه).
أحدها يقسمه بينهم.
والوجه الثاني يقدمه عليهما.
نقل أبو طالب الابن أحق بالنفقة وهي أحق بالبر.
قال في الوجيز فإن استوى اثنان بالقرب قدم العصبة.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل يقدم الأبوان على الابن.
وأطلقهن في المغني والشرح والفروع.
وأطلق الخلاف بين الأب والابن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة وكذا الحكم والخلاف فيما إذا اجتمع جد وابن بن.
وقدم الشارح أنهما سواء.
قوله (فإن كان أب وجد أو بن وابن بن فالأب والابن أحق).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل الأب والجد سواء وكذا الابن وابن الابن وهو احتمال للقاضي وهو قول أصحاب الشافعي لتساويهم في الولاية والتعصيب.
قال أبو الخطاب هذا سهو من القاضي لأن أحدهما غير وارث.
فوائد.
الأولى يقدم أبو الأب على أبي الأم.
401

ولو اجتمع أبو أبي الأب مع أبي الأم فالصحيح من المذهب أنهما يستويان.
قال القاضي القياس تساويهما لتعارض قرب الدرجة وميزة العصوبة وقدمه في الفروع.
وقيل يقدم أبو الأم لقربه واختاره في المحرر.
وفي الفصول احتمال تقديم أبي أبي الأب وجزم به المصنف.
الثانية لو اجتمع بن وجد أو أب وابن بن قدم الابن على الجد وقدم الأب على بن الابن على الصحيح من المذهب اختاره الشارح وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل التساوي.
الثالثة لو اجتمع جد وأخ قدم الجد على الصحيح من المذهب.
اختاره المصنف والشارح وصححاه ويحتمل التسوية.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الرابعة قال في المستوعب يقدم الأحوج ممن تقدم في هذه المسائل على غيره.
واعتبر في الترغيب بإرث وأن مع الاجتماع يوزع لهم بقدر إرثهم.
ونقل المصنف ومن تابعه عن القاضي فيما إذا اجتمع الأبوان والابن إن كان الابن صغيرا أو مجنونا قدم وإن كان الابن كبيرا والأب زمنا فهو أحق ويحتمل تقديم الابن.
قوله (ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وهذا تخصيص كلام المصنف أول الباب.
وقيل في عمودي النسب روايتان.
402

قال في المحرر وغيره وعنه تجب في عمودي النسب خاصة.
قال القاضي في عمودي النسب روايتان.
وقيل تجب لهم مع اختلاف الدين ذكره الآمدي رواية.
وفي الموجز رواية تجب للوالد دون غيره.
وقال في الوجيز ولا تجب نفقة مع اختلاف الدين إلا أن يلحقه به قافة.
وكذا قال في الرعاية وزاد ويرثه بالولاء.
قوله (وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه).
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وقال أطلقه الأكثر وجزم به في الفصول.
وقال المصنف والشارح فإن كان الحاكم قد فرضها فينبغي أن تلزمه لأنها تأكدت بفرض الحاكم فلزمته كنفقة الزوجة.
قال في الرعايتين ومن ترك النفقة على قريبه مدة سقطت إلا إذا كان فرضها حاكم.
وقيل ومع فرضها إلا أن يأذن الحاكم في الاستدانة عليه أو القرض.
زاد في الكبرى أو الإنفاق من مالها لترجع به عليه لغيبته أو امتناعه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله من أنفق عليه بإذن حاكم رجع عليه وبلا إذن فيه خلاف.
وقال في المحرر وأما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فرضت إلا أن تستدين عليه بإذن الحاكم.
قال في الفروع وظاهر ما اختاره شيخنا وتستدين عليه فلا يرجع إن استغنى بكسب أو نفقة متبرع.
فائدة قال في الفروع وظاهر كلام أصحابنا تأخذ بلا إذنه إذا امتنع كالزوجة إذا امتنع الزوج من النفقة عليها.
403

نقل صالح وعبد الله والجماعة يأخذ من مال والده بلا إذنه بالمعروف إذا احتاج ولا يتصدق.
قوله (ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته على روايتين).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
إحداهما تلزمه وهو المذهب جزم به في المنور.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية لا تلزمه وتأولها المصنف والشارح.
وعنه تلزمه في عمودي النسب لا غير.
وعنه تلزمه لامرأة أبيه لا غير وهذه مسألة الإعفاف.
فائدة يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم وهذا الصحيح من المذهب.
وهو من مفردات المذهب وما يتفرع عليها.
وعنه لا يجب عليه ذلك مطلقا.
وقيل لا يلزمه إعفاف غير عمودي النسب.
فحيث قلنا يجب عليه ذلك لزمه أن يزوجه بحرة تعفه أو بسرية.
وتقدم تعيين قريب إذا اتفقا على مقدار المهر هذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وجزم في البلغة والترغيب أن التعيين للزوج لكن ليس له تعيين رقيقه ولا للابن تعيين عجوز قبيحة المنظر أو معيبة.
والصحيح من المذهب أنه لا يملك استرجاع أمة أعفه بها مع غناه.
404

جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل له ذلك.
قلت يحتمل أن يعايى بها.
ويصدق بأنه تأنق بلا يمين على الصحيح من المذهب.
ووجه أنه لا يصدق إلا بيمينه.
ويشترط أن يكون عاجزا عن مهر زوجة أو ثمن أمة.
ويكفي إعفافه بواحدة.
ويعف ثانيا إن ماتت على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل لا كمطلق لعذر في أصح الوجهين قاله في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح.
ويلزمه إعفاف أمه كأبيه.
قال القاضي ولو سلم فالأب آكد ولأنه لا يتصور لأن الإعفاف لها بالتزويج ونفقتها على الزوج.
قال في الفروع ويتوجه تلزمه نفقة إن تعذر تزويج بدونها وهو ظاهر القول الأول.
وهو ظاهر الوجيز فإنه قال ويلزمه إعفاف كل إنسان تلزمه نفقته.
قوله (وليس للأب منع المرأة من رضاع ولدها إذا طلبت ذلك).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي في الخلاف الكبير وأصحابه قاله بن رجب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
405

والمغني والبلغة والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل له ذلك إذا كانت في حباله بأجرة وبغيرها.
اختاره القاضي في المجرد نقله بن رجب في مسألة مؤنة الرضاع له كخدمته نص عليه.
وتقدم ذلك أيضا في عشرة النساء عند قوله وله أن يمنعها من إرضاع ولدها وتقدم هناك ما يتعلق بهذا.
قوله (وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فهي أحق).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصحة عقد الإجارة على رضاع ولدها من أبيه من مفردات المذهب.
وتقدم صحة ذلك صريحا في كلام المصنف في باب الإجارة حيث قال ويجوز استئجار ولده لخدمته وامرأته لرضاع ولده وحضانته.
وقال في المنتخب للشيرازي إن استأجر من هي تحته لرضاع ولده لم يجز لأنه استحق نفعها كاستئجارها للخدمة شهرا ثم استأجرها في ذلك الشهر للبناء.
وقال القاضي لا يصح استئجارها كما تقدم.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أجرة لها مطلقا فيحلفها أنها أنفقت عليه ما أخذت منه.
وقال في الاختيارات وإرضاع الطفل واجب على الأم بشرط أن تكون مع الزوج ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها وهو اختيار القاضي
406

في المجرد وتكون النفقة عليها واجبة بشيئين حتى لو سقط الوجوب بأحدهما ثبت بالآخر كما لو نشزت وأرضعت ولدها فلها النفقة للإرضاع لا للزوجية.
فوائد.
الأولى لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولو بيسير لم تكن أحق به على الصحيح من المذهب.
وقال في الواضح لها أخذ فوق أجرة المثل مما يتسامح به.
الثانية لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولم يوجد من يرضعه إلا بمثل تلك الأجرة فقال المصنف وغيره الأم أحق لتساويهما في الأجرة وميزت الأم.
الثالثة لو كانت مع زوج آخر وطلبت رضاعه بأجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه كانت أحق برضاعه إذا رضي الزوج الثاني بذلك.
الرابعة للسيد إجبار أم ولده على رضاعه مجانا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ابن رجب وعلى قول القاضي له منع زوجته من إرضاع ولدها فأمته أولى وصرح بذلك في المجرد أيضا.
الخامسة لو عتقت أم الولد على السيد فحكم رضاع ولدها منه حكم المطلقة البائن ذكره بن الزاغوني في الإقناع.
واقتصر عليه بن رجب.
ولو باعها أو وهبها أو زوجها سقطت حضانتها على ظاهر ما ذكره بن عقيل في فنونه.
وعلى هذا يسقط حقها من الرضاع أيضا قاله بن رجب.
قوله (وإذا تزوجت المرأة فلزوجها منعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليها).
407

هذا المذهب مطلقا نص عليه.
وجزم به في المستوعب والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ونقل مهنا له منعها إلا أن يضطر إليها أو تكون قد شرطته عليه.
وتقدم هذا أيضا في كلام المصنف في باب عشرة النساء.
فوائد.
إحداها لا يفطم قبل الحولين إلا برضى أبويه ما لم ينضر.
وقال في الرعاية هنا يحرم رضاعه بعدهما ولو رضيا به.
وقال في الترغيب له فطام رقيقه قبلهما ما لم ينضر.
قال في الرعاية وبعدهما ما لم تنضر الأم.
الثانية قال في الرعاية الكبرى في باب النجاسة اللبن طاهر مباح من رجل وامرأة.
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم يباح من امرأة.
وقال في الانتصار وغيره القياس تحريمه ترك للضرورة ثم أبيح بعد زوالها وله نظائر.
وظاهر كلامه في عيون المسائل إباحته مطلقا.
الثالثة تلزمه خدمة قريبة عند الحاجة كزوجة.
قوله (وعلى السيد الإنفاق على رقيقه قدر كفايتهم وكسوتهم بلا نزاع).
ولو كان آبقا أو كانت ناشزا ذكره جماعة من الأصحاب واقتصر عليه في الفروع.
واختلف كلام أبي يعلى في المكاتب.
408

فائدة يلزمه نفقة ولد أمته دون زوجها.
ويلزم الحرة نفقة ولدها من عبد نص على ذلك.
ويلزم المكاتبة نفقة ولدها وكسبه لها.
وينفق على من بعضه حر بقدر رقه وبقيته على نفسه.
قوله (وتزويجهم إذا طلبوا ذلك إلا الأمة إذا كان يستمتع بها بلا نزاع فيهما).
لكن لو قالت إنه ما يطأ صدقت للأصل قاله في الفروع.
قال في الترغيب صدقت على الأصح.
ووجوب تزويج العبد إذا طلبه لأجل الإعفاف من مفردات المذهب.
وكذا وجوب بيعه إذا لم يعفه من المفردات.
فائدة قال القاضي لو كان السيد غائبا غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج أو كان سيدها صبيا أو مجنونا احتمل أن يزوجها الحاكم.
قال ابن رجب وهذا المعنى لا فرق فيه بين أمهات الأولاد وغيرهن للاشتراك في وجوب الإعفاف.
وكذا ذكر القاضي في خلافه أن سيد الأمة إذا غاب غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج زوجها الحاكم.
وقال هذا قياس المذهب ولم يذكر فيه خلافا.
ونقله عنه المجد في شرحه ولم يعترض عليه بشيء.
وكذا ذكر أبو الخطاب في الانتصار أن السيد إذا غاب زوج أمته من يلي ماله.
وقال أومأ إليه في رواية بكر بن محمد انتهى ذكره بن رجب.
تنبيه ظاهر كلامه أنه لو شرط وطء المكاتبة وطلبت التزويج لا يلزم السيد إذا كان يطأ وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب.
409

قال في الفروع وهو أظهر لما فيه من إسقاط حق السيد وإلغاء الشرط.
وقال ابن البنا يلزمه تزويجها بطلبها ولو كان يطؤها وأبيح بالشرط ذكره في المستوعب واقتصر عليه.
قال في الفروع وكأن وجهه لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع التكسب.
قلت الذي يظهر أن وجهه أعم من ذلك فإن المترتب لها على الزوج أكثر من ذلك.
فعلى هذا الوجه يعايى بها.
فائدة لو غاب عن أم ولده واحتاجت إلى النفقة زوجت على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع زوجت في الأصح.
وقيل لا تزوج.
ولو احتاجت إلى الوطء لم تزوج قدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الجواز عند من جعله كنفقة قلت وهذا عين الصواب والضرر اللاحق بذلك أعظم من الضرر اللاحق بسبب النفقة.
واختاره بن رجب في كتاب له سماه القول الصواب في تزويج أمهات أولاد الغياب ذكر فيه أحكام زواجها وزواج الإماء وامرأة المفقود وأطال في ذلك وأجاد واستدل لصحة نكاحها بكلام الأصحاب ونصوص الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الانتصار إذا عجز السيد عن النفقة على أم الولد وعجزت هي أيضا لزمه عتقها لينفق عليها من بيت المال والله أعلم.
قوله (ويداويهم إذا مرضوا).
410

يحتمل أن يكون مراده الوجوب وهو المذهب.
قال في الفروع ويداويه وجوبا قاله جماعة.
قال ابن شهاب في كفن زوجة العبد لا مال له فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ولهذا النفقة المختصة بالمرض من الدواء وأجرة الطبيب تلزمه بخلاف الزوجة انتهى.
ويحتمل أن يكون مراده بذلك الاستحباب.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة يستحب وهو أظهر انتهى.
قلت المذهب أن ترك الدواء أفضل على ما تقدم في أول كتاب الجنائز ووجوب المداواة قول ضعيف.
قوله (ولا يجبر العبد على المخارجة بلا نزاع).
وإن اتفقا عليها جاز بلا خلاف لكن يشترط أن يكون بقدر كسبه فأقل بعد نفقته وإلا لم يجز.
وقال في الترغيب إن قدر خراجا بقدر كسبه لم يعارض.
قلت ولعله أراد ما قاله الأولون.
فائدة قال في الترغيب وغيره يؤخذ من المغني أنه يجوز للعبد المخارج هدية طعام وإعارة متاع وعمل دعوة.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه كعبد مأذون له في التصرف.
قال وظاهر كلام جماعة لا يملك ذلك.
وإنما فائدة المخارجة ترك العمل بعد الضريبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى له التصرف فيما زاد على خراجه ولو منع منه كان كسبه كله خراجا ولم يكن لتقديره فائدة بل ما زاد تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد.
قال في الفروع كذا قال.
411

