الكتاب: نصب الراية
المؤلف: الزيلعي
الجزء: ٦
الوفاة: ٧٦٢
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بهما : أيمن صالح شعبان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٥ م
المطبعة: مطابع الوفاء - المنصورة
الناشر: دار الحديث - القاهرة
ردمك: ٩٧٧-٥٢٢٧-٦١-٥
ملاحظات:

الهداية
شرح بداية المبتدي
1

الطبعة الأولى 1415 ه‍ - 1995 م
طبع. نشر. توزيع - دار الحديث
2

الهداية شرح بداية المبتدي
لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني
مع
نصب الراية
تخريج أحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين الزيلعي
اعتنى بهما
أيمن صالح شعبان
الجزء السادس
دار السادس
القاهرة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب القسمة
الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم باشر القسمة في المغانم والمواريث وجرى
التوارث بها من غير نكير قلت أما قسمة المغانم وأما قسمة المواريث فمنها ما
أخرج البخاري عن هذيل بن شرحبيل قال سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة
بن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف وأت بن مسعود فسيتابعني
فسئل بن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذا وما أنا من
المهتدين أقضي فيها بما قضي النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولبنت الابن السدس
تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول بن مسعود فقال لا
تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن محمد بن
عقيل عن جابر بن عبد الله أن امرأة سعد بن الربيع قالت يا رسول الله إن سعدا هلك
وترك ابنتين وأخاه فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد وإنما تنكح النساء على
أموالهن فقال عليه السالم ادع لي أخاه فجا فقال ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى
امرأته الثمن ولك ما بقي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
5

الاسناد ولم يخرجاه
حديث آخر أخرجه النسائي عن عبد الله بن شداد عن ابنة حمزة قالت مات
مولى لي وترك ابنة فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته فجعل لي النصف ولها
النصف انتهى وفيه كلام تقدم في الولاء
6

كتاب المزارعة الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج من ثمر
أو زرع قلت أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عبن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع وفي لفظ لما فتحت خيبر سأل
اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم فيها على أن يعملوا على نصف ما يخرج منها من الثمر
والزرع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم فيها على ذلك ما شئنا واقتص الحديث ذكره
البخاري في مواضع من كتابه ومسلم وأبو داود في البيوع والترمذي وابن
ماجة في الاحكام وفي لفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج
21

اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم
نصف الثمر فقال عليه السلام نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى أجلاهم
عمر إلى تيماء وأريحاء انتهى وأخرج البخاري في كتاب الشروط عن أبي
هريرة قال قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم أقسم بيننا وبين إخواننا النخل قال لا قال
فتكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا سمعنا وأطعنا انتهى
الحديث الثاني روي أنه عليه السلام نهى عن المخابرة قلت روي من حديث
جابر ومن حديث رافع بن خديج
فحديث جابر أخرجه مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة والمحالقة والمزابنة قال عطاء فسرها لنا جابر قال
أما المخابرة فالأرض البيضاء يدفعها الرجل إلى الرجل فينفق فيها ثم يأخذ من الثمر
والمحاقلة بيع الزرع القائم بالحب كيلا والمزابنة بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا
مختصر
وحديث رافع أخرجه مسلم أيضا عن بن عمر قال كنا نخابر ونرى بذلك
بأسا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه فتركناه انتهى قال بن
الجوزي في التحقيق والجواب عن هذين الحديثين من ثلاثة أوجه
22

الأول أنه إنما نهى عنه لأجل خصومات وقعت بينهم بدليل ما أخرجه البخاري
ومسلم عن نافع فن بن عمر أنه كان يكري مزارعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
بكر وعمر وصدرا من إمارة معاوية ثم حدث عن رافع بن خديج أنه عليه السلام نهى
عن كراء المزارع فذهب بن عمر إلى رافع فذهبت معه فسأله فقال نهى عليه
السلام عن كراء المزارع فقال بن عمر قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الأربعاء وبشئ من التبن انتهى وأخرجا أيضا عن حنظلة
بن قيس سمع رافع بن خديج قال كنا أكثر أهل المدينة مزدرعا كنا نكري الأرض
بالناحية منها مسمى لسيد الأرض فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض وربما يسلم ذلك
وتصاب الأرض فنهينا وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ انتهى وأخرج أبو داود
والنسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن
الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال قال زيد بن ثابت يغفر الله لرافع
23

بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه إنما أتى رجلان قد اقتتلا فقال عليه السلام إن
كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فسمع رافع قوله لا تكروا المزارع انتهى وهذا
حديث حسن
الثاني أنهم كانوا يكرون بما يخرج على الأربعاء وهو جوانب الأنهار وما على
الماذيانات وذلك يفسد العقد
الثالث أنه محمول على التنزيه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لان يمنح أحدكم أخاه أرضه خير
له من أن يأخذ عليها أجرا معلوما انتهى كلامه وفي الصحيحين أحاديث أخرى في
النهي عن المزارعة في مسلم عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
المزارعة وأمرنا بالمؤاجرة وقال لا بأس بها انتهى
24

كتاب المساقاة حديث معاملة أهل خيبر تقدم
30

كتاب الذبائح
صلى الله عليه وسلم الحديث الأول قال عليه السلام زكاة الأرض يبسها تقدم في الأنجاس
الحديث الثاني قال عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم
34

ولا آكلي ذبائحهم قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في
مصنفيهما عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه
الجزية غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم انتهى قال بن القطان في كتابه
هذا مرسل ومع إرساله ففيه قيس بن مسلم وهو بن الربيع وقد اختلف فيه وهو ممن
ساء حفظه بالقضاء كشريك وابن أبي ليلى انتهى وروى بن سعد في الطبقات
أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن
عمرو بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم
الاسلام فان أبوا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساءهم ولا تؤكل ذبائحهم وفيه
قصة والواقدي متكلم فيه
قوله وإنما الخلاف في متروك التسمية عامدا فمذهب بن عمر أنه يحرم
35

ومذهب بن عباس وعلى أنه يحل قلت ذكر أبو بكر الرازي في كتاب احكام
القرآن أن قصبا ذبح شاة ونسي أن يذكر اسم الله عليه فأمر بن عمر غلاما له أن
يقوم عنده فإذا جاء انسان يشتري يقول له إن بن عمر يقول لك إن هذه شاة لم
تذك فلا تشتر منها شيئا وذكر عن علي وابن عباس ومجاهد وعطاء وابن
المسيب والزهري وطاوس وقالوا لا بأس بأكل ما نسي أن يسمى عليه الذبح
وقالوا إنما هي على الملة انتهى وفي الموطأ مالك عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن
عباس سئل عن الذي ينسى أن يسمي الله تعالى على ذبيحته فقال يسمي الله ويأكل
ولا بأس انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام المسلم يذبح على اسم الله تعالى سمى أو لم
يسم قلت غريب بهذا اللفظ وفي معناه أحاديث منها ما أخرجه الدارقطني ثم
البيهقي عن محمد بن يزيد بن سنان عن معقل بن عبيد الله الجزري عن عمرو بن دينار عن
عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم يكفيه اسمه فان نسي أن يسمي حين
يذبح فليسم وليذكر اسم الله ثم ليأكل انتهى قال بن القطان في كتابه ليس
في هذا الاسناد من يتكلم فيه غير محمد بن يزيد بن سنان وكان صدوقا صالحا
لكنه كان شديد الغفلة انتهى وقال غيره معقل بن عبيد الله وإن كان من رجال
36

مسلم لكنه أخطأ في رفع هذا الحديث وقد رواه سعيد بن منصور وعبد الله بن
الزبير الحميدي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن أبي لشعثاء عن عكرمة عن بن
عباس
قوله ذكره البيهقي وغيره فزادا في إسناده أبا الشعثاء ووقفا والله أعلم
وقال بن الجوزي في التحقيق معقل هذا مجهول وتعقبه صاحب التنقيح فقال
بل هو مشهور وهو بن عبيد الله الجزري أخرج له مسلم في صحيحه واختلف
قول بن معين فيه فمرة وثقه ومرة ضعفه وقد ذكره بن الجوزي في الضعفاء
فقال معقل بن عبيد الله الجزري يروى عن عمرو بن دينار قال يحيى ضعيف لم
يزد على هذا ومحمد بن يزيد بن سنان الجزري هو بن أبي فروة الرهاوي قال أبو داود
ليس بشئ وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني ضعيف وذكره بن حيان
في الثقات والصحيح أن هذا الحديث موقوف علي بن عباس هكذا رواه سفيان عن
عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن عكرمة عن بن عباس انتهى كلامه قلت أخرجه
كذلك عبد الرزاق في مصنفه في الحج حدثنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي
الشعثاء حدثنا عين يعني عكرمة عن بن عباس قال إن في المسلم اسم الله فان ذبح
ونسي أن يذكر اسم الله فليأكل وان ذبح المجوسي وذكر اسم الله فلا تأكل انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن مروان بن سالم عن الأوزاعي عن يحيى
بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل منا يذبح
وينسى أن يسمي الله قال اسم الله على كل مسلم وفي لفظ على فم كل مسلم
37

انتهى قال الدارقطني ومروان بن سالم ضعيف وأعله بن القطان أيضا به وقال
هو مروان بن سالم الغفاري وهو ضعيف وليس بمروان بن سالم المكي انتهى ورواه
بن عدي في الكامل وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي ووافقهما وقال عامة
ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه انتهى
حديث آخر مرسل رواه أبو داود في المراسيل فقال حدثنا مسدد ثنا عبد الله
بن داود عن ثور بن يزيد عن الصلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم
الله أو لم يذكر انتهى قال بن القطان وفيه مع الارسال أن الصلت السدوسي لا
يعرف له حال ولا يعرف بغير هذا ولا روى عنه غير ثور بن زيد انتهى ولم يعله بن
الجوزي في التحقيق وتبعه صاحب التنقيح إلا بالارسال واستدل بن
الجوزي في التحقيق للحنفية أيضا بحديث أخرجه البخاري عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن قوما يأتوننا اللحم لا ندري أذكروا اسم الله
عليه أم لا فقال سموا أنتم عليه وكلوا قالت وكانوا حديثي عهد بكفر انتهى
ثم قال والظاهر أنهم كانوا يسمون انتهى كلامه
الحديث الرابع حديث عدي بن حاتم فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم
على كلب غيرك قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عدي بن حاتم قلت
يا رسول الله إني أرسل كلبي وأسمي فقال إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ
فقتل فكل فإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه قلت إني أرسل كلبي
فأجد معه كلبا آخر لا أدري أيهما أخذه فقال لا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك
38

ولم تسم على كلب آخر انتهى وسيأتي في الصيد
الحديث الخامس روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد الذبح اللهم تقبل هذه عن
أمتي ممن شهد لك بالوحدانية ولي بالبلاغ قلت أخرجه مسلم في الضحايا عن
يزيد بن قسيط عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في
سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتى به ليضحي به فقال لها يا عائشة هلمي
39

المدية ثم قال استحديها بحجر ففعلت فأخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه
ثم قال بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به
انتهى وهو عند أبي داود بالواو وقال فأضجعه وذبحه وقال بسم الله وليس فيه
مقصود المصنف
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي رافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
إذا ضحى اشترى كبشين أملحين أقرنين فإذا خطب وصلى ذبح أحد الكبشين
بنفسه بالمدية ثم يقول اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي
بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال اللهم هذا عن محمد وآل محمد ثم يطعمها
المساكين ويأكل هو وأهله منهما فمكثنا سنين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد
من بني هاشم يضحي وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى
قوله عن بن مسعود أنه قال جردوا التسمية قلت غريب
قوله وما تداولته الألسن عند الذبح وهو قوله بسم الله والله أكبر منقول عن أن
عباس في قوله تعالى فاذكروا اسم الله عليها صواف قلت رواه الحاكم في
المستدرك في الذبائح من حديث شعبة عن سليمان عن أبي ظبيان عن بن عباس في
قوله تعالى فاذكروا اسم الله عليها صواف قال قياما على ثلاثة قوائم معقولة
40

يقول بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك انتهى وقال حديث صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وعنده فيه رواية أخرى أخرجه في التفسير
عن جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس في قوله فاذكروا اسم الله عليها
صواف قال إذا أردت أن تنحر البدنة فأقمها ثم قل الله أكبر الله أكبر منك
ولك ثم سم ثم انحرها وقال صحيح على شرط الشيخين أيضا ولقد حجر
المصنف على نفسه ففي حديث مرفوعا أخرجه الأئمة الستة في كتبهم في الضحايا
عن قتادة عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين يذبحهما بيده
ويسمي ويكبر ويضع رجله على صفاحهما وفي لفظ لمسلم والبخاري
ويقول بسم الله والله أكبر انتهى الا أن يكون أراد الاستدلال بالقرآن مفسرا
بقول صحابي فيكون حسنا والله أعلم
الحديث السادس قال عليه السلام الزكاة ما بين اللبة واللحيين قلت غريب
بهذا اللفظ وأخرج الدارقطني في سننه عن سعيد بن سلام العطار ثنا عبد الله بن بديل
الخزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج مني ألا إن الذكاة في
الحلق واللبة انتهى قال في التنقيح هذا إسناد ضعيف بمرة وسعيد بن سلام
أجمل الأئمة على ترك الاحتجاج به وكذبه بن نمير وقال البخاري يذكر بوضع
الحديث وقال الدارقطني يحدث بالأباطيل متروك انتهى وأخرجه عبد الرزاق في
مصنفه موقوفا علي بن عباس وعلى عمر الذكاة في الحلق واللبة انتهى
41

الحديث السابع قال عليه السلام أفر الأوداج بما شئت قلت غريب لم
يحسن شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره إذا استشهد له بحديث أخرجه أبو داود والنسائي
وابن ماجة عن عدي بن حاتم قلت يا رسول الله أرأيت أحدنا يصيب صيدا وليس
معه سكين أيذبح بالمروة وشقة العصا فقال أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله
انتهى فان مقصود المصنف من هذا الحديث الاستدلال على قطع العروق الأربعة أو
الثلاثة قال لان الأوداج جمع وأقله ثلاث وإنما استدل على إراقة الدم بغير السكين
بالحديث الذي بعد هذا الحديث وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد
الأحمر عن بن جريج عمن حدثه عن رافع بن خديج قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الذبح بالليطة فقال كل ما أفرى الأوداج الا سنا أو ظفرا انتهى وأخرجه الطبراني
في معجمه عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما أفرى الأوداج ما لم يكن قرض سن أوجز ظفر وفيه
قصة
42

الحديث الثامن قال عليه السلام كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا
الظفر والسن فإنها مدي الحبشة قلت هو ملفق من حديثين فروى الأئمة الستة
من حديث رافع بن خديج قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقلت يا رسول الله إنا
نكون في المغازي فلا تكون معنا مدي فقال ما أنهر الد وذكر اسم الله عليه
فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر
43

فمدي الحبشة انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا الثاني رواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن بن جريج عمن حدثه عن رافع بن خديج قال
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليطة فقال كل ما أفرى الأوداج الا سنا أو ظفرا
انتهى وقد تقدم في السابع قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكره باللفظ الأول من
جهة مسلم هذا حديث يرويه مسلم من حديث سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق
عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج قال كنا الحديث
قال وهكذا رواه عمر بن سعيد أخو سفيان الثوري قال والشك فيه في شيئين في
اتصاله وفي قوله أما السن فعظم هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو لا فقد رواه أبو
داود عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري عن عباية بن رفاعة بن
رافع عن أبيه عن جده رافع بن خديج قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إنا
نلقى العدو عدا وليس عندنا مدي أفنذبح بالمروة وشقة العصا فقال عليه السلام ما
أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه ما لم يكن سنا أو ظفرا قال رافع
وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدي الحبشة قال فهذا كما ترى
فيه زيادة رفاعة بين عباية وجده رافع وفيه اثبات قوله أما السن من كلام رافع وليس
في حديث مسلم من رواية الثوري وأخيه عن أبيهما ذكر لسماع عباية من جده رافع
إنما جاءا به معنعنا فبين أبو الأحوص أن بينهما واحدا وإن كان الترمذي قد قال إن
عباية سمع من جده رافع ولكن ليس في ذلك أنه سمع منه هذا الحديث ولم يكن أيضا
في حديث مسلم أن قوله أما السن من كلام النبي صلى الله عليه وسلم نصا فبينه أبو الأحوص من قول
رافع لأنه محتمل قال وليس لاحد أن يقول أخطأ أبو الأحوص الا كان الآخر ان
يقول أخطأ من خالفه لأنه ثقة انتهى
44

الحديث التاسع قال عليه السلام أنهر الدم بما شئت ويروي أفر الأوداج بما
شئت قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن سماك بن حرب عن مري بن
قطري عن عدي بن حاتم قلت يا رسول الله أرأيت أحدنا أصاب صيدا وليس معه
سكين أنذبح بالمروة وشقة العصا فقال أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله انتهى
وفي لفظ النسائي أنهر وكذلك أحمد في مسنده قال الخطابي ويروي أمرر
قال والصواب أمر ساكن الميم خفيف الراء أي أسله انتهى قلت وبهذا اللفظ
رواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والستين من القسم الثالث والحاكم
في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قال السهيلي
في الروض الأنف أمر الدم بكسر الميم أي أسله يقال دم مائر أي سائل قال
هكذا رواه النقا ش وفسره ورواه أبو عبيد بسكون الميم جعله من مريت الضرع
والأول أشبه بالمعني انتهى وجمع الطبراني في معجمه بين الروايات الثلاثة وفيه
رواية رابعة عند النسائي في سننه الكبرى أهرق
45

الحديث العاشر قال عليه السلام ان الله كتب الاحسان على كل شئ فإذا
قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته ولير
ذبحته قلت أخرجه الجماعة الا البخاري عن شراحيل بن آدة عن شداد بن أوس
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب الاحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته انتهى أخرجوه
في الذبائح الا الترمذي فإنه أخرجه في القصاص
الحديث الحادي عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أضجع شاة وهو يحد
شفرته فقال لقد أردت أن تميته موتات هلا حددتها قبل أن تضجعها قلت
أخرجه الحاكم في المستدرك في الضحايا عن حماد بن زيد عن عاصم عن عكرمة عن
بن عباس ان رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها انتهى وقال
حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وأعاده في الذبائح وقال على
شرط الشيخين ورواه الطبراني في معجمه عن عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم
الأحول به ورواه عبد الرزاق في مصنفه في الحج حدثنا معمر عن عاصم عن
عكرمة ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أضجع شاة الحديث مرسل
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن بن لهيعة عن قرة بن حيوئيل عن
46

الزهري عن سالم عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحد الشفار وأن تواري عن
البهائم وقال إذا ذبح أحدكم فليجهز انتهى ورواه أحمد في مسنده عن بن
لهيعة عن عقيل عن الزهري به وكذلك رواه الدارقطني في سننه والطبراني في
معجمه وابن عدي في الكامل وأعله بابن لهيعة ومن جهة الدارقطني ذكره
عبد الحق في أحكامه وقال الصحيح في هذا عن الزهري مرسل والذي أسنده لا
يحتج به انتهى وفي الموطأ مالك عن هشام عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن
عمر بن الخطاب أن رجلا أحد شفرة وقد أخذ شاة ليذبحها فضربه عمر بن الخطاب
بالدرة وقال أتعذب الروح هلا فعلت هذا قبل أن تأخذها انتهى
الحديث الثاني عشر روي أنه عليه السلام نهى عن تنخع الشاة إذا ذبحت وفسره
المصنف أن يبلغ بالسكين النخاع قلت غريب وبمعناه ما رواه الطبراني في معجمه
حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر
بن حوشب عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبيحة أن تفرس انتهى ورواه بن
عدي في الكامل وأعله بشهر وقال إنه ممن لا يحتج بحديثه ولا نتدين به
انتهى قال إبراهيم الحربي في غريب الحديث الفرس ان يذبح الشاة فتنخع انتهى
47

صلى الله عليه وسلم الحديث الثالث عشر حديث النهي عن تعذيب الحيوان تقدم في النفقات
48

قوله والمستحب في الإبل النحر وفي البقر والغنم الذبح وذلك لموافقة السنة
المتوارثة ويكره العكس لمخالفة السنة قلت تقدم ذلك في الحج
الحديث الرابع عشر قال عليه السلام ذكاة الجنين ذكاة أمه قلت روى من
حديث الخدري ومن حديث جابر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث بن عمر
ومن حديث أبي أيوب ومن حديث بن مسعود ومن حديث بن عباس ومن حديث
كعب بن مالك ومن حديث أبي الدرداء وأبي أمامة ومن حديث علي
فحديث الخدري أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن مجالد عن أبي
الوداك عن الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذكاة الجنين ذكاة أمه انتهى قال الترمذي
حديث حسن وهذا لفظه ولفظ أبي داود قال قلنا يا رسول الله ننحر الناقة
ونذبح البقرة أو الشاة في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكل فقال كلوه ان شئتم فان
ذكاته ذكاة أمه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده في
النوع الثالث والأربعين من القسم الثالث عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي الوداك
به ورواه الدارقطني في سننه وزاد أشعر أو لم يشعر وقال الصحيح أنه
موقوف قال المنذري إسناده حسن ويونس وان تكلم فيه فقد احتج به مسلم
49

في صحيحه انتهى
وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود عن عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذكاة الجنين ذكاة أمه انتهى
وعبيد الله بن أبي زياد القداح فيه مقال ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا
عبد الأعلى ثنا حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن سعيد
المقبري عن جده عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وقال إسناد صحيح وليس كما قال
فعبد الله بن سعيد المقبري متفق على ضعفه وأخرجه الدارقطني عن عمر بن قيس عن
عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة قال عبد الحق لا يحتج بإسناده قال بن
القطان وعلته عمر بن قيس وهو المعروف بسندل فإنه متروك
وأما حديث بن عمر فأخرجه أيضا عن محمد بن الحسن الواسطي عن محمد بن
إسحاق عن نافع عن بن عمر مرفوعا ورجاله رجال الصحيح وليس فيه غير
50

بن إسحاق وهو مدلس ولم يصرح بالسماع فلا يحتج به ومحمد بن الحسن
الواسطي ذكره بن حبان في الضعفاء وروى له هذا الحديث وله طريق آخر عند
الدارقطني عن عصام بن يوسف عن مبارك بن مجاهد عن عبيد الله بن عمر عن نافع به
قال بن القطان وعصام رجل لا يعرف له حال وقال في التنقيح مبارك بن مجاهد
ضعفه غير واحد
وأما حديث أبي أيوب فرواه الحاكم أيضا عن شعبة عن بن أبي ليلى عن أخيه
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب مرفوعا قال الحاكم ربما توهم متوهم أن حديث
أبي أيوب صحيح وليس كذلك ومن تأمل هذا الباب قضى فيه العجب أن الشيخين لم
يخرجاه في الصحيح انتهى
وأما حديث بن مسعود فأخرجه الدارقطني عن علقمة عنه قال أراه رفعه
ورجاله رجال الصحيح الا أن شيخ شيخه أحمد بن الحجاج بن الصلت قال شيخنا
الذهبي في ميزانه هو آفة
وأما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني أيضا عن موسى بن عثمان الكندي
عن أبي إسحاق عن عكرمة عن بن عباس وموسى هذا قال بن القطان هو مجهول
وأما حديث كعب بن مالك فأخرجه الطبراني في معجمه عن إسماعيل بن
مسلم عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالك مرفوعا
51

نحوه قال بن حبان في كتاب الضعفاء إسماعيل بن مسلم المكي أبو ربيعة
ضعيف ضعفه بن المبارك وتركه يحيى وعبد الرحمن بن مهدي روى عن
الزهري عن عبد الله بكعب بن مالك عن أبيه مرفوعا فذكره قال وإنما هو عن
الزهري قال كان لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه
هكذا قال بن عيينة وغيره من الثقات وليس هذا هو إسماعيل بن مسلم البصري
العبدي صاحب المتوكل ذاك ثقة انتهى
وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء فأخرجه البزار في مسنده عن بشر بن
عمارة عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء وأبي أمامة قالا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكاة الجنين ذكاة أمه انتهى قال البزار وقد روي هذا
الحديث من وجوه عن أبي سعيد وأبي أيوب وغيرهما وأعلى من رواه أبو الدرداء
انتهى ورواه الطبراني في معجمه إلا أنه قال عن راشد بن سعد عوض خالد بن
معدان وكذلك فعل بن عدي في الكامل ولين بشر بن عمارة ثم قال وهو
عندي حديثه إلى الاستقامة أقرب ولا أعرف له حديثا منكرا انتهى
وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني عن الحارث عنه والحارث معروف وفيه
أيضا موسى بن عثمان الكندي قال بن القطان مجهول قال عبد الحق في أحكامه
هذا حديث لا يحتج بأسانيده كلها وأقره بن القطان عليه وقال المنذري في
مختصره وقد روى هذا الحديث بعضهم لغرض له ذكاة الجنين ذكاة أمه
بنصب ذكاة الثانية لتوجب ابتداء الذكاة فيه إذا خرج ولا يكتفي بذكاة أمه وليس
بشئ وإنما هو بالرفع كما هو المحفوظ عن أئمة هذا الشأن وأبطله بعضهم بقوله فان
ذكاته ذكاة أمه لأنه تعليل لاباحته من غير إحداث ذكاة وقال بن المنذر لم يرو عن أحد
من الصحابة والتابعين وسائر العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه إلا ما روي عن
52

أبي حنيفة ولا أحسب أصحابه وافقوه عليه انتهى
فصل فيما يحل أكله وما لا يحل
الحديث الخامس عشر روي أنه عليه السلام نهى عن أكل كل ذي مخلب من
الطيور وأكل كل ذي ناب من السباع قلت روي من حديث بن عبا س ومن حديث
خالد بن الوليد ومن حديث علي
فحديث بن عباس أخرجه مسلم في الصيد عن ميمون بن مهران عن بن عباس
قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي نا ب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير
انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا الحديث لم يسمعه ميمون بن مهران من
53

بن عباس بل بينهما سعيد بن جبير هكذا رواه أبو داود في سننه من حديث علي
بن الحكم عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن بن عباس وكذلك رواه البزار
في مسنده وقال لا نعلم أحدا رواه عن ميمون عن سعيد بن جبير عن بن عباس الا
علي بن الحكم وقد رواه أبو بشر والحكم عن ميمون عن بن عباس ولم يذكروا
سعيدا بينهما انتهى كلام البزار قال بن القطان وذكر البخاري في تاريخه عن
علي الأرقط أنه قال أظن بين ميمون وابن عباس سعيد بن جبير يعني في هذا
الحديث قال وعلي بن الحكم ثقة وثقه النسائي وأخرج له البخاري ومسلم انتهى
كلام بن القطان
وحديث خالد بن الوليد أخرجه أبو داود عنه مرفوعا وحرام عليكم الحمر
الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير
مختصر وسيأتي الكلام عليه قريبا
وحديث علي في مسند أحمد عن عاصم بن ضمرة عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى
عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير مختصر وليس من رواية
أحمد وشطر الحديث في الكتب الستة من حديث أبي ثعلبة الخشني أن رسول
54

الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السبع انتهى ورواه مسلم من حديث أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل ذي ناب من السباع فأكله حرام انتهى
قوله أما الضبع فلما ذكرنا يريد به حديث النهي عن كل ذي ناب من السباع
قلت وفي تحريمه أحاديث منها ما أخرجه الترمذي في كتاب الأطعمة عن إسماعيل
بن مسلم المكي عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن حبان بن جزء عن أخيه خزيمة بن جزء
قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضبع فقال أو يأكل الضبع أحد فيه خير
انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بالقوي ولا نعرفه الا من حديث
إسماعيل عن بن أبي المخارق وقد تكلم بعضهم فيهما انتهى وضعفه بن
حزم بأن إسماعيل بن مسلم ضعيف وابن أبي المخارق ساقط وحبان بن جزء مجهول انتهى
وأخرجه بن ماجة عن بن إسحاق عن عبد الكريم بن أبي المخارق به فقال ومن يأكل
الضبع انتهى
حديث آخر رواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم
حدثنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن يزيد السعدي رجل من بني سعد بن
بكر قال سألت سعيد بن المسيب أن ناسا من قومي يأكلون الضبع فقال إن أكلها لا
يحل وكان عنده شيخ أبيض الرأس واللحية فقال الشيخ يا عبد الله ألا أخبرك بما
سمعت أبا الدرداء يقول فيه قلت نعم قال سمعت أبا الدرداء يقول
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي خطفة ونهبة ومجثمة وكل ذي ناب من السباع قال سعيد صدق انتهى
55

أحاديث الخصوم فيه حديث جابر أخرجه الترمذي في الحج والأطعمة
والنسائي في الصيد والذبائح وابن ماجة في الأطعمة كلهم عن عبد الله بن
عبيد بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي عمار قال سألت جابر بن عبد الله عن الضبع
أصيد هي قال نعم قلت آكلها قال نعم قال أشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال نعم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال في علله قال
البخاري حديث صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه بهذا السند والمتن
في النوع الخامس والستين من القسم الثالث ورواه الحاكم في المستدرك عن إبراهيم
الصائغ عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضبع صيد فإذا أصابه المحرم
ففيه كبش مسن ويؤكل انتهى وقال حديث صحيح ولم يخرجاه انتهى
واعلم أن أبا داود رواه بسند السنن ولم يذكر فيه الاكل ولفظه قال سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال هو صيد ويجعل في كبش إذا صاده المحرم انتهى
أخرجه في الأطعمة ووهم صاحب التنقيح إذ عزاه باللفظ الأول للسنن الأربعة
ولكن أخذوا من هذا اللفظ إباحة أكله زاعمين أن الصيد اسم للمأكول ومنشأ الخلاف
في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم فعند الشافعي لو قتل
السبع أو نحوه مما لا يؤكل لا يجب عليه شئ وعندنا يجب عليه الجزاء لان الصيد
اسم للممتنع المتوحش في أصل الخلقة قالوا لو كان هذا مرادا لخلا عن الفائدة إذ كل
أحد يعرف أن الضبع ممتنعة متوحشة وإنما سأل جابر عن أكلها سيما وقد ورد التصريح
بأكلها كما تقدم قلنا هذا ينعكس عليهم لأنه لما سألك اصيد هي قال له نعم ثم
سأله آكلها قال نعم فلو كان الصيد هو المأكول لم يعد السؤال واستدل الامام
فخر الدين في تفسيره على أن الصيد اسم للمأكول بقوله تعلى أحل لكم صيد
البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما قال فهذا
يقتضي حل صيد البحر دائما وحل صيد البر في غير وقت الاحرام وفي البحر مالا
56

يؤكل كالتمساح وفي البر مالا يؤكل كالسباع قال فثبت أن الصيد اسم
للمأكول انتهى ولأصحابنا أن يقولوا الصيد في الآية مصدر بمعنى الاصطياد
وتكون الإضافة بمعنى في أي أحل لكم الصيد في البحر وحرم عليكم الصيد في البر
بدليل أن المحرم يجوز له أكل لحم اصطاده حلال عندنا وعندهم فعلم أن المراد بالصيد في
الآية الاصطياد لا الحيوان وقد ذكره المصنف كذلك فيما بعد في مسألة أكل السمك
وقال إن المراد بالصيد في قوله تعلى أحل لكم صيد البحر الاصطياد والى هذه
المسألة أشار صاحب الكتاب بقوله في آخر كتاب الصيد والصيد لا يختص بمأكول
اللحم قال قائلهم
صيد الملوك أرانب وثعالب وإذا ركبت فصيدي الابطال
وهذا القائل هو علي بن أبي طالب قاله الامام فخر الدين والله أعلم
الحديث السادس عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عائشة عن الضب حين سألته عن
أكله قلت غريب وأخرج أبو داود في الأطعمة عن إسماعيل بن عياش عن
ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب انتهى وضمضم بن زرعة شامي ورواية
بن عياش عن الشاميين صحيحة قال المنذري في مختصره وإسماعيل بن عياش
وضمضم فيهما مقال وقال الخطاب ليس إسناده بذاك وقال البيهقي لم يثبت إسناده
إنما تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة انتهى
أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة وهي خالته فوجد عندها ضبا محنوذا فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده
إلى الضب فقالت امرأة من النسوة الحضور أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمتن له قلن
57

هو الضب يا رسول الله فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال خالد أحرام الضب يا رسول
الله قال لا ولكن لم يكن بأر ض قومي فأجدني أعافه فاحترزته فأكلته ورسول
الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن سعيد بن جبير عن بن عباس
قال أهدت خالته أم حفيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا فأكل من الاقط والسمن
وترك الأضب تقذرا قال بن عباس فأكل على مائدته ولو كان حراما لما أكل على
مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن الشعبي عن بن عمر قال كان
ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سعد فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم أنه لحم ضب فأمسكوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا وأطعموا
فإنه حلال أو قال لا بأس به ولكنه من طعامي انتهى
حديث آخر روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا زهير ثنا جرير عن يزيد
بن أبي زياد عن يزيد بن الأصم عن خالته ميمونة قالت أهدي لنا ضب وعندي
رجلان من قومي فصنعته ثم قربته إليهما فأكلا منه ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما
يأكلان فوضع يده فيه وقال ما هذا فقلنا له ضب فوضع ما في يده وأراد
الرجلان أن يضعا ما في أفواههما فقال لهما عليه السلام لا تفعلا إنكم أهل نجد
تأكلونها وإنا أهل تهامة نعافها انتهى
الحديث السابع عشر روى خالد بن الوليد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل
والبغال والحمير قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بقية حدثني ثور
بيزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن خالد
58

بن الوليد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير انتهى
بلفظ ابن ماجة ولفظ أبي داود قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأتت اليهود
فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تحل أموال
المعاهدين إلا بحقها وحرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي من
السابع وكل ذي مخلب من الطير انتهى وعنده بقية عن ثور لم يقل فيه حدثني
وكذلك رواه الواقدي في المغازي حدثني ثور بن يزيد عن صالح به بلفظ أبي داود
ثم قال الواقدي ثبت عندنا أن خالدا لم يشهد خيبر وأسلم قبل الفتح هو وعمر بن
العاص وعثمان بن أبي طلحة أول يوم من صفر سنة ثمان انتهى كلامه ورواه
أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه قال أبو داود
هذا منسوخ وقال النسائي لا أعلم رواه غير شعبة ويشبه إن كان صحيحا أن
يكون منسوخا لان قوله في حديث جابر وأذن في لحوم الخيل دليل على ذلك
انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه أيضا عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن صالح
به وأخرجه أيضا عن سعيد بن غزوان عن صالح به وأخرجه الدارقطني أيضا عن
الواقدي ثنا ثور بن يزيد ونقل عن موسى بن هارون أنه قال لا يعرف صالح بن
يحيى ولا أبوه إلا بحده وهذا حديث ضعيف وزعم الواقدي أن خالد بن الوليد
أسلم بعد فتح خيبر انتهى وأخرجه عن عمرو بن هارون البلخي ثنا ثور بن يزيد عن
يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد بن الوليد فذكره قال لم يذكر في إسناده صالحا
وهذا إسناد مضطرب وقال البخاري في تاريخه صالح بن يحيى بن المقدام فيه
نظر وقال البيهقي في المعرفة إسناده مضطرب وهو مخالف لحديث الثقات
وقال صاحب التنقيح وقد تابع شعبة على رواية هذا الحديث الواقدي ومحمد بن
حمير عن ثور فقال عن صالح سمع جده وقال الواقدي عن أبيه عن جده
59

ورواه عمرو بن هارون البلخي عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد وقد رواه
عن صالح سليمان بن سليم وهو ثقة وصالح هذا روى عنه جماعة وقال البخاري
فيه نظر وذكره بن حبان في الثقات وقال يخطئ انتهى
حديث آخر في تحريم البغال والحمير أخرجه الحاكم في المستدرك في الذبائح
عن يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير وعمرو بن دينار عن جابر بن
عبد الله أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمر والبغال والخيل فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمر
والبغال ولم ينههم عن الخيل انتهى وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه
الحديث الثامن عشر روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر المتعة وحرم
لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله والحسن
ابني محمد بن علي عن أبيهما علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة
النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الانسية انتهى ذكره البخاري في غزوة خيبر
ومسلم في الذبائح وأخرجاه في النكاح أيضا كذلك وفي لفظ للبخاري عام
خيبر وفي لفظ له زمن خيبر
حديث مخالف أخرج أبو داود في الأطعمة عن منصور عن عبيد أبي الحسن
عن عبد الله بن معقل عن غالب بن أبجر قال أصابتنا سنة فلم يكن في مالي شئ
أطعم أهلي إلا شيئا من حمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية فأتيته
فقلت يا رسول الله أصابتنا السنة ولم يكن عندي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر
وأنك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من
أجل جوال القرية انتهى وفي إسناده اختلاف كثير فمنهم من يقول عن عبيد
60

أبي الحسن ومنهم من يقول عبيد بن الحسن ومنهم من يقول عن عبد الله بن معقل
ومنهم من يقول عبد الرحمن بن معقل ومنهم من يقول عن بن معقل وغالب بن
أبجر ويقال أبجر بن غالب ومنهم من يقول غالب بن ذريح ومنهم من يقول
غالب بن ذيخ ومنهم من يقول عن أناس من مزينة عن غالب بن أبجر ومنهم من يقول
عن أناس من مزينة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
ومنهم من يقول إن رجلين سألا النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الاختلافات بعضها في معجم الطبراني وبعضها في مصنف بن أبي شيبة
وعبد الرزاق وبعضها في مسند البزار وقال البزار ولا يعلم لغالب بن أبجر غير
هذا الحديث وقد اختلف فيه فبعض أصحاب عبيد بن الحسن يقول عن غالب بن
أبجر وبعضهم يقول عن أبجر بن غالب وبعضهم يقول عن غالب بن ذريح
وبعضهم يقول عن غالب بن ذيخ انتهى وكذلك اختلف في متنه فمنهم من
يقول كل من سمين مالك وأطعم أهلك ومنهم من يقول كل من سمين مالك فقط
ومنهم من يقول أطعم أهلك من سمين مالك فقط قال البيهقي في المعرفة حديث
غالب بن أبجر إسناده مضطرب وإن صح فإنما رخص له عند الضرورة حيث تباح
الميتة كما في لفظه انتهى
الحديث التاسع عشر وعن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر
الأهلية وأذن في لحم الخيل يوم خيبر قلت أخرجه البخاري في غزوة خيبر
وفي الذبائح ومسلم في الذبائح عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر
61

بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم
الخيل انتهى ولفظ البخاري ورخص في لحوم الخيل
قوله وحديث جابر هذا معارض بحديث خالد والترجيح للمحرم قلت يشير
إلى حديث خالد المتقدم أنه عليه السلام نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير هذا فيه
نظر فإن حديث جابر صحيح وحديث خالد بن الوليد متكلم فيه إسنادا ومتنا
كما تقدم ومنهم ادعى نسخة بحديث جابر لأنه قال فيه وأذن وفي لفظ
ورخص قال الحازمي في كتابة والاذن والرخصة تستدعى سابقة المنع ولم لم يرد
هذا اللفظ لتعذر القطع بالنسخ لعدم التاريخ فوجب المصير إليه وفى الصحيح
عن أسماء بنت أبي بكر قالت نحرنا علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه وفى
رواية أكلنا لحم فرس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره ثم نقل الحازمي عن بعضهم أنه
قال ليس فيه نسخ ولكن الاعتماد على أحاديث الإباحة لصحتها وكثرة روايتها
قالوا وحديث خالد إنما ورد في قضية معينة وهو أن سبب التحريم في الخيل وفى
البغال والحمير مختلف وذلك أنه نهي عن البغال والحمير لذاتها وعن الخيل لأنهم
سارعوا في طبخها يوم خيبر قبل أن تخمس فأمر عليه السلام بإكفائها تغليظا عليهم
فلما رأوا نهيه عليه السلام عن تناول لحوم الخيل والبغال والحمير اعتقدوا أن سبب
التحريم واحد حتى نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن
لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس فحينئذ فهموا أن سبب التحريم مختلف وأن الحكم
بتحريم الحمار الأهلي عن التأبيد وأن الخيل إنما كان نهيا عن تناول ما لم يخمس
فيكون قوله أذن ورخص دفعا لهذه الشبهة إلا أنه رافع لحكم أول ثم استدل عليه
62

بحديث أبى داود أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم الحديث
الحديث العشرون روي أنه عليه السلام أكل من الأرنب حين أهدي إليه مشويا
وأمر أصحابه بالاكل منه قلت كأنهما حديثان فالأول رواه البخاري في صحيحه
في كتاب الهبة عن هاشم بن زيد بن أنس بن مالك عن أنس قال أنفجنا أرنبا بمر
الظهران فسعى القوم فلغبوا فأدركتها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها
وبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال فخذيها فقبله قلت وأكل منه قال
وأكل منه ثم قال بعد قبله انتهى وكذلك رواه أحمد في مسنده حدثنا
محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن هاشم بن زيد عن أنس بلفظه سواء
وفى آخره قال حجاج قال شعبة فقلت له أكله قال نعم أكله ثم قال لي بعد
قبله انتهى ورواه البخاري في الذبائح فلم يذكر فيه الاكل ولا ذكر فيه غيره من
أصحاب الكتب الستة الحديث ورواه النسائي في سننه في الصوم عن عبد الملك
بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد
شواها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا
وزاد في لفظ وقال فإني لو اشتهيتها أكلتها ثم أخرجه عن طلحة بن يحيى بن طلحة
عن موسى بن طلحة قال جاء أعرابي مرسلا وبالسند الأول والمتن رواه أحمد
في مسنده وأبو حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الأول ثم
63

قال وقد سمع هذا الخبر موسى بن طلحة عن أبي هريرة وسمعه عن بن الحوتكية عن أبي
ذر والطريقان جميعا محفوظان انتهى ورواه البزار في مسنده وقال وقد
اختلف فيه علي بن طلحة فروي عنه عن بن الحوتكية عن أبي ذر وروي عنه عن بن
الحوتكية عن عمر انتهى وحديث عمر هذا الذي أشار إليه رواه البيهقي في شعب
الايمان في الباب الثالث والعشرين عن أبي تميلة يحيى بن واضح عن محمد بن إسحاق
عن عبد الملك بن أبي قيس عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن موسى بن
طلحة عن بن الحوتكية عن عمر بن الخطاب أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب يهديها
إليه فقال ما هذه قال هدية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل من الهدية حتى يأمر
صاحبه فيأكل منها من أجل الشاة التي أهديت إليه بخيبر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كل
قال إني صائم قال تصوم ماذا قال ثلاثا من كل شهر قال فاجعلها البيض الغر
ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في
مسنده حدثنا يحيى بن واضح ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الملك بن أبي بكر بن
حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة به
سواء وزاد فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الأرنب ليأخذ منها فقال الاعرابي أما
إني رأيتها تدمي فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم يده انتهى وهو في مسند الحارث بن أبي
أسامة أما إني رأيتها تدمي أي تحيض فقال للقوم كلوا ولم يأكل
حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والستين من
القسم الثالث عن عاصم الأحول عن الشعبي عن محمد بن صفوان الأنصاري أنه صاد
أرنبين فمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو معلقهما فقال يا رسول الله إني أتيت غنم أهلي
64

فاصطدت هاتين فلم أجد حديدة أذكيها بها وإني ذكيتهما بمروة أفأطعمهما قال
نعم انتهى ورواه الترمذي في علله الكبرى حدثنا محمد بن يحيى القطعي البصري
ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رجلا من قومه
صاد أرنبين الحديث قال الترمذي وتابعه شعبة عن جابر الجعفي عن الشعبي عن جابر
وقال داود بن أبي هند عن الشعبي عن محمد بن صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه
حصين وسألت البخاري عنه فقال حديث محمد بن صفوان أصح وحديث جابر
غير محفوظ انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه في الضحايا عن يزيد بن عياض عن
عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن عكرمة عن بن عباس عن عائشة
قالت أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرنب وأنا نائمة فخبأ لي منها العجز فلما قمت
أطعمني انتهى ويزيد بن عياض ضعيف
الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام في البحر هو الطهور ماؤه الحل
ميتته قلت تقدم في الطهارة
65

الحديث الثاني والعشرون نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دواء يتخذ فيه الضفدع قلت
أخرجه أبو داود في الطب وفي الأدب والنسائي في الصيد عن بن أبي ذئب
عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي أن طبيبا سأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضفدع يجعلها في دواء فنهى عن قتلها انتهى ورواه أحمد
وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم والحاكم في المستدرك
في الفضائل عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي وسكت عنه وأعاده في الطب
وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في الضفدع
وسعيد بن خالد هو القارظي ضعفه النسائي ووثقه بن حبان وقال الدارقطني
مدني يحتج به قال المنذري في حواشيه فيه دليل على تحريم أكل الضفدع لان
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله والنهي عن قتل الحيوان إما لحرمته كالآدمي وإما لتحريم
أكله كالصرد والهدهد والضفدع ليس بمحرم فكان النهي منصرفا إلى الوجه الآخر
انتهى كلامه وجهل من عزا هذا الحديث للبيهقي وترك سنن أبي داود والنسائي
والله أعلم
الحديث الثالث والعشرون روي أنه عليه السلام نهى عن بيع السرطان قلت
غريب جدا
الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان
فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال قلت أخرجه بن ماجة في كتاب
الأطمعة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن بن عم قال قال رسول الله
66

صلى الله عليه وسلم أحلت لنا إلى آخر سواء ورواه أحمد والشافعي وعبد بن حميد في
مسانيدهم ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بعبد الرحمن وقال إنه
كان يقلب الاخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته مع رفع الموقوفات وإسناد
المراسيل فاستحق الترك انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله
وعبد الرحمن ابني زيد بن أسلم عن أبيهما وأخرجه بن عدي في الكامل عن
عبد الله فقط و عبد الله وعبد الرحمن ضعيفان إلا أن أحمد وثق عبد الله أسند بن
عدي إلى أحمد بن حنبل أنه قال عبد الله ثقة وأخواه عبد الرحمن وأسامة ضعيفان
قال بن عدي وهذا الحديث على هؤلاء الاخوة الثلاثة وأسند بن معين أنه قال
ثلاثتهم ضعفاء ليس حديثهم بشئ وأسند عن السعدي أنه قال هم ضعفاء في غير
خربة في دينهم قال بن عدي وابن وهب يرويه عن سليمان بن بلال موقوقا قال في
التنقيح وهو موقوف في حكم المرفوع وقال الدارقطني في علله وقد رواه
المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه وسلم وخالفه بن زيد بن أسلم فرواه عن أبيه عن بن عمر مرفوعا وغير بن زيد يرويه
عن زيد بن أسلم عن بن عمر موقوفا وهو الصواب انتهى قال في التنقيح
وهذه الطريق رواها الخطيب بإسناد إلى المسور بن الصلت والمسور ضعفه أحمد
والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وقال النسائي متروك الحديث انتهى قلت
وله طريق أخر قال بن مردويه في تفسيره في سورة الأنعام حدثنا عبد الباقي بن
قانع ثنا محمد بن بشر بن مطر ثنا داود بن راشد ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا أبو هشام
الأيلي قال سمعت زيد بن أسلم يحدث عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل
من الميتة اثنتان ومن الدم اثنان فأما الميتة فالسمك والجراد وأما الدم فالكبد
والطحال انتهى
67

الحديث الخامس والعشرون روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما نضب عنه الماء
فكلوا وما لفظه الماء فكلوا وما طفا فلا تأكلوا قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج أبو
داود وابن ماجة عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا
تأكلوه وضعفه البيهقي فقال ويحيى بن سليم كثير الوهم سئ الحفظ وقد
رواه غيره موقوفا انتهى وفيه نظر فإن يحيى بن سليم أخرج له الشيخان فهو ثقة
وزاد فيه الرفع ونقل بن القطان في كتابه عن بن معين قال هو ثقة ولكن في
حفظه شئ ومن أجل ذلك تكلم الناس فيه انتهى وإسماعيل بن أمية هذا هو القرشي
الأموي روى له الشيخان في صحيحيهما وظنه بن الجوزي غيره فقال هو
متروك وليس كما قال بل ذاك آخر ليس في طبقته قال البيهقي وقد رواه يحيى بن
أبي أنيسة أيضا عن أبي الزبير مرفوعا ويحيى متروك لا يحتج به ورواه بقية بن
الوليد عن الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ولا يحتج بما تفرد به بقية فكيف بما
يخالف فيه انتهى وقال أبو داود رواه الثوري وأيوب وحماد عن أبي الزبير موقوفا
على جابر وقد أسند من وجه ضعيف عن بن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر وهذا
الذي أشار إليه أخرجه الترمذي عن بن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ما اصطدتموه وهو حي فكلوه وما وجدتم ميتا طافيا فلا تأكلوه قال الترمذي
سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال ليس بمحفوظ ويروى عن جابر
خلاف هذا ولا أعرف لابن أبي ذئب عن أبن الزبير شيئا انتهى وقول البخاري لا
أعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئا هو على مذهبه في اشتراط ثبوت السماع
للاسناد المعنعن وقد أنكره مسلم وزعم أن المتفق عليه هو أنه يكفي للاتصال إمكان اللقاء
68

وابن أبي ذئب أدرك زمان أبي الزبير بلا خلاف فسماعه منه ممكن والله أعلم ورآه
الطحاوي في أحكام القرآن من طريق عبد العزيز بن عبد الله عن وهب بن كيسان
عن جابر مرفوعا وعبد العزيز هذا صحح الحاكم في مستدركه حديثه وضعفه بن
القطان في كتابه قال بن أبي حاتم في علله سألت أبا زرعة من حديث رواه
إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان ونعيم بن عبد الله
عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما حسر عنه البحر فكل وما ألقى البحر
فكل وما طفا على الماء فلا تأكل فقال أبو زرعة هذا خطأ إنما هو موقوف على
جابر وعبد العزيز بن عبيد الله واهي الحديث انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه
عن أبي أحمد الزبيري ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه ثم قال لم
يسنده عن الثوري غير أبي أحمد وخالفه وكيع وعبد الرزاق ومؤمل وأبو عاصم
وغيرهم عن الثوري فرووه موقوفا وهو الصواب قال وكذلك رواه أيوب
السختياني وعبيد الله بن عمر وابن جريج وزهير وحماد بن سلمة وغيرهم عن
أبي الزبير موقوفا وروى عن إسماعيل بن أمية وابن أبي ذئب عن أبي الزبير مرفوعا
ولا يصح رفعه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية ووقفه غيره ثم رواه من طريق
أبي داود بسنده ومتنه ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أمية به موقوفا
وقال هو الصحيح وأخرجه أيضا عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبد الله عن
وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلوا ما حسر عنه البحر وما
ألقاه وما وجدتموه طافيا فوق الماء أو ميتا فلا تأكلوه انتهى وقال تفرد به
عبد العزيز عن وهب وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به انتهى وأخرجه بن عدي في
الكامل عن عبد العزيز بن عبد الله بن حمزة بن صهيب عن وهب به وضعفه وقال
لا أعلم أحدا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش انتهى
69

ومن حجج الخصوم في إباحة أكل الطافي حديث العنبر وهو في الصحيح من
طرق عن جابر وحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته وحديث أحلت لنا ميتتان
ودمان والله أعلم
فحديث العنبر أخرجه البخاري ومسلم في الصيد والذبائح عن جابر قال
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش وزودنا جربا من تمر لم يجد
لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة فكنا نمصها كما يمص الصغير ثم نشرب عليها
الماء فيكفينا إلى الليل وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله قال فانطلقنا
على ساحل البحر فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر قال أبو عبيدة ميتة ثم قال
لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا قال فأقمنا عليه
شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا ولقد كنا نغترف الدهن من وقب عينيه بالقلال وأخذ
أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامه ثم
رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق فلما قدما المدينة أتينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه
شئ فتطعمونا قال فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله انتهى
وفيه حديث آخر أخرجه مسلم في حديث جابر الطويل في آخر صحيح مسلم
ولفظه قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قوت كل رجل منا كل يوم تمرة فكان
يمصها ثم يصرها في ثوبه وكنا نختبط بقسينا ونأكل حتى قرحت أشداقنا إلى أن
قال وشكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فقال عسى الله أن يطعمكم فأتينا
سيف البحر فزخر البحر زخرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فأطبخنا
واشتوينا وأكلنا وشبعنا قال جابر فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في
حجاج عينها ما يرانا أحد حتى خرجنا ثم أخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثم
دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب
70

فدخل تحته ما يطأطئ رأسه مختصر وهذه واقعة أخرى غير تلك فإن هذه كانت
بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم دون الأولى قاله عبد الحق
قوله وعن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا يعني كراهة أكل الطافي قلت
روى بن أبي شيبة في مصنفه في الصيد كراهيته عن جابر بن عبد الله وعلي وابن
عباس وكذا عن بن المسيب وأبي الشعثاء والنخعي وطاوس والزهري وكذلك
فعل عبد الرزاق في مصنفه وأخرج الدارقطني في سننه إباحته عن أبي بكر
وأبي أيوب
قوله سئل علي عن الجراد يأخذه الرجل من الأرض وفيها الميت وغيره فقال
كله كله قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان
الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال الحيتان والجراد ذكي كله
انتهى ثم أخرج عن معاذ بن هاشم حدثني أبي عن قتادة عن جابر بن زيد قال قال
عمر بن الخطاب الحوت ذكي كله والجراد ذكي كله انتهى وروى الطبراني في
71

معجمه حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي ثنا داود بن رشيد ثنا سويد بن عبد العزيز عن
أبي هاشم الأيلي عن زيد بن أسلم عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل دابة من دواب
البر والبحر ليس لها دم ينعقد فليس لها ذكاة انتهى
72

كتاب الأضحية الحديث الأول قال عليه السلام من أراد منكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره
وأظفاره قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى هلال ذي الحجة منكم وأراد أن يضحي فليمسك عن شعره
وأظفاره انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فرواه وقال صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي في
هذا الحديث دليل على عدم الوجوب الأضحية لأنه علقة بالإرادة والإرادة تنافي
الوجوب وبذلك أيضا استدل بن الجوزي في التحقيق لمذهب أحمد ولم يتعقبه
صاحب التنقيح ولكن تعقبه في كتاب الوصايا حين احتج على داود في اختياره
وجوب الوصية بقوله عليه السلام ما حق امرئ أن يبيت ليلتين وله مال يريد أن
يوصي فيه إلا وصيته مكتوبة عنده قال والإرادة تنافي الوجوب فقال في التنقيح
لا حجة فيه لان الواجب قد تعلق على الإرادة والله أعلم انتهى
73

أحاديث الباب روى أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وسكت
عنه من حديث أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حية عن عكرمة عن بن عباس
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث هن على فرائض وهن لكم تطوع الوتر والنحر
وصلاة الضحى انتهى قال الذهبي في مختصره سكت الحاكم عنه وفيه أبو
جناب الكلبي وقد ضعفه النسائي والدارقطني انتهى وقد تقدم في الوتر
وأخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا كتب على
النحر ولم يكتب عليكم الحديث وجابر الجعفي ضعيف قال صاحب التنقيح
وروي من طرق أخرى وهو ضعيف على كل حال انتهى
الآثار قال السرقسطي في كتابه أخبرنا محمد بن علي ثنا
سعيد بن منصور ثنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن أبي مسعود الأنصاري قال إني لأدع الأضحية
وأنا من أيسركم كراهية أن يعلم الناس أنها حتم واجب انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا
قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن زيد بن الحباب عن عبد الله بن عياش عن
عبد الرحمن بن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له سعة
ولم يضح فلا يقربن مصلانا انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن
راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والدارقطني في سننه والحاكم في
المستدرك في تفسير سورة الحج وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأخرجه
74

في الضحايا عن عبد الله بن يزيد المقري ثنا عبد الله بن عياش به مرفوعا وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه ثم رواه من حديث بن وهب أخبرني عبد الله بن عياش
فذكره موقوفا قال هكذا وقفه بن وهب والزيادة من الثقة مقبولة وعبد الله بن يزيد
المقرئ فوق الثقة انتهى قال في التنقيح حديث بن ماجة رجاله كلهم رجال
الصحيحين إلا عبد الله بن عياش القتبائي فإنه من أفراد مسلم قال وكذلك رواه
حياة بن شريح وغيره عن عبد الله بن عياش به مرفوعا ورواه بن وهب عن عبد الله
بن عباس به موقوفا وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج
عن أبي هريرة موقوفا وهو أشبه بالصواب انتهى وذهل شيخنا علاء الدين مقلدا
لغيره فعزا هذا الحديث للدارقطني فقط قال بن الجوزي في التحقيق وهذا
الحديث لا يدل على الوجوب كما في حديث من أكل الثوم فلا يقربن مصلانا
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب عن أبي بردة بن نيار
قال يا رسول الله إن عندي جذعة قال اذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك ومثل
هذا لا يستعمل إلا في الواجب قال بن الجوزي ومعناه يجزئ في إقامة السنة بدليل أنه
ورد في الحديث فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا
حديث آخر حديث محنف بن سليم على كل أهل بيت في كل عام أضحية
وعتيرة وسيأتي قال بن الجوزي وهذا متروك الظاهر إذ لا يسن العتيرة أصلا
ولو قلنا بوجوب الأضحية كانت على الشخص الواحد لا على جميع أهل البيت انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن المسيب بن شريك ثنا عبيد المكتب عن الشعبي
عن مسروق عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نسخ الأضحى كل ذبح ورمضان كل صوم
قال البيهقي إسناده ضعيف بمرة والمسيب بن شريك متروك وقال في التنقيح قال
الفلاس أجمعوا على ترك حديث المسيب بن شريك انتهى
75

حديث آخر أخرجه الدارقطني عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن
عائشة قالت يا رسول الله أستدين وأضحي قال نعم فإنه دين مقضي انتهى قال
وهرير ضعيف ولم يدرك عائشة
قوله والعتيرة منسوخة وهي شاة تقام في رجب على ما قيل قلت روى الأئمة
الستة في كتبهم من حديث الزهري عن بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا فرع ولا عتيرة انتهى زاد أحمد في مسنده في الاسلام وفي
لفظ للنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الفرع والعتيرة وفي الصحيحين قال والفرع أول
النتاج كان ينتج لهم فيذبحوه لطواغيتهم والعتيرة في رجب انتهى وأسند أبو داود
عن سعيد بن المسيب قال الفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحوه انتهى وقال
الترمذي والعتيرة ذبيحة كانوا يذبحونها في رجب يعظمونه لأنه أول الأشهر الحرم
والفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحونه انتهى وأخرج الدارقطني ثم البيهقي
في سننيهما في الأضحية عن المسيب بن شريك عن عتبة بن اليقظان عن الشعبي عن
مسروق عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخت الزكاة كل صدقة ونسخ صوم
رمضان كل صوم ونسخ غسل الجنابة كل غسل ونسخت الأضاحي كل ذبيح
انتهى وضعفاه قال الدارقطني المسيب بن شريك وعتبة بن اليقظان متروكان
76

انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر النكاح موقوفا على
علي الحديث الثالث روي عن جابر قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البقر عن سبعة
والبدنة عن سبعة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن مالك بن أنس عن أبي الزبير
عن جابر قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة
والبقرة عن سبعة انتهى وفي لفظ لمسلم عن زهير عن أبي الزبير عن جابر قال خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا
في بدنة انتهى أخرجه مسلم والنسائي في الحج والباقون في الضحايا
77

وأخرج أبو داود في الأضحية والنسائي في الحج عن قيس عن عطاء عن جابر
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البقر عن سبعة والجزور عن سبعة انتهى وأخرجه
الدارقطني في سننه عن مجالد عن الشعبي عن جابر مرفوعا نحوه سواء
وأخرج الطبراني في معجمه عن جعفر بن جميع عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة
عن بن مسعود مرفوعا نحوه سواء ويشكل على المذهب في منعهم البدنة عن
عشرة ما أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه عن علياء بن أحمر عن عكرمة عن بن عباس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة سبعة وفي الجزور عشرة انتهى قال
الترمذي حديث حسن غريب قال البيهقي في المعرفة وحديث زهير عن أبي
الزبير عن جابر في اشتراكهم وهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجزور عن سبعة أصح
أخرجه مسلم ثم روي من طريق بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن مروان بن
الحكم والمسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد زيارة البيت وساق
معه الهدي سبعين بدنة عن سبعمائة رجل كل بدنة عن عشرة قال البيهقي وقد رواه
معمر وسفيان بن عيينة عن الزهري بهذا الاسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية
في بضع عشرة مائة وعلى ذلك يدل رواية جابر وسلمة بن الأكوع ومعقل بن يسار
78