قوله (ومتى امتنع السيد من الواجب عليه وطلب العبد البيع لزمه بيعه).
نص عليه كفرقة الزوجة.
وقاله في عيون المسائل وغيره في أم الولد.
قال في الفروع هو ظاهر كلامهم يعني في أم الولد.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو لم تلائم أخلاق العبد أخلاق سيده لزمه إخراجه عن ملكه.
وكذا أطلق في الروضة يلزمه بيعه بطلبه.
قوله (وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع كذا قالوا.
قال والأولى ما رواه الإمام أحمد وأبو داود رحمهما الله وذكر أحاديث تدل على أن ضرب الرقيق أشد من ضرب المرأة.
ونقل حرب لا يضربه إلا في ذنب بعد عفوه مرة أو مرتين ولا يضربه ضربا شديدا.
ونقل حنبل لا يضربه إلا في ذنب عظيم ويقيده بقيد إذا خاف عليه ويضربه ضربا غير مبرح.
ونقل غيره لا يقيده ويباع أحب إلي.
ونقل أبو داود رحمه الله يؤدب على فرائضه.
فائدة لا يشتم أبويه الكافرين لا يعود لسانه الخنا والردى.
وإن بعثه لحاجة فوجد مسجدا يصلي فيه قضى حاجته ثم صلى وإن صلى فلا بأس نقله صالح.
ونقل بن هانئ إن علم أنه لا يجد مسجدا يصلي فيه صلى وإلا قضاها.
412

تنبيه أفادنا المصنف جواز تأديب الولد والزوجة وهو صحيح وقاله الأصحاب.
قال في الفروع وظاهر كلامهم يؤدب الولد ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت كفعل أبي بكر الصديق بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما.
قال ابن عقيل في الفنون الولد يضربه الوالد ويعزره وإن مثله عبد وزوجة.
قوله (وللعبد أن يتسرى بإذن سيده).
هذا إحدى الطريقتين وهي الصحيحة من المذهب نص عليها في رواية الجماعة وهي طريقة الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى وأبي إسحاق بن شاقلا ذكره عنه في الواضح.
ورجحها المصنف في المغني والشارح.
قال في القواعد الفقهية وهي أصح فإن نصوص الإمام أحمد رحمه الله لا تختلف في إباحة التسري له وصححه الناظم.
وقدمه الزركشي ونصره.
وقيل ينبني على الروايتين في ملك العبد بالتمليك وهي طريقة القاضي والأصحاب بعده قاله في القواعد.
قال القاضي يجب أن يكون في مذهب الإمام أحمد رحمه الله في تسري العبد وجهان مبنيان على الروايتين في ثبوت الملك بتمليك سيده.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وهي المذهب على ما أسلفناه في الخطبة.
وتقدم ذلك في أوائل كتاب الزكاة.
فعلى الأولى لا يجوز تسريه بدون إذن سيده كما قاله المصنف.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية جماعة كنكاحه وقدمه في القواعد.
413

ونقل أبو طالب وابن هانئ يتسرى العبد في ماله كان بن عمر رضي الله عنهما يتسرى عبيده في ماله فلا يعيب عليهم.
قال القاضي ظاهر هذا أنه يجوز تسريه من غير إذن سيده لأنه مالك له.
قال في القواعد ويمكن أن يحمل نص اشتراطه على التسري من مال سيده إذا كان مأذونا له.
ونصه تقدم على اشتراط تسريه في مال نفسه الذي يملكه.
وقد أومأ إلى هذا في رواية جماعة قال وهو الأظهر.
وأطال الكلام في ذلك في فوائد القواعد فليعاود.
وتقدم في المحرمات في النكاح بعد قوله ولا يحل للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين هل يجوز له التسري بأكثر من اثنتين أم لا.
فوائد.
إحداها لو أذن له سيده في التسري مرة فتسرى لم يملك سيده الرجوع نص عليه في رواية الجماعة وهو المذهب.
وقاله المصنف والشارح والناظم والزركشي وغيرهم.
وقال القاضي يحتمل أنه أراد بالتسري هنا التزويج وسماه تسريا مجازا ويكون للسيد الرجوع فيما ملك عبده ورده المصنف وغيره.
الثانية لو تزوج بإذن سيده وجبت نفقته ونفقة الزوجة على السيد.
وهو من مفردات المذهب.
وقد تقدم ذلك في كتاب الصداق.
الثالثة قوله وعليه إطعام بهائمه وسقيها بلا نزاع.
لكن قال الشيخ عبد القادر في الغنية يكره إطعام الحيوان فوق طاقته وإكراهه على الأكل على ما اتخذه الناس عادة لأجل التسمين.
414

الرابعة قوله ولا يحملها ما لا تطيق.
قال أبو المعالي في سفر النزهة قال أهل العلم لا يحل أن يتعب دابة ولا أن يتعب نفسه بلا غرض صحيح.
الخامسة يجوز الانتفاع بالبهائم في غير ما خلقت له كالبقر للحمل أو الركوب والإبل والحمير للحرث.
ذكره المصنف وغيره في الإجارة لأن مقتضى الملك جواز الانتفاع به فيما يمكن وهذا ممكن كالذي خلق له وجرت به عادة بعض الناس ولهذا يجوز أكل الخيل واستعمال اللؤلؤ وغيره في الأدوية وإن لم يكن المقصود منها ذلك.
واقتصر عليه في الفروع وغيره.
وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام عن البقرة لما ركبت إنها قالت لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث أي معظم النفع
ولا يلزم منه نفي غيره.
قوله (فإن عجز عن الإنفاق عليها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبحها إن كان مما يباح أكله).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي عدم الإجبار احتمالان لابن عقيل.
فائدة لو أبى ربها الواجب عليه فعلى الحاكم الأصلح أو اقترض عليه.
قال في القاعدة الثالثة والعشرين لو امتنع من الإنفاق على بهائمه أجبر على الإنفاق أو البيع أطلقه كثير من الأصحاب.
وقال ابن الزاغوني إن أبى باع الحاكم عليه.
415

باب الحضانة
فائدتان
إحداهما حضانة الطفل حفظه عما يضره وتربيته بغسل رأسه وبدنه وثيابه ودهنه وتكحيله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحو ذلك.
وقيل هي حفظ من لا يستقل بنفسه وتربيته حتى يستقل بنفسه.
الثانية اعلم أن عقد الباب في الحضانة أنه لا حضانة إلا لرجل عصبة أو امرأة وارثة أو مدلية بوارث كالخالة وبنات الأخوات أو مدلية بعصبة كبنات الإخوة والأعمام والعمة وهذا الصحيح من المذهب.
فأما ذوو الأرحام غير من تقدم ذكره والحاكم فيأتي حكمهم والخلاف فيهم.
وقولنا إلا لرجل عصبة قاله الأصحاب.
لكن هل يدخل في ذلك المولى المعتق لأنه عصبة في الميراث أو لا يدخل لأنه غير نسيب.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم أجد من تعرض لذلك وقوة كلامهم تقتضي عدم دخوله.
وظاهر عبارتهم دخوله لأنه عصبة وارث ولو كان امرأة لأنها وارثة انتهى.
قوله (وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه بلا نزاع).
ولو كان بأجرة المثل كالرضاع قاله في الواضح.
واقتصر عليه في الفروع وهو واضح.
قوله (ثم أمهاتها).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
416

وعنه تقدم أم الأب على أم الأم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قاله الزركشي وغيره.
قال في المغني هو قياس قول الخرقي.
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي.
وعنه يقدم الأب والجد على غير الأم.
قال المصنف والشارح بعد ذكر رواية تقديم أم الأب على أم الأم فعلى هذه يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به.
فعلى المذهب لو امتنعت الأم لم تجبر وأمها أحق على الصحيح من المذهب.
وقيل الأب أحق.
ويأتي ذلك في كلام المصنف.
قوله (ثم الأب ثم أمهاته وكذا ثم الجد ثم أمهاته وهلم جرا).
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب تقديم أم الأب على الخالة انتهى.
وعنه الأخت من الأم والخالة أحق من الأب.
فعليها تكون الأخت من الأبوين أحق ويكون هؤلاء أحق من الأخت للأب ومن جميع العصبات.
وقيل هؤلاء أحق من جميع العصبات إن لم يدلين به فإن أدلين به كان أحق منهن.
417

قال في المحرر وتبعه في الرعاية والفروع ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته وجهته.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منها فإن تساويا فوجهان.
ويأتي ذلك عند ذكر العصبات.
قوله (ثم الأخت للأبوين ثم للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة في الصحيح عنه).
الصحيح من المذهب أن الأخوات والخالات والعمات بعد الأب والجد وأمهاتهما كما تقدم.
وتقدم رواية بتقديم الأخت من الأم والخالة على الأب وما يتفرع على ذلك.
إذا علمت ذلك فعلى المذهب تقدم الأخت من الأبوين على غيرها ممن ذكر بلا نزاع.
ثم إن المصنف هنا قدم الأخت للأب على الأخت للأم وقدم الخالة على العمة وقال إنه الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهذا إحدى الروايات.
قال الشارح هذه المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم.
قال بعض الأصحاب فتناقضوا حيث قدموا الأخت للأب على الأخت للأم ثم قدموا الخالة على العمة.
وعنه تقدم الأخت من الأم على الأخت من الأب والخالة على العمة وخالة الأم على خالة الأب وخالات الأب
على عماته ومن يدلي من العمات والخالات بأب على من يدلي بأم وهو المذهب.
418

واختاره القاضي في كتاب الروايتين وابن عقيل في التذكرة فقال قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب وقدمه في الفروع.
وعنه تقدم الأخت من الأب على الأخت من الأم والعمة على الخالة وخالة الأب على خالة الأم وعمة الأب على خالاته ومن يدلي من العمات والخالات بأم على من يدلي بأب منهما.
عكس الرواية التي قبلها واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
قال الزركشي وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه وجامعه الصغير والشيرازي وابن البنا لتقديمهم الأخت للأب على الأخت للأم وهو مذهب الخرقي لأن الولاية للأب فكذا قرابته لقوته بها.
وإنما قدمت الأم لأنه لا يقوم مقامها هنا أحد في مصلحة الطفل.
وإنما قدم الشارع خالة ابنة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه على عمتها صفية رضي الله عنها لأن صفية لم تطلب وجعفر رضي الله عنه طلب نائبا عن خالتها فقضى الشارع بها لها في غيبتها انتهى.
وجزم في العمدة والمنور بتقديم الأخت للأب على الأخت من الأم وبتقديم العمة على الخالة.
قال الخرقي وخالة الأب أحق من خالة الأم.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير ولم يذكروا القول الأول.
فائدة تستحق الحضانة بعد الأخوات والعمات والخالات عمات أبيه وخالات أبويه على التفصيل ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه على التفصيل المتقدم وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل تقدم بنات إخوته وأخواته على العمات والخالات ومن بعدهن.
تنبيه تحرير الصحيح من المذهب في ترتيب من يستحق الحضانة فيمن تقدم.
419

أن أحقهم بالحضانة الأم ثم أمهاتها الأقرب فالأقرب منهن ثم الجد وإن علا ثم أمهاته الأقرب فالأقرب ثم الأخت للأبوين ثم للأم ثم للأب ثم خالاته ثم عماته ثم خالات أبويه ثم عمات أبيه ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه وعماته على ما تقدم من التفصيل ثم بنات أعمام أبيه وبنات عمات أبيه وهلم جرا.
قوله (ثم تكون للعصبة).
يعني الأقرب فالأقرب غير الأب والجد وإن علا على ما تقدم.
إذا علمت ذلك فلا يستحق العصبة الحضانة إلا بعد من تقدم ذكره وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل من تقدم ذكره أحق بالحضانة بشرط أن لا يدلين به فإن أدلين بالعصبة كان أحق منهن وهو احتمال في المحرر وغيره.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منهما فإن تساويا فوجهان.
وتقدم ذكر الخلاف وبناؤه.
فائدة متى استحقت العصبة الحضانة فهي للأقرب فالأقرب من محارمها فإن كانت أنثى وكانت من غير محارمها كما مثل المصنف بقوله إلا أن الجارية ليس لابن عمها حضانتها لأنه ليس من محارمها فالصحيح من المذهب أنه ليس له حضانتها مطلقا.
جزم به في المحرر والمنور.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وجزم في المغني والشرح والنظم وغيرهم أنه لا حضانة لها إذا بلغت سبعا وقدمه في تجريد العناية.
وجزم في البلغة والترغيب أنه لا حضانة له إذا كانت تشتهى فإن لم تكن تشتهى فله الحضانة.
420

واختاره في الرعاية وجزم به في الوجيز.
قلت فلعله مراد المصنف ومن تابعه إلا أن صاحب الفروع وغيره حكاهما قولين.
واختار بن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة مطلقا ويسلمها إلى ثقة يختارها هو أو إلى محرمه لأنه أولى من أجنبي وحاكم.
وكذا قال فيمن تزوجت وليس للولد غيرها.
قال في الفروع وهذا متوجه وليس بمخالف للخبر لعدم عمومه.
قوله (وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها).
وكذلك إن لم تكن أهلا للحضانة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن تنتقل إلى الأب وهو لأبي الخطاب في الهداية ووجه في المغني والشرح.
فائدة مثل ذلك خلافا ومذهبا كل ذي حضانة إذا امتنع من الحضانة أو كان غير أهل لها قاله في الرعاية وغيره.
تنبيه قال ابن نصر الله في حواشي الفروع كلامهم يدل على سقوط حق الأم من الحضانة بإسقاطها وأن ذلك ليس محل خلاف.
وإنما محل النظر لو أرادت العود فيها هل لها ذلك يحتمل قولين.
أظهرهما لها ذلك لأن الحق لها ولم يتصل تبرعها به بالقبض فلها العود كما لو أسقطت حقها من القسم انتهى.
421

قوله (فإن عدم هؤلاء فهل للرجال من ذوي الأرحام).
وكذا للنساء منهم غير من تقدم حضانة على وجهين.
وهما احتمالان للقاضي وبعده لأبي الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والهادي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والبلغة والشرح والفروع وغيرهم.
أحدهما لهم الحضانة بعد عدم من تقدم وهو الصحيح.
قال في المغني وهو أولى.
وجزم به بن رزين في نهايته وصاحب تجريد العناية.
وقدمه بن رزين في شرحه وقال هو أقيس.
وقدمه في النظم في موضع وصححه في آخر.
وقدمه في الرعايتين في أثناء الباب.
والوجه الثاني لا حق لهم في الحضانة وينتقل إلى الحاكم.
جزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي فإنهم ذكروا مستحقي الحضانة ولم يذكروهم.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وصححه في التصحيح.
وقدمه في الرعايتين والنظم في أول الباب ولعله تناقض منهم.
فعلى الأول يكون أبو الأم وأمهاته أحق من الخال بلا نزاع وفي تقديمهم على الأخ من الأم وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والهادي والمغني والشرح والنظم والفروع.
أحدهما يقدمون عليه قدمه في الرعايتين.
422

والوجه الثاني يقدم عليهم صححه في التصحيح.
قوله (ولا حضانة لرقيق).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به.
وقال في الفنون لم يتعرضوا لأم الولد فلها حضانة ولدها من سيدها وعليه نفقتها لعدم المانع وهو الاشتغال بزوج أو سيد.
قلت فيعايى بها.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا دليل على اشتراط الحرية.
وقد قال مالك رحمه الله في حر له ولد من أمة هي أحق به إلا أن تباع فتنتقل فالأب أحق.
قال في الهدى وهذا هو الصحيح لأحاديث منع التفريق.
قال ويقدم لحق حضانتها وقت حاجة الولد على السيد كما في البيع سواء انتهى.
فعلى المذهب لا حضانة لمن بعضه قن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال المصنف في المغني والشارح وغيرهما قياس قول الإمام أحمد رحمه الله يدخل في المهايأة.
فائدة حضانة الرقيق لسيده فإن كان بعض الرقيق المحضون حرا تهايأ فيه سيده وقريبه ذكره أبو بكر وتبعه من بعده.
قوله (ولا فاسق).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار بن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة.
وقال لا يعرف أن الشارع فرق لذلك وأقر الناس ولم يبينه بيانا واضحا عاما ولاحتياط الفاسق وشفقته على ولده.
423

قوله (ولا لامرأة مزوجة لأجنبي من الطفل).
هذا الصحيح من المذهب مطلقا ولو رضي الزوج وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف وغيره هذا الصحيح.
وقال ابن أبي موسى وغيره العمل عليه.
وأطلقه الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه لها حضانة الجارية.
وخص الناظم وغيره هذه الرواية بابنة دون سبع وهو المروي عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الرعاية الكبرى وعنه لها حضانة الجارية إلى سبع سنين.
وعنه حتى تبلغ بحيض أو غيره.
واختار بن القيم رحمه الله في الهدى أن الحضانة لا تسقط إذا رضي الزوج بناء على أن سقوطها لمراعاة حق الزوج.
تنبيه مفهوم قوله مزوجة لأجنبي أنها لو كانت مزوجة لغير أجنبي أن لها الحضانة وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا حضانة لها إلا إذا كانت مزوجة بجده.
وقال في الفروع ويتوجه احتمال إذا كان الزوج ذا رحم لا يسقط وما هو ببعيد.
424

فائدة حيث أسقطنا حضانتها بالنكاح فالصحيح من المذهب أنه لا يعتبر الدخول بل يسقط حقها بمجرد العقد.
قال المصنف وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي وهو مقتضى كلام الخرقي وعامة الأصحاب وهو كما قال.
قال في الفروع ولا يعتبر الدخول في الأصح.
قال المصنف والشارح هذا أولى وقدمه في النظم.
وقيل يعتبر الدخول وهو احتمال للمصنف.
تنبيه قوله فإن زالت الموانع رجعوا إلى حقوقهم بلا نزاع.
وقد يقال شمل كلامه ما لو طلقت من الأجنبي طلاقا رجعيا ولم تنقض العدة فيرجع إليها حقها من الحضانة بمجرد الطلاق وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو الذي نصه القاضي في تعليقه وقطع به جمهور أصحابه كالشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن البنا وابن عقيل في التذكرة وغيرهم.
وعنه لا يرجع إليها حقها حتى تنقضي عدتها.
وهي تخريج في المغني والشرح ووجه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقال في الرعاية الكبرى وجهان وقيل روايتان.
وصححها في الترغيب ومال إليه الناظم.
قال القاضي هو قياس المذهب.
قلت وهو قوي.
425

وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد وتجريد العناية وغيرهم.
فائدتان
إحداهما نظير هذه المسألة لو وقف على أولاده وشرط في وقفه أن من تزوج من البنات لا حق له فتزوجت ثم طلقت قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع وهل مثله إذا وقف على زوجته ما دامت عازبة فإن تزوجت فلا حق لها.
يحتمل وجهين لاحتمال أن يريد برها حيث ليس لها من تلزمه نفقتها كأولاده.
ويحتمل أن يريد صلتها ما دامت حافظة لحرمة فراشه عن غيره بخلاف الحضانة والوقف على الأولاد انتهى.
قلت يرجع في ذلك إلى حال الزوج عند الوقف فإن دلت قرينة على أحدهما عمل به وإلا فلا شيء لها.
الثانية هل يسقط حقها بإسقاطها للحضانة فيه احتمالان ذكرهما في الانتصار في مسألة الخيار هل يورث أم لا.
قال في الفروع ويتوجه أنه كإسقاط الأب الرجوع في الهبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى هل الحضانة حق للحاضن أو حق عليه فيه قولان في مذهب الإمامين أحمد ومالك رضي الله عنهما.
وينبني عليهما هل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها على قولين.
وأنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له وإلا وجبت عليه خدمته مجانا وللفقير الأجرة على القولين.
426

قال وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها وإن قلنا الحق عليها فلها العود إلى طلبها.
قال في الفروع كذا قال.
ثم قال في الهدى هذا كله كلام أصحاب الإمام مالك رحمه الله.
قال في الفروع كذا قال وتقدم كلام بن نصر الله قريبا.
قوله (ومتى أراد أحد الأبوين النقلة إلى بلد بعيد آمن ليسكنه فالأب أحق بالحضانة).
هذا المذهب سواء كان المسافر الأب أو الأم وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه الأم أحق.
وقيد هذه الرواية في المستوعب والترغيب بما إذا كانت هي المقيمة.
قال ابن منجا في شرحه ولا بد من هذا القيد وأكثر الأصحاب لم يقيدها.
وقيل المقيم منهما أحق.
وقال في الهدى إن أراد المنتقل مضارة الآخر وانتزاع الولد لم يجب إليه وإلا عمل ما فيه المصلحة للطفل.
قال في الفروع وهذا متوجه ولعله مراد الأصحاب فلا مخالفة لا سيما في صورة المضارة انتهى.
قلت أما صورة المضارة فلا شك فيها وأنه لا يوافق على ذلك.
تنبيه قوله إلى بلد بعيد.
المراد بالبعيد هنا مسافة القصر على الصحيح من المذهب وقاله القاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
427

وقدمه في النظم والرعايتين والفروع.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه ما لا يمكنه العود منه في يومه واختاره المصنف.
وحكاهما في المحرر والحاوي روايتين وأطلقاهما.
قوله (فإن اختل شرط من ذلك فالمقيم منهما أحق).
فعلى هذا لو أراد أحد الأبوين سفرا قريبا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى بالحضانة وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الصغرى وأطلقهما في الفروع.
وإن أراد سفرا بعيدا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى أيضا على المذهب لاختلال الشرط وهو السكن.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع.
ولو أراد سفرا قريبا للسكنى فجزم المصنف هنا أن المقيم أحق وهو أحد الوجهين.
428

جزم به ابن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أحق وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله (وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان مع من اختار منهما).
هذا المذهب بلا ريب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم هذا المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والعمدة والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة بن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم.
وعنه أبوه أحق.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي لكن قالا المذهب الأول.
وعنه أمه أحق.
قال الزركشي وهي أضعفهما وأطلقهن في الفروع.
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لا يخير لدون سبع سنين وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل أبو داود رحمه الله يخير بن ست أو سبع.
429

قلت الأولى في ذلك أن وقت الخيرة إذا حصل له التمييز والظاهر أنه مرادهم ولكن ضبطوه بالسن.
وأكثر الأصحاب يقول إن حد سن التمييز سبع سنين كما تقدم ذلك في كتاب الصلاة.
قوله (وإن عاد فاختار الآخر نقل إليه ثم إن اختار الأول رد إليه).
هذا المذهب ولو فعل ذلك أبدا وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب والبلغة إن أسرف تبين قلة تمييزه فيقرع أو هو للأم قاله في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل إن أسرف فيه فبان نقصه أخذته أمه.
وقيل من قرع بينهما.
قوله (وإن لم يختر أحدهما أقرع بينهما).
هذا المذهب وعليه الأصحاب كما لو اختارهما معا.
قاله المصنف والشارح وصاحب الرعاية وغيرهم.
وفي الترغيب احتمال أنه لأمه كبلوغه غير رشيد.
قوله (فإن استوى اثنان في الحضانة كالأختين والأخوين ونحوهما قدم أحدهما بالقرعة).
مراده إذا كان الطفل دون السبع.
فأما إن بلغ سبعا فإنه يخير بين الأختين والأخوين ونحوهما سواء كان غلاما أو جارية.
جزم به في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم من الأصحاب.
قوله (وإذا بلغت الجارية سبعا كانت عند أبيها).
430

هذا المذهب مطلقا قاله في الفروع وغيره ولو تبرعت بحضانتها.
قال الزركشي هذا المعروف في المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والمحرر والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم والرعاية والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه الأم أحق حتى تحيض ذكرها بن أبي موسى.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى هي أشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وأصح دليلا.
وقيل تخير ذكره في الهدى رواية وقال نص عليها.
وعنه تكون عند أبيها بعد تسع وعند أمها قبل ذلك.
فائدتان
إحداهما إذا بلغت الجارية عاقلة وجب عليها أن تكون عند أبيها حتى يتسلمها زوجها.
وهذا الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عند الأم.
وقيل عند الأم إن كانت أيما أو كان زوجها محرما للجارية وهو اختياره في الرعاية الكبرى.
وقيل تكون حيث شاءت إذا حكم برشدها كالغلام وقاله في الواضح وخرجه على عدم إجبارها.
قال في الفروع والمراد بشرط كونها مأمونة.
431

قال في الرعاية الكبرى قلت إن كانت ثيبا أيما مأمونة وإلا فلا.
فعلى المذهب للأب منعها من الانفراد.
فإن لم يكن أب فأولياؤها يقومون مقامه.
وأما إذا بلغ الغلام عاقلا رشيدا كان عند من شاء منهما.
الثانية سائر العصبات الأقرب فالأقرب منهم كالأب في التخيير والأحقية والإقامة والنقلة بالطفل أو الطفلة إن كان محرما لها قاله الأصحاب.
زاد في الرعاية فقال وقيل ذوو الحضانة من عصبة وذي رحم في التخيير مع الأب كالأب وكذا سائر النساء المستحقات للحضانة كالأم فيما لها.
قوله (ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها).
هذا صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن قال في الترغيب لا تجيء بيت مطلقها إلا مع أنوثية الولد.
فوائد.
الأولى قال في الواضح تمنع الأم من الخلوة بها إذا خيف منها أن تفسد قلبها واقتصر عليه في الفروع.
وقال ويتوجه في الغلام مثلها.
قلت وهو الصواب فيهما.
وكذا تمنع ولو كانت البنت مزوجة إذا خيف من ذلك مع أن كلام صاحب الواضح يحتمل ذلك.
الثانية الأم أحق بتمريضها في بيتها ولها زيارة أمها إذا مرضت.
الثالثة غير أبوي المحضون كأبويهما فيما تقدم ولو مع أحد الأبوين قاله في الفروع.
الرابعة لا يقر الطفل بيد من لا يصونه ويصلحه والله أعلم.
432

كتاب الجنايات.
فائدة الجنايات جمع جناية والجناية لها معنيان معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح.
فمعناها في اللغة كل فعل وقع على وجه التعدي سواء كان في النفس أو في المال.
ومعناها في عرف الفقهاء التعدي على الأبدان.
فسموا ما كان على الأبدان جناية وسموا ما كان على الأموال غصبا وإتلافا ونهبا وسرقة وخيانة.
قوله (القتل على أربعة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطا).
اعلم أن المصنف رحمه الله قسم القتل إلى أربعة أقسام.
وكذا فعل أبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم فزادوا ما أجري مجرى الخطأ كالنائم ينقلب على إنسان فيقتله أو يقتل بالسبب مثل أن يحفر بئرا أو ينصب سكينا أو حجرا فيؤول إلى إتلاف إنسان وعمد الصبي والمجنون وما أشبه ذلك كما مثله المصنف في آخر الفصل من هذا الكتاب.
وقال المصنف والشارح وهذه الصور عند الأكثرين من قسم الخطأ أعطوه حكمه انتهيا.
قلت كثير من الأصحاب قسموا القتل ثلاثة أقسام منهم الخرقي وصاحب العمدة والكافي والمحرر والفروع وغيرهم.
قال الزركشي بعض المتأخرين كأبي الخطاب ومن تبعه زادوا قسما رابعا.
433

قال ولا نزاع أنه باعتبار الحكم الشرعي لا يزيد على ثلاثة أوجه عمد وهو ما فيه القصاص أو الدية وشبه العمد وهو ما فيه دية مغلظة من غير قود وخطأ وهو ما فيه دية مخففة انتهى.
ويأتي تفاصيل ذلك في أول كتاب الديات.
قلت الذي نظر إلى الأحكام المترتبة على القتل جعل الأقسام ثلاثة.
والذي نظر إلى الصور فهي أربعة بلا شك وأما الأحكام فمتفق عليها.
تنبيه ظاهر قوله أحدها أن يجرحه بما له مور أي دخول وتردد في البدن من حديد أو غيره مثل أن يجرحه بسكين أو يغرزه بمسلة.
ولو لم يداو المجروح القادر على الدواء جرحه حتى مات وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع والأصح ولو لم يداو مجروح قادر جرحه.
وقيل ليس بعمد.
نقل جعفر الشهادة على القتل أن يروه وجأه وأنه مات من ذلك.
وقال في القواعد الأصولية لو جرحه فترك مداواة الجرح أو فصده فترك شد فصاده لم يسقط الضمان ذكره في المغني محل وفاق.
وذكر بعض المتأخرين لا ضمان في ترك شد الفصاد ذكره محل وفاق.
وذكر في ترك مداواة لجرح من قادر على التداوي وجهين وصحح الضمان انتهى.
وأراد ببعض المتأخرين صاحب الفروع.
فائدة وكذا الحكم لو طال به المرض ولا علة به غيره.
قال ابن عقيل في الواضح أو جرحه وتعقبه سراية بمرض ودام جرحه حتى مات فلا يعلق بفعل الله شيء.
434