والبراء بن عازب وكلهم شهدوا الحديبية وكأنهم نحروا
السبعين عن بعضهم ونحروا البقر عن الباقين عن كل سبعة بقرة انتهى وقال الواقدي في المغازي رواية
من روى البدنة عن سبعة أثبت من الذين رووا عن عشرة فان الهدي كان يومئذ سبعين
بدنة والقوم كانوا ست عشرة مائة انتهى وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد
بن بشار ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال نحرنا يوم الحديبية
سبعين بدنة البدنة عن عشرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشترك البقر في الهدي
انتهى وقال صحيح على شرط مسلم ثم أخرجه عن الحسين بن واقد عن عكرمة
عن بن عباس قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر النحر فاشتركنا في البقرة
عن سبعة وفي الجزور عن عشرة انتهى وقال على شرط البخاري ويشكل على
المذهب أيضا في منعهم الشاة لأكثر من واحد بالأحاديث المتقدمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى
بكبش عنه وعن أمته وأخرج الحاكم عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن
هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو صغير فمسح رأسه ودعا له قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة
عن جميع أهله انتهى وقال صحيح الاسناد وهو خلاف من يقول إنها لا تجزئ الا
عن الواحد انتهى
79

كلام الحديث الرابع قال عليه السلام على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة
قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن بن عون عن أبي رملة ثنا مخنف بن سليم
قال كنا وقوفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فقال يا أيها الناس على كل أهل بيت في
كل عام أضحاة وعتيرة أتدرون ما العتيرة هي التي يقول الناس انها الرجيبة
انتهى ذكره النسائي في الفرع والعتيرة والباقون في الضحايا قال الترمذي
حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا الا من هذا الوجه من حديث بن عون انتهى
ورواه أحمد وابن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم والبيهقي
في سننه والطبراني في معجمه وقال عبد الحق إسناده ضعيف قال بن
القطان وعلته الجهل بحال أبي رملة واسمه عامر فإنه لا يعرف الا بهذا يرويه عنه بن
عون وقد رواه عنه أيضا ابنه حبيب بن مخنف وهو مجهول أيضا كأبيه انتهى
قلت رواه من هذه الطريق عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني
عبد الكريم عن حبيب بن مخنف بن سليم عن أبيه قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة
وهو يقول هل تعرفونها فلا أدري ما رجعوا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم على أهل كل بيت
أن يذبحوا شاة في رجب وفي كل أضحى شاة انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه
الطبراني في معجمه بسنده ومتنه وقال البيهقي في المعرفة ان صح هذا فالمراد
به على طريق الاستحباب بدليل أنه قرن بين الأضحية والعتيرة غير واجبة بالاجماع
انتهى
قوله ويروي على كل مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة قلت رواية غريبة
80

وجهل من استشهد بحديث مخنف بن سليم المتقدم
قوله روي أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان إذا كانا مسافرين قلت غريب
قوله وعن علي رضي الله عنه ليس على المسافر جمعة ولا أضحية قلت
غريب وجهل من قال إنه تقدم في الجمعة والذي تقدم في الجمعة إنما حديث علي
مرفوعا لا جمعة ولا تشريق ولا أضحي ولا فطر الا في مصر جامع لم يتقدم
غيره
الحديث الخامس قال عليه السلام من ذبح قبل الصلاة فليعد ذبيحته ومن
81

ذبح بعد الصلاة فقد تنسكه وأصاب سنة المسلمين قلت أخرجه البخاري
ومسلم عن البراء بن عازب قال ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم تلك شاة لحم فقال يا رسول الله ان عندي جذعة من المعز فقال ضح بها
ولا تصلح لغير ثم قال من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد
الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين انتهى وأخرجه البخاري عن أنس
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذبح قبل الصلاة فليعد ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه
وأصاب سنة المسلمين انتهى
الحديث السادس قال عليه السلام ان أول نسكنا في هذا اليوم الصلاة ثم
الأضحية قلت أخرجه البخاري ومسلم بمعناه عن البراء بن عازب قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل
ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهل ليس من النسك في
82

شئ انتهى احتج به المصنف وبالذي قبله على الشافعي ومالك في منعهما
الأضحية بعد الصلاة قبل نحر الامام واستدل عليهما بن الجوزي أيضا بما أخرجه في
الصحيحين عن جندب بن سفيان البجلي أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى قال
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو باللحم وذبائح الاضحي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
انها ذبحت قبل أن يصلي فقال عليه السلام من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح
مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله انتهى واحتج لهما
بما رواه مسلم في صحيحه عن بن جريج أخبرني أبو الزبير سمع جابر بن عبد الله
يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي
صلى الله عليه وسلم قد نحر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا تنحروا حتى
ينحر النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام وأيام التشريق كلها أيام ذبح قلت رواه
أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين من القسم
الثالث من حديث عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
كل أيام التشريق ذبح وعرفة كلها موقف إلى آخره وقد ذكرنا بتمامه في
الحج ورواه البزار في مسنده وقال بن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم
83

ورواه البيهقي في المعرفة ولم يذكر فيه انقطاعا وأخرجه الدارقطني في سننه عن
أبي معبد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن دينار عن جبير بن مطعم مرفوعا وأبو
معيد بمثناة فيه لين وأخرجه هو والبزار عن سويد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى
عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه مرفوعا قال البزار لا نعلم قال فيه عن نافع بن جبير
عن أبيه الا سويد بن عبد العزيز وهو ليس بالحافظ ولا يحتج به إذا انفرد وحديث بن
أبي حسين هو الصواب مع أن بن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم انتهى وأخرجه
أحمد أيضا والبيهقي عن سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
البيهقي وسليمان بن موسى لم يدرك جبير بن مطعم وأخرجه بن عدي في
الكامل عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن بن المسيب عن أبي سعيد الخدري
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيام التشريق كلها ذبح انتهى وضعف معاوية بن يحيى عن
النسائي والسعدي وابن معين وعلي بن المديني ووافقهم وقال بن أبي حاتم في
كتاب العلل قال أبي هذا حديث موضوع بهذا الاسناد انتهى وقيل معاوية
محمد بن شعيب
قوله روى عن عمر وعلي وابن عباس أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أفضلها
أولها قلت غريب جدا وتقدم نحوه في الحج في الحديث الرابع والستين وروى
84

مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول الأضحى يومان بعد يوم
الأضحى انتهى مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يقول مثل ذلك انتهى
الحديث الثامن قال عليه السلام لا يجزئ في الضحايا أربعة العوراء البين
عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنفى قلت
أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة أخبرني سليمان بن عبد الرحمن سمعت عبيد بن
فيروز قال سألت البراء بن عازب عما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه من الأضاحي فقال قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصابعي أقصر من أصابعه وأناملي أقصر من أنامله فقال أربع لا
تجوز في الضحايا العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها
والكسير التي لا تنقى انتهى
85

وقال الترمذي العجفاء عوض الكسير وقال حديث حسن صحيح لا
نعرفه الا من حديث عبيد بفيروز عن البراء انتهى ورواه أحمد في مسنده ومن
طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك في الحج ورواه مالك في الموطأ عن
عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز عن البراء وقال العجفاء وأخرجه الحاكم أيضا
عن أيوب بن سويد ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن البراء بمثله وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه إنما أخرج مسلم حديث
سليمان بن عبد الله عن عبيد بن فيروز عن البراء وهو مما أخذ على مسلم لاختلاف
الناقلين فيه وأصحه حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ان سلم من أيوب بن
سويد انتهى كلامه قال الذهبي في مختصره وأيوب بن سويد ضعفه أحمد
انتهى قلت وعلي الحاكم ههنا اعتراضان أحدهما ان حديث عبيد بن فيروز عن
البراء لم يروه مسلم وإنما رواه أصحاب السنن والآخر أنه صحح حديث أيوب بن
سويد ثم جرحه
الحديث التاسع قال عليه السلام استشرفوا العين والاذن قلت روى من
حديث علي ومن حديث حذيفة
فحديث علي أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن أبي إسحاق عن شريح بن
النعمان عن علي قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستشرف العين والاذن انتهى قال
الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وقال إسناده
صحيح ورووه أيضا الا أبا داود عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن
86

علي بنحوه وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه
في النوع السادس والثمانين من القسم الأول والحاكم في المستدرك وصحح
إسناده أيضا وقال لم يحتج الشيخان بحجية بن عدي وهو من كبار أصحاب علي
وأما حديث حذيفة فأخرجه البزار في مسنده والطبراني في معجمه
الوسط عن محمد بن كثير الملائي القرشي ثنا أبو سنان عن أبي إسحاق
الشيباني عن صلة بن زفر عن حذيفة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين
والاذن انتهى بلفظ البزار قال الطبراني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استشرفوا العين
والاذن انتهى وقال لا يروي عن حذيفة الا بهذا الاسناد وكذلك قال البزار
وزاد وقد روى عن علي من غير وجه انتهى
الحديث العاشر حديث سعد بن أبي وقاص والثلث كثير أخرجه الأئمة الستة
87

وسيأتي في الوصايا
الحديث الحادي عشر وقد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين
موجوءين قلت روى من حديث جابر ومن حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة
ومن حديث أبي رافع ومن حديث أبي الدرداء
أما حديث جابر فأخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن إسحاق عن يزيد بن أبي
حبيب عن أبي عياش المعافري عن جابر بن عبد الله قال ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر
كبشين أقرنين أملحين موجوءين الحديث وقد تقدم في باب الحج عن الغير
وأما حديث عائشة وأبي هريرة فرواه بن ماجة في سننه من طريق عبد الرزاق
أنبأ سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن عائشة وأبي هريرة
ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين
موجوءين الحديث ورواه أحمد في مسنده ورواه أيضا حدثنا إسحاق بن
يوسف ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عائشة
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن
88

محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعائشة فذكره وبهذا الاسناد الأخير
رواه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد وسكت عنه وأخرج أبو نعيم في
الحلية في ترجمة بن المبارك عنه عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه سمعت أبا هريرة
يقول ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين الحديث وقال مشهور
من غير وجه غريب من حديث يحيى انتهى
89

وأما حديث أبي رافع فأخرجه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما
والطبراني في معجمه عن شر ك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين
عن أبي رافع ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين خصيين
الحديث
وأما حديث أبي الدرداء فأخرجه أحمد في مسنده عنه قال ضحى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بكبشين جذعين موجوءين انتهى قال المنذري في حواشيه المحفوظ
موجوءين أي منزعي الأنثيين قاله أبو موسى الأصبهاني وقال الجوهري
وغيره الوجاء بالكسر والمد رض عرق الأنثيين قال الهروي والأنثيان بحالهما
وقال في النهاية ومنهم من يرويه موجيين بغير همز على التخفيف ف ويكون من وجيته
وحيا فهو موجي قال هذا الذي ذكره هو الذي وقع في سماعنا انتهى وذهل
شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره عن السنن فعزا هذا الحديث لأحمد عن أبي رافع فقط
قوله لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم التضحية بغير الإبل
والبقر والغنم قلت أما الإبل ففي مسلم في حديث جابر الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر
بيده يوم النحر ثلاثا وستين بدنة وأما البقر ففي الصحيحين عن جابر وعائشة أن
النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين فلم ينقل خلافه
الحديث الثاني عشر قال عليه السلام ضحوا بالثنايا إلا أن يعسر على أحدكم
90

فليذبح الجذع من الضأن قلت أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن
انتهى
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام نعمت الأضحية الجذع من الضأن
قلت أخرجه الترمذي عن عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش
قال جلبت غنما جذعا إلا المدينة فكسدت علي فلقيت أبا هريرة فسألته فقال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن قال
فانتبه الناس انتهى وقال حديث غريب وقد روى عن أبي هريرة موقوفا قال
وكيع الجذع يكون بن سبعة أشهر أو ستة أشهر انتهى وقال في علله الكبير
سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال رواه عثمان بن واقد فرفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم ورواه غيره فوقفه على أبي هريرة وسألته عن اسم أبي كباش فلم يعرفه
انتهى
أحاديث الباب أخرجه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر قال قسم النبي صلى الله عليه وسلم
بين أصحابه ضحايا فصارت لي جذعة قلت يا رسول الله صات لي جذعة فقال
ضح بها انتهى قال المنذري في مختصره وقد وقع لنا حديث عقبة بن عامر
هذا ومن رواية يحيى بن بكير عن الليث بن سعيد وفيه ولا رخصة لاحد فيها بعدك قال
91

البيهقي فهذه الزيادة إذا كانت محفوظة كانت رخصة له كما رخص لأبي بردة بن
نيار حين قال عنيد جذعة خير من مسنة فقال عليه السلام اذبحها ولن تجزئ عن
أحد بعدك أخرجاه في الصحيحين قال وعلى هذا يحمل حديث زيد بن خالد
الذي أخرجه أبو داود قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا فأعطاني عتودا
جذعا قال فرجعت به إليه فقلت إنه جذع قال ضح به فضحيت به وفي
سنده محمد بن إسحاق وقال غيره حديث عقبة منسوخ بحديث أبي بردة لقوله
ولن تجزئ عن أحد بعدك قال المنذري وفي هذا نظر فإن فحديث عقبة أيضا ولا
رخصة لاحد فيها بعدك وأيضا فإنه لا يعرف المتقدم منها من المتأخر وقد أشار
البيهقي إلى أن الرخصة أيضا لعقبة وزيد بن خالد كما كانت لأبي بردة انتهى
قلت وفاتهم حديث أبي زياد الأنصاري واسمه عمرو بن أخطب رواه بن ماجة في
سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي
زيد الأنصاري قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار فوجد ريح قتار فقال
من هذا الذي ذبح فخرج إليه رجل منا فقال أنا يا رسول الله ذبحت قبل أن أصلي
لأطعم أهلي وجيراني فأمره أن يعيد فقال لا والله الذي لا إله إلا هو ما عندي إلا
جذع أو حمل من الضأن قال اذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك انتهى
حديث آخر روى بن ماجة في سننه حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم عن
92

أنس بن عياض عن محمد بن أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال
عن أبيها هلال الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجوز الجذع من الضأن أضحية
انتهى
الحديث الرابع عشر روى أنه عليه السلام ضحى عن أمته قلت تقدم
في الحج وغيره
الحديث الخامس عشر قال عليه السلام كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي
فكلوا منها وادخروا قلت أخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال بعد كلوا وتزودوا وادخروا انتهى
وأخرج أيضا عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أهل
المدينة لا تأكلوا لحم الأضاحي فوق ثلاث فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالا
وحشما وخدما فقال كلوا وأطعموا واحبسوا وادخروا انتهى ووهم
الحاكم في المستدرك فرواه وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأخرج
93

مسلم أيضا عن عائشة قالوا يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم
ويجعلون فيها الودك قال قال وما ذاك قالوا نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث
فقال إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت فكلوا وادخروا وتصدقوا انتهى
وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحى منكم
فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شئ فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله
نفعل كما فعلنا عام الماضي قال كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس
جهد فأردت أن تعينوا فيها انتهى وأخرج أبو داود عن نبيشة الهذلي قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم جاء
الله بالسعة فكلوا وادخروا وأتجروا ألا وإن هذه الأيام أيا م أكل وشرب وذكر الله
عز وجل انتهى
الحديث السادس عشر قال عليه السلام من باع جلد أضحية فلا أضحية له
94

قلت رواه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الحج من حديث زيد بن الحباب عن
عبد الله بن عياش المصري عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظه سواء وقال
حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه البيهقي في سننه
الحديث السابع عشر قال عليه السلام لعلي تصدق بجلالها وخطامها ولا
تعط أجر الجزار منها قلت أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى عن علي قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنته وأقسم جلودها
وجلالها وأمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا انتهى
وقد تقدم في الهدي والمصنف احتج به وبالذي قبله على كراهية بيع جلد
الأضحية مع جوازه وهو خلاف ظاهر اللفظ وقد احتج بن الجوزي بظاهر هذا الثاني
على التحريم والله أعلم
الحديث الثامن عشر قال عليه السلام لفاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه
يغفر لك بأول قطرة من دماها كل ذنب قلت روى من حديث عمران بن حصين
95

ومن حديث أبي سعيد الخدري ومن حديث علي بن أبي طالب
الله تبارك وتعالى أما حديث عمران فرواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي حمزة الثمالي
عن سعيد بن جبير عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة قومي إلى أضحيتك
فاشهديها فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه وقولي إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله إلى قوله من المسلمين قال عمران قلت
يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة أم للمسلمين عامة قال لا بل للمسلمين
عامة انتهى ورواه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه قال البيهقي
في إسناده مقال وقال الذهبي في مختصره للمستدرك أبو حمزة الثمالي ضعيف
جدا انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن آدم وأبو بكر بن
عياش عن ثابت عن أبي إسحاق عن عمران بن حصين فذكره
وأما حديث الخدري فرواه الحاكم أيضا من حديث عمرو بن قيس عن عطية عن
أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فان
لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك فقالت فاطمة يا رسول
الله هذا لنا أهل البيت خاصة أو لنا وللمسلمين عامة قال لا بل لنا وللمسلمين عامة
96

انتهى وسكت عنه ورواه البزار في مسنده قال الذهبي وعطية واه قا البزار
لا نعلم له طريقا عن أبي سعيد أحسن من هذه الطريق وعمرو بن قيس كان من أفاضل
الكوفة وعبادهم ممن يكتب حديثه انتهى
97

وأما حديث علي فأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب
والترهيب وأبو الفتح سليم بن أيوب الفقيه الشافعي في كتاب الترغيب عن مسلم بن
إبراهيم ثنا سعيد بن زيد ثنا عمرو بن خالد مولى بني هشام عن محمد بن علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
يا فاطمة إلى آخره قال أبو الفتح وسعيد بن زيد هو أبو حماد بن زيد انتهى
98

كتاب الكراهية
الحديث الأول قال عليه السلام في الذي يشرب من اناء الذهب والفضة إنما
يجرجر في بطنه نار جهنم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية
فضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم انتهى وفي لفظ لمسلم من شرب في اناء
ذهب أو فضة وفي لفظ له الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة ولم يذكر
البخاري الاكل ولا ذكر الذهب أخرجه البخاري في الأشربة ومسلم في أول
اللباس وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن يحيى بن محمد الجاري ثنا زكريا
99

بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه عن عبد الله بن عمر بنحوه وزاد في آنية
الذهب والفضة أو فيه شئ من ذلك ويحيى الجاري فيه مقال أخرجاه في الطهارة
قال في الامام الآنية جمع اناء نحو حمار وأحمرة لا كما يظن العامة أنها واحدة
وهو غلط ويوضحه قوله في صفة الحوض آنية مثل نجوم السماء
الحديث الثاني روى أن أبا هريرة أتى بشراب في إناء فضة فلم يقبل وقال نهانا
عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت غريب عن أبي هريرة وهو في الكتب الستة عن حذيفة من
رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى قال استسقى حذيفة فسقاه مجوسي في اناء من فضة
فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا
في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة
100

انتهى أخرجه البخاري في الأشربة والأطعمة واللباس ومسلم في الأطعمة
101

وأبو داود والترمذي في الأشربة وابن ماجة في الأشربة واللباس والنسائي
في الزينة وفي الوليمة
102

الحديث الثالث قال عليه السلام من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم
قلت أخرج مسلم بمعناه الصحيح في النكاح عن ثابت بن عياض الأعرج على أبي
هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من
يأباها ومن من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله انتهى هكذا رواه مسلم
مرفوعا ورواه الباقون الا الترمذي موقوفا من حديث بن شهاب عن الأعرج عن
أبي هريرة أنه كان يقول شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء
ومن لم يجب دعوة فقد عصى الله ورسوله انتهى أخرجه البخاري وابن ماجة في
النكاح وأبو داود في الأطعمة والنسائي في الوليمة ولكنه موقوف في
حكم المرفوع
حديث آخر رواه أبو داود في الأطعمة حدثنا مسدد بن مسرهد عن درست بن
زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي فلم
يجب فقد عصى الله ورسوله ومن دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا
انتهى وأبان بن طارق قال أبو زرعة هو شيخ مجهول وقال بن عدي لا
يعرف الا بهذا الحديث ولا الحديث الا به ودرست بن زياد أيضا لا يحتج بحديثه
103

وقيل هو درست بن حمزة وقيل بل هما اثنان ضعيفان قاله المنذري لكن رواه
أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا زهير ثنا يونس بن محمد ثنا عبد الله بن عمر عن
نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم
يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله انتهى
فصل في اللبس
الحديث الرابع روي أنه عليه السلام نهى عن لبس الحرير والديباج وقال إنما
يلبسه من لا خلاق له في الآخر قلت هما حديثان فالأول أخرجه الجماعة عن
حذيفة وعن البراء بن عازب فحذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تلبسوا
الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها
لهم في الدنيا ولكم في الآخرة انتهى وقد تقدم قريبا وحديث البراء بن عازب
قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع وفيه وعن الديباج والحرير والثاني
أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن عبد الله بن عمر ان عمر بن الخطاب رأى حلة عند
سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا
104

عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر منها حلة فقال عمر يا رسول الله
كسوتنيها وقد قلت ما قلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لم أكسكها لتلبسها فكساها
عمر أخا له مشركا انتهى وهذا الأخ كان أخا عمر من أمه صرح بذلك في
الحديث عند النسائي قال فكساها عمر أخا له من أمه مشركا قيل إن اسمه عثمان
بن حكيم فأما أخوه زيد بن الخطاب فإنه أسلم قبل عمر رواه في الجمعة
واللباس
الحديث الخامس روي عن عدة من الصحابة منهم علي رضي الله عنه انه عليه
السلام خرج وبإحدى يديه حرير وبالأخرى ذهب وقال هذان حرامان على ذكور
أمتي حلال لإناثهم قلت حديث علي رواه أبو داود وابن ماجة في اللباس
والنسائي في الزينة وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في
النوع الثامن عشر من القسم الثاني منه عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي بن أبي
طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن
هذين حرام على ذكور أمتي زاد بن ماجة حل لإناثهم انتهى ولحديث علي
هذا وجهان أحدهما من جهة الليث واختلف عليه فيه فرواه قتيبة عنه عن يزيد بن
105

أبي حبيب عن أبي أفلح الهمداني عن عبد الله بن زرير
أنه سمع علي بن أبي طالب هكذا هكذا أخرجه أبو داود والنسائي ورواه بن المبارك عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بن أبن الصعبة عن رجل من همدان يقال له
أفلح عن بن زرير ورواه عيسى بن حماد عن أبيه عن يزيد عن بن أبي الصعبة عن رجل من همدان يقال له أبو أفلح عن بن زرير هكذا أخرجه النسائي وقال وحديث بن المبارك أولى
بالصواب الا قوله عن أفلح فان أبا أفلح أولى بالصواب انتهى الوجه الثاني من
جهة بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد العزيز بن أبي الصعبة عن أبي أفلح
الهمداني رواه عن محمد بن إسحاق يزيد بن هارون ومن جهته أخرجه النسائي
وعبد الرحيم بن سليمان ومن جهته أخرجه بن ماجة وقال عن أبي الأفلح بالتعريف
وذكر عبد الحق في أحكامه هذا الحديث من جهة النسائي ونقل عن بن المديني أنه
قال فيه حديث حسن ورجاله معروفون قال بن القطان في كتابه هكذا قال
وأبو أفلح مجهول وعبد الله بن زرير مجهول الحال قال الشيخ في الامام وعبد الله
بن زرير ذكره بن سعد في الطبقات ووثقه وقال توفي سنة إحدى وثمانين في
خلافة عبد الملك بن مروان انتهى ولم يعزه شيخنا علاء الدين الا للنسائي فقط
وقلد غيره في ذلك وكأنه نظر أحكام عبد الحق فإنه ذكره من جهته فقط وأما حديث أبي موسى فأخرجه الترمذي والنسائي عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حرم لباس
الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم قال الترمذي حديث حسن
صحيح وفي الباب عن عمر وعلي وعقبة بن عامر وأم هاني وأنس وحذيفة
وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين وعبد الله بن الزبير وجابر وأبي ريحانة
وابن عمر والبراء انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه
قال بن حبان في صحيحه وخبر سعيد بن أبي هند عن أبي موسى في هذا الباب
معلول لا يصح انتهى وقال الدارقطني في كتاب العلل وقد رواه أسامة بن زيد عن
سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى عقيل عن أبي موسى ورواه عبيد الله بن عمر
106

العمري عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن رجل عن أبي موسى قال وهذا أشبه
بالصواب لان سعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى شيئا ورواه سويد بن
عبد العزيز عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي موسى ووهم في
موضعين في قوله سعيد المقبري وإنما هو سعيد بن أبي هند وفي تركه نافعا من
الاسناد انتهى كلامه وقال في باب مسند بن عمر وقد روى هذا الحديث عبيد الله
بن عمر عن نافع عن بن عمر واختلف عنه فرواه يحيى بن سليم الطائفي عن عبيد الله
عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على
ذكورها وتابعه بقية بن الوليد عن عبيد الله وكلاهما وهم فقد روى طلق بن حبيب
قال قلت لابن عمر سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في الحرير شيئا قال لا فهذا يدل على
وهمها وإنما الصحيح عن عبيد الله عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى
وسعيد لم يسمعه من أبي موسى كما بيناه في مسند أبي موسى والله أعلم انتهى
وأما حديث عبد الله بن عمرو فرواه إسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى
الموصلي في مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه من
حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن
عمرو قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم وفي إحدى يديه ثوب من حرير وفي الأخرى ذهب
فقال إن هذين محرم على ذكور أمتي حل لإناثهم انتهى
وأما حديث عمر فأخرجه البزار في مسنده عن عمرو بن جرير عن إسماعيل
بن خالد عن قيس بن أبي حازم عن عمر بنحو حديث عبد الله بن عمرو سواء قال
البزار وعمرو بن جرير لين الحديث وقد روى هذا عن غير عمر ولا نعلم فيه حديثا
ثابتا انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه البزار في مسنده أيضا حدثنا إبراهيم بن زياد
الصائغ ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن
طاوس عن بن عباس بنحو سواء ورواه الطبراني في معجمه عن إسماعيل
107

بن مسلم به
وأما حديث زيد بن أرقم فرواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا سعيد بن
سليمان ثنا عباد ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا بن زيد بن أرقم أخبرتني أنيسة بنت زيد عن
أبيها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب والحرير حل لإناث أمتي حرام على
ذكورها انتهى
وأما حديث واثلة بن الأسقع فرواه الطبراني في معجمه حدثنا إسماعيل بن
قيراط ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن عبد الرحمن حدثتني أسماء بنت واثلة عن
أبيها بنحو حديث زيد بن أرقم سواء
وأما حديث عقبة بن عامر الجهني فرواه أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر
حدثنا أحمد بن حماد زغبة ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب حدثني الحسن بن
ثوبان وعمرو بن الحارث عن هشام بن أبي رقية سمعت مسلمة بن مخلد سمعت عقبة
بن عامر الجهني يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بلفظ حديث زيد بن أرقم
الحديث السادس روي أنه عليه السلام نهى عن لبس الحرير الا موضع إصبعين
أو ثلاثة أو أربعة قلت أخرجه مسلم عن قتادة عن الشعبي عن سويد بن غفلة ان عمر
بن الخطا ب خطب بالجابية فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير الا موضع
إصبعين أو ثلاث أو أربع انتهى قال الدارقطني لم يرفعه عن الشعبي غير قتادة
وهو مدلس فلعله بلغه عنه وقد رواه بيان وداود بن أبي هند وابن أبي السفر عن
108

الشعبي عن سويد عن عمر قوله انتهى قلت رواه النسائي موقوفا وأخرج
الجماعة الا الترمذي عن أبي عثمان النهدي قال أتانا كتاب عمر ونحن مع عتبة
بن فرقد بآذربيجان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير الا هكذا وأشار بأصبعين
اللتين تليان الابهام قال أبو عثمان فيما علمنا أنه يعني الاعلام انتهى زاد
أبو داود وابن ماجة فيه الا هكذا وهكذا إصبعين وثلاثة وأربعة
الحديث السابع روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس جبة مكفوفة بالحرير
قلت أخرجه مسلم عن عبد الله أبي عمر مولى أسماء بنت أبي بكر قال رأيت بن عمر
في السوق وقد اشترى ثوبا شاميا فرأى فيه خيطا أحمر فرده فأتيت أسماء فذكرت
ذلك لها فقالت يا جارية ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجت لي جبة طيالسة
كسروانية لها لينة ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج فقالت كانت هذه عند عائشة
حتى قبضت فلما قبضت أخذتها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى
تستشفى بها انتهى ورواه أبو داود ولفظه فأخرجت لي جبة مكفوفة الجيب
والكمين والفرجين بالديباج ورواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب ولفظه
قال أخرجت لي أسماء جبة من طيالسة عليها لينة شبر من ديباج وأن فرجيها مكفوفان
به فقالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها للوفد وللجمعة انتهى
وفي الباب حديث خصيف عن عكرمة عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن المصمت من الحرير فأما العلم وشبهه فلا بأس به انتهى قال السرقسطي
المصمت المبهم الذي ليس معه غيره انتهى
109

قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال إياكم وزي الأعاجم قلت رواه بن حبان
في صحيحه في النوع التاسع من القسم الرابع من حديث شعبة عن قتادة قال
سمعت أبا عثمان يقول أتانا كتاب عمر ونحن بآذربيجان مع عتبة بن فرقد أما بعد
فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وارموا بالخفاف واقطعوا السراويلات وعليكم بلباس
أبيكم إسماعيل وأيكم والتنعم وزي العجم وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب
واخشوشنوا واخشوشنوا واخلولقوا وارموا الأغراض وانزوا نزوا وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن
الحرير الا هكذا وضم أصبعيه السبابة والوسطى انتهى ورواه البيهقي في شعب
الايمان في الباب التاسع والثلاثين عن الحاكم بسنده إلى الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو
النضر ثنا شعبة به سواء وأخرجه مسلم في صحيحه بلفظ وإياكم والتنعم وزي
أهل الشرك ولبوس الحرير والمصنف استدل بهذا الأثر للصاحبين على كراهية توسد
الحرير ولو استدل على ذلك بحديث حذيفة لكان أولى أخرجه البخاري عن بن أبي
ليلى عن حذيفة قال نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها
وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه انتهى وهو من مفردات البخاري ولم
أجد الحميدي ذكره وذكره عبد الحق في الجمع بين الصحيحين
الحديث الثامن روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على مرفقة حرير قلت غريب جدا
قوله وروي أنه كان على بساط بن عباس مرفقة حرير قلت يشكل على
المذهب حديث حذيفة قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة
وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه انتهى أخرجه البخاري
رواه بن سعد في الثقات في ترجمة بن عباس وهي في أول الطبقة الخامسة ممن
مات مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم أحداث الأسنان فقال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا مسعر
عن راشد مولى لبني عامر قال رأيت على فراش بن عباس مرفقة حرير انتهى
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا عمرو بن أبي المقدام عن مؤذن بني وادعة قال دخلت
على عبد الله بن عباس وهو متكئ على مرفقة حرير وسعيد بن جبير عند رجليه وهو
يقول له انظر كيف تحدث عني فإنك حفظت عني كثيرا انتهى
110

الحديث التاسع روى الشعبي ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص في لباس الحرير عند القتال قلت
غريب عن الشعبي ورواه بن عدي في الكامل من حديث بقية عن عيسى بن إبراهيم
بن طهمان الهاشمي عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في لباس الحرير عند القتال انتهى وأعله
عبد الحق في أحكامه بعيسى هذا وقال إنه ضعيف عندهم بل متروك قال بن
القطان في كتابه وبقية لا يحتج به وعيسى ضعيف وموسى بن أبي حبيب ضعيف
أيضا انتهى وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عبد الرحمن بن عوف
أخبرنا القاسم بن مالك المزني عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال كان المسلمون
يلبسون الحرير في الحرب انتهى
قوله روي أن الصحابة كانوا يلبسون الخز قلت فيه آثار منها ما رواه البخاري
في كتابه المفرد في القراءة خلف الإمام حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن قتادة عن
زرارة قال رأيت عمران بن حصين يلبس الخز انتهى
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى
111

بن أبي إسحاق قال رأيت على أنس بن مالك مطرف خز انتهى ورواه عبد الرزاق
وأخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري قال رأيت على أنس بن مالك جبة خز وكساء
خز وأنا أطوف بالبيت مع سعيد بن جبير انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه
البيهقي في شعب الايمان في الباب التاسع والثلاثين
حديث آخر قال بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن
العيزار بن حريث قال رأيت الحسين بن علي وعليه كساء خز انتهى ورواه
الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا يحيى بن عبد الحميد
الحماني ثنا المطلب بن زياد عن السدي قال رأيت الحسين بن علي وعليه عمامة خز
112

وقد أخرج شعره من تحت العمامة انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن سفيان عن عمرو بن دينار سمع
صفوان بن عبد الله بن صفوان يقول استأذن سعد علي بن عامر وتحته مرافق من
حرير فأمر بها فرفعت فدخل سعد وعليه مطرف خز فقال له بن عامر استأذنت
علي وتحتي مرافق من حرير فأمر بها فرفعت فقال له نعم الرجل أنت يا بن عامر
وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
حديث آخر قال عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر العمري أخبرني وهب بن
كيسان قال رأيت ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسون الخز سعد بن أبي
وقاص وابن عمر وجابر بن عبد الله وأبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك
انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي في شعب الايمان
حديث آخر أخرجه البيهقي في الشعب أيضا عن عبد السلام بن حرب
عن مالك بن دينار عن عكرمة عن بن عباس أنه كان يلبس الخز وقال إنما يكره المصمت
من الحرير انتهى
حديث آخر قال بن أبي شيبة حدثنا أبو داود الطيالسي عن عمران القطان
أخبرني عمار قال رأيت على أبي قتادة مطرف خز ورأيت على أبي هريرة مطرف
خز ورأيت علي بن عباس مالا أحصي انتهى
113

حديث آخر قال بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني قال رأيت على
عبد الله بن أبي أوفي مطرف خز انتهى ورواه بن سعد في الطبقات أخبرنا
عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني عن أبي سعد البقال قال رأيت عبد الله بن أبي
أوفى وعليه برنس خز انتهى
حديث آخر وقال أيضا حدثنا وكيع عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال كان
لأبي بكرة مطر ف خز سداه حرير فكان يلبسه انتهى ورواه بن سعد في الطبقات
أخبرنا يزيد بن هارون أنبأ عيينة بن عبد الرحمن به
حديث آخر قال الطبراني في معجمه حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا زيد
بن أحزم ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يونس عن عمار بن أبي عمار قال رأيت زيد
بن ثابت وابن عباس وأبا هريرة وأبا قتادة يلبسون مطارف الخز انتهى ذكره
في ترجمة أبي قتادة واسمه الحارث بن ربعي
حديث آخر أخرجه البيهقي في الشعب أيضا عن عبد الله بن محمد بن أسماء
قال حدثني جويرية بن أسماء عن نافع ان بن عمر كان ربما لبس مطرف الخز ثمنه
خمسمائة درهم انتهى
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى ثنا
الجعيد بن عبد الرحمن قال رأيت السائب بن يزيد وهو بن أربع وسبعين سنة
وكان جلدا معتدلا وكان عليه كساء خز وجبة خز وقطيفة خز ملتحفا بها عليه
حديث آخر قال إسحاق أيضا أخبرنا الفضل بن دكين الملائي ثنا قطر بن خليفة
مولى عمرو بن حريث قال رأيت على عمرو بن حريث مطرف خز انتهى
حديث آخر رواه النسائي في كتاب الكنى أخبرنا أحمد بن علي بن سعيد ثنا
يحيى بن معين ثنا محمد بن يزيد ثنا أبو جارية بن بلج قال رأيت لبى بن لبا رجلا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مطرف خز انتهى
114

حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سملة
ثنا ثابت البناني أن عائذ بن عمرو المزني كان يلبس الخز انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا يحيى بن عبد الباقي
ثنا إدريس بن أبي الرباب ثنا رديح بن عطية ثنا إبراهيم بن أبي عبلة قال رأيت أبا أبي
بن أم حرام وأخبرني أنه صلى مع القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه كساء خز انتهى
وابن أم حرام اسمه عبد الله وهو بن امرأة عبادة بن الصامت انتهى
حديث آخر وروى فيه أيضا حدثنا موسى بن عيسى بن المنذر ثنا أبي ثنا بقية عن
إبراهيم بن أبي عبلة قال أدركت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له الأفطس
فرأيت عليه ثوب خز انتهى
حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عثمان أخبرنا الواقدي ثنا
بن أبي سبرة عن مروان بن أبي سعيد بن المعلي حدثني الأعرج عن محمد بن ربيعة بن الحارث
115

قال رأيت على عثمان بن عفان مطرف خز ثمنه مائتي درهم انتهى
حديث آخر رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن سعد الدشتكي عن
أبيه قال رأيت رجلا ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء وقال كسانيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود وسكت
عنه وتعقبه بن القطان فقال وعبد الله بن سعد وأبوه والرجل الذي ادعى
الصحبة كلهم لا يعرفون أما سعد والد عبد الله فلا يعرف روى عنه غير ابنه عبد الله
هذا الحديث الواحد وأما أبوه عبد الله فقد روى عنه جماعة وله بن يقال له
عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي مروزي صدوق وله بن اسمه أحمد بن
عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد وهو شيخ لأبي داود وعنه يروي هذا الحديث
انتهى
الأحاديث المرفوعة أخرج أبو داود في سننه عن خصيف عن عكرمة عن بن
عباس قال إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير فأما العلم من الحرير
وسدا الثوب فلا بأس به انتهى وخصيف بن عبد الرحمن ضعفه غير واحد
حديث مخالف لما تقدم أخرج أبو داود في سننه عن عطية بن قيس عن
عبد الرحمن بن غنم حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير وذكر كلاما قال يمسخ منهم آخرين
قردة وخنازير إلى يوم القيامة انتهى وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال
في كتاب الأشربة وقال هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد
عن عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم به قيل ورواه البرقاني والإسماعيلي
في صحيحيهما المخرجين على الصحيح بهذا الاسناد قال عبد الحق في أحكامه
وقد روى هذا بوجهين يستحلون الحر بحاء مهملة وراء مهملة قال وهو الزنا
116

وروى بخاء وزاي قال والأول هو الصواب انتهى ورأيت في حاشيته قال
الأصمعي الحر بكسر الحاء وتخفيف الراء المهملتين وأصله حرح فنقصوا في
الواحد وأثبتوا في الجمع فقالوا حر وثلاث أحراح انتهى
قوله ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب والفضة الا بالخاتم والمنطقة وحلية
السيف ثم قال وقد جاء في إباحة ذلك آثار قلت أما الخاتم فأخرج الأئمة الستة في
كتبهم عن بن شهاب الزهري عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من
فضة له فص حبشي ونقش فيه محمد رسول الله انتهى وأخرجوه الا
بن ماجة عن قتادة عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى بعض الأعاجم فقيل
له إنهم لا يقرءون كتابا الا بخاتم فاتخذ خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله
فكان في يده حتى قبض وفي يد أبي بكر حتى قبض وفي يد عمر حتى قبض وفي يد
عثمان حتى سقط منه في بئر اريس ثم أمر بها فنزحت فلم يقدر عليه انتهى
أحاديث السيف أخرج أبو داود والترمذي في الجهاد والنسائي في الزينة
عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس قال كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة
وفي لفظ للنسائي كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة وقبيعة سيفه فضة وما بين ذلك
حلق فضة انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وهكذا روى همام عن
قتادة عن أنس وبعضهم رواه عن قتادة عن سعيد بن أبا الحسن قال كانت قبيعة سيف
رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة انتهى وحديث همام الذي أشار إليه هو عند النسائي أخرجه
عن عمرو بن عاصم عن همام وجرير عن قتادة به قال النسائي هذا حديث منكر
والصواب قتادة عن سعيد مرسلا وما رواه عن همام غير عمرو بن عاصم انتهى وهذا
117

المرسل الذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي عن هشام الدستوائي عن قتادة عن
سعيد بن أبي الحسن قال كانت فذكره وقال عبد الحق في أحكامه الذي
أسنده ثقة وهو جرير بن حازم انتهى وقال الدارقطني في علله هذا حديث
قد اختلف فيه على قتادة فرواه جرير بن حازم عن قتادة عن أنس قال كان حلية
سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة وكذلك رواه عمرو بن عاصم عن همام عن قتادة عن
أنس ورواه هشام الدستوائي ونضر بن ظريف عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن أخي
الحسن مرسلا انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن طالب بن حجير عن هود بن عبد الله بن سعد
عن جده مزيدة العصري قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة
انتهى وقال حديث حسن غريب قال بن القطان في كتابه وإنما حسنه
الترمذي لأنه لا يقبل المسانيد على عادته في ذلك وهو عندي ضعيف لا حسن فان
هود بن عبد الله بن سعيد بصري لا مزيد فيه على ما في الاسناد من رواية عن جده
ورواية طالب بن حجير عنه فهو مجهول الحال وطالب بن حجير أو حجير كذلك
وإن كان قد روى عنه أكثر من واحد وسئل عنه الرازيان فقالا شيخ يعنيان بذلك أنه
ليس من أهل العلم وإنما هو صاحب رواية انتهى كلامه ملخصا وقال شيخنا الذهبي
في ميزانه وصدق بن القطان في تضعيفه لهذا الحديث فإنه منكر فيه طالب بن
حجير وقد تفرد به فما علمنا في حلية سيف النبي صلى الله عليه وسلم ذهبا انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن محمد بن حماد ثنا أبو الحكم
حدثني مرزوق الصيقل أنه صقل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار وكانت له قبيعة من
فضة وحلق من فضة انتهى قال الشيخ في الامام وأبو الحكم هذا لم يذكر
الحاكم في كتابه ما يدل على التعريف بحاله انتهى
118

حديث آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في الجهاد عن جعفر بن محمد
قال رأيت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمته من فضة ونعله من فضة وبين ذلك حلق من
فضة وهو عند هؤلاء يعني بني العباس انتهى
الآثار أخرج البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان
سيف الزبير محلى بفضة وكان سيف عروة محلى بفضة انتهى
حديث آخر أخرجه البيهقي عن المسعودي قال رأيت في بيت القاسم بن
عبد الرحمن سيفا قبيعته من فضة فقلت سيف من هذا قال سيف عبد الله بن
مسعود انتهى
حديث آخر وأخرج البيهقي أيضا عن عثمان بن موسى عن نافع عن بن عمر أنه
تقلد سيف عمر يوم قتل عثمان وكان محلى قلت كم كانت حليته قال أربعمائة
انتهى وأما المنطقة ففي كتاب عيون الأثر للشيخ أبي الفتح بن سيد الناس اليعمري
قال وكان للنبي صلى الله عليه وسلم منطقة من أديم منشور ثلاث حلقها وأبزيمها وطرفها من فضة
انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله
عن عمر بن الحكم قال قال ما علمنا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أغاروا
على الذهب يوم أحد فأخذوا ما أخذوا من الذهب بقي معه من ذلك شئ رجع به
حيث غشينا المشركون واختلطوا الا رجلين أحدهما عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح
جاء بمنطقة وحدها في العسكر فيها خمسون دينارا شدها على حقويه من تحت ثيابه
وعباد بن بشر جاء بصرة فيها ثلاثة عشر مثقالا فنفلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولم
يخمسه انتهى
الحديث العاشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على رجل خاتم صفر فقال مالي أجد
منك رائحة الأصنام ورأي على اخر خاتم حديد فقال مالي أرى عليك حلية أهل
119

النار قلت أخرجه أبو داود في كتا ب الخاتم والترمذي في اللباس والنسائي
في الزينة عن زيد بن الحباب عن عبد الله بمسلم السلمي عن عبد الله بن بريدة عن
أبيه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من حديد فقال مالي أرى عليك حلية
أهل النار ثم جاءه وعليه خاتم من شبه فقال مالي أجد منك ريح الأصنام فقال
يا رسول الله من أي شئ أتخذه قال اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا انتهى
زاد الترمذي ثم جاءه وعليه خاتم من ذهب فقا مالي أرى عليك حلية أهل الجنة
وقال صفر عوض شبه وقال حديث غريب وعبد الله بن مسلم يكنى أبا طيبة
انتهى ورواه أحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم وابن حبان في
صحيحه في النوع السادس والثمانين من القسم الثاني وذكر أحمد فيه زيادة
الترمذي دون الباقين
وقوله في الكتاب ورأي على آخر ليس كذلك بل هو رجل واحكما هو في
الحديث
الحديث الحادي عشر عن علي رضي الله عنه أنه عليه السلام نهى عن التختم
بالذهب قلت رواه الجماعة الا البخاري من حديث عبد الله بن حنين عن علي بن
أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التختم بالذهب وعن لباس القسي والمعصفر
120

وعن القراءة في الركوع والسجود انتهى وأخرجه أصحاب السنن الأربعة عن
هبيرة بن يريم عن علي بن أبي طالب قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب
وعن القسي وعن الميثرة الحمراء وعن الجعة انتهى قال الترمذي حديث
حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه في القسم الثاني منه وهو قسم
النواهي ذكره الترمذي في الاستئذان والباقون في اللباس ولقد أبعد شيخنا
علاء الدين إذا استشهد لهذا الحديث بما أخرجه مسلم عن كريب عن بن عباس ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتما من ذهب فنزعه فطرحه وقال يعمد أحدكم
إلى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ
خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي قلده
الشيخ قال حديث علي أنه عليه السلام نهى عن التختم بالذهب رواه الطحاوي عن
علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب وهو في الصحيح من حديث
بن عباس انتهى كلامه وهذا جهل فاحش فهو في الصحيح وفي السنن
بلفظ الطحاوي وليته استشهد بما أخرجه مسلم عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة أنه
عليه السلام نهى عن خاتم الذهب انتهى وفي حديث البراء بن عازب أمرنا
121

رسول الله صلى الله عليه وسلم بسع ونهانا عن سبع وفيه ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب
أخرجاه في الصحيحين
الحديث الثاني عشر روى أن عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فأنتن
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب قلت أخرجه أبو داود في الخاتم
والترمذي في اللباس والنسائي في الزينة عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن
طرفة أن جده عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب انتهى هكذا رواه أبو داود عن موسى بن
122

إسماعيل عن أبي الأشهب به ورواه أيضا عن إسماعيل بن علية عن أبي الأشهب به
ورواه أيضا عن يزيد بن هارون عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة
بنحوه وزاد قال يزيد فقلت لأبي الأشهب أدرك عبد الرحمن بن طرفة جده
عرفجة قال نعم وأخرجه الترمذي عن علي بن هاشم بن البريد عن أبي الأشهب عن
عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة قال أصيب أنفي فذكره وعن محمد بن يزيد
الواسطي عن أبي الأشهب نحوه وقال حديث حسن إنما نعرفه من حديث
عبد الرحمن بن طرفة رواه عنه أبو الأشهب وقد رواه سلم بن زرير عن عبد الرحمن
بن طرفة نحو حديث أبي الأشهب وقد روى عن جماعة من السلف أنهم شدوا
أسنانهم بالذهب وفي هذا الحديث حجة لهم انتهى وبوب عليه باب ما جاء في شد
الأسنان بالذهب ورواية سلم بن زرير التي أشار إليها الترمذي أخرجها النسائي عنه ثنا
عبد الرحمن بن طرفة عن جده عرفجة فذكره وأخرجه أيضا عن يزيد بن زريع عن
أبي الأشهب حدثني عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن أسعد وكان جده وحدثني
أنه رأى جده قال أصيبت أنفه الحديث ورواه أحمد في مسنده وحدثنا يزيد
بن هارون ثنا أبو الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد أصيب
أنفه الحديث ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والتسعين من القسم
الأول عن أبي الوليد الطيالسي ثنا أبو الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان به قال ابن
القطان في كتابه وهذا حديث لا يصح فإنه من رواية أبي الأشهب واختلف
عنه فالأكثر يقول عنه عن عبد الرحمن بن طرفة بن عرفجة عن جده وابن علية
يقول عنه عن عبد الرحمن بن طرفة عن أبيه عن عرفجة قال فعلى طريقة المحدثين
ينبغي أن تكون رواية الأكثرين منقطعة فإنها معنعنة وقد زاد فيها بن علية واحدا
ولا يدري هذا قولهم ان عبد الرحمن بن طرفة سمع جده وقول يزيد بن زريع انه
سمع من جده فان هذا الحديث لم يقل فيه انه سمعه منه وقد أدخل بينهما فيه الأب
123

وعلى هذا فان عبد الرحمن بن طرفة المذكور لا يعرف بغير هذا الحديث ولا يعرف
روى عنه غير أبي الأشهب وان احتيج فيه إلى أبيه طرفة على ما قال بن علية عن أبي
الأشهب كان الحال فإنه ليس بمعروف الحال ولا مذكورا في رواة الاخبار انتهى
كلامه
وفي الباب أحاديث مرفوعة وموقوفة روى الطبراني في معجمه الوسط
حدثنا موسى بن زكريا ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو الربيع السمان عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عبد الله بن عمر أن أباه سقطت ثنيته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشدها بذهب انتهى
وقال لم يروه عن هشام بن عروة الا أبو الربيع السمان انتهى
حديث آخر رواه بن قانع في معجم الصحابة حدثنا محمد بن الفضل بن جابر
ثنا إسماعيل بن زرارة ثنا عاصم بن عمارة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن أبي
بن سلول قال اندقت ثنيتي يوم أحد فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أتخذ ثنية من ذهب
انتهى
الآثار روى الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زيد بن هارون القزاز المكي
ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا محمد بن سعدان عن أبيه قال رأيت أنس بن مالك يطوف
به بنوه حول الكعبة على سواعدهم وقد شدوا أسنانه بذهب انتهى
حديث آخر في مسند أحمد عن واقد بن عبد الله التميمي عمن رأى عثمان
بن عفان أنه ضبب أسنانه بذهب انتهى وليس من رواية أحمد
حديث آخر روى النسائي في كتاب الكنى حدثنا النفيلي ثنا هشيم ثنا إبراهيم
بن عبد الرحمن أبو سهيل مولى موسى بن طلحة قال رأيت موسى بن طلحة بن
عبد الله قد شد أسنانه بذهب انتهى
حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عبد الملك بن مروان
أخبرنا حجاج بن محمد عن بن جريج أن بن شهاب الزهري سئل عن شد الأسنان
بالذهب فقال لا بأس به قد شد عبد الملك بن مروان أسنانه بالذهب انتهى
حديث آخر قال بن سعد أيضا أخبرنا عمرو بن الهيثم أبو قطن قال رأيت
124

بعض أسنان عبد الله بن عون مشدودة بالذهب انتهى قال بن سعد وعبد الله بن عون
بن أرطبان مولى عبد الله بن درة يكنى أبا عون كان ثقة ورعا عابدا توفي في
خلافة أبي جعفر سنة إحدى وخمسين ومائة وكان بلال قد ضربه بالسياط لكونه
تزوج امرأة عربية فقيل له يوما إن بلالا فعل وفعل فقال دعونا فان الرجل ليكون
مظلوما فلا يزال يقول حتى يكون ظالما انتهى
الحديث الثالث عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه بذلك يعني ربط
الخيط في الإصبع ليذكره الحاجة قلت غريب وفيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه أنه
كان يربط في إصبعه خيطا ليذكر به الحاجة فروى أبو يعلى الموصلي في مسنده
من حديث سالم بن عبد الأعلى أبي الفيض عن نافع عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
أشفق من الحاجة أن ينساها ربط في إصبعه خيطا ليذكرها انتهى ورواه بن عدي
في الكامل والعقيلي في ضعفائه وابن حبان في كتاب الضعفاء وأسند بن
عدي عن بن معين والبخاري والنسائي في سالم هذا أنه متروك وأسنده العقيلي عن
البخاري فقط وقال بن حبان كان سالم هذا يضع الحديث لا يحل كتب حديثه ولا
الرواية عنه انتهى وقال الترمذي في علله الكبرى سألت البخاري عن هذا
الحديث فقال سالم بن عبد الأعلى ويقال سالم بن غيلان منكر الحديث انتهى
وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن هذا الحديث فقال حديث باطل
وسالم هذا ضعيف وهذا منه انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن بشر بن إبراهيم الأنصاري
ثنا الأوزاعي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أوثق في
خاتمه خيطا انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله ببشر هذا وقال إنه عندي
ممن يضع الحديث انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن غياث بن إبراهيم الكوفي ثنا
عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سعيد المقبري عن رافع بن خديج
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ربط في إصبعه خيطا فقلت يا رسول الله ما هذا فقال
125

شئ أستذكر به انتهى وذكر بن الجوزي في الموضوعات الأحاديث الثلاثة ونقل
في الأول كلام بن حبان في سالم ونقل في الثاني كلام بن عدي في بشر ونقل في
الثالث عن السعدي وابن حبان في غياث هذا أنه كان يضع الحديث وعن أحمد
والبخاري أنه متروك الحديث انتهى ورواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبدوس بن
كامل ثنا عبد الجبار بن عاصم ثنا بقية بن الوليد ثنا أبو عبد الرحمن مولى بني تميم عن
سعيد المقبري عن رافع بنحوه
حديث مخالف لما تقدم أخرج بن عدي في الكامل عن بشر بن الحسين
الأصبهاني عن الزبير بن عدي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حول خاتمه أو
عمامته أو علق خيطا ليذكره فقد أشرك بالله ان الله هو يذكر الحاجات انتهى
وأعله ببشر هذا
فصل في الوطئ والنظر والمس
قوله روى عن علي وابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ولا يبدين
زينتهن الا ما ظهر منها قال هي الكحل والخاتم قلت الرواية عن بن عباس رواه
الطبري في تفسيره حدثنا أبو كريب ثنا مروان بن معاوية ثنا مسلم الملائي عن سعيد
بن جبير عن بن عباس في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها قال هي
الكحل والخاتم انتهى وأخرجه البيهقي عن جعفر بن عون ثنا مسلم الملائي به ثم
أخرجه عن خصيف عن عكرمة عن بن عباس نحوه سواء وأخرجه بن أبي شيبة في
126

مصنفه في النكاح عن عكرمة وأبي صالح وسعيد بن جبير من قولهم وأخرجه
عبد الرزاق في تفسيره عن قتادة وأما الرواية عن علي فغريب
ما خالف ذلك أخرج البيهقي عن حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم بن هرمز
عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها
قال الوجه والكفان ثم أخرجه عن عقبة الأصم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة
قالت ما ظهر منها الوجه والكفان قال وعقبة الأصم تكلم فيه انتهى وأخرج
الطبري في تفسيره من طرق جيدة عن بن مسعود قال هي الثياب انتهى
الحديث الرابع عشر قال عليه السلام من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن
شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة قلت غريب والمعروف من استمع إلى
حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة أخرجه البخاري في
صحيحه في كتاب التعبير عن أيوب السختياني عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا
من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بن شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث
قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ومن صور
صورة عذب وكلف ان ينفخ فيها وليس بنافخ انتهى
127

الحديث الخامس عشر قال عليه السلام من مس كف امرأة ليس منها بسبيل
وضع على كفه جمرة يوم القيامة قلت غريب
قوله وروي أنا أبا بكر كان يصافح العجائز قلت غريب أيضا
قوله روي أن عبد الله بن الزبير استأجر عجوزا لتمرضه وكانت تغمز رجله
وتفلي رأسه قلت غريب أيضا
الحديث السادس عشر قال عليه السلام أبصرها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما
قلت أخرجه الترمذي والنسائي في النكاح عن عاصم بسليمان عن بكر
128

ابن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انظر إليها
فإنه أحرى أن يؤدم بينكما انتهى قال الترمذي حديث حسن ومعنى قوله أخرى
أن يؤدم بينكما أي أحرى أن تدوم المودة بينكما وفي الباب عن أبي هريرة وجابر
وأنس ومحمد بن مسلمة وأبي حميد انتهى ورواه بن ماجة من طريق عبد الرزاق
أخبرنا معمر عن ثابت عن بكر به
أما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عن أبي حازم سلمان عن أبي هريرة قال
خطب رجل امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فانظر إليها فان في
أعين الأنصار شيئا انتهى
وأما حديث جابر فرواه أبو داود من طريق بن إسحاق عن داود بن الحصين عن
واقد بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحدكم المرأة
فان استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل فخطبت جارية فكنت أتخبأ
لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا
حديث لا يصح فان واقدا هذا لا يعرف حاله وواقد المعروف إنما هو واقد بن عمرو بن
سعد بن معاذ أبو عبد الله الأنصاري الأشهلي الذي يروي عنه يحيى بن سعيد وداود بن
الحصين أيضا ومحمد بن زياد وغيرهم من المدنيين ورى مالك عن يحيى بن سعيد
عنه وهو مدني ثقة قاله أبو زرعة فأما واقد بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ فلا
أعرفه انتهى كلامه
129

وأما حديث أنس فرواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والتسعين من
القسم الخامس والحاكم في المستدرك في النكاح وقال على شرط الشيخين
وأحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي وعبد بن حميد والدارمي في مسانيدهم
والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه كلهم من طريق عبد الرزاق ثنا معمر
عن ثابت عن أنس أن المغيرة بن شعبة خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فانظر
إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما انتهى
وأما حديث محمد بن مسلمة فرواه بن حبان في صحيحه أيضا في النوع
السادس عشر من القسم الرابع أخبرنا أبو يعلى ثنا محمد بن حازم عن محمد بن
سليمان بن أبي حثمة عن عمه محمد بن مسلمة قال خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها
حتى نظرت إليها في نخل لها فقيل له أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول إذا ألقى الله في قلب امرئ منكم خطبة امرأة فلا
بأس أن ينظر إليها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من
حديث إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن سليمان بن أبي
حثمة عن عمه سهيل بن أبي حثمة قال كنت جالسا مع محمد بن مسلمة فمرت ابنة
الضحاك بن خليفة فجعل يطاردها ببصره الحديث إلى آخره وقال هذا حديث
غريب وإبراهيم بن صرمة ليس من شرط هذا الكتاب انتهى قال الذهبي في
مختصره إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني انتهى وأخرجه بن ماجة في سننه
عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة عن عمه سهيل عن محمد بن
مسلمة بنحوه ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي
130

في مسانيدهم وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما وسمى المرأة في
مسند أحمد نبيهة بنت الضحاك وسماها عند بن أبي شيبة نبيشة وفي نسخة
أخرى بثينة
وأما حديث أبي حميد فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن يحيى
الحلواني ثنا سعيد بن سليمان ثنا زهير بن معاوية ثنا عبد الله بن عيسى عن موسى بن
عبد الله بن يزيد عن أبي حميد الساعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحدكم
امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة انتهى ورواه
إسحاق بن راهويه في مسنده من حديث عبد الله بن عيسى الأنصاري به
الحديث السابع عشر روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الركبة من العورة
قلت غريب من حديث أبي هريرة وتقدم في شروط الصلاة من حديث علي عند
الدارقطني وفيه ضعف
الحديث الثامن عشر وأبدى الحسين بن علي سرته فقبلها أبو هريرة قلت رواه
أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه عن بن عون
عن عمير بن إسحاق قال كنت أمشي مع الحسن بن علي في بعض طرق المدينة فلقينا
أبو هريرة فقال للحسن اكشف له عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل حيث رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله قال فكشف عن بطنه فقبل سرته ولو كانت من العورة
131

ما كشفها انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مسنده ومن طريقه بن حبان أخبرنا
شريك عن بن عون به وسند أحمد حدثنا إسماعيل عن بن عون به وفي معجم
الطبراني خلاف هذا حدثنا أبو مسلم الكشي ثنا أبو عاصم عن أبي عون عن عمير بن
إسحاق أن أبا هريرة لقي الحسن بن علي رضي الله عنهم فقال له ارفع ثوبك حتى
أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل فرفع عن بطنه ووضع يده على سرته انتهى
الحديث التاسع عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجرهد أما علمت أن الفخذ عورة
قلت رواه أبو داود في الحمام من طريق مالك عن أبي النضر عن زرعة بن
عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه قال كان جرهد من أصحاب الصفة أنه قال جلس رسول
الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة فقال أما علمت أن الفخذ عورة انتهى
وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن
جرهد عن جده جرهد قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بجرهد في المسجد وقد انكشف فخذه
فقال إن الفخذ عورة انتهى وقال حديث حسن وما أرى إسناده بمتصل ثم
أخرجه عن عبد الرزاق ثنا معمر عن أبي الزناد قال أخبرني بن جرهد عن أبيه أن النبي
صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم غط فخذك فإنها من العورة
انتهى وقال أيضا حديث حسن ثم أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
عبد الله بن جرهد الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الفخذ عورة انتهى وقال
حديث حسن غريب من هذا الوجه انتهى وبسند أبي داود رواه أحمد في
مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الأول
132

وزرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي وثقه النسائي وذكره بن حبان في الثقات
وقال من زعم أنه زرعة بن مسلم بن جرهد فقد وهم انتهى ورواه الدارقطني في
سننه في آخر الطهارة من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد حدثني آل جرهد عن
جرهد ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب اللباس عن سفيان عن سالم أبي
النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد فذكره وقال صحيح الاسناد
ولم يخرجاه انتهى قال بن القطان في كتابه وحديث جرهد له علتان
إحداهما الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به وذلك أنهم مختلفون فيه فمنهم من
يقول زرعة بن عبد الرحمن ومنهم من يقول زرعة بن عبد الله ومنهم من يقول
زرعة بن مسلم ثم من هؤلاء من يقول عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول عن
أبيه عن جرهد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول زرعة عن آل جرهد عن جرهد عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال وإن كنت لا أرى الاضطراب في الاسناد علة فإنما ذلك إذا كان من يدور
عليه الحديث ثقة فحينئذ لا يضره اختلاف النقلة عليه إلى مرسل ومسند أو رافع
وواقف أو واصل وقاطع وأما إذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة أو غير
معروف فالاضطراب يوهنه أو يزيده وهنا وهذه حال هذا الخبر وهي العلة الثانية ان
زرعة وأباه غير معروفي الحال ولا مشهوري الرواية انتهى كلامه
أحاديث الباب أخرج أبو داود عن حجاج عن بن جريح قال أخبرت عن
حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكشف
فخذك ولا تنظر إلى فخذ حولا ميت انتهى قال أبو داود حديث فيه نكارة
انتهى وأخرجه بن ماجة في الجنائز عن روح بن عبادة عن بن جريح عن حبيب
به قال الشيخ في الامام ورواية أبي داود تقتضي أن بن جريج لم يسمعه من
133

حبيب وأن بينهما رجلا مجهولا انتهى وبسند بن ماجة رواه الحاكم في
المستدرك في اللباس وسكت عنه ورواه الدارقطني في سننه في آخر
الصلاة وفيه أخبرني حبيب بن أبي ثابت ويراجع قال بن القطان في كتابه وقد
ضعف هذا الحديث أبو حاتم في علله وقال إن بن جريح لم يسمعه من حبيب ولا
حبيب من عاصم وعاصم وثقه العجلي وابن المديني وابن معين وقال النسائي ليس
به بأس وتكلم فيه بن عدي وابن حبان انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الفخذ عورة انتهى وقال حديث حسن غريب انتهى
وأخرجه الحاكم في المستدرك ولفظه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل فرأى فخذه
مكشوفة فقال غط فخذك فان فخذ الرجل من عورته انتهى وسكت عنه
قال بن القطان في كتابه وأبو يحيى القتات اختلف في اسمه فقيل زاذان وقيل
دينار وقيل عبد الرحمن وقيل غير ذلك ضعفه شريك ويحيى في رواية ووثقه
في رواية أخرى وقال أحمد روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدا وقال
النسائي ليس بالقوي وقال بن حبان فحش خطؤه وكثر وهمه حتى سلك غير
مسلك العدول في الروايات انتهى ورواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه
والطبراني في معجمه
134

حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا هشيم ثنا حفص بن ميسرة عن العلاء
بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن عبد الله بن جحش عن محمد بن
عبد الله بن جحش قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر علي معمر وهو جالس على
باب داره وفخذه مكشوفة فقال له يا معمر غط فخذك فان الفخذ عورة انتهى
وهذا مسند صالح ورواه الطبراني في معجمه من ست طرق دائرة على العلاء
قبل ورواه الطحاوي وصححه ورواه الحاكم في المستدرك في الفضائل
وسكت عنه ورواه البخاري في تاريخه الكبير
حديث مخالف لما تقدم أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد العزيز بن
صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة
بغلس فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي الله
صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ثم حسر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذ النبي
صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح
المنذرين انتهى ورواه مسلم بلفظ فانحسر الإزار وليس فيه شئ قال النووي
في الخلاصة وهذه الرواية تبين رواية البخاري وأن المراد انحسر بغير اختياره
لضرورة الاجراء انتهى أخرجه مسلم في النكاح وفي المغازي
الحديث العشرون قال عليه السلام غض بصرك إلا عن أمتك وامرأتك قلت
أخرجه أصحاب السنة الأربعة أبو داود في الحمام والترمذي في الاستئذان
135

والنسائي في عشرة النساء وابن ماجة في النكاح عن بهز بن حكيم عن أبيه عن
جده معاوية بن حيدة قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ
عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قال قلت يا رسول الله أرأيت لو كان
القوم بعضهم في بعض قال إن استطعت أن لا ترينها فلا ترينها قال قلت
يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا قال الله أحق أن يستحيي من الناس انتهى قال الترمذي
حديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك في اللباس وقال صحيح الاسناد
ولم يخرجاه
أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري
عن عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن بن أنعم عن سعد بن مسعود الكندي قال أتى
عثمان بن مظعون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أستحيي ان يرى أهلي عورتي
قال ولم وقد جعلك الله لهم لباسا وجعلهم لك لباسا قال أكره ذلك قال فإنهن
يرينه مني وأراه منهن قال أنت يا رسول الله قال أنا قال فمن بعدك إذا
يا رسول الله فلما أدبر عثمان عليه السلام ان بن مظعون لحيي ستير انتهي
وسعد بن مسعود هذا مصري ذكره بن أبي حاتم وقال روى عنه عبد الرحمن
الإفريقي قال الشيخ في الامام ويجب أن ينظر في هذا الحديث أمسند هو
أم مرسل انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه في النكاح أخبرنا يحيى بن
العلاء به
الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام إذا أتى أحدكم أهله فليستتر
136

ما استطاع ولا يتجردان تجرد العير قلت روى من حديث عتبة بن عبد السلمي
ومن حديث عبد الله بن سرجس ومن حديث بن مسعود ومن حديث أبي هريرة
ومن حديث أبي أمامة
فحديث عتبة أخرجه بن ماجة في النكاح حدثنا إسحاق بن وهب الواسطي
عن الوليد بن القاسم الهمداني عن الأحوص بن حكيم عن أبيه وراشد بن سعد
وعبد الاعلى بن عدي عن عتبة بن عبد السلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى
أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العير انتهى ورواه الطبراني في معجمه
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ثنا بشر بن عمارة
عن الأحوص بن حكيم عن عبد الله بن غابر عن عتبة بن عبد
وأما حديث بن سرجس فأخرجه النسائي في عشرة النساء عن صدقة بن
عبد الله السمين عن زهير بن محمد عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم أهله فليلق على عجزه وعجزها شيئا ولا يتجردان تجرد
العيرين انتهى قال حديث منكر وصدقة يضعف انتهى ورواه بن عدي في
الكامل عن زهير بن محمد عن بن جريج عن عاصم الأحول به ويراجع
النسائي وأعله عبد الحق في أحكامه بصدقة وقال إنه ليس بالقوي وأعله بن
القطان بعده بزهير وقال إنه ضعيف قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا
الحسين بن إسحاق التستري ثنا زيد بن أخرم ثنا محمد بن عباد الهنائي ثنا عباد بن كثير عن
عاصم الأحول به
وأما حديث بن مسعود فأخرجه بن أبي شيبة والبزار في مسنديهما وابن
عدي والعقيلي في كتابيهما والطبراني في معجمه عن مندل بن علي عن
الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله مرفوعا بلفظ النسائي قال البزار لا نعلم رواه
عن الأعمش هكذا الا مند وأخطأ فيه وذكر شريك أنه كان عند الأعمش وعنده
عاصم ومندل فحدث به عاصم عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم
أهله الحديث مرسل انتهى قلت هكذا رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو
معاوية عن عاصم عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ورواه عبد الرزاق في مصنفه
137

في النكاح حدثنا الثوري عن عاصم به كذلك وأعله بن عدي بمندل وأسند تضعيفه
عن بن معين والسعدي والنسائي وقال بن أبي حاتم في علله قال أبو زرعة
أخطأ فيه مندل انتهى ونقل العقيلي عن الأعمش أنه كذب فيه مندل بن علي وقال
أنا أخبرت به عن عاصم عن أبي قلابة انتهى قلت رواه الطبراني في معجمه
حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو غسان ثنا إسرائيل عن الأعمش عن أبي وائل عن بن
مسعود مرفوعا باللفظ المذكور سواء
وأما حديث أبي هريرة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن
حماد بن زغبة ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب حدثني عبيد الله بن زحر عن أبي
المنيب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أتى أحدكم أهله فليستتر فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت وبقي
الشيطان فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيف انتهى ورواه البزار في
مسنده حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني ثنا سعيد بن أبي مريم به وقال إسناده
ليس بالقوي ولا نعلمه يروي عن أبي هريرة الا بهذا الاسناد انتهى
وأما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عبد الوهاب
بن نجدة الحوطي ثنا أبو المغيرة ثنا عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجردان تجرد العيرين انتهى
حديث آخر لم يذكر الترمذي في هذا الباب غيره فقال في الاستئذان باب ما
جاء في الاستتار عند الجماع حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك البغدادي ثنا أسود بن
عامر ثنا بن محياة عن ليث عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والتعري
فان معكم من لا يفارقكم الا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله انتهى وقال
حديث غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه وأبو محياة اسمه يحيى بن يعلى انتهى
138

وفي دخول هذا الحديث في هذا الباب نظر يظهر بالتأمل والله أعلم
قوله ولان ذلك يعني النظر إلى العورة يورث النسيان لورود الأثر قلت
غريب وورد أنه يورث العمى في حديثين ضعيفين أحدهما أخرجه بن عدي في
الكامل وابن حبان في كتاب الضعفاء عن بقية عن بن جريج عن عطاء عن بن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جامع أحدكم زوجته فلا ينظر إلى فرجها فان
ذلك يورث العمى انتهى وجعلاه من منكرات بقية قال بن عدي ويشبه أن يكون
بين بقية وابن جريج بعض الضعفاء أو المجهولين انتهى ومن طريق بن عدي رواه بن
الجوزي في الموضوعات وقال قال بن حبان كان بقية يروي عن كذابين وثقات
ويدلس وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه فيشبه ان يكون
سمع هذا من بعض الضعفاء عن بن جريج ثم دلس عنه فالتزق به وهذا موضوع
انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه بقية عن بن
جريج بسنده ومتنه فقال أبي هذا حديث موضوع وبقية كان يدلس انتهى
والحديث الآخر رواه بن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي الفتح الأزدي ثنا
زكريا بن يحيى المقدسي ثنا إبراهيم بن محمد الفريابي ثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري
عن جعفر بن كدام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى ولا يكثر الكلام فإنه يورث
الخر س انتهى ثم قال قال الأزدي إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ساقط
انتهى
الرب عز وجل قوله وكان بن عمر يقول الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل معنى اللذة
139

قلت غريب جدا
الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام العينان تزينان وزناهما النظر
واليدان تزنيان وزناهما البطش قلت أخرجه مسلم في كتاب القدر عن سهيل
بن أي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب علي بن آدم نصيبه من
الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والاذنان زناهما الاستمتاع واللسان
زناه الكلام واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي والقلب
يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه انتهى وأخرج البخاري ومسلم
فيه عن بن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
الله كتب علي بن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا
اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه انتهى
140

الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام لا تسافر المرأة فوق ثلاثة أيام إلا
ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها قلت أخرجه مسلم عن قزعة عن أبي سيعد
الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة فوق ثلاث الا ومعها زوجها أو
ذو رحم محرم منها انتهى وفي لفظ له ثلاثا ورواه البخاري بلفظة يومين
وأخرجا عن نافع عن بن عمر مرفوعا لا تسافر المرأة فوق ثلاث وفي لفظ للبخاري
ثلاثة أيام وأخرجا عن أبي سعيد عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل لامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة الا مع ذي محرم عليها وفي لفظ لمسلم
مسيرة ليلة وفي لفظ يوم وفي لفظ لأبي داود بريدا وهي عند بن حبان
في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم والله
أعلم والمصنف استدل بهذا الحديث على جواز السفر مع النساء للمحارم وبالذي
بعده للخلوة بهن قال المنذري في مختصر السنن ليس في هذه الروايات تباين
ولا اختلاف وباقي الكلام تقدم في الحج
الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام لا يخلون رجل بامرأة ليس منها
بسبيل فان الشيطان ثالثهما قلت غريب بهذا اللفظ وقد روي من حديث عمر
وابن عمر وجابر بسمرة وعامر بن ربيعة وليس فيه قوله ليس منها بسبيل
وهو محل الاستدلال
فحديث عمر أخرجه الترمذي في أوائل الفتن والنسائي في عشرة النساء
عن عبد الله بن عمر أن عمر خطب بالجابية فقال يا أيها الناس قمت فيكم كمقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال أوصيكم بأصحابي ثم الذي يلونهم ثم الذي يلونهم ثم
141

يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ألا لا
يخلون رجل بامرأة الا كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فان
الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
غريب وأخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والستين من القسم
الثالث والحاكم في المستدرك في كتاب العلم وسكت عنه وأعاده عن سعد بن
أبي وقاص عن عمر فذكره وقال صحيح الاسناد
وحديث جابر بن سمرة أخرجه بن حبان في صحيحه أيضا عن عبد الملك بن
عمير عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يخلون رجل بامرأة فان الشيطان ثالثهما
مختصر
وحديث عامر أخرجه أحمد في مسنده عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن
عامر بربيعة عن أبيه مرفوعا نحوه
وحديث بن عمر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن حجاج بن محمد
عن بن جريج عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عمر مرفوعا بنحوه وقال تفرد به
حجاج بن محمد
وحديث الكتاب أخرج مسلم معناه من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يبيتن رجل عند امرأة الا ان يكون ناكحا أو ذا محرم
قوله وكان عمر إذا رأى دارية متنقبة علاها بالدرة وقال ألقي عنك الخمار
142

يا دفار تتشبهين بالحرائر قلت غريب وأخرج البيهقي عن نافع أن صفية بنت أبي
عبيد حدثته قالت خرجت امرأة مختمرة متجلببة فقال عمر من هذه المرأة فقيل
له جارية لفلان رجل من بنيه فأرسل إلى حفصة فقال ما حملك على أن تخمري
هذه الأمة وتجلببيها حتى هممت ان أقع بها لا أحسبها الا من المحصنات لا تشبهوا
الإماء بالمحصنات انتهى قا البيهقي والآثار بذلك عن عمر صحيحة وقد تقدم في
شروط الصلاة
143

قوله قالت عائشة رضي الله عنها الخصاء مثلة قلت غريب وأخرجه بن أبي
شيبة في مصنفه عن بن عباس فقال ثنا أسباط بن محمد وابن فضيل عن مطرف
عن رجل عن بن عباس قال خصاء البهائم مثلة ثم تلا ولآمرنهم فليغيرن خلق
الله انتهى أخرجه في أواخر كتاب الفضائل وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه
عن مجاهد وعن شهر بن حوشب الخصاء مثله ذكره في كتا ب الحج والمصنف
استدل به على أن نظر الخصي إلى الأجنبية كالفحل وليس بدليل ناجح
قوله وقال سعيد والحسن وغيرهما ولا تغرنكم سورة النور فإنها في الإناث
دون الذكور قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه في
كتاب النكاح حدثنا أبو أسامة ثنا يونس عن أبي إسحاق عن طارق عن سعيد بن المسيب
قال لا تغرنكم الآية إلا ما ملكت أيمانكم إنما عنى به الامام ولم يعن به العبيد
انتهى حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن أنه كره أن يدخل المملوك على مولاته بغير اذنها انتهى
144

الحديث الخامس والعشرون روي أنه عليه السلام نهى عن العزل عن الحرة إلا
بإذنها وقال لمولى أمة اعزل عنها ان شئت قلت هما حديثان فالأول أخرجه
بن ماجة في سننه في النكاح عن إسحاق بن عيسى عن بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة
عن الزهري عن محرز بن أبي هريرة عن أبيه عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها انتهى ورواه أحمد في مسنده والدارقطني ثم
البيهقي في سننيهما قال الدارقطني تفرد به إسحاق الطباع عن بن لهيعة عن جعفر
بن ربيعة عن الزهري عن محرز بن أبي هريرة عن أبيه عن عمر قال ووهم فيه أيضا
خالفه عبد الله بن وهب فرواه عن بن لهيعة عن جعفر بن ربعية عن الزهري عن حمزة
بن عبد الله بن عمر عن أبيه ووهم فيه أيضا والصواب عن حمزة عن عمر مرسل
ليس فيه عن أبيه انتهى
الحديث الثاني أخرجه مسلم أيضا في النكاح عن أبي الزبير عن جابر قال
جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارية أطوف عليها وأنه أكره ان
تحمل فقال اعزل عنها ان شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فلبث الرجل ثم أتاه فقال
إن الجارية قد حملت قال قد أخبرتك أنها سيأتيها ما قدر لها انتهى
فصل في الاستبراء
الحديث السادس والعشرون قال عليه السلام في سبايا أوطاس ألا لا توطأ
145

الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يستبرئن من بحيضة قلت أخرجه أبو
داود في النكاح عن شريك عن قيس بن وهب عن الوداك عن الخدري ورفعه أنه قال
في سبايا أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة
انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم
ولم يخرجاه وأعله بن القطان في كتابه بشريك وقال إنه مدلس وهو ممن
ساء حفظه بالقضاء وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة في السير وله طريق أخرى
مرسلة قال بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود قال قلت
للشعبي إن أبا موسى نهى يوم فتح تستر أن لا توطأ الحبالى ولا يشارك المشركون في
أولادهم فان الماء يزيد في الولد هو شئ قاله برأيه أو رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تستبرأ انتهى
وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن زكريا عن الشعبي
قال أصاب المسلمون نساء يوم أوطاس فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان لا يقعوا على حامل حتى
تضع ولا على غير حامل حتى تحيض حيضة انتهى
أحاديث الباب روى أبو داود حدثنا النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن
إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن
ثابت الأنصاري قال قام فينا خطيبا فقال أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول
146

الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يسقي ماءه زرع
غيره يعني إتيان الحبالى ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من
السبي حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم
انتهى حدثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية عن بن إسحاق بهذا الحديث وقال
حتى يستبرئها بحيضة انتهى قال أبو داود الحيضة ليست بمحفوظة انتهى ورواه
بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني ويراجع
147

حديث آخر قال بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن عبد الله
بن زيد عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطا الحامل حتى تضع أو الحائل حتى
تستبرأ بحيضة انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن مسلم
الجندي عن عكرمة عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان توطأ حامل حتى تضع
أو حائل حتى تحيض انتهى
148

الحديث السابع والعشرون وقد صح أنه عليه السلام كان يقبل نساءه وهو صائم
ويضاجعهن وهن حيض قلت هما حديثان فالأول رواه الأئمة الستة في كتبهم
عن الأسود وعلقمة عن عائشة الا بن ماجة فإنه أخرجه عن القاسم بن محمد عنها
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه أملككم لإربه
انتهى وأخرجوه الا البخاري عن عمرو بن ميمون عن عائشة قالت كان
149

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل في شهر الصوم انتهى وفي لفظ لهما بهذا الاسناد قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل في رمضان وهو صائم انتهى وأخرج مسلم عن حفصة قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن أم سملة
ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم انتهى وأخرجه أبو داود عن محمد بن دينار عن
سعد بن أوس عن مصدع أبي يحيى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم
ويمص لسانها انتهى وبوب عليه باب الصائم يبتلع الريق وهو منازع في ذلك
إذ لا يلزم من المص الابتلاع فقد يمكن أنه يمصه ويمجه ورواه أحمد في مسنده
وهو حديث ضعيف قال بن عدي ويمص لسانها لا يقوله الا محمد بن دينار وقد
ضعفه يحيى بن معين وسعد بن أوس قال بن معين فيه أيضا بصري ضعيف وقال
عبد الحق في أحكامه هذا حديث لا يصح فان بن دينار وابن أوس لا يحتج بهما
وقال بن الاعرابي بلغني عن أبي داود قال هذا الحديث غير صحيح انتهى كلام
عبد الحق وأعله بن القطان في كتابه بمصدع فقط وقال قال السعدي كان
مصدع زائغا حائدا عن الطريق يعني في التشيع وتعقب بأنه أخرج له مسلم
في صحيحه وقال بن الجوزي في العلل المتناهية محمد بن دينار وسعد
150

بن أوس ومصدع ضعفاء بمرة انتهى
الله تعالى الحديث الثاني أخرجه الأئمة الستة أيضا عن الأسود عن عائشة قالت كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا ان تتزر ثم يضاجعها وفي لفظ ثم
يباشرها وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت أم سلمة عن أمها أم سلمة قالت
بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعة معه في الخميلة حضت فانسللت فأخذت ثياب
حيضتي فقال أنفست قلت نعم فدعاني فاضجعت معه في الخميلة انتهى
الحديث الثامن والعشرون روى أنه عليه السلام عانق جعفرا حين قدم من الحبشة
وقبل بين عينيه قلت روى مسندا ومرسلا
151

أما المسند فعن بن عمر وجابر وأبي جحيفة وعائشة
فحديث بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك في أواخر الصلاة عن حياة
بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن نافع عن بن عمر قال وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر
بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة فلما قدم منها اعتنقه النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه قال
الحاكم إسناده صحيح لا غبار عليه انتهى
وأما حديث جابر فأخرجه الحاكم في الفضائل عن الأجلح عن الشعبي عن
جابر قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قدم جعفر من الحبشة فتلقاه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقبل جبهته وقال والله ما أدري بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر
انتهى وسكت عنه ثم أخرجه عن سفيان ثنا إسماعيل بن أبي خالد وزكريا بن أبي
زائدة عن الشعبي قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وقال هذا مرسل
صحيح ورواه البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة خيبر أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ ثنا الحسن بن أبي إسماعيل العلوي ثنا أحمد بن محمد البيروني ثنا محمد بن أحمد
بن أبي طيبة حدثني مكي بن إبراهيم الرعيني ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر
فذكره وقال في إسناده إلى الثوري من لا يعرف وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني
علي بن عبد الرحمن السبيعي ثنا الحسين بن الحكم الجبري ثنا الحسن بن الحسين العربي ثنا
أجلح بن عبد الله عن الشعبي عن جابر فذكره
وأما حديث أبي جحيفة فرواه الطبراني في معجمه الوسط والصغير حدثنا
أحمد بن خالد بن مسرح الحراني ثنا عمي الوليد بن عبد الملك بن مسرح ثنا مخلد بن
يزيد ثنا مسعر بن كدام عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال قدم جعفر بن أبي طالب
من أرض الحبشة فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عينيه وقال ما أدري إنا بقدوم جعفر أسر
أو بفتح خيبر انتهى وقال تفرد به الوليد بن عبد الملك انتهى
152

وأما حديث عائشة فرواه الدارقطني في سننه عنها قالت لما قدم جعفر بن أبي
طالب من أرض الحبشة خرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعانقه انتهى وأخرجه بن عدي في
الكامل عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن
محمد عن عائشة قالت لما قدم جعفر وأصحابه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم وقبله بين عينيه
ومن طريق بن عدي رواه البيهقي في شعب الايمان قال بن عدي ورواه أبو
قتادة الحراني عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة انتهى قال
الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري واختلف
عنه فرواه الثوري عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رواه أبو قتادة الحراني
عنه وخالفه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير فرواه عن يحيى عن القاسم عن
عائشة وكلاهما غير محفوظ وهما ضعيفان انتهى
وأما المرسل فعن الشعبي وعن عبد الله بن جعفر
فحديث الشعبي أخرجه أبو داود في الأدب عن علي بن مسهر عن الأجلح
عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه
انتهى ورواه في مراسيله أيضا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن
مسهر به ومن طريقه الطبراني في معجمه
وحديث بن جعفر رواه البزار في مسنده حدثنا أحمد ثنا عبد الله بن شبيب ثنا
إسماعيل بن أبي يونس ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثنا عبد الرحمن بن أبي مليكة
عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال لما قدم جعفر من الحبشة أتاه النبي صلى الله عليه وسلم
فقبل بين عينيه وقال ما أنا بفتح خيبر أشد فرحا مني بقدوم جعفر انتهى وقال لا
نعلمه يروي عن عبد الله بن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم الا من هذا الوجه وقد رواه الشعبي عن
عبد الله بن جعفر عن أبيه انتهى رواه البيهقي في شعب الايمان في البا ب الحادي
والستين أخبرنا أبو الحسين بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن الفضل حدثني
خليفة بن خياط ثنا زياد بن عبد الله البهي ثنا خالد بن سعيد عن الشعبي عن عبد الله بن
جعفر قال لما قدم جعفر من الحبشة استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقبل شفتيه قال البيهقي هكذا
وجدته والمعروف بين عينيه
153

حديث آخر في الباب رواه الترمذي في الاستئذان حدثنا محمد بن إسماعيل
ثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد المديني حدثني أبي عن محمد بن إسحاق عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في
بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا
يجر ثوبه والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله انتهى وقال حديث حسن غريب ورواه أبو نعيم
في دلائل النبوة في الباب الثامن والعشرين بالاسناد المذكور قالت بلغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن امرأة من بني فزارة يقال لها أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها
وولد ولدها وقالت اذهبوا إلى المدينة فاقتلوا محمدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أثكلها
بولدها وبعث إليهم زيد بن حارثة في بعث فالتقوا فقتل زيد بني فزارة وقتل أم قرفة
وولدها فأقبل زيد حتى قدم المدينة الحديث
حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا الواقدي حدثني يعقوب بن عمر
عن نافع العدوي عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم العدوي قال أسلم نعيم بن
عبد الله بن النحام بعد عشرة وكان يكتم إسلامه ثم هاجر إلى المدينة في أربعين نفر
من أهله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقه وقبله انتهى
الحديث التاسع والعشرون روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المكامعة وهي
المعانقة وعن المكاعمة وهي التقبيل قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في
النكاح حدثنا زيد بن الحباب حدثني يحيى بن أيوب المصري أخبرني عياش بن عباس
الحميري عن أبي الحصين الهيثم عن عامر الحجري قال سمعت أبا ريحانة صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم واسمه شمعون قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مكامعة
154

المرأة المرأة، وليس بينهما شئ، وعن مكامعة، أو مكاعمة المرأة المرأة ليس بينهما
شئ وعن مكامعة أو مكاعمة الرجل الرجل ليس بينهما شئ انتهى وكذلك رواه في مسند ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في أول
غريبة حدثني أبو النضر عن الليث بن سعد عن عياش بن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه
نهى عن المكامعة انتهى قال أبو عبيد والمكاعمة أن يلثم الرجل فاه صاحبه مأخوذ من كعام البعير وهي أن يشد فاه
إذا هاج والمكامعة أن يضاجع الرجل
صاحبه في ثوب واحد وكذلك قيل لزوج المرأة كميع انتهى كلامه وأخرج منه أبو
داود والنسائي حديث المكامعة فقط أخرجه أبو داود في اللباس والنسائي في
الزينة عن المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس عن أبي الحصين الهيثم بن شفي عن
أبي عامر المعافري عن أبي ريحانة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة عن الوشر
والوشم والنتف ومكامعة الرجل الرجل بغير شعار ومكامعة المرأة المرأة بغير شعار
وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم وأن يجعل على منكبيه حريرا
وعن النهبي وركوب النمور ولبوس الخاتم الا لذي سلطان انتهى ورواه أحمد
في مسنده ورواه بن ماجة عن بن أبي شيبة بسنده المتقدم سواء ان النبي صلى الله عليه وسلم كان
ينهى عن ركوب النمور انتهى وأخطأ المنذري في عزوه الحديث بتمامه لابن ماجة
ولكنه قلد أصحاب الأطراف
أحاديث الباب روى الترمذي في الاستئذان من حديث حنظلة بن عبيد الله
السدوسي عن أنس قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له
قال لا قال أفيلتزمه ويقبله قال لا قال فيأخذه بيده ويصافحه قال نعم
انتهى ورواه البيهقي وقال تفرد به حنظلة السدوسي وكان قد اختلط في آخر
عمره ذكره في شعب الايمان
أحاديث الإباحة منها ما في حديث الإفك فقال أبو بكر لعائشة قومي
فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث
155

حديث آخر أخرج أبو داود في الجهاد
والأدب والترمذي في الجهاد وابن ماجة في الأدب عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بن
عمر انه كان في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر قصة قال فدنونا من النبي
صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده قال الترمذي حديث حسن لا نعرفه الا من حديث يزيد بن زياد
ولم يذكر بن ماجة القصة
صلى الله عليه وسلم حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة بنت طلحة عن
عائشة أم المؤمنين قالت ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم من
فاطمة ابنته قالت وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في محله
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت إليه فقبلته وأجلسته في محلها انتهى قال
الترمذي حديث حسن وفي بعض النسخ حديث صحيح حديث
آخر أخرجه الترمذي في الاستئذان والنسائي في السير وابن
ماجة في الأدب عن عبد الله بن سلمة بكسر اللام عن صفوان بن عسال أن قوما
من اليهود قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
وقال النسائي حديث منكر قال المنذري وكان إنكاره له من جهة عبد الله بن سلمة
فان فيه مقالا انتهى
حديث آخر رواه أبو داود حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع عن مطر بن
عبد الرحمن الأعنق حدثتني أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جده الزارع بن عامر
قال فجعلنا نتبادر من رواحلنا ونقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ورواه البخاري في
156

كتابه المفرد في الأدب حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا مطر به
حديث آخر أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة في الجنائز عن عاصم
بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن
مظعون وهو ميت فأكب عليه وقبله ثم بكى حتى رأيت دموعه تسيل على
وجنتيه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في
المستدرك وقال إن الشيخين لم يحتجا بعاصم بن عبيد الله وشاهده حديث بن
عباس وجابر وعائشة ان الصديق قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت ثم أعاده في
الفضائل بالسند المذكور وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي
في مختصره وقال سند واه
حديث آخر أخرجه أبو داود عن أسيد بن حضير قال بينا هو يحدث القوم
يضحكهم وكان فيه مزاح فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته فقال أصبرني يا رسول
الله قال اصطبر قال إن عليك قميصا وليس علي قميص فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن
قميصه فاحتضنه وجعل يقبل كشحه وقال إنما أردت هذا يا رسول الله
انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في البر والصلة عن صالح بن
حبان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ان رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرني
شيئا أزداد به يقينا فقال له اذهب إلى تلك الشجرة فادعها فذهب إليها فقال إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فجاءت حتى سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لها ارجعي
فرجعت ثم اذن له فقبل رأسه ورجليه وقال لو كنت آمرا أحد أن يسجد
لاحد لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها انتهى وقال صحيح الاسناد وتعقبه
الذهبي فقال صالح بن حبان متروك انتهى ورواه البزار في مسنده وقال فيه
157

فقبل رأسه ويديه ورجليه وقال لا يعلم في تقبيل الرأس غير هذا الحديث انتهى
وأعجب منه كيف غفل عن حديث الإفك قال المنذري في مختصره وقد صنف
الحافظ أبو بكر الأصبهاني المعروف بابن المقرئ جزء في الرخصة في تقبيل اليد
ذكر فيه أحاديث وآثار عن الصحابة والتابعين والله أعلم
الحديث الثلاثون قال عليه السلام من صافح أخاه المسلم وحرك يده تناثرت
عنه ذنوبه قلت روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن رشدين ثنا
يحيى بن بكير ثنا موسى بن ربيعة عن موسى بن سويد الجمحي عن الوليد بن أبي الوليد
عن يعقوب الخريقي عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن
إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذه بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر
انتهى وأخرجه البيهقي في شعب الايمان في الباب الحادي والستين عن صفوان
بن سليم عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة ثنا بن أبي ليلى عن حذيفة مرفوعا نحوه سواء
وأخر أيضا عن يزيد بن البراء بن عازب عن أبيه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم
فحرب بي وأخذ بيدي ثم قال لي يا براء أتدري لم أخذت بيدك قال خيرا
يا رسول الله قال لا يلقى مسلم مسلما فيرحب به ويأخذ بيده الا تناثرت الذنوب
بينهما كما يتناثر ورق الشجر انتهى
أحاديث المصافحة أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن الأجلح عن أبي
إسحاق عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان الا
غفر لهما قبل أن يفترقا انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب ورواه أحمد في
مسنده والأجلح اسمه يحيى بن عبد الله أبو حجية فيه مقال
حديث آخر أخرجه أبو داود عن رجل من عنزة أنه قال لأبي ذر اني أريد أن
أسألك عن حديث هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه قال ما لقيته قط
الا صافحني مختصر وفيه مجهول
158

حديث آخر أخرجه الترمذي عن خيثمة عن رجل عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال من تمام التحية الاخذ باليد انتهى وقال غريب وسألت محمد بن إسماعيل
عنه فلم يعده محفوظا انتهى وفيه أيضا مجهول
حديث آخر أخرجه الترمذي أيضا عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تمام عيادة المريض ان يضع أحدكم يده على جبهته ومن تمام
التحية المصافحة انتهى وقال إسناده ليس بالقوي وعلي بن يزيد ضعيف انتهى
الآثار في الصحيحين في حديث كعب بن مالك فقام إلي طلحة بن عبيد الله
يهرول حتى صافحني وهنأني ولا أنساها لطلحة بن عبيد الله وعند البخاري عن
قتادة قال قلت لانس أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم
انتهى
فصل في البيع
الحديث الحادي والثلاثون قال عليه السلام الجالب مرزوق والمحتكر ملعون
159

قلت أخرجه بن ماجة في التجارات عن علي بن
سالم بن ثوبان عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الجالب مرزوق والمحتكر ملعون انتهى ورواه إسحاق بن راهويه والدارمي
وعبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والبيهقي في شعب الايمان في
الباب السابع والسبعين ورواه العقيلي في كتاب الضعفاء وأعله بعلي بن سالم
161

وقال لا يتابعه عليه أحد بهذا اللفظ وقد روي بغير هذا السند والمتن عن معمر بن عبد
الله العدوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحتكر إلا خاطئ انتهى وحديث معمر هذا
أخرجه مسلم في صحيحه باللفظ المذكور في كتاب البيوع وروي حديث
عمر الحاكم في المستدرك في البيوع لم يذكر فيه الجالب عن علي بن سالم بن
ثوبان به المحتكر ملعون انتهى قا الذهبي في مختصره علي بن سالم بن ثوبان
ضعيف انتهى ووجدت الحديث المذكور عن عثمان بن عفان رواه إبراهيم الحربي في
كتاب غريب الحديث حدثنا أبو خيثمة ثنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن علي بن
سالم عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان مثله سواء ذكره في
باب جلب فلينظر في ذلك وليحرر من نسخة أخرى فلعله غلط ولكني علقته
لا تذكره
الحديث الثاني والثلاثون روي أنه عليه السلام نهى عن تلقي الجلب وعن تلقي
الركبان قلت هما حديثان فالأول أخرجه مسلم عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب انتهى وفي لفظ قال لا تلقوا
الجلب فمن تلقاه فاشتراه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار انتهى الثاني
162

أخرجه البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتلقوا
الركبان ولا يبيع حاضر لباد انتهى
الحديث الثالث والثلاثون قال عليه السلام من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد
برئ من الله وبرئ الله منه قلت رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى
الموصلي في مسانيدهم والحاكم في المستدرك والدارقطني في غرائب
مالك والطبراني في معجمه الوسط وأبو نعيم في الحلية كلهم من حديث
أصبغ بن زيد ثنا أبو بشر عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة الحضرمي عن بن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه وأيما
أهل عرصة بات فيهم امرئ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وكلهم رووه عن
يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد به إلا الحاكم فإنه أخرجه عن عمرو بن الحصين عن
163

أصبغ بن زيد وأصبغ بن زيد مختلف فيه فوثقه أحمد والنسائي وابن معين وضعفه
بن سعد وذكره بن عدي في الكامل وساق له ثلاثة أحاديث منها هذا الحديث
وقال ليست بمحفوظة قال ولا أعلم روى عنه غير يزيد بن هارون قال الذهبي
في الميزان قلت روى عنه عشرة أنفس وقال في مختصر المستدرك عمرو بن
الحصين تركوه وأصبغ بن زيد فيه لين انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب
العلل سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد به سندا ومتنا فقال
أبي هذا حديث منكر وأبو بشر لا أعرفه انتهى كلامه وفي الباب ما أخرجه
مسلم عن سعيد بن المسيب عن معمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من احتكر فهو خاطئ
قيل لسعيد فإنك تحتكر قال سعيد إن معمرا الذي كان يحدث بهذا الحديث كان
يحتكر انتهى ومعمر هذا هو معمر بن أبي معمر القرشي العدوي
الحديث الرابع والثلاثون قال عليه السلام لا تسعروا فإن الله هو المسعر
القابض الباسط الرازق قلت روي من حديث أنس ومن حديث أبي جحيفة ومن
حديث بن عباس ومن حديث الخدري
164

فحديث أنس أخرجه أبو داود والترمذي في البيوع وابن ماجة في
التجارات عن حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد ثلاثتهم عن أنس قال
الناس يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله هو المسعر
القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة من
دم ولا مال انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى ورواه
الدارمي والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ورواه بن حبان في
صحيحه لم يذكر فيه المسعر هكذا وجدته في نسختين
وأما حديث أبي جحيفة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن محمد
بن عزيز الموصلي ثنا غسان بن الربيع ثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي جحيفة قال
قالوا يا رسول الله سعر لنا الحديث إلا أنه قال في عرض ولا مال
وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا محمد
165

بن يزيد بن عبد الوارث ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش
عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن بن عباس بلفظ حديث أبي جحيفة
وأما حديث الخدري فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن محمد
التمار ثنا أبو معن الرقاشي ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي
سعيد الخدري قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر
لنا فقال إن الله هو المسعر إني لأرجو الله أن ألقاه وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة
في دين ولا دنيا انتهى
الحديث الخامس والثلاثون وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة حاملها
والمحمولة إليه قلت روي من حديث بن عمر ومن حديث بن عباس ومن حديث
بن مسعود ومن حديث أنس
فحديث بن عمر أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن عبد الله
166

الغافقي وأبي علقمة مولاهم أنهما سمعا بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها وآكل ثمنها
ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه انتهى ورواه أحمد بن أبي شيبة
وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم قال المنذري في مختصره سئل بن
معين عن عبد الرحمن الغافقي فقال لا أعرفه وذكره بن يونس في تاريخه
وقال إنه روي عن بن عمر وروى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن
عياض وأنه كان أمير الأندلس قتله الروم بالأندلس سنة خمسة عشر ومائة وأبو
علقمة مولى بن عباس ذكر بن يونس أنه روى عنه بن عمر وغيره من الصحابة وأنه
كان على قضاء أفريقية وكان أحد فقهاء الموالي انتهى وأخرجه الحاكم في
المستدرك في الأشربة من طريق بن وهب أخبرني عبد الرحمن بن شريح الخولاني
عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قصة وقال صحيح الاسناد انتهى ورواه
إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا أبو عامر العقدي ثنا محمد بن أبي حميد عن أبي حميد عن أبي
توبة المصري سمعت بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لعن
الخمر وغارسها لا يغرسها إلا للخمر ولعن مجتنيها ولعن حاملها إلى
المعصرة وعاصرها وشاربها وبائعها وآكل ثمنها ومديرها انتهى وفي هذا اللفظ
ما يؤيد قول المصنف والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية فليتأمل
ذلك والله أعلم
وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي وابن ماجة عن أبي عاصم عن شبيب بن بشر
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة فذكره إلا أن فيه عوض
167

الخمر والمشتراة له قال الترمذي حديث غريب من حديث أنس
وأما حديث بن عباس فرواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والمائة
من القسم الثاني عن مالك بن سعيد التجيبي أنه سمع بن عباس يقول سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبرائيل فقال لي يا محمد إن الله لعن الخمر فذكره باللفظ
الأول إلا أن فيه عوض آكل ثمنها والمسقاة له ورواه الحاكم في المستدرك
وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وشاهده حديث عمر ثم أخرج حديث
عمر ورواه أحمد في مسنده
وأما حديث بن مسعود فرواه أحمد والبزار في مسنديهما حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي فديك ثنا عيسى بن أبي عيسى عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله
مرفوعا بلفظ بلفظ أبي داود سواء
الحديث السادس والثلاثون قال عليه السلام مكة حرام لا تباع رباعها ولا
تورث قلت أخرج الحاكم في المستدرك في البيوع وكذلك الدارقطني في
سننه عن إسماعيل بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مناخ لا يباع رباعها ولا يؤاجر بيوتها انتهى قال الحاكم
168

حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الدارقطني إسماعيل بن مهاجر ضعيف ولم
يروه غيره انتهى وذكره بن القطان في كتابه من جهة الدارقطني وأعله
بإسماعيل بن مهاجر قال قال البخاري منكر الحديث انتهى ورواه بن عدي
والعقيلي في كتابيهما وأعله بإسماعيل وأبيه وقالا في إسماعيل لا يتابع عليه
انتهى وقال صاحب التنقيح إسماعيل بن مهاجر هذا هو البجلي الكوفي وهو من
رجال مسلم وقال الثوري لا بأس به وضعفه بن معين وكذلك أبوه ضعفوه وقال
أحمد أبوه أقوى منه انتهى وأخرجه الحاكم والدارقطني أيضا عن أبي حنيفة عن
عبيد الله بن أبي زيد عن بن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله
حرم مكة فحرام بيع رباعها وثمنها وقال من أكل من أجر بيوت مكة شيئا فإنما
يأكل نارا انتهى وفي لفظ للدارقطني قال مكة حرام وحرام بيع رباعها وأجر
بيوتها انتهى وسكت عنه الحاكم وجعله شاهدا لحديث بن مهاجر وقال
الدارقطني هكذا رواه أبو حنيفة ووهم في موضعين أحدهما قوله عبيد الله بن أبي
يزيد وإنما هو بن أبي زياد القداح والثاني في رفعه والصحيح موقوف ثم أخرجه
عن عيسى بن يونس ثنا عبيد الله بن أبي زياد حدثني أبو نجيح عن عبد الله بن عمرو قال
الذي يأكل كراء بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا انتهى وذكر بن القطان حديث أبي
حنيفة من رواية محمد بن الحسن عنه وقال علته ضعف أبي حنيفة ووهم في قوله
عبيد الله بن أبي يزيد وإنما هو بن أبي زياد ووهم أيضا في رفعه وخالفه الناس فرواه
عيسى بن يونس ومحمد بن ربيعة عن عبيد الله بن أبي زياد وهو الصواب عن أبي نجيح
عن بن عمر
وقوله وقد رواه القاسم بن الحكم عن أبي حنيفة على الصواب وقال فيه بن أبي
زياد فلعل الوهم من صاحبه محمد بن الحسن انتهى كلامه قلت أخرجه
الدارقطني في آخر الحج عن أيمن بن نابل عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن
عبد الله بن عمر ورفعة الحديث قال من أكل كراء بيوت مكة أكل الربا انتهى
169

وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة حرام حرمها الله لا تحل بيع رباعها ولا إجازة بيوتها انتهى
حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد وعطاء وطاوس كانوا يكرهون أن يباع
شئ من رباع مكة انتهى
الحديث السابع والثلاثون قال عليه السلام من آجر أرض مكة فكأنما أكل
الربا قلت غريب بهذا اللفظ وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو
حنيفة عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أكل من أجور بيوت مكة فإنما يأكل نارا انتهى وتقدم عند الدارقطني عن أيمن بن
نابل ثنا عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمر ورفعه قال من أكل
كراء بيوت مكة فقد أكل نارا انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في الحج
أخبرنا بن جريج قال كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم وأخبرني أن عمر بن
الخطاب كان ينهى أن تبوب دور مكة لان ينزل الحاج في عرصاتها فكان أول من بوب
داره سهيل بن عمرو فأرسل إليه عمر بن الخطاب في ذلك فقال أنظرني يا أمير
المؤمنين إني امرؤ تاجر فأردت أن أتخذ بابا يحبس لي ظهري قال فذلك إذا
انتهى أخبرنا معمر عن منصور عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال يا أهل مكة لا
تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء قال معمر وأخبرني بعض أهل مكة
قال لقد استخلف معاوية وما لدار بمكة باب قال وأخبرني من سمع عطاء يقول
سواء العاكف فيه والباد قال ينزلون حيث شاءوا انتهى وذكر البيهقي في
المعرفة في البيوع ثنا الحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه قال كنا بمكة ومعي
أحمد بن حنبل فقال لي أحمد يوما تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله يعني الشافعي
فذهبت معه فرأيت من إعظام أحمد للشافعي فقلت له إني أريد أن أسأله عن مسألة
قال هات فقلت للشافعي يا أبا عبد الله ما تقول في أجور بيوت مكة قال لا بأس
به قلت وكيف وقد قال عمر يا أهل مكة لا تجعلوا على دوركم أبوابا لينزل البادي
حيث شاء وكان سعيد بن جبير ومجاهد ينزلان ويخرجان ولا يعطيان أجرا فقال
السنة في هذا أولى بنا فقلت أو في هذا سنة قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل
ترك لنا عقيل منزلا لان عقيلا ورث أبا طالب ولم يرثه علي ولا جعفر لأنهما كانا
170

مسلمين فلو كانت المنازل بمكة لا تملك كيف كان يقول وهل ترك لنا وهي غير
مملوكة قال فاستحسن ذلك أحمد وقال لم يقع هذا بقلبي فقال إسحاق
للشافعي أليس قد قال الله تعالى سواء العاكف فيه والبا فقال له الشافعي
اقرأ أول الآية والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد إذ لو
كان كما تزعم لما جاز لاحد أن ينشد فيها ضالة ولا ينحر فيه بدنة ولا يدع فيها
الأرواث ولكن هذا في المسجد خاصة قال فسكت إسحاق انتهى وبحديث
هل ترك لنا عقيل منزلا استدل بن حبان في صحيحه على جواز إجارة بيوت مكة
وهو متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد وروى
الواقدي في كتاب المغازي حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله عن أبيه عن أبي
رافع قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح ألا تنزل منزلك من الشعب قال
فهل ترك لنا عقيل منزلا وكان عقيل قد باع منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزل إخوته من
الرجال والنساء بمكة فقيل له فأنزل في بعض بيوت مكة فأبى وقال لا أدخل
البيوت فلم يزل مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا وكان يأتي إلى المسجد من
الحجون انتهى وقال السهيلي في الروض الأنف وقد اشترى عمر بن الخطاب
الدور من الناس الذي ضيقوا الكعبة وألصقوا دورهم بها ثم هدمها وبنى المسجد
الحرام حول الكعبة ثم كان عثمان فاشترى دورا بأغلى ثمن وزاد في سعة المسجد
وفي هذا دليل على أن رباع مكة مملوكة لأهلها بيعا وشراء إذا شاءوا انتهى وقال أبو
الفتح اليعمري في سيرته عيون الأثر وهذا الخلاف هنا يبتني على خلاف آخر
وهو أن مكة هل فتحت عنوة أو أخذت بالأمان فذهب الشافعي إلى أنها مؤمنة
والأمان كالصلح يملكها أهلها فيجوز لهم كراءها وبيعها وشراءها لان المؤمن يحرم
دمه وماله وعياله وكان النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى المسلمين أن لا يقاتلوا الا من قاتلهم
وقال من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن الا الذين استثناهم
النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بقتلهم وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة وذكر الطبراني ان النبي
صلى الله عليه وسلم وجه حكيم بن حزام مع أبي سفيان بعد إسلامهما إلى مكة وقال من دخل دار
حكيم فهو آمن وهي بأسفل مكة ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وهي بأعلا
171

مكة فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة وأكثر أهل العلم على أنها
فتحت عنوة لأنها أخذت بالخيل والركاب وجاء في حديث عن عائشة من طريق
إبراهيم بن مهاجر في مكة أنها مناخ من سبق ولا خلاف في أنه لم يجر فيها قسم ولا
غنيمة ولا شئ من أهلها أخذ لما عظم الله من حرمتها قال أبو عمر والأصح والله
أعلم أنها بلدة مؤمنة آمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم انتهى
كلامه ولذلك قال بن الجوزي في التحقيق بيع رباع مكة مبني على أنها إن فتحت
عنوة فتكون وقفا على المسلمين فلا يجوز بيعها وان فتحت صلحا فهي باقية على
أهلها فيجوز انتهى وحديث مكة مناخ من سبق رواه أبو عبيد القاسم بن سلام
حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن يوسف بن ماهك عن أمه عن
عائشة قلت يا رسول الله ألا نبني لك بيتا يعني بمكة قال لا إنما هي مناخ لمن
سبق انتهى وقال الحاكم في المستدرك عقيب حديث عبد الله بن عمرو وقد
صححت الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة صلحا فمنها ما حدثنا وأسند عن أبي
هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى مكة ليفتحها قال لأبي هريرة اهتف بالأنصار
فقال يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوا كأنما كانوا على ميعاد ثم قال
اسلكوا هذه الطريق فساروا ففتحها الله عليه وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت
فصلى ركعتين ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا فصعد الصفا فخطب الناس
والأنصار أسفل منه فقالت الأنصار بعضهم لبعض أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه
ورغبة في قرابته قال فمن أنا إذا كلا والله إني عبد الله ورسوله حقا فالمحيا
محياكم والممات مماتكم قالوا والله يا رسول الله ما قلنا ذلك الا مخافة أن يعادونا
قال أنتم صادقون عند الله ورسوله قال فوالله ما منهم الا من بل نحره بالدموع
انتهى
172

الحديث الثامن والثلاثون قوله ولان أراضي مكة كانت تسمى السوائب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتاج إليها سكنها ومن استغنى عنها أسكن غيره قلت
رواه بن ماجة في سننه في الحج حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن
عمر بن سعيد بن أبي حسين عن عثمان بن أبي سليمان عن علقمة بن نضلة قال توفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة الا السوائب من احتاج سكن
ومن استغنى أسكن انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده
ومن طريقه رواه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه ورواه الدارقطني
أيضا عن محمد بن يزيد الادمي ثنا يحيى بن سليم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن
عثمان به وبهذا الاسناد رواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي في كتابه تاريخ
مكة وحدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ثنا يحيى بن سليم به قال
كانت الدور والمساكن بمكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان
رضي الله عنهم ما تكرى ولا تباع ولا تدعى الا السوائب من احتاج سكن ومن
استغنى سكن قال يحيى فقلت لعمر انك تكري قال قد أحل الله الميتة للمضطر
إليها انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن معاوية بن هشام ثنا سفيان عن عمر بن سعيد
عن عثمان بن أبي سليمان عن نافع بن جبير بن مطعم عن علقمة بن نضلة الكناني قال
كانت بيوت مكة تدعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر السوائب لا تباع
من احتاج سكن ومن استغنى أسكن انتهى
مسائل متفرقة
الله تعالى قوله عن بن مسعود أنه قال جردوا القرآن ويروي جردوا المصاحف قلت
173

رواه بن أبي شيبة في مصنفه في الصلاة وفي فضائل القرآن حدثنا وكيع عن
سفيان عن الأعمش عن إبراهيم قال قال عبد الله جردوا القرآن انتهى حدثنا
سهل بن يوسف عن حميد الطويل عن معاوية بن قرة عن أبي المغيرة عن بن مسعود
فذكره حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن
مسعود قال جردوا القرآن لا تلحقوا به ما ليس منه انتهى وبهذا السند رواه
عبد الرزاق في مصنفه في أواخر الصوم أخبرني الثوري عن سلمة بن كهيل به
ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ومن طريق بن أبي شيبة رواه
إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث وقال قوله جردوا القرآن يحتمل فيه
أمران أحدهما أي جردوه في التلاوة لا تخلطوا به غيره والثاني أي جردوه في
الخط من النقط والتعشير انتهى قلت الثاني أولى لان الطبراني اخرج في
معجمه عن مسروق عن بن مسعود أنه كان يكره التعشير في المصحف انتهى
وأخرجه البيهقي في كتاب المدخل عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل به جردوا
القرآن قال أبو عبيد كان إبراهيم يذهب به إلى نقط المصاحف ويروي عن عبد الله
أنه كره التعشير في المصاحف قال البيهقي وفيه وجه آخر هو أبين وهو أنه أراد
لا تخلطوا به غيره من الكتب لان ما خلا القرآن من كتب الله تعالى إنما يؤخذ عن
اليهود والنصارى وليسوا بمأمونين عليها وقوى هذا الوجه بما أخرجه عن الشعبي عن
قرظة بن كعب قال لما خرجنا إلى العراق خرج معنا عمر بن الخطاب يشيعنا وقال
لنا إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تشغلوهم بالأحاديث
فتصدوهم وجردوا القرآن قال فهذا معناه أي لا تخلطوا معه غيره انتهى ورواية
جردوا المصاحف غريبة
174

الحديث التاسع والثلاثون روي أنه عليه السلام أنزل وفد ثقيف في مسجده
وهم كفار قلت أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الخراج في باب خبر
الطائف عن أبي داود عن حماد بن سملة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي
العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم انزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم
فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا فقال عليه السلام لكن أن
تحشروا ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع انتهى ورواه أحمد في
مسنده حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة به وكذلك الطبراني في معجمه قال
المنذري في مختصره قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص
انتهى ورواه أبو داود في مراسيله عن الحسن أن وفد ثقيف أتوا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فضرب لهم قبة في مؤخر المسجد لينظروا إلى صلاة المسلمين فقيل له يا رسول الله
أتنزلهم المسجد وهم مشركون فقال إن الأرض لا تنجس إنما ينجس بن آدم انتهى
وأخرجه الطبراني في معجمه عن محمد بن إسحاق عن عيسى بن عبد الله بن مالك
175

عن عطية بن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قدم وفد من ثقيف في رمضان على رسول ال
ه صلى الله عليه وسلم فضرب لهم قبة في المسجد فلما أسلموا صاموا معه انتهى
الحديث الأربعون وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب البغلة واقتناها قلت أخرج
البخاري ومسلم في الجهاد عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب وسأله
رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقال البراء والله إ رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يفر وكانت هوازن يومئذ رماه وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على
الغنائم فاستقبلونا بالسهام فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وإن أبا سفيان
بن الحارث آخذ بلجامها يقوده وهو يقول
أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب
انتهى
وأخرج البخاري عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت
الحارث قال ما تر ك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة
ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة
انتهى ولم يخرج مسلم لعمرو بن الحارث شيئا وفي سيرة بن إسحاق أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب بغلته الدلدل في أسفاره وعاشت بعده حتى كبرت وزالت
أسنانها وكان يجش لها الشعير وماتت بالبقيع في زمن معاوية انتهى وأخرج مسلم
في الجهاد أيضا عن كثير بن عباس بن عبد المطلب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على
بغلة له بيضاء أهداها له فروة الجذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولي المسلمون
مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار قال بن عباس وأنا آخذ بلجام بغلته عليه السام والعباس آخذ
بركابه إلى أن قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا
حين حمى الوطيس ثم أخذ عليه السلام بيده حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار ثم
176

قال انهزموا ورب الكعبة قال فما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى أمرهم
مدبرا حتى هزمهم الله قال فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يركض خلفهم على
بغلته مختصر وأخرج في الفضائل عن سلمة بن الأكوع قال لقد قدت بنبي
الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه
وهذا خلفه انتهى وأخرج في آخر التوبة قبيل الفتن عن زيد بن ثابت قال
بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه فذكره وفيه وقال
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن مختصر
الحديث الحادي والأربعون وقد صح أنه عليه السلام عاد يهوديا بجواره قلت
أخرجه البخاري في صحيحه في الجنائز عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال
كان غلام يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له
أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو
يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في
الجنائز أيضا وزاد فلما مات قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم صلوا على صاحبكم انتهى
وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووهم في ذلك فقد رواه
البخاري في موضعين في الجنائز وفي الطب ورواه أحمد في مسنده
ولفظه كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم يضع له وضوءه ويناوله بغلته وليس في
ألفاظهم أنه كان جاره لكن رواه بن حبان في صحيحه في النوع الأول من
القسم الرابع بالاسناد المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد جارا له يهوديا انتهى ورواه
عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا بن جريج ثنا عبد الله بن عمرو
بن علقمة عن بن أبي حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له جار يهودي فمرض فعاده رسول الله
صلى الله عليه وسلم بأصحابه فعرض عليه الشهادتين ثلاث مرات فقال له أبوه في الثالثة قل ما قال
لك ففعل ثم مات فأراد اليهود أن تليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أولى به
وغسله النبي صلى الله عليه وسلم وكفنه وحنطه وصلى عليه انتهى وروى محمد بن الحسن
177

في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه قال كنا
جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لنا قوموا بنا نعود جارنا اليهودي قال فأتيناه فقال له
عليه السلام كيف أنت يا فلان ثم عرض عليه الشهادتين ثلاث مرات فقال له
أبوه في الثالثة يا بني اشهد فشهد فقال عليه السلام الحمد لله الذي أعتق بي نسمة من
النار انتهى ومن طريق محمد بن الحسن رواه بن السني في كتاب عمل يوم وليلة
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن
سعيد بن جبير عن بن عباس قال مرض أبو طالب فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في آخر الباب الثالث والستين
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ثنا أبو علي بن أحمد بن الحسن الصواف ثنا بشر بن
محمد ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ثنا يونس بن بكير حدثني سعيد بن ميسرة القيسي
سمعت أنس بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا رجلا على غير الاسلام لم
يجلس عنده وقال كيف أنت يا يهودي كيف أنت يا نصراني بدينه الذي هو عليه
انتهى
الحديث الثاني والأربعون روى أنه كان من دعائه عليه السلام اللهم إني أسألك
بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الاعلى
وكلماتك التامة قلت رواه البيهقي في كتاب الدعوات الكبير أخبرنا أبو طاهر
الزيادي أنبأ أبو عثمان البصري ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ثنا عامر بن خداش ثنا
عمر بن هارون البلخي عن بن جريج عن داود بن أبي عاصم عن بن مسعود عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا
178

تشهدت في آخر صلاتك فاثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت
ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات وقل لا إله إلا الله وحده
لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير عشر مرات ثم قل اللهم
إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم
وكلماتك التامة ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ثم سلم يمينا وشمالا ولا تعلموها
السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب انتهى ورواه بن الجوزي في كتاب
الموضوعات من طريق أبي عبد الله الحاكم ثنا محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي
ثنا محمد بن أشرس ثنا عامر بن خداش به مسندا ومتنا قال بن الجوزي هذا حديث
موضوع بلا شك وإسناده مخبط كما ترى وفي إسناده عمر بن هارون قال بن معين
فيه كذاب وقال بن حبان يروي عن الثقات المعضلات ويدعى شيوخا لم يرهم
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود انتهى كلامه وعزاه السروجي
للحلية وما وجدته فيها
الحديث الثالث والأربعون قال عليه السلام لهو المؤمن باطل الا ثلاث تأديبه
لفرسه ومناضلته عن قوسه وملاعبته مع أهله قلت روى من حديث عقبة بن عامر
الجهني ومن حديث جابر بن عبد الله ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عمر بن
الخطاب
فحديث عقبة رواه أصحاب السنن الأربعة في الجهاد فأبو داود والنسائي
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني أبو سلام عن خالد بن زيد عن عقبة بن عامر
والترمذي وابن ماجة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن عبد الله بن الأزرق عن
عقبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليدخل بالسهم الواحد الثلاثة الجنة صانعه
يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله وارموا واركبوا وان ترموا أحب إلي
179

من أن تركبوا ليس من اللهو ثلاث تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه
ونبله ومن ترك الرمي بعد ما علمه فإنها نعمة تركها أو قال كفرها انتهى
ولم يعزه المنذري في مختصره الا للنسائي فقط وهذا مما يقوي انه كان يقلد أصحاب
الأطراف فإنه إذا كان يعزو مع الاختلاف في الصحابي فبالأولى أن يعزو مع
الاختلاف في التابعي والله أعلم
وأما حديث جابر فأخرجه النسائي في عشرة النساء من ثلاث طرق دائرة على
عطاء بن أبي رباح قال رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين يرميان
فمل أحدهما فقال الآخر أكسلت قال نعم فقال أحدهما للآخر أما سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل شئ ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب وفي لفظ وهو
سهو ولغو الا أربعة ملاعبة الرجل امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين
الغرضين وتعلم الرجل السباحة انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا
محمد بن سلمة الجزري عن أبي عبد الرحمن خالد بن أبي يزيد عن عبد الوهاب بن
بخت المكي عن عطاء بن أبي رباح به ومن طريق إسحاق رواه الطبراني في معجمه
وكذلك رواه البزار في مسنده وجعله من مسند جابر بن عمير وكذلك بن
عساكر
وأما حديث أبي هريرة فرواه الحاكم في المستدرك في الجهاد عن سويد بن
عبد العزيز ثنا محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
كل شئ من لهو الدنيا باطل الا ثلاثة انتضالك بقوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك
أهلك فإنهن من الحق مختصر وقال حديث صحيح على شرط مسلم انتهى
وتعقبه الذهبي في مختصره فقال سويد بن عبد العزيز متروك انتهى قال بن أبي
حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سويد بن عبد العزيز عن
180