قوله (إلا أن يغرزه بإبرة أو شوكة ونحوهما في غير مقتل فيموت في الحال ففي كونه عمدا وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والزركشي والفروع.
أحدهما يكون عمدا وهو المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه لم يفرق بين الصغير والكبير وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
قال في الهداية هو قول غير بن حامد وصححه الناظم.
والوجه الثاني لا يكون عمدا بل شبه عمد.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
واختاره بن حامد وقدمه في تجريد العناية وشرح بن رزين.
قوله (وإن بقي من ذلك ضمنا حتى مات فهو عمد محض).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال المصنف هذا قول أصحابنا.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه لا يكون عمدا.
قوله (أو كان الغرز بها في مقتل كالفؤاد والخصيتين فهو عمد محض بلا نزاع).
قوله (وإن قطع سلعة من أجنبي بغير إذنه فمات فعليه القود بلا نزاع).
435

وقوله فإن قطعها حاكم من صغير أو وليه فلا قود وكذا لو قطعها ولي المجنون منه فلا قود.
مقيد فيهما بما إذا كان ذلك لمصلحة.
والصحيح من المذهب أنه لا قود عليهما إذا فعلا ذلك لمصلحة وقطع به أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وقيل الأولى لمصلحة.
قوله (الثاني أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط).
الصحيح من المذهب أنه يشترط أن يكون الذي ضرب به بما هو فوق عمود الفسطاط نص عليه وعليه الأصحاب.
ونقل بن مشيش يجب القود إذا ضربه بما هو فوق عمود الفسطاط.
قوله (أو يضربه بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت والكوذين والسندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق).
فهذا كله عمد بلا نزاع.
قوله (أو يعيد الضرب بصغير).
الصحيح من المذهب أنه إذا أعاد الضرب بصغير ومات يكون عمدا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكون عمدا ذكره في الواضح.
قال في الانتصار وهو ظاهر كلامه.
نقل حرب شبه العمد أن يضربه بخشبة دون عمود الفسطاط ونحو ذلك حتى يقتله.
436

قوله (أو يضربه به في مقتل).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يكون عمدا إذا ضربه به مرة واحدة ذكره في الواضح.
فائدتان
إحداهما قوله أو يضربه به في حال ضعف قوة من مرض أو صغر أو كبر أو في حر مفرط أو برد مفرط ونحوه.
وهذا بلا نزاع.
قال ابن عقيل وغيره ومثله أو لكمه.
واقتصر عليه في الفروع.
لكن لو ادعى جهل المرض في ذلك كله لم يقبل على الصحيح من المذهب.
وقيل يقبل فيكون شبه عمد.
وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
الثانية قوله الثالث إلقاؤه في زبية أسد.
وكذا لو ألقاه في زبية نمر فيكون عمدا بلا نزاع.
وكذا لو ألقاه مكتوفا بفضاء بحضرة سبع فقتله أو ألقاه بمضيق بحضرة حية فقتلته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي لا يكون عمدا فيهما.
وقيل هو أن يكتفه كالممسك للقتل.
وهذا الذي جزم به المصنف في أواخر الباب على ما يأتي.
437

قوله (أو أنهشه كلبا أو سبعا أو حية أو ألسعه عقربا من القواتل ونحو ذلك فقتله فهو عمد محض).
اعلم أنه إذا أنهشه كلبا أو ألسعه شيئا من ذلك فلا يخلو إما أن يكون ذلك يقتل غالبا أو لا.
فإن كان يقتل غالبا فهو عمد محض.
وإن كان لا يقتل غالبا كثعبان الحجاز أو سبع صغير وقتل به فظاهر كلام المصنف هنا أنه يكون قتلا عمدا وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر ما جزم في النظم وغيره.
والوجه الثاني لا يكون عمدا قدمه في الرعايتين والحاوي.
وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيره.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح بن رزين والفروع.
قوله (الرابع إلقاؤه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منهما فمات به).
إذا ألقاه في ماء فلا يخلو أما أن يمكنه التخلص منه أو لا.
فإن كان لا يمكنه التخلص منه وهو مراد المصنف هنا فهو عمد.
وإن أمكنه التخلص كالماء اليسير ولم يتخلص حتى مات فالصحيح من المذهب أن موته هدر فلا يضمن الدية ولا غيرها.
قال في الفروع لا يضمن الدية في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح.
وقيل يضمن الدية.
وإذا ألقاه في نار فإن لم يمكنه التخلص منها فهو عمد محض بلا نزاع.
438

وإن أمكنه التخلص ولم يتخلص حتى مات فقيل دمه هدر لا شيء عليه وهو ظاهر كلامه في المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وشرح بن رزين.
وقيل يضمن الدية بإلقائه.
قال في الكافي وإن كان لا يقتل غالبا أو التخلص منه ممكن فلا قود فيه لأنه عمد خطأ وظاهره أن فيه الدية.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والقواعد الأصولية.
قوله (الخامس خنقه بحبل أو غيره أو سد فمه وأنفه أو عصر خصيتيه حتى مات فعمد).
ظاهره أنه يشترط سد الفم والأنف جميعا وهو صحيح.
وظاهره أنه لا فرق في السد والعصر بين طول المدة أو قصرها.
وقال المصنف والشارح إن فعل ذلك في مدة يموت في مثلها غالبا فمات فهو عمد فيه القصاص.
قالا ولا بد من ذلك لأن المدة إذا كانت يسيرة لا يغلب على الظن أن الموت حصل به.
قال الشارح وغيره وإذا مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو شبه عمد إلا أن يكون يسيرا إلى الغاية بحيث لا يتوهم الموت منه فلا يوجب ضمانا.
تنبيه قوله السادس حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا.
مراده إذا تعذر على الجائع والعطشان الطلب لذلك.
فأما إذا لم يتعذر الطلب أو ترك الأكل والشرب قادرا على الطلب أو غيره فلا دية له كتركه شد موضع فصاده قاله في الفروع.
439

وتقدم النقل في ذلك أول الباب في كلام صاحب القواعد الأصولية.
قوله (السابع إسقاؤه سما لا يعلم به أو خلط سما بطعام فأطعمه أو خلطه بطعامه فأكله ولا يعلم به فمات فهو عمد محض).
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به الأكثرون.
وأطلق بن رزين فيما إذا ألقمه سما أو خلطه به قولين.
تنبيه مفهوم قوله فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه.
أما غير البالغ لو أكله كان ضامنا له إذا مات به وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن كان مميزا ففي ضمانه نظر.
قوله (فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل في أحد الوجهين).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في التصحيح وغيره.
ويقبل في الآخر ويكون شبه عمد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمغني والشرح وغيرهم.
وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
قوله (الثامن أن يقتله بسحر يقتل غالبا).
440

إذا قتله بسحر يقتل غالبا فإن كان يعلم أنه يقتل فهو عمد محض وإن قال لم أعلمه قاتلا لم يقبل قوله على الصحيح من المذهب.
وقيل يقبل ويكون شبه عمد.
وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا كما تقدم في السم سواء.
فائدتان
إحداهما إذا وجب قتله بالسحر وقتل كان قتله به حدا وتجب دية المقتول في تركته على الصحيح.
وقال المجد في شرحه وعندي في هذا نظر.
ويأتي بعض ذلك في آخر باب المرتد.
الثانية قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم يذكر أصحابنا المعيان القاتل بعينه وينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبا فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص وإن وقع ذلك منه بغير قصد الجناية فيتوجه أنه خطأ يجب عليه ما يجب في قتل الخطأ.
وكذا ما أتلفه المعيان بعينه.
ويتوجه فيه القول بضمانه إلا أن يقع بغير قصده فيتوجه عدم الضمان انتهى.
قلت وهذا الذي قاله حسن لكن ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى والترغيب عدم الضمان.
وكذلك قال القاضي على ما يأتي في آخر باب التعزير.
قوله (التاسع أن يشهدا على رجل بقتل عمد أو ردة أو زنا فيقتل بذلك ثم يرجعا ويقولا عمدنا قتله).
هكذا قال أكثر الأصحاب بهذه العبارة.
441

وقال في الكافي وقالا علمنا أنه يقتل.
وقال في المغني ولم يجز جهلهما به.
وقال في الترغيب والرعاية الكبرى وكذبتهما قرينة فالأصحاب متفقون على أن هذا عمد محض.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكر الأصحاب من صور القتل العمد الموجب للقود من شهدت عليه بينة بالردة فقتل بذلك ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله.
قال وفي هذا نظر لأن المرتد إنما يقتل إذا لم يتب فيمكن المشهود عليه التوبة كما يمكنه التخلص من النار إذا ألقي فيها انتهى.
قلت يتصور عدم قبول توبة المرتد في مسائل على رواية قوية كمن سب الله أو رسوله وكالزنديق ومن تكررت ردته والساحر وغير ذلك على ما يأتي في بابه فلو شهد عليه بذلك فإنه يقتل بكل حال ولا تقبل توبته على إحدى الروايتين.
فكلام الأصحاب محله حيث امتنعت التوبة.
ويكفي هذا في إطلاقهم في مسألة ولو واحدة.
لكن ظهر لي على كلام كثير من الأصحاب إشكال في قولهم لو شهدا على رجل بزنا فقتل بذلك فإن الشاهدين لا يقتل الزاني بشهادتهما فهذا فيه نظر ظاهر لهذا.
قال في الفروع ومن شهدت عليه بينة بما يوجب قتله فتخلص من الإشكال.
قوله (أو يقول الحاكم علمت كذبهما وعمدت قتله).
فهذا عمد محض ويجب القصاص على الحاكم وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
442

وجزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونصر بن عقيل في مناظراته أن الحاكم والحالة هذه لا قصاص عليه.
وقيل في قتل الحاكم وجهان.
فوائد.
الأولى يقتل المزكي كالشاهد قاله أبو الخطاب وغيره.
وعند القاضي لا يقتل وإن قتل الشاهد.
الثانية لا تقبل البينة مع مباشرة الولي القتل وإقراره أنه فعل ذلك عمدا عدوانا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الترغيب وجه البينة والولي هنا كممسك مع مباشر فالبينة هنا كالممسك والولي هنا كالمباشر هناك على ما يأتي في كلام المصنف قريبا في هذا الباب والخلاف فيه.
وقال في التبصرة إن علم الولي والحاكم أنه لم يقتل أقيد الكل.
الثالثة يختص المباشر العالم بالقود ثم الولي ثم البينة والحاكم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يختص القود بالحاكم إذا اشترك هو والبينة لأن سببه أخص من سببهم فإن حكمه واسطة بين شهادتهم وقتله فأشبه المباشر مع المتسبب.
الرابعة لو لزمت الدية البينة والحاكم فقيل تلزمهم ثلاثا على الحاكم الثلث وعلى كل شاهد ثلث.
443

جزم به في المغني والشرح.
وقيل نصفين وأطلقهما في الفروع.
الخامسة لو قال بعضهم عمدنا قتله وقال بعضهم أخطأنا فلا قود على المتعمد على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع فلا قود على المتعمد على الأصح.
وصححه المصنف في هذا الكتاب في آخر هذا الباب.
وعنه عليه القود.
فعلى المذهب على المتعمد بحصته من الدية المغلظة وعلى المخطئ بحصته من المخففة.
وتأتي هذه المسألة ونظائرها في آخر هذا الباب بأتم من هذا.
السادسة لو قال كل واحد منهما تعمدت وأخطأ شريكي فوجهان في القود وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الذي لا شك فيه وجوب القود عليهما لاعترافهما بالعمدية.
وقدم في الرعاية الصغرى والحاوي عدم القود.
وصححه في الكبرى وقال الدية عليهما حالة.
ولو قال واحد عمدنا وقال الآخر أخطأنا لزم المقر بالعمد القود ولزم الآخر نصف الدية.
السابعة لو رجع الوالي والبينة ضمنه الوالي وحده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال القاضي وأصحابه يضمنه الوالي والبينة معا كمشترك.
وأطلقهما في الرعايتين.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الوالي يلزمه القود إن تعمد وإلا الدية وأن الآمر لا يرث.
444

الثامنة لو حفر في بيته بئرا أو ستره ليقع فيه أحد فوقع فمات فإن كان دخل بإذنه قتل به على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يقتل به كما لو دخل بلا إذنه أو كانت مكشوفة بحيث يراها الداخل.
ويأتي في أول كتاب الديات إذا حفر في فنائه بئرا فتلف به إنسان.
التاسعة لو جعل في حلق زيد خراطة وشدها في شيء عال وترك تحته حجرا فأزاله آخر عمدا فمات قتل مزيله دون رابطه.
فإن جهل الخراطة فلا قود على قاتله وفي ماله الدية على الصحيح.
قدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
وقيل الدية على عاقلته قدمه في الرعاية الصغرى.
وقيل بل على الأول نصفها.
وقيل بل على عاقلته.
قوله (وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا فيقتل).
قال في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم ولم يجرحه بذلك وهذا المذهب سواء قصد قتله أو لم يقصده.
وهو ظاهر المحرر وغيره من الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب لا يكون شبه عمد إلا إذا لم يقصد قتله بذلك.
قال في الرعاية وشبه العمد قتله قصدا بما لا يقتل غالبا.
وقيل قصد جناية لا قتله غالبا.
تنبيه مفهوم قوله أو يصيح بصبي أو معتوه وهما على سطح فيسقطا.
445