بن عجلان عن سعيد بالمقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره فقالا هذا
خطأ وهم فيه سويد إنما هو عن بن عجلان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين
قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره هكذا رواه الليث وحاتم بن إسماعيل
وجماعة وهو الصحيح مرسلا قال أبي ورواه بن عيينة عن بن أبي حسين عن رجل
عن أبي الشعثاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضا مرسل انتهى كلامه
وأما حديث عمر فرواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث المنذر بن زياد
الطائي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل
لهو يكره الا ملاعبة الرجل امرأته ومشيه بن الهدفين وتعليمه فرسه انتهى
ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بالمنذر وقال إنه يقلب الأسانيد وينفرد بالمناكير عن المشاهير لا يحتج به إذا انفرد انتهى الحديث الرابع والأربعون قال عليه السلام من لعب بالشطرنج والنردشير
فكأنما غمس يده في دم خنزير قلت غريب بهذا اللفظ والحديث في مسلم
وليس فيه ذكر الشطرنج أخرجه عن سليمان بن بريدة عن أبيه بريدة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه انتهى قال
شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه أخرجه مسلم في الأدب ولم أجده إلا في
كتاب الشعر
أحاديث ث الشطرنج أخرج العقيلي في ضعفاءه عن مطهر بن الهيثم ثنا شبل
المصري عن عبد الرحمن بن معمر عن أبي هريرة قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون
بالشطرنج. فقال ما هذه الكوبة ألم أنه عنها لعن الله من يلعبها انتهى وأعله
بمطهر بن الهيثم وقال لا يصح حديثه وقال وشبل وعبد الرحمن مجهولان
انتهى وذكره بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بمظهر وقال إنه منكر الحديث
يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الاثبات انتهى
حديث آخر رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن محمد بن الحجاج ثنا حزام
181

بن يحيى عن مكحول عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله عز وجل في
كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة لا ينظر فيها إلى صاحب الشاة يعني الشطرنج انتهى
ثم قال ومحمد بن الحجاج أبو عبد الله المصغر منكر الحديث جدا لا تحل الرواية عنه
انتهى ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني عن بن حبان
بسنده المذكور ثم قال ومحمد بن الحجاج يقال له أبو عبد الله المصغر قال الإمام أحمد
تركت حديثه وقال يحيى ليس بثقة وقال مسلم والنسائي والدارقطني
متروك انتهى
الحديث الخامس والأربعون قال عليه السلام ما ألهاك عن ذكر الله فهو
ميسر قلت غريب مرفوعا ورواه أحمد في كتاب الزهد من قول القاسم بن
محمد فقال حدثنا بن نمير ثنا حفص عن عبيد الله عن القاسم بن محمد قال كل
ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر انتهى ورواه البيهقي في شعب الايمان
في الباب الحادي والأربعين أخبرنا أبو الحصين بن بشران ثنا الحسين بن صفوان ثنا
عبد الله بن أبي الدنيا ثنا علي بن الجعد ثنا أبو معاوية عن عبد الله بن عمر أنه قال للقاسم
بن محمد هذه النرد تكرهونها فما بال الشطرنج قال كل ما ألهى عن ذكر الله
وعن الصلاة فهو الميسر انتهى
الحديث السادس والأربعون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية سلمان حين كان
عبدا قلت روي من حديث سلمان ومن حديث بريدة
أما حديث سلمان فله طرق منها ما أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع
الثالث والثلاثين من القسم الخامس عن عبد الله بن رجاء ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق
عن أبي قرة الكندي عن سلمان قال كان أبي من الأساورة وكنت أختلف إلى
الكتاب وكان معي غلامان إذا رجعا من الكتاب دخلا على قس فأدخل معهما
182

فلم أزل أختلف إليه معهما حتى صر ت أحب إليه منهما وكان يقول لي يا سلمان إذا
سألك أهلك من حبسك فقل معلمي وإذا سألك معلمك من حبسك فقل أهلي
فلم يلبث أن حضرته الوفاة فلما مات واجتمع إليه الرهبان والقسيسون سألتهم
فقلت يا معشر القسيسين دلوني على عالم أكون معه قالوا ما نعلم في الأرض أعلم
من رجل كان يأتي بيت المقدس وإن انطلقت الآن وجدت حماره على باب بيت
المقدس قال فانطلقت فإذا أنا بحمار فجلست عنده حتى خرج فقصصت عليه
القصة فقال اجلس حتى أرجع إليك قال فلم أره إلى الحول وكان يأتي بيت
المقدس إلا في السنة مرة في ذلك الشهر فلما جاء قلت له ما صنعت في أمري قال
وأنت إلى الآن ههنا بعد قلت نعم قال والله لا أعلم اليوم أحدا أعلم من يتيم خرج
في أرض تهامة وإن تنطلق الآن توافقه وفيه ثلاثة أشياء يأكل الهدية ولا يأكل
الصدقة وعند غضروف كتفه اليمين خاتم النبوة مثل البيضة لونه لون جلده قال
فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى أصابني قوم من الأعداء فأخذوني
فباعوني حتى وقعت بالمدينة فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم وكان العيش عزيزا
فسألت قومي أن يهبوا لي يوما ففعلوا فانطلقت فاحتطبت فبعته بشئ يسير ثم
صنعت به طعاما واحتملته حتى جئت به فوضعته بين يديه فقال عليه السلام ما هذا
قلت صدقة فقال لأصحابه كلوا وأبى هو أن يأكل فقلت في نفسي هذه
واحدة ثم مكثت ما شاء الله ثم استوهبت قومي يوما آخر ففعلوا فانطلقت
فاحتطبت فبعته بأفضل من ذلك فصنعت طعاما وأتيته به فقال ما هذا قلت
هدية فقال بيده بسم الله كلوا فأكل وأكلوا معه وقمت إلى خلفه فوضع رداءه
عن كتفه فإذا خاتم النبوة كأنه بيضة قلت أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك
فحدثته حديثي ثم قلت يا رسول الله القس الذي أخبرني أنك نبي أيدخل الجنة
قال لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة قلت إنه زعم أنك نبي قال لا يدخل الجنة إلا
نفس مسلمة انتهى
طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن علي بن
عاصم ثنا حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن حرب عن زيد بن صوحان أنه سأل سلمان
183

كيف كان بدء إسلامك فقال سلمان كنت يتيما من رامهرمز فذكره مطولا إلى
أن قال فقال لي يعني الراهب الذي لازمه سلمان يا سلمان ان الله عز وجل باعث
رسولا اسمه أحمد يخرج بتهامة علامته أنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه
خاتم وهذا زمانه فقد تقارب قال فخرجت في طلبه فكلما سألت عنه قالوا لي
أمامك حتى لقيني ركب من كلب فأخذوني فأتوا بي بلادهم فباعوني لامرأة من
الأنصار فجعلتني في حائط لها وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت شيئا من تمر حائطي فجعلته على شئ وأتيته فوضعته بين يديه وحوله أصحابه وأقر بهم إليه أبو بكر
فقال ما هذا قلت صدقة فقال للقوم كلوا ولم يأكل ثم لبثت ما شاء الله
وذهبت فصنعت مثل ذلك فلما وضعته بين يديه قال ما هذا قلت هدية فقال
بسم الله وأكل وأكل القوم ودرت خلفه ففطن لي فألقى ثوبه فرأيت الخاتم في
ناحية كتفه الأيسر ثم درت فجلست بين يديه قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك
رسول الله قال من أنت قلت مملوك قال لمن قلت لامرأة من الأنصار
جعلتني في حائط لها فسألني فحدثته جميع حديثي فقال عليه السلام لأبي بكر يا
أبا بكر اشتره فاشتراني أبو بكر فأعتقني مختصر وقال حديث صحيح ولم
يخرجاه قال الذهبي في مختصره بل مجمع على ضعفه ثم أخرجه الحاكم
عن عبد الله بن عبد القدوس عن عبيد المكتب حدثني أبو الطفيل حدثني سلمان فذكره
بزيادات ونقص وقال صحيح الاسناد قال الذهبي وابن عبد القدوس ساقط
انتهى
طريق آخر رواه أبو نعيم في دلائل النبوة في الباب التاسع عشر حدثنا عبد الله
بن محمد بن جعفر ثنا القاسم بن فورك ثنا عبد الله بن أخي زياد ثنا سيار بن حاتم ثنا
موسى بن سعيد الراسبي أبو معاذ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمان الفارسي
قال ولدت برامهرمز ونشأت بها وكان أبي من أهل أصبهان وكان لأمي غناء
وعيش قال فأسلمتني أمي إلى الكتاب فكنت أنطلق إليه في كل يوم مع غلمان
فارس وكان في طريقنا جبل فيه كهف فمررت يوما وحدي فإذا أنا فيه برجل طوال
184

عليه ثياب شعر فأشار إلي فدنوت منه فقال لي أتعرف المسيح عيسى بن مريم قلت
له لا ولا سمعت به قال هو روح الله من آمن به أخرجه الله من غم الدنيا إلى نعيم
الآخرة وقرأ علي شيئا من الإنجيل قال فعلقه قلبي ودخلت حلاوة الإنجيل في
صدري وفارقت أصحابي وجعلت كلما ذهبت ورجعت قصدت نحو إلى أن قال
فخرجت إلى القدس فلما دخلت بيت المقدس إذا أنا برجل في زاوية من زواياه عليه
المسوح قال فجلست إليه وقلت له أتعرف فلانا الذي كان بمدينة فارس فقال لي
نعم أعرفه وأنا أنتظر نبي الرحمة الذي وصفه لي قلت كيف وصفه لك قال
وصفه لي فقال إنه نبي الرحمة يقال له محمد بن عبد الله يخرج من جبال تهامة
يركب الحمار والبغلة الرحمة في قلبه وجوارحه يكون الحر والعبد عنده سواء ليس
للدنيا عنده مكان بين كتفيه خاتم النبوة كبيضة الحمامة مكتوب في باطنه الله وحده
لا شريك له وفي ظاهره توجه حيث شئت فإنك منصور يأكل الهدية ولا يأكل
الصدقة ليس بحقود ولا حسود لا يظلم مؤمنا ولا كافرا فمن صدقه ونصره كان يوم
القيامة معه في الامر الذي يعطاه قال سلمان فقمت من عنده وقلت لعلي أقدر على
هذا الرجل فخرجت من بيت المقدس غير بعيد فمر بي أعراب من كلب فاحتملوني
إلى يثرب وسموني ميسرة قال فباعوني لامرأة يقال لها حليسة بنت فلان حليف
لبني النجار بثلاثمائة درهم وقالت لي سف هذا الخوص واسع على بناتي قال
فمكثت على ذلك ستة عشر شهرا حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فسمعت به وأنا
في أقصى المدينة ألتقط الخلال فجئت إليه أسعى حتى دخلت عليه في بيت أبي أيوب
الأنصاري فوضعت بين يديه شيئا من الخلال فقال لي ما هذا قلت صدقة قال
إنا لا نأكل الصدقة فرفعته من بين يديه ثم تناولت من إزاري شيئا آخر فوضعته بين
يديه فقال ما هذا قلت هدية فأكل منه وأطعم من حوله ثم نظر إلي فقال لي
أحر أنت أم مملوك قلت مملوك قال فلم وصلتني بهذه الهدية قلت كان لي
صاحب من أمره كيت وكيت وذكرت له قصتي كلها فقال لي إن صاحبك كان من
الذين قال الله في حقهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى
عليهم قالوا آمنا به الآية ثم قال لي عليه السلام هل رأيت في ما قال لك قلت
185

نعم الا شيئا بين كتفيك قال فألقى عليه السلام رداءه عن كتفه فرأيت الخاتم مثل
ما قال فقبلته ثم قلت أشهد ان لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم قال عليه السلام
لعلي بن أبي طالب يا علي اذهب مع سلمان إلى حليسة فقلها ان رسول الله يقول
لك إما أن تبيعينا هذا وإما تعتقيه فقد حرمت عليك خدمته فقلت يا رسول الله إنها
لم تسلم قال يا سلمان ألم تدر ما حدث بعدك عليها دخل عليها بن عم لها فعرض
عليها الاسلام فأسلمت قال سلمان فانطلقت إليها أنا وعلي بن أبي طالب فوافيناها
تذكر محمدا صلى الله عليه وسلم وأخبرها علي بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له اذهب إليه فقل
له يا رسول الله اشئت فأعتقه وان شئت فهو لك قال فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصرت أغدوا إليه وأروح وتعولني حليسة مختصر ثم رواه من طريق أخرى مرسلة
فقال حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن
سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ان سلمان كان قد خالط أناسا من أصحاب
دانيال بأرض فارس قبل الاسلام فسمع بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته منهم فإذا في
حديثهم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فأراد ان يلحق به
فسجنه أبوه ما شاء الله ثم هلك أبوه ثم خرج إلى الشام فكان هناك في كنيسة ثم
خرج يلتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه أهل تيماء فاسترقوه ثم قدموا به المدينة فباعوه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة لم يهاجر فلما هاجر إلى المدينة أتاه سلمان بشئ فقال
له ما هذا يا سلمان قال صدقة فلم يأكل عليه السلام منه ثم جاءه من الغد بشئ
آخر فقال له ما هذا يا سلمان قال هدية فأكل عليه السلام منه ونظر سلمان إلى
خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم فأكب عليه وقبله ثم أسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه عبد
مملوك فقال له كاتبهم يا سلمان فكاتبهم سلمان على مائتي ودية فرماه الأنصار من
ودية ووديتين حتى أوفاهم انتهى وهذا مرسل
وأما حديث بريدة فأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب البيوع عن زيد
بن الحباب ثنا حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ان سلمان الفارسي لما قدم
المدينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائدة عليها رطب فقال له ما هذا يا سلمان قال صدقة
تصدقت بها عليك وعلى أصحابك قال إنا لا نأكل الصدقة حتى إذا كان من الغد
186

جاء بمثلها فوضعها بين يديه فقال يا سلمان ما هذا قال هدية فقال كلوا وأكل
ونظر إلى الخاتم في ظهره ثم قاله لمن أنت قال لقوم قال فاطلب إليهم أن
يكاتبوك على كذا وكذا نخلة أغرسها لهم وتقوم عليها أنت حتى تطعم قال
ففعلوا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فغرس ذلك النخل كلها بيده وغرس عمر منها نخلة
فأطعمت كلها في السنة الا تلك النخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرس هذه فقالوا
عمر فغرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فحملت من سنتها انتهى ورواه إسحاق بن
راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم قال الحاكم حديث صحيح على
شرط مسلم وقال البزار لا نعلمه يروي الا عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الطبراني في
معجمه
وأما حديث بن عباس فرواه الحاكم أيضا من طريق بن إسحاق حدثني عاصم
بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن بن عباس قال حدثني سلمان الفارسي
قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب الخلق
إليه وكنت أجتهد في المجوسية أوقد النار لا أتركها تخمد أبدا اجتهادا في ديني
فأرسلني أبي يوما إلى ضيعة له في بعض علمه فمررت بكنيسة من كنائس النصارى
فسمعت أصواتهم وهم يصلون فدخلت عليهم أنظر ماذا يصنعون فأعجبني ما رأيت
من دينهم ورغبت عن ديني فلما رجعت إلى أبي أخبرته الخبر فأخافني وجعل في
رجلي قيدا وحبسني في بيت أياما ثم أخبرت بقوم من النصارى خرجوا تجارا إلى
الشام قال فألقيت القيد من رجلي وخرجت معهم حتى قدمت الشام فسألت عن
الأسقف من النصارى فدلوني عليه في كنيسة لهم فجئت إليه وخدمته ولازمته
وكنت أصلي معه فلم يلبث أن مات وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة فإذا
جمعوا له شيئا اكتنزه لنفسه ولم يعط المساكين منه شيئا فلما جاءوا ليدفنوه أخبرتهم
بخبره ودللتهم على موضع كنزه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وفضة
فصلبوه ورجموه بالحجارة ثم جاءوا بآخر فوضعوه مكانه قال فما رأيت أزهد في
الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب في العبادة ليلا ونهارا منه فلم يلبث أن حضرته
الوفاة فسألته فأوصى بي إلى رجل بنصيبين فلحقت به فلازمته فوجدته على أمر
187

صاحبه فلم يلبث أن حضرته الوفاة فسألته فأوصى بي إلى الرجل في عمورية من
أرض الروم فلحقت به ولازمته فوجدته على هدى أصحابه فلم يلبث أن حضرته
الوفاة فسألته فقال لي والله يا بني ما أعلم أصبح اليوم على أمرنا أحد من الناس
ولكنه قد أظلك زمان نبي يخرج بأرض العرب يبعث بدين إبراهيم به علاما ت
لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فان استطعت أن تلحق
بتلك البلاد فافعل ثم مات ودفن قال فمكثت بعمورية ما شاء الله ثم مر بي نفر
من كلب تجار فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقري وغنمي وقد
اكتسبت بقرا وغنما فقالوا نعم فأعطيتهم وحملوني حتى إذا قدموا بي على وادي
القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده ما شاء الله إذ قدم عليه بن
عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه وحملني إلى المدينة فأقمت بها وبعث
الله رسول بمكة فأقام بها ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق حتى
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فذهبت إليه فدخلت عليه فقلت له بلغني أنك رجل
صالح وأصحابك غرباء ذوو حاجة وهذا شئ عندي للصدقة رأيتكم أحق به ثم
قربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده ولم يأكل فقلت في
نفسي هذه واحدة ومضيت ثم جئته من الغد ومعي شئ آخر فقلت له إني
رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه
فأكلوا قال فقلت في نفسي هاتان ثنتان قال ثم جئته يوما وهو جالس في أصحابه
فسلمت عليه ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي
فعرف الذي أريد فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه فقبلته ثم
تحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي فأعجبه وكان يعجبه أن يسمعه
أصحابه ثم قال لي يا سلمان كاتب عن نفسك قال فكاتبت مولائي عن نفسي
بثلاثمائة نخلة وأربعين أو قيل ورجعت إليه فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه
أعينوا أخاكم فجعل الرجل منهم يعينني بثلاثين ودية والرجل بخمس عشرة ودية
والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى جمعوا لي ثلاثمائة ودية فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب فقال لي يا سلمان خذ هذه فأدها بما
عليك فقلت يا رسول الله وأين تقع هذه مما علي قال خذها فإنها ستؤدي عنك
188

قال سلمان فوالذي نفس سلمان بيده لقد وزنت لهم منها بيدي أربعين أوقية وأوفيتهم
حقهم وعتق سلمان وشهدت الخندق حرا ثم لم يفتني مشهد مختصر من كلام
طويل ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة وابن سعد في الطبقات في ترجمة
سلمان ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال مختصرا بالاسناد
المذكور عن سلمان قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وأنا مملوك فقلت له هذا
صدقة فأمر أصحابه أن يأكلوا ولم يأكل ثم أتيته بطعام آخر فقلت هذا هدية لك
أكرمك به فاني لا أراك تأكل الصدقة فأمر أصحابه أن يأكلوا واكل معهم انتهى
وكان هذا الاسناد داخلا في مسند سلمان والله أعلم
189

الحديث السابع والأربعون روي أنه عليه السلام قبل هدية بريرة وكانت مكاتبة
قلت حديث بريرة في الكتب الستة عن عائشة قالت كان في بريرة ثلاث سنن أراد
أهلها ان يبيعوها ويشترطوا ولاءها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها
فان الولاء لمن أعتق وعتقت فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها فاختارت نفسها
وكان الناس يتصدقون عليها وتهدي لنا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هو عليها
صدقة ولنا هدية انتهى أخرجه البخاري في النكاح والطلاق ومسلم في
العتق وأبو داود في الطلاق والنسائي فيه وفي عتق أربعتهم عن
القاسم عن عائشة والترمذي في الرضاع وابن ماجة في الطلاق عن
الأسود عن عائشة وألفاظهم متقاربة وأخرجا نحوه عن قتادة عن أنس أخرجه مسلم
في الزكاة ولم أجد في شئ من طرق الحديث ان الهدية وقعت حين كانت
مكاتبة ولكن روى عبد الرزاق في مصنفه في الطلاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو
الزبير أنه سمع عروة بن الزبير يقول جاءت وليدة لبني هلال يقال لها بريرة تسأل
عائشة في كتابتها فسامت عائشة بها أهلها فقالوا لا نبيعها الا ولنا ولاؤها فتركتها
وقالت يا رسول الله أبوا أن يبيعوها الا ولهم ولاؤها قال لا يمنعك ذاك فإنما الولاء لمن
أعتق فابتاعتها عائشة فأعتقتها وخيرت بريرة فاختارت نفسها وقسم لها النبي صلى الله عليه وسلم
شاة فأهدت لعائشة منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل عندكم من طعام قالت لا الا من
الشاة التي أعطيت بريرة فنظر ساعة ثم قال قد وقعت موقعها هي عليها صدقة
وهي لنا منها هدية فأكل منها وقال وعم عروة أنها ابتاعتها مكاتبة على ثمانية أواق
190

ولم تعط من كتابتها شيئا انتهى ورواه البزار في مسنده كذلك وروى
عبد الرزاق في المكاتب أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير عن عروة ان عائشة ابتاعت
بريرة مكاتبة على ثمان أواق لم تقض من كتابتها شيئا انتهى
قوله روي أنه أجاب رهط من الصحابة دعوة مولى أبي أسيد قلت غريب
وتنظر ترجمة أسيد مولى أبي أسيد الساعدي في أسماء الرجال والمصنف استدل
به على جواز إجابة العبد وفيه حديث مرفوع أخرجه الترمذي في الجنائز وابن
ماجة في الزهد عن مسلم الأعور عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود
المريض ويتبع الجنازة ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار ولقد كان يوم خيبر
ويوم قريظة على حمار خطامه حبل من ليف وتحته أكاف من ليف انتهى قال
الترمذي لا نعرفه الا من حديث مسلم بن كيسان الأعور وهو يضعف انتهى
191

وأخرجه الحاكم في المستدرك في الأطعمة وقال حديث صحيح الاسناد ولم
يخرجاه انتهى
قوله ولان التداوي مباح وقد ورد بإباحته الحديث قلت يشير إلى حديث
تداووا فان الله جعل لكل داء دواء وقد روى من حديث أسامة بن شريك ومن حديث
أبي الدرداء ومن حديث أنس ومن حديث بن عباس ومن حديث بن مسعود وأبي
هريرة
فحديث أسامة أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن
شريك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير فسلمت ثم
قعدت فجاء الاعراب من ههنا وههنا فقالوا يا رسول الله أنتداوى فقال تداووا
فان الله عز وجل لم يضع داء الا وضع له دواء غير داء الهرم انتهى قال الترمذي
192

حديث حسن صحيح ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو
يعلى الموصلي في مسانيدهم ولفظ بن راهويه فيه فان الله لم ينزل داء الا انزل له
دواء الا الموت قالوا يا رسول الله فما أفضل ما أعطى العبد قال خلق حسن قال
فلما قاموا من عنده جعلوا يقبلون يده قال شريك فضممت يده إلى فإذا هي أطيب
من المسك انتهى وبلفظ السنن رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب
والطبراني في معجمه وابن حبان في صحيحه في النوع السبعين من القسم
الأول والحاكم في المستدرك في كتاب العلم وقال حديث صحيح ولم
يخرجاه وعلته عندهما أن أسامة بن شريك لا يروي عنه غير زياد بن علاقة قال وله
طرق أخرى نذكرها في كتاب الطب إن شاء الله تعالى ورواه في كتاب
الطب عن مسعر بن كدام عن زياد بن علاقة به وقال صحيح الاسناد وقد رواه
عشر من أئمة المسلمين وثقاتهم عن زياد بن علاقة بن مالك بن مغول وعمر بن قيس
الملائي وشعبة ومحمد بن جحادة وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري وأبو
عوانة وسفيان بن عيينة وعثمان بن حكيم الأودي وشيبان بن عبد الرحمن النحوي
وورقاء بن عمرو السكري وزهير بن معاوية الجعفي وإسرائيل بن يونس السبيعي ثم
أخرج أحاديثهم الجميع ثم قال فانظر هل يترك مثل هذا الحديث على اشتهاره وكثرة
رواته بأن لا يوجد له عن الصحابي الا تابعي واحد قال وسألني الإمام الحافظ أبو
الحسن علي بن عمر الدارقطني لم أسقط الشيخان حديث أسامة بن شريك من الكتابين
فقلت له لأنهما لم يجدا لأسامة بن شريك راويا غير زياد بن علاقة فقال لي أبو الحسن
وكتبه لي بخطه قد أخرجا جميعا حديث قيس بن أبي حازم عن عدي بن عميرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم من استعملناه على عمل الحديث وليس لعدي بن عميرة راو غير قيس
وأخرجا أيضا حديث الحسن عن عمرو بن تغلب وليس له راو غير الحسن وأخرجا أيضا
حديث مجزأة بن زاهر الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن لحوم الحمر الأهلية
193

وليس لزاهر راو غير مجزأة وقد أخرج البخاري حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس
الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الصالحون أسلافا وليس لمرداس راو غير قيس وقد
أخرج البخاري أيضا حديثين عن زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام بن زهرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم وليس لعبد الله راو غير زهرة وحديث أسامة بن شريك أصح وأشهر
وأكثر رواة من هذه الأحاديث مع أن أسامة بن شريك قد روى عنه علي بن الأقمر
ومجاهد انتهى وقال الحاكم في كتاب الايمان من المستدرك في حديث أبي
الأحوص عن أبيه مرفوعا ان الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب ان ترى عليه لم يخرج
الشيخان هذا الحديث لان مالك بن نضلة ليس له راو غير ابنه أبي الأخوص وقد أخرج
وكذلك عن أبي مالك الأشجعي مسلم عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه وليس له راو غير ابنه وكذلك عن أبي مالك
الأشجعي عن أبيه وليس له راو غير ابنه انتهى كلامه
وأما حديث أبي الدرداء فأخرجه أبو داود في سننه عن إسماعيل بن عياش عن
ثعلبة بن مسلم عن أبي عمران الأنصاري عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا
بحرام انتهى
وأما حديث أنس فرواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه قالا
حدثنا يونس بن محمد ثنا حرب بن ميمون قال سمعت عمران العمي قال سمعت
أنس بن مالك يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل حيث خلق الداء خلق
194

الدواء فتداووا انتهى وعن بن أبي شيبة رواه أبو يعلى في مسنده
وأما حديث بن عباس فرواه إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد في مسنديهما
قال الأول حدثنا الفضل بن موسى وقال الثاني حدثنا محمد بن عبيد قالا ثنا طلحة
بن عمرو عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس تداووا فان
الله عز وجل لم يخلق داء الا وقد خلق له شفاء الا السام والسام الموت انتهى
ورواه الطبراني في معجمه عن طلحة بن عمرو به ورواه أبو نعيم في تاريخ
أصبهان من طريق عبد الله بن وهب عن طلحة
وأما حديث بن مسعود فرواه البيهقي في شعب الايمان في الباب التاسع
والثلاثين حدثنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا الحسن بن علي بن المتوكل
ثنا أبو الربيع ثنا أبو وكيع الجراح بن مليح عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن
عبد الله بن مسعود قال قال رجل يا رسول الله نتداوى قال نعم تداووا فان الله
عز وجل لم ينزل داء الا وأنزل له شفاء انتهى قال البيهقي وقد تابعه أبو حنيفة
وأيوب بن عائذ عن قيس في رفعه انتهى قلت كذلك أخرجه أبو نعيم في كتاب
المفرد في الطب عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي الله عنه وأيوب بن
عائذ الطائي عن قيس به مرفوعا والله أعلم
وأما حديث أبي هريرة فرواه القضاعي في مسند الشهاب أخبرنا عبد الرحمن
بن عمر الصفار ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا سعيد بن عتاب ثنا بن أبي سمينة ثنا بكر
بن بكار ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
تداووا فان الذي أنزل الداء أنزل الدواء انتهى ورواه أبو نعيم فكتاب الطب
من حديث معتمر بن سليمان عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا نحوه
سواء
الحديث الثامن والأربعون روي أنه عليه السلام بعث عتاب بن أسيد إلى مكة
195

وفرض له وبعث عليا إلى اليمن وفرض له قلت غريب وروى الحاكم
في المستدرك في كتاب الفضائل من طريق إبراهيم الحربي ثنا مصعب بن عبد الله
الزبيري قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو عامله عليها ومات عتاب بمكة في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ثم أسند إلى
عمرو بن أبي عقرب قال سمعت عتاب بن أسيد وهو مسند ظهره إلى الكعبة يقول
والله ما أصبت في عملي هذا الذي ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ثوبين معقدين فكسوتهما
مولاي انتهى وسكت عنه روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عتاب
أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال سمعت عمر بن
عبد العزيز في خلافته يقول قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعتاب بن أسيد عامله على مكة
كان ولاه يوم الفتح فلم يزل عليها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا الضحاك بن مخلد
الشيباني ثنا خالد بن أبي عثمان بن خالد بن أسيد عن مولى لهم أراه بن كيسان قال
قال عتاب بن أسيد ما أصبت منذ وليت عملي هذا الا ثوبين معقدين كسوتهما مولاي
كيسان انتهى وذكر أصحابنا أنه عليه السلام فرض له سنة أربعين أوقية والأوقية
أربعون درهما وتكلموا في المال الذي رزقه ولم تكن يومئذ الدواوين ولا بيت المال
فان الدواوين وضعت زمن عمر فقيل رزقه مما أفاء الله عليه وقيل من المال الذي
أخذه من نصارى نجران والجزية التي أخذها من مجوس هجر وذكر أبو الربيع بن سالم
أنه عليه السلام فرض له كل يوم درهما وفي البخاري في باب رزق الحاكم والعاملين
196

عليها وكان شريح يأخذ على القضاء أجرا وقالت عائشة يأكل الوصي بقدر
عمالته وأكل أبو بكر وعمر انتهى وفي مصنف عبد الرزاق أخبرنا الحسن بن
عمارة عن الحكم ان عمر بن الخطاب رزق شريحا وسلمان بن ربيعة الباهلي على
القضاء انتهى وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة شريح أخبرنا الفضل بن
دكين ثنا الحسن بن صالح عن بن أبي ليلى قال بلغني أن عليا رزق شريحا خمسمائة
انتهى وروى في ترجمة زيد بن ثابت أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا
الحجاج بن أرطاة عن نافع قال استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء
وفرض له رزقا انتهى وروى في ترجمة أبي بكر أخبرنا مسلم بن إبراهيم ثنا
هشام الدستوائي ثنا عطاء بن السائب قال لما استخلف أبو بكر رضي الله عنه أصبح
غاديا إلى السوق يحمل ثيابا على رقبته ليتجر فيها فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة
بن الجراح فقالا له إلى أين يا خليفة رسول الله وقد وليت أمر المسلمين قال فمن
أين أطعم عيالي قالا له انطلق حتى نفرض لك شيئا فانطلق معهما ففرضوا له كل يوم
شطر شاة فقال عمر إلي القضاء وقال أبو عبيدة والي الفئ قال عمر فلقد كان
يأتي علي الشهر ما يختصم فيه إلي اثنان انتهى أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا أبو
بكر بن عياش عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين
فقال زيدوني فان لي عيالا وقد شغلتموني عن التجارة قال فزادوه خمسمائة
قال فإما كانت ألفين فزادوه خمسمائة أو كانت ألفين وخمسمائة وزادوه خمسمائة
انتهى أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال
بويع أبو بكر الصديق يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة
197

خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة وكان رجلا تاجرا يغدو كل
يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع فلما بويع للخلافة قال والله ما يصلح للناس الا التفرغ
لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي مما يصلحهم فترك التجارة واستنفق من مال
المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة
آلاف درهم فلما حضرته الوفاة قال لهم ردوا ما عندنا إلى مال المسلمين وان أرضي
التي هي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم فدفع ذلك إلى عمر فقال
عمر لقد والله أتعب من بعده مختصر وفي مصنف عبد الرزاق أخبرنا معمر
عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان معاذ بن جبل رجلا
سمحا شابا جميلا من أفضل شباب قومه وكان لا يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى
أغلق ماله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يحط عنه غرماؤه من الدين فأبوا فلو ترك
لاحد من أجل أحد لتركوا لمعاذ من أجل النبي صلى الله عليه وسلم فباع النبي صلى الله عليه وسلم كل ماله في دينه
حتى قام معاذ بغير شئ فلما كان في عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن
أميرا ليجيزه فمكث معاذ باليمن أميرا وكان أول من أتجر في مال الله فمكث حتى
أصاب وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وقدم في خلافة أبي بكر فقال عمر لأبي بكر دع له ما يعيش
به وخذ سائره منه فقال له أبو بكر إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجيزه ولست بآخذ منه شيئا الا أن يعطيني فانطلق عمر إلى معاذ فذكر له ذلك فقال له معاذ مثل ما قال أبو بكر
فتركه ثم أتى معاذ إلى أبي بكر فقال قد أطعت عمر وأنا فاعل ما أمرني به إني رأيت
في المنام أني في حومة ماء وقد خشيت الغرق فخلصني منه عمر ثم أتى بماله
وحلف أنه لم يكتم شيئا فقال له أبو بكر والله لا آخذه منك قد وهبته لك فقال
عمر هذا حين طاب وحل قال فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام قال معمر
فأخبرني رجل من قريش قال سمعت الزهري يقول لما باع النبي صلى الله عليه وسلم مال معاذ
أوقفه للناس فقال من باع هذا شيئا فهو باطل انتهى أخرجه في البيوع وبعث
علي إلى اليمن تقدم في أدب القاضي وليس فيه أيضا أنه فرض له
198

كتاب إحياء الموات
الحديث الأول قال عليه السلام من أحيى أرضا ميتة فهي له قلت روى من
حديث عائشة ومن حديث سعيد بن زيد ومن حديث جابر ومن حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص ومن حديث فضالة بن عبيد ومن حديث مروان بن الحكم ومن
حديث عمرو بن عوف ومن حديث ث بن عباس
فحديث عائشة أخرجه البخاري في صحيحه في المزارعة عن محمد بن
199

عبد الرحمن عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعمر أرضا ليست لاحد
فهو أحق قال عروة قضى به عمر في خلافته انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي
في مسنده بلفظ المصنف فقال حدثنا زهير ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيى أرضا
ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق انتهى وكذلك رواه أبو داود الطيالسي
في مسنده حدثنا زمعة بن صالح عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا بلفظ أبي
يعلى ومن طريق الطيالسي رواه الدارقطني في سننه ورواه بن عدي ولي زمعة وقال أرجو أنه لا بأس به انتهى
وأما حديث سيد بن زيد فأخرجه أبو داود في الخراج والترمذي في
الاحكام والنسائي في الموات عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام بن
عروة عن عروة عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحيى أرضا ميتة فهي له
وليس لعرق ظالم حق انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وقد رواه بعضهم
عن هشام عن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى ورواه البزار في مسنده وقال
لا نعلم أحدا قال عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد الا عبد الوهاب عن
أيوب عن هشام انتهى وهذا المرسل الذي أشار إليه الترمذي أخرجه أبو داود من
طريق بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مثله وزاد قال عروة
فلقد خبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس
200

أحدهما نخلا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن
يخرج نخله منها قال فلقد رأيتها فإنها لتضرب أصولها بالفؤوس وفي لفظ آخر
فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ظني أنه أبو سعيد فأنا رأيت الرجل يضرب
في أصول النخل انتهى وأخرجه النسائي أيضا عن الليث عن يحيى بن سعيد عن
هشام بن عروة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مرسلا وكذلك رواه مالك في الموطأ في
كتاب الأقضية أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره
وأما حديث جابر فأخرجه الترمذي والنسائي أيضا عن عبد الوهاب الثقفي عن
أيوب عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أحيى أرضا ميتة فهي له انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى
وفي لفظ للنسائي بهذا الاسناد من أحيى أرضا ميتة فله فيها أجر وما أكلت العافية منها
فهو له صدقة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الأول بهذا اللفظ
عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر ثم قال وفي هذا الخبر دليل على أن الذمي
إذا أحيى أرضا ميتة لم تكن له لان الصدقة لا تكون الا للمسلم وأعاده في النوع
الثالث والأربعين من القسم الثالث وقال إن هذا الخطاب إنما ورد للمسلمين لان
الصدقة إنما تكون منهم قال والعافية طلاب الرزق انتهى ورواه بن أبي شيبة في
مصنفه حدثنا وكيع ثنا هشام بن عروة عن بن أبي رافع عن جابر بن عبد الله مرفوعا
وأما حديث بن عمرو فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن
القاسم بن مساور ثنا محمد بن عبد الواهب الحارثي ثنا مسلم بن خالد الزنجي عن هشام
بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ حديث سعيد بن زيد وقال
تفرد به مسلم بن خالد عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو انتهى
201

وأما حديث فضالة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن
نجدة الحوطي ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن فضالة
بن عبيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرض أرض الله والعباد عباد الله من أحيى أرضا
مواتا فهي له انتهى
وأما حديث مروان بن الحكم فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا موسى
بن هارون ثنا حجاج بن الشاعر ثنا موسى بن داود ثنا نافع بن عمر الجمحي عن بن أبي
مليكة عن عروة بن الزبير عن عبد الملك بن مروان عن مروان بن الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم
بلفظ حديث فضالة وقال تفرد به حجاج بن الشاعر
وأما حديث عمرو بن عوف فأخرجه بن أبي شيبة والبزار في مسنديهما
والطبراني في معجمه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده
مرفوعا بلفظ حديث سعيد بن زيد ورواه بن عدي في الكامل وأعله بكثير
وضعفه عن أحمد والنسائي وابن معين جدا
وأما حديث بن عباس فأخرجه الطبراني في معجمه عن عمر بن رباح عن بن
طاوس عن أبيه عن بن عباس مرفوعا بنحوه ورواه بن عدي في الكامل فقال
عمر بن رباح مولى بن طاوس يحدث عنه بالأباطيل لا يتابع عليه ثم أسند عن البخاري
أنه قال عمر بن رباح هو بن أبي عمر العبدي دجال وكذلك نقل عن الفلاس
ووافقهما
الحديث الثاني قال عليه السلام ليس للمرء الا ما طابت به نفس إمامة قلت
202

رواه الطبراني وفيه ضعف من حديث معاذ وقد تقدم في كتاب السير
قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال ليس لمحتجر بعد ثلاث سنين حق قلت
رواه أبو يوسف في كتاب الخراج حدثنا الحسن بن عمارة عن الزهري عن سعيد بن
المسيب قال قال عمر من أحيى أرضا ميتة فهي له وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين
انتهى والحسن بن عمارة ضعيف وسعيد عن عمر فيه كلام وروى حميد بن زنجويه
النسائي في كتاب الأموال حدثنا بن أبي عباد ثنا سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن
عمرو بن شعيب ان النبي صلى الله عليه وسلم أقطع ناسا من جهينة أرضا فعطلوها وتركوها فأخذها
203

قوم آخرون فأحيوها فخاصم فيها الأولون إلى عمر بن الخطاب فقال لو كانت
قطعية مني أو من أبي بكر لم أرددها ولكنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من كانت له
أرض فعطلها ثلاث سنين لا يعمرها فعمرها غيره فهو أحق بها انتهى
قوله وفي الأخير ورد الخبر قلت قال السغناقي في الشرح الأخير هو
حفر البئر ورد فيه الخبر وهو قوله عليه السلام من حفر من بئر مقدار زراع فهو
محتجر وهذا الحديث ما رأيته ولا أعرفه ولم أر من ذكره
204

الحديث الثالث قال عليه السلام من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا عطنا
لماشيته قلت روى من حديث عبد الله بن مغفل ومن حديث أبي هريرة
فحديث عبد الله بن مغفل أخرجه بن ماجة في سننه عن عبد الوهاب بن عطاء
ثنا إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
حفر بئرا فله أربعون ذراعا عطنا لماشيته انتهى وأخرجه أيضا عن محمد بن
عبد الله بن المثنى عن إسماعيل بن مسلم به وذكره بن الجوزي في التحقيق بالسند
الأول فقط وضعفه فقال وعبد الوهاب بن عطاء قال الرازي كان يكذب وقال
العقيلي والنسائي متروك الحديث انتهى قال في التنقيح وهذا الذي فعله بن
الجوزي في هذا الحديث من أقبح الأشياء لان بن ماجة أخرجه من رواية اثنين عن إسماعيل بن مسلم فذكره هو من رواية أحدهما ثم إنه وهم فيه فان عبد الوهاب
هذا هو الخفاف وهو صدوق من رجال مسلم والذي نقل فيه بن الجوزي هو بن
الضحاك وهو متأخر عن الخفاف مع أن الخفاف لم ينفرد به عن إسماعيل فقد أخرجه بن ماجة أيضا
عن محمد بن عبد الله بن المثنى عن إسماعيل ولكن يكفي في ضعف الحديث إسماعيل
بن مسلم المكي والله أعلم قلت صرح بنسبة الخفاف إسحاق بن راهويه في مسنده فقال
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن إسماعيل بن مسلم به ومن طريق إسحاق رواه
الطبراني في معجمه وأما تضعيفه بإسماعيل بن مسلم فقد تابعه أشعث كما أخرجه
الطبراني في معجمه عن أشعث عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم
نحوه
واعلم أن بن الجوزي إنما تمحل في تضعيف هذا الحديث لأنه احتج به لأبي حنيفة
على أحمد في قوله إن حريمها خمسة وعشرون ذراعا واحتج لأحمد بحديث
أخرجه الدارقطني عن محمد بن يوسف المقري ثنا إسحاق بن أبي حمزة ثنا يحيى بن أبي
الخصيب ثنا هارون بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حريم البئر البدي خمسة وعشرون
205

ذراعا وحريم البئر العادية خمسون ذراعا انتهى قال الدارقطني الصحيح مرسل عن
بن المسيب ومن أسنده فقد وهم قال في التنقيح قال الدارقطني محمد بن
يوسف المقري وضع نحوا من ستين نسخة ووضع من الأحاديث المسندة والنسخ ما
لا يضبط وقد رواه أبو داود في المراسيل عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن
إسماعيل بن أمية عن الزهري عن سعيد مرسلا وهو الصواب انتهى كلامه
وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد في مسنده حدثنا هشيم عن عوف عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حريم البئر أربعون ذراعا من جوانبها كلها لاعطان
الإبل والغنم وابن السبيل أو الشارب ولا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ
انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن
أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا قلت غريب وأخرج أبو داود في
مراسيله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حريم البئر
العادية خمسون ذراعا وحريم بئر البدي خمس وعشرون ذراعا قال سعيد من قبل
نفسه وحريم قليب الزرع ثلاثمائة ذراع وزاد الزهري وحريم العين خمسمائة ذراع
من كل ناحية فهذا حريم ما يأذن به السلطان إلا أن يكون القوم في أرض أسلموا عليها
وابتاعوها انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه في أثناء البيوع حدثنا وكيع عن
206

سفيان عن إسماعيل بن أمية عن الشعبي عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره بدون زيادة الزهري وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر البيوع
أخبرنا محمد بن مسلم ثنا يحيى بن سعيد عن بن المسيب قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
حريم البئر المحدثة خمسة وعشرين ذراعا وحريم البئر العادية خمسين ذراعا قال بن
المسيب وأرى أنا حريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه
عن الحسن بن أبي حعفر عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حريم البئر البدي خمس وعشرون ذراعا
وحريم البئر العادية خمسون ذراعا وحريم العين السائحة ثلاثمائة ذراع وحريم عين
الزرع ثلاثمائة ذراع انتهى وابن أبي جعفر ضعيف ثم أخرجه عن محمد بن يوسف
المقري ثنا إسحاق بن أبي حمزة ثنا يحيى بن أبي الخصيب ثنا هارون بن عبد الرحمن عن
إبراهيم بن عبلة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وقال
الصحيح عن بن المسيب مرسل ومن أسنده فقد وهم انتهى وأخرج الحاكم في
المستدرك في كتاب الأحكام عن إسماعيل بن أمية عن الزهري عن سعيد بن المسيب
يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال حريم قليب العادية خمسون ذراعا وحريم قليب البادي خمسة
وعشرون ذراعا انتهى قال وأسنده عمر بن قيس عن الزهري ثم أخرجه عن عمر
بن قيس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حريم البئر
العادية خمسون ذراعا وحريم البئر المحدثة خمسة وعشرون ذراعا انتهى وسكت
عنه قال عبد الحق في أحكامه والمرسل أشبه
207

وقوله وهو مقدر بخمسة أذرع به ورد الحديث يعني حريم الشجرة التي تغرس
في أرض الموات قلت أخرج أبو داود في سننه في أخر الأقضية عن عبد العزيز
بن محمد عن أبي طوالة وعمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن الخدري قال اختصم
إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلان في حريم نخلة في حديث أحدهما فأمر بها فذرعت فوجدت
سبعة أذرع وفي حديث الآخر فوجدت خمسة أذرع فقضي بذاك قال عبد العزيز
فأمر بجريدة من جريدها فذرعت انتهى سكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده
ورواه الطحاوي في شرح الآثار ولفظه قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في
نخلة فقطع منها جريدة ثم ذرع بها النخلة فإذا فيها خمسة أذرع فجعلها حريمها
انتهى ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في أحكامه قال قال أبو داود
خمسة أذرع أو سبعة انتهى
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الأحكام عن موسى بن
عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في النخلة أن حريمها
208

مبلغ جريدها انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأخرجه
الطبراني في معجمه عن محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار عن بن عمر أن
209

النبي صلى الله عليه وسلم جعل حريم النخلة مد جريدها انتهى وأخرجه أبو داود في المراسيل عن
210

عروة بن الزبير قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حريم النخلة طول عسيبها انتهى
فصل في المياه
211

الحديث الخامس قال عليه السلام الناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ
والنار قلت روي من حديث رجل ومن حديث بن عباس ومن حديث بن عمر
فحديث الرجل أخرجه أبو داود في سننه في البيوع عن حريز بن عثمان عن
أبي خداش بن حبان بن زيد عن رجل من الصحابة قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاثا أسمعه يقول المسلمون شركاء في ثلاث في الكلأ والماء والنار انتهى
ورواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه في الأقضية وأسند بن عدي
212

في الكامل عن أحمد وابن معين أنهما قالا في حريز ثقة وذكره عبد الحق في
أحكامه من جهة أبي داود قال لا أعلم روى عن أبي خداش إلا حريز بن عثمان
وقد قيل فيه مجهول انتهى قال البيهقي في المعرفة وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم
ثقات وترك ذكر أسمائهم في الاسناد لا يضر إن لم يعارضه ما هو أصح منه انتهى
213

وأما حديث بن عباس فأخرجه بن ماجة في سننه في الاحكام عن عبد الله
بن خداش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار وثمنه حرام انتهى قال
عبد الحق في أحكامه قال البخاري عبد الله بن خداش عن العوام بن حوشب منكر
الحديث وضعفه أيضا أبو زرعة وقال فيه أبو حاتم ذاهب الحديث انتهى
كلامه وأقره بن القطان عليه انتهى
وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق
التستري ثنا يحيى الحماني ثنا قيس بن الربيع عن زيد بن جبير عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار انتهى
فصل في كرى الأنهار
قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال لو تركتم لبعتم أولادكم قلت غريب
214

كتاب الأشربة
الحديث الأول قال عليه السلام كل مسكر خمر قلت أخرجه مسلم عن
أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر
وكل مسكر حرام انتهى وعند أحمد في مسنده وكل خمر حرام
وكذلك بن حبان في صحيحه في أول القسم الثاني وكذلك عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا بن جريح عن أيوب السختياني به ومن طريقه رواه كذلك الدارقطني
في سننه وهو عند مسلم أيضا لكنه على الظن ولفظه عن نافع عن بن عمر
قال ولا أعلمه إلا عن النبي صل الله عليه وسلم قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام انتهى
قا المصنف وهذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين وذكر غيره من أصحابنا أن بن
219

معين طعن في ثلاثة أحاديث منها هذا وحديث
من مس ذكره فليتوضأ وحديث لا نكاح إلا بولي وهذا الكلام كله لم أجده في شئ من كتب الحديث والله
أعلم
الحديث الثاني قال عليه السلام الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة
قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة انتهى وفي
220

لفظ لمسلم الكرمة والنخلة ووهم شيخنا علاء الدين فعزاه للبخاري أيضا وقلد
غيره في ذلك فالمقلد ذهل والمقلد جهل والمصنف استدل بهذا الحديث والذي
قبله للقائل بأن الخمر اسم لكل مسكر وفيه أحاديث أخرى ستأتي قريبا في أحاديث
تحريم الخمر إن شاء الله تعالى
فمنها حديث بن عمر مرفوعا نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب
والتمر والعسل والحنطة والشعير
ومنها حديث أنس كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر وما شرابهم
إلا الفضيخ البسر والتمر أخرجاه في الصحيحين ومنها قول عمر الخمر ما خامر
العقل رواه البخاري في الصحيح قال المصنف وما ذكروه من أن الخمر اسم
لكل ما خامر العقل فلا ينافي كون الاسم خاصا فيه فان النجم مشتق من الظهور
وهو خاص بالنجم المعروف انتهى كلامه ومعنى هذا الكلام أنه من باب الغلبة فهو
وإن كان اسما لكل ما خامر العقل فقد غلب على التي من ماء العنب ويؤيد ما قاله
المصنف ما أخرجه البخاري في صحيحه عن نافع عن بن عمر قال لقد حرمت
الخمر وما بالمدينة منها شئ انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وقول بن
عمر حرمت الخمر وما بالمدينة منها شئ يعني به ماء العنب فإنه مشهور باسم
الخمر ولا يمنع هذا أن يسمى غيره خمرا انتهى وهذه مصادمة ويؤيده أيضا ما
أخرجه الدارقطني في سننه عن جعفر بن محمد عن بعض أهل بيته أنه سأل عائشة
عن النبيذ فقالت إن الله لم يحرم الخمر لاسمها وإنما حرمها لعاقبتها فكل شراب
يكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر انتهى وفيه مجهول
وأما ما أخرجه البخاري عن بن عمر في تفسير سورة المائدة قال نزل تحريم
الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب فهو إخبار منه
بعلمه يدل عليه ما أخرجه البخاري عن أنس قال حرمت الخمر علينا حين حرمت
221

وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا وعامة خمرنا البسر والتمر انتهى فهذا اللفظ
يوضح أن المراد بالأول القلة لا العدم
قوله وقد جاءت السنة متواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الخمر وعليه انعقد إجماع
الأمة قلت الأحاديث في تحريم الخمر منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن ثابت
عن أنس بن مالك قال كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما
شرابهم إلا الفضيح البسر والتمر فإذا مناد ينادي فقال اخرج فانظر
فخرجت فإذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت قال فجرت في سكك المدينة
فقال لي أبو طلحة اخرج فأهرقها فخرجت فهرقتها قال بن عبد البر في
التقصي هذا لا خلاف في أنه مرفوع وكذلك كل ما كان مثله مما شوهد فيه
نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وفي لفظ للبخاري فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا
ينادي ألا إن الخمر قد حرمت ذكره في حديث آخر فأخرجه مسلم عن
عبد الرحمن بن وعلة قال سألت بن عباس عن بيع الخمر فقال كان لرسول
الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان أما علمت أن الله حرمها فأقبل الرجل على غلامه فقال
اذهب فبعها فقال عليه السلام يا فلان بماذا أمرته قال أمرته أن يبيعها فقال إن
الذي حرم شربها حرم بيعها فأمر بها فأفرغت في البطحاء انتهى
حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تعالى حرم الخمر والميسر والكوبة
والغبيراء
222

عز وجل حديث آخر أخرجه أحمد أيضا عن بن عمر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان آ
تيه بمدية قال فأتيته بها فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر
فشق ما كان من ذلك الزقاق بحضرته ثم أعطانيها وأمر أصحابه أن يمضوا معي
ويعاونوني وأمرني ان آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر الا شققته ففعلت
فلم أترك في أسواقها زقا الا شققته ورواه البيهقي بقصة فيه وقال فيه ثم دعا
بسكين فقال اشحذوها ففعلوا ثم أخذها رسول الله فخرق بها الزقاق فقال
الناس في هذه الزقاق منفعة يا رسول الله قال أجل ولكني إنما أفعل ذلك غضبا
لله لما فيها من سخطه وبقية السند حدثنا الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن
ضمرة بن حبيب عن بن عمر فذكره
حديث آخر رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه ذم المسكر عن محمد
بن عبد الله بن بزيع عن الفضل بن سليمان النمري عن عمر بن سعيد عن الزهري
حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ان أباه قال سمعت عثمان بن عفان
يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل
ممن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها
فقالت إنا ندعوك لشهادة فدخل معها فطفقت كلما دخل باب أغلقته دونها حتى
أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر فقالت إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك
لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر فسقته
كأسا فقال زيدوني فلم يبرح حتى وقع عليها وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فإنها
لا تجتمع هي والايمان أبدا الا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه انتهى وهذا الحديث
رواه البيهقي في سننه موقوفا على عثمان وهو أصح
حديث آخر أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن جابر بن عبد الله
قال كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين فحمل منها
بمال فقدم المدينة فلقيه رجل من المسلمين فقال يا فلان إن الخمر قد حرمت
فوضعها حيث انتهى على تل وسجاها بأكسية ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
223

الله بلغني أن الخمر قد حرمت قال أجل قال هل لي أن أردها على من ابتعتها منه
قال لا قال أفأهديها إلى من يكافئني منها قال لا قال فإن فيها مالا ليتامى
في حجري قال إذا أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك من مالهم ثم نادى
بالمدينة فقال رجل يا رسول الله الأوعية ينتفع بها قال فحلوا أوكيتها فانصبت
حتى استقرت في بطن الوادي انتهى وبقية السند حدثنا جعفر بن حميد
الكوفي ثنا يعقوب العمي عن عيسى بن جارية عن جابر فذكره
حديث آخر حديث لعن في الخمر عشرة تقدم في الكراهية بجميع طرقه
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدمن خمر كعابد وثن انتهى وفي
صحيح بن حبان عن بن عباس نحوه وأخرجه البزار في مسنده عن عبد الله بن
عمرو بن العاص مرفوعا شارب الخمر كعابد الوثن انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة عن أبي الدرداء قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم لا
تشر ب الخمر فإنها مفتاح كل شر انتهى
حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن خباب بن الأرت قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إياك والخمر فان خطيئتها تفرع الخطايا كما أن شجرتها تفرع الشجر
انتهى
حديث آخر أخرجه الترمذي عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين صباحا فان تاب تاب الله عليه فان عاد لم تقبل
له صلاة أربعين صباحا فان تاب تاب الله عليه فان عاد لم تقبل له صلاة أربعين
صباحا فان تاب تاب الله عليه فان عاد الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فان
224

تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال قيل يا أبا عبد الرحمن وما نهر
الخبال قال نهر من صديد أهل النار انتهى وقال حديث حسن وعند أبي
داود نحوه عن بن عباس وعند بن ماجة نحوه عن عبد الله بن عمرو بن
العاص وعند أحمد نحوه عن أسماء بنت يزيد
قوله والشافعي يعديه إليها وهو بعيد لأنه خلاف السنة المشهورة قلت كأنه
يشير إلى حديث حرمت الخمر لعينها وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى
الحديث الثالث قال عليه السلام ان الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل
ثمنها قلت تقدم في المسائل المنثورة من البيوع
225

الحديث الرابع قال عليه السلام من شرب الخمر فاجلدوه
فان عاد فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد فاقتلوه قلت تقدم في الحدود قال المصنف وعلى
ذلك انعقد إجماع الصحابة يعني الجلد
قوله ولنا إجماع الصحابة يعني على تحريم السكر وهو النئ من ماء التمر
قلت روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن منصور عن أبي وائل قال
اشتكى رجل منا بطنه فنعت له السكر فقال عبد الله بن مسعود ان الله لم يكن
ليجعل شفاءكم فيما حرم عليكم انتهى أخبرنا معمر عن منصور وزاد قال معمر
226

والسكر يكون من التمر انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه
بالسند الأول ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير بن عبد الحميد عن
منصور به حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال قال عبد الله السكر خمر حدثنا
حفص بن غياث عن ليث عن حرب عن سعيد بن جبير عن بن عمر أنه سئل عن السكر
فقال الخمر انتهى وفي سنن الدارقطني عن عبد الله بن أبي الهذيل قال كان
عبد الله يحلف بالله أن التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ان تكسر دنانه حين حرمت الخمر لمن
التمر والزبيب انتهى
قوله وعن بن عباس ما كان من الأشربة ينقى بعد عشرة أيام ولا يفسد فهو
حرام قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن علي بن
مالك عن الضحاك عن بن عباس قال النبيذ الذي بلغ فسد وأما ما ازداد على طول
الترك جودة فلا خير فيه انتهى وأخرج نحوه عن عمر بن عبد العزيز
قوله روى عن بن زياد قال سقاني بن عمر شربة ما كدت أهتدي إلى أهلي
فغدوت إليه من الغد فأخبرته بذلك فقال ما زدناك على عجوة وزبيب قلت رواه
227

محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن سليمان الشيباني عن بن
زياد أنه أفطر عند عبد الله بن عمر فسقاه شرابا فكأنه أخذ منه فلما أصبح غدا إليه فقال له
ما هذا الشراب ما كدت أهتدي إلى منزلي فقال بن عمر ما زدناك
على عجوة وزبيب انتهى
قوله وروى عن بن عمر حرمة نقيع الزبيب وهو النئ منه قلت غريب
الحديث الخامس روي أنه عليه السلام نهى عن الجمع بين التمر والزبيب
والزبيب والرطب والرطب والبسر قلت أخرج البخاري ومسلم وباقي الستة عن
عطاء بن أبي رباح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى ان ينبذ الزبيب والتمر جميعا
ونهى ان ينبذ البسر والرطب جميعا انتهى أخرج الجماعة الا الترمذي عن
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط
الزبيب والتمر وعن خليط البسر والتمر وعن خليط الزهور والتمر وقال انتبذوا كل واحد على حدة
انتهى وفي لفظ فيه لمسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنبذوا الزهور والرطب جميعا ولا
تنبذوا الرطب والزبيب جميعا ولكن انتبذوا كل واحد على حدته انتهى ولم يذكر
البخاري فيه الرطب ولا البسر وأخرج مسلم عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي
هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزبيب والتمر والبسر والتمر وقال ينبذ كل
واحد منهما على حدته انتهى وأخرج أيضا عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال
228

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب جميعا وأن يخلط التمر والبسر جميعا
انتهى وأخرج أيضا عن نافع عن بن عمر قال نهى ان ينبذ البسر والرطب جميعا
والتمر والزبيب جميعا انتهى وأخرج أيضا عن أبي المتوكل عن الخدري قال نهانا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخلط بسرا بتمر أو زبيبا بتمر أو زبيبا ببسر وقال من شرب
منكم النبيذ فليشربه زبيبا فردا أو تمرا فردا أو بسرا فردا انتهى
قوله وهو محمول على حالة الشدة فكان ذلك في الابتداء يعني النهي
عن الخليطين في الحديث المتقدم قلت المراد بالشدة هنا القحط ويؤيده ما رواه محمد
229

بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم
النخعي قال لا بأس بنبيذ خليط التمر والزبيب وإنما كرها لشدة العيش في الزمن
الأول كما كره السمن واللحم وكما كره الاقران فأما إذا وسلم الله على المسلمين
فلا بأس به انتهى وأخرج بن عدي في الكامل عن عمر بن رديح ثنا عطاء بن أبي
ميمون عن أم سليم وأبي طلحة أنهما كانا يشربان نبيذ الزبيب والبسر يخلطانه
فقيل له يا أبا طلحة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا قا إنما نهى عن العوز في ذلك
الزمان كما نهى عن الاقران انتهى وأعله بعمر بن رديح
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن أبي بحر عبد الرحمن بن عثمان
السكراوي عن عتاب بن عبد العزيز الحماني قال حدثتني صفية بنت عطية قالت
دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة فسألناها عن التمر والزبيب فقالت
230

كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في إناء فأمرسه ثم أسقيه
النبي صلى الله عليه وسلم انتهي والسكراوي فيه مقال
الحديث السادس الخمر من هاتين الشجرتين
الحديث السابع كل مسكر خمر
تقدما أول الباب
231

الحديث الثامن قال عليه السلام ما أسكر كثيره فقليله حرام قلت روى
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن حديث جابر ومن حديث سعد
بن أبي وقاص ومن حديث علي ومن حديث عائشة ومن حديث بن عمر ومن
حديث خوات بن جبير ومن حديث زيد بن ثابت
فحديث عمرو بن شعيب أخرجه النسائي وابن ماجة عن عبيد الله بن عمرو عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أسكر كثيره فقليله حرام
انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن عمر عن عمرو به
وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن داود بن بكير
عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا نحوه سواء قال الترمذي حديث حسن
غريب من حديث جابر وأخرجه بن حبان صحيحه في النوع التاسع
والتسعين من القسم الأول عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر به وداود بن
بكر بن أبي الفرات الأشجعي قال بن معين ثقة وقال أبو حاتم لا بأس به ليس
بالمتين انتهى وقد تابعه موسى بن عقبة كما أخرجه بن حبان
وأما حديث سعد فأخرجه النسائي عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن
الوليد بن كثير عن الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد
بن أبي وقاص عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قليل ما أسكر كثيره انتهى ورواه
بن حبان في صحيحه في أول القسم الثاني قال المنذري في مختصره أجود
أحاديث هذا الباب حديث سعد فإنه من رواية محمد بن عبد الله الموصلي وهو أحد
الثقات عن الوليد بن كثير وقد احتج بهما الشيخان انتهى قال النسائي وفي هذا
الحديث دليل على تحريم السكر قليله وكثيره وليس كما يقول المخادعون بتحريمهم
232

آخر الشربة دون ما تقدمها إذ لا خلاف بين أهل العلم ان السكر بكليته لا يحدث
عن الشربة الأخيرة فقط دون ما تقدمها
وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني في سننه عن عيسى بن عبد الله بن
محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام انتهى
هي وعيسى بن عبد الله عن آبائه تركه الدارقطني وأما حديث عائشة فأخرجه أبو داود والترمذي عن أبي عثمان عمرو بن سالم
الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كل مسكر
حرام وما أسكر الفرق فملء الكف منه حرام وفي لفظ للترمذي فالحسوة منه
انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
السابع والستين من القسم الثاني وأحمد في مسنده قال المنذري في مختصره
رجاله كلهم محتج بهم في الصحيحين الا عمرو بن سالم وهو مشهور لم أجد
لاحد فيه كلاما انتهى قلت قال بن القطان في كتابه وأبو عثمان هذا لا
يعرف حاله وتعقبه صاحب التنقيح فقال وثقه أبو داود وذكره بن حبان في
الثقات انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه من طرق أخرى عديدة
أضربنا عن ذكرها لأنها كلها ضعيفة
وأما حديث بن عمر فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا أبو عامر
العقدي ثنا أبو معشر عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا
ما أسكر كثيره فقليله حرام انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن سعيد
الرازي ثنا أبو مصعب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به ورواه في
الوسط من طريق مالك عن نافع عن بن عمر ومن طريق بن إسحاق عن نافع به
وأما حديث خوات بن جبير فأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب
233

الفضائل عن عبد الله بن إسحاق بن صالح بن خوات بن جبير حدثني أبي عن أبيه عن
جده خوات بن جبير مرفوعا نحوه سواء وسكت عنه ورواه الطبراني في
معجمه والدارقطني في سننه والعقيلي في ضعفائه وأعله بعبد الله
بن إسحاق هذا وقال لا يتابع عليه بهذا الاسناد والحديث معروف بغير هذا
الاسناد
وأما حديث زيد بن ثابت فرواه الطبراني فمعجمه حدثنا محمد بن عبد الله
بن عرس المروزي ثنا يحيى بن سليمان المدني ثنا إسماعيل بن قيس عن أبيه عن خارجة
بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت مرفوعا نحوه سواء
قوله ويروي ما أسكر الجرة منه فالجرعة حرام قلت هذه رواية غريبة
ولكن معناها في حديث عائشة ما أسكر الفرق فملؤ الكف منه حرام أخرجه أبو
داود والترمذي وقد تقدم وفي رواية للترمذي فالحسوة منه حرام
قوله وهذا الحديث ليس بثابت ثم هو محمول على القدح الأخير قلت
أخرج الدارقطني في سننه عن عمار بن مط ثنا جرير بن عبد الحميد عن الحجاج عن
حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله في رضي الله تعالى عنها قوله عليه السلام كل مسكر حرام
234

قال هي الشربة التي أسكرتك ثم أخرجه عن عمار بن مطر ثنا شريك عن أبي
حمزة عن إبراهيم قوله كل مسكر حرام قال هي الشربة التي أسكرتك قال
وهذا أصح من الأول ولم يسنده غير الحجاج واختلف عنه وعمار بن مطر ضعيف
وحجاج ضعيف وإنما هو من قول إبراهيم النخعي ثم أسند عن بن المبارك أنه ذكر
له حديث بن مسعود كل مسكر حرام هي الشربة التي أسكرتك فقال حديث
باطل انتهى وقال البيهقي في المعرفة هذا إنما يرويه حجاج بن أرطاة وهو لا
يحتج به وقد ذكر لابن المبارك فقال حديث باطل قال وسببه ما أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ فأسند عن البخاري أنه قال قال زكريا بن عدي لما قدم بن المبارك
الكوفة فذكر قصة رواها بن المبارك عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن فضيل بن عمرو
عن إبراهيم قال كانوا يقولون إذا سكر من شراب لم يحل له أن يعود فيه أبدا قال
البيهقي فكيف يكون عند إبراهيم قول بن مسعود هكذا ثم يخالفه فدل على
بطلان ما رواه الحجاج بن أرطاة انتهى كلامه
الحديث التاسع قال عليه السلام حرمت الخمر لعينها ويروي بعينها
قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب قلت رواه العقيلي في كتاب الضعفاء
235

في ترجمة محمد بن الفرات حدثنا عمرو بن أحمد بن عمرو بن السرح ثنا يوسف بن
عدي ثنا محمد بن الفرات الكوفي عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي قال
طاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة أسبوعا ثم استند إلى حائط من حيطان مكة فقال
هل من شربة فأتى بقعب من نبيذ فذاقه فقطب ورده فقام إليه رجل من آل
حاطب فقال يا رسول الله هذا شراب أهل مكة قال فصب عليه الماء ثم شرب
ثم قال حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب انتهى وأعله بمحمد بن
الفرات ونقل عن يحيى بن معين أنه قال فيه ليس بشئ ونقل عن البخاري أنه قال
منكر الحديث وقال العقيلي لا يتابع عليه انتهى وأخرجه العقيلي أيضا عن عبد
الرحمن بن بشر الغطفاني عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال سألت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الأشربة عام حجة الوداع فقال حرم الله الخمر بعينها والسكر من كل
شراب انتهى قال وعبد الرحمن هذا مجهول في الرواية والنسب وحديثه غير
محفوظ وإنما يروي هذا عن بن عباس من قوله انتهى وأخرجه النسائي في سننه
موقوفا علي بن عباس من طرق فأخرجه عن بن شبرمة عن عبد الله بن شداد عن بن
عباس أنه قال حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب انتهى قال
النسائي وابن شبرمة لم يسمعه من بن شداد ثم أخرجه عن هشيم عن بن شبرمة
حدثني الثقة عن بن شداد عن بن عبا س قال حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها
236

والسكر من كل شراب انتهى وقال هشيم بن بشير كان يدلس وليس في حديثه ذكر
السماع من بن شبرمة ثم أخرجه عن أبي عون عن بن شداد عن بن عباس قال
حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب وفي لفظ وما أسكر
من كل شراب وقال هذا أولى بالصواب من حديث بن شبرمة انتهى ورواه البزار
في مسنده حدثنا محمد بن حرب ثنا أبو سفيان الحميري ثنا هشيم عن بن شبرمة عن
عمار الدهني عن عبد الله بن شداد عن بن عباس موقوفا قال البزار وقد رواه أبو عون
عن عبد الله بن شداد ورواه عن أبي عون مسعر والثوري وشريك ولا نعلم رواه
عن بن شبرمة عن عمار الدهني عن بن شداد عن بن عباس الا هشيم ولا عن هشيم الا
أبو سفيان ولم يكن هذا الحديث الا عند محمد بن حرب وكان واسطيا ثقة حدثنا
زيد بن أخرم أبو طالب الطائي ثنا أبو داود ثنا شعبة عن مسعر عن أبي عون عبد الله بن
شداد فذكره حدثنا أحمد بن منصور ثنا يزيد بن أبي حكيم ثنا سفيان عن أبي سلمة
عن أبن عون عن بن شداد عن بن عباس قال وشعبة يقول والمسكر وقد رواه
جماعة عن أبي عون فاقتصرنا على رواية مسعر ولا نعلم روى الثوري عن مسعر حديثا
مسندا الا هذا الحديث انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن أبي عون عن
عبد الله بن شداد عن بن عباس موقوفا حرمت الخمر بعينها القليل منها والكثير
والسكر من كل شراب انتهى وأخرجه عن سعيد بن المسيب عن بن عباس مرفوعا
نحوه وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة مسعر عن خلاد بن يحيى عن
مسعر عن أبي عون به قال وقد رواه عن مسعر سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج
وسفيان وإبراهيم ابنا عيينة ورفعه سفيان بن عيينة عن مسعر فقال عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتفرد شعبة عن مسعر فقال والسكر من كل شراب انتهى وأخرجه الدارقطني في
سننه من طريق أحمد بن حنبل ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مسعر عن أبي عون عن
بن شداد عن بن عباس موقوفا إنما حرمت الخمر بعينها والمسكر من كل شراب قال
وهذا هو الصواب عن بن عباس لأنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام وروى
طاوس وعطاء ومجاهد عن بن عباس قال قليل ما أسكر كثيره حرام انتهى
237

رحمه أحاديث الباب واستدل بن الجوزي في التحقيق لأصحابنا بأحاديث منها ما
أخرجه النسائي عن يحيى بن اليمان العجلي عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن
أبي مسعود الأنصاري ان النبي صلى الله عليه وسلم عطش وهو يطوف بالبيت فأتى بنبيذ من السقاية
فقطب فقال له رجل أحرام هو يا رسول الله قال لا علي بذنوب من ماء زمزم
فصبه عليه ثم شرب وهو يطوف بالبيت انتهى قال في التنقيح
حديث ضعيف لان يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان وهو سئ الحفظ
كثير الخطأ رواه الأشجعي وغيره عن سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن المطلب بن
أبي وداعة السهمي قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بنبيذ نحو هذا مرسل ورواه يحيى بن سعيد
عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن خالد بن سعد عن أبي مسعود فعله وقال بن
عدي قال البخاري حديث يحيى بن يمان هذا لا يصح وقال أبو حاتم وأبو زرعة
أخطأ بن يمان في إسناد هذا الحديث وإنما ذكرهم سفيان عن الكلبي عن أبي صالح عن
المطلب بن أبي وداعة مرسلا فأدخل بن اليمان حديثا في حديث والكلبي لا يحل
الاحتجاج به
وبحديث آخر أخرجه النسائي أيضا عن عبد الملك بن نافع قال قال بن عمر
رأيت رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إليه قدحا فيه نبيذ فوجده شديدا فرده عليه
فقال رجل من القوم يا رسول الله أحرام هو فعاد فأخذ منه القدح ثم دعا بماء
فصبه عليه ثم رفعه إلى فيه فقطب ثم دعا بماء آخر فصبه عليه ثم قال إذا
اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء قال النسائي وعبد الملك بن
نافع غير مشهور ولا يحتج بحديثه والمشهور عن بن عمر خلاف هذا ثم أخرج
عن بن عمر حديث تحريم المسكر من غير وجه قال وهؤلاء أهل البيت والعدالة
المشهورون بصحة النقل وعبد الملك لا يقوم مقام واحد منهم وقال البخاري لا يتابع
238

علية وقال أبو حاتم هذا حديث منكر وعبد الملك بن نافع شيخ مجهول وقال
البيهقي هذا حديث يعرف بعبد الملك بن نافع وهو رجل مجهول اختلفوا في اسمه
واسم أبيه فقيل هكذا وقيل عبد الملك بن القعقاع وقيل مالك بن القعقاع
انتهى
وبحديث آخر أخرجه النسائي عن أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن
عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشربوا في الظروف ولا
تسكروا قال النسائي حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم ولا
نعلم أحدا تابعه عليه من أصحاب سماك وسماك كان يقبل التلقين قال أحمد بن حنبل
كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث خالفه شريك في إسناده ولفظه ثم أخرجه
عن شريك عن سماك بن حرب عن بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء
والحنتم والنقير والمزفت وقال أبو زرعة وهم أبو الأحوص فقال عن سماك عن
القاسم عن أبيه عن أبي بردة فقلب من الاسناد موضعا وصحف موضعا أما القلب
فقوله عن أبي بردة أراد عن بن بريدة ثم احتاج أن يقول بن بريدة عن أبيه فقلب
الاسناد بأسره وأفحش من ذلك تصحيفه لمتنه اشربوا في الظروف ولا تسكروا وقد
روى هذا الحديث عن بن بريدة عن أبيه أبو سنان ضرار بن مرة وزبيد اليامي عن
محارب بن دثار وسماك بن حرب والمغيرة بن سبيع وعلقمة بن مرثد والزبير
عدي وعطاء الخراساني وسلمة بن كهيل كلهم عن بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث
فامسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية ولا تشربوا
مسكرا وفي حديث بعضهم واجتنبوا كل مسكر لم يقل أحد منهم ولا تسكروا
فقد بان وهم أبي الأحوص من اتفاق هؤلاء على خلافه وقال بن أبي حاتم سمعت أبا
زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول حديث أبي الأحوص عن سماك عن القاسم
بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي برة خطأ الاسناد والكلام أما الاسناد فإن شريكا
وأيوب ومحمدا ابني جابر رووه عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن بن بريدة
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الناس انتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا قال
239

أبو زرعة وكذلك أقول هذا خطأ والصحيح حديث بن بريدة عن أبيه
انتهى
وبحديث آخر أخرجه الدارقطني عن القاسم بن بهرام ثنا عمرو بن دينار عن بن
عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم بالمدينة فقالوا يا رسول الله إن عندنا شرابا لنا
أفلا نسقيك منه قال بلى فأتى بقعب أو قدح فيه نبيذ فلما أخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقربه
إلى فيه قطب ثم دعا الذي جاء به فقال خذه فأهرقه فقال يا رسول الله هذا
شرابنا إن كان حراما لم نشربه فأخذه ثم دعا بماء فشنه عليه ثم شرب وسقى
وقال إذا كان هكذا فاصنعوا به هكذا انتهى قال بن الجوزي تفرد به القاسم بن
بهرام قال بن حبان لا يجوز الاحتجاج به بحال انتهى
الحديث العاشر قال عليه السلام في حديث فيه طول بعد ذكر الأوعية
فاشربوا في كل ظرف فإن الظرف لا تحل شيئا ولا تحرمه ولا تشربوا المسكر وقاله
بعد ما أخبر عن النهي عنه قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن بريدة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الادم فاشربوا في كل
وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا وفي لفظ لمسلم نهيتكم عن الظروف وأن الظرف لا
يحل شيئا ولا يحرمه وكل مسكر حرام انتهى أخرجه مسلم وأبو داود
والنسائي عن عبد الله بن بريدة عن
240

أبيه وأخرجه الترمذي عن سليمان بن بريدة عن أبيه وأخرجه بن ماجة عن بن بريدة عن أبيه لم يسمه وأخرجه بن حبان في
صحيحه عن مسروق عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نهيتكم عن نبيذ
الأوعية الا وإن وعاء لا يحرم شيئا وكل مسكر حرام انتهى
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام نعم الادام الخل قلت روى من
حديث جابر ومن حديث عائشة ومن حديث أم هانئ ومن حديث أيمن
241

فحديث جابر رواه الجماعة الا البخاري فمسلم والنسائي عن طلحة بن نافع
عن جابر والباقون عن محارب بن دثار عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الادام
الخل انتهى أخرجه النسائي في الوليمة والباقون في الأطعمة
وأما حديث عائشة فأخرجه الترمذي عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن عروة عن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الادام الخل انتهى وقال حديث
حسن صحيح غريب من هذا الوجه لا يعرف من حديث هشام بن عروة الا عن
سليمان بن بلال انتهى وأخرجه مسلم بالاسناد المذكور نعم الادم أو الادام
الخل وفي لفظ نعم الادم الخل من غير شك
وأما حديث أم هانئ فأخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن عطاء
عن بن عباس عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عندك
طعام آكله وكان جائعا فقلت ان عندي لكسرة يابسة وأنا أستحي ان أقربها إليك
243

فقال هلميها فكسرتها ونثرت عليها الملح فقال له هل من إدام فقلت يا رسول الله
ما عندي الا شئ من خل قال هلميه فلما جئته به صبه على طعامه فأكل منه ثم
حمد الله ثم قال نعم الادام الخل يا أم هانئ لا يفقر بيت فيه خل انتهى
وأما حديث أيمن فأخرجه البيهقي في شعب الايمان عن عبد الواحد بن أيمن
عن أبيه قال نزل بجابر ضيف فجاءهم بخبز وخل فقال كلوا فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم الادام الخل هلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم وهلاك
بالرجل ان يحتقر ما في بيته يقدمه لأصحابه انتهى
أحاديث الباب أخرج الدارقطني في سننه عن فرج بن فضالة عن يحيى بن
سعيد عن عمرة عن أم سلمة انها كانت لها شاة تحتلبها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما
فعلت الشاة قالوا ماتت قال أفلا انتفعتم بإهابها فقلنا انها ميتة فقال عليه
السلام ان دباغها يحله كما يحل خل الخمر انتهى قال الدارقطني تفرد بن فرج بن
فضالة وهو ضعيف يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث لا يتابع عليها
انتهى
حديث آخر خير خلكم خل خمركم قال البيهقي في المعرفة رواه المغيرة
بن زياد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خير خلكم خل خمركم
تفرد به المغيرة بن زياد وليس بالقوي وأهل الحجاز يسمون خل العنب خل الخمر
قال وان صح فهو محمول على ما إذا تخلل بنفسه وعليه يحمل أيضا حديث فرج بن
فضالة انتهى
أحاديث الخصوم واستدل الشافعية على منع تخليل الخمر بما أخرجه مسلم عن
أنس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر أيتخذ خلا قال لا انتهى وأخرج أيضا عن
أنس ان أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا قال أهرقها قال فلا نجعلها
خلا قال لا انتهى قالوا فلو كان التخليل جائزا لكان فيه تضييع مال اليتيم
244

ولوجب فيه الضمان قالوا ولان الصحابة أراقوها حين نزلت آية التحريم كما ورد
في الصحيح فلو جاز التخليل لنبه عليه السلام كما نبه أهل الشاة الميتة على
دباغها وأجاب الطحاوي بأنه محمول على التغليط والتشديد لأنه كان في ابتداء
الاسلام كما ورد ذلك في سؤر الكلب بدليل أنه ورد في بعض طرقه الامر بكسر
الدنان وتقطيع الزقاق رواه الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا
معتمر ثنا ليث عن يحيى بن عباد عن أنس عن أبي طلحة قال قلت يا رسول الله إني
اشتريت خمرا لأيتام في حجري فقال أهرق الخمر وكسر الدنان ورواه
الدارقطني أيضا وروى أحمد في مسنده حدثنا الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي
مريم عن ضمرة بن حبيب عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم شق زقاق الخمر بيده في أسواق
المدينة وقد تقدم بتمامه في أحاديث تحريم الخمر وهذا صريح في التغليظ لان فيه
إتلاف مال الغير وقد كان يمكن إراقة الدنان والزقاق وتطهيرها ولكن قصد
بإتلافها الشديد ليكون أبلغ في الردع وقد ورد عن عمر أنه أحرق بيت خمار كما
رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا يزيد بن هارون أنبأ بن أبي ذئب عن سعد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه أن عمر حرق بيت رويشد الثقفي وكان
حانوتا لشراب قال فقد رأيته يلتهب نارا انتهى وقد ورد في حديث عن جابر
أن النبي صلى الله عليه وسلم عوض الأيتام عن خمرهم مالا كما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده
حدثنا جعفر بن حميد الكوفي ثنا يعقوب العمي عن عيسى بن جارية عن جارية
فذكره وفيه قال إذا أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك مالهم وقد تقدم بتمامه
في أحاديث تحريم الخمر
245

كتاب الصيد
الحديث الأول قال عليه السلام لعدي بن حاتم إذا أرسلت كلبك المعلم
وذكرت اسم الله عليه فكل وإن أكل منه فلا تأكل لأنه إنما أمسك على نفسه وإن
شارك كلبك كلب آخر فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب
غيرك قلت أخرجه الأئمة الستة عنه قلت يا رسول الله إني أرسل كلبي
وأسمي فقال إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فكل فإن أكل منه فلا تأكل
فإنما أمسك على نفسه قلت إني أرسل كلبي فأجد معه آخر لا أدري أيهما
أخذه فقال لا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب آخر
انتهى
أحاديث الخصوم استدل لمالك في إباحة ما أكل منه الكلب بحديثين أحدهما
أخرجه أبو داود عن داود بن عمرو الدمشقي عن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس
الخولاني عن أبي ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب إذا أرسلت
246

كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه وكل ما وردت عليك يدك
انتهى قال في التنقيح إسناده حسن
الحديث الثاني أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن
رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له أبو ثعلبة فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها فقال إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما
أمسكن عليك قال ذكي وغير ذكي قال ذكي وغير ذكي قال وإن أكل منه قال وإن أكل
منه قال يا رسول الله أفتني في قوسي قال كل ما رد عليك
قوسك قال ذكي وغير ذكي قال ذكي وغير ذكي قال وإن تغيب عني
قال وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثرا غير سهمك انتهى قال في
التنقيح إسناده صحيح قال وقد يجمع بين الأحاديث بأنه علل التحريم في
حديث عدي بكونه أمسك على نفسه وفي حديث داود وعمر ويحتمل أنه إباحة
لكونه أكل منه بعد انصرافه انتهى قلت يعكر هذا بما أخرجه أبو نعيم في الحلية
في ترجمة الفضيل بن عياض عن علي بن ثابت الدهان ثنا الفضيل بن عياض عن يحيى
بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أدركت كلبك وقد أكل نصفه فكل انتهى وقال غريب تفرد به عن الفضيل علي
بن ثابت والصحيح ما رواه عدي بن حاتم وإن أكل منه الكلب فلا تأكل انتهى
حديث لأحمد في تحريمه أكل صيد الكلب الأسود أخرجه أصحاب السنن
الأربعة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن الكلاب أمة
من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم انتهى وصححه الترمذي
247

قال في التنقيح قال أحمد الحسن سمع من بن المغفل وقال بن الجوزي في
التحقيق فأمره بقتله نهى عن إمساكه والاصطياد به انتهى وقال البيهقي
وحديث أبي ثعلبة مخرج من الصحيحين وليس فيه ذكر الاكل وحديث عدي
بن حاتم إذا أكل منه الكلب فلا تأكل أصح من حديث داود وحديث عمرو بن
شعيب انتهى
فصل في الجوارح
قوله وتعليم الكلب أن يترك الاكل ثلاث مرات وتعليم البازي أن يرجع
248

ويجيب إذا دعوته وهو مأثور عن بن عباس قلت غريب وفي البخاري وقال
252

بن عباس إن أكل الكلب فقد أفسده إنما أمسك على نفسه والله تعالى يقول
254

تعلمونهن مما علمكم الله فيضرب ويعلم حتى يترك انتهى وروى بن
جرير الطبري في تفسيره في سورة المائدة حدثنا أبو كريب ثنا أسباط بن محمد ثنا
أبو إسحاق الشيباني عن حماد عن إبراهيم عن بن عباس أنه قال في الطير إذا أرسلته
فقتل فكل فإن الكلب إذا ضربته لم يعد فإن تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه
وليس يضرب فإذا أكل من الصيد ونتف الريش فكل انتهى
قوله ولأنه اجتمع المبيح والمحرم فتغلب جهة الحرمة نصا أو احتياطا قلت
كأنه يشير إلى حديث ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال وهذا
الحديث وجدته موقوفا علي بن مسعود أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في
الطلاق حدثنا سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي قال قال عبد الله ما اجتمع حلال
وحرام إلا غلب الحرام الحلال قال سفيان وذلك في الرجل يفجر بامرأة وعنده
ابنتها أو أمها فإنه يفارقها انتهى قال البيهقي في سننه رواه جابر الجعفي عن
الشعبي عن بن مسعود وجابر ضعيف والشعبي عن بن مسعود منقطع انتهى
255

فصل في الرمي
256

الحديث الثاني روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره أكل الصيد إذا غاب عن الرامي وقال
لعل هوام الأرض قتلته قلت روي مسندا ومرسلا
فالمسند عن أبي رزين وعن عائشة
فحديث أبي رزين رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن نمير ويحيى بن
آدم عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن أبي رزين عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الصيد يتوارى عن صاحبه قال لعل هوام الأرض قتلته انتهى وكذلك رواه
الطبراني في معجمه رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا جرير بن عبد الحميد عن
موسى بن أبي عائشة عن أبي رزين فذكره ورواه كذلك أبو داود في مراسيله ومن
جهة أبي داود ذكره عبد الحق في أحكامه وأعله بالارسال وأقره بن القطان عليه
وحديث عائشة رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان بن عيينة عن
عبد الكريم بن أبي المخارق عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي عن عائشة أن
رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بظبي قد أصابه بالأمس وهو ميت فقال يا رسول الله عرفت فيه
سهمي وقد رميته بالأمس فقال لو أعلم أن سهمك قتله أكلته ولكن لا أدري
وهوام الأرض كثيرة انتهى وابن أبي المخارق واه
وأما المرسل فرواه أبو داود في مراسيله عن عطاء بن السائب عن الشعبي أن
أعرابيا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ظبيا فقال من أين أصبت هذا قال رميته فطلبته
فأعجزني حتى أدركني المساء فرجعت فلما أصبحت اتبعت أثره فوجدته في غار
257

وهذا مشقصي فيه أعرفه قال بات عنك ليلة فلا آمن أن تكون هامة أعانتك عليه لا
حاجة لي فيه انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري
عن زياد بن أبي مريم قال أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رميت صيدا
فتغيب عني ليلة فقال عليه السلام إن هوام الأرض كثيرة انتهى
أحاديث الخصوم أخرج مسلم عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي
ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يدرك صيده بعد ثلاث قال كله ما لم ينتن
انتهى زاد في لفظ آخر وقال في الكلب أيضا كله بعد ثلاث إلا أن ينتن فدعه انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم وفيه وإن رميت
بسهمك فاذكر اسم الله فان غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن
شئت وقال البخاري وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين وعند البخاري
عن عدي أيضا أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يرمي الصيد فيقتفي أثره اليومين أو الثلاثة ثم
يجده ميتا وفيه سهمه قال يأكل إن شاء ولم يصل سنده بهذا
حديث آخر أخرجه النسائي والترمذي عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن
عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب
عنه الليلة والليلتين فيتبع الأثر فيجده ميتا قال إذا وجدت السهم فيه ولم تجد فيه
أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله انتهى قال الترمذي حديث حسن
صحيح انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن عاصم الأحول عن الشعبي
عن عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرمي بسهمي فأصيب فلا أقدر
عليه ألا بعد يوم أو يومين فقال إذا قدرت عليه وليس فيه أثر ولا خدش إلا رميتك
فكل وإن وجدت فيه أثر غير رميتك فلا تأكله فإنك لا تدري أنت قتلته أم غيرك
انتهى قال في التنقيح وإسناده صحيح وبه قال أحمد يباح أكله إذا غاب
258

مطلقا وقال مالك ما لم يبت فإذا بات لا يحل والله أعلم
الحديث الثالث قال عليه السلام لعدي بن حاتم وإن وقعت رميتك في الماء فلا
تأكل فإنك تدري أن الماء قتله أو سهمك قلت أخرجه البخاري ومسلم عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله عليه فان وجدته قد قتل
فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء وزاد مسلم فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك
انتهى
259

الحديث الرابع قال عليه السلام في المعراض ما أصاب بحده فكل وما
260

أصاب بعرضه فلا تأكل قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عدي بن حاتم
قال قلت يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله
قال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك قلت وإن قتل قال وإن
قتل ما لم يشركه كلب ليس معه قلت فإني أرمي بالمعراض الصيد
فأصيد قال إذا أصاب بحده فكل وإذا أصاب بعرضه فقتل فلا تأكل فإنه وقيذ
انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فكل
قلت مر في الذبائح
الحديث السادس قال عليه السلام ما أبين من الحي فهو ميت قلت
أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ثنا زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما قطع من البهيمة وهي حية فهو
261

ميتة انتهى لأبي داود ولفظ الترمذي أتم ثم قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم
يحبون أسنمة الإبل ويقطعون أليات الغنم فقال عليه السلام ما قطع من البهيمة
وهي حية فهو ميتة انتهى وقال حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد
262

بن أسلم انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والدارمي
وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والطبراني في معجمه والدارقطني في
سننه في آخر الضحايا والحاكم في المستدرك في الذبائح وقال
حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه انتهى وعبد الرحمن بن عبد
الله بن دينار قال بن معين ضعيف وقال أبو حاتم لا يحتج به
وأما حديث بن عمر فأخرجه بن ماجة في سننه حدثنا يعقوب بن حميد بن
كاسب عن معن بن عيسى عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن بن عمر مرفوعا ما
قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا حميد
بن الربيع ثنا معن بن عيسى به وكذلك رواه الدارقطني في سننه والحاكم في
المستدرك وسكت عنه قال البزار لا نعلمه يروي عن بن عمر إلا من هذا
الوجه انتهى قلت رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمود بن علي
المروزي ثنا يحيى بن المغيرة ثنا بن نافع عن عاصم بن عمر عن عبد الله بن دينار عن بن
عمر مرفوعا نحوه
وأما حديث الخدري فأخرجه الحاكم في المستدرك عن سليمان بن بلال عن
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قطع
أليات الغنم وجب أسنمة الإبل فقال ما قطع من حي فهو ميت انتهى وقال
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرجه أيضا عن
263

المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم به وسكت عنه وبهذا الاسناد رواه البزار في
مسنده وقال هكذا رواه المسور بن الصلت مسندا وخالفه سليمان بن بلال
فأرسله عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أبا سعيد ولا نعلم أحدا قال فيه عن
أبي سعيد إلا المسور بن الصلت وليس بالحافظ انتهى وفيه نظر من وجهين أحدهما
أن سليمان بن بلال أسنده عن أبي سعيد كما تقدم عند الحاكم ولم أجده مرسلا إلا
في مصنف عبد الرزاق أخرجه في كتاب الحج حدثنا معمر عن زيد بن أسلم
قال كان أهل الجاهلية يجبون الأسنمة فقال عليه السلام الحديث حدثنا بن مجاهد
عن أبيه مجاهد قال كان أهل الجاهلية يقطعون أليات الغنم وأسنمة الإبل فذكره
الثاني قوله لا نعلم أحدا قال فيه عن أبي سعيد إلا المسور فقد تابع المسور عليه
سليمان بن بلال كما تقدم وتابعه أيضا خارجة بن مصعب كما أخرجه الحافظ أبو
نعيم في الحلية في ترجمة يوسف بن أسباط عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل شئ قطع من الحي
فهو ميت انتهى وقال تفرد به خارجة فيما أعلم انتهى ورواه كذلك بن عدي في
الكامل وضعف خارجة عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ومشاة
فقال يكتب حديثه فإنه يغلط ولا يتعمد انتهى قال البزار وهذا حديث قد اختلف
فيه على زيد بن أسلم فقال عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن أبي واقد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال سليمان بن بلال عن زيد عن عطاء
بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا والمسور لين الحديث وقد روى عنه جماعة من أهل
العلم وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار فليس بالقوي في الحديث انتهى
وأما حديث تميم الداري فأخرجه الطبراني في معجمه عن سفيان عن أبي بكر
الهذلي عن شهر بن حوشب عن تميم الداري قيل يا رسول الله إن ناسا يجبون
أليات الغنم وهي أحياء قال ما أخذ من البهيمة وهي حية فهو ميتة انتهى ورواه
بن عدي في الكامل وابن الهذلي واسمه سلمى بن عبد الله ولم يضعفه
عن أحد
264

الحديث السابع قال عليه السلام الصيد لمن أخذه قلت غريب وجدت
في كتاب التذكرة لأبي عبد الله محمد بن حمدون قال قال إسحاق الموصلي
265

كنت يوما عند الرشيد أغنية وهو يشرب فدخل الفضل بن الربيع فقال له ما وراءك
قال خرج إلي ثلاث جوار مكية والأخرى مدنية والأخرى عراقية فقبضت المدنية
على التي فلما انعظ قبضت المكية عليه فقالت المدنية ما هذا التعدي ألم تعلمي أن
مالكا حدثنا عن الزهري عن عبد الله بن ظالم عن سعيد بن زيد قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أحيى أرضا ميتة فهي له فقالت المكية ألم تعلمي أنت أن سفيان حدثنا عن
أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الصيد لمن أخذه لا لمن
أثاره فدفعتها الثالثة عنه ثم أخذته وقالت هذا لي وفي يدي حتى تصطلحا
انتهى
266

كتاب الرهن
الحديث الأول روي أنه عليه السلام اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعه
267

قلت أخرجه البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من
يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد انتهى وفي لفظ البخاري
ثلاثين صاعا من شعير وأخرج البخاري في البيوع عن قتادة عن أنس ولقد
رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله مختصر
وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عكرمة عن بن عباس قال قبض النبي
صلى الله عليه وسلم وإن درعه مرهونة عند رجل من يهود على ثلاثين صاعا من شعير أخذها رزقا
لعياله انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهذا اليهودي اسمه أبو
الشحم هكذا وقع مسمى في سنن البيهقي وقد تقدم أول البيوع
الحديث الثاني قال عليه السلام لا يغلق الرهن قالها ثلاثا لصاحبه غنمة
وعليه غرمة قلت أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والأربعين
من القسم الثالث والحاكم في المستدرك في البيوع عن سفيان بن عيينة عن
زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه انتهى قال الحاكم هذا
حديث صحيح أعلى الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه لاختلاف فيه على
أصحاب الزهري وقد تابع زياد بن سعد على هذه الرواية مالك بن أنس وابن أبي
ذئب وسليمان بن أبي داود الحراني ومحمد بن الوليد الزبيدي ومعمر بن راشد
ثم أخرج أحاديثهم ورواه الدارقطني في سننه وقال هذا إسناد حسن متصل
وأخرجه أيضا عن عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي ثنا شبابة ثنا محمد بن عبد الرحمن
268

بن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا
فذكره وصححه عبد الحق في أحكامه من هذه الطريق قال بن القطان
وأراه إنما تبع في ذلك أبا عمر بن عبد البر فإنه صححه وعبد الله بن نصر هذا لا
أعرف حاله وقد روى عنه جماعة وذكره بن عدي في كتابه ولم يبين من حاله
شيئا إلا أنه ذكر له أحاديث منكرة منها هذا انتهى كلامه وقال في التنقيح
عبد الله بن نصر الأصم البزار الأنطاكي ليس بذاك المعتمد وقد روى عن أبي بكر بن
عياش وابن علية ومعن بن عيسى وابن فضيل وروى عنه أبو حاتم الرازي انتهى
وأخرجه أبو داود في مراسيله عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أبو داود وقوله له غنمه وعليه غرمه من كلام سعيد نقله عنه الزهري وقال هذا
هو الصحيح انتهى قلت يؤيده ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن
الزهري عن بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغلق الرهن ممن رهنه قلت
للزهري أرأيت قول الرجل لا يغلق الرهن أهو الرجل يقول إن لم آتك بمالك
فالرهن لك قال نعم قال معمر ثم بلغني عنه أنه قال إن هلك لم يذهب حق
هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه انتهى ثم أخرجه من قول
النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا الثوري عن بن أبي ذئب عن الزهري عن بن المسيب قال قال عليه
السلام لا يغلق الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه انتهى ولم يروه عبد
الرزاق مسندا أصلا وكذلك بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا بن أبي ذئب
عن الزهري عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الشافعي في مسنده حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب به وزاد في آخره قال الشافعي وغنمه
زيادته وغرمه هلاكه ونقصه انتهى وقد روي هذا الحديث متصلا أيضا من طرق
أخرى عديدة ذكرها الدارقطني وأجود طرقه المتصلة ما ذكرناه قال صاحب
التنقيح وقد صحح اتصال هذا الحديث الدارقطني وابن عبد البر وعبد الحق
وقد رواه أبو داود في المراسيل من رواية مالك وابن أبي ذئب والأوزاعي
وغيرهم عن الزهري عن سعيد مرسلا وكذلك رواه الثوري وغيره عن بن أبي ذئب
مرسلا وهو المحفوظ انتهى
269

قوله في الكتاب قالها ثلاثا لم أجده في شئ من طرق الحديث
واعلم أن بن الجوزي في التحقيق زاد في متن هذا الحديث قال إبراهيم
النخعي كانوا يرهنون ويقولون ان جئتك بالمال إلى وقت كذا والا فهو لك
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك انتهى وينظر الدارقطني هل فيه هذه الزيادة
الحديث الثالث قال عليه السلام للمرتهن بعد ما نفق فرس الرهن عنده ذهب
حقك قلت أخرجه أبو داود في مراسيله عن بن المبارك عن مصعب بن ثابت
قال سمعت عطاء يحدث أن رجلا رهن فرسا فنفق في يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
للمرتهن ذهب حقك انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه في أثناء البيوع
حدثنا عبد الله بن المبارك به قال عبد الحق في احكامه هو مرسل وضعيف
قال بن القطان في كتابه ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ضعيف كثير
الغلط وإن كان صدوقا انتهى
الحديث الرابع قال عليه السلام إذا عمى الرهن فهو بما فيه قلت روى
مسندا ومرسلا
فالمسند رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن مخلد ثنا أحمد بن غالب ثنا
عبد الكريم بن روح عن هشام بن زياد عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرهن
بما فيه انتهى قال الدارقطني هذا لا يثبت عن حميد ومن بينه وبين شيخنا كلهم
ضعفاء ثم أخرجه عن إسماعيل بن أبي أمية ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس
270

مرفوعا نحوه قال وهذا باطل عن حماد وقتادة وإسماعيل هذا يضع الحديث
انتهى قال بن الجوزي في التحقيق الأول فيه أحمد بن محمد بن غالب
وهو غلام خليل كان كذابا يضع الحديث وعبد الكريم بن روح ضعفه الدارقطني
وقال أبو حاتم الرازي مجهول وهشام بن زياد قال يحيى ليس بشئ وقال
النسائي متروك الحديث وقال بن حبان ينفرد عن الثقات بالمعضلات وفي الثاني
إسماعيل بن أبي أمية قال الدارقطني يضع الحديث وسعيد بن راشد قال
يحيى بن معين ليس بشئ وقال النسائي متروك الحديث وقال بن حبان لا
يجوز الاحتجاج به انتهى
وأما المرسل فرواه أبو داود في مراسيله عن علي بن سهل الرملي ثنا الوليد ثنا
الأوزاعي عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرهن بما فيه انتهى قال بن القطان مرسل
صحيح انتهى وأخرجه أيضا عن طاوس مرفوعا نحوه سواء وأخرج أيضا عن أبي
الزناد قال إن ناسا يوهمون في قوله عليه السلام الرهن بما فيه وإنما قال ذلك فيما
أخبرنا الثقة من الفقهاء إذا هلك وعميت قيمته يقال حينئذ للذي رهنه زعمت ت ان
قيمته مائة دينار أسلمته بعشرين دينارا ورضيت بالرهن ويقال للآخر زعمت أن
ثمنه عشرة دنانير فقد رضيت به عوضا من عشرين دينارا وأخرج الطحاوي بسند
صحيح عن أبي الزناد قال أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم منهم سعيد
بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة
بن زيد وعبيد الله في مشيخه من نظرائهم أهل فقه وصلاح وفضل فذكر ما
جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أنهم قالوا الرهن بما فيه إذا كان هلك
وعميت قيمته ويرفع ذلك منها الثقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا الرهن بما فيه
انتهى
271

قوله وإجماع الصحابة والتابعين على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في
272

كيفيته قلت قوله عن علي رضي الله عنه أنه قال يترادان الفضل في الرهن قلت
رواه عبد الرزاق في مصنفه في أثناء البيوع أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن
الحكم عن علي قال يترادان الفضل بينهما في الرهن انتهى ورواه بن أبي شيبة
حدثنا وكيع ثنا سفيان به وأخرجه البيهقي عن خلاس عن علي قال إذا كان في
الرهن فضل فان أصابته جائحة فالرهن بما فيه فإن لم تصبه جائحة فإنه يرد
الفضل قال البيهقي وما رواه خلاس عن علي أخذه من صحيفة قال بن معين
وغيره من الحفاظ وأخرجه أيضا عن الحارث عن علي قال إذا كان الرهن أفضل من
القرض أو كان القرض أفضل من الرهن ثم هلك يترادان الفضل وأخرجه أيضا
273

عن بن الحنفية عنه قال إذا كان الرهن رد الفضل وإن كان أكثر فهو بما فيه
رضي الله تعالى عنها قوله ومذهبنا روى عن بن مسعود وعمر قلت أخرج البيهقي عن عمر
274

قال في الرجل يرتهن الرهن فيضيع قال إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه وان
275

كان أكثر فهو أمين وروى بن أبي شيبة والطحاوي عنه قال إذا كان الرهن
276

بأكثر ممارهن به فهو أمين في الفضل وإذا كان بأقل رد عليه ورواه البيهقي وقال
هذا ليس بمشهور عن عمر والرواية عن بن مسعود غريب
277

قوله وعن علي رضي الله عنه أنه قال المرتهن أمين في الفضل قلت رواه بن
أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن عبد الأعلى بن عامر عن
محمد بن الحنفية عن علي قال إذا كان الرهن أكثر ممارهن به فهلك فهو بما فيه لأنه
أمين في الفضل وإذا كان أقل مما رهن به فهلك رد الراهن الفضل انتهى وأخرج
نحوه عن عمر حدثنا أبو عاصم عن عمران القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير
عن عمر قال إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهو أمين في الفضل وإذا كان أقل رد
عليه انتهى
باب ما يجوز ارتهانه
قوله وجه القياس أنه صفقة في صفقتين وهو منهي عنه قلت يشير إلى
حديث بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة أخرجه أحمد وقد
278

تقدم في باب البيع الفاسد
279

كتاب الجنايات
قوله وقط نطق به غير واحد من السنة يعني الاثم في القتل العمد قلت
313

الأحاديث في تحريم قتل المسلم كثيرة جدا فمنها ما أخرجه الأئمة الستة عن مسروق
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ يشهد ان لا إله إلا
الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك
لدينه المفارق للجماعة انتهى وأخرجه الترمذي في الديات والنسائي
في القود والباقون في الحدود وفي لفظ لمسلم قال قام فينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد ان لا إله إلا الله وأنى
رسول الله إلا ثلاثة نفر التارك للاسلام الحديث وأخرج مسلم عن عائشة نحوه
محيلا على حديث بن مسعود ولم يسق المتن ولفظه قال الأعمش وحدثنا إبراهيم
عن الأسود عن عائشة بمثله
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم في الايمان عن محمد بن زيد بن
عبد الله بن عمر عن جده عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة
ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم
على الله انتهى وأخرجاه أيضا عن أبي هريرة وأخرجه البخاري عن
314

أنس وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ورواه الحاكم في المستدرك
وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهذا وهم من وجهين
أحدهما ان مسلما رواه الثاني ان أبا الزبير ليس على شرط البخاري ووقع مثل
هذا في حديث آخر أخرجه في المغازي عن بن إسحاق بسنده وقال فيه على
شرط الشيخين وابن إسحاق ليس من شرط البخاري
حديث آخر أخرجه البخاري في الفتن ومسلم في الحدود عن أبي بكرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتدرون أي يوم هذا أليس بيوم النحر قلنا بلى يا رسول الله
قال فأي شهر هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال أليس بيوم النحر قلنا بلى
يا رسول الله قال فأي بلد هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال أليس البلدة قلنا
بلى يا رسول الله قال فان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب انتهى
حديث آخر أخرجه البخاري في الحدود في باب ظهر المؤمن حمى عن
بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا أي شهر تعلمونه أعظم
حرمة قالوا ألا شهرنا هذا قال ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة قالوا ألا بلدنا
هذا قال ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة قالوا ألا يومنا هذا قال فان الله قد
حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم الا بحقها كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في
شهركم هذا ألا هل بلغت مختصر
حديث آخر أخرجه البخاري في الحج في باب الخطبة أيام منى عن بن
عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال يا أيها الناس أي يوم هذا
قالوا يوم حرام قال فأي بلد هذا قالوا بلد حرام قال فأي شهر هذا قالوا
شهر حرام قال فان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم
هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت اللهم
315

هل بلغت انتهى حديث آخر رواه أبو داود في الفتن حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني عن محمد
بن شعيب عن خالد بن دهقان عن عبد الله بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل ذنب عيسى الله أن يغفره الا من مات
مشركا أو مؤمنا قتل مؤمنا عمدا فقال هانئ بن كلثوم سمعت محمود بن الربيع
يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قتل
مؤمنا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا قال لنا خالد ثم حدثنا بن
أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ان رسول الله صلى الله ع وسلم قال لا يزال المؤمن
معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما فإذا أصاب دما حراما بلح انتهى
ورواه الحاكم في المستدرك في الحدود وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه
انتهى وبعضه البخاري وأخرجه عن بن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما انتهى ورواه
316

النسائي في المحاربة عن محمد بن المثنى عن صفوان بن عيسى عن ثور بن يزيد عن
أبي عون عن أبي إدريس الخولاني عائذ الله عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
كل ذنب عسى الله أن يغفره الا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا
انتهى ورواه الحاكم أيضا في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم
يخرجاه
حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي عن بن أبي عدي عن شعبة عن يعلى بن
عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوال الدنيا أهون على الله من
قتل رجل مسلم انتهى وأخرجاه عن محمد بن جعفر عن شعبة به موقوفا قال
الترمذي وهو أصح من حديث بن أبي عدي انتهى قلت رواه بن أبي شيبة
في مصنفه في الديات حدثنا وكيع ثنا سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء عن أبيه
عن عبد الله بن عمر فذكره مرفوعا وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده
وله طرق أخرى ذكرناها في أحاديث الكشاف
حديث آخر أخرجه الترمذي عن أبي الحكم قال سمعت أبا سعيد الخدري
وأبا هريرة يذكران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لو أن أهل السماء وأهل الأرض
اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار انتهى وأخرجه الحاكم في
المستدرك عن عطية العوفي عن الخدري وسكت عنه وأخرجه الطبراني في
معجمه الوسط عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي هريرة مرفوعا نحوه
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن يزيد عن أبي زياد عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعان على قتل مؤمن
317

بشطر كلمة لقي الله تعالى مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى انتهى
وهو حديث ضعيف وله طرق أخرى ذكرناها في أحاديث الكشاف
حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في الحدود عن سفيان عن عطاء
بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا
أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل اليوم مسلما ألبسته التاج فيجئ أحدهم
فيقول لم أزل به حتى عق والديه فيقول يوشك أن يبرهما ويجئ الآخر فيقول
لم أزل به حتى طلق زوجته فيقول يوشك أن يتزوج فذكر نحو ذلك إلى أن
قال ويقول الاخر لم أزل به حتى قتل فيقول أنت أنت ويلبسه التاج وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه
ديث اخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن إسماعيل
ابن مسلم عن الحسن عن جندب بن عبد الله البجلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا
يحولن بين أحدكم وبين الجنة وهو يرى بابها ملء كف من دم امرئ مسلم أهراقه
بغير حله مختصر وهو في البخاري من قول جندب أن أصحابه قالوا له
أوصنا فقال أول ما ينتن من الانسان بطنه فمن استطاع ان لا يأكل الا طيبا
فليفعل وما استطاع ان لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم أهراقه فليفعل
أخرجه في كتا ب الاحكام
الحديث الأول قال عليه السلام العمد قود قلت روى من حديث بن
عباس ومن حديث عمرو بن حزم
فحديث بن عباس رواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه فمسنديهما
قال الأول حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وقال الثاني حدثنا عيسى بن يونس قالا
ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول
318

الله صلى الله عليه وسلم العمد قود الا ان يعفو ولي المقتول انتهى لابن أبي شيبة وزاد
إسحاق والخطأ عقل لا قود فيه وشبه العمد قتيل العصا والحجر ورمى السهم فيه
الدية مغلظة من أسنان الإبل انتهى ورواه الدارقطني في سننه بلفظ بن أبي
شيبة وكذلك الطبراني في معجمه وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن
سليمان بن كثير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من قتل في عمياء أو رمياء تكون بينهم بحجارة أو بالسياط أو ضرب
بعصا فهو خطأ وعقل عقل الخطأ ومن قتل عمدا فهو قود ومن حال دونه
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل انتهى
وأما حديث بن حزم فرواه الطبراني في معجمه من حديث إسماعيل بن
عياش عن عمران بن أبي الفضل عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العمد قود والخطأ دية انتهى وإن كان
المراد بجده محمد بن عمرو فهو مرسل قال بن سعد في الطبقات في ترجمة
عثمان بن عفان محمد بن عمرو بن حزم ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر من
الهجرة وقال لأبيه عمرو سمه محمدا انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام لا ميراث للقاتل قلت أخرجه الترمذي
في الفرائض وابن ماجة فيه وفي الديات عن إسحاق بن عبد الله عن الزهري
عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القاتل لا
يرث انتهى قال الترمذي هذا حديث لا يصح لا نعرفه الا من هذا الوجه
وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة تركه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل
319

انتهى وعزا شيخنا علاء الدين هذا الحديث مقلدا لغيره إلى النسائي ولم
أجده ولا عزاه أصحاب الأطراف مع أن الشيخ والذي قلده تركا بن ماجة
لكني وجدت الدارقطني في سننه رواه من طريق النسائي حدثنا قتيبة ثنا الليث
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة به ثم قال أبو عبد الرحمن إسحاق
متروك وإنما أخرجه في مشايخ الليث لئلا يترك من الوسط انتهى فلعله في
سننه الكبرى والله أعلم
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأخرجه أبو داود في الديات
عن محمد بن راشد حدثني سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقوم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار فذكره بطوله
إلى أن قال في آخره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس للقاتل شئ وان لم يكن له وارث
فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل شيئا مختصر ومحمد بن راشد الدمشقي
فيه مقال وأخرجه النسائي عن إسماعيل بن عياش عن بن جريج ويحيى بن سعيد عن
عمرو بن شعيب به مرفوعا ليس للقاتل من الميراث شئ انتهى ثم رواه من طريق
مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب ان عمر قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس
لقاتل شئ قال وهو الصواب وحديث بن عياش خطأ انتهى وضعف بن
القطان الأول بأنه من رواية إسماعيل بن عياش من غير الشاميين وهي ضعيفة عند
البخاري وغيره انتهى
وأما حديث عمر فأخرجه بن ماجة في الديات عن أبي خالد الأحمر عن
يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب ان أبا قتادة رجل من بني مدلج قتل فأخذ منه عمر
مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة فقال بن أخي المقتول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس لقاتل ميراث انتهى ورواه مالك في
320

الموطأ عن يحيى بن سعيد به وعن مالك رواه الشافعي في مسنده
وعبد الرزاق في مصنفه ومن طريق مالك رواه أيضا النسائي في سننه كما
تقدم وقال هو الصواب قال البيهقي في المعرفة وحديث عمرو بن شعيب عن
عمر فيه انقطاع انتهى
طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن سليمان بن أبي داود ثنا
عبد الله بن جعفر عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر فذكره وأعله
بن القطان في كتابه بأن سعيدا لم يسمع من عمر الا نعيه النعمان بن مقرن قال
ومنهم من أنكره مطلقا انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بمحمد بن
سليمان هذا قال قال أبو حاتم الرازي متروك الحديث وأقره صاحب التنقيح
عليه
وأما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي حمة عن أبي قرة عن
سفيان عن ليث عن طاوس عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وأعله بن القطان بأبي
حمة وبالليث قال وأبو حمة محمد بن يوسف وكنيته أبو يوسف قال ولا
أعرف حاله ولم أر من ذكره الا بن الجارود في كتاب الكنى ولم يذكر له
حالا انتهى وقال عبد الحق في أحكامه وأبو قرة هذا أظنه موسى بن طارق
وكان لا بأس به وليث هو بن أبي سليم وهو ضعيف الحديث انتهى
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا جعفر
بن محمد الوراق الواسطي ثنا خالد بن مخلد القطواني ثنا يحيى بن عمر المدني حدثني
عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي قال كنت أداعب امرأتي فأصابت يدي بطنها
فماتت وذلك في غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فأتيته فأخبرته عن امرأتي وأن
321

أصبتها خطأ فقال لا ترثها انتهى
حديث مخالف لما تقدم روى بن ماجة في سننه أخبرنا علي بن محمد
ومحمد بن يحيى قالا ثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن محمد بن سعيد وقال محمد بن يحيى عن عمر بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال حدثني
أبي عن جدي عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال لا يتوارث أهل
ملتين والمرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل
أحدهما صاحبه عمدا فان قتل صاحبه عمدا لم يرث من ديته وماله شيئا وان قتل
صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال محمد بن سعيد هذا هو الطائفي وهو ثقة انتهى وقال عبد الحق في
أحكامه بعد أن ذكره من جهة الدارقطني ومحمد بن سعيد هذا أظنه الصلت
وهو متروك عند الجميع انتهى وكأنه لم ينظر كلام الدارقطني أو يكون توثيق
الدارقطني له ساقطا في بعض النسخ والله أعلم وقال في التنقيح وقد وقع في
بعض نسخ بن ماجة عمرو بن سعيد بالواو وهو كذلك في أطراف بن عساكر
وهو خطأ نبه عليه شيخنا أبو الحجاج المزي وفرق شيخنا في التهذيب بين راوي
هذا الحديث عن عمر وبين محمد بن سعيد الطائفي وعند الدارقطني أنه الطائفي
والله أعلم انتهى كلامه وقال بن الجوزي في التحقيق والحسن بن صالح
مجروح قال بن حبان يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الاثبات انتهى قال في
التنقيح وهذا خطأ فان الحسن بن صالح هذا هو بن حي وهو من الثقات
الحفاظ المخرج لهم في الصحيح والذي تكلم فيه بن حبان هو آخر مختلف في
نسبته يروي عن ثابت عن أنس ويقال له العجلي وقد ذكره بن الجوزي في
322

الضعفاء وحكى كلام بن حبان فيه ثم قال والحسن بن صالح عشرة ليس
فيهم مجروح
انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام ألا إن قتيل خط العمد قتيل السوط
والعصا وفيه مائة من الإبل قلت روى من حديث عبد الله بن عمرو ومن
حديث بن عمر ومن حديث بن عباس
فحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن خالد
الحذاء عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال ألا ان دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها
أربعون في بطونها أولادها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع
الثالث والأربعين من القسم الثالث قال في التنقيح وعقبة بن أوس وثقه بن
سعد والعجلي وابن حبان وقد روى عنه محمد بن سيرين مع جلالته والقاسم
323

وثقه أبو داود وابن المديني وابن حبان انتهى وأخرجه النسائي أيضا
عن خالد عن القاسم عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه أيضا
عن خالد عن القاسم عن عقبة ان النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأخرجه الدارقطني في
سننه في الحدود عن أيوب السختياني عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو
مرفوعا نحوه لم يذكر فيه عقبة بن أوس قال بن القطان في كتابه هو حديث
صحيح من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص ولا يضره الاختلاف الذي وقع فيه
وعقبة بن أوس بصري تابعي ثقة انتهى
وأما حديث بن عمر فأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن علي بن زيد
بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم الفتح بمكة
فكبر ثلاثا ثم قال لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب
وحده ألا ان كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تحت قدمي الا ما كان من
سقاية الحاج وسدانة البيت ثم قال الا ان دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط
والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها انتهى ورواه أحمد
والشافعي وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق
في مصنفيهما ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه والدارقطني
في سننه قال بن القطان في كتابه وهو حديث لا يصح لضعف علي بن زيد
انتهى
وأما حديث بن عباس فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عيسى بن
يونس ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم شبه العمد قتيل الحجر والعصا فيه الدية مغلظة من أسنان الإبل
مختصر وقد تقدم قريبا
324

وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأخرجه أبو داود عن محمد بن
راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان
بين الناس فيكون رميا في عمياء في غير ضغينة ولا سلاح انتهى قال في
التنقيح محمد بن راشد يعرف بالمكحول وثقه أحمد وابن معين والنسائي
وغيرهم وقال بن عدي إذا حدث عنه ثقة فحديثه مستقيم انتهى وهذا داخل في
الأولى
حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه في الديات حدثنا أبو
معاوية عن حجاج عن قتادة عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيل السوط
والعصا شبه عمد فيه مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها انتهى
الآثار أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن علي موقوفا قال قتيل السوط
والعصا شبه عمد وأخرج عن الشعبي والحكم وحماد قالوا ما أصبت به من حجر
أو سوط أو عصا فأتى على النفس فهو شبه العمد وفيه الدية مغلظة وأخرج عن
إبراهيم النخعي قال شبه العمد كل شئ تعمد به بغير حديد ولا يكون شبه العمد
الا في النفس ولا يكون دون النفس انتهى
ومن أحاديث الباب أعني القتل بالمثقل ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن
ماجة عن سليمان بن كثير عن عمر بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل في عمياء أو رمياء بحجر أو سوطا أو عصا فعليه عقل
الخطأ انتهى قال في التنقيح إسناده جيد لكنه روى مرسلا
وحديث النعمان بن بشير كل شئ خطأ الا السيف وفي كل خطأ أرش
325

رواه بهذا اللفظ أحمد في مسنده فقال حدثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر الجعفي عن
أبي عازب عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلف ذكره ورواه أيضا من
حديث ورقاء عن جابر عن مسلم بن أراك عن النعمان بن بشير مرفوعا كل شئ
خطأ الا ما كان بحديدة ولكل خطأ أرش انتهى ومسلم بن أراك هو أبو عازب قال
في التنقيح وقال أبو حاتم اسمه مسلم بن عمرو قال وعلى كل حال فأبو
عازب ليس بمعروف انتهى قال البيهقي في المعرفة والحديث مداره على جابر
الجعفي وقيس بن الربيع وهما غير محتج بهما انتهى
أحاديث الخصوم واحتج القائلون بوجوب القتل بالمثقل بحديث أنس أن يهوديا
رضخ رأس امرأة بين حجرين فقتلها فرضخ عليه السلام رأسه بين حجرين رواه
البخاري ومسلم
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بن جريج ثنا عمرو بن
دينار أنه سمع طاوسا يخبر عن بن عباس عن عمر انه نشد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الجنين فجاء حمل بن مالك بن النابغة فقال كنت بين امرأتين فضربت إحداهما
الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة وأن تقبل بها
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك في كتاب
الفضائل قال البيهقي في المعرفة وقد رواه عبد الرزاق ومحمد بن بكر عن
بن جريج وذكرا في الحديث أن عمرو بن دينار شك في قتل المرأة بالمرأة فأخبره بن
جريج عن بن طاوس عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بديتها وبغرة في جنينها انتهى
حديث آخر رواه البيهقي من طريق مسدد ثنا محمد بن جابر عن زياد بن علاقة
326

عن مرداس ان رجلا رمى رجلا بحجر فقتله فأقاده النبي صلى الله عليه وسلم منه انتهى
قوله وتجب الدية فثلاث سنين لقضية عمر قلت روى بن أبي شيبة في
327

مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الشعبي وعن الحكم عن
إبراهيم قالا أول من فرض العطاء عمر بن الخطا ب وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث
سنين ثلثا الدية في سنتين والنصف في سنتين والثلث في سنة وما دون ذلك في
عامة انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرت عن أبي وائل
أن عمر بن الخطاب جعل الدية الكاملة في ثلاث سنين وجعل نصف الدية في سنتين
وما دون النصف في سنة أخبرنا الثوري عن أشعث عن الشعبي أن عمر جعل الدية في
الأعطية في ثلاث سنين والنصف والثلثين في سنتين والثلث في سنة وما دون الثلث
فهو في عامه انتهى أخبرنا الثوري عن أيوب بن موسى عن مكحول أن عمر بن
الخطاب قال الدية اثنا عشر ألفا على أهل الدراهم وعلى أهل الدنانير ألف دينار
وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشاء ألفا شاة
وعلى أهل الحلل مائتا حلة وقضى بالدية في ثلاث سنين في كل سنة ثلث عل أهل
الديوان في عطياتهم وقضى بالثلثين في سنتين وثلث في سنة وما كان أقل من الثلث
فهو في عامه ذلك انتهى وقال الترمذي في كتابه وقد أجمع أهل العلم على أن
الدية تؤخذ في ثلاث سنين في كل سنة ثلث الدية انتهى
باب ما يوجب القصاص
328