أنه لو صاح برجل مكلف أو امرأة مكلفة وهما على سطح فسقطا أنه لا شيء عليه فيهما وهو صحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل المكلف كالصبي والمعتوه.
وألحق في الواضح المرأة بالصبي والمعتوه.
فائدة قوله أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط.
وهذا بلا نزاع وكذا لو فعل ذلك فذهب عقله.
تنبيه يلزم في شبه العمد الدية.
لكن هل تكون على العاقلة أو على القاتل فيه خلاف على ما يأتي في أول كتاب الديات وباب العاقلة.
ويأتي في وجوب الكفارة عليه بذلك الخلاف الآتي في باب كفارة القتل.
قوله (والخطأ على ضربين أحدهما أن يرمي الصيد أو يفعل ما له فعله فيقتل إنسانا فعليه الكفارة والدية على العاقلة بلا نزاع).
تنبيه مفهوم قوله أو بفعل ماله فعله أنه إذا فعل ما ليس له فعله كأن يقصد رمي آدمي معصوم أو بهيمة محترمة فيصيب غيره أن ذلك لا يكون خطأ بل عمد وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قاله القاضي في روايتيه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وخرجه المصنف على قول أبي بكر فيمن رمى نصرانيا فلم يقع به السهم حتى أسلم أنه عمد يجب به القصاص.
وقدم في المغني أنه خطأ.
وهو مقتضى كلامه في المحرر وغيره حيث قال في الخطأ أن يرمي صيدا أو هدفا أو شخصا فيصيب إنسانا لم يقصده.
446

قوله (الثاني أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيا ويكون مسلما أو يرمي إلى صف الكفار فيصيب مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة).
على ما يأتي في بابها وفي وجوب الدية على العاقلة روايتان.
إحداهما لا تجب الدية وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الخرقي والمنور.
وقدمه في المغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور عن إمامنا ومختار عامة أصحابنا الخرقي والقاضي والشيرازي وابن البنا وأبي محمد وغيرهم.
والرواية الثانية تجب عليهم جزم به في الوجيز.
تنبيه قال الشيخ تقي الدين رحمه الله محل هذا في المسلم الذي هو بين الكفار معذور كالأسير والمسلم الذي لا يمكنه الهجرة والخروج من صفهم.
فأما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يضمن بحال انتهى.
وتقدم معنى ذلك في أثناء كتاب الجهاد في قول المصنف وإن تترسوا بمسلمين.
وعنه تجب الدية في الصورة الأخيرة.
وفي عيون المسائل عكس هذه الرواية لأنه فعل الواجب هنا.
قال وإنما وجبت الكفارة كما لو حلف لا يصلي فيصلي ويكفر كذا هنا.
447

تنبيه قوله وعمد الصبي والمجنون.
يعني أن عمدهما من الذي أجري مجرى الخطأ وهو كذلك لكن لو قال كنت حال الفعل صغيرا أو مجنونا صدق بيمينه.
ويأتي في آخر باب العاقلة هل تتحمل عمد الصبي أو تكون في ماله.
قوله (وتقتل الجماعة بالواحد).
هذا المذهب كما قاله المصنف هنا بلا ريب.
وقاله في الفروع وغيره وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية عليه عامة شيوخنا.
وعنه لا يقتلون به نقله حنبل.
وحسنها بن عقيل في الفصول.
ويأتي كلامه في الفنون فيما إذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما.
ونقل بن منصور والفضل أنه إن قتله ثلاثة فله قتل أحدهم والعفو عن آخر وأخذ الدية كاملة من أحدهم.
فعلى المذهب من شرط قتل الجماعة بالواحد أن يكون فعل كل واحد منهم صالحا للقتل به قاله الأصحاب.
وعلى المذهب لو عفى الولي عنهم سقط القود ولم يلزمهم إلا دية واحدة على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمهم ديات.
نقل بن هانئ يلزمهم ديات.
واختارها أبو بكر وصححها الشيرازي.
448

وأطلقهما في المحرر والنظم.
وتقدم رواية بن منصور والفضل.
وأما على الرواية الثانية فلا يلزم إلا دية واحدة قولا واحدا قاله الأصحاب.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو فعلوا ما يوجب قصاصا فيما دون النفس كالقطع ونحوه قاله الأصحاب.
ويأتي هذا في كلام المصنف في آخر باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس.
قوله (وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة فهما سواء في القصاص والدية).
هذا بلا نزاع بشرطه المتقدم.
قوله (وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق يعني ومات فهما قاتلان).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل القاتل هو الثاني فيقتل به ويقاد من الأول بأن تقطع يده من الكوع كقطعه.
تنبيه محل الخلاف إذا كان قطع الثاني قبل برء القطع الأول.
أما إن كان بعد برئه فالقاتل هو الثاني قولا واحدا قاله الأصحاب وهو واضح.
449

فوائد.
إحداها لو ادعى الأول أن جرحه اندمل فصدقه الولي سقط عنه القتل ولزمه القصاص في اليد أو نصف الدية.
وإن كذبه شريكه واختار الولي القصاص فلا فائدة له في تكذيبه لأن قتله واجب.
وإن عفا عنه إلى الدية فالقول قوله مع يمينه ولا يلزمه أكثر من نصف الدية.
وإن كذب الولي الأول حلف وكان له قتله.
وإن ادعى الثاني اندمال جرحه فالحكم فيه كالحكم في الأول إذا ادعى ذلك.
الثانية لو اندمل القطعان أقيد الأول بأن يقطع من الكوع.
قال في الفروع وكذا من الثاني المقطوع يده من كوع وإلا فحكومة أو ثلث دية فيه الروايتان.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن اندملا فعلى الأول القود من الكوع وعلى الثاني حكومة.
وعنه ثلث دية اليد ولا قود عليه مع كمال يده.
الثالثة لو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد منها لقتله نحو أن يضربه كل واحد سوطا في حالة أو متواليا فلا قود.
وفيه عن تواطؤ وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب القود.
قوله (وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني).
450

هذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا والوجيز.
قال في الفروع قتل الأول وعزر الثاني.
وهو معنى كلامه في التبصرة كما لو جنى على ميت فلهذا لا يضمنه.
قال في الفروع ودل هذا على أن التصرف فيه كميت كما لو كان عبدا فلا يصح بيعه.
قال كذا جعلوا الضابط يعيش مثله أو لا يعيش.
وكذا علل الخرقي المسألتين مع أنه قال في الذي لا يعيش خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه.
قال وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك مع أنه بقطعها لا يعيش.
فاعتبر الخرقي كونه لا يعيش في موضع خاص فتعميم الأصحاب لا سيما وقد احتج غير واحد منهم بكلام الخرقي فيه نظر.
قال وهذا معنى اختيار الشيخ وغيره في كلام الخرقي فإنه احتج به في مسألة الزكاة فدل على تساويهما عنده وعند الخرقي ولهذا احتج بوصية عمر رضي الله عنه ووجوب العبادة عليه في مسألة الذكاة كما احتج هنا ولا فرق.
وقد قال ابن أبي موسى وغيره في الذكاة كالقول هنا في أنه يعيش أو لا يعيش.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله أيضا.
قال فهؤلاء أيضا سووا بينهما وكلام الأكثر على التفرقة وفيه نظر انتهى.
فائدة قال المصنف في المغني والشارح إن فعل ما يموت به يقينا وبقيت
451

معه حياة مستقرة كما لو خرق حشوته ولم يبنها ثم ضرب آخر عنقه كان القاتل هو الثاني لأنه في حكم الحياة لصحة وصية عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع ويتوجه تخريج رواية من مسألة الذكاة أنهما قاتلان.
قلت وهو الصواب.
قال في الفروع ولهذا اعتبروا إحداهما بالأخرى.
قال ولو كان فعل الثاني كلا فعل لم يؤثر غرق حيوان في ماء بقتل مثله بعد ذبحه على إحدى الروايتين ولما صح القول بأن نفسه زهقت بهما كالمقارن ولا ينفع كون الأصل الحظر ثم الأصل هنا بقاء عصمة الإنسان على ما كان.
فإن قيل زال الأصل بالسبب.
قيل وفي مسألة الذكاة.
وقد ظهر أن الفعل الطارئ له تأثير في التحريم في المسألة المذكورة وتأثير في المحل في مسألة المنخنقة وأخواتها على ما فيها من الخلاف.
ولم أجد في كلامهم دليلا هنا إلا مجرد دعوى أنها كميت ولا فرقا مؤثرا بينه وبين الذكاة والله أعلم انتهى.
قوله (وإن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الآخر لا قود عليه بل يكون شبه عمد وأطلقهما في الهداية.
وقيل عليه القود إن التقمه الحوت بعد حصوله فيه قبل غرقه.
فائدة لو ألقاه في ماء يسير فإن علم به الحوت والتقمه فعليه القود وإن لم يعلم به فعليه الدية.
452

قوله (وإن أكره إنسانا على القتل فقتل فالقصاص عليهما).
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة السابعة والعشرين بعد المائة المذهب اشتراك المكره والمكره في القود والضمان.
وكذا قال القاضي وابن عقيل.
وقدمه في الفروع وقال قال في الموجز هذا إن قلنا بقتل الجماعة بالواحد.
وقال الطوفي في شرح مختصره في الأصول مذهب الإمام أحمد رحمه الله يجب القصاص على المكره بفتح الراء دون المكره بكسرها ولعله مراد صاحب الفروع بقوله وخصه بعضهم بمكره.
قال في القواعد وذكر القاضي في المجرد وابن عقيل في باب الرهن أن أبا بكر ذكر أن القود على المكره المباشر ولم يذكر على المكره قودا.
قالا والمذهب وجوبه عليهما.
وذكر بن الصيرفي أن أبا بكر السمرقندي من أصحابنا خرج وجها أنه لا قود على واحد منهما من رواية قتل الجماعة بالواحد وأولى.
قال في الفروع ويتوجه عكسه ويعني أن القود يختص المكره بكسر الراء.
وقال في الانتصار لو أكره على القتل بأخذ المال فالقود ولو أكره بقتل النفس فلا.
فائدة قوله وإن أمر من لا يميز أو مجنونا أو عبده الذي لا يعلم أن القتل محرم بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر.
وكذا الحكم لو أمر كبيرا يجهل تحريمه.
453

وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.
إلا أن أبا الخطاب قال في الانتصار لو أمر صبيا بالقتل فقتل هو وآخر وجب القصاص على آمره وشريكه في رواية وإن سلم فلعجزه غالبا.
تنبيه مفهوم قوله وإن أمر من لا يميز بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر أنه لو أمر من يميز بالقتل فقتل أن القصاص على القاتل.
ومفهوم قوله وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل.
أنه لا قصاص على غير الكبير العاقل فشمل من يميز.
فقال ابن منجا في شرحه لا قصاص عليه ولا على الآمر.
أما الأول فلأنه غير مكلف.
وأما الثاني فلأن تمييزه يمنع أن يكون كالآلة فلا قود على واحد منهما.
وقال في الفروع ومن أمر صبيا بالقتل فقتل لزم الآمر.
فظاهره إدخال المميز في ذلك.
ويؤيده أنه بعد ذلك حكى ما قاله ابن منجا في شرحه.
قوله (وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل).
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وأما الآمر فالصحيح من المذهب أنه يعزر لا غير نص عليه.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعنه يحبس كممسكه.
وفي المبهج رواية يقتل أيضا.
وعنه يقتل بأمره عبده ولو كان كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل.
454

نقل أبو طالب من أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله قتل المولى وحبس العبد حتى يموت لأنه سوط المولى وسيفه.
كذا قال علي بن أبي طالب وأبو هريرة رضي الله عنهما.
وأنه لو جنى بإذنه لزم مولاه وإن كانت الجناية أكثر من ثمنه.
وحملها أبو بكر على جهالة العبد.
ونقل بن منصور إن أمر عبدا بقتل سيده فقتل أثم وأن في ضمان قيمته روايتين ويحتمل إن خاف السلطان قتلا.
فوائد.
لو قال لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل فدمه وجرحه هدر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه عليه الدية.
وقيل عليه ديتهما ذكره في الرعاية.
وعنه عليه الدية للنفس دون الجرح.
ويحتمل القود فيهما وهو لصاحب الرعاية.
ولو قاله عبد ضمن الفاعل لسيده بمال فقط نص عليه.
ولو قال اقتلني وإلا قتلتك قال في الفروع فخلاف كإذنه.
وقال في الانتصار لا إثم ولا كفارة.
وقال في الرعايتين والحاوي وإن قال اقتلني وإلا قتلتك فإكراه ولا قود إذن.
وعنه ولا دية.
ويحتمل أن يقتل أو يغرم الدية إن قلنا هي للورثة.
وإن قال له القادر عليه اقتل نفسك وإلا قتلتك أو اقطع يدك وإلا قطعتها فليس إكراها وفعله حرام.
455

واختار في الرعاية الكبرى أنه إكراه.
وإن قال اقتل زيدا أو عمرا فليس إكراها فإن قتل أحدهما قتل به على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية قلت ويحتمل الإكراه.
وإن أكره سعد زيدا على أن يكره عمرا على قتل بكر فقتله قتل الثلاثة جزم به في الرعاية الكبرى.
قوله (وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين).
وهو المذهب جزم به الخرقي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا أشهر الروايتين.
واختيار القاضي والشريف وأبي الخطاب في خلافاتهم والشيرازي.
وهو من المفردات.
والأخرى يقتل أيضا الممسك اختاره أبو محمد الجوزي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال ابن الصيرفي في عقوبة أصحاب الجرائم في الممسك القتل ذهب بعض أصحابنا المتأخرين إلى أنه تغل يد الممسك إلى عنقه حتى يموت.
وهذا لا بأس به.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب لو قتل الولي الممسك فقال القاضي يجب عليه القصاص مع أنه فعل مختلف.
456

قال المجاهد وهذا إن أراد به فيمن فعل ذلك معتقدا لجوازه ووجوب القصاص له فليس بصحيح قطعا.
وإن أراد معتقدا للتحريم فيجب أن يكون على وجهين.
أصحهما سقوط القصاص بشبهة الخلاف كما في الحدود.
تنبيه شرط في المغني في الممسك أن يعلم أنه يقتله وتابعه الشارح.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال القاضي إذا أمسكه للعب أو الضرب وقتله القاتل فلا قود على الماسك وذكره محل وفاق.
وقال في منتخب الشيرازي لا مازحا متلاعبا انتهى.
وظاهر كلام جماعة الإطلاق.
فائدة مثل هذه المسألة في الحكم لو أمسكه ليقطع طرفه ذكره في الانتصار.
وكذا إن فتح فمه وسقاه آخر سما.
وكذا لو اتبع رجلا ليقتله فهرب فأدركه آخر فقطع رجله ثم أدركه الثاني فقتله فإن كان الأول حبسه بالقطع فعليه القصاص في القطع وحكمه في القصاص في النفس حكم الممسك على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه ليس عليه إلا القطع بكل حال.
قوله (وإن كتف إنسانا وطرحه في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتلته فحكمه حكم الممسك).
ذكره القاضي وهذا إحدى الروايات.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومنتخب الآدمي.
457