الحديث الأول قال عليه السلام لا يقتل مؤمن بكافر قلت
أخرجه البخاري في كتا ب العلم وفي موضعين في الديات عن أبي جحيفة قال
سألت عليا هل عندكم شئ مما ليس في القرآن فقال العقل وفكاك الأسير وأن لا
يقتل مسلم بكافر انتهى وأخرج أبو داود والنسائي عن قيس بن عباد قال
انطلقت أنا والأشتر إلى علي رضي الله تعالى عنه فقلت له هل عهد إليك
رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة قال لا إلا ما في كتابي هذا فأخرج
كتابا من قراب سيفه فإذا فيه المؤمنون تكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم
ويسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده من أحدث
حدثا فعلى نفسه ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين انتهى قال في التنقيح سنده صحيح وأخرج أبو داود أيضا
329

وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقتل مؤمن
بكافر انتهى قال في التنقيح إسناده حسن انتهى وأخرج البخاري في
تاريخه الكبير حدثنا الدارمي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن
موهب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت وجد في قائمة سيف رسول الله
صلى الله عليه وسلم المؤمنون تكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو
عهد في عهده مختصر وقد تقدم في السير
حديث آخر في البا ب أخرجه أبو داود والنسائي عن إبراهيم بن طهمان
عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن عمير عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل
قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال زان محصن فيرجم ورجل يقتل مسلما
متعمدا أو رجل يخرج من الاسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى
من الأرض انتهى قال في التنقيح هو على شرط الصحيح انتهى وفي
هذا اللفظ بيان للمجمل في حديث بن مسعود والنفس بالنفس قال النووي في
شرح مسلم قد يأخذ الحنفية بهذا في قتل المسلم بالذمي والحر بالعبد ولم يعتذر
عنه بشئ
330

الحديث الثاني روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بذمي قلت روى مسندا
ومرسلا
فالمسند أخرجه الدارقطني في سننه عن عمار بن مطر ثنا إبراهيم بن محمد
الأسلمي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن البيلماني عن بن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد وقال أنه أكرم من وفى بذمته انتهى قال
الدارقطني لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث والصواب عن
ربيعة عن بن البيلماني مرسل وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل
الحديث فكيف بما يرسله ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق ثنا الثوري عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ورواه البيهقي
وقال حديث عمار بن مطر هذا خطأ من وجهين أحدهما وصله وذكر بن عمر
فيه وإنما هو عن بن البيلماني عن النبي مرسل والآخر رواية عن إبراهيم عن ربيعة
وإنما يرويه عن بن المنكدر والحمل فيه على عمار بن مطر الرهاوي فإنه كان يقلب
الأسانيد ويسرق الأحاديث حتى كثر ذلك في رواياته وسقط عن حد الاحتجاج به
ثم أخرجه عن يحيى بن آدم ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن محمد بن المنكدر عن
عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وقال هذا هو الأصل في الباب وهو
منقطع وراويه غير ثقة انتهى
331

وأما المرسل فعن عبد الرحمن بن البيلماني وعن عبد الله بن عبد العزيز
الحضرمي فمرسل عبد الرحمن رواه أبو داود في المراسيل من طريق بن وهب عن
سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن البيلماني أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل من المسلمين قتل معاهد من أهل الذمة فقدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فضرب عنقه وقال أنا أولى من أوفى بذمته انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا الثوري عن ربيعة به ورواه الشافعي في مسنده أخبرنا محمد بن الحسن أنبأنا
إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن البيلماني فذكره ورواه
الدارقطني في غرائب مالك من حديث حبيب كاتب مالك عن مالك عن ربيعة به
قال الدارقطني وحبيب هذا ضعيف ولا يصح انتهى قال في التنقيح
وعبد الرحمن بن البيلماني وثقه بعضهم وضعفه بعضهم وإنما اتفقوا على ضعف أبيه
محمد انتهى
وأما مرسل الحضرمي فأخرجه أبو داود في المراسيل أيضا من طريق بن وهب
عن عبد الله بن يعقوب عن عبد الله بن عبد العزيز بن صالح الحضرمي قال قتل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين مسلما بكافر قتله غيلة وقال أنا أولى أو أحق من أوفى
بذمته انتهى وقال بن القطان في كتابه وعبد الله بن يعقوب وعبد الله بن
عبد العزيز هذان مجهولان ولم أجد لهما ذكرا انتهى ونقل الحازمي في كتابه
الناسخ والمنسوخ عن الشافعي أنه قال حديث بن البيلماني على تقدير ثبوته منسوخ
بقوله عليه السلام في زمن الفتح لا يقتل مسلم بكافر ثم ساق بسنده عن الواقدي
حدثني عمرو بن عثمان عن خرينق بنت الحصين عن عمران بن الحصين قال قتل
خراش بن أمية بعدما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القتل فقال لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت
خراشا بالهذلي يعني لما قتل خراش رجلا من هذيل يوم فتح مكة قال وهذا
الاسناد وإن كان واهيا ولكنه أمثل من حديث بن البيلماني قال هو طرف من
حديث الفتح قال وحديثنا متصل وحديث بن البيلماني منقطع لا تقوم به حجة
انتهى وقال البيهقي في المعرفة نقلا عن الشافعي قال بلغني أن عبد الرحمن
بن البيلماني روى أن عمرو بن أمية الضمري قتل كافرا كان له عهد إلى مدة
332

وكان المقتول رسولا فقتله النبي صلى الله عليه وسلم به قال وهذا خطأ فان عمرو بن أمية الضمري
عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم دهرا وعمرو بن أمية قتل رجلين وداهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال له
قتلت رجلين لهما مني عهد لأدينهما انتهى
الآثار روى الشافعي في مسنده أخبرنا محمد بن الحسن ثنا قيس بن الربيع
الأسدي عن أبان بن تغلب عن الحسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله مولى بني
هاشم عن أبي الجنوب الأسدي قال أتى علي بن أبي طالب برجل من المسلمين قتل
رجلا من أهل الذمة قال فقامت عليه البينة فأمر بقتله فجاء أخوه فقال قد
عفوت فقال لعلهم فزعوك أو هددوك قال لا ولكن قتله يرد علي أخي
وعوضوني قال أنت أعرف من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا انتهى
قال في التنقيح وحسين بن ميمون هو الخندقي قال بن المديني ليس بمعروف
قل من روى عنه وقال أبو حاتم ليس بالقوي في الحديث يكتب حديثه وذكره
البخاري في الضعفاء وابن حبان في الثقات وقال ربما يخطئ قال
ونحمله على أن معناه ودمه محرم كتحريم دمائنا قال البيهقي قال الشافعي وفي
حديث أبي جحيفة عن علي لا يقتل مسلم بكافر دليل على أن عليا لا يروي عن
النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يقول بخلافه انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن حماد عن إبراهيم أن
رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الكتاب من أهل الحيرة فأقاد منه عمر انتهى ورواه
البيهقي المعرفة من طريق الشافعي أنبأنا محمد بن الحسن ثنا أبو حنيفة عن حماد
عن إبراهيم أن رجلا من بكر بن وائل قتل رجلا من أهل الحيرة فكتب فيه عمر بن
الخطا ب أن يرفع إلى أولياء المقتول فان شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا فدفع الرجل إلى
ولي المقتول رجل يقال له حنين من أهل الحيرة فقتله فكتب عمر بعد ذلك إن كان
الرجل لم يقتل فلا تقتلوه فرأوا أن عمر أراد أن يرضيهم من الدية انتهى
أثر آخر رواه عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال
شهدت كتاب عمر بن عبد العزيز قدم إلى أمير الحيرة أو قال أمير الجزيرة في رجل
مسلم قتل رجلا من أهل الذمة أن أدفعه إلى وليه فإن شاء قتله وإن شاء عفا عنه
قال فدفعه إليه فضرب عنقه وأنا أنظر
333

انتهى أثر آخر رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا
عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني عقيل عن بن شهاب قال أخبرني سعيد بن
المسيب أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال مررت بالبقيع قبل أن يقتل عمر
فوجدت أبا لؤلؤه والهرمزان وجفينة يتناجون فلما رأوني ثاروا فسقط منهم خنجر
لرأسان ونصابه وسطه فلما قتل عمر رآه عبيد الله بن عمر فإذا هو الخنجر الذي
وصفه له عبد الرحمن فانطلق عبيد الله ومعه السيف فقتل الهرمزان ولما وجد
مس السيف قال لا إله إلا الله وعدا على جفنيه وكان من نصارى الحيرة فقتله
وانطلق عبيد الله إلى ابنة أبي لؤلؤة صغيرة تدعي الاسلام فقتلها وأراد أن لا يترك
من السبي يومئذ أحدا إلا قتله فاجتمع عليه المهاجرون فزجروه وعظموا عليه ما
فعل ولم يزل عمرو بن العاص يتلطف به حتى أخذ منه السيف فلما استخلف عثمان
دعا المهاجرين والأنصار وقال لهم أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الدين ما
فتق فأشار عليه علي وبعض الصحابة بقتل عبيد الله وقال جل الناس أبعد الله
جفينة والهرمزان أتريدون أن تتبعوا عبيد الله أباه إن هذا الرأي سوء وقال له عمرو
بن العاص يا أمير المؤمنين إن هذا قد كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان فتفرق
الناس على كلام عمرو بن العاص وودي الرجلين والجارية فلما ولي علي بن أبي
طالب أراد قتله فهرب منه إلى معاوية فقتل أيام صفين انتهى وكذلك رواه
بن سعد في الطبقات قال الطحاوي ففي هذا الحديث أن المهاجرين أشاروا على
عثمان بقتل عبيد الله بن عمر وقد قتل الهرمزان وجفينة وهما ذميان فإن قيل إنما
أشاروا عليه لقتله ابنة أبي لؤلؤة صغيرة تدعي الاسلام لا لقتله الهرمزان وجفينة
قلنا قولهم له أبعد الله جفينة والهرمزان يدل على أنه أراد قتله بهما الله أعلم
انتهى قال البيهقي في المعرفة واستدل الطحاوي لمذهبه بخبر الهرمزان وجفينة
وأن عبيد الله بن عمر بن الخطاب قتلهما فأشار المهاجرون على عثمان بن عفان
وفيهم علي بن أبي طالب بقتل بهما وكانا ذميين والجواب عن ذلك أنه قتل ابنة
صغيرة لأبي لؤلؤة تدعي الاسلام فوجب عليه القصاص وأيضا فلا نسلم أن
الهرمزان كان يومئذ كافرا بل كان أسلم قبل ذلك يدل عليه ما أخبرنا وأسند عن
334

الشافعي ثنا عبد الوهاب الثقفي عن حميد عن أنس قال حاصرنا تستر فنزل
الهرمزان على حكم عمر فذكر الحديث في قدومه على عمر وأمانه له قال أنس
فأسلم الهرمزان وفرض له عمر ثم أسند عن إسماعيل بن أبي خالد قال فر ض عمر
للهرمزان دهقان الأهواز ألفين حين أسلم وكونه قال لا إله إلا الله حين مسه
السيف كان إما تعجبا أو نفيا لما اتهمه به عبيد الله بن عمر قال وأما أن عليا ممن
أشار بقتله فغير صحيح لا يثبت انتهى
الحديث الثالث قال عليه السلام لا يقاد الوالد بولده قلت روى من
حديث عمر بن الخطاب ومن حديث بن عباس ومن حديث سراقة بن ملك
ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
فحديث عمر أخرجه الترمذ وابن ماجة في الديات عن حجاج بن أرطاة
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد الوالد بالولد انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وعبد
بن حميد في مسانيدهم قال صاحب التنقيح قال يحيى بن معين في حجاج
335

صدوق ليس بالقوي يدلس عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب
وقال بن المبارك كان الحجاج يدلس فيحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما
يحدثه العرزمي والعرزمي متروك قال وقد أخرجه البيهقي عن محمد بن عجلان
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب
فذكر قصة وقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد الأب من ابن
لقتلتك هلم ديته فأتاه بها فدفعها إلى ورثته وترك أباه انتهى قال البيهقي
وهذا إسناد صحيح انتهى والبيهقي رواه كذلك في المعرفة وكذلك
الدارقطني في سننه وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عمر بن عيسى
القرشي عن بن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال جاءت جارية إلى
عمر بن الخطاب فقالت إن سيدي اتهمني فأقعدني على النار حتى أحرق فرجي
فقال لها عمر هل رأى ذلك منك قالت لا قال فاعترفت له بشئ قالت لا
فقال عمر علي به فقال له عمر أتعذب بعذاب الله قال يا أمير المؤمنين اتهمتها
في نفسها قال هل رأيت ذلك عليها قال لا قال فاعترفت لكبه قال لا
قال والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لايقاد مملوك من مالك
ولا ولد من والده لاقدتها منك ثم برزه فضربه مائة سوط ثم قال لها اذهبي
فأنت حرة لله تعالى وأنت مولاة الله ورسوله انتهى وقال حديث صحيح الاسناد
ولم يخرجاه أخرجه في العتق وفي الحدود وتعقبه الذهبي في مختصره
فقال عمر بن عيسى القرشي منكر الحديث انتهى قلت أخرجه كذلك بن
عدي في الكامل والعقيلي في ضعفائه وأعلاه بعمر بن عيسى وأسندا عن
البخاري أنه قال فيه منكر الحديث انتهى
وأما حديث بن عباس فأخرجه الترمذي وابن ماجة أيضا عن إسماعيل بن
مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقام
الحدود في المساجد ولا يقتل الوالد بالولد انتهى قال الترمذي حديث لا نعرفه
بهذا الاسناد الا من حديث إسماعيل بن مسلم وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل
336

حفظه انتهى وأعله بن القطان بإسماعيل بن مسلم وقال إنه ضعيف انتهى
قلت تابعه قتادة وسعيد بن بشير وعبيد الله بن الحسن العنبري
فحديث قتادة أخرجه البزار في مسنده عنه عن عمرو بن دينار به
وحديث سعيد بن بشير أخرجه الحاكم في المستدرك عنه عن عمرو به
وسكت
وحديث العنبري أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عنه عن عمرو به
وأما حديث سراقة فأخرجه الترمذي عن إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن سراقة بن مالك بن جعشم قال حضرت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد الأب من ابنه ولا يقيد الابن من أبيه انتهى قال الترمذي
حديث فيه اضطراب وليس إسناده بصحيح والمثنى بن الصباح يضعف في الحديث
انتهى ورواه الدارقطني في سننه ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيد
الأب من ابنه ولا نقيد الابن من أبيه انتهى قال والمثنى وابن عياش ضعيفان
وقال في التنقيح حديث سراقة فيه المثنى بن الصباح وفي لفظه اختلاف
فان البيهقي رواه بعكس لفظ الترمذي من رواية حجاج عن عمرو عن أبيه عن جده
عن عمر انتهى وقال الترمذي في علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن
حديث سراقة فقال حديث إسماعيل بن عياش عن أهل العراق وأهل الحجاز شبه
لا شئ انتهى
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأخرجه أحمد في مسنده
337

عن بن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقاد
والد من ولده انتهى قال في التنقيح وابن لهيعة لا يحتج به وقال أبو حاتم
الرازي لم يسمع بن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئا قال وقد رواه الدارقطني في
الافراد من حديث محمد بن جابر اليماني عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن
عمرو به ومحمد ويعقوب لا يحتج بهما انتهى كلامه ورواه أبو يعلى الموصلي
في مسنده إلى أن قال فيه عن جده عن عمر فذكره فينظر مسند أحمد
وأخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقاد الوالد بولده وان قتله عمدا انتهى ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف جدا
الحديث الرابع قال عليه السلام لا قود الا بالسيف قلت روى من
حديث أبي بكرة ومن حديث النعمان بن بشير ومن حديث بن مسعود ومن
حديث أبي هريرة ومن حديث علي
338

فحديث أبي بكرة أخرجه بن ماجة في سننه عن الحر بن مالك عن المبارك بن
فضالة عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قود الا بالسيف انتهى
ورواه البزار في مسنده وقال لا نعلم أحدا أسنده بأحسن من هذا الاسناد ولا
نعلم أحدا قال عن أبي بكر إلا الحر بن مالك وكان لا بأس به وأحسبه أخطأ في
هذا الحديث لان الناس يروونه عن الحسن مرسلا انتهى قلت بل تابعه الوليد بن
صالح كما أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما فأخرجاه عن الوليد بن
محمد بن صالح الأيلي عن مبارك بن فضالك عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعا
ورواه بن عدي في الكامل وأعله بالوليد وقال أحاديثه غير محفوظة انتهى
قال البيهقي ومبارك بن فضالة لا يحتج به انتهى قلت أخرج له بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك ووثقه والمرسل الذي أشار إليه البزار رواه
أحمد في مسنده حدثنا هشيم ثنا أشعث بن عبد الملك عن الحسن مرفوعا لا قود
الا بحديدة انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس
عن أشعث وعمرو عن الحسن مرفوعا نحوه
وأما حديث النعمان فأخرجه بن ماجة أيضا عن جابر الجعفي عن أبي عازب عن
النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاقود الا بالسيف انتهى
ورواه البزار في مسنده ولفظه قال القود بالسيف ولكل خطأ أرش وقال
لا نعلم رواه عن النعمان الا أبو عازب ولا عن أبي عازب الا جابر الجعفي انتهى
وقال عبد الحق في أحكامه وأبو عازب مسلم بن عمرو ولا أعلم روى عنه الا جابر
339

الجعفي انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وجابر الجعفي اتفقوا على ضعفه قال
في التنقيح وقال في موضع آخر وجابر الجعفي فقد وثقه الثوري وشعبة
وناهيك بهما فكيف يقول هذا ثم يحكي الاتفاق على ضعفه هذا تناقض بين
قال وأبو عازب اسمه مسلم بن عمرو وقاله أبو حاتم وغيره وهو غير معروف
وقال غيرهم اسمه مسلم بن أراك كما تقدم تسميته عند الدارقطني في حديث
القتل بالمثقل قال البيهقي في المعرفة وطرق هذا الحديث كلها ضعيفة وبهذا
الاسناد رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما بلفظ كل شئ خطأ الا
السيف ورواه الطبراني في معجمه بلفظ كل شئ خطأ الا السيف
والحديدة وفي لفظ له قال لا عمد الا بالسيف وسيأتي وأخرجه الدارقطني في
سننه عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن النعمان بن بشير
رضي الله تعالى عنهما وأما حديث بن مسعود فرواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن السميدع
الأنطاكي ثنا موسى بن أيوب النصيبي ثنا بقية بن الوليد عن أبي معاذ عن عبد الكريم عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعا نحوه سواء وكذلك أخرجه الدارقطني
في سننه عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن إبراهيم ورواه بن عدي في الكامل
وأعله بعبد الكريم وضعفه عن جماعة
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني في سننه في الحدود عن سليمان
بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيبي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
نحوه سواء قال الدارقطني وسليمان بن أرقم متروك انتهى ورواه بن عدي
في الكامل وأعله بسليمان بن أرقم وأسند عن البخاري وأبي داود والنسائي
وأحمد وابن معين قالوا هو متروك
وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني أيضا عن معلى بن هلال عن أبي إسحاق
340

عن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قود في النفس وغيرها
الا بحديدة انتهى قال الدارقطني ومعلى بن هلال متروك انتهى
أحاديث الخصوم وللشافعي في المماثلة بالقصاص أحاديث منها حديث أنس
إنما سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين لأنهم سملوا أعين الرعاء أخرجه مسلم
وبحديث اليهودي أخرجه البخاري ومسلم عن أنس أيضا ان جارية من الأنصار
قتلها رجل من اليهود على حلى لها رض رأسها بين حجرين فسألوها من صنع بك
هذا فلان فلان حتى ذكروا لها يهوديا فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فأقر
فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بالحجارة انتهى ذكره البخاري في باب
الإشارة في الطلاق هكذا وفيه أنه أقر قال البيهقي في المعرفة ولا يعارض
هذا بحديث أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ان يرجم فرجم حتى مات رواه البخاري
ومسلم أيضا لان الرجم والرض والرضخ كله عبارة عن الضرب بالحجارة
قال ولا يجوز فيه أيضا دعوى النسخ لحديث النهي عن المثلة إذ ليس فيه تاريخ ولا
سبب يدل على النسخ قال ويمكن الجمع بينهما بأنه إنما نهى عن المثلة بمن وجب عليه
القتل ابتداء لا على طريق المكافأة انتهى قال السهيلي في الروض الأنف
واستدل الشافعي أيضا بقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى
عليكم وبقوله فان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به انتهى
قوله واختلف الصحابة في المكاتب يترك وفاء هل يموت حرا أو عبدا قلت
تقدم في المكاتب
341

الحديث الخامس قال عليه السلام ألا ان قتيل خطأ العمد ويروي شبه
العمد قلت تقدم
الحديث السادس قال عليه السلام من غرق غرقناه قلت رواه البيهقي في
343

السنن وفي المعرفة أنبأ أبو عبد الله الحافظ إجازة ثنا أبو الوليد ثنا محمد بن
هارون بن منصور ثنا عثمان بن سعيد عن محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا بشر بن حازم
عن عمران بن يزيد بن البراء بن عازب عن أبيه عن جده البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال من عرض عرضنا له ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه انتهى قال
صاحب التنقيح في هذا الاسناد من يجهل حاله كبشر وغيره انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام ألا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط
والعصا وفيه وفي كل خطأ أرش قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه
عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما والدار قطني ثم البيهقي في
سننيهما عن جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم كل شئ خطأ الا السيف ولك خطأ أرش انتهى ومن طريق
عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه والعقيلي في كتابه وأعله بأبي عازب
وقال لا يتابع عليه الا من جهة فيها ضعيف انتهى وفي لفظ للطبراني كل شئ
خطأ الا السيف والحديدة
344

ومن أحاديث البا ب حديث ألا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا
وفيه مائة من الإبل وقد تقدم بجميع طرقه
الحديث الثامن روى أنه لما اختلف سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية قلت روى مرسلا عن عروة وعن الزهري ومسندا
عن محمود بن لبيد ورافع بن خديج وحديثه عند الواقدي في كتاب المغازي في
غزوة أحد حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله عن عمر بن الحكم قال قال
رافع بن خديج لما انصرف الرماة يوم أحد فذكره بطوله وفي آخره وكان اليمان
حسيل بن جابر ورفاعة بن وقش شيخين كبيرين قد رفعا في الآطام مع النساء فقال
أحدهما للآخر ما نستبقي من أنفسنا وما الذي بقي من أجلنا فلو لحقنا برسول الله
صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا الشهادة ففعلا فأما رفاعة فقتله المشركون وأما اليمان
فاختلف عليه سيوف المسلمين وحذيفة يقول أبي أبي وهم لا يعرفونه حتى
قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته
345

ان تخرج فتصدق حذيفة بدمه على المسلمين فزاده ذلك خيرا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويقال ان الذي أصابه يومئذ عتبة بن مسعود مختصر فمرسل عروة رواه الشافعي
في مسنده أخبرنا مطرف عن معمر عن الزهري عن عروة قال كان أبو حذيفة
شيخا كبيرا فرفع في الآطام مع النساء يوم أحد فخرج يتعرض للشهادة فجاء من
ناحية المشركين فابتدره المسلمون فرشقوه بأسيافهم وحذيفة يقول أبي أبي فلا
يسمعونه من شغل الحرب حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم
الراحمين قال ووداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزادت حذيفة عنده خيرا ومن طريق
الشافعي رواه البيهقي في المعرفة قال البيهقي وقد رواه موسى بن عقبة عن
الزهري فقال فيه ووداه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن
يديه فتصدق به حذيفة على المسلمين انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في
ترجمة حذيفة أخبرنا الواقدي ثنا يونس عن الزهري عن عروة قال لما اختلط الناس
يوم أحد وجالوا تلك الجولة اختلفت سيوف المسلمين عن حسيل أبي حذيفة هم
لا يعرفونه فضربوه بسيوفهم وابنه حذيفة يقول أبي أبي فلم يفهموا حتى قتلوه
وهم لا يعرفونه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بديته أن تخرج فتصدق حذيفة بها على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم خيرا قال الواقدي ويقال ان الذي أصابه يومئذ عتبة بن مسعود انتهى
وأما مرسل الزهري فرواه البيهقي دلائل النبوة في باب المغازي حدثنا
أبو عبد الله الحافظ ثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل ثنا جدي ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا
محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن بن شهاب عن الزهري فذكر قصة أحد
بطولها وقال في آخرها ثم سمى موسى بن عقبة من قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد
ذكر فيهم اليمان أبا حذيفة واسمه حسيل بن جبير حليف لهم من بني عبس
أصابه المسلمون زعموا في المعركة لا يدرون من أصابه فتصدق حذيفة بدمه على
من أصابه قال موسى بن عقبة قال بن شهاب قال عروة بن الزبير أخطأ به
المسلمون يومئذ فرشقوه بأسيافهم يحسبونه من العدو وان حذيفة ليقول أبي أبي
فلم يفقهوا قوله حتى فرغوا منه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
قال ووداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزادت حذيفة عنده خيرا مختصرا ورواه عبد الرزاق
346

في مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا معمر عن الزهري قال أحاط المسلمون
يوم أحد باليمان أبي حذيفة فجعلوا يضربونه بأسيافهم وحذيفة يقول أبي أبي فلم
يفهموه حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين قال فبلغ
ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فزاده خيرا ووداه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وأما حديث محمود بن لبيد فرواه الحاكم في المستدرك في الفضائل
وأحمد وابن راهويه في مسنديهما كلهم من حديث محمد بن إسحاق حدثني
عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد
رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن قيس في الآطام مع
النساء والصبيان فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران لا أبالك ما
تنتظر فوالله ان بقي لواحد منا من عمره الا ظمأ حمار أفلا نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم
لعل الله يرزقنا منه الشهادة فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم
بهما فأما ثابت بن قيس فقتله المشركون وأما اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين
فقتلوه وهم لا يعرفونه فقال حذيفة أبي أبي قالوا والله ان عرفناه وصدقوا
قال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه
فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا انتهى
ورواه بن هشام في السيرة في غزوة أحد كذلك وزاد إسحاق بن راهويه فيه
قال وكان الذي قتله عقبة بن مسعود انتهى قال الحاكم حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى
واعلم أن الحديث في البخاري لكن ليس فيه ذكر الدية أخرجه في الديات
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت صرخ إبليس يوم أحد في الناس يا عباد
الله أخراكم فرجعت أولاهم على أخراهم حتى قتلوا اليمان فقال حذيفة أبي أبي
فقتلوه فقال حذيفة غفر الله لكم قال وكان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف
انتهى
347

الحديث التاسع قال عليه السلام من كثر سواد قوم فهو منهم قلت رواه
أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو همام ثنا بن وهب أخبرني بكر بن مضر عن
عمرو بن الحارث ان رجلا دعا عبد الله بن مسعود إلى وليمة فلما جاء ليدخل سمع
لهوا فلم يدخل فقال له لم رجعت قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من
كثر سواد قوم فهو منهم ومن رضى عمل قوم كان شريك من عمل به انتهى
ورواه علي بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية حدثنا بن وهب به سندا ومتنا
ورواه بن المبارك في كتاب الزهد والرقائق موقوفا على أبي ذر حدثنا خالد بن حميد
عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ان أبا ذر الغفاري دعي إلى وليمة فلما حضر إذا هو
بصوت فرجع فقيل له ألا تدخل قال إني أسمع صوتا ومن كثر سوادا كان من
أهله ومن رضى عملا كان شريك من عمله انتهى
وفي الباب حديث من تشبه بقوم فهو منهم وقد روى من حديث بن عمر
348

ومن حديث حذيفة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث أنس
فحديث بن عمر أخرجه أبو داود في سننه في اللباس عن عبد الرحمن بن
ثابت بن ثوبان عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم انتهى وابن ثوبان ضعيف
وحديث حذيفة رواه البزار في مسنده عن علي بن غراب ثنا هشام بن حسان
عن محمد بسيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة مرفوعا نحوه سواء وقال وقد رواه
غير علي بن غراب فوقفه انتهى
وحديث أبي هريرة أخرجه البزار أيضا عن صدقة بن عبد الله عن الأوزاعي
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وقال لم يتابع صدقة
على روايته هذه وغيره يرويه عن الأوزاعي مرسلا انتهى
وأما حديث أنس فرواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة أحمد بن
محمود فقال حدثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة ثنا بشر بن الحسين الأصبهاني ثنا
الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بين يدي
الساعة وفي آخره ومن شبه بقوم فهو منهم انتهى وهو في أحاديث
الكشاف
فصل
* (* (* (الحديث العاشر قال عليه السلام من شهر على المسلمين سيفا فقد أطل دمه
349

قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج النسائي في سننه في تحريم الدم من طريق
إسحاق بن راهويه ثنا الفضل بن موسى الشيباني عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن
بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهر سيفه ثم وضعه فدمه هدر
350

انتهى وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في مسنده ومن طريقه أيضا رواه
الطبراني في معجمه وزاد يعني وضعه ضرب به انتهى وليست هذه الزيادة
في مسند إسحاق فالله أعلم بمن زادها من الرواة ثم أخرجه النسائي عن
عبد الرزاق أنبأ معمر به موقوفا وعن بن جريج عن بن طاوس به أيضا موقوفا ورواه
الحاكم في المستدرك في آخر الجهاد عن وهيب عن معمر به مرفوعا وقال
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى قال عبد الحق في
أحكامه وقد روى موقوفا والذي أسنده ثقة انتهى
حديث آخر روى أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك من حديث
سليمان بن بلال عن علقمة عن أمه عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
من أشار بحديدة إلى أحد المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه انتهى قال الحاكم
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وفيه قصة وأخرج
مسلم في الايمان عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سل علينا السيف
فليس منا انتهى وأخرجه هو والبخاري عن بن عمر مرفوعا من حمل علينا
السلاح فليس منا وأخرجاه عن أبي موسى مرفوعا نحوه وأخرجه مسلم عن أبي
هريرة مرفوعا بنحوه وتفرد بالأول
الحديث الحادي عشر قال عليه السلام قاتل دون مالك قلت روى من
351

حديث أبي هريرة ومن حديث المخارق أبي قابوس
فحديث أبي هريرة رواه البخاري في تاريخ الوسط في باب القاف في
ترجمة قهيد بن مطرف الغفاري فقال قال لي إسماعيل بن أبي أويس حدثني
وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن قهيد
بن مطرف عن أبي هريرة قال أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ان
أراد أحد ان يأخذ مالي قال أنشده والاسلام ثلاثا قال قد فعلت قال قاتل
دون مالك قال فان قتلت قال في الجنة قال فان قتلته قال في النار انتهى
ثم قال وقال لي أبو صالح ثنا الليث حدثني بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو به
نحوه قال وحدثنا عبد العزيز بن عبد الله ثنا سليمان عن عمرو بن أبي عمرو به سواء وأخرج مسلم في كتاب الايمان عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ان جاء رجل يريد أن يأخذ مالي قال فلا تعطه
مالك قال أرأيت ان قاتلني قال قاتله قال أرأيت ان قتلني قال فأنت شهيد
قال أرأيت ان قتله قال هو في النار انتهى وأخرج هو والبخاري عن عبد الله
بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد انتهى ولمسلم فيه
قصة
وأما حديث المخارق فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا المصعب بن
المقدام ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن قابوس بن المخارق عن أبيه قال جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ان جاء رجل يريد ان يأخذ مالي قال ذكره بالله قال
أرأيت ان ذكرته بالله فلم يذكر قال
استعن عليه بالسلطان قال أرأيت إن كان السلطان قد نأى عني قال
استعن بمن يحضرك من المسلمين قال أرأيت ان لم يحضرني أحد قال قاتل دون مالك حتى تحرز مالك أو تقتل فتكون
من شهداء الآخرة انتهى ورواه بن قانع في معجم الصحابة حدثنا أحمد بن
352

القاسم ثنا عبد الملك بن عبد ربه ثنا بن السماك بن حرب عن سماك به ورواه إبراهيم
الحربي في كتاب غريب الحديث حدثنا مسدد ثنا أبو الأحوص عن سماك به ثم
رواه من حديث الثوري عن سماك عن قابوس لم يقل فيه عن أبيه ان رجلا اتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ان جاءني رجل يريد ان يبتز مالي الحديث وقال
معنى يبتز أي يجردني ثيابي انتهى قال الدارقطني في كتاب العلل هذا
حديث يروه سماك بن حرب واختلف عليه فرواه عمار بن زريق وأبو الأحوص
وأيوب بن جابر والوليد بن أبي ثور عن سماك عن قابوس عن أبيه ورواه الثوري
وحماد بن سلمة عن سماك عن قابوس مرسلا لم يقولا عن أبيه والمسند أصح
انتهى كلامه
باب القصاص فيما دون النفس
قوله في القصاص في العين المقلوعة وأنه مأثور عن جماعه من الصحابة
353

وصفته أن تحمى المرآة وتقابل بها عينه حتى يذهب ضوءها بعد أن تجعل على وجه
قطن رطب قلت روى عبد الرزاق في مصنفه فكتاب العقول أخبرنا معمر
عن رجل عن الحكم بن عتيبة قال لطم رجل رجلا فذهب بصره وعينه قائمه
فأرادوا أن يقيدوه منه فأعيا عليهم وعلى الناس كيف يقيدونه وجعلوا لا يدرون
كيف يصنعوا فأتاهم علي فأمر به فجعل على وجهه كرسف ثم استقبل به
الشمس وأدنى من عينه مرآة فالتمع بصره وعينه قائمه انتهى
قوله روى عن بن عمر وابن مسعود قالا لا قصاص في عظم إلا في السن
قلت غريب وروى بن أبي شيبه في مصنفه حدثنا حفص عن أشعث عن الشعبي
والحسن قالا ليس في العظام قصاص ما خلا السن والرأس انتهى
الحديث الأول قال عليه السلام لا قصاص في العظم قلت غريب
وروى ابن أبي شيبه في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن عطاء عن عمر قال
إنا لا نقيد من العظام انتهى حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن بن أبي مليكه عن
بن عباس قال ليس في العظام قصاص انتهى وأخرج نحوه عن الشعبي
والحسن
354

الحديث الثاني قال عليه السلام من قتل له قتيل الحديث قلت أخرجه
356

الأئمة الستة في كتبهم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال لما
فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله
حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنها لا تحل قبلي وأنها
أحلت لي ساعة من نهار وأنها لا تحل لاحد بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلى
شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما أن يعطى
الدية وإما أن يقاد أهل القتيل انتهى هذا لفظ مسلم في كتاب الحج في باب
تحريم مكة ولفظ البخاري في كتاب العلم إما أن يعقل وإما أن يقاد
أهل القتيل ولفظه في اللقطة إما أن يفدى وإما أن يقيد ولفظه في
الديات إما أن يودي وإما أن يقاد ولفظ الترمذي إما أن يعفو وإما أن
يقتل ولفظ النسائي في القود إما أن يقاد وإما أن يفدى ولفظ بن
ماجة إما أن يقتل وإما أن يفدى قال البيهقي في المعرفة وهذا الاختلاف
وقع من أصحاب يحيى بن أبي كثير والموافق منهما بحديث أبى شريح أولى انتهى
وحديث أبي شريح أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي شريح الخزاعي قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقلته
فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين وإما أن يأخذوا العقل أو يقتلوا
انتهى قال أبو داود حدثنا مسدد وقال الترمذي حدثنا محمد بن بشار قالا
ثنا يحيى عن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد سمعت أبا شريح فذكره
357

وأخرجه بن ماجة وأبو داود أيضا عن بن إسحاق عن الحار ث بن فضيل عن سفيان بن
أبي العوجاء عن أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أصيب بدم أو خبل الخبل
الجرح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث أن يقتل أو يعفوا أو يأخذ الدية مختصر
قال السهيلي في الروض الأنف حديث من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
اختلفت ألفاظ الرواة فيه على ثمانية ألفاظ أحدهما إما أن يقتل الرابع إما أن يعطى
الدية وإما أن يقاد أهل القتيل الخامس إما أن يعفوا أو يقتل السادس يقتل أو
يفادى السابع من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا
أخذوا الدية الثامن إن شاء فله دمه وإن شاء فعقله وهو حديث صحيح وظاهره
أن ولي الدم وهو المخير إن شاء أخذ الدية وإن شاء قتل وقد أخذ الشافعي بظاهره
وقال لو اختار ولي المقتول الدية وأبي القاتل إلا القصاص أجبر القاتل على الدية
ولا خيار له وقالت طائفة لا يجبر وتأولوا الحديث قال ومنشأ الخلاف من
الاجمال في قوله تعال فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف فاحتملت
الآية عند قوم أن يكون من واقعة على القاتل وعفى من العفو عن الدم
ولا خلاف أن المتبع بالمعروف هو ولي الدم وأن المأمور بالأداء بإحسان هو القاتل وإذا
تدبر ت الآية منشأ الخلاف ولاح لك من سياق الكلام أي القولين أولى
بالصواب انتهى كلامه
الحديث الثالث روي أنه عليه السلام أمر بتوريث امرأة أشيم الباني من عقل
358

زوجها أشيم قلت روي من حديث الضحاك بن سفيان ومن حديث المغيرة بن
شعبة
فحديث الضحاك بن سفيان أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سفيان بن أبي
عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر أنه كان يقول الدية للعاقلة لا ترث
المرأة من دية زوجها شيئا حتى قال الضحاك بن سفيان كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
أورث امرأة أشيم الضباني من دية زوجها فرجع عمر انتهى أخرجه أبو داود
والنسائي في الفرائض وابن ماجة في الديات والترمذي فيهما وقال
حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده حدثنا سفيان به ورواه
عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب أن عمر بن الخطاب
قال ما أرى الدية إلا للعصبة لأنهم يعقلون عنه فهل سمع أحد منكم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا فقال الضحاك بن سفيان الكلابي وكان عليه السلام استعمله على
الاعراب كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها
فأخذ به عمر انتهى أخبرنا بن جريح عن الزهري به وزاد وكان قتل خطأ ومن
طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وابن راهويه في مسنده
وصحح عبد الحق في أحكامه هذا الحديث وتعقبه بن القطان في كتابه وقال
إن بن المسيب لم يسمع من عمر إلا نعيه النعمان بن مقرن ومن الناس من أنكر سماعه
منه البتة انتهى
359

وأما حديث المغيرة فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن عبد الله
الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى الضحاك أن
يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته انتهى وزفر بن وثيمة مجهول الحال قال بن
القطان وتفرد عنه الشعيثي قال الذهبي وثقه بن معين ودحيم ثم أخرجه عن
محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن المغيرة بن شعبة أن زرارة بن جزء قال
لعمر بن الخطاب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى الضحاك بن سفيان أن يورث
الحديث قال الدارقطني في كتاب المؤتلف والمختلف وزرارة بن جزء له صحبة
روى عنه المغيرة بن شعبة قال وهو بكسر الجيم هكذا يعرفه أصحاب الحديث
وأهل العربية يقولون بفتح الجيم انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن
محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة البصري عن المغيرة بن شعبة أن أسعد بن
زرارة الأنصاري قال لعمر بن الخطا ب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى الضحاك بن سفيان
أن يورث امرأة أشيا الضباني من دية زوجها انتهى قال الطبراني وأسعد بن زرارة
صحابي يكنى أبا أمامة توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة
انتهى
قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا
قلت رواه مالك في الموطأ أخبرنا يحيى بن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب
360

قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيله وقال لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم
361

به انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطأه والشافعي في
مسنده وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الديات ولم يصل به سنده
362

ولفظه وقال بن بشار حدثنا يحيى عن عبيد الله عن بن عمر أن غلاما قتل غيلة
363

فقال عمر لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه أن
364

أربعة قتلوا صبيا فقال عمر مثله انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا
عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد به ومن طريق بن أبي شيبة رواه الدارقطني في
سننه ورواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن بن عمر أن
365

عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء
برجل وقال لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم انتهى ورواه مطولا عبد الرزاق في مصنفه فقال أخبرنا بن جريج
أخبرنا عمرو بن دينار أن حي بن يعلى أخبرنا أنه سمع يعلى يخبر بهذا الخبر وأن اسم
المقتول أصيل قال كانت امرأة بصنعاء لها ربيب فغاب زوجها وكان لها أخلاء
366

فقالوا إن هذا الغلام هو يفضحنا فانظروا كيف تصنعون به فتمالأوا عليه وهم
سبعة نفر مع المرأة فقتلوه وألقوه في بئر غمدان فلما فقد الغلام خرجت امرأة أبيه
وهي التي قتلته وهي تقول اللهم لا تخف علي من قتل أصيلا قال وخطب يعلى
الناس في أمره قال فمر رجل بعد أيام ببئر غمدان فإذا هو بذباب عظيم أخضر
يطلع من البئر مرة ويهبط أخرى قال فأشرف على البئر فوجد ريحا منكرة فأتى
إلى يعلى فقال ما أظن إلا قد قدرت لكم على صاحبكم وقص عليه القصة فأتى
يعلى حتى وقف على البئر والناس معه فقال أحد أصدقاء المرأة ممن قتله دلوني
بحبل فدلوه فأخذ الغلام فغيبه في سرب من البئر ثم رفعوه فقال لم أقدر على
شئ فقال رجل آخر دلوني فدلوه فاستخرجه فاعترفت المرأة واعترفوا كلهم
فكتب يعلى إلى عمر فكتب إليه أن اقتلهم فلو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم به
انتهى
وفي الباب ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي
إسحاق عن سعيد بن وهب قال خرج رجال سفر فصحبهم رجل فقدموا وليس
367

معهم فاتهمهم أهله فقال شريح شهودكم أنهم قتلوا صاحبكم والا حلفوا
بالله ما قتلوه فأتى بهم إلى علي وأنا عنده ففرق بينها فاعترفوا فأمر بهم
فقتلوا انتهى حدثنا أبو معاوية عن مجالد عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة
برجل انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال لو أن مائة قتلوا رجلا قتلوا به
انتهى
باب الشهادة في القتل
368

قوله لظاهر ما ورد بإطلاقه في إصلاح ذات البين قلت روى من حديث أبي
370

الدرداء ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث بن
371

عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث علي بن أبي طالب
رضي الله تعالى عنهما أما حديث أبي الدرداء فأخرجه أبو داود في الأدب والترمذي في آخر
الطب عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي
الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة
والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة انتهى
قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى وزاد فيه لا أقول الحالقة التي تحلق الشعر ولكن تحلق
الدين انتهى ورواه أحمد وابن راهويه والبزار في
مسانيدهم وابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والخمسين من القسم
الثالث والبخاري في كتابه المفرد في الأدب والطبراني في معجمه
والبيهقي في شعب الايمان في الباب السادس والسبعين عن الحاكم بسنده عن أبي
معاوية به قال البزار لا نعلمه يروي بإسناد متصل أحسن من هذا وإسناده صحيح
انتهى وقال البيهقي وقد رواه الزهري عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء قال
فذكره موقوفا ثم أخرجه كذلك وكذلك رواه البخاري في كتابه المفرد في
الأدب عن الزهري به موقوفا
وأما حديث عبد الله بن عمرو فرواه إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد
والبزار في مسانيدهم والطبراني في معجمه والبيهقي في شعب الايمان
كلهم عن عبد الرحمن بن زياد عن راشد بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن يزيد
عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصدقة إصلاح ذات البين انتهى
الا ان الطبراني قال عوض عبد الله بن يزيد عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن بن
عمرو به
وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الله بن عرادة
الشيباني عن إسماعيل بن رافع عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب عن بن عباس
372

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي
الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر الا أخبركم بما هو خير لكم من الصوم
والصلاة صلاح ذات البين صلاح ذات البين انتهى وضعف عبد الله بن عرادة
عن البخاري وابن معين ووافقهما وقال عامة ما يرويه لا يتابع عليه
انتهى
وأما حديث أبي هريرة فرواه البيهقي في شعب الايمان فقال حدثنا أبو بكر
الفارسي ثنا أبو إسحاق الأصبهاني ثنا أبو محمد بن فارس ثنا محمد بن البخاري ثنا
سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن حجاج ثنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن
مكحول عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما عمل بن آدم شيئا أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن انتهى
وأما حديث علي فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن علي الابار ثنا أبو
أمية عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ثنا إسماعيل بن راشد
قال كان من حديث عبد الرحمن بن ملجم في قتله علي بن أبي طالب فذكر القصة
بطولها وفي آخرها قال ثم إن عليا رضي الله عنه أوصى فكانت وصيته بسم الله
الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصي انه يشهد ان لا إله إلا الله
وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له
وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم أوصيكما يا حسن ويا حسين وجميع أهلي
وولدي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن الا وأنتم مسلمون واعتصموا
بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن صلاح ذات البين
أعظم من عامة الصلاة والصيام الحديث بطوله
373

كتاب الديات
الحديث الأول قال عليه السلام الا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا
وفيه مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها قلت تقدم في الجنايات رواه
أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا
ان دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها
انتهى وصححه بن القطان في كتابه
374

قوله وهذا غير ثابت لاختلاف الصحابة في صفة التغليظ وابن مسعود قال
بالتغليظ أرباعا قلت أما حديث بن مسعود فأخرجه أبو داود عن علقمة والأسود
قالا قال عبد الله في شبه العمد خمس وعشرون حقه وخمس وعشرون جذعة
وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون بنات مخاض انتهى وسكت عنه
أبو داود ثم المنذري بعده
وأما اختلاف الصحابة فمنه ما أخرجه أبو داود عن أبي عياض عن عثمان بن
عفان وزيد بن ثابت في المغلظة أربعون جذعة خلفة وثلاثون حقة وثلاثون بنات
لبون وفي الخطأ ثلاثون حقة وثلاثون بنات لبون وعشرون بني لبون ذكور
وعشرون بنات مخاض انتهى وأبو عياض ثقة احتج به البخاري في صحيحه
حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن مجاهد قال قضى عمر في شبه العمد
ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفه
انتهى إلا أن مجاهد لم يسمع من عمر فهو منقطع
375

حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال في شبه
العمد أثلاثا ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى
بازل عامها كلها خلفة انتهى وعاصم بن ضمرة فيه مقال ورواه عبد الرزاق
في مصنفه أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم قال على نحوه
حديث آخر قال بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال كان
أبو موسى والمغيرة بن شعبة يقولان في شبه العمد ثلاثون حقة وثلاثون جذعة
وأربعون خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري
عن مغيرة به سواء
الحديث الثاني قال عليه السلام في نفس المؤمن مائة من الإبل قلت تقدم
في الزكاة في كتاب عمرو بن حزم قال وان في نفس المؤمن مائة من الإبل رواه
بن حبان في صحيحه
الحديث الثالث روى بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في قتيل الخطأ بالدية
أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون وابن مخاض
وعشرون حقة وعشرون جذعة قلت أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن
حجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك الطائي عن عبد الله بن مسعود
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون
بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بني مخاض ذكر انتهى بلفظ أبي
376

داود وابن ماجة ولفظ الترمذي والنسائي قضى كلفظ المصنف قال الترمذي
لا نعرفه مرفوعا الا من هذا لوجه وقد روى عن عبد الله موقوفا انتهى قلت
هكذا رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن
علقمة بن قيس عن عبد الله أنه قال في الخطأ أخماسا فذكره وبسند السنن رواه
أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم الدارقطني ثم
البيهقي في سننيهما وأطال الدارقطني الكلام عليه وملخصه أنه قال هذا
حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث من وجوه
أحدها أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه بالسند
الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه ولا تأويل عليه أنه قال دية الخطأ أخماسا عشرون
حقة وعشرون جذعة وعشرون بنات مخاض وعشرون بنات لبون وعشرون
بني لبون لم يذكر فيه بني مخاض ثم أسنده عن حماد بن سلمة ثنا سليمان التيمي
عن أبي مجلز عن أبي عبيدة ان بن مسعود قال فذكره وهذا إسناد حسن ورواته
ثقات وقد روى نحوه عن علقمة عن عبد الله ثم أسنده كذلك قال وأبو عبيدة
أعلم بحديث أبيه وبمذهبه وبفتياه من خشف بن مالك ونظرائه وابن مسعود اتقي
لربه وأشح على دينه من أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ويفتي بخلافه ألا تراه
كيف فرح الفرح الشديد حين وافقت فتياه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق
ومن كانت هذه حاله كيف يظن به خلا ف ذلك ومما يشهد لرواية أبي عبيدة ما رواه
وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن
عبد الله بن مسعود أنه قال دية الخطأ أخماسا فذكره نحو أبي عبيدة ثم أسنده
كذلك قال وهذه الرواية وإن كان فيها إرسال يعني بين إبراهيم وابن مسعود
ولكن إبراهيم النخعي من أعلم الناس بعبد الله بن مسعود وبرأيه وبفتياه قد أخذ ذلك
عن أخواله علقمة والأسود وعبد الرحمن ابني يزيد وغيرهم من كبار أصحاب
عبد الله وهو القائل إذا قلت لكم قال عبد الله بن مسعود فهو عن جماعة من
377

أصحابه وإذا سمعته من رجل واحد سميته لكم
الوجه الثاني ان هذا الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه عنه الا
خشف بن مالك عن بن مسعود وهو رجل مجهول لم يروه عنه الا زيد بن جبير بن
حرمل الجشمي وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف
وإنما يثبت العمل عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلا مشهورا أو رجلا قد ارتفع عنه اسم
الجهالة فصار حينئذ معروفا فأما من لم يرو عنه الا رجل واحد وانفرد بخبر
وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه عليه غيره
الوجه الثالث ان خبر خشف بن مالك لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن جبير الا
حجاج بن أرطاة وهو رجل مشهور بالتدليس وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم
يسمع منه قال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة كنت يوما عند الحجاج بن أرطاة فقال
لي لم أسمع من الزهري شيئا ولا من إبراهيم ولا من الشعبي ولا من فلان ولا
من فلان حتى عد سبعة عشر أو بضعة عشر كلهم قد روى عنه الحجاج ثم زعم
بعد روايته عنهم أنه لم يلقهم ولم يسمع منهم وأيضا فقد ترك الرواية عنه سفيان بن
عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعيسى بن يونس بعد أن جالسوه وخبروه وكفاك
بهم علما بالرجال ونبلا
الوجه الرابع ان جماعة من الثقات رووا هذا الحديث عن الحجاج بن أرطاة
فاختلفوا عليه فرواه عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج على اللفظ المتقدم ووافقه
عليه عبد الواحد بن زياد وخالفهما يحيى بن سعيد الأموي وهو ثقة فرواه عن
الحجاج عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك قال سمعت عبد الله بن مسعود
يقول قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطأ أخماسا عشرون جذاعا وعشرون بنات لبون
وعشرون بني لبون وعشرون بنات مخاض وعشرون بني مخاض ذكورا فجعل
مكان الحقاق بني لبون ثم أسنده كذلك قال ورواه إسماعيل بن عياش عن الحجاج
بهذا الاسناد بني لبون ثم أسنده كذلك قال ورواه إسماعيل بن عياش عن
الحجاج بهذا الاسناد فقال خمسا جذاعا وخمسا حقاقا وخمسا بنات لبون
وخمسا بنات مخاض وخمسا بني لبون ذكورا فجعل مكان بني المخاض بني اللبون موافقا
لرواية أبي عبيدة عن أبيه ثم أسنده كذلك قال ورواه أبو معاوية الضرير
378

وحفص بن غياث وعمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي وأبو خالد الأحمر كلهم عن
الحجاج بهذا الاسناد قال دية الخطأ أخماسا لم يزيدوا على ذلك ثم أخر
رواياتهم ثم قال ويشبه أن يكون هذا الصحيح لاتفاقهم على ذلك وهم
ثقات ويشبه ان يكون الحجاج ربما كان يفسر الأخماس برأيه بعد فراغه من
الحديث فيتوهم السامع انه من الحديث ويقويه ان يحيى بن سعيد حفظ عنه
عشرين بني لبون مكان الحقاق وعبد الواحد وعبد الرحيم حفظا عنه عشرين
حقة مكان بني لبون كما قدمناه
الوجه الخامس انه قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من المهاجرين والأنصار
في دية الخطأ أقاويل مختلفة لا نعلم روى عن أحد منهم في ذلك ذكر بني مخاض
الا في حديث خشف بن مالك هذا والله أعلم انتهى وحكى بن الجوزي في
التحقيق كلام الدارقطني هذا ثم قال ويعارض قول الدارقطني هذا ان أبا عبيدة لم
يسمع من أبيه فكيف جاز له ان يسكت عن ذكر هذا ثم إنما حكى عنه فتواه
وخشف روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتى كان الانسان ثقة فينبغي أن يقبل قوله
وكيف يقال عن الثقة مجهول واشتراط المحدثين ان يروي عنه اثنان لا وجه له انتهى
وقال صاحب التنقيح وكلام الدارقطني هذا لا يخلوا من ميل وخشف وثقه
النسائي وابن حبان ذكره في الثقات وقال الأزدي ليس بذاك وقال البيهقي
مجهول وزيد بن جبير هو الجشمي وثقه بن معين وغيره وأخرجا له
في الصحيحين انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على الشافعي في أنه يقضي
بعشرين بن لبون مكان بن مخاض ومالك مع الشافعي وأحمد معنا واستدل بن الجوزي في التحقيق لمالك والشافعي بما أخرجه الدارقطني عن حماد
بن سلمة ثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أبي عبيدة ان بن مسعود قال دية الخطأ
خمسة أخماس عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنات مخاض وعشرون
بنات لبون وعشرون بني لبون ذكور انتهى قال الدارقطني إسناده حسن ورواته
379

ثقات ثم ضعف حديث خشف بما تقدم وقال بن المنذر إنما صار الشافعي
إلى قول أهل المدينة لأنه أقل ما قيل فيها والسنة وردت بمائة من الإبل مطلقة
فوجدنا قول عبد الله أقل ما قيل لان بني المخاض أقل من بني اللبون وكأنه لم يبلغه
واحتج الشافعي بحديث سهل بن أبي حثمة في الذي وداه النبي صلى الله عليه وسلم بمائة من إبل
الصدقة أخرجه الأئمة الستة وبنو المخاض لا مدخل لها في الصدقات وأجاب
أصحابنا بأنه عليه السلام تبرع بذلك ولم يجعله حكما قال النووي شرح
مسلم المختار ما قاله جمهور أصحابنا وغيرهم أن معناه أنه عليه السلام اشتراها من
أهل الصدقات بعد أن ملكوها ثم دفعوها تبرعا إلى أهل القتيل انتهى
والحديث له طرق أخرى ضعيفة أخرجه البيهقي في المعرفة عن إسرائيل عن
أبي إسحاق عن علقمة عن بن مسعود أنه قال في الخطأ أخماسا عشرون حقة
وعشرون جذعة وعشرون بنات لبون وعشرون بنات مخاض وعشرون بني
مخاض قال وكذلك رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله
وعن منصور عن إبراهيم عن عبد الله وكذلك رواه أبو مجلز عن أبي عبيدة عن عبد
الله قال البيهقي وكلها منقطعة أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئا وكذلك أبو
عبيدة لم يسمع من أبيه وإبراهيم عن عبد الله منقطع بلا شك انتهى
380

الحديث الرابع روى عن بن عباس انه عليه السلام قضى في الدية من الورق
اثنا عشر ألفا قلت أخرج أصحاب السنن الأربعة عن محمد بن مسلم عن عمرو بن
دينار عن عكرمة عن بن عباس ان رجلا من بني عدي قتل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني
عشر ألفا انتهى قال أبو داود ورواه بن عيينة عن عكرمة ولم يذكر بن عباس
انتهى وقال الترمذي لا نعلم أحدا يذكر في هذا الاسناد بن عباس غير محمد بن
مسلم أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن عن سفيان عن عمرو بن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
نحوه ورواه النسائي أخبرنا محمد بن ميمون المكي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن
عكرمة سمعناه مرة يقول عن بن عباس به ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى باثني عشر ألفا في
الدية انتهى قال ومحمد بن ميمون ليس بالقوي في الحديث انتهى وكذلك
رواه الدارقطني في سننه وقال أبو حاتم كان محمد بن ميمون أبو عبد الله المكي
الخياط أميا مغفلا وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما وهم وقال النسائي
صالح ومحمد بن مسلم هذا هو الطائفي أخرج له البخاري في المبايعة ومسلم
في الاستشهاد ووثقه بن معين وقال مرة إذا حديث من حفظه يخطئ
وإذا حدث من كتابه فلا بأس به وضعفه أحمد وقال النسائي الصواب مرسل
وقال بن حبان المرسل أصح وقال بن أبي حاتم في علله قال أبي المرسل أصح
انتهى
قوله وتأويله أنه قضى من دراهم كان وزنها ستة وهي كانت كذلك قلت
روى البيهقي من طريق الشافعي قال قال محمد بن الحسن بلغنا عن عمر انه فرض
على أهل الذهب في الدية ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم حدثنا بذلك
381

أبو حنيفة عن الهيثم عن الشعبي عن عمر قال وقال أهل المدينة فرض عمر على
أهل الورق اثني عشر ألف درهم قال محمد بن الحسن صدقوا ولكنه فرضها اثني
عشر ألفا وزن ستة فذلك عشرة آلاف قال محمد بن الحسن أخبرنا الثوري عن
مغيرة الضبي عن إبراهيم قال كانت الدية الإبل كل بعير مائة وعشرين درهما
وزن ستة فذلك عشرة آلاف درهم قال وقيل لشريك ان رجلا من المسلمين
عانق رجلا من العدو فضربه فأصاب رجلا منا فسلت وجهه حتى وقع ذلك على
حاجبيه وأنفه ولحيته وصدره فقضى فيه عثمان بالدية اثني عشر ألفا وكانت
الدراهم يومئذ وزن ومن ستة قال البيهقي الرواية فيه عن عمر منقطعة وكذلك عن
عثمان وروى عن عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال في باب الصدقة
قال حدثت عن شريك عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال
زوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة على أربعمائة وثمانين درهما وزن ستة انتهى قال أبو عبيد كانت الدراهم أولا العشرة منها وزن ستة مثاقيل ثم نقلت إلى سبعة مثاقيل
واستقرت على ذلك إلى يومنا وبسط الكلام وقد لخصناه في باب زكاة الفضة
وفي التجريد للقدوري لا خلاف ان الدية ألف دينار وكل دينار عشرة دراهم
ولهذا جعل نصاب الذهب عشرين دينارا ونصاب الورق مائتي درهم انتهى
الحديث الخامس روى عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدية في القتيل بعشرة آلاف
درهم قلت غريب وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة
عن الهيثم عن الشعبي عن عبيدة السلماني قال وضع عمر الديات على أهل الذهب
ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل الإبل مائة من الإبل
وعلى أهل البقر مائتي بقرة مسنة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائة
حلة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا بن أبي ليلى عن
382

الشعبي عن عبيدة به وأخرجه البيهقي قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه جعل الدية من البقر مائتي بقرة ومن
الغنم الفي شاة ومن الحلل مائتي حلة قلت أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو
ثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين قال وكان
ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال ألا إن الإبل قد غلت قال
ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل
الشاء الفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة قال وترك
دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية انتهى وتقدم له طريق آخر في الأثر
الذي قبل هذا وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرنا عبد العزيز
عمر ان في كتاب لعمر بن عبد العزيز ان عمر بن الخطاب شاور السلف حين جند
الأجناد فكتب ان على أهل الذهب ألف دينار
وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء
ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة أو قيمة ذلك انتهى أخبرنا سفيان الثوري
عن أيوب ابن موسى عن مكحول ان عمر بن الخطاب قال الدية اثنا عشر ألفا على
أهل الدراهم وعلى أهل الدنانير ألف دينار وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى
أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشاة ألفا شاة وعلى أهل الحلل مائتا حلة انتهى
وفي الباب حديث مرفوع أخرجه أبو داود عن محمد بن إسحاق قال ذكر
عطاء عن جابر بن عبد الله أنه قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية على أهل الإبل مائة
من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل
383

مائتي حلة وعلى أهل الطعام شيئا لم يحفظه محمد بن إسحاق انتهى قال
المنذري لم يذكر بن إسحاق من حدثه به عن عطاء فهو منقطع وأخرجه أيضا عن
بن إسحاق
عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فذكر نحوه قال المنذري مرسل وفيه بن
إسحاق قوله والتقرير بالإبل عر ف بالآثار المشهورة قلت تقدم من ذلك ما فيه الكفاية
الحديث السادس قال المصنف رحمه الله ودية المرأة نصف دية الرجل وروي
هذا اللفظ موقوفا على علي ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلت أما الموقوف فأخرجه
البيهقي عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب قال عقل المرأة على النصف من عقل
الرجل في النفس وفيما دونها انتهى وقيل إنه منقطع فان إبراهيم لم يحدث
عن أحد من الصحابة مع أنه أدر ك جماعة منهم وأما المرفوع فأخرج البيهقي أيضا
عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المرأة على النصف من دية الرجل
قال وروي من وجه آخر عن عبادة بن نسي وروى الشافعي في مسنده أخبرنا
مسلم بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن أيوب بن موسى عن بن شهاب عن مكحول
وعطاء قالوا أدركنا الناس على أن دية الحر المسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل
فقوم عمر تلك الدية على أهل القرى ألف دينار واثني عشر ألف درهم ودية الحرة
المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم وإذا كان الذي
أصابها من الاعراب فديتها خمسون من الإبل انتهى ورواه البيهقي
384

رضي الله تعالى عنه قوله عن زيد بن ثابت أن دية المرأة ما دون الثلث لا ينتصف قلت أخرجه
البيهقي عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال جراحات الرجال والنساء سواء إلى
الثلث فما زاد فعلى النصف وهو منقطع وأخرج أيضا عن ربيعة أنه سأل بن
المسيب كم في إصبع المرأة قال عشر قال كم في اثنتين قال عشرون قال
كم في ثلاث قال ثلاثون قال كم في أربع قال عشرون قال ربيعة حين
عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها قال أعراقي أنت قال ربيعة
عالم
مثبت أو جاهل متعلم قال يا بن أخي إنها السنة قال الشافعي كنا نقول به ثم
ثم وقفت عنه وأنا أسأل الله الخيرة لأنا نجد من يقول السنة ثم لا نجد نفاذا بها عن
النبي صلى الله عليه وسلم والقياس أولى بنا فيها انتهى
وفي الباب حديث مرفوع رواه النسائي في سننه حدثنا عيسى بن يونس الرملي
عن ضمرة عن إسماعيل بن عياش عن بن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها
انتهى وأخرجه الدارقطني في أوائل الحدود من سننه قال صاحب التنقيح
وابن جريج حجازي وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازين انتهى
الحديث السابع قال عليه السلام عقل الكافر نصف عقل المسلم قلت
روى من حديث بن عمرو ومن حديث عمر
385

فحديث بن عمرو أخرجه أصحاب السنن الأربعة فأبو داود عن محمد بن
إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دية المعاهد نصف دية
الحر انتهى والترمذي عن أسامة بن زيد الليثي عن عمرو به دية عقل الكافر
نصف عقل المسلم وقال حديث حسن والنسائي كذلك ولفظه عقل أهل
الذمة نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى وفي لفظ عقل الكافر نصف
عقل المؤمن وابن ماجة عن عبد الرحمن بن عياش عن عمرو به ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى
ان عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى انتهى
وبسند أبي داود ومتنه رواه أحمد وابن راهويه والبزار في مسانيدهم ولفظ بن
راهويه قال دية الكافر والمعاهد نصف دية الحر المسلم انتهى
وأما حديث بن عمر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن النضر
بن عبد الله عن الحسن بن صالح عن أشعث عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن دية المعاهد نصف دية المسلم انتهى
الحديث الثامن روى أنه عليه السلام جعل دية اليهود والنصارى أربعة آلاف
قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب العقول أخبرنا بن جريج أخبرني
عمرو بن شعيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم قتل رجلا من أهل الكتاب
أربعة آلاف درهم انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه
وزاد وان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عقل أهل الكتاب من اليهود والنصارى على النصف من
عقل المسلمين انتهى وهو معضل
386

قوله في الكتاب إن هذا الحديث لم يعرف راويه ولم يوجد في كتب الحديث
فيه نظر
الآثار فيه عن عمر وعثمان فحديث عمر رواه الشافعي في مسنده أخبرنا
فضيل بن عياض عن منصور عن ثابت عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب انه
قضى في اليهودي والنصراني أربعة آلاف وفي المجوسي ثمانمائة ومن طريق الشافعي
رواه البيهقي في المعرفة ثم روى من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن
جعفر ثنا شعبة عن إياس بن معاوية قال قال سعيد بن المسيب إني لاذكر يوم نعي
عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن المزني على المنبر انتهى وكأنه يشير بهذا إلى أن
سعيدا عن عمر غير منقطع ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن أبي
المقدام عن بن المسيب ورواه بن أبي شيبة حدثنا بن مسهر عن سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة عن أبي المليح عن عمر بنحوه واليه أشار الترمذي في كتابه بقول وروى
عن عمر بن الخطاب أنه قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي
ثمانمائة درهم انتهى
وحديث عثمان رواه الشافعي أيضا أخبرنا بن عيينة عن صدقة بن يسار عن سعيد
بن المسيب قال قضى عثمان في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف درهم
انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه أخبرنا بن عيينة به سواء وأخرج
نحوه عن عكرمة والحسن وعطاء ونافع وعمرو بن دينار
الحديث التاسع قال عليه السلام دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار
387

قلت أخرجه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار انتهى ووقفه الشافعي في مسنده على
سعيد فقال أخبرنا محمد بن الحسن ثنا محمد بن يزيد ثنا سفيان بن حسين عن الزهري
عن سعيد بن المسيب قال دية كل معاهد في عهد ألف دينار انتهى
أحاديث الباب أخرج الترمذي عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن بن عباس أن
النبي صلى الله عليه وسلم ودي العامر بين بدية المسلمين وكان لهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو سعد البقال اسمه سعيد بن
المرزبان انتهى وسعيد بن مرزبان فيه لين قال الترمذي في علله الكبير قال
البخار هو مقارب الحديث وقال بن عدي هو من جملة الضعفاء الذي يكتب
حديثهم
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه في الحدود عن أبي كرز قال
سمعت نافعا عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ودي ذميا دية مسلم انتهى قال الدارقطني
وأبو كرز هذا متروك الحديث ولم يروه عن نافع غيره واسمه عبد الله بن عبد الملك
الفهري انتهى وأعاده قريبا منه بالاسناد المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال دية ذمي دية
388

مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن
الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعل دية المعاهد كدية المسلم انتهى وقال عثمان الوقاصي متروك انتهى
حديث آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا
الهيثم بن أبي الهيثم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان قالوا دية المعاهد دية
الحر المسلم انتهى
حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله بسند صحيح عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن قال كان عقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمن
أبي بكر وزمن عمر وزمن عثمان حتى كان صدرا من خلافة معاوية فقال معاوية
إن كان أهله أصيبوا به فقد أصيب به بيت مال المسلمين فاجعلوا لبيت المال النصف
ولأهله النصف خمسمائة دينار ثم قتل آخر من أهل الذمة فقال معاوية لو أنا نظرنا
إلى هذا الذي يدخل بيت مال المسلمين فجعلناه وضيعا عن المسلمين وعونا لهم
قال فمن هنالك وضع عقلهم إلى خمسمائة قال أبو داود رواه بن إسحاق ومعمر
عن الزهري نحوه
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن بركة بن محمد الحلبي ثنا الوليد
عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن الدية كانت على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلى دية المسلم واليهودي والنصراني
سواء فلما استخلف معاوية صير دية اليهودي والنصراني على النصف فلما
استخلف عمر بن عبد العزيز رده إلى القضاء الأول انتهى وأعله ببركة الحلبي وقال
سائر أحاديثه باطله انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق أخبرنا بن جريج عن يعقوب بن عتبة وإسماعيل
بن محمد وصالح قالوا عقل كل معاهد من أهل الكفر كعقل المسلمين جرت
بذلك السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
389

الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبر بن جريج عن بن أبي نجيح عن مجاهد
عن بن مسعود قال دية المعاهد مثل دية المسلم انتهى وقال ذلك علي أيضا
انتهى ومن طريقه رواه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه
وأخرجه البيهقي عن القاسم بن عبد الرحمن عن بن مسعود نحوه وقال هما منقطعان
إلا أن كلا منهما يعضد الآخر انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن
رجلا قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان فلم يقتله وجعل عليه ألف دينار
انتهى
حديث آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا الحسين بن صفوان ثنا عبد الله بن
أحمد ثنا زحمويه ثنا إبراهيم بن سعد ثنا بن شهاب أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما
يجعلان دية اليهود والنصراني المعاهدين دية الحر المسلم انتهى وأخرج بن أبي
شيبة نحوه عن علقمة ومجاهد وعطاء والشعبي والنخعي والزهري
حديث آخر رواه عبد الرزاق أخبرنا أبو حنيفة عن الحكم بن عتيبة عن علي قال
دية كل ذمي مثل دية المسلم قال أبو حنيفة وهو قولي انتهى
قوله وبذلك قضى أبو بكر وعمر وبه ظهر عمل الصحابة أجمعين قلت
روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري قال كان دية اليهودي
والنصراني في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل دية المسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلما كان
معاوية أعطى أهل القتيل النصف وألقى النصف في بيت المال ثم قضى عمر بن عبد
العزيز في النصف وألقى ما كان جعل معاوية قال الزهري ولم يقض أن أذاكر عمر
بن عبد العزيز فأخبره أن الدية كانت تامة لأهل الدية قلت للزهري بلغني أن بن
المسيب قال ديته أربعة آلاف فقال إن خير الأمور ما عرض على كتاب الله قال الله
تعالى وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله انتهى
390

ورواه البيهقي وقال وقد رده الشافعي بكونه مرسلا انتهى قلنا يلزم الشافعي أن
يعمل بمثله لأنه أرسل من جهة أخرى كما رواه أبو داود في مراسيله عن ربيعة بن
أبي عبد الرحمن كما تقدم لا سيما وقد عملت به الصحابة مثل أبي بكر وعثمان
وابن مسعود وعلي بن أبي طالب حيث روى عنه إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم
كدمائنا وأموالهم كأموالنا ويوجد في بعض نسخ الهداية وبذلك قضى العمران
فيحتمل أنه أراد أبا بكر وعمر ويؤيده التصريح بهما في النسخة الأخرى ويحتمل أنه
أراد عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وكثيرا ما يفعل أصحابنا ذلك وقد ذكرنا
الرواية عنه
فصل فيما دون النفس
391

الحديث العاشر روى سعيد بن المسيب أنه عليه السلام قال في النفس الدية
وفي اللسان الدية وفي المارن الدية وهكذا هو في الكتاب الذي كتبه رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم قلت غريب وأعاده المصنف قريبا بأتم منه فحديث سعيد لم
أجده وأما كتاب عمرو بن حزم فأخرجه النسائي في سننه وأبو داود في
مراسيله عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن حزم عن أبيه عن
جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض والسنن والديات
وبعث به من عمرو بن حزم فقرأ على أهل اليمن هذه نسختها من محمد النبي
صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر
وهمدان أما بعد وكان في كتابته أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن
يرضى أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الانف إذا أوعب جدعة
الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية
وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي العين والواحدة نصف الدية وفي اليد
الواحدة نصف الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي
الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل إصبع من أصابع اليد
والرجل عشرة من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل
وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار انتهى وروياه أيضا من طريق
392

بن وهب أخبرني يونس عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا الحديث ليس فيه
أبو بكر ولا أبوه ولا جده وأخرجه أبو داود أيضا عن سليمان بن داود الخولاني عن أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده فذكره وكذلك رواه بن حبان في
صحيحه والحاكم في المستدرك وقال إسناده صحيح وهو قاعدة من قواعد
الاسلام انتهى وقد تقدم بطوله في الصدقات في كتاب الزكاة ورواه عبد الرزاق
في مصنفه ثنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر به مسندا ومن طريقه رواه الدارقطني في
سننه وأخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عمارة عن أبي بكر به مسندا وعن
يحيى بن سعيد عن أبي بكر به أيضا مسندا
ما جاء في اللسان تقدم في كتاب عمرو بن حزم وفي اللسان الدية وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن رجل
من آل عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللسان الدية كاملة انتهى حدثنا
عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الزهري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللسان
إذا استؤصل الدية كاملة انتهى حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق
عن مكحول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وأخرج بن عدي في الكامل عن
محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اللسان الدية إذا منع الكلام وفي الذكر الدية إذا قطعت
الحشفة وفي الشفتين الدية انتهى قال بن عدي هذا غريب المتن لا يروي إلا
من هذه الطريق وضعف العرزمي وقال إن عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى
وأخرج البيهقي عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال مضت السنة بأن في اللسان
الدية انتهى
ما جاء في المارن روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن بن
طاوس قال في الكتاب الذي عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في الانف إذا قطع مارنه الدية انتهى
وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا بن أبي ليلى عن عكرمة بن
393

خالد عن رجل من آل عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانف إذا استؤصل مارنه
الدية انتهى حدثنا بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم قال كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في الانف إذا
استوعب مارنه الدية انتهى
ما جاء في الذكر قال بن أبي شيبة حدثا وكيع ثنا أبي ليلى عن عكرمة
بن خالد عن رجل من آل عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذكر الدية انتهى حدثنا
عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الذكر الدية مائة
من الإبل إذا استؤصل أو قطعت حشفته انتهى وتقدم عند بن عدي من طريق العرزمي
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وفي الذكر الدية وفي مراسيل أبي داود
عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في اللسان الدية وفي الذكر الدية انتهى وتقدم أيضا في كتاب عمرو
بن حزم وفي الذكر الدية وأخرج البيهقي عن بن المسيب قال مضت السنة في
العقل بأن في الذكر الدية وفي الأنثيين الدية
394

قوله روى عن عمر أنه قضى بأربع ديات في ضربة واحدة ذهب بها العقل
والكلام والسمع والبصر قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد عن
عوف الاعرابي قال سمعت شيخا في زمان الجماجم فنعت نعته فقيل ذاك أبو
المهلب عم أبي قلابة قال رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمان عمر بن
الخطاب فذهب سمعه وعقله ولسانه وذكره فلم يقرب النساء فقضى فيها عمر
بأربع ديات وهو حي انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري
عن عوف به وأخرجه البيهقي في سننه
395

الحديث الحادي عشر روى في حديث سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في العينين
الدية وفي اليدين الدية
وفي الرجلين الدية وفي الشفتين
الدية وفي الاذنين الدية وفي الأنثيين الدية قلت غريب وتقدم في كتاب عمرو
بن حزم وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن شعيب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في العين نصف العقل خمسون من الإبل أو عدلها
من الذهب أو الورق أو الشاء وفي اليد نصف العقل خمسون من الإبل أو عدلها
من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاء وفي الرجل نصف العقل خمسون من الإبل
أو عدلها من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاء انتهى وأخرج البيهقي عن بن
المسيب قال مضت السنة في العقل بأن في الذكر الدية وفي الأنثيين الدية وروى
مالك أخبرنا عبد الله بن أبي بكر أن أباه أخبره عن الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمرو بن حزم في العقول فذكره وفيه وفي العين خمسون من الإبل وفي اليد
خمسون وفي الرجل خمسون انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا
عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال كان في
كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم نحو حديث مالك وأخرج البزار في مسنده
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن أبي بكر بن عبيد الله بن
عمر عن أبيه عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحو حديث مالك أيضا
وأخرج الطبراني في معجمه عن دهثم بن قران عن نمران بن جارية بن ظفر الحنفي عن
أبيه ان رجلا قطع يد رجل من نصف ساعده فخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى له
بخمسة آلاف درهم فقال له خذها بارك الله لك فيها انتهى قال عبد الحق في
أحكامه ودهثم بن قران متروك الحديث انتهى ووافقه بن القطا عليه
الحديث الثاني عشر وفيما كتب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم وفي العينين الدية وفي
أحدهما نصف الدية قلت تقدم ذلك فيه وفي غيره
396

الحديث الثالث عشر قال عليه السلام وفي كل أصبع عشر من الإبل قلت
روى من حديث أبي موسى ومن حديث بن عباس ومن حديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده ومن حديث عمرو بن حزم ومن حديث عمر بن الخطاب
فحديث أبي موسى أخرجه أبو داود والنسائي عن سعيد بن أبي عروبة عن غالب
التمار عن حميد بن هلال عن مسروق بن أوس عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
397

الأصابع سواء عشر عشر من الإبل انتهى وأخرجه أبو داود عن شعبة عن غالب
التمار عن مسروق به ليس بينهما حميد بن هلال
وحديث بن عباس
س أخرجه الترمذي عن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دية أصابع اليدين والرجلين سواء عشرة من الإبل لكل
أصبع انتهى وقال حديث حسن صحيح غريب انتهى ورواه بن حبان في
صحيحه في النوع الثالث والأربعين من القسم الثالث وقال بن القطان في كتابه
إسناده كلهم ثقات وما قيل في عكرمة فشئ لا يلتفت إليه ولا يعرج أهل العلم عليه
فالحديث صحيح انتهى ورواه أحمد في مسنده ولفظه ان النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين
الأصابع وبين الأسنان في الدية انتهى
وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه بن ماجة في سننه عن بن
أبي عروبة عن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الأصابع
كلها سواء في كل واحدة عشر من الإبل انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي عن
حسين المعلم عن عمرو به ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة
في الأصابع عشر عشر انتهى وبالسندين رواه بن أبي شيبة في مصنفه ورواه
عبد الرزاق في مصنفه معضلا فلم يقل فيه عن أبيه عن جده وزاد أو قيمة ذلك
من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاء انتهى وأخرجه أبو داود أيضا عن محمد
398

بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب به قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي
الأصابع في كل أصبع عشر من الإبل مختصر
وحديث عمرو بن حزم تقدم في كتابه وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل
عشرة من الإبل
وحديث عمر أخرجه البزار في مسنده عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن عكرمة بن خالد عن أبي بكر بن عبيد الله بن عمن عن أبيه عن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانف إذا استوعب جدعا الدية وفي العين خمسون من الإبل
وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس
عشرة وفي الموضحة خمس وفي السن خمس وفي كل أصبع مما هنالك عشر عشر
انتهى
قوله والأصابع كلها سواء لاطلاق الحديث يريد الحديث المذكور وقد ورد ما
هو أصرح منه أخرجه الجماعة الا مسلما عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه وهذه سواء يعني الابهام والخنصر انتهى
399

الحديث الرابع عشر قال عليه السلام في حديث أبي موسى الأشعري وفي كل
سن خمس من الإبل قلت ليس هذا في حديث أبي موسى وأخرج أبو داود وابن
ماجة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأسنان سواء الثنية
والضرس سواء وهذه وهذه سواء انتهى وزاد أبو داود فيه الأصابع سواء
وفي لفظ ابن ماجة ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في السن خمس من الإبل انتهى ووهم
شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للترمذي وأخرج أبو داود عن محمد بن راشد
عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضى رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الأسنان خمس من الإبل في كل سن مختصر وتقدم في كتاب عمرو
بن حزم وفي السنن خمس من الإبل وتقدم أيضا في حديث عمر نحوه عمر نحوه
قوله والأسنان والأضراس سواء لاطلاق ما روينا وروى في بعض الروايات
والأسنان كلها سواء قلت تقدم لأبي داود وابن ماجة عن عكرمة عن بن عباس
مرفوعا الأصابع والأسنان سواء ورواه البزار في مسنده حدثنا عبدة بن عبد الله
القسملي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال الثنية والضرس سواء والأسنان كلها سواء وهذه وهذه سواء انتهى
400

وقال لا نعلم أحدا يرويه عن شعبة بهذا اللفظ الا عبد الصمد وغيره يرويه مختصرا
انتهى
فصل في الشجاج
الحديث الخامس عشر روي أنه عليه السلام قضى بالقصاص في الموضحة قلت
غريب وأخرج البيهقي عن طاوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طلاق قبل ملك
ولا قصاص فيما دون الموضحة من الجراحات انتهى وهو مرسل وأخرج
عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن وعمر بن عبد العزيز ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض فيما
دون الموضحة بشئ انتهى
401

قوله روى عن إبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز أن فيما دون الموضحة
حكومة عدل قلت حديث إبراهيم رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان
الثوري عن حماد عن إبراهيم النخعي قال فيما دون الموضحة حكومة انتهى ورواه
بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان به
وحديث عمر بن عبد العزيز غريب وعن شريح نحو ذلك رواه محمد بن
الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي
عن شريح قال في الجائفة ثلث الدية وفي الأمة ثلث الدية فإذا ذهب العقل فالدية
كاملة وفي المنقلة عشر ونصف عشر الدية وفي الموضحة نصف عشر الدية وفي
غير ذلك من الجراحات حكومة عدل ولا تكون الموضحة الا في الوجه والرأس ولا
تكون الجائفة الا في الجوف انتهى
الحديث السادس عشر روى في كتاب عمرو بن حزم أنه عليه السلام قال في
الموضحة خمس من الإبل وفي الهاشمة عشر وفي المنقلة خمس عشرة وفي الأمة
ويروي المأمومة ثلث الدية قلت تقدم في كتاب عمرو بن حزم وفي المأمومة
ثلث الدين وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي الموضحة
402

خمس من الإبل وليس فيه ذكر الهاشمة ولكن روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
محمد بن راشد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال في الدامية
بعير وفي الباضعة بعيران وفي المتلاحمة ثلاث وفي السمحاق أربع وفي الموضحة
خمس وفي الهاشمة عشر وفي المنقلة خمس عشرة وفي المأمومة ثلث الدية وفي
الرجل يضرب حتى يذهب عقله الدية كاملة وفي جفن العين ربع الدية وفي حلمة
الثدي ربع الدية انتهى وهذا موقوف وروى بن أبي شيبة في مصنفه في آخر
الحدود حدثنا عبد الأعلى ثنا محمد بن إسحاق ثنا مكحول قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الموضحة بخمس من الإبل وفي المنقلة خمس عشرة وفي المأمومة الثلث وفي
الجائفة الثلث انتهى وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن حسين المعلم عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المواضح خمس خمس
انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن شعيب قال
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل أو عدلها من الذهب أو الورق أو
الشاء وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل أو عدلها من الذهب أو الورق أو الشاء أو
البقر انتهى وأخرج الدارقطني في سننه عن خالد بن الياس عن أبي بكر بن
سليمان بن أبي حثمة عن الشفاء أم سليمان ان النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا جهم بن غانم
على المغانم يوم حنين فأصاب رجلا بقوسه فشجه منقلة فقضى فيه رسول
403

الله صلى الله عليه وسلم بخمس فريضة انتهى
الحديث السابع عشر قال عليه السلام في الجائفة ثلث الدية قلت تقدم في
كتاب عمرو بن حزم وفي الجائفة ثلث الدية وتقدم في مرسل مكحول وأشعث وروى
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن
مكحول وأشعث عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجائفة بثلث الدية انتهى
وتقدم أيضا في حديث عمر بن الخطاب عند البزار
قوله روى عن أبي بكر رضي الله عنه أنه حكم في جائفة نفذت إلى الجانب الآخر
بثلثي الدية قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن داود بن أبي
404

عاصم قال سمعت بن المسيب يقول قضى أبو بكر بالجائفة إذا نفذت في الجوف
من الشقين بثلثي الدية انتهى أخبرنا الثوري عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرو بن
شعيب عن بن المسيب قال قضى أبو بكر في الجائفة تكون نافذة بثلثي الدية وقال
هما جائفتان قال سفيان ولا تكون الجائفة الا في الجوف انتهى ورواه بن أبي شيبة
في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد
بن المسيب ان قوما كانوا يرمون فرمى رجل منهم بسهم خطأ فأصاب بطن رجل
فأنفذه إلى ظهره فدووي فبرأ فرفع إلى أبي بكر فقضى فيه بجائفتين انتهى
وأخرجه الطبراني في كتاب مسند الشاميين عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان
عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ان أبا بكر
رضي الله عنه قضى بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل أنفذ من شقيه بثلثي الدية وقال
هما جائفتان انتهى وأخرجه أيضا عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن
مكحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو فذكره وأخرجه
البيهقي
405

فصل
الحديث الثامن عشر قال عليه السلام وفي اليدين الدية قلت تقدم من
ذلك ما فيه الكفاية
406

الحديث التاسع عشر
قال عليه السلام يستأني في الجراحة سنة قلت
أخرجه الدارقطني في سننه عن يزيد بن عياض عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاس الجراحات ثم يستأني بها سنة ثم يقضي فيها بقدر ما انتهت
انتهى قال الدارقطني ويزيد بن عيا ض ضعيف متروك انتهى وأخرجه البيهقي
عن أبي لهيعة عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وأعله بابن لهيعة
أحاديث الباب روى أحمد في مسنده عن بن جريج عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فقال يا رسول الله أقدني
فقال له عليه السلام لا تعجل حتى يبرأ جرحك قال فأبى الرجل الا ان يستقيد
فأقاده رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فعرج الرجل المستقيد
وبرأ المستقاد منه فأتى المستقيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله عرجت منه وبرأ صاحبي فقال له عليه
السلام ألم آمرك ان لا تستقيد حتى يبرأ جرحك فعصيتني فأبعدك الله وبطل
عرجك قال ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد من كان به جرج ان لا يستقيد حتى تبرأ
جراحته فإذا برأ استقاد انتهى وكذلك رواه الدارقطني في سننه ورواه
أحمد أيضا من طريق بن إسحاق قال ذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال
411

قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل طعن رجلا بقرن في رجله الحديث قال في
التنقيح وظاهر هذا الانقطاع
حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن علية عن أيوب عن عمرو بن
دينار عن جابر بلفظ أحمد ومن طريق بن أبي شيبة رواه الدارقطني أيضا ثم قال ما
جاء به هكذا الا بن أبي شيبة وأخوه عثمان وأخطأ فيه وقد خالفهما أحمد بن
حنبل وغيره عن بن علية عن أيوب عن عمرو مرسلا وكذلك قال أصحاب عمرو بن
دينار عنه وهو المحفوظ مرسلا ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق عن بن جريج أخبرني
عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن رجلا طعن بقرن في
رجله الحديث ثم أخرجه عن مسلم بن خالد الزنجي ثنا بن جريج عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن يقضي من الجرح حتى ينتهي
انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن أبي شيبة ثم قال وهذا يرويه
سفيان وأبان عن عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة مرسلا وهو
عندهم أصح على أن الذي أسنده ثقة جليل وهو بن علية وقد روى يحيى بن أنيسة ويزيد بن عياض عن أبي
الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأني
بالجراحات سنة انتهى ذكره الدارقطني من حديث يزيد بن عياض وذكر أسد بن
موسى حديث يحيى ويحيى ويزيد متروكان انتهى كلامه وأنكر عليه بن القطان
قوله على أن الذي أسنده ثقة وهو بن علية قال فان أصحاب عمرو هم المختلفون
فأيوب يسند عنه وأبان وسفيان يرسلان قال بن القطان وهذا اختيار من أبي محمد
أن لا يعل رواية ثقة يوصل برواية غيره أتاه مقطوعا أو أسنده ورواه غيره مرسلا فقد
412

يكون حفظ ما لم يحفظ غيره وكذا إذا كان الوصل والارسال كلاهما عن رجل واحد
ثقة لا يبعد ان يكون الحديث عنده على الوجهين أو حدث به في حالين فقد يكون
غاب عنه حتى تذكر أو راجع كتابه وهذا كما يقول أحدنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
عنده بسنده وإنما الشأن في أن يكون الذي يسند ما رواه غيره مقطوعا أو مرسلا غير
ثقة فإنه إذا كان غير ثقة لم يلتفت إليه وان لم يخالفه أحد أما إذا كان ثقة فإنه حجة
على من لم يحفظ قال وهذا هو الحق في هذا الأصل واختاره أكثر الأصوليين
فطائفة من المحدثين منهم البزار وقد صرح بذلك في مسنده من حديث أبي سعيد
الخدري لا تحل الصدقة لغني الا لخمسة ان الحديث إذا أرسله جماعة وأسنده ثقة
كان القول قول الثقة قال وأكثر المحدثين على الرأي الأول وأبو محمد فقد اضطرب
في أحكامه فتارة صار إلى الرأي الأول وتارة إلى الرأي الثاني قال وأولى بالقبول ما
إذا أرسل ثقة وأسنده ثقة آخر فإنه إذا لم يبال بإرسال جماعة إذا وصله ثقة فأولى أن
لا يبالي بإرسال واحد إذا وصله غيره انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبا
زرعة عن حديث اختلف فيه عن عمرو بن دينار وأيوب السختياني وحماد بن سلمة
فروى بن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا طعن رجلا في ركبته
بقرن الحديث ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة بن يزيد
بن ركانة أن رجلا طعن قال فسمعت أبا زرعة يقول حماد بن سلمة أشبه
انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه الصغير عن محمد بن عبد الله الذماري عن
زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر قال رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل طعن
رجلا بقرن فقال المطعون يا رسول الله أقدني قال داوها واستأن بها حتى تنظر إلى
ما يصير فقال يا رسول الله أقدني فقال له مثل ذلك فيبست رجل الذي استقاده
وبرئ الذي استقيد منه فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديتها انتهى وأخرجه الطحاوي من
طريق بن المبارك عن عنبسة بن سعيد عن الشعبي عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ انتهى قال في التنقيح اسناده صالح وعنبسة
413

وثقه أحمد وغيره وقال بن أبي حاتم سئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال هو
مرسل مقلوب انتهى وأخرجه البزار في مسنده عن مجالد عن الشعبي عن جابر ان
النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستقاد من جرح حتى يبرأ انتهى ومجالد فيه مقال وأخرجه
الدارقطني أيضا عن يعقوب بن حميد ثنا عبد الله بن عبد الله الأموي عن بن جريج
وعثمان بن الأسود ويعقوب بن عطاء عن أبي الزبير عن جابر ان رجلا جرح فأراد أن
يستقيد فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح انتهى قال
في التنقيح عبد الله بن عبد الله الأموي روى له بن ماجة حديثا واحدا وذكره بن
حبان في الثقات وقال يخالف في روايته وقال العقيلي لا يتابع على حديثه ولا
نعلم روى عنه غير بن كاسب انتهى
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن يحيى بن
المغيرة عن بديل بن وهب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى طريف بن ربيعة وكان قاضيا
بالشام ان صفوان بن المعطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف فجاءت الأنصار إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا القود فقال ينتظر فان برأ صاحبكم فاقتصوا وان يمت نقدكم
فعوفي فقالت الأنصار قد علمتم ان هوى النبي صلى الله عليه وسلم في العفو قال فعفوا عنه فأعطاه
صفوان جارية فهي أم عبد الرحمن بن حسان انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ
والمنسوخ وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فقال بعضهم ينتظر بالجرح إلى
أن يبرأ واليه ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وأخذوا في ذلك بحديث جابر كما
تقدم وقال الشافعي للمجني عليه ان يقتص ولا ينتظر محتجا بحديث عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده كما تقدم فإنه عليه السلام أقاده من غير أن ينتظر
قال الحازمي وقد ورد في حديث عمرو بن شعيب ما يدل على أنه منسوخ ثم ساقه
بسند أحمد ومتنه قال وقد روى هذا الحديث عن بن جريج من غير وجه فان صح
سماع بن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث حسن يقو الاحتجاج به لمن يدعي
النسخ انتهى
414

الحديث العشرون قال عليه السلام لا يعقل العواقل عمدا ولا عبدا ولا
صلحا ولا اعترافا قلت غريب مرفوعا وأخرجه البيهقي عن الشعبي عن عمر
قال العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة انتهى قال البيهقي وهذا
منقطع والمحفوظ أنه من قول الشعبي ثم أخرجه عن الشعبي قال لا تعقل العاقلة
عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا انتهى ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في
آخر كتابه غريب الحديث كذلك من قول الشعبي ثم قال وقد اختلفوا في تأويل
العبد فقال محمد بن الحسن معناه أن يقتل العبد حرا فليس على عاقلة مولاه شئ من
جنايته وإنما هي في رقبته واحتج كذلك محمد بن الحسن فقال حدثني عبد الرحمن
بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال لا تعقل العاقلة
عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما جني المملوك ألا ترى أنه جعل الجناية للمملوك
415

قال وهذا قول أبي حنيفة وقال بن أبي ليلى إنما معناه ان يكون العبد يجني عليه
يقتله حرا ويجرحه فليس على عاقلة الجاني شئ إنما ثمنه في ماله خاصة قال أبو
عبيد فذاكرت الأصمعي فيه فقال القول عندي ما قال بن أبي ليلى وعليه كلام
العرب ولو كان المعنى على ما قال أبو حنيفة لكان لا تعقل العاقلة عن عبد ولم يكن ولا
تعقل عبدا انتهى وأعاده المصنف في المعاقل
وحديث عمر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن عبد الملك بن حسين أبي مالك
النخعي عن عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عمر فذكره قال البيهقي هذا
منقطع بين الشعبي وعمر وعبد الملك بن حسين غير قوي والمحفوظ رواية أبي
إدريس عن مطرف عن الشعبي من قوله ثم أخرجه عن الشعبي من قوله وقال في
التنقيح عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي ضعفوه وقال الأزدي متروك
الحديث وعامر الشعبي عن عمر منقطع قال بن أبي حاتم سمعت أبي وأبا زرعة
يقولان الشعبي عن عمر مرسل انتهى وأخرج الدارقطني في سننه والطبراني
في مسند الشاميين عن بن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن رجاء بن
حياة عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تجعلوا على
العاقلة من قول معترف شيئا انتهى والحارث بن نبهان قال بن القطان متروك
الحديث قال عبد الحق في أحكامه ومحمد بن سعيد هذا أظنه المصلوب قال بن
القطان وأصاب في شكه انتهى كلامه
قوله روى عن علي أنه جعل عقول المجنون على عاقلته وقال عمده وخطأه سواء
416

قلت أخرجه البيهقي عن قال روى أن مجنونا سعى على رجل بسيف
فضربه فرفع ذلك إلى علي فجعل عقله على عاقلته وقال عمده وخطأه سواء
وأخرج عن جابر الجعفي عن الحكم قال كتب عمر لا يؤمن أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم
جالسا وعمد الصبي وخطأه سواء فيه الكفارة وأيما امرأة تزوجت عبدها فاجلدوها
الحد قال البيهقي منقطع ورواية جابر الجعفي قال وروى عن علي بإسناد فيه
ضعف قال عمد الصبي والمجنون خطأ ثم ساقه بسنده عن حسين بن عبد الله بن
ضميرة عن أبيه عن جده قال قال علي رضي الله عنه عمد الصبي والمجنون خطأ
انتهى وقال في المعرفة إسناده ضعيف بمرة انتهى
فصل في الجنين
الحديث الحادي والعشرون روي أنه عليه السلام قال في الجنين غرة عبد أو
417

أمة قيمته خمسمائة ويروي أو خمسمائة قلت الأول غريب ورواية أو
خمسمائة عند الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا عثمان بن سعيد
المري ثنا المنهال بن خليفة عن سلمة بن تمام عن أبي المليح الهذلي عن أبيه قال كان فينا
رجل يقال له حمل بن مالك له امرأتان إحداهما هذلية والأخرى عامرية فضربت
الهذلية بطن العامرية بعمود خباء أو فسطاط فألقت جنينا ميتا فانطلق بالضاربة إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم معها أخ لها يقال له عمران بن عويمر فلما قصوا عليه القصة قال لهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم دوه فقال له عمران يا رسول الله أندي من لا أكل ولا شرب
ولا صاح فاستهل ومثل هذا يطل فقال عليه السلام دعني من رجز الاعراب فيه
غرة عبدا أو أمة أو خمسمائة أو فرس أو عشرون ومائة شاة فقال يا رسول الله
ان لها ابنين هما سادة الحي وهم أحق أن يعقلوا عن أمهم قال أنت أحق ان تعقل
عن أختك من ولدها قال مالي قال مالي شئ أعقل قال يا حمل بن مالك وكان يومئذ على
صدقات هذيل وهو زوج المرأتين وأبو الجنين المقتول اقتض من تحت يدك من صدقات
هذيل عشرين ومائة شاة ففعل انتهى حدثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب العسال
الأصبهاني ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ثنا سلمة بن صالح عن أبي بكر بن عبد الله عن
أبي المليح الهذلي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه واسم أبي المليح أسامة بن عمير الهذلي
ذكره في باب الألف
حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن معمر وصفوان بن
المغلس قالا ثنا عبيد الله بن موسى عن يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه
عن امرأة خذفت امرأة فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولدها بخمسمائة ونهى عن
الخذف انتهى وقال لا نعلمه يرويه عن بن بريدة الا يوسف بن صهيب وهو رجل
مشهور من أهل الكوفة انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا إسماعيل
بن عياش عن زيد بن أسلم ان عمر بن الخطاب قوم الغرة خمسين دينارا انتهى
وأخرج أبو داود في سننه عن إبراهيم النخعي قال الغرة خمسمائة يعني درهما
418

قال قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن هي خمسون دينارا انتهى وروى إبراهيم
الحربي في أول كتابه غريب الحديث حدثنا أحمد بن حنبل ثنا وكيع عن سفيان عن
طارق عن الشعبي قال الغرة خمسمائة وحدثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرزاق ثنا
معمر عن قتادة قال الغرة خمسون دينارا انتهى
واعلم أن الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في جنين
امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة وليس فيه ذكر الخمسمائة وسيأتي بتمامه
الحديث الثاني والعشرون روى أنه عليه السلام قضى بالغرة على العاقلة قلت
روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يونس بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد عن مجالد
عن الشعبي عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الجنين غرة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها
وولدها انتهى حدثنا يحيى بن يعلى التيمي عن منصور عن إبراهيم عن عبيد بن نضلة
عن المغيرة بن شعبة قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاقلتها بالدية وغر ة في الحمل
انتهى حدثنا حفص عن هشام عن بن سيرين ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الغرة على العاقلة
انتهى وبهذا السند والمتن رواه الدارقطني في سننه وأخرج بهذا الاسناد أيضا قال
كانت عند رجل من هذيل امرأتان فغارت إحداهما على الأخرى فرمتها بفهر أو
عمود فسطاط فأسقطت فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى فيه بغرة فقال وليها أندى من
لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل فقال عليه السلام أسجع كسجع
الاعراب وجعلها على أولياء المرأة انتهى وروى أبو داود في سننه حدثنا حفص
بن عمر النمري ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن عبيد بن نضلة عن المغيرة بن شعبة ان
امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها
فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحد الرجلين كيف ندى من لا صاح ولا أكل
ولا شرب ولا استهل فقال أسجع كسجع الاعراب فقضى فيه غرة وجعله على
عاقلة المرأة انتهى وأخرجه الترمذي عن وهب بن جرير ثنا شعبة به وقال حديث
419

حسن صحيح
الحديث الثالث والعشرون روي أنه عليه السلام قال في الجنين دوه
وقالوا أندى من صاح ولا استهل الحديث قلت الأول رواه الطبراني
في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن عبد الله بن أبي ليلى حدثني أبي عن بن ليلى
عن الحكم عن مجاهد عن حمل بن مالك بن النابغة الهذلي
أنه كانت عنده امرأة فتزوج عليها أخرى فتغايرتا فضربت إحداهما الأخرى بعمود
فسطاط فطرحت ولدا ميتا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دوه فجاء وليها فقال أندى م
ن لا شرب ولا أكل ولا استهل فمثل ذلك بطل فقال رجز الاعراب نعم
دوه فيه غرة عبد وأمة أو وليدة انتهى وتقدم عند الطبراني أيضا أول الفصل من
حديث أبي المليح في قصة حمل بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم دوه
حديث أندى هو عند أبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه عن
أبي هريرة في قصة حمل بن مالك أيضا وفيه أندى من لا صاح وكذلك هو
عند أبي داود وأحمد في مسنده والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه
عن المغيرة بن شعبة في القصة أندى من لا صاح وأخرجه البزار في مسنده عن
أسباط عن سماك عن عكرمة عن بن عباس في القصة أيضا قالوا يا رسول الله كيف
نديه وما استهل وأخرجه أيضا عن مجالد عن الشعبي عن جابر عن امرأتين من هذيل
قتلت إحداهما الأخرى إلى أن قال فقالت العاقلة اندى من لا شرب ولا أكل
ولا صاح فاستهل الحديث
الحديث الرابع والعشرون روى عن محمد بن الحسن قال بلغنا ان رسول الله
420

صلى الله عليه وسلم جعل الغرة على العاقلة في سنة قلت غريب
الحديث الخامس والعشرون قال المصنف وقد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في هذا
421

بالدية والغرة يعني إذا ألقته ميتا ثم ماتت الام قلت نظرت الكتب الستة الا
النسائي فلم أجده بهذا المعنى والذي في الكتب الستة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم
قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة ثم إن المراة التي قضى عليها بالغرة
توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ميراثها لبنيها ولزوجها وان العقل على عصبتها
انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم
الخامس وقال قد يوهم هذا الخبر ان المرأة القاتلة هي التي ماتت ثم ذكر أخبارا تدل
على أن المقتولة هي التي ماتت منها حديث أخرجه عن طاوس عن بن عباس ان عمر
رضي الله عنه ناشد الناس في الجنين فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال كنت بين
امرأتين فضربت إحداهما الأخرى فقتلتها وجنينها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
422

بغرة عبد أو أمة وان تقتل بها انتهى وهذا رواه أبو داود والنسائي وابن
ماجة والحاكم في المستدرك في الفضائل والمرأتان اسمهما في سنن أبي
داود عن بن عباس قال كان اسم إحداهما مليكة والأخرى أم غطيف وفي
معجم الطبراني عن عويم بن ساعدة قال كانت أختي ملكية وامرأة منا يقال
لها أم عفيفة بنت مسروح تحت حمل بن النابغة فضربت أم عفيف مليكة
بمسطح بيتها وهي حامل فقتلتها وذا بطنها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالدية
وفي جنينها بغرة عبد أو ولده فقال أخوها العلاء بن مسروح يا رسول الله أنغرم
من لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا استهل فمثل هذا يطل فقال عليه السلام
أسجع كسجع الجاهلية انتهى
باب ما يحدثه الرجل في الطريق
حديث قال عليه السلام لا ضرر ولا ضرار في الاسلام قلت روى من
حديث عبادة بن الصامت وابن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وأبي لبابة
423

وثعلبة بن مالك وجابر بن عبد الله وعائشة
فحديث عبادة رواه بن ماجة في سننه في الاحكام أخبرنا أبو المغلس
عبد ربه بن خالد النميري عن الفضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن
إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جد أبيه عبادة بن الصامت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
424

قضى ان لا ضرر ولا ضرار انتهى قال بن عساكر في أطرافه وأظن إسحاق
لم يدرك جده انتهى
425

وحديث بن عباس رواه بن ماجة أيضا أخبرنا محمد بن يحيى عن عبد الرزاق
عن معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا قال لا ضرر ولا ضرار
426

انتهى وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه وعنه أحمد في مسنده ورواه
427

الطبراني في معجمه وله طريق آخر رواه بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن عمرو ثنا
428

زائدة عن سماك عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا وله طريق آخر أخرجه
429

الدارقطني في سننه في الأقضية عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن
430

عكرمة عن بن عباس مرفوعا قال عبد الحق في أحكامه وإبراهيم بن إسماعيل
هذا هو بن أبي حبيبة وفيه مقال فوثقه أحمد وضعفه أبو حاتم وقال هو منكر
431

الحديث لا يحتج به انتهى
وحديث الخدري رواه الحاكم في المستدرك في البيوع من حديث عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثني عبد العزيز بن محمد
الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا ضرر ولا ضرارا من ضر ضره الله ومن شق شق الله عليه انتهى وقال
صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني في سننه لا ضرر
ولا ضرار وأخرجه أبو عمر بن عبد البر في التمهيد عن أبي علي الحسن بن
سليمان الحافظ المعروف بقبيطة عن عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي به
قال بن القطان في كتابه وعبد الملك هذا لا يعرف له حال ولا يعرف من ذكره
انتهى ورواه مالك في الموطأ في كتاب الأقضية عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه أبو سعيد وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ووهم شيخنا
432

علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه لابن ماجة من حديث الخدري
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر بن عياش قال
أراه عن بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا لا ضرر ولا ضرورة وأبو بكر بن
عيا ش مختلف فيه
وأما حديث أبي لبابة فرواه أبو داود في المراسيل عن واسع بن حبان عن أبي
لبابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر في الاسلام ولا ضرار وذكر فيه قصة
أما حديث ثعلبة بن مالك فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن علي
الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن
صفوان بن سليم عن ثعلبة بن مالك القرظي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر
ولا ضرار انتهى
وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
عبدوس بن كامل ثنا حبان بن بشر القاضي قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن
إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله
433

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار في الاسلام انتهى
وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني في سننه عن الواقدي ثنا خارجة بن
عبد الله بن سليمان بن زيد عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا
ضرر ولا ضرار انتهى فيه الواقدي ورواه الطبراني في معجمه الوسط
حدثنا أحمد بن راشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي سهيل عن
القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا إضرار انتهى
وسكت عنه ورواه أيضا حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا عمرو بن مالك الراسبي ثنا
محمد بن سليمان بن مشمول عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك أبي سهيل
عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار انتهى وقال
لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك انتهى قال بن عبد البر قيل الضرر
والضرار بمعنى واحد فيكون الجمع بينهما تأكيدا وقيل هما متغايران فقيل بمعنى
الفعل والمفاعلة كالقتل والقتال أي لا يضر أحدا ابتداء ولا يضاره إن ضاره
وقيل الضرر الاسم والضرار الفعل انتهى
باب جناية البهيمة والجناية عليها
قوله روى عن علي رضي الله عنه في فارسين اصطدما أنه أوجب على كل واحد
منهما نصف دية الآخر وروى عنه أنه أوجب على كل واحد منهما كل دية الآخر
قلت الأول غريب والثاني رواه عبد الرزاق في مصنفه في القسامة أخبرنا
أشعث عن الحكم عن علي أن رجلين صدم أحدهما صاحبه فضمن كل واحد منهما
434

صاحبه يعني الدية انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم
بن سليمان عن أشعث عن حماد عن إبراهيم عن علي في فارسين اصطدما فمات
أحدهما أنه ضمن الحي للميت انتهى حدثنا أبو خالد الأحمر عن أشعث عن الحكم
عن علي في الفارسين يصطدمان قال يضمن الحي دية الميت انتهى
435

الحديث الأول قال عليه السلام العجماء جبار ويوجد في بعض النسخ
436

والرجل جبار قلت الأول رواه الأئمة الستة فرووه إلا البخاري عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وأخرجوه إلا أبا داود وابن
437

ماجة عن الليث بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال
438

رسول الله صلى الله عليه وسلم العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز
439

الخمس انتهى وأخرجه البخاري في الديات ومسلم في الحدود
والترمذي في الاحكام والنسائي في الزكاة وأبو داود وابن ماجة في
الديات قال أبو داود العجماء المنفلتة التي لا يكون معها أحد وتكون بالنهار ولا
تكون بالليل انتهى وقال بن ماجة الجبار الهدر الذي لا يغرم انتهى وفي
الموطأ قال مالك الجبار أي لا دية فيه انتهى
الحديث الثاني أخرجه أبو داود في الديات والنسائي في العارية عن
سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الرجل جبار انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال لم يروه غير
سفيان بن حسين وهو وهم لم يتابعه أحد وخالفه الحفاظ عن الزهري منهم
مالك ويونس وسفيان بن عيينة ومعمر وابن جريج والزبيدي وعقيل والليث
بن سعد وغيرهم وكلهم رووه عن الزهري العجماء جبار والبئر جبار والمعدن
جبار ولم يذكروا الرجل وهو الصواب انتهى وقال الخطابي تكلم الناس في
هذا الحديث وقيل إنه غير محفوظ وسفيان بن حسين معروف بسوء الحفظ
انتهى وقال المنذري في مختصر السنن وسفيان بن حسين أبو محمد السلم الواسطي
استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المقدمة ولم يحتج به واحد منهما
وفيه مقال انتهى
440

طريق آخر أخرجه الدارقطني في موضعين في الجنايات عن آدم بن أبي
إياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء قال الدارقطني
تفرد به آدم بن أبي إياس وهو وهم لم يتابعه عليه أحد عن شعبة
انتهى طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا
حماد عن إبراهيم النخعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العجماء جبار
والقليب جبار والرجل جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس انتهى وهو معضل
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع القيمة قلت رواه
الطبراني في معجمه من حديث أبي أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي ثنا أبو الزناد عن
عمرو بن وهيب عن أبيه عن زيد بن ثابت قال لم يقض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث
قضيات في الأمة والمنقلة والموضحة في الأمة ثلاثا وثلاثين وفي المنقلة
خمس عشرة وفي الموضحة خمسا وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عين الدابة ربع
ثمنها انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله بإسماعيل أبي أمية وضعفه
عن جماعة من غير توثيق
قوله وهكذا قضى فيه عمر قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان
الثوري عن جابر الجعفي عن الشعبي عن شريح أن عمر كتب إليه أن في عين الدابة ربع
ثمنها انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب
عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمر قال في عين الدابة ربع ثمنها انتهى حدثنا
441

علي بن مسهر عن الشيباني عن الشعبي قال قضى عمر في عين الدابة بربع ثمنها
انتهى حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال أتاني عروة البارقي من عند
عمر أن في عين الدابة ربع ثمنها انتهى
حديث آخر عن علي رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن
عبد الكريم أن عليا قال في عين الدابة الربع انتهى
قوله روى عن عمر وابن مسعود في رجل نخس دابة عليها راكب فصدمت
آخر فقتلته أنه على الناخس لا على الراكب قلت غريب وروى عبد الرزاق في
مصنفه أخبرنا معمر عن عبد الرحمن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال
442

أقبل رجل بجارية من القادسية فمر على رجل واقف على دابة فنخس رجل الدابة
فرفعت رجلها فلم يخط عين الجارية فرفع إلى سلمان بن ربيعة الباهلي فضمن
الراكب فبلغ ذلك بن مسعود فقال على الرجل إنما يضمن الناخس انتهى
443

ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا المسعودي به وأخرج نحوه عن
شريح والشعبي باب جناية المملوك والجناية عليه
قوله اختلف الصحابة رضي الله عنهم في العبد الجاني هل يدفع أو يفدي
444

أو يباع قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن حصين
445

الحارثي عن الشعبي عن الحارث عن علي قال ما جنى العبد ففي رقبته ويخير
446

مولاه إن شاء فداه وإن شاء دفعه انتهى
447

قوله روى عن بن عباس أنه ينقص في العبد عشرة إذا بلغت قيمته عشرة آلاف
قلت غريب وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما عن النخعي
والشعبي قالا لا يبلغ بدية العبد دية الحر انتهى
452

قصل في جناية المدبر وأم الولد
قوله روى أن أبا عبيدة قضى بجناية المدبر على مولاه قلت رواه بن أبي شيبة
455

في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ذئب عن بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه
456

عن السلولي عن معاذ بن جبل عن أبي عبيدة قال جناية المدبر على مولاه
457

انتهى وأخرج نحوه عن النخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز والحسن رضي
458

الله عنهم أجمعين
459

باب القسامة
الحديث الأول قال عليه السلام للأولياء فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه
قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سهل بن أبي حثمة قال خرج عبد
الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض
ما هنالك ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا فدفنه ثم أقبل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل وكان أصغر القوم
فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر يريد
السن وفي لفظ كبر كبر فصمت وتكلم صاحباه وتكلم معهما فذكروا لرسول
الله صلى الله عليه وسلم مقتل عبد الله بن سهل فقال لهم أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم
صاحبكم قالوا وكيف نحلف ولم نشهد وفي لفظ يقسم خمسون منكم على
رجل منهم فيدفع برمته قالوا أمر لم نشهده كيف نحلف قال فيحلف لكم
يهود قالوا ليسوا بمسلمين وفي لفظ كيف نقبل أيمان قوم كفار فوداه
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة من إبل الصدقة قال سهل فلقد ركضتني منها ناقة حمراء
461

انهى قال أبو داود رواه بشر بن المفضل ومالك عن يحيى بن سعيد فقالا فيه
أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم ورواه بن عيينة عن يحيى فبدأ
بقوله تبرئكم يهود بخمسين يمينا وهو وهم من بن عيينة انتهى وذكر البيهقي أن
البخاري ومسلما أخرجا هذا الحديث من رواية الليث بن سعد وحماد بن زيد
وبشر بن المفضل عن يحيى بن سعيد واتفقوا كلهم على البداية بالأنصار انتهى
ورواية بن عيينة أخرجها البيهقي في سننه ولفظه أفتبرئكم يهود بخمسين يمينا
يحلفون أنهم لم يقتلوه قالوا وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون قال فيقسم
منكم خمسون أنهم قتلوه ثم قال رواه مسلم على أنه لم يسق متنه انتهى
قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث وهيب ثنا يحيى بن سعيد
بن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة وفيه تقديم اليهود
الحديث الثاني قال عليه السلام البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه
قلت أخرجه الترمذي عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه انتهى وقال
هذا حديث في إسناده مقال ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل
حفظه ضعفه بن المبارك وغيره انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن
حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب به قال صاحب التنقيح وحجاج بن
أرطاة ضعيف ولم يسمعه من عمرو بن شعيب وإنما أخذه من العرزمي عنه
والعرزمي متروك انتهى ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذا أحال هذا الحديث على
باب الدعوى والذي تقدم في الدعوى البينة على المدعي واليمين على من
462

أنكر وهو حديث آخر غير هذا واعلم أن شطر الحديث في الكتب الستة رووه عن عبد الله بن أبي مليكة عن بن
عباس واللفظ لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى ناس
دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه انتهى ولفظ الباقين أن النبي
صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعي عليه أخرجه البخاري في الرهن وفي
الشهادات وفي التفسير ومسلم وأبو داود والنسائي في القضاء
والترمذي وابن ماجة في الاحكام والله أعلم
الحديث الثالث روى عن بن المسيب أنه عليه السلام بدأ باليهود في القسامة
وجعل الدية عليهم لوجود القتيل بين أظهرهم قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال كانت القسامة في الجاهلية فأقرها
النبي صلى الله عليه وسلم في قتيل من الأنصار وجد في جب لليهود قال فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهود
فكلفهم قسامة خمسين فقالت اليهود لن نحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار
أفتحلفون فأبت الأنصار أن تحلف فأغرم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود ديته لأنه قتل بين
463

أظهرهم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الأعلى
عن معمر به وكذلك رواه الواقدي في المغازي في غزوة خيبر حدثني معمر به
أحاديث الباب فيه أحاديث مسندة وأحاديث مرسلة
فالمسندة منها ما أخرجه البخاري في الديات ومسلم في الحدود عن أبي
قلابة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ثم أذن لهم فدخلوا فقال ما
تقولون في القسامة قالوا القود بها حق الحديث بطوله إلى أن قال يعني
الأنصار فقالوا يا رسول الله صاحبنا كان يتحدث معنا فخرج بين أيدينا فإذا نحن
به يتشحط في الدم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بمن تظنون قالوا نرى أن اليهود
قتلته فأرسل إلى اليهود فدعاهم فقال أنتم قتلتم هذا قالوا لا قال أترضون نفل
خمسين من اليهود ما قتلوه فقالوا ما يبالون أن يقتلون أجمعين ثم ينفلون قال
أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم قالوا ما كنا لنحلف فوداه عليه الصلاة
والسلام من عنده مختصر
حديث آخر أخرجه البخاري في الديات عن سعيد بن عبيد الله بن بشير بن
يسار أن سهل أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها فوجدوا
أحدهم قتيلا وقالوا للذين وجد فيهم قتلتم صاحبنا قالوا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا
فانطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلا
فقال لهم تأتوني بالبينة على من قتله قالوا ما لنا بينة قال فيحلفون قالوا لا
464

نرضى بأيمان اليهود فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة
انتهى وفيه نظر أعني أنه يحتاج إلى تأمل
حديث آخر أخرجه البخاري وأبو داود عن الزهري عن أبي سلمة وسليمان
بن يسار عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم يحلف منكم
خمسون رجلا فأبوا فقال للأنصار استحلفوا قالوا نحلف على الغيب يا رسول الله
فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على يهود لأنه وجد بين أظهرهم انتهى قال المنذري
قيل للشافعي ما منعك على أن تأخذ بحديث بن شهاب قال مرسل والقتيل
أنصاري والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم به من غيرهم انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن عبيد الله بن عبد الله بن عبتة
عن بن عباس أن يهود قتلت محيصة فأنكرت اليهود فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود
لقسامتهم فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينا خمسين رجلا أنهم برآء من قتله فنكلت
يهود عن الايمان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني حارثة فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينا
خمسين رجلا أن يهود قتلته غيلة ويستحقون بذلك الذي يزعمون فنكلت بنو حارثة
عن الايمان فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بعقله على يهود لأنه وجد بين
أظهرهم وفي ديارهم انتهى وفيه عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وسيأتيان
في حديث الجمع بين الدية والقسامة
المراسيل فيه عن المسيب وعن الحسن وعن عمر بن عبد العزيز فحديث بن
المسيب تقدم
وأما حديث الحسن فرواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني أبو
نعيم الفضل بن دكين عن الحسن أنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بيهود فأبوا أن يحلفوا فرد
القسامة على الأنصار فأبو أن يحلفوا فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العقل على يهود انتهى
465

وأما حديث عمر بن عبد العزيز فرواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرنا
عبد العزيز بن عمر أن في كتاب عمر بن عبد العزيز قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتيل
يوجد بين ظهراني ديار أن الايمان على المدعي عليهم فإن نكلوا أحلف المدعون
واستحقوا فإن نكل الفريقان كانت الدية بينهما نصفين انتهى
أثر رواه مالك عن بن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار أن عمر بن
الخطاب بدأ بالمدعي عليهم في القسامة بالايمان أخرجه البيهقي وغيره
الحديث الرابع قال عليه السلام في حديث عبد الله بن سهل تبرئكم اليهود
بأيمانها قلت تقدم ذلك في حديث بن سهل رواه الجماعة الستة
الحديث الخامس روي أنه عليه السلام جمع بين الدية والقسامة في حديث بن
سهل وفي حديث بن زياد
قلت حديث بن سهل ليس فيه الجمع بين الدية والقسامة وحديث بن زياد
غريب وروى البزار في مسنده حدثنا أبو كريب ثنا يونس بن بكير ثنا عبد الرحمن بن
يامين عن محمد بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال كانت القسامة
في الدم يوم خيبر وذلك أن رجلا من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد تحت الليل
فجاءت الأنصار فقال إن صاحبنا يتشحط في دمه فقال أتعرفون قاتله قالوا لا
إلا أن اليهود قتلته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختاروا منهم خمسين رجلا فيحلفون بالله
جهد أيمانهم ثم خذوا الدية منهم ففعلوا انتهى وقال هذا حديث لا نعلمه يروى
466

عن عبد الرحمن بن عوف إلا بهذا الاسناد ولم نسمعه إلا من أبي كريب وعبد
الرحمن بن يامين هذا فقد روى عنه يونس بن بكير وعبد الحميد بن عبد الرحمن
بن يحيى الحماني انتهى
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الكلبي عن أبي صالح عن
بن عباس قال وجد رجل من الأنصار قتيلا في دالية ناس من اليهود فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فبعث إليهم فأخذ منهم خمسين رجلا من خيارهم فاستحلف كل واحد منهم بالله ما
قتلت ولا علمت قاتلا ثم جعل عليهم الدية فقالوا لقد قضى بما في ناموس موسى
انتهى قال الدارقطني الكلبي متروك انتهى وقال البيهقي في المعرفة أجمع أهل
الحديث على ترك الاحتجاج بالكلبي وقد خالفت روايته هذه رواية الثقات انتهى
قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه جمع بين الدية والقسامة على وادعة
467

قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن مجالد بن سعيد وسليمان
الشيباني عن الشعبي أن قتيلا وجد بين وادعة وشاكر فأمر عمن أن يقيسوا ما بينهما
فوجدوه إلى وادعة أقرب فأحلفهم عمر خمسين يمينا كل رجل ما قتلت ولا علمت
قاتلا ثم أغرمهم الدية قال الثوري وأخبرني منصور عن الحكم عن الحارث بن
الأزمع أنه قال يا أمير المؤمنين لا أيماننا دفعت عن أموالنا ولا أموالنا دفعت عن أيماننا
فقال عمر كذلك الحق انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا
إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال وجد قتيل بين وادعة وأرحب
فذكره بنحوه ثنا وكيع ثنا بن أبي ليلى عن الشعبي بنحوه ثنا علي بن مسهر عن
الشيباني عن الشعبي بنحوه وأخرجه الدارقطني في سننه عن عمر بن صبيح عن
مقاتل بن حبان عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب أنه قال لما حج عمر حجته
الأخيرة التي لم يحج غيرها غودر رجل من المسلمين قتيلا في بني وادعة فبعث إليهم
وذلك بعد ما قضى النسك وقال لهم هل علمتم لهذا القتيل قاتلا منكم قال القوم لا
فاستخرج منهم خمسين شيخا فأدخلهم الحطيم فاستحلفهم بالله رب هذا البيت
الحرام ورب هذا البلد الحرام والشهر الحرام أنكم لم تقتلوه ولا علمتم له قاتلا
فحلفوا بذلك فلما حلفوا قال أدوا ديته مغلظة في أسنان الإبل أو من الدنانير
والدراهم دية وثلث دية فقال رجل منهم يقال له سنان يا أمير المؤمنين أما تجزئني
يميني من مالي قال لا إنا قضيت عليكم بقضاء نبيكم صلى لله عليه وسلم فأخذوا ديته دنانير دية
468