وعنه يلزمه القود وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمه الدية كغير الأرض المسبعة اختاره المصنف.
وتقدم التنبيه على ذلك عند قوله الثالث إلقاؤه في زبية أسد.
قوله (وإذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما كالأب والأجنبي في قتل الولد والحر والعبد
في قتل العبد والخاطئ والعامد ففي وجوب القصاص على الشريك روايتان أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد وسقوطه عن شريك الخاطئ).
وهو المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب.
قال في الكافي هذا الأظهر.
وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
قال الزركشي المشهور من الروايتين والمقطوع به عند عامة الأصحاب قتل شريك الأب.
وقال في الخاطئ لا قصاص على المشهور والمختار لجمهور الأصحاب وجزم به في المنور.
وعنه يقتص من الشريك مطلقا اختاره أبو محمد الجوزي.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يقتص من الشريك مطلقا.
قال في الفنون أنا أختار رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن شركة الأجانب
458

تمنع القود لأنه لا اطلاع لنا بظن فضلا عن علم بجراحة أيهما مات به أو بهما.
تنبيه قوله أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد تقديره أظهرهما وجوبه على شريك الأب ووجوبه على العبد فالعبد معطوف على لفظة شريك ولا يجوز عطفه على لفظة الأب لفساد المعنى وهو واضح.
فائدة دية الشريك المخطئ في ماله دون عاقلته على الصحيح.
قال في الفروع قاله القاضي.
وعنه على عاقلته.
قوله (وفي شريك السبع وشريك نفسه وجهان).
ذكرهما بن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والشرح والنظم والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما يجب القود اختاره أبو بكر.
وصححه في المذهب والتصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني لا قود وهو المذهب قاله في الفروع وجزم به في المنور.
قال المصنف والشارح وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال إذا جرحه رجل ثم جرح الرجل نفسه فمات فعلى شريكه القصاص.
ثم قالا فأما إن جرح الرجل نفسه خطأ مثل إن أراد ضرب غيره فأصاب نفسه فلا قصاص على شريكه في أصح الوجهين.
وفيه وجه آخر عليه القصاص بناء على الروايتين في شريك الخاطئ انتهى.
فائدة حيث سقط القصاص عن الشريك وجب نصف الدية على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
459

وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل تجب دية كاملة على شريك السبع.
وقيل تجب دية كاملة في شريك المقتص.
قلت يتخرج وجوب الدية كاملة على شريك النفس من مسألة المنجنيق إذا قتل أحد الرماة به أن ديته على أصحابه كاملة على الصحيح من المذهب على ما يأتي في كتاب الديات.
فعلى هذا يكون هذا هو الصواب إلا أن يكون بينهما فرق مؤثر.
قوله (ولو جرحه إنسان عمدا فداوى جرحه بسم).
ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان.
وأطلقهما في الرعاية وشرح ابن منجا والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والهادي.
أحدهما يجب القصاص على الجارح.
صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
قال المصنف وتبعه الشارح لو جرحه إنسان فتداوى بسم وكان سم ساعة يقتل في الحال فقد قتل نفسه وقطع سراية الجرح وجرى مجرى من ذبح نفسه بعد أن جرح.
وينظر في الجرح فإن كان موجبا للقصاص فلوليه استيفاؤه وإلا فلوليه الأرش.
وإن كان السم لا يقتل غالبا وقد يقتل ففعل الرجل في نفسه عمد خطأ.
والحكم في شريكه كالحكم في شريك الخاطئ.
460

فإذا لم يجب القصاص فعلى الجارح نصف الدية.
وإن كان السم يقتل غالبا بعد مدة احتمل أن يكون عمد الخطأ أيضا.
واحتمل أن يكون في حكم العمد.
فيكون في شريكه الوجهان المذكوران في المسألة التي قبلها انتهيا.
قلت قال في الهداية وغيرها أو داواه بسم يقتل غالبا.
قوله (أو خاطه في اللحم أو فعل ذلك وليه أو الإمام فمات ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان).
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والنظم وشرح ابن منجا وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما يجب القصاص صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
461

باب شروط القصاص
قوله (وهي أربعة أحدها أن يكون الجاني مكلفا فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما بلا نزاع).
قوله (وفي السكران وشبهه روايتان أصحهما وجوبه).
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وهو المذهب.
صححه في النظم وغيره.
وقطع به القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والثانية لا يجب عليه وقدمه في الرعايتين هنا.
واختاره الناظم في كتاب الطلاق.
وذكر أبو الخطاب أن وجوب القصاص عليه مبني على طلاقه.
وقد تقدم ذلك محررا في أول كتاب الطلاق فليعاود.
قوله (الثاني أن يكون المقتول معصوما فلا يجب القصاص بقتل حربي ولا مرتد ولا زان محصن وإن كان القاتل ذميا).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية وتبعه في الفروع ويحتمل قتل ذمي وأشار بعض أصحابنا إليه.
قاله في الترغيب لأن الحد لنا والإمام نائب نقله في الفروع.
فعلى المذهب لا دية عليه أيضا.
جزم به في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم.
وعلى المذهب يعزر فاعل ذلك للافتيات على ولي الأمر كمن قتل حربيا.
462

وفي عيون المسائل له تعزيره.
فائدة قال في الفروع فكل من قتل مرتدا أو زانيا محصنا ولو قبل توبته عند حاكم والمراد قبل التوبة قاله صاحب الرعاية فهدر.
وإن كان بعد التوبة إن قبلت ظاهرا فكإسلام طارئ.
فدل أن طرف زان محصن كمرتد لا سيما وقولهم عضو من نفس وجب قتلها فهدر.
قال في الروضة إن أسرع ولي قتيل أو أجنبي فقتل قاطع طريق قبل وصوله الإمام فلا قود لأنه انهدر دمه.
قال في الفروع وظاهره ولا دية وليس كذلك.
وسيأتي في باب قطاع الطريق.
قوله (أو قطع مسلم أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات فلا شيء عليه).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به منهم صاحب الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع لأن الاعتبار في التضمين بحال ابتداء الجناية ولأنه لم يجن على معصوم.
وجعله في الترغيب كمن أسلم قبل أن يقع به السهم على الآتي بعده قريبا.
قوله (أو رمى حربيا فأسلم قبل أن يقع به السهم فلا شيء عليه).
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القواعد هذا أشهر.
463

وقيل تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية قاله في القواعد.
قوله (وإن رمى مرتدا فأسلم قبل وقوع السهم به فلا قصاص).
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقيل يقتل به.
قوله (وفي الدية وجهان).
وأطلقهما في المغني والشرح.
أحدهما لا تجب الدية أيضا وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القواعد وهو أشهر.
وحكاه القاضي في روايتيه عن أبي بكر.
والوجه الثاني تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية.
وقيل تجب الدية هنا وإن لم تجب الدية للحربي لتفريطه إذ قتله ليس إليه.
قال في القواعد وأصل هذا الوجه طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب في موضع من الهداية أنه لا يضمن الحربي بغير خلاف وفي المرتد وجهان.
464

قوله (وإن قطع يد مسلم فارتد أي المقطوع يده ومات فلا شيء على القاطع في أحد الوجهين وفي الآخر يجب القصاص في الطرف أو نصف الدية).
إذا قطع يد مسلم ثم ارتد المقطوع ومات لم يجب القود في النفس بلا نزاع ولا يجب القود في الطرف أيضا على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح الصحيح لا قصاص.
قال في الفروع فلا قود في الأصح.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
والوجه الثاني عليه القود في الطرف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال في الفروع أصل الوجهين هل يفعل به كفعله أم في النفس فقط.
ويأتي بيان ذلك في آخر الباب الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فعلى الوجه الثاني وهو وجوب القود في الطرف هل يستوفيه الإمام أو قريبه المسلم فيه وجهان.
قال في الفروع أصلهما هل ماله فيء أو لورثته.
وقد تقدم المذهب من ذلك في باب ميراث أهل الملل وأن الصحيح من المذهب أن ماله فيء فيستوفيه هنا الإمام على الصحيح من المذهب.
وعلى المذهب وهو عدم وجوب القود في الطرف يجب عليه الأقل من دية النفس أو الطرف فيستوفيه الإمام على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
465

وقيل لا يجب عليه إلا دية الطرف فقط.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
وقيل لا يجب عليه شيء سواء كان عمدا أو خطأ.
ويحتمل دخول هذا القول في كلام المصنف.
قوله (وإن عاد إلى الإسلام ثم مات وجب القصاص في النفس في ظاهر كلامه).
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب وهو المذهب.
قال في المحرر وغيره نص عليه.
واختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والخلاصة وغيرهم.
وقال ابن أبي موسى يتوجه سقوط القود بالردة.
وقال القاضي إن كان زمن الردة مما تسرى فيه الجناية فلا قصاص فيه.
اختاره صاحب التبصرة.
فعلى هذا القول لا يجب إلا نصف الدية فقط على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير.
وقيل تجب كلها.
فائدة لو رمى ذمي سهما إلى صيد فأصاب آدميا وقد أسلم الرامي فقال الآمدي يجب ضمانه في ماله.
وبذلك جزم صاحب المحرر والكافي وغيرهما.
466

ومثله لو رمى بن معتقه فلم يصب حتى انجر ولاؤه إلى موالي أبيه.
ولو رمى مسلم سهما ثم ارتد ثم أصاب سهمه فقتل فهل تجب الدية في ماله اعتبارا بحال الإصابة أم على عاقلته اعتبارا بحال الرمي على وجهين ذكرهما في المستوعب.
قال في القواعد ويخرج منها في المسألتين الأولتين وجهان أيضا.
أحدهما الضمان على أهل الذمة وموالي الأم.
والثاني على المسلمين وموالي الأب.
قوله (الثالث أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني وهو أن يساويه في الدين والحرية أو الرق فيقتل كل واحد من المسلم الحر أو العبد والذمي الحر أو العبد بمثله).
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة أن العبد يقتل بالعبد سواء كان مكاتبا أو لا وسواء كان يساوي قيمته أو لا.
وعنه لا يقتل به إلا أن تستوي قيمتهما ولا عمل عليه.
ويأتي في أول باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس مزيد بيان على ذلك.
تنبيه عموم كلامه يشمل ما لو كان العبد القاتل والعبد المقتول لواحد وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في الرعاية صريحا.
وقدمه في القواعد الأصولية.
ويؤيده ما قاله المصنف وغيره في المكاتبة.
وقيل لا يقتل به والحالة هذه.
467

وهما وجهان مطلقان في المذهب ومسبوك الذهب نقلهما في الفروع عنه.
قال في الرعاية فإن قتل عبد زيد عبده الآخر فله قتله دون العفو على مال.
قلت فيعايى بها.
وعموم كلامه أيضا يشمل ما لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لذمي وهو صحيح وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام الأصحاب وهو الصواب.
وقيل لا يقتل به.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
فائدة لا يقتل مكاتب بعبده.
فإن كان ذا رحم محرم منه كأخيه ونحوه فوجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما لا يقتل به وهو المذهب.
جزم به في المنور وقدمه في النظم.
والثاني يقتل به.
تنبيه ظاهر قوله أن يساويه في الدين والحرية أو الرق أنه لو قتل من بعضه حر مثله أو أكثر منه حرية أنه يقتل به وهو صحيح وهو المذهب والصحيح من الوجهين.
صححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقطع به الزركشي وغيره.
وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره.
وقيل لا يقتل به.
468

قوله (ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر في الصحيح عنه).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه يعطي الذكر نصف الدية إذا قتل الأنثى.
قال في المحرر وهو بعيد جدا.
وخرج في الواضح من هذه الرواية فيما إذا قتل عبد عبدا وفي تفاضل مال في قود طرفه.
قوله (ولا يقتل مسلم بكافر ولو ارتد ولا حر بعبد).
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه يقتل حر بعبد ومسلم بكافر وأن الخبر في الحربي كما يقطع بسرقة ماله.
قال وفي كلام بعضهم حكم المال غير حكم النفس بدليل القطع بسرقة مال زان وقاتل في محاربة ولا يقتل قاتلهما.
والفرق أن مالهما باق على العصمة كمال غيرهما وعصمة دمهما زالت.
قوله (ولا يقتل حر بعبد).
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس في العبد نصوص صريحة صحيحة تمنع قتل الحر به وقوى أنه يقتل به وقال هذا الراجح وأقوى على قول الإمام أحمد رحمه الله.
قوله (ولا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد إلا أن يقتله وهو
469

مثله أو يجرحه ثم يسلم القاتل أو الجارح أو يعتق ويموت المجروح فإنه يقتل به).
يعني إذا قتل عبد عبدا أو ذمي أو مرتد ذميا أو جرحه ثم أسلم القاتل أو الجارح أو عتق ويموت المجروح فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع قتل به في المنصوص.
قال المصنف والشارح ذكره أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقيل لا يقتل به وهو احتمال في المغني وغيره.
وهو ظاهر نقل بكر كإسلام حربي قاتل.
فائدة لو قتل من هو مثله ثم جن وجب القود على الصحيح من المذهب.
وقيل لا قود.
قوله (ولو جرح مسلم ذميا أو حر عبدا ثم أسلم المجروح وعتق ومات فلا قود وعليه دية حر مسلم في قول بن حامد).
وهو المذهب اختاره المصنف والشارح.
وذكر بن أبي موسى أنه نص عليه في وجوب دية المسلم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي قول أبي بكر عليه في الذمي دية ذمي وفي العبد قيمته لسيده.
واختاره القاضي وأصحابه.
470

وحكى القاضي عن بن حامد أنه يجب أقل الأمرين من قيمة العبد أو الدية.
وحكى أبو الخطاب عن القاضي أن بن حامد أوجب دية حر للمولى منهما أقل الأمرين من نصف الدية أو نصف القيمة والباقي لورثته.
وذكر القاضي في المجرد احتمالا بوجوب أكثر الأمرين من القيمة أو الدية.
فعلى المذهب يأخذ سيده قيمته نقله حنبل وقت جنايته وكذا ديته إلا أن تجاوز الدية أرش الجناية فالزيادة لورثة
العبد.
وتقدم كلام بن حامد.
وكون قيمته يوم الجناية للسيد من مفردات المذهب.
وعلى الثاني جميع القيمة للسيد.
ذكره أبو بكر والقاضي والأصحاب.
ذكره في القاعدة الثامنة والعشرين بعد المائة.
فائدتان
إحداهما لو وجب بهذه الجناية قود فطلب القود للورثة على هذه وعلى الأخرى للسيد قاله في الفروع.
الثانية لو جرح عبد نفسه ثم أعتقه قبل موته ثم مات فلا قود عليه وفي ضمانه الخلاف المتقدم.
قوله (وإن رمى مسلم ذميا عبدا فلم يقع به السهم حتى عتق وأسلم فلا قود عليه وعليه دية حر مسلم إذا مات من الرمية ذكره الخرقي).
وهو المذهب اختاره بن حامد أيضا والقاضي.
واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
471

وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر عليه القصاص.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره بن حامد أيضا حكاه عنه بن عقيل في التذكرة.
فعلى المذهب تكون الدية للورثة لا للسيد.
قوله (ولو قتل من يعرفه ذميا عبدا فبان أنه قد عتق وأسلم فعليه القصاص).
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل لا قصاص عليه ذكره في القاعدة الأصولية.
فائدة مثل ذلك في الحكم لو قتل من يظنه قاتل أبيه فلم يكن.
قوله (وإن كان يعرفه مرتدا فكذلك قاله أبو بكر).
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
قال أبو بكر ويحتمل أن لا يلزمه إلا الدية.
وهو وجه لبعض الأصحاب قاله ابن منجا.
وقال في المحرر ولو قتل من يعرفه مرتدا فبان أنه قد أسلم ففي القود على قول أبي بكر وجهان.
يعني في مسألة أبي بكر والخرقي التي قبل هذه المسألة.
وقال في الروضة فيما إذا رمى مسلم ذميا هل يلزمه دية مسلم أو كافر فيه روايتان اعتبارا بحال الإصابة أو الرمية.
ثم بنى مسألة العبد على الروايتين في ضمانه بدية أو قيمة.
472

ثم بنى عليهما من رمى مرتدا أو حربيا فأسلم قبل وقوعه هل يلزمه دية مسلم أو هدر انتهى.
قوله (الرابع أن لا يكون أبا للمقتول فلا يقتل الوالد يعني وإن علا بولده وإن سفل والأب والأم في ذلك سواء).
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تقتل الأم حكاها أبو بكر والمصنف.
وردها القاضي وقال لا تقتل الأم رواية واحدة.
وعنه تقتل الأم والأب.
وعنه يقتل أبو الأم بولد بنته وعكسه.
وحكاهما الزركشي وجهين.
وقال في الروضة لا تقتل أم والأصح وجدة.
وقال في الانتصار لا يجوز للابن قتل أبيه بردة وكفر بدار الحرب ولا رجمه بزنا ولو قضى عليه برجم.
وعنه لا قود بقتل مطلقا في دار الحرب فتجب دية إلا لغير مهاجر.
تنبيهان
أحدهما عموم كلامه أنه لا تأثير لاختلاف الدين والحرية كاتفاقهما وهو صحيح وقاله الأصحاب.
فلو قتل الكافر ولده المسلم أو قتل المسلم أباه الكافر أو قتل العبد ولده الحر أو قتل الحر والده العبد لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده وانتفاء المكافأة فيما إذا قتل والده.
473

الثاني مراده بقوله فلا يقتل الوالد بولده غير ولده من الزنى فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل لا يقتل به وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
فائدة يقتل الوالد بقتله ولده من الرضاع قاله في الفروع.
قوله (ويقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين).
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
قال في الفروع يقتل على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه المصنف وغيره.
والرواية الثانية لا يقتل بواحد منهما.
وتقدم قريبا قوله يقتل بن بنته به.
قوله (ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه أو ورث القاتل شيئا من دمه سقط القصاص).
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يسقط بإرث الولد اختاره بعض الأصحاب.
قوله (ولو قتل أحد الابنين أباه والآخر أمه وهي زوجة الأب سقط القصاص عن الأول لذلك).
474

والقصاص على القاتل الثاني لأن القتيل الثاني ورث جزءا من دم الأول فلما قتل ورثه فصار له جزءا من دم نفسه فسقط القصاص عن الأول وهو قاتل الأب لإرثه ثمن أمه وعليه سبعة أثمان ديته لأخيه.
وله أن يقتص من أخيه ويرثه.
على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويرثه على الأصح.
قال في الفروع والرعاية وغيرهما وله قتله.
تنبيه مفهوم قوله وهي زوجة الأب أنها لو كانت بائنا أن عليهما القتل وهو صحيح.
جزم به في الرعاية والفروع وغيرهما وكذا لو قتلاهما معا.
قوله (وإن قتل من لا يعرف وادعى كفره أو رقه أو ضرب ملفوفا فقده وادعى أنه كان ميتا وأنكر وليه).
وجب القصاص والقول قول المنكر هذا المذهب.
قال في الفروع فالقود أو الدية في الأصح إن أنكر الولي.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا قصاص والقول قول الجاني وحكى عن أبي بكر.
وأطلق بن عقيل في موته وجهين.
وسأل بن عقيل القاضي فقال لا يعتبر بالدم وعدمه فقال لا لم يعتبره الفقهاء.
قال في الفروع ويتوجه يعتبر.
475

قلت وهو قوي عند أهل الخبرة بذلك.
قوله (أو قتل رجلا في داره وادعى أنه دخل يكابره على أهله أو ماله فقتله دفعا عن نفسه وأنكر وليه).
وجب القصاص والقول قول المنكر وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه عدمه في معروف بالفساد.
قلت وهو الصواب ويعمل بالقرائن والأحوال.
فائدة لو ادعى القاتل أن المقتول زنى وهو محصن بشاهدين نقله بن منصور واختاره أبو بكر وغيره ونقل أبو طالب وغيره بأربعة اختاره الخلال وغيره قتل وإلا ففيه باطنا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب قبول قوله في الباطن.
ولا تقبل دعواه ذلك من غير بينة في الظاهر على الصحيح من المذهب.
وقيل تقبل ظاهرا.
وقاله في رواية بن منصور بعد كلامه الأول.
وقد روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام منزل الرجل حريمه فمن دخل عليك حريمك فاقتله.
قال في الفروع فدل أنه لا يعزر.
ولهذا ذكر في المغني وغيره إن اعترف الولي بذلك فلا قود ولا دية واحتج بقول عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع وكلامهم وكلام الإمام أحمد رحمه الله السابق يدل على أنه لا فرق بين كونه محصنا أو لا.
وكذا ما يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما.
476

وصرح به بعض المتأخرين كشيخنا وغيره لأنه ليس بحد وإنما هو عقوبة على فعله وإلا لاعتبرت شروط الحد.
والأول ذكره في المستوعب وغيره.
وسأله أبو الحارث وجده يفجر بها له قتله قال قد روى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما.
قوله (أو تجارح اثنان وادعى كل واحد منهما أنه جرحه دفعا عن نفسه وجب القصاص والقول قول المنكر).
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي المذهب لابن الجوزي والكافي تجب الدية فقط.
ونقل أبو الصقر وحنبل في قوم اجتمعوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منها أرش الجراح.
قال الإمام أحمد رحمه الله قضى به علي رضي الله عنه.
وهل على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان قاله بن حامد.
نقله في المنتخب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب أنهم يشاركونهم في الدية.
فائدة نقل حنبل فيمن أريد قتله قودا فقال رجل آخر أنا القاتل لا هذا أنه لا قود والدية على المقر لقول علي رضي الله عنه أحيا نفسا ذكره الشيرازي في المنتخب.
وحمله أيضا على أن الولي صدقه بعد قوله لا قاتل سوى الأول ولزمته الدية لصحة بذلها منه.
وذكر في المنتخب في القسامة لو شهدا عليه بقتل فأقر به غيره فذكر رواية حنبل انتهى.
477

ولو أقر الثاني بعد إقرار الأول قتل الأول لعدم التهمة ومصادفته الدعوى.
وقال في المغني في القسامة لا يلزم المقر الثاني شيء.
فإن صدقه الولي بطلت دعواه الأولى ثم هل له طلبه فيه وجهان.
ثم ذكر المنصوص وهو رواية حنبل وأنه أصح لقوله عمن أحيا نفسا.
وذكر الخلال وصاحبه رواية حنبل ثم رواية مهنا ادعى على رجل أنه قتل أخاه فقدمه إلى السلطان فقال إنما قتله فلان فقال فلان صدق أنا الذي قتلته فإن هذا المقر بالقتل يؤخذ به.
قلت أليس قد ادعى على الأول قال إنما هذا بالظن فأعدت عليه فقال يؤخذ الذي أقر أنه قتله.
478

باب استيفاء القصاص
قوله (ويشترط له ثلاثة شروط أحدها أن يكون مستحقه مكلفا فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون بلا نزاع في الجملة).
قوله (إلا أن يكون لهما أب فهل له استيفاؤه لهما على روايتين).
وحكاهما أبو الخطاب في بعض المواضع وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة.
إحداهما ليس له استيفاؤه لهما وهو المذهب نصره المصنف والشارح.
قال ابن منجا في شرحه وهي أصح.
وصححهما في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية له استيفاؤه.
فعلى هذه الرواية يجوز له العفو على الدية نص عليه.
وكذا الوصي والحاكم على الرواية الآتية.
تنبيه ظاهر كلامه أن الوصي والحاكم ليس لواحد منهما استيفاؤه لهما وهو المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وعنه يجوز لهما استيفاؤه أيضا كالأب.
قوله (وإن كانا محتاجين إلى النفقة فهل لوليهما العفو على الدية يحتمل وجهين).
479

وكذا قال في الهداية والمذهب وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
إحداهما له العفو وهو الصواب جزم به الآدمي في منتخبه.
قال القاضي وهو الصحيح.
وصححه الشارح والناظم وصاحب تجريد العناية.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
والثاني ليس له ذلك وقدمه في إدراك الغاية.
والمنصوص جواز عفو ولي المجنون دون الصبي وهو المذهب.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور وأطلقهن في المحرر.
وعنه للأب العفو خاصة.
قوله (وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما قهرا احتمل أن يسقط حقهما).
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
واحتمل أن تجب لهما دية أبيهما في مال الجاني وتجب دية الجاني على عاقلتهما.
وجزم به في الترغيب وعيون المسائل.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح الكبير.
480

قوله (الثاني اتفاق جميع الأولياء على استيفائه وليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض بلا نزاع).
فإن فعل فلا قصاص عليه وعليه لشركائه حقهم من الدية وتسقط عن الجاني في أحد الوجهين.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وفي الآخر لهم ذلك من تركة الجاني ويرجع ورثة الجاني على قاتله.
يعني بما فوق حقه وهذا المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغني والبلغة والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وفي الواضح احتمال يسقط حقهم على رواية وجوب القود عينا.
ويأتي آخر الباب إذا قتل جماعة فاستوفى بعضهم من غير إذن أولياء الباقين.
فائدة قوله وإن عفا بعضهم سقط القصاص وإن كان العافي زوجا أو زوجة.
ويسقط القصاص أيضا بشهادة بعضهم ولو مع فسقه لكونه أقر بأن نصيبه سقط من القود ذكره في المنتخب.
قلت فيعايى بها.
قوله (وللباقين حقهم من الدية على الجاني).
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
481

وقال في التبصرة إن عفا أحدهم فللبقية الدية وهل يلزمهم حقهم من الدية فيه روايتان انتهى.
قوله (فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص فعليهم القود وإلا فلا قود عليهم وعليهم ديته بلا نزاع).
قوله (وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا).
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى في الرعايتين ومن تابعه رواية بأن للحاضر مع عدم العفو القصاص كالرواية التي في الصغير والمجنون الآتية ولم نرها لغيره.
قوله (وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا فليس للبالغ العاقل الاستيفاء حتى يصيرا مكلفين في المشهور).
وهو المذهب نص عليه.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وصححه في البلغة وغيره.
وجزم به في الخرقي وصاحب الكافي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه له ذلك.
فائدة لو مات الصبي والمجنون قبل البلوغ والعقل قام وارثهما مقامهما في القصاص على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعند بن أبي موسى يسقط القود وتتعين الدية.
قوله (وكل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين وذوي الأرحام).
482

وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يختص العصبة ذكرها بن البنا.
وخرجها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختارها.
فائدة هل يستحق الوارث القصاص ابتداء أم ينتقل عن موروثه فيه روايتان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الفقهية في القاعدة السادسة عشر بعد المائة.
إحداهما يستحقونه ابتداء لأنه يجب بالموت.
قلت وهو الصواب.
والثانية ينتقل عن موروثه لأن سببه وجد في حياته وهو الصواب قياسا على الدية.
وتقدم حكم الدية في باب الموصى به.
قوله (ومن لا وارث له وليه الإمام إن شاء اقتص).
هذا المذهب المشهور المقطوع به عند جماهير الأصحاب.
وقال في الانتصار وعيون المسائل في القود منع وتسليم لأن بنا حاجة إلى عصمة الدماء فلو لم يقتل لقتل كل من لا وارث له قالا ولا رواية فيه.
وفي الواضح وغيره كوالد لولده.
قوله (وإن شاء عفا عنه).
ظاهره شمل مسألتين.
إحداهما العفو إلى الدية كاملة والصحيح من المذهب جواز ذلك.
قال في الفروع والأشهر له أخذ الدية.
قال في القواعد قاله الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
483

وقيل ليس له العفو إلى الدية.
المسألة الثانية العفو مجانا وظاهر كلامه هنا جوازه وهو وجه لبعض الأصحاب.
والصحيح من المذهب أنه ليس له ذلك ويحتمله كلام المصنف.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين بعد المائة قاله الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
قوله (الثالث أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل فلو وجب القصاص على حامل أو حملت بعد وجوبه لم تقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ بلا خلاف أعلمه).
ثم إن وجد من يرضعه وإلا تركت حتى تفطمه.
وهذا المذهب مطلقا.
جزم به في الوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الفروع.
وقال في المغني وتبعه الشارح له القود إن غذي بلبن شاة.
فائدة مدة الرضاع حولان كاملان.
وذكر في الترغيب أنها تلزم بأجرة رضاعه.
قوله (ولا يقتص منها في الطرف حال حملها بلا نزاع).
والصحيح من المذهب أنه يقتص منها بعد الوضع وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلامه في المحرر والنظم والرعاية والحاوي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
484

وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المغني لا يقتص منها في الطرف حتى تسقي اللبأ.
وزاد في المستوعب وغيره وتفرغ من نفاسها.
وقال في البلغة هي فيه كمريض وأنه إن تأثر لبنها بالجلد ولم يوجد مرضع أخر القصاص.
قوله (وحكم الحد في ذلك حكم القصاص).
هذا المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
واستحب القاضي تأخير الرجم حتى تفطمه.
وقيل يجب التأخير حتى تفطمه.
نقل الجماعة تترك حتى تفطمه.
قال في البلغة والترغيب بعد ذكر القصاص في النفس من الحامل وهذا بخلاف المحدودة فإنها لا ترجم حتى تفطم مع وجود المرضعة وعدمها لأن حقوق الله أسهل ولذلك تحبس في القصاص ولا تحبس في الحد ولا يتبع الهارب فيه.
قوله (وإن ادعت الحمل احتمل أن يقبل منها فتحبس حتى يتبين أمرها).
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاوي.
واحتمل أن لا يقبل منها إلا ببينة.
ويقبل قول امرأة.
وعبارته في الهداية والمذهب كعبارة المصنف.
485

وأطلقهما في الشرح والخلاصة.
فعلى المذهب قال في الترغيب لا قود على منكوحة مخالطة لزوجها وفي حالة الظهار احتمالان.
قوله (وإن اقتص من حامل وجب ضمان جنينها على قاتلها).
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال المصنف وتبعه في الشرح إن كان الإمام والولي عالمين بالحمل وتحريم الاستيفاء أو جاهلين بالأمرين أو بأحدهما أو كان الولي عالما بذلك دون الحاكم فالضمان عليه وحده لأنه مباشر والحاكم سبب.
وإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده لأن المباشر معذور.
وقال القاضي إن كان أحدهما عالما وحده فالضمان عليه وحده.
وإن كانا عالمين فالضمان على الحاكم.
وإن كانا جاهلين ففيه وجهان.
أحدهما الضمان على الإمام.
والثاني على الولي.
وقال أبو الخطاب يجب على السلطان الذي مكنه من ذلك ولم يفرق.
وجزم به في المذهب والخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وقال في الفروع ويتوجه مثله إن حدث قبل الوضع.
وقال في المذهب في ضمانها وجهان.
فعلى القول بأن السلطان يضمن هل تجب الغرة في مال الإمام أو في بيت المال فيه روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
486

إحداهما تجب في بيت المال.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والنظم.
وهذا المذهب على ما يأتي في باب العاقلة.
والرواية الثانية يضمنها في ماله قدمه في الرعايتين.
وإن ألقته حيا ثم مات وقلنا يضمنه السلطان فهل تجب ديته على عاقلة الإمام أو في بيت المال على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
إحداهما تجب على عاقلة الإمام قدمه في الخلاصة والرعايتين.
والرواية الثانية تجب في بيت المال لأنه من خطأ الإمام على ما يأتي.
قلت وهذا المذهب لأن الصحيح من المذهب أن خطأ الإمام والحاكم في بيت المال على ما يأتي في كلام المصنف في أوائل باب العاقلة.
قوله (ولا يستوفى القصاص إلا بحضرة السلطان أو نائبه).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعاية الصغرى والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضور السلطان إذا كان القصاص في النفس.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويستحب أن يحضره شاهدين.
فائدتان
إحداهما لو خالف واستوفى من غير حضوره وقع موقعه وللسلطان تعزيره.
487

وقال في المغني والشرح ويعزره الإمام لافتياته فظاهره الوجوب.
وقال في عيون المسائل لا يعزره لأنه حق له كالمال.
ونقل صالح وابن هانئ مثله.
الثانية قال في النهاية يستحب للسلطان أن يحضر القصاص عدلين فطنين حتى لا يقع حيف ولا جحود وقاله في الرعاية وغيره.
قوله (وإن احتاج إلى أجرة فمن مال الجاني).
هذا الصحيح من المذهب كالحد وعليه جماهير الأصحاب.
جزم به في المحرر والحاوي والمنور والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل من مستحقي الجناية.
وقال بعض الأصحاب يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص.
وقال أبو بكر يستأجر من مال الفيء فإن لم يكن فمن مال الجاني.
قوله (والولي مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن وبين التوكيل).
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال.
وهو تخريج للقاضي.
وقيل يتعين التوكيل في الطرف ذكره في الرعاية.
وقيل يوكل فيهما كما لو كان يجهله.
488

قوله (وإن تشاح أولياء المقتول في الاستيفاء قدم أحدهم بالقرعة).
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم.
قال في القواعد الفقهية هذا المشهور.
وقيل يعين الإمام أحدهم واختاره بن أبي موسى.
فعلى المذهب من وقعت له القرعة يوكله الباقون.
فائدتان
إحداهما لو اقتص الجاني من نفسه ففي جوازه برضى الولي وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يجوز وهو الصحيح.
جزم به في المنور والوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
والثاني لا يجوز صححه في النظم.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وصحح في الترغيب لا يقع ذلك قودا.
وقال في البلغة يقع ذلك قودا.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
قال ولو أقام حد زنا أو قذف على نفسه بإذن لم يسقط بخلاف قطع سرقة.
ويأتي إذا وجب عليه حد هل يسقط بإقامته على نفسه بإذن الإمام أم لا في كتاب الحدود.
489

الثانية يجوز له أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه نص عليه لأنه يسير وتقدم ذلك في باب السواك.
وليس له القطع في السرقة لفوات الردع.
وقال القاضي على أنه لا يمتنع القطع بنفسه وإن منعناه فلأنه ربما اضطربت يده فجنى على نفسه ولم يعتبر القاضي على جوازه إذنا.
قال في الفروع ويتوجه اعتباره قال وهو مراد القاضي.
وهل يقع الموقع يتوجه على الوجهين في القود.
قال ويتوجه احتمال تخريج في حد زنا وقذف وشرب كحد سرقة وبينهما فرق لحصول المقصود في القطع في السرقة وهو قطع العضو الواجب قطعه وعدم حصول الردع والزجر بجلده نفسه وقد يقال بحصول الردع والزجر بحصول الألم والتأذي بذلك انتهى.
قوله (ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف في إحدى الروايتين).
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره بن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الفروع وقال نص عليه واختاره الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور واختيار الأكثرين.
قال في الانتصار وغيره في قود وحق الله لا يجوز في النفس إلا بسيف لأنه أزجر لا بسكين ولا في طرف إلا بها لئلا يحيف وأن الرجم بحجر لا يجوز بسيف انتهى.
وفي الرواية الأخرى يفعل به كما فعل إلا ما استثنى أو يقتل بالسيف.
490

واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله فقال هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل.
قال الزركشي وهي أوضح دليلا.
فعليها ولو قطع يديه ثم قتله فعل به ذلك وإن قتله بحجر أو أغرقه أو غير ذلك فعل به مثل فعله.
قوله (وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله).
في هذه المسألة طريقان.
أحدهما أن فيها الروايتين المتقدمتين.
قال المصنف والشارح وهو قول غير أبي بكر والقاضي وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
والطريق الثاني أنه هنا يقتل ولا يزاد عليه رواية واحدة وهو قول أبي بكر والقاضي.
قال المصنف في المغني وتبعه الشارح وهو الصحيح من المذهب.
واعلم أن محل ذلك فيما لو انفرد لم يكن فيه قصاص كما لو أجافه أو أمه أو قطع يده من نصف ذراعه أو رجله من نصف ساقه أو يدا ناقصة أو شلاء أو زائدة ونحوه فسرى.
ومثل المصنف بما لا يجب فيه قصاص كالقطع من مفصل والموضحة.
ومثل لما يجب فيه القصاص كالقطع من المفصل.
واعلم أنه لو قطع يديه أو رجليه أو جرحه جرحا يوجب القصاص لو انفرد فسرى إلى النفس ففيه طريقان أيضا.
والصحيح منهما أنه على الروايتين.
491

اختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
فيصح تمثيل المصنف بقطع اليد من المفصل.
والطريق الثاني أنه لا يقتص من الطرف رواية واحدة وهي طريقة أبي الخطابي وجماعة.
ففي كل من المسألتين طريقان ولكن الترجيح مختلف.
وحيث قلنا يفعل به مثل ما فعل وفعل فإن مات وإلا ضربت عنقه.
وفي الانتصار احتمال أو الدية بغير رضاه.
وقال في الفروع وأطلق جماعة رواية يفعل به كفعله غير المحرم واختاره أبو محمد الجوزي.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا وإلا فلا.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا أو موجبا لقود طرفه لو انفرد وإلا فلا.
فعلى المذهب في أصل المسألة لو فعل به مثل فعله فقد أساء ولم يضمن وأنه لو قطع طرفه ثم قتله قبل البرء ففي دخول قود طرفه في قود نفسه كدخوله في الدية روايتان.
وأطلقهما في الفروع والمحرر والحاوي.
إحداهما يدخل قود الطرف في قود النفس ويكفي قتله.
صححه في النظم وقدمه في الرعايتين.
وهو ظاهر ما قطع به الخرقي.
والرواية الثانية لا يدخل قود الطرف في قود النفس فله قطع طرفه ثم قتله.
قال في الترغيب فائدة الروايتين لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف لأن قطع السراية كاندماله.
وعلى المذهب أيضا لو قطع طرفا ثم عفا إلى الدية كان له تمامها.
492

وإن قطع ما يوجب الدية ثم عفا لم يكن له شيء.
وإن قطع أكثر مما يوجب به دية ثم عفا فهل يلزمه ما زاد على الدية أم لا فيه احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يلزمه الزائد.
وعلى الرواية الثانية الاقتصار على ضرب عنقه أفضل.
وإن قطع ما قطع الجاني أو بعضه ثم عفا مجانا فله ذلك.
وإن عفا إلى الدية لم يجز بل له ما بقي من الدية فإن لم يبق شيء سقط.
قوله (ولا تجوز الزيادة على ما أتى رواية واحدة ولا قطع شيء من أطرافه فإن فعل فلا قصاص فيه عليه بلا خلاف أعلمه).
وتجب فيه ديته سواء عفا عنه أو قتله.
وهذا المذهب جزم به في المحرر والرعاية والحاوي والوجيز ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل تجب فيه ديته إن لم يسر القطع.
وجزموا به في كتب الخلاف وقالوا أومأ إليه في رواية بن منصور أو يقتله.
فائدة لو قطع يده فقطع المجني عليه رجل الجاني فقيل هو كقطع يده.
وقيل يلزمه دية رجله.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي والفروع.
493

قوله (وإن قتل واحد جماعة فرضوا بقتله قتل لهم ولا شيء لهم سواه وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول ولمن بقي الدية).
هذا أحد الوجوه والمذهب منهما.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به في الكافي والشرح وشرح ابن منجا والخرقي.
وقال في المغني يقدم الأول وإن قتلهم دفعة واحدة أقرع بينهم انتهى.
وقيل يقرع بينهم.
قال في الرعاية وهو أقيس.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما الزركشي.
وقيل يقاد للكل اكتفاء مع المعية.
وأطلقهن في الفروع.
وقال في الانتصار إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه وأنه قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال ويتوجه أن يجبر له باقي حقه بالدية.
ويتخرج يقتل بهم فقط على رواية وجوب القود بقتل العمد.
فوائد.
الأولى لو قتلهم دفعة واحدة وتشاحوا في المستوفى أقرع بينهم بلا نزاع.
فلو بادر غير من وقعت له القرعة فقتله استوفى حقه وسقط حق الباقين إلى الدية.
494

وإن قتلهم متفرقا وأشكل الأول وادعى ولي كل واحد منهم أنه الأول ولا بينة لهم فأقر القاتل لأحدهم قدم بإقراره وهذا على القول الأول وإن لم يقر أقرعنا بينهم بلا خلاف.
الثانية لو عفا الأول عن القود فهل يقرع بين الباقين أو يقدم ولي المقتول الأول أو يقاد للكل مبني على ما تقدم من الخلاف.
الثالثة قوله وإن قتل وقطع طرفا قطع طرفه ثم قتل لولي المقتول بلا نزاع.
لكن لا قود حتى يندمل.
ولو قطع يد رجل وإصبع آخر قدم رب اليد إن كان أولا وللآخر دية إصبعه.
وإن كان آخرا قدم رب الإصبع ثم يقتص رب اليد وفي أخذه دية الإصبع الخلاف.
وقدم في الرعاية وغيرها أن له دية الإصبع.
قلت وهو الصواب.
فائدة قوله وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل.
فيما تقدم خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
وقال القاضي في الخلاف في تيمم من لم يجد إلا ماء لبعض بدنه ولو قطع يمنى رجليه فقطعت يمينه لهما أخذ منه نصف دية اليد لكل منهما فيجمع بين البدل وبعض المبدل.
فائدة لو بادر بعضهم فاقتص بجنايته في النفس أو في الطرف فلمن بقي الدية على الجاني على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وفي كتاب الآدمي البغدادي ويرجع ورثته على المقتص.
495

وقدم الحلواني في التبصرة وابن رزين يرجع على قاتله.
وقال في الرعاية بعد أن قدم الأول وقيل بل على قاتل الجاني.
وقيل إن سقط القود لاختلاف العلماء في جواز استيفاء أحدهم فعلى الجاني وإن سقط للشركة فعلى المستوفي.
وتقدم إذا استوفى بعض الأولياء القصاص من غير إذن شركائه في كلام المصنف في الباب حيث قال وليس لبعضهم استيفاؤه.
وكان الفراغ من طبع هذا الجزء " التاسع من الإنصاف " وتصحيحه وتحقيقه على هذه الصفة قدر الجهد والطاقة - بمطبعة السنة المحمدية - ولم آل - يعلم الله - جهدا، ولم أدخر وسعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكفى بالله شهيدا ووليا ونصيرا.
ويتلوه بمشيئة الله تعالى وحده حسن الجزاء، وخير المثوبة من عظيم فضله، وواسع كرمه، فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه، وخاتم رسله محمد وعلى آله أجمعين، والله أرجو أن يجعلنا من آل هذا الرسول وحزبه المفلحين في الدنيا والآخرة.
وكتبه الفقير إلى عفو الله ورحمته ومغفرته.
محمد حامد الفقي.
القاهرة في = يوم الأحد 9 من شهر جمادي الأولى - سنة 1377 ه‍ - الموافق أول شهر ديسمبر سنة 1957 م.
496