وثلث دية انتهى قال الدارقطني عمر بن صبيح متروك الحديث انتهى وقال
البيهقي في المعرفة أجمع أهل الحديث على ترك الاحتجاج بعمر بن صبيح وقد
خالفت روايته هذه رواية الثقات الاثبات انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن
الشافعي ثنا سفيان عن منصور عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كتب في قتيل وجد بين
خيوان ووداعة أن يقاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منهم
خمسين رجلا حتى يوافوه مكة فأدخلهم الحجر فأحلفهم ثم قضى عليهم بالدية
فقالوا ما دفعت أموالنا عن أيماننا ولا أيماننا عن أموالنا فقال عمر كذلك الامر قال
البيهقي قال الشافعي وقال غير سفيان عن عاصم الأحول عن الشعبي فقال عمر
حقنتم دماءكم بأيمانكم ولا يطل دم امرئ مسلم انتهى وأخرج البيهقي عن بن عبد
الحكم قال سمعت الشافعي يقول سافرت خيوان ووداعة أربعة عشر سفرة وأنا
أسألهم عن حكم عمر بن الخطاب في القتيل وأنا أحكي لهم ما روى عنه فيه فقالوا
هذا شئ ما كان ببلدنا قط قال الشافعي ونحن نروي بالاسناد الثابت عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا وإذ قال
تبرئكم فلا تكون عليهم غرامة فلما لم يقبل الأنصار أيمانهم وداه النبي صلى الله عليه وسلم ولم
يجعل على يهود والقتيل بين أظهرهم شيئا انتهى
قوله روى عن عمر لما قضى بالقسامة وافى إليه تسعة وأربعون رجلا فكرر اليمين
على رجل منهم حتى يتم خمسين ثم قضى بالدية وعن شريح والنخعي مثل ذلك
قلت أما حديث عمر فرواه بن أبي شيبة في مصنفه بنقص فقال حدثنا وكيع ثنا
سفيان عن عبد الله بن يزيد الهذلي عن أبي المليح أن عمر بن الخطاب رد عليهم الايمان
حتى وفوا انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنف بتغيير فقال أخبرنا أبو بكر بن
469

عبد الله عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب استحلف امرأة خمسين
يمينا على مولي لها أصيب ثم جعل عليها دية انتهى
حديث مرفوع في الباب رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن
عبد العزيز بن عمر أن في كتاب عمر بن عبد العزيز ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في القسامة أن
يحلف الأولياء فإن لم يكن عدد يبلغ الخمسين ردت الايمان عليهم بالغا ما بلغوا
انتهى
أثر على أبي بكر رواه الواقدي في كتاب الردة حدثني الضحاك بن عثمان
الأسدي عن المقبري عن نوفل بن مساحق العامري عن المهاجرين بن أبي أمية قال كتب
إلي أبو بكر ان أفحص لي عن داودي وكيف كان أمر قتله إلى أن قال فكتب
أبو بكر إلى المهاجر ان ابعث إلى بقيس بن مكشوح في وثاق فبعث به إليه في وثاق
فلما دخل عليه جعل قيس يتبرأ من قتل داودي ويحلف بالله ما قتله فأحلفه أبو بكر
خمسين يمينا عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم مردودة عليه بالله ما قتله ولا يعلم له قاتلا ثم عفا
عنه أبو بكر مختصر وهو بتمامه في قصة الأسود العنسي
قوله وعن شريح والنخعي مثل ذلك قلت حديث شريح رواه بن أبي شيبة
470

في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن بن سيرين بلغ عن شريح
قال جاءت قسامة فلم يوفوا خمسين فردد عليهم القسامة حتى أوفوا انتهى
حدثنا وكيع ثنا سفيان عن هشام عن بن سيرين عن شريح قال إذا كانوا أقل من
خمسين رددت عليهم الايمان انتهى وحديث النخعي رواه عبد الرزاق في مصنفه
أخبرنا الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال إذا لم تبلغ القسامة كرروا حتى يحلفوا
471

خمسين يمينا انتهى ورواه بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن حماد عن
إبراهيم نحوه سواء انتهى
الحديث السادس روي أنه عليه السلام أتى في قتيل وجد بين قريتين فأمر ان
تذرع قلت رواه أبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه والبزار في
مسانيدهم والبيهقي في سننه عن أبي إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن
أبي إسحاق عن عطية عن أبي سعيد الخدري ان قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ان
يقاس إلى أيهما أقرب إلى أحد الحيين بشبر قال خدري كأني انظر
إلى شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى ديته عليهم انتهى ورواه بن عدي والعقيلي في
كتابيهما بلفظ فألقى ديته على أقربهما وأعلاه بأبي إسرائيل فضعفه بن عدي
عن قوم ووثقه عن آخرين وقال البزار أبو إسرائيل ليس بالقوي في الحديث
وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار ثم قال وأبو إسرائيل قال النسائي
فيه ليس بثقة وكان يسب عثمان رضي الله عنه قال وثقه بن معين انتهى وقال
البيهقي في المعرفة إنما روى هذا الحديث أبو إسرائيل الملائي عن عطية العوفي
وكلاهما ضعيف انتهى وأخرجه بن عدي أيضا عن الصبي بن أشعث بن سالم
السلولي سمعت عطية العوفي عن الخدري به ولين الصبي هذا وقال إن في بعض
حديثه ما لا يتابع عليه ولم أر للمتقدمين فيه كلاما ورواه عن عطية أبو إسرائيل
انتهى
قوله وروى عن عمر انه لما كتب إليه في القتيل الذي وجد بين وادعة وأرحب
472

كتب بان يقيس بين القريتين فوجد القتيل إلى وادعة أقرب فقضى عليهم بالقسامة
قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن
الحارث بن الأزمع قال وجد قتيل باليمين بين وادعة وأرحب فكتب عامل عمر بن
الخطاب إليه فكتب إليه عمر ان قس ما بين الحيين فإلى أيهما كان أقرب فخذهم به
قال فقاسوا فوجدوه أقرب إلى وادعة فأخذنا وأغرمنا وأحلفنا فقلنا يا أمير
المؤمنين أتحلفنا وتغرمنا قال نعم فأحلف منا خمسين رجلا بالله ما قتلت ولا
علمت قاتلا انتهى
الحديث السابع روى أنه عليه السلام جعل القسامة والدية على يهود خيبر
وكانوا سكانها بها قلت تقدم
الحديث الثامن روي أنه عليه السلام أقر أهل خيبر على أملاكهم وكان يأخذ
منهم على وجه الخراج قلت أراد المصنف بهذا الحديث أن أهل خيبر لم يكونوا
سكانا وإنما كانوا ملاكا والصحيح الذي اختاره أبو عمر وغيره أن خيبر فتحت
473

كلها عنوة وأنها قسمت بين الغانمين الا حصنين منها يسمى أحدهما الوطيحة
والآخر السلالم فان أهلهما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ان يأخذ جميع ما عندهم ويحقن لهم
474

دماءهم ففعل وسألوه ان يتركهم في أرضهم ويعملون فيها على نصف الخارج
475

ففعل على أن يخرجهم متى شاء وليس في هذا أنه أقرهم على أملاكهم ملكا لهم
476

إذ لا يكون ذلك الا في فتح الصلح بدليل انهم استمروا كذلك إلى زمان عمر
477

فأجلاهم عمر وقد ذكر المصنف في باب الغنائم أنه عليه السلام قسمها بين
الغانمين
478

كتاب المعاقل
الحديث الأول قال عليه السلام في حديث حمل بن مالك للأولياء قوموا
فدوه قلت تقدم في باب الجنين وتقدم ما هو أقوى منه وأصرح في اللفظ
الحديث الثاني روى أن الدية كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أهل العشيرة قلت
روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن مقسم عن بن عباس
قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم وان
480

يفدوا عانيهم بالمعروف والاصلاح بين المسلمين انتهى حدثنا وكيع ثنا بن أبي ليلى
عن الشعبي قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عقل قريش على قريش وعقد الأنصار على
الأنصار انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب العقول أخبرنا معمر عن
مطر الوراق عن الحسن قال أرسل عم بن الخطاب إلى امرأة يطلبها في أمر
فقالت يا ويلها مالها ولعمر فبينا هي في الطريق اشتد بها الفزع فضربها الطلق
فدخلت دارا فألقت ولدها فصاح الصبي صيحتين ثم مات فاستشار عمر الصحابة
فقال بعضهم ليس عليك شئ إنما أنت وال ومؤدب قال وصمت علي فأقبل
عليه ماذا تقول قال إن قالوه برأيهم فقد أخطأ رأيهم وان قالوا في هواك فلم
ينصحوا لك أرى ان ديته عليك فإنك أنت أفزعتها فألقت ولدها بسببه قال فأمر
عمر عليا ان يضرب ديته على قريش فأخذ عقله من قريش لأنه خطأ انتهى
قوله روى عن عمر أنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان وكان
ذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير منهم قلت روى بن أبي شيبة في
مصنفه في الديات حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن مطرف عن الحكم
قال عمر أول من جعل الدية عشرة عشرة في أعطيات المقاتلة دون الناس انتهى
حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الشعبي وعن الحكم عن إبراهيم قالا
أول من فرض العطاء عمر بن الخطاب وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين وأخرج
في كتاب الأوائل من المصنف أيضا حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن زيد عن أبي
نضرة عن جابر قال أول من فرض الفرائض ودون الدواوين وعرف العرفاء عمر
481

بن الخطاب انتهى وأخرج عن النخعي والحسن إنما قالا العقل على أهل الديوان
انتهى وتقدم عند عبد الرزاق في مصنفه عن عمر أنه جعل الدية في الأعطية في
ثلاث سنين وفي لفظ أنه قضى بالدية في ثلاث سنين في كل سنة ثلث على أهل
الديوان في أعطياتهم انتهى
الحديث الثالث قال المصنف والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومحكي عن عمر رضي الله عنه قلت تقدما في الجنايات
482

قوله لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة قلت غريب
484

الحديث الرابع قال عليه السلام مولى القوم منها قلت تقدم في
الزكاة وغيرها
الحديث الخامس قال عليه السلام لا تعقل العواقل عمدا ولا عبدا ولا
صلحا ولا اعترافا ولا ما دون أرش الموضحة قلت قال المصنف رحمه الله
روى هذا الحديث بن عباس موقوفا عليه ومرفوعا فالموقوف تقدم من رواية محمد بن
الحسن والمرفوع غريب وليس في الحديث أرش الموضحة ولكن أخرج بن أبي
شيبة في مصنفه عن النخعي قال لا تعقل العاقلة ما دون الموضحة ولا يعقل العمد
ولا الصلح ولا الاعتراف انتهى وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن الشعبي
قال أربعة ليس فيهن عقل على العاقلة وإنما هي في ماله خاصة العمد والاعتراف
والصلح والمملوك انتهى وأخرج عن الزهري قال العمد وشبه العمد
والاعتراف والصلح لا تحمله عنه العاقلة هو عليه في ماله انتهى وتقدم في
العشرين الديات ما فيه الكفاية
487

الحديث السادس روي أنه عليه السلام أوجب أرش الجنين على العاقلة قلت
تقدم في الجنين أخرجه الأئمة الستة
488

كتاب الوصايا
الحديث الأول قال عليه السلام ان الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم
زيادة في أعمالكم فضعوها حيث شئتم أو قال حيث أجبتم وعليه إجماع الأمة
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث أبي الدرداء ومن حديث معاذ ومن
حديث أبي بكر الصديق ومن حديث خالد بن عبيد
فحديث أبي هريرة أخرجه بن ماجة في سننه عن طلحة بن عمرو المكي
عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تصدق
491

عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم انتهى ورواه
البزار في مسنده وقال لا نعلم رواه عن عطاء الا طلحة بن عمرو وهو وان روى
عنه جماعة فليس بالقوي انتهى
وحديث معاذ أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن
إسماعيل بن عياش ثنا عتبة بن حميد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ بن جبل عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم
ليجعلها لكن زيادة في أعمالكم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه
موقوفا فقال حدثنا عبد الأعلى عن برد عن مكحول عن معاذ بجبل فذكره
وحديث أبي الدرداء رواه أحمد في مسنده حدثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر بن أبي
مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تصدق
عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم انتهى وكذلك رواه البزار في مسنده وقال
وقد روى هذا الحديث من غير وجه وأعلى من رواه أبو الدرداء ولا نعلم له عن أبي
الدرداء طريقا غير هذه الطريق وأبو بكر بن أبي مريم وضمرة معروفان وقد احتمل
حديثهما انتهى قلت أخرجه الطبراني في معجمه عن إسماعيل بن عياش عن
أبي بكر بن أبي مريم به
وحديث أبي بكر أخرجه بن عدي والعقيلي في كتابيهما عن حفص بن
عمر بن ميمون أبي إسماعيل الأيلي مولى علي بن أبي طالب عن ثور بن يزيد عن
مكحول عن الصنابحي انه سمع أبا بكر الصديق يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إن الله عز وجل قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند موتكم زيادة في
أعمالكم انتهى وأسند بن عدي تضعيفه عن النسائي وقال عامة ما يرويه غير محفوظ وقال العقيلي يحدث بالأباطيل انتهى
وحديث خالد بن عبيد رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عبد الوهاب
بن نجدة الحوطي ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن الحارث بن خالد
492

بن عبيد السلمي عن أبيه خالد بن عبيد السلمي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز
وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم انتهى
الحديث الثاني قال عليه السلام في حديث سعد الثلث والثلث كثير
بعد ما نفى وصيته بالكل والنصف قلت أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سعد
بن أبي وقاص قال قلت يا رسول الله ان لي مالا كثيرا وإنما ترثني ابنتي أفأوصي
بمالي كله قال لا قال فبالثلثين قال لا قال فالنصف قال لا قال فبالثلث قال الثلث والثلث كثير ان صدقتك من مالك صدقة وان نفقتك على
عيالك صدقة وان ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وانك ان تدع أهلك بخير أو
قال بعيش خير من أن تدعهم يتكففون الناس انتهى بلفظ مسلم رواه
البخاري في سبعة مواضع من كتابه في بدء الخلق في باب قوله عليه السلام
اللهم امض لأصحابي هجرتهم وفي المغازي وفي الفرائض وفي الوصايا
وفي كتاب المرضى وفي كتاب الطب وفي الدعوات والباقون
في الوصايا وقوله أفأوصي بمالك كله عند البخاري ومسلم في الوصايا ومن
عداه لم يذكروا فيه الكل وإنما ذكروا الثلثين فما بعده ورواه بن أبي شيبة
وإسحاق بن راهويه في مسنديها بلفظ المصنف سواء حدثنا وكيع عن هشام بن
عروة عن أبيه عن سعد قال عادني النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له أوصي بمالي كله قال
493

لا قلت فالنصف قال لا قلت فالثلث قال نعم والثلث كثير انتهى
وكذلك رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب والله أعلم وروى البخاري
ومسلم في الفضائل عن مصعب بن سعد عن أبيه قال أنزلت في آيات القرآن
فذكره إلى أن قال ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني فقلت يا رسول الله
دعني أقسم مالي حيث شئت قال فأبى قلت فالنصف قال فأبى قلت
فالثلث قال وسكت فكان بعد الثلث جائزا مختصرا
الحديث الثالث قال المصنف وقد جاء في الحديث الحيف في الوصية من أكبر
الكبائر وفسروه بالزيادة على الثلث وبالوصية للوارث قلت غريب وأخرجه
الدارقطني في سننه عن عمر بن المغيرة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن بن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الاضرار في الوصية من الكبائر انتهى ورواه بن مردويه في
494

تفسيره بلفظ الحيف في الوصية من الكبائر ورواه العقيلي في ضعفائه بلفظ
الدارقطني وقال لا يعرف أحدا رفعه غير عمر بن المغيرة المصيصي انتهى وأخرجه
النسائي في التفسير عن علي بن مسهر عن داود بن أبي هند به موقوفا وكذلك
رواه الدارقطني ثم البيهقي قال البيهقي هو الصحيح ورفعه ضعيف ورواه
بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر ثنا داود بن أبي هند به موقوفا
ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن داود بن أبي هند به موقوفا وزاد
ثم تلا غير مضار وصية من الله انتهى وأخرجه الطبراني عن جماعة رووه عن
داود بن أبي هند فوقفوه منهم يعقوب بن إبراهيم وابن علية ويزيد بن زريع
وبشر بن المفضل وابن أبي عدي وعبد الاعلى ولفظه في حديث بن أبي
عدي وعبد الاعلى الحيف في الوصية من الكبائر وفي الباقي الضرار
حديث في الباب أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن
نصر بن علي الجداني عن الأشعث بن جابر حدثني شهر بن حوشب أنا أبا هريرة حدثه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما
الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار قال وقرأ أبو هريرة من بعد وصية
يوصي بها أو دين حتى بلغ الفوز العظيم انتهى ورواه بن ماجة من
طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن أشعث بن عبد الله عن شهر بمعناه ورواه كذلك
ك عبد الرزاق في مصنفه وعنه أحمد في مسنده ولفظ عبد الرزاق ان الرجل
ليعمل بعلم أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فختم له بشر
عمله فيدخل النار وأن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم
له بخير عمله فيدخل الجنة ثم قرأ أبو هريرة إلى آخره
الحديث الرابع قال عليه السلام لا وصية لقاتل قلت أخرجه الدارقطني
495

في الأقضية عن مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لقاتل
وصية انتهى قال الدارقطني مبشر متروك يضع الحديث انتهى ورواه البيهقي
في المعرفة وقال لا يرويه عن حجاج غير مبشر وهو متروك منسوب
إلى الوضع انتهى وقال في التنقيح قال أحمد مبشر بن عبيد أحاديثه موضوعة
كذب انتهى
الحديث الخامس قال عليه السلام ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه ألا لا
496

وصية لوارث قلت روى من حديث أبي أمامة ومن حديث عمرو بن خارجة
ومن حديث أنس ومن حديث بن عباس ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده ومن حديث جابر ومن حديث زيد بن أرقم والبراء ومن حديث علي بن
أبي طالب ومن حديث خارجة بن عمرو الجمحي
فحديث أبي أمامة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن إسماعيل بن
عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال إن الله تعالى قد
أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث انتهى قال الترمذي حديث حسن
ورواه أحمد في مسنده قال في التنقيح قال أحمد والبخاري وجماعة من
الحفاظ ما رواه إسماعيل بن عياش عن الشاميين فصحيح وما رواه عن الحجازيين
فغير صحيح وهذا رواه عن شامي ثقة انتهى
وحديث عمرو بن خارجة أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن قتادة عن
شهر ان حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى فالترمذي عن أبي عوانة عن قتادة به
والنسائي عن شعبة عن قتادة وابن ماجة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ورواه
أحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي والحارث بن أبي أسامة ولفظه فلا يجوز لوارث
497

وصية في مسانيدهم والطبراني في معجمه قال البزار ولا نعلم لعمرو بن
خارجة عن النبي صلى الله عليه وسلم الا هذا الحديث انتهى قلت روى له الطبراني في معجمه
حديثا آخر ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ وبرة من بعيره وقال أيها الناس انه لا يحل لي بعد
الذي فرض الله لي ولا لاحد من مغانم المسلمين ما يزن هذه الوبرة انتهى قال إن
عساكر في أطرافه وكذلك رواه جماعة عن قتادة بنحوه وقد رواه همام
والحجاج بن أرطاة وعبد الرحمن المسعودي والحسن بن دينار عن قتادة فلم يذكروا
فيه بن غنم وكذلك رواه ليث بن أبي مسلم وأبو بكر الهذلي ومطر عن شهر
انتهى قلت حديث مطر الوراق عند عبد الرزاق في مصنفه وحديث ليث بن
أبي سليم أخرجه بن هشام في أواخر السيرة عن بن إسحاق عنه عن شهر عن
عمرو بن خارجة
وحديث أنس رواه بن ماجة في سننه أخبرنا هشام بن عمار عن محمد بن
شعيب عن عبد الرحمن بن يزيد عن سعيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله قد
أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث انتهى قال صاحب التنقيح
حديث أنس هذا ذكره بن عساكر وشيخنا المزي في الأطراف في ترجمة سعيد
المقبري وهو خطأ وإنما هو الساحلي ولا يحتج به هكذا رواه الوليد بن مزيد
البيروتي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد بن أبي سعيد شيخ بالساحل
قال حدثني رجل من أهل المدينة قال إني لتحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر
الحديث انتهى
وحديث بن عباس أخرجه الدارقطني في سننه في الفرائض عن يونس بن
راشد عن عطاء عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجوز الوصية لوارث
الا أن يشاء الورثة انتهى قال بن القطان في كتابه ويونس بن راشد قاضي
خراساني قال أبو زرعة لا بأس به وقال البخاري كان مرجئا انتهى وكان
الحديث عنده حسن وأخرجه الدارقطني أيضا عن عطاء عن بن عباس مرفوعا نحوه
وعطاء الخرساني لم يدرك بن عباس قال عبد الحق في أحكامه وقد وصله يونس
498

بن راشد فرواه عن عطاء عن عكرمة عن أن عباس انتهى
وحديث عمرو بن شعيب أخرجه الدارقطني أيضا عن سهل بن عمار ثنا الحسين
بن الوليد ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر لا وصية لوارث الا أن تجيز الورثة
انتهى وسهل بن عمار كذبه الحاكم وأخرجه بن عدي في الكامل عن حبيب
المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الحديث ليس فيه الا ان تجيز الورثة
ولين حبيبا هذا وقال أرجو انه مستقيم الرواية
وحديث جابر أخرجه بن عدي أيضا عن أحمد بن محمد بن صاعد عن أبي
موسى الهروي عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا
وصية لوارث انتهى وأعله بأحمد هذا وقال هو أخو يحيى بن محمد بن صاعد
وأكبر منه وأقدم موتا وهو ضعيف
وحديث زيد والبراء أخرجه بن عدي أيضا عن موسى بن عثمان الحضرمي
عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم والبراء قالا كنا من النبي صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم
ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه فقال إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي
لعن الله من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه الولد للفراش وللعاهر الحجر
وليس لوارث وصية انتهى وأعله بموسى هذا وقال إن حديثه غير محفوظ
انتهى
وحديث علي أخرجه بن عدي أيضا عن ناصح بن عبد الله الكوفي عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث الولد لمن
ولد على فراش أبيه وللعاهر الحجر انتهى وأسند تضعيف ناصح هذا عن النسائي
ومشاه هو وقال إنه ممن يكتب حديثه انتهى وأخرجه أيضا عن يحيى بن أبي أنيسة
عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا الدين قبل الوصية ولا وصية
لوارث وأسند تضعيف يحيى بن أبي أنيسة عن البخاري والنسائي وابن المديني
وابن معين ووافقهم
وحديث خارجة بن عمرو أخرجه الطبراني في معجمه عن عبد الملك بن
499

قدامة الجمحي عن أبيه عن خارجة بن عمرو الجمحي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال يوم الفتح وأنا عند ناقته ليس لوارث وصية قد أعطى الله عز وجل كل ذي حق
حقه وللعاهر الحجر انتهى
وحديث بن عمر رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ثنا إسحاق بن عيسى
بن نجيح الطباع ثنا محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر قال سمعت بن عمر يقول
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية وان لا وصية لوارث انتهى
رضي الله تعالى عنها قوله ويروي فيه الا ان تجيزها الورثة قلت تقدم في حديث بن عباس
وغيره
الحديث السادس قال عليه السلام أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح
قلت روى من حديث أبي أيوب ومن حديث حكيم بن حزام ومن حديث أم
500

كلثوم ومن حديث أبي هريرة
فحديث أبي أيوب رواه أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية ثنا الحجاج عن
الزهري عن حكيم بن بشير عن أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أفضل
الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة
وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ومن طريق بن أبي شيبة
رواه الطبراني في معجمه قال الدارقطني في كتاب العلل لم يروعن
الزهري غير الحجاج بن أرطاة ولا يثبت انتهى
وأما حديث حكيم بن حزام فرواه أحمد في مسنده أيضا حدثنا سعيد بن
سليمان ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أيوب بن بشير عن
حكيم بن حزام ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال على ذي الرحم
الكاشح انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن حجاج عن الزهري عن أيوب
بن بشير عن حكيم بن حزام فذكره
وأما حديث أم كلثوم فأخرجه الحاكم في المستدرك في أواخر الزكاة عن
سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن
أبي معيط امرأة عبد الرحمن بن عوف وكانت قد صلت إلى القبلتين مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح انتهى
501

وقال حديث صحيح على شرط مسلم وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة
ورواه الطبراني في معجمه قال ابن طاهر سنده صحيح انتهى
وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال في
باب الصدقة حدثنا علي بن ثابت عن إبراهيم بن يزيد المكي عن بشهاب الزهري
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الصدقة أفضل فقال
الصدقة على ذي الرحم الكاشح انتهى قال أبو عبيد وقد رواه عقيل بن خالد عن
بن شهاب فلم يسنده حدثنا بذلك عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل بن خالد
عن الزهري عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله انتهى
قوله روى أن عمر رضي الله عنه أجاز وصية يفاع أو يافع وهو الذي راهق
الحلم قلت روى مالك في الموطأ في القضاء عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن
502

أبيه ان عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب ههنا غلاما يفاعا لم
يحتلم من غسان ووارثه بالشام وهو ذو مال وليس له ههنا الا ابنة عم له فقال
عمر فليوص لها فأوصى لها بماء يقال له بئر جشم قال عمر فبيعت بثلاثين ألف
درهم وابنة عمه هي أم عمرو بن سليم انتهى قال البيهقي وعمرو بن سليم لم
503

يدرك عمر الا أنه منتسب لصاحب القصة ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبر
سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ان عمرو بن
سليم الغساني أوصى وهو بن عشر أو ثنتي عشرة ببئر له قومت بثلاثين ألفا
فأجاز عمر بن الخطاب وصيته انتهى أخبرنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو
504

بن حزم عن أبيه قال أوصى غلام بنا لم يحتلم لعمة له بالشام بمال كثير قيمته
ثلاثون ألفا فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأجاز وصيته انتهى
باب الوصية بثلث المال
505

الحديث الأول روى عن بن مسعود وقد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ان السهم
506

هو السدس قلت أخرجه البزار في مسنده والطبراني في معجمه الأوسط عن
محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل عن بن مسعود ان
رجلا أوصى لرجل بسهم من ماله فجعل له النبي صلى الله عليه وسلم السدس انتهى وقال
507

حديث لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم الا من هذا الوجه وأبو قيس ليس بالقوي وقد
508

روى عنه شعبة والثوري والأعمش وغيرهم انتهى ولفظ الطبراني أن
رجلا جعل لرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما مما له فمات الرجل ولم يدر ما
509

هو فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل له السدس من ماله انتهى وقال لم
يروه عن أبي قيس الا العرزمي ولا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا الا بهذا الاسناد
510

انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وقال العرزمي متروك
وأبو قيس له أحاديث يخالف فيها واسم أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان انتهى
511

وروى الامام قاسم بن ثابت السرقسطي في كتا ب غريب الحديث في باب كلام
512

التابعين وهو آخر الكتاب في ترجمة شريح حدثنا موسى بن هارون ثنا العباس ثنا
513

حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية قال السهم في كلام العرب السدس وفيه قصة
514

وذكر في التنقيح قال سعيد بن منصور ثنا عبد الله بن المبارك عن يعقوب بن
القعقاع عن الحسن في رجل أوصى بسهم من ماله قال له السدس على كل حال
انتهى
515

باب العتق في المرض
خال ليس فيه شئ
516

فصل
قوله ثم تقدم الزكاة والحج على الكفارات لمزيتهما عليها في القوة إذا قد جاء
520

فيها من الوعيد ما لم يأت في الكفارة قلت أما حديث الوعيد في ترك الزكاة فمنها
521

ما أخرجه البخاري ومسلم عن زيد بن سلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها الا إذا كان يوم
القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جنبه
وجبينه وظهر كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى
يقضي بين العباد فيرى سبيله اما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالإبل
قال ولا صحاب إبل لا يؤدي منها حقها الا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر
فتطأه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان
مقداره خمسين الف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله اما إلى الجنة واما إلى
النار قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي
منها حقها الا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر فتنطحه بقرونها وتطأه
بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين الف سنة
حتى يقضي بين العباد الحديث
حديث آخر أخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتاه الله مالا فلم يؤد
زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ
بلهزمته يعني شدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا ولا تحسبن الذين
يبخلون الآية انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام ورواه مالك عن عبد الله
بن دينار فوقفه على أبي هريرة ورواه عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله بن دينار
فخالف في الاسناد وقال فيه عن بن عمر هكذا أخرجه النسائي قال بن عبد
البر وهو عندي خطأ ورواية مالك وعبد الرحمن هي الصحيحة انتهى كلامه
حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها الا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر
522

تطأه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها ليس فيها يومئذ جما ولا
مكسورة القرن وما من صاحب مال لا يؤدي زكاته الا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع
يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه ويقال هذا مالك الذي كنت تبخل به فإذا
رأى أنه لا بدل له منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل انتهى
حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن أبي عمر العدني ثنا
سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن أعين وجامع بن أبي راشد سمعا شقيق بن سلمة يخبر
عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله الا
مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع حتى يطوق عنقه ثم قرأ علينا النبي صلى الله عليه وسلم مصداقه من
كتاب الله تعالى ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله الآية
انتهى ورجاله رجال الصحيح
حديث آخر رواه الترمذي من طريق عبد الرزاق ثنا الثوري عن أبي جناب
الكلبي عن الضحاك عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان عنده مال
يبلغه حج بيت ربه ويجب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأل الرجعة فقال له رجل اتق
الله يا بن عباس إنما يسأل الرجعة الكافر فقال أنا أقرأ به عليك قرآنا يا أيها الذين
آمنوا لا تلهكم أموالكم إلى آخر السورة ذكره في تفسير سورة المنافقين
ثم أخرجه عن جعفر بن عون عن أبي جناب به موقوفا قال الترمذي وهكذا رواه بن
عيينة وغير واحد عن الكلبي عن الضحاك عن بن عباس ولم يرفعوه وهو أصح من
رواية عبد الرزاق وأبو جناب القصا ب اسمه يحيى بن أبي حية وليس بالقوي في
الحديث انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بأبي جناب الكلبي وأسند
تضعيفه عن النسائي والسعدي عن يحيى بن أبي معين وعمرو بن علي الفلاس
ويحيى القطان
523

حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يحيى بن أبي كثير حدثني عامر العقيلي أن أباه أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض علي أول
ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد
وعبد أدى حق الله ونصح سيده وفقير متعفف ذو عيال وأما أول ثلاثة يدخلون
النار فسلطان مسلط وذو ثروة من المال لم يعط حق ماله وفقير فجور انتهى
وقال الحاكم وهذا أصل في الباب تفرد به يحيى بن أبي كثير ولم يخرجاه وله
شاهد صحيح ثم أخرج عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال قال عبد
الله آكل الربا ومؤكله وشاهده ولاوي الصدقة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم
انتهى وقال هذا صحيح على شرط مسلم انتهى
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والحاكم في المستدرك في
الفتن عن حفص بن غيلان عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال لن يمنع قوم زكاة أموالهم الا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم تمطروا
انتهى وصححه الحاكم
حديث آخر رواه بن عدي في الكامل حدثني محمد بن عبد الله بن محمد
أبو جعفر الرازي ثنا محمد بن عقيل بن أزهر ثنا سعيد بن القاسم ثنا سفيان بن عيينة
سمعت الزهري عن السائب ين يزيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى الصلاة ولم
يؤد الزكاة فلا صلاة له انتهى
حديث آخر رواه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب الامام بإسناده عن
الليث بن سعد وابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن
مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مانع الزكاة في النار انتهى قال الشيخ رواه
الحافظ أبو طاهر السلفي فيما خرجه لأبي عبد الله الرازي وسعد بن سنان مختلف
في اسمه وفي توثيقه انتهى كلامه
أحاديث الحج أخرج الترمذي عن هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن
مسلم الباهلي ثنا أبو إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
524

من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا أو
نصرانيا انتهى وقال حديث غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه وفي إسناده
مقال وهلال بن عبد الله مجهول والحارث يضعف في الحديث انتهى ورواه
البزار في مسنده بلفظ فلا يضره يهوديا مات أو نصرانيا وقال هذا حديث لا
نعلم له إسنادا عن علي إلا هذا الاسناد وهلال هذا بصري حدث عنه غير واحد من
البصريين عفان بن مسلم ومسلم بن إبراهيم وغيرهما ولا نعلمه يروي عن علي
إلا من هذا الوجه انتهى وهذا يدفع قول الترمذي في هلال إنه مجهول إلا أن
يريد جهالة الحال والله أعلم ورواه العقيلي وابن عدي في كتابيهما قال بن
عدي وهلال هذا لينسب وهو مولى ربيعة بن عمر ويكنى أبا هاشم وهو
معروف بهذا الحديث والحديث ليس بمحفوظ وأسند عن البخاري أنه قال منكر
الحديث وقال العقيلي لا يتابع عليه وقد روى موقوفا على علي ولم يرو مرفوعا
من طريق أصلح من هذا انتهى وقال بن القطان في كتابه وعلة هذا الحديث
ضعيف الحارث والجهل بحال هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم
الباهلي
حديث آخر رواه الدارمي في مسنده أخبرنا يزيد بن هارون عن شريك عن
ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يمنعه
من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات ولم يحج فليمت
إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا انتهى وأرسله بن أبي شيبة في مصنفه
فقال حدثنا أبو الأحوص عن سلام بن سليم عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكره قال الشيخ في الامام وليث هذا هو بن أبي سليم وهو
ضعيف قد روى هذا الحديث عن علي وأبي هريرة وحديث أبي أمامة علي ما فيه
أصلحها وقد روى سعيد بن منصور ثنا هشيم ثنا منصور عن الحسن قال قال عمر
بن الخطاب لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كانت له
525

جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين انتهى
وقال صاحب التنقيح وقد رواه عن شريك غير يزيد مسندا قال أبو يعلى
الموصلي حدثنا بشر بن الوليد الكندي ثنا شريك عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط
عن أبي أمامة مرفوعا قال البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد
بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق أنبأ شاذان ثنا شريك عن ليث عن بن سابط عن أبي
أمامة قال البيهقي وهذا وإن كان إسنادا غير قوي فله شاهد من قول عمر بن
الخطاب ثم أخرج عن بن جريج أخبرني عبد الله بن نعيم أن الضحاك بن عبد الرحمن
أخبره أن عبد الرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر يقول من مات وهو موسر لم يحج فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا وقد روى هذا الحديث عن
ليث عن شريك مرسلا وهو أشبه بالصواب قال الإمام أحمد في كتاب الايمان
حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن ليث عن بن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا حدثنا
إسماعيل بن علية عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط فذكره هكذا رواه أحمد من
حديث الثوري وابن علية عن ليث مرسلا وهو الصحيح وعن عمر رواه أحمد
أيضا في كتاب الايمان حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن عدي بن عدي
عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرم ويقال عزرب عن أبيه قال قال عمر
فذكره انتهى كلام صابح التنقيح
حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن القطامي ثنا أبو
المهزم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يحج حجة الاسلام
في غير وجع حابس أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فليمت أي الملتين شاء إما
يهوديا وإما نصرانيا انتهى قال بن الجوزي عبد الرحمن بن القطامي قال
الفلاس كان كذابا وقال صاحب التنقيح روى عن أبي المهزم عن أبي هريرة
بنسخة موضوعة انتهى
حديث آخر رواه الواحدي في تفسير الوسيط أخبرنا الفضيل بن أحمد
الصوفي أنبأ أبو علي بن أبي موسى ثنا محمد بن معاذ بن الفرح ثنا علي بن خشرم ثنا
عيسى بن يونس ثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
526

لم يحج ولم يحج عنه لم يقبل له يوم القيامة عمل انتهى قال البيهقي في شعب
الايمان بعد أن روى حديث أبي أمامة بسند الدارمي وهذا الحديث إن صح
فالمراد والله أعلم إذا كان لا يرى تركه مأثما ولا فعله برا والله أعلم انتهى
كلامه باب الوصية للأقارب
الحديث الأول قال عليه السلام لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد
قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة
فحديث أبي هريرة رواه الدارقطني والحاكم في المستدرك كلاهما في
الصلاة عن يحيى بن إسحاق عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لجار المسجد إلا
527

في المسجد انتهى سكت الحاكم عنه قال بن القطان في كتابه
وسليمان بن داود اليمامي المعروف بأبي الجمل ضعيف وعامة ما يرويه بهذا
الاسناد لا يتابع عليه انتهى
وحديث جابر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن سكين الشقري عن عبد الله
بن بكير الغنوي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا
نحوه قال بن القطان ومحمد بن سكين الشقري مؤذن مسجد بني شقرة ذكره
العقيلي في الضعفاء وقال بن عدي ليس بمعروف انتهى
وحديث عائشة رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن عمر بن راشد المحاربي
عن بن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا نحوه سواء قال بن حبان
وعمر بن راشد المحاربي القرشي مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان كان يضع
الحديث على مالك وابن أبي ذئب وغيرهما لا يحل ذكره في الكتاب إلا على
سبيل القدح فكيف الرواية عنه انتهى ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية
من طريق الدارقطني عن بن حبان بسنده عن عمر بن راشد به وقال هذا حديث لا
يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد بن حنبل عمر بن راشد لا يساوي حديثه شيئا
انتهى وقال بن حزم هذا حديث ضعيف وهو صحيح من قول علي انتهى
قلت رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنه بلغه عن هشيم وغيره عن أبي
حيان التيمي عن أبيه عن علي أنه قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن
جار المسجد قال من أسمعه المنادي انتهى ورواه بن أبي شيبة أيضا وينظر
الحديث الثاني قال المصنف رحمه الله وما قاله الشافعي إن الجوار إلى أربعين
دارا بعيد وما يروي فيه ضعيف قلت روى مسندا ومرسلا
فالمسند فيه عن كعب بن مالك وأبي هريرة وعائشة
فحديث كعب أخرجه الطبراني في معجمه عن يوسف بن السفر عن
528

الأوزاعي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه
قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله إني نزلت محلة بني فلان وإن
أشدهم لي أذى أقربهم لي جوارا فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا أن يأتوا باب
المسجد فيقوموا على فيصيحوا ألا إن أربعين دارا جوار ولا يدخل الجنة من خاف
جاره بوائقه قيل للزهري أربعين دارا قال أربعين هكذا وأربعين هكذا انتهى
ويوسف بن السفر أبو الفيض فيه مقال
وحديث أبي هريرة أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن عبد السلام بن
أبي الجنوب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الجوار إلى
أربعين دارا وهكذا وهكذا وهكذا وهكذا يمينا وشمالا وقدام وخلف انتهى
وعن أبي يعلى رواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بعبد السلام بن أبي
الجنوب وقال إنه منكر الحديث انتهى
وحديث عائشة أخرجه البيهقي عن أم هانئ بنت أبي صفرة عن عائشة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال أوصاني جبرائيل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارا عشرة من ههنا
وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا انتهى وقال في إسناده
ضعف
وأما المرسل فرواه أبو داود في المراسيل حدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي
حدثني أبي ثنا هقل بن زياد ثنا الأوزاعي عن يونس عن بن شهاب الزهري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الساكن من أربعين دارا جار قيل للزهري وكيف أربعون دارا قال
أربعون عن يمنه وعن يساره وخلفه وبين يديه انتهى وإبراهيم بن مروان هذا هو
بن محمد الطاطري وهو صدوق
529

الحديث الثالث روى أنه عليه السلام لما تزوج صفية أعتق كل ذي رحم محرم
منها إكراما لها وكانوا يسمعون أصهار النبي صلى الله عليه وسلم قلت هكذا في الكتاب صفية
530

وهو وهم وصوابه جويرية أخرجه أبو داود في سننه في العتاق عن محمد
531

بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت وقعت جويرية
532

بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو بن عم له
533

لفظ الواقدي بالواو وابن عم له قالت فتخلصني ثابت من بن عمه بنخلات
534

بالمدينة ثم كاتبني ثابت على مالا طاقة لي به فأعني الحديث رجع إلى رواية بن
535

إسحاق فكاتبت على نفسها وكانت امرأة ملاحة تأخذ العين قالت عائشة
536

فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها فلما قامت على الباب رأيتها فكرهت
537

مكانها وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها سبيل الذي رأيت فقالت يا رسول
538

الله أنا جويرية بنت الحارث وقد كان من أمري مالا يخفى عليك وأني وقعت في
539

سمهم ثابت بن قيس بن شماس وأني كاتبت على نفسي فجئت أسألك في كتابتي
540

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل لك إلى ما هو خير منه قالت يا رسول الله وما هو قال
541

أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك قالت نعم يا رسول الله قال قد فعلت قالت
542

فتسامع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية فأرسلوا ما بأيديهم يعني من
543

السبي فأعتقوهم وقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فما رأينا امرأة كانت
544

أعظم بركة على قومها منها أعتق في سبيلها مائة أهل بيت من بني المصطلق انتهى
545

ورواه أحمد وابن راهويه والبزار في مسانيدهم ومن طريق بن راهويه رواه
546

بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القاسم الرابع وله طريق آخر عند
547

الحاكم في المستدرك في الفضائل رواه من طريق الواقدي ولفظ الواقدي في
548

المغازي حدثنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبيه عبن ثوبان عن عائشة فذكره
549

يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عائشة
قالت أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني المصطلق فأخرج الخمس عنه ثم قسمه بين
الناس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما فوقعت جويرية بنت الحارث بن أبي
ضرار في قسم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري وكانت تحت بن عم لها يقال له
صفوان بن مالك بن جذيمة فقتل عنها فكاتبها ثابت بن قيس على نفسها على تسع
أوراق من ذهب وكانت امرأة حلوة لا يكاد يراها أحد إلا أخذت نفسه قالت
فبينا النبي صلى الله عليه وسلم عندي إذ دخلت جويرية تسأله في كتابتها فكرهت دخولها وعلمت
أن النبي صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت فقالت يا رسول الله أنا امرأة مسلمة أشهد
أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد
أصابني من الامر ما قد علمت فوقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبني على ما لا طاقة
لي به وما أكرهني على ذلك إلا أني رجوتك صلى الله عليك فأعني في فكاكي
فقال أو خير من ذلك قالت ما هو قال أودي عنك كتابتك وأتزوجك قالت
نعم يا رسول الله قال قد فعلت فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها
وتزوجها وخرج فخرج الخبر إلى الناس فقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترقون
فاعتقوا ما كان في أيدهم من سبي بني المصطلق فبلغوا مائة أهل بيت قالت فلا
أعلم امرأة كانت على قومها أعظم بركة منها انتهى هكذا رواه الواقدي في
كتاب المغازي والحاكم نقص منه التاريخ وزاد فيه قوله وذلك منصرفه من غزوة
المريسيع وزاد فيه من طريق أخرى وكان الحارث بن أبي ضرار رأس بني
المصطلق وسيدهم وكانت ابنته جويرية اسمها برة فسماها عليه السلام جويرية
550

لأنه كان يكره أن يقال خرج من بيت برة ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل
صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق ويقال جعل صداقها عتق أربعين من قومها
انتهى وسكت عنه ورواه بن هشام في سيرته في غزوة بني المصطلق من
طريق بن إسحاق بسنده أبي داود ومتنه سواء قال البخاري في كتابه المفرد في
القراءة خلف الإمام رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث بن إسحاق وقال علي
عن بن عيينة ما رأيت أحدا يتهم محمد بن إسحاق وقال لي إبراهيم بن المنذر حدثنا
عمر بن عثمان أن الزهري كان يتلقف المغازي من بن إسحاق فيما يحدثه عن عاصم
بن عمر بن قتادة والذي يذكر عن مالك في بن إسحاق لا يكاد يتبين وكان
إسماعيل بن أبي أويس يقول أخرج إلي مالك كتب بن إسحاق عن أبيه في المغازي
وغيرهما فانتخبت منها كثيرا وقال لي إبراهيم بن حمزة كان عند إبراهيم بن سعد
عن محمد بن إسحاق نحوا من سبعة عشر ألف حديث في الاحكام سوى المغازي
وكان إبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثا في زمانه ولو صح عن مالك تناوله
من بن إسحاق فلربما تكلم الانسان فيرمي صاحبه بشئ واحد ولا يتهمه في الأمور
كلها وقال إبراهيم بن المنذري عن محمد بن فليح نهاني مالك عن شيخين من
قريش وقد أكثر عنهما في الموطأ وهما ممن يحتج بهما ولم ينج كثير من الناس
من كلام بعض الناس وذلك نحو ما يذكر عن إبراهيم في كلامه في الشعبي وكلام
الشعبي في عكرمة وكذلك من كان قبلهم ولم يلتفت أهل العلم إلى ذلك ولا
سقطت عدالة أحد إلا ببرهان ثابت وحجة وقال عبيد بن يعيش حدثنا يونس بن
بكير قال سمعت شعبة يقول محمد بن إسحاق أمير المحدثين لحفظه وروى عنه
الثوري وابن إدريس وحماد بن زيد ويزيد بن زريع وابن علية وعبد الوارث
وابن المبارك واحتمله أحد ويحيى بن معين وعامة أهل العلم وقال لي علي بن
عبد الله نظرت كتاب بن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ويمكن أن يكونا
صحيحين وما ذكر عن هشام بن عروة أنه قال كيف يدخل محمد بن إسحاق على
امرأتي إن صح ذلك عنه فجائز أن تكتب إليه فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزا
لان النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابا وقال له لا تقرأ حتى تبلغ مكان كذا فلما
551

بلغ فتح الكتاب وقرأه وعمل بما فيه وكذلك الحلفاء والأئمة يقضون بكتاب
بعضهم إلى بعض وجائز أيضا أن يكون سمع منها وهي من وراء حجاب وهشام لم
يشهد انتهى كلامه بحروفه
كتاب الخنثى
حديث سئل عليه السلام عن الخنثى كيف يورث قال من حيث يبول
قلت رواه بن عدي في الكامل من حديث أبي يوسف القاضي عن الكلبي عن
أبي صالح عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن مولود ولد له قبل وذكر من
أين يورث فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حيث يبول انتهى ومن طريق بن عدي رواه
البيهقي في المعرفة في الفرائض وعده بن عدي من منكرات الكلبي وقال البيهقي
الكلبي لا يحتج به وأخرجه بن عدي أيضا عن سليمان بن عمرو النخعي عن الكلبي
به ثم قال وأجمعوا على أن سليمان بن عمرو النخعي يضع الحديث انتهى
وذكره عبد الحق في أحكامه في الفرائض من جهة بن عدي وقال إسناده من
أضعف إسناد يكون انتهى ورواه بن الجوزي في الموضوعات من جهة بن عدي
وقال البلاء فيه من الكلبي وقد اجتمع فيه كذابون سليمان النخعي والكلبي وأبو
صالح انتهى
قوله وعن علي مثله قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه في الفرائض
552

أخبرنا سفيان الثوري عن مغيرة عن الشعبي عن علي أنه ورث خنثى من حيث يبول
انتهى
553

ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا الحسن بن كثير الأحمسي عن أبيه عن معاوية
554

أنه أتى في خنثى فأرسلهم إلى علي فقال يورث من حيث يبول حدثنا هشيم عن
555

مغيرة وسماك عن الشعبي به وأخرج عبد الرزاق نحوه عن سعيد بن المسيب نحوه
وزاد فإن كانا في البول سواء فمن حيث سبق انتهى
مسائل شتى
556

حديث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أدى واجب التبليغ مرة بالعبارة وتارة بالكتابة وإلى
الغيب قلت أما تبليغه عليه السلام بالعبارة فمعروف وأما بالكتابة إلى الغيب ففي
الصحيحين عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الاسلام
وبعث بكتابه مع دحية الكلبي وأمره أن يدفعه إلى عمي بصرى ليدفعه إلى قيصر
557

فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر الحديث بطوله إلى أن قال قال أبو سفيان ثم دعا
558

قيصر بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك
بداعية الله أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم
الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله
ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا
اشهدوا بأنا مسلمون مختصر والكتاب لم يختصر أخرجه البخاري في أول
الكتاب أعني الصحيح
حديث آخر أخرجاه أيضا عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا
إلى اليمن قال إنك تقدم على قوم أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني
رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهن خمس صلوات
في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمه أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ
من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب
انتهى حديث آخر أخرجه مسلم في الجهاد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل
وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
حديث آخر رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عبد الله بن عكيم عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في
صحيحه وفيه كلام طويل ذكرناه في أول الكتاب
حديث آخر رواه أبو داود في سننه في كتاب الخراج حدثنا مسلم بن
إبراهيم ثنا قرة قال سمعت يزيد بن عبد الله قال كنا بالمربد فجاء رجل أشعث
الرأس بيده قطعة أديم أحمر فقلنا له كأنك من أهل البادية قال أجل قلنا ناولنا
هذه القطعة الأديم التي في يدك فناولناها فقرأناها فإذا فيها من محمد رسول الله
إلى بني زهير بن أقيش إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم
الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله فقلنا له من كتب لك هذا الكتاب قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال المنذري وهذا الرجل هو النمر بن تولب الشاعر
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمى في بعض طرقه انتهى
حديث آخر روى بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من
القسم الخامس من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى بكر بن وائل أن أسلموا
559

تسلموا قال فما قرأه إلا رجل منهم من بني ضبيعة فهم يسمعون بني الكاتب
انتهى
حديث آخر روى أبو نعيم في أوائل كتاب دلائل النبوة وابن هشام في
السيرة من طريق بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة مولى بن عباس
عن بن عباس أنه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله صاحب موسى وأخيه والمصدق لما جاء به موسى ألا إن الله
عز وجل قال لكم يا معشر اليهود وأهل التوراة وإنكم تجدون ذلك في كتابكم
أن محمدا رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم إلى آخر
السورة وإني أنشدكم بالله الذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله
إلا أخبرتمونا هل تجدون فيما أنزل عليكم أن تؤمنوا بمحمد فإن كنتم لا تجدون ذلك في
كتابكم فلا كره عليكم قد تبين الرشد من الغي وإني أدعوكم إلى الله وإلى نبيه
انتهى
حديث آخر روى الواقدي في آخر كتاب الردة حدثني معاذ بن محمد بن أبي
بكر بن عبد الله بن أبي جهم عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين ليال بقين نم رجب سنة
تسع منصرفه عليه السلام من تبوك وكتب إليه كتابا فيه بسم الله الرحمن
الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي سلام على من اتبع الهدى أما
بعد فإني أدعوك إلى الاسلام فاسم تسلم أسلم يجعل الله لك ما تحت يديك
واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب
فخرج العلاء بن الحضرمي إلى المنذر ومعه نفر فيهم أبو هريرة وقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم استوص بهم خيرا وقال له إن أجابك إلى ما دعوته إليه فأقم حتى يأتيك
561

أمري وخذ الصدقة من أغنيائهم فردها في فقرائهم قال العلاء فاكتب لي يا رسول
الله كتابا يكون معي فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرائض الإبل والبقر والغنم
والحرث والذهب والفضة على وجهها وقدم العلاء بن الحضرمي عليه فقرأ
الكتاب فقال أشهد أن ما دعا إليه حق وأنه لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله
ورسوله وأكرم منزله ورجع العلاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم خبره فسر انتهى ثم أسند
الواقدي عن عكرمة قال وجدت هذا الكتاب في كتب بن عباس بعد موته
فنسخته فإذا فيه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي
وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه فيه إلى الاسلام فكتب المنذر إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أما بعد يا رسول الله فإني قرأ ت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب
الاسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود فأحدث
إلي في ذلك أمرا فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
رسول الله إلى المنذر بن ساوي سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا
هو وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإني أذكر الله عز وجل
فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد
أطاعني ومن نصح لهم فقد نصح لي وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا وإن
شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فأقبل
منهم وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية
فعليه الجزية قال فأسلم المنذر بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه ومات
قبل ردة أهل البحرين وذكر بن قانع أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو الربيع بن
سالم ولا يصح ذلك
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس وذكر الواقدي أيضا من
حديث الشفاء بنت عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة السهمي
562

منصرفه من الحديبية إلى كسرى وبعث معه كتابا مختوما فيه بسم الله
الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسر عظيم فارس سلام على من ابتع
الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله أدعوك بداعية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر
من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن أبيت فإن عليك إثم
المجوس قال عبد الله بن حذافة فانتهيت إلى بابه فطلبت الاذن عليه حتى وصلت
إليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه فأخذه ومزقه فلما بلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مزق الله ملكه انتهى وأخرجه البخاري مختصرا عن
بن عباس بعث بكتابه مع عبد الله بن حذافة السهمي وأمره أن يدفعه إلى عظيم
البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه قال فحسبت أن بن
المسيب قال فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق انتهى
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة وذكر الواقدي أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي كتابا وأرسله مع عمرو بن أمية الضمري فيه بسم الله
الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة أسلم أنت فإني
أحمد إليك الله الذي لا إله هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد
أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول فحملت به فخلقه من
روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له
والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وإني أدعوك
وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فأقبلوا نصيحتي والسلام على من
اتبع الهدى قال فكتب إليه النجاشي بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله
من أصحمة النجاشي سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركات
الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فما ذكرت من أمر
عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا وأنه كما
ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قربنا بن عمك وأصحابه وأشهد أنك
رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت بن عمك وأسلمت على يديه لله
رب العالمين انتهى
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس وذكر الواقدي أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
المقوقس مع حاطب بن أبي بلتعة بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله
563

إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعو ك بداعية
الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم القبط
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوءا بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك
به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا
مسلمون وختم الكتاب فخرج به حاطب حتى قدم الإسكندرية فلما دخل
عليه قال له اعلم أنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الاعلى فأخذه الله نكال
الآخرة والأولى فانتقم به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك اعلم أن
لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الاسلام الكافي به الله ما سواه إن هذا النبي
صلى الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه النصارى
ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى
القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته
فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركه هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح بل
نأمرك به فقال المقوقس إني قد نظرت في أمر هذا النبي فرأيتك لا يأمر بمزهود فيه
ولا ينهى عن مرغوب عنه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت
معه آلة النبوة بإخراج الخبأ والاخبار بالنجوى وسأنظر في ذلك وأخذ كتاب النبي
صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب
بالعربية فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من
المقوقس عظيم القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما
تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت
رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة بغلة
لتركبها والسلام عليك ودفع الكتاب إلى حاطب وأمر له بمائة دينار وخمسة
أثواب وقال له ارجع إلى صاحبك ولا تسمع منك القبط حرفا واحدا فإن القبط لا
يطاوعوني في اتباعه وأنا أضن بملكي أن أفارقه وسيظهر صاحبك في البلاد
وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده فارحل من عندي قال فرحلت من عنده ولم أقم عنده
إلا خمسة أيام فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له ما قال لي
فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه قال الدارقطني اسمه جريج بن ميناء أثبته
أبو عمر في الصحابة ثم ضرب عليه وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم وكانت
564

شبهته في إثباته إياه في الصحابة رواية رواها بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة قال أخبرني المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدحا من قوارير
فكن يشرب فيه انتهى قلت عده بن قانع في الصحابة وروى له الحديث
المذكور فقال أخبرنا قاسم بن زكريا ثنا أحمد بن عبدة ثنا الحسين بن الحسن ثنا مندل
عن محمد بن إسحاق به سندا ومتنا قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات
وعده أبو نعيم وابن مندة في الصحابة وغلطا فيه والصحيح أنه مات نصرانيا
انتهى
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين ملكي عمان مع
عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد
ابني الجلندي سلام على من اتبع الهدي أما بعد فأني أدعوكما بداعية الاسلام أسلما
تسلما فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على
الكافرين وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرأ بالاسلام فإن
ملككما زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما وكتبه
أبي بن كعب وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب قال عمرو بن العاص فخرجت حتى
انتهيت إلى عمان فقدمت على عبد وكان أسهل الرجلين فقلت له إني رسول
رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك فقال أخي المقدم علي بالسن والملك أنا أنا أوصلك
إليه فيقرأ كتابك ثم سألك أين كان إسلامي فقلت له عند النجاشي وأخبرته أن
النجاشي أسلم فقال ما أظن أن هرقل عرف بإسلامه قلت بلى عرف قال من
أين لك قلت كان النجاشي يخرج خرجا فلما أسلم قال والله لو سألني درهما
واحدا ما أعطيتك فلما بلغ ذلك هرقل قيل له أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا
ويدين دينا محدثنا فقال وما الذي أصنع رجل رغب في دين واختاره لنفسه
والله لولا الضن بملكي لصنعت مثل الذي صنع فقال أنظر يا عمرو ما تقول إنه
ليس من خصلة في الرجل أفضح له من الكذب فقلت له والله ما كذبت وإنه لحرام
في ديننا فقال وما الذي يدعو إليه قلت يدعو إلى الله وحده لا شريك له ويأمر
بطاعة الله والبر وصلة الرحم وينهى عن المعصية وعن الظلم والعدوان وعن الزنا
وشرب الخمر وعبادة الحجر والوثن والصليب فقال ما أحسن هذا لو كان أخي
يتابعني لركبنا إليه حتى نؤمن به ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه قلت إنه إن
565

أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه قال ثم أخبر أخاه بخبري فدعاني فدخلت
عليه ودفعت إليه الكتاب نفضه وقرأه ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثله إلا أن أخاه
أرق منه وقال لي ما صنعت قريش قلت ما منهم أحد إلا وأسلم إما راغبا في
الاسلام وإما مقهورا بالسيف وقد دخل الناس في الاسلام وعرفوا بعقولهم مع
هداية الله أنهم كانوا في ضلال وإني لا أعلم أحدا بقي غيرك وأنت إن لم تسلم
توطئك الخيل وتبيد خضرائك فأسلم تسلم قال دعني يوما هذا قال فلما خلا
به أخوه قال ما الذي نحن فيه وقد ظهر أمر هذا الرجل وكان من أرسل إليه
أجابه قال فلما أصبح أرسل إلي وأجاب هو وأخوه إلى الاسلام جميعا وخليا بيني
وبين الصدقة والحكم فيما بينهم وكانا لي عونا على من خالفني انتهى
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام مع شجاع بن
وهب هكذا عند الواقدي وعند بن هشام أنه جبلة بن الأيهم عوض الحارث بن أبي
شمر ذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إلى الحارث بن أبي شمر وهو
بغوطة دمشق فكتب إليه مرجعه من الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم من
محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به
وصدق وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملكك وختم
الكتاب ودفعه إلى شجاع بن وهب قال فلما قدمت عليه انتهيت إلى حاجبه
فقلت له إني رسول رسول الله إليه فقال لي إنك لا تصل إليه إلى يوم كذا فأقمت
على بابه يومين أو ثلاث وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مري يسألني عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق قلبه حتى يغلبه البكاء وقال
إني قرأت في الإنجيل صفة هذ النبي وكنت أرى أنه يخرج بالشام وأنا أؤمن به
وأصدقه وكان يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه
ويقول هو يخاف قيصر قال فلما خرج الحارث يوم جلوسه أذن لي عليه فدفعت
إليه الكتاب فقرأه ثم رمى به وقال من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان
باليمين جئته علي بالناس فلم يزل يستعر ض حتى الليل وأمر بالخيل أن تنعل ثم
قال أخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبر خبري فصادف قيصر بإيلياء
وعند دحية الكلبي وقد بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث
كتب أن لا تسر إليه واله عنه ووافني بإيليا قال ورجع الكتاب وأنا مقيم
566

فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غدا فأمر لي بمائة مثقال
ذهب ووصلني الحاجب بنفقة وكسوة وقال لي اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني
السلام وأخبره أني متبع دينه قال شجاع فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال باد ملكه وأقرأته من حاجبه السلام وأخبرته بما قال فقال عليه السلام صدق
انتهى
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة مع سليط بن
عمرو العامري بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي
سلام على من اتبع الهدى اعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر فأسلم
تسلم وأجعل لك ما تحت يديك فلما قدم على سليط أنزله وحياه وقرأ عليه الكتاب
فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قومي وخطيبهم
والعرب تهاب مكاني فاجعل إلي بعض الامر أتبعك وأجاز سليطا بجائزة وكساه
أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وقرأ كتابه فقال
والله لو سألني شيئا به من الأرض ما فعلت باد وباد ما في يديه فلما انصرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبرائيل عليه السلام بأن هوذة مات فقال عليه السلام أما إن
اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بها بعيد فقال قائل بعدي يا رسول الله من يقتله
قال أنت وأصحابك فكان كلك انتهى والله أعلم بالحق والصواب
